Professional Documents
Culture Documents
التكامل الدولي دراسة في المفاهيم والمقاربات النظرية
التكامل الدولي دراسة في المفاهيم والمقاربات النظرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلية احلقوق والعلوم السياسية- خمرب أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع
بسكرة- جامعة حممد خيضر
التكامل الدولي :دراسة يف املفاهيم واملقاربات النظرية ــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة:
على الرغم من أن ظاهرة تكوين التكتالت االقتصادية قدمية إال أن التوجهات
احلديثة لتلك التكتالت ختتلف اختالفا كبريا ،حيث تتسم التكتالت القدمية بسيادة
الدوافع التجارية باإلضافة إىل أن درجات التكامل والتجانس اليت حتققت يف إطار كل من
هذه الترتيبات اإلقليمية قد اتسمت بالتفاوت والتباين الشديد ومل يأت منها أية مثار
ملحوظة عدا االحتاد األوريب.
إن الدول منذ وجودها وهي تسعى لالرتقاء حنو األفضل وذلك بغية حتقيق مجلة
من األهداف اليت ختتلف من دولة إىل أخرى ،هذه األهداف حتكم فيها مدى توافر الدولة
على قدرات معينة وإمكانيات تتيح هلا رسم هذه األهداف من مث حتقيقها .وعلى اعتبار أن
البيئة الدولية تتسم بطبيعة ديناميكية وليست ستاتيكية ،عرفت العالقات الدولية
العديد من التشابكات والترابطات وكذا العالقات بني خمتلف الوحدات السياسية الدولية،
وعليه اتسمت الساحة الدولية بولوج جمموعة من املفاهيم املتداخلة مع بعضها البعض
واليت بات لزاما الكشف عن حقيقتها وإزالة اللبس عنها والتفرقة بينها ،ومن بني هذه
املفاهيم جند مفهوم التكامل.
" فإىل أي مدى سامهت خمتلف األفكار واآلراء اليت طرحت من جانب املفكرين يف
التأصيل املفهومايت والنظري ملفهوم التكامل؟"
يعد موضوع التكامل واالندماج الدويل املوضوع األبرز واألهم فيما يتعلق بدراسات
التعاون على مستوى العالقات الدولية ،خصوصا أن موضوع التكامل صار حيظى باهتمام
كبري بعد فترة احلرب العاملية الثانية وخاصة يف الفترة اليت تلت هناية احلرب الباردة،
إال أن اإلشكالية اليت يواجهها الباحث اليوم هي اتساع مفهوم التكامل وارتباطه مبجموعة
من املفاهيم واملصطلحات األخرى القريبة منه ،وبالتايل ستحاول الدراسة توضيح مفهوم
التكامل وما يتعلق به من مصطلحات أخرى وحصر اإليطار النظري املفسر لظاهرة
التكامل.
أوال – مــــــاهيـة التكـــــــامل:
- 0مفهوم التكامل:
أ -لغة :إن البحث عن املدلول اللغوي للتكامل جند أصوله يف الفكر الغريب يف
الكلمة الالتينية Integritasاليت تعين جتميع األشياء وربط األجزاء املفصولة وجتميعها
كما ورد استعماهلا عام 0281يف قاموس أكسفورد .OXFORDأما يف اللغة العربية فورد
يف علم االجتماع :يستخدم اصطالح التكامل للدالة على اشتراك وتضامن
جمموعة الوحدات املكونة ألية بنية حبيث حيدث تعاون ومتاسك يف الوظائف الطبيعية
واحليوية والنفسية واالجتماعية يف سبيل اإلبقاء على وحدة البنية كلها وضمان فاعليتها
بطريقة متناسقة(.)4
يف علم السياسة :حيث يقصد بالتكامل تلك العالقة اليت حيدث مبوجبها تعديل
يف السلوك السائد قبل الدخول فيها ،ويكون التكامل دوليا إذا كان ناشئا بني دولتني أو
()5
أكثر ،أي أن الوحدات الداخلة يف عالقة التكامل تكون دوال.
) (1زايد عبد اهلل مصباح ،السياسة الدولية بني النظرية واملمارسة ،ليبيا ،دار الرواد ،طرابلس ،ط ،8118 ،0
ص .892
) (2إكرام بدر الدين .،قضية التكامل على املستوى النظري ،جملة السياسة الدولية ،0492 ،ص .09
)(3
Charles dèbache et autres lexique de politique, Edi 7e, Paris Dattorg, P21.
) (4إكرام بدر الدين ،مرجع سابق ،ص .09
) (5زايد عبد اهلل مصباح ،مرجع سابق ،ص .892
49 العدد الثالث -أكتوبر 8102
التكامل الدولي :دراسة يف املفاهيم واملقاربات النظرية ــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يف علم االقتصاد :يقصد بالتكامل انضمام عدة وحدات إنتاجية إىل بعضها البعض
هبدف التوفري يف تكاليف اإلنتاج ،أو هبدف السيطرة على السوق ،فالتكامل هنا هو اجلمع
()1
حتت إدارة واحدة بني صناعات خمتلفة يكمل بعضها البعض.
وميكن التمييز يف التكامل االقتصادي بني تكامل عمودي ( رأسي) والذي يتميز
باملرحلية والتدرج يف النشاط االقتصادي ،وتكامل أفقي والذي يتميز بعدم وجود مرحلية
وتدرج يف النشاط االقتصادي واندماج كل املراحل للقيام بنشاط اقتصادي معني ،أو عدة
()2
أنشطة اقتصادية.
يف العالقات الدولية :يقصد بالتكامل يف العالقات الدولية هو ظهور كيان جديد
فوق قومي يستوعب الصالحيات والسلطات للدول األعضاء فيه وميتلك حق اختاذ
()3
القرارات اإللزامية اليت يتعني على الدول األطراف االنصياع هلا.
- 8تعريف التكامل:
لقد قدمت للتكامل العديد من التعريفات اهلامة واملختلفة نذكر منها:
أ -تعريف ليون ليندنربغ :التكامل كذلك أنه ":العملية اليت جتد الدول نفسها
راغبة أو عاجزة عن إدارة شؤوهنا اخلارجية أو شؤوهنا الداخلية الرئيسية باستقاللية
عن بعضها البعض ،وتسعى بدال من ذلك الختاذ قرارات مشتركة يف هذه الشؤون ،أو نقوض
()4
أمرها فيها ملؤسسة جديدة".
ب -تعريف دافيد ميتراين :يرى ميتراين أن التكامل هو انتهاج خطوات عملية
تدرجيية تبدأ من مستوى القاعدة وتنتهي عند القمة( )Botten upحبيث أن التركيز على
التعاون يف قطاع واحد من اجملاالت االجتماعية واالقتصادية كخطوة أوىل سيؤدي بدوره
إىل تعميم التعاون يف بقية القطاعات األخرى من خالل ظاهرة االنتشار والتعميم
( )Ramificationأو ( ،)Spill- Overإذ أن التعاون يف ذلك القطاع جاء كنتيجة للشعور
باحل اجة هلذا التعاون األمر الذي من شأنه أن يؤدي إىل بروز حاجات جديدة ومن مث
السياسية للشعب ،ويتضح من خالل كالم اتزيوين أنه ينظر إىل التكامل على أنه عنصر
وسط بني مؤشرات التكامل ومفهوم التوحيد يف اجملتمع ،حيث يرى بأن التوحيد يأيت بعد
توفر التكامل ،ويرى أن الدور اإلنساين هو تعزيز الروابط بني عناصر اجملتمع الدويل.
هـ -تعريف كارل دويتش :يقول عن التكامل هو الواقع أو احلالة اليت متتلك فيها
مجاعة معينة تعيش يف منطقة معينة شعورا كافيا باجلماعة ومتثال يف مؤسساهتا
االجتماعية وسلوكها االجتماعي إىل درجة تتمكن فيها هذه اجلماعة من التطور بشكل
سلمي.
ويف حتليل أخر يرى فليب جاكوب أن التكامل يتضمن بشكل عام إحساسا باجلماعة
بني أفراد الشعب يف كيان سياسي واحد وهو ما يعين وجود روابط مشتركة بني األفراد
()3
جتعلهم يشعرون بذاتية خاصة هبم.
) (1زايد عبد اهلل مصباح ،مرجع سابق ،ص ص .890- 891
)(2
Horsion. H, « Regional Europe in question »: Theorie of Regional International,
Integration, London, Georg Hllem and Unuvin ( TD( 4791 P21.
)(3
جيمس دوريت ،وروبرت بالستغراف ،النظريات املتضاربة يف العالقات الدويل (،ترمجة وليد عبد احلي)،
(د.ب.ن) :كاظمة للنشر والترمجة والتوزيع ،ص ص .898- 890
49 العدد الثالث -أكتوبر 8102
التكامل الدولي :دراسة يف املفاهيم واملقاربات النظرية ــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و -تعرف جوهان جالتونج :الذي يعرف التكامل بأنه " العملية اليت يتم بواسطتها
اجتماع عضوين أو أكثر من أعضاء اجملموعة الدولية ليكونوا عضوا جديدا وعند اكتمال
هذه العملية فإنه ميكن القول أن التكامل وقد حدث والعكس صحيح"
كذلك يرى بنتالند أن التكامل هو " العملية اليت يلجأ إليها عضوان أو أكثرة من
()1
أعضاء "اجملموعة الدولية ليكونوا كال دويل واحدا جديدا".
ز -تعريف إمساعيل صربي مقلد :الذي اعترب التكامل" عملية ينتج عنها بروز فوق
قومي تنتقل إليه مسؤولية أداء االختصاصات الوظيفية اليت كانت تتحملها احلكومات
الوطنية ويصبح هذا الكيان اجلديد واملوسع يصبح مبثابة النواة املركزية اليت تستقطب
خمتلف الوالء ات والتوقعات واألنشطة السياسية لألطراف القومية اليت أوجدته وشاركت
()2
يف خلقه".
ويعترب التكامل االقتصادي بأنه عملية وحالة ،بوصفه عملية فهو يتضمن التدابري
اليت يراد منها إلغاء التمييز بني الوحدات االقتصادية املنتمية إىل دول قومية خمتلفة
أما إذا نظر إليه على أنه حالة فإنه باإلمكان أن يتمثل يف انتقاء خمتلف صور التفرقة
()3
بني االقتصاديات القومية.
- 2تعريف إجرائي للتكامل:
من خالل ما سبق ميكننا وضع تعريف إجرائي للتكامل على أنه يشري إىل تنمية
العالقات االقتصادية واالجتماعية والسياسية وهذه العالقات تزيد من روابط االعتماد
املتبادل ،مما يؤدي إىل ضرورة تأطري هذه التفاعالت اجلديدة ،وهذه التفاعالت جيب أن
حتدث يف إقليم جيوسياسي متميز وتتضمن حترير حركة رؤوس األموال والسلع وعوامل
اإلنتاج بالشكل الذي يؤدي إىل إلغاء احلدود االقتصادية بني دولتني أو أكثر.
وهذه التفاعالت اجلديدة تستوجب أو تشترط درجة معينة من املؤسساتية،
وحترير املبادالت شرط أساسي ولكنه غري كايف حلدوث التكامل لذلك جيب على الدول
تفعيل نبعض امليكانيزمات اهلادفة لتقوية التجانس وعالقات التضامن السياسي بينها،
)(1
إدريس حممد السعيد ،حتليل النظم اإلقليمية :دراسة يف أصول العالقات الدولية اإلقليمية :األهرام
مركز الدراسات السياسية أو اإلستراتيجية ،8110 ،ص .22
) (2العقايب علي عودة ،العالقات السياسية الدولية :دراسة يف األصول والتاريخ والنظريات" ليبيا :دار الكتب
الوطنية ،ط ،0442 ،0ص .889
)(3
الباح مسري " ،البعد األمين يف مشروع الشراكة باألورومتوسطية وخصوصيات املغرب العريب" ،حبث مقدم
لنيل شهادة الليسانس ،كلية احلقوق،قسم العلوم السياسية ،باتنة ،8110/8111 ،ص .14
هي عبارة عن تنظيم أو اتفاق بني بلدين أو أكثر يف جمال أو جماالت متعددة
بطريقة أو أكثر يف جمال أو جماالت متعددة بطريقة ال تؤدي إىل نوع من البناء
املؤسسايت ،بل الغرض منها بلوغ أهداف حمددة وليست بالضرورة مشتركة كما تعترب
وسيلة لتقريب األطراف من اجل حتقيق درجة مالئمة تسمح بالدخول يف التكامل
االقتصادي.
ب -التعاون:
ويعين تبادل املساعدة وال يهدف املخلق مؤسسات دائمة ،إذ أنه ذو طبيعة مؤقتة
يتميز بوجود أهداف جمردة وغري مشتركة فالتعاون عبارة عن سياسات وفاق وتبادل
ومشاركة يف العديد من النشاطات بني دول ذات مستوى إمنائي متفاوت.
ج -االعتماد املتبادل:
وميثل جمموعة من التفاعالت فيما بني دول وذلك على مستوى عال له ديناميكية
ذاتية يف جماالت التبادل ،من خالل هذه التفاعالت فإن الدول ترتبط فيما بينها بعملية
)(1
مالح السعيد "،مفهوم التكامل الدويل ،نظرية التكامل واالندماج" ،كلية احلقوق والعلوم السياسية سنة
رابعة عالقات دولية ،جامعة حممد خيضر بسكرة.8119 ،
)(1
زغدار عبد احلق "،نظريات التكامل واالندماج" ،حماضرات السنة الرابعة ،علوم سياسية ،فرع عالقات
دولية ،جامعة باتنة.8112/8119 ،
) (2املرجع نفسه.
يعترب السعي إىل حل الزناعات والرغبة يف وقف الصراعات القائمة بني دول
اجلوار ذات السيادة اإلقليمية ،من أهم أهداف التكامل فحينما ينشب نزاع إقليمي داخل
إطار التكامل تتكفل القطاعات احليوية القائمة باحتواء وتصفية الصراع ،وتعمل مبادئ
االعتماد املتبادل كضمانة لعدم تكراره.
فعلى الرغم من قيام االحتاد األوريب على أرضية اقتصادية ومع أن الدافع األعظم
للتكامل لديه متثل يف الرغبة يف تعظيم املكاسب الصناعية والتجارية ألعضائه ،ساعد
كثريا على احتواء العداء الفرنكو -األملاين ،وعمل على تقليل حدة املنافسة التارخيية بني
()2
البلدية ،فالتكامل ال يتبادل أو يتجنب الزناعات القائمة بني أطراف.
ولكنه يعمل على احتوائها واحلد من آثارها تدرجييا ،بالسري على طريق االحتاد،
غري أن هناك من بني املؤمنني بنظرية التكامل -من ال يرى قدرة على احلد من احتماالت
احلرب،وهم ينادون بالسعي اجلد إىل زيادة درجة االعتماد االقتصادي املتبادل والعمل
على خلق ثقافة اجتماعية أكثر متاثال ،كما ينادون بتعديل طريقة التصويت يف األمم
)(1
عودة جهاد ،النظام الدويل نظريات وإشكاليات ،مصر :دار اهلدى للنشر والتوزيع ،ط ،8119 ،0ص ص
.44-42
) (2املرجع نفسه ،ص ص .011-44
010 العدد الثالث -أكتوبر 8102
التكامل الدولي :دراسة يف املفاهيم واملقاربات النظرية ــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
املتحدة ،وتعديل نظام العضوية الدائمة يف جملس األمن وبفرض حتقيق كل ذلك يبقى
هناك مكن يتشكك يف إمكانية السيطرة على الزناعات ،ومنع وقوع الصدمات العسكرية،
اعتمادا على حتقق درجة ما من التكامل بني أطراف املنظمات والتجمعات الدولية ،وهلذا
فإن الرغبة يف حل الزناعات ،قد ال تكون سببا أساسيا للتكامل حىت ولو يف مثل الظروف
القائمة والتوقعات اليت توجت بزيادة واستقرار رأس املال للمنظمات والتجمعات
()1
املوجودة.
- 2شروط التكامل:
تتمثل شروط التكامل يف:
أ -التماثل االجتماعي:
بعد التماثل االجتماعي من أهم الشروط الواجب توافرها لتحقيق التكامل ،إذ
يتحتم على الوحدات السياسية الراغبة يف التكامل ،العمل على خلق أنساق اجتماعية
متشاهبة ،ودفع هذه اإلنفاق يف اجتاه الضرورة القومية ،حىت يتسىن هلا إجياد بيئات
متوافقة وسامية للتكامل.
ب -تقاسم القيمة واملشاركة فيها:
بعد تقسيم القيمة املشاركة فيها من أهم شروط التكامل ،وخاصة بني النخب
الصانعة لسياسة الدول يف اجملال االقتصادي ،إذ أن بدون تقاسم النخب للقيمة العامة
رأمسالية كانت أو اشتراكية ،يكون املناخ مالئما الستغالل هذه النخب للقيمة بعيدا عن
استثمارها كقوة دافعة باجتاه حتقيق التكامل.
ج -املنفعة املتبادلة:
إن توقع املنفعة والسعي إىل زيادة املكاسب عن طريق االحتاد والتقارب ،من
الشروط الواجب توافرها للتمهيد حلدوث التكامل ،فالدول البد وأن تكون قادرة على
التنبؤ بشكل صحيح ،لترى حجم الفوائد اليت ميكن أن جتنيها من جراء الدخول يف
()2
التكامل.
فقد ترى بعض الدول مصاحلها يف جمال واحد مث جماالت التكامل ،يف حني أهنا
تطمح إىل حتقيق الفائدة على صعيد اجملاالت األخرى ،وقد تكون احلكومة راغبة يف
قانون التكلفة:كما ميكن للوحدات الساعية إىل التكامل ،الوقوف على املكاسب اليت
ميكن جنيها من ورائه ميكنها أيضا حتديد التكاليف اليت تصمن حتقيقه،وعليها أن تقدر
مدى قدرهتا على حتمل تلك التكاليف على املستوى السياسي اإلقتصادي واإلجتماعي.
و -املؤثرات اخلارجية:
مي كن للمؤثرات اخلارجية أن تلعب دورا هاما يف دفع وحدات التكامل إىل اجنازه
فقد تسعى الدول إىل اإلحتاد للوقوف يف أطماع سياسية بطرف خارجي أو مبجاهبة خطر
إقتصادي ،تعجز كل منها منفردة عن جماهبته،ولعل الوقوف يف وجه اهليمنة اإلقتصادية
للواليات املتحدة األمريكية من أهم األسباب اليت دفعت دول غربا أوروبا باجتاه الوحدة.
- 9أشكال وأمناط التكامل:
أ -من حيث اجملال:
أ -0-التكامل اإلقتصادي:
يتكون التكامل اإلقتصادي من جمموعة من اإلشكال التكميلية يف هذا اجملال واليت
تتصل ببعضها البعض من قبيل:احتادات مجركية (إلغاء الرسوم اجلمركية عن البضائع
اليت يتم االجتار هبا بني البلدان) وعلى ترتيبات جتارة حرة(إلغاء تعريفات الرسوم
اجلمركية وقيود أخرى عن بضائع معينة) أو على شكل أسواق مشتركة( حترير مجيع
)(1
جون بيليس وستيف مسيث" ،عوملة السياسة العاملية"( ،ترمجة ونشر مركز اخلليج لألحباث) ،اإلمارات
والعربية املتحدة (،د،س ،ن) ،ص .899
) (2إكرام بدر الدين ،مرجع سابق ،ص .09
) (3زايد عبد اهلل مصباح ،مرجع سابق ،ص .894
واجلهود املاضية للتكامل اإلقليمي كانت غالبا مرتكزة على نزع احلواجز لتحرير
التجارة يف اإلقليم ،زيادة ،حرية احلركة للناس ،اليد العاملة ،البضائع ،رأس املال عرب
اجلهات الوطنية ،ختفيض إمكانية الصراع اإلقليمي املسلح( مثال :بواسطة الثقة
وإجراءات بناء األمن) وتبىن موافقة إقليمية متماسكة حول القضايا السياسية ،كالشبيهة
بالبيئة ،مثل اليت تستطيع االرتكاز إما على نظام مؤسسة صناعة القرارات الفوق قومية
أو احلكوماتية.
إذا فالتكامل اإلقليمي كان قد حدد كمجموعة من الدول اليت ترتكز على موقع
منطقة جغرافية من اجل محاية آو ترقية املشاركني ،ويتم تثبيت هذا بواسطة معاهدة أو
اتفاقات أخري" ،حدد التكامل اإلقليمي كظاهرة لعامل أوسع من النظم االقليمية اليت
تزيد من التفاعالت بني مكوناهتا وتتبع شكال جديدا من املنظمات اليت تتعايش مع
األشكال التقليدية للدولة اليت تقود املنظمة على املستوى الوطين.
وإىل غاية فترة إعادة البناء ما بعد احلرب العاملية الثانية مل يبدأ التقارب بني
نظرية التكامل والتطبيق السياسي ،فمعظم مشاريع التكامل اجلهوي بعد عام 0499أنتجت
مجاعات سياسية وخبت سيادة الدولة وهيمنتها على الزناع يف النظام الدويل وأرادت
تعويض الدولة القومية بإعادة التنظيم االجتماعي والسيادة وكالمها حتت دور احلدود
الوطنية.
حيث يرى "نورمان آجنل" ":أنه نتيجة لزيادة االعتماد املتبادل مع مطلع عام
()1
0414بني الدول األوربية أصبح الزناع غري مرغوب فيه وغري مربح باملفهوم املادي".
وتندرج دراسة التكامل يف إطار أربع نظريات ،لكل منها بؤرة الدراسة اخلاصة هبا
وكذلك إستراتيجية البحث اليت تتبعها.
*
احلكم الراشد :يقصد باحلكم الر اشد جمموعة القواعد اليت تقوم عليها آليات واملؤسسات والفاعلني يف
الدولة والشركاء االجتماعيني ،واليت حتدد أنواع التداخل القائمة بني هذه الوحدات من خالل قدرة
املؤسسات والوحدات املختلفة يف الدولة على استعمال اإلمكانيات واملوارد املتاحة من اجل الوصول إىل
األهداف املرسومة بطرق عقالنية.
) (1جيمس دوريت وربرت بلستغراف ،مرجع سابق ،ص .82
019 العدد الثالث -أكتوبر 8102
التكامل الدولي :دراسة يف املفاهيم واملقاربات النظرية ــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-0النظرية االحتادية:
ميكن تقسيم املنظرين االحتاديني للتكامل إىل جمموعتني أيديولوجية هتتم ببناء
نظرية للعمل تؤدي إىل إنشاء احتاد إقليمي ،وجمموعة ثانية تعين بدراسة ومراقبة
أمناط التكامل اإلقليمي وتتفق اجملموعتان يف اهتمامهما بدراسة املؤسسات وإنشائها ومها
تكرسان جهودمها كذلك لكتابة الدساتري والبحث يف تاريخ الكيانات االحتادية القائمة.
وأسلوب اجملموعة األوىل أكثر أيديولوجية ،واالحتياجات املنسوبة إىل الشعوب
واألمم هي املكونات ألساسية لنظريتها وتفترض هذه النظرية أن هذه الشعوب واالسم
ومبجرد قوة احتياجاهتا ستصل أو جيب أن تصل يف النهاية إىل نظام احتادي ويصف
أتباع هذه النظرية االستراتيجيات والنماذج الضرورية لقيام ملؤسسات ولتحقيق التضامن
()1
اإلقليمي.
أما جمموعة املنظرين /املراقبني ،فإهنا مع اهتمامها باملسائل املؤسسية ،فقدت
تدرجييا هويتها اخلاصة منهج مستقل يف دراسة التكامل واقتربت من أتباع الوظيفية-
اجلديدة ولقد استمرت هذه اجملموعة على متسكها باالحتادية ألسباب تتعلق باستخالص
القواعد إال أهنا مع ذلك ال تصل إىل حد اعتبار أن كل آفات اجملتمع ترجع إىل التشتت
وإن االحتادية طهي العالج السحري هلا وال يتحدث املنظرون /املراقبون على االحتياجات
هي العالج السحري هلا وال يتحدث املنظرون /املراقبون عن االحتياجات الشعبية قدر
حديثهم عن التوزيع األمثل للمهام بني الوحدات احلكومية يف إطار مشاركة شعبية
متزايدة ولقد أولوا كذلك اهتماما متزايدا للمسائل اخلاصة بالعملية التكاملية ووصل
كارل فريديريش و هو أهم املنظرين االحتاديني إىل احلديث عن عملية نشأة االحتاد
بعبارات ال ختتلف كثريا عن جممل املطالب والتوقعات واملساومة الرشيدة وعن املؤسسات
()2
اليت يراقبها وحيدد معاملها أتباع الوظيفية -اجلديدة.
ولقد حدد لنا كارل دويتش جمموعة من الشروط لتحقيق إحتاد فدرايل وهي
()3
كاآليت:
-االنسجام املشترك يف القيم الرئيسية.
)(1
جنديل عبد الناصر ،التنظيم يف العالقات الدولية بني االجتاهات التفسريية والنظريات التكوينية،
اجلزائر ،دار اخللدونية للنشر والتوزيع ،ط ،8119 ،0ص .824
) (2املرجع نفسه ،ص .891
) (3عامر مصباح ،نظريات حتليل التكامل الدويل ،اجلزائر :ديوان املطبوعات اجلامعية ،ط ،8112 ،8ص ص
.22-28
على أن يتخذوا سبيال للسلوك لفترة طويلة بقصد حتقيق هدف يكونوا قد حددوه مسبقا
ويعترب هؤالء املنظرون أن هؤالء والفاعلني تزل أقدامهم وهم ينتقلون من جمموعة من
القرا رات إىل جمموعة أخرى ألهنم ال يستطيعون التنبؤ بكل أثار ونتائج اجملموعة األوىل
ويرى الوظيفيون -اجلدد أن التكامل يبدأ بسياسات الرفاهة Low Politicsوهي أكثر
خالفية وتدخل بالتايل حتوالت على املنظومة اليت ينتمي إليها أطراف التكامل وميكن أن
تنشأ سلطة مركزية جديدة كنتيجة غري متوقعة يف البداية لإلجراءات التصاعدية اليت
()1
تسري فيه الوحدات األخذة يف التكامل.
ويربز بعض الوظيفيني اجلدد دور الفاعلني األفراد الذين يتصورون عملية التكامل
قبل حدوثها ويتدخلون فيها ،أما للتعجيل هبا وأما لفهمها يلخص جوزيف ناي جيدا عملية
التكامل كما تصورها يف األصل الوظيفيون -اجلدد .كان هؤالء يرون أن الفاعلني املهمني يف
عملية التكامل هم التكنوقراطيني التكامليني وبعض جمموعات املصاحل وهم يدفعون
احلكومات إىل إنشاء منظمة للتكامل االقتصادي اإلقليمي لعدة أسباب ،وتؤدي هذه
اخلطوة ووفقا لدرجة االلتزام األصلية إىل اختالالت قطاعية ،وإىل تدفقات متزايدة من
()3
منطقة ما.
* قدرة الدول األعضاء على التكيف والتجاوب :فاحلكومات يف الدول املتخلفة مشهور عنها
أهنا ضعيفة يف قدرهتا على التعهد أمام جمتمعاهتا.
فمثال يرى "ميغال وايتروك" أنه يف اهلندوراس ويف السوق األمريكية املركزية
املشتركة " "KACMدائما هلا األولوية يف االستفادة من القروض اليت مينحها ،لكن حكومته
()4
وجدت صعوبة يف حتضري املشاريع الفعالة اليت تنفق فيها األموال.
ب -الشروط اإلدراكية:Perceptuel Conditions :
يرى ناي أن هناك ثالثة شروط إدراكية وهي:
* إدراك اإلنصاف يف توزيع املنافع :وهذا يعتمد على إدراك صناع القرار بأنه جيب أن
يكون هناك إنصاف يف توزيع املنافع بني الدول األعضاء يف التكامل كلما توفر مناخ جيد
()1
ومناسب لنجاح عملية التكامل.
وقد ركز دوتش على قيمة األمن كغاية للتكامل على اعتبار أن األمن " هو احلالة
األساسية اليت ميكن يف ظلها التمتع مبعظم القيم األخرى" وعرف األمن بأنه قيام السلم
وتدعيمه ك ما أعطاه مضامني أخرى مثل تأمني الثروة وامللكية واملؤسسات والرموز واملراكز
الطبقية والعادات واأليديولوجية والثقافة واحترام الذات وغريها من القيم اليت تبدو
جديرة بالدفاع عنها بالنسبة ملعظم الناس وحيث أن الدول قد أظهرت عدم كفايتها
()3
حلماية هذه القيم فإن الناس يلقون آماهلم على املنظمات الدولية حلماية هذه القيم.
ولقد وضع كارل دويتش مهام التكامل وشروطه وعوامل تفككه وأنواعه من خالل
دراسة األربعة عشر حالة تكاملية يف العامل .وخلص دويتش إىل القول بأن التكامل
ينهض بأربع مهام رئيسية وهي:
-حفظ السالم
-التوصل إىل إمكانات كبرية متعددة األغراض
) (1نظريات التكامل الدويل :دراسة حالة للخربة التكاملية العربية ،مرجع سابق.
إلجناز اخلدمات واألغراض احلكومية العامة واحملددة ورمبا يوفر شعورا أكرب بالشخصية
والطمأنينة النفسية للصفوة واجلماهري.
ويقدم كارل دويتش جمموعة من الشروط اليت وردت يف إحدى الدراسات لقيام
جمتمع أمن مندمج وهي:
-0التطابق املتبادل بالنسبة للقيم الرئيسية املرتبطة بالسلوك السياسي.
- 8أسلوب معيشة مميز وجذاب
-2توقعات لروابط اقتصادية قوية ومفيدة أو عائد مشترك.
-9زيادة ملحوظة يف املوارد والقدرات السياسية واإلدارية على األقل بالنسبة لبعض
الوحدات املشاركة.
-9منو اقتصادي أعلى األقل بالنسبة لبعض الوحدات املشاركة.
-2بعض الروابط اهلامة املتصلة اخلاصة باالتصال االجتماعي عرب احلدود املشتركة
لألقاليم املرتقب تكاملها وعرب حواجز بعض الطبقات االجتماعية الرئيسية داخلها.
-9توسيع نطاق الصفوة السياسية داخل بعض الوحدات على األقل وبالنسبة للمجتمع
الناشئ األكرب ككل.
) (1نظريات التكامل الدويل :دراسة حالة للخربة التكاملية العربية ،مرجع سابق.
اجملتمعات.
قائمة املراجـع:
أوال -باللغة العربية:
أ -الكتب:
-0العقايب (علي عودة) ،العالقات السياسية الدولية :دراسة يف األصول والتاريخ والنظريات" ليبيا :دار
الكتب الوطنية ،ط.0442 ،0
-18إكرام (بدر الدين) .،قضية التكامل على املستوى النظري ،جملة السياسة الدولية.0492 ،
-12إدريس (حممد السعيد) ،حتليل النظم اإلقليمية :دراسة يف أصول العالقات الدولية اإلقليمية:
األهرام مركز الدراسات السياسية أو اإلستراتيجية.8110 ،
-19جون (بيليس) وستيف (مسيث)" ،عوملة السياسة العاملية" ( ،ترمجة ونشر مركز اخلليج لألحباث)،
اإلمارات والعربية املتحدة (،د،س ،ن).
-19جنديل (عبد الناصر) ،التنظيم يف العالقات الدولية بني اإلجتاهات التفسريية والنظريات التكوينية،
اجلزائر ،دار اخللدونية للنشر والتوزيع ،ط.8119 ،0
-12زايد (عبد اهلل مصباح) ،السياسة الدولية بني النظرية واملمارسة ،طرابلس ،ليبيا :دار رواد ،ط،0
.8118
-19علي (القزويين) ،التكامل االقتصادي الدويل واإلقليمي يف ظل العوملة ،طرابلس :منشورات أكادميية
الدراسات العليا8119 ،