You are on page 1of 11

‫األستاذ‪ :‬عموري السعيد‬

‫أستاذ محاضر ‪-‬ب‪-‬‬

‫قسم اللغة العربية وآدابها‬

‫جامعة بجاية‬

‫مقياس مناهج النقد المعاصر سنة ‪ 3‬ل م د‪ .‬تخصص نقد وتحليل الخطاب‬

‫محاضرة التداولية‬

‫‪:-1‬مفهوم التداولية‪:‬‬

‫م‪-- -‬رت التداولي‪-- -‬ة بمراح‪-- -‬ل متباين‪-- -‬ة في محاول‪-- -‬ة لتأس‪-- -‬يس أو لتحدي‪-- -‬د مج‪-- -‬ال‬

‫مفه ‪-- -‬ومي يهيمن على تخومه ‪-- -‬ا على اعتب ‪-- -‬ار أنه ‪-- -‬ا تالمس أك ‪-- -‬ثر الحق ‪-- -‬ول اللغوي ‪-- -‬ة‬

‫وتش‪--‬تغل في مس‪-‬احة التواص‪-‬ل اللغ‪--‬وي من منطل‪--‬ق قيم‪-‬ة الس‪--‬ياق الكالمي في تحدي‪--‬د‬

‫وتداول المعنى وضمان حد م‪-‬ا لتواص‪-‬له‪ ،‬فكيفي‪-‬ة اس‪--‬تعمال اللغ‪--‬ة في االتص‪--‬ال ك‪-‬ان‬

‫هم الدرس التداولي‪ ،‬ويمكن أن يك‪-‬ون موض‪--‬وع التداولي‪--‬ة إض‪--‬افة س‪-‬ياق االس‪--‬تعمال‬

‫للدالل‪--‬ة‪ ،‬فـ(يمكن أن يك‪--‬ون موض‪--‬وع التداولي‪--‬ة ه‪--‬و نفس‪--‬ه موض‪--‬وع الدالل‪--‬ة الث‪--‬ابت‪-،‬‬

‫بإض‪-- -‬افة س‪-- -‬ياق االس‪-- -‬تعمال‪ 1)contexte‬وطبيع‪-- -‬ة اللغ‪-- -‬ة – في ال‪-- -‬درس الت‪-- -‬داولي‪-‬‬

‫يق‪--‬ول جف‪--‬ري ليج (ال نس‪--‬تطيع حقيق‪--‬ة فهم‬ ‫تتح‪--‬دد وتفهم في قيمته‪--‬ا التواص‪--‬لية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-  fançoise latraverse.la pragmatique. Hstoire et critique .pierre mardaga. Bruxelles.p137‬‬
‫طبيع ‪--‬ة اللغ ‪--‬ة ذاته ‪--‬ا إال إذا فهمن ‪--‬ا التداولي ‪--‬ة‪ -‬كي ‪--‬ف نس ‪--‬تعمل اللغ ‪--‬ة في االتص ‪--‬ال)‬

‫والتداولية تتص‪--‬ل بعدي‪--‬د الموض‪--‬وعات ذات األهمي‪--‬ة الكب‪--‬يرة في الدراس‪--‬ات اللس‪--‬انية‬

‫بصفة عامة‪ ،‬وقد ص‪--‬ار له‪--‬ا مح‪--‬اوالت تطبيقي‪--‬ة منش‪--‬ورة ع‪--‬بر دراس‪--‬ات عدي‪--‬دة تهتم‬

‫بتطبيق‪---‬ات المنهج الت‪---‬داولي في االب‪---‬داع األدبي وفي الش‪---‬عر بخاص‪---‬ة‪ ،‬على ال‪---‬رغم‬

‫مما انتقد به الدرس التداولي من عدم قدرت تطبيق مبادئ المحادثة لغ‪--‬رايس على‬

‫النص األدبي لوج‪--‬ود م‪--‬يزة الخي‪--‬ال والمج‪--‬از في‪--‬ه وال‪--‬تي تش‪--‬كل مس‪--‬افة نق‪--‬ل المع‪--‬نى‬

‫طب‪-.‬‬ ‫ِ‬
‫المخاطب والمخا َ‬ ‫الحقيقي وغير المباشر بين‬

‫لق‪---‬د ف‪---‬رق سوس‪---‬ير بين اللغ‪---‬ة والكالم ج‪---‬اعال من األولى انتم‪---‬اءا وض‪---‬عيا‬

‫بينم‪---‬ا ينتمي الكالم إلى حق‪---‬ل االس‪---‬تعمال للغ‪---‬ة بغض النظ‪---‬ر عن حالته‪---‬ا البنيوي‪---‬ة‪،‬‬

‫ل ‪--‬ذلك ع ‪--‬رفت التداولي ‪--‬ة بانه ‪--‬ا " دراس ‪--‬ة كي ‪--‬ف يك ‪--‬ون للمق ‪--‬والت مع ‪--‬ان في المقام ‪--‬ات‪-‬‬

‫الخطابي‪-‬ة"‪ 2‬وه‪-‬و المنطل‪-‬ق ال‪-‬ذي يق‪-‬دم التداولي‪-‬ة في ص‪-‬ورة البحث عن القص‪-‬دية من‬

‫خالل اس‪-- - -‬تعمال اللغ‪-- - -‬ة ع‪-- - -‬بر الس‪-- - -‬ياقات ومن خالل ق‪-- - -‬راءة أفع‪-- - -‬ال الكالم وأن‪-- - -‬واع‬

‫المع‪-- -‬نى‪ ،‬وهي ك‪-- -‬ذلك ‪-‬في خلفيته‪-- -‬ا النظري‪-- -‬ة االبيس‪-- -‬تيمية وخطواته‪-- -‬ا اإلجرائي‪-- -‬ة‪-‬‬

‫‪ - 2‬محمد محمد يونس علي‪ ،‬مقدمة في علمي الداللة والتخاطب‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتحدة‪،‬االمارات العربية المتحدة‪،‬‬
‫ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.13‬‬
‫تساعد محللي الخطاب‪ -‬بكل أنواعه وبخاص‪--‬ة األدبي من‪--‬ه في ج‪--‬انب الفهم ومقارب‪--‬ة‬

‫مقصدية التواصل‪.‬‬

‫‪ -2‬الجذور العربية للدرس التداولي‪:‬‬

‫ورد الجذر دول في لس‪--‬ان الع‪--‬رب البن منظ‪--‬ور على أش‪--‬كال عدي‪--‬دة تجتم‪--‬ع‬

‫في كونه ي‪-‬ؤدي فع‪--‬ل االنتق‪--‬ال وق‪--‬د ورد "في ح‪--‬ديث ال‪--‬دعاء‪ :‬ح‪--‬دثني بح‪--‬ديث س‪-‬معته‬

‫عن رس‪--‬ول اهلل ‪ ،‬لم يتداول‪--‬ه بين‪--‬ك وبين‪--‬ه الرج‪--‬ال‪ ،‬أي لم يتناقل‪--‬ه الرج‪--‬ال وتروي‪--‬ه‬

‫واحدا عن واحد‪ ،‬إنما ترويه أنت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم"‪.3‬‬

‫يرج‪-- -‬ع المص‪-- -‬طلح إلى م‪-- -‬ادة دول وق‪-- -‬د وردت على أص‪-- -‬لين أح‪-- -‬دهما ي‪-- -‬دل‬

‫على تح ‪--‬ول الش ‪--‬يء من مك‪--‬ان آلخ ‪--‬ر‪ ،‬واآلخ ‪--‬ر ي ‪--‬دل على ض‪--‬عف االس ‪--‬ترخاء فق‪--‬ال‬

‫أه ‪--‬ل اللغ ‪--‬ة أن دال الق وم‪ :‬معن ‪--‬اه تحول وا من مك ان آلخ ر‪ ،‬ومن ه ‪--‬ذا الب ‪--‬اب ت ‪--‬داول‬

‫القوم الشيء بينهم‪ :‬إذ صار من بعضهم‪.‬‬

‫والدول ‪--‬ة والدول ‪--‬ة لغت ‪--‬ان‪ ،‬ويق ‪--‬ال ب ‪--‬ل الدول ‪--‬ة في الم ‪--‬ال والدول ‪--‬ة في الح ‪--‬رب‪-‬‬

‫وإ نم‪--‬ا س‪--‬ميا ب‪--‬ذلك من قي‪--‬اس الب‪--‬اب‪ -،‬ألن‪--‬ه أم‪--‬ر يتداولون‪--‬ه‪ ،‬فتح‪--‬ول من ه‪--‬ذا إلى ذاك‬

‫ومن ذاك إلى هنا‪.‬‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ .1981 ،‬ص‪1455‬‬ ‫‪3‬‬
‫فم ‪--‬دار اللف ‪--‬ظ في م ‪--‬ادة دول ه ‪--‬و التناق ‪--‬ل والتح ‪--‬ول بع ‪--‬د أن ك ‪--‬ان مس ‪--‬تترا في‬

‫موض‪--‬ع ومنس‪--‬وبا إلي‪--‬ه وق‪--‬د اكتس‪--‬ب مفه‪--‬وم التح‪--‬ول‪ ،‬ولع‪--‬ل الص‪--‬يغة الص‪--‬رفية ال‪--‬تي‬

‫ع‪--‬رف به‪--‬ا تجعل‪--‬ه أك‪--‬ثر دالل‪--‬ة على التناق‪--‬ل والتح‪--‬ول وتع‪--‬دد الحال‪--‬ة‪ .‬وهي ال‪--‬دالالت‬

‫التي تناقلتها المعاجم األخرى‪ ،‬فقد قدمها الزمخشري في أس‪-‬اس البالغ‪-‬ة على أنه‪-‬ا‬

‫التناق ‪--‬ل و" اهلل ي ‪--‬داول األي ‪--‬ام بين الن ‪--‬اس‪ ،‬م ‪--‬رة لهم وم ‪--‬رة عليهم‪ ..‬والماش ‪--‬ي ي ‪--‬داول‬
‫‪4‬‬
‫بين قدمي‪--‬ه‪ :‬ي‪--‬راوح بينهم‪--‬ا‪ ،‬وفعلن‪--‬ا ذل‪--‬ك دوالي‪--‬ك أي ك‪--‬رات بعض‪--‬ها في أث‪--‬ر بعض"‬

‫ويمكن أن نخلص إلى أن للمفهوم مجاالت منها‪:‬‬

‫االسترخاء للبطن بعد أن كان في حال أخرى غيرها ( أندال البطن )‬

‫التحول من مكان إلى مكان ( اندال القوم )‬

‫التناقل من أيدي هؤالء إلى أيدي هؤالء ( اندال المال )‬

‫االنتقال من حال إلى حال ( الحرب )‬

‫التمكين من ح‪--‬ال دون آخ‪--‬ر ( الدول‪--‬ة ) ومن‪--‬ه فهي تع‪--‬نى بم‪--‬ا يفع‪--‬ل االنتق‪--‬ال‬

‫والتعدد‬

‫‪ -‬الزمخشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬تحقيق محمد باسل عيون السود‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت‪ ،‬لبنان‪ .1998 ،‬ص‪.303‬‬ ‫‪4‬‬
‫تتواف‪-- -‬ق مجم‪-- -‬وع تل‪-- -‬ك المع‪-- -‬اني الدال‪-- -‬ة على التناق‪-- -‬ل والتح‪-- -‬ول من ح‪-- -‬ال إل‬

‫حال‪ -،‬مع طبيعة اللغة ذاتها كونها ظاهرة اتماعية متحولة ومتداولة تعتم‪-‬د معانيه‪--‬ا‬

‫على مستوى السياق الذي يضمن حدا أقصى للمعاني اللفظية القارة‪ ،‬فاللغة منتقلة‬

‫بين الن ‪--‬اس يت ‪--‬داولونها بينهم من ‪--‬ذ األب ‪--‬د إلى األزل‪ ،‬ومن أج ‪--‬ل ذل ‪--‬ك ك ‪--‬ان مص ‪--‬طلح‬

‫( تداولية ) أكثر ثبوتا من المصطلحات‪ -‬األخرى الذرائعية‪ ،‬النفعية ‪ ...‬وغيرها‪.‬‬

‫‪ -3‬أسس التداولية في تحليل الخطاب‪:‬‬

‫تق‪--‬وم التداولي‪--‬ة على مف‪--‬اهيم ثالث‪--‬ة يمث‪--‬ل تحدي‪--‬دها أس‪--‬اس ال‪--‬درس الت‪--‬داولي‬

‫لوجودها متضمنة القراءة التداولية لكل الخطابات‪ -‬وهي‪:5‬‬

‫أ‪-‬مفه وم الفعل‪ :‬يتج ‪--‬اوز مفه ‪--‬وم الفع ‪--‬ل في التداولي ‪--‬ة مفه ‪--‬وم تمثي ‪--‬ل الع ‪--‬الم‬

‫وإ نت ‪-- -‬اج ألف ‪-- -‬ظ دال ‪-- -‬ة على المع ‪-- -‬اني‪ ،‬إلى القي ‪-- -‬ام بفع ‪-- -‬ل وممارس ‪-- -‬ة الت ‪-- -‬أثير من خالل‬

‫اس ‪--‬تعمال اللغ ‪--‬ة‪ ،‬ه ‪--‬ذا المفه ‪--‬وم ال ‪--‬ذي أس ‪--‬س لنظرية أفع ال الكالم‪ ،‬وق ‪--‬د ق ّس ‪-‬م أوس ‪--‬تن‬

‫األفع ‪-- - -‬ال إلى إنجازي ‪-- - -‬ة ‪ actes performatifs‬وتقريري ‪-- - -‬ة أو واص ‪-- - -‬فة ‪actes‬‬

‫‪constatifes‬؛ بحيث يق ‪-- -‬ترن في األولى اإلنج ‪-- -‬از بالتلف ‪-- -‬ظ نح ‪-- -‬و بعت‪ ،‬اعتق ‪-- -‬دت‪..‬‬

‫فالعم ‪--‬ل هن ‪--‬ا دالل ‪--‬ة اللف ‪--‬ظ‪ ،‬وفي الثاني ‪--‬ة تص ‪--‬ف حال ‪--‬ة ع ‪--‬الم مس ‪--‬تقل عن التلف ‪--‬ظ نح ‪--‬و‬

‫‪ - 5‬نواري سعودي أبو زيد‪ ،‬في تداولية الخطاب األدبي‪ ،‬المبادئ واإلجراء‪ ،‬بيت الحكمة للنشر والتوزيع‪ ،‬سطيف‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪30-26‬‬
‫اق ‪--‬تربت الس ‪--‬اعة‪ ،‬إلى ج ‪--‬انب ذل ‪--‬ك فق ‪--‬د قس ‪--‬م س ‪--‬يرل األفع ‪--‬ال اإلنجازي ‪--‬ة إلى خمس ‪--‬ة‬

‫أص ‪--‬ناف(التأكي ‪--‬دات‪ -،‬األوام ‪--‬ر‪ ،‬االلتزام ‪--‬ات‪ ،‬التص ‪--‬ريحات‪ -،‬اإلدالءات) وه ‪--‬و تقس ‪--‬يم‬

‫يص ‪--‬ب في خان ‪--‬ة المفه ‪--‬وم الت ‪--‬داولي للفع ‪--‬ل أو الممارس ‪--‬ة الفعلي ‪--‬ة للغ ‪--‬ة ال ‪--‬تي ترتب ‪--‬ط‬

‫داللتها الفعلية بالحال أو السياق‪.‬‬

‫ب‪-‬مفه وم الس ياق‪ :‬يع‪-- - -‬ني الموق‪-- - -‬ف الفعلي توظ‪-- - -‬ف في‪-- - -‬ه الملفوظ‪-- - -‬ات‪،‬‬

‫والمتضمن بدوره لكل ما نحتاجه لفهم وتقييم ما يقال‬

‫ج‪-‬مفه وم الكف اءة‪ :‬ويعت‪-- - -‬بر مفه‪-- - -‬وم الكف‪-- - -‬اءة إش‪-- - -‬ارة اعتم‪-- - -‬اد التداولي‪-- - -‬ة‬

‫الس‪-- -‬تعمال اللغ‪-- -‬ة في الس‪-- -‬ياق أو هي حص‪-- -‬يلة إس‪-- -‬قاط مح‪-- -‬ور الفع‪-- -‬ل على مح‪-- -‬ور‬

‫السياق وبناء على ذلك تتحدد كفاءة وميزات المتكلمين‪.‬‬

‫إن س ‪--‬يرورة العم ‪--‬ل التخ ‪--‬اطبي للوص ‪--‬ول إلى المع ‪--‬نى يتح ‪--‬دد ع ‪--‬بر س ‪--‬يرورة‬
‫ّ‬

‫خطية تنطلق من المتكلم الذي يحاول إنجاح خطابه‪ ،‬مرورا بمحتوى الرسالة وما‬

‫يس ‪--‬تلزمها من خص ‪--‬ائص تض ‪--‬من نج ‪--‬اح التواص ‪--‬ل وص ‪--‬وال إال احتياج ‪--‬ات‪ -‬الس ‪--‬امع‬

‫يكيف الرسالة وفق احتياجاته‪ -.‬وإ ذا كانت التداولية تع‪--‬نى بالج‪--‬انب التواص‪--‬لي‬
‫الذي ّ‬

‫وتح ‪--‬اول – كم ‪--‬ات ي ‪--‬رى ب ‪--‬يرس‪ -‬أن تك ‪--‬ون منهج ‪--‬ا من أج ‪--‬ل تقري ‪--‬ر دالل ‪--‬ة األلف ‪--‬اظ‬

‫الغريب‪---‬ة‪ ،‬فإنه‪---‬ا تُع‪---‬نى أساس‪---‬ا في إجراءاته ‪--‬ا‪ -‬التطبيقي‪---‬ة ( بفهم الجمل‪---‬ة الواح‪---‬دة من‬
‫الكالم فت‪--‬ذهب في البحث عن طبيع‪--‬ة وض‪--‬عها انطالق‪--‬ا من العناص‪--‬ر المعجمي‪--‬ة إلى‬

‫المؤشرات النظمية أو المعطيات السياقية)‪.6‬‬

‫‪ -4‬مبادئ المنهج التداولي‪:‬‬

‫يرك ‪--‬ز المنهج الت ‪--‬داولي في جانبي ‪--‬ه النظ ‪--‬ري والتط ‪--‬بيقي على التموض ‪--‬ع في‬

‫مجال مفهومي يفرق بين وضع اللغ‪--‬ة وبين اس‪--‬تعمالها‪ ،‬ذل‪--‬ك أن دالل‪--‬ة الوض‪--‬ع كم‪--‬ا‬

‫يعرفه ‪--‬ا اللغوي ‪--‬ون هي دالل ‪--‬ة األلف ‪--‬اظ والجم ‪--‬ل على المع ‪--‬اني في حالته ‪--‬ا الص ‪--‬ورية‬

‫المطلقة بغض النظر عن السياق التخاطبي بينما دالل‪-‬ة االس‪--‬تعمال هي دالل‪--‬ة اللف‪--‬ظ‬

‫والجملة على المعنى ضمن سياق معين‪.‬‬

‫إن استعمال اللغة هو جوهر الدرس التداولي على الرغم من استناده على‬
‫ّ‬

‫الوض‪-- -‬ع وقيام‪-- -‬ه علي‪-- -‬ه على اعتب‪-- -‬ار أن األخ‪-- -‬ير ه‪-- -‬و نقط‪-- -‬ة التق‪-- -‬اء واش‪-- -‬تراك بين‬

‫المتكلمين‪ ،‬ولكن استناد االس‪--‬تعمال إلى الوض‪--‬ع اللغ‪--‬وي أم‪--‬ر نس‪--‬بي ألن االس‪--‬تعمال‬

‫يجوز الوضع على أساس اختالف السياقات الذي يس‪--‬تلزم اختالف المع‪--‬اني‪ ،‬ومن‪--‬ه‬

‫ج‪-- -‬اء مع‪-- -‬نى المج‪-- -‬از اللغ‪-- -‬وي‪ .‬ل‪-- -‬ذلك يمكن الح‪-- -‬ديث عن دور المنهج الت‪-- -‬داولي في‬

‫_عبد الملك مرتاض‪ ،‬نظرية النص األدبي‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.403‬‬ ‫‪6‬‬
‫النص‪--‬وص اإلبداعي‪--‬ة ال‪--‬تي تعتم‪--‬د على جمالي‪--‬ات‪ -‬المج‪--‬از اللغ‪--‬وي في انفت‪--‬اح المع‪--‬نى‬

‫وبناء جسوره بين القارئ والكاتب‪.‬‬

‫لع‪ّ -‬ل أب‪--‬رز م‪--‬ا يظه‪--‬ر في العملي‪--‬ة التخاطبي‪--‬ة ه‪--‬و قيم‪--‬ة الخط‪--‬اب المر َس‪-‬ل‪ ،‬أو‬

‫المخ ‪--‬اطب في إرس ‪--‬ال خطاب ‪--‬ه وتبي ‪--‬ان معن ‪--‬اه‪ ،‬ويع ‪--‬د مقي ‪--‬اس غ ‪--‬رايس‬
‫م ‪--‬دى نج ‪--‬اح ُ‬

‫لمب‪-- -‬ادئ المحادث‪-- -‬ة معي‪-- -‬ارا هام‪-- -‬ا قدم‪-- -‬ه الت‪-- -‬داوليون في محاول‪-- -‬ة ض‪-- -‬مان ح‪-- -‬د أدنى‬

‫لض‪--‬مان نج‪--‬اح الخط‪--‬اب‪ ،‬على اعتب‪--‬ار أن غ‪--‬رايس يعت‪--‬بر المحادث‪--‬ة عملي‪--‬ة مش‪--‬اركة‬

‫ومعاون‪-- - -‬ة بين المتكلمين‪ ،‬فقد ص‪-- - -‬اغ "مب‪-- - -‬دأ التع‪-- - -‬اون ال‪-- - -‬ذي يقتض‪-- - -‬ي أن المتكلمين‬

‫متعاونون في تسهيل عملية التخاطب وهو يرى أن مبادئ المحادثة المتفرعة عن‬

‫مبدأ التعاون هي التي تفسر كيف نستنتج المف‪-‬اهيم الخطابي‪-‬ة"‪ 7‬ويمكن تلخيص ه‪-‬ذه‬

‫المبادئ كالتالي‪:‬‬

‫الكمي ة (مب دأ الكم) ‪ :Quantité‬أن يك‪---‬ون الخط‪---‬اب‪ -‬غني‪---‬ا باألخب‪---‬ار‬ ‫‪-‬‬

‫بشكل كاف فق‪--‬ط دون زي‪--‬ادة بحيث "نق‪--‬ل م‪--‬ا ه‪-‬و ض‪--‬روري بالض‪--‬بط وال نزي‪--‬د أك‪--‬ثر‬

‫من الضروري" فنتحدث بالقدر الذي يضمن تحقق الغرض‪.‬‬

‫‪ - 7‬محمد يونس علي‪ .‬مدخل إلى اللسانيات‪ .‬دار الكتاب الجديد المتحدة‪،‬االمارات العربية المتحدة‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬ص‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫الكيفية (مب دأ الكي ف) ‪ :Qualité‬أن يك‪--‬ون الخط‪--‬اب‪ -‬ص‪--‬ائبا وحقيقي‪--‬ا‬ ‫‪-‬‬

‫اعتق ‪--‬ادا وال يفق ‪--‬د البرهن ‪--‬ة على ذل ‪--‬ك فال "تق ‪--‬ل م ‪--‬ا تعتق ‪--‬د أن ‪--‬ه ك ‪--‬اذب وال تق ‪--‬ل م ‪--‬ا ال‬

‫تستطيع البرهنة على صدقه"‬

‫الص يغة (مب دأ المناس بة) أو حكم الكالم ‪ :Modalité‬أن يك‪-- - - -‬ون‬ ‫‪-‬‬

‫واضحا غير مبهم موجزا منظما فيجب "أن يكون كالمك مناسبا لسياق الحال"‪-‬‬

‫العالقة ‪ :Relation‬أن يك‪--‬ون دقيق‪--‬ا وأن تك‪--‬ون المس‪--‬اهمة دال‪--‬ة (ذات‬ ‫‪-‬‬

‫بال) للحديث‪.‬‬

‫على ال ‪--‬رغم مم ‪--‬ا انتق ‪--‬دت ب ‪--‬ه آراء غ ‪--‬رايس في مب ‪--‬ادئ المحادث ‪--‬ة إال أنه ‪--‬ا‬

‫بقيت أساس‪--‬ا لل‪--‬درس الت‪--‬داولي‪ ،‬فق‪--‬د عيب عليه‪--‬ا كونه‪--‬ا قاص‪--‬رة في تطبيقاته‪--‬ا على‬

‫ول‪--‬وج واس‪--‬تيعاب مس‪--‬افة التواص‪--‬ل بين متلقي ومب‪--‬دع النص األدبي؛ فمب‪--‬دأ الص‪--‬يغة‬

‫والعالقة ال يمكن أن يأخذ بهما النص الشعري أو اإلبداعي على اعتبارات اللغ‪--‬ة‬

‫المجازية‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪-1‬ابن منظ ‪-- -‬ور‪ ،‬لس ‪-- -‬ان الع ‪-- -‬رب‪ ،‬دار المع ‪-- -‬ارف‪ ،‬الق ‪-- -‬اهرة‪ -،‬مص ‪-- -‬ر‪ .1981 ،‬ص‬

‫‪ -2 1455‬الزمخشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬تحقيق محمد باس‪-‬ل عي‪-‬ون الس‪-‬ود‪ ،‬دار‬

‫الكتب العلمية بيروت‪ ،‬لبنان‪ .1998 ،‬ص‪.303‬‬

‫‪ -3‬عب ‪-- -‬د المل ‪-- -‬ك مرت ‪-- -‬اض‪ ،‬نظري ‪-- -‬ة النص األدبي‪ ،‬دار هوم ‪-- -‬ة‪ ،‬الجزائ ‪-- -‬ر‪ -،‬ط‪،1‬‬

‫‪ ،2007‬ص‪.403‬‬

‫‪ -4‬محم‪--‬د محم‪--‬د ي‪--‬ونس علي‪ ،‬مقدم‪--‬ة في علمي الدالل‪--‬ة والتخ‪--‬اطب‪ ،‬دار الكت‪--‬اب‬

‫الجديد المتحدة‪،‬االمارات العربية المتحدة‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.13‬‬

‫‪-‬محم‪-- - - - - -‬د ي‪-- - - - - -‬ونس علي‪ .‬م‪-- - - - - -‬دخل إلى اللس‪-- - - - - -‬انيات‪ .‬دار الكت‪-- - - - - -‬اب الجدي‪-- - - - - -‬د‬ ‫‪5‬‬

‫المتحدة‪،‬االمارات العربية المتحدة‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬ص‪-99 .‬‬

‫‪ 6-‬ن‪--‬واري س‪--‬عودي أب‪--‬و زي‪--‬د‪ ،‬في تداولي‪--‬ة الخط‪--‬اب‪ -‬األدبي‪ ،‬المب‪--‬ادئ واإلج‪--‬راء‪-،‬‬

‫بيت الحكمة للنشر والتوزيع‪ ،‬سطيف‪ ،‬الجزائر‪ -،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪30-26‬‬

‫‪fançoise‬‬ ‫‪latraverse.la‬‬ ‫‪pragmatique.‬‬ ‫‪Hstoire‬‬ ‫‪et-‬‬ ‫‪ 7‬‬

‫‪critique .pierre mardaga. Bruxelles.p137‬‬

You might also like