Professional Documents
Culture Documents
أبحاث قانونية ومواضيع عن موانع الرجوع في الهبة
أبحاث قانونية ومواضيع عن موانع الرجوع في الهبة
ماس تر الدراس ات القانوني ة والعقاري ة كلي ة العل وم القانوني ة ،االقتص ادية واالجتماعي ة -م راكش
تعتبر الهبة من عقود التبرع التي اباحتها الش ريعة االس المية الغ راء ورغبت فيه ا لم ا له ا من دور في تقوي ة
التض امن بين االف راد وتك ريس مب ادئ االخالص والوف اء ،والمش رع المغ ربي لم ينظم احك ام عق د الهب ة اال
بصدور مدونة الحقوق العينية
حيث قبل صدور هذه االخيرة كانت تطبق احكام الفقه المالكي باعتباره المذهب الرسمي للبالد.
وقد عرف المشرع المغربي الهبة بم وجب الم ادة 273من مدون ه الحق وق العيني ة بانه ا تملي ك عق ار او ح ق
عيني عقاري لوجه الموهوب له في حياة الواهب بدون عوض “
وإذا كان االصل في العقود هو اللزوم اي ان العقد يلزم طرفيه وال يستطيع أحد الطرفين المتعاق دين بع د العق د
التحلل من االلتزامات التي يرتبها هذا االخير بإرادته المنفردة الن في ذلك تغيير في المراكز القانونية
وإذا كانت الهبة عقد من العقود فانه المحالة تخضع لهذا االصل اي انها عقد الزم ال مج ال ان ينف رد في ه أح د
طرفيه بتعديل احكامه او نقضه اال بمقتضى نص في القانون او االتفاق
اال ان هذا المبدأ بطبيعة الحال ترد عليه استثناءات من بينها امكاني ة الرج وع في الهب ة من ط رف ال واهب إذا
توافرت الشروط وانتفت الموانع ،وقد أشار المشرع المغربي بمقتضى مدونة الحقوق العينية لح االت الرج وع
في الهبة كما انه حدد وعدد الموان ع ال تي تح ول دون اس تعمال ه ذه المكن ة تكريس ا وترس يخا لمب دأ اس تقرار
المعامالت.
وه ذه الدراس ة ستقتص ر على ج انب واح د من احك ام عق د الهب ة ،يتعل ق االم ر بح االت الرج وع في الهب ة
المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية اضافة الى الموانع التي تحول دون الرجوع في الهبة.
وعليه سنقوم بتقسيم هذا الموضوع الى مبحثين سيرا على المنوال التالي:
ارن ربي والمق انون المغ ة في الق ار الهب االت اعتص المبحث االول :ح
ارن ربي والمق انون المغ ار في الق ع االعتص اني :موان المبحث الث
ربي انون المغ ة في الق ار الهب االت اعتص المبحث االول :ح
بداية ال بد من اإلشارة إلى أن المشرع المغربي لم ينظم عقد الهبة إال بم وجب ق انون 39-08المتعل ق بمدون ة
الحقوق العينية ،لذلك فإن مسألة اعتصار الهبة أو الرجوع فيها كان المرجع فيها الراجح والمشهور وما ج رى
به العمل في الفقه المالكي.
وقد نظم المشرع المغربي اعتصار الهبة بمقتضى المواد من 283إلى 289من مدونة الحقوق العينية.
وإذا كان المشرع عادة ال يتدخل في مسألة التعريفات باعتبار أنها متروكة للفقه والقضاء ،فإن الم ادة 283من
مدونة الحقوق العينية عرفت االعتصار بأنه ” رجوع ال واهب في هبت ه ويج وز في ح التين…” وعلي ه يمكن
القول ،أن االعتصار حالة استثنائية ترد على عقد الهبة إذا ما تحققت حاالت معينة واردة حصرا تجيز للواهب
إرجاع الشيء الموهوب وانتفت موانع تحول دون ذلك.
وتأسيسا على ما سبق ،سنقسم ه ذا المبحث إلى مطل بين ،س نتناول في (المطلب االول) ح االت االعتص ار في
مدونة الحقوق العينية ،في حين سنخصص (المطلب الثاني) لحاالت الرجوع في بعض التشريعات المقارنة.
المطلب االول :حاالت االعتصار في ضوء مدونة الحقوق العينية يعد الفقه المالكي صرحا من الصروح ال ذي
استقت منه مدونة الحقوق العينية بعض احكامها ،لذلك نجد ان مصطلح االعتصار انفرد به فقهاء المالكية دون
غيرهم من المذاهب االخرى التي تستعمل مصطلح الرجوع.
واالعتصار كما تم تعريفه من قبل ابن عرف ه رحم ه هللا ه و “ارتج اع المعطي عطيت ه دون ع وض ال بط وع
المعطى
كما عرف المشرع المغربي بدوره االعتصار بموجب الم ادة 283من مدون ة الحق وق العيني ة بقول ه “رج وع
الواهب في هبته ويجوز في حالتين …”
والمالحظ ان المشرع المغربي لم يترك باب االعتصار مفتوحا على مصراعيه ،وانما حدد الحاالت التي يح ق
فيها للواهب الرجوع في الهبة على سبيل الحصر وهك ذا سنقس م ه ذا المطلب الى فق رتين س نعالج في االولى،
اعتصار االبوين ،على ان نتناول في الثانية ،حالة العجز عن االنفاق ورجوع الخاطب في هديته.
وين ار األب رة االولى :اعتص الفق
لم يفتح المشرع المغربي حق اعتصار الواهب للهبة على عواهنه ،وإنما حدد ح االت معين ة واردة على س بيل
الحصر ال يجوز القياس عليها او التوسع في تفسيرها.
وباستقراء م ا ج اء بص در الم ادة 283من م.ح.ع نج د المش رع نص على ح التين يج وز فيهم ا االعتص ار
وهما:
دا ان او راش را ك دهما قاص ه االب او االم لول ا وهب “اوال :فيم
”..…: ثانيا
وهكذا سنتناول في هذه الفقرة حالة اعتصار االب (اوال) ثم حالة اعتصار االم(ثانيا)
ار االب اوال :اعتص
انطالقا من المادة 283من م.ح.ع يتضح بجالء ان المشرع خول لألب امكاني ة اعتص ار الهب ة ال تي س بق ان
وهبها ألبنائه سواء كانوا قاصرين ام راشدين ذكورا او اناثا.
وتجد حالة اعتصار االب لهبته سندها في القاعدة الفقهية القائلة ” االبن ألبيه وما ملك” والتي تج د أساس ها في
الحديث النبوي الشريف ” :يا رسول هللا إن لي ماال وولدا وإن أبي يريد أن يحتاج مالي فقال أنت ومال ك ألبيك
“
وفي هذا اإلطار يقول ابن عاصم في تحفته:
ة األب دا للمحب ا يهب أوالده قص از فيم ار ج “واالعتص
والمالحظ أن المادة 283المومأ إليه ا أعاله نص ت فق ط على األب واألم مم ا يع ني اس تبعاد الج د والج دة من
المخول لهم حق الرجوع في الهبة.
وتجب اإلشارة إلى أن اعتصار الهبة من قبل الواهب مقيد ببعض الشروط تطبيقا للم ادة 284من م.ح.ع ال تي
تنص “ال يجوز للواهب أن يعتصر ما وهب إال إذا أشهد باالعتصار وتم التنصيص علي ه في عق د الهب ة وقب ل
بذلك الموهوب له”
إضافة إلى ذلك تنص الم ادة 286من نفس المدون ة على أن ه “ال يمكن االعتص ار إال بحض ور الموه وب ل ه
وموافقته أو بحكم قضائي بفسخ عقد الهبة لفائدة الواهب”
واخيرا نشير الى ان المشرع المغربي تبنى نفس احكام الفقه المالكي في تنظيمه لالعتص ار من جه ة االب في
مدونة الحقوق العينية.
ار االم ا :اعتص ثاني
بعد تناولنا لحالة اعتصار االب سنتطرق لحالة اعتص ار االم بن اء على الح ديث الش ريف “ال يح ل للرج ل ان
يعطي العطية فيرجع فيها اال الوالد فيها اعطى لوالده”.
وتأسيسا على هدا الحديث ومن باب القياس ،تم الحاق حكم اعتصار االم ب األب لتس اويهما في مرتب ة الوال دين
الن الوالد في اللغة يطلق على االب واالم.
لكن م ا يجب ان نش ير الي ه ه و ان فقه اء المالكي ة اس تلزموا ش رطا اساس يا في اعتص ار االم وال ذي يعت بر
خصوصية تميز اعتصار االم عن اعتص ار االب ،اذ ليس له ا الح ق في ان تعتص ر م ا وهبت ه بع د موت ه الن
هبتها والحالة هذه تأخذ حكم الصدقة وهذه االخيرة ال اعتصار فيها.
وفي هذا الصدد يقول ابن عاصم في التحفة:
ذكر ار ي از االعتص ر وحيث ج ا حي االب تعتص واالم م
لكن برجوعنا الى المادة 283من مدونة الحقوق العينية نج دها لم تقي د اعتص ار االم ب اي قي د او ش رط وانم ا
ساوت بين االب واالم.
وفي اعتقادي المتواضع ،حسنا فعل المشرع المغربي لما ساوى بين اعتصار االب واعتصار االم “الن النساء
شقائق الرجال في االحكام .كما ان مصطلح الوالد ينصرف على االب واالم وما قلنا عن االب يسري على االم
اذ البد من االشهاد على االعتصار والتنصيص عليه في عقد الهبة وان يقبل بذلك الموهوب له
وعالوة على ذلك يشترط حضور الموهوب له وموافقت ه على االعتص ار او بحكم قض ائي يقض ي بفس خ عق د
الهبة.
وتجدر االشارة ان حق الرجوع في الهبة قبل صدور مدونة الحقوق العيني ة ك ان يقتص ر فق ط على االب واالم
دون حاالت اخرى موجبة للرجوع كالعجز عن االنفاق …وهذا ما س ار علي ه المجلس االعلى س ابقا “محكم ة
دى قراراته. ا في اح النقض حالي
حيت جاء في قرار له عدد 381الصادر 10/09/2003ما يلي … “حيت انه من المقرر في الفقه المالكي ان ه
ال يجوز الرجوع او االعتصار في الهبة اال لالب واالم وبشروط محددة فقها عمال بقوله عليه الصالة والس الم
“ال يح ل للرج ل ان يعطي العطي ة ف يرجع فيه ا اال الوال د فيم ا اعطى لول ده …”
بناء على ما سبق إذا كنا ق د تعرض نا لح االت اعتص ار االب وين فه ل ثم ة ح االت اخ رى يح ق فيه ا لل واهب
الرجوع في هبته؟
اطب في هديته وع الخ واهب ورج ر ال التي عس ة :ح رة الثاني الفق
وسعت مدونة الحقوق العينية من دائرة االشخاص الذين يحق لهم الرجوع في الهب ة ،فبع دما ك ان االم ر س ابقا
مقتصرا على االب واالم فقط.
أصبح حاليا بموجب هذه المدونة للواهب العاجز عن االنفاق حق الرجوع في الهبة التي ك ان ق د وهبه ا وذل ك
عمال بمقتضيات المادة 283من نفس المدونة التي جاء فيها
التين: وز في ح ه ويج واهب في هبت وع ال ار رج راد باالعتص “ي
اوال .…:
تانيا :إذا أصبح الواهب عاجزا عن االنفاق على نفسه او على من تلزمه نفقته
كما ان هناك حالة اخرى للرجوع غير واردة في مدونة الحقوق العينية وانما اشارت اليه ا الم ادة 8من مدون ة
االسرة التي جاء فيها “لكل من الخاطب المخطوبة ان يسترد ما قدمه من هدايا م ا لم يكن الع دول عن الخطب ة
من قبله ترد الهدايا بعينها او بقمتها حسب االحوال”.
وإذا كان معرض بحثنا يقتصر فقط على م ا ج اءت ب ه مدون ة الحق وق العيني ة فان ه ال ح رج من االش ارة الى
نصوص قانونية ذات الصلة بالموضوع الن النصوص القانونية كالبنيان المرص وص ينبغي ان يكم ل بعض ها
البعض االخر.
وهكذا سنتطرق لعسر الواهب عن االنفاق (اوال) ثم رجوع الخاطب في هديته (ثاني ا) اوال :عس ر ال واهب عن
االنفاق
بمقتضى مدونة الحقوق العينية لم يعد حق اعتصار الهبة منحصرا ومقتصرا عن االبوين فقط بل يج وز ايض ا
للواهب العاجز عن االنفاق على نفسه او على من تلزمه نفقته الرجوع في هبته
وبدلك تكون هذه المدونة ق د فتحت الب اب ام ام ك ل واهب تب دلت حالت ه من س تر او يس ر الى عج ز او عس ر
للرجوع في هبته
وفي نظرنا المتواضع حسن فعل المشرع المغربي لما نص على ه ذه االمكاني ة ألن ه ال يعق ل ان يهب ش خص
هبة عبارة عن عقار وبعد ذلك تضيق به السبل فأصبح عاجزا عن تحص يل لقم ة العيش والموه وب ل ه يتمت ع
بعق اره غ ير آب ه وال مب ال لعج ز ال واهب وح تى القواع د الفقهي ة تؤك د على ان دف ع الض رر اولى من جلب
المصلحة.
كما تؤكد ايضا ان الضرر يزال لذلك ال مناص من تمكين الواهب من اس ترداد عق اره لع ل وعس ى ان يخ رج
من فقره وإمالقه الذي اصابه.
وعموما لكي تتحقق حاالت الرجوع في الهبة بسبب عسر الواهب البد من توفر شرطين اساسيين هما:
-عجز الواهب عن االنفاق اي ان يكون هذا العجز الحقا على عقد الهب ة وذل ك بإثب ات قص ر ذات الي د وغلب ة
الفقر بوسيلة اثبات معتبرة قانونا.
-عجز الواهب عن االنفاق عن نفسه وعلى من تلزمه نفقته.
وب الرجوع الى الم ادة 187من مدون ة االس رة نج دها تنص على م ا يلي« :س باب وج وب النفق ة على الغ ير
الزوجية والقرابة وااللتزام “
إعماال للمادة المومإ اليها اعاله يتبين ان الواهب يمكنه الرجوع في هبت ه م تى عج ز عن االنف اق على زوجت ه
وان تعددت ونفقة مطلقته حال وجوبها عليه وهنا نتساءل مع االستاذ حسن منصف هل يتسع االمر ليشمل حتى
مستحقات المطلقة من متعة وغيرها؟
وفي هذا الصدد يطرح سؤال آخ ر بخص وص حال ة ال واهب القاص ر عن االنف اق على نفس ه لكن ه عج ز عن
االنفاق على ابنائ ه ال ذين تجب علي ه نفقتهم ،وبالت الي فاإلنف اق في ه ذه الحال ة يجب على امهم الموس رة طبق ا
للمادة 199من مدونة االسرة فهل يجوز له الرج وع في الهب ة مع ه ان ه اض حى غ ير مل زم بنفق ة االبن اء الن
القانون اوجبها على امهم الموسرة في حالة عسره؟
على هذا السؤال يجيب االستاذ حسن منصف بأحقية االب في االعتصار الن االصل في العقود هو الل زوم ام ا
الرجوع ما هو اال استثناء ،وهذا االخير ال يتوسع في تفسيره.
وفي هذا الخضم ،نعتقد ان حالة الرجوع في الهبة بسبب عجز الواهب ال محال ة س يتمخض عنه ا جمل ة من
االشكاالت القانونية نذكر بعضها كاالتي:
إذا كانت المادة 283من م ح ع نصت على امكانية رجوع الواهب في هبت ه بس بب عج زه عن االنف اق فه ل
سيتم اثبات هذا العجز بوسيلة اثبات معينة؟
في اعتقادنا المتواضع ما دام ان المشرع لم يستلزم وسيلة معينة إلثبات العجز ومادام العجز عن االنفاق مسالة
مادية ،فالواهب يمكنه اثبات عجزه بكافة وسائل االثبات المنصوص عليها في الفصل 404من ق.ل.ع.
لتظل من بين االشكاالت المطروحة ،هل يمكن لألف راد ال ذين يجب االنف اق عليهم من قب ل ال واهب ،المطالب ة
باعتصار الهبة نتيجة الضرر ال ذي مس هم من ج راء ت برع ال واهب بهبت ه وع دم رغبت ه في اعتص ارها رغم
وجود مطرقة العسر؟
كما يحق لنا ان نتساءل ،هل الحاالت الواردة في المادة 283من م.ح.ع والتي تسمح بالرجوع في الهبة ،يمكن
االعتصار فيها بقوة القانون ام البد من احترام مقتضيات المواد 284و286؟
جوابا على هذا السؤال نشير الى احدى قرارات المجلس االعلى الصادر بتاريخ 09/04/2008
والدي جاء فيه “… .وحيث ان المحكم ة لم ا ناقش ت الفق ه المعم ول ب ه وثبت له ا ان الطالب ة اش ترطت ع دم
الرجوع في الموهوب وان هذا الشرط ملزم وان العقد شريعة التعاقدين طالما قد نشأ صحيحا …”.
وفي اعتقادي ول و ان م ا ذهب الي ه المجلس االعلى”محكم ة النقض حالي ا “ك ان قب ل ص دور مدون ة الحق وق
العينية اال انه يتماشى مع ما كرسه ورسخه المشرع في المادة 286من هذه المدون ة ال تي تس تلزم التنص يص
على االعتصار في صلب عقد الهبة.
ثانيا :رجوع الخاطب فيما اهداه لخطيبته
بالرغم من ان مدونة الحقوق العينية لم تشر الى هذه الحالة اال ان تكامل النصوص القانونية وانسجامها يفرض
االشارة اليها ولو على سبيل االقتضاب .وهكذا تنص المادة 5من مدونة االسرة على ان الخطبة ” تواعد رجل
وامرأة على الزواج …”وبعيدا عن اختالف المذاهب الفقهية حول مصير الهدايا في حالة فس خ الخطب ة اال ان
المادة 8من مدونة االسرة تنص صراحة على ما يلي
“لكل من الخاطب والمخطوبة ان يسترد ما قدمه من هدايا ما لم يكن العدول عن الخطبة من قبل ه ،ت رد اله دايا
بعينها او بقيمتها حسب االحوال”
يستشف من هذه المادة ان الخاطب يحق له ان يسترد الهدايا ال تي ق دمها لخطيبت ه ،م تى ك ان س بب الع دول ال
يعزى اليه سواء كان العدول من المخطوبة بم برر او ب دون م برر الن ال واهب وهب بش رط اتم ام ال زواج ن
ولما تسببت المخطوبة في عدم اتمامه جاز له استرجاع ما اهداه خالل الخطبة.
وقد جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف بمكناس ما يلي:
“حيث ان المحكمة ثبت لها احقية الخاطب في استرجاع هداياه ،عندما تبين لها ان م ا ق امت ب ه المخطوب ة من
تصرفات تجاه خطيبها االول ينم عن سوء نية واعتبر معه العدول من جانبها …”
كما يحق للمخطوبة استرداد ما اهدته لخطيبها متى كان سبب العدول يعزى الي ه م ادام ان الم ادة 5من مدون ة
االس رة اس تعملت عب ارة” تواع د «ال تي تتس ع للخ اطب والمخطوب ة عكس م ا نص ت علي ه مدون ة االح وال
الشخصية الملغاة التي استعملت عبارة ” وعد”.
وختاما ينبغي التمييز بين حكم الهدايا اثناء الخطبة واثناء الزواج ،حيث ان ما يهبه الزوج لزوجته قبل البناء او
بعده ال يجوز له الرج وع في ه م ا دامت رابط ة الزوجي ة قائم ة بينهم ا عمال بالم ادة 285من مدون ة الحق وق
العينية.
كما يجب التأكيد على ان االعتصار يبقى دائما مش روطا باإلش هاد علي ه والتنص يص غلى ذل ك في عق د الهب ة
وقبول الموهوب له بذلك اعماال لمقتضيات المادة 284من م.ح.ع.
وجدير بالذكر انه ال يمكن االعتصار اال بحضور الموهوب ل ه وموافقت ه او بحكم قض ائي يقض ي بفس خ عق د
الهبة لفائدة الواهب.
ريعات المقارنة وع في بعض التش االت الرج اني :ح المطلب الث
نصت بعض القوانين المقارنة بدورها على الحاالت التي يمكن فيها للواهب اعتص ار الهب ة وذل ك إذا ت وافرت
موجبات هذا الرجوع ورب سائل يسأل عن سبب استعمالنا لمصطلح الرجوع بدل االعتصار ،ف الجواب بس يط
حيث سبق ان أكدنا على ان لفظ االعتصار مالكي صرف.
وسنسلط الضوء في هذا اإلطار على كل من القانون الفرنس ي والمص ري ثم الق انون االردني (الفق رة االولى)
اضافة الى القانونين التونسي والجزائري (الفقرة الثانية).
ري واالردني ي والمص انون الفرنس وع في الق االت الرج رة االولى :ح الفق
سنعالج في هذه الفقرة ح االت الرج وع في الهب ة في الق انون الفرنس ي (اوال) ثم نس لط الض وء على الق انونين
المصري واالردني(ثانيا)
اوال :حاالت الرجوع في القانون الفرنسي
بالنسبة للقانون الفرنسي نجده ينص على ان الرجوع في الهبة غير جائز اص ال ،حيث نص الق انون الم دني
الفرنسي على ما يلي:
“الهبة بين االحياء ال يجوز الرجوع فيها “
غير انه اوجد عدة استثناءات على هذه القاعدة وقرر حاالت الرجوع كالتالي:
إذا لم تنفذ الشروط المتفق عليها في عقد الهبة
وب له ود الموه ة جح حال
واهب والدة ابن لل
الرجوع في الهبة بين االزواج
وإذا تطرقنا لكل على حالة على حدة بشيء من التفصيل لتبين ان االمر بالنسبة للمش رع الفرنس ي يختل ف عن
نظيره المغربي.
ففي الحالة التي ال يتم فيها تنفيذ شروط عقد الهبة من قبل الموهوب له جاز للواهب طلب فسخ الهبة.
اما حالة جحود الموهوب له ،فقد اعتبرها المشرع الفرنس ي س ببا للرج وع في الهب ة وجع ل الجح ود قائم ا في
ثالث حاالت واردة على سبيل الحصر حددتها المادة 955كالتالي:
ل…) ة القت رح ،محاول رب ،الج واهب (الض اة ال داء على حي االعت 1
2حال ة س وء المعامل ة وارتك اب جنح ة (س رقة ام وال ل واهب ،الض رب ،الج رح…)
3حال ة االمتن اع عن االنف اق (يح ق لل واهب االعتص ار إذا تق اعس الموه وب ل ه هن االنف اق)
اما في الحالة التي يولد ابن للواهب ،يحق لهذا االخير الرجوع في الهبة ال تي ك ان ق د وهبه ا في ال وقت ال ذي
ليس له ابن ،وموجب الرجوع في هذه الحالة ان الواهب لما وهب هبت ه ك ان يعتق د ان االبن اء غ ير ق ادر على
انجابهم.
واخيرا اجاز المشرع الفرنسي الرجوع في الهبات بين الزوجين سواء بين ازواج المستقبل او بمناسبة ال زواج
او خالل فترته.
ري واالردني انونين المص وع في الق االت الرج ا :ح ثاني
بالرجوع الى القانون المدني المصري نجده ينص على انه “يجوز للواهب ان يرجع في هبته إذا قبل الموهوب
له وإذا لم يقبل جاز للواهب ان يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع متى كان يستند في ذل ك على ع ذر
مقبول …”
وقد بين المشرع المصري الحاالت واالعذار التي يجوز فيها الرجوع وهي كالتالي:
واهب اه ال ه تج ه بالتزامات وب ل اخالل الموه 1
باب المعيشة ير اس واهب عن توف ز ال عج 2
ان يرزق الواهب بولد 3
من خالل ما سبق يتبين ان ح االت الرج وع في الق انون المص ري أق رب الى الح االت المنص وص عليه ا في
التش ريع الفرنس ي م ع االختالف في بعض الجزئي ات .ام ا بخص وص ح االت الرج وع في الق انون الم دني
االردني فنجد هذا االخير ينص على
ما يلي:
“يعتبر سببا مقبوال لفسخ الهبة والرجوع فيها ان يصبح الواهب عاجزا عن توفير اسباب المعيش ة او ان يعج ز
عن الوفاء بما يفرضه عليه القانون من النفقة واضاف نفس الق انون ” إذا قت ل الموه وب ل ه ال واهب عم دا او
قصدا بال وجه حق كان لورثته حق ابطال الهبة “
ري ي والجزائ انونين التونس وع في الق االت الرج ة :ح رة الثاني الفق
سنتناول في هذه الفقرة موجبات الرجوع في القانون التونسي (اوال) ثم نعرج على ما قرره المشرع الجزائري
بهذا الخصوص (ثانيا).
اوال :بالنسبة للقانون التونسي
بموجبالفصل 210من مجلة االحوال الشخصية التونسية ” يج وز لل واهب الرج وع م ع مراع اة حق وق الغ ير
المكتس بة قانون ا ،طلب الرج وع في هبت ه الح د االس باب االتي ة م الم يوج د م انع من الموانع:
واهب و ال ه نح ا يجب علي ه بم وب ل ل الموه إذا أخ
ير المعيشة اجزا عن توف واهب ع بح ال إذا أص
ان يرزق الواهب بعد الهبة بولد يظل حيا الى وقت الرجوع
ري انون الجزائ بة للق ا :بالنس ثاني
:تنص المادة 211من قانون االسرة الجزائ ري على ان ” لألب وين ح ق الرج وع في الهب ة لول دهما مهم ا
كانت سنه االفي الحاالت …”
يتضح من هذه المادة ان المشرع الجزائري اليزال يتشبث بأحكام الفقه المالكي التي تحصر حق الرج وع على
االبوين فقط مالم يوجد مانع من الموانع يحول دون ذلك.
فمن خالل هذه االطاللة السريعة على بعض القوانين المقارنة ،يتضح جلي ا ان المش رع المغ ربي وان ك ان ق د
حصر حاالت الرجوع في حالتين طبقا للم ادة 283من مدون ة الحق وق العيني ة وهم ا ،رج وع االب وين وحال ة
العجز عن االنفاق ،اال ان ما ذهبت اليه بعض القوانين السالفة ال ذكر ،خصوص ا المش رع االردني يبقى حري ا
بالتأييد عندما نص على ان قتل الموهوب له للواهب متعمدا موجب إلبطال الهبة من قبل الورثة.
وعلى سبيل القياس ،فالوارث الذي يزهق روح موروثه عمدا يكون ق د من ع نفس ه من االرث لت وافر م انع من
موانع االرث وهو القتل .
لذلك حبذا لو نص المشرع المغربي على هذه الحالة وجعل قتل الموهوب ل ه لل واهب س ببا إلبط ال عق د الهب ة
ألنه وان كانت هذه الحالة نادرة ،اال ان الندرة ال تعني العدم خصوصا مع نسمعه بين الفينة واالخ رى من قت ل
االصول.
وخالصة القول إذا كان المشرع المغربي قد فتح الباب للواهب للرجوع في الهب ة إذا تحققت موجبات ه ،فم اهي
الموانع التي تمنع الواهب من الرجوع في الهبة؟
ارن ربي والمق انون المغ ة في الق ار الهب ع اعتص اني :موان المبحث الث
إذا كانت اغلب التشريعات تفسح المجال للواهب للرجوع في الهبة التي سبق ان اعطاها للموهوب له ،فانه ثمة
موانع تحول دون استعمال هذه المكنة ،لذلك سنتطرق لموانع االعتصار المنصوص عليه ا في مدون ة الحق وق
العينية (المطلب االول)على ان نقوم بإطاللة على موانع الرجوع التي نصت عليها بعض التش ريعات المقارن ة
(المطلب الثاني).
المطلب االول :موانع االعتصار في ضوء مدونة الحقوق العينية
نقصد بداية بموانع االعتصار القيود التي تغل يد الواهب في الرجوع في الهبة ال تي س بق ان وهبه ا للموه وب
له ،وقد حدد المشرع المغربي هذه الموانع على سبيل الحصر ال المث ال وب الرجوع الى الم ادة 285من مدون ة
الحقوق العينية نجدها تنص:
ال يقبل االعتصار في الهبة إذا وجد مانع من الموانع التالية:
-1إذا ك انت الهب ة من أح د ال زوجين لألخ ر م ادامت رابط ة الزوجي ة قائمة
ار ل االعتص ه قب وب ل واهب او الموه ات ال -2إذا م
-3إذا مرض ال واهب او الموه وب ل ه مرض ا مخوف ا يحش ى مع ه الم وت ،ف اذا زال الم رض ع اد الح ق في
االعتصار.
-4إذا تزوج الموهوب له بعد ابرام عقد الهبة ومن اجلها
-5إذا فوت الموهوب له الملك الموهوب بكامله فاذا اقتصر التفويت على جزء من ه ج از لل واهب الرج وع في
الباقي
-6إذا تعامل الغير مع الموهوب له تعامال ماليا اعتمادا على الهبة.
-7إذا ادخل الموهوب له تغييرات على الملك الموهوب ادت الى زيادة مهمة في قيمته.
-8إذا هلك الموهوب في يد الموهوب له جزئيا جاز االعتصار في الباقي.
من خالل هذه المادة يتضح ان موانع االعتصار يتم تصنيفها الى ثالثة اصناف:
-موانع طارئة :تنحصر في الموت والمرض وتوظيف الهبة في الزواج او الدين.
موانع انتقال :تتجلى في تفويت الهبة لسبب من اسباب التفويت.
موانع التغيير :المقصود هنا انتقال الهبة من مظهر الى مظهرا بالزيادة او النقصان او الهدم
وعلى سبيل الدقة والتدقيق ،فجميع هذه الموانع تطرأ بعد الهب ة فتمن ع الرج وع ومن ثم يص دق عليه ا جميعه ا
اسم الموانع الطارئة
واستنادا الى ما سبق ارتأيناعدم تقسيم ه ذا المطلب الى فق رتين لس بب وحي د ه و محاول ة تن اول ك ل م انع من
الموانع على حدة ،تفصيال وتمحيصا لما نصت عليه المادة 285من مدونة الحقوق العينية
-1مانــــــــــع الزوجــــية:
إذا كانت مدونة الحقوق العينية قد سايرت الى حد كبير الفقه المالكي في موانع االعتصار فإنها استحدثت مانعا
جديدا ،ويتعلق االمر بالهبة من أحد الزوجين ما دامت رابطة الزوجية قائمة
وبمفهوم المخالفة فاذا انحل الزواج بفسخ او طالق او تطلي ق ج از للمف ارق ال واهب ان يرج ع في الهب ة ال تي
سبق ان وهبها للموهوب له متى توافرت اسباب الرجوع وانتفت الموانع
وعموما فمانع الزوجية يح ول دون اعتص ار الهب ة من قب ل أح د ال زوجين ،والمالح ظ ان ه ذا الم انع يخ الف
االمكانية المتاحة للخاطب للرجوع في الهدايا التي وهبها للمخطوبة
كما انه بالرجوع الى المادة 285من م .ح .ع نجدها ربطت المنع من االعتصار بقيام رابطة الزوجية ،ام ا إذا
انحلت لسبب من االسباب فيجوز االعتصار ،وهذا التوجه الذي سار عليه المشرع المغربي حسب بعض الفق ه
منتقد وكان على المشرع ان يحذو حذو القانونين المصري والسوري اللذان نصا على عدم امكانية الرجوع في
الهبة من أحد الزوجين سواء كانت رابط ة الزوجي ة قائم ة او منحل ة ول و اراد ال واهب الرج وع بع د انقض اء
رابطة الزوجية ،فقد يكون الواهب هو المتسبب في انفصام الزوجي ة وانحالله ا في ؤلم ب ذلك الط رف االخ ر ثم
يزيده الما اخر باعتصاره للهبة
عالوة على ذلك فتقييد منع االعتصار ببقاء الزوجية قائمة قد يض طر مع ه ال زوج الموه وب ل ه الى البق اء في
كنف الزوجية رغم ضنك العيش وذلك خشية اعتصار الواهب لما كان قد وهبه ايام الرخاء والهناء.
ونعتقد بدورنا ان منع الواهب من االعتصار سواء ابان رابط ة الزوجي ة او بع د انحالله ا توج ه س ليم وح ري
بالتأييد ،الن هللا جل وعال قال في كتابه المبين مخاطبا المطلقين ” وال تنس وا الفض ل بينكم ان هللا بم ا تعمل ون
بصير “
اضافة الى ذلك فرابطة الزوجية ليست كلها حياة عناء ومشاكل بل تعمها ايضا جوانب مشرقة مض يئة ،وح تى
إذا قدر هللا ان انحلت رابطة الزوجية بالطالق ،فهذا ال يعني نسيان الفضل والوف اء ،ف أي اخالص ووف اء يبقى
إذا فتح باب اعتصار الهبة بعد انقضاء العالقة الزوجية؟
-2مـــانـــع المـــوت:
يعد الموت مانعا من موانع االعتصار ان العالق ة انقض ت بين ال واهب والموه وب ل ه ونش وء حق وق الورث ة
حسب الفريضة الشرعية ويستوي في ذلك ان يكون الموت حقيقيا او حكميا كحالة المفقود الذي حكم بتمويته
وتجدر االشارة ان وفاة الواهب قبل ان يقبل الموهوب له الهبة يبطلها ويعتد بت اريخ تقيي د اراث ة ال واهب م تى
تعلق االمر بعقار محفظ ،ونفس االمر بالنسبة للموهوب له فوفاته قب ل ان يقب ل الهب ة يبطله ا وال يح ق لورثت ه
المطالبة بها
وعليه فالحالة التي تتحدث عنها المادة 285من م.ح.ع تتعلق بالهبة الصحيحة والمبرم ة في مح رر رس مي ثم
بعد ذلك أدرك الحمام (الموت) أحد عاقديها.
لذلك فموت الواهب يمنع ورثته من اعتصار الهبة الن ح ق الرج وع في الهب ة ح ق شخص ي يتعل ق ب الواهب
وجودا عدما ،كما ان وفاة الموهوب له مانع من االعتصار الن الحق ينتقل للورثة بالموت
-3مـــانـــع المـــرض المـخـوف:
لم يعرف المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية المرض المخ وف وق د عرف ه الش يخ خلي ل في مختص ره
بقوله ” وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به “
وعموما فمرض المخوف ،ه و الم رض ال ذي يخش ى مع ه الم وت س واء ك ان في م رض الم وت ال واهب او
الموهوب له ،فاذا كان الواهب هو الذي يعاني من المرض المخوف فلم يعد بإمكانه اعتصار الهبة ألنه والحالة
هذه سيعتصرها لغيره وهو ما يتنافى مع االعتبار الشخصي لالعتصار.
اما إذا كان الموهوب له هو المريض مرضا مخوفا ،فان علة منعه من الرجوع ،تكمن في تعل ق حق وق ورثت ه
بالعين الموهوبة .غير ان المشرع عاد ليؤكد انه بزوال المرض يعود الحق في اعتصار الهبـــــة.
وفي هذا المقام ،البد من االشارة ان مرض الم وت من المواض يع المتش عبة ،وم ا ي دل على ذل ك ان المش رع
بموجب المادة 280من م.ح.ع نص على ان الهبة في مرض الموت تسري عليها احكام الوصية.
لكن السؤال المطروح هو إذا كانت الهب ة الح د الورث ة ه ل تأخ ذ حكم الوص ية؟ والح ال ان الم ادة 280من
مدونة االسرة تنص على انه ال وصية لوارث؟
وقبل ختم هذه النقطة ،فالمجلس االعلى سابقا –محكمة النقض حاليا –ذهب في احدى قرارته الى االعتماد على
الشواهد الطبية وعلى اللفيف العدلي إلثبات المرض المخوف باعتباره واقعة مادية يجوز اثباته بجمي ع وس ائل
االثبات.
ه من اجـــل الهبـــة: -4مـــانــــع زواج الموهــوب ل
تعد حالة زواج الموهوب له من اجل الهبة احدى الموانع المنصوص عليها في المادة 285من م.ح.ع
وموجب ذلك ،ان الهبة في ه ذه الحال ة هي ال دافع الى ال زواج لواله ا لم ا أق دم الموه وب ل ه على اب رام عق د
ال زواج ومث ال ذل ك ان بعض االش خاص يزوج ون بن اتهم نظ را للثق ة الموض وعة في الش خص المقب ل على
الزواج وبالتالي إذا وهب الشخص هبته من اجل زواج بنته ،يمنع عليه الرجوع فيها.
-5مــانــــع التــفويـــت:
ينجم عن عملية التفويت انتقال الملكية من يد الى ي د اخ رى ،والتف ويت يك ون بع وض او ب دون ع وض ،ف اذا
تصرف الموهوب له مثال بالبيع او الصدقة …فانه يخرج الملك من يده لينتقل الى يد الغير وبالتالي ليس هن اك
محل االعتصار الهبة غير انه إذا اقتصر التفويت على جزء منه جاز للواهب الرجوع في الباقي
وقد أكد المجلس االعلى سابقا محكمة النقض حاليا في احدى قرارته ،ان التفويت مانع من االعتصار بقوله:
“…حيث ان تق ديم العق ار الموه وب حص ة في ش ركة بمثاب ة التف ويت الم انع من االعتص ار طبق ا للقواع د
رعية …” الش
بب الهبة: ه بس وب ل ع الموه ةم امالت المالي رام المع -6مـــانـــع اب
تدخل هذه الحالة في إطار موانع التفويت بشكل عام ،ومقتضى ذلك ان يتداين الموهوب له من اجل الهب ة ال تي
وهبت له كما لو كانت ارضا فيقترض ماال لفالحتها او اقامة بناء عليها …
ففي هذه الحالة ومثيالتها ال يحق للواهب االعتصار لتعلق حقوق الغير بالهبة وهم الدائنون
نفس الشيء إذا قدم العقار الموهوب كضمانة بنكية للحصول على قرض ،فلو تم السماح بالرجوع في الهبة في
هذه الحالة لعصفت بالعملية االئتمانية وهددت حقوق الدائنين وضربت بعرض الحائط مبدأ استقرار المعامالت
المالية
وفي هذا اإلطار رفضت استئنافية وجدة اعتصار الهبة لوجود دين عليها ،ومما جاء في قرارها ما يلي:
“…وحيث ان االمر المجتمع عليه عند المالكية فيمن نحل ولده نحال او اعطاه عطية ليست بصدقة ان يعتص ر
ذلك ما لم يستحدث الولد دينا يداينه الناس به ويأمنون عليه …”
وفي اعتقادي ،هذا التوجه الذي سارت عليه محكمة االستئناف بوجده يتماشى مع المنطق واستقرار المعامالت
وهو ما كرسه المشرع المغربي بمقتضى المادة 285من م.ح.ع بعد صدورها
وب: ك الموه يرات على المل ال تغي -7مـــــانـــع ادخ
انطالقا من المادة 285المومأ اليها اعاله إذا ادخل الموهوب له تغييرات على الملك الموه وب ادت الى زي ادة
مهمة في قيمته كان ذلك مانعا يحول دون اعتصار الهبة
وما يمكن ان نسجله بخصوص هذا المانع ان المشرع المغربي اعتد فقط بالتغيير الذي ينق ل الش يء الموه وب
من مظهر الى اخر بالزيادة فقط ولم ينص على التغيير الذي ينتج عنه نقصان قيمة الهبة ولم يعتد به كم انع من
االعتصار بخالف فقهاء المالكية الذين يعتبرون النقصان مانع ايض ا كتالش ي البن اء او تعيب البض ائع …الى
غير ذلك
عالوة على ذلك ،اشترط المشرع ان تكون التغييرات المدخلة على الشيء الموه وب ادت الى زي ادة مهم ة في
قيمته
لكن بالرجوع الى احدى قرارات محكمة النقض نجدها سارت على مس لك الم ذهب الم الكي عن دما قض ت ان
المانع يتحقق بالحاق تغيير سواء زاد في قيمة الموهوب او خفض منها ومما جاء في هذا القرار ما يلي:
” حيث صح ما عابته الوسيلة ،على القرار ذلك ان موان ع االعتص ار الح اق تغي ير في الهب ة س واء زي ادة او
نقصانا بشكل مؤثر او بالتحويل او بالهدم قال الشيخ خليل في مختصره ان لم تفت ال بحوالة سوق ب ل يزي د او
ينقص وجاء في المدونة الكبرى بالجزء 15ص 136فل ه ان يعتص ر هبت ه م الم يوج د دين او نك اح او تغي ير
… حالها
والمحكم ة لم ا اعت برت القض ية هب ة لم تجب الط البين عن مث ارهم بش أن موان ع اعتص ار الهبة
ولم تناقش ما استدلوا به في هذا الخصوص وتبحث فيه رغم اهمية الدفع مما يجعل قرارها ناقص التعليل وه و
رار للنقض رض الق ه ويع وازي انعدام ي
وفي نظري المتواضع ،اساير ما ذهبت اليه محكمة النقض في اعتبار النقصان في قيمة الشيء الموهوب م انع
ايضا الن في ذلك تكريس وترسيخ الحكام الفقه المالكي المعمول به في بلدنا
لذلك حبذا لو نص المشرع المغربي على ان نقصان قيم ة الهب ة م انع ايض ا من موان ع الرج وع خصوص ا ان
المادة االولى من مدونة الحقوق العينية تعطي امكانية الرجوع لما ج رى ب ه العم ل في الم ذهب الم الكي إذا لم
يكن ثمة نص في المدونة او في قانون االلتزامات والعقود.
-8مــانــع هــــالك الموهــوب في يــد الموهــوب لـــه:
نصت الفقرة الثامنة من المادة 285من م.ح.ع على انه:
إذا هلك الموهوب في يد الموهوب له جزئيا جاز االعتصار في الباقي”
واعماال لمفهوم المخالفة فانه ال اعتصار مع هالك الموهوب الندثار محل ه ،غيران ه إذا هل ك المل ك الموه وب
في يد الموهوب له هالكا جزئيا فانه يكون من حق الواهب الرجوع في الباقي
ريعات المقارنة وع في بعض التش ع الرج اني :موان المطلب الث
على غرار المشرع المغربي نصت بعض القوانين المقارن ة ب دورها على جمل ة من الموان ع ال تي تح ول دون
رج وع ال واهب في هبت ه وهك ذا ال ض ير وال ض رار في القي ام بإطالل ة س ريعة على بعض ه ذه الق وانين
_خصوصا منها العربية _ الن االنفتاح على هذه القوانين سيس اعدنا المحال ة في معرف ة م دى توف ق المش رع
المغربي حيال تنظيمه لموانع الرجوع في الهبة وسنقتصر في ه ذا اإلط ار على الق انونين المص ري واالردني
(الفقرة االولى) عالوة على القانونين التونسي والجزائري (الفقرة الثانية).
ري واالردني انونين المص وع في الق ع الرج رة االولى :موان الفق
سنتناول في هذه الفق رة موان ع الرج وع في الق انون المص ري (اوال) ثم نع الج ح االت المن ع من الرج وع في
ا) انون االردني(ثاني الق
ري انون المص وع في الق ع الرج اوال :موان
بالرجوع الى القانون المدني المصري نجده ينص “يرفض طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموان ع
التالية:
-1إذا حص ل للش يء الموه وب زي ادة متص لة موجب ة لزي ادة قيمت ه ف اذا زال الم انع ع اد الح ق >
د الهبة رفي عق دط ات أح -2إذا م
-3إذا ك انت الهب ة بين الزوجيـــن ول و اراد ال واهب الرج وع بع د انقض اء الزوجية
رفا نهائيا وب تص يء الموه ه في الش وب ل رف الموه -4إذا تص
رم ذي رحم مح ةل انت الهب -5إذا ك
-6إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له سواء ك ان الهالك بفعل ه او باس تعمال وبح ادث فج ائي ف اذا لم
اقي وع في الب از الرج ك اال بعض ج يهل
ا عن الهبة ه عوض وب ل دم الموه -7إذا ق
-8إذا كانت الهبة صدقة او عمال من اعمال البر
انون االردني وع في الق ع الرج ا :موان ثاني
وع في الهبة: ا من الرج بر مانع “يعت
رم ذي رحم مح ر او ل زوجين ألخ د ال ة من أح انت الهب -1إذا ك
-2إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفا ن اقال للملكي ة ف اذا اقتص ر التص رف على بعض ج از
اقي وع في الب الرج
د في قيمتها ة تزي لة ذات اهمي ادة متص ة زي -3إذا زادت العين الموهوب
د الهبة رف عق دط ات أح -4إذا م
-5إذا هل ك الش يء الموه وب في ي د الموه وب ل ه وإذا ك ان الهالك جزئي ا ج از الرج وع في الب اقي
وض ة بع انت الهب -6إذا ك
بر ة ال دقة او لجه ةص انت الهب -7إذا ك
-8إذا وهب الدائن الدين للمدين
الفقرة الثانية :موانع الرجوع في القانونين التونسي والجزائري
سنتطرق لموانع الرجوع في القانون التونسي(اوال) ثم نعرج على الموانع الوردة في القانون الجزائري (ثاني ا)
انون التونسي وع في الق ع الرج اوال :موان
بخص وص الق انون التونس ي فان ه ال يج وز طلب الرج وع في الهب ة إذا وج د م انع من الموان ع التالية:
ادة قيمته ة لزي لة موجب ادة متص وب زي يء الموه ل للش -1إذا حص
-2إذا ف وت الموه وب ل ه الش يء الموه وب ام ا إذا اقتص ر على بعض ج از الرج وع في الب اقي
-3إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له سواء كان الهالك بفعله او باستعمال وبحادث فج ائي ف اذا لم
يهلك اال بعض جاز الرجوع في الباقي
ري انون الجزائ وع في الق ع الرج ا :موان ثاني
اما بخصوص المشرع الجزائري فقد نص على ان االبوين يمكنهما الرجوع في الهبة لول دهما مهم ا ك ان س نه
اال في الحاالت التالية:
وب له ل زواج الموه ة من اج انت الهب -1إذا ك
اء دين رض او قض مان ق ة لض انت الهب -2إذا ك
-3إذا تص رف الموه وب ل ه في الش يء الموه وب ب بيع او ت برع او ض اع من ه او ادخ ل علي ه تغي ير
كما اضاف القانون الجزائري حالة اخرى مهمة وهي ان” الهبة ألجل المصلحة العامة ال رجوع فيها “
من خـــــالل هذه االطاللة المهم ة على بعض الق وانين المقارن ة العربي ة يتض ح جلي ا ،ان ه ذه التش ريعات ال
تختل ف كث يرا عم ا ق رره المش رع المغ ربي في مدون ة الحق وق العيني ة بخص وص موان ع الرج وع في الهبة
اال ان ما يمكن تسجيله هو ان المشرع المصري بتنصيصه على ان الزوجين ال يمكن لهم ا الرج وع في الهب ة
اثناء قيام الرابطة الزوجية او بعد انقضائها .توجه حري بالتأييد ،وموقف لم يتبناه المشرع المغربي ال ذي نص
فقط على ان مانع الزوجية يكون اثناء قيام رابطة الزوجية.
والحقيقة ان توجه المقنن المصري ينسجم مع المنطق القانوني السليم ألنه اغلق الباب على امكانية الرجوع في
الهبة حتى ولو انقضت رابطة الزوجية وه ذا في ه ن وع من االنص اف والعدال ة وس يعزز اس تقرار المع امالت
المحالة.
ألنه حتى ولو قدر هللا ان انحلت رابط ة الزوجي ة فأليمكن نس يان او تناس ي الفض ل ال ذي ك ان بين ال زوجين،
وكونهما يعيشان في كنف واحد فكيف يعقل ان يتألم الطليق من الطالق او التطلي ق ،ثم نزي ده ألم ا اخ ر يتمث ل
في اعتصار الهبة التي كان قد حصل عليها اثناء فترة الزوجية.
خاتمة
خالصة لكل ما سبق بسطه اعاله ومن خالل هذه الدراسة المتواضعة لموضوع الرجوع في الهبة وموانعه ثمة
مقترح ات بس يطة ارتأين ا تق ديمها انطالق ا من االطالل ة ال تي قمن ا به ا على بعض التش ريعات المقارن ة وهي
كالتالي:
التوسيع من حاالت االعتصار بدل حصرها في حالتين اثنتين اسوة ببعض القوانين المقارنة
التنصيص على ان قتل الموهوب له لل واهب يع د س ببا للرج وع في الهب ة على غ رار م ا نص علي ه المش رع
االردني ألنه ليس هناك جرم أكبر من ازهاق روح الواهب
التنصيص على الحالة التي تتغير فيها قيمة الشيء الموهوب نقص انا وجعل ه مانع ا من موان ع االعتص ار على
غرار ما قرره المذهب المالكي
اقرار المشرع ان رابطة الزوجية مانع من موانع االعتصار سواء اثناء قيام العالق ة الزوجي ة او بع د انحالله ا
سيرا على منوال المشرع المصري.
انتهى بحم د هللا نس ال هللا التوفي ق والس داد ف إن وفقت فمن هللا وان ص در خط أ او س هو فم ني ومن الش يطان
الئحــــة المراجـــع
ة االولى –1997 انون –الطبع ذهب والق ة في الم د :الهب ان بلعكي د الرحم عب
حسن منصف “الرجوع في الهبة في القانون المغربي ” مقال منش ور مجل ة قض اء محكم ة النقض الع دد -76
2013
احمد لهنيدة “الرجوع في الهبة واعتصارها وموانعه فقها وقضاء “دراسة منش ورة بمجل ة المح امي الص ادرة
عن هيئ ة المح امين بم راكش مل ف خ اص بعق ود الت برع –الع دد 63يولي وز 2014