You are on page 1of 42

‫ﻣـــﺎﺳﺗر اﻟﻌـــﻠوم اﻹدارﯾﺔ واﻟﻣـــــﺎﻟﯾﺔ‬


‫ــ اﻟﻔوج اﻟﺛﺎﻧﻲ ــ‬

‫ﻣن إﻋداد اﻟطﻠﺑﺔ اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن‪:‬‬


‫ﺗﺣت إﺷراف اﻷﺳﺗﺎذ‪:‬‬
‫§ ﺑﺷرى اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ‬
‫ د‪ .‬اﻣﺣﻣد ﻋﻧﺗري‬ ‫§ أﯾوب وزﯾن ‬
‫§ أﺳﺎﻣﺔ اﻟﻣراﺑط ‬
‫§ ﻣﺣﻣد ﺟﻼل اﺑن ﻣوﺳﻰ ‬
‫المــــــقـــــدمــــة‪:‬‬
‫تشكل الصفقات العمومية الوسيلة القانونية التي تعتمدها اإلدارة في تدبير سياستها التنموية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬وقد عرف النظام المتعلق بإبرام الصفقات العمومية بالمغرب‬
‫إصالحا مهما ألجل مسايرة التطورات التي عرفتها البالد من خالل تحرير االقتصاد وتنمية‬
‫القطاع الخاص وعصرنة اإلدارة‪ ,1‬وقد خطا هذا اإلصالح عبر مراحل بداية بالمصادقة على‬
‫المرسوم رقم ‪ 4822-082‬المتعلقة بتحديد شروط وأشكال ابرام صفقات الدولة وتحديد بعض‬
‫المقتضيات المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها‪ ,‬ثم مرسوم ‪ 388/06/023‬المتعلق بطرق إبرام‬
‫الصفقات العمومية والشكليات واالَجال الواجب احترامها وااللتزامات المتبادلة لألطراف حول‬
‫عقد الصفقة‪ ,‬ثم المرسوم رقم ‪ 02.13.6564‬المتعلق بالصفقات العمومية الصادر سنة‬
‫‪.2013‬‬

‫تبعا لما سبق‪ ,‬يمكن القول أن جملة المراجعات أو اإلصالحات التي طالت اإلطار القانوني‬
‫للصفقات تنم عن دينامية إيجابية لهذا الميدان‪ ,‬و لعل الطبيعة القانونية للنص المتعلق بالصفقات‬
‫)مرسوم(‪ ,‬و التي تدخله في خانة السلطة التنظيمية للحكومة و ليس في خانة السلطة التشريعية‬
‫للبرلمان‪ ,‬تفسر السالسة التي يمكن بها االنتقال بهذا الميدان من صيغة إلى أخرى‪.‬‬

‫وتعد المادة الخام في الصفقات العمومية هي العقد اإلداري‪ ,‬الذي يشغل مكاناً بارزاً من بين‬
‫الوسائل التي تلجأ إليها الجهات اإلدارية‪ ,‬لتسيير المرافق العامة‪ ,‬وإذا كانت هذه الغاية من إبرام‬
‫العقد اإلداري تكمن أساساً في كفالة حسن سير المرافق العامة وأداء األعمال والخدمات‬
‫وسرعة إنجازها‪ ,‬تحقيقاً للمصلحة العامة‪ ,‬فإن تلك الغالة لن تتحقق عمال اال بتنفيذ االلتزامات‬
‫‪5‬‬
‫العقدية التي يولدها العقد تنفيذاً سليماً وفقا للشروط الواردة به‪ ,‬وفي الصدد المحددة للتنفيذ‪.‬‬

‫إال أن المتعاقد مع اإلدارة قد تصادفه أثناء تنفيذ العقد صعوبات أو ظروف استثنائية لم يكن‬
‫في الوسع توقعها أثناء إبرام العقد‪ ,‬وقد يتعرض أثناء التنفيذ لتدخالت مختلفة من السلطة العامة‬
‫ ‬
‫‪ -1‬ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪ ،‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻔﻘﮫ واﻟﻘﺿﺎء‪ ،‬اﻟﻌدد ‪،2017 ،46‬‬
‫ص‪ .92 :‬‬
‫ ‪ -2‬اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد ‪ 4654‬ﺑﺘﺎرﯾﺦ ‪ 1999/01/07‬اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪.12‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋدد ‪ ،5518‬اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ‪ ،19/04/2007 :‬اﻟﺻﻔﺣﺔ‪.1235 :‬‬
‫ ‪ -4‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋدد ‪ ،6182‬اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2013/08/19‬ص‪.5873:‬‬
‫‪ -5‬ﻋﻠﻲ ﻣﺗﺣت ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬اﻟظروف اﻟﺗﻲ ﺗطرأ أﺛﻧﺎء ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﻘد اﻹداري‪ ،‬ﺷرﻛﺔ اﻟطﺑوﺟﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎھرة‪ ،1991 ،‬ص‪ .1:‬‬
‫لم تكن في الحسبان وتؤثر بشكل أو باَخر على ظروف تنفيذ العقد‪ ,‬ويتفاوت تأثير هذه األمور‬
‫على الزيادة أو التقليص من حجم األشغال المبالغة في اللجوء إلى العقود الملحقة‪ ,‬أو‬
‫التأخيرات في تنفيذ الصفقات أو عدم مسك سجالت خاصة بأوامر تنفيذ األشغال‪ ,‬أو تقاعس‬
‫اإلدارة عن توجيه األمر بالخدمة أو اعتماد مسطرة التأخير‪ ,‬أو تقوم بفسخ الصفقة‪ ,‬كذلك قد‬
‫تخص إشكاالت إعادة التوازن المالي لعقد الصفقة أو وجود صعوبات مادية تحيل دون تنفيذ‬
‫الصفقة‪ ,‬أو أن تمتنع اإلدارة عموماً عن تنفيذ الصفقة‪ ,‬أو يرجع األمر إلى ضعف تكوين‬
‫المنتخب الذي يقوم على الصفقة مند إبرامها إلى غاية تنفيذها‪.‬‬

‫وهو ما أدى بنا في إطار هذا الموضوع إلى معالجته وفق اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫ما مدى تأثير اإلشكاالت القانونية والعملية في تنفيذ الصفقات العمومية?‬

‫ما نتج عنها عدة تساؤالت فرعية تتجلى في‪:‬‬


‫• ما هي اإلشكاالت التي تثيرها اإلدارة المتعاقدة والتي تعيق تنفيذ عقد الصفقة?‬
‫• ما هي االَثار التي تترتب عن عدم مسك السجالت الخاصة باوامر تنفيذ االشغال?‬
‫• ما هي اإلشكاالت المتعلقة بالتوازن المالي لعقد الصفقة?‬
‫• ما هي العوائق المادية واإلكراهات العملية في تنفيذ الصفقات العمومية?‬
‫• أين يتجلى دور القاضي اإلداري في تكييف األشغال التي تنجز خارج الضوابط القانونية‬
‫المؤطرة للصفقات العمومية?‬

‫وهو ما حاولنا معالجته في إطار التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلشكاالت القانونية في تنفيذ الصفقات العمومية‬


‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاالت العملية في تنفيذ الصفقات العمومية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلشكاالت القانونية في تنفيذ الصفقات العمومية‬
‫سنعالج في هذا المبحث; اإلشكاالت القانونية التي تحيل دون تنفيذ عقد الصفقة بشكل‬
‫سليم ومنها المسطرية)المطلب األول(‪ ,‬ثم تلك المتعلقة بفسخ الصفقة )المطلب الثاني(‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلشكاالت المسطرية في تنفيذ الصفقات العمومية‬

‫تتمثل اإلشكاالت المسطرية في تنفيذ الصفقات العمومية في المغرب باألساس في تقاعس‬


‫اإلدارة عن توجيه األمر بالخدمة أو اعتماد مسطرة التأخير‪ ,‬وايضا في عدم مسك السجالت‬
‫الخاصة بأوامر تنفيذ األشغال ثم المبالغة في اللجوء الى العقود الملحقة‪ ,‬وهي غالبا ما تكون‬
‫موضوع نزاع امام المحاكم االدارية‪ ,‬ومراقبة امام المجلس االعلى للحسابات‪.‬‬

‫‪ -1‬تقاعس اإلدارة عن توجيه األمر بالخدمة أو اعتماد مسطرة التأخير‪:‬‬


‫يلزم المتعاقد مع اإلدارة بتنفيذ الصفقة العمومية داخل أجل محدد ووفق شروط ومواصفات‬
‫معينة ومتفق عليا‪ ,‬هو األمر الذي تلزم معه اإلدارة بتمكين المتعاقد معها من حسن تنفيذ‬
‫الصفقة وتوفير الوسائل والشروط الكفيلة بذلك ‪.‬‬
‫تبعا لذلك‪ ,‬وإذا اعتبرنا أن المصادقة على الصفقة هو إجراء يضفي الصبغة النهائية على‬
‫التعاقد‪ ,‬فإن صدور األمر بالخدمة يعد آلية قانونية تنتقل بموجبها الصفقة من مرحلة اإلبرام‬
‫إلى مرحلة التنفيذ‪ ,‬ليشكل بذلك إصدار هذا األمر داخل األجل القانوني‪ 6‬أول التزام يقع‬
‫على عاتق صاخب المشروع تحت طائلة حق المتعاقد في المطالبة بالتعويض عما قد يطاله‬
‫من أضرار جراء ذلك‪ ,‬بل وحتى المطالبة بفسخ الصفقة مع التعويض في بعض الحاالت‬
‫‪.‬وهنا ينبغي التمييز بين حالة تقاعس اإلدارة في توجيه األمر بالخدمة من حيث األصل‪,‬‬
‫حيث درج القضاء اإلداري على اعتبار ذلك بمثابة فسخ انفرادي للعقد يستوجب التعويض‪,‬‬
‫وحالة تأجيل األشغال المنصوص عليها في المادة ‪ 44‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة‬
‫المطبقة على صفقات األشغال المنجزة لحساب الدولة‪ ,‬حيث يتم التمييز بين التأجيل لمدة‬

‫ ‬
‫ ‪6‬ﺗﺗﺣدد اﻵﺟﺎل اﻟﻘﺎوﻧﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ‪ 36‬ﻣن دﻓﺗر اﻟﺷروط اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﻘﺎت اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻣﻧﺟزة ﻟﺣﺳﺎب‬
‫اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ‪ 60‬ﯾوﻣﺎ اﻟﻣواﻟﯾﺔ ﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﻘﺔ ‪.‬‬
‫تقل عن سنة يترتب عنها حق المتعاقد في التعويض دون الفسخ‪ ,‬وحالة التأجيل ألكثر من‬
‫سنة ويترتب عنها حق المتعاقد في المطالبة بالفسخ والتعويض معا ‪.‬‬
‫إذا فتقاعس اإلدارة في توجيه األمر بالخدمة يعتبر إشكاال يعترض التطبيق السليم للصفقة‪,‬‬
‫في هذا الصدد عمدت محكمة اإلستئناف اإلدارية بالرباط‪ 7‬وهي تقضي بأحقية المتعاقد في‬
‫التعويض جراء تقاعس اإلدارة عن توجيه األمر بالخدمة‪ ,‬إلى التأكيد على إلزامية هذا‬
‫اإلجراء داخل أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ المصادقة على الصفقة وإال اعتبر امتناعها عن ذلك‬
‫بمثابة فسخ تعسفي للصفقة‪.‬‬
‫ومما جاء في هذا القرار ‪ ":‬إن األمر ببداية الخدمة يدخل ضمن الوثائق التعاقدية لما بعد‬
‫إبرام الصفقة ‪ ..‬والذي يعتبر اآللية القانونية التي تسمح للمقاولة بإنجاز التزاماتها داخل‬
‫األجل المحدد لها اتجاه المتعاقد معهــا ‪ ..‬مما يعتبر معه رفض الوكالة المذكورة تسليم‬
‫اآلالت الضرورية إلنجاز األشغال أو امتناعها عن تسليم المستأنف عليها األمر ببداية‬
‫الخدمة‪ ,‬إنهاء للرابطة التعاقدية بينهما‪ ,‬وبالتالي فسخا لعقد الصفقة ‪ ...‬وحيث إنه استنادا‬
‫إلى المقتضيات القانونية المشار إليها أعاله‪ ,‬والتزاما بتنفيذ شروط العقد‪ ,‬بما يجب أن‬
‫يتوافر من حسن النية‪ ,‬فإنه كان على الوكالة المستأنفة بعد أن أبلغت الشركة المستأنف‬
‫عليها بالمصادقة على عقد الصفقة ‪ ..‬أن تصدر أمرا بالخدمة داخل أجل ‪ 60‬يوما ‪ ...‬أو‬
‫أنه على فرض التأجيل كان بسبب إعادة هيكلتها وتحديد أولويتها كان يتعين عليها سلوك‬
‫المقتضى القانوني الواجب في هذا اإلطار وذلك بتطبيق مقتضيات المادة ‪ .. 44‬بعد‬
‫توصلها مباشرة بالكتاب الموجه إليها من طرف الشركة المستأنف عليها تطالب فيه بتمكينها‬
‫من بداية األشغال ‪ ..‬مما تكون معه هذه األخيرة مسؤولة عن خرقها مقتضيات المادتين ‪36‬‬
‫و ‪ 44‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة المتمثلة في عدم إًصدارها لألومر ببداية الخدمة‬
‫داخل األجل القانوني وعدم سلوكها لموجبات التأجيل إذا رأت سببا لسلوك مسطرته ‪"..‬‬
‫إذا فتوجيه األمر ببداية الخدمة هو التزام أولي يمكن المتعاقد من بدء تنفيذ الصفقة‪ ,‬ومن‬
‫شأنه الحيلولة دون التنفيذ ‪.‬‬
‫ينضاف إلى هذا اإلشكال‪ ,‬المقتضى المتعلق بعدم تسليم اإلدارة موقع العمل للمتعاقد‬
‫معها‪ ,‬وامتناعها عن القيام باإلجراءات والتدابير الضرورية حتى ال يتعسر تنفيذ الصفقة أو‬
‫يستحيل‪ .‬وفي هذا الصدد قضت المحكمة اإلدارية العليا في مصر‪ 8‬بإنه ‪ ":‬إذا كانت المدة‬
‫ ‬
‫ ‪7‬ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹﺳﺗﺋﻧﺎف ﺑﺎﻟرﺑﺎط‪ ،‬ﻗرار رﻗم ‪ 895‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 2‬ﯾوﻟﯾز ‪ ،2008‬اﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺣﺿرﯾﺔ ﻟﻠدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ﺿد ﺷرﻛﺔ‬
‫أودﯾوﺳﯾك‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد اﻟراﺑﻊ ‪ ،‬ﯾوﻧﯾو ‪ ،2011‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 117‬‬
‫ ‪8‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﺻر‪ ،‬ﻗرار ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 3‬ﯾوﻧﯾو ‪ ،1967‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﺣﻣدي ﯾﺎﺳﯾن ﻋﻛﺎﺷﺔ‪ ،‬ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻌﻘود اﻹدارﯾﺔ‬
‫واﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌﻘود اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻌﻣﻠﻲ‪ ،‬اﻟﻣﺑﺎدئ واﻷﺳس اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف ﺑﺎﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،1998 ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ‪282‬‬
‫‪.‬‬
‫التي حددت لتنفيذ العملية هي شهران فقط‪ ,‬فإن عدم قيام الهيئة المذكورة بتسليم موقع‬
‫العمل إلى الطاعن طيلة عام بأكمله هو مايحق معه القول بأنها قد أخلت إحالال جسيما‬
‫بواجبها نحو الطاعن بعدم تمكينه من العمل‪ ,‬وأنها تأخرت في تنفيذ التزامها هذا مدة كبيرة‬
‫تجاوزت القدر المعقل مما يقوم سببا لفسخ العقد المبرم بينهما وتعويض الطاعن عما‬
‫أصابه من أضرار بسبب ذلك " ‪.‬‬
‫وهو ما نحت إليه المحكمة اإلدارية بأكادير‪ 9‬حين اعتبرت بأن تخلف المتعاقد عن الوفاء‬
‫بالتزاماته راجع إلى تقاعس اإلدارة في القيام باألشغال األولية الضرورية التي كانت‬
‫موضوع اتفاق مسبق بين الطرفين‪ ,‬وهو ماعبرت عنه بالقول ‪":‬وحيث إن الخبرة المنجزة‬
‫في الملف أكدت أن األشغال الضرورية األولية لم تنجز من طرف المدعى عليه المجلس‬
‫البلدي إلى حدود تاريخ إنجاز الخبرة‪ ,‬ويستحيل على المدعية تنفيذ األشغال موضوع‬
‫الصفقة في هذه الظروف‪ ,‬وبالتالي فإن مسؤولية عدم إنجاز المدعية ألشغال الصفقة‬
‫يتحملها المجلس المدعى عليه لتقصيره في إنجاز األشغال السابقة لما هو مطلوب من‬
‫المدعية‪ ,‬وتكون هذه األخيرة محقة في المطالبة بالتعويض عن األضرار التي لحقتها جراء‬
‫فسخ الصفقة معها" ‪.‬‬
‫هذه اإلشكاالت تتولد أساسا عن التزامات اإلدارة في إطار مايقتضيه تمكين المتعاقد من‬
‫البدء في تنفيذ الصفقة وضمان سالمة هذا التنفيذ‪ ,‬واليقف األمر عند هذا المستوى بل إنه‬
‫من اإلشكاالت المطروحة في هذا الصدد‪ ,‬عدم تقديم اإلدارة للمتعاقد معها المواد‬
‫الضرورية أو المستندات أو التراخيص الالزمة للتنفيذ كلما كانت المواد مالئمة وذات فائدة‬
‫لتنفيذ موضوع الصفقة‪ ,‬أخذا بما ينض عليه دفتر الشروط اإلدارية العامة العامة المطبقة على‬
‫صفقات األشغال المنجزة لحساب الدولة‪ ,‬في مادته ‪ ,35‬حيث تلزم المادة صاحب‬
‫المشروع بضرورة تسليمه للمتعاقد بناء على طلبه‪ ,‬كافة الترخيصات اإلدارية الالزمة لتنفيذ‬
‫الصفقة‪ ,‬وكذا التصاميم المتعلقة بالمشروع ومختلف الوثائق الالزمة لتنفيذ الصفقة‪,‬‬
‫باإلضافة إلى وضع مكان األشغال مجانا تحت تصرف المتعاقد قبل بداية األشغال‪ .‬وتبعا‬
‫لذلك‪ ,‬أكدت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ 10‬أحقية المتعاقد في المطالبة بالتعويض‬
‫الالزم جراء امتناع اإلدارة عن تمكينه من التصاميم التقنية الخاصة بكل جزء من أجزاء‬
‫الصفقة‪ ,‬حيث قضت بأنه ‪ ":‬بالرجوع إلى قرار اإلنذار الصادر عن اإلدارة صاحبة المشروع‬
‫تبين أنه معلل بالتأخير في إنجاز األشغال التي حددت مدتها في ‪ 18‬شهرا ‪ ...‬وحيث دفعت‬
‫ ‬
‫ ‪9‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺄﻛﺎدﯾر‪ ،‬ﺣﻛم رﻗم ‪ 32/2007‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 8‬ﻓﺑراﯾر ‪ ،2007‬ﻣﻠف ﻋدد ‪2002/523‬س‪ ،‬ﺷرﻛﺔ ﻓﯾدراﻟوم‪-‬‬
‫اﻟﻣﻐرب‪ -‬ﺿد اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺑﻠدي ﻷﻛﺎدﯾر ‪.‬‬
‫ ‪10‬اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬ﻗرار ﻋدد ‪ 293‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 29‬ﺷﺗﻧﺑر ‪ ،2004‬أورده أﻧوار ﺷﻘروﻧﻲ‪" ،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻣﻊ اﻹدارة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ" ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻌﯾﺎر‪ ،‬ﻋدد ‪ ،40‬دﺟﻧر ‪ ،2008‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 107‬‬
‫المقاولة المتعاقد معها بأن السبب في تأخير األشغال يعود إلى اإلدارة التي لم تسلمها‬
‫التصاميم التقنية الخاصة بكل جزء من أجزاء الصفقة رغم مطالبتها العديدة بذلك‪ ,‬وحيث‬
‫إن اإلدارة لم تدل بما يثبت تسليمها للمدعية المستأنف عليها التصاميم التقنية الحامة لعبارة‬
‫صالحة للتنفيذ ‪ ...‬من كل هذه الوقائع الثابثة في حق اٌإلدارة تجعل المستأنف عليها في‬
‫وضعية قانونية سليمة اتجاه عتقد الصفقة مما يجعل مسؤولية اإلدارة قائمة" ‪.‬‬
‫وهو نفس التوجه الذي أكدته المحكمة اإلدارية بأكادير‪ ,‬في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 17‬ماي‬
‫‪ ,112007‬حيث قضت ‪ ":‬التوقفات التي تنازع فيها المؤسسة المدعى عليها تتعلق أوال‬
‫بالفترة التي لم تحصل عليها هذه األخيرة على رخصة البناء‪ ,‬وكان األمر بإيقاف األشغال‬
‫الفوري صادرا عن بلدية الدشيرة‪ ,‬مما يعتبر سببا خارجا عن إرادة المدعية على اعتبار أن‬
‫صاحب المشروع مؤسسة بريد المغرب كانت ملزمة بالحصول على هذه التراخيص قبل‬
‫األمر ببداية األشغال"‪.‬‬
‫ترتيبا على ذلك‪ ,‬استقر العمل القضائي على أنه إذا كان المتعاقد ملزما بتنفيذ عقده في فترة‬
‫زمنية محددة‪ ,‬فإن اإلدارة ملزمة أيضا بتوفير كافة الشروط والظروف المالئمة لذلك‪ ,‬من‬
‫خالل اإلمتناع عن اتخاد أي إجراء قد يحول بين المتعاقد وتنفيذ التزاماته‪ ,‬مالم يكن باعثها‬
‫في ماتقدم عليه من تصرفات تجافي هذا المسعى هو تحقيق المصلحة العامة ‪ .‬ومن‬
‫تطبيقات ذلك أن قضت المحكمة اإلدارية العليا في مصر‪ ,12‬بأن ‪":‬العقود تخضع ألصل عام‬
‫من أًصول القانون‪ ,‬يقتضي أن يكون تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية‪ ,‬وهذا‬
‫األصل يطبق في العقود اإلدارية‪ ,‬شأنها في ذلك شأن العقود المدنية" ‪.‬‬
‫أما المحكمة اإلدارية بالرباط‪ 13‬فقد عمدت إلى إثارة مسؤولية اإلدارة عما طال الصفقة من‬
‫تأخير في اإلنجاز‪ ,‬بعدما تبث لديها بأن مرجع ذلك يعود إلى األوامر الصادرة عنها بإيقاف‬
‫األشغال‪ ,‬حيث قضت بأن ‪ ":‬عملية تنفيذ أشغال الصفقة موضوع النزاع عرف إصدار ثالثة‬
‫أوامر بالخدمة من أجل إيقاف األشغال ‪ ...‬وحيث إن جل التوقفات التي عرفها سير‬
‫األشغال كانت بسبب اإلدارة التي لم تأخد بعين اإلعتبار جميع العوارض التي يمكن أن‬
‫تعترض سير األشغال وإيجاد حل لها قبل أن تصدر األمر المصلحي األول بالخدمة من أجل‬
‫الشروع فيها‪ ,‬تفاديا إلبقاء المقاولة عاطلة عن العمل وما ينتج عن ذلك من عدم إنجاز‬
‫الصفقة داخل األجل المحدد لها‪ ,‬في الوقت الذي لم ينسب لهذه األخيرة أي تقصير من‬
‫ ‬
‫ ‪11‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺄﻛﺎدﯾر‪ ،‬ﺣﻛم ﻋدد ‪ 2007/170‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 17‬ﻣﺎي ‪ 2007‬ﻣﻠف ﻋدد ‪2005-651‬ش‪ ،‬ﺑوﺗرا ﺿد اﻟﻣدﯾر‬
‫اﻟﺟﮭوي ﻟﺑرﯾد اﻟﻣﻐرب أﻛﺎدﯾر ‪.‬‬
‫ ‪ 12‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﺻر‪ ،‬ﻗرار ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 20‬أﺑرﯾل ‪ ،1957‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻣﺣﻣد اﻟطﻣﺎوي‪ ،‬اﻷﺳس اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻠﻌﻘود اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ‪ 1975 ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 651‬‬
‫ ‪13‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط‪ ،‬ﺣﻛم ﻋدد ‪ 120‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 2‬ﻓﺑراﯾر ‪ ،2006‬ﻧﻘﻼ ﻋن أﻧوار ﺷﻘروﻧﻲ‪"،‬اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻣﻊ اﻹدارة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ" ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 30‬‬
‫جانبها كان سببا في تلك التوقفات األمر الذي يجعل اإلدارة ملزمة اتجاهها بجبر تلك‬
‫األضرار التي يمكن أن تكون قد لحقت بها شرط أن يكون تحققها ثابتا وال ينفي عنها تلك‬
‫المسؤولية كون أسباب التوقف ترجع إلى مبررات مشروعة فرضتها طبيعة األشغال ‪"..‬‬

‫‪ -2‬عدم مسك السجالت الخاصة بأوامر تنفيذ األشغال‬


‫طبقا للمادة ‪ 8‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة على صفقات االشغال ‪ ,‬يحدد‬
‫دفتر التحمالت الخاصة اجل تنفيذ كل صفقة وتتمثل الوثيقة األساسية للتحكم في هذه‬
‫اآلجال في مسك السجالت الخاصة بأوامر تنفيذ االشغال واوامر التوقف‪ ,‬ويجب ان تكون‬
‫هذه األوامر مرقمة ومؤشر عليها وموقعة من طرف المسؤول عن المشروع‪.‬‬
‫كما يؤكد دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة على صفقات االشغال على أهمية مسك‬
‫السجالت الخاصة بأوامر تنفيذ االشغال واوامر التوقف اعتبارا لكونها تشكل وثائق تعاقدية‬
‫الحقة على ابرام الصفقات‪.‬‬
‫غير ان المجلس األعلى للحسابات الحظ‪ ,‬من خالل مختلف المهام الرقابية المنجزة‪,‬‬
‫عدم مسك السجالت الخاصة بأوامر تنفيذ االشغال واوامر التوقف‪ ,‬االمر الذي ال يسمح‬
‫بتتبع ومراقبة مدى احترام المقاولة المتعاقد معها آلجال اإلنجاز المتعاقد بشأنها‪.‬وبالتالي‬
‫لوحظ على صعيد العديد من األجهزة التي خضعت للمراقبة ان مدة التوقفات تتجاوز بشكل‬
‫كبير اآلجال المتعاقد بشأنها‪.‬‬
‫ويترتب عن عدم مسك السجالت الخاصة بأوامر تنفيذ االشغال واوامر التوقف بصفة‬
‫منتظمة عدة آثار سلبية على طبيعة وحقيقة االشغال المنجزة‪ ,‬نذكر منها على الخصوص‪:‬‬
‫عدم التمكن من ضبط وتيرة اإلنجاز‪ ,‬األمر الذي يؤثر سلبا على جودة‬ ‫•‬
‫االشغال‪.‬‬
‫عدم تطبيق غرامات التأخير مما يفوت مكاسب مهمة على األجهزة‬ ‫•‬
‫العمومية المعنية‪.‬‬
‫ارتفاع تكلفة الصفقات بسبب التمديد غير المبرر آلجال التنفيذ ومراجعة‬ ‫•‬
‫األثمنة المترتبة عنها مما يؤدي الى ارتفاع تحمالت ميزانيات األجهزة المعنية‪.‬‬
‫التأخير في تنفيذ المشاريع العمومية ووضعها رهن إشارة الفئات‬ ‫•‬
‫المستهدفة من المواطنين مما يشكل ضررا على المرفق العام ومصالح المواطنين‬
‫والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪.‬‬
‫ان اللجوء المضطر الى أوامر التوقف واالستئناف يعتبر ممارسة غير قانونية‪ ,‬ويترتب عنها‬
‫عدم االكتراث بآجال التنفيذ من طرف الموردين ومقدمي الخدمات )األدوات واالشغال(‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة الى ان المادة ‪ 11‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة الخاص باألشغال تنص على‬
‫"أوامر الخدمة تكون كتابية وتكون موقعة من قبل صاحب المشروع ومؤرخة ومرقمة ومسجلة"‪.‬‬
‫غير ان الممارسة تفيد بعدم احترام هذه المسطرة‪.‬‬
‫وعليه‪ ,‬ولتفادي تطبيق غرامات التأخير‪ ,‬يتم إصدار أوامر بتوقف واستئناف األشغال تتسم‬
‫بالطابع الصوري وال تتضمن أسبابا مقبولة كما ان التواريخ المتضمنة في الوثائق تتسم بالطابع‬
‫الشكلي‪ ,‬وبالتالي تشكل وثائق غير صحيحة‪.‬‬
‫ومن شأن تعميم هذه الظاهرة إفراغ النصوص المنظمة للصفقات العمومية والبنود التعاقدية‬
‫المتعلقة بآجال التنفيذ بشكل خاص من محتواها وتترتب عنها آثار سلبية على المالية العمومية‪,‬‬
‫من جهة‪ ,‬وعل وضع الخدمات رهن إشارة المرتفقين في الوقت المناسب‪ ,‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫لهذه االعتبارات يدعو المجلس األعلى للحسابات ضرورة معالجة هذه الظاهرة‪ ,‬وذلك‬
‫بدعوة مسؤولي مختلف األجهزة العمومية الى السهر على ضمان تدبير معقلن آلجال تنفيذ‬
‫‪.14‬‬
‫الصفقات العمومية‬
‫وكمثال على ذلك‪ ,‬صفقات وكالة المغرب العربي لألنباء التي تم فحصها من طرف المجلس‬
‫األعلى للحسابات حيث سجل اللجوء المضطرد ألوامر بالتوقف واوامر باستئناف الخدمة دون‬
‫وجود مبررات‪ ,‬إضافة الى عدم تسجيل بعضها في السجل الذي نص عليه دفتر الشروط اإلدارية‬
‫العامة الخاص باألشغال في مادته التاسعة ) الصفقات ‪ 04/2006‬و ‪ 08/16‬و ‪.15( 09/03‬‬

‫‪ -3‬المبالغة في اللجوء الى العقود الملحقة‬


‫العقد الملحق عقد إضافي للصفقة االصلية‪ ,‬يعاين اتفاق إرادة الطرفين‪.‬ويهدف الى تغيير او‬
‫تتميم بند اوعدة بنود من الصفقة المذكورة‪ ,‬دون تغيير موضوعها او محل تنفيذها مع احترام‬
‫بنود هذا الدفتر‪.16‬‬
‫وتكون هذه العقود في اطار األعمال اإلضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي‬
‫سبق أن أسندت إليه صفقة‪ ,‬إذا كانت من المفيد‪ ,‬بالنظر ألجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ‪,‬‬
‫عدم إدخال مقاول أو مورد أو خدماتي جديد و عندما يتبين أن هذه األعمال غير المتوقعة وقت‬

‫ ‬
‫‪14‬‬
‫ﻣذﻛرة اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠرﺋﯾس اﻷول ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺣﺳﺎﺑﺎت ﺣول ﺑﻌض اﻻﺧﺗﻼﻻت اﻟﻣﺳﺟﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ‬
‫‪15‬‬
‫ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺣﺳﺎﺑﺎت ‪ 2011‬اﻟﺟزء اﻷول‪،‬ص ‪ 270‬‬
‫‪16‬‬
‫اﻟﻣﺎدة ‪ 12‬ﻣن دﻓﺗر اﻟﺷروط اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﻘﺎت اﻻﺷﻐﺎل‪ ،‬اﻟﺻﺎدر ﺳﻧﺔ ‪ 2016‬‬
‫إبرام الصفقة الرئيسية تعتبر تكملة لها ‪ ,‬أما فيما يتعلق باألشغال فيتعين أيضا أن يعتمد في تنفيذها‬
‫على معدات منصبة في نفس المكان استعملها المقاول فيه‪.‬‬
‫لكن الواقع العملي قد ابان عن المبالغة في اللجوء الى ملحقات العقود) عدة ملحقات برسم‬
‫الصفقة الواحدة(‪ ,‬الشيء الذي يعكس ضعف التقدير في مرحلة اعداد الصفقة‪ ,‬خاصة تحديد‬
‫المواصفات التقنية والكميات وطبيعة الخدمات المطلوبة‪.‬‬
‫وعليه‪ ,‬يوصي المجلس األعلى للحسابات مدبري الصفقات العمومية بالدقة والصرامة عند‬
‫تحديد الحاجيات سواء من الناحية الكمية او النوعية‪ ,‬وذلك لتفادي اللجوء المضطرد الى ابرام‬
‫ملحقات إضافية التي من المناسب تحديد العدد الذي ال يجب تجاوزه‪.17‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬فسخ عقد الصفقة‬

‫غالبا ما تلجأ اإلدارة إلى فسخ العقد اإلداري كجزاء على إخالل المتعاقد بالتزاماته القانونية‬
‫أو ارتكاب مخالفات واضحة وخطيرة من شأنها أن تؤثر سلبا على سير المرفق العام وتجعل‬
‫العالقة التعاقدية مرهقة بين الطرفين‪ ,‬وتستمد اإلدارة هاته السلطة ليس فحسب من نصوص‬
‫العقد اإلداري بل كذلك من امتيازات السلطة العامة والمصلحة العامة التي تمثلها ومن المبادئ‬
‫العامة لسير المرفق العام بانتظام واضطراد ‪ .‬وإذا كانت اإلدارة مخيرة على استمرار عالقتها‬
‫التعاقدية مع المتعاقد معها‪ ,‬وتملك السلطة التقديرية في انتهاء العقد اإلداري لتحقيق المصلحة‬
‫العامة‪ ,‬فإنه أحيانا ماتستغل موقعها هذا )المصلحة العامة( في إنهاء العقد دون سبب مشروع‪,‬‬
‫بحيث تتوارى خلف المصلحة العامة بالشكل الذي يمكنها من من إزاحة متعاقد وإحالل‬
‫متعاقد آخر محله‪ ,‬إال أن القاضي اإلداري درج على تصنيف عملها هذا انحرافا في استعمال‬
‫السلطة مادام للقاضي تقدير المصلحة العامة‪ . 18‬فمن بين اإلشكاالت التي تثار انطالقا من هذا‬
‫المدخل ‪:‬‬
‫‪ -1‬الحالة التي تفسخ فيها اإلدارة العقد اإلداري دون مراعاة اإلجراءات القانونية المنصوص‬
‫عليها في اتخاد قرار الفسخ والتي تشكل ضمانات للمتعاقد معها‪ ,‬وخصوصا مها حق اإلعالم‬
‫وتدارك اإلجراء المنوي اتخاده;‬
‫‪-2‬في حالة لجوء اإلدارة لقرار الفسخ‪ ,‬فغالبا مااليكون قرارها هذا مستندا إلى سبب‬
‫مشروع;‬

‫ ‬
‫‪17‬‬
‫إﺳﻣﺎﻋﯾل اﻟوردي‪" ،‬اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب"‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﮭﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪-‬اﻟرﺑﺎط‪ .2016-2015 -‬‬
‫ ‪18‬ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪":‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ"‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 104‬‬
‫عموما‪ ,‬فإن سلطة اإلدارة في اتخاد قرار فسخ العقد اإلداري يوازيه حق المتعاقد معها في‬
‫الحصول على التعويض الشامل لمجموع األضرار الناتجة له من جراء الفسخ الذي شمل مافاته‬
‫من كسب وما لحقه من خسارة متى كان الفسخ مبني على إجراءات غير قانونية‪ ,‬أو كانت‬
‫األسباب التي قام عليها الفسخ غير مشروعة‪ ,‬إال أنه غالبا ماتلجأ اإلدارة إلى فسخ عقد الصفقة‬
‫كجزاء لتقصير المتعاقد معها في إنجاز األشغال‪ ,‬بذلك يكون قرارها مشروعا على أن يتم احترام‬
‫اإلجراءات القانونية التي تساير إصدار قرار الفسخ هذا‪ ..‬في هذا الصدد قضت المحكمة‬
‫اإلدارية بالرباط‪ 19‬بأنه ‪ ":‬وحيث دفعت المدعى عليها بكون قرار فسخ الصفقة كان مستندا على‬
‫أسس قانونية وواقعية سليمة‪ ,‬وأن اإلدارة اضطرت إلى إصداره بعدما رفضت المدعية اإلمتثال‬
‫ألوامر الخدمة والوفاء بالتزاماتها التعاقدية رغم حصولها على مقابل جميع األشغال المنجزة بناء‬
‫على عقد الصفقة‪ ,‬وإلنتفاء أي مديونية في مواجهة اإلدارة ‪...‬‬
‫وحيث إن رفض الشركة المدعية اإلمتثال ألوامر الخدمة والوفاء بالتزاماتها العقدية حسب‬
‫مقتضيات عقد الصفقة رغم عدم صحة السبب المدعى للرفض يجعل الفسخ مشروعا وطلب‬
‫التعويض عنه غير مؤسس وحليفه الرفض‪"..‬إال أن العمل القضائي درج في بعض الحاالت‬
‫على التعويض الكامل للمتعاقد مع اإلدارة عن األضرار الناتجة له من جراء قرار الفسخ في‬
‫حاالت اليتم فيها احترام اإلجراءات القانونية إلصدار القرار‪ ,‬وعلى هذا األساس قضت‬
‫المحكمة اإلدارية بوجدة‪" 20‬إن قيام اإلدارة بفسخ عقد مع المدعي دون اتباعها المسطرة‬
‫المنصوص عليها بالفصل ‪ 35‬من كناش الشروط اإلدارية العامة المتعلقة بالصفقات العمومية‬
‫يخول للمدعي الحق في الحصول على المصاريف التي أنفقها "‬
‫كما ذهبت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪21‬وهي تقرر عدم مشروعية قرار فسخ عقد الصفقة‬
‫إلخالل اإلدارة بالمسطرة القانونية‪ ,‬وترتب على ذلك حق المتعاقد مع اإلدارة في الحصول‬
‫على التعويض الكامل عن األضرار الناجمة عن ذلك ‪.‬‬
‫كمــــا قضت المحكمة اإلدارية بمراكش‪ 22‬بأن فسخ عقد الصفقة المبني على عدم إنذار‬
‫المتعاقد مع اإلدارة باإلخالالت المنسوبة إليه يبقى تعسفيا وموجبا للتعويض‪.‬‬
‫يستفاد ما سبق‪ ,‬بأن الضمانة المتعلقة بحق اإلعالم بالمخالفة ووجوب تداركها حق مكفول‬
‫للمتعاقد مع اإلدارة حتى ولم لم ينص عليه في العقد ‪.‬‬
‫ ‬
‫ ‪19‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط‪ ،‬ﺣﻛم رﻗم ‪ 3923‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 25‬أﻛﺗوﺑر ‪ ،2012‬ﺷرﻛﺔ ‪ E T P S‬ﺿد وزارة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‪.‬‬
‫ ‪20‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑوﺟدة‪ ،‬ﻣﻠف ‪ ،35/94‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 2‬أﻛﺗوﺑر ‪ ،1996‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪":‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري‬
‫وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ" ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ‪. 106‬‬
‫ ‪ 21‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ﻋدد ‪ 243‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 96/2/23‬ﻣﻠف ﺷرﻛﺔ ﺗﻧظﯾف ﺿداﻟﺿﻧدوق اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺿﻣﺎن‬
‫اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪ ،‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬م‪،‬س اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 107‬‬
‫ ‪22‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﻣراﻛش‪ ،‬ﺣﻛم ﻋدد ‪ 261‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،01/01/28‬ﺷرﻛﺔ ﺗوﻛﻠﻣﺎ ﺿد اﻟﻣﻛﺗب اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﺑرﯾد‪ ،‬أورده ﻣﺣﻣد‬
‫اﻟﻘﺻري ‪":‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ"‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 108‬‬
‫وحماية لحقوق الطرف المتعاقد مع اإلدارة‪ ,‬فإن القاضي اإلداري يراقب مشروعية األسباب‬
‫المعتمدة في قرار الفسخ ويرتب على عدم مشروعيتها الحكم بالتعويض الكامل للمتعاقد مع‬
‫اإلدارة‪ ,‬فإذا كانت هذه اإلخيرة )اإلدارة( تملك السلطة التقديرية في فسخ عقد الصفقة باإلستناد‬
‫إلى المصلحة العامة لسير المرفق أو بناء على إخالل المتعاقد بالتزاماته التعاقدية أو ارتكابه‬
‫خطأ فادحا يؤثر على مواصلة العالقة التعاقدية بشكل مرهق فإن القاضي اإلداري يراقب صحة‬
‫السبب المعتمد في قرار الفسخ‪ ,‬وحتى إذا تبث له بأن القرار الصادر بالفسخ ال يقوم على سبب‬
‫مشروع فإنه يملك إلغاء القرار بصفة عامة ويصبح القرار الصادر بالفسخ غير مشروع إذا قام‬
‫على سبب غير سليم‪ ,‬أو إذا استهدفت اإلدارة مصلحة في الفسخ غير المصلحة العــــامة ‪,‬‬
‫وعلى هذا األساس ذهبت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪ 23‬وهي تتحرى األسباب التي كــــانت‬
‫وراء الفسخ لتنتهي إلى القول بعدم مشروعيتها وأحقية المتعاقد مع اإلدارة في التعويض الكامــل‬
‫عن األضرار الناتجة له من جراء قرار الفسخ غير المشروع ‪.‬‬
‫وقد سبق أن نظرت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى )محكمة النقض حاليا( في قضية تتعلق‬
‫بالمطالب بالتعويض عن الفسخ التعسفي لعقد الصفقة لعدم وفاء اإلدارة بالتزاماتها التعاقدية قبل‬
‫الفسخ‪ ,‬بحيث ذهبت الغرفة اإلدارية‪ 24‬وهي تحيب عن الوسيلة المتعلقة باضطراراإلدارة‬
‫لفسخ العقد إلرتكاب المقاولة عدة أخطاء موجبة للفسخ تمثل في عدم توفرها على التجهيزات‬
‫األساسية من يد عاملة وكهرباء وعدم توفرها على الوسائل الضرورية لتنفيذ التزاماتها داخل‬
‫األجل المحدد ببنود الصفقة بعد إنذارها في هذا الشأن لعدة مرات دون جدوى وتقضي بالتالي‬
‫بعدم صحة سبب الفسخ وبأحقية المقاولة تبعا لذلك في التعويض عن جميع اإلجراءات الناتجة‬
‫عن الفسخ ‪.‬‬
‫يستفاد من مضمون قرار الغرفة اإلدارية بالجلس األعلى )محكمة النقض حاليا( أن فسخ عقد‬
‫الصفقة من طرف اإلدارة يقع باطال في الحـــالة التي تقدم على اتخاد قرار بالفسخ دونــما إثبات‬
‫أنها بدورها قـــامت بتنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في عقد الصفقة اتجاه المقـــاول طالمــا أن‬
‫تنفيذ عقد الصفقة يتوقف على تنفيذ اإللتزام المذكور‪.25‬‬

‫ ‬
‫ ‪ 23‬اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء‪ ،‬ﺣﻛم ﻋدد ‪ 264‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2003/5/5‬ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺷرﻛﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻸﻋﻣﺎل ﺿد وزﯾر‬
‫اﻟﺗﺟﮭﯾز‪ ،‬ﻣﻧﺷور ﻓﻲ اﻟدﻟﯾل اﻟﻌﻣﻠﻲ ﻟﻺﺟﺗﮭﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣــــﺎدة اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 476‬‬
‫ ‪24‬ﻗرار اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋدد ‪ 923‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 04/9/29‬ﺑﺎﻟﻣﻠف اﻹداري ﻋدد ‪ 02/1/4/1935‬اﻟﻣؤﯾد ﻟﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ‬
‫ﺑﻔﺎس ﺑﺎﻟﻣﻠف ‪ 00/112‬ﻗﺿﯾﺔ ﺷرﻛﺔ ﻣﻛﺳﯾﻧك‪.‬‬
‫ ‪25‬ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪ ،‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق اﻟﺻﻔﺣﺔ ‪. 114‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاالت العملية في تنفيذ الصفقات العمومية‬

‫سنعالج في هذا المبحث‪ ,‬إعادة التوازن المالي لعقد الصفقة العمومية واإلشكاالت المادية‬
‫التي تعيق تنفيذ عقد الصفقة )المطلب األول(‪ ,‬ثم اإلثبات اإلداري وإشكالية القيام بأشغال‬
‫خارج القواعد القانونية المنظمة للصفقات العمومية )المطلب الثاني(‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النظريات واألخطاء العملية في تنفيذ الصفقات العمومية‬

‫إذا كانت الغاية من إبرام العقد اإلداري تكمن أساساً في كفالة حسن سير المرافق العامة‪,‬‬
‫وأداء األعمال والخدمات وسرعة إنجازها‪ ,‬تحقيقاً للمصلحة العامة‪ ,‬فإن تلك الغاية لن تتحقق‬
‫عمال إال بتنفيذ االلتزامات العقدية التي يولدها العقد تنفيذا سليماً وفقا للشروط الواردة به‪ ,‬إال‬
‫أنه قد تتصادف بعض الصعوبات أثناء تنفيذ العقد وبعض األخطاء كذلك منها ما يتعلق بالتوازن‬
‫المالي للعقد ) الفرع األول (‪ ,‬ومنها ما يتعلق ببعض النظريات التي تؤدي إلى اإلخالل بتنفيذ‬
‫العقد أو الصفقة و كالصعوبات المادية الغير متوقعة والقوة القاهرة ) الفرع الثاني ( والتجاوزات‬
‫والخروقات التي تقوم بها اإلدارة عموماً كطرف في العقد وتؤدي إلى فسخه أو إيقاف التنفيذ‬
‫) الفرع الثالث (‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التوازن المالي للعقد في ظل نظرية فعل األمير والظروف الطارئة‪.‬‬
‫إن مهد هاذين النظريتين هو مجلس الدولة الفرنسي‪ ,‬في إطار معالجته للظروف التي تطرأ‬
‫على تنفيذ العقد ومن خالل هذا الفرع سوف نتطرق لكل من النظريتين واإلشكاالت التي تثار‬
‫بشأنها والتي تحول دون تنفيذ العقد اإلداري‪.‬‬

‫أ‪ -‬نظرية فعل األمير‪.‬‬


‫يمكن تعريف فعل األمير‪ ,‬هو عمل يصدر من سلطة عامة متعاقدة‪ ,‬دون خطأ من جانبها‪ ,‬لم‬
‫يكن في الوسع توقعه أو توقع االَثار المترتبة عليه‪ ,‬ينجم عنه تسوئ مركز المتعاقد في العقد‬
‫اإلداري‪ ,‬ويترتب عليه إثارة مسؤولية اإلدارة العقدية دون خطأ‪ ,‬والتزامها بتعويض المتعاقد‬
‫‪26‬‬
‫تعويضاً كامال عن كافة األضرار التي تلحق به من جراء ذلك‪ ,‬بما يعيد التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫وفي تعريف اَخر‪ ,‬نقصد بنظرية فعل األمير‪ ,‬جميع األعمال المشروعة الصادرة عن اإلدارة‬
‫المتعاقدة التي ترتب اَثاراً ضارة بالمتعاقد وتزيد في أعبائه التعاقدية كما هي محددة بالعقد‪,‬‬
‫ ‬
‫ ‪-26‬ﻋﻠﻲ ﻣﺗﺣت ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.7:‬‬
‫فيؤدي ذلك إلى التزام جهة اإلدارة المتعاقدة بتعويض المتعاقد عن كافة األضرار‪ .‬التي تلحق به‬
‫‪27‬‬
‫من جراء ذلك بما يعيد التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫وقد يتخذ فعل األمير صوراً متعددة كأن تعدل اإلدارة شروط العقد على نحو يرهق المتعاقد‬
‫ويؤثر على ظروف تنفيذه‪ ,‬كالزيادة في حجم األشغال أو النقصان منها فيما يتعلق بالصفقات‬
‫العمومية‪ ,‬أو كأن تصدر اإلدارة قرارات فردية تؤثر على تنفيذ العقد‪ ,‬كفرض قيود على المتعاقد‬
‫معها أو القيام بأعمال مادية من شأنها أن ترهق المتعاقد‪.‬‬
‫وتعد نظرية فعل األمير كما جاء بها مجلس الدولة الفرنسي مقيدة بمجموعة من الضوابط‬
‫وهي‪:‬‬
‫• أن يتعلق األمر بعقد إداري ألن هذه النظرية ال تطبق على العقود الخاصة;‬
‫• أن تكون األعمال واإلجراءات غير متوقعة وقت إبرام العقد وأن يترتب عنها ضرر;‬
‫• ال ينبغي امتناع المتعاقد مع اإلدارة عن تنفيذ العقد تحت غطاء فعل األمي باعتبار‬
‫المصلحة العامة تغلب على المصلحة الخاصة‪.‬‬
‫فبمجرد تحقق نظرية فعل األمير بضوابطها بحث للمتعاقد مع اإلدارة المطالبة بالتعويض بما‬
‫يعيد التوازن المالي للعقد المبرم مع هذه األخيرة‪.‬‬
‫وإذا ما سلطنا الضوء على عقود الصفقات العمومية المبرمة بين المقاول واإلدارة‪ ,‬فإن تحقق‬
‫نظرية فعل األمير سواء في الزيادة في حجم األشغال‪ ,‬كأن تفوق نسبة األشغال المنجزة نسبة‬
‫‪ %10‬من الحجم األولي للصفقة‪ ,‬أو التقليص في حجم األشغال بنسبة ‪ %25‬بالمائة من‬
‫الحجم األولي يحق للمتضرر أو المقاول اللجوء إلى التعويض عبر إعادة التوازن المالي للعقد‪,‬‬
‫وقد قضت إدارية الدار البيضاء‪ ,28‬بالتعويض الكامل للمتعاقد مع اإلدارة نتيجة فعل األمير‪,‬‬
‫حيث جاء في حكمها‪ '' :‬وحيث أن الطلب الرامي إلى الحكم للمدعي بالتعويضات عن األضرار‬
‫التي لحقته نتيجة عدم استغالله لمرافق السوق من جراء مقاطعة التجار والحرفيين للسوق كرد‬
‫فعل على الزيادة الغير متوقعة في أسعار ورسوم الدخول إلى السوق من طرف السلطة المحلية‬
‫دون سابق إخبار هو الذي انعكس سلباً على المداخيل; وحيث مما ال جدال فيه أن التصرف‬
‫الذي أقدم عليه المجلس يمكن تصنيفه في إطار فعل األمير‪ ,‬التي هي أفعال تأتيها السلطة العامة‬
‫ولم تكن متوقعة وقدت التعاقد يترتب عليها جعل تنفيذ التزامات المتعاقد مرهقة; وحيث مما ال‬
‫جدال فيه أن المدعي قد لحقه ضرر برفع أسعار الرسوم ومن ثم فإنه من واجبات الجهة‬
‫المتعاقدة تعويضه تعويضاً كامال‪'' .‬‬
‫ ‬
‫‪ -27‬ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪ .125:‬‬
‫ ‪ -28‬ﺣﻛم إدارﯾﺔ اﻟﺑﯾﺿﺎء ﻋدد ‪ 426‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 2003/4/28‬ﻣﻧﺷور ﺑﺎﻟدﻟﯾل اﻟﻌﻣﻠﻲ ﻟﻼﺟﺗﮭﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻹداري‪ ،‬اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ‪،‬‬
‫ص‪.442‬‬
‫وفي حكم للمحكمة اإلدارية بالرباط‪ ,29‬والذي تعرض فيه المدعية ـ المقاولة ـ في مقالها‬
‫المقدم أمام المحكمة السالفة الذكر‪ ,‬أنها كلفت من طرف وزارة الصحة‪ ,‬ببناء المركز الوطني‬
‫لألشعة بتمارة وذلك حسب دفتر تحمالت الصفقة رقم ‪ 2/91/13‬وتمت التأشيرة عليها وأنها‬
‫أنجزت جزءاً من األشغال المتفق عليها‪ ,‬ثم ارتأت وزارة الصحة أن تقوم بنقل مشروع البناء إلى‬
‫مدينة سال‪ ,‬فنقلت المدعية معداتها وعمالها إلى المدينة المعنية‪ ,‬وأعادت بناء المركز من‬
‫جديد‪ ,‬وتم تسليمه إلى وزارة الصحة التي لم تؤد لها مستحقاتها إذ بقي في ذمتها‬
‫‪ 5.600.000 ,84‬درهم مع تعويض عن التأخير قدره ‪ 500.000,00‬درهم مع النفاذ‬
‫المعجل وغرامة تهديدية قدرها ‪ 10.000‬درهم‪ ,‬وعليه أصدرت المحكمة حكمها القاضي‬
‫بأداء وزارة الصحة لفائدة الشركة المدعية مبلغ ‪ 3.649.682,00‬درهم عن باقي مستحقات‬
‫المدعية الناجمة عن إنجاز األشغال موضوع الصفقة مع فوائد التأخير عن أداء هذا المبلغ مند‬
‫تاريخ استحقاقها وبمبلغ ‪ 1.428.120,20‬درهم كتعويض عن الضرر ورفض باقي الطلبات‬
‫وتحمل وزارة الصحة الصائر‪.‬‬

‫وتختلف نظرية الظروف الطائرة عن نظرية فعل األمير حيث ال يشمل التعويض حولها إال‬
‫جانب الخسارة التي لحقت المتعاقد مع اإلدارة‪.‬‬

‫نظرية الظروف الطارئة‪Théorie de l’Imprévision :‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫نشأت نظرية الظروف الطارئة‪ ,‬لمواجهة أزمة مؤقتة تطرأ أثناء تنفيذ العقد‪ ,‬بما يمكن معه‬
‫القول بأن تلك النظرية مخصصة بتدارك موقف غير تعاقدي أو باألحرى خارج عن النطاق‬
‫التعاقدي‪ ,‬فمجلس الدولة الفرنسي في العديد من أحكامه المتعلقة بنظرية الظروف الطارئة‪,‬‬
‫يستخدم مصطلحات تعبر عن هذا الموقف غير التعاقدي‪ ,‬الذي ينشأ نتيجة للظروف‬
‫الطارئة‪ ,‬فالفترة التي يستغرقها الظرف الطارئ هي فترة غير تعاقدية‪ ,‬ومن خالل حكم‬
‫مجلس الدولة الفرنسي في قضية ‪ ‘’ Gaz Bordeaux ‘’30‬الذي ولدت معه هذه النظرية‬
‫قد عبر عن هذه الظروف التي تطرأ أثناء تنفيذ العقد‪ ,‬بأنها ظروف غير تعاقدية‪ .‬وتتلخص‬
‫وقائع هذه القضية في أنه وبسبب الحرب العالمية األولى ارتفعت أسعار الفحم‪ ,‬الشيء‬
‫الذي لم يكن متوقعاً من طرف األطراف إثناء إبرام العقد‪ ,‬على أساس المصاريف التي يتم‬
‫تضمينها بكناش التحمالت ولم يكن أمامها سوى تقديم طلب إلى مدينة بوردو للزيادة في‬
‫سعر ثمن الغاز‪ ,‬لكن طلبها قوبل بالرفض وعندما تم طرح القضية أمام مجلس الدولة‬
‫ ‬
‫ ‪ -29‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط‪ ،‬ﻋدد ‪ ،326‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2007/02/26‬ﺣﻛم ﻏﯾر ﻣﻧﺷور‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫ ‪ - C.E , 30 Mars 1916, Cie générale d’éclairage de Bordeaux, Rec, P : 125.‬‬
‫الفرنسي‪ ,‬اعتبر الشركة أصبحت مهددة بتوقيف نشاطها بصفة نهائية نتيجة هذه الظروف غير‬
‫المتوقعة وانتهى إلى القول بأن مدينة بوردو ملزمة بتحمل النصيب األوفر من عجز الشركة‪.‬‬

‫وتحقق هذه النظرية رهين بتوفر مجموعة من الشروط وهي‪:‬‬


‫‪ o‬وقوع الظروف الطارئة بعد أن يتم إبرام العقد وأثناء تنفيذه ويمكن أن يكون هذا‬
‫الظرف مرتبط بأزمات اقتصادية مثال كارتفاع األسعار واألجور أو بحادث سياسي‬
‫كإعالن الحرب أو حالة االستثناء أو حادث طبيعي كالبراكين والزالزل‪ ,‬أو قرار‬
‫إداري صادر عن جهة غير الجهة المتعاقد معها;‬
‫‪ o‬أن يكون هذا الظرف خارج عن إرادة المتعاقدين;‬
‫‪ o‬أن ال يكون هذا الظرف متوقع عند التعاقد أو باإلمكان تداركه أو دفعه;‬
‫‪31‬‬
‫‪ o‬أن ينتج عن هذا الظرف الطارئ اضطراب في التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫وقد عرفت المحكمة اإلدارية العليا بمصر‪ ,32‬نظرية الظروف الطارئة بما يلي‪ :‬إن نظرية‬
‫الظروف الطارئة تقوم على فكرة العدالة المجردة التي هي قوام القانون اإلداري‪ ,‬كما أن هدفها‬
‫تحقيق المصلحة العامة‪ ,‬فهدف الجهة اإلدارية هو كفالة حسن سير المرافق العامة باستمرار‬
‫وانتظام وحسن أداء األعمال والخدمات المطلوبة‪ ,‬وسرعة إنجازها‪ ,‬كما أن هدف المتعاقد مع‬
‫اإلدارة هو المعاونة في سبيل المصلحة العامة‪ ,‬وذلك بأن يؤدي التزامه بأمانة ولقاء ربح وأجر‬
‫عادل‪ ,‬هذا يقتضي من الطرفين التساند والمشاركة للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من‬
‫صعوبات وما يصادفه من عقبات‪ ,‬فمفاد نظرية الظروف الطارئة‪ ,‬أنه إذا طرأت أثناء تنفيذ العقد‬
‫اإلداري ظروف أو أحداث لم تكن متوقعة عند إبرام العقد فقلبت اقتصادياته أو إذا كان من شأن‬
‫هذه الظروف أو األحداث أنها لم تجعل تنفيذ العقد مستحيال بل أثقل عبئاً وأكثر تكلفة مما قدره‬
‫المتعاقدان التقدير المعقول‪ ,‬وكانت الخسارة الناشئة عن ذلك تجاوز الخسارة المألوفة العادية‬
‫التي يتحملها أي متعاقد إلى خسارة فادحة استثنائية وغير عادية‪ ,‬فإن من حق المتعاقد المتضرر‬
‫أن يطلب من الطرف االَخر مشاركته في هذه الخسارة التي تحملها فيعوض عنها تعويضاً‬
‫جزئياً‪''.‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -31‬ﯾوﺳف ﻟﺑروﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت ﺻﻔﻘﺎت أﺷﻐﺎل اﻟدوﻟﺔ ـ واﻗﻊ واَﻓﺎق اﻹﺻﻼح ـ‪ ،‬رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم‬
‫اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد اﻟﺧﺎﻣس أﻛدال‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط‪ ،‬اﻟﺳﻧﺔ‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪ ،2013-2012‬ص‪.35 :‬‬
‫ ‪ -32‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻘﺿﯾﺔ رﻗم ‪ 46‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 1972/6/17‬أورده اﻟدﻛﺗور ﻓؤاد ﻋﺑد اﻟﺑﺎﺳط ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ أﻋﻣﺎل‬
‫اﻟﺳﻠطﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ص‪.472‬‬
‫واعتد القضاء اإلداري المغربي بدوره بهذه النظرية‪ ,‬في العديد من الصفقات‪ ,‬وذلك إلعادة‬
‫التوازن المالي للعقد‪ ,‬حسب قضت إدارية الرباط في حكم لها‪ [...] '' ,33‬وجود حوادث‬
‫طبيعية أو ظروف طبيعية أو اقتصادية أو من عمل جهة غير الجهة اإلدارية المتعاقد معها لم تكن‬
‫في حساب المتعاقد عند إبرام العقد وال يملك لها دفعا من شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل‬
‫معها اقتصاديات العقد‪ ,‬اختالال جسيماً من شأنه أن يلزم الجهة اإلدارية المتعاقد معها بأن تشارك‬
‫المتعاقدة معها في تحمل نصيب من الخسارة التي لحقت به طوال فترة قيام الظرف الطارئ‪.‬‬
‫وطروء أثناء تنفيذ الصفقة موضوع النزاع‪ ,‬ظروف وأحداث لم يقم دليل في الملف على أنها‬
‫كانت متوقعة عند إبرام العقد ممثلة في تعرض أصحاب الضيعات الفالحية الكبرى المعنية بتنفيذ‬
‫المشروع‪ ,‬من شأنها قلب اقتصاديات العقد بجعل تنفيذه أثقل عبئاً وأكثر تكلفة مما قدره‬
‫المتعاقدان التقدير المعقول‪ ,‬وجعل الخسارة الناشئة عن ذلك تتجاوز الخسارة المألوفة العادية‬
‫التي يتحملها أي متعاقد إلى خسارة استثنائية ]‪ [...‬ثبوث ذلك يجعل من حق المتعاقد المضار‬
‫المطالبة من اإلدارة أن تشاركه في هذه الخسارة بتعويضه عنها تعويضاً جزئياً‪ ,‬وبه حكمت‬
‫المحكمة بأداء اإلدارة لفائدة الشركة المدعية تعويضاً إجمالياً قدره سبعة ماليين درهم مع‬
‫الفوائد القانونية من تاريخ الحكم وتحميله الصائر‪''.‬‬
‫وفي حكم إلدارية فاس‪ [...] '' :‬حيث أن الثابث من خالل عناصر المنازعة وكذا ما أثبته‬
‫تقرير الخبرة المنجز في النازلة طبقاً للقانون‪ ,‬أن الصفقة لم يتم تنفيذها داخل االَجال القانوني‬
‫المحدد في ‪ 12‬شهراً ابتداءاً من ‪ 1995/10/25‬إلى غاية ‪ ,2000/10/24‬وذلك نتيجة‬
‫مجموعة من العوامل من ضمنها تأخير المكتب الوطني للماء الصالح للشرب في وضع موقع‬
‫الزنجفور رهن إشارة الوطالة المستقلة المدعى عليها‪ ,‬حيث لم تحصل على الترخيص إال‬
‫بتاريخ ‪ 2001/02/21‬وكذا العثور على قنطرة قديمة مدفونة في األرض التي تعتبرها قناة‬
‫التجميع لم تكن معروفة من قبل ولم ترد في تصاميم التطبيق المسلمة للمدعية والعثور في مسار‬
‫أشغال قناة التجميع على قنوات تابعة للمكتب الوطني للكهرباء ‪ ,‬مستواها غير مالئم لمستوى‬
‫قناة التجميع‪ ,‬باإلضافة إلى تعليق القرض الذي تم منحه للمدعى عليها لتمويل المشروع‪ ,‬مما‬
‫تطلب مدة تمديدات إلنهاء أشغال هذه الصفقة خارج االَجال المحددة لها سلفاً بلغت ‪ 14‬شهر‬
‫و‪ 5‬أيام كتمديد أول ما بين ‪ 2000/10/24‬و‪ 2001/ 12/31‬وكذا تمديد ثاني لثالث أشهر‬
‫وخمسة عشر )‪ (15‬وكذا تمديد اَخر لمدة أربعة )‪ (4‬أشهر‪.‬وحيث أنه تبين للمحكمة من خالل‬
‫ما تم بسطه أعاله كون الوكالة المستقلة المدعى عليها لم تحصل من المكتب الوطني للماؤ‬
‫الصالح للشرب على الترخيص الالزم لدخول موقع الزنجفور ووضعه رهن إشارة المدعية قبل‬

‫ ‬
‫ ‪ -33‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط‪ ،‬ﻋدد ‪ ،324‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2007/02/26‬ﻏﯾر ﻣﻧﺷور‪.‬‬
‫بداية األشغال‪ ,‬كما تلزمها بذلك الضوابط القانونية‪ ,‬إلى أن حصلت على الترخيص بعد نهاية‬
‫تاريخ تسليم الصفقة المحدد قانوناً‪ ,‬باإلضافة إلى عدم القيام بالدراسات لمعرفة بعض‬
‫المعوقات التي سبق توضيحها‪ ,‬وهو ما أدى إلى تأخير مجموعه ‪ 21‬شهراً و‪ 16‬يوماً‪ ,‬وهو ما‬
‫جعل المحكمة تعتبر الوكالة المستقلة المدعى عليها هي التي تسببت بنسبة كبيرة في تأخير تنفيذ‬
‫المشروع داخل اآلجال المتفق عليه وهو ما أعطى للمدعية الحق في الحصول على التعويض‬
‫‪34‬‬
‫عن األضرار التي لحقت بها خالل فترة التمديدات والمثبتة قانوناً‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية القوة القاهرة والصعوبات المادية الغير متوقعة‪.‬‬

‫إن جمع هاتين النظريتين في فرع واحد رهين بأن كالهما يجتمع في أن تحقيقهما يكون غير‬
‫متوقع من جهة‪ ,‬وأن كالهما يؤثران في تنفيذ العقد أو الصفقة موضوع العقد بشكل خاص‪.‬‬

‫أ‪ -‬نظرية القوة القاهرة ‪Théorie de Force Majeur :‬‬

‫تعد نظرية القوة القاهرة حالة كالسيكية إلعفاء المتعاقد مع اإلدارة من المسؤولية‪ ,‬وتجد هذه النظرية‬
‫أساسها القانوني في الفصلين‪ 268 35‬و‪ 269‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي‪ ,‬وكذلك في الفصلين‬
‫‪ 43‬من مرسوم ‪ 2.99.1087‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪ ,200036‬المتعلق بالمصادقة على دفتر الشروط‬
‫اإلدارية العامة المطبقة على صفقات األشغال المنجزة لحساب الدولة‪ ,‬على أنه في حالة وقوع حدث‬
‫يشكل قوة قاهرة‪ ,‬يحق للمقاول الحصول على تمديد معقول في أجل التنفيذ الذي يجب أن يكون‬
‫موضوع عقد ملحق‪.‬‬
‫وتشكل القوة القاهرة أحد مبررات إعفاء المقاول من التزاماته تجاه اإلدارة وال يتعرض للجزاءات‬
‫والغرامات‪ ,‬شريطة أن يكون الحادث الممثل للقوة القاهرة غير قابل للدفع وغير متوقع ال من جانب‬
‫‪37‬‬
‫الطرف الذي تعرض له فحسب بل من جانب أكثر الناس يقظة وتحسباً‪.‬‬
‫وعموماً فشروط تحقق القوة القاهرة ثالثة وهي‪:‬‬
‫‪ o‬أن يكون الحادث خارج عن إرادة الطرفين;‬
‫‪ o‬أن يكون الحادث عارضاً وغير متوقع أثناء إبرام العقد;‬

‫ ‬
‫ ‪ -34‬ﯾوﺳف ﻟﺑروﻧﻲ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫ ‪ -35‬اﻟﻔﺻل ‪ '' :268‬ﻻ ﻣﺣل ﻷي ﺗﻌوﯾض‪ ،‬إذا أﺛﺑت اﻟﻣدﯾن أن ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻻﻟﺗزام أو اﻟﺗﺄﺧﯾر ﻓﯾﮫ ﻧﺎﺷﺊ ﻋن ﺳﺑب ﻻ ﯾﻣﻛن‬
‫أن ﯾﻌزى إﻟﯾﮫ ﻛﺎﻟﻘوة اﻟﻘﺎھرة أو اﻟﺣﺎدث اﻟﻔﺟﺎﺋﻲ أو ﻣطل اﻟداﺋن ''‬
‫‪ -‬اﻟﻔﺻل ‪ '' :269‬اﻟﻘوة اﻟﻘﺎھرة ھﻲ ﻛل أﻣر ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﺗوﻗﻌﮫ‪ ،‬ﻛﺎﻟظواھر اﻟطﺑﯾﯾﻌﯾﺔ ) اﻟﻔﯾﺿﺎﻧﺎت‪ ،‬اﻟﺟﻔﺎف‪،‬‬
‫اﻟﻌواﺻف‪ ،‬اﻟﺣراﺋق‪ ،‬اﻟﺟراد (''‬
‫ ‪ -36‬اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد ‪ 4800‬ﺑﺘﺎرﯾﺦ ‪ 2000/06/01‬اﻟﺼﻔﺤﺔ ‪.1280‬‬
‫ ‪ -37‬ﻋزت اﻟﺳﻧﺟﻘﻠﻲ‪ ،‬ﻋﻘود اﻻﺳﺗﺷﺎرات اﻟﮭﻧدﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات ﻣرﻛز اﻟﺑﺣوث اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ ،7‬ﺑﻐداد‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ o‬أن تجعل تنفيذ العقد مستحيال ) استحالة كلية ألنه في حالة االستحالة الجزئية يبقى المقاول ملزم‬
‫بتنفيذ األشغال في الجزء الذي لم تطرأ عليه اإلستحالة (‪.‬‬

‫ويمكن التنصيص في دفتر الشروط الخاصة للصفقة على بعض مسببات القوة القاهرة أنها إذا تجاوزت‬
‫الحد الطبيعي والعادي أنها تصبح بمثابة قوة قاهرة‪ ,‬مثل أحوال الطقس والظواهر الطبيعية األخرى التي‬
‫يفترض أنها تمثل قوة قاهرة برسم الصفقة‪ ,‬كالنص مثال على أن الجليد وسرعة الرياح والتيارات المائية‬
‫وسعة األمواج ال تعتبر من الحوادث التي تجعل تنفيذ العقد مستحيال إال إذا تجاوزت األحول العادية‪ ,‬وهو‬
‫ما أكدته المحكمة اإلدارية بوجدة‪ 38‬في معرض بتها في القضية حيث جاء فيها‪ [...] '' :‬وإنه ما دام‬
‫المكتب المدعى عليه قد حدد سقف القوة القاهرة وبالخصوص سقف الصبيب في ‪ 400‬م‪ 3‬حسب الرسالة‬
‫الموجهة إلى المدعية ـ شركة بويلدنيك المكلفة ببناء سد ـ بتاريخ ‪ 1996/12/03‬المرفقة بتقرير الخبرة‬
‫وبالتالي تكون حالة القوة القاهرة قائمة‪ ,‬وتبعاً لذلك تكون المدعية محقة في التعويض عما لحقها من‬
‫خسائر جراء الفيضانات المذكورة طبقاً لمقتضيات البند ‪ 33‬من الصفقة‪''.‬‬

‫ب‪-‬نظرية الصعوبات المادية الغير متوقعة ‪Théorie des Sujétions Imprévues :‬‬

‫قبل الخوض في متن هذه النظرية‪ ,‬يجب التمييز بينها وبين نظرية القوة القاهرة التي تعتبر المصدر‬
‫التاريخي لها‪ ,39‬حيث أن كال النظريتين لهما أوجه تشابه واختالف‪.‬‬
‫فمن حيث أوجه التشابه; أن الفعل المكون للقوة القاهرة يجب أن يكون أجنبياً عن إرادة المتعاقدين‪,‬‬
‫كما أن الصعوبات المادية يجب أن تكون مستقلة عن إرادة طرفي العقد واليد ألي منهما في احداثها‬
‫واَثارها‪ .‬ويتشاركان كذلك في أن كالهما يصعب توقعهما ويمنح تعويض للمتضررين في العقد من‬
‫هاذين النظريتين‪.‬‬
‫ومن حيث أوجه االختالف; ذلك أن الفعل المكون للقوة القاهرة يمكن أن يكون من أي طبيعة‬
‫كانت‪ ,‬طالما توافرت شروط القوة القاهرة‪ ,‬أما الصعوبات المادية الغير متوقعة فيحب أن تكون طبيعة‬
‫مادية فقط‪.‬‬

‫فتحقق هذه النظرية رهين بمواجهة صاحب الصفقة لصعوبات مادية‪ ,‬ذات طبيعة استثنائية خالصة‪,‬‬
‫وال يمكن توقعها بحال من األحوال عند إبرام الصفقة ) مثل ارتفاع كبير ألسعار المواد األولية التي‬
‫يستعملها صاحب الصفقة أثناء مدة تنفيذ العقد ( مما يؤدي معه إلى جعل التنفيذ مرهقاً ليصبح من حقه‬
‫المطالبة بتعويض كامل عما تسببه هذه الصعوبات من أضرار‪.‬‬
‫وتتجلى شروط تطبيق هذه النظرية في‪:40‬‬
‫§ تواجد صعوبات ذات طبيعة مادية – تقنية;‬
‫ ‬
‫ ‪ -38‬ﯾوﺳف اﻟﺑروﻧﻲ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪ .41:‬‬
‫ ‪ -39‬ﻋﻠﻲ ﻣﺗﺣت ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﻟﻣوﻟﻰ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.15 :‬‬
‫ ‪ -40‬ﯾوﺳف ﻟﺑروﻧﻲ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.39 :‬‬
‫§ غير متوقعة عند إبرام الصفقة;‬
‫§ ذات طابع استثنائي;‬
‫§ من غير عمل أحد طرفي الصفقة;‬
‫§ أن يترتب عن التنفيذ نفقات تتجاوز الثمن المتفق عليه;‬
‫وتترتب عن نظرية الصعوبات المادية الغير متوقعة بقاء التزامات صاحب الصفقة سارية المفعول‪ ,‬وحق‬
‫صاحب الصفقة في الحصول على التعويض الكامل‪.‬‬
‫ونجد من تطبيقات القضاء المغربي لهذه النظرية كصعوبات تطرأ على تنفيذ عقود الصفقات العمومية‪ ,‬ما‬
‫جاءت به إدارية الرباط‪ ,41‬في قضية بين شركة زمران للبناء عرضت أنها تعاقدت مع مكتب التكوين المهني‬
‫وإنعاش الشغل في إطار صفقة رقم ‪ 99-98/137‬من أجل بناء داخلية معهد التكنولوجيا التطبيقية بتطوان‪,‬‬
‫وأنجزت األشغال المطلوبة‪ ,‬رغم العراقيل المتمثلة في كون األرض تغرق في بحر المياه أثناء التساقطات‬
‫المطرية‪ ,‬وفقاً لما تبث لدى المختبر العمومي للتجارب والدراسات خالل تقريره المؤرخ في‬
‫‪ 1998/02/15‬ملف ‪ 97-331-1-116-001‬ورغم علم المكتب بتلك الواقعة فلم يشر إليها في وثائق‬
‫الصفقة خالل عملية التعاقد‪ ,‬مما أدى إلى تكبد المقاولة عدة خسائر وتكاليف لم تكن في الحسبان‪ .‬وحيث‬
‫أن التقرير الجيوتقني يشير إلى أن كمية المياه تتراكم بين متر ومتر وعشرة سنتمترات على مستوى سطح‬
‫األرض‪ ,‬مما يقضي اتخاد احتياطات إضافية قصد مواجهة هذه الواقعة‪ ,‬ومنه قضت المحكمة اإلدارية‬
‫بالرباط أن تبوث صعوبات غير متوقعة أثناء تنفيذ الصفقة بما يؤدي إلى تضرر المتعاقد يقتضي إعادة التوازن‬
‫المالي بجبر األضرار غير المتوقعة وتعويض المقاولة عما تكبدت من خسائر‪ .‬وعليه قضت المحكمة بأداء‬
‫مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل في شخص ممثله القانوني لفائدة المدعية مبلغ ‪1.165.440,00‬‬
‫دره كتعويض‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نظرية اإلثراء بال سبب وامتناع اإلدارة عن إنهاء وثائق تنفيذ الصفقة‬

‫نظرية اإلثراء بال سبب وامتناع اإلدارة عن تقديم محضر نهاية أشغال الصفقة; كالمها‬
‫يفسران اختالالت من حيث تنفيذ الصفقات العمومية‪ ,‬ليصبح المتعاقد مع هذه األخيرة في‬
‫وضعية المطالبة بالتعويض واإلنصاف من السلطة القضائية المختصة وهو ما يثير إشكاال‬
‫جوهراً في تنفيذ الصفقات العمومية في الشكل والظرفية السليمة‪.‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -41‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط‪ ،‬ﻋدد ‪ ،1452‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2006/11/23‬ﻏﯾر ﻣﻧﺷور‪.‬‬
‫أ‪ -‬نظرية اإلثراء بال سبب ‪Théorie de l’Enrichissement sans Cause‬‬
‫ترجع أصول هذه النظرية إلى القانون الروماني حيث عرفت باسم ‪‘’ De In Rem‬‬
‫’‘ ‪ Verso‬أما تطبيق هذه النظرية في صيغتها الحديثة فكان في ستينيات القرن الماضي‪ ,‬وذلك‬
‫‪42‬‬
‫في قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية وزير إعادة البناء واإلسكان وشركة جنوب الطيران‪.‬‬
‫وتمثل نظرية اإلثراء بال سبب إحدى النظريات المطبقة في قانون االلتزامات والعقود ولقد‬
‫تناولها المشرع في الفصول ‪ 76 ,75 ,67 ,66‬منه‪ ,‬ويقصد بهذه النظرية; أنه إذا أثري‬
‫شخص نتيجة افتقار اَخر بغير وجود مبرر قانوني لهذا اإلثراء‪ ,‬أن يلتزم بأن يدفع تعويضاً‬
‫يساوي أقل القيمتين‪ :‬قيمة اإلثراء وقيمة اإلفتقار‪ ,‬وهكذا يعتبر اإلثراء بال سبب مصدر من‬
‫‪43‬‬
‫مصادر االلتزام‪.‬‬

‫ولكن اإلشكال في مجال الصفقات العمومية واستعانة بقواعد القانون المدني وال سيما‬
‫الفصل ‪ 75‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪ ,‬هو أن نظرية اإلثراء بال سبب في ظل قواعد القانون المدني‬
‫تقتضي أن ال يكون الطرف المفتقر قد ارتكب خطأ معيناً‪ .‬والحال أن مقيم األشغال في مجال‬
‫الصفقات العمومية بعقد باطل أو بدون عقد يكون قد ساهم بخطئه في اإلشكال المطروح‪.‬‬
‫ففي قضية لمجلس الدولة الفرنسي‪ ,‬ذهب إلى التعويض عن األشغال الباطلة في ظل‬
‫نظرية المسؤولية اإلدارية والخطأ المشترك لإلدارة ومنجز تلك األشغال لتغاضي اإلدارة عن‬
‫إبرام صفقة قانونية في ظل القواعد المنظمة لها وخطأ المقاول المتمثل في إنجاز األشغال‬
‫‪44‬‬
‫بدون صفة‪ ,‬وقضى مجلس الدولة الفرنسي بتخفيض التعويض بسبب الخطأ المشترك‪.‬‬

‫صحيح أن مخالفة عقد الصفقة للقواعد المرسومة النعقاده والتي تهدف إلى ضمان‬
‫الشفافية وحرية المناسفة وفعالية نفقة المال العام ومراقبته‪ ,‬يثير إشكاال قانونياً حول الجزاء‬
‫المترتب عن هذا اإلخالل; ولكن المؤكد هو أنه ال يمكن تعويض المتعاقد مع اإلدارة‪ ,‬عن‬
‫تلك األشغال الباطلة المخالفة للقانون في إطار عقد الصفقة لبطالنها لمخالفة القواعد‬
‫المنظمة لها‪ ,‬إذ ما يالحظ أن التعويض الممنوح على أساس نظرية اإلثراء بال سبب يعادل‬
‫فقط مبلغ اإلثراء الفعلي الذي حصل عليه المشتري دون الربح الذي ضاع منه‪ ,‬ومن هنا ال‬
‫يعوض إال عن تكلفة األشغال‪.‬‬

‫ ‬
‫‪42‬‬
‫ ‪- Catherine BERGEAL, Frédéric LENICIER, Le contentieux des marchés publics, le moniteur‬‬
‫ ‪édition, 2ème édition, 2004, P :160.‬‬
‫ ‪ -43‬ﻣﺣﻣد ﻋزﻣﻲ اﻟﺑﻛري‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﻣﺣﻣود ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﻣﺟﻠد اﻟراﺑﻊ‪ ،‬ص‪.335:‬‬
‫ ‪ -44‬ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫وقد ذهب القضاء اإلداري المغربي‪ ,‬وهو يبث في هذا النوع من النوازل‪ ,‬على إضفاء‬
‫حماية خاصة على المتعاقد مع اإلدارة إلى القول بأن عقد الصفقة وإن لم يضبط باتفاق‬
‫مكتوب فهو يأخذ أحكام الصفقة األصلية باعتبارها مرتبطة به‪ ,45‬كما ذهب القضاء المغربي‬
‫دائماً إلى التأكيد أن وثائق ملف الصفقة كاألوامر بالخدمة الصادرة عن المهندس وتقارير‬
‫مكاتب الدراسات المكلفة بالمشروع وتقرير الخبرة‪ ,‬تقوم مقام العقد الملحق وال يستحق‬
‫المقاول على إثرها إال الحق في التعويض عن األشغال دون الكسب الذي فاته وهو ما أكدته‬
‫محكمو االستئناف اإلدارية بالرباط في قرار لها‪ '' ,‬حيث تقدمت اإلدارة ]‪ [...‬بأن األشغال‬
‫خارج الصفقة وغير منصوص عليها ولم يتم بموجبها أي ملحق أو أمر بالخدمة ]‪ [...‬وأن‬
‫موافقة المهندس المعماري عليها بقيمة األشغال غير مؤسس ]‪ [...‬إال أن المحكمة كان لها‬
‫رأي اَخر حيث صرحت ]‪ [...‬أنه بالرجوع إلى تقرير الخبرة المنجزة من طرف الخبير‬
‫المؤشر عليه بتاريخ ‪ 2006/03/10‬يتبين أنه عاين األشغال اإلضافية‪ ,‬وأوضحها‪ ,‬مما تعتبر‬
‫من األشغال الداخلية في مستلزمات األشغال األصلية باعتبارها ال تخرج عن إطار الصفقة‬
‫الرامية إلى بناء مكاتب فوق بناية مكونة أصال من طارق أرضي‪ .‬مما تعتبر أشغال إضافية‬
‫لألشغال األصلية‪ .‬وحيث من جهة ثانية يعتبر المستأنف عليه ـ المقاول ـ ملزم باحترام‬
‫التوجيهات المدلى بها من طرف المهندس المعماري ومكتب الدراسات التقنية‪ ,‬كونهما‬
‫يعتبران المشرفات على إنجاز أشغال الصفقة‪ ,‬وأن توقيعاتهم على أشغال إضافية من‬
‫مستلزمات األشغال يؤخذ به ويرتب االَثار القانونية على التزامات الطرفين في عقد الصفقة‪,‬‬
‫ومنه حكمت المحكمة استناداً لنظرية اإلثراء بال سبب‪ ,‬بالتعويض للمقاول عن األشغال دون‬
‫الكسب واعتمدت في تبريرها على الخبرة المنجزة من طرف الخبير والتي أتثبت أن األشغال‬
‫اإلضافية مرتبطة باألشغال األصلية وكذلك على التوجيهات المدلى بها من طرف المهندس‬
‫المعماري ومكتب الدراسات التقنية‪''.‬‬

‫وفي نفس االتجاه‪ ,‬ذهبت بعض المحاكم اإلدارية إلى اعتماد نظرية اإلثراء بال سبب في‬
‫تعويض المقاولة على األشغال اإلضافية غير المقررة بعقد ملحق مبرم طبقاً للقانون‪ ,‬حيث‬
‫جاء في قرار محكمة االستئناف بالرباط‪ '' ,46‬تأكيداً لما سبق ]‪ [...‬فالمستأنَف يعتبر‬
‫مساهماً في خطأ إنجاز أشغال دون احترام للمقتضيات القانونية المنظمة لها ما دام قد قبل هذا‬
‫اإلنجاز حياداً على القانون‪ ,‬المتمثل في احترام اإلجراءات السابقة له وهي إبرام عقد ملحق‬

‫ ‬
‫ ‪ -45‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑوﺟدة‪ ،‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2000/07/24‬ﻋدد ‪ ،69/00‬ﻣﻠف رﻗم ‪.98/42‬‬
‫ ‪ -46‬ﻗرار ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹﺳﺗﺋﻧﺎف اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺑﺎط ﻋدد ‪ ،1291‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2009/05/27‬ﻏﯾر ﻣﻧﺷور‪.‬‬
‫خاص بها مما يترتب في حقه حزاء حرمانه من التعويض الناتج عن التأخير في األداء‪ ,‬فيكون‬
‫السبب المعتمد في هذا الصدد غير جدير باالعتبار''‬

‫وفي نفس اإلتجاه ذهبت إدارية فاس‪ ,47‬إلى اعتماد نظرية اإلثراء بال سبب في تعويض‬
‫المقاولة على األشغال اإلضافية الغير المقررة بعقد ملحق مبرم طبقا للقانون جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫حيث أن عدم توفر عقد الصفقة على أحد الشروط الجوهرية المنصوص عليها بموجب‬
‫مرسوم ‪ 2-98-482‬المؤرخ في ‪ 1998/12/30‬يجعله باطال وغير منتج ألي أثر قانوني ناتج‬
‫عن العقد وينأى بالتالي بمثل هذا العقد عن مجال العقود اإلدارية والمنازعة القضائية وفي‬
‫هذا اإلطار ومن تم يجرده من الضمانات التي يخولها للمتقاضي المرسوم المذكور بتحديد‬
‫شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة‪ .‬وحيث إن كان االَمر كذلك بالنسبة للعقود المبرمة بين‬
‫المتعاقدين والتي اختل أحد شروط انعقادها فاألولى واألحرى أن يكون من الحتمي استبعاد‬
‫المرسوم المذكور عند انعدام عنصر التعاقد من أساسه كما هو األمر في نازلة الحال‬
‫]‪ [...‬ولكن اعتباراً لكون إنجاز األشغال‪ ,‬ترتب عنها تحمل المدعي بنفقات أثبتتها الوثائق‬
‫المدلى بها وتقرير الخبرة وفي المقابل حققت جهة اإلدارة المنجزة لهذه األشغال لفائدتها‬
‫نفعاً ثابتاً‪ ,‬واعتباراً لكون المدعي لم يكن ليقوم بإنجاز تلك األشغال إال بموافقة جهة اإلدارة‬
‫وتحت إشراف موظفيها فإن مثل هذه الوضعية تشكل إثراء لهذه اإلدارة على حساب المدعي‬
‫بما أنفقه في إنجاز تلك األشغال‪ .‬وقضت في إطار مبدأ اإلثراء بال سبب على حساب الغير‬
‫إال برد قيمة تكلفة األشغال والخدمات المنجزة مجردة عن أي ربح أو أي تعويض‪''.‬‬

‫ونستنتج من مختلف ما تم تداوله في متن هذا الجزأ – أ – من هذا الفرع‪ ,‬إلى أن نظرية‬
‫اإلثراء بال سبب‪ ,‬ضمانة يخولها القضاء للمتعاقد مع اإلدارة في إطار عقود الصفقات‬
‫العمومية للحفاظ على ذمته المالية وما أنفقه من أشغال إضافية على ما تم تسطيره داخل عقد‬
‫الصفقة‪ ,‬في شريطة موافقة اإلدارة أو الجهة المخول لها اإلشراف على المشروع سواء من‬
‫خالل تأشير أو عقد ملحق لعقد الصفقة‪ ,‬إال أن التعويض ـ كما أرسى على ذلك مجلس‬
‫الدولة الفرنسي من جهة أو القضاء المغربي من جهة أخرى وكذا بعض التجارب المقارنة‬
‫كمصر واألردن ـ يشمل فقط التعويض عن ثمن األشغال المنجزة دون أي ربح ناتج عن هذه‬
‫األخيرة‪.‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -47‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﻔﺎس‪ ،‬ﻣﻠف ﻋدد ‪ 20/00‬ﺗﺣت ﻋدد ‪ 239‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪.2002/04/30‬‬
‫ب‪ -‬امتناع اإلدارة عن تسليم محضر نهاية الصفقة‪.‬‬
‫إذا كان دفتر الشروط اإلدارية العامة قد حدد مسطرة إجراء عملية االستالم النهائي‪ ,48‬فإنه لم‬
‫يحدد األحكام الواجب إعمالها لفض الخالفات التي قد تنشأ بين المقاولة واإلدارة بمناسبة‬
‫إجراء هذه العملية‪ ,‬لذلك قد تمتنع اإلدارة عن القيام بإجراء التسليم النهائي بدعوى عدم امتثال‬
‫المقاولة ألمر اإلدارة بإصالح بعض العيوب التي تظهر خالل فترة الضمان أو بسبب عدم توافق‬
‫اإلدارة والمقاولة على حصر الكشف الحسابي النهائي أو لالختالف حول كميات األشغال‬
‫ونوعها ومدتها‪.‬‬
‫وكما هو معلوم فإن عدم حصر عملية االستالم النهائي يبقى بعض التزامات المقاولة سارية‬
‫وحائال دون استرداد الضمانات التي بذمتها في إطار عقد الصفقة كالضمانة النهائية وهو يرهق‬
‫كاهلها بالفوائد‪.‬‬
‫وباستقراء االجتهاد القضائي‪ ,‬نجد القضاء المغربي غالباً ما يقف عند بحث السبب الكامن‬
‫وراء االمتناع عن توقيع محضر االستالم النهائي‪ ,‬فإن وجَدَه جدياً فإنه ال يتردد في اإلعالن عن‬
‫وقوع عملية االستالم النهائي‪.‬‬
‫وقد جاء في حكم إدارية فاس‪'' ,49‬حيث أنه في غياب إنجاز محضر التسليم النهائي لوجود‬
‫نزاع بين الطرفين‪ ,‬ومادام أن المدعية أنجزت األشغال المتعلقة ببناء إعدادية ابن رشد تحت‬
‫إشراف وتتبع الجهة المدعى عليها وأن هذه األشغال قد تم تسليمها بدون تحفظ واعتراض‪,‬‬
‫وانطلقت الدراسة في اإلعدادية بعد تدشينها;‬
‫وحيث أن تمسك المدعى عليها بكون المدعية الزالت لم تحصل بعد على محضر االستالم‬
‫النهائي يتعارض مع تحقق هذه الواقعة حكماً بعد مرور أجل السنة عن إبرام محضر التسليم‬
‫المؤقت‪''.‬‬
‫ويؤكد هذا االتجاه قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ 50‬سابقاً محكمة النقض حالياً جاء‬
‫فيه‪ '' :‬لكن حيث أن واقعة إعمار الشقق موضوع الصفقة بالرغم من كونها تعتبر رائدة لقيام‬
‫موجبات التسليم النهائي فإنها قرينة على إنجاز األشغال من طرف المقاولة وبالتالي تقوم معها‬
‫إلزامية التسليم النهائي من طرف اإلدارة الذي ال يمكن أن يظل معلقاً على أي وقت تختاره‬
‫اإلدارة بحجة عدم قيام المقاولة ببعض اإلصالحات التي يطلبها االَمر‪ ,‬وهي تملك صالحية‬
‫القيام بها بواسطة الغير على نفقة المقاولة إن وجدت‪ ,‬والحال أنه تم مرور أربع سنوات بين‬

‫ ‬
‫ ‪ -48‬اﻟﻣﺎدة ‪ 76‬ﻣن ﻣرﺳوم رﻗم ‪ 2.14.394‬اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ‪ 6‬ﺷﻌﺑﺎن ‪ 13 ) 1437‬ﻣﺎي ‪ ( 2016‬ﺑﺎﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻰ دﻓﺗر‬
‫اﻟﺷروط اﻹدارﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﻘﺎت اﻷﺷﻐﺎل‪ ،‬اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋدد ‪ ،6470‬اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ )‪ 2‬ﯾوﻧﯾو ‪2016‬‬
‫(‪ ،‬ص‪.4111:‬‬
‫ ‪ -49‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﻔﺎس‪ ،‬ﺗﺣت ﻋدد ‪ ،459‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪.2006/07/04‬‬
‫ ‪ -50‬ﻗرار اﻟﻐرﻓﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬ﻋدد ‪ 26‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪.2005/01/12‬‬
‫تاريخ التسليم المؤقت وتاريخ الدعوى وأن قواعد العدالة توجب تقييد كل التزام في مدد معقولة‬
‫وفقا للسير العادي لألمور وطبيعة العمل ذاته‪''.‬‬
‫‪51‬‬
‫وقد قضى هذا القرار بتأييد حكم إدارية مكناس ‪ ,‬الذي قضى على اإلدارة بالقيام بعملية‬
‫التسليم النهائي ألشغال الصفقة بعد تسجيل امتناعها عن إنجاز محضر التسليم النهائي‪ ,‬وأن‬
‫ذلك يشكل حماية قضائية للمتعاقد مع اإلدارة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلثبات اإلداري وإشكالية القيام بأشغال خارج القواعد القانونية المنظمة‬
‫للصفقات العمومية‬
‫سنعالج في هذا المطلب بعض اإلشكاالت العملية في مجال تنفيذ الصفقات العمومية;‬
‫ومن بين هذه اإلشكاالت‪:‬‬
‫إلثبات اإلداري وإشكالية القيام بأشغال خارج القواعد القانونية المنظمة للصفقات‬
‫العمومية )الفرع األول(; إضافة إلى ضعف التكوين القانون لآلمرون بالصرف والمحاسبون‬
‫العموميون وغياب التنسيق بينهما )الفرع الثاني(‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلثبات اإلداري وإشكالية القيام بأشغال خارج القواعد القانونية المنظمة‬
‫للصفقات العمومية‬
‫خصوصية االثبات في المادة اإلدارية‬
‫إن قواعد اإلثبات اإلداري‪ ,‬تصاغ على أساس ظروف القانون اإلداري‪ ,‬و طبيعة الدعوى‬
‫اإلدارية التي تتعلق بروابط إدارية تنشأ بين اإلدارة ‪-‬كسلطة عامة‪ -‬تقوم بوظيفتها اإلدارية‬
‫للصالح العام و بين األفراد‪ ,‬وهذا ما أدى إلى خلق ظاهرة انعدام التوازن العادل بين الطرفين‬
‫من جهة اإلثبات‪ ,‬مما يجعل اإلثبات في المنازعات اإلدارية أهمية خاصة‪ ,‬و يجعل الحاجة‬
‫ملحة لتدخل القاضي اإلداري في حماية الحقوق و الحريات من خالل دوره اإليجابي في‬
‫اثبات الدعوى اإلداري‪.52‬‬
‫إن الهدف من تدخل القضاء اإلداري في إثبات الدعوى اإلدارية‪ ,‬يعود للطبيعة الخاصة‬
‫لهذه الدعوى‪ ,‬والتي يختل فيها التوازن بين أطرافها الغير المتكافئين‪ ,‬هما جهة اإلدارة‬
‫بوصفها سلطة عامة تتمتع بامتيازات مهمة أهمها‪ :‬امتياز قرينة سالمة القرارات اإلدارية‬
‫ ‬
‫ ‪ -51‬ﺣﻛم إدارﯾﺔ ﻣﻛﻧﺎس ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ ،2001/02/01‬ﺑﺎﻟﻣﻠف ﻋدد ‪.2000/1/4/627‬‬
‫ ‪ -52‬ذة‪ .‬ﻧﺎدﯾﺔ اﺣﺪﯾﺪو‪ " ،‬ﺧﺼﻮﺻﯿﺔ اﻹﺛﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ – دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ "‪ ،‬ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ اﻹدارﯾﺔ " اﻟﻘﺎﺿﻲ‬
‫اﻹداري ﺑﯿﻦ ﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﺤﺮﯾﺎت وﺗﻘﯿﻖ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ "‪ ،‬أﺷﻐﺎل ﻧﺪوة ﻋﻠﻤﯿﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺑﺸﺮاﻛﺔ ﺑﯿﻦ وزارة اﻟﻌﺪل‬
‫واﻟﺤﺮﯾﺎت ﯾﻮﻣﻲ ‪6‬و ‪7‬ﯾﻨﺎﯾﺮ ‪ 2017‬ﺑﺎﻟﺮﺑﺎط وﺟﻤﻌﯿﺔ ھﯿﺌﺎت اﻟﻤﺤﺎﻣﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب‪ ،‬اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬إﺻﺪار ﺧﺎص‪ ،‬ﯾﻨﺎﯾﺮ‪،2017‬‬
‫ص‪.112 :‬‬
‫وامتياز التنفيذ المباشر باإلضافة إلى حيازة األوراق والوثائق اإلدارية وامتياز المبادرة‪ .‬والفرد‬
‫المتضرر من عمل اإلدارة والخالي من أي امتياز أو أدلة‪ ,‬وبالتالي تنشأ مشكلة عدم تحقيق‬
‫التوازن بين أطراف الدعوى اإلدارية‪.‬‬
‫تعتبر الدعوى اإلدارية دعوى موضوعية‪ ,‬وبتبني القاضي اإلداري مذهب اإلثبات الحر‪,‬‬
‫الذي يتطلب توافر أنماط فكرية خاصة لدى القاضي اإلداري تمكنه من بسط سلطته الرقابية‬
‫القوية على القضايا المعروضة عليه حتى يستطيع الفصل فيها ليحقق العدالة ويحمي الحقوق‬
‫الخاصة من اعتداء اإلدارة عليها‪ ,‬ومن ثمة فهو يتمتع إزاء الدعوى اإلدارية بسلطات كبيرة‬
‫تساعده على تكوين اقتناعه والتثبت من تحقيق االدعاء‪ ,‬مما يحقق معه نقطة التوازن بين‬
‫األطراف عن طريق الحفاظ على المصالح العامة وحماية المصالح الخاصة‪.53‬‬
‫ال شك أن تطبيق األصل العام في اإلثبات أمام القضاء اإلداري "البينة على المدعي" تؤدي‬
‫إلى وقوف المدعي الفرد في الموقف الصعب في حين تقف اإلدارة في موقف المدعى عليه‬
‫في الدعوى اإلدارية وهو مركز أيسر وأفضل من ناحية عبئ اإلثبات في الدعوى‪ ,‬وبالتالي‬
‫تنتج آثارا فيما يتعلق بنظرية االثبات أمام القضاء اإلداري‪.‬‬
‫وهذه القاعدة متفق عليها في المغرب ومصر وفرنسا على السواء‪ ,‬ومع التسليم بها فإن‬
‫القضاء اإلداري يتساهل في تخفيف عبئ اإلثبات على األفراد‪ ,‬تشجيعا لهم في السهر على‬
‫حماية مبدأ سيادة القانون وتقديرا لوضعهم كطرف ضعيف يلقى على عاتقه دائما عبئ‬
‫اإلثبات‪.‬‬
‫وترتيبا على ذلك‪ ,‬وبموجب الدور اإليجابي والتدخلي المخول للقاضي اإلداري فيما‬
‫يتعلق بعبئ االثبات في الدعوى اإلدارية‪ ,‬الذي ال يقف مكتوف األيدي ويدع الخصومة‬
‫يحركها األطراف كما يشاؤون و إنما له شيء من الحرية في تحريك الدعوى و توجيه‬
‫الخصومة‪ ,‬حتى ال يترك كشف الحقيقة رهينا بمبارزة الخصوم وحدهم‪ ,‬وهذا هو الموقف‬
‫اإليجابي للقاضي اإلداري في تسيير الدعوى اإلدارية‪ ,‬و الذي يجعله يلزم اإلدارة بتقديم ما‬
‫تحت يدها من أوراق و مستندات حاسمة في الدعوى‪ ,‬تخفيفا من عبئ اإلثبات الملقى على‬
‫كاهل المدعي وإذا ما نكلت جهة اإلدارة عن تقديمها رغم طلب المحكمة‪ ,‬يترتب على ذلك‬
‫قيام قرينة لصالح المدعي تلقي بعبء اإلثبات على عاتق اإلدارة‪ ,‬وهنا ينشط دور القاضي‬
‫اإلداري في تحقيق التوازن‪ ,‬العادل بين أطراف الدعوى اإلدارية‪ ,‬ألن اإلثبات في هاته‬
‫المنازعات يتم عن طريق التحقيق في الدعوى‪ ,54‬وبواسطته يكون للقاضي اإلداري اقتناع‬

‫ ‬
‫ ‪ -53‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪ ،‬ص‪.113 :‬‬
‫ ‪ -54‬ﻣﺛﻼ‪ ،‬وﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﺎﻹدارة ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺛﺑت ﻓﻲ‬
‫ﺣﻘﮭﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻧﺗﻘﺎل ﻋﺑﺊ اﻹﺛﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﮭﺎ‪ ،‬إﻻ ﺑﺈﺛﺑﺎت ﺧطﺄ اﻟﻣﺿرور أو اﻟﻘوة اﻟﻘﺎھرة ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﮫ ﯾﻣﻛن ﻟﻺدارة اﻟﺗﺣﻠل‬
‫في إيجاد الحل المناسب في النزاع‪ ,‬عكس الدعاوى المدنية‪ ,‬فإقامة الدليل هي قائمة على‬
‫مبدأ حياد القاضي‪ ,‬بينما في الدعاوى اإلدارية هو صاحب المبادرة في إقامة الدليل ال يخضع‬
‫إلرادة الخصوم و له أن يأمر أو يقوم بأي إجراء من تلقاء نفسه‪ ,‬وهذا نظرا للصفة التحقيقية‬
‫إلجراءات أمام القضاء اإلداري‪.55‬‬
‫إشكالية انجاز االشغال خارج الضوابط القانونية المؤطرة للصفقات العمومية‬
‫من خالل هذه التوطئة‪ ,‬جاز لنا طرح التساؤل التالي لسبر أغوار هذا المطلب‪ ,‬دور‬
‫القاضي اإلداري في تكييف األشغال التي تنجز خارج الضوابط القانونية المؤطرة للصفقات‬
‫العمومية?‬
‫بالرغم من أن المشرع تدخل لتنظيم الصفقات العمومية بشكل دقيق على مستوى القانوني‬
‫والتنظيمي فالواقع العملي يكشف أن اإلدارات والمقاوالت الزالت تدخل في عالقات‬
‫تعاقدية غير قانونية غالبا ما تتعذر تصفيتها بالطرق العادية مما يدفع المقاولة إلى طرح النزاع‬
‫على القضاء بقصد استصدار سند تنفيذي يضفي الشرعية على تلك العالقة ويمكنها من‬
‫الحصول على ما تعتبره مستحقاتها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ,‬إذا كانت القاعدة العامة في اإلثبات هي أن اثبات االلتزام على مدعية‬
‫وفق ما نص عليه الفصل ‪391‬من ق‪.‬ل‪.‬ع فال شك أن المقاول هو المطالب بإثبات ادعائه‪,‬‬

‫ ‬
‫ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﺑﺈﺛﺑﺎت ﻓﻌل اﻟﻐﯾر أو اﻟﻌﻣل اﻟﻔﺟﺎﺋﻲ إذ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺳﺑﺑﺎ ﻹﻋﻔﺎﺋﮭﺎ ﻣن‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﺟﺎﻧب ﺧطﺄ اﻟﻣﺿرور واﻟﻘوة اﻟﻘﺎھرة‪.‬‬
‫وﻛذا ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻐرب‪ ،‬أﺧذت ﺑﻧﻔس اﻟﻣﺑدأ وﻧورد ﻛﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك‪ :‬ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑوﺟدة ‪36‬‬
‫اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪15 /02 2005 /‬و اﻟذي ﻧﻘل ﻋﺑﺊ اﻹﺛﺑﺎت إﻟﻰ ﻋﺎﺗق اﻹدارة اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ إﺣﻘﺎﻗﺎ ﻟﻠﻌداﻟﺔ وﻗد ﺟﺎء ﻓﯾﮫ‪" :‬‬
‫ﺣﯾث أﻧﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺗﺣﻣﯾل اﻟﻣﻛﺗب ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﻗوع اﻟﺣﺎدث إﻟﻰ اﻟﮭﻠﻛﺔ ﻟﻌدم ﺗﺑﺻرھﺎ وﺗﮭورھﺎ ﻋﻧد ذھﺎﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﻔرة‬
‫ﻗﺻد ﻏﺳل ﯾدﯾﮭﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻌد ﺗﻔﺣﺻﮭﺎ ﻟﮭذا اﻟدﻓﻊ و اطﻼﻋﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺷﺎر‬
‫إﻟﻰ ﻣراﺟﻌﮫ أﻋﻼه ﺗﺑﯾن ﻟﮭﺎ أن اﻟﺣﻔرة اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﺑﮭﺎ اﻟﺣﺎدﺛﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﺷﻛل ﺧطرا ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻛﻧﺔ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻼﻣﯾذ‬
‫ﺑﺣﯾث أن اﻟﺣﻔرة اﻟﻣذﻛورة ﺛم إﺣداﺛﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﻣﻧطﻘﺔ ﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬و ﺗم ﺗرﻛﮭﺎ ﺑدون إﺷﺎرات أو ﻋﻼﻣﺎت‬
‫ﺗوﺿﺢ ﺧطورة اﻟﻣﻛﺎن‪ ،‬وأن إدﻋﺎء اﻟﻣﻛﺗب ﺑﻛوﻧﮫ ﻗد ﻗﺎم ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻻزﻣﺔ إﻻ أن اﻟﺳﻛﺎن اﻟﻣﺟﺎورﯾن ﻛﺎﻧوا‬
‫ﯾزﯾﻠون اﻟﺳﯾﺎﺟﺎت اﻟﻣوﺿوﻋﺔ ﻗﺻد اﻟﺗزود ﺑﺎﻟﻣﺎء ھو ﻗرﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﺑﻣﺎ ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﺳﻛﺎن‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎن‬
‫ﻋﻠﯾﮫ أﺧد ا‪:‬ﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺗدارك اﻟوﺿﻊ واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﻧﮭﺎء أﺷﻐﺎﻟﮫ ﺑﺎﻟورش اﻟﻣﺣدﺛﺔ ﺑﮫ اﻟﺣﻔرة أو وﺿﻊ ﺣﺎرس ﻗﺻد‬
‫ﺗﻔﺎدي اﻷﺧطﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻠﮭﺎ‪ ،‬ذﻟك أن وﻗوع اﻟﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺗﻲ أدت إﻟﻰ ھﺎﻟك ﻣورﺛﺔ اﻟﻣدﻋﯾن‪ ،‬ﺗﺷﻛل ﻗرﯾﻧﺔ أﺧرى ﺗؤﻛد أن‬
‫اﻟﻣﻛﺗب اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻟم ﯾﺗﺧذ إﺣﺗﯾﺎطﺎﺗﮫ و ﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﮭﺎﻟﻛﺔ ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﺳﻧﮭﺎ ‪11‬ﺳﻧﺔ و أن اﻟﺣﻔرة اﻟﻣﺎﺋﯾﺔ ﯾﺻل ﻋﻣﻘﮭﺎ‬
‫إﻟﻰ ﻣﺗرﯾن وﻧﺻف و ﺗوﺟد ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﻣدرﺳﺔ ﺣﺳب اﻟﺛﺎﺑت ﻣن ﻣﺣﺿر اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻣذﻛور‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﻌﮫ اﻟدﻓﻊ اﻟﻣﺛﺎر‬
‫ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ﻏﯾر ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس و ﯾﺗﻌﯾن إﺳﺗﺑﻌﺎده‪.‬‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗب اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻛﮭرﺑﺎء ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺧطﺄ ﻣﻔﺗرض ﺑﺻﻔﺗﮫ ﺣﺎرﺳﺎ ﻟﻠﺷﻲء ‪ -‬اﻟﺣﻔر‪ -‬و أﻧﮫ ﻟﺗﻔﻧﯾد ھذه اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬
‫ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﺑﯾن أﻧﮫ ﻗﺎم ﺑﺟﻣﯾﻊ اﻻﺣﺗﯾﺎطﺎت اﻟﻼزﻣﺔ وھو ﻣﺎ ﺗدﺣﺿﮫ اﻟﻘراﺋن و اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﮭﺎ أﻋﻼه‪ ،‬و أن‬
‫اﻟﺣﺎدث ﻗد وﻗﻊ ﺑﺷﻛل ﻓﺟﺎﺋﻲ أو ﺑﻘوة ﻗﺎھرة وأﻧﮫ ﻓﻲ ﻧﺎزﻟﺔ اﻟﺣﺎل ﻻ ﯾوﺟد أي دﻟﯾل ﯾﻔﯾد ﻗﯾﺎﻣﮫ ﺑﺈﺛﺑﺎت ذﻟك وھو ﻣﺎ ﯾﻛون‬
‫ﻣﻌﮫ اﻟدﻓﻊ اﻟﻣذﻛور ﻛذﻟك ﻏﯾر ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺳﻠﯾم و ﯾﺗﻌﯾن إﺳﺗﺑﻌﺎده – وﺣﯾث أﻧﮫ ﺑﺈﺳﺗﺑﻌﺎد ھذﯾن اﻟدﻓﻌﯾن ﺗﻛون‬
‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗب ﻋن اﻟﺣﺎدث ﺛﺎﺑﺗﺔ وﯾﻛون ﻣﺑدأ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻋن اﻷﺿرار اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻟﻠﻣدﻋﯾن ﻣؤﺳﺳﺔ‪".‬‬
‫ ‪ -55‬ذة‪ .‬ﻧﺎدﯾﺔ اﺣدﯾدو‪ " ،‬ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ – دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ "‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ " اﻟﻘﺎﺿﻲ‬
‫اﻹداري ﺑﯾن ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت وﺗﻘﯾق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ "‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ص‪.117 :‬‬
‫وبالتالي إثبات قيام العالقة التي يدعي أنها تربطه باإلدارة فما سبيله إلى ذلك‪ .‬أو بعبارة أخرى‬
‫هل يتم هذا استنادا لمبدأ حرية اإلثبات أم بمبدأ اإلثبات المقيد?‬
‫باستقراء مختلف األحكام والقرارات الصادرة عن القضاء المغربي في هذا الشأن‪ ,‬نجد أن‬
‫العمل القضائي عمد إلى األخذ بحرية اإلثبات حيث يجيز للمدعي إثبات ما يدعيه بكافة‬
‫وسائل اإلثبات و ال يلزمه سوى بإثبات كونه أنجز العمل الذي يطالب بمقابله وكان أهم ما‬
‫يتم االرتكاز عليه في هذا الصدد السندات والوثائق التي تفيد استالم اإلدارة ألعمال موضع‬
‫النزاع ـ وحتى ولو لم تكن مصحوبة بأية حجة تفيد طلب اإلدارة لتلك األعمال ـ وكذا‬
‫المراسالت التي يتم تتبادلها بين اإلدارة والمعني باألمر‪ ,‬فإذا تضمنت تلك الوثائق ما يفيد‬
‫انجاز المدعي لألشغال أو توريده للمعدات أو أدائه للخدمة قضت المحكمة بقيام العالقة‬
‫التعاقدية ومن تم بأحقية المدعي في الحصول على مستحقاته‪ ,‬بل أنه في بعض األحيان التي‬
‫يتعذر فيها على المتعاقد اإلدالء حتى بهذا النوع من اإلثباتات فإن المحكمة تأمر بإجراء خبرة‬
‫للتأكد من الوجود المادي لألشغال أو أداء الخدمة ومتى أكد الخبير ذلك قضت بقيام العقد‬
‫ورتبت أثاره‪.56‬‬
‫بغض النظر عن أهمية اإلثبات الذي تطرقنا إليه‪ ,‬وما يميز االثبات في المادة اإلدارية عن‬
‫االثبات طبقا للقواعد العامة‪ .‬فال شك ان اثبات المقاول انجازه األعمال لفائدة اإلدارة غير‬
‫كاف للقول بقيام عالقة تعاقدية بينهما يتعين ترتيب أثارها‪ ,‬وإنما البد من إثبات أن العقد‬
‫المنشئ لتلك العالقة صحيح وغير مشوب بـأي عيب يمكن أن يؤثر في سالمته‪ ,‬إذن‪ ,‬فما‬
‫هي إذا شروط سالمة عقد الصفقة وكيف تعامل معها القضاء المغربي?‬
‫إن الصفقة باعتبارها عقدا بالدرجة األولى‪ ,‬تقوم على األركان التي تقوم عليها جميع‬
‫العقود وهي الرضا‪ ,‬المحل والسبب باإلضافة إلى ركن آخر يميز الصفقات العمومية‬
‫باعتبارها عقود شكلية هو شرط الكتابة‪ ,‬باإلضافة إلى مجموعة من الشروط الخاصة التي‬
‫يستلزم المشرع ضرورة استماعاها تحت طائلة بطالن عقـد الصفقة‪ ,‬وهي شروط تهم جميع‬
‫المراحل التي يقطعها ابرام عقد الصفقة ابتداء من التهيئ له واإلعداد إلبرامه إلى حين‬
‫المصادقة عليها مرورا طبعا بمرحلة ابرامه‪.‬‬
‫إن السؤال الممكن طرحه بشأن هذه النقطة هو ذلك المتعلق بما إذا كان عقد الصفقة عقدا‬
‫شكليا‬
‫تعتبر الكتابة فيه ركن انعقاد يترتب عن تخلفه بطالن العقد أم أنه عقد رضائي يكفي لقيامه‬
‫توافق‬
‫ ‬
‫ ‪ -56‬ذ‪.‬ﻣﺣﻣد أﯾت ﺣﺳو‪ " ،‬اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرﺣﮭﺎ اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺧﺎرج اﻟﺿواﺑط اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء‬
‫اﻻﺟﺗﮭﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻹداري"‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.142 :‬‬
‫إرادة المقاول مع إرادة اإلدارة?‬
‫بالرجوع إلى مرسوم ‪20‬مارس‪ 2013‬يمكن أن نجزم بأن المشرع المغربي قد عمد إلى‬
‫جعل الصفقة العمومية عقدا شكليا ذلك أنه وبعد أن عرف الصفقة في المادة ‪ 4‬في بندها‬
‫‪13‬بكونها " عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة وشخص طبيعي أو معنوي من جهة‬
‫أخرى يدعي مقاول أو مورد أو خدماتي‪ ,‬ويهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو‬
‫القيام بخدمات"‪.‬‬
‫وفق التعريفات الواردة بعده فإنه حرص على تحديد شكل هذه العقود وإفراد لذلك مادة‬
‫مستقلة هي المادة ‪ 13‬التي نصت صراحة في البند " ألف" على مايلي‪:‬‬
‫"الصفقات عقود مكتوبة تتضمن دفاتر تحمالت تحدد الشروط التي يتم بموجبها تنفيذ‬
‫الصفقات‪ ,‬وتتألف دفاتر التحمالت من دفاتر الشروط اإلدارية العامة ودفاتر الشروط‬
‫المشتركة ودفاتر الشروط الخاصة‪" .‬‬
‫وحيث باستقراء البند " باء " من المادة المشار إليها نجد أن المشرع لم يكتف فقط بتحديد‬
‫شكل الصفقات العمومية وإنما حرص كذلك على تعداد البيانات التي يجب تضمينها في تلك‬
‫العقود مما يفيد أنها عقود شكلية‪.‬‬
‫إن المشرع المغربي جعل من الصفقة العمومية عقدا شكليا‪ ,‬فإن مؤدى ذلك أن تخلف‬
‫الكتابة يعدم الرابطة التعاقدية ويجعلها والعـدم سواء‪ ,‬ومن تم ال يمكن مساءلة اإلدارة بناء‬
‫على ما يترتـــــب عنهــــــــا علـــــى أســـاس المسؤولية العقدية كما ال يمكن إثبات عالقة‬
‫تعاقدية بشأن صفقة عمومية إال عن طريق اإلدالء بعقد مكتوب يحدد التزام كال طرفي الرابطة‬
‫العقدية‪.‬‬
‫وبعد استقراء العمل واالجتهاد القضائي في هذا الشأن‪ ,‬يتضح لنا بجالء‪ ,‬أنا محكمة‬
‫النقض أصبحت تتشدد فيما يتعلق بضرورة استجماع عقد الصفقة لجميع شروطه الشكلية‬
‫والجوهرية حتى يمكن أن يرتب اثاره وأن إخالل أي شرط من تلك الشروط يرتب بالضرورة‬
‫بطالن ذلك العقد‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته من خالل قرارها عدد ‪1228‬الصادر بتاريخ ‪/ 2004 12/ 15‬في الملف‬
‫اإلداري عدد ‪ 2004 -377 -4-1-‬الوكيل القضائي ضد شركة درا الصحافة وقد جاء فيه‬
‫كذلك‪" :‬حيث يعيب الطرف المستأنف على الحكم المستأنف فساد التعليل ذلك أن سندات‬
‫الطلب ووصوالت التسليم المدلى بها إلثبات الدين ال تتضمن أية إشارة تبين صفة الموقع‬
‫عليها فالدين المترتب عن صفقة عمومية ال يكون مشروعا إال إذا كانت الصفقة في حد ذاتها‬
‫قانونية ومستوفية لجميع الشروط الشكلية والجوهرية وفق القوانين والضوابط المعمول بها‬
‫في إطار الصفقات العمومية‪.‬‬
‫حيث إنه بالرجوع إلى سندات الطلب ووصوالت التسليم المعتمد من طرف المحكمة‬
‫كأساس للحكم المطعون فيه ومنها ما هي مجرد نسخ يتبين أنها ال تبين الصالحية المخول‬
‫لموقعها هل هو اآلمر بالصرف أو يتوفر على تفويض قانوني من طرف االمر بالصرف‬
‫واقتصرت المحكمة في تعليلها على ما أورته الخبرة بشأن سندات سابقة ليست موضوع‬
‫المطالبة الحالية للقول بأن سندات الطلب الحالية صادرة عن األمر بالصرف والي جهة فاس‬
‫بولمان فلم تجعل لما قضت به أساسا من القانون على" ‪.‬‬

‫إذن‪ ,‬فما هي أثار هذا البطالن على تحديد حقوق المتعاقد مع اإلدارة?‬

‫إذا كان أهم جزاء يترتب على تقرير بطالن العقد اإلداري هو اعدام اثاره بحيث ال يمكن‬
‫أن يلزم بذاته الطرفين المتعاقدين فإن مؤدى ذلك أنه ال يمكن البت في النزاع الناشئ عن ذلك‬
‫العقد الباطل على أساس مبادئ المسؤولية العقدية‪ ,‬وهو األمر الذي تترتب عليه نتائج في‬
‫فيما يلي‪:‬‬ ‫غاية األهمية يمكن ان تجمل أهمها‬
‫أنه ال يمكن مواجهة اإلدارة ببنود العقد الباطل وال يمكن إلزامها بتنفيذ ما يرتبه عليها من‬
‫التزامات ومن تم ال يجوز إلزامها بأداء ثمن األشغال أو األدوات الموردة لفائدتها‪.‬‬
‫ال يمكن تطبيق القواعد المتعلقة بالصفقات العمومية باعتبار أنه ال يمكن تطبيقها إال على‬
‫العقود الصحيحة‪.‬‬
‫ال يمكن الحكم بقيام مسؤولية أي من الطرفين عن الضرر الذي قد يحصل للطرف‪ ,‬عن‬
‫األضرار بسبب امتناعه عن تنفيذ‪ ,‬وال يمكن إلزامه مادام العقد المنشئ لهذا االلتزام باطل‬
‫وبالتالي فال يجوز إلزام اإلدارة بأداء أي تعويض عن الضرر الذي قد يحصل للمتعاقد معها‬
‫نتيجة امتناعها عن األداء وال الحكم ضدها بفوائد التأخير عن األداء المنصوص عليها في‬
‫قانونا الصفقات العمومية‪.‬‬
‫إن القضاء المغربي‪ ,‬لم يكن يرتب هذه اآلثار‪ ,‬ولكن هل يعني بطالن العقد وبالتالي‬
‫العالقة التعاقدية‬
‫إنكار حق المتعامل مع اإلدارة في الحصول على مقابل ما انجزه من عمل?‬
‫درج القضاء الفرنسي‪ ,‬على أن انعدام الرابطة العقدية ال يعني حرمان الفرد من التعويض‬
‫في بعض الحاالت‪ ,‬وأقر حقه بالرجوع على اإلدارة بذلك التعويض لكن ليس على اساس‬
‫المسؤولية العقدية وانما على أحد األساسين التاليين‪:‬‬
‫المسؤولية التقصيرية ويشترط فيها تحقق جميع أركانها;‬
‫اإلثراء بال سبب‪ ,57‬وقد اشترط لجواز الحكم بالتعويض على هذا األساس توفر شرطين‬
‫هما‪:‬‬
‫لزوم كون تلك األعمال التي نفذها المراد الحكم له بالتعويض قد عادت بفائدة حقيقية‬
‫على اإلدارة‪.‬‬
‫وأن تكون اإلدارة قد قبلت تنفيذ تلك األعمال ولو بصفة ضمنية‪.‬‬

‫يبدو أن القضاء المغربي بدأ يقتنع بضرورة ترتيب األثار التي اجمع الفقه والقضاء المقارن‬
‫على ضرورة ترتيبها على بطالن العقد فأصبح يقر تبعا لذلك بأن عدم احترام الضوابط‬
‫القانونية في ابرام الصفقة ويعدم العالقة التعاقدية من أساسها ويخرج بالتالي النزاع الناشئ‬
‫عنها عن المنازعة القضائية في إطار العقود اإلدارية ولذلك اجتهد للبحث عن األساس‬
‫الواجب اعتماده لتعويض المعني باألمر‪.‬‬
‫ومن بين االجتهادات التي تتأتى لنا االطالع عليها في هذا المجال نذكر حكمين‪ ,‬األول‬
‫صادر عن إدارية فاس واعتمدت فيــه المحكمة على أساسين هما المسؤولية التقصيرية‬
‫ونظرية االثراء بال سبب حيث ارتكزت على األساس األول لتبرير االختصاص واستندت على‬
‫الثاني لتحديد التعويض أما الحكم الثاني فهو; الحكم رقم ‪ 818‬الصادر عن المحكمة‬
‫اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 23 /04 / 2007‬والذي جاء فيه‪:‬‬
‫"إن القضاء في سبيا إيجاد حل قانوني لتسوية الوضعية الحسابية أشغال إضافية أنجزت‬
‫دون احترام المساطر التنظيمية الواردة في المجال التعاقدي دأب على محاكمة هذه األشغال‬
‫في إطار مقتضيات الفصل‪79‬من ق‪.‬ا‪.‬ع ‪".‬‬
‫إن الخطأ الذي يتم االعتماد عليه لترتيب المسؤولية هو المتجلى في االقدام على التعاقد‬
‫خارج الضوابط القانونية وال شك أنه هنا ال يجوز نسبة الخطأ إلى اإلدارة وحدها باعتبار أنه‬
‫خطأ مشترك بينهما وبين المتعاقد معها ألنهما قبال معا خرق النصوص المنظمة للصفقات‬
‫العمومية مما يستوجب تشطير المسؤولية هنا وتحميل كل طرف نصيبه من المسؤولية‪.‬‬
‫أما األخذ بمبدأ فكرة االثراء بال سبب فإنه يشترط بدوره عدم صدور أي خطأ من المفتقر‬
‫وطالما أن المتعاقد مع إلدارة قد أخطأ بدروه قبول انجاز أشغال خارج المسطرة فإن السؤال‬
‫المطروح هل يجوز مع ذلك الحكم بأحقيته في التعويض‪.58‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -57‬ﺗﻌﮭد ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ ﻣن ھم اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟﻌﻘود‪ ،‬وﻧظﻣﮭﺎ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻔﺻول‪،67 ،66 :‬‬
‫‪ ،76 ،75‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬اﻟﻣﻐرﺑﻲ‪ ،‬وﯾﻘﺻد ﺑﻣﺑدأ اﻻﺛراء ﺑﻼ ﺳﺑب‪ ،‬أﻧﮫ إذا أﺛري ﺷﺧص ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻓﺗﻘﺎر أﺧر ﺑﻐﯾر وﺟود ﻣﺑرر‬
‫ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟﮭذا اﻹﺛراء‪ ،‬وﯾﻌﺗﺑر ﻣن ﻣﺻﺎدر اﻻﻟﺗزام‪.‬‬
‫ ‪ -58‬ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ص‪.149،150 :‬‬
‫إذن‪ ,‬وإذا كان عقد الصفقة باطال نتيجة مخالفته لشروط وأشكال إبرام الصفقات العمومية‬
‫ونتيجة عدم المصادقة عليه‪ ,‬فإن قواعد العدل واإلنصاف تقضي بأن ال يحرم منجز تلك‬
‫األشغال من التعويض على أساس آخر غير العقد المذكور‪ ,‬أال يمكن مطالبة اإلدارة‬
‫المتعاقدة في ظل عقد باطل باسترداد قيمة األشغال التي أنجزتها لها واستفادت منها حتى ال‬
‫يتحقق اغتناء طرف على حساب آخر تأسيسا على نظرية اإلثراء بال سبب التي طبقها القضاء‬
‫الفرنسي والذي اشترط قيام عالقة مباشرة بين اغتناء الجهة اإلدارية متسلمة تلك األشغال‬
‫وافتقار منجز تلك األشغال‪.59‬‬

‫وهذا ما جاء في حكم المحكمة اإلدارية بفاس بالملف عدد ‪ 20/00‬تحت عدد ‪239‬‬
‫بتاريخ ‪2002-04-30‬‬
‫" حيث أن عدم توفر عقد الصفقة على أحد الشروط الجوهرية المنصوص عليها بموجب‬
‫مرسوم ‪482-98-2‬المؤرخ في ‪30/12/1998‬يجعله باطال وغير منتج ألي إثر قانوني ناتج‬
‫عن العقد وينأى بالتالي بمثل هذا العقد عن مجال العقود اإلدارية والمنازعة القضائية في هذا‬
‫اإلطار ومن تم يجرده من الضمانات التي يخولها للمتقاضي المرسوم المذكور رقم ‪-98-2‬‬
‫‪482‬المؤرخ في ‪30/12/1998‬بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة‪ .‬وحيث إن‬
‫كان اآلمر كذلك بالنسبة للعقود المبرمة بين المتعاقدين والتي اختل أحد شروط انعقادها‬
‫فاألولى واألحرى أن يكون من الحتمي استبعاد المرسوم المذكور عند انعدام عنصر التعاقد‬
‫من أساسه كما هو اآلمر في نازلة الحال‪.‬‬
‫وأضاف الحكم المذكور; لكن اعتبارا لكون إنجاز األشغال‪ ,‬ترتب عنها تحمل المدعي‬
‫بنفقات أثبتتها الوثائق المدلى بها وتقرير الخبرة وفي المقابل حققت جهة اإلدارة المنجزة‬
‫لهذه األشغال لفائدتها نفعا ثابتا‪ ,‬واعتبارا لكون المدعي لم يكن ليقوم بإنجاز تلك األشغال‬
‫إال بموافقة جهة اإلدارة وتحت إشراف موظفيها فإن مثل هذه الوضعية تشكل إثراء لهذه‬
‫اإلدارة على حساب المدعي بما أنفقه في إنجاز تلك األشغال‪.‬‬
‫وخلصت في النهاية إلى القول بأنه " ال يقضى في إطار مبدأ اإلثراء على حساب الغير إال‬
‫برد بقيمة تكلفة األشغال والخدمات المنجزة مجردة عن أي ربح أو أي تعويض"‪.‬‬
‫أوضح مجلس الدولة الفرنسي أن تطبيق نظرية اإلثراء بال سبب رهين بأن تكون األشغال‬
‫المنجزة بمناسبة تنفيذ الصفقة الباطلة غير معترض عليها من طرف اإلدارة وأن تعود عليها‬
‫بفائدة حقيقية‪.60‬‬
‫ ‬
‫ ‪ -59‬ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪" ،‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ"‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ص‪.132:‬‬
‫ ‪ -60‬ﻗرار ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ‪.ville de cannes‬‬
‫وإذا كان هذا االتجاه القضائي يروم تحقيق قواعد العدل واإلنصاف فهو ليس له مرجعية‬
‫تعاقدية ومن هنا ذهب بعض االتجاه القضائي إلى التعويض عن األشغال اإلضافية في إطار‬
‫نظرية المسؤولية اإلدارية خارج قواعد إبرام الصفقات العمومية وقواعد القانون المدني وهو‬
‫نفس االتجاه الذي تبنته إدارية الرباط في حكمها عدد ‪818‬بتاريخ ‪ 23/4/07‬الذي جاء‬
‫فيه"‪ :‬إن القضاء في سبيل إيجاد حل قانوني لتسوية الوضعية الحسابية ألشغال إضافية أنجزت‬
‫دون احترام المساطر التنظيمية الواردة في المجال التعاقدي دأب على محاكمة هذه األشغال‬
‫في إطار مقتضيات الفصل ‪79‬من قانون االلتزامات والعقود‪."..‬‬
‫صحيح أن مخالفة عقد الصفقة للقواعد المرسومة النعقاده والتي تهدف إلى ضمان‬
‫الشفافية وحرية المنافسة وفعالية نفقة المال العام ومراقبته يثير إشكاال قانونيا حول الجزاء‬
‫المترتب عن هذا اإلخالل; والمؤكد هو أنه ال يمكن تعويضه عن تلك األشغال الباطلة‬
‫المخالفة للقانون في إطار عقد الصفقة لبطالنها لمخالفة القواعد المنظمة لها‪.‬‬
‫لذا‪ ,‬يجب البحث عن أساس قانوني لسد هذا اإلشكال‪ .‬فهل تصلح بعض النظريات‬
‫المنصوص عليها بقانون االلتزامات والعقود لمعالجة اإلشكال المطروح وخصوصا منها‬
‫نظرية اإلثراء بال سبب المنصوص عليها بالفصل ‪75‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬وهل تصلح كذلك نظرية‬
‫المسؤولية اإلدارية لإلدارة في ظل الخطأ المشترك للتعويض عن األشغال المنجزة خارج‬
‫العقد‪.‬‬
‫وما يعمق اإلشكال هو مدى جواز تطبيق قواعد القانون المدني في مجال الصفقات‬
‫العمومية‪ ,‬علما بأن نظرية اإلثراء بال سبب في ظل القانون المدني تقتضي أن ال يكون الطرف‬
‫المفتقر قد ارتكب خطأ معينا‪ .‬والحال أن مقيم تلك األشغال بعقد باطل أو بدون عقد يكون‬
‫قد ساهم بخطئه في اإلشكال المطروح‪ .‬ثم إن ما يالحظ هو أن التعويض الممنوح على‬
‫أساس نظرية اإلثراء بال سبب يعادل فقط مبلغ اإلثراء الفعلي الذي حصل عليه المشتري دون‬
‫الربح الذي ضاع منه‪ ,‬ومن هنا ال يعوض إال عن تكلفة األشغال‪.61‬‬

‫ ‬
‫ ‪ -61‬ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺻري‪" ،‬اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري وﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ"‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.133 :‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضعف التكوين القانون لآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون‬

‫يعاني مجال الصفقات العمومية من مشاكل شتى‪ ,‬سواء منها القانونية أو العملية‪ ,‬وهذا ما‬
‫يحول دون عقلنة هذا المجال‪ ,‬رغم أهميته وأدواره في بالتنمية‪ .‬وسنحاول أن نحيط علما‬
‫في هذا الفرع بإشكالية عملية‪ ,‬تتمثل في غياب التكوين القانوني لكل من اآلمرون بالصرف‬
‫والمحاسبون العمومين وغياب التنسيق بينهما على ضوء العمل واالجتهاد القضائي المالي‪.‬‬
‫وهذا ما تأكده مجموعة من قرارات صادرة عن المجلس األعلى للحسابات حول استئناف‬
‫أحكام المجالس الجهوية للحسابات‪ ,‬سواء في بمجال البت في الحسابات أو بمجال‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.‬‬
‫وباستقراء مجمل األحكام المستأنفة في ميدان البت في الحسابات يتضح أن أغلب‬
‫المخالفات تتعلق بعمليات أداء النفقات العمومية‪ ,‬فقد تم تسجيل تكرار المخالفات المتعلقة‬
‫بإغفال المحاسبين مراقبة صحة حسابات التصفية‪ ,‬وعدم تطبيق غرامات التأخير‪ ,‬وأداء‬
‫نفقات رغم أخطاء في التنزيل الميزانياتي‪ ,‬وكذلك أداء نفقات ال تدخل ضمن تحمالت‬
‫ميزانيات الجماعات‪.‬‬
‫مثال‪ ,‬قـرار عدد‪02 / 2012 :‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م صادر بتاريخ ‪14‬يونيو ‪ 2012‬ملف استئناف‬
‫عدد‪ ,2011 / 305 :‬الذي جاء في حيثياته‪:‬‬
‫وفي قرار‪ 62‬آخر‪ ,‬اعتبر المجلس األعلى للحسابات أن تنفيذ أعمال صفقات قبل عرضها‬
‫على تأشيرة مراقب االلتزام بالنفقات ومصادقة السلطة الوصية المختصة مخالفة لقواعد‬
‫االلتزام بالنفقات وللنصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ,‬وجاء في حيثياته‪:‬‬
‫"وحيث تبين‪ ,‬من وثائق الملف‪ ,‬أن )المتابع( عمل على تنفيذ األعمال موضوع الصفقات‬
‫ذات األرقام‪ /6004 :‬و‪ 6004/ 712‬و‪ 71/6004‬و‪ 72/6004‬و‪74/6004‬‬
‫و‪ 74/6004‬و‪ 2/6004‬و‪ 4/6004‬و‪4/6004‬‬
‫و ‪ 79/6004‬قبل تأشير مراقب االلتزام بالنفقات ومصادقة السلطة المختصة عليها;‬
‫وحيث تبين‪ ,‬كذلك‪ ,‬أن )المتابع( لم يقم بإبرام عقود ملحقة بالصفقات رقم‬
‫‪6/6004‬ورقم ‪4/6004‬ورقم ‪ .2/6004‬تحدد حجم الزيادة في التوريدات وأجال‬
‫تنفيذها قبل إقدام الممونين أصحاب هذه الصفقات على تزويد )النيابة االقليمية( بما قيمته‬
‫‪14.442000‬درهما من التوريدات زيادة عن المبالغ األصلية لهذه الصفقات;‬
‫وحيث ينص الفصل ‪27‬من المرسوم الملكي رقم ‪22-220‬بتاريخ ‪70‬محرم‪)67‬‬
‫‪7211‬أبريل (‪7921‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ,‬على أنه "يجب أن تقرر نفقات‬
‫المنظمات العمومية في ميزانياتها وأن تكون مطابقة للقوانين واألنظمة‪ ",‬كما ينص الفصل‬
‫‪22‬من ذات المرسوم الملكي على أن "االلتزام هو العمل الذي تحدث أو تثبت بموجبه‬
‫المنظمة العمومية سندا يترتب عنه تحمل‪ .‬وال يمكن التعهد به إال من طرف اآلمر بالصرف‬
‫الذي يعمل وفقا لسلطاته‪.‬‬
‫ويجب أن يبقى في حدود الترخيصات في الميزانية وأن يكون متوقفا على المقررات أو‬
‫اإلعالنات أو التأشيرات المنصوص عليها في القوانين واألنظمة";‬
‫وحيث تنص المادة‪4‬من المرسوم رقم ‪129-14-6‬بتاريخ ‪20‬دجنبر ‪7914‬المتعلق‬
‫بمراقبة االلتزامات بنفقات الدولة كما تم تغييره وتتميمه على أنه " تجرى مراقبة االلتزام‬
‫بالنفقات قبل أي التزام‪ ,‬وتتم بوضع تأشيرة على مقترح االلتزام أو برفض التأشيرة مدعم‬
‫بأسباب";‬
‫وحيث تنص المادة ‪12‬من المرسوم رقم ‪416-91-6‬بتاريخ ‪20‬دجنبر ‪7991‬المتعلق‬
‫بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة على أنه " ال تعتبر صفقات األشغال أو‬
‫التوريدات أو الخدمات صحيحة ونهائية إال بعد المصادقة عليها من طرف السلطة المختصة‪.‬‬
‫ويجب أن تتم المصادقة على الصفقات قبل أي شروع في تنفيذ األعمال موضوع هذه‬
‫الصفقات‪;"...‬‬
‫ ‬
‫ ‪ -62‬ﻗــرار ﻋدد ‪ / 1131/11‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 33‬دﺟﻧﺑر ‪ 1131‬اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋدد ‪331/1131/‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م اﻟﻣﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﺎﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟﻣﺎﻟﻲ‪ .‬ﻟوزارة‪.‬‬
‫وحيث إن )المتابع( بتنفيذه أعمال الصفقات ذات األرقام‪2/6004 :‬و ‪4/6004‬و‬
‫‪4/6004‬و ‪2/6004‬و‪ 74/6004‬و ‪74/6004‬و ‪72 /6004‬و ‪71/6004‬و‬
‫‪71/6004‬و ‪ 79/6004‬قبل عرضها على تأشيرة مراقب االلتزام بالنفقات ومصادقة السلطة‬
‫المختصة‪ ,‬وعدم إبرامه عقود ملحقة بالصفقات رقم ‪6/6004‬ورقم ‪4/6004‬ورقم‬
‫‪6004/2‬يكون قد خالف مقتضيات الفصلين ‪27‬و ‪22‬من المرسوم الملكي رقم ‪-220‬‬
‫‪22‬والمادة ‪4‬من المرسوم رقم ‪129-14-‬والمادة ‪12‬من المرسوم رقم ‪416-91-6‬السالف‬
‫الذكر‪".‬‬
‫من خالل استقرائنا لهذين القرارين يتضح لنا بجالء‪ ,‬أن األجهزة التي تسهر على تنفيذ‬
‫الميزانية ‪ -‬اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون ‪ -‬خصوصا لدى الجماعات الترابية‪,‬‬
‫ليس لها دراية بالنصوص القانونية والقواعد المحاسبية والمالية المؤطرة لعمليات صرف‬
‫النفقات و جباية المداخيل‪ ,‬بصفة عامة‪ ,‬والقواعد القانونية والتنظيمية التي تؤطر الصفقات‬
‫العمومية‪ ,‬بصفة خاصة‪ ,‬وهذا ما يخل بمبدأ مشهور لدى فقهاء المالية العمومية‪" ,‬المال‬
‫العام يحرق األيدي التي تمتد إليه"‪.‬‬
‫وبالتالي في بعض األحيان يتم تخصيص األموال العمومية ألغراض ال تهدف لتحقيق‬
‫المصلحة العامة‪.‬‬
‫ﺧـــــــــﺎﺗـــــﻤﺔ‪:‬‬

‫صفوة القول‪ ,‬أن الصفقات العمومية أثناء تنفيذها تتسم بالعديد من الصعوبات واإلشكاالت‬
‫التي حاولنا استعراضها في هذا العرض عبر إشكاالت قانونية التي تتجلى في عدم تطبيق النص‬
‫القانوني وتنم عن إشكاالت في المساطر القانونية تؤدي إلى إظهار عراقيل مع المتعاقد أثناء‬
‫تنفيذ الصفقة مع اظهار اجتهادات المجلس األعلى للحسابات في هذا الصدد‪ ,‬ثم إشكاالت‬
‫عملية ارتبطت باالجتهاد القضائي الفرنسي خاصة الذي اجتهد فيها عبر أحكامه‪ ,‬وأسس‬
‫لنظريات عملية مثل نظرية فعل األمير أو الظروف الطارئة‪ ,‬ومنه اجتهادات القضاء المغربي‬
‫والذي أظهر عبر أحكامه العديد من المعيقات العملية للصفقات العمومية أثناء تنفيذها‪ .‬‬
‫ ‬
‫وال يقتصر األمر على هذا فحسب‪ ,‬وإنما يظهر كذلك في المعيقات التي قد تتجلى في‬
‫المنتخب أساساً وعدم درايته بالنصوص القانونية أو تقاعسه في تطبيقها‪ ,‬وكان للمحاكم المالية‬
‫المغربية أن تكشف من خالل العديد من أحكامها‪ ,‬خروقات تنفيذ الصفقات العمومية انطالقا‬
‫من هذا اإلشكال بالتحديد وخاصة على مستوى التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أو‬
‫البحث في الحسابات‪.‬‬

‫ويبقى مجال الصفقات العمومية‪ ,‬مجاال جد واسع‪ ,‬خاصة وأنه تقني ويرتبط جلياً بتنزيل‬
‫القاعدة القانونية المنظمة له على أرض الواقع‪ ,‬مما يستدعي االلمام بالنصوص القانونية‬
‫والسعي نحور االلتزام بها لتجنب السقوط في إشكاالت عديدة خاصة منها المتعلقة بتنفيذ‬
‫الصفقات العمومية والتي تترتب عنها أضرار تارة من جهة اإلدارة وتارة من جهة المتعاقد وأحيانا‬
‫هما معا كما أشرنا لذلك في متن هذا العرض‪ ,‬وبالتالي على مدبري هذا المجال من العقود‬
‫اإلدارية التحلي بالدراية الكفيلة والالزمة بالنصوص القانونية وكذلك التمرس على مستوى‬
‫الواقع العملي في احترام تام للنص القانوني‪.‬‬
‫قــــــــــــــائـــــــمة المـــــــراجـــــــــــع المـــــــــعـــــــتـــــــمدة‪:‬‬
‫‪v‬باللــــغـــة العــــربية‪:‬‬
‫‪ v‬الكــــــتب‪:‬‬

‫• علي متحت علي عبد المولى‪ ,‬الظروف التي تطرأ أثناء تنفيذ العقد اإلداري‪ ,‬شركة الطبوجي‪,‬‬
‫القاهرة‪.1991 ,‬‬

‫‪ v‬المــــجالت‪:‬‬
‫• محمد القصري‪ ,‬القاضي اإلداري ومنازعات الصفقات العمومية‪ ,‬المجلة العربية للفقه والقضاء‪,‬‬
‫العدد ‪.2017 ,46‬‬
‫• الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ ,‬قرار عدد ‪ 293‬بتاريخ ‪ 29‬شتنبر ‪ ,2004‬أورده أنوار شقروني‪,‬‬
‫"الحماية القضائية للمتعاقدين مع اإلدارة في مجال الصفقات العمومية" مجلة المعيار‪ ,‬عدد ‪,40‬‬
‫دجنر ‪.2008‬‬
‫• عزت السنجقلي‪ ,‬عقود االستشارات الهندسية‪ ,‬منشورات مركز البحوث القانونية‪ ,‬العدد ‪,7‬‬
‫بغداد‪.‬‬

‫‪ v‬األطروحات والرسائل الجامعية‪:‬‬

‫• إسماعيل الوردي‪" ,‬المحاكم المالية والرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب"‪ ,‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماستر‪ ,‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬الرباط‪.2016-2015 -‬‬
‫• يوسف لبرومي‪ ,‬العمل القضائي في منازعات صفقات أشغال الدولة ـ واقع واَفاق اإلصالح ـ‪,‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ,‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ,‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بالرباط‪ ,‬السنة الجامعية ‪.2013-2012‬‬

‫‪ v‬القرارات واألحكام القضائية‪:‬‬

‫• محكمة اإلستئناف بالرباط‪ ,‬قرار رقم ‪ 895‬بتاريخ ‪ 2‬يوليز ‪ ,2008‬الوكالة الحضرية للدار البيضاء‬
‫ضد شركة أوديوسيك‪ ,‬مجلة المحاكم اإلدارية‪ ,‬العدد الرابع ‪ ,‬يونيو ‪.2011‬‬
‫• قرار محكمة اإلستئناف اإلدارية بالرباط عدد ‪ ,1291‬بتاريخ ‪ ,27/05/2009‬غير منشور‪.‬‬
‫قرار محكمة اإلستئناف اإلدارية بالرباط عدد ‪ ,1291‬بتاريخ ‪ ,27/05/2009‬غير منشور‪.‬‬ ‫•‬
‫المحكمة اإلدارية العليا في مصر‪ ,‬قرار بتاريخ ‪ 3‬يونيو ‪ ,1967‬نقال عن حمدي ياسين عكاشة‪,‬‬ ‫•‬
‫موسوعة العقود اإلدارية والدولية‪ ,‬العقود اإلدارية في التطبيق العملي‪ ,‬المبادئ واألسس العامة‪,‬‬
‫منشأة المعارف باإلسكندرية‪.1998 ,‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ,‬القضية رقم ‪ 46‬بتاريخ ‪ 1972/6/17‬أورده الدكتور فؤاد عبد‬ ‫•‬
‫الباسط في كتابه أعمال السلطة اإلدارية‪.‬‬
‫قرار الغرفة اإلدارية عدد ‪ 923‬بتاريخ ‪ 04/9/29‬بالملف اإلداري عدد ‪ 02/1/4/1935‬المؤيد‬ ‫•‬
‫لحكم المحكمة اإلدارية بفاس بالملف ‪ 00/112‬قضية شركة مكسينك‪.‬‬
‫المحكمة اإلدارية العليا في مصر‪ ,‬قرار بتاريخ ‪ 20‬أبريل ‪ ,1957‬نقال عن سليمان محمد‬ ‫•‬
‫الطماوي‪ ,‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ,‬دراسة مقارنة‪ ,‬دار الفكر العربي‪ ,‬الطبعة الثانية ‪,‬‬
‫‪.1975‬‬
‫المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ,‬حكم رقم ‪ 3923‬بتاريخ ‪ 25‬أكتوبر ‪ ,2012‬شركة ‪ E T P S‬ضد وزارة‬ ‫•‬
‫الثقافة‪.‬‬
‫المحكمة اإلدارية بأكادير‪ ,‬حكم عدد ‪ 2007/170‬بتاريخ ‪ 17‬ماي ‪ 2007‬ملف عدد ‪-651‬‬ ‫•‬
‫‪2005‬ش‪ ,‬بوترا ضد المدير الجهوي لبريد المغرب أكادير‪.‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بفاس‪ ,‬ملف عدد ‪ 20/00‬تحت عدد ‪ 239‬بتاريخ ‪.2002/04/30‬‬ ‫•‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ,‬عدد ‪ ,326‬بتاريخ ‪ 2007/02/26‬حكم غير منشور‬ ‫•‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ,‬عدد ‪ ,324‬بتاريخ ‪ ,2007/02/26‬غير منشور‪.‬‬ ‫•‬
‫المحكمة اإلدارية بأكادير‪ ,‬حكم رقم ‪ 32/2007‬بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪ ,2007‬ملف عدد‬ ‫•‬
‫‪2002/523‬س‪ ,‬شركة فيدرالوم‪-‬المغرب‪ -‬ضد المجلس البلدي ألكادير‪.‬‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ,‬عدد ‪ ,1452‬بتاريخ ‪ ,2006/11/23‬غير منشور‪.‬‬ ‫•‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ,‬بتاريخ ‪ ,24/07/2000‬عدد ‪ ,00/69‬ملف رقم ‪.42/98‬‬ ‫•‬
‫حكم إدارية مكناس بتاريخ ‪ ,2001/02/01‬بالملف عدد ‪.2000/1/4/627‬‬ ‫•‬

‫‪ v‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫• مرسوم رقم ‪ 02.13.656‬المتعلق بالصفقات العمومية‪ ,‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ,6182‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ ,19/08/2013‬ص‪.5873:‬‬
‫• مرسوم رقم ‪ 2.14.394‬الصادر في ‪ 6‬شعبان ‪ 13 ) 1437‬ماي ‪ ( 2016‬بالمصادقة على دفتر‬
‫الشروط اإلدارية العامة المطابقة على صفقات األشغال‪ ,‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ,6470‬الصادرة‬
‫بتاريخ )‪ 2‬يونيو ‪.(2016‬‬
‫‪ v‬الوثائق والتقارير الرسمية‪:‬‬

‫• مذكرة استعجالية للرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات حول بعض االختالالت المسجلة في‬
‫ميدان الصفقات العمومية‪.‬‬
‫• تقرير المجلس األعلى للحسابات ‪ 2011‬الجزء األول‪.‬‬
‫• الدليل العملي لإلجتهاد القضائي في المــــادة اإلدارية‪.‬‬

‫‪ v‬األشغال والندوات‪:‬‬

‫‪ v‬ذة‪ .‬نادية احديدو‪ " ,‬خصوصية اإلثبات في المنازعات اإلدارية – دراسة مقارنة "‪ ,‬مجلة المحاكم‬
‫اإلدارية " القاضي اإلداري بين حماية الحقوق والحريات وتقيق المصلحة العامة "‪ ,‬أشغال ندوة‬
‫علمية منظمة بشراكة بين وزارة العدل والحريات يومي ‪6‬و ‪7‬يناير ‪ 2017‬بالرباط وجمعية هيئات‬
‫المحامين بالمغرب‪ ,‬العدد الخامس‪ ,‬إصدار خاص‪ ,‬يناير‪.2017‬‬

‫‪ v‬باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪vLes Ouvrages :‬‬

‫ ‪• Catherine BERGEAL, Frédéric LENICIER, Le contentieux des‬‬


‫‪ème‬‬
‫‪marchés publics, le moniteur édition, 2‬‬ ‫‪ édition, 2004.‬‬
‫اﻟﻔـــــــﮭﺮس‪ :‬‬
‫المــــــقـــــدمــــة‪ 2 ........................................................... :‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلشكاالت القانونية في تنفيذ الصفقات العمومية ‪ 4 ..........‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلشكاالت المسطرية في تنفيذ الصفقات العمومية ‪ 4 ..............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فسخ عقد الصفقة ‪ 10 ..............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاالت العملية في تنفيذ الصفقات العمومية ‪ 13 .........‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النظريات واألخطاء العملية في تنفيذ الصفقات العمومية ‪ 13 .......‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اإلثبات اإلداري وإشكالية القيام بأشغال خارج القواعد القانونية‬
‫المنظمة للصفقات العمومية ‪ 25 .....................................................‬‬
‫ﺧـــــــــﺎﺗـــــﻤﺔ‪ 37 ......................................................... :‬‬
‫قــــــــــــــائـــــــمة المـــــــراجـــــــــــع المـــــــــعـــــــتـــــــمدة‪ 38 ............ :‬‬
‫ ‬

You might also like