You are on page 1of 33

‫مقدمة‬

‫كل ُمتمــع حيفــل بالعديــد مــن منظــامت األعــامل التــي تســعي لتنظيــم أعامهلا‬
‫و حتقيــق األهــداف التــي ُأنشــئت مــن أجلهــا ‪ ،‬و هــذا يتوقــف عــى نوعيــة‬
‫العمــل اإلداري و فعاليتــه و وضــع األنظمــة التــي ُتكنهــا مــن جتنيــد املــوارد‬
‫املاليــة و البرشيــة و توجيههــا بمهــارة فائقــة نحــو األهــداف املرجــوة ‪.‬‬

‫و هلــذا يــأيت موضوعنــا حيــث يســعي لعــرض اجتــاه جديــد يف اإلدارة ‪،‬‬
‫هيــدف إىل وضــع الســلوكيات املاديــة لإلنســان يف إطــار مــن القيــم الضابطــة‬
‫و ا ُملوجهــة هلــذا الســلوك ‪ ،‬و هــذا االجتــاه ُيســمى ( اإلدارة بالقيــم ) ‪.‬‬

‫حيــث التحــوالت التــي يشــهدها العــامل جارفــة و رسيعــة ‪ ،‬و تتطلــب‬


‫ا دقيقــ ًا مــع معطياهتــا و تلــك التحــوالت و‬
‫اســتجاب ًة فوريــة ‪ ،‬و تعامــ ً‬
‫التغــرات حتــدث عــى مســتوى املامرســات و املامرســات أساســها تغيــر‬
‫عــى مســتوى الفكــر و املواقــف و القيــم ‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪2‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫املفاهيم‬
‫اإلدارة ‪:‬‬
‫أدار ُيدير ‪َ ،‬أ ِد ْر ‪ ،‬إدار ًة ‪ ،‬فهو ُمدير ‪.‬‬
‫املعنى اللغوي ‪َ :‬‬
‫ُتعــرف اإلدارة بــــ (اإلدارة هــى صناعــة واختــاذ القــرارات التــى تتعلــق‬
‫بكيفيــة االســتخدام األمثــل للمــوارد البرشيــة واملاديــة ؛ لتحقيــق النتائــج‬
‫ا ُملخطــط هلــا ورضــاء ُعمــاء املنظمــة الداخليــن واخلارجــن عــن طريــق‬
‫تطبيــق واســتحداث مموعــة مــن النظــم املتقدمــة فنيــا ‪ ،‬وإداريــا ‪ ،‬وماليــا ‪،‬‬
‫وتكنولوجيــا ‪ ،‬واجتامعيــا ‪ ،‬وبيئيــا وقانونيــا ىف إطــار دوىل مقــارن ) ‪.‬‬

‫أمــا عــن نظريــات اإلدارة فعندمــا ننظــر لنشــأة علــم اإلدارة ســنجد بعــض‬
‫النظريــات و التــي قــد يتعــارض بعضهــا مــع البعــض اآلخــر ‪ ،‬ثــم تبلــور‬
‫مفهــوم اإلدارة أكثــر و قــد أفــرز عــن نظريتــن رئيســيتن و مهــا الكاســيكية‬
‫و الســلوكية و األويل كانــت تركــز عــى األهــداف و تغافلــت عــن دور‬
‫العاقــات ‪ ،‬بينــام حاولــت األخــري إبــراز دور العاقــات يف اإلدارة ‪.‬‬

‫و للنظريــة التــي ســوف نتناوهلــا هــي تســتند إىل املدخــل الســلوكي يف اإلدارة‬
‫و حماولــة التنســيق بــن كا مــن اإلدارة باألهــداف و اإلدارة بالقيــم ‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫القيم ‪:‬‬

‫الــيء ‪ :‬ال َّثمــن الــذي يعــادل‬


‫املعنــى اللغــوي ‪ :‬مفردهــا قيمــة ‪ ،‬قيمــة َّ‬
‫تكلفتــه‪.‬‬

‫ُتعــرف القيمــة بأهنــا مجلــة املعتقــدات التــي حيملهــا الفــرد نحــو األشــياء‬
‫واملعــاين وأوجــه النشــاط املختلفــة والتــي تعمــل عــى توجيــه رغباتــه‬
‫واجتاهاتــه نحوهــا ُ‬
‫وحتــدد لــه الســلوك املقبــول أو املرفــوض‪ ،‬والصــواب أو‬
‫اخلطــأ ‪.‬‬

‫فالقيــم ‪-‬كــام يقــول أهــل االصطــاح‪ -‬قيــم شــخصية وقيــم مجاعيــة واحتــاد‬
‫هــذه القيــم يكــون مــا يســمى القيــم االجتامعيــة ‪.‬‬

‫اإلدارة بالقيم المفهوم و النشأة ‪:‬‬

‫إن إدراك رواد البحــث للتحــوالت الثقافيــة واملتغــرات التــي البــد أن‬
‫تواجههــا البيئــة اإلداريــة ‪ ،‬واســتنتاج األبحــاث ألمهيــة العنــر اإلنســاين‬
‫والقيــادة عــى وجــه اخلصــوص ‪ ،‬مجيــع هــذه املعطيــات دفعــت بالدراســات‬
‫إىل حتليــل إثــر املحــددات الداخليــة للــذات البرشيــة ‪ ،‬و باعتبــار القيــم مــن‬
‫ضمــن أهــم تلــك ا ُملحــددات ‪ ،‬وألن القيــادة اإلداريــة كــام ذكــر الــدورسي‬
‫« هــي مفتــاح اإلدارة أو الطريــق إىل اإلدارة ‪ ،‬ومهــام كانــت الصعــاب التــي‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫تواجــه اإلدارة ومهــام اختلفــت طبيعتهــا ‪ ،‬فــإن القــادة اإلداريــن هــم الذيــن‬
‫يســرون عمــل التنظيــم» ‪ .‬تــم اســتثامر دور القيــم يف عمليــة توجيــه اخلطاب‬
‫اهلــادف إىل تطويــر وتفعيــل العنــر القيــادي داخــل النظــام اإلداري‪.‬‬

‫يف ســياق العمــل عــى تدعيــم القيــم اإلجيابيــة‪ ،‬والتوفيــق بــن مصلحــة‬
‫املنظمــة ومصلحــة الفــرد تكــون إعــادة التفكــر والتغيــر مرحلــة حتميــة‬
‫تتطلــب رؤيــة واســعة ونظــرة ُمتأنيــة ملــا حتدثــه ثــورة التغــر والتطويــر يف‬
‫املفاهيــم واملصطلحــات اإلداريــة‪ .‬فبيــر دراكــر حينــام اســتحدث مفهــوم‬
‫«اإلدارة باألهــداف» باعتبــاره طريقــة لقيــادة املنظمــة مــن خــال أهدافهــا‬
‫املعلنــة‪ ،‬طــرح فكــرة التحكــم يف اجتــاه العمــل مــن خــال حتديــد وتوحيــد‬
‫األهــداف وإعاهنــا‪ ،‬وعــى غــرار هــذه الطريقــة ظهــر يف عــام ‪ 1990‬م ‪،‬‬
‫مفهــوم «اإلدارة بالقيــم» كــي يضــع الرشاكــة بــن قيــم املنظمــة وقيــم‬
‫األفــراد العاملــن هبــا عــى أنــه أســلوب إلدارهتــا‪ .‬ولقــد بــن هــذا االبتــكار‬
‫أمهيــة القيــم ودورهــا البــارز يف إدارة املنظمــة ككل ‪.‬‬

‫و مــن يقــوم بعمليــة اإلدارة بالقيــم هــو القائــد أو مديــر املنظمــة و عــى هــذا‬
‫القائــد اجليــد أن ُيركــز عــى تلــك األخاقيــات ‪:‬‬

‫التأثر يف اآلخرين ‪:‬‬ ‫«‬


‫فالســامت التــي يمتلكهــا القائــد قــد تســاعده بشــكل كبــر يف حتقيــق أهــداف‬
‫اجلامعــة ‪ ،‬فشــعور األتبــاع باملحبــة و املــودة ســيجعلهم أكثــر رض ـ ًا و تقب ـ ً‬
‫ا‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪5‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫آلراء القائــد ليــس خوف ـ ًا و لكــن طواعيــة و احرام ـ ًا ‪.‬‬

‫نمط االتصال ‪:‬‬ ‫«‬


‫جيــب أن تكــون قنــوات االتصــال مفتوحــو و واضحــة بــن القائــد و األتبــاع‬
‫‪ ،‬فســوء نظــام االتصــال يعمــل عــى فقــدان التنســيق بــن وحــدات املنظمــة‬
‫‪ ،‬أمــا نظــام االتصــال الف َّعــال فيعتمــد عــى التغذيــة الراجعــة بــن القائــد‬
‫و االتبــاع ‪ ،‬و هــو الــذي ســيعمل عــى حتقيــق األهــداف و جعــل كل مــن‬
‫القائــد و األتبــاع رشكاء يف حتمــل املســؤولية ‪.‬‬

‫التفويض ‪:‬‬ ‫«‬


‫و ُيقصــد بــه إعطــاء الســلطة و املســؤولية إىل مســتويات إداريــة أقــل فيــام‬
‫يتعلــق باختــاذ القــرارات و حتقيــق األهــداف املقــررة ‪ ،‬و البــد هلــذا التفويض‬
‫مــن حتقيــق رشوط عــدة ؛ و هــي ‪ :‬رضورة إيصــال املعلومــة بشــكل كامــل‬
‫مــن القائــد للعاملــن ‪ ،‬و و إعطــاء الســلطة و املســؤولية معــ ًا ‪ ،‬و وضــع‬
‫معايــر للرقابــة و األداء ‪ ،‬و متابعــة مــا يتعلــق بالدعــم و عــدم التهــرب مــن‬
‫املســؤولية‪.‬‬

‫العدالة و املوضوعية ‪:‬‬ ‫«‬


‫العدالــة هــي إعطــاء كل ذي حــق حقــه ‪ ،‬لــذا مــن الواجــب عــى املســؤلن‬
‫يف القيــادات اإلداريــة أن يتوخــوا العدالــة فيــام يتعلــق بكافــة اإلجــراءات‬
‫و القــرارات التــي يقومــون باختاذهــا مــن تعيــن ‪ ،‬و ترقيــة ‪ ،‬و إجــازات و‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪6‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫غرهــا ‪ ،‬فلذلــك ُيقيــد مشــاعر التابــع جتــاه املنظمــة و ينمــى انتامءهــا هلــا ‪.‬‬

‫تصنيف القيم ‪:‬‬

‫موحــد يعتمــد عليــه يف حتديــد أنــواع القيــم‪ ،‬فهنــاك عديد‬


‫اليوجــد تصنيــف ّ‬
‫مــن التصنيفــات التــي وضعهــا الباحثــون يف هــذا املجــال بنــاء عــى معايــر‬
‫خمتلفــة؛ ويذكــر (املعايطــة) األســس التــي اع ُتمــد عليهــا يف تصنيــف القيــم‬
‫عــى النحــو التــايل‪:‬‬

‫‪ -1‬تصنيف القيم حسب املحتوى ‪:‬‬


‫إذ تنقســم القيــم‪ ،‬حســب هــذا األســاس‪ ،‬إىل‪ :‬قيــم نظريــة‪ ،‬وقيــم اقتصاديــة‪،‬‬
‫وقيــم مجاليــة‪ ،‬وقيــم اجتامعيــة‪ ،‬وقيــم سياســية‪ ،‬وقيــم دينيــة‪.‬‬

‫‪ -2‬تصنيف القيم حسب مقصدها ‪:‬‬


‫إذ تنقســم القيــم‪ ،‬حســب هــذا األســاس‪ ،‬إىل قيــم وســائلية‪ ،‬أي تعتــر‬
‫وســائل لغايــات أبعــد‪ ،‬وقيــم غائبــة أو هنائيــة‪.‬‬

‫‪ -3‬تصنيفها حسب شدهتا ‪:‬‬


‫إذ تصنــف القيــم‪ ،‬حســب هــذا األســاس‪ ،‬إىل قيــم ملزمــة‪ ،‬أي مــا ينبغــي‬
‫أن يكــون‪ ،‬وقيــم تفضيليــة‪ ،‬أي يشــجع املجتمــع أفــراده عــى التمســك هبــا‪،‬‬
‫ولكــن ال يلزمهــم هبــا إلزام ـ ًا‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪7‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫‪ -4‬تصنيفها حسب العمومية ‪:‬‬
‫إذ تنقســم القيــم‪ ،‬حســب هــذا األســاس‪ ،‬إىل قيــم عامــة يعــم انتشــارها يف‬
‫املجتمــع كلــه‪ ،‬وقيــم خاصــة تتعلــق بمناســبات أو مواقــف اجتامعيــة معينــة‪.‬‬

‫‪ -5‬تصنيفها حسب وضوحها ‪:‬‬


‫إذ تنقســم القيــم‪ ،‬حســب هــذا األســاس‪ ،‬إىل قســمن‪ :‬قيــم ظاهــرة أو‬
‫رصحيــة‪ ،‬وهــي القيــم التــي يــرح هبــا ويعــر عنهــا بالســلوك أو بالــكام‪،‬‬
‫وقيــم ضمنيــة‪ ،‬وهــي التــي يســتدل عــى وجودهــا مــن خــال ماحظــة‬
‫االختيــارات واالجتاهــات التــي تتكــرر يف ســلوك األفــراد‪.‬‬

‫‪ -6‬القيم حسب ديمومتها ‪:‬‬


‫إذ تصنــف القيــم‪ ،‬حســب هــذا األســاس‪ ،‬إىل صنفــن‪ ،‬مهــا‪ :‬القيــم الدائمــة‪،‬‬
‫وهــي التــي تــدوم زمنـ ًا طويـاً‪ ،‬وقيــم عابــرة‪ ،‬وهــي التــي تــزول برسعــة ‪.‬‬

‫و ُيعــد التصنيــف الــذي أورده عــامل االجتــامع اآلملــاين (ســرانجر) يف كتابــة‪:‬‬


‫«أنــامط النــاس» مــن أكثــر التصنيفــات اســتخدام ًا يف دراســة القيــم‪ ،‬حيــث‬
‫قســم القيــم إىل ســت مموعــات‪ ،‬هــي ‪:‬‬
‫ّ‬

‫القيــم الدينيــة‪ ،‬والقيــم السياســية‪ ،‬والقيــم االجتامعيــة‪ ،‬والقيــم النظريــة‪،‬‬


‫والقيــم االقتصادية‪ ،‬والقيــم اجلاملية ‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪8‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫القيم الشخصية و القيم التنظيمية ‪:‬‬

‫يعتــر البعــد القيمــي مــن أهــم عنــارص النجــاح ‪ ،‬فبقــدر نشــاطه وقوتــه‬
‫تتحــدد كفــاءة وفاعليــة املنظمــة ‪ ،‬ويف هــذا اإلطــار يؤكــد احــد الباحثــن عى‬
‫أن البعــد القيمــي يتعاظــم دوره يف حتســن فاعليــة اإلدارة يف ظــل التغــر‬
‫الرسيــع يف املحتــوى املعــريف والســباق العاملــي نحــو إثبــات هويــة الثقافــة‬
‫لــكل حضــارة عــى حســاب هويــة حضــارة أخــرى ‪ ،‬فظهــر االجتــاه نحــو‬
‫تتبــع اثــر اجلانــب اإلنســاين وعلــم الســلوك عــى اإلدارة ‪.‬‬

‫وكشــفت دراســات أخــرى عــن مــدى تأثــر القيــم التنظيميــة وأمهيــة القيتها‬
‫يف املنظمــة وحددهتــا يف ‪ :‬القــوة ‪ ،‬والفاعليــة ‪ ،‬والعدالــة ‪ ،‬وفــرق العمــل ‪،‬‬
‫والقانــون ‪ ،‬والدفــاع ‪ ،‬واســتغال الفــرص ‪ ،‬واملنافســة واتفــق الباحثــون‬
‫عــى أمهيــــتها يف العمل ‪.‬‬

‫وأشــارت بعــض الدراســات بشــكل مبــارش إىل أمهيــة القيــم يف العمــل‬


‫اإلداري ‪ ،‬بــل وحــددت أمهيــة القيــم الشــخصية للقــادة وتأثرهــا يف املنظمــة‬
‫‪ ،‬وكذلــك أمهيــة القيــم التنظيميــة داخــل تلــك املنظمــة وأثرهــا عــى الفــرد ‪،‬‬
‫ودراســة كل مــن هــذه النظــم القيميــة يعطــي مدلــوال واضحــا عــى أمهيتهــا‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪9‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫القيم الشخصية‬

‫ُتعتــر القيــم مــن العنــارص األساســية يف تكويــن الثقافــة الشــخصية ‪ ،‬حيــث‬


‫هلــا بالــغ األثــر يف حيــاة األفــراد اخلاصــة و العمليــة ‪ ،‬بوصفهــا إحــدى‬
‫املكونــات األساســية للشــخصية ‪ ،‬فيشــتمل تأثر ســلوك األفــراد و اجتاهتهم‪،‬‬
‫و عاقاهتــم ؛ لــذا فهــي بمثابــة املوجــه لســلوك األفــراد و اجلامعــات داخــل‬
‫املنظــامت و خارجهــا ‪ ،‬فتقــوم بــدور املراقــب ألفعــال األفــراد و ترفاتــه ‪.‬‬

‫فالقيمــة هــي مــا يراهــا الفــرد ُمه ـ ًام ‪ ،‬و ذا قيمــة يف حياتــه ‪ ،‬حيــث يســعى‬
‫الفــرد إىل أن يكــون ســلوكه متســق ًا مــع تلــك القيــم التــي يؤمــن هبــا ‪ ،‬لــذا‬
‫فالقيــم اليمكــن االســتغناء عــن دراســتها عــن التعــرض لفهــم الســلوك‬
‫اإلنســاين ‪.‬‬

‫ويــرى علــم النفــس أن الســلوك الظاهــري هــو أحــد وجهــي القيمــة ؛‬


‫والوجــه اآلخــر هــو اإلدراك الباطنــي ‪ ،‬وكل اجتــاه للعمــل أو الســلوك‬
‫يمكــن ماحظتــه أو رصــده‪ ،‬هــو يف الواقــع املظهــر اخلارجــي املعــر عــن‬
‫أحــكام القيمــة الداخليــة وأن اختيــار الشــخص هلــذا الطريــق أو ذاك‪ ،‬هــو يف‬
‫حــد ذاتــه حكــم مــرده إىل القيمــة باعتبــاره مكونـ ًا يف األســاس مــن مكونات‬
‫الشــخصية ‪.‬‬

‫ولقــد التقــى علــم النفــس االجتامعــي والعلــوم الســلوكية عــى عمومهــا‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪10‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫بعلــم اإلدارة بصفتــه منهجــ ًا جديــد ًا هيــدف إىل استكشــاف وتفســر‬
‫الســلوك اإلنســاين ضمــن النظــام اإلداري ‪ ،‬و ارتبطــت القيــم والســلوك‬
‫ارتباطـ ًا وثيقـ ًا يف العلــوم الســلوكية وعلــم اإلدارة ‪ ،‬حتــى إذا أصبــح احلقــل‬
‫اإلداري بيئــة عمــل للعلــوم الســلوكية قامــت األخــرة بتقديــم رشوحــات‬
‫و أقيســة تعــن باحثــي اإلدارة يف حتليــل كيــان الفــرد باعتبــاره جــزء ًا مــن‬
‫البنــاء اإلداري األعــم ‪ ،‬والقيــم الشــخصية التــي حتــددت يف التعريفــات‬
‫الســابق عرضهــا يف أصنــاف تباينــت واختلفــت هــي أيض ـ ًا منظومــة ســعى‬
‫علــم النفــس االجتامعــي إىل وضــع ســبل قيــاس هتــدف إىل حتديــد نمــط أو‬
‫معرفــة ترتيبــات النظــم القيميــة لــدى الفــرد ‪.‬‬

‫القيم الشخصية و السلوك القيادي اإلداري ‪:‬‬

‫ُتعــد القيــم الشــخصية لــدى املديــر أو القائــد ذات تأثــر مبــارش بســلوكه‬
‫القيــادي ‪ ،‬بــل و تعطــي مــؤرش ًا للنمــط اإلداري الــذي يتبعــه القائــد ‪.‬‬

‫أهمية دراسة القيم الشخصية ‪:‬‬

‫« تؤثــر القيــم الشــخصية يف رؤيــة وعاقــة املديــر باألفــراد واجلامعــات‬


‫داخــل النظــام اإلداري‪.‬‬
‫« تؤثر قيم املدير يف إدراكه للمشكات واملواقف التي يواجهها ‪.‬‬
‫« تؤثــر قيــم املديــر يف القــرارات التــي يتخذهــا واحللــول والبدائــل التــي‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫يطرحهــا ‪ ،‬فيبنــي اختيــاره‬
‫للحلول والقرارات والبدائل عى نسقه القيمي ‪.‬‬ ‫«‬
‫حتــدد القيــم الشــخصية أخاقيــات العمــل مــن خــال قيــم املديــر ‪،‬‬ ‫«‬
‫ومــا حتــدده م مــا هــو مقبــول ومــا هــو مرفــوض؟‬
‫القيــم الشــخصية حتــدد األنــامط الســلوكية ومــا تقبلــه ومــا ترفضــه‬ ‫«‬
‫منهــا و إن كانــت صــادرة عــن املنظمــة أو عــن التنظيــامت غــر الرســمية‬
‫هبــا‪.‬‬
‫« االنتــامء والــوالء جلامعــة العمــل أو للمنظمــة كلهــا تبنــى عــى القيــم‬
‫الشــخصية للفــرد داخــل املنظمــة‪.‬‬

‫والقيــم الشــخصية عنــد حتديدهــا ُمثلــت باختــاف الــرؤى أساســا للحكــم‬


‫والتوجــه اإلنســاين واملعــر عنــه ســلوكيا ‪ ،‬واعتمــدت عمليــات التوجيــه‬
‫والتغيــر يف علــم النفــس عــى األداء االعتبــاري للمســار التــايل ‪:‬‬

‫شكل رقم (‪)1‬‬

‫نموذج مسار التغير‬

‫‪ -3‬تغير السلوك‬ ‫‪ -2‬تغير االجتاهات‬ ‫‪ -1‬تغير املعتقدات والقيم‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫شكل رقم (‪)2‬‬

‫يوضح تأثر القيم عى العمليات اإلدارية‬

‫سلوك القائد‬

‫المؤثر الخارجي‬ ‫المؤثر الداخلي‬


‫(نظام‪-‬لوائح)‬ ‫(ذاكرة‪-‬خبرة)‬

‫معتقدات‬ ‫قيم‬
‫سلطة‬ ‫معلومات‬ ‫وتوقعات‬ ‫ومعايير‬

‫القيم التنظيمية ‪:‬‬

‫وللقيــم التنظيميــة أثــر يف العمــل ومــن أمههــا األداء اجليــد ‪ ،‬والكفــاءة يف‬
‫العمــل وحتقيــق األهــداف وغرهــا ‪.‬‬

‫يمكــن تعريــف القيــم التنظيميــة بأهنــا هــي مموعــة القيــم التــي تعكــس‬
‫اخلصائــص الداخليــة للمنظمــة ‪ ،‬وهــي التــي تعــر عــن فلســفتها وتوفــر‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪13‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫اخلطــوط العريضــة لتوجيــه الســلوك التنظيمــي وصنــع القــرارات ‪.‬‬
‫وتثــل القيــم التنظيميــة يف هــذه الدراســة تلــك القيــم التــي حتكــم العمــل‬
‫وحتــدد مســتوى األداء فيــه وهــي( اجلــودة ‪ ،‬والتنافــس ‪ ،‬والعدالــة ‪ ،‬والنمــو‬
‫والتطويــر ‪ ،‬والكفــاءة ‪ ،‬ووحــدة الســلطة)‪.‬‬
‫و قــد اســتخدم تصنيــف القيــم كأداة لتحديــد دور القيــم يف مــاالت بعينهــا ‪،‬‬
‫فظهــرت القيــم املهنيــة ‪ /‬قيــم العمــل ‪ ،‬وقيــم املجتمــع ‪ ،‬والقيم الشــخصية ‪،‬‬
‫وأخــذت الدراســات تتجــه إىل ختصيــص الوظيفــة القيميــة مــن خــال وضع‬
‫نظــم قيميــة حمــددة للعمــل هبــا ضمــن مــال حمــدد أو يف نطــاق خمصــص ‪،‬‬
‫ولقــد ظهــر مصطلــح القيــم التنظيميــة كتعريــف بمجموعــة القيــم التــي‬
‫ختتــص هبــا املنظــامت ‪ ،‬وتقــوم عــى تأكيدهــا وحتــرص عليهــا كنــوع مــن‬
‫صيانــة التامســك يف البنــاء التنظيمــي ‪.‬‬

‫والقيــم التنظيميــة هــي تلــك التــي تثــل القيــم يف مــكان أو بيئــة العمــل‬
‫بحيــث حتمــل هــذه القيــم عــى توجيــه ســلوك العاملــن ضمــن الظــروف‬
‫التنظيميــة املختلفــة» ‪.‬‬

‫أنواع القيم التنظيمية ‪:‬‬

‫مــن التقســيامت التــي اشــتهرت يف هــذا املجــال تقســيم فرانســيس‬


‫وودكــوك(‪1995‬م) فقــد قســام القيــم التنظيميــة إىل اثنتــا عــرش قيمــة‬
‫تنظيميــة ‪ ,‬صنفــت حتـــت أربــع قضــــايا رئيســية هــي ‪:‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪14‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫قيــم إدارة اإلدارة ‪ :‬وهــي القيــم التــي جيــب عــى املنظمــة أن تتعامــل‬ ‫«‬
‫هبــا مــن خــال النفــوذ (القــوة) ‪ ,‬والقيــم التــي تتبــع هــذه اإلدارة هــي‪ :‬القوة‪،‬‬
‫الصفــوة‪ ,‬واملكافأة‪.‬‬
‫« قيــم إدارة املهمــة ‪ :‬ويقصــد هبــا اهتــامم املنظمــة بالقضايــا ذات الصلة‬
‫بــأداء العمــل وحتقيــق األهــداف ‪ ،‬والقيــــــم التــي تتبــع إلدارة املهمــة هــي‬
‫‪ ،‬الفعاليــة والكفايــة واالقتصــاد ‪.‬‬
‫« قيــم إدارة العاقــات ‪ :‬وبموجبهــا تتعامــل املنظمــة مــع قضايــا ذات‬
‫صلــة هبــدف احلصــول عــى أفضــل إســهام مــن موظفيهــا حيــث أن العمــل‬
‫ال يمكــن أداؤه دون التــزام هــؤالء املوظفــن ‪ ،‬والقيــم التــي تتبــع إلدارة‬
‫العاقــات هــي ‪ :‬العــدل ‪ ،‬فــرق العمــل ‪ ،‬والقانــون ‪ ،‬والنظــام ‪.‬‬
‫« قيــم إدارة البيئــة ‪ :‬وتعنــي أنــه جيــب عــى املنظمــة أن تعــرف البيئــة‬
‫التــي تعمــل هبــا ‪ ،‬وكيفيــة التأثــر عــى هــذه البيئــة ‪ ,‬والقيــم التــي تتبــع إلدارة‬
‫البيئــة هــي الدفــاع التنافــس ‪ ,‬واســتغال الفــرص ‪.‬‬
‫« وتناولــت الدراســة اثنتــا عــرش قيمــة هــي القــوة ‪ ،‬و الصفــوة‬
‫‪ ،‬املكافــأة والفاعليــة الكفــاءة ‪ ،‬االقتصــاد ‪ ،‬العــدل ‪ ،‬العمــل اجلامعــي ‪،‬‬
‫القانــون والنظــام ‪ ،‬الدفــاع والتنافــس ‪.‬‬

‫لــذا فــإن القيــم التنظيميــة ترتبــط بالنظــام وتيــل إىل جانبــه أكثر مــن ارتباطها‬
‫بالفــرد فهــي للفــرد ال تثــل أكثــر مــن إطــار جيمــع لوائــح وأهــداف واجتــاه‬
‫املؤسســة التــي ينتمــي إليهــا ‪ ،‬وقــد يوافــق هــذا االجتــاه اجتــاه اإلفــراد وقــد‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫خيتلــف ‪.‬‬

‫القيم التنظيمية و السلوك القيادي اإلداري‬

‫ويــرى هيجــان ( ‪ 2004‬م ) أن ارتبــاط الســلوك القيــادي بالقيــم التنظيميــة‬


‫ُحيــدد مــدى فعاليــة هــذه القيــم ‪ ،‬فاملنظــامت تعكــس ثقافتهــا مــن خــال‬
‫القيــم التنظيميــة التــي تظهــر مــن خــال ســلوك القيــادات اإلداريــة ‪ ،‬وأن‬
‫طبيعــة العاقــة البينيــة للعنــارص الثاثــة ‪ :‬القائــد والقيــم واملنظمــة حتــدد‬
‫ســامة وصحــة البنــاء الــذي جيمعهــا ‪ ،‬لــذا يعتــر إيدجــار شــاين ‪ 1985‬م‬
‫‪ ،‬أبــرز مــن كتبــوا يف مــال الثقافــة التنظيميــة ‪.‬‬

‫فالقيــم التنظيميــة جوهــر ثقافــة املنظمــة وأن هــذه القيــم ذات تأثــر عميــق‬
‫يف أداء القيــادة واألفــراد واملنظمــة ‪.‬‬

‫الصراع القيمي ‪:‬‬

‫إن الفجــوة بــن كا مــن قيــم األفــراد و قيــم املؤسســة هــي ســبب أســاس‬
‫لظاهــرة التنظيمــي فعنــد حتليــل ظواهــر الــراع واالختــاف داخــل النظم‬
‫اإلداريــة طــرح الفكــر اإلداري حلوال تعــددت مــاالت تطبيقها والعناصـــر‬
‫التــي تضمنتهــا ‪ ،‬فأرجعــت النظريــات علــل الــراع إىل التنظيــم أو القيــادة‬
‫تــارة واىل االتصــال اإلداري تــارة أخــرى ‪ ،‬وهــي يف ذلــك تتعامــل مــع‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪16‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫منظومــة القيــم ‪.‬‬

‫و هــذا ألن الــراع يف املقــام األول يرتيــط بوجــود املصالــح املشــركة‬


‫لألفــراد ‪ ،‬حيــث يســعى كل فــرد لتحقيــق مجلــة مــن الفوائــد مــن انضاممــه‬
‫للتنظيــم و هنــا قــد حيــدث تعــارض بــن أهــداف الفــرد و أهــداف املنظمــة ‪.‬‬

‫وعــى الرغــم مــن أن معظــم الباحثــن حيكــم بــأن الــراع عمليــة ســلبية‬
‫يــدل عــى عــدم اتســاق القيــم ‪ ،‬إال َّ‬
‫أن لــه آثــار اإجابيه ألنــه طبيعــي احلدوث‬
‫‪ ،‬ويأخــذ جــزءا ليــس باليســر مــن وقــت املوظــف اإلداري ‪ ،‬وإن االعــراف‬
‫بــه كجــزء ال يتجــزأ مــن العمــل اإلداري يعتــر أكثــر وعيــا ومعرفــة بــه‬
‫حتــى يتــم جتنــب آثــاره الســلبية واســتثامر بعــض اجيابياتــه لصالــح املنظمــة‬
‫واألفــراد ‪.‬‬

‫واالختــاف القيمــي لــه صــوره يف مجيــع جوانــب احليــاة اإلنســانية‪ ،‬فالقيــم‬


‫عنــر يتداخــل مــع عــدد مــن املكونــات التــي تؤســس كيــان الفــرد أو‬
‫املجتمــع أو الثقافــة أو حتــى احلضــارة بمفهومهــا الشــامل ‪.‬‬

‫ويف الدراســات الســابقة تــم التطــرق إىل دراســة الغفيــي ‪ ،‬والتــي أشــار فيهــا‬
‫إىل مــا قــد يتســبب فيــه االختــاف والتنافــر بــن قيــم الفــرد وقيــم املنظمــة‬
‫مــن تشــتت عوامــل االنتــامء لــدى األفــراد ‪ ،‬والقائــد الــذي ال يمثــل قيــم‬
‫منظمتــه هــو خــر مثــال عــى أســباب التنافــر القيمــي ‪ ،‬إذ ال يمكــن معاجلــة‬
‫هــذا التنافــر إال بتحقيــق انســجام بــن ســلوك القائــد وبــن القيــم التــي‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫يعلــن التزامهــا هبــا ‪.‬‬

‫والــراع القيمــي بأنواعــه قــد يظهــر يف ممارســات وصــور تتخــــلل العمــل‬


‫اإلداري وختتلــف باختــاف موقعهــا مــن النظــام ومــن صــور االختــاف‬
‫القيمــي املؤثــرة االختــاف يف حتديــد أولويــة العمــل إلنفــاذ األهــداف ‪.‬‬

‫شكل (‪ )3‬التعارض القيمي‬

‫حلول بديلة لعملية الصراع القيمي ‪:‬‬

‫« الــراع حيــدث لــدى الفــرد عندمــا يشــعر أن عليــه االختيــار بــن‬


‫الرغبــة يف اإلبــداع ‪ ،‬واملحافظــة عــى األمــن النفــي ‪ ،‬وهنــا يمكــن أن تقرح‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪18‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫املنظمــة عــى الفــرد املشــاركة يف جلنــة ُتكنــه مــن تقديــم أفــكاره املبدعــة ‪،‬‬
‫دون أن يشــعر أن بأمنــه النفــي مهــدد؛ ألن العمــل ضمــن مموعــة يوفــر‬
‫لــه الغطــاء األمنــي‪.‬‬
‫إعــادة ترتيــب القيــم مــن حيــث األولويــة ‪ :‬وهنــا يــرى مرغــاد أن يف‬ ‫«‬
‫بعــض املواقــف حيــل رصاع القيــم مــن خــال مســاعدة األفــراد عــى إعــادة‬
‫ترتيــب األولويــات‪ ،‬فقــد يرغــب فــرد يف االشــراك يف دورة تدريبيــة ‪ ،‬ولكنه‬
‫يف الوقــت نفســه ُمطالــب بأعــامل معينــة يف وقــت انعقــاد الــدورة التدريبيــة‬
‫‪ ،‬ويمكــن حــل هــذا التصــادم إذا مــا ُأعلــم بــأن إنجــاز العمــل مقــدم عــى‬
‫االشــراك يف الــدورة ‪ ،‬وأ نــه يمكنــه االلتحــاق بــدورة تدريبيــة أخــرى تعقــد‬
‫فيــام بعــد‪.‬‬
‫« تطويــر شــخصية األفــراد ‪ :‬فمــن املناســب أن تعمــل املؤسســة عــى‬
‫يمكــن أن‬‫تطويــر شــخصية كل عامــل فيهــا‪ ،‬فالفــرد الــذي ال يثــق بنفســه ُ‬
‫تســند لــه أعــامالً قــادر ًا عــى إنجازهــا بنجــاح‪ ،‬ومعلــوم أن النجــاح حافــز‬
‫ملــن يريــد النجــاح ‪.‬‬

‫اإلدارة بالقيم كنظرية ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬القيم يف اإلدارة احلديثة ‪:‬‬


‫حاولــت النظريــات اإلداريــة طويــا العمل عــى وضع نمــوذج ُحيقــق التميز‬
‫والتفــوق اإلداري ‪ ،‬ويضمــن االســتقرار أو نمــو هــذا التميــز‪ ،‬فخرجــت‬
‫نظريــات جتــاوزت نقطــة االنطــاق ( املبــادئ والقيــم ) إىل الســلوكيات‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪19‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫(اإلبداع ) ونتائج السلوكيات أو أهدافها ( التفوق والتميز )‪.‬‬

‫وهــذه النظريــات اســتدعت ســبا عديــدة لاســتعانة هبــا يف معاجلــة‬


‫القصــور الناتــج عــن نظريــات إداريــة أخــرى ســبقتها‪ ،‬فأصبــح احلقــل‬
‫اإلداري جتريبيــا لفــرات طويلــة حتــى نشــأت فجــوة بــن النظريــة والتطبيق‬
‫وأصبــح اخلطــاب اإلداري اإلصاحــي مــرد منــر أكاديمــي متخلــف عــن‬
‫معطيــات الواقــع أو متباعــد عــن مواطــن اخللــل ‪.‬‬

‫والقيــم كعنــر ارتبطــت باملفاهيــم اإلداريــة منــذ اجتهــت الدراســات‬


‫اإلداريــة إىل التداخــل مــع علــم الســلوك اإلنســاين ‪ .‬وتيــل قيــم تطويــر‬
‫املنظــامت نحــو اإلنســانية والتفــاؤل والديمقراطيــة فالقيــم اإلنســانية لــدى‬
‫علــامء اإلدارة ظهــرت كعامــل حتديــد منهــج يدعــو إيل أمهيــة الفــرد يف النظام‬
‫واحرامــه ومعاملــة النــاس باحــرام وكرامــه ‪ ,‬وحيتــوي هــذا املنهــج افــراض‬
‫أن للجميــع قيمــة ُمتأصلــة ‪ ،‬وإن كل النــاس لدهيــم اإلمكانيــة والرغبــة يف‬
‫التطويـر‪ ,‬وتنبــع هــذه االعتقــادات مــن القيــم اإلنســانية ‪ ،‬و اجتهــت اجلهــود‬
‫نحــو الربــط بــن كا مــن القيــم و الثقافــة التنظيميــة ‪.‬‬

‫وحاولــت النظريــات القياديــة حتســن مســار فعاليــة القيــم التنظيميــة ‪،‬‬


‫لتصبــح هــي أداة قيــادة ال العكــس‪ ،‬فيصبــح القائــد هــو الصــورة املمثلــة‬
‫للقيــم التنظيميــة ‪ ،‬وأعــادت النظريــات تكويــن قيــادة التغيــر فخرجــت‬
‫نظريــة القيــادة التحويليــة ‪ ،‬وهــي قيــادة تنشــئ الثقافــة وتنرشهــا بــدالً‬
‫مــن حراســتها و إنفاذهــا ‪ ،‬والقيــادة التحويليــة تعتمــد بطبيعــة احلــال عــى‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫القيــم التنظيميــة إال أهنــا تــارس نوعـ ًا مــن املشــاركة لتحديــد البنــاء القيمــي‬
‫التنظيمــي نظــر ًا ملرونــة االجتــاه يف القيــادة التحويليــة ‪ ،‬ومــا القيــادة التحويلية‬
‫والقيــادة الشــاملة إال جــزء مــن مفاهيــم إداريــة حديثــة ارتبطــت هبــا القيــم ‪،‬‬
‫بــل ومثلــت جــزء ًا وعنــر ًا حيويـ ًا مــن عنــارص بنائهــا ‪ ،‬ويف اجلــدول التــايل‬
‫عــرض لبعــض املفاهيــم اإلداريــة احلديثــة التــي ارتبطــت بالقيــم ‪.‬‬

‫ثاني ًا ‪ :‬مراحل تطبيق نظرية اإلدارة بالقيم ‪:‬‬


‫‪ -1‬و يف هــذه املرحلــة يتــم حتديــد أهــداف و قيــم املنظمــة ‪ ،‬و هــي مرحلــة‬
‫ُيعدهــا اوكونــور أساس ـ ًا لنجــاح تطبيــق هــذه النظريــة ‪ ،‬و يف هــذه املرحلــة‬
‫تعمــل النظريــة عــى حتديــد عنــر ًا هامــ ًا لــكل الوحــدات و العنــارص‬
‫اإلنســانية و النتظيميــة أال و هــي القيــم اجلوهريــة التــي تتحــدد مــن خــال‬
‫إمجــاع القيــادات و األفــراد و النظــام بوجــود رشاكــة تامــة ‪ ،‬و هــذه املرحلــة‬
‫يغلــب عليهــا العصــف الذهنــي ملجموعــات العاملــن داخــل النظــام ‪ .‬و‬
‫تتــم هــذه املرحلــة إذا مــا اقــرن كا مــن األقــوال و التصــورات مــن ناحيــة‬
‫و بــن طبيعــة الفعــل و الســلوك مــن ِقبــل القيــادة العليــا ‪.‬‬

‫‪ -2‬و هــذه املرحلــة تعمــل فيهــا نظريــة ‪ MBV‬مــن أجــل التأكــد مــن نــرش و‬
‫بــث القائمــة القيميــة ا ُملتفــق عليهــا خــال النظــام ‪ ،‬و القيــم ا ُملعلنــة بمثابــة‬
‫الدســتور احلاكــم لشــتى العمليــات اإلداريــة ا ُملتخــذة الحق ـ ًا ‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلــة التســجيل و ا ُملتابعــة للتحقــق مــن الدمــج و االنســجام بــن‬
‫سياســة العمــل و بــن مبــادئ اإلدارة ‪ ،‬و متطلبــات حتقيــق هــذا توجيــه‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫ثــاث مــن األســاليب داخــل النظــام ‪:‬‬

‫األســلوب األول ‪ :‬هــو األســلوب الفــردي و فيــه القائــد و األفــراد‬ ‫«‬


‫داخــل نطــاق ُمتابعــة األنســاق القيميــة الشــخصية و التعامــل مــا قد تتســبب‬
‫فيــه مــن ضغوطــات ‪.‬‬
‫األســلوب الثــاين ‪ :‬هــو الفــرق حيــث تقــوم القيــم بتوجيــه ديناميــة‬ ‫«‬
‫الفريــق وتقديــم خطــوات لتعـــزيز أداءه املتميــز وفــض مــا يعريــه مــن‬
‫خافــات ‪.‬‬
‫« األســلوب الثالــث ‪ :‬تقــوم هــذه املرحلة بتوجيــه األســلوب اإلداري‬
‫مــن خــال قيــاس فعاليــة سراتيجيـــــة اإلدارة واألنظـــــمة والعمليــات ‪،‬‬
‫مــع الركيــز عــى نظــام األجــور واحلوافــز ‪.‬‬

‫مبادئ نظرية اإلدارة بالقيم ‪:‬‬

‫الشفافية وإزالة الغموض‪.‬‬ ‫«‬


‫حتديد األولويات‪ ،‬والرشاكة‪.‬‬ ‫«‬
‫الرئيس يف املنظمة هو القيم‪.‬‬ ‫«‬
‫االتصال الف َّعال‪.‬‬ ‫«‬
‫التوجه عر القيم‪.‬‬ ‫«‬
‫التوافق مع متطلبات التغير‪ ،‬وتعديل النامذج السلوكية واملواقف‪.‬‬ ‫«‬
‫ليست املنظمة هي التي جتعل اإلدارة بالقيم واقع فعي بل الناس‬ ‫«‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪22‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫اإلدارة بالقيم في الفكر اإلسالمي ‪:‬‬

‫و الفكــر اإلســامي لديــه خمــزون كبــر مــن القيــم منهــا مــا يتعلق باألفــراد و‬
‫منهــا مــا يتعلــق باملنظمــة ‪ ،‬حيــث إن مفهــوم اإلدارة بالقيــم يقوم عى ســلوك‬
‫إداري تنظيمــي أساســه القيــم عــى مســتوى كافــة العمليــات واملامرســات‬
‫اإلداريــة يف املؤسســة‪ ،‬وتثــل رؤيتهــام ألســلوب اإلدارة بالقيــم جتســيدا‬
‫للقيــم اإلســامية بشــكل واضــح يف عمليــة وضــع قواعــد التنظيــم اإلداري‬
‫ورســم ماحمــه ‪ ،‬لتتــاءم مــع ظــروف كل بيئــة وكل عــر‪.‬‬

‫وتتمثــل خصائــص نظــام اإلدارة بالقيــم لدهيــام يف طبيعــة اإلدارة اإلســامية‬


‫إذ هــي إدارة تركــز عــى القيــم ‪ ,‬ولعــل هــذه الركيــزة هــي التــي تيزهــا عــام‬
‫ســواها مــن اإلدارات التــي تنتمــي إىل أفــكار ونظريــات وضعهــا البــرش‬
‫ألنفســهم‪ ,‬وتتلخــص فوائــد ومزايــا نظريــة اإلدارة بالقيــم مــن منظــور‬
‫إســامي يف نقــاط أمجاهــا فيــام يــي ‪:‬‬

‫‪ -1‬االرتباط الوثيق بن اإلدارة بالقيم والبيئة اإلسامية‪.‬‬


‫‪ -2‬قيــام اإلدارة بالقيــم عــى أســاس الشــورى‪ ،‬يمثــل شــفافية النظريــة‬
‫اإلســامية وعدالتهــا‪.‬‬
‫‪ -3‬إدارة الذات برقابة ذاتية تعتمد عى العقيدة واملبدأ‪.‬‬
‫‪ -4‬إشباع احلاجات املادية للعامل‪.‬‬
‫‪ -5‬التخطيــط واملرونــة ونظــام احلوافــز كلهــا ســامت حققتهــا التوجيهــات‬
‫اإلســامية للبيئــة اإلداريــة‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪23‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫‪ -6‬اإلدارة بالقيم هي إدارة وسطية تستند عى العاقات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -7‬وهي إدارة شاملة مرتبطة بالبيئة االجتامعية‪.‬‬
‫‪ -8‬كام أهنا إدارة تتخذ العدالة قيمة جوهرية يف مجيع تعاماهتا‬

‫ويمكــن حتديــد القيــم وأخاقيــات املهنــة مــن منظــور إســامي يف مباحــث‬


‫ثاثــة أوالهــا عــن تصنيــف القيــم األخاقيــة يف اإلســام ‪ ،‬ثــم القيــم التــي‬
‫ترتبــط باملهنــة ورشوطهــا‪ ،‬ثــم القيــم التــي ترتبــط ببعــض املهــن دون أخرى‬
‫‪ ،‬وخلــص البحــث إىل عــدة نتائــج تثلــت يف التأكيــد عــى أن قيــم املجتمــع‬
‫ذات تأثــر مبــارش عــى قيــــم الفــرد واملنظمــة ‪ ،‬إال أن القيــم املشــركة بــن‬
‫املنظمــة واألفــراد تعتــر ذات مصــدر أســايس لفاعليــة الفــرد واملنظمــة‬
‫عــى حــد ســواء ‪ ،‬و أن هلــذه القيــم تأثــر ًا ملموسـ ًا عــى أداء األفــراد ســواء‬
‫كانــت هــذه القيــم مــن موروثــات األفــراد أنفســهم أو منظامهتــم ‪ ،‬وممــا بينتــه‬
‫الدراســة أن القيــم األخاقيــة للمهنــة مــن منظــور إســامي هــي ضمــن‬
‫ســياق منظومــي متداخــل ومتشــابك وتعمــل مجيعهــا مــن أجــل هــدف‬
‫واحــد هــو الســمو باملهنــة إىل درجاهتــا األعــى لتقديــم خدمــة أو منتــج ذي‬
‫قيمــة كبــرة وجــودة عاليــة لألفــراد واملجتمــع تتناســب مــع روح الــرشع‬
‫احلنيــف ‪.‬‬

‫دراسات و نتائج ‪:‬‬

‫أ) دراســة قــام هبــا (مقــدم ‪1994،‬م) بعنــوان « عاقــة القيــم الفرديــة‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫والتنظيميــة وتفاعلهــا مــع االجتاهــات والســلوك « حيــث هدفــت إىل‬
‫استكشــاف عاقــة القيــم الفرديــة والقيــم التنظيميــة وتفاعلهــا مــع بعــض‬
‫اجتاهــات األفــراد كالرضــا وااللتــزام الوظيفــي وســلوكهم يف ميــدان العلــم‬
‫كاألداء والتغيــب‪ ،‬واســتخدم فيهــا الباحــث املنهــج املســحي االرتباطــي‬
‫وتكونــت العينــة مــن ‪ 338‬فــردا تــم اختيارهــم مــن القطاعــات اإلنتاجيــة‬
‫باجلزائــر‪ ،‬وكمقيــاس اســتعان الباحــث بمقيــاس روكــش ‪ Rokeach‬للقيــم‬
‫الفرديــة ومقيــاس القيــم التنظيمية املصمم حســب أســلوب ليكــرت واملكون‬
‫مــن أربعــة أبعــاد تضمــن كل بعــد عــددا مــن القيــم‪ .‬وكان مــن نتائــج هــذه‬
‫الدراســة أن أظهــرت وجــود ‪ 13‬قيمــة مــن ‪ 22‬هلــا عاقــة إجيابيــة أو ســلبية‬
‫باالجتاهــات ‪ ،‬وقيــم ذات عاقــة إجيابيــة أو ســلبية باملتغــرات الســلوكية‪.‬‬
‫أمــا القيــم التنظيميــة التــي اخترهــا الباحــث عــن طريــق التحليــل العامــي‬
‫إىل أربعــة أبعــاد ‪ ،‬فقــد أظهــرت عاقــة إجيابيــة مرتفعــة بــكل االجتاهــات‬
‫واملتغــرات الســلوكية حيــث احتلــت قيــم التشــجيع التــي تعطــي أمهيــة‬
‫للفــرد وكفاءتــه املرتبــة األوىل مــن حيــث عــدد االرتباطــات وقوهتــا‪ ،‬تليهــا‬
‫قيــم الركيــز عــى حتقيــق أهــداف املؤسســة ثــم االنضبــاط ‪ ،‬وأخــرا قيــم‬
‫النظــام احلــر‪ ،‬وأظهــرت النتائــج أن اجلمــع بــن قيــم التشــجيع والركيــز‬
‫عــى اهلــدف يســاهم أكثــر يف الرضــا وااللتــزام التنظيمــي وان اجلمــع بــن‬
‫الركيــز عــى اهلــدف واالنضبــاط يســاهم أكثــر يف األداء ‪.‬‬

‫ب) أجــرى (الغفيــي ‪2001 ،‬م ) دراســة بعنــوان‪ « :‬العاقــة والتأثــر بــن‬
‫قيــم الفــرد واملنظــامت يف بنــاء أخاقيــات املهنــة مــن منظــور الفكــر املعــارص‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪25‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫واإلســامي « وقــد هدفــت الدراســة إىل عــرض العاقــة بــن قيــم الفــرد‬
‫واملنظــامت وتأثرهــا يف بنــاء أخاقيــات املهنــة مــن منظــور الفكــر املعــارص‬
‫واإلســامي ‪ ،‬مــن خــال حموريــن مهــا ‪:‬‬

‫‪.1‬العاقــة بــن قيــم الفــرد واملنظمــة وتأثرهــا عــى األداء مــن منظــور‬
‫الفكــــر اإلداري املعــارص‪.‬‬
‫‪.2‬القيم األخاقية للفرد واملنظمة من منظور الفكر اإلسامي‪.‬‬
‫وناقــش الباحــث يف املحــور األول تسلســا زمنيا لورود مفاهيـــــم الســلوك‬
‫وأخاقيــات املهنــة يف تاريــخ علــم اإلدارة‪ ،‬فذكــر أن االهتــامم باألخاقيــات‬
‫ظهــر أوال لــدى أصحــاب فلســفة القيــم كامكــس شــيلر ورينيــه لوســن‪،‬‬
‫ثــم بــن املقصــود بقيــم الفــرد وقيــم املنظمــة مــن منظــور الفكــر املعــارص‬
‫إذ تشــتمل قيــم الفــرد عــى مموعــة امليــول الشــخصية والرغبــات‪ ،‬بينــام‬
‫تتمثــل قيــم املنظمــة فيــام يســمى بالثقافــة التنظيميــة ‪ ،‬ويف املحــور الثــاين مــن‬
‫الدراســة تنــاول الباحــث القيــم األخاقيــة للفــرد واملنظمــة مــن منظــور‬
‫الفكــر اإلســامي حيــث أكــد عــى أن اإلســام قــد رســم للقيــم واألخاق‬
‫منهجــا واســعا مرنــا ميــرس التطبيــق ‪ ،‬وجعــل إطــار القيــم األخاقيــة‬
‫واســع ًا رحب ـ ًا حيقــق احلريــة الشــخصية ويتقبــل اجلهــود الفرديــة‪ ،‬وأقــام يف‬
‫هــذا اإلطــار كثــر ًا مــن الضوابــط التــي تقــف حاجــز ًا منيعـ ًا ضــد الفســاد‬
‫وجعــل مــن شــعائر العبــادات قــوة دافعــة ذاتيــة لتنميــة اخللــق الفاضــل‬
‫وحراســته مــن نــوازع وضعــف النفــس البرشيــة ‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫ومــن نتائــج الدراســة التأكيــد عــى أن قيــم املجتمــع ذات تأثــر مبــارش‬
‫عــى قيــم الفــرد واملنظمــة‪ ،‬إال أن القيــم املشــركة بــن املنظمــة واألفــراد‬
‫تعتــر ذات مصــدر أســايس لفاعليــة الفــرد واملنظمــة عــى حــد ســواء ‪ ،‬و‬
‫أن هلــذه القيــم تأثــر ًا ملموس ـ ًا عــى أداء األفــراد ســواء كانــت هــذه القيــم‬
‫مــن موروثــات األفــراد أنفســهم أو منظامهتــم ‪ ،‬وممــا بينتــه الدراســة أن القيــم‬
‫األخاقيــة للمهنــة مــن منظــور إسامــــي هــي ضمــن ســياق منظومــي‬
‫متداخــل ومتشــابك وتعمــل مجيعهــا مــن أجــل هــدف واحــد هــو الســمو‬
‫باملهنــة إىل درجاهتــا األعــى لتقديــم خدمــة أو منتــج ذي قيمــة كبــرة وجــودة‬
‫عاليــة لألفــراد واملجتمــع تتناســب مــع روح الــرشع ‪.‬‬

‫ج) ويف تشــخيص علمــي دقيــق للعاقــــة بــن القيــم التنظيميــة‬


‫والســلوكيات اإلداريــة العامــة قــدم (‪ )2005 ,Gilbert Jeffrey‬دراســة‬
‫بعنــوان‪« :‬العاقــة بــن القيــم التنظيميــة والســلوكيات اإلداريــة وتأثرهــا‬
‫عــى الفعاليــة التنظيميــة يف إدارة منظمــة مــرشوع اجليــش»‪ .‬حيــث هدفــت‬
‫الدراســة إىل حتليــل العاقــة بــن القيــم التنظيميــة والســلوكيات اإلداريــة‬
‫وتأثرهــا عــى الفعاليــة التنظيميــة يف منظمــة إدارة مــرشوع للجيــش‪ ،‬تضمن‬
‫مســار الدراســة اإلجابــة عــن ســؤالن أساســين‪ :‬الســؤال األول حيلــل مــا‬
‫إذا كانــت ســلوكيات القــادة مــن املســتوى املتوســط ‪ -‬كــام هــي ماحظــة‬
‫مــن مرؤوســيهم ‪ -‬هــي نفســها كســلوكيات املــدراء مــن املســتوى األعــى‬
‫يف إدارة مكتــب برنامــج اجليــش وحيــاول الســؤال الثــاين حتديــد مــا إذا كان‬
‫أولئــك الذيــن ينظــر هلــم عــى أهنــم أكثــر املــدراء األكثــر نجاح ـ ًا يبــدون‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪27‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫أســاليب قياديــة متوازنــة أكثــر ‪ ،‬وتشــر الدراســة إىل أهنــا تعتمــد رؤيــة‬
‫كويــن‪ 1988 ( Quinn‬م ) يف حتليــل قيــم املنافســة لــدى القيــادات األكثــر‬
‫نجاحــا وشــملت العينــة القيــادات العليــا و ‪ 154‬موظــف مــن املكتــب‬
‫التنفيــذي لرنامــج اجليــش ‪ ،‬وكانــت النتيجــة أن القيــادات يف املنظمــة‬
‫أجابــوا يف حتديدهــم لقيــم املنافســة أهنــم يميلــون إىل مراعــاة أداة الفعاليــة‬
‫التنظيميــة ومــن ثــم املوظفــن ‪ .‬وتشــر الدراســة إىل أن إطــار قيــم املنافســة‬
‫كــام يطرحــه كويــن تؤيــده النتائــج إذ أن ســلوكيات املــدراء هتتــم بــأن حتقــق‬
‫التوافــق مــع القيــم التــي تــم يتبناهــا كبــار القــادة يف املنظمــة ‪ ،‬وال توجــد‬
‫عاقــة هامــة تــم ماحظتهــا بــن الســلوكيات للمــدراء املتوســطن والقيــم‬
‫التنظيميــة املتصــورة مــن قبــل القــادة مــن املســتوى األعــى‪ ،‬ويقــرح نموذج‬
‫النتائــج أن أكثــر املــدراء فعاليــة يــوازن الســلوكيات عــر مجيــع األبعــاد‬
‫الثامنيــة إلطــار عمــل قيــم املنافســة وأن حتليــل االفراضــات أثبــت قصــور ًا‬
‫يف التامثــل يف اســتخدام دور القائــد ضمــن أولئــك املصنفــن كأكثــر املــدراء‬
‫فعاليــة ( باســتخدام تقديــرات أداء اجليــش ) كــام تــم مقارنتهــا بتلــك املقــدرة‬
‫بأهنــا فقــط فعالــة ‪.‬‬

‫د) ويف إطــار البحــث عــن العاقــة بــن القيــم التنظيميــة وااللتــزام‬
‫الوظيفــي للعاملــن أجــرى (محــادات ‪2006 ،‬م ) دراســة بعنــوان « قيــم‬
‫العمــل وااللتــزام الوظيفــي لــدى املديريــن واملعلمــن يف املدارس»وهدفــت‬
‫الدراســة إىل الكشــف عــن قيــم العمــل لــدى املديريــن واملعلمــن وعاقتهــا‬
‫بااللتــزام الوظيفــي مــن خــال بحــث وحتليــل هــذه القيــم ومــدى تطابقهــا‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪28‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫مــع املامرســة ومــن ثــم انعكاســها عــى التزامهــم الوظيفــي‪ ،‬مــع حتليــل أثــر‬
‫املتغــرات الشــخصية كاجلنــس واخلــرة واملؤهــل العلمــي عــى قيــم العمــل‬
‫وعــى حتقــق االلتــزام الوظيفــي لــدى هــؤالء املديريــن واملعلمــن ‪ ،‬وكان‬
‫مــن نتائــج الدراســة أن قيــم العمــل الســائدة لــدى املديريــن مــن وجهــة‬
‫نظــر املعلمــن جــاء يف أول قائمــة الرتيــب قيــم االمتثــال ثــم قيــم األمانــة‬
‫وجــاءت قيــم العاقــات اإلنســانية متأخــرة وقيــم العــدل يف آخــر املنظومة ‪،‬‬
‫بينــام كانــت قيــم العمــل لــدى املعلمــن مــن وجهــة املديريــن مرتبــة تنازليــا‬
‫ابتــداء بقيــم األمانــة تلتهــا مبــارشة قيــم العاقــات اإلنســانية وجــاءت‬
‫قيــم القيــادة يف آخــر الســياق‪.‬أما االلتــزام الوظيفــي فلقــد رتــب املعلمــن‬
‫مــاالت االلتــزام لــدى املديريــن يف مســؤوليات مخــس جــاءت مســؤولية‬
‫املديــر نحــو زمائــه املعلمــن عــى رأس القائمــة بينــام كانــت مســؤولية‬
‫املديــر نحــو أوليــاء األمــور واملجتمــع يف آخرهــا ‪ ،‬أمــا املديريــن فمــن‬
‫وجهــة نظرهــم ملجــاالت االلتــزام لــدى املعلمــن كانــت مســؤولية املعلــم‬
‫نحــو زمائــه املعلمــن ونحــو أوليــاء األمــور واملجتمــع يف طليعــة مــاالت‬
‫التزامــه الوظيفــي وأن هنــاك عاقــة قويــة موجبــة بــن درجــة االلتــزام بقيــم‬
‫العمــل الســائدة ومســتوى االلتــزام الوظيفــي لــدى املديريــن واملعلمــن ‪،‬‬
‫وكان مــن توصيــات الدراســة اإلشــارة إىل أمهيــة حتديــد عــدد مــن معايــر‬
‫اختيــار املعلــم واملديــر تدعــم مــن لدهيــم منظومــة قيميــة تتوافــق مــع قيــم‬
‫العمــل الربــوي ‪.‬‬

‫هـــ) وحــول دور القيــم الشــخصية والتنظيميــة يف فاعليــة رؤســاء األقســام‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪29‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫باجلامعــات أجــرت (األمحــدي ‪ 2007 ،‬م ) دراســة بعنــوان‪ ( :‬دور القيــم‬
‫الشــخصية والتنظيميــة يف فاعليــة رؤســاء األقســام باجلامعــات احلكوميــة‬
‫الســعودية )‬

‫وهدفــت الدراســة إىل معرفــة دور القيــم الشــخصية والتنظيميــة يف فاعليــة‬


‫رؤســاء األقســام باجلامعــات الســعودية‪ ،‬واســتخدمت الباحثــة النهــج‬
‫الوصفــي التحليــي وعملــت عــى تصميــم اســتبانه وتوزيعهــا عــى أفــراد‬
‫العينــة البالــغ عددهــم ‪ 363‬رئيــس قســم بســبع جامعــات ســعودية‪.‬وكان‬
‫مــن أهــم نتائــج الدراســة أن ترتيــب القيــم لــدى رؤســاء األقســام تنازليــا‬
‫كان عــى النحــو التــايل ‪ :‬القيــم الدينيــة والقيــم الفكريــة ثــم االجتامعيــة ثــم‬
‫السياســية واجلامليــة فاالقتصاديــة أخــرا ‪ ،‬وإن ترتيــب القيــم التنظيميــة بــدأ‬
‫بقيمــة الفريــق وانتهــى باملشــاركة يف صنــع القــرارات ‪ ،‬وأثبتــت النتائــج‬
‫وجــود أثــر للقيــم الدينيــة واالجتامعيــة والفكريــة يف فاعليــة رؤســاء‬
‫األقســام‪ ،‬كــام لقيــم الفريــق واالهتــامم باملوظفــن والعدالــة أثــر يف فاعليــة‬
‫رؤســاء األقســام‪ ،‬وأوصــت الدراســة بعــدة توصيــات منهــا رضورة قيــام‬
‫اجلامعــات بتعزيــز القيــم اإلجيابيــة ألثرهــا يف فاعليــة رؤســاء األقســام ‪ ،‬وأن‬
‫تأخــذ تلــك املؤسســات التعليميــة العليــا دورهــا يف نــرش القيــم بــن أفرادهــا‬
‫ومنســوبيها ‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪30‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫المحتوى‬
‫‪3‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪4‬‬ ‫المفاهيم ‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫اإلدارة ‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫القيم ‪:‬‬
‫‪5‬‬ ‫اإلدارة بالقيم المفهوم و النشأة ‪:‬‬
‫‪6‬‬ ‫تصنيف القيم ‪:‬‬
‫‪8‬‬ ‫القيم الشخصية و القيم التنظيمية ‪:‬‬
‫‪8‬‬ ‫القيم الشخصية‬
‫‪9‬‬ ‫القيم الشخصية و السلوك القيادي اإلداري ‪:‬‬
‫‪10‬‬ ‫أهمية دراسة القيم الشخصية ‪:‬‬
‫‪11‬‬ ‫القيم التنظيمية ‪:‬‬
‫‪11‬‬ ‫أنواع القيم التنظيمية ‪:‬‬
‫‪12‬‬ ‫القيم التنظيمية و السلوك القيادي اإلداري ‪:‬‬
‫‪13‬‬ ‫الصراع القيمي ‪:‬‬
‫‪14‬‬ ‫حلول بديلة لعملية الصراع القيمي ‪:‬‬
‫‪15‬‬ ‫اإلدارة بالقيم كنظرية ‪:‬‬
‫‪15‬‬ ‫أوالً ‪ :‬القيم في اإلدارة الحديثة ‪:‬‬
‫‪15‬‬ ‫ثاني ًا ‪ :‬مراحل تطبيق نظرية اإلدارة بالقيم ‪:‬‬
‫‪17‬‬ ‫مبادئ نظرية اإلدارة بالقيم ‪:‬‬
‫‪18‬‬ ‫اإلدارة بالقيم في الفكر اإلسالمي ‪:‬‬
‫‪19‬‬ ‫دراسات و نتائج ‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫المراجع‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪31‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫المراجع‬

‫‪ -1‬املعجم الوسيط ‪.‬‬


‫‪ -2‬الزهــراين ‪ ،‬عبــداهلل بــن أمحــد ســامل ‪ 2009( ،‬م ) ‪ ،‬نمــوذج مقــرح‬
‫للتوافــق بــن القيــم الشــخصية و القيــم التنظيميــة بمؤسســات التعليــم‬
‫العــايل الســعودية ‪ ،‬جامعــة أم القــرى ‪ ،‬مكــة ‪.‬‬
‫‪ -3‬حســن ‪ ،‬راويــة (‪2004‬م) ‪ ،‬الســلوك التنظيمــي املعــارص ‪ ،‬الــدار‬
‫اجلامعيــة ‪ ،‬اإلســكندرية ‪ ،‬مــر ‪.‬‬
‫‪ -4‬بــا نــكارد ‪ ،‬كينيــث ‪ ،‬كونــور ‪ ،‬مايــكل (‪2000‬م ) ‪ ،‬األخــاق احلديثة‬
‫لــإلدارة ‪ :‬اإلدارة بالقيــم ‪ :‬ترمجــة عدنــان ســليامن ‪ ،‬دار الرضا للنرش ‪ ،‬دمشــق‬
‫‪ ،‬ســوريا ‪.‬‬
‫‪ -5‬العازمــي ‪ ،‬مزنــة ســعد (‪ 2015‬م ) ‪ ،‬أمهيــة القيــادة األخاقيــة يف إدارة‬
‫املعاهــد العلميــة ‪ ،‬ورقــة عمــل مقدمــة ملؤتــر و ملتقــى املعاهــد العلميــة ‪،‬‬
‫تركيــا ‪.‬‬
‫‪ -6‬باخلــر‪ ،‬مرغــاد ‪ ،‬رايــس (‪2006‬م ) اإلدارة باألهــداف و اإلدارة‬
‫بالقيــم يف منظــامت العمــل ‪ ،‬ايــراك ‪ ،‬القاهــرة ‪ ،‬مــر ‪.‬‬
‫‪ -7‬الغفيــي ‪ ،‬إبراهيــم فهــد (‪2001‬م ) ‪ ،‬عاقــة القيــم الفرديــة و التنظيمية‬
‫و تفاعلهــا مــع االجتاهــات و الســلوك ‪« :‬دراســة» ملــة العلــوم االجتامعيــة ‪،‬‬
‫العــدد األول و الثــاين ‪ ،‬ملــس النــرش العاملــي ‪ ،‬جامعــة الكويــت ‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬
‫‪ -8‬محــادات ‪ ،‬حممــد حمســن (‪2006‬م ) ‪ ،‬قيــم العمــل و االلتــزام الوظيفــي‬
‫لــدى املديريــن و املعلمــن يف املــدارس ‪ ،‬دار احلامــد ‪ ،‬األردن ‪.‬‬
‫‪ -9‬األمحــدي ‪ ،‬وفــاء (‪2007‬م ) دور القيــم الشــخصية و التنظيميــة يف‬
‫فاعليــة رؤســاء األقســام باجلامعــات احلكومية الســعودية (رســالة ماجســتر‬
‫غــر منشــورة ‪ ،‬كليــة الربيــة ‪ ،‬جامعــة أم القــرى ‪ ،‬اململكــة العربية الســعودية‬
‫‪.‬‬
‫‪ -10‬العتيبــي ‪ ،‬مشــاعل بنــت ذيــاب (‪2009‬م ) ‪ ،‬اإلدارة بالقيــم و حتقيــق‬
‫التوافــق القيمــي يف املنظــامت ‪ ،‬املؤتــر الــدويل للتنميــة اإلداريــة ‪ ،‬املحــور‬
‫الثــاين التوجهــات و األســاليب احلديثــة يف تطويــر أداء املنظــامت ‪ ،‬معهــد‬
‫اإلدارة العامــة ‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية ‪.‬‬

‫‪ValuesAcademy.org‬‬
‫‪33‬‬
‫اإلدارة بالقيم‬

You might also like