You are on page 1of 23

‫‪Vol.

4, Issue 1, January 2021‬‬

‫التحول إىل االستثمار املؤثر من منظور مقاصد الشريعة‬


‫عبدالباري مشعل‬
‫نزارمشعل‬
‫شركة رقابة (الوالايت املتحدة األمريكية)‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫شهدت تطبيقات الرأسمالية عدة تحوالت على مستوى هدف تعظيم الربح كعنصر وحيد أو ذي أولوية في اتخاذ الق اررات‬
‫االستثمارية في المراحل األولى لتشكل الرأسمالية التعاونية‪ ،‬وهو المفهوم الذي يستوعب التحوالت الحديثة في الرأسمالية‪ .‬ومن‬
‫أبرز هذه التحوالت تقدير المسؤولية االجتماعية‪ ،‬والقيم المشتركة‪ ،‬واالستدامة‪ ،‬ويشكل االستثمار المؤثر ذورة تلك التحوالت‪.‬‬
‫تناغما مع القيم‬
‫ً‬ ‫غير أن تلك التحوالت ما زالت تضغط باتجاه مرحلة ما بعد االستثمار المؤثر كظهور ممارسات أكثر‬
‫المجتمعية واإلنسانية على حساب تعظيم األرباح المادية للمساهمين وقد تم تأطير هذا التحول األخير بمفهوم فاعلية الرؤساء‬
‫التنفيذيين والشركات‪.‬‬
‫من أبرز التحوالت ضمن مكونات الرأسمالية التعاونية هو التحول في اتخاذ الق اررات االستثمارية عن أولوية تعظيم الربح‬
‫للمساهمين كاستراتيجية أحادية تراعي مصالح فئة وحيدة من المتأثرين بالقرار االستثماري وهم المساهمون إلى استراتيجية‬
‫ابتداء وهم‪ :‬العمالء‪ ،‬والموظفون‪ ،‬والموردون‪،‬‬
‫ً‬ ‫مركبة من مجموعة من العناصر تراعي مجموع المتأثرين بالقرار االستثماري‬
‫والمجتمع والبيئة‪ ،‬وتتجنب تعظيم الربح للمساهمين على حساب أي من مصالح أصحاب المصلحة اآلخرين‪ .‬ويمثل االستثمار‬
‫المؤثر ذروة هذا التحول الذي آل إلى تعظيم األثر االجتماعي أو معدل العائد االجتماعي على العائد المادي‪ ،‬واعتبار أن‬
‫العائد المادي للمساهمين ما هو إال شرط الستمرار تعظيم المنفعة لمجموع المتأثرين أصحاب المصلحة‪ .‬والتحول إلى‬
‫االستثمار المؤثر يقتضي تحقيق العدالة في توزيع العوائد المادية على جميع أصحاب المصلحة‪ ،‬وبالمثل التوازن في توزيع‬
‫المخاطر حسب القدرة على تحملها من جميع أصحاب المصلحة‪.‬‬
‫لقد تلقت الشريعة اإلسالمية في دائرة الحالل والحرام الجزئية مفهوم تعظيم الربح بالقبول‪ ،‬مما أدى إلى تبني مفهوم فقهي‬
‫ضيق‪ ،‬وفلسفة داعمة لتطبيقات المالية اإلسالمية التقليدية الهادفة إلى تعظيم منافع المساهمين على حساب األطراف األخرى‬
‫المتأثرين بالقرار االستثماري على مستوى الشركة؛ غير أن االنطالق من منظور مقاصد الشريعة سوف يسمح بتوسيع وإعادة‬
‫تقييم المفهوم الفقهي لقاعدة الخراج بالضمان وقاعدة الغرم بالغنم من منظور آثارها المتعدية إلى جميع أصحاب المصلحة‪،‬‬
‫ومن ثم إقرار مفهوم أوسع للعدالة في اتخاذ الق اررات االستثمارية وقياس تبعاتها على نحو يستوعب تعظيم المنافع‪ ،‬وتوزيع‬
‫المخاطر والعوائد المادية على جميع أصحاب المصلحة‪ .‬سيتناول البحث التحوالت المرحلية في الرأسمالية ومسارات التطور‬
‫في االستثمار المؤثر على مستوى المفهوم واالستراتيجية والمبادئ التشغلية وكيف يمكن استيعاب وتأطير هذا المفهوم في‬
‫تطبيقات المؤسسات المالية اإلسالمية وآليات تطبيقه من منظور مقاصد الشريعة‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬االستثمار المؤثر‪ ،‬مقاصد الشريعة‪ ،‬الراسمالية التعاونية‪ ،‬تعظيم الربح‪ ،‬تعظيم العائد االجتماعي‬
Transition to Impact Investing Based on Maqasid al-Shariah

Abstract:
Collaborative capitalism is an inclusive term of several contemporary transformations in
capitalism. Capitalism is experiencing shifts away from maximizing profit as the only goal for
corporation or the primary objective in investment decisions. The main stages in this
transformation are; corporate social responsibility, shared value, sustainability and impact
investing as the capstone. Moreover, there is an active pursuit of a more corporate alignment
with social values in CEO and corporate activism even on the account of profit maximization
for shareholders. The transition from shareholder capitalism to stakeholder capitalism is the
major shift from shareholder primacy to balancing all the interests of stakeholders including;
clients, employees, suppliers, society & environment. Stakeholder capitalism avoids
maximizing profit at the expense of the interests of other stakeholders. Impact investing as the
capstone pursues impact maximization in the form of social return over financial return. In
impact investing, financial return is the constrain to sustain benefit maximization for all
stakeholders. This transition to impact investing enacts fairness in the distribution of returns
among stakeholders. Furthermore, it advocates balancing the distribution of risk among
stakeholders.
Islamic Shariah has accepted profit maximization as a permissible objective on the level of
legal verdicts with respect to permissible and forbidden acts. The form over substance
approached yielded a short-sighted understanding of conventional practices in the Islamic
financial industry. Same practices that maximize shareholder interest at the expense of other
stakeholders. Re-examining profit maximization with a Maqasid lens allows the re-evaluation
of jurisprudence understanding of mainly two legal maxims in Shariah; al-Kharaaju bi-l-
Dhamaan and al-Ghurmu bi-l-Ghunmi. This re-evaluation takes into consideration the impact
of these legal maxims on all stakeholders. Then, it endorses a more inclusive and benefit
maximization understanding of justice and fairness in decision-making considerations,
outcomes evaluation, and distribution of risk and returns among stakeholders.
This paper seeks to deliver a framework and implementation model for Islamic financial
institutions that is derived from Maqasid al-Shariah. For this purpose, it addresses concepts,
strategies and operational principles that are at the current transitions in capitalism and frontier
developments in impact investing.
Keywords: Impact Investing, Maqasid al-Shariah, Collaborative Capitalism, Profit
Maximization, Maximizing Social Return.

90
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫‪ .1‬تحوالت الرأسمالية إلى االستثمار المؤثر‬


‫تشهد الرأسمالية تحوالت ومسارات تحديث متعددة‪ .‬أحدث هذه التحوالت هو االنتقال من رأسمالية المساهمين‬
‫(‪ )Shareholder Capitalism‬إلى رأسمالية أصحاب المصلحة (‪.)Stakeholder Capitalism‬‬
‫وسبق هذا التحول التوجه نحو االستدامة في االستثمار والقيم المشتركة والمسؤولية االجتماعية للشركات‪.‬‬
‫مسارات التحول السابقة دفعت إلى تطور استراتيجيات االستثمار المؤثر (‪ )Impact Investing‬التي يتوقع‬
‫أن تقود التحول نحو الرأسمالية التعاونية (‪.)Collaborative Capitalism‬‬

‫نموذج ‪ :1‬تطور الرأسمالية‬

‫رأسمالية‬
‫الرأسمالية‬ ‫رأسمالية‬
‫أصحاب‬
‫التعاونية‬ ‫المساهمين‬
‫المصلحة‬

‫‪ .1.1‬السياق التاريخي للتحوالت في الرأسمالية‬


‫بدءا من مفهوم تعظيم الربح للمساهمين كهدف لتشغيل‬
‫ويمكن قراءة مسار التحوالت التاريخي في الرأسمالية ً‬
‫الشركات مستمد من مبدأ أولوية المساهمين‪ .‬انتصر االقتصادي ميلتون فريدمان رائد المدرسة النقدية لهذا‬
‫التوجه في مقال "عقيدة فريدمان‪ :‬المسؤولية االجتماعية لألعمال التجارية هي زيادة أرباحها" ‪(The New‬‬
‫)‪ .York Times Magazine, 1970‬وكان هذا التوجه هو السائد منذ عام ‪1950‬م وحتى التسعينات‪.‬‬
‫نشطت في التسعينات التوجهات نحو المسؤولية االجتماعية للشركات والحوكمة‪ ،‬ثم قدم برنامج األمم‬
‫المتحدة للبيئة عام ‪ 2004‬مصطلح الحوكمة والبيئة والمجتمع (‪ ،)ESG‬وأعلن عن مبادئ األمم المتحدة‬
‫لالستثمار المسؤول عام ‪ .2006‬وبعد ذلك حصلت األزمة المالية العالمية عام ‪ 2008‬األمر الذي أدى‬
‫إلى تعزيز االهتمام باالستثمار طويل المدى‪ .‬وفي نفس الفترة زاد اهتمام الدراسات األكاديمية في مجال‬
‫تكامل الحوكمة والبيئة والمجتمع‪ ،‬وتسارع نمو االستثمار المؤثر‪ .‬وتََّوج هذه المرحلة إعالن األمم المتحدة‬
‫عن أهداف التنمية المستدامة في العام ‪.(World Bank Group, 2019) 2015‬‬
‫وحديثا في أغسطس ‪ 2019‬أُعلن (بيان الغاية المؤسسية) حيث خسرت أولوية المساهمين مكانتها وتم‬
‫افتتاح مرحلة جديدة من الرأسمالية‪ .‬صدر هذا البيان عن "جمعية الطاولة المستديرة لألعمال"‪ .‬هذه‬
‫الجمعية تضم كبرى المصارف والشركات األمريكية التي تضم أكثر من ‪ 15‬مليون موظف‪ ،‬وتحقق أكثر‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫سنويا من األرباح على مساهميها‪.‬‬


‫ً‬ ‫من ‪ 7‬ترليون دوالر من الدخل السنوي‪ ،‬وتُ ِّ‬
‫وزع نحو ‪ 296‬مليار دوالر‬
‫في هذا البيان أعلنت الجمعية التزام أعضائها بتحقيق المصالح لكل أصحاب المصلحة؛ وذلك من خالل‬
‫تلبية احتياجات العمالء وتجاوز توقعاتهم‪ ،‬واالستثمار في الموظفين‪ ،‬والتعامل العادل واألخالقي مع‬
‫الموردين‪ ،‬ودعم المجتمعات التي تعمل بها تلك الشركات وااللتزام بالممارسات المستديمة في كل العمليات‬
‫لحماية البيئة‪ ،‬وخلق القيمة طويلة المدى للمساهمين‪ .1‬ويستشرف الباحثان أن يكون التحول التالي إلى‬
‫الرأسمالية التعاونية وأولوية المنفعة وذلك مع توسع تبني استراتيجيات وممارسات االستثمار المؤثر‪.‬‬

‫نموذج ‪ :2‬تطور هدف الشركات الربحية‬


‫تعظيم معدل‬ ‫توازن أصحاب‬ ‫تعظيم الربح‬

‫أولوية المساهمين‬
‫العائد االجتماعي‬ ‫المصلحة‬
‫أولوية المنفعة‬

‫أولوية العميل‬
‫على العائد‬
‫المالي‬

‫مع التوجه نحو االستدامة في االستثمار من خالل تكامل الحوكمة المؤسسية والبيئة والمجتمع‪ ،‬قدمت‬
‫الشركات استراتيجية أكثر حكمة في تعظيم الربح للمساهمين وذلك من خالل االلتزام بخلق القيمة طويلة‬
‫المدى‪ .‬لقد أدرك مجتمع األعمال واألسواق المالية أن هذا التكامل يسهم في تقليل المخاطر وإدارتها ثم‬
‫تخفيض تكلفة رأس المال)‪ .(Bernow, et al, 2017‬وبذلك يدعم هذا التكامل تعظيم الربح للمساهمين‬
‫على المدى الطويل برغم التكلفة المصاحبة لهذ التكامل على المدى القصير‪ .‬وانسجام هذا التحليل مع‬
‫أولوية المساهمين خفض من مقاومة هذا التوجه حتى أنه شكل تقر ًيبا نصف األصول االستثمارية على‬
‫مستوى العالم‪.‬‬
‫أما التوجه األحدث الذي يتصدره (بيان الغاية المؤسسية) فهو تحول من أولوية المساهمين إلى أولوية‬
‫العمالء‪ ،‬وصاحبه تقديم أصحاب المصلحة من موظفين وموردين ومجتمع على المساهمين‪ .‬وهذا يمنع‬
‫تعظيم ربح المساهمين على حساب مصلحة العمالء‪ ،‬ويضع الموظفين والموردين والمجتمع في مكانة أكثر‬
‫أمانا عند تسوية تعارض المصالح فيما بين األطراف‪ .‬وتعود جذور رأسمالية أصحاب المصلحة إلى نظرية‬
‫أصحاب المصلحة التي طرحت من قبل مؤسس المنتدى االقتصادي العالمي ورئيسه التنفيذي البروفيسور‬
‫كالوس شواب في عام ‪ .1971‬ناقش شواب أن القيمة طويلة المدى واالزدهار تتطلبان من إدارة المؤسسات‬
‫الحديثة خدمة كل أصحاب المصلحة وليس المساهمين فقط (‪ .)1971 ،Klaus Schwab‬وفي عام‬
‫مقاال عن نظرية‬
‫‪ ،1983‬كتب أستاذ األخالقيات التطبيقية وبروفيسور إدارة األعمال آر إدوارد فريمان ً‬
‫أصل فيه لهذه النظرية في العام التالي ( ‪R. Edward‬‬
‫أصحاب المصلحة وأتبعها بكتابه الذي أسس و َّ‬

‫‪1‬‬
‫‪https://www.businessroundtable.org/‬‬

‫‪90‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫‪ .)1984 ،Freemman‬ثم شاع مفهوم إدارة األعمال بهدف خلق القيمة لكل أصحاب المصلحة مع‬
‫نشر كتاب (‪ )Conscious Capitalism‬في عام ‪ .2013‬وساهمت حركة الرأسمالية الواعية في انتشار‬
‫الكتاب ومفاهيمه؛ وهي الحركة التي أطلقها مؤلفي الكتاب‪ :‬جون ماكي – شريك التأسيس والرئيس التنفيذي‬
‫& ‪(Sisodia, Henry,‬‬ ‫لشركة (‪ ،– )Whole Foods Market‬والبروفيسور راج سيسوديا‬
‫)‪.Eckschmidt, 2018‬‬
‫‪ .1.2‬االستثمار المسؤول‬
‫يطلق على ممارسات األعمال المبنية على المسؤولية المجتمعية (‪ )CSR‬والقيم المشتركة (‪)CSV‬‬
‫واالستدامة (‪ )Sustainability‬واالستثمار المؤثر (‪ )Impact Investing‬مصطلح االستثمار المسؤول‬
‫(‪ .)Responsible Investment‬وقد تُ ِّوج التوجه نحو االستدامة (‪ )Sustainability‬في العمليات‬
‫وسلسلة التوريد‪ 2‬في استراتيجيات تكامل الحوكمة والبيئة والمجتمع (‪ )ESG Integration‬وفي فاعلية‬
‫المساهمين (‪ )Shareholders Activism‬وفحص األصول (‪ .)Screening‬وهذا التوجه يضم حاليا‬
‫‪ 31‬ترليون دوالر من األصول االستثمارية التي تمثل ‪ %49‬من األصول االستثمارية حول العالم‪ .‬أعلى‬
‫تركيز لهذه األصول هو ‪ $14‬ترليون في أوروبا و‪ $12‬ترليون في الواليات المتحدة‪ .‬وكان توزيع هذه‬
‫االستراتيجيات من حيث حجمها في العام ‪ 2016‬كما يلي‪ :‬استراتيجية الفحص السلبي لألصول‬
‫(‪ )Negative Screening‬شكلت نحو ‪ $20‬ترليون‪ ،‬وتشكلت استراتيجية تكامل الحوكمة والبيئة والمجتمع‬
‫نحو ‪ $18‬ترليون‪ ،‬وشكلت استراتيجية فاعلية المساهمين نحو ‪ $10‬ترليون (‪.)2018 ،GSI-Alliance‬‬
‫وإلى جانب االستدامة كان التوجه نحو المسؤولية االجتماعية للشركات والقيم المشتركة (‪.)CSR & SCV‬‬
‫ويظهر اهتمام الشركات بهذا التوجه من خالل ارتفاع نسبة الشركات التي تفصح للمساهمين والمجتمع عن‬
‫أنشطتها ذات الصلة بالمسؤولية االجتماعية من ‪ %64‬في عام ‪ 2005‬إلى ‪ %92‬في عام ‪ 2015‬من‬
‫خاصا بالمسؤولية االجتماعية للشركة‪.‬‬
‫سنويا ً‬
‫ير ً‬‫أكبر ‪ 250‬شركة حول العالم‪ .‬هذه الشركات تصدر تقر ًا‬
‫سنويا على أنشطة‬
‫ً‬ ‫نموا حول العام تنفق نحو ‪ 20‬مليار دوالر‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن أسرع ‪ 500‬شركة ً‬
‫المسؤولية االجتماعية )‪.(Stephan Meier & Lea Cassar, 2018‬‬
‫وقد تركزت خالصة مسارات التحديث في استراتيجية االستثمار المؤثر الذي عرفت بهذا المصطلح منذ‬
‫العام ‪ .2007‬بلغت األصول تحت اإلدارة المباشرة في قطاع االستثمار المؤثر نحو ‪ 502‬مليار دوالر‪.‬‬
‫وأكبر ثالث حصص في هذا القطاع هي ‪ %51‬من نصيب شركات إدارة األصول‪ ،‬و‪ %27‬من نصيب‬
‫المؤسسات غير الربحية‪ ،‬و‪ %12‬من نصيب المصارف والمؤسسات المالية‪ .‬وبحسب الدول تبلغ مساهمة‬
‫الواليات المتحدة وكندا في القطاع ‪ %58‬ومساهمة أوروبا ‪(Global Impact Investing %21‬‬
‫)‪.Network, 2019‬‬

‫‪ 2‬سلسلة التوريد تضم المؤسسات‪ ،‬واألشخاص‪ ،‬والتقنيات‪ ،‬واألنشطة والمعلومات‪ ،‬والموارد المطلوبة التي تسهم في تكوين المنتجات وتقديم‬
‫الخدمات في صورتها النهائية للعمالء‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫نموذج ‪ :3‬استراتيجيات االستثمار المسؤول‬

‫المسؤولية‬
‫‪$31trn‬‬ ‫االجتماعية‬

‫القيم‬
‫المشتركة‬
‫‪$20trn‬‬
‫االستدامة‬
‫‪$18trn‬‬
‫االستثمار‬
‫‪$0.5trn‬‬ ‫المؤثر‬

‫وقد دعمت مؤسسة التمويل الدولية – عضو مجموعة البنك الدولي هذا التوجه نحو االستثمار المؤثر من‬
‫خالل اإلعالن الرسمي للمبادئ التشغيلية إلدارة التأثير الذي صدر في إبريل ‪ .2019‬وهدف هذا اإلعالن‬
‫للتوافق حول المبادئ الرئيسية إلدارة المحافظ المالية والصناديق االستثمارية بقصد المساهمة في األثر‬
‫االجتماعي واالقتصادي والبيئي القابل للقياس مع تحقيق العوائد المالية‪ .‬وتضمن هذا اإلعالن أول ‪60‬‬
‫مؤسسة دولية ومالية وخيرية تتبنى هذه المبادئ وكان أحدها المؤسسة اإلسالمية لتنمية القطاع الخاص‪،‬‬
‫أحد أعضاء مجموعة البنك اإلسالمي للتنمية )‪.(IFC – World Bank Group, 2019‬‬

‫‪ .1.3‬االستثمار المؤثر‬
‫مسارات تطور االستثمار المؤثر هي استراتيجيات رواد األعمال التي تبشر بمرحلة ما بعد رأسمالية أصحاب‬
‫المصلحة وهي الرأسمالية التعاونية‪ .‬وتهدف إلى تحقيق طموحات المجتمع االقتصادية واالجتماعية العليا‬
‫من خالل‪ :‬مفاهيم وسياسات تتعلق بالتطوير المؤسسي لألفكار‪ ،‬واستغالل رأس المال‪ ،‬واالستفادة من‬
‫الموارد العامة‪ .‬وذلك على نحو تتكامل فيه هذه المفاهيم والسياسات فيما بينها بغرض تحقيق األثر‬
‫ٍ‬
‫كهدف على مستوى كل مشروع‪ .‬ويراعي التطوير المؤسسي لألفكار ‪-‬‬ ‫االقتصادي واالجتماعي المشترك‬
‫آنفا‪ -‬التوازَن بين تحقيق أهداف الرسالة االجتماعية‪ ،‬والجدوى المالية‪ ،‬واالستدامة ‪(Jed‬‬
‫المذكور ً‬
‫‪.(Emerson, et al, 2014‬‬
‫ينطلق االستثمار المؤثر من أولوية المنفعة االجتماعية والمصلحة العامة وتهدف استراتيجياته إلى تلبية‬
‫االحتياجات االجتماعية من خالل تعظيم معدل العائد االجتماعي على العائد المالي‪ .‬ومن مبادئ هذا‬

‫‪92‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫التوجه االنطالق من أولوية المستفيدين المستهدف خدمتهم وتحسين أحوالهم االجتماعية في تحديد نوع‬
‫المساهمة في التأثير االجتماعي)‪ . (Morgan Simon, 2017‬وتندرج "شركات المنافع" ضمن هذا‬
‫التوجه؛ وهي أكثر من ثالثة آالف شركة ملتزمة قانونيا بأن تأخذ في االعتبار تبعات ق ارراتها اإلدارية‬
‫واالستثمارية على كل أصحاب المصلحة وقياس أدائها البيئي واالجتماعي مع تحقيق التوزان بين العوائد‬
‫المالية واالجتماعية‪.3‬‬
‫االستثمار المؤثر يربط بين مؤشرات قياس اآلثار المالية ومؤشرات قياس اآلثار االجتماعية؛ في الق اررات‬
‫اإلدارية واالستثمارية وتكوين المحافظ ومتابعة أداء االستثمارات وتقييم عوائدها‪ .‬فهو يعلن أن رأس المال‬
‫وجد لخدمة األغراض االجتماعية‪ ،‬وأن استهداف العائد المالي هو بهدف استدامة تعظيم األثر االجتماعي‬
‫اإليجابي‪ .‬وتدخل المشاريع االجتماعية الربحية وغير الربحية إلى جانب مشاريع الشراكة بين القطاع العام‬
‫منهجا لالستثمار في مختلف‬
‫ً‬ ‫الخاص ضمن استراتيجيات االستثمار المؤثر‪ .‬وقد أصبح االستثمار المؤثر‬
‫جديدا ضمن االستثمارات البديلة إلى جانب األنواع األخرى المتمثلة في‬
‫نوعا ً‬
‫القطاعات باإلضافة إلى كونه ً‬
‫االستثمار في الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر وصناديق التحوط وغيرها‪ .‬وتحكم هذا التوجه نحو‬
‫االستثمار المؤثر مجموعة من "المفاهيم" التي تركز على النتائج‪ ،‬وهي‪ :‬النية والقصد‪ ،‬والمحاسبة وتحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬والتوافق واالنسجام بين أصحاب المصلحة المتأثرين بنشاط الشركة من مالك وموظفين وعمالء‬
‫وموردين وغيرهم)‪. (Stephan Meier & Lea Cassar, 2018‬‬
‫وانطلقت ممارسات االستثمار المؤثر في مسارات متعددة بحسب اهتمام مختلف أصحاب المصلحة‪ .‬ثم‬
‫تطورت هذه الممارسات مع نمو الوعي وتراكم الخبرة وزيادة المعرفة‪ .‬وكان هذا التطور استجابة للتحديات‬
‫وتصحيحا لالنحرافات التي يتم اكتشافها في مختلف مراحل االستثمار وعمليات التشغيل‬
‫ً‬ ‫التي يتم مواجهتها‪،‬‬
‫والتخارج من المشروع‪ .‬وأسهم تبادل المعرفة والخبرة بين المستثمرين ورواد األعمال والنشطاء في هذا‬
‫القطاع عبر اللقاءات الدورية والمشاريع المشتركة في تكامل هذه الممارسات‪ .‬وبهذا التكامل وصل االستثمار‬
‫المؤثر لمرحلة من النضج أتاحت له آفاق التوسع وجذب المزيد من االهتمام‪ .‬ويمكن تصور الممارسات‬
‫في عناصر تتكامل مع بعضها لتشكل مفهوم االستثمار المؤثر بحسب النموذج التالي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪https://bcorporation.net/‬‬

‫‪93‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫نموذج ‪ :4‬عناصر االستثمار المؤثر‬

‫أطروحة‬
‫التأثير‬

‫المبادئ‬
‫تقدير األثر‬
‫التشغيلية‬

‫االستثمار‬
‫المؤثر‬

‫هيكل توزيع‬ ‫هيكل توزيع‬


‫العوائد‬ ‫المخاطر‬

‫مؤشرات‬
‫قياس النتائج‬

‫ويلي وصف مبسط لهذا العناصر‪:‬‬


‫• أطروحة التأثير‪ :‬تستند أطروحة التأثير على نظرية التغيير‪ .‬يبني هذه النظرية صاحب المشروع‬
‫االجتماعي لشرح كيفية مساهمة أنشطة المشروع محل التقييم وعملياته ومخرجاته في تقديم منتجات‬
‫تصنع األثر االجتماعي واالقتصادي والبيئي‪ .‬وتأخذ كل نظرية ثالثة ٍ‬
‫أبعاد هي‪ :‬تقدير احتياج الفئة‬
‫المستهدفة ومناسبة المخرجات لها‪ ،‬وعدد األشخاص المتأثرين في هذا الفئة‪ ،‬ومستوى التأثير الذي‬
‫يمكن احداثه في تلبية احتياج الفئة المستهدفة‪.‬‬
‫• المبادئ التشغيلية‪ :‬هناك توافق واسع حول المبادئ التشغيلية إلدارة التأثير‪ .‬أسهم في هذا التوافق‬
‫اإلعالن الرسمي للمبادئ التشغيلية إلدارة التأثير الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية ‪-‬عضو مجموعة‬
‫البنك الدولي‪ .‬تصف هذه المبادئ المالمح الرئيسة إلدارة المحافظ المالية والصناديق االستثمارية التي‬
‫تهدف إلى المساهمة في األثر االجتماعي واالقتصادي أو البيئي القابل للقياس إلى جانب تحقيق‬
‫العوائد المالية‪.‬‬
‫• هيكل توزيع المخاطر‪ :‬يهتم االستثمار المؤثر بإعادة توزيع المخاطر بين أصحاب المصلحة في‬
‫العالقات التعاقدية باعتبار القدرة على تحملها وطبيعة العوائد وحجمها مع تحييد تأثير القدرات التفاوضية‬
‫لبعض األطراف في نقل المخاطر خارج نطاق مسؤوليتها‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫• مؤشرات قياس النتائج‪ :‬يعتمد االستثمار المؤثر على مؤشرات قياس تمكن من متابعة األداء على‬
‫المستويين المالي واالجتماعي معا‪ ،‬وذلك من خالل قياس معدل العائد االجتماعي على العائد المالي‪.‬‬
‫• هيكل توزيع العوائد‪ :‬تتجاوز ممارسات االستثمار المؤثر مجرد تحديد األجور واألتعاب المرضية بحسب‬
‫السوق‪ ،‬وتهتم بالتدقيق المستقل والمراجعة الدورية لعدالة األجور على مختلف المستويات‪ .‬وتسعى‬
‫كذلك إلى المساهمة في تعزيز العدالة وعالج الفجوة المتراكمة في توزيع الموارد وملكية األصول بين‬
‫ِّ‬
‫الموردين والموظفين في عوائد اإليرادات‬ ‫فئات المجتمع‪ .‬إن ممارسات االستثمار المؤثر تشمل مشاركة‬
‫يسر على حصص من الملكية بأسعار عادلة‪.‬‬ ‫الم َّ‬
‫واألرباح الرأسمالية‪ ،‬وتمكنهم من االستحواذ ُ‬
‫• تقدير األثر‪ :‬تقوم الشركات التي تتبنى استراتيجيات االستثمار المؤثر بالتقييم الدوري لفعالية تحقيق‬
‫المنتجات لألثر المستهدف في أطروحة التغيير‪ .‬فهي تدرك أن هناك مسافة بين مخرجات العمليات‬
‫واألنشطة التي تقوم بها وإحداث التأثير المستهدف والمنصوص عليه في أطروحة التأثير التي قام عليها‬
‫المشروع‪ .‬هذا التقييم الدوري يهدف إلى تقدير فعالية المشروع في إحداث التغيير‪ ،‬ويمكن من إعادة‬
‫توجيه أو تطوير األنشطة والعمليات ومؤشرات المتابعة بشكل يسمح بتوسيع نطاق التأثير أو زيادة عدد‬
‫األشخاص المتأثرين أو رفع مستوى التأثير‪.‬‬
‫‪ .1.4‬فاعلية الرؤساء التنفيذيين والشركات‬
‫تناغما مع القيم المجتمعية‬
‫ً‬ ‫ومازالت مسارات التحديث في الرأسمالية تتفاعل من خالل ممارسات أكثر‬
‫واإلنسانية على حساب تعظيم األرباح المادية للمساهمين‪ ،‬وقد تم تأطير هذا التحول األخير بمفهوم فاعلية‬
‫اقف‬
‫أو تأثير الرؤساء التنفيذيين‪ .‬ويختص هذا المصطلح في التعبير عن تبني الرؤساء التنفيذيين مو َ‬
‫اجتماعي ًة وسياسي ًة ال تؤثر بشكل مباشر على مستوى ربحية الشركات وال تتعلق بنشاطها؛ ولكن ترتبط بقيم‬
‫ِّ‬
‫بعض فئات المستفيدين وأصحاب المصلحة من موظفين أو عمالء أو غيرهم‪ .‬ومن ذلك الحشد‬ ‫واهتمامات‬
‫لدعم على المشاريع التي تتوافق مع قيم أصحاب المصلحة أو الوقوف ضد السياسات العنصرية في المجتمع‬
‫واألحداث المرتبطة بها إلى جانب التوعية بها داخل الشركات ودعم معالجة هذه القضايا بق اررات وسياسات‬
‫وإجراءات فعالة‪ .‬وبرغم عدم تأثيرها المباشر إال أنها قد تدفع الشركة إلعادة توجيه بعض استثماراتها أو‬
‫أنشطتها‪ .‬وتهدف "فاعلية الرؤساء التنفيذيين" إلى رفع مستوى الوعي بالقضايا االجتماعية والسياسة محل‬
‫االهتمام‪ ،‬واستغالل النفوذ االقتصادي لدعمها‪ .‬وتختلف عن الفاعلية السياسية التقليدية للشركات من حيث‬
‫علنية‪ ،‬وعلى مستوى اإلدارة التنفيذية‪ ،‬وال تعتمد على األدوات التقليدية؛ كمجموعات الضغط‪ ،‬ودعم‬
‫ً‬ ‫كونها‬
‫المرشحين في االنتخابات‪ ،‬وتمويل لجان العمل والحمالت السياسية)‪. (Aaron K. et al, 2018‬‬
‫وجاء بعد "فاعلية الرؤساء التنفيذيين" ما سمي بـ "فاعلية الشركات" التي نشأت من فاعلية الموظفين‪ .‬ومن‬
‫الممارسات التي تندرج تحت فاعلية الشركات؛ إنهاء بعض الشركات لعقودها مع الجهات التي تتورط‬
‫بممارسات تنتهك القيم المشتركة للشركة أو قيم المجتمع الذي تعمل فيه‪ .‬وتطورت ممارسات فاعلية‬

‫‪95‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫صور مؤسسية منها استحداث وحدة (االستخدام األخالقي واإلنساني)‪ ،‬وتعنى هذه الوحدة‬‫ًا‬ ‫الشركات لتأخذ‬
‫بالتقييم العلمي لمدى توافق استخدام العمالء للخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركة مع القيم المشتركة‬
‫للشركة والمجتمع‪ ،‬وتعنى أيضا بترتيب أفضل الممارسات لتسوية أي إشكاالت تدخل في نطاق عملها مع‬
‫مراعاة اختالف ترتيب بعض القيم المشتركة من حيث أولويتها بين أصحاب المصلحة ‪(Marc Benifoff‬‬
‫)‪.and Monica Langley, 2019‬‬
‫‪ .2‬الشركات االجتماعية اإلسالمية‬
‫في ضوء أحكام الشريعة ومقاصدها ال يتأتى تعظيم ربح المساهمين إال في ضوء شروط موضوعية تضمن‬
‫تحقيق مصالح أصحاب المصلحة اآلخرين‪ ،‬وعدم اإلخالل بها‪ ،‬وفي مقدمتها مصالح العمالء‪ ،‬والموظفين‪،‬‬
‫والموردين فضالً عن البيئة والمجتمع‪.‬‬
‫إن العدالة الواجبة في ضوء أحكام الشريعة اإلسالمية تمتد بطبيعتها لتضمن مصالح العمالء الذين قد‬
‫يرهنون دخلهم وربما بعض أمالكهم لضمان أداء التزاماتهم‪ ،‬ومصلحة الموظفين الذي يستثمرون معظم‬
‫ِّ‬
‫الموردين الذين يقيمون‬ ‫أوقاتهم وقدراتهم في شركة واحدة يعتمدون على تعويضاتها في معاشهم‪ ،‬ومصلحة‬
‫مشروعاتهم بغرض توفير احتياجات الشركات‪ ،‬أو مصالح المودعين الذين يقدمون مدخراتهم دون أن يكون‬
‫لهم أي حقوق في التصويت‪ .‬كما تضمن العدالة مصالح المجتمع الذي تعمل في داخله تلك الشركات‪،‬‬
‫سياجا لمصالحها وأهدافها الربحية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ويشكل‬
‫وعليه؛ إن تعظيم ربح المساهمين ال يتأتى على حساب مصالح العميل أو االستثمار في الموظفين أو‬
‫العدالة مع الموردين أو المصلحة العامة للمجتمع‪ .‬وهكذا فإن أولوية المساهمين التي سادت في الرأسمالية‬
‫التقليدية ليست مبدأ متوافًقا مع الشريعة‪ .‬وبعبارة أخرى إن تعظيم الربح المعهود في ضوء الرأسمالية‬
‫التقليدية الذي كان على حساب إهدار مصالح اآلخرين ال يمكن استيعابه في ضوء أحكام الشريعة اإلسالمية‪،‬‬

‫األمر الذي يعني أن الشركات اإلسالمية بطبيعتها وضوابطها األساسية يجب أن توازي ً‬
‫نسبيا الشركات‬
‫التقليدية في مرحلة رأسمالية أصحاب المصلحة‪ ،‬لكن األمر قد ال يكون كذلك في الواقع‪ ،‬كما أنه من زاوية‬
‫أخرى ال ينبغي أن يتوقف عند ذلك‪.‬‬
‫على الشركات اإلسالمية أن تتجاوز المفهوم السلبي لحماية مصالح أصحاب المصلحة اآلخرين إلى المفهوم‬
‫اإليجابي الذي يؤمن بتعزيز العائد االجتماعي على العائد المادي وتبني استراتيجيات االستثمار المؤثر من‬
‫خالل هيكل الشركات االجتماعية اإلسالمية‪.‬‬
‫إن عبور الشركات اإلسالمية إلى مرحلة االستثمار المؤثر من خالل الشركات االجتماعية اإلسالمية يمثل‬
‫جسر ضرورًيا للوصول إلى شركات المقاصد التي تمثل في نظر الباحثين التطور النهائي للشركات‬‫ًا‬
‫اإلسالمية والذي سيناقش في الفصل التالي‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫إن التطور المرتقب للمؤسسات المالية اإلسالمية باتجاه الشركات االجتماعية اإلسالمية ثم شركات المقاصد‬
‫ال يعني انتهاء أشكال المؤسسات التي تسبق الشركات االجتماعية اإلسالمية‪ ،‬أو شركات المقاصد التي‬
‫يدعو لها البحث‪ .‬وإنما هو محاولة الستشراف سياق يتشكل فيه نوع جديد من الشركات اإلسالمية يتبنى‬
‫استراتيجيات إدارية واستثمارية أكثر توافًقا مع قيم المجتمع وقواعد الشريعة ومقاصدها‪.‬‬
‫نموذج ‪ :5‬سياق تطور المؤسسات اإلسالمية‬

‫المشاريع االجتماعية‬ ‫الهيئات الخيرية‬


‫غير الربحية‬ ‫والمؤسسات الوقفية‬
‫الشركات االجتماعية‬
‫شركات المقاصد‬
‫اإلسالمية‬
‫الشركات اإلسالمية‬ ‫الشركات المتوافقة‬

‫إن تبني الشركات اإلسالمية لالستثمار المؤثر يجعلها في موازاة "شركات المنافع" الربحية في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية وما يشبهها من مؤسسات تتبنى االستثمار المؤثر حيث تتكامل فيها عناصر االستثمار‬
‫المؤثر وسياساته وممارساته في اتخاذ القرار وتقييم األداء وقياس النتائج المالية واالجتماعية‪ .‬وجه الشبه‬
‫بين المؤسسات المالية اإلسالمية وشركات المنافع الربحية هو التسجيل القانوني الذي يتضمن أولوية المنفعة‬
‫في شركات المنافع‪ ،‬وأولوية االلتزام بالشريعة في الشركات اإلسالمية‪ .‬هذا التسجيل القانوني الخاص‬
‫بشركات المنافع يجعلها عرضة للمقاضاة والمساءلة عند االشتباه في تورطها بممارسات تقدم تعظيم عوائد‬
‫المساهمين على حساب مصالح من سواهم من أصحاب المصلحة‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬يعني الحصانة القانونية‬
‫لشركات المنافع أمام دعاوى المساهمين المحتملة ضد الممارسات التي ترجح تعظيم المنفعة على تعظيم‬
‫العائد المالي للمساهمين‪ .‬وهكذا‪ ،‬يفترض أن يوفر التسجيل القانوني الخاص للشركات اإلسالمية حصانة‬
‫قانونية أمام دعاوى المساهمين المحتملة ضد الممارسات التي ترجح تعظيم المنفعة بناء على مقاصد‬
‫الشريعة وااللتزام بأحكامها على حساب تعظيم العائد المالي للمساهمين‪ .‬في ظل الشركات االجتماعية‬
‫يمكن أن ُينظر إلى تعظيم المنفعة كهدف أصلي وليس كشر ٍط لهدف تعظيم الربح للمساهمين على المدى‬
‫الطويل‪ ،‬وإن أدى إلى هذه المحصلة في النتيجة النهائية‪.‬‬
‫‪ .2.1‬دور الجهات الرقابية‬
‫قد يأتي تبني االستثمار المؤثر من حيث األصل كمبادرة من أعضاء مجلس اإلدارة في الشركات اإلسالمية‬
‫أو فريق اإلدارة العليا وبالتعاضد مع هيئات الرقابة الشرعية‪ ،‬ولكن الصراع الدائر بين المساهمين واإلدارة‬
‫بشأن تقديم أولوية مصالح المساهمين‪ ،‬يضغط باتجاه هضم مصالح أصحاب المصلحة اآلخرين انطالًقا‬
‫من حجج ومخارج عديدة من شانها إزالة الفوارق بين ممارسات الرأسمالية التقليدية والمؤسسات المالية‬

‫‪97‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫جدا أن تبادر الجهات الرقابية بالتعاون مع مختلف أصحاب المصلحة‬‫اإلسالمية‪ .‬ولذلك بات من المالئم ً‬
‫في توجيه المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية للعبور من رأسمالية المساهمين إلى رأسمالية أصحاب‬
‫المصلحة كاستراتيجية‪ ،‬ومن ثم العبور إلى تعظيم المنفعة وأولوية العميل وأصحاب المصلحة اآلخرين في‬
‫مقابل أولوية المساهمين التي تسود على مستوى المؤسسات المالية اإلسالمية في ظل إعمال الدائرة الضيقة‬
‫لفقه والحالل دون النظر إلى أبعاد القر ا‬
‫ارت اإلدارية واالستثمارية على مصالح أصحاب المصلحة اآلخرين‪.‬‬
‫وفي سبيل ذلك يمكن للجهات الرقابية أن توسع نطاق مسؤولية أعضاء مجلس اإلدارة‪ ،‬ونطاق مسؤولية‬
‫أعضاء الهيئات الشرعية‪.‬‬
‫التوسيع المطلوب ينسجم بشكل كبير مع تطور سياسات الحوكمة التي تلزم بها الجهات الرقابية‪ .‬أولوية‬
‫المساهمين لم تعد متفردة ضمن أهداف الحوكمة وسياساتها‪ ،‬وأصبحت الحوكمة تعنى بحماية حقوق كل‬
‫ويفترض أن ُيعنى األعضاء المستقلون في مجلس اإلدارة بشكل خاص بمصالح‬ ‫أصحاب المصلحة‪ُ .‬‬
‫أصحاب المصلحة من غير المساهمين‪ ،‬وأن ُيعنى أعضاء الهيئة الشرعية بالحكم على السياسات والتصرفات‬
‫اإلدارية والهياكل المالية والعقود من زاوية تتجاوز شكل العالقات العقدية إلى االهتمام بضمان مصالح‬
‫أصحاب المصلحة وتحقيق العدالة في توزيع المخاطر فيما بينهم‪.‬‬
‫يدور اهتمام أعضاء مجلس اإلدارة المستقلين حاليا حول حقوق األقلية من المساهمين غير الممثلين في‬
‫مجلس اإلدارة والتدخل في تعارض المصالح بين فريق اإلدارة التنفيذي وكبار المالك الممثلين في مجلس‬
‫اإلدارة‪ .‬والمنتظر من الجهات الرقابية‪ ،‬أن تلزمهم بالعناية أيضا بحماية تعظيم مصلحة العمالء وتعزيز‬
‫االستثمار في الموظفين والعدالة مع المودعين ودعم المجتمع كما هم معنيون بحماية حقوق صغار‬
‫توسيعا لقاعدة قاعدة الخراج بالضمان‬
‫ً‬ ‫المساهمين‪ .‬ويرى الباحثان بأن مبدأ العدالة قد يعني من زاوية أخرى‬
‫والغرم بالغنم‪.‬‬
‫ونطمح إلى ريادة بعض الجهات الرقابية من خالل التوصية بسياستين لمجالس إدارة الشركات االجتماعية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫السياسة األولى‪ :‬فرض عضوية في مجلس اإلدارة لتمثيل الموظفين وعضوية ثانية للموردين وعضوية ثالثة‬
‫للمجتمع‪ .‬إن نطاق مسؤولية هذه العضويات يشترك مع باقي أعضاء مجلس اإلدارة‪،‬‬
‫غير أنها تولي األولوية لغرضها الخاص‪.‬‬
‫والسياسة الثانية‪ :‬تخفيض حصة كبار المساهمين في مجلس اإلدارة من الثلثين ‪-‬كما في معظم سياسات‬
‫الحوكمة‪ -‬إلى الثلث‪ .‬وذلك بهدف أن تشكل إلى جانب عضويات األعضاء المستقلين‬
‫صغار المساهمين‪.‬‬
‫َ‬ ‫نصف مجلس اإلدارة حيث يعنى األعضاء المستقلون بحماية حقوق‬
‫ُ‬
‫السياسة األولى ترفع كفاءة الرقابة لصالح حماية حقوق كل أصحاب المصلحة‪ .‬والسياسة الثانية تعكس‬
‫عمليا االنتقال من أولوية المساهمين إلى أولوية المنفعة أو مصالح أصحاب المنفعة اآلخرين‪ .‬وقد يرد‬
‫ً‬

‫‪98‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫على المقترح استشكال كون عضويات المساهمين في مجلس اإلدارة تساوي النصف‪ .‬والجواب‪ :‬أن بعض‬
‫ما يخدم مصالح المساهمين طويلة المدى يعود بالضرورة على منفعة باقي أصحاب المصلحة مثل سياسات‬
‫تكامل الحوكمة والبيئة والمجتمع‪.‬‬
‫نموذج ‪ :6‬مقترح إعادة تشكيل عضويات مجلس اإلدارة في الشركات االجتماعية اإلسالمية‬

‫عضوية عضوية‬
‫المساهمين المجتمع‬

‫عضوية‬ ‫عضوية‬
‫الموردين‬ ‫المساهمين‬

‫عضوية‬ ‫عضوية‬
‫الموظفين‬ ‫مستقلة‬

‫عند إعادة تعريف نطاق مسؤولية مجلس اإلدارة وأعضاء الهيئة الشرعية‪ ،‬سيصبح من مسؤوليتهم ‪-‬على‬
‫سبيل المثال‪ -‬مراجعة أساس تحديد حجم األرباح الموزعة‪ ،‬ومخصص مكافأة الموظفين ومزاياهم وتوزيعها‬
‫على المستويات اإلدارية المختلفة‪ ،‬والعوائد الموزعة على المودعين‪ ،‬والحصة المخصصة إلعادة االستثمار‬
‫من إجمالي األرباح‪ .‬وكذلك سيراجعون أساس اختيار الفئات المستهدفة في المجتمع وامتيازاتها‪ ،‬وأداء‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬سيكون على المدققين الماليين والشرعيين‬
‫المصرف بخصوص مبادرات المسؤولية االجتماعية‪ً .‬‬
‫حصر‪ ،‬باإلضافة إلى االلتفات إلى تدقيق‬
‫ًا‬ ‫توجيه تقاريرهم إلى كل أصحاب المصلحة وليس للمساهمين‬
‫ممارسات اإلدارة في المصارف اإلسالمية بهذا الخصوص لتأكيد توافقها مع السياسات واإلجراءات المعتمدة‪.‬‬
‫يدرك أصحاب رأس المال أنهم لن يضمنوا إتقان عمل الموظفين عند استئثارهم بالعائد المالي على رأس‬
‫المال‪ .‬وبالمثل لن يقدم عموم الموظفين أفضل ما لديهم لرؤساء تنفيذيين يستأثرون بحظ غير عادل من‬
‫العائد المخصص للموظفين بين أصحاب المصلحة‪ .‬إن الصدق واألمانة وغيرها من أخالق‪ ،‬ال تعمل في‬
‫بيئة مسمومة بحاالت من عدم المساواة بين الكفاءات‪ ،‬أو بالتوزيع غير العادل للصالحيات أو اإليرادات‬
‫أو العوائد‪ .‬إن العدالة بين مختلف األطراف من أصحاب المصلحة وفيما بين أفراد كل طرف هي أهم ما‬
‫ِّ‬
‫يفعل الرقابة الذاتية والدافعية لدى كل فرد في إعمال القيم المهنية‪.‬‬
‫سيكون على أعضاء مجلس اإلدارة عموما العناية بمستوى الفجوة بين الكفاءات من الجنسين والجنسيات‬
‫المختلفة على حسب مسؤولياتهم وأدائهم‪ .‬وكذلك عليهم العناية بمستوى مضاعف راتب الرئيس التنفيذي‬
‫ومكافأته السنوية إلى متوسط راتب الموظف ومكافأته السنوية والتغير السنوي في مستوى هذا المضاعف‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫وعند المقارنة‪ ،‬إما أن تضيق الفجوة بين الرئيس التنفيذي والموظفين أو أن تتسع بحسب استثمار المصرف‬
‫في موظفيه وعدالته فيما بينهم‪ .‬في جانب الموظفين‪ ،‬انخفاض المضاعف يعني عادة ارتفاع رواتب‬
‫الموظفين وهو أمارة ارتفاع كفاءتهم‪ .‬وارتفاع الكفاءة انعكاس عن تحسن بيئة العمل واالستثمار في الموارد‬
‫البشرية‪ .‬وأما زيادة المضاعف فقد تعني خروج الكفاءات ذوي الرواتب األعلى‪ ،‬أو عدم االستثمار في‬
‫تطوير كفاءة الموظفين بشكل فعال يزيد من كفاءتهم ومكافآتهم‪.‬‬
‫وعلى جانب الرئيس التنفيذي‪ ،‬إن ارتفاع مستوى المضاعف قد يعني استئثار الرئيس التنفيذي بالحصة‬
‫العظمى من نصيب موظفي المصرف في عوائد تحسن األداء الذي ساهم فيه التنفيذيون ومن دونهم من‬
‫الموظفين‪ .‬إن كفاءة التنفيذيين مرتبطة بحسن تفعيل قدرات الموظفين في استغالل ما يوفره المجتمع من‬
‫أنظمة وقوانين وشبكة عالقات وامكانيات استثمارية واحتياجات خدمية وقدرات شرائية‪ .‬ولذا فإن القيمة‬
‫الناتجة من كفاءة التنفيذيين يشترك في المساهمة في خلقها كل أصحاب المصلحة الذين يجب أن يستحق‬
‫كل منهم نصيبه العادل منها‪.‬‬

‫‪ .2.2‬دور أصحاب المصلحة‬


‫تشير ممارسات كبار المساهمين خاصة ومن يمثلهم من أعضاء مجلس اإلدارة إلى أن الغاية من استثمار‬
‫أموالهم ينبغي أن تكون أوسع من مجرد تحقيق العوائد المالية إال أن أدوات القياس والمتابعة المتاحة لم‬
‫تسعفهم في قياس ومتابعة العوائد االجتماعية الستثماراتهم‪ ،‬ووقعوا تحت تصورات الرأسمالية التقليدية التي‬
‫تروج للتعارض بين استهداف العائد المالي بالتزامن مع استهداف العائد االجتماعي‪ .‬وهكذا تمت محاصرة‬
‫تطلعاتهم وتبديد آمالهم حتى اكتفوا بالحد األدنى من توافق االستثمارات التي يدخلون فيها مع القيم التي‬
‫يؤمنون بها‪ .‬واقتصروا في إثراء اهتمامهم بخدمة المجتمع وتلبية شغفهم باألثر االجتماعي من خالل‬
‫التبرعات واألوقاف والمشاريع االجتماعية غير الربحية‪.‬‬
‫هذه الممارسات أظهرت كبار المساهمين بشخصيتين منفصلتين‪ ،‬شخصية أنانية في سوق العمل تسعى‬
‫لتعظيم الربح المادي على حساب من سواها‪ ،‬وأخرى تتسم بالسماحة والكرم وتبذل األموال بنية خالصة‬
‫دار ليعمروا أخرى‪ ،‬أو كأنهم ِّ‬
‫يكفرون عن تقصيرهم مع‬ ‫لخلق األثر االجتماعي‪ .‬بدا األمر وكأنهم يخربون ًا َ ُ‬
‫أشخاص باإلحسان إلى أشخاص آخرين‪ .‬في سياسات االستثمار المؤثر‪ ،‬اكتملت التصورات والخبرات‬
‫العملية لرد االعتبار لهؤالء المساهمين واالستجابة لطموحاتهم وتقديم ما ِّ‬
‫يعبر عن غاياتهم النبيلة وصفاتهم‬
‫الكريمة وسلوكهم المتوازن‪.‬‬
‫وعلى صعيد الموظفين يجدر بهم المطالبة بمؤشرات ِّلقياس العوائد المالية على العوائد االجتماعية‪ ،‬هذه‬
‫المؤشرات هي التي تذكرهم بالغاية من الذهاب لوظائفهم وإتقان أعمالهم‪ .‬الموظفون السعداء المنتجون ال‬
‫يستيقظون كل صباح لمجرد تنمية المال للمساهمين؛ بل يأتون إلى أعمالهم بهدف خدمة العمالء باالستناد‬

‫‪100‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫إلى ما يوفره المساهمون والمودعون من إمكانيات مالية أو الموردون من خدمات ومواد‪ ،‬والمهنيون‬
‫والتنفيذيون من إمكانيات فنية‪ ،‬والمجتمع من قوانين تحفظ الحقوق واحتياجات تخلق الفرص وعالقات‬
‫يتوصل من خاللها كل لمصلحته‪ .‬إن حقيقة العائد المالي أنه نتيجة مطلوبة الستدامة خدمة العمالء‬
‫وتعظيم قيمة المنفعة التي يهتمون بها‪.‬‬
‫وعلى مستوى التنفيذيين فإن من واجبهم أن تكون خطة تقييم أداء الموظفين ومكافآتهم وترقياتهم منسجمة‬
‫المدمجة التي تجمع بين العوائد المالية واالجتماعية‪ .‬ال يمكن تصديق جدية الشركات‬ ‫مع مؤشرات القياس ُ‬
‫اإلسالمية في تبني االستثمار المؤثر إذا لم تُ ِّ‬
‫عدل اإلدارة العليا استمارات تقييم األداء وخطط الترقيات‬
‫والمكافآت وفق هذا التوجه المنسجم مع تطور الصناعة المالية اإلسالمية‪ .‬إن تحرك التنفيذيين في هذا‬
‫االتجاه سيكون مر ً‬
‫هونا بقيام مجلس اإلدارة بإقرار مؤشرات قياس ألداء التنفيذيين أنفسهم وما يتبع ذلك من‬
‫مكافآت وفق تلك المؤشرات‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالموردين فإن من حقهم المطالبة بمؤشرات تضمن معاملتهم بعدالة‪ .‬ومن أمثلة الموردين في‬
‫المصارف اإلسالمية المودعون المدخرون؛ فإن من حقهم المطالبة بالمؤشرات التي تضمن حقوقهم مع‬
‫تقلب األسواق‪ .‬إن حقوق هؤالء نسبية إلى مستوى مساهمتهم مع اصحاب رأس المال وأداء المصرف‬
‫وليس إلى حجم ونوع ودائعهم فقط‪ .‬يجب أن يتوصل المودعون في المصارف اإلسالمية إلى إمكانية‬
‫حساب نسبة التغير في العائد الموزع على ودائعهم‪ ،‬ومقارنة هذه النسبة مع التغير في نسب مشاركتهم مع‬
‫أصحاب رأس المال في تحمل التكاليف وتمويل العمليات واقتسام العوائد المالية‪ .‬ليس من المقبول تخفيض‬
‫حصة العوائد الموزعة على الودائع عند تحسن العوائد اإلجمالية وتبرير ذلك بأن النسبة المخفضة تحقق‬
‫العائد المتوقع على الودائع عند المقارنة مع المصارف التقليدية‪ .‬هذه المؤشرات يجب أن تحفظ حقوقهم‬
‫أيضا بحيث ال تخفض نسبة مشاركتهم بالمقارنة مع حصص العوائد المقتطعة الستثمارات المصارف طويلة‬
‫ً‬
‫المدى التي ترجح مصلحة المساهمين على حساب المودعين‪ .‬بعبارة أخرى يجب أن يتحمل المساهمون‬
‫نسبة أكبر من تكلفة االستثمارات طويلة المدى لنصيبهم األعلى من عوائدها‪.‬‬
‫أخيرا؛ إن على مؤسسات المجتمع غير الربحية والمحامين الناشطين في حماية حقوق العمالء والمجتمعات‬
‫و ً‬
‫تحدي الممارسات التي يشتبه في أنها تعطي األولوية لتعظيم حقوق المساهمين في المصارف اإلسالمية‬‫ِّ‬
‫أمام المحاكم بناء على تسجيلها القانوني الخاص بأنها مؤسسات خاضعة ألحكام الشريعة اإلسالمية‬
‫ومقاصدها حتى تؤسس لسوابق قضائية تسهم في ترشيد سلوكيات المصارف اإلسالمية وتطوير لوائح‬
‫القوانين الحالية وخدمة المجتمع‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫نموذج ‪ :7‬أصحاب المصلحة‬

‫المجتمع‬ ‫العمالء‬

‫المساهمون‬ ‫الموظفون‬

‫الموردون‬

‫‪ .2.3‬مصادر تمويل رأس المال‪:‬‬


‫ومالئما لتكامل مصادر تمويل رأس المال الربحية وغير الربحية؛‬ ‫خصبا‬ ‫مجاال‬
‫ً‬ ‫يعد قطاع االستثمار الم ِّ‬
‫ؤثر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وذلك ألنها تجمع بين العائد المالي الذي يستهدفه القطاع التجاري والعائد االجتماعي الذي يستهدفه القطاع‬
‫غير الربحي‪ .‬ولكن يجب وضوح الرؤية في حيثيات ودواعي التكامل حتى ال تكون النتيجة تعظيم العائد‬
‫المالي لصالح المساهمين برأس المال التجاري على حساب العائد االجتماعي المستهدف من المساهمين‬
‫برأس المال غير التجاري‪ .‬وبعبارة أخرى إن تكامل رأس المال ليس شر ً‬
‫طا لقيام االستثمار المؤثر في‬
‫الشركات االجتماعية اإلسالمية؛ وإنما هو أحد طرق التحفيز لتلبية احتياجات اجتماعية يمثل فيها التكامل‬
‫فيها قيمة مضافة لصالح المستفيدين من المنفعة‪.‬‬

‫وفيما يلي تفصيل إلحدى صور تكامل رأس المال الربحي مع رأس المال غير الربحي‪ ،‬وبيان خصوصية‬
‫كل نوع من رأس المال وشروط دخوله في االستثمار المؤثر بشل صحيح‪ ،‬وكيف يمكن تجنب أن تستغل‬
‫رؤوس األموال غير الربحية لتعظيم منافع أصحاب رؤوس األموال الربحية‪ ،‬وتوجيه تعظيم المنفعة من هذا‬
‫التكامل بشكل أساس إلى المستفيدين من المنفعة‪:‬‬
‫‪ .2.3.1‬رأس المال التجاري‬
‫يذخر القطاع التجاري بمهارات فنية وخبرات متراكمة تُمكن من مأسسة وتنظيم الممارسات التي تعزز‬
‫استدامة التشغيل‪ .‬تنعكس هذه المأسسة على مستوى االستثمار المؤثر في استدامة المنفعة‪ .‬ويشترط‬

‫‪102‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫لدخول رأس المال التجاري في االستثمار االجتماعي إمكانية تحقيق العائد المالي دون تبديد المنفعة‬
‫االجتماعية المرجوة‪.‬‬
‫‪ .2.3.2‬رأس المال الخيري‬
‫تقوم الكثير من األعمال التجارية على حل مشاكل فئات من المجتمع وتلبية احتياجاتها ولكنها تشترط‬
‫لدخولها الجدوى االقتصادية‪ .‬ولذا تتجنب األنشطة التجارية التصدي للكثير من االحتياجات االجتماعية‬
‫بدعوى عدم رجحان توقع العائد المالي من االستثمار فيها‪ .‬إن دخول رأس المال الخيري في هذه‬
‫الحال سيكون بهدف امتصاص الخسارة المتوقعة في تقدير التوقعات المالية بالقدر الذي يحقق الجدوى‬
‫االقتصادية لرأس المال التجاري‪.‬‬
‫ويشترط لدخول رأس المال الخيري رجحان مستوى "اإلضافة" لصالح المستفيدين من المنفعة‪ .‬ومفهوم‬
‫عرف بأنه القيمة المضافة في المنفعة مقابل التكامل مع رأس المال التجاري ‪(Michael‬‬
‫"اإلضافة" هنا ُي َّ‬
‫)‪ .McCreless, 2017‬ويقدر بالفرق بين المنفعة التي يمكن تحقيقها لصالح المستفيدين من خالل‬
‫االستثمار المؤثر والمنفعة التي يمكن تحقيقها لصالح المستفيدين من خالل التبرع واألعمال الخيرية‪.‬‬
‫وستكون "اإلضافة" المتوقعة في المنفعة مرجحة لالستثمار عندما تساوي قيمتها قدر الخسارة المتوقع‬
‫امتصاصها لصالح رأس المال التجاري‪ .‬وكان رأس المال الخيري يحصل على ضمان طرف ثالث‬
‫للخسارة المتوقعة وفًقا لدراسات التوقعات المالية‪ ،‬ومن ثم يزول عامل التردد في االستثمار الناشئ عن‬
‫احتمال الخسارة أمام رأس المال التجاري‪.‬‬
‫‪ .2.3.3‬رأس المال الوقفي‬
‫يتجنب رأس المال التجاري التصدي لبعض المشاكالت االجتماعية بالرغم من توقع العوائد المالية على‬
‫االستثمار في تلبية االحتياجات وحل المشاكالت وذلك بدعوى أن العائد المتوقع هو دون العائد المعدل‬
‫بالمخاطرة الذي يشترطه رأس المال التجاري للدخول في المخاطرة المصاحبة لالستثمار‪ .‬وهنا يكون‬
‫دخول رأس المال الوقفي لصالح بقية المستثمرين حاف از لتلبية االحتياجات االجتماعية من خالل تعديل‬
‫العائد المالي المتوقع لصالح رأس المال التجاري‪.‬‬
‫ويكون دخول رأس المال الوقفي لصالح بقية المستثمرين فقط في حال قصور توقعات العائد من‬
‫االستثمار المؤثر عن العائد المعدل بالمخاطرة‪ ،‬وبالتالي يعتمد نصيب رأس المال التجاري من العائد‬
‫ِّ‬
‫المعدل بالمخاطرة الذي يعتمد عند الدخول في‬ ‫على عوائد رأس المال الوقفي في استكمال العائد‬
‫المشروع وفًقا لدراسات التوقعات المالية‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫‪ .2.3.4‬حالة تطبيقية لتكامل رأس المال‪:‬‬


‫لتوضيح آلية تكامل رأس المال التجاري والخيري والوقفي يمكن افتراض طرح مشروع اجتماعي ذي عوائد‬
‫مالية متوقعة وعوائد اجتماعية خاضعة للقياس والمتابعة وفق المحددات اآلتية‪:‬‬
‫• العائد المعدل للمخاطرة (العائد الذي يتطلبه رأس المال الربحي)‪ %20 :‬على رأس المال‪.‬‬
‫• توقعات العوائد المالية‪:‬‬
‫أفضل الظروف ‪ %20+‬على رأس المال ‪ -‬مستوى احتمال حدوث أفضل الظروف هو ‪.%50‬‬
‫أسوء الظروف ‪ %20-‬على رأس المال ‪ -‬مستوى احتمال حدوث أسوء الظروف هو ‪.%50‬‬
‫• العائد المالي المتوقع‪:‬‬
‫(‪%0 = %10- + %10+ = )0.50 x 0.20-( + )0.50 x 0.20‬‬
‫• الموقف األساسي‪:‬‬
‫رأس المال التجاري ال يقبل الدخول في المشروع لعدم الجدوى االقتصادية؛ ألن العائد المالي‬
‫المتوقع يساوي الصفر‪.‬‬
‫• الحل‪:‬‬
‫تكامل حصص الملكية‬

‫‪20%‬‬

‫‪40%‬‬ ‫رأس المال التجاري‬


‫رأس المال الوقفي‬
‫رأس المال الخيري‬
‫‪40%‬‬

‫‪ .1‬دخول رأس المال الخيري بنسبة ‪ %20‬من رأس مال المشروع المتصاص الخسارة في حال وقوعها‪.‬‬
‫‪ .2‬يصبح تقدير العائد المتوقع لبقية المساهمين بعد دخول رأس المال الخيري‪:‬‬
‫(‪%10 = ) 0.50 * )0.20 + 0.20-( ( + )0.50 * 0.20‬‬
‫العائد المتوقع ما زال دون العائد المعدل بالمخاطرة وهو ‪ %20‬على رأس المال‪.‬‬
‫‪ .3‬دخول رأس المال الوقفي لصالح التجاري بما يعادل حصة رأس المال التجاري‪ ،‬أي ‪ %40‬وذلك‬
‫ألن رأس المال التجاري يحتاج إلى ضعف الربح المتوقع للدخول في المشروع‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫هنا سيثبت الحد األعلى لمنفعة رأس المال الربحي من رأس المال الوقفي باستكمال العائد المعدل‬
‫بالمخاطرة المقدر والذي يتفق عليه ابتداء‪.‬‬
‫ويالحظ هنا أن دخول رأس المال الخيري المتصاص الخسارة مكن أيضا من دخول رأس المال‬
‫الوقفي الذي يشترط عدم توقع استهالك أصله‪.‬‬
‫‪ .4‬بعد دخول رأس المال الوقفي‪ ،‬يصبح تقدير العائد المتوقع لرأس المال التجاري معادال للعائد المعدل‬
‫بالمخاطرة‪:‬‬
‫‪ %10‬عائد رأس المال التجاري ‪ %10 +‬حصة عائد رأس المال الوقفي = ‪%20‬‬
‫• التوزيع النهائي للعوائد المالية وفق بعض صور النتائج المالية‪:‬‬
‫عائدا قدره ‪ ،%20‬يكون العائد لكل المساهمين ‪.%20‬‬
‫‪ o‬إذا حقق المشروع ً‬
‫عائدا قدره ‪ ،%10‬يكون العائد لمساهمي رأس المال التجاري ‪ ،%20‬ولمساهمي‬
‫‪ o‬إذا حقق المشروع ً‬
‫رأس المال الخيري ‪ ،%10‬ولمساهمي رأس المال الوقفي ‪.%0‬‬
‫عائدا قدره ‪ ،%0‬يكون العائد ‪ %0‬لكل المساهمين‪.‬‬
‫‪ o‬إذا حقق المشروع ً‬
‫‪ o‬إذا حقق المشروع خسارة قدرها ‪ ،%10‬يكون العائد لمساهمي رأس المال التجاري والوقفي ‪،%0‬‬
‫ولمساهمي رأس المال الخيري ‪.%50-‬‬
‫‪ o‬إذا حقق المشروع خسارة ‪ ،%20‬يكون العائد لمساهمي أٍرس المال التجاري والوقفي ‪،%0‬‬
‫ولمساهمي رأس المال الخيري ‪.%100-‬‬
‫‪ o‬إذا حقق المشروع خسارة ‪ ،%30‬يكون العائد لمساهمي رأس المال التجاري والوقفي ‪،%10-‬‬
‫ولمساهمي رأس المال الخيري ‪.%100-‬‬

‫‪ .2.4‬مؤشرات القياس واإلفصاحات‬


‫إن استراتيجية إدارة التغيير لتعظيم المنفعة االجتماعية على مستوى الشركات اإلسالمية تبدأ بتفعيل الشركات‬
‫اإلسالمية ألدوات القياس التي تتناسب مع غايتها المؤسسية‪ .‬وأن تستخدم هذه األدوات لمقارنة العوائد في‬
‫االستثمار المؤثر بين السنة السابقة والسنة الحالية وبين مؤسسة مالية وأخرى‪ .‬إن مؤشرات القياس في‬
‫التمويل االجتماعي واالستثمار المؤثر تتجاوز اإلفصاح عن مجرد إجمالي العوائد أو عدد المستفيدين إلى‬
‫اإلفصاح عن معدل العائد المالي على العائد االجتماعي في كل نوع من االستثمار‪ .‬وهذا اإلفصاح‬
‫سيكشف عن مدى مصداقية المؤسسات المالية اإلسالمية في تبني استراتيجيات االستثمار المؤثر أو‬
‫االنحراف عن ذلك في الواقع‪ .‬ومن األمثلة التطبيقية التي يمكن أن تنتظر الشركات اإلسالمية التي تتبنى‬
‫االستثمار المؤثر هو التغيير المتوقع على مستوى المصارف اإلسالمية كما سيأتي بيانه‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫إن الغاية المؤسسية من المصارف هي الوساطة المالية بين أصحاب المدخرات وأصحاب االحتياجات‬
‫التمويلية بغرض تح قيق العائد ألصحاب المدخرات والمنفعة ألصحاب االحتياجات التمويلية‪ .‬في ضوء‬
‫ذلك ُينتظر من المصارف اإلسالمية أن تتوقف عن متابعة ومجاراة المصارف التقليدية في اإلعالن عن‬
‫األرقام اإلجمالية للعوائد مجردة عن نوع ومقدار األثر االجتماعي التي تحقق من خاللها‪.‬‬
‫من مؤش ارت قياس العوائد التي ُينتظر اإلفصاح عنها في المصارف اإلسالمية‪:‬‬
‫‪ o‬إجمالي عائد تمويل المركبات على عددها‪.‬‬
‫‪ o‬إجمالي عائد تمويل الوحدات السكنية على عددها‪.‬‬
‫‪ o‬إجمالي عائد تمويل المقاعد الدراسية على عددها‪.‬‬
‫‪ o‬إجمالي عائد تمويل الرعاية الطبية على عدد المستفيدين منها‪.‬‬
‫‪ o‬إجمالي عائد تمويل الشركات على عددها‪.‬‬
‫‪ o‬إجمالي عائد تمويل مشاريع البنية التحتية على إجمالي مساحتها‪.‬‬
‫إن متابعة مثل هذه المؤشرات إما أن تؤيد سعي المصرف لزيادة اإليرادات عن طريق توسيع قاعدة العمالء‬
‫واستيعاب المزيد من احتياجات المجتمع‪ ،‬أو تكشف عن حقيقة زيادة اإليراد من خالل تضييق قاعدة العمالء‬
‫واالقتصار على األكثر مالءة‪ .‬وفي جانب تقليل التكاليف لزيادة هامش الربح‪ ،‬إما أن تؤيد هذه المؤشرات‬
‫ظا في التنمية أو تجاهل فئات أضعف‬
‫رفع كفاءة العمليات‪ ،‬أو تكشف تجنب المصرف خدمة مناطق أقل ح ً‬
‫قدرة في المجتمع‪ .‬إن واجب المصرف يجب أن يمتد إلى عدم التمييز بين مناطق المستفيدين وفئاتهم‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫وفيما يخص الموظفين‪ُ ،‬ينتظر من المصارف اإلسالمية أن تتنافس فيما بينها على تشريك الموظفين‬
‫بحصص عائلة عادلة من عوائدها‪ .‬وذلك من خالل تخصيص حصص عادلة من األرباح السنوية للتوزيع‬
‫على الموظفين‪ ،‬ووضع خطط لتمليك الموظفين ألسهم في المصرف كجزء من تعويضاتهم ومكافآتهم العينية‬
‫تحسن أداء المصرف السنوي‪ ،‬كما يكون ذلك من خالل برامج تمويل شراء األسهم‬
‫مقابل مساهمتهم في ُّ‬
‫يسر لمن يرغب من الموظفين في زيادة حصته من أسهم المصرف‪ .‬إن مثل هذه البرامج تسهم في‬ ‫الم َّ‬
‫ُ‬
‫التوفيق بين مصالح المالك والموظفين‪ ،‬وفي ردم الفجوة المتراكمة بين الفئتين‪ ،‬والتي تعود إلى غياب العدالة‬
‫في توزيع الثروة على جميع من أسهم في خلقها وتحصيلها من أصحاب رأس المال وغيرهم من أصحاب‬
‫المصلحة‪.‬‬
‫وفيما يخص العدالة مع الموردين في المصارف اإلسالمية ومن أمثلتهم المودعون المدخرون‪ُ ،‬ينتظر أن‬
‫المحققة‬
‫تفصح المصارف اإلسالمية عن متوسط نسبة مشاركة المصرف ألصحاب الودائع في األرباح ُ‬
‫على نسبة مساهمتهم مع أصحاب رأس المال‪ .‬وهذا يتجاوز الممارسة الحالية في اإلفصاح عن مجرد نسبة‬
‫العائد على تلك الودائع كما تفعل المصارف التقليدية‪ .‬ومن شأن هذا اإلفصاح أن ُي ِّ‬
‫عزز العدالة في توزيع‬

‫‪106‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫الربح بين أصحاب رأس المال وأصحاب الودائع بناء على تمكين أصحاب المصلحة من الرقابة على‬
‫ممارسات اإلدارة‪.‬‬
‫يخص دعم المجتمع؛ فإنه ال يخفى بأن المجتمع ي َّ‬
‫وفر للمصارف شبكة العالقات والعمالء والمودعين‬ ‫وفيما ُّ‬
‫وجمع الكفاءات المهنية التي تعمل في المصارف‪ ،‬كما يوفر للمصارف البيئة التي يعيش فيها كل أصحاب‬
‫المصلحة‪ .‬وعلى الرغم من أن هناك منافسة محمودة بين المصارف في الترويج لمساهمة المصارف في‬
‫دعم المجتمع وأرقام هذه المساهمات‪ ،‬غير أنه من المطلوب أن تفصح المصارف عن عروض تمويل‬
‫مدعومة التكلفة للفئات األكثر حاجة‪ ،‬وأن تفصح عن اشتراطاتها لتخفيف المخلفات واالنبعاثات الضارة‬
‫أيضا أن تفصح‬
‫بالبيئة والمجتمع من قبل المصانع التي تمولها تلك المصارف‪ ،‬كما أنه من المطلوب ً‬
‫المصارف عن القيود التي تفرضها على تمويل مشاريع ومطاعم الوجبات غير الصحية‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬شركات المقاصد‬
‫إن من المهم أال تبدو الشركات اإلسالمية وكأنها تجاري الشركات االجتماعية في الرأسمالية فحسب‪ ،‬وإنما‬
‫يجب أن تمثل القاطرة للصناعة المالية العالمية بقيادتها إلى مرحلة جديدة تتجاوز مفهوم االستثمار المؤثر‬
‫على أسس مقتبسة من مقاصد الشريعة‪ .‬ويهدف هذا الفصل إلى تقديم رؤية لمستقبل الصناعة المالية‬
‫اإلسالمية تتجاوز التوافق الشرعي للعالقات التعاقدية‪ ،‬أو فلسفة الشركات االجتماعية التي تمثل الوجه‬
‫الجديد للرأسمالية‪ .‬إن هذه الرؤية تقدم نموذج لشركات تنطلق من مقاصد الشريعة وتلتزم بتوافق األنشطة‬
‫والعمليات والمخرجات مع أحكام الشريعة ومبادئها‪.‬‬
‫إن حجر األساس لهذه الرؤية هو مصفوفة صناعة القرار المبنية على مقاصد الشريعة‪ .‬وتمثل هذه‬
‫المصفوفة البنية التحتية التي قام الباحث على أساسها بتطوير آليات بهدف الترجيح والمفاضلة بين بدائل‬
‫االستثمار والتمويل على أساس المقاصد باعتبار توزيع األوزان النسبية ألعمدة المصفوفة وصفوفها‪ ،‬وآليات‬
‫تحديد التوزيع األمثل لألصول االستثمارية والمشاريع الستهداف حد المقاصد األعلى‪ ،‬وآليات ضبط التغير‬
‫في توزيع االستثمارات مع الحفاظ على حد المقاصد األعلى عند مختلف التوقعات المالية ‪( Nizar‬‬
‫)‪.Mashal, 2019‬‬

‫‪107‬‬
‫‪International Review of Entrepreneurial Finance‬‬ ‫)‪Vol. 4, Issue 1 (January 2021‬‬

‫مصفوفة صناعة القرار باعتبار المقاصد‬

‫التوقعات‬
‫االلتزام‬ ‫التأثير‬ ‫العدالة‬
‫المالية‬
‫توافق‬
‫الضروريات‬ ‫العائد الخالي‬
‫من المخاطر‬
‫المسؤولية‬
‫االجتماعية‬
‫احتياج الفئات‬
‫المستهدفة‬
‫أصحاب‬
‫المصلحة‬

‫الحاجيات‬ ‫العائد المعدل‬


‫للمخاطر‬
‫القيم‬
‫المشتركة‬
‫عدد المتأثرين‬
‫هيكل توزيع‬
‫المخاطر‬

‫التحسينيات‬ ‫العائد الفائض‬ ‫االستدامة‬


‫مستوى‬
‫التأثير‬
‫هيكل توزيع‬
‫العوائد‬

‫إن تطبيقات هذه المصفوفة في الشركات االجتماعية اإلسالمية ستنعكس على إعادة صياغة السياسات‬
‫واإلجراءات ومؤشرات القياس والمتابعة لتكون البيئة التي تسمح بالتحول تجاه شركات المقاصد وإعادة‬
‫التعريف بهوية االقتصاد اإلسالمي من خالل شواهد آثاره االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪108‬‬
International Review of Entrepreneurial Finance Vol. 4, Issue 1 (January 2021)

References
Aaron K. Chatterji and Michael W. Toffel. (2018). The New CEO Activists. Harvard Business
Review.
Bernow, Klempner, & Magnin. (2017). From ‘why’ to ‘why not’: Sustainable investing as the
new normal. mckinsey.com.
Global Impact Investing Network. (2019). Sizing the Impact Investing Market.
GSI-Alliance. (2018). Global Sustainable Investment Review.
IFC – World Bank Group. (2019). Investing for Impact: Operating Principles for Impact
Management.
Jed Emerson, Ben Thornley, Cathy Clark. (2014). Collaborative Capitalism and the Rise of
Impact Investing.
Klaus Schwab. (1971). Modern Enterprise Management in Mechanical Engineering.
Marc Benifoff and Monica Langley. (2019). Trailblazer: The Power of Business as the Greatest
Platform for Change.
Michael McCreless. (2017). Toward the Efficient Impact Frontier. Stanford Social Innovation
Review.
Morgan Simon. (2017). Real Impact: The New Economics of Social Change.
Nizar Mashal. (2019). Islamic Social Finance in Islamic Banking Institutions: An
Implementation Model.
R. Edward Freemman. (1984). Strategic Management: Stakeholder Approach.
Sisodia, R., Henry, T., & Eckschmidt, T. (2018). Conscious Capitalism.
Stephan Meier & Lea Cassar. (2018). Stop Talking About How CSR Helps Your Bottom Line.
Harvard Business Review.
The New York Times Magazine. (1970, September 13).
World Bank Group. (2019). Creating Impact: The Promise of Impact Investing. IFC.

109

You might also like