You are on page 1of 365

‫جامعة الجزائر ‪-3-‬‬

‫كلية العلوم السياسية‬


‫قسم التنظيم السياسي واإلداري‬

‫البيروقراطية والتحول الديمقراطي في الجزائر‬


‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه بكلية العلوـ السياسية والعبلقات الدولية‬
‫قسم التنظيم السياسي واإلداري‬

‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫أ‪.‬د صاغور عبد الرزاؽ‬ ‫كوري زىَتة‬
‫اللجنة المناقشة‬
‫‪.......................‬جامعة الجزائر‪............................‬رئيسا‬ ‫أ‪.‬د‪:‬رابح لعروسي‬

‫‪.......................‬جامعة الجزائر‪...........................‬مشرفا‬ ‫د‪.‬صغور عبد الرزاق‬

‫‪.......................‬جامعة الجزائر‪............................‬عضوا‬ ‫د‪ .‬سمير بوعبد اهلل‬

‫د‪.‬صبيحة عبد الالوي ‪.......................‬جامعة البليدة _‪......................._2‬عضوا‬

‫‪.......................‬جامعة البويرة‪.............................‬عضوا‬ ‫د‪ .‬أمين بلعيفة‬

‫‪......................‬جامعة بومرداس‪............................‬عضوا‬ ‫د‪ .‬سفيان فوكة‬

‫السنة الجامعية‪2222/2222 :‬‬

‫‪1‬‬
‫اإلىداء‬

‫إٔب من تتكسر األقبلـ على أعتاب فضلها وتبكي ا‪ٟ‬تروؼ عجزا عن إيفاء حقها‪ .‬إليك أمي‬

‫إٔب الغائب عن عيٍت ا‪ٟ‬تاضر ُب قليب‪ .‬أيب ر‪ٛ‬تو اهلل‬

‫إٔب سندي ومعيٍت ُب ىذه الدنيا‪ .‬زوجي‬

‫إٔب فرحيت وأملي وسر سعادٌب‪ .‬ابنيت أ‪ٝ‬تاء‬

‫إٔب عائليت الكرٯتة‪ .‬إخوٌب وأخواٌب وأوالدىم‬

‫إٔب كل الذين ٓب ٮتطهم قلمي ولكن قليب دائما يذكرىم‬

‫‪2‬‬
‫شكر وتقدير‬

‫ا‪ٟ‬تمد هلل ما تناىى درب وال ختم جهد وال ًب سعي إال بفضلو‪ ،‬ا‪ٟ‬تمد هلل على البلوغ ٍب ا‪ٟ‬تمد هلل على‬

‫التماـ‪.‬‬

‫أتوجو ٓتالص الشكر وعظيم االمتناف ألستاذي الفاضل صاغور عبد الرزاؽ على صربه عليا وتوجيهاتو‬

‫إل٘تاـ ىذا العمل‪.‬‬

‫والشكر موصوؿ أيضا إٔب اللجنة ا‪١‬توقرة لتحملها قراءة ىذا البحث ومناقشتو وتنويره بتوجيهاهتا وتصويباهتا‬

‫فلهم مٍت وافر التقدير واالمتناف‬

‫وكل الشكر والتقدير لكل من أعانٍت على إ٘تاـ ىذه العمل من عائليت وصديقاٌب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫ا‪١‬توضوع‬

‫اإلىداء‬

‫شكر وتقدير‬

‫فهرس احملتويات‬

‫قائمة ا‪ٞ‬تداوؿ‬

‫قائمة ا‪١‬تبلحق‬

‫‪11‬‬ ‫مقدمة‬

‫‪11‬‬ ‫٘تهيد‬

‫‪13‬‬ ‫أ‪٫‬تية الدراسة‬

‫‪14‬‬ ‫أىداؼ الدراسة‬

‫‪15‬‬ ‫مربرات اختيار ا‪١‬توضوع‬

‫‪16‬‬ ‫أدبيات الدراسة‬

‫‪19‬‬ ‫إشكالية الدراسة‬

‫‪20‬‬ ‫فرضيات الدراسة‬

‫‪21‬‬ ‫اإلطار ا‪١‬تنهجي للدراسة‬

‫‪23‬‬ ‫ٖتديد ا‪١‬تصطلحات‬

‫‪106-26‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬البيروقراطية والتحول الديمقراطي –مقاربة نظرية‪-‬‬

‫‪4‬‬
‫‪27‬‬ ‫٘تهيد‬

‫‪28‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ماىية البيروقراطية‬

‫‪28‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬مفهوـ البَتوقراطية‬

‫‪42‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬االٕتاىات النظرية التقليدية ُب البَتوقراطية‬

‫‪55‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬االٕتاىات النظرية ا‪ٟ‬تديثة ُب البَتوقراطية‬

‫‪61‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ماىية التحول الديمقراطي‬

‫‪62‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي‬

‫‪73‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬عوامل التحوؿ الدٯتقراطي وأ‪٪‬تاطو‬

‫‪80‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬مراحل التحوؿ الدٯتقراطي ومعيقاتو‬

‫‪87‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬دور البيروقراطية في العملية السياسية وعالقتها بالديمقراطية‬

‫‪87‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬مكانة البَتوقراطية ُب العملية السياسية‬

‫‪95‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬البَتوقراطية أداة لتحقيق الدٯتقراطية‬

‫‪100‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬البَتوقراطية أداة إلعاقة الدٯتقراطية‬

‫‪106‬‬ ‫خبلصة واستنتاجات‬

‫‪192-107‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬العوامل المحددة لدور البيروقراطية في النظام السياسي الجزائري‬

‫‪108‬‬ ‫٘تهيد‬

‫‪109‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬دور العوامل التاريخية‬

‫‪109‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬واقع البَتوقراطية ُب العهد العثماين‬

‫‪5‬‬
‫‪115‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬واقع البَتوقراطية ُب العهد االستعماري‬

‫‪123‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬واقع البَتوقراطية ُب عهد ا‪ٟ‬تزب الواحد‬

‫‪132‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬دور العوامل السياسية واإلدارية‬

‫‪133‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪٤ :‬تورية السلطة التنفيذية ُب النظاـ السياسي‬

‫‪145‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬مكانة ا‪١‬تؤسسة العسكرية ُب النظاـ السياسي‬

‫‪152‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬دور العوامل اإلدارية‬

‫‪165‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬دور العوامل االقتصادية والسوسيوثقافية‬

‫‪165‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬دور العوامل االقتصادية‬

‫‪176‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬دور العوامل االجتماعية‬

‫‪185‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬دور العوامل الثقافية‬

‫‪192‬‬ ‫خبلصة واستنتاجات‬

‫الفصل الثالث‪ :‬مظاىر التسيير البيروقراطي للممارسة الديمقراطية في النظام ‪260-193‬‬

‫السياسي الجزائري‬

‫‪194‬‬ ‫٘تهيد‬

‫‪195‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬التسيير البيروقراطي لحريات التعبير‬

‫‪197‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬التسيَت البَتوقراطي ‪ٟ‬ترية االجتماع والتظاىر‬

‫‪204‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬التسيَت البَتوقراطي ‪ٟ‬ترية اإلعبلـ‬

‫‪216‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬التسيير البيروقراطي للعمل الحزبي والجمعوي‬

‫‪217‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬حملة عن تطور النظاـ القانوين لؤلحزاب السياسية وا‪ٞ‬تمعيات ُب ا‪ٞ‬تزائر‬

‫‪6‬‬
‫‪222‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬عبلقة البَتوقراطية بالنشاط ا‪ٟ‬تزيب‪.‬‬

‫‪229‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬عبلقة البَتوقراطية بالنشاط ا‪ٞ‬تمعوي‬

‫‪236‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬التسيير البيروقراطي لالنتخابات‬

‫‪236‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬إدارة البَتوقراطية للعملية االنتخابية‬

‫‪244‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬مظاىر ا‪٨‬تراؼ البَتوقراطية ُب إدارة االنتخابات‬

‫‪249‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬آليات ضماف نزاىة االنتخابات‬

‫‪260‬‬ ‫خبلصة واستنتاجات‬

‫الفصل الرابع‪ :‬انعكاس التسيير البيروقراطي على مسار التحول الديمقراطي في ‪-261‬‬

‫الجزائر ومداخل ترشيد البيروقراطية‬

‫‪262‬‬ ‫٘تهيد‬

‫‪263‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬انعكاس البيروقراطية على المشاركة السياسية‬

‫‪263‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬البَتوقراطية وأزمة العزوؼ االنتخايب‬

‫‪274‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬البَتوقراطية وضعف األداء ا‪ٟ‬تزيب وا‪ٞ‬تمعوي‬

‫‪280‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬انعكاس البيروقراطية على شرعية النظام السياسي الجزائري‬

‫‪280‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬الشرعية والفساد البَتوقراطي‬

‫‪291‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬الشرعية وظاىرة االحتجاجات‬

‫‪297‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مداخل ترشيد البيروقراطية لتدعيم الممارسة الديمقراطية‬

‫‪298‬‬ ‫ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬مدخل اإلصبلح اإلداري‬

‫‪309‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬مدخل اإلدارة اإللكًتونية‬

‫‪7‬‬
‫‪319‬‬ ‫ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬مدخل ا‪ٟ‬تكم الراشد‬

‫‪329‬‬ ‫خبلصة واستنتاجات‬

‫‪337-331‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪357-338‬‬ ‫قائمة ا‪١‬تراجع‬

‫ا‪١‬تبلحق‬

‫‪8‬‬
‫قائمة الجداول‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫رقم الجدول‬

‫األقساـ اإلدارية موزعة حسب األصناؼ والتقسيم اإلداري ُب العهد‬ ‫‪01‬‬

‫العثماين‬

‫عدد العاملُت ُب القطاعات غَت الزراعية(‪)1960-1954‬‬ ‫‪02‬‬

‫رقم تركيبة ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ا‪ٞ‬تزائري عاـ ‪1962‬‬ ‫‪03‬‬

‫فئات التأطَت ُب الوظيفة العمومية‪.‬‬ ‫‪04‬‬

‫عدد العماؿ حسب القطاعات ‪( 1997-1967‬الوحدة باآلالؼ)‬ ‫‪05‬‬

‫توزيع اليد العاملة حسب القطاعات ‪( 2015-1997‬بالنسبة‬ ‫‪06‬‬

‫ا‪١‬تئوية)‬

‫قائمة ا‪ٟ‬تكومات ا‪ٞ‬تزائرية نوفمرب ‪-1988‬مارس‪2019‬‬ ‫‪07‬‬

‫تطور معدالت البطالة بُت ‪.2016-1999‬‬ ‫‪08‬‬

‫إحصائيات عن اليد العاملة وموقع ا‪ٞ‬تهاز اإلداري منها‪( .‬بالنسبة‬ ‫‪09‬‬

‫ا‪١‬تئوية)‬

‫مقارنة بُت ميزانية الدولة وميزانية قطاع الًتبية ‪ 1990‬و‪2015‬‬ ‫‪10‬‬

‫(با‪١‬تليوف دينار جزائري)‬

‫ترتيب ا‪ٞ‬تزائر وفق مؤشرات الفساد (‪)2018-2003‬‬ ‫‪11‬‬

‫ترتيب ا‪ٟ‬تكومة حسب ‪٤‬تاور ومؤشرات جاىزية التكنولوجيا‬ ‫‪12‬‬

‫‪9‬‬
‫مقدمة‬

‫‪11‬‬
‫‪ .2‬تمهيد‪:‬‬

‫يعترب مفهوـ البَتوقراطية من أكثر ا‪١‬تفاىيم شيوعا والذي تتشاركو عدة علوـ منها علم اإلدارة وعلم‬

‫االجتماع والعلوـ السياسية‪ ،‬وقد ارتبط ظهوره بنشوء الدولة ا‪ٟ‬تديثة وكرب حجم ا‪١‬تنظمات ْتيث استطاع أف‬

‫يثبت ‪٧‬تاحو كأسلوب ُب التنظيم اإلداري وأصبح يشكل الصورة النموذجية للتنظيمات وعصب النظاـ‬

‫السياسي وأىم فواعل تنظيم ا‪ٟ‬تياة العامة لشموليتو ُب التنظيم ‪ٚ‬تيع اجملاالت حىت السياسية منها‪.‬‬

‫إف النموذج ا‪١‬تثإب للبَتوقراطية قد ارتبط ظهوره باجملتمعات األوربية ُب سعيها ‪٨‬تو تكريس النظم‬

‫الدٯتقراطية أين شكلت البَتوقراطية أداة تنظيمية فعالة لتحقيق الفعالية والكفاءة ُب األداء وٖتقيق التنمية‬

‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬غَت أف التطبيق الفعلي ‪٢‬تذا النموذج التنظيمي ُب الدوؿ النامية قد أفضى إٔب‬

‫ا‪٨‬ترافات واختبلالت كرست ما يسمى بالصورة السلبية للبَتوقراطية اليت أصبحت تشكل أىم عائق أماـ‬

‫ىذه الدوؿ ُب مسعاىا لتحقيق التنمية‪ ،‬فالبَتوقراطية ُب ىذه الدوؿ اتسع نطاؽ تدخلها بشكل واسع‬

‫كنتيجة حتمية للتطورات االقتصادية واالجتماعية اليت فرضت ا‪ٟ‬تاجة إٔب سلطة مركزية كاف من أىم‬

‫نتائجها سلطة تنفيذية قوية ّتهاز إداري نافذ على كافة ا‪١‬تستويات‪ ،‬وىذا ما جعل منها أداة الستمرار‬

‫النظاـ السياسي وبقائو ُب السلطة بل والسيطرة على الشعوب‪.‬‬

‫إف االستعمار ُب الدوؿ النامية قد لعب دورا ‪٤‬توريا ُب خلق أجهزة إدارية متخلفة حادت عن ا‪١‬تفهوـ‬

‫اإل‪٬‬تايب للبَتوقراطية وأسست لعبلقة غَت متوازنة بُت األجهزة البَتوقراطية واألجهزة ا‪١‬تنتخبة والتمثيلية‪ ،‬لتزداد‬

‫قوة البَتوقراطية أيضا بعد ا‪١‬تراحل اليت تلت االستقبلؿ كنتيجة حتمية لًتكيز الدوؿ على بناء الدولة ا‪ٞ‬تهاز‬

‫أكثر من بناء ا‪١‬تؤسسات اليت تعرب عن إرادة الشعوب وتسعى إٔب تكريس تطلعاهتا‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وٓب يكن التوسع ا‪١‬تطرد لؤلجهزة البَتوقراطية وٕتذرىا ُب اجملتمع وتنظيمها لكل ‪٣‬تاالت وشؤوف األفراد‬

‫يطرح إشكاال كبَتا ُب ظل التوجهات السلطوية والديكتاتورية لؤلنظمة ا‪ٟ‬تاكمة بعد االستقبلؿ واليت ٓب ٕتد‬

‫أفضل من البَتوقراطية لبلعتماد عليها ُب فرض سيطرهتا وإحكامها على الشعوب ومقدرات الدوؿ‪ ،‬بل‬

‫وأضحت بشقيها ا‪١‬تدين والعسكري األداة الطيعة ُب يد ا‪ٟ‬تكاـ إلحكاـ قبضتهم على ا‪ٟ‬تياة السياسية‬

‫وٕتذير التسلط‪ ،‬بل إشكالية البَتوقراطية أصبحت تطرح ْتدة ُب الدوؿ النامية مع تصاعد موجات التحوؿ‬

‫الدٯتقراطي‪ ،‬حيث وجدت نفسها أماـ حتمية مسايرة ىذا التحوؿ أماـ تصاعد الضغوط الدولية من جهة‬

‫وتزايد ا‪١‬تطالب الشعبية بالتغيَت من جهة أخرى‪ ،‬وُب ظل ىذا ا‪١‬تسعى واجهت ىذه الدوؿ العديد من‬

‫ا‪١‬تعيقات والتحديات سواء منها السياسية ا‪١‬تتعلقة بتجذر التسلط فيها أو االقتصادية ا‪١‬ترتبطة بضعف‬

‫اقتصاداهتا وفشل األساليب التنموية فيها أو االجتماعية والثقافية ذات الصلة بطبيعة اجملتمعات ووعيها‬

‫وإدراكها للفكرة الدٯتقراطية‪ ،‬غَت أف أكرب عائق واجو بناء التعددية السياسية ُب ىذه اجملتمعات ىو ظاىرة‬

‫البَتوقراطية‪ ،‬فشمولية البَتوقراطية ‪ٞ‬تميع مناحي ا‪ٟ‬تياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية كاف لو‬

‫األثر ا‪١‬تباشر على سَت عملية التنمية والتحوؿ ‪٨‬تو النموذج الدٯتقراطي لكوف البَتوقراطية اليت أنتجتها‬

‫األنظمة التسلطية ٓب تكرس الرشادة والعقبلنية ُب السلوؾ التنظيمي بل كرست ا‪١‬تصاّب األسرية والدينية‬

‫والطبقية وا‪١‬تهنية ‪٦‬تا أثر على دور األحزاب السياسية و‪ٚ‬تاعات ا‪١‬تصاّب وا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تنتخبة‪ْ ،‬تيث‬

‫أصبحت تفتقر إٔب التنظيم وإٔب القدرة على القياـ بوظائف بلورة ا‪١‬تصاّب‪ ،‬كما انعكس على دور‬

‫البَتوقراطية اليت ضعفت قدرهتا على اإلدارة احملايدة مقابل اضطبلعها بوظائف متعددة ما حاد هبا عن‬

‫العقبلنية‪.‬‬

‫ومن بُت أىم الدوؿ النامية اليت تقدـ صورة واضحة عن واقع األجهزة البَتوقراطية ُب ىذه الدوؿ ُب‬

‫عبلقتها بالواقع الدٯتقراطي ‪٧‬تد ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬فهذه األخَتة عرفت بعد أحداث أكتوبر ‪ 1988‬تغيَتا ُب ا‪١‬تنظومة‬

‫‪12‬‬
‫القانونية وُب األبنية السياسية واإلدارية صاحبتها أيضا تغيَتات ُب البنية االجتماعية واالقتصادية والثقافية‬

‫ٔتا ٭تقق التعددية السياسية الدٯتقراطية‪ ،‬غَت أهنا واجهت وال تزاؿ عدة عراقيل لعل أ‪٫‬تها الطبيعة البَتوقراطية‬

‫لؤلجهزة اإلدارية اليت تقف عائقا أماـ التغيَت ُب ظل التحجر الذىٍت الذي ٯتيز القائمُت على تسيَت ىذه‬

‫األجهزة‪.‬‬

‫إف التفاعل بُت األجهزة اإلدارية والتغيَت ُب ا‪ٞ‬تزائر ليس وليد ا‪١‬ترحلة التعددية بل تعود جذوره ‪١‬تراحل‬

‫تارٮتية سابقة أ‪٫‬تها الفًتة الطويلة من االستعمار اليت عاشتها ا‪ٞ‬تزائر واليت ولدت جهازا إداريا اعتمدت‬

‫عليو السلطة االستعمارية بشكل كبَت ُب تنفيذ ‪٥‬تططاهتا االستعمارية‪ ،‬كما أف ا‪١‬ترحلة االشًتاكية كاف ‪٢‬تا‬

‫األثر البالغ ُب ٖتويل ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر من أداة ‪٠‬تدمة أىداؼ التنمية االقتصادية واالجتماعية‬

‫إٔب جهاز ُب يد السلطة ا‪ٟ‬تاكمة لتكريس ا‪٢‬تيمنة السياسية والقضاء على كل أشكاؿ ا‪١‬تشاركة ُب ا‪ٟ‬تياة‬

‫السياسية حىت أضحت البَتوقراطية شكبل من أشكاؿ التسلط والتحكم ُب كل الشؤوف ا‪١‬تتعلقة با‪١‬تواطن‪.‬‬

‫وعليو فإف واقع التحوؿ الدٯتقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر يرتبط ارتباطا وثيقا بواقع ومكانة ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب‬

‫النظاـ السياسي وباألدوار اليت يضطلع هبا‪ ،‬فالتحوؿ الدٯتقراطي مسار معقد يشمل ‪ٚ‬تيع مناحي النظاـ‬

‫السياسي وعملية شائكة تستوجب التغيَت على كافة ا‪١‬تستويات السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫والثقافية‪ ،‬وىو بذلك يتبلقى مع دور البَتوقراطية ا‪١‬تكلفة بتنظيم ‪ٚ‬تيع ىذه اجملاالت‪ ،‬وأي ا‪٨‬تراؼ‬

‫للبَتوقراطية عن ا‪١‬تسار ا‪١‬ترسوـ ‪٢‬تا ُب أداء وظائفها وتكريس ىدفها الرئيسي وىو عقلنة ا‪ٟ‬تكم وترشيده يعٍت‬

‫ا‪٨‬ترافا ُب مسار التحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ .2‬أىمية الدراسة‪:‬‬

‫تنبع أ‪٫‬تية ىذه الدراسة من أ‪٫‬تية ا‪١‬تتغَتات ا‪١‬تطروحة فيها سواء ما تعلق بالبَتوقراطية أو التحوؿ‬

‫الدٯتقراطي‪ ،‬فأ‪٫‬تية دراسة البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر ترتبط بكوف ىذه الدولة وجدت نفسها مباشرة بعد‬

‫‪13‬‬
‫االستقبلؿ مس َتة كمعظم الدوؿ النامية من طرؼ بَتوقراطيات مدنية وعسكرية مع غياب تاـ للمؤسسات‬

‫التمثيلية أو ضعفها األمر الذي جعل البَتوقراطية تفرض نفسها ُب ىذه ا‪١‬ترحلة‪ ،‬بل تعدت ذلك لتصبح‬

‫عائقا أماـ النظاـ السياسي ُب مسعاه ‪٨‬تو تكريس بناء النظاـ الدٯتقراطي وتشكيل أجهزة منتخبة فاعلة‬

‫مقابل حياد األجهزة اإلدارية واقتصار دورىا على اجملاؿ اإلداري دوف السياسي‪.‬‬

‫و‪٦‬تا يزيد من أ‪٫‬تية ا‪١‬توضوع ىو الربط بُت متغَت البَتوقراطية والتحوؿ الدٯتقراطي‪ ،‬خصوصا ُب ظل نقص‬

‫الدراسات اليت تتناوؿ التحوؿ الدٯتقراطي من ىذا ا‪ٞ‬تانب‪ ،‬فبالرغم من أف ٕتربة االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر من أكثر التجارب اليت عرفت التحليل والتفسَت إال أهنا اقتصرت أكثر على متغَتات كاألحزاب‬

‫السياسية واالنتخابات ودور الرب‪١‬تاف وا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تنتخبة األخرى وا‪١‬تنظمات اجملتمع ا‪١‬تدين‪ ،‬وًب إ‪٫‬تاؿ ىا‬

‫ا‪١‬تتغَت بالنظر إٔب صعوبة دراسة ىكذا مواضيع ُب ظل نقص ا‪١‬تعلومات وطبيعة النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‬

‫ا‪١‬تنغلق على نفسو‪.‬‬

‫‪ .3‬وأىداف الدراسة‪:‬‬

‫هتدؼ ىذه الدراسة إٔب‪:‬‬

‫‪ -‬التعرؼ على السياقات التارٮتية والسياسية واالجتماعية والثقافية اليت ٖتدد واقع البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر‬

‫وتؤثر ُب ‪٥‬ترجاهتا‪.‬‬

‫‪ -‬تدعيم الدراسات السياسية حوؿ ا‪ٞ‬تزائر ُب موضوع البَتوقراطية والذي ٓب ٭تظ باالىتماـ الكاُب من‬

‫البحث ُب ظل الًتكيز على البَتوقراطية من حيث ا‪ٞ‬تانب التنظيمي وتأثَت صورهتا السلبية على أداء األجهزة‬

‫اإلدارية‪ ،‬وعدـ ا‪٠‬توض ُب طبيعة مكانتها ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪٤ -‬تا ولة إ‪٬‬تاد اآلليات اليت ٕتعل من البَتوقراطية أداة لًتشيد وعقلنة ا‪ٟ‬تكم بدؿ استخدامها كأداة لتكريس‬

‫التسلط‪ ،‬وجعل األجهزة اإلدارية حلقة الوصل بُت ا‪ٟ‬تاكم واحملكوـ ٔتا يكرس شرعية النظاـ السياسي و٭تقق‬

‫مفهوـ ا‪١‬تواطنة ُب ظل األداء الفعاؿ ‪٢‬تذه األجهزة‪.‬‬

‫‪ .4‬مبررات اختيار الموضوع‪:‬‬

‫أ‪ .‬المبررات الذاتية‪:‬‬

‫‪ -‬من أؤب األسباب اليت دفعت بنا للخوض ُب ىذا ا‪١‬توضوع ىو اىتمامنا با‪١‬تواضيع ذات الطابع اإلداري‬

‫اليت تدخل ضمن نطاؽ ٗتصصنا ُب العلوـ السياسية مع العمل على الًتكيز على ا‪ٞ‬توانب السياسية ُب ىذا‬

‫النوع من ا‪١‬تواضيع‪ ،‬وُب ىذا اإلطار يعد موضوع البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر من أكثر ا‪١‬تواضيع اليت تدفع بأي‬

‫باحث للخوض فيها بالنظر إٔب ‪٤‬تورية األجهزة اإلدارية ُب إدارة ‪ٚ‬تيع ‪٣‬تاالت وشؤوف اجملتمع ودورىا البالغ‬

‫األ‪٫‬تية ُب تسريع وتَتة التغيَت ُب اجملتمعات ومن ضمنها التحوؿ ‪٨‬تو الدٯتقراطية‪.‬‬

‫‪ -‬كما أف تعثر عجلة الدٯتقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر منذ ‪ 1988‬إٔب غاية اآلف وحرصنا على رصد عوامل ذلك‬

‫وٖتليلها دفع بنا إٔب ا‪٠‬توض ُب أىم ىذه العوامل وىي البَتوقراطية ٔتا تنتجو من ‪٦‬تارسات وسلوكيات ٕتعل‬

‫من اإلدارة وأجهزهتا على كافة ا‪١‬تستويات غَت مستعدة للتغيَت وحريصة على مقاومتو ٔتا ينعكس بالسلب‬

‫على مسار ىذه العملية وعلى أداء النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري على كافة ا‪١‬تستويات‪.‬‬

‫‪ -‬ومن األسباب الذاتية أيضا رغبة الباحث ُب إثراء الدراسات ا‪٠‬تاصة ٔتوضوع البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر واليت‬

‫تعرؼ نقصا كبَتا سيما تأثَتىا على التعددية السياسية والبناء الدٯتقراطي‪ ،‬و‪٤‬تاولة إ‪٬‬تاد اآلليات الكفيلة‬

‫ّتعل البَتوقراطية أداة لًتشيد ا‪ٟ‬تكم وعقلنة أداء النظاـ السياسي ٔتا ٭تقق تنمية سياسية تعود باإل‪٬‬تاب‬

‫على ‪ٚ‬تيع مناحي ا‪ٟ‬تياة االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬إضافة إٔب العوامل السابقة فإف غَتتنا على الوطن تتطلب منا البحث ُب اآلليات الكفيلة لتسريع عملية‬

‫التنمية والتغيَت اليت ستمكن النظاـ السياسي من ٖتسُت أدائو داخليا من جهة ومواجهة التحديات‬

‫وا‪١‬تخاطر احملدقة بو من البيئة الدولية من جهة أخرى واليت قد تتطور إٔب هتديدات ٘تس أمنو‪ ،‬فالتغيَت ٓب‬

‫يعد مطلبا شعبيا فقط وإ‪٪‬تا واقعا يفرض نفسو لضماف البقاء وٖتقيق االستقرار‪.‬‬

‫ب‪ .‬المبررات الموضوعية‪:‬‬

‫‪ -‬البحث عن أسباب التزايد ا‪١‬تفرط لدور البَتوقراطية ُب النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬و‪٤‬تاولة اإل‪١‬تاـ ّتميع‬

‫السياقات التارٮتية والسياسية واالجتماعية والثقافية احملددة ‪٢‬تذا الدور كوف ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي يتأثر بالبيئة‬

‫احمليطة بو‪.‬‬

‫‪ -‬رصد واقع األداء الدٯتقراطي للنظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري ومظاىر التقييد البَتوقراطي آلليات ا‪١‬تشاركة‬

‫السياسية وا‪ٟ‬تقوؽ وا‪ٟ‬تريات العامة‪.‬‬

‫‪ٖ -‬تليل أىم اآلثار النإتة عن بقرطة ا‪ٟ‬تياة السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر وانعكاسها على ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية‬

‫خصوصا وعلى أداء النظاـ السياسي ُب ىذه ا‪١‬ترحلة عموما‪.‬‬

‫‪ -‬الكشف عن اآلليات ا‪١‬تتبناة من طرؼ النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري لعقلنة البَتوقراطية وتكييفها ‪٠‬تدمة‬

‫النظاـ الدٯتقراطي وا‪ٟ‬تكم الراشد مع الًتكيز على رصد أىم النقائص ا‪١‬توجودة ُب ىذه اآلليات واقًتاح‬

‫الوسائل الكفيلة بتفعيلها‪.‬‬

‫‪ .5‬أدبيات الدراسة‪:‬‬

‫بالنسبة لئلطار النظري للدراسات حوؿ موضوع البَتوقراطية فا‪١‬تراجع متوفرة بكم ىائل باعتبار أف‬

‫موضوع البَتوقراطية ‪٤‬تل اىتماـ العديد من دارسي العلوـ السياسية وعلم االجتماع والعلوـ اإلدارية‪٢ ،‬تذا‬

‫‪16‬‬
‫سعت الدراسة إٔب اختيار ا‪١‬تراجع اليت تراىا متناسبة وطبيعة ا‪١‬توضوع وحرصت على االعتماد أكثر على‬

‫ا‪١‬تصادر ُب كل مرة ٯتكنها ذلك‪ ،‬ومن أىم ىذه ا‪١‬تراجع‪:‬‬

‫‪ -‬كتاب "ىيدي فَتيل"‪ ،Heady Ferrel‬بعنواف "اإلدارة العامة ا‪١‬تقارنة"‪ ،‬وتكمن أ‪٫‬تية ىذا الكتاب‬

‫ُب الطريقة اليت تناوؿ هبا مفهوـ البَتوقراطية حيث ركز الكاتب على مفاىيم ٖتوؿ النظم السياسية وعبلقتها‬

‫بالبَتوقراطية إضافة إٔب ‪٤‬تاولة تصنيفو النظم السياسية وفق عبلقتها بالبَتوقراطية‪ ،‬واألىم من ذلك تركيزه‬

‫على واقعها ُب الدوؿ النامية‪.‬‬

‫‪Bureaucracy‬‬ ‫‪ -‬كتاب"جوزيف البارومبارا" ‪ ،Joseph Laparambara‬ا‪١‬تعنوف ب "‬

‫‪ ،"and political development‬وىو كتاب يضم ‪٣‬تموعة من ا‪١‬تقاالت ألىم من كتب ُب‬

‫عبلقة البَتوقراطية بالتنمية السياسية‪ ،‬مثل " ر‪٬‬تز" ‪ ،Riggs‬و"بريبونيت" ‪ ،Braibanti‬و "البارومبارا"‬

‫‪.Laparambara‬‬

‫وباالنتقاؿ إٔب ظاىرة البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر فا‪١‬تبلحظ ىو تركيز ‪٣‬تمل الدراسات على البَتوقراطية كشكل‬

‫تنظيمي وتأثَتىا على أداء ا‪١‬تنظمات‪ ،‬أما عن عبلقتها أو تأثَتىا على ا‪١‬تمارسة السياسية فالدراسات قليلة‬

‫جدا‪ ،‬خاصة أف أغلب الباحثُت ركزوا اىتمامهم من ناحية التحوؿ الدٯتقراطي على دور األحزاب السياسية‬

‫واالنتخابات واجملتمع ا‪١‬تدين وا‪١‬تؤسسة العسكرية وتأثَت العوامل ا‪٠‬تارجية‪ ،‬وإ‪ٚ‬تاال ٯتكن رصد الدراسات‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬دراسة لبومدين طامشة بعنواف‪ " :‬البَتوقراطية والتنمية السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر"‪ ،1‬وىي رسالة دكتوراه ًب‬

‫نشرىا‪ ،‬حيث تناوؿ فيها الباحث إشكالية تأثَت ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي على ٕتارب التنمية السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر‬

‫من منطلق أف عدـ كفاءة ىذا ا‪ٞ‬تهاز واستفحاؿ الفساد فيو من أىم أسبب اختبلؿ العملية التنموية ُب‬

‫‪ 1‬بومدين طامشة‪ ،‬البيروقراطية والتنمية السياسية في الجزائر‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة الوفاء القانونية‪.2015 ،‬‬

‫‪17‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬وقد حاوؿ الباحث الربط بُت مظاىر إخفاؽ النماذج التنموية منذ إرساء أسس الدولة الوطنية إٔب‬

‫غاية ا‪١‬ترحلة التعددية وظاىرة استفحاؿ البَتوقراطية اإلدارية ليصل إٔب نتيجة أساسية وىي أف جوىر التنمية‬

‫السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر يتمثل ُب ٖتقيق التوازف ا‪١‬تطلوب بُت ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي وا‪١‬تؤسسات السياسية‬

‫واالجتماعية األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬أطروحة دكتوراه حملمد بلعسل بعنواف‪ " :‬تأثَت الذىنية البَتوقراطية التقليدية على السياسات االقتصادية‬

‫ُب ا‪ٞ‬تزائر ( ‪ ،1")2009 -1999‬واليت تطرؽ فيها إٔب إشكالية تأثَت الذىنية البَتوقراطية على السياسات‬

‫االقتصادية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬مركزا ُب ذلك على وصف أسباب السلوؾ البَتوقراطي ا‪١‬تتصف با‪ٞ‬تمود والتسلط‬

‫وآثاره على تسيَت الشؤوف العامة‪ ،‬مع تقدٯتو ألىم اآلليات الكفيلة بتحرير االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري من العراقيل‬

‫البَتوقراطية والذىنيات ا‪١‬تتحجرة عند البَتوقراطيُت‪.‬‬

‫‪ -‬رسالة ماجستَت ‪١‬تنصور بلرنب بعنواف‪ " :‬اإلصبلح اإلداري والبَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر بُت النظرية والتطبيق‪-‬‬

‫وزارة الداخلية وا‪ٞ‬تماعات احمللية"‪ ،2‬واليت ركزت على تشخيص واقع اإلصبلح اإلداري ُب ا‪١‬ترحلة‬

‫االشًتاكية وربطو بظاىرة البَتوقراطية ُب اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،‬وذلك من خبلؿ وصف األجهزة اإلدارية ا‪١‬تركزية‬

‫واحمللية واعتماد وزارة الداخلية كعينة للدراسة‪ ،‬وأ‪٫‬تية ىذه الدراسة أهنا ٗتص مرحلة مهمة من مراحل تطور‬

‫بَتوقراطية اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية واليت ىي ُب األساس ‪٤‬تصلة تراكمات سياسية واجتماعية واقتصادية عرفها النظاـ‬

‫السياسي مراحل سابقة‪.‬‬

‫‪٤ 1‬تمد بلعسل‪ ،‬تأثَت الذىنية البَتوقراطية التقليدية على السياسات االقتصادية ُب ا‪ٞ‬تزائر (‪ ،)2009-1999‬أطروحة دكتوراه‪ .‬جامعة‬
‫ا‪ٞ‬تزائر ‪ : 3‬كلية العلوـ السياسية واإلعبلـ‪ ،‬قسم التنظيم السياسي واإلداري‪.2015-2014 ،‬‬
‫‪ 2‬منصور بلرنب‪ ،‬اإلصبلح اإلداري والبَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر بُت النظرية والتطبيق "وزارة الدخلية وا‪ٞ‬تماعات احمللية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ .‬جامعة‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬معهد العلوـ السياسية واإلعبلمية‪ ،‬يناير ‪.1983‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬مذكرة ماجستَت ليلى حسيٍت بعنواف‪" :‬بَتوقراطية اإلدارة ومشكلة بناء ا‪ٟ‬تكم الراشد ُب ا‪ٞ‬تزائر"‪ ،1‬حيث‬

‫حاولت الباحثة من خبلؿ ىذه الدراسة تقييم دور ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب عملية إرساء معآب ا‪ٟ‬تكم الراشد‬

‫انطبلقا من فرضية وجود عبلقة عكسية سلبية بُت عجز أداء البَتوقراطية اإلدارية وٖتقيق أىداؼ ا‪ٟ‬تكم‬

‫الراشد ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬مركزة ُب ذلك على أسباب تعاظم بَتوقراطية اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية واآلليات اليت تبنتها الدولة‬

‫ُب إطار مشروع إعادة صياغة دور الدولة‪ ،‬وتكمن أ‪٫‬تية ىذه الدراسة ُب طرحها ألىم مداخل تعزيز قدرات‬

‫ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي من العنصر البشري واإلصبلح اإلداري‪.‬‬

‫وُب األخَت فإف الذي ٯتكن أف نبلحظو ىو أنو ىذه الدراسات اىتمت ٔتتغَتات ‪٥‬تتلفة كاإلصبلح‬

‫اإلداري وا‪ٟ‬تكم الراشد والتنمية السياسية‪ ،‬ودراستنا ستكوف ‪٥‬تتلفة من حيث إهنا تركز على التحوؿ‬

‫الدٯتقراطي كعملية شاملة تضم ‪ٚ‬تيع ىذه ا‪١‬تتغَتات‪.‬‬

‫‪ .6‬إشكالية الدراسة‪:‬‬

‫تعد البَتوقراطية من أكثر أ‪٪‬تاط التسيَت اليت أثبتت ‪٧‬تاعتها ُب اجملتمعات الغربية الدٯتقراطية القائمة على‬

‫أساس العقبلنية غَت أف تطبيقها ُب الدوؿ النامية ومن ضمنها ا‪ٞ‬تزائر قد أفضى إٔب ‪٦‬تارسات سلبية أعاقت‬

‫مسار التنمية فيها على كل ا‪١‬تستويات‪ ،‬وعليو فإف ىذه الدراسة تسعى إٔب معا‪ٞ‬تة واقع البَتوقراطية ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر وانعكاسها على مسعى النظاـ ‪٨‬تو بناء نظاـ دٯتقراطي وذلك من خبلؿ اإلجابة على اإلشكالية‬

‫التالية‪ :‬كيف تؤثر البيروقراطية على التحول الديمقراطي في الجزائر؟‪ ،‬ىل تشكل أداة لتفعيل‬

‫الممارسة الديمقراطية أم وسيلة لتكريس التسلط وإضعاف دور المؤسسات المنتخبة وتنظيمات‬

‫المجتمع المدني؟‪.‬‬

‫وتندرج ضمن ىذه اإلشكالية ‪ٚ‬تلة من التساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ليلى حسيٍت‪ ،‬بَتوقراطية اإلدارة ومشكلة بناء ا‪ٟ‬تكم الراشد ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ .‬جامعة تلمساف‪ :‬كلية ا‪ٟ‬تقوؽ والعلوـ السياسية‪،‬‬
‫قسم العلوـ السياسية‪.2014-2013 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬ما ىو مفهوـ البَتوقراطية وطبيعة العبلقة بينها وبُت مفهوـ الدٯتقراطية‪.‬‬

‫‪ -‬كيف سا‪٫‬تت العوامل التارٮتية وا‪٠‬تصائص السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية للنظاـ السياسي‬

‫ا‪ٞ‬تزائري ُب بلورة بَتوقراطية اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية وما مدى انعكاس ذلك سلوكها‪.‬‬

‫‪ -‬إٔب أي حد ساىم التسيَت البَتوقراطي للحياة السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب إضعاؼ دور ا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تنتخبة‬

‫وتنظيمات اجملتمع ا‪١‬تدين‪ ،‬وكيف انعكس ذلك على أسس البناء الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬ما مدى فاعلية اآلليات اليت اعتمدت عليها ا‪ٞ‬تزائر لعقلنة البَتوقراطية‪.‬‬

‫‪ .7‬فرضيات الدراسة‪:‬‬

‫لئلجابة على إشكالية ا‪١‬توضوع ‪٤‬تل البحث سيتم اختبار الفرضيات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الفرضية األولى‪ :‬االعتماد ا‪١‬تفرط على البَتوقراطية يعيق عملية التحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬الفرضية الثالثة‪ :‬التسيَت البَتوقراطي ا‪١‬تفرط للحياة السياسية يزيد من تقييد العملية الدٯتقراطية بكل‬

‫عناصرىا من حريات عامة وتنظيمات اجملتمع ا‪١‬تدين وانتخابات‪.‬‬

‫‪ -‬الفرضية الرابعة‪ :‬التسيَت البَتوقراطي للعملية الدٯتقراطية يكرس أزمة ا‪١‬تشاركة والشرعية لدى النظاـ‬

‫السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬الفرضية الرابعة‪٧ :‬تاح إصبلح البَتوقراطية وعقلنتها ٔتا ٮتدـ التوجو الدٯتقراطي ٭تتاج إٔب إصبلح‬

‫‪٣‬تتمعي جذري ٯتس النظاـ السياسي و‪ٚ‬تيع األنساؽ احمليطة بو‪.‬‬

‫‪ .8‬مجال الدراسة‪:‬‬

‫يتحدد ‪٣‬تاؿ ىذه الدراسة من الناحية ا‪١‬تكانية بالنموذج ‪٤‬تل الدراسة وىو ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬وقد ًب اختيارىا بالنظر‬

‫إٔب أ‪٫‬تية التجربة الدٯتقراطية ُب ىذه الدولة من حيث عمقها وتشابك عدة عناصر فيها واليت ال تزاؿ‬

‫‪21‬‬
‫تستدعي البحث ا‪١‬توسع للوصوؿ إٔب نتائج ٗتدـ البحث العلمي وا‪١‬تسا‪٫‬تة ُب تغيَت الواقع ا‪١‬تعاش ‪٨‬تو‬

‫األحسن‪.‬‬

‫أما من الناحية الزمانية فقد ًب ربط متغَت البَتوقراطية بالتحوؿ الدٯتقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪٦‬تا يعٍت حصر‬

‫اإلطار الزماين للدراسة بالفًتة ا‪١‬تمتدة من ‪ 1989‬تاريخ إعبلف أوؿ دستور تعددي ُب ا‪ٞ‬تزائر إٔب غاية‬

‫تاريخ إهناء ىذه الدراسة والذي تزامن مع التغَتات اليت بدأ يشهدىا النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري ُب ظل ا‪ٟ‬تراؾ‬

‫الشعيب ‪ ،‬مع عدـ إغفاؿ الفًتات السابقة ‪٢‬تذا التاريخ كوف البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر و‪٥‬ترجاهتا ىي باألساس‬

‫‪٤‬تصلة فًتات تارٮتية سابقة‪.‬‬

‫‪ .9‬صعوبات الدراسة‪:‬‬

‫من الصعوبات اليت واجهت ىذا البحث ىو غياب دراسات كافية حوؿ موضوع البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر‬

‫ُب عبلقتها وتأثَتىا على ا‪ٟ‬تياة السياسية‪ ،‬فجل الدراسات ركزت على البَتوقراطية ُب جانبها اإلداري‬

‫وتأثَتىا التنظيمي‪ ،‬إضافة إٔب نقص الوثائق وا‪١‬تعلومات الكافية ا‪٠‬تاصة بعدة أجزاء من البحث كموضوع‬

‫الفساد والتزوير ُب االنتخابات‪ ،‬وتنظيمات اجملتمع ا‪١‬تدين واألحزاب السياسية ُب عبلقتها بالدولة‪ ،‬وىذا من‬

‫بُت مظاىر طبيعة البَتوقراطية ا‪ٞ‬تزائرية اليت تتعامل بضبابية وغياب تاـ للشفافية وا‪١‬تعلومة‪.‬‬

‫اإلطار المنهجي للدراسة‪:‬‬ ‫‪.22‬‬

‫أ‪ .‬المناىج واالقترابات‪:‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تنهج الوصفي‪ :‬اعتمدنا عليو ُب وصف الظاىرة ‪٤‬تل البحث وإعطاء صورة شاملة عن أىم عناصرىا‬

‫وىي البَتوقراطية ُب عبلقتها بالتحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬منهج دراسة ا‪ٟ‬تالة‪ً :‬ب االعتماد عليو ُب تشخيص النموذج ‪٤‬تل البحث وىو ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬حيث ًب‬

‫استخدامو ُب تشخيص واقع األجهزة اإلدارية ُب ا‪ٞ‬تزائر وتارٮتها و‪٤‬تددات دورىا‪ ،‬إضافة إٔب أىم‬

‫التفاعبلت ا‪ٟ‬تاصلة بينها وبُت ا‪١‬تؤسسات السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬االقًتاب القانوين‪ :‬وذلك من خبلؿ االعتماد على الدساتَت وقوانُت االنتخابات واألحزاب السياسية‬

‫وا‪ٞ‬تمعيات لوصف العملية الدٯتقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر هبدؼ التعرؼ على مدى تطابق السلوكيات الصادرة عن‬

‫البَتوقراطية مع القواعد القانونية ا‪١‬تسَتة ‪٢‬تذه العملية‪ ،‬وذلك هبدؼ التعرؼ على مدى شرعية ىذه‬

‫السلوكيات‪.‬‬

‫‪ -‬االقًتاب ا‪١‬تؤسسي ا‪ٟ‬تديث‪ :‬من خبلؿ معرفة كيفية تكوف اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية ومراحل تطورىا مع ربط ذلك‬

‫ببيئتها ا‪٠‬تارجية‪ ،‬والتعرؼ على مدى تكيفها مع متغَتات ىذه البيئة وا‪١‬تتمثلة أساسا ُب التحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬االقًتاب النسقي‪ :‬وذلك من خبلؿ دراسة البَتوقراطية كنسق مفتوح يسوده االعتماد ا‪١‬تتبادؿ مع‬

‫األنساؽ احمليطة بو سيما النسق السياسي باعتبار أف البَتوقراطية كنمط تنظيمي تسود ُب األجهزة اإلدارية‬

‫وتشكل نسقا مفتوحا على بيئة تتحرؾ ضمنها فتؤثر فيها وتتأثر هبا‪.‬‬

‫‪ -‬االقًتاب التارٮتي‪ :‬من خبلؿ االقًتاب من البَتوقراطية من الناحية التارٮتية باعتبار أف السلوكيات‬

‫الصادرة عن اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية ىي امتداد ‪١‬تاضيها خصوصا ا‪١‬ترحلة االستعمارية‪.‬‬

‫ب‪ .‬خطة البحث‪:‬‬

‫لئلجابة عن إشكالية موضوع البَتوقراطية ُب عبلقتها بالتحوؿ الدٯتقراطي قمنا باالعتماد على خطة‬

‫حاولنا من خبل‪٢‬تا مراعاة كل جوانب ا‪١‬توضوع‪ ،‬وىي خطة ستتضمن مقدمة وأربعة فصوؿ أساسية مع‬

‫خا٘تة الدراسة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬الفصل األول‪ :‬سيتم ٗتصيصو للجانب النظري للموضوع ويتضمن ثبلث مباحث‪ ،‬حيث سيخصص‬

‫ا‪١‬تبحث األوؿ ‪١‬تفهوـ البَتوقراطية من حيث تعريفها ونشأهتا وأىم االٕتاىات التقليدية وا‪ٟ‬تديثة اليت‬

‫تناولتها‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثاين فيخصص ‪١‬تفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي من حيث متطلباتو والعوامل ا‪١‬تؤدية إليو‬

‫وأىم مراحلو وا‪١‬تعيقات اليت يواجهها‪ ،‬وأما ا‪١‬تبحث األخَت فسيحاوؿ ٖتديد طبيعة العبلقة بُت البَتوقراطية‬

‫والدٯتقراطية من خبلؿ رصد مكانة البَتوقراطية ُب األنظمة السياسية واألدوار اليت تؤديها وأىم االٕتاىات‬

‫النظرية اليت اىتمت بالعبلقة بُت البَتوقراطية والدٯتقراطية‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬نرصد من خبللو أىم العوامل احملددة لدور ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ُب ا‪ٞ‬تزائر وا‪١‬تفسرة لسلوؾ‬

‫البَتوقراطية فيو‪ ،‬من خبلؿ الكشف عن العوامل التارٮتية ُب ا‪١‬تبحث األوؿ واليت تضم دور اإلرث العثماين‬

‫والتنظيم اإلداري ُب ظل ا‪١‬ترحلة االستعمارية ودور مرحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثاين فَتكز على دور‬

‫العوامل السياسية اإلدارية واليت تضم ‪٤‬تورية السلطة التنفيذية ودور ا‪١‬تؤسسة العسكرية وطبيعة وخصائص‬

‫ا‪ٞ‬تهاز اإلداري‪ ،‬ليختتم الفصل با‪١‬تبحث الثالث الذي ٮتصص للعوامل االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل الثالث‪ :‬يتعلق ٔتظاىر التسيَت البَتوقراطي للحياة السياسية ا‪١‬ترتبطة أساسا بلليات تكريس‬

‫ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية خاصة منها حريات الرأي والتعبَت ودور اجملتمع ا‪١‬تدين واالنتخابات‪ ،‬حيث ا‪١‬تبحث‬

‫األوؿ من ىذا الفصل يتناوؿ تأثَت البَتوقراطية على حريات الرأي والتعبَت منها حرية االجتماع والتظاىر‬

‫واإلعبلـ‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثاين فسيتطرؽ ‪١‬تظاىر التقييد البَتوقراطي للمجتمع ا‪١‬تدين سواء منو األحزاب‬

‫السياسية أو ا‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬وأخَتا ا‪١‬تبحث الثالث الذي ٮتصص ‪١‬تظاىر اإلدارة البَتوقراطية للعمليات‬

‫االنتخابية ومظاىر اال‪٨‬تراؼ اليت ٘تيزىا‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل الرابع‪ :‬ويرصد أىم االنعكاسات النإتة عن تبقرط ا‪ٟ‬تياة السياسية وتأثَتىا على مسار التحوؿ‬

‫الدٯتقراطي‪ ،‬حيث يتناوؿ ا‪١‬تبحث األوؿ انعكاس البَتوقراطية على واقع ا‪١‬تشاركة السياسية خاصة منها‬

‫‪23‬‬
‫ا‪١‬تشاركة ُب االنتخابات والعمل ا‪ٟ‬تزيب وا‪ٞ‬تمعوي‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثاين فيعاِب أزمة الشرعية اليت ولدىا التسيَت‬

‫البَتوقراطي وانعكاسها على أداء النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري من خبلؿ رصد أىم معآب ىذه األزمة وتبعاهتها‬

‫على التحوؿ الدٯتقراطي‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثالث واألخَت فيخص أىم اآلليات اليت تبناىا النظاـ السياسي من‬

‫أجل ترشيد البَتوقراطية وجعلها أداة ‪٠‬تدمة التنمية والدٯتقراطية منها اإلصبلح اإلداري وٕتسيد اإلدارة‬

‫اإللكًتونية كمدخل للدٯتقراطية اإللكًتونية وإصبلح العدالة لتحقيق استقبللية القضاء وتكريس دولة ا‪ٟ‬تق‬

‫والقانوف ُب إطار ٖتقيق ا‪ٟ‬تكم الراشد‪.‬‬

‫‪ -‬خاتمة الموضوع‪ :‬كمحصلة لكل العناصر اليت ًب تناو‪٢‬تا مع إبراز أىم النتائج اليت توصل إليها البحث‪.‬‬

‫‪ .22‬تحديد مصطلحات الدراسة‪:‬‬

‫‪ -‬البيروقراطية‪ :‬يأخذ مصطلح البَتوقراطية عدة دالالت فهو ُب األصل يشَت إٔب سلطة ا‪١‬تكاتب والذي‬

‫أصبح يعرب عن شكل من أشكاؿ ا‪ٟ‬تك م‪ ،‬ليتطور ا‪١‬تفهوـ على يد ماكس فيرب الذي اعتربه شكبل من‬

‫أشكاؿ التنظيم الذي يعتمد على العبلقات غَت الشخصية وعلى العقبلنية وأداة ‪٠‬تدمة اجملتمع مقيدة‬

‫بسلطة القانوف تستخدمها ا‪ٟ‬تكومة ا‪ٟ‬تديثة ألداء وظائفها العديدة ا‪١‬تتخصصة‪ ،‬ومع ظهور اختبلالت ُب‬

‫تطبيق النموذج البَتوقراطي ظهر ا‪١‬تعٌت السليب للبَتوقراطية والذي ٔتوجبو ٖتولت البَتوقراطية من خدمة‬

‫مصاّب ا‪١‬تنظمة إٔب خدمة مصا‪ٟ‬تها ا‪٠‬تاصة‪.‬‬

‫وعليو ستلتزـ الدراسة بتبٍت مفهوـ البَتوقراطية الذي يشار إليو كشكل من أشكاؿ التنظيم اإلداري الذي‬

‫يتميز با‪١‬تركزية وتطبيق القانوف والعقبلنية دوف إغفاؿ ا‪١‬تفهوـ السليب كونو يشخص واقع النموذج ‪٤‬تل‬

‫الدراسة وىو ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬إضافة إٔب الًتكيز على البَتوقراطية ا‪١‬تدنية وليس العسكرية مع عدـ إغفاؿ العبلقة اليت‬

‫تربط بينهما نظرا أل‪٫‬تية البَتوقراطية العسكرية ُب الدوؿ النامية حيث ا‪ٞ‬تزائر تشكل جزءا منها وحيث‬

‫تتعاوف القيادة العسكرية مع البَتوقراطية ا‪١‬تدنية أو تسيطر عليها ُب عملية صنع القرارات السياسية‪ ،‬إضافة‬

‫‪24‬‬
‫إٔب الًتكيز على مؤسسة البَتوقراطية وىي تكيف نفسها للظروؼ احمليطة هبا ووفقا ‪١‬تستوى التنمية‬

‫االقتصادية واالجتماعية وحسب شكل النظاـ السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬اإلدارة العامة‪ :‬نشاط إنساين وجهد ‪ٚ‬تاعي بغاية إشباع حاجات اجملتمع وا‪ٟ‬تفاظ على الصاّب العاـ‪،‬‬

‫فهي عملية شاملة تستهدؼ تنفيذ السياسات العامة وكل أنشطة السلطة العامة لتحقيق أىداؼ اجملتمع‪.‬‬

‫‪ -‬التحول الديمقراطي‪ :‬يشَت كمفهوـ إٔب االنتقاؿ من نظاـ غَت دٯتقراطي إٔب نظاـ دٯتقراطي حسب‬

‫تعبَت صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬فهو عملية يتم االنتقاؿ ٔتقتضاىا من نظاـ تسلطي إٔب نظاـ دٯتقراطي ٖتًتـ فيو‬

‫حقوؽ اإلنساف وتفعل فيو اآلليات الدٯتقراطية من أحزاب سياسية وانتخابات وحريات فردية و‪ٚ‬تاعية‪ ،‬وىو‬

‫تغيَت شامل ينطلق من األساس السياسي وينتهي بالتغيَت االقتصادي واالجتماعي والفكري‪ ،‬ويتحقق ذلك‬

‫عرب التأكيد على حقوؽ األفراد وا‪ٞ‬تماعات وىو ما يسمى التحوؿ الليربإب‪ ،‬والتغَت ُب األبنية واألىداؼ‬

‫وىو ما شَت إٔب االنتقاؿ الدٯتقراطي‪ ،‬وأخَتا تكريس عملية االنتقاؿ أو ما يدعى الًتسيخ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬المجتمع المدني‪ :‬مفهوـ غريب يعود إٔب فًتة النهضة األوربية ومرتبط باألفكار ذات الصلة خاصة‬

‫بنظريات العقد االجتماعي وصوال إٔب الثورة الفرنسية وصعود الربجوازية‪ ،‬وىو ٭تيل إٔب ‪٣‬تموع ا‪١‬تؤسسات‬

‫االجتماعية التضامنية اليت يشكلها اجملتمع بغرض الدفاع عن مصا‪ٟ‬تو وتأمُت القدر الكاُب من االستقبللية‬

‫ُب مواجهة السلطة‪.‬‬

‫‪-‬المشاركة السياسية‪ :‬ىي عملية ٯتكن للفرد من خبل‪٢‬تا من ا‪١‬تشاركة ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية ومزاولة حقو ُب‬

‫اٗتاذ القرار‪ ،‬وذلك من خبلؿ ‪٦‬تارسة حقو ُب التصويت والًتشح للمناصب السياسية واإلدارية واالنضماـ‬

‫إٔب األحزاب السياسية ومنظمات اجملتمع ا‪١‬تدين وتوٕب الوظائف العامة‪ ،‬وىي ال تقتصر على اجملاؿ السياسي‬

‫بل تعرب أيضا عن فاعلية دور الفرد اقتصاديا واجتماعيا‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬الشرعية‪ :‬وتصف طبيعة العبلقة القائمة بُت ا‪ٟ‬تاكم واحملكوـ واليت تعرب عن رابطة معنوية قوامها قبوؿ‬

‫األغلبية العظمى من احملكومُت ْتق ا‪ٟ‬تاكم ُب أف يتؤب شؤوهنم العتقادىم بصبلحو‪ ،‬فالشرعية تعرب عما‬

‫ٯتكن تسميتو بالطاعة السياسية اليت تستند إٔب معايَت ‪٥‬تتلفة قد تكوف دينية أو اقتصادية أو استخداـ القوة‬

‫أو االعتماد على القانوف‪.‬‬

‫‪-‬اإلصالح اإلداري‪ :‬كل عملية تستهدؼ تنظيم ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ٔتا يتضمنو من أفراد ومعدات ووسائل‬

‫بغية ٖتقيق أىداؼ السياسة العامة للدولة بكفاءة وفعالية ‪١‬تواكبة تطورات اجملتمع واالستجابة ‪ٟ‬تاجياتو‬

‫ا‪١‬تتزايدة‪.‬‬

‫‪ -‬اإلدارة اإللكترونية‪ :‬أسلوب تعتمده الدوؿ وا‪ٟ‬تكومات يهدؼ إٔب ٖتويل اإلدارة التقليدية إٔب إدارة‬

‫إلكًتونية اعتمادا على وسائل التكنولوجيا ا‪ٟ‬تديثة هبدؼ رفع مستوى ا‪٠‬تدمات وتقريب اإلدارة من ا‪١‬تواطن‬

‫والقضاء على سلبيات البَتوقراطية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫البيروقراطية والتحول الديمقراطي‪-‬مقاربة‬

‫نظرية‪-‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫إف البَتوقراطية كعنصر ُب النظاـ السياسي ‪ٝ‬تة عامة لكل اجملتمعات مهما اختلفت فلسفتها وطبيعة‬

‫النظاـ االقتصادي والسياسي واالجتماعي السائد فيها‪ ،‬وىي تتموقع كجسر يربط ا‪ٟ‬تاكم واحملكوـ‪،‬‬

‫وتشكل جهازا عاما مهمتو تنفيذ سياسات الدولة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫وألف البَتوقراطية كمفهوـ ٯتثل ‪٤‬تور اإلدارة العامة‪ ،‬ويشكل أ‪٫‬تية بالغة ألي نظاـ سياسي‪ ،‬فإف الدراسة‬

‫ستحاوؿ التعرؼ عليو خاصة مع ما ٭تملو من دالالت ٕتعلو غامضا سواء ُب ا‪١‬تعٌت أو ُب االستخداـ‪ ،‬كما‬

‫أهنا ستعمل على ٖتديد مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي وعبلقتو كمسار بإشكالية ظاىرة البَتوقراطية‪.‬‬

‫وسيتم تناوؿ ذلك من خبلؿ ثبلث مباحث‪ ،‬حيث سيخصص ا‪١‬تبحث األوؿ ‪١‬تفهوـ البَتوقراطية وأىم‬

‫االٕتاىات التقليدية وا‪ٟ‬تديثة اليت نظرت لو‪ ،‬وبعدىا ا‪١‬تبحث الثاين الذي سيعمل على ٖتديد مفهوـ‬

‫التحوؿ الدٯتقراطي مقارنة با‪١‬تفاىيم األخرى ا‪١‬تشاهبة لو إضافة لتطرقو ألىم أ‪٪‬تاط التحوؿ الدٯتقراطي‬

‫والعوامل ا‪١‬تسببة لو وكذا مراحلو ومعيقاتو‪ ،‬ليخصص ا‪١‬تبحث الثالث لعبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية‬

‫بتشخيص مكانة البَتوقراطية ُب العملية السياسية واالٕتاىات اليت نظرت لعبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماىية البيروقراطية‪.‬‬

‫يعد ٖتديد ا‪١‬تفاىيم األساسية ُب أي موضوع وبناء ا‪١‬تؤشرات ا‪١‬ترتبطة بو من أىم ا‪٠‬تطوات اليت يقوـ هبا‬

‫الباحث‪ ،‬كوهنا تساعده ُب بناء األطر التحليلية اليت ٘تكنو من تفسَت الظاىرة ‪٤‬تل البحث‪ ،‬خاصة إذا كاف‬

‫ا‪١‬تفهوـ ٭تمل عدة دالالت و٭تتمل عدة استعماالت‪ ،‬وعليو سنتناوؿ ُب ىذا ا‪١‬تبحث مفهوـ البَتوقراطية‬

‫من حيث الظروؼ التارٮتية للبيئة اليت ولد فيها إضافة إٔب أىم ا‪١‬تعاين اليت يعرب عنها لغويا واصطبلحا‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم البيروقراطية‬

‫يولد كل مصطلح ُب ظل بيئة معينة ٖتدد معالو وتكسبو خصائص ترتبط بالظروؼ التارٮتية احمليطة هبذه‬

‫البيئة‪ ،‬والبَتوقراطية كمفهوـ ارتبطت بالتطورات اليت عرفها النشاط البشري منذ األزؿ‪ ،‬حيث سا‪٫‬تت كل‬

‫مرحلة تارٮتية ُب ميبلد معاين وتصورات نظرية معينة ‪١‬تفهوـ البَتوقراطية‪ ،‬وىذا ما سنحاوؿ إبرازه فيما يلي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السياقات التاريخية لنشأة وتطور البيروقراطية‪.‬‬

‫رغم أف االستخدامات األؤب ‪١‬تصطلح البَتوقراطية كاف على يد الفبلسفة الفرنسيُت ُب القرف ‪18‬ـ‬

‫والذي عنوا بو التنظيم اإلداري ا‪١‬تتبع ُب ا‪ٟ‬تكومات والقوة اليت ٘تارسها‪ 1،‬إال أف نشأة البَتوقراطية مرتبط‬

‫بنشأة اإلدارة وكبل‪٫‬تا جاء نتيجة التعقيدات وا‪١‬تشاكل اليت عرفتها اجملتمعات‪ ،‬فالبَتوقراطية ضرورة تارٮتية‬

‫استوجبتها ظروؼ التطور ا‪ٟ‬تضاري ُب اجملتمعات اإلنسانية ومنذ القدًن اقتضت ا‪١‬تهاـ اليت كانت تلقى على‬

‫عاتق ا‪ٟ‬تكومات كتوفَت األمن وجباية الضرائب أف يقوـ ا‪ٟ‬تكاـ باختيار ا‪١‬توظفُت ا‪١‬تؤىلُت للقياـ هبذه‬

‫الوظائف‪ 2،‬ويرى"جاكويب" )‪ُ ) Jakoby‬ب كتابو "بقرطة العآب" أف األجهزة البَتوقراطية تطورت حينما‬
‫‪3‬‬
‫وجدت مناطق واسعة تسكنها ‪ٚ‬تاعات كبَتة ْتاجة إٔب جهاز مركزي يعاِب مشاكلها‪.‬‬

‫لكن ما ىي ا‪١‬ترحلة التارٮتية اليت ٯتكن القوؿ إهنا ٘تثل بداية لظهور اإلدارة‪ ،‬وبالتإب التنظيم البَتوقراطي؟‬

‫يعتقد "ألفريد صوُب" )‪(Alfred Sauvy‬أف اجملتمعات البدائية اليت كانت قائمة على أساس العائلة‬

‫أو ا‪ٞ‬تماعة ٓب تعرؼ أي مؤسسات ٯتكن تسميتها بالبَتوقراطية فخضوع الناس ٓب يكن لقوانُت ‪٤‬تددة بل‬

‫للعادات والتقاليد‪ ،‬لذلك فمفهوـ اإلدارة ٓب يولد إال مع مفهوـ الدولة ذاتو الذي ٖتدد ُب مفهوـ ا‪١‬تدينة‬

‫‪ 1‬ا‪ٛ‬تد صقر عاشور‪ ،‬اإلدارة العامة مدخل بيئي مقارن‪ ،‬ط‪ .1.‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،1979 ،‬ص‪.85‬‬
‫‪ 2‬عمار بوحوش‪ ،‬دور البيروقراطية في المجتمعات المعاصرة‪ .‬عماف‪ :‬ا‪١‬تنظمة العربية للعلوـ اإلدارية‪ ،1983 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ 3‬ىيدي فَتيل‪ ،‬اإلدارة العامة منظور مقارن‪ ،‬تر‪٤.‬تمد قاسم القريوٌب‪ ،‬ط‪ .2.‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪ ،1979 ،‬ص‪.89‬‬

‫‪29‬‬
‫‪1‬‬
‫وا‪ٟ‬تاجة إٔب خوض ا‪ٟ‬ترب وجباية الضرائب‪٦ ،‬تا دعى ا‪ٟ‬تكاـ إٔب استخداـ أعداد كبَتة من ا‪١‬توظفُت‪،‬‬

‫لذلك يعترب "كارؿ فيتفوجاؿ")‪ُ (Karl Fitfogel‬ب كتابو "السلطة ا‪١‬تطلقة ُب الشرؽ‪-‬دراسة مقارنة‪"-‬‬

‫أف األنظمة القدٯتة اليت أدت إٔب ‪٪‬تو األجهزة البَتوقراطية قد ظهرت فيما يسميو اجملتمعات ا‪٢‬تيدروليكية‬
‫‪2‬‬
‫اليت تتمثل ُب حضارات ضفاؼ األهنار الشرقية‪.‬‬

‫وعلى ىذا األساس ستنطلق الدراسة من ا‪ٟ‬تضارات القدٯتة باعتبارىا أساس نشأة و‪٪‬تو البَتوقراطية‪ ،‬وىي‬

‫تنقسم إٔب ثبلث مراحل‪ ،‬تقسيم يقوـ على أساس طبيعة البَتوقراطية السائدة ُب كل مرحلة والغاية اليت‬

‫وجدت من أجلها‪ ،‬فا‪١‬ترحلة األؤب تضم ا‪ٟ‬تضارات القدٯتة والعصور الوسطى وا‪١‬ترحلة الثانية تبدأ منذ قياـ‬

‫الثورة الفرنسية إٔب غاية هناية القرف التاسع عشر وا‪١‬ترحلة األخَتة تبدأ مع بداية القرف العشرين‪.‬‬

‫‪ .2‬الحضارات القديمة والعصور الوسطى‪:‬‬

‫أ‪ .‬الحضارات القديمة‪:‬‬

‫‪ -‬الحضارة المصرية‪:‬‬

‫إف حضارة مصر اليت وجدت منذ أكثر من ‪ 500000‬سنة‪ 3،‬عرفت با‪٧‬تازاهتا الضخمة‪ ،‬ويرجع ذلك‬

‫إٔب النظاـ ا‪١‬تتقدـ ُب اإلدارة العامة الذي عرفتو‪ ،‬ويعترب توفر ا‪١‬تستوى العإب وا‪١‬تتقدـ والكفاءة ُب ا‪٠‬تدمات‬

‫اإلدارية من أسباب طوؿ فًتة حياة ا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تصرية‪ 4،‬وقد أشار "ماكس ويرب" )‪ (Max Weber‬أف‬

‫ا‪ٞ‬تذور التارٮتية للبَتوقراطية ا‪١‬تصرية ىي جذور موغلة ُب القدـ ويصح أف تكوف ىذه البَتوقراطية ‪٪‬توذجا‬
‫‪5‬‬
‫تارٮتيا للنظم البَتوقراطية واإلدارية ا‪١‬تعاصرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Alfred Sauvy, Bureaux et Bureaucrates. Paris : Presse universitaire de France, 1967,‬‬
‫‪p10.‬‬
‫‪ 2‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ 3‬عادؿ حسن‪ ،‬مصطفي زىَت‪ ،‬اإلدارة العامة‪ .‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،1978 ،‬ص‪.153‬‬
‫‪ 4‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ 5‬علي شريف‪ ،‬اإلدارة العامة مدخل األنظمة‪ .‬بَتوت‪ :‬الدار ا‪ٞ‬تامعية‪ ،1989 ،‬ص‪.46‬‬

‫‪31‬‬
‫لقد اعتمدت البَتوقراطية ا‪١‬تصرية على حكومات ‪٤‬تلية كوحدات إدارية وكاف فرعوف ىو الرئيس ذو‬

‫السلطة ا‪١‬تطلقة يليو الوزير الذي يشرؼ على عدة مصاّب‪ ،‬وكانت اإلدارة ا‪ٟ‬تكومية تضم ثبلثة أنواع من‬

‫ا‪١‬توظفُت ىم‪ :‬موظفو اإلدارة العليا ا‪١‬تنحدرين من مبلؾ األراضي‪ ،‬ا‪١‬توظفوف العاديوف ذوي أصوؿ من الطبقة‬

‫الوسطى‪ ،‬وأخَتا فئة العماؿ من العبيد‪ 1،‬وكاف تكوين ا‪١‬توظفُت خليطا من رجاؿ العائلة ا‪١‬تالكة‪ ،‬الكهنة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫الرسامُت‪ ،‬وا‪١‬تهندسُت‪ ،‬أما شروط التوظيف فكانت‪ :‬إتقاف القراءة‪ ،‬ا‪ٟ‬تساب‪ ،‬والكتابة ا‪٢‬تَتوغليفية‪.‬‬

‫إف ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ُب ا‪ٟ‬تضارة الفرعونية ٘تيز ٓتصائص حديثة كوجود تسلسل ُب نظاـ السلطة ونظاـ‬

‫السجبلت والوثائق واألجور‪ ،‬مع مراعاة الكفاءة والدراية ُب التوظيف واالعتماد على التخطيط واإلحصاء‬
‫‪3‬‬
‫‪١‬تعرفة عدد السكاف واألمواؿ ا‪١‬تستخلصة منهم‪.‬‬

‫‪ -‬الحضارة الصينية‪:‬‬

‫اتسمت ا‪ٟ‬تضارة الصينية باالستمرارية واالستقبللية‪ ،‬وعرفت خدمة مدنية منذ القدـ استمرت حوإب‬

‫‪ 2000‬عاـ‪ ،‬ويعترب "غبلدين")‪ (Gladene‬أف أىم عامل ساىم ُب استمرار قوة ا‪ٟ‬تضارة الصينية حىت‬
‫‪4‬‬
‫العصور ا‪ٟ‬تديثة ىو البَتوقراطية الصينية‪.‬‬

‫وتظهر البَتوقراطية ُب ا‪ٟ‬تضارة الصينية القدٯتة ُب قياـ نظاـ إداري متميز بوجود أجهزة إدارية أشرؼ‬

‫عليها تسعة وزراء برئاسة اإلمرباطور‪ 5‬والذي يعترب أوؿ من وضع اجتياز امتحاف ا‪٠‬تدمة ا‪١‬تدنية كشرط‬

‫للتعيُت بالوظائف ا‪ٟ‬تكومية‪ ،‬وُب ذلك قاؿ الفيلسوؼ الصيٍت القدًن "كنفشيوس" من أف اإلدارة السليمة‬

‫‪ 1‬عادؿ حسن‪ ،‬مصطفى زىَت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.154 ،153‬‬


‫‪ 2‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ 3‬عبد الغٍت بسيوين عبد اهلل‪ ،‬أصوؿ علم اإلدارة العامة ‪ :‬دراسة ألصول و مبادئ علم اإلدارة و تطبيقاتها في اإلسالم و ال‪.‬م‪.‬ا و فرنسا‬
‫مصر لبنان‪ .‬بَتوت‪ :‬الدار ا‪ٞ‬تامعية‪ ،1983 ،‬ص ص ‪.47 ،46‬‬
‫‪ 4‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ 5‬عادؿ حسن‪ ،‬مصطفى زىَت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪31‬‬
‫ىي وسيلة ا‪ٟ‬تكم الصاّب‪ 1،‬لذلك ٘تيزت البَتوقراطية الصينية بوجود اىتماـ بتكوين ا‪١‬توظفُت ا‪ٟ‬تكوميُت من‬

‫خبلؿ الربامج الدراسية اليت وفرىا م ع اعتماد نظاـ االختبارات الختيار ا‪١‬توظفُت على أساس القدرة‬
‫‪2‬‬
‫والكفاءة‪.‬‬

‫‪ -‬الحضارة اليونانية والرومانية‪:‬‬

‫كانت ‪٥‬تتلف الوظائف بالنسبة للمدف اليونانية ٘تنح ألشخاص يتم اختيارىم عن طريق القرعة ‪١‬تدة عاـ‬

‫واحد من الطبقة الغنية ومالكي العقارات‪ ،‬أما الرجاؿ من الطبقة الفقَتة والعبيد فكانوا مبعدين عن ىذه‬

‫الوظائف‪ ،‬وكاف ‪٬‬ترى ٖتقيق مسبق حوؿ ا‪١‬ترشحُت قبل إخضاعهم لبلختبارات‪.‬‬

‫٘تيزت الوظيفة عند اليوناف بكثرة مسؤولياهتا وصعوبتها مقابل أجور زىيدة وغياب الًتقية‪ ،‬مع وجود رقابة‬

‫صارمة‪ 3،‬ولقد اتسم النظاـ اإلداري بالطابع ا‪ٞ‬تماعي ووجد ‪٣‬تلس يتكوف من ‪500‬عضو ووجدت ‪ٞ‬تاف‬

‫٘تثل كل واحدة منها أسرة أو عشَتة ‪١‬تزاولة السلطة‪ 4،‬وعموما فإف ا‪١‬توظفُت ُب اإلدارة العامة ُب ا‪١‬تدف‬

‫اليونانية ٓب يكونوا ‪٤‬تًتفُت ألف اختيارىم يتم من بُت األغنياء والطبقات العليا ‪٢‬تذا فاإلدارة ٓب تكن مؤىلة‬
‫‪5‬‬
‫باإلطارات والكفاءات العالية‪.‬‬

‫أما اإلمرباطورية الرومانية فقد عرفت تقسيما للسلطة وا‪١‬توازنة بُت ‪٥‬تتلف القوى ا‪١‬تتمثلة ُب‪٣ :‬تلس‬

‫الشيوخ‪٣ ،‬تلس النواب‪ ،‬اجملالس الشعبية‪ ،‬ومفهوـ ا‪ٟ‬تكومة كاف مفهوما إداريا واعتربت الروماف أهنا من‬
‫‪6‬‬
‫الدوؿ اليت أنشأت أكرب جهاز إداري بَتوقراطي لؤلعماؿ العامة ُب التاريخ‪.‬‬

‫‪ 1‬علي شريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9.‬‬


‫‪ 2‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Alfred Sauvy, Op.Cit, p11.‬‬
‫‪ 4‬عادؿ حسن‪ ،‬مصطفى زىَت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪ 5‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ 6‬علي شريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.50 ،49‬‬

‫‪32‬‬
‫كانت البَتوقراطية كنظاـ لئلدارة مصدر قوة لئلمرباطورية الرومانية حيث استطاعت أف ٖتافظ هبا على‬

‫وحدهتا ُب مواجهة النزعات الثورية ا‪١‬تتعددة‪ ،‬لكن مقابل ذلك أىلكت ا‪١‬تزارعُت وصغار ا‪١‬تنتجُت من أبناء‬

‫الشعب بتكاليف باىظة‪ 1،‬وبالنسبة لتعيُت ا‪١‬توظفُت فقد كاف يتم بقرارات إمرباطورية وعندما توسعت‬

‫اإلمرباطورية أصبح كل أمَت يعُت ا‪١‬توظفُت من بُت أتباعو‪ ،‬إضافة إٔب بيع الوظائف ‪١‬تن يدفع الثمن األكرب‬

‫وىذا ما ساىم أكثر ُب إضعاؼ السلطة ا‪١‬تركزية للملك‪ ،‬وتقوية السلطات احمللية لؤلمراء‪.‬‬

‫ب‪ .‬العصور الوسطى‪:‬‬

‫بعد تفكك اإلمرباطورية الرومانية ساد أوربا ُب العصور الوسطى نظاـ إقطاعي ٘تيز بنظاـ إداري استمر‬

‫إٔب غاية القرف ‪ 16‬ـ‪ ،‬واتسم ىذا النظاـ بإدارة حكومية المركزية مع امتبلؾ األقاليم احمللية لسلطات واسعة‪،‬‬

‫حيث إف كل أمَت يدير مقاطعة يساعده فيها موظفوف ٮتتارىم من بُت أفراد عائلتو وأصدقائو‪ ،‬وبسبب بيع‬

‫الوظائف وتوريثها بالغ ا‪١‬توظفوف ُب إنشاء وظائف كثَتة السًتجاع أموا‪٢‬تم وأصبحت الوظيفة بالنسبة ‪٢‬تم‬
‫‪2‬‬
‫مصدر ثروة‪.‬‬

‫واستطاع النظاـ اإلقطاعي مقابل إخضاع احملكومُت لو أف ٭تافظ على استمرار وبقاء اجملتمع الزراعي‬

‫وتقدًن ا‪٠‬تدمات األساسية األوليةكا‪ٟ‬تماية واألمن‪ ،‬ولكنو من جهة أخرى وسع من صبلحيات ا‪١‬تلوؾ‬

‫واألمراء وزاد من ثراء طبقة النببلء ا‪١‬تتحالفة معهم‪ ،‬لكن مع استقبللية ا‪١‬تدف وظهور الطبقة الوسطى اليت‬

‫ٖتالفت مع ا‪١‬تلوؾ ضد االرستقراطية بدأ التحوؿ من األ‪٪‬تاط السياسية اإلقطاعية يتم تدر‪٬‬تيا إٔب أف ظهرت‬

‫‪٤‬تلو األنظمة ا‪١‬تلكية ا‪١‬تطلقة اليت سادت ما بُت القرنيُت ‪16‬ـ و ‪18‬ـ‪ ،‬وما ميز ىذه األنظمة ا‪ٞ‬تديدة ىو‬

‫حلوؿ مفهوـ التعاقد كأساس للملكية‪-‬بفتح البلـ‪ -‬بدؿ قيامها على فكرة حق ا‪١‬تلوؾ القدٯتة‪ ،‬و‪٤‬تاولة من‬

‫ا‪١‬تلوؾ للحفاظ على سلطتهم وامتيازاهتم وعلى حد أدىن من النظاـ عمدوا إٔب تطوير ا‪٠‬تدمة العامة و‪٧‬تحوا‬

‫‪1‬‬
‫‪Alfred Sauvy, Op.Cit, p14.‬‬
‫‪ 2‬عادؿ حسن‪ ،‬مصطفى زىَت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.157‬‬

‫‪33‬‬
‫‪1‬‬
‫بذلك ُب ربطها با‪١‬تلكية كمؤسسة أكثر منها كفرد‪٢ ،‬تذا أعادوا بناء مفهوـ الدولة وا‪ٟ‬تياة وا‪١‬توظفُت‬

‫واعتمدوا على الكفاءة ُب التوظيف والًتقية‪.‬‬

‫وكانت فرنسا من بُت الدوؿ األؤب اليت اىتمت بنظاـ اإلدارة فسعت إٔب ٖتقيق وحدة سياسية من‬

‫خبلؿ اختيار البَتوقراطيُت من أبناء الطبقة الوسطى الربجوازية وجعل مدة التوظيف لعدة سنوات بدال من‬

‫عاـ واحد‪ ،‬إال أف االستبداد ُب الوظيفة و‪٦‬تارستها بطريقة ٖتكمية كاف سببا ُب اهنيار النظاـ ا‪١‬تركزي هبا عاـ‬

‫‪ 1789‬وكاف أيضا بداية ظهور الصورة السلبية للبَتوقراطية‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫لكن بريطانيا وبعكس فرنسا أقامت نظاما المركزيا ُب اإلدارة واتبعت األساليب الرشيدة ُب التنظيم‪،‬‬

‫وهبذا اعتربت ا‪٠‬تربة اإلدارية ُب فرنسا وبريطانيا ذات أثر كبَت على تطور األنظمة اإلدارية والبَتوقراطية ُب‬
‫‪3‬‬
‫الدوؿ النامية وعلى نظرية "ماكس ويرب" وآخرين‪.‬‬

‫إف الفكرة األساسية اليت ٯتكن أف نلخص هبا ا‪١‬ترحلة األؤب ىي أف األنظمة السياسية قد عرفت تقاليد‬

‫اجتماعية أعطيت ٔتوجبها وظائف اإلدارة العليا لكبار اإلقطاعيُت وأفراد األسر ا‪١‬تالكة‪ ،‬أي أف البَتوقراطية‬

‫كانت أداة ُب خدمة الطبقة ا‪ٟ‬تاكمة‪.‬‬

‫‪ .2‬بداية الثورة الفرنسية ونهاية القرن التاسع عشر‪:‬‬

‫سا‪٫‬تت الثورة الفرنسية عاـ ‪ 1789‬وما صاحبها من مفاىيم جديدة كمفهوـ الدولة القومية الذي‬

‫أصبح ٯتثل شكبل من أشكاؿ األنظمة السياسية السائدة آنذاؾ ُب إحداث تغيَتات عميقة ُب طبيعة الدولة‬

‫وطبيعة البَتوقراطية كأداة للقياـ باألعماؿ ا‪ٟ‬تكومية‪ 4،‬فقد عمدت ىذه الثورة إٔب إجراء إصبلحات إدارية‬

‫‪ 1‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.111-107.‬‬


‫‪ 2‬عمار بوحوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.19 ،18‬‬
‫‪ 3‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.113‬‬

‫‪34‬‬
‫موسعة ٘تث لت ُب إلغاء نظاـ شراء وبيع الوظائف العامة‪ ،‬والقياـ بالتوظيف على أساس الكفاءة وا‪١‬تساواة‬

‫بُت ا‪١‬تواطنُت‪ 1،‬و‪٧‬تحت بذلك ُب تغيَت الصفة الشخصية للدولة اليت أصبحت ملكا لؤلمة وتغَت والء‬

‫ا‪١‬توظفُت من كونو والء للملك إٔب والء لؤلمة‪ ،‬واعترب نابليوف مؤسسا للبَتوقراطية ا‪١‬تعاصرة ‪١‬تا ساىم بو من‬

‫إصبلحات إدارية عززت القضاء على األنظمة اإلدارية اإلقطاعية وأقامت إدارة ٘تيزت بالنظاـ والتخصص‬
‫‪2‬‬
‫والعقبلنية اإلدارية‪.‬‬

‫ٓب تكن الثورة الفرنسية و‪٣‬تيء نابليوف العامبلف اللذاف سا‪٫‬تا فقط ُب تغيَت طبيعة البَتوقراطية وإ‪٪‬تا كاف‬

‫أيضا للتغيَتات الكبَتة اليت حدثت ُب بريطانيا والثورة األمريكية ُب القرف الثامن عشر الدور األكرب ُب ىذا‬

‫التغيَت‪ ،‬ففي بريطانيا حيث ٓب يسد النظاـ اإلقطاعي بقوة كما كاف ُب باقي الدوؿ األوربية خاصة فرنسا ٓب‬

‫‪٬‬تد ا‪١‬تلوؾ أنفسهم ْتاجة ماسة إٔب جعل اإلدارة مركزية لذلك سادت ُب بريطانيا البلمركزية اإلدارية‪ ،‬فبعد‬

‫أف استطاع الرب‪١‬تاف أف يفرض سلطتو على ا‪١‬تلك عاـ ‪ 1868‬وحدوث الثورة األمريكية ًب االعتماد على‬

‫االنتخابات كأسلوب جديد يسمح باختيار الرجاؿ الذين ‪٢‬تم شعبية لتوٕب ا‪١‬تناصب العليا وىم بدورىم‬

‫ٮتتاروف البَتوقراطيُت الذين يساندوف سياسة ا‪ٟ‬تزب الفائز‪ ،‬وهبذا أصبح التعيُت ُب الوظائف العامة يتم على‬
‫‪3‬‬
‫أساس الوالء لؤلحزاب‪.‬‬

‫وإذا كانت بريطانيا ىي من ساىم ُب بلورة االٕتاىات ا‪ٟ‬تديثة ‪١‬تفهوـ البَتوقراطية فإف الواليات‬

‫ا‪١‬تتحدة األمريكية كانت الرائدة ُب ميداف اإلصبلح اإلداري فقد ركز كل من "جاكسوف" )‪(Jackson‬‬

‫و"واشنطوف" )‪ (Washington‬على الكفاءة ُب التعيُت وإلغاء احتكار الوظيفة من طرؼ أسرة أو جهة‬

‫‪ 1‬عادؿ حسن‪ ،‬مصطفى زىَت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.163‬‬


‫‪ 2‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪ 3‬عمار بوحوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪35‬‬
‫معينة‪ ،‬وتعززت ىذه ا‪١‬تبادئ أكثر ُب بداية النصف الثاين من القرف التاسع عشر بصدور قوانُت ٗتص‬

‫الوظيفة العامة‪.‬‬

‫إف ىذه التطورات اليت حصلت ُب بريطانيا والواليات ا‪١‬تتحدة األمريكية مثلت عامبل مهما ساىم ُب‬

‫تغيَت الدور الذي تلعبو البَتوقراطية كأداة من أدوات خدمة ا‪ٟ‬تكاـ واإلقطاعيُت إٔب جهاز إداري وطٍت‬
‫‪1‬‬
‫يشرؼ على تنفيذ السياسات اليت تضعها األحزاب ُب ‪٥‬تتلف ا‪١‬تستويات اإلدارية‪.‬‬

‫‪ .3‬القرن العشرين وما صاحبو من تغيرات‪:‬‬

‫إف تعاوف البَتوقراطية واألحزاب السياسية بعد التغيَتات اليت أحدثتها كل من الثورة الفرنسية‬

‫واألمريكية فسح ‪٣‬تاالت واسعة لظهور عناصر جديدة كعنصر ا‪١‬تنافسة وإتباع األساليب الدٯتقراطية ُب‬

‫ا‪١‬تناقشة‪ ،‬وىذا ما أدى إٔب حدوث تغيَت ُب ‪٣‬تاؿ ا‪٠‬تدمات اإلدارية وطبيعة عمل البَتوقراطية‪ ،‬والغاية من‬

‫وجودىا‪ ،‬فالقرف العشرين وما صاحبو من تقدـ حضاري وتقٍت وتقدـ ُب ا‪١‬تعايَت االجتماعية ا‪١‬تعاصرة قاد‬

‫إٔب إحداث تغيَت كبَت ُب عمل البَتوقراطية‪ ،‬وفرض التخصص والتقنية أف يشارؾ البَتوقراطيوف ُب اٗتاذ‬

‫القرارات على ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تستويات ‪١‬تا ٘تيزوا بو من مؤىبلت عالية‪.‬‬

‫لقد أصبحت الوظيفة العامة ُب ظل انتشار الدٯتقراطية تقوـ على أسس قانونية وٗتضع لنصوص ٖتدد‬

‫عملها‪ ،‬وٓب تعد ٗتضع أو ٗتدـ جهة معينة كما كانت سابقا كأداة ُب يد ا‪ٟ‬تكاـ وبعدىا األحزاب‬

‫السياسية‪ ،‬وأصبح االٕتاه إٔب أف يتكامل العمل السياسي واإلداري‪ 2،‬كما ٘تيزت ىذه ا‪١‬ترحلة ا‪ٞ‬تديدة‬

‫بتوسع ُب األجهزة ا‪١‬تالية واإلدارية وزيادة عدد ا‪١‬توظفُت سواء ُب الدوؿ الرأ‪ٝ‬تالية أو االشًتاكية‪ ،‬وصاحب‬

‫بداية الستينيات ظهور دوؿ جديدة كاف للبَتوقراطيُت الدور الكبَت ُب إنشائها وبا‪٠‬تصوص ُب قارة إفريقيا‪،‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.22-20‬‬


‫‪ 2‬عمار بوحوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.26-23‬‬

‫‪36‬‬
‫حيث كاف الدور الفعاؿ للمكاتب البَتوقراطية اليت كانت امتدادا للبَتوقراطية االستعمارية ُب إنشاء دوؿ‬
‫‪1‬‬
‫جديدة لكن ْتدود ٓب تراع ا‪١‬تعايَت اإلثنية‪.‬‬

‫إف كبل من ا‪١‬ترحلة األؤب الثانية والثالثة سا‪٫‬تت ُب بلورة مفاىيم معينة و‪٤‬تددة للبَتوقراطية حسب‬

‫خصائص كل مرحلة والظروؼ السياسية االقتصادية االجتماعية والتارٮتية اليت سادت فيها‪٢ ،‬تذا وجد‬

‫اختبلؼ وتنوع ُب ا‪١‬تقاربات النظرية ‪٢‬تذا ا‪١‬تفهوـ‪ ،‬وىذا ما ستحاوؿ الدراسة إبرازه ُب العنصر التإب من‬

‫خبلؿ التطرؽ ألىم مفاىيم البَتوقراطية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف البيروقراطية‪.‬‬

‫إف دراسة أي مفهوـ تستلزـ بالضرورة تناولو من ناحيتُت أساسيتُت‪ ،‬و‪٫‬تا االشتقاؽ اللغوي وا‪١‬تعٌت‬

‫االصطبلحي الذي يشمل دراسة ‪٣‬تمل التصورات واالٕتاىات النظرية اليت تناولتو‪.‬‬

‫‪ .2‬التعريف اللغوي‪:‬‬

‫اشتقت كلمة بَتوقراطية ‪ Bureaucratie‬من الكلمة الفرنسية واال‪٧‬تليزية ‪ Bureau‬أي مكتب‪،‬‬

‫وأصلها البلتيٍت ‪ Burus‬أي اللوف ا‪١‬تعتم‪ ،‬أما كلمة ‪ Cration‬فهي يونانية األصل ٔتعٌت ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬وهبذا‬

‫فإف كلمة بَتوقراطية تعٍت حكم ا‪١‬تكاتب‪ 2،‬كما ذكر قاموس العلوـ السياسية واالجتماعية عاـ ‪1854‬‬

‫بأهنا تعٍت نوعا من القماش يستعمل كغطاء للمناضد اليت ‪٬‬تتمع عليها با‪٠‬تصوص رجاؿ ا‪ٟ‬تكومة ما يعٍت‬

‫أف كلمة ‪ Bureau‬مشتقة من القماش الذي يغطيها‪ ،‬وأهنا تعٍت السلطة والقوة اليت ٘تنح لؤلقساـ‬
‫‪3‬‬
‫ا‪ٟ‬تكومية وفروعها و٘تارسها على ا‪١‬تواطنُت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Alfred Sauvy, Op.Cit, p21‬‬
‫‪ 2‬عبد الوىاب الكيإب وآخروف‪ ،‬موسوعة السياسة‪ ،‬ج‪ .1 .‬بَتوت‪ :‬ا‪١‬تؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،1994 ،‬ص‪.644‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Auguste Ott, Dictionnaire des sciences politiques et sociales, tom.1, V03. Paris:‬‬
‫‪bibliothèque universal du clergé, 1854, p905.‬‬

‫‪37‬‬
‫وقد اكتسب مصطلح البَتوقراطية معاين ‪٤‬تددة ُب قواميس اللغة‪ ،‬ففي عاـ ‪ 1798‬عرفو قاموس‬

‫األكادٯتية الفرنسية بأنو" القوة والنفوذ اللذاف ٯتارسهما رؤساء ا‪ٟ‬تكومة وموظفو ا‪٢‬تيئات ا‪ٟ‬تكومية"‪ 1،‬ويرى‬

‫"فريتز مورشتاين ماركس" )‪ (Fritz Morestei Marx‬أف "فانسوف دي غورناي"(‪Gournay‬‬

‫‪ (Vincent de‬وزير التجارة الفرنسية ُب القرف ‪ 18‬أوؿ من نظر إٔب ا‪١‬تكاتب العاملة ُب ا‪ٟ‬تكومة‬
‫‪2‬‬
‫وٖتدث عنها باسم ‪.Bureaucrate‬‬

‫وعليو فاالشتقاؽ اللغوي ‪١‬تصطلح البَتوقراطية يعرب عن القوة والنفوذ اللذاف ٯتارسهما موظفو ا‪ٞ‬تهاز‬

‫اإلداري ُب الدولة‪.‬‬

‫‪ .2‬التعريف االصطالحي‪:‬‬

‫تعترب البَتوقراطية من أكثر ا‪١‬تصطلحات اليت ٖتمل أكثر من معٌت وتعرؼ غموضا ُب االستخداـ‪ ،‬وعليو‬

‫سنحاوؿ ‪ٚ‬تع أغلب ا‪١‬تعاين اليت ٖتملها ىذه الكلمة واليت ًب تلخيصها ُب سبعة مفاىيم أساسية‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ -‬البيروقراطية بمعنى حكم الموظفين‪:‬‬

‫يعرب عن التصور األصلي للكلمة الذي ظهر ُب كتابات "فنسوف ديغورناي"‪ٔ ،‬تعٌت حكم ا‪١‬تكاتب أو‬

‫ا‪١‬توظفُت ويعرب عن ‪٪‬تط حكم بَتوقراطي‪ 3‬ولقد شاع ُب الفكر االجتماعي خبلؿ القرف ‪ 18‬وكاف من رواده‬

‫"جوف ستيوارت ميل" )‪ٍ ،)J.S.Mills‬ب عرؼ انتقاال من اعتبار البَتوقراطية شكبل من أشكاؿ ا‪ٟ‬تكم‬

‫إٔب اعتبارىا ‪٩‬تبة مسيطرة‪ ،‬وظهر ذلك ُب كتابات"موسكا" )‪ (Mosca‬و"ميلز" )‪ (Mills‬الذين اعتربا‬

‫البَتوقراطية ‪٩‬تبة حاكمة ٘تيز الدولة ا‪ٟ‬تديثة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Académie Française, Dictionnaire de l’académie Française, U.S.A. : University of‬‬
‫‪Chicago, éd.5, 1798, p767.‬‬
‫‪ 2‬ماركس فريتز مورستا ين‪ ،‬دولة اإلدارة‪ ،‬تر‪.‬إبراىيم علي‪ .‬القاىرة‪ :‬مكتبة اال‪٧‬تلو ا‪١‬تصرية‪ ،1963 ،‬ص‪.27‬‬
‫‪٤ 3‬تمد علي ‪٤‬تمد‪ ،‬البيروقراطية الحديثة‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬دار الكتب ا‪ٞ‬تامعية‪ ،1975 ،‬ص‪.290‬‬

‫‪38‬‬
‫استمر ىذا التصور سائدا مع ا‪١‬تفكرين ا‪١‬تعاصرين ومن أىم ىؤالء"السكي)‪" ، (laski‬فاينر"‬

‫)‪" ،(FINER‬كاببلف)‪" ، (Kaplan‬الزويل" )‪ (Lasswell‬و"شارب" )‪ (Sharp‬الذين اعتربوا‬


‫‪1‬‬
‫البَتوقراطية شكبل من أشكاؿ ا‪ٟ‬تكم تكوف فيو النخبة ا‪ٟ‬تاكمة مكونة من ا‪١‬توظفُت‪.‬‬

‫رغم أ‪٫‬تية كل ىذه التصورات إال أف ىذا ا‪١‬تفهوـ فقد أ‪٫‬تيتو ُب القرف ‪20‬ـ بسبب اإل‪٧‬تازات ا‪ٟ‬تديثة ُب‬

‫‪٣‬تاؿ تصنيف النظم السياسية واأل‪٫‬تية اليت اكتسبها مفهوـ الدٯتقراطية‪ ،‬والًتكيز أكثر على البَتوقراطية‬
‫‪2‬‬
‫كتنظيم رشيد يستبعد البعد السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬البيروقراطية تنظيم عقلي‪:‬‬

‫يعرب ىذا ا‪١‬تفهوـ عن وجهة نظر"ماكس ويرب"‪ 3،‬وركز كمفهوـ حديث على فهم العبلقة بُت العقبلنية‬

‫وخصائص ‪٪‬توذج فيرب‪ ،‬و ٯتثل ىذا االٕتاه ا‪ٟ‬تديث "بيًت بلو" )‪ (Peter Blau‬كما اتفق معو كل من‬
‫‪4‬‬
‫"فرونسي" )‪ (Francis‬و "ستوف" )‪ُ (Stone‬ب أف البَتوقراطية كتنظيم تؤدي إٔب ٖتقيق الفعالية‪.‬‬

‫إف النظر إٔب البَتوقراطية كنوع من التنظيم يتميز بالعقبلنية ٯتثل على العموـ نظرة علم االجتماع إٔب‬

‫مفهوـ البَتوقراطية واليت ٘تثل بالنسبة ‪٢‬تم تنظيما سياسيا يهدؼ إٔب التحديث وتغيَت األوضاع االجتماعية‬
‫‪5‬‬
‫وتنفيذ السياسات بفعالية وكفاءة عالية‪.‬‬

‫‪ 1‬السيد ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ :‬المفاىيم والقضايا‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬دار ا‪١‬تعرفة ا‪ٞ‬تامعية‪.1994 ،‬ص‪.286‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.285‬‬
‫‪٤ 3‬تمد علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.289‬‬
‫‪ 4‬السيد ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.283 ،282‬‬
‫‪ 5‬عمار بوحوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -‬المفهوم السلبي للبيروقراطية‪:‬‬

‫ظهر بعد ا‪١‬تقاربات النقدية لنموذج "ويرب" وخصائصو اال‪٬‬تابية‪ .‬ىو تصور يؤكد عدـ فعالية البَتوقراطية‪،‬‬

‫و"دٯتوؾ"‬ ‫وكاف "بالزاؾ" )‪ (Balzac‬من أوائل من أشار إٔب ىذا ا‪١‬تفهوـ وكذلك "ستوف"‬

‫)‪ ،(Dimock‬فبالنسبة ‪٢‬تؤالء تعرب البَتوقراطية عن كل جوانب النقص ُب بناء التنظيمات وعن عدـ‬
‫‪1‬‬
‫ا‪١‬ترونة‪.‬‬

‫يوعترب"ميشاؿ كروزييو" )‪ (Michel Crozier‬عآب االجتماع الفرنسي وصاحب كتاب "الظاىرة‬

‫البَتوقراطية")‪ (le phénomène bureaucratique‬الصادر عاـ ‪ 1963‬ا‪١‬تدافع األكرب عن ىذا‬

‫ا‪١‬تعٌت الذي يشَت حسبو إٔب عدـ التوازف والتأثَت والنفوذ داخل ا‪١‬تؤسسة أو ا‪١‬تنظمات اإلنسانية‪ ،‬وقد تناوؿ‬

‫الظاىرة من مدخل إنساين وعرؼ البَتوقراطية بأهنا حكومة مكونة من دوائر الدولة يعمل هبا موظفوف‬

‫معينوف ومنظمة بشكل تسلسلي وتعتمد على سلطة حاكمة‪ ،‬ورأى أف األفراد يستخدموف القواعد‬

‫التنظيمية ‪٠‬تدمة مصا‪ٟ‬تهم وامتيازاهتم وتدعيم ىذه ا‪١‬تصاّب من شأنو أف يصيب التنظيم با‪ٞ‬تمود وتثبيت‬
‫‪2‬‬
‫األوضاع‪.‬‬

‫‪ -‬البيروقراطية بمعنى اإلدارة العامة‪:‬‬

‫ٯتثل ىذا االٕتاه "موسوليٍت"(‪ (Mussolini‬ودعاة الفاشية ومعا‪ٞ‬تات "ميشلز" )‪( Michel’s‬‬

‫‪١‬تفهوـ القوة‪ ،‬ويركز ىذا التصور على ا‪ٞ‬تماعات اليت تؤدي وظائف البَتوقراطية أكثر من االىتماـ‬
‫‪3‬‬
‫بالوظائف ذاهتا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Fred Riggs, « Introduction sematique du terme bureaucratie, » Revue internationale‬‬
‫‪des sciences sociales, V.31, N. 04, 10-1979 .p613.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Michel Crozier, Le phénomène bureaucratique. Paris : édition du Seuil, 1962, p16‬‬
‫‪٤ 3‬تمد علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.291‬‬

‫‪41‬‬
‫ظهرت عدة دراسات تناولت البَتوقراطية من ىذا ا‪١‬تنظور منها دراسة قاـ هبا "البارومربا"‬

‫)‪" ،(Laparambra‬ازانستاث" )‪ (Eisenstadt‬و"مورستاين ماركس" ىذا األخَت الذي أكد على‬

‫ضرورة التمييز بُت البَتوقراطية كنوع من التنظيم وكشكل عاـ ٘تارس اإلدارة العامة بو نشاطها وبُت‬

‫البَتوقراطية كأحد أدواء التنظيم ومرض يعرقل اإلدارة السليمة‪ ،‬وعرؼ البَتوقراطية بأهنا "ا‪ٟ‬تكومة عن طريق‬
‫‪1‬‬
‫ا‪١‬تكاتب أو اإلدارات العامة"‪.‬‬

‫لقد ساىم ربط ىذا ا‪١‬تفهوـ باإلدارة العامة ُب استخدامو كوحدة للتحليل ُب الدراسات ا‪١‬تقارنة‪.‬‬

‫‪ -‬البيروقراطية بمعنى إدارة الموظفين‪:‬‬

‫ساىم ‪٪‬توذج "ويرب" للبَتوقراطية وما تضمنو من خصائص ُب انتشار ىذا ا‪١‬تفهوـ خصوصا عند الذين‬

‫انطلقوا ُب دراستهم من أفكار "ماكس فيرب" وحاولوا فحص ‪٪‬توذجو منهم "بانديكس" (‪(Bendix‬‬

‫صاحب كتاب "السلطة والعمل" الذي فحص من خبللو كفاءة النموذج ا‪١‬تثإب (‪٪‬توذج ويرب) و"آيلمر"‬

‫)‪(Aylmer‬و "أولرباو" )‪ (Albrow‬و "كارؿ فريديريك" )‪ 2(Friedrich Carl‬الذي عرؼ‬


‫‪3‬‬
‫البَتوقراطية بأهنا "ىيكل ا‪١‬توظفُت الذين ىم ُب خدمة الدولة"‪.‬‬

‫‪ -‬البيروقراطية بمعنى التنظيم‪:‬‬

‫ٯتاثل ىذا ا‪١‬تفهوـ بُت البَتوقراطية والتنظيم‪ ،‬انطبلقا من فكرة أف ا‪٠‬تصائص اليت حددىا "ويرب" ٯتكن أف‬
‫‪4‬‬
‫تتحقق بدرجات متفاوتة ُب أي ‪٪‬توذج للتنظيم‪.‬‬

‫‪ 1‬ماركس فريتزمورشتاين‪ ،‬مرجع سابق‪.26 ،25 ،‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Fred Riggs, Op.cit, p621.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Carl Friedrich, La démocratie constitutionnelle. Paris : Presse universitaire de‬‬
‫‪France, 1958, p358.‬‬
‫‪٤ 4‬تمد علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ا‪١‬تكاف نفسو‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫يرى كل من "ىاينماف")‪« ، (Hyneman‬بَتتوس") ‪،(Perthus‬و"إتيزيوين")‪ (Itizioni‬أف‬

‫البَتوقراطية منظمة كبَتة وكل منظمة كبَتة ىي بَتوقراطية و‪٬‬تب استبداؿ البَتوقراطية ٔتصطلح التنظيم نظرا‬

‫للسلبيات اليت أصبحت تتميز هبا‪ 1،‬أما "ىيدي فَتيل" )‪ (Heady Ferrel‬فعرؼ البَتوقراطية بأهنا"‬

‫مؤسسة تعرؼ بواسطة بعض ا‪٠‬تصائص ا‪٢‬تيكلية األساسية وىي شكل من أشكاؿ التنظيم‪ ،‬لكن‬
‫‪2‬‬
‫التنظيمات قد تكوف بَتوقراطية وقد ال تكوف ويعتمد ذلك على ما إذا كانت تتمتع هبذه ا‪٠‬تصائص‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫و‪٠‬تصت ىذه ا‪٠‬تصائص كما جاءت ُب كتابات العديد من ا‪١‬تفكرين الذين سبق ذكرىم فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تسلسل سلطوي دقيق‪.‬‬

‫‪ -‬تقسيم العمل على أساس التخصص الوظيفي‪.‬‬

‫‪ -‬نظاـ من القواعد يعطي حقوؽ لشاغل الوظيفة‪ ،‬وواجباتو‪.‬‬

‫‪ -‬نظاـ من اإلجراءات يتعلق بالعمل‪.‬‬

‫‪ -‬البلشخصية ُب العبلقات بُت األفراد داخل التنظيمات‪.‬‬

‫‪ -‬اختيار ا‪١‬توظفُت وترقيتهم على أساس ا‪١‬تؤىبلت الفنية‪.‬‬

‫إف ىذا ا‪١‬تفهوـ رغم أ‪٫‬تيتو إال أف ىناؾ من اعتربه قد وسع من مفهوـ البَتوقراطية‪ ،‬وصعب بذلك من‬

‫الفصل بُت التنظيم واإلدارة‪.‬‬

‫‪ -‬البيروقراطية بمعنى المجتمع الحديث‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Giovanni Busino, Les théories de le bureaucratie, Op.Cit, p 87.‬‬
‫‪ 2‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.43.‬‬

‫‪42‬‬
‫يعترب ىذا ا‪١‬تفهوـ أف البَتوقراطية تعرب عن اجملتمع ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬ويرى"أولرباو" )‪(Albrow‬أف الكلمة ال‬

‫ٯتكن أف تعرب فقط على ‪٪‬تط من ا‪ٟ‬تكم أو عن منظمة ولكن عن اجملتمع ا‪ٟ‬تديث مثلما عربت كل من‬
‫‪1‬‬
‫الدٯتقراطية والرأ‪ٝ‬تالية واالشًتاكية عن أ‪٪‬تاط اجتماعية وليس فقط عن ىياكل سياسية واقتصادية‪.‬‬

‫ساعدت صياغات"ماركس" )‪ (Marx‬ومن تبعو على ظهور ىذا ا‪١‬تفهوـ‪ ،‬وُب كتاب "برونو ريزي"‬

‫)‪ ( Rizzi Bruno‬عاـ ‪ 1939‬بعنواف "البَتوقراطية ُب العآب" ‪(The Bureaucratisation‬‬

‫)‪ of the World‬اعترب أف جهاز الدولة ُب االٖتاد السوفييت أصبح ٯتثل طبقة حاكمة شكلت ‪٣‬تتمعا‬
‫‪2‬‬
‫بَتوقراطيا‪.‬‬

‫كما تبٌت ىذا ا‪١‬تفهوـ كل من"ماينهاًن")‪" ،(Mannheim‬بورهناـ")‪،(Burnham‬و"بَتتوس"‬

‫)‪ ،(Perthus‬الذين اتفقوا على أف البَتوقراطية أصبحت ٘تارس سيطرهتا على اجملتمع وال ضرورة للفصل‬
‫‪3‬‬
‫بينها وبُت الدولة ألهنما امتزجتا‪ ،‬وأف طبيعة ا‪ٟ‬تياة ا‪ٞ‬تديدة فرضت ىذا النوع ا‪ٞ‬تديد من التنظيم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االتجاىات النظرية التقليدية في البيروقراطية‪.‬‬

‫لقد ساىم علماء القرف ‪ُ 19‬ب صياغة تصورات ىامة حوؿ مصطلح البَتوقراطية الذي ارتبط بنشأة‬

‫اإلدارة‪ ،‬وكبل‪٫‬تا جاءا نتيجة للتعقيدات وا‪١‬تشاكل اليت ٓب ٯتكن التغلب عليها إال باالعتماد على التخصص‬

‫وتقسيم العمل وبا‪٠‬تصوص العمل وفق قوانُت وقواعد مدروسة‪ 4،‬وىذه التصورات سا‪٫‬تت ُب ظهور ثبلثة‬
‫‪5‬‬
‫مفاىيم أساسية للبَتوقراطية‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ -‬اعتبارىا شكبل أساسيا للحكومة كالدٯتقراطية واالرستقراطية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Fred Riggs, Op.Cit, p615.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Bruno Rizzi, The Bureaucratisation of the World, trade. Adam Buick .marxist.org,‬‬
‫‪2006, pp 4-19.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Fred Riggs, Op.Cit, pp 615, 616.‬‬
‫‪4‬عمار بوحوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪٤ 5‬تمد علي ‪٤‬تمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.255‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬الًتكيز على النظم والًتتيبات اإلدارية اليت ظهرت با‪٠‬تصوص ُب اجملتمع األ‪١‬تاين‪ ،‬ومثل ىذا االٕتاه علماء‬

‫اإلدارة‪.‬‬

‫‪ -‬إتاه انطلق من التعارض والتناقض الذي انطوى عليو النظاـ ا‪ٟ‬تكومي‪.‬‬

‫إال أف مفهوـ البَتوقراطية عندما ارتبط بقضايا معينة كتمايز الوظائف االجتماعي وترشيد وعقلنو‬

‫الوظائف وتطور و‪٪‬تو االٕتاىات األوليجارشية‪ ،‬وعندما ارتبط أيضا بنظريات السلطة واٗتاذ القرارات ُب‬
‫‪1‬‬
‫التنظيمات وجدت ا‪ٟ‬تاجة إٔب مناقشة معاين أخرى حديثة و‪٥‬تتلفة للبَتوقراطية‪.‬‬

‫وستتعرض الدراسة ُب ىذا ا‪١‬تطلب لل تصورات النظرية اليت صاغها ا‪١‬تفكروف األوائل‪ ،‬باعتبار أف ما قدموه‬

‫يشكل أىم االٕتاىات النظرية الكبلسيكية حوؿ البَتوقراطية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النظريات الماركسية‬

‫كاف "ىيغل" )‪ (Hegel‬من أوائل من حاوؿ ٖتديد وظائف البَتوقراطية ومبادئها دوف أف يستخدـ‬

‫ىذا ا‪١‬تصطلح وذلك ُب كتابو "فلسفة القانوف" )‪ (philosophy of Law‬عاـ ‪1818‬ـ‪ ،‬حيث‬

‫اعترب فيو أف الدولة ٕتسد ا‪١‬تصلحة العامة ووسيلتها ُب ذلك ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي‪ ،‬وأف ىيكل ا‪١‬توظفُت ٯتارس‬

‫دور الوسيط ُب الدولة و٭تقق التجانس بُت ا‪١‬تصلحة العامة وا‪٠‬تاصة والعوائق اليت ٯتكن أف يتعرض ‪٢‬تا‬
‫‪2‬‬
‫ا‪ٞ‬تهاز ىي إمكانية أف يصبح ‪٤‬تافظا ومنغلقا على نفسو‪.‬‬

‫أما "كارؿ ماركس" )‪ )Karl Marx‬فطور فكرتو حوؿ البَتوقراطية من خبلؿ نقده لفلسفة ىيغل‬

‫حوؿ الدولة‪ُ ،‬ب مؤلفو "نقد فلسفة القانوف ‪٢‬تيغل" ‪(critique Hegel’s philosophy of‬‬

‫)‪ Law‬عاـ‪ ،1842‬حيث توصل من خبللو إٔب أف "ىيغل" اكتفى فقط بوصف البَتوقراطية والتفرقة بُت‬

‫‪ 1‬السيد ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.281،282‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Hegel Guillaume Frédéric, Philosophy of right, trad.S.W.Dyde. Canada : Batoche‬‬
‫‪books Kitchener, 2001, pp194-198.‬‬

‫‪44‬‬
‫اجملتمع ا‪١‬تدين والدولة وبُت ا‪١‬تصاّب العامة وا‪٠‬تاصة‪،‬ليؤكد "ماركس" أف البَتوقراطية ال ٘تثل سوى ا‪١‬تصلحة‬

‫ا‪٠‬تاصة والشخصية لؤلفراد‪ ،‬وأف دورىا ىو تدعيم االنقساـ الطبقي ُب اجملتمع الرأ‪ٝ‬تإب مع البحث عن كل‬

‫الوسائل للحفاظ على مصا‪ٟ‬تها ا‪٠‬تاصة‪ ،‬فأىداؼ الدولة تتحوؿ إٔب أىداؼ للبَتوقراطية وأىداؼ‬
‫‪1‬‬
‫البَتوقراطية إٔب أىداؼ للدولة‪.‬‬

‫كما اعترب ىو وأتباعو أف البَتوقراطية مرتبطة ٔتجتمع الطبقات وىي ال تشكل طبقة وإ‪٪‬تا تستمد‬

‫استمرارىا من انقساـ اجملتمع إٔب طبقات ووظيفتها مراقبة ىذا االنقساـ واحملافظة عليو وخدمة الطبقة‬

‫ا‪ٟ‬تاكمة‪ ،‬كما أف مصَتىا مرتبط ٔتصَت الطبقة الربجوازية اليت يعٍت زوا‪٢‬تا زواؿ البَتوقراطية‪ 2،‬وربط "ماركس"‬

‫البَتوقراطية بفكرة "االغًتاب" معتربا أف البَتوقراطية كتنظيم ٖتطم كفاءة الفرد وتدعم االنقساـ الطبقي‬
‫‪3‬‬
‫وا‪ٟ‬تل لزوا‪٢‬تا ىو قياـ الثورة واجملتمع البلطبقي‪.‬‬

‫أما "لينُت" )‪ (Lenine‬الذي كاف يوافق ماركس على أفكاره إٔب حد كبَت فكانت لكتاباتو أ‪٫‬تية كبَتة‬

‫فاعترب البَتوقراطية "مبدأ تنظيميا" واعترب الصراع ضدىا من مهاـ الثورة‪ ،‬ويتحقق ذلك بصورة آلية حينما‬

‫يصل اجملتمع إٔب مرحلة النمو االقتصادي‪ ،‬وفسر عدـ اهنيار ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب االٖتاد السوفييت بعد‬
‫‪4‬‬
‫ثورة ‪ 1917‬بكوف اجملتمع ال يزاؿ ٭تمل آثار النظاـ الرأ‪ٝ‬تإب اليت البد من القضاء عليها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Karl Marx, Critique of Hegel philosophy of right, trad.Joseph Omalley. New York :‬‬
‫‪Oxford university presse, 1970, pp 287-297..‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Claude Lefort, Elément d’une critique de la bureaucratie. Suisse : Gallimard, 1979,‬‬
‫‪p 272.‬‬
‫‪3‬‬
‫االغًتاب يشَت إٔب كافة الظروؼ والعمليات اليت ٕتعل البشر يبتعدوف عن حياة البساطة االولية‪ْ ،‬تيث ينفصل اإلنساف عن بيئتو الطبيعية‪،‬‬
‫بعد أف استحدث أنظمة فصلتو عنها‪ ،‬وىي الطرؽ والوسائل اليت يستخدمها ُب حياتو ا‪ٟ‬تضارية‪ ،‬إضافة إٔب تقسيم العمل‪ .‬انظر‪ :‬رٯتاف بودرف‪،‬‬
‫فرنسوا بور يكو‪ ،‬المعجم النقدي لعلم االجتماع‪ ،‬تر‪ .‬سليم حداد‪ ،‬ط‪ .1.‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪ ،1986 ،‬ص‪.29‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Lénine, L’état et la révolution, la doctrine de l’état et les taches des prolétariats‬‬
‫‪dans la révolution. Pékin : édition en langues étrangères, ed.1, 1970, pp113-114‬‬

‫‪45‬‬
‫وكاف"ليوف تروتسكي" )‪ (Leone Trotski‬من أبرز من انتقدوا ‪٪‬تو البَتوقراطية ُب االٖتاد‬

‫السوفيت‪ ،‬والحظ أهنا تتبٌت تقاليد الربجوازية دوف وجود برجوازية وطنية‪ ،‬ؤتا أهنا ال ٘تتلك وسائل اإلنتاج‬

‫فهي أشبو ما تكوف ّتماعة اجتماعية متطفلة على اجملتمع االشًتاكي وقياـ دولة اشًتاكية ُب كل العآب ىو‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٟ‬تل للقضاء عليها‪.‬‬

‫ونفس الفكرة ذىب إليها "ريزي" )‪ (Rizzi‬و"شا٘تاف" )‪ (Shatman‬و"جيبلس" )‪(Djilas‬‬

‫حيث أكد "ريزي" على وجود طبقة جديدة مالكة لفائض القيمة الذي ٭تققو العماؿ وأطلق عليها‬
‫‪2‬‬
‫(ا‪ٞ‬تماعة البَتوقراطية)‪.‬‬

‫لقد تعرضت النظريات ا‪١‬تاركسية لعدة انتقادات حيث رأى بعض من معاصري ماركس الذين أنو قد‬

‫أ‪٫‬تل احتماال ‪٦‬تكن ا‪ٟ‬تدوث وىو أف تتحكم قلة من العماؿ ُب بقية ا‪ٞ‬تماىَت ُب ظل دولة مركزية قوية‪،‬‬

‫كما انتقد على وضعو مشكلة البَتوقراطية ُب إطار نظريتو عن صراع الطبقات ونظرتو إٔب التنظيمات‬

‫البَتوقراطية بوصفها شكبل من أشكاؿ االغًتاب‪ ،‬إضافة إٔب رفضو االعًتاؼ بأهنا تشكل الطبقة ا‪ٟ‬تاكمة‬
‫‪3‬‬
‫حينما تتوفر كل عناصر القوة للدولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظريات النخبة‪.‬‬

‫إف إسهامات ىؤالء ا‪١‬تفكرين كانت ذات أ‪٫‬تية بالغة‪ ،‬إال أف مفهوـ البَتوقراطية قد تطور أكثر مع‬

‫"جيتانو موسكا"‪" ،‬روبرتو ميشلز" و"ماكس ويرب"‪ ،‬حيث شكلت البَتوقراطية بالنسبة ‪٢‬تم مركز اىتماـ علم‬

‫االجتماع واجملتمع ا‪ٟ‬تديث وارتبطت معهم دراسة البَتوقراطية وا‪١‬تسار البَتوقراطي ٔتشكلة السلطة ومراقبتها‬

‫وشرعيتها ومن جهة أخرى ارتبطت بتحليل مصطلحات الفعالية‪ ،‬التخصص‪ ،‬والًتشيد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ليوف ترو تسكي‪ ،‬الثورة المغدورة‪ .‬نقد التجربة الستالينية‪ ،‬تر‪.‬رفيق سليم‪ ،‬ط‪ .2.‬بَتوت‪ :‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،1980 ،‬ص‬
‫ص‪.37-36‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Bruno Rizzi, , Op.Cit , p36‬‬
‫‪ 3‬السيد ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.273 ،272‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ .2‬تصورات "جيتانو موسكا" )‪:(Gaetano Mosca‬‬

‫يعد موسكا من علماء القرف ‪19‬ـ الذين سا‪٫‬توا ُب ٖتديد معٌت البَتوقراطية‪ ،‬وتوصل إٔب تصنيف نظم‬

‫ا‪ٟ‬تكم على أساس واقع العمليات السياسية‪ ،‬وعلى أساس ذلك ميز بُت شكلُت من أشكاؿ ا‪ٟ‬تكم‪٫ ،‬تا‪:‬‬

‫‪ -‬النظاـ اإلقطاعي الذي تكوف فيو الطبقة ا‪ٟ‬تاكمة بسيطة ُب تركيبتها و٘تارس السلطة مباشرة‪.‬‬

‫‪ -‬النظاـ البَتوقراطي الذي يتميز بالتخصص وبذلك تصبح ا‪١‬تهاـ منفصلة‪.‬‬

‫وتوصل إٔب أف الطبقة األساسية ا‪ٟ‬تاكمة ُب الدولة ا‪ٟ‬تديثة ىي البَتوقراطية‪ ،‬واختار لذلك مصطلح‬

‫البَتوقراطية ا‪١‬تطلقة‪ ،‬وأشار إٔب فكرتُت مهمتُت تتعلقُت بالبَتوقراطية ‪٫‬تا‪:‬‬

‫‪ -‬حكم األقلية يتعارض باألساس مع أي نظرية للدٯتقراطية‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬توظفوف العموميوف ال يشكلوف فقط جزءا من الطبقة ا‪ٟ‬تاكمة لكنهم ٯتثلوف أبرز ‪ٝ‬تة ٘تيز الدولة‬

‫ا‪ٟ‬تديثة‪ 1.‬ورأى أنو حينما ٖتتكر البَتوقراطية الثروة والقوة العسكرية فذلك يشَت إٔب وجود طغياف بَتوقراطي‬

‫قائم على وجود أوليغارشية قوية‪ ،‬إضافة لذلك حدد موسكا بعض خصائص الدولة البَتوقراطية وا‪١‬تتمثلة‬

‫ُب‪ :‬التخصص‪ ،‬ا‪١‬تركزية‪ ،‬تقسيم العمل‪ ،‬ووجود موظفُت يؤدوف ا‪٠‬تدمات العامة‪ ،‬وبذلك اعترب فئة ا‪١‬توظفُت‬
‫‪2‬‬
‫‪٩‬تبة وىي ‪ٝ‬تة ٘تيز الدولة ا‪ٟ‬تديثة‪.‬‬

‫‪ .2‬تصورات "ميشلز" )‪:)Michels‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Fred Riggs , Op. Cit, p609.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Giovanni Busino, , Op.Cit, pp34,35.‬‬

‫‪47‬‬
‫ذىب "ميشلز ُب نفس ‪٪‬تط ٖتليل "موسكا"ونظر إٔب البَتوقراطية كضرورة ُب الدولة ا‪ٟ‬تديثة‪ 1،‬وىو من‬

‫خبلؿ كتابو "األحزاب السياسية" )‪ )Political parties‬عاـ ‪ 1911‬ركز ٖتليلو حوؿ العمليات‬

‫السياسية داخل التنظيمات الكربى‪ ،‬وعرؼ البَتوقراطية بأهنا ‪٣‬تموعة ا‪١‬توظفُت والعماؿ الذين يتقاضوف أجرا‬

‫لقاء عملهم وٮتضعوف لسيطرة رؤسائهم وقادهتم‪ ،‬واعترب األوليغارشية ىي ا‪١‬تصَت احملتوـ الذي ستنتهي إليو‬

‫البَتوقراطية"‪ 2،‬كما اعتربىا وسيلة أو أداة تقنية لتحقيق أىداؼ معينة وتقدًن ا‪٠‬تدمات‪ ،‬وكلما زاد ‪٪‬تو‬
‫‪3‬‬
‫البقرطة واحتكار السلطة كلما ا‪٨‬ترفت عن األىداؼ الرئيسية واألىداؼ السياسية‪.‬‬

‫ورأى "ميشلز" أف النمو االقتصادي عامل رئيسي ُب التغيَت االجتماعي لكن ىناؾ قوى أخرى ٕتعل من‬

‫ٖتقيق الدٯتقراطية واالشًتاكية أمرا بالغ الصعوبة‪ ،‬وىذه القوى ىي‪:‬‬

‫‪ -‬طبيعة الكائن اإلنساين‪.‬‬

‫‪ -‬طبيعة الصراع السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬طبيعة التنظيم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وأؤب نتائج ىذه القوى ىي أف الدٯتقراطية ٖتمل بُت جوانبها األوليغارشية‪.‬‬

‫وُب كتابو السالف الذكر رأى أف تقسيم العمل يؤدي إٔب ظهور ىياكل جديدة ُب ا‪١‬تنظمة‪ ،‬وىذه‬

‫ا‪٢‬تياكل تولد معها أىدافا ومصاّب خاصة وٯتثل ذلك بداية األوليغارشية‪ ،‬فمن خبل‪٢‬تا تبدأ ا‪١‬تنظمة‬

‫باال‪٨‬تراؼ عن أىدافها األولية وتصبح ا‪١‬تصاّب ا‪٠‬تاصة ىي الغاية إٔب درجة تنفصل فيها ا‪١‬تنظمة عن مصاّب‬

‫‪1‬‬
‫‪Robert Michels, Political parties: sociological stady of the oligarchical tendencies of‬‬
‫‪modern democracy, trad. Eden and Cedar Paul.Canada: Batoche books Kitchener,‬‬
‫‪2001, p114.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p27.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, p.244.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Robert Michels, Op.Cit, p06‬‬

‫‪48‬‬
‫الطبقة اليت ٘تثلها‪ 1،‬كما أكد ُب ىذا الكتاب الذي خصصو لدراسة األحزاب االشًتاكية والنقابات العمالية‬

‫با‪٠‬تصوص ُب أ‪١‬تانيا على أف كل ا‪١‬تنظمات ‪٤‬تكومة ب «القانوف ا‪ٟ‬تدي للؤلوليغارشية" ‪Iran Law of‬‬

‫‪ oligarchy‬الذي ينزع إٔب إعطائها بنية أوليغارشية حىت ولو كانت دٯتقراطية‪ 2،‬ويتلخص ىذا القانوف‬

‫ُب أف القادة ٯتيلوف ُب ‪٥‬تتلف ا‪١‬تستويات إٔب االستمرار ُب السلطة أو تعيُت خلفهم بنوع من االختيار أو‬
‫‪3‬‬
‫االنتخابات و ٯتيلوف إٔب تشكيل دائرة داخلية مغلقة وتأمُت دٯتومتهم بطرؽ استبدادية‪.‬‬

‫كما أف "ميشلز" توصل إٔب أف كل التنظيمات البَتوقراطية كبَتة ا‪ٟ‬تجم تشهد ‪٪‬توا كبَتا ُب جهازىا‬

‫اإلداري‪٪ ،‬تو يستبعد ٖتقيق الدٯتقراطية ا‪ٟ‬تقيقية بسبب‪:‬‬

‫‪ -‬أف الدٯتقراطية ا‪ٟ‬تقيقية تعٍت ا‪١‬تشاركة الفعلية من جانب أعضاء التنظيم ُب العملية السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬تعقد ا‪١‬تشكبلت التنظيمية وحاجتها إٔب خربة فنية متخصصة‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تصائص البنائية تدعم مراكز القوة وا‪٨‬تصارىا بُت ‪٣‬تموعة قليلة من القادة‪ ،‬مم ‪٬‬تعل األوضاع اليت‬
‫‪4‬‬
‫يشغلوهنا تعمل على إ‪٬‬تاد نظاـ سياسي داخلي يقوـ على حكم األقلية‪.‬‬

‫ويرى "ميشلز" أف البَتوقراطية تفرض وجود معرفة متخصصة وتدريب فٍت‪ ،‬وىذه ا‪٠‬تصائص يكتسبها‬

‫القادة من خبلؿ ‪٦‬تارستهم لوظائفهم وتشجيعهم لتحقيق مصا‪ٟ‬تهم وأىدافهم وذلك ما ‪٬‬تعلهم ٭تافظوف‬
‫‪5‬‬
‫على أوضاعهم‪ ،‬أي أف البَتوقراطية وسيلة سيطرة سياسية وأداة تستخدمها القلة ا‪ٟ‬تاكمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, p233.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p 26.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, p 224.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Robert Michels, Op.Cit, p 21.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Ibid, pp 27-28.‬‬

‫‪49‬‬
‫من خبلؿ ىذا التصور يقًتب "ميشلز" من تصور "ريزي"‪ ،‬الذي اعترب أف البَتوقراطية ىي الطبقة‬

‫ا‪١‬تسيطرة وا‪١‬تتحكمة ُب مصَت اجملتمع سواء ُب الدوؿ الرأ‪ٝ‬تالية أـ ُب التحاد السوفييت‪ ،‬والفرؽ ىو أف‬
‫‪1‬‬
‫ا الستيبلء على ا‪١‬توارد يتم بصفة فردية ُب الدوؿ الرأ‪ٝ‬تالية وبصفة ‪ٚ‬تاعية ُب االٖتاد السوفييت‪.‬‬

‫إف "ميشلز" انطلق ُب دراستو من األحزاب السياسية لكنو توصل إٔب نتائج ال تقتصر فقط عليها بل‬

‫اعتربىا ‪ٝ‬تة عامة‪ ،‬فالتنظيم البَتوقراطي يتحوؿ إٔب وسيلة ُب يد القادة السياسيُت لتنمية سلطتهم واالدعاء‬
‫‪2‬‬
‫باٗتاذ القرارات العتبارات ا‪١‬تصلحة العامة‪.‬‬

‫لكن"موريس دوفرجيو" )‪ (Maurice Duverger‬انتقده واعترب أف النزعة األوليغارشية ال تظهر‬

‫بالقوة نفسها ُب كل مكاف وأف ا‪١‬تنظمات الدٯتقراطية تصمد أمامها عكس ا‪١‬تنظمات غَت الدٯتقراطية اليت‬

‫يرى أف "ميشلز" قد أ‪٫‬تلها وأ‪٫‬تل طبيعة األغراض اليت يسعى إليها على التوإب القادة وأعضاء ا‪١‬تنظمة‪،‬‬

‫ويعتقد "دوفرجيو" أنو ٯتكن التمييز بُت نوعُت من التنظيم‪ ،‬و‪٫‬تا‪:‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تنظمات اليت يسعى ‪ٚ‬تيع أعضائها إٔب نفس األغراض األساسية كاألحزاب‪ ،‬النقابات‪ ،‬و‪٣‬تموعات‬

‫الضغط‪.‬‬

‫‪ -‬منظمات تتميز بالتباعد ا‪ٞ‬تذري بُت أغراض القادة ومساعديهم وبُت أغراض األعضاء العاديُت وذلك‬

‫ما ينمي ا‪٠‬تصومة بينهم‪ ،‬ويرى أف النوع الثاين ىو الذي يتجو أكثر ُب االٕتاه نفسو للقانوف ا‪ٟ‬تديدي‬
‫‪3‬‬
‫لؤلوليغارشية‪.‬‬

‫رغم ىذه االنتقادات إال أف دراسة "ميشلز" تعد بداية لدراسة الدٯتقراطية ا‪٠‬تارجية ُب مقابل مشكلة‬

‫الدٯتقراطية الداخلية اليت ركز ىو عليها‪ ،‬كما أف العديد من ا‪١‬تفكرين اعتمدوا على أفكاره لدراسة أثر‬

‫‪1‬‬
‫‪Bruno Rizzi, Op.Cit, p 14.‬‬
‫‪ 2‬إبراىيم أبراش‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ .‬عماف‪ :‬دار الشروؽ‪ ،1998 ،‬ص‪.190‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Maurice Duverger, Sociologie politique .Paris : Presse universitaire de France, Ed.1,‬‬
‫‪1966, pp58،59.‬‬

‫‪51‬‬
‫التنظيمات البَتوقراطية ُب النسق السياسي الدٯتقراطي ككل خاصة مع إتاه اجملتمعات ا‪ٟ‬تديثة ‪٨‬تو‬

‫البَتوقراطية ُب اجملالُت السياسي واالقتصادي‪ ،‬إضافة إٔب تأكيد ميشلز على حرية البحث والنقد كعوامل‬
‫‪1‬‬
‫أساسية تدعم الدٯتقراطية واليت ٯتكن غرسها ُب نفوس ا‪ٞ‬تماىَت‪.‬‬

‫‪ .3‬تصورات "ماكس ويبر")‪:)Max Weber‬‬

‫يعترب "ماكس ويرب" مؤسس نظرية البَتوقراطية ويدين لو مفهوـ البَتوقراطية بالكثَت ألنو تناولو ُب ضوء‬

‫مفاىيم أخرى منها السلطة والشرعية‪.‬‬

‫لقد كانت إسهامات "ويرب" النظرية حوؿ البَتوقراطية ذات أ‪٫‬تية بالغة وكانت من أىم ما أنتج حوؿ ىذا‬

‫ا‪١‬تفهوـ ضمن التصورات الكبلسيكية لو‪ ،‬وقد انطلق من أفكار "ماركس" و"ىيغل" وحاوؿ وضع ‪٪‬توذج‬

‫يشمل خصائص يصلح أف ٘تيز كل من بَتوقراطية الدولة وبَتوقراطية ا‪١‬تؤسسة ألنو رأى ُب البَتوقراطية‬
‫‪2‬‬
‫‪٪‬توذجا بسيطا للتنظيم االجتماعي‪٪ ،‬توذج عقبلين يتميز بالفعالية‪.‬‬

‫لقد أثرت ُب فكر ماكس فيرب ثبلثة عوامل رئيسية‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ -‬تضخم ا‪١‬تؤسسات الصناعية بعهده ُب أ‪١‬تانيا‪.‬‬

‫‪ -‬البَتوقراطية العسكرية ٔتا تتميز بو من التنظيم واالنضباط ( كونو كاف ضابطا با‪ٞ‬تيش األ‪١‬تاين)‪.‬‬

‫‪ -‬كعآب اجتماع اىتم بدراسة اجملتمعات واألفراد‪ ،‬خربتو جعلتو يدرؾ عوامل الضعف ُب البشر والقواعد‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫والتنظيم احملكم الذي وضعو ىو كمربر ‪٢‬تذا الضعف‪.‬‬

‫لقد ركز "ويرب" دراستو حوؿ أسس التنظيم البَتوقراطي ا‪ٟ‬تكومي وحاوؿ معرفة األسس اليت تقوـ عليها‬

‫اإلدارة الرشيدة‪ ،‬كما ركز ٖتليلو على تصوره لطبيعة "عبلقات القوة" ُب اجملتمع ليتوصل إٔب أف السلطة‬

‫‪٤ 1‬تمد علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.81 ،80.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Sami Dassa, Op.Cit, p56.‬‬
‫‪ 3‬عبد الكرًن درويش‪ ،‬ليلى تكبل‪ ،‬اإلدارة العامة‪ .‬القاىرة‪ :‬مكتبة اال‪٧‬تلو مصرية‪ ،1974 ،‬ص‪.201‬‬

‫‪51‬‬
‫تعتمد على ‪٣‬تموعة من ا‪١‬تعتقدات اليت ٕتعل ‪٦‬تارسة القوة شرعية ُب نظر كل من ا‪ٟ‬تكاـ واألفراد ومن ٍب‬

‫تصبح مسؤولة عن االستقرار النسيب ألنساؽ السلطة ا‪١‬تختلفة‪ 1،‬وحاوؿ أف يصنف ‪٪‬تاذج السلطة وفقا‬

‫‪١‬تعيارين‪:‬‬

‫‪ -‬االعتقاد ُب شرعية السلطة‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬وجود ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ا‪١‬تبلئم‪.‬‬

‫وانطبلقا من ىذين ا‪١‬تعيارين ميز بُت ثبلثة ‪٪‬تاذج مثالية للسلطة تعتمد على تصورات ‪٥‬تتلفة للشرعية‬
‫‪3‬‬
‫وتنظيمات إدارية متباينة تصاحبها‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫أ‪ .‬النموذج األول‪ :‬السلطة الملهمة‪.‬‬

‫ىي اليت تقوـ على الوالء ا‪١‬تطلق لقدسية معينة‪ ،‬ويتألف ا‪ٞ‬تهاز اإلداري السائد فيها غالبا من عدد قليل‬

‫من األشخاص ا‪١‬تقربُت للقائد الذي قد يكوف بطبل أو نبيا أو غَت ذلك‪.‬‬

‫ب‪ .‬النموذج الثاني‪ :‬السلطة التقليدية‪.‬‬

‫تستمد شرعيتها من االعتقاد ُب مبلغ قوة العادات والتقاليد واألعراؼ السائدة وشرعية ا‪١‬تكانة اليت ٭تتلها‬

‫أولئك الذين يشغلوف األوضاع االجتماعية ا‪١‬تمثلة للسلطة التقليدية‪ ،‬ويتخذ ا‪ٞ‬تهاز اإلداري الذي يتؤب‬

‫مهمة ‪٦‬تارسة ىذه السلطة شكلُت‪ :‬أحد‪٫‬تا وراثي واآلخر إقطاعي‪.‬‬

‫ت‪ .‬النموذج الثالث‪ :‬السلطة القانونية‪.‬‬

‫ىي اليت تقوـ على أساس عقلي رشيد مصدره االعتقاد ُب قواعد ومعايَت موضوعية وتفوؽ للمعايَت‬

‫القانونية‪ ،‬ويرى "ويرب" أف ىذا النمط العقلي القانوين ىو السائد بصفة عامة ُب اجملتمع الغريب ا‪ٟ‬تديث‬

‫‪1‬‬
‫‪Reinhard Bendix, Max Weber : an intellectuel portrait. London : Methuen‬‬
‫‪co.ltd.1959,pp 292-294.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p.294.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Max Weber, Economie et société, Tom.1.Paris: Librairie Plon, 1971, p222.‬‬

‫‪52‬‬
‫ويطلق على ا‪ٞ‬تهاز اإلداري الذي تعتمد عليو السلطة القانونية مصطلح البَتوقراطية‪ ،‬وىذا ا‪ٞ‬تهاز يفصل‬

‫٘تاما بُت اإلدارة وا‪١‬تلكية فا‪١‬تكانة تستند بصفة مطلقة إٔب معايَت ر‪ٝ‬تية‪.‬‬

‫كما أف ىذه النماذج التارٮتية حسب "ويرب" ال ٯتكن أف تتحقق ُب الواقع ألف السلطة غالبا ما تضم‬

‫عناصر ‪٥‬تتلطة من ىذه النماذج الثبلثة‪.‬‬

‫إف ا‪ٞ‬تهاز اإلداري الذي ٯتيز النموذج الثالث والذي أطلق عليو مصطلح البَتوقراطية قد حدد لو "ويرب"‬
‫‪1‬‬
‫‪٣‬تموعة من ا‪٠‬تصائص والعناصر‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ٖ -‬تديد كل وظيفة ٔتجموعة من القوانُت والقواعد تبُت ‪٣‬تاالت التخصص وتقسيم العمل‪.‬‬

‫‪ -‬التوزيع الر‪ٝ‬تي للواجبات‪.‬‬

‫‪ -‬توفَت نظاـ يضمن تنفيذ الواجبات و‪٦‬تارسة ا‪ٟ‬تقوؽ‪ ،‬مع ٖتديد واضح للجزاءات ا‪١‬تبلئمة لكل مستوى‪.‬‬

‫‪ -‬وجود تسلسل ر‪ٝ‬تي للمستويات اإلدارية‪ ،‬مع الربط بدرجات متفاوتة للسلطة با‪١‬تستويات ا‪١‬تذكورة‪.‬‬

‫‪ -‬توظيف ا‪١‬توظفُت القادرين وا‪١‬تؤىلُت لكل وظيفة‪.‬‬

‫‪ -‬وضع نظاـ ٭تدد العبلقة بُت الرؤساء وا‪١‬ترؤوسُت‪ ،‬ونظاـ يوفر إمكانية رفع الشكاوى من مستوى إٔب‬

‫آخر‪.‬‬

‫‪ -‬بناء إدارة التنظيم على قواعد مكتوبة وموثقة‪٬ ،‬تري حفظها ُب ملفات للرجوع إليها عند اللزوـ‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل بُت األعماؿ الر‪ٝ‬تية للموظف وبُت نشاطاتو ا‪٠‬تاصة الفردية وا‪ٟ‬تد من العبلقات الشخصية بُت‬

‫األفراد العاملُت ُب التنظيم وغلبة العبلقات الر‪ٝ‬تية البعيدة عن العاطفة والتحيز وعدـ ا‪١‬توضوعية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Max Weber, Op. Cit, p226.‬‬

‫‪53‬‬
‫أي أف البَتوقراطية اليت يقصدىا "ويرب" ىي ذلك ا‪ٞ‬تهاز اإلداري القائم ُب التنظيمات ا‪١‬تتميزة بوجود‬

‫قواعد ‪٤‬تددة‪ ،‬موضوعية‪ ،‬تسلسل رئاسي‪ ،‬ورشادة‪ ،‬وىي ظاىرة اجتماعية شكلت نقطة هناية لتطور ا‪١‬تنظمة‬

‫االجتماعية من النمط التقليدي إٔب ‪٪‬تط أكثر عقبلنية‪.‬‬

‫لقد درس "ويرب" ظاىرة البَتوقراطية من منظور واسع وأثار قضايا كربى كالدٯتقراطية والرأ‪ٝ‬تالية وا‪ٟ‬ترية‪،‬‬

‫فالنسبة للحرية الشخصية لؤلفراد ذىب إٔب أف ظهور البَتوقراطية ا‪ٟ‬تديثة عمل على ظهور أ‪٪‬تاط جديدة‬
‫‪1‬‬
‫للشخصية وأدوار ر‪ٝ‬تية جديدة كا‪٠‬تبَت الفٍت وا‪١‬توظف اإلداري الذي ‪٬‬تد السياسي نفسو ُب مواجهتهما‪،‬‬

‫كما أكد على عبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية واعترب أف وجود البَتوقراطية أمر ضروري إلقامة ‪٣‬تتمع‬

‫دٯتقراطي من خبلؿ استعماؿ ا‪١‬تستويات وا‪١‬تقاييس البَتوقراطية ُب االختيار والًتقية وا‪١‬تعاملة وتطبيقها على‬

‫اجملتمع ككل‪ 2،‬أما عن عبلقتها بالرأ‪ٝ‬تالية فأوضح أف الرأ‪ٝ‬تالية قد سا‪٫‬تت ُب تطوير البَتوقراطية وىذه‬

‫الفكرة ىي من أىم األفكار اليت ًب انتقادىا باعتبار الرأ‪ٝ‬تالية كنظاـ اقتصادي ارتبطت ارتباطا وثيقا‬
‫‪3‬‬
‫بالدٯتقراطية لكن الدٯتقراطية تضاربت مع النمو البَتوقراطي‪.‬‬

‫إف من أبرز من وجو االنتقادات ألفكار "ويرب" ىو"كارؿ فريديريك" )‪ُ (Car Frederick‬ب مقاؿ‬
‫‪4‬‬
‫لو بعنواف" بعض ا‪١‬تبلحظات حوؿ ٖتليل فيرب للبَتوقراطية"‪ ،‬وتتلخص ىذه االنتقادات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ٖ -‬تليلو للتحوؿ العا‪١‬تي ‪٨‬تو العقبلنية فكرة قدٯتة ىجرىا علم االجتماع بعد التقدـ الذي حققو‪.‬‬

‫‪ -‬اصطبلح النموذج ا‪١‬تثإب أثار ا‪ٞ‬تدؿ‪ ،‬فهو صاغو دوف أف ٭تاوؿ اشتقاؽ مفاىيم أكثر عمومية‪ ،‬ومن‬

‫بيانات واقعية كفروض ٯتكن التحقق منها‪.‬‬

‫‪ 1‬توـ بوتومور‪ ،‬الصفوة والمجتمع‪ :‬دراسة في علم االجتماع السياسي‪ ،‬ط‪ ،2 .‬تر‪٤ .‬تمد ا‪ٞ‬توىري وآخروف‪ .‬القاىرة‪ :‬دار ا‪١‬تعارؼ‪،‬‬
‫‪ ،)1978‬ص ص‪.97 ،96.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Seymour Martin Lipset, L’homme et la politique. Paris : Seuil édition, 1960, p41.‬‬
‫‪ 3‬السيد ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.254‬‬
‫‪٤ 4‬تمد علي‪ ،‬البيروقراطية الحديثة‪ ،‬ص‪.120 ،118.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -‬إف "ويرب" أكد على ضرورة قياـ علم اجتماع متحرر من األحكاـ القيمية إال أف ٖتليلو ال ٮتلو من ىذه‬

‫األحكاـ ويظهر ذلك ُب استخدامو عبارات مثل الشرعية والسلطة القانونية‪ ،‬فهو اعتقد أهنا مفاىيم‬

‫واضحة بينما تشَت ُب الواقع إٔب حاالت متغَتة‪ ،‬كما أف النموذج ا‪١‬تثإب ال ٯتكن أف يكوف بديبل للنظرية ُب‬

‫العلوـ االجتماعية ومن األفضل إقامة ‪٪‬تاذج واقعية عن طريق البحوث ٍب التدرج بعد ذلك إٔب مستويات‬

‫أعلى‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تلط الشديد ُب ا‪١‬تفاىيم‪ ،‬فهو يستخدـ كلميت بَتوقراطية وبَتوقراطي لئلشارة إٔب البناء الطبيعي الذي‬
‫‪1‬‬
‫ٯتيز اإلدارة ا‪ٟ‬تديثة وىذا يتعارض مع االستخداـ الشائع ‪٢‬تاتُت الكلمتُت‪.‬‬

‫‪ -‬ومن أقوى من انتقده أيضا "مَتتوف" )‪ُ (Merton‬ب مقالو" البناء البَتوقراطي والشخصية" الذي رأى‬

‫أف البناء الذي يعترب رشيدا ُب نظر "ويرب" قد يؤدي إٔب ظهور نتائج غَت متوقعة ومعوقة وظيفيا نتيجة‬
‫‪2‬‬
‫التأكيد على الدقة وثبات السلوؾ ُب التنظيم البَتوقراطي‪.‬‬

‫رغم االنتقادات اليت قدمت "لويرب" إال أف النموذج ا‪١‬تثإب واألفكار اليت طرحها حوؿ البَتوقراطية تعد‬

‫ذات أ‪٫‬تية بالغة‪ ،‬فقد تأكدت نظرياتو بشكل واسع عرب تطور اجملتمعات الصناعية ُب السنوات ا‪٠‬تمسُت‬

‫اليت تلت ظهورىا واستعملت ُب إتاىات ‪٥‬تتلفة فطور ا‪١‬تاركسيوف بعد "لينُت" والتجربة السوفيتية حزبا‬

‫سياسيا ومنظمة ‪ٚ‬تاىَتية من ‪٪‬تط جديد‪ ،‬كما حاوؿ "برهناـ" )‪ ( Burnham‬إثبات أف منظمات‬

‫الدوؿ الشيوعية والرأ‪ٝ‬تالية على السواء ٘تيل إٔب البَتوقراطية كنمط إٔب أف تتشابو أكثر فأكثر‪.‬‬

‫‪ 1‬السيد ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.260‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Robert K. Merton, Social Theory and Social Structure. Glencoe: Free Press, 1957,‬‬
‫‪pp 295-297.‬‬

‫‪55‬‬
‫وكانت أفكاره وتصوراتو نقطة انطبلؽ لدى معظم دارسي التنظيمات وأداة منهجية تستخدـ ُب ا‪ٟ‬تصوؿ‬

‫على ا‪١‬تعلومات‪ ،‬وبسبب النقد الذي قدـ لو أصبح إتاىا متميزا ُب دراسات التنظيم واستفادت منو‬
‫‪1‬‬
‫البحوث ا‪ٟ‬تديثة بطرؽ ‪٥‬تتلفة‪.‬‬

‫لقد مثلت االٕتاىات الكبلسيكية ُب البَتوقراطية تصورات فكرية ىامة حوؿ ىذا ا‪١‬تفهوـ وحاوؿ كل‬

‫إتاه أف يعا‪ٞ‬تو حسب الظروؼ اليت عايشها وما صاحب ذلك من زيادة ا‪١‬تنظمات كبَتة ا‪ٟ‬تجم ُب‬

‫اجملتمعات ا‪ٟ‬تديثة‪ ،‬فا‪١‬تاركسيوف اعتربوا البَتوقراطية جهازا تستخدمو الطبقة الرأ‪ٝ‬تالية لتحقيق مصا‪ٟ‬تها‬

‫ا‪٠‬تاصة والتأكيد عليها وىم يعتقدوف بزوا‪٢‬تا بزواؿ ىذه األخَتة‪ ،‬أما "ميشلز" و"موسكا" فقد تناوال‬

‫البَتوقراطية ُب إطار دراستهما ‪١‬تفهوـ النخبة واعترباىا وسيلة ُب يد النخبة ا‪ٟ‬تاكمة لتحقيق ا‪١‬تصاّب العامة‬

‫لكنها ٗتفي وراءىا التسلط مع تأكيد ميشلز على كوف البَتوقراطية تبقى دائما بناءا أوليجارشيا‪ ،‬وأخَتا‬

‫ٖتليل "ماكس ويرب" الذي عرؼ انتشارا كبَتا وأصبح ‪٪‬توذجو ُب البَتوقراطية أساس دراسة التنظيمات على‬

‫أساس أف البَتوقراطية ‪٪‬توذج عقلي رشيد للتنظيم ينطبق على األجهزة اإلدارية ا‪١‬تختلفة داخل نطاؽ‬

‫ا‪ٟ‬تكومات وخارجها‪ ،‬وربط ذلك بالًتشيد ألنو رأى ُب البَتوقراطية جهازا ٭تقق أكرب قدر من الكفاءة‪.‬‬

‫أىم ما ٯتكن أف نستخلصو من خبلؿ ما عرضناه من ا‪١‬تفاىيم والتصورات النظرية الكبلسيكية ىو أف‬

‫ا‪١‬تفكرين ٓب يتمكنوا من ٖتقيق إ‪ٚ‬تاع حوؿ مفهوـ البَتوقراطية وكل واحد منهم درسها حسب السياقات‬

‫الفكرية والتارٮتية اليت ترعرع فيها‪ ،‬ومع ارتباط البَتوقراطية بظواىر اجتماعية وسياسية جديدة وبقضايا‬

‫كممارسة السلطة و‪٪‬تو عمل ا‪١‬تنظمات وتطور اجملتمعات ا‪ٟ‬تديثة بدى أمر ا‪ٟ‬تصوؿ على إ‪ٚ‬تاع حوؿ ىذا‬

‫ا‪١‬تفهوـ أكثر صعوبة‪ ،‬وىذا ما ستبينو الدراسة من خبلؿ التطرؽ للمفاىيم والتصورات النظرية ا‪ٟ‬تديثة‬

‫للبَتوقراطية‪.‬‬

‫‪٤ 1‬تمد علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181‬‬

‫‪56‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬االتجاىات النظرية الحديثة في البيروقراطية‪.‬‬

‫إف سوء فهم كتابات "ويرب" أدى إٔب نقص ُب البحث باعتباره قدـ وصفا للبَتوقراطيات بدؿ أف يقدـ‬

‫خطة ذىنية ‪٣‬تردة‪ 1،‬لكن بعد ا‪ٟ‬ترب العا‪١‬تية الثانية بدأت الدراسات بالتعمق ُب تناوؿ ىذا ا‪١‬تصطلح بقيادة‬

‫رواد علم االجتماع ُب مشاؿ أمريكا ُب ا‪٠‬تمسينيات والستينيات وبالضبط ا‪١‬تدرسة الوظيفية البنيوية‪.‬‬

‫انطلق رواد ىذه ا‪١‬تدرسة من نفس السياؽ الفكري ؿ"ماكس ويرب" معتربين البَتوقراطية الشكل األساسي‬

‫والضروري للسلطة الشرعية ُب اجملتمعات ا‪ٟ‬تديثة ‪١‬تا تقوـ عليو من ا‪٠‬تصائص اليت حددىا "ويرب"‪ ،‬وٯتكن‬

‫تلخيص ىذه االٕتاىات ُب ثبلثة ‪٤‬تاور أساسية‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ -‬إتاه ركز على تبياف مساوئ االعتماد الشديد على اللوائح والقواعد‪.‬‬

‫‪ -‬إتاه ناقش عبلقة ا‪ٟ‬ترية والدٯتقراطية بالبَتوقراطية‪.‬‬

‫‪ -‬إتاه نادى بالقضاء على مساوئ البَتوقراطية وبإمكانية زوا‪٢‬تا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬رواد االتجاه األول‪.‬‬

‫‪" .2‬سليزنيك") ‪: (Seleznick‬‬

‫ركز "سيلزنيك" على مسألة تفويض السلطة من ا‪١‬تستويات اإلدارية العليا إٔب ا‪١‬تستويات الدنيا ورأى أف‬

‫التفويض ينتج عن ا‪ٟ‬تاجة إٔب الرقابة‪ ،‬واعترب أنو بقدر ما للتفويض من نتائج ا‪٬‬تابية لو أيضا نتائج سلبية‪،‬‬

‫فالتفويض يزيد من التخصص واكتساب ا‪١‬تعرفة والتكوين ُب ‪٣‬تاالت معينة وىو ما يؤدي إٔب انغبلؽ كل‬

‫‪ٚ‬تاعة متخصصة ُب ا‪١‬تنظمة على نفسها بطرقها ووسائلها ا‪٠‬تاصة‪ ،‬وتتخذ أىداؼ ىذه ا‪ٞ‬تماعات أ‪٫‬تية‬

‫عند اٗتاذ القرارات ىذا ما يدخلها ُب تعارض مع أىداؼ ا‪١‬تنظمة ويؤدي إٔب تبلور إيديولوجيات متضاربة‬

‫‪ 1‬فيصل فخري مرار‪ ،‬البيروقراطية بين االستمرارية والزوال‪ .‬القاىرة‪ :‬ا‪١‬تنظمة العربية للعلوـ اإلدارية‪ ،1978 ،‬ص‪.08‬‬

‫‪57‬‬
‫للجماعات ا‪ٞ‬تزئية‪ 1،‬وبذلك فإف "سليزنيك" اعترب التفويض نتيجة للحاجة إٔب الرقابة هبدؼ ٖتقيق النظاـ‬

‫وقد تكوف لو نتائج ا‪٬‬تابية أو سلبية‪.‬‬

‫‪" .2‬روبرت ميرتون" )‪:(Robert Merton‬‬

‫ابتداءا من ‪ 1940‬بدأ "مَتتوف" ُب دراستو كيفية تأثَت ا‪٢‬تياكل البَتوقراطية على الشخصية وانطبلقا من‬

‫نقده ؿ"ويرب" الحظ أنو ركز على ا‪٬‬تابية النموذج البَتوقراطي لكنو أغفل العناصر غَت العقبلنية ودورىا ُب‬

‫عجز وفشل ا‪٢‬تيكل البَتوقراطي ُب ٖتقيق أىدافو‪ ،‬كما رأى "مَتتوف" أف القواعد اليت حددىا "ويرب" تؤدي‬

‫إٔب درجة عالية من الفعالية لكن با‪١‬تقابل من ذلك ٭تدث ٖتوؿ ُب األىداؼ اليت وجدت من أجلها‬

‫البَتوقراطية‪ 2،‬فالنظاـ البَتوقراطي يتطلب االنضباط من ا‪١‬توظف لتحقيق أىداؼ التنظيم غَت أف األفراد ‪٢‬تم‬

‫أىداؼ ال تتفق مع أىداؼ ا‪١‬تنظمة وعدـ الفعالية تأٌب من خبلؿ ىذا التعارض بُت األىداؼ الذاتية‬

‫وأىداؼ النظاـ‪ 3،‬أي أف ‪٪‬توذج "مَتتوف" يتلخص ُب وجود جدلية بُت القواعد والنتائج من خبلؿ حدوث‬

‫اختبلؿ وظيفي ناجم على االنضباط التاـ بالقواعد والقوانُت‪.‬‬

‫رغم أ‪٫‬تية ىذا النموذج إال أنو وصف بالبساطة ‪١‬تعا‪ٞ‬تتو نتيجة واحدة متوقعة لنوع واحد من الرقابة‬
‫‪4‬‬
‫ا‪١‬تستخدمة ُب التنظيمات وإ‪٫‬تالو النظر إٔب التنظيم كنظاـ مفتوح متفاعل مع البيئة احمليطة بو‪.‬‬

‫‪" .3‬غولدنر" )‪:(Gouldner‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Philip Selznick, An approach to theory of bureaucracy, American sociological‬‬
‫‪review, V.08, N. 01, February 1943, pp48-49.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Robert K. Merton, Op.Cit, pp 19.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, p 206.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Elster, Jon , Merton's Functionalism and the Unintended Consequences of Action, in‬‬
‫‪Jon Clark, Celia Modgil and Sohan Modgil, eds, Robert Merton: Consensus and‬‬
‫‪Controversy. New York: Falmer Press, 1990, pp 129-131.‬‬

‫‪58‬‬
‫انطلق "غولدنر" من فكرة ا‪٨‬تراؼ البَتوقراطية عن أىدافها ليتوصل إٔب ثبلثة أنواع من البَتوقراطيات‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وىي‪:‬‬

‫‪ -‬البَتوقراطية احملرفة حيث ليس ألي طرؼ مصلحة‪ ،‬وتكوف القواعد فيها غَت معموؿ هبا‪ ،‬وىذا ال ٮتلق‬

‫صراعات لكن يقلل من فعالية القواعد ألهنا مغتصبة بطريقة روتينية‪.‬‬

‫‪ -‬البَتوقراطية التمثيلية حيث توضع القواعد ‪ٚ‬تاعيا و٘تثل مصاّب حقيقية رغم وجود بعض الصراعات‬

‫ا‪١‬تفتوحة فيها‪.‬‬

‫‪ -‬البَتوقراطية العقابية حيث يتم وضع القواعد من طرؼ ‪ٚ‬تاعة وتقوـ بفرضها على ا‪ٞ‬تماعات األخرى‬

‫داخل ا‪١‬تنظمة‪.‬‬

‫والحظ أف صياغة القواعد الر‪ٝ‬تية بطريقة موسعة يؤدي إٔب نتائج وظيفية أ‪٫‬تها وضوح عبلقات القوة‬
‫‪2‬‬
‫بُت ا‪١‬تستويات ‪٦‬تا يؤدي إٔب إضعاؼ التوتر ُب العبلقات الشخصية ويدعم التعاوف‪.‬‬

‫إف كل من "سيلزنيك" و"مَتتوف" و"غولدنر" عملوا من خبلؿ ٖتليبلهتم على التأكيد أف العرض اآلٕب‬

‫للسلوؾ اإلنساين الذي يشكل قاعدة البَتوقراطية يؤدي إٔب خلل وظيفي خطَت وأف بنية ا‪١‬تنظمة تؤدي إٔب‬

‫إشراؼ متزايد من قبل القادة على انتظاـ سلوكيات ا‪١‬ترؤوسُت‪ ،‬وذلك ما يؤدي إٔب ‪ٚ‬تود التنظيم‬

‫البَتوقراطي‪ ،‬وقد شكلت ‪٪‬تاذجهم أداة مفيدة لتحليل وتقييم مواقف التنظيمات البَتوقراطية لكنها عجزت‬

‫با‪١‬تقابل عن التحري عن مسا‪٫‬تة ا‪١‬تدخبلت السيكولوجية وأثرىا ُب النماذج غَت الوظيفية للتنظيم‬
‫‪3‬‬
‫البَتوقراطي وعن وضع إطار كاُب للتنبؤ بأثر النموذج البَتوقراطي على سلوؾ األفراد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رواد االتجاه الثاني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jaque Rojot, Les théories des organisations. Paris : ESKA, éd.2, 2005, pp 38،39.‬‬
‫‪٤ 2‬تمد علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106.‬‬
‫‪ 3‬فيصل فخري مرار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪59‬‬
‫إف الدراسات ا‪ٟ‬تديثة للبَتوقراطية ٓب تتوقف فقط عند النماذج اليت صاغها كل من "غولدنر" "سليزنيك"‬

‫و"مَتتوف"‪ ،‬بل ظهرت دراسات أخرى ركزت أكثر على عبلقة البَتوقراطية با‪ٟ‬ترية وىي اليت مثلت االٕتاه‬

‫الثاين‪.‬‬

‫‪ .2‬دراسة "مور بيرجر" )‪:(More Berger‬‬

‫توصل "برجر" من خبلؿ دراستو لدور البَتوقراطية ُب اجملتمع ا‪١‬تصري اليت اعتمد فيها على مفاىيم‬

‫"ويرب" ُب التحليل إٔب أف إحدى ا‪١‬تعايَت اليت ‪٬‬تب أف تكوف ُب التنظيم البَتوقراطي ىي ا‪ٟ‬ترية ُب اٗتاذ‬

‫القرارات لكل موظف ُب وظيفتو‪ ،‬و‪٬‬تب أف ٖتدد ا‪ٟ‬ترية الشخصية بالًتكيز على ا‪١‬تبادأة والقبوؿ با‪١‬تسؤولية‬
‫‪1‬‬
‫واستعماؿ القدرات الذاتية ُب حدود القواعد والقوانُت ا‪١‬ترسومة‪.‬‬

‫‪ .2‬دراسة "بيتر بلو" )‪:(Peter Blau‬‬

‫انطلق " بيًت بلو" من ‪٪‬توذج "ويرب"‪ ،‬فبدأ ٖتليلو على أساس اعتبار ا‪٢‬تيكل البَتوقراطي أساسي سواء ُب‬

‫اإلدارات العامة أو ا‪٠‬تاصة وضرورة ُب ا‪ٟ‬تياة ا‪١‬تعاصرة لكنو يشكل خطرا على الدٯتقراطية ومن الضروري‬

‫إ‪٬‬تاد الوسائل ‪١‬تمارسة الرقابة عليو‪ ،‬كما أف ا‪١‬تشاركة الواسعة والنشيطة للمواطنُت ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية أىم‬

‫عنصر للتقليص من خطر ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي‪ 2،‬وركز أيضا على فكرة العبلقة بُت الًتشيد وا‪١‬تبادرة الفردية‬

‫فاعترب أف ا‪١‬تبادرة الفردية ال تًتكز فقط ُب ا‪١‬تستويات العليا وأنو توجد أنواع أخرى من الرقابة غَت شخصية‬

‫وغَت مركزية تسمح ٔتمارستها ُب ا‪١‬تستويات الدنيا‪.‬‬

‫‪ 1‬مور بَتجر‪ ،‬البيروقراطية والمجتمع في مصر الحديثة‪ :‬دراسات عن موظفي الحكومة‪ ،‬تر‪٤ .‬تمد توفيق رمزي‪ .‬القاىرة‪ :‬مكتبة النهضة‬
‫ا‪١‬تصرية‪ ،1969 ،‬ص ص‪.270-269.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Giovanni Busino, Op.Cit, p.86.‬‬

‫‪61‬‬
‫إف رواد ىذا االٕتاه ٓب يقصدوا إنكار آثار ا‪٢‬تيكل البَتوقراطي على شخصية األفراد العاملُت بل أرادوا‬

‫أف يبينوا أنو ٯتكن تصور بدائل تضطلع بالفحص الدقيق لوظائف ومهمات ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬رواد االتجاه الثالث‪.‬‬

‫انطبلقا من االٕتاىُت السابقُت برز االٕتاه الثالث الذي ضم دراسات حاولت الرد على مساوئ‬

‫البَتوقراطية وا‪١‬تناداة حىت بزوا‪٢‬تا‪.‬‬

‫‪ .2‬دراسة "بنيس" )‪:( Bennis‬‬

‫يرى "بنيس" أف البَتوقراطية ٘تثل شكبل تنظيميا ‪٪‬تى وتطور مع الثورة الصناعية وقد أصبح اآلف أقل‬

‫كفاءة وفاعلية‪ ،‬كما يرى أنو ىناؾ أشكاال جديدة من األ‪٪‬تاط اآلخذة ُب النمو تبلئم متطلبات التصنيع‬

‫والتقدـ العلمي‪ ،‬ومن العوامل اليت أدت إٔب ا‪٨‬تطاط النموذج البَتوقراطي برأيو ا‪١‬تشكبلت االجتماعية‬

‫والسياسية والنفسية باإلضافة إٔب الفساد السياسي واإلداري واالجتماعي واستنزاؼ ا‪١‬توارد الطبيعية‬

‫واالغًتاب واالستغبلؿ‪1،‬ونتيجة ‪٢‬تذه العوامل تنبأ "بنيس" بتطور كبَت ُب القيم ا‪ٟ‬تضارية للمنظمات‪ ،‬وذلك‬
‫‪2‬‬
‫ما سيؤدي إٔب ‪٣‬تموعة من التحوالت‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ -‬التحوؿ من اندفاع ا‪١‬تنظمات ‪٨‬تو اإل‪٧‬تاز بأي أسلوب إٔب االٕتاه ‪٨‬تو إشباع رغبات العاملُت‪.‬‬

‫‪ -‬التحوؿ من الرقابة الداخلية إٔب الرقابة ا‪٠‬تارجية‪.‬‬

‫‪ -‬التحوؿ من االستقبللية إٔب التعاوف ا‪١‬تتبادؿ‪.‬‬

‫‪ -‬التحوؿ من ٖتمل التوتر إٔب الرغبة ُب ٖتقيق الراحة واالستخداـ الكامل لطاقات اإلنساف‪.‬‬

‫إف ىذا التحوؿ ُب القيم حسب "بينيس" سيؤدي إٔب تطوير ا‪١‬تنظمة لتصبح ذات ىياكل مرنة وعبلقات‬

‫تعاونية بدؿ تنافسية مع تركيزىا على ٖتقيق األغراض ا‪١‬تتكاملة للعاملُت وللمنظمة‪ ،‬ورغم أ‪٫‬تية الدراسة اليت‬

‫‪1‬‬
‫فيصل فخري مرار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.25-23‬‬
‫‪ 2‬نور اهلل كماؿ‪ ،‬البيروقراطية والتغيير‪ .‬دمشق‪ :‬طبلس للًت‪ٚ‬تة والدراسات والنشر‪ ،1992 ،‬ص‪.46 ،45‬‬

‫‪61‬‬
‫قدمها إال أف األسباب اليت قدمها لزواؿ البَتوقراطية ٓب يتم اعتبارىا كافية وتركيزه على ضرورة االىتماـ‬
‫‪1‬‬
‫باألىداؼ قبل تكوين األجهزة يعد أمرا بالغ الصعوبة‪.‬‬

‫‪ .2‬دراسة "كيركهارت" )‪:(Kirkhart‬‬

‫بٍت ‪٪‬توذجو على نفس أسس النموذج الويربي‪ ،‬ورأى أف ىناؾ ثبلثة عوامل تتحكم ُب النموذج ا‪١‬تثإب‪،‬‬

‫ىي‪:‬‬

‫‪ -‬معايَت الفاعلية‪ :‬وتتمثل ُب القيم الرشيدة والقوانُت احملًتمة‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تميزات ا‪٢‬تيكلية‪ :‬وتعٍت التنظيم ا‪١‬تستمر للوظائف من خبلؿ القواعد والقوانُت‪.‬‬

‫‪ -‬النتائج االجتماعية للرقابة البَتوقراطية‪.‬‬

‫أي أف ‪٪‬توذج "كَتكهارت" مبٍت على السلطة الشرعية والًتشيد كما النموذج الوبَتي‪ ،‬لكن ٔتوظفُت‬
‫‪2‬‬
‫متحدين ومتعاونُت بدال من ا‪١‬توظفُت البَتوقراطيُت با‪١‬تفهوـ الوبَتي‪.‬‬

‫إف االٕتاىات الثبلثة اليت عا‪ٞ‬تت ‪٪‬توذج "ويرب" ا‪١‬تثإب قد قدمت دراسات متنوعة و‪٥‬تتلفة حاولت كل‬

‫واحدة منها تبياف سلبيات ىذا النموذج ونقائصو أو اقًتاح بدائل لو‪ ،‬لكن اإلشكالية اليت تطرح سواء تعلق‬

‫األمر بالنموذج ا‪١‬تثإب أو بالدراسات التقليدية وا‪ٟ‬تديثة ىي أهنا ُب ‪٣‬تملها دراسات غربية ركزت على واقع‬

‫الدوؿ الصناعية وا‪١‬تتقدمة لكنها با‪١‬تقابل أ‪٫‬تلت واقع الدوؿ النامية وٓب ٖتاوؿ وضع ‪٪‬تاذج تتبلءـ مع واقعها‬

‫السياسي واالجتماعي واالقتصادي والثقاُب‪ ،‬وىذا ما يشكل صعوبة لدى الباحثُت عند دراسة البَتوقراطية‬

‫ُب الدوؿ النامية‪ ،‬ألهنم لن ‪٬‬تدوا بديبل عن اآلليات الغربية ُب الدراسة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ماىية التحول الديمقراطي‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.46‬‬


‫‪ 2‬فيصل فخري مرار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.40-37‬‬

‫‪62‬‬
‫شهد العآب أواخر القرف العشرين تغَتات سياسية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية وثقافية ىائلة‪ ،‬ارتبطت بالعو‪١‬تة‬

‫وما أفرزتو من ‪٪‬تاذج على كل ا‪١‬تستويات‪ ،‬ىذه األخَتة ومن خبلؿ ثورة االتصاالت وتكنولوجيا ا‪١‬تعلومات‬

‫سا‪٫‬تت ُب تكريس ىذه النماذج واليت يعترب أ‪٫‬تها النموذج الدٯتقراطي على ا‪١‬تستوى السياسي‪.‬‬

‫فقد عرؼ العآب مع مطلع السبعينيات والثمانينيات ارتدادا غَت مسبوؽ ‪٨‬تو الدٯتقراطية غذتو ‪ٚ‬تلة‬

‫التحوالت على ا‪١‬تستوى الدوٕب واليت أصبحت تطرح الدٯتقراطية كنموذج ال بديل لو بعد اهنيار ا‪١‬تعسكر‬

‫الشيوعي وقيادة الواليات ا‪١‬تتحدة األمريكية للعآب‪ ،‬واليت جعلت من نفسها حاميا للدٯتقراطية ومكرسة ‪٢‬تا‬

‫ُب الدوؿ األخرى‪.‬‬

‫وعليو سنحاوؿ من خبلؿ ىذا ا‪١‬تبحث التعرؼ إٔب ماىية ىذه الظاىرة من حيث مفهوـ التحوؿ‬

‫الدٯتقراطي ومؤشراتو وكذا العوامل ا‪١‬تسببة لو وُب األخَت أ‪٪‬تاطو ومراحل حدوثو وأىم ٖتدياتو‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التحول الديمقراطي ومتطلباتو‪.‬‬

‫حاز التحوؿ الدٯتقراطي ُب العقود األخَتة على اىتماـ العديد من ا‪١‬تفكرين وا‪١‬تنظرين ُب العلوـ‬

‫السياسية‪ ،‬وذاؾ با‪١‬توازاة مع االنتشار الكبَت الذي يعرفو سواء كمفهوـ ٭تمل عدة دالالت ويصعب‬

‫ا‪ٟ‬تديث فيو عن ‪٪‬توذج نظري بعينو أو كممارسة ٗتتلف باختبلؼ األنظمة السياسية اليت تطبقو والبيئات‬

‫اليت ٘تيزىا‪.‬‬

‫وعلى ىذا األساس ستعرؼ الدراسة هبذا ا‪١‬تفهوـ من منطلق ‪٤‬تاولة ٓب ‪ٚ‬تيع ا‪٠‬تصائص ا‪١‬تتعلقة بو سواء‬

‫من الناحية النظرية أو من ناحية ا‪١‬تمارسة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم التحول الديمقراطي‪.‬‬

‫‪ .2‬تعريف كلمتي التحول والديمقراطية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫يتكوف مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي من شقُت أو‪٢‬تما التحوؿ وثانيهما الدٯتقراطية‪ ،‬فالنسبة للتحوؿ فهو‬

‫لفظ يشَت لغة إٔب التغَت والنقل‪ ،‬فيقاؿ حوؿ الشيء أي غَته من مكانو ونقلو أو غَته من حاؿ إٔب حاؿ‪،‬‬

‫وعن الشيء يقاؿ ٖتوؿ عنو لغَته‪ 1،‬ويقابلو ُب اللغة اال‪٧‬تليزية والفرنسية كلمة ‪ Transition‬وتعٍت ا‪١‬ترور‬
‫‪2‬‬
‫أو االنتقاؿ من حالة معينة أو مرحلة معينة أو مكاف معُت إٔب حالة أو مرحلة أو مكاف آخر‪.‬‬

‫أما الدٯتقراطية فهي كلمة يونانية األصل مركبة من شقُت األوؿ ‪ Demos‬وتعٍت الشعب و‪Kratos‬‬

‫وتعٍت السلطة وا‪ٟ‬تكم وبذلك يصبح معناىا حكم الشعب نفسو بنفسو‪ ،‬وىو ما اصطلح على تسميتو‬

‫با‪١‬تفهوـ الكبلسيكي للدٯتقراطية‪ ،‬وىو نفس التعريف الذي قدمو الرئيس األمَتكي أبراىاـ لينكوف الذي‬
‫‪3‬‬
‫اعتربىا حكم الشعب بالشعب وللشعب‪.‬‬

‫لقد ارتبطت الدٯتقراطية كمفهوـ بتطور اجملتمعات وما صاحبها من تغَتات سياسية واقتصادية واجتماعية‬

‫‪٦‬تا جعلها ٖتمل عدة معاين‪٢ ،‬تذا فليس من السهل تعريف الدٯتقراطية نظرا لشمو‪٢‬تا ‪٥‬تتلف أوجو ا‪ٟ‬تياة‪،‬‬

‫وىذا ما جعل "جورج بوردو" )‪ (George Bordeaux‬يقوؿ أف" الباحث ُب الدٯتقراطية عليو أف‬

‫يكوف ُب الوقت نفسو مؤرخا لفهم تكوف فكرة الدٯتقراطية وعآب اجتماع لدراسة ٕتذرىا ُب ا‪ٞ‬تماعة وعآب‬

‫اقتصاد إلدراؾ العوامل ا‪١‬تادية ا‪١‬تؤثرة ُب تطورىا وعآب نفس ‪١‬تعرفة مصدر الطاقة اليت تغذيها ومنظرا سياسيا‬

‫لتحليل أثر األنظمة والعقائد السياسية على مفهوـ الدٯتقراطية وأخَتا رجل قانوف لتعريف ا‪١‬تؤسسات‬

‫ا‪٠‬تاصة والسياسية اليت ٕتسد عمليا الدٯتقراطية"‪ ،‬ألف الدٯتقراطية ال تقتصر فقط على شكل نظاـ ا‪ٟ‬تكم‬
‫‪4‬‬
‫إ‪٪‬تا تتعدى نطاؽ ا‪١‬تؤسسات الدستورية وتدخل مباشرة ُب صلب العبلقات بُت األفراد وا‪ٞ‬تماعات‪.‬‬

‫‪ 1‬إبراىيم مصطفى وآخروف‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬مج‪ .1 .‬القاىرة‪ ،1960 ،‬ص‪.216‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Le Petite Robert, Paris : Diccorober Inc, 1993, p229.‬‬
‫‪ 3‬عبد ا‪١‬تعز نصر‪ ،‬في النظريات والنظم السياسية‪ .‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،1981 ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ 4‬عصاـ سليماف‪ ،‬مدخل إلى علم السياسة‪ ،‬ط‪ .2.‬بَتوت‪ :‬دار النضاؿ للنشر والتوزيع‪ ،1989 ،‬ص‪.213‬‬

‫‪64‬‬
‫لقد ظهرت الدٯتقراطية كفكرة بداية عند الفبلسفة اليوناف‪ ،‬حيث أشار أفبلطوف إٔب أف مصدر السيادة‬

‫ىو اإلرادة ا‪١‬تتحدة للمدينة‪ ،‬وقد طبقت كنظاـ ُب ا‪١‬تدف اليونانية كلثينا أين سادت الدٯتقراطية ا‪١‬تباشرة من‬

‫خبلؿ إشراؾ الشعب ُب اٗتاذ القرارات السياسية ومناقشة ا‪١‬تسائل العامة‪ ،‬وبالرغم من أف العبيد واألجانب‬

‫والنساء ٓب يكن ‪٢‬تم حق ا‪١‬تشاركة إال أف ذلك ال ينكر فضل اليوناف ُب إرساء النهج الدٯتقراطي‪.‬‬

‫ومع حلوؿ القرف ‪17‬ـ و‪ 18‬ـ ظهرت مع مفكري عصر التنوير كجوف لوؾ وجوف جاؾ روسو أفكار‬

‫جديدة أسست لظهور الدٯتقراطية الليربالية أو السياسية‪ ،‬واليت قامت على فكرة ا‪ٟ‬تريات الفردية واعتمدت‬

‫من حيث التطبيق على االقًتاع ومبدأ الفصل بُت السلطات مع قياـ الثورة الفرنسية‪ ،‬لتتطور أكثر مع ظهور‬

‫مفهوـ الدٯتقراطية االجتماعية والذي جعل منها ليس فقط التوزيع العادؿ للسلطة وإ‪٪‬تا أيضا التوزيع العادؿ‬

‫للثروة‪.‬‬

‫وانطبلقا ‪٦‬تا سبق ذكره فإف الدٯتقراطية ال تزاؿ حىت اآلف غَت متفق على معناىا وأبعادىا‪ ،‬كوهنا ٖتمل‬

‫معاين ‪٥‬تتلفة لشعوب و‪٣‬تتمعات ‪٥‬تتلفة عرب أزمنة ‪٥‬تتلفة‪٢ ،‬تذا عمد ا‪١‬تفكروف إٔب تضمينها بعض العناصر‬

‫اليت يروف أهنا ال تقوـ بدوهنا‪ ،‬ومن بُت ىؤالء "مارتن ليبست" )‪ (Martin Lipset‬الذي أشار إٔب‬
‫‪1‬‬
‫ثبلث عناصر رئيسية ‪٢‬تا‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ -‬التنافس ا‪١‬توجود ُب ا‪١‬تواقع ا‪ٟ‬تكومية‪.‬‬

‫‪ -‬انتخابات حرة لتوٕب ا‪١‬تناصب الر‪ٝ‬تية على فًتات متساوية بدوف استخداـ القوة‪.‬‬

‫‪ -‬حريات مدنية وسياسية تؤمن التنافس وا‪١‬تشاركة السياسية‪.‬‬

‫إف الدٯتقراطية هبذا ا‪١‬تعٌت ىي الدٯتقراطية الليربالية اليت توٕب اىتماما فائقا ‪١‬تبدأ ا‪ٟ‬ترية‪ ،‬سيادة القانوف‪،‬‬

‫ضماف حقوؽ األفراد وحرياهتم‪ ،‬وجود قضاء عادؿ ونزيو‪ ،‬احًتاـ األقليات الثقافية أو اإلثنية أو الدينية‪،‬‬

‫‪ 1‬شادية فتحي إبراىيم عبد اهلل‪ ،‬االتجاىات المعاصرة في دراسة النظرية الديمقراطية‪ .‬عماف‪ :‬ا‪١‬تركز العلمي للدراسات السياسية‪،2005 ،‬‬
‫ص‪.19‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل بُت السلطات‪ ،‬تأكيد عمل ا‪١‬تؤسسات‪ ،‬وجود قنوات مفتوحة ٓتبلؼ األحزاب واالنتخابات أماـ‬

‫ا‪١‬تواطنُت للتعبَت عن مصا‪ٟ‬تهم بالشكل ا‪١‬تناسب‪ 1،‬إال أف الدٯتقراطية ليست ‪٣‬ترد مؤسسات وإجراءات‬

‫وانتخابات ولكنها أيضا ‪٣‬تموعة قيم وإتاىات ومشاعر تشجع ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية الفاعلة من جانب‬

‫ا‪ٟ‬تكاـ واحملكومُت‪ ،‬فالعربة ُب النظاـ الدٯتقراطي ليست ‪٣‬ترد وجود اإلجراءات وا‪١‬تؤسسات كالدستور‬

‫واجملالس النيابية إ‪٪‬تا يقتضي ذلك وجود ثقافة سياسية دٯتقراطية تتمثل أىم عناصرىا ُب الشعور باالقتدار‬
‫‪2‬‬
‫السياسي واإلٯتاف بضرورة ا‪١‬تشاركة وجدواىا‪.‬‬

‫وُب ظل الغموض واالختبلؼ الذي يكتنف مفهوـ الدٯتقراطية فإف "ىنتنغتوف" )‪( Hintington‬‬

‫يرى نفسو متفقا مع التعريف الذي قدمو "جوزيف شومبيًت" )‪٢ (Joseph Schumpeter‬تا كونو‬

‫مفهوما إجرائيا وصيغة حديثة ‪١‬تفهوـ الدٯتقراطية‪ ،‬والذي يرى ُب دراستو الرائدة بعنواف "الرأ‪ٝ‬تالية واالشًتاكية‬

‫والدٯتقراطية" لعاـ ‪ 1942‬أف النهج الدٯتقراطي ىو اٗتاذ التدابَت ا‪١‬تؤسساتية من أجل التوصل إٔب القرارات‬

‫السياسية اليت يكتسب من خبل‪٢‬تا األفراد سلطة اٗتاذ القرار عن طريق التنافس على األصوات‪ ،‬وعلى ىذا‬

‫األساس عرؼ " ىنتنغتوف" الدٯتقراطية بأهنا اختيار القادة من خبلؿ االنتخاب التنافسي من قبل القوـ‬
‫‪3‬‬
‫الذين ٭تكموهنم‪.‬‬

‫وعليو فإف خبلصة ا‪١‬تفهوـ تستلزـ تركيب ‪ٚ‬تيع العناصر الواردة ُب مفهوـ الدٯتقراطية للتوصل إٔب تعريف‬

‫جامع ‪٢‬تا‪ ،‬حيث تضم الدٯتقراطية ‪ٚ‬تلة ا‪١‬تؤسسات السياسية الفاعلة اليت يكوف أساس بنائها الفرد‬

‫وا‪ٞ‬تماعات ُب ظل ظروؼ مشاركة سياسية واسعة وبناء قانوين سليم وشفاؼ يضمن مشاركة األغلبية ُب‬

‫ا‪ٟ‬تكم مع ا‪ٟ‬تفاظ على حقوؽ األقلية‪ ،‬وىي ليست ‪٣‬ترد مؤسسات وإ‪٪‬تا ٘تثل أيضا وسيلة منهجية إلدارة‬

‫‪ 1‬ىالة مصطفى‪" ،‬الدٯتقراطية بُت االنتخابات والقيم الليربالية"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬ع‪ ،140 ،‬أبريل ‪ ،2000‬ص‪.61‬‬
‫‪ 2‬كماؿ ا‪١‬تنوُب‪" ،‬الثقافة السياسية وأزمة الدٯتقراطية ُب الوطن العريب"‪ ،‬المستقبل العربي‪،‬ع‪ ،80 .‬أكتوبر ‪ ،1985‬ص‪.65‬‬
‫‪ 3‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬الموجة الثالثة‪ ،‬التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين‪ ،‬تر‪ .‬عبد الوىاب علوب‪ .‬القاىرة‪ :‬مركز ابن خلدوف‬
‫للدراسات اإل‪٪‬تائية‪ ،1993 ،‬ص ص‪.65 ،64‬‬

‫‪66‬‬
‫اجملتمع السياسي وتتطلب ‪٣‬تتمعا يؤمن هبا كمنهج ويتخذىا كفلسفة لبناء نظاـ ا‪ٟ‬تكم ُب ظل مواطنة‬

‫فاعلة‪.‬‬

‫‪ .2‬تعريف التحول الديمقراطي‪:‬‬

‫يعترب مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي من أكثر ا‪١‬تفاىيم تداوال وأكثر ا‪١‬تواضيع اليت أصبحت تطرح للنقاش من‬

‫طرؼ الباحثُت والدارسُت‪ ،‬وجاء ذلك كرد فعل ‪١‬توجة الدمقرطة اليت شهدىا العآب مع بداية السبعينات من‬

‫القرف العشرين وما صاحبو من سعي العديد من األنظمة السياسية ُب أمريكا البلتينية وأوروبا الشرقية إٔب‬

‫تبٍت أنظمة سياسية أكثر انفتاحا‪ ،‬خاصة بعد الظروؼ الدولية اليت ‪٧‬تمت عن سقوط االٖتاد السوفياٌب‬

‫وصعود القوة األمريكية العاملة على عو‪١‬تة النموذج الدٯتقراطي ُب الدوؿ النامية‪.‬‬

‫وألف التحوؿ الدٯتقراطي مرتبط أساسا ٔتفهوـ الدٯتقراطية اليت اختلفت الرؤى واالٕتاىات حو‪٢‬تا‪ ،‬فإف‬

‫التحوؿ الدٯتقراطي عرؼ أيضا اختبلفا وتعددا ُب تعريفو تبعا لكل باحث أو مفكر‪ ،‬فعرؼ التحوؿ‬

‫الدٯتقراطي بأنو االنتقاؿ من النظاـ السلطوي إٔب النظاـ الدٯتقراطي‪ ،‬وىو كعملية يشَت إٔب التحوؿ ُب‬

‫األبنية واألىداؼ والعمليات اليت تؤثر على توزيع و‪٦‬تارسات السلطة السياسية‪ 1،‬وىو يعرب عن ا‪١‬ترحلة‬

‫االنتقالية بُت نظاـ غَت دٯتقراطي إٔب نظاـ دٯتقراطي وفق عملية انتخابية تقوـ على أساس التنافس ُب مناخ‬
‫‪2‬‬
‫يوفر ا‪ٟ‬تريات ا‪١‬تدنية والسياسية‪.‬‬

‫وعرفو "جوزيف شومبيًت" )‪ (Joseph Schumpeter‬بأنو عملية تطبيق القواعد الدٯتقراطية سواء‬

‫ُب مؤسسات ٓب تطبق فيها من قبل أو امتداد ىذه القواعد لتشمل أفرادا أو موضوعات ٓب تشملهم من‬

‫‪ 1‬مينا اسحاؽ طانيوس بولس‪ ،‬التحول الديمقراطي في كوريا الجنوبية وأثره في تغيير سياستها الخارجية اتجاه كوريا الشمالية‪ .‬القاىرة‪:‬‬
‫ا‪١‬تكتب العريب للمعارؼ‪ .2014 ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 2‬مصطفى عوُب‪ ،‬الطيب بلوصيف‪" ،‬اإلعبلـ والتحوؿ الدٯتقراطي"‪ ،‬مجلة علوم اإلنسان والمجتمع‪ ،‬ع‪ ،09 .‬مارس‪ ،2014‬ص‪.87‬‬

‫‪67‬‬
‫قبل‪ ،‬وىي تشمل تعديبلت دستورية وتنظيمية وقيمية وفكرية وثقافية‪ ،‬كما تتضمن إعادة توزيع السلطة‬
‫‪1‬‬
‫والنفوذ وتوسيع دائرة ا‪١‬تشاركة فيها وبروز قوى ومراكز ‪٥‬تتلفة‪.‬‬

‫أما "صامويل ىنتنغتوف" فأشار إٔب التحوؿ الدٯتقراطي على أنو "‪٣‬تموعة من حركات االنتقاؿ من النظاـ‬

‫غَت الدٯتقراطي إٔب النظاـ الدٯتقراطي‪ ،‬وٖتدث ُب فًتة زمنية ‪٤‬تددة‪ ،‬وتفوؽ ُب عددىا حركات االنتقاؿ ُب‬

‫االٕتاه ا‪١‬تضاد خبلؿ نفس الفًتة الزمنية‪ ،‬وىي تشمل عادة ٖتوال ليرباليا أو دٯتقراطيا جزئيا ُب النظاـ‬
‫‪2‬‬
‫السياسي وليس ٖتوال تاما‪.‬‬

‫وقدـ "إيتل سوليجن" )‪ (Etel Solingen‬تعريفا أكثر مشولية للتحوؿ الدٯتقراطي فاعتربه حركة‬

‫النظاـ السياسي بإتاه األخذ باإلجراءات التالية‪ :‬نواب منتخبوف عرب انتخابات حرة ونزيهة‪ ،‬حق توٕب‬

‫ا‪١‬تناصب العامة والوصوؿ إٔب السلطة‪ ،‬حرية التعبَت وتوافر مصادر بديلة للمعلومات مدعومة قانونيا‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫استقبللية مؤسسية‪.‬‬

‫وىناؾ إ‪ٚ‬تاع على أف التحوؿ الدٯتقراطي ىو عملية يتم ٔتقتضاىا االنتقاؿ من أنظمة تسلطية إٔب أنظمة‬

‫دٯتقراطية يتم فيها احًتاـ حقوؽ اإلنساف وتفعيل ا‪١‬تواطنة عرب اآلليات ا‪١‬تتعارؼ عليها من مساواة وحرية‬

‫وإعبلء ‪ٟ‬تكم القانوف‪ 4،‬واالنتقاؿ إٔب نظاـ حكم دٯتقراطي ىو ا‪٠‬تطوة العملية األؤب على طريق‬

‫الدٯتقراطية‪ ،‬فبموجب االنتقاؿ يتم العبور من حكم الغلبة الذي يسود فيو خيار وقرار فرد واحد أو قلة‬

‫كمصدر وحيد للشرعية إٔب حكم األغلبية من الشعب الذي يشكل مصدرا للسلطة‪.‬‬

‫‪ 1‬مينا اسحاؽ طانيوس بولس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ 2‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Etel Solingen, « Quandaries of the peace process, Journal of democracy, vol.7, n.3,‬‬
‫‪1996, p140.‬‬
‫‪ 4‬عمر فرحاٌب‪ "،‬معوقات التحوؿ الدٯتقراطي ُب الوطن العريب"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬ع‪ ،2008 ،29 .‬ص‪.138‬‬

‫‪68‬‬
‫وعموما فالتحوؿ الدٯتقراطي ال يتعلق فقط بالتغَت السياسي الصرؼ وال يتحقق جملرد التصويت على‬

‫القوانُت أو تنظيم انتخابات‪ ،‬إنو ٭تتاج إٔب بناء النظاـ اجملتمعي بأكملو وأف ‪٬‬تعل من التغيَت السياسي‬

‫قاعدة االنطبلؽ ‪٨‬تو تغيَت أمشل اقتصادي واجتماعي وفكري‪ ،‬ألف مستقبل الدٯتقراطية ُب البلداف الفقَتة‬

‫والنامية اليت ٓب ٖتل ا‪ٞ‬تزء األكرب من مهاـ ٖتديثها وٖتو‪٢‬تا الرأ‪ٝ‬تإب وتنميتها وتأىيلها العلمي والثقاُب معلق‬

‫بصورة مباشرة بقدرهتا على توفَت شروط أفضل ‪١‬تواجهة ىذه ا‪١‬تهمات وا‪١‬تهاـ ا‪ٞ‬تديدة اليت تنشئها الثورة‬
‫‪1‬‬
‫التقنية والعلمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬متطلبات التحول الديمقراطي‬

‫‪.2‬شروط التحول الديمقراطي‪:‬‬

‫تعرب الشروط ا‪١‬تسبقة ألي ٖتوؿ دٯتقراطي عن ‪٪‬تط األوضاع االقتصادية واالجتماعية والثقافية األكثر‬
‫‪2‬‬
‫مبلءمة لتجسيد نظاـ ا‪ٟ‬تكم الدٯتقراطي‪ ،‬ومن ىذه الشروط‪:‬‬

‫‪ -‬التحديث والثروة‪ :‬وكانت ىذه الفكرة وراء أطروحة سيمور ليبست )‪(Seymour Lipset‬‬

‫الشهَتة‪" :‬كلما كانت األمة ُب رخاء وسعة عيش عظمت فرصها ُب ا‪ٟ‬تفاظ على الدٯتقراطية"‪ ،‬حيث يولد‬

‫التحديث والثروة عوامل مواتية للدٯتقراطية كالتعلم والتمدف والتحضر ووجود وسائل اإلعبلـ وا‪١‬تواد البلزمة‬

‫‪ 1‬إ‪ٝ‬تاعيل قَتة وآخروف‪ ،‬مستقبل الديمقراطية في الجزائر‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ .2002 ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ 2‬غيورغ سورنسن‪ ،‬الديمقراطية والتحول الديمقراطي السيرورات والمأمول في عالم متغير‪ ،‬تر‪ٚ‬تة عفاؼ البطاينة‪ ،‬بَتوت‪ :‬ا‪١‬تركز العريب‬
‫لؤلْتاث ودراسة السياسات‪ ،2015 ،‬ص‪.54 ،53‬‬

‫‪69‬‬
‫للحد من التوترات النا‪ٚ‬تة عن الصراع السياسي‪ ،‬وقد نزع عدد كبَت من التحليبلت التجريبية اليت أ‪٢‬تمتها‬

‫فرضية "ليبست" إٔب مساندة ىذا الرأي‪ ،‬فاعترب "داىل" )‪ )Dahl‬عاـ ‪ 1971‬الرأي القائل بأنو كلما‬
‫‪1‬‬
‫ارتفع ا‪١‬تستوى االجتماعي االقتصادي للبلد رجحت احتماالت كونو دٯتقراطيا مسألة ال جداؿ فيها‪،‬‬

‫وألف بعض األنظمة التسلطية الثرية ال تزاؿ تسلطية على الرغم من الثروة ا‪١‬تتزايدة فقد توصلت أْتاث عن‬

‫العبلقة والثروة ؿ "بر‪٬‬تيفوريسكي" و"ليمو‪٧‬تي" إٔب أف ‪ٙ‬تة عبلقة بُت الثروة االقتصادية والدٯتقراطية لكنها‬

‫ليست خالية من التعقيدات وال ىي خطية‪.‬‬

‫‪ -‬الثقافة السياسية‪ :‬أي منظومة القيم وا‪١‬تعتقدات اليت ٖتدد الفعل السياسي ومعناه‪ ،‬فقد جرى تأكيد أف‬

‫الربوتستانية تساند الدٯتقراطية فيما تعارضها الكاثوليكية‪ ،‬أي أف بعض الثقافات تنزع إٔب تأكيد التسلسل‬

‫الًتاتيب والسلطة وبالتإب تكوف أقل مواتاة للدٯتقراطية‪ ،‬ويبقى من الصعب الربىنة على وجود عبلقة متسقة‬

‫بُت أ‪٪‬تاط ثقافية معينة وسيادة الدٯتقراطية‪ 2‬غَت أف معظم الباحثُت اعتربوىا شرطا أساسيا يسبق الدعوة‬

‫للدٯتقراطية كوهنا تعزز االنفتاح الفكري وتسهل ا‪١‬تساومة والتسوية وتكبح دور األيديولوجيات ُب العمل‬

‫السياسي‪ ،‬وىي تكرس الثقة االجتماعية وا‪ٟ‬تس التعاوين وااللتزامات بالنظاـ وتشكل روابط عمودية بُت‬

‫النخب و‪ٚ‬تاىَتىا‪.‬‬

‫‪ -‬البنية االجتماعية‪ :‬أي الطبقات احملددة للمجتمع‪ ،‬حيث خلص "بارينغتوف مور" ‪(Barrington‬‬

‫)‪ُ Moore‬ب تفسَته التارٮتي ‪ٞ‬تذور الدٯتقراطية والديكتاتورية إٔب أف طبقة قوية ومستقلة من ا‪ٟ‬تضر‬

‫كانت وال تزاؿ عنصرا ال غٌت عنو ُب ‪٪‬تو الدٯتقراطية الرب‪١‬تانية‪ ،‬فحيث ال توجد برجوازية ال توجد دٯتقراطية‪،‬‬

‫وعلى العكس من ذلك ال ينزع مالكو األراضي إٔب تأييد الدٯتقراطية إال ُب ظروؼ خاصة‪ ،‬غَت أف ىذه‬

‫‪ 1‬غيورغ سورنسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.54‬‬

‫‪71‬‬
‫األطروحة انتقدت حيث اعترب "غوراف ثَتبورف" ‪ ) Goran Therborn‬أف الدٯتقراطية ولدت على مر‬

‫الزماف من رحم النضاؿ الشعيب ضد شرائح الطبقة الربجوازية الرائدة‪.‬‬

‫‪ -‬وجود بنية مؤسسية تتفق مع والدة التحوؿ الدٯتقراطي ومسَتتو‪ ،‬ألنو يصعب ا‪ٟ‬تديث عن التحديث‬

‫السياسي ُب غياب ا‪٢‬تياكل ا‪١‬تؤسسية لبناء الدولة ا‪ٟ‬تديثة وفك االرتباط بُت الدولة واجملتمع ا‪١‬تدين‪ 1،‬حيث‬

‫اعترب "ىنتنغتوف" أف استقرار النظم السياسية من عدمو يتحدد من خبلؿ طبيعة العبلقة بُت ا‪١‬تشاركة‬

‫السياسية وا‪١‬تؤسسة السياسية‪ ،‬ومعٌت ذلك أنو إف ٓب يصاحب عملية التحديث والتعبئة االجتماعية إجراء‬

‫تغيَت وتطوير ُب ا‪١‬تؤسسات السياسية بصورة تستوعب الفئات ا‪ٞ‬تديدة فإف النتيجة قد تتجو إٔب زيادة‬

‫مؤشرات الصراع والعنف وىو ما أ‪ٝ‬تاه "ىنتنغتوف" باالهنيار السياسي‪ ،‬ولذلك ‪٬‬تب تطوير وبناء مؤسسات‬

‫سياسية قوية ومركزية ومستقلة‪.‬‬

‫وضمن ىذا اإلطار عرؼ "ىنتنغتوف" ا‪١‬تؤسساتية على أهنا العمليات اليت تكتسب هبا التنظيمات‬

‫واإلجراءات حتمية وثباتا‪ 2،‬ويرتكز مستوى ا‪١‬تؤسساتية على أربعة معايَت أساسية ىي التكيف الذي يقصد‬

‫بو مدى قدرة ا‪١‬تؤسسة على االستجابة للمتغَتات الداخلية وا‪٠‬تارجية والتعقيد واالستقبللية والتماسك‬
‫‪3‬‬
‫واالنسجاـ‪.‬‬

‫فالدٯتقراطية تتطلب ا‪١‬تؤسسية كضرورة للتحوؿ من الفردية ا‪١‬تفرطة والوالءات الفرعية كالعائلة والعشَتة‬

‫والقبيلة والطائفية وا‪١‬تذىب ‪٨‬تو والءات أكرب واليت تتمثل ُب الوطن‪ ،‬الشعب‪ ،‬الدولة‪ ،‬كما أف الدٯتقراطية‬

‫تتطلب ا‪١‬تنافسة االقتصادية وٖتقيق تطور مستمر ُب البنية االقتصادية وتنويع ا‪٢‬تيكل الوظيفي ٔتا يولده من‬

‫‪ 1‬عبد الوىاب ‪ٛ‬تيد رشيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139‬‬


‫‪ 2‬صامويل ىنتجتوف‪ ،‬النظام السياسي لمجتمعات متغيرة‪ ،‬تر‪ٝ .‬تية فلو عبود‪ .‬بَتوت‪ :‬دار الساقي‪ ،‬ط‪ ،1993 ،1 .‬ص‪.21‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.34-22‬‬

‫‪71‬‬
‫ٖتسُت للدخل ومستويات ا‪١‬تعيشة وخلق طبقات اجتماعية وتعزيز ا‪١‬تشاركة السياسية لكل الفئات ُب‬
‫‪1‬‬
‫اجملتمع‪.‬‬

‫‪-‬نخبة مناضلة‪ :‬حيث يرى "روستو"( ‪ )Rostow‬أف الدٯتقراطية تبدأ عندما تقرر فئة صغَتة نسبيا من‬

‫النخبويُت بقبوؿ التعدد داخل الوحدة وخوض صراعاهتا سلميا ُب إطار قوانُت وإجراءات دٯتقراطية‪ ،‬كما‬

‫يرى "مايكل بَتتوف" (‪ )Michzel Burton‬و"جوف ىيغلي" (‪ )John Higley‬أف النخب‬


‫‪2‬‬
‫ا‪١‬توحدة بالًتاضي ىي وحدىا القادرة على أف تنشئ نظاما مستقرا قاببل للتطور ‪٨‬تو الدٯتقراطية‪.‬‬

‫وعيو فإف التحوؿ الدٯتقراطي عملية شاملة يتطلب بنية سياسية قوامها أحزاب سياسية فاعلة خاصة منها‬

‫ا‪١‬ت عارضة و‪٩‬تب مناضلة ومؤمنة بالتغيَت ُب ظل بنية مؤسسية متكيفة‪ ،‬إضافة إٔب اقتصاد قوي يوفر شروط‬

‫التحضر‪ ،‬وكذا بنية اجتماعية مستعدة للتخلي عن الوالءات التقليدية ومتشبعة بقيم ومعتقدات تنسجم مع‬

‫الدٯتقراطية‪.‬‬

‫‪.2‬مؤشرات التحول الديمقراطي‪:‬‬

‫بعد توفَت متطلبات التحوؿ الدٯتقراطي ‪٬‬تب ٖتديد ‪٣‬تموع ا‪١‬تؤشرات البلزمة لبناء ‪٪‬توذج التغيَت ا‪١‬تنشو‪،‬‬

‫والقائم أساسا على ‪ٚ‬تلة من القواعد ا‪١‬تؤسسية الضابطة للعمل السياسي واليت ٕتعل من ا‪ٟ‬تياة السياسية‬

‫تفاعلية ومبنية على التشاركية‪:‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.141‬‬


‫‪ 2‬إ‪ٝ‬تاعيل الشطي‪ ،‬الكويت وتجربة االنتقال إلى الديمقراطية‪ُ ،‬ب‪ :‬برىاف غليوف وآخروف‪ ،‬مداخل االنتقال إلى الديمقراطية في البدان‬
‫العربية‪ ،‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2005 ،‬ص‪.138 ،137‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -‬الدستور وىو النظاـ األساسي للدولة‪ ،‬وٯتثل ‪٣‬تموعة القواعد اليت تنظم شكل الدولة وٖتدد طبيعة نظاـ‬

‫ا‪ٟ‬تكم والعبلقة بُت السلطات والقواعد اليت تنظم حقوؽ األفراد وواجباهتم‪٢ ،‬تذا فإف أي ٖتوؿ دٯتقراطي‬

‫يتطلب بالضرورة تعديبلت دستورية‪.‬‬

‫‪ -‬التداول السلمي على السلطة‪ :‬أي انتقا‪٢‬تا من طرؼ إٔب آخر وفقا لنظاـ قانوين ‪٤‬تدد وىو من‬

‫الشروط الضرورية لقياـ أي نظاـ دٯتقراطي‪ ،‬وُب ىذا الشأف يقوؿ برىاف غليوف" ال تقاس دٯتقراطية أي‬

‫نظاـ سياسي من خبلؿ إحصاء عدد األحزاب السياسية اليت يرخص ‪٢‬تا وإ‪٪‬تا من خبلؿ درجة التداوؿ‬

‫الفعلي بُت النخبات ا‪١‬تتعددة وعرب الطب قات االجتماعية ا‪١‬تختلفة وما ينجم عن ذلك من آثار مطلوبة‬
‫‪1‬‬
‫وحتمية على ا‪١‬تستوى العملي للمشاركة الشعبية وتكافؤ الفرص بُت أفراد األمة‪.‬‬

‫‪ -‬االنتخابات‪ :‬حيث تعد من أىم اآلليات اليت ٯتكن أف تكرس خريطة القوى السياسية ُب اجملتمع وتعزز‬

‫التحوؿ الدٯتقراطي وتكرس شرعية النظاـ السياسي‪.‬‬

‫‪-‬الفصل بين السلطات‪ :‬من أجل منع التعسف ُب استخداـ السلطة‪.‬‬

‫‪ -‬القدرة على استيعاب القوى السياسية ا‪ٞ‬تديدة بغَت عنف سياسي‪ ،‬حيث يتم استيعاب النشاط‬

‫السياسي لكل القوى الفاعلة ُب نطاؽ ا‪١‬تؤسسات السياسية ا‪١‬تشروعة عن طريق نشر الثقافة السياسية‬
‫‪2‬‬
‫الدٯتقراطية اليت تؤمن ٔتبدأ ا‪ٟ‬توار‪.‬‬

‫‪-‬اتساع نطاق المشاركة السياسية‪ :‬حيث يتم إتاحة كافة الوسائل ا‪١‬تمكنة ‪١‬تشاركة ا‪١‬تواطن من خبلؿ‬

‫االىتماـ بالرأي العاـ وتوفَت الضمانات البلزمة للمشاركة السياسية اإل‪٬‬تابية وإشراؾ ا‪١‬تواطن ُب العملية‬

‫السياسية‪.‬‬

‫‪ 1‬نبيل سعداوي‪ ،‬العنف السياسي وانعكاساتو على مسار التحول الديمقراطي في المنطقة العربية‪ .‬دراسة الحالة المصرية في ظل‬
‫الحراك الشعبي‪ :‬مركز الكتاب األكادٯتي‪ ،2018 ،‬ص ص ‪.104 ،103‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.112 ،111‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬تفعيل دور المجتمع المدني وحماية حقوق االنسان‪ :‬فوفقا لوجهة نظر "روبرت داىل" ‪(Robert‬‬

‫)‪ Dahl‬فإف أىم مؤسسات الدٯتقراطية تتمثل ُب نظاـ انتخابات يتسم با‪ٟ‬ترية والعدالة‪ ،‬إقرار حرية‬

‫التعبَت‪ ،‬تنوع مصادر ا‪١‬تعلومات‪ ،‬الشعور با‪١‬تواطنة‪ ،‬واستقبلؿ ا‪ٞ‬تماعات والتنظيمات ا‪١‬تدنية ا‪١‬تختلفة داخل‬

‫اجملتمع ووجود ‪٦‬تثلوف منتخبوف عن الشعب ‪٦‬تا يؤدي إٔب مشاركة فعالة من جانب ا‪١‬تواطنُت‪ .‬ووضع‬

‫"روبرت داىل" ‪٣‬تموعة من الشروط لكي تقوـ ا‪١‬تؤسسات بدورىا منها السيطرة على ا‪١‬تؤسسة العسكرية‬

‫ووجود ثقافة سياسية دٯتقراطية وعدـ وجود سيطرة خارجية من جانب قوة معادية للدٯتقراطية‪ ،‬مع ضرورة‬
‫‪1‬‬
‫توفر ‪٣‬تتمع دٯتقراطي يتسم با‪ٟ‬تداثة السياسية واالقتصادية‪.‬‬

‫وعليو فإف النظاـ الدٯتقراطي يبٌت من خبلؿ وجود مؤشرات حيوية ضرورية‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪٣ -‬تتمع مدين مستقل يعمل ٖتت مظلة القانوف‪.‬‬

‫‪٣ -‬تتمع سياسي حر‪.‬‬

‫‪ -‬حكم القانوف الذي يستدعي ثقافة سياسية مبلئمة ‪٦‬تا يضفي شرعية على النظاـ السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬قياـ أجهزة الدولة على معايَت بَتوقراطية تتسم بالرشادة والشرعية‪.‬‬

‫‪ -‬استناد اجملتمع االقتصادي إٔب سوؽ مؤسسي‪.‬‬

‫ويبقى ‪٧‬تاح األنظمة السياسية ُب تدعيم ىذه ا‪١‬تؤشرات وتكريسها مرتبط بعاملُت أساسيُت ‪٫‬تا رغبة‬

‫النظاـ السياسي ُب تفعيل ىذه اآلليات وتوفره على اإلرادة السياسية البلزمة لذلك‪ ،‬وإٯتاف اجملتمع بكل‬

‫مكوناتو بفكرة العمل الدٯتقراطي الذي ينبذ العنف ويستلزـ العمل ا‪ٞ‬تماعي التشاركي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عوامل التحول الديمقراطي وأنماطو‬

‫‪ 1‬شادية فتحي إبراىيم عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪74‬‬
‫يعترب التحوؿ الدٯتقراطي عملية ‪٣‬تتمعية شاملة و‪٤‬تصلة لتفاعل ‪٣‬تموعة من األسباب والعوامل الداخلية‬

‫وا‪٠‬تارجية اليت تشكل احملرؾ األساسي ‪٢‬تذه العملية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عوامل التحول الديمقراطي‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫يرى "ىنتنغتوف" أنو ‪ٙ‬تة ‪ٜ‬تسة تغَتات لعبت دورا ىاما ُب ظهور ٖتوالت ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ -‬مشكلة شرعية النظم الشمولية ُب عآب حازت فيو مبادئ الدٯتقراطية قبوال لدى ا‪ٞ‬تميع‪ ،‬واعتماد ىذه‬

‫األنظمة على شرعية األداء واهنيار ىذه الشرعية ٖتت وطأة ا‪٢‬تزائم العسكرية والفشل االقتصادي وأزمات‬

‫النفط اليت شهدهتا األعواـ ‪.1979-1978 ،1974-1983‬‬

‫‪-‬النمو االقتصادي العا‪١‬تي غَت ا‪١‬تسبوؽ ُب الستينات والذي ارتفعت على إثره مستويات ا‪١‬تعيشة والتعليم‬

‫والطبقة ا‪١‬تتوسطة ا‪ٟ‬تضرية ُب عدة دوؿ‪.‬‬

‫‪-‬التغَتات ا‪ٟ‬تا‪ٝ‬تة ُب عقائد وأنشطة الكنيسة الكاثوليكية وٖتوؿ الكنائس القومية عن الدفاع عن األمر‬

‫الواقع إٔب معاداة النزعة االستبدادية ومواالة اإلصبلحات االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪.‬‬

‫‪-‬التغَتات اليت طرأت على عناصر خارجية منها توجو االٖتاد األوريب ُب أواخر الستينات إٔب توسيع نطاؽ‬

‫عضويتها والتحوؿ ا‪٢‬تائل ُب السياسة األمريكية إٔب دعم حقوؽ اإلنساف والدٯتقراطية‪.‬‬

‫‪ -‬كرات الثلج أو تداعي األحداث الذي دعمتو وسائل االتصاؿ الدولية ا‪ٞ‬تديدة والتحوالت ا‪١‬تبكرة اليت‬

‫شهدهتا ا‪١‬توجة الثالثة ‪٦‬تا دفع بنماذج للجهود ا‪١‬تتوالية الرامية إٔب تغيَت األنظمة ُب الدوؿ األخرى‪.‬‬

‫وانطبلقا من ىذه التغَتات اليت طرحها "ىنتنغتوف" ٯتكن تصنيف عوامل ٖتوؿ األنظمة السياسية ‪٨‬تو‬

‫التحوؿ الدٯتقراطي إٔب عوامل داخلية وأخرى خارجية‪ ،‬تتلخص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .2‬العوامل الداخلية‪:‬‬

‫‪ 1‬صموؿ ىنتنغتوف‪ ،‬ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -‬انهيار شرعية النظام التسلطي أو اإلخفاق السياسي‪ :‬وىي تعرب عن رفض احملكومُت لبلنصياع‬

‫الطوعي ألوامر السلطة السياسية‪ ،‬ويرجع فقداف الشرعية إٔب عدة أسباب أ‪٫‬تها عدـ ٘تثيل النظاـ السياسي‬

‫‪١‬تختلف قيم ومصاّب اجملتمع وعدـ قدرتو على استيعاب التغَتات ا‪ٞ‬تديدة ُب اجملتمع‪ ،‬استنفاذ النظم‬

‫التسلطية لؤلغراض اليت قامت من أجلها‪ ،‬التغَت ُب القيم االجتماعية اليت أصبحت أقل تقببل للحكم‬

‫التسلطي‪ ،‬إضافة إٔب صورة النظاـ التسلطي على الصعيد الدوٕب‪.‬‬

‫‪ -‬التغير في إدراك القيادة والنخب السياسية‪ :‬فالنخب على مر العصور تلعب دور الشرعنة وإعادة‬

‫إنتاج نفس األوضاع أو دور ا‪١‬تعارضة والدعوة إٔب التغيَت‪ ،‬ويؤكد "لينز" "ومارتن ليبست" على الدور الفاعل‬

‫للقيادة ُب االلتزاـ بالدٯتقراطية وا‪١‬تبادرة إٔب اإلصبلح السياسي‪ ،‬ومن ‪ٚ‬تلة األسباب اليت تدفع هبا إٔب ذلك‬

‫تلكل موارد النظاـ الرمزية وا‪١‬تادية واإلكراىية القمعية وإدراؾ القيادة أف تكاليف بقائها ُب السلطة مرتفعة ُب‬

‫ظل فقداهنا ‪١‬تربرات وجودىا ‪٦‬تا ‪٬‬تعلها تؤمن أف التحوؿ الدٯتقراطي ىو سبيلها ‪١‬تواجهة التحديات الداخلي‬

‫وا‪٠‬تارجية‪.‬‬

‫‪ -‬الدور المتنامي للمجتمع المدني‪ :‬فهو فاعل مهم ُب عملية التحوؿ الدٯتقراطي بفعل الضغوط اليت‬
‫‪1‬‬
‫ٯتارسها إلعادة بناء قواعد اللعبة السياسية‪.‬‬

‫‪ .2‬العوامل الخارجية‪:‬‬

‫‪ -‬النظام الدولي الجديد بعد نهاية الحرب الباردة‪ :‬فنتيجة الهنيار االٖتاد السوفياٌب ودوؿ ا‪١‬تنظومة‬

‫االشًتاكية ُب شرؽ أوربا وهناية ا‪ٟ‬ترب الباردة أضحت الدٯتقراطية ىي ا‪١‬تسيطرة على ا‪٠‬تطاب السياسي‪،‬‬

‫‪ 1‬نبيل سعداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93-90 .‬‬

‫‪76‬‬
‫ومع تعزيز الواليات ا‪١‬تتحدة األمريكية ‪١‬تكانتها بدأت اسًتاتيجية تعزيز الدٯتقراطية وتزايدت الضغوطات‬
‫‪2‬‬
‫على النظم غَت الدٯتقراطية إلجراء اإلصبلحات‪ 1،‬واٗتذت ىذه الضغوطات األشكاؿ التالية‪:‬‬

‫‪ -‬من خارج دولة معينة مثل شروط اإلصبلح الذي تفرضو ا‪ٞ‬تهات ا‪١‬تا‪٨‬تة والوكاالت ا‪١‬تالية الدولية‬

‫بفرض‬

‫عقوبات مادية على الدوؿ لدفعهم ‪٨‬تو التحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬تصرفات ا‪ٟ‬تكومات األجنبية وا‪١‬تنظمات غَت ا‪ٟ‬تكومية ومنظمات اجملتمع ا‪١‬تدين من خبلؿ‬

‫استخداـ نفوذىم للضغط على النظاـ التسلطي من أجل التحوؿ‪.‬‬

‫‪ -‬دعم القوات الدٯتقراطية أو حركات التحرر‪.‬‬

‫‪ -‬الضغط ا‪١‬تباشر من خبلؿ التغلغل والتدخل والعزلة والوساطة‪.‬‬

‫‪ -‬التأثَت العا‪١‬تي ‪ٟ‬تركة حقوؽ اإلنساف الذي لو تأثَت معنوي على األنظمة ا‪١‬تتسلطة ويعترب عامبل‬

‫لئلطاحة هبا‪.‬‬

‫‪ -‬ظاىرة العدوى أو المحاكاة‪ :‬حيث جاذبية الطرح الدٯتقراطي ىو الذي دفع ببعض القادة السياسيُت‬

‫إٔب تغيَت نظمهم‪ ،‬إضافة إٔب تأثر شعوب ىذه الدوؿ بالدٯتقراطية ‪٦‬تا حذى هبا إٔب القياـ بالثورات الشعبية‪،‬‬

‫ويرى "ىنتنغتوف" أف التحوؿ الدٯتقراطي الناجح ُب دولة يشجع على التحوؿ ُب دولة أخرى‪ ،‬وتتحدد‬

‫مظاىر العدوى واالنتشار ُب تأثر الزعماء وا‪ٞ‬تماعات بقدرة نظرائهم ُب الدوؿ األخرى على وضع حد‬

‫للنظاـ الشموٕب وبناء نظاـ دٯتقراطي وتأثر اجملتمعات ٔتا وصل إليو قرناؤىم من وعي سياسي ‪٦‬تا يؤدي إٔب‬
‫‪3‬‬
‫الرفع من وتَتة ا‪١‬تشاركة السياسية‪.‬‬

‫‪ 1‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.168‬‬
‫‪ 2‬ليندة لطاد بن ‪٤‬ترز‪ ،‬المجتمع المدني ودوره في بناء الدولة والتحوالت السيسية دراسة تطبيقية الجزائر أنموذجا‪ .‬القاىرة‪ :‬دار الكتاب‬
‫ا‪ٟ‬تديث‪ ،2016 ،‬ص ص‪.90 ،89‬‬
‫‪ 3‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.168‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ -‬ثورة المعلومات واالتصاالت‪ :‬حيث تصاعدت ىذه الثورة بشكل ملحوظ خبلؿ العقدين األخَتين‬

‫من القرف العشرين‪ ،‬وىي ٘تثل أحد أبعاد ظاىرة العو‪١‬تة اليت تشكل بدورىا أحد ا‪١‬تبلمح الرئيسية للمشهد‬

‫العا‪١‬تي‪ ،‬وأىم عوامل التحوؿ الدٯتقراطي بسبب إهنائها احتكار النظم التسلطية ‪١‬تصادر ا‪١‬تعلومات و٘تكينها‬

‫قوى ا‪١‬تعارضة من االتصاؿ بالعآب ا‪٠‬تارجي‪ ،‬مع السماح ‪٢‬تا ْتشد الرأي العا‪١‬تي الدوٕب ُب حاؿ انتهاؾ‬

‫حقوؽ اإلنساف‪ ،‬أضف إٔب ذلك نقل ىذه الوسائل للقيم واألفكار الدٯتقراطية من دوؿ أخرى ‪٦‬تا يساعد‬
‫‪1‬‬
‫على انتشار ما يعرؼ بعدوى الدٯتقراطية‪.‬‬

‫‪ -‬العوامل االقتصادية‪ :‬حيث تفرض األوضاع االقتصادية اإلصبلحات السياسية واالقتصادية اليت تعجل‬

‫بالتحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫وعليو ٯتكن القوؿ إف األسباب اليت تؤدي إٔب التحوؿ الدٯتقراطي قد تكوف داخلية وقد تكوف خارجية‬

‫مع اختبلؼ درجة تأثَت ىذه األسباب من دولة إٔب أخرى‪ ،‬حيث قد تنبع الرغبة ُب التغيَت من النظاـ‬

‫السياسي نفسو بنخبو ا‪ٟ‬تاكمة وا‪ٞ‬تماعات اليت يضمها أو من النظم السياسية ا‪١‬تكونة للبيئة ا‪٠‬تارجية‬

‫للدولة‪ ،‬وقد تتفاعل ىذه العناصر الداخلية وا‪٠‬تارجية مع بعضها البعض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنماط التحول الديمقراطي‪.‬‬

‫يتجسد التحوؿ الدٯتقراطي ُب عدة أشكاؿ أو أ‪٪‬تاط ٗتتلف حسب ا‪ٞ‬تهة اليت تبادر وتسعى إٔب‬

‫إحبللو‪ ،‬كما أف عملية التحوؿ الدٯتقراطي ال ٯتكن أف تتحقق دفعة واحدة وإ‪٪‬تا يكوف ذلك عرب عدة‬

‫مراحل‪ ،‬وعليو ال يوجد طريق واحد إل‪٧‬تاز التحوؿ الدٯتقراطي‪ ،‬فالتجارب السياسية الناجحة ُب جنوب‬

‫‪ 1‬حسنُت توفيق إبراىيم‪ ،‬النظم السياسية العربية االتجاىات الحديثة في دراستها‪ ،‬ط‪ .2‬بَتوت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،2008 ،‬‬
‫ص ص‪.137 ،136‬‬

‫‪78‬‬
‫وشرؽ أوربا وجنوب شرؽ آسيا وأمريكا البلتينية وأفريقيا تشَت إٔب تعدد طرؽ ومداخل االنتقاؿ‪ ،‬وقدمت‬

‫الدراسات األكادٯتية قائمة طويلة من األسباب اليت تفسر االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية‪ ،‬وتعدد تلك العوامل‬

‫ا‪١‬تؤثرة ُب عمليات االنتقاؿ تتفاوت وٗتتلف باختبلؼ ا‪١‬تكاف والزماف الذين يفسراف ظهور أكثر من سيناريو‬

‫إٔب جانب أ‪٫‬تية العامل ا‪٠‬تارجي‪ ،‬واختبلؼ ىذه العوامل بدوره يفضي إٔب تفاوت مداخل التحوؿ‬

‫الدٯتقراطي‪.‬‬

‫لقد حدد "صامويل ىنتنغتوف" أربعة أ‪٪‬تاط للتحوؿ الدٯتقراطي‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪.2‬النمط التحولي ‪ :Transformation‬حيث ٯتسك أىل السلطة ُب النظاـ الشموٕب بزماـ‬

‫ا‪١‬تبادرة ويلعبوف دورا حا‪ٝ‬تا ُب إهناء ذلك وٖتويلو إٔب نظاـ دٯتقراطي‪ ،1‬أي أنو ٭تدث عندما تكوف عملية‬

‫التحوؿ ٔتبادرة من النظاـ التسلطي ذاتو‪ ،‬وغالبا ما ٖتتفظ النخب ا‪١‬تسيطرة ُب النظاـ بالسلطة والقوة ُب‬

‫الًتتيبات ا‪ٞ‬تديدة‪ ،‬وىذا ما قد ‪٬‬تعل عملية التحوؿ عملية صورية كوف ا‪١‬تسيطرين على السلطة مدفوعُت‬
‫‪2‬‬
‫أساسا ٔتصا‪ٟ‬تهم ا‪٠‬تاصة الشخصية وا‪ٞ‬تماعية‪.‬‬

‫ويسمى أيضا ىذا النوع من التحوؿ ٔتنحة الدٯتقراطية‪ ،‬حيث ٘تنح السلطة ا‪ٟ‬تاكمة للشعب حق ‪٦‬تارسة‬

‫الدٯتقراطية ويكوف الدافع غالبا ىو حُت شعور القيادة والنخبة ا‪ٟ‬تاكمة أف االنشقاؽ على النظاـ القائم قد‬

‫تصاعدت حدتو وأف ‪٤‬تاولة استخداـ القوة ضد ا‪ٞ‬تماىَت أصبحت وشيكة الوقوع‪ ،‬لذلك تأخذ بزماـ‬

‫ا‪١‬تبادرة و٘تنح الشعب بعض اإلصبلحات أو تعده بذلك‪ ،‬وقد يكوف ذلك انعكاسا لرغبة حقيقية ُب‬

‫التحوؿ ‪٨‬تو الدٯتقراطية أو حيلة سياسية للخروج من مأزقها‪ ،‬وبالتإب تتيح لنفسها الوقت لصياغة آليات‬
‫‪3‬‬
‫جديدة ٘تكنها من مد ىيمنها وإطالة عمرىا‪.‬‬

‫‪ 1‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين‪ ،‬مرجع سابق‪.197 ،‬‬
‫‪ 2‬مينا اسحاؽ طانيوس بولس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ 3‬جاؾ ماريل نزوانكو‪" ،‬إفريقيا والدٯتقراطية"‪ ،‬تر‪ .‬فرحات توما‪ ،‬المجلة الدولية للعلوم االحتماعية‪ ،‬ع‪ ،128 .‬ماي ‪ ،1991‬ص‪.135‬‬

‫‪79‬‬
‫‪.2‬نمط اإلحالل ‪ :Replacement‬ويتمثل ُب اهنيار ا‪ٟ‬تكومة كنتيجة الزدياد قوة ا‪١‬تعارضة وتناقص‬

‫قوهتا‪ ،‬وتشمل الكفاح إلسقاط ا‪ٟ‬تكومة‪ٍ ،‬ب سقوط ا‪ٟ‬تكومة‪ٍ ،‬ب الكفاح بعد سقوط ا‪ٟ‬تكومة‪ 1،‬ويكوف‬

‫ىذا النوع نتيجة ألزمة وطنية خطَتة ال يستطيع النظاـ التسلطي حلها‪ ،‬وىذا التحوؿ يكوف مفروضا من‬

‫الشعب بعد صراعات دموية مع السلطة‪ 2‬نتيجة تردي األوضاع االقتصادية واالجتماعية للمواطنُت‪٦ ،‬تا‬

‫يؤدي إٔب تصعيد أعماؿ االحتجاجات واالضطرابات غرب ا‪١‬تنظمة وبداية العنف من الطرفُت ‪٦‬تا يضطر‬
‫‪3‬‬
‫القيادات السلطوية إٔب البدء ُب اإلصبلحات ا‪١‬تطلوبة علها ٖتتوي األزمة‪.‬‬

‫‪.3‬نمط التحول اإلحاللي ‪ :Transplacement‬ينتج ىذا التحوؿ من تصرفات كل من ا‪ٟ‬تكومة‬

‫وا‪١‬تعارضة ويكوف التوازف بُت ا‪١‬تتشددين واإلصبلحيُت داخل ا‪ٟ‬تكومة قائما ْتيث توافق ا‪ٟ‬تكومة على‬

‫التفاوض على تغيَت النظاـ‪ 4،‬ومن بُت العوامل ا‪١‬تهمة اليت تدفع النظاـ السلطوي إٔب الدخوؿ ُب‬

‫ا‪١‬تفاوضات مع القوى ا‪١‬تعارضة ىي احتماؿ أفوؿ ‪٧‬تم النظاـ السياسي أو أفوؿ ‪٧‬تم إيديولوجيتو والًتدي‬

‫االقتصادي الذي قد يصل إٔب حد اإلفبلس أو ضغوط متزايدة‪ 5،‬وىي كعملية غالبا ما تتأرجح بُت‬
‫‪6‬‬
‫االضطرابات واالحتجاجات وا‪١‬تظاىرات وعنف البوليس وحاالت ا‪ٟ‬تصار والطوارئ‪.‬‬

‫‪.4‬نمط التدخل األجنبي ‪ :Foreigne‬٭تدث نتيجة تدخبلت وضغوط أطراؼ أجنبية لفرض‬

‫التحوؿ‪ ،‬ومن أمثلتو التدخل األمريكي ُب العراؽ‪ ،‬وٗتتلف الطريقة واألسلوب واألشكاؿ اليت تستخدمها‬

‫‪ 1‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ 2‬مينا اسحاؽ طانيوس بولس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ 3‬جاؾ ماريل نزوانكو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.135 ،134.‬‬
‫‪ 4‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪ 5‬عبد الر‪ٛ‬تن ‪ٛ‬تدي‪" ،‬ظاىرة التحوؿ الدٯتقراطي ُب إفريقيا‪ :‬القضايا والنماذج وآفاؽ ا‪١‬تستقبل"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬ع‪ ،113 .‬جويلية‬
‫‪ ،1993‬ص‪.18‬‬
‫‪ 6‬صامويل ىنتنغتوف‪ ،‬ا‪١‬توجة الثالثة‪ ،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.229‬‬

‫‪81‬‬
‫األطراؼ ا‪٠‬تارجية ُب الضغط على دولة ما حيث قد ينتم ذلك عن طريق التدخل العسكري ا‪١‬تباشر أو من‬
‫‪1‬‬
‫خبلؿ ا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تالية واالقتصادية الدولية‪.‬‬

‫وذكر عبد الفتاح ماضي أف الدراسات األكادٯتية انتهت إٔب تفسَت االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطيات من عدة‬

‫مداخل وبالنظر إٔب عدة متغَتات‪ ،‬واليت أحصى ىنتنغتوف من ضمنها أكثر من ‪ 27‬متغَتا وردت ُب‬

‫دراسات االنتقاؿ الدٯتقراطي وأسهمت ُب إقامة الدٯتقراطيات‪ ،‬وذكر األ‪٪‬تاط التالية‪:‬‬

‫‪.2‬الخروج من حكم االستعمار إلى الحكم الديمقراطي مباشرة كما حدث ُب ا‪٢‬تند وماليزيا‪ ،‬حيث‬

‫انصب االىتماـ على توافق القادة واآلباء ا‪١‬تؤسسُت قبل وبعد االستقبلؿ واختيارىم االنتقاؿ مباشرة إٔب‬

‫ا‪ٟ‬تكم الدٯتقراطي ُب ظل تكريس ا‪٠‬تيارات التوافقية وعدـ تسييس ا‪١‬تؤسسات العسكرية ووجود أحزاب‬

‫سياسية عابرة للقوميات وااليديولوجيات‪.‬‬

‫‪ .2‬االنتقال التدريجي من نظام حكم الفرد أو القلة إلى النظام الديمقراطي‪ ،‬ويتم ذلك بداية مرحلة‬

‫ضعف النظاـ القدًن وظهور جناح إصبلحي بداخلو ٍب االنفتاح السياسي فتطور االنفتاح إٔب انتقاؿ‬

‫دٯتقراطي‪ ،‬ويتم بعدة طرؽ كاالنتقاؿ من أعلى بقيادة اإلصبلحيُت مثل اسبانيا والربازيل أو من خبلؿ‬

‫التفاوض بُت اإلصبلحيُت وا‪١‬تعارضة كبولندا وجنوب إفريقيا أو من أسفل بفعل التظاىرات الشعبية أو‬

‫ضغوط قوى ا‪١‬تعارضة الدٯتقراطية كالفلبُت وكوريا ا‪ٞ‬تنوبية أو حركات احتجاجية ثورية استطاعت ٖتقيق ما‬

‫‪ٝ‬تي بالدٯتقراطية ا‪١‬تلونة كما حدث ُب جورجا وأوكرانيا‪ ،‬وُب كثَت من ىذه ا‪ٟ‬تاالت استطاعت النخب‬

‫السياسية االستفادة من الدعم ا‪٠‬تارجي ا‪١‬تؤيد لبلنتقاؿ كحاالت جنوب وشرؽ أوربا‪.‬‬

‫‪.3‬انهيار نظم حكم الفرد أو القلة وإنشاء نظم حكم ديمقراطية‪ ،‬وىي ٘تر ٔترحلتُت أو‪٢‬تما مرحلة اهنيار‬

‫األنظمة ا‪ٟ‬تاكمة نتيجة عوامل ‪٥‬تتلفة منها الفشل الداخلي أو ا‪٢‬تزٯتة العسكرية أماـ ا‪١‬تتمردين ُب الداخل أو‬

‫‪ 1‬مينا اسحاؽ طانيوس بولس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.25 ،24‬‬

‫‪81‬‬
‫عدو خارجي‪ ،‬ويعترب ىذا النوع من ا‪١‬تداخل من أكثر ا‪١‬تداخل اليت تشهد العنف كاالحتجاجات‬

‫واالنقبلبات والثورات ا‪١‬تسلحة‪.‬‬

‫‪.4‬التدخل الخارجي الذي يتضمن عدة أشكاؿ منها الضغوط الديبلوماسية واالستخباراتية واألدوات‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادية ا‪١‬تشروطة والتدخل العسكري ا‪١‬تباشر كما حدث ُب أفغانستاف والعراؽ‪.‬‬

‫وعموما قد تشهد ىذه األشكاؿ واأل‪٪‬تاط تداخبل بُت أكثر من مسار وترتبط ارتباطا قويا بالتحوالت‬

‫االجتماعية داخل الدوؿ وبيئتها ا‪٠‬تارجية‪ ،‬ويبقى التحوؿ الذي يكوف ٔتبادرة من النخب ا‪ٟ‬تاكمة أكثر‬

‫الصيغ اليت ٕتعل من التحوؿ الدٯتقراطي عملية سلسة با‪١‬تقارنة مع الصيغة الصورية والتدخل ا‪٠‬تارجي‪ ،‬كما‬

‫أف عملية التحوؿ الدٯتقراطي غَت هنائية‪ ،‬فقد ينتهي الشكل الدٯتقراطي لنظاـ ا‪ٟ‬تكم ُب أي ‪ٟ‬تظة ليعود‬

‫الشكل التسلطي من جديد‪ ،‬فلهذا يعترب التدعيم ا‪١‬تستمر لقوى اجملتمع ا‪١‬تدين والًتسيخ الفعلي لقنوات‬

‫ا‪١‬تشاركة السياسية وللحريات الفردية وا‪ٞ‬تماعية من الضمانات األساسية الستمرار ا‪ٟ‬تكم الدٯتقراطي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مراحل التحول الديمقراطي وتحدياتو‪.‬‬

‫يعد االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية سَتورة معقدة تنطوي على مراحل عدة حيث تبدأ ْتدوث أزمة داخل‬

‫النظاـ التسلطي يتبعها االهنيار التدر‪٬‬تي‪ ،‬ويكوف من الضروري ا‪١‬ترور ٔتراحل عديدة من تعميق الدٯتقراطية‬

‫قبل ترسيخ النظاـ ا‪ٞ‬تديد‪ ،‬مع العلم أف ىذه ا‪١‬تراحل ال تسَت بالضرورة بسبلسة وعلى وتَتة خطية واحدة‬

‫إ‪٪‬تا تتخللها أزمات وانتكاسات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مراحل التحول الديمقراطي‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الفتاح ماضي‪ ،‬العنف والتحول الديمقراطي في مصر بعد الثورة‪ .‬مصر‪ :‬دار البشَت للثقافة والعلوـ‪ ،2015 ،‬ص‪.21-18‬‬

‫‪82‬‬
‫يعرؼ التحوؿ الدٯتقراطي بأنو عملية تطورية مستمرة تتسم بالتدرج وباألسلوب االنتقإب‪ ،‬وتشمل ثبلث‬
‫‪1‬‬
‫مراحل أساسية‪:‬‬

‫‪ -‬االستعداد والتأىب‪ ،‬حيث تزداد خبل‪٢‬تا حدة الصراع السياسي واالجتماعي بدرجة هتدد سيطرة ا‪ٟ‬تكم‬

‫غَت الدٯتقراطي وقائو‪.‬‬

‫‪ -‬ظهور إجماع عام حول ضرورة التغيير وٖتديد مطالب أساسية ومؤسسية وُب مقدمتها إنشاء الرب‪١‬تاف‬

‫وتفعيل دوره‪ ،‬أي تقدًن بديل دٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬تأمين التحول الديمقراطي من خبلؿ إرساء ‪٣‬تموعة القواعد وا‪١‬تمارسات اليت تدعم ٘تاسك ا‪١‬تؤسسات‬

‫التمثيلية وتنمي الثقافة السياسية الدٯتقراطية‪ ،‬من أجل دعم أسس البناء الدٯتقراطي البديل ‪ ،‬وبرتبط ذلك‬

‫بدرجة نضج النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تديد‪ ،‬ىذا النضج الذي ٯتنعو عن االرتداد إٔب السلطوية مرة أخرى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وبالنسبة لصامويل "ىنتنغتوف" فإف عملية التحوؿ الدٯتقراطي تنطوي على ا‪١‬تراحل التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة االنهيار‪ :‬حيث يشَت كل من "أودونيل" و"مشبيًت" إٔب وجود بعض العوامل الضرورية الهنيار‬

‫النظاـ السلطوي من أ‪٫‬تها الصراع بُت ا‪١‬تتشددين الراغبُت ُب البقاء ُب السلطة وا‪١‬تعارضُت للتحوؿ وا‪١‬تعتدلُت‬

‫الذين يؤمنوف بضرورة اإلصبلحات‪ ،‬وال تعرب ىذه ا‪١‬ترحلة عن خط ذو إتاه تصاعدي إذ قد يفشل التحوؿ‬

‫بسبب مقاومة النخب العسكرية أو غياب األوضاع االجتماعية وا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تبلئمة‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة إقامة النظام الديمقراطي‪:‬‬

‫‪ 1‬حسن ‪٤‬تمد سبلمة‪" ،‬أثر العو‪١‬تة على تطور النظاـ السياسي"‪ ،‬مجلة الديمقراطية‪ ،‬ع‪ ،02.‬ربيع ‪ ،2001‬ص‪.29‬‬
‫‪ 2‬مينا اسحاؽ طانيوس بولس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.20-16‬‬

‫‪83‬‬
‫وىي من أخطر ا‪١‬تراحل‪ ،‬فإما أف يستكمل النظاـ عملية التحوؿ أو يرتد إٔب النظاـ السلطوي‪،‬كوف ىذه‬

‫ا‪١‬ترحلة تضم خليطا من مؤسسات النظاـ القدًن إٔب جانب مؤسسات النظاـ ا‪ٞ‬تديد وكذا الدٯتقراطيوف‬

‫والسلطويوف ا‪١‬تتصارعوف‪ ،‬كما أف ىذه ا‪١‬ترحلة تشهد حالة من التحوؿ الليربإب كمقدمة للتحوؿ الدٯتقراطي‬

‫والذي يقصد بو إعادة تعريف وتوسيع نطاؽ ا‪ٟ‬تريات ا‪١‬تسموح هبا كاإلفراج عن ا‪١‬تسجونُت وحرية التعبَت‬

‫والرأي‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة الترسيخ الديمقراطي‪:‬‬

‫حيث يكتسب التحوؿ طابعو ا‪١‬تؤسسي ويتم االتفاؽ بُت القوى السياسية ا‪١‬تختلفة على قواعد اللعبة‬

‫السياسية‪ ،‬ويرى "ج‪ .‬جواف" )‪ )J.Juan‬أف الًتسيخ الدٯتقراطي حالة يسود فيها االعتقاد بُت الفاعلُت‬

‫السياسيُت الرئيسيُت أو األحزاب و‪ٚ‬تاعات ا‪١‬تصاّب أو أي قوى أو منظمات بعدـ وجود بديل عن‬

‫العمليات الدٯتقراطية للوصوؿ إٔب السلطة‪ .‬ويرى البعض أف مفهوـ الًتسيخ الدٯتقراطي يتساوى مع مفهوـ‬

‫‪.Institutionnalisation‬‬

‫‪ -‬النضج الديمقراطي‪:‬‬

‫وىو أعلى مراحل التحوؿ الدٯتقراطي‪ ،‬يتضمن ٖتوال أوسع يغطي ا‪١‬تؤسسات االجتماعية ويطالب فيها‬

‫بتحقيق مساواة فعلية فيما يتعلق بتوزيع ا‪١‬تنافع احملققة‪.‬‬

‫أما "روستو" )‪ (Rostow‬فقسم سَتورة االنتقاؿ من ا‪ٟ‬تكم البلدٯتقراطي إٔب ا‪ٟ‬تكم الدٯتقراطي إٔب‬
‫‪1‬‬
‫ثبلث مراحل‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ -‬المرحلة التحضيرية‪ :‬وتشمل نضاؿ سياسي مطوؿ وغَت حاسم من أجل ٖتقيق غايات الدٯتقراطية‬

‫كا‪١‬تساواة وتوزيع عادؿ للثروة وتوسيع دائرة ا‪ٟ‬تقوؽ وا‪ٟ‬تريات‪.‬‬

‫‪ 1‬غيورغ سورنسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -‬مرحلة اتخاذ القرار‪ :‬حيث يتم اٗتاذ قرارات من طرؼ القادة السياسيُت ‪١‬تأسسة بعض جوانب‬

‫اإلجراءات الدٯتقراطية ا‪١‬تفصلية‪ ،‬وٖتديد عناصر واضحة ا‪١‬تعآب من النظاـ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة الترسيخ‪ :‬حيث تتطور الدٯتقراطية أكثر فأكثر وتصبح ا‪١‬تمارسات الدٯتقراطية جزءا راسخا ُب‬

‫الثقافة السياسية‪ ،‬ومن ا‪١‬تؤشرات ا‪٢‬تامة ‪١‬ترحلة الًتسيخ اليقُت الذي يتعزز عندما تتطور القواعد وا‪١‬تمارسات‬

‫وا‪١‬تؤسسات اليت تؤطر العمليات السياسية وكذلك عندما ٖتًتمها ا‪ٞ‬تماعات السياسية الرئيسية‪.‬‬

‫ويرى "روستو" أف الوحدة الوطنية البد أف تكوف سليمة قبل أي تصور لبلنتقاؿ الدٯتقراطي‪ ،‬وىي تشَت‬

‫حسبو إٔب أف األغلبية العظمى من ا‪١‬تواطنُت ال تراودىم أي ٖتفظات حوؿ اجملتمع السياسي الذي ينتموف‬
‫‪1‬‬
‫إليو مع تسوية الصراعات واالنقسامات‪.‬‬

‫وُب ظل تباين التصنيفات ‪١‬تراحل التحوؿ الدٯتقراطي تبقى مرحلة االنتقاؿ الدٯتقراطي من أىم ا‪١‬تراحل‪،‬‬

‫حيث يركز كل من "روستو" و"أودونل" و"لينز" على ىذه ا‪١‬ترحلة اليت يبادر فيها النظاـ التسلطي بإطبلؽ‬

‫بعض ا‪ٟ‬تريات السياسية واالنفتاح‪ ،‬غَت أف ىذه ا‪٠‬تطوة ال تقود تلقائيا إٔب الدمقرطة إذ أف االنفراج النسيب‬

‫ُب حقل ا‪ٟ‬تريات قد يتم إجهاضو ويعود القمع مرة أخرى وما إف ترٗتي قبضة النظاـ حىت تبدأ فئات‬

‫سياسية متعددة باال‪٩‬تراط ُب سياؽ ا‪١‬تواجهة التارٮتية بُت ىذا النظاـ وقوى ا‪١‬تعارضة‪ ،‬ويضم النظاـ عادة‬

‫متشددين ومتنورين وانتهازيُت ومعتدلُت ومتطرفُت‪ ،‬لتبقى ا‪ٟ‬تصيلة متوقفة على نوعية العبلقة اليت تنشأ بُت‬

‫فئة وأخرى من ىذه الفئات‪ ،‬فإذا حدث ٖتالف بُت متنوري السلطة وا‪١‬تعتدلُت من قوة ا‪١‬تعارضة فإف‬
‫‪2‬‬
‫االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية يصبح أكثر سهولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحديات التحول الديمقراطي‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.78 .‬‬


‫‪ 2‬يوسف الشويري‪ ،‬الشورى الليبرالية والديمقراطية في الوطن العربي‪ :‬آليات االنتقال‪ُ ،‬ب‪ :‬برىاف غليوف وآخروف‪ ،‬مرجع سابقص‪.58‬‬

‫‪85‬‬
‫ٗتتلف التحديات اليت تواجو التحوؿ الدٯتقراطي بسبب اختبلؼ الظروؼ السياسية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬ففي الدوؿ اإلفريقية معظم األنظمة السياسية شبو استبدادية حيث لديها كل‬

‫ا‪١‬تؤسسات الدٯتقراطية من دساتَت وانتخابات وسلطات قضائية مستقلة غَت أهنا تعاين من مشاكل خطَتة‬

‫أثرت على ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية أ‪٫‬تها عدـ رغبة ىذه األنظمة االستبدادية ُب تكربس الدٯتقراطية خوفا من‬

‫فقداف قادهتا للسلطة‪ ،‬كما أف األنظمة السياسية العربية تعاين أزمة غياب الثقافة الدٯتقراطية والذي ينعكس‬

‫سلبا على سلوكيات ا‪ٟ‬تاكم واحملكوـ‪ ،‬ولقد تنبأ "برٯتر" (‪ )Bremmer Ian‬بأف الفًتة ما بُت ٗتفيف‬

‫ا‪ٟ‬تكم االستبدادي وتعزيز الدٯتقراطية تتسم بالعموـ باختبلالت منها صراعات اجتماعية وسياسية مثل‬

‫اإلضرابات وأعماؿ العنف والتشوىات االقتصادية وعدـ ا‪١‬تساواة االجتماعية‪ ،‬إضافة إٔب سوء ا‪ٟ‬تكم الذي‬
‫‪1‬‬
‫يتزامن غالبا مع تفاقم الظروؼ السياسية واألمنية‪.‬‬

‫‪.2‬التحديات االجتماعية الثقافية‪ :‬يعرب التحوؿ الدٯتقراطي عن عملية تغيَت جذري وشامل تستهدؼ‬

‫ٖتوالت عميقة على مستوى البنية السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪٦‬تا يستدعي مشاركة ‪٣‬تتمعية واسعة‬

‫وفعالة ُب ىذه العملية‪ ،‬وعليو فإف تغيَت بنية اجملتمع ثقافيا ومؤسسيا وإشراؾ ‪ٚ‬تيع مكوناتو ُب التغيَت يعترب‬

‫من أىم التحديات اليت تواجو التحوؿ الدٯتقراطي خاصة ُب الدوؿ اليت ال تزاؿ بنيتها االجتماعية تصارع‬

‫عملية التحوؿ من اآلليات التقليدية لتسيَت العبلقات إٔب اآلليات الدٯتقراطية‪.‬‬

‫ف من العسَت تغيَت األ‪٪‬تاط االقتصادية واالجتماعية ا‪١‬تًتسخة‪ ،‬فمثبل أجرب السكاف السود وا‪١‬تلونُت ُب‬

‫جنوب إفريقيا ُب ظل نظاـ الفصل العنصري على العيش بعيدا عن ا‪١‬تناطق ا‪ٟ‬تضرية اليت يعملوف هبا ‪٦‬تا ولد‬
‫‪2‬‬
‫عادات عصية على التغيَت حيث العيش ُب الغيتو خلق غيتو إيديولوجي‪.‬‬

‫‪ 1‬علي مصباح ‪٤‬تمد الوحيشي‪" ،‬دراسة نظرية ُب التحوؿ الدٯتقراطي"‪ ،‬مجلة كلية االقتصاد للبحوث العلمية‪ ،‬مج ‪ ،01‬ع ‪ ،02‬أكتوبر‬
‫‪ .2015‬ص‪.62‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬تنتدى الدوٕب حوؿ مسارات التنمية والتحوؿ الدٯتقراطي‪ .‬تقرير موجز حوؿ التجارب الدولية والدروس ا‪١‬تستفادة والطريق قدما‪ .‬برنامج‬
‫األمم المتحدة اإلنمائي‪ 06-05 .‬جواف ‪ .2011‬ص‪.09‬‬

‫‪86‬‬
‫‪.2‬تحديات سياسية‪ :‬تتمثل ُب انعداـ اليقُت أثناء التحوؿ وما يصاحبو من قلق شعيب وفوضى وأزمات‬

‫وانسداد قنوات التحوؿ‪ُ ،‬ب ظل تعادؿ القوة بُت النظاـ الديكتاتوري والقوى ا‪١‬تطالبة بالتغيَت وصعوبة‬

‫االتفاؽ على ا‪٠‬تطوات اليت ٖتقق ا‪١‬تضي ُب ا‪١‬تسار الدٯتقراطي‪ 1،‬إضافة إٔب عدـ الفصل بُت السلطات‬

‫واحتكار النظاـ الشموٕب للسلطة القضائية خاصة ُب الدوؿ العربية اليت تعكس فيها ا‪١‬تمارسة ا‪١‬تيدانية‬

‫صعوبة تغيَت قمة النظاـ السياسي بالنظر إٔب قوة و‪٤‬تورية السلطة التنفيذية سواء ُب األنظمة ا‪١‬تلكية أو‬

‫ا‪ٞ‬تمهورية‪.‬‬

‫ومن بُت التحديات أيضا التوجو السائد بعدـ احًتاـ حقوؽ اإلنساف والذي يظهر ُب تطبيق قوانُت‬

‫الطوارئ واألحكاـ العرفية لسنوات طويلة‪ ،‬إضافة إٔب عدـ فاعلية القوانُت وتكريسها على أرض الواقع‬

‫وعدـ تطبيق النصوص الدستورية رغم إقرارىا للتعددية ا‪ٟ‬تزبية وحرية الرأي‪ ،‬ضف إٔب ذلك السياسات‬

‫األمنية لؤلنظمة ا‪ٟ‬تاكمة وا‪١‬تبنية على مؤسسات أمنية وعسكرية ٖتمي النظاـ القائم‪ ،‬ووجود قيود كثَتة‬

‫وصارمة مفروضة على آليات التحوؿ الدٯتقراطي كاألحزاب السياسية واجملتمع ا‪١‬تدين واإلعبلـ وأدوات‬

‫التعبَت ا‪ٟ‬تر‪ ،‬مع ‪٤‬تدودية حجم القوى االجتماعية وأدائها واستمرار اعتبار القبيلة وحدة التنظيم االجتماعي‬

‫مع غياب معارضة سياسية قوية قادرة على التغيَت والوصوؿ إٔب السلطة‪ 2،‬كما تعترب ا‪١‬تظاىر البَتوقراطية من‬

‫أنانية ورشوة و‪٤‬تسوبية من أخطر معوقات التحوؿ الدٯتقراطي‪ ،‬حيث إف االستعماؿ السليب للعمل اإلداري‬

‫يساىم ُب تعطيل آليات اشتغاؿ النظاـ السياسي ومشاريعو التنموية ‪٦‬تا ينتج عنو غياب ا‪١‬تواطنة ُب ا‪١‬تمارسة‬
‫‪3‬‬
‫السياسية وينعكس سلبيا على مسار التحوؿ‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ا‪١‬تكاف نفسو‪.‬‬


‫‪ 2‬عمر فرحاٌب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142 ،141‬‬
‫‪ 3‬نبيل سعداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116‬‬

‫‪87‬‬
‫وعليو فإف التحديات السياسية ترتبط أساسا بشرعية ا‪ٟ‬تكم السياسي‪ ،‬حيث ٖتتاج أسس ا‪ٟ‬تكم‬

‫الشرعي إٔب تغيَت وكلما استحكمت أشكاؿ الشرعية غَت العقبلنية القانونية حسب تعبَت "فيرب" أضحى‬

‫التحوؿ الدٯتقراطي أكثر تعقيدا‪ ،‬كما أف ظهور األحزاب السياسية إٔب السطح كعناصر ثابتة ٖتظى بالتقدير‬

‫ُب العملية السياسية واالستقرار وكأطراؼ فاعلة تعرؼ قواعد اللعبة ولديها إ‪١‬تاـ كامل بكيفية السعي‬

‫لتحقيق ىدؼ وجودىا أمر ضروري لتكريس الدمقراطية ُب ا‪ٟ‬تكم‪.‬‬

‫إضافة إٔب ىذه التحديات السياسية على ا‪١‬تستوى الداخلي توجد ٖتديات أخرى خارجية أ‪٫‬تها العو‪١‬تة‬

‫اليت قد تضعف الدٯتقراطية‪ ،‬ذلك أف ا‪ٟ‬تكومات الوطنية تتناقص قدرهتا ُب التحكم ٔتجريات األمور داخل‬

‫حدودىا خاصة مع الظروؼ االقتصادية ا‪٠‬تارجية‪ ،‬ويعترب باحثوف أف العو‪١‬تة تؤثر بعمق ُب أوضاع صنع‬

‫السياسات الوطنية وذلك من خبلؿ تضييقها ‪١‬تساحة ا‪١‬تناورة ا‪١‬تتاحة أماـ ا‪ٟ‬تكومات الوطنية‪ 1،‬كما أف‬

‫الضغوط الدولية اليت تعترب من أىم أسباب التحوؿ الدٯتقراطي تشكل أيضا أىم التحديات اليت تواجو‬

‫الدوؿ ُب سعيها ‪٨‬تو تكريس أنظمة دٯتقراطية‪.‬‬

‫‪.3‬تحديات اقتصادية تشمل ٖتدي االستقرار االقتصادي ورفع النمو االقتصادي و‪٤‬تاربة البطالة وارتفاع‬

‫معدالت التضخم والفقر وا‪٩‬تفاض مستويات االستثمار والتعليم والبنية األساسية‪ ،‬وٖتقيق ‪٪‬تو اقتصادي‬
‫‪2‬‬
‫مصحوب بعدالة اجتماعية‪.‬‬

‫وكخبلصة فإف الدٯتقراطية كفكرة و‪٦‬تارسة ىي منتوج غريب‪ ،‬وحصيلة نضاالت وثورات عنيفة وطويلة‬

‫األمد استطاعت أف تؤسس لبنية اجتماعية وسياسية واقتصادية تقدس ا‪ٟ‬ترية والفكر الليربإب‪٦ ،‬تا جعل‬

‫الدٯتقراطية ا‪١‬تبلذ اآلمن لشعوب ىذه الدوؿ‪ ،‬وعليو فإف استَتاد الدٯتقراطية و‪٤‬تاولة تطبيقها ُب الدوؿ النامية‬

‫‪ 1‬غيورغ سورنسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.240‬‬


‫‪ 2‬ا‪١‬تنتدى الدوٕب حوؿ مسارات التنمية والتحوؿ الدٯتقراطي‪ .‬تقرير موجز حوؿ التجارب الدولية والدروس ا‪١‬تستفادة والطريق قدما‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.09‬‬

‫‪88‬‬
‫يبقى أىم ٖتدي يواجو أنظمتها السياسية لغياب البنية ا‪١‬تبلئمة لذلك على كل ا‪١‬تستويات خاصة الثقافية‬

‫منها‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬دور البيروقراطية في العملية السياسية وعالقتها بالديمقراطية‪.‬‬

‫إف النظر إٔب البَتوقراطية على أهنا ذلك التنظيم الذي يوجد ُب اجملتمع السياسي ا‪١‬تتحضر لتحقيق‬

‫األىداؼ القومية وإخراج السياسة العامة إٔب حيز الواقع لوضعها موضع التنفيذ ال يعٍت فقط أهنا تضطلع‬

‫بدور تنفيذي‪ ،‬لكنها تقوـ ب أدوار أخرى ُب إطار العملية السياسية اليت يقوـ هبا أي نظاـ سياسي‪ ،‬وىي من‬

‫خبلؿ ىذه األدوار تشكل طرفا رئيسيا ُب أي تغيَت يطرأ على النظاـ السياسي الذي تدور ُب ‪٤‬توره‪.‬‬

‫وعليو ستحاوؿ الدراسة من خبلؿ ىذا ا‪١‬تبحث استكشاؼ أىم األدوار اليت ٘تارسها البَتوقراطية ُب ظل‬

‫األنظمة السياسية‪ ،‬والبحث عن عبلقتها بالتغَتات اليت تشهدىا ىذه األنظمة وآليات تفاعل ا‪ٞ‬تهاز‬

‫البَتوقراطي معها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مكانة البيروقراطية في العملية السياسية‪.‬‬

‫إف البَتوقراطية اليت ىي نتاج تقدـ اجملتمعات ا‪١‬تعاصرة ومعرب أساسي عن كفاءة األداء والفعالية‬

‫أصبحت تشكل قوة واضحة تنافس األجهزة السياسية على ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬خاصة مع صعوبة االستغناء عنها‪ ،‬كما‬

‫أف ٘تيزىا بدواـ ا‪١‬تنصب والتأىيل واستمرار صلتها بالشؤوف العامة وسيطرهتا على ا‪١‬تعلومات قد ساىم ُب‬

‫جعلها أكثر فروع النظاـ ضخامة وأ‪٫‬تية ومسا‪٫‬تة ُب كل الوظائف السياسية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬وظائف البيروقراطية‪.‬‬

‫‪.2‬على مستوى المخرجات‪:‬‬

‫‪89‬‬
‫يتم تنفيذ السياسات العامة ُب كل النظم ا‪١‬تعاصرة من طرؼ نظاـ إداري بَتوقراطي ُب إطار قوانُت‬

‫وقواعد ‪٤‬تددة‪ ،‬ومع ما ٘تلكو اإلدارة من ا‪٠‬تربة والتخصص فإف ‪٢‬تا صبلحيات واسعة ُب ٖتديد معاين‬
‫‪1‬‬
‫القوانُت‪ ،‬وىذا ما ‪٬‬تعلها تتحرؾ ُب حيز واسع وتقرر ما يتوافق ومصا‪ٟ‬تها وظروفها‪.‬‬

‫إف عملية التشريع أو صناعة السياسات والقرارات تعد أىم جزء من العملية السياسية‪ ،‬وُب كل النظم‬

‫السياسية‪ ،‬ويرى كل من"أ‪١‬توند" ) ‪ (Almond‬و"باوؿ" ) ‪ (Powel‬أف ىذه العملية اليت يسمياهنا‬

‫عملية صنع القاعدة وظيفة متمايزة تشكل تطورا حديثا ألهنا عملية كاريزماتية أو عملية متنامية وبطيئة من‬

‫تراكم العادات‪ ،‬وكاف التحوؿ من القيود التقليدية إٔب القيود الدستورية ُب ا‪ٟ‬تركة السياسية أىم عامل ُب‬
‫‪2‬‬
‫تطورىا‪.‬‬

‫وألف ىذه العملية ذات طابع فٍت فإف ا‪١‬تعرفة والتخصص يعطياف شرعية لتدخل البَتوقراطية فيها‪،‬‬

‫فالتخصص أىم ميزة للبَتوقراطية وىو مرتبط بتزايد التقدـ التقٍت وتوسع فكرة العقلنة وبالتإب ازدياد دور‬

‫البَتوقراطية ُب اٗتاذ القرارات زاد كنتيجة لسيطرهتا على ا‪١‬تعلومات وقدرهتا على التحكم ُب الوسائل التقنية‬
‫‪3‬‬
‫لتطبيق ا‪١‬تشاريع‪.‬‬

‫وىناؾ إ‪ٚ‬تاع على تدخل البَتوقراطية ُب صياغة ومناقشة السياسات بطرؽ ‪٥‬تتلفة‪ ،‬ومنهم من يرى أهنا‬

‫مثلما تصنع السياسة فهي كذلك قادرة على إعاقتها ويعطي "جيمس أندرسوف" ‪James Anderson‬‬

‫مثاال على ذلك ُب الواليات ا‪١‬تتحدة األمريكية بإعاقة القوانُت الصادرة بشأف السيطرة على التلوث من‬
‫‪4‬‬
‫طرؼ اإلداريُت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫»‪Renate Mayntz, « Les bureaucrates publiques et la mise en œuvre des politique,‬‬
‫‪Revue internationale des sciences sociales, v.31, n.04, 10-1979, pp 677-678.‬‬
‫‪2‬جابر يل أ‪١‬توند‪ ،‬بنقهاـ باوؿ‪ ،‬السياسة المقارنة‪ ،‬تر‪.‬أ‪ٛ‬تد عناين‪ ،‬القاىرة‪ :‬دار الطباعة القومية‪ ،1980 ،‬ص‪.133 ،130 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jacque Chevalier, Daniel Losak, Science administrative: theories general de‬‬
‫‪l’institution administrative. Paris: L.G.D.J, 1978, p 538.‬‬
‫‪ 4‬جيمس أندرسوف‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬تر‪ .‬عامر الكبيسي‪ .‬األردف‪ :‬دار ا‪١‬تسَتة‪ ،1999 ،‬ص‪.60‬‬

‫‪91‬‬
‫‪1‬‬
‫و توجد عدة طرؽ تتمكن من خبل‪٢‬تا البَتوقراطية من التدخل ُب صناعة السياسات‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ -‬اقًتاح البَتوقراطيُت ‪١‬تشروعات القوانُت وصياغتها وبذلك ٭تدوف من مبادرة أعضاء الرب‪١‬تاف با‪١‬تشاريع‪.‬‬

‫‪ -‬تضمُت مشاريع القوانُت تفويضا ٯتكنها من إصدار اللوائح‪.‬‬

‫‪ -‬تفسَت القوانُت حسب مصا‪ٟ‬تهم الشخصية‪.‬‬

‫‪ -‬التدخل ُب عمل السلطة التشريعية من خبلؿ ا‪٠‬تربة ُب سن القوانُت‪ ،‬خصوصا أف أعضاء السلطة‬

‫التشريعية ليس ‪٢‬تم إ‪١‬تاـ كامل با‪١‬ت صطلحات اليت تستخدـ ُب مناقشة ا‪١‬تشاريع وبا‪٠‬تصوص عندما يتعلق‬

‫األمر ٔتناقشة ا‪١‬تيزانية‪.‬‬

‫‪ -‬السيطرة على أعماؿ ا‪٢‬تيئة التشريعية من خبلؿ اإلجراءات الروتينية ا‪١‬توروثة‪.‬‬

‫ويعترب"أ‪١‬توند" أف ظاىرة تدخل البَتوقراطيُت ُب عملية التشريع ىي ‪ٝ‬تة النظم الشمولية حيث صياغة‬
‫‪2‬‬
‫القواعد تتم من طرؼ أجهزة ا‪ٟ‬تزب والبَتوقراطيات ا‪ٟ‬تكومية‪.‬‬

‫‪.2‬على مستوى المدخالت‪:‬‬

‫‪ -‬من الناحية االتصالية‪ :‬يصنف أ‪١‬توند و"باوؿ" األنواع ا‪١‬تختلفة من أبنية االتصاؿ إٔب ‪ٜ‬تسة أنواع‪،‬‬

‫وتشكل البَتوقراطية النوع الثالث منها واليت أ‪ٝ‬تياىا أبنية ا‪١‬تخرجات السياسية‪ ،‬وقد اعتربا أف البَتوقراطية‬

‫تشكل جزءا من األبنية الر‪ٝ‬تية ُب النظاـ السياسي وقناة ىامة لنقل ا‪١‬تعلومات وٕتعل من تنفيذ القوانُت‬

‫بتناسق وتعبئة موارد اجملتمع أمرا ‪٦‬تكنا‪ 3،‬وكوهنا القناة الوحيدة ا‪١‬تهيمنة على ا‪١‬تعلومات ذلك ‪٬‬تعلها تسيطر‬

‫على صنع القرارات فهي ٖتدث تغيَتات ُب ا‪١‬تعلومات الواردة إٔب النخب السياسية وذلك ما يؤدي إٔب‬
‫‪4‬‬
‫تغيَت ُب أداء وظائف النظاـ األخرى وتغيَت توجهات القادة‪.‬‬

‫‪ 1‬رياض ىنري‪ ،‬البيروقراطية والسياسة‪ .‬يروت‪ :‬دار ا‪ٞ‬تيل‪ ،1993 ،‬ص ص‪.94-91‬‬
‫‪ 2‬جابر يل أ‪١‬توند‪ ،‬بنقهاـ باوؿ ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.161-159‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Francis Chauvin, Administration de l’état. Paris: Dalloz, éd.4, 1994, p05.‬‬

‫‪91‬‬
‫كما تلعب السرية دورا مهما ُب ىيمنة البَتوقراطية على ا‪١‬تعلومات حيث إف التوسع ُب سرية ا‪١‬تكاتبات‬

‫يزيد من دور البَتوقراطيُت ويؤدي إٔب إعاقة الدٯتقراطية‪ ،‬وما يزيد من ذلك أيضا ىو احتكار البَتوقراطية‬
‫‪1‬‬
‫لوسائل اإلعبلـ السمعية والبصرية‪.‬‬

‫‪ -‬من ناحية ٕتميع ا‪١‬تصاّب‪ :‬واليت تعد أىم الوظائف اليت يقوـ هبا أي نظاـ سياسي ليحو‪٢‬تا إٔب ‪٣‬تموعة من‬

‫البدائل السياسية‪ ،‬فَتى كل من "أ‪١‬توند" و"باوؿ" أف األبنية اليت تلعب الدور األساسي ُب ٕتميع ا‪١‬تصاّب‬

‫ٗتتلف بُت النظم الشمولية وبُت تلك اليت تتميز باالنفتاح أكثر ‪٨‬تو بيئتها‪ ،‬ففي النظم الشمولية حيث‬

‫تدار العملية السياسية بواسطة ‪٩‬تبة صغَتة تتم ىذه العملية من طرؼ ا‪١‬تركز‪ ،‬لكن ُب النظم األكثر ‪٪‬توا يتم‬

‫التعبَت عن ا‪١‬تصاّب من خبلؿ الت فاعل بُت األحزاب السياسية والبَتوقراطية‪ ،‬أي أف البَتوقراطية تسهم‬

‫بشكل كبَت ومهم ُب ٕتميع ا‪١‬تصاّب وىي ُب النظم ا‪١‬تفتوحة تقوـ هبذه الوظيفة بدرجة أكثر فاعلية ألهنا‬

‫ٖتافظ على استقبلليتها أكثر ووحدهتا‪ ،‬لكن ُب النظم السياسية ا‪١‬تغلقة أي النظم الشمولية والسلطوية فهي‬
‫‪2‬‬
‫تصبح جهازا ٯتارس عليو نفوذ قوي من طرؼ ا‪ٞ‬تماعات ا‪١‬تتعاملة معها‪.‬‬

‫‪.3‬وظائف تنموية‪:‬‬

‫إف اإلدارة ا‪ٟ‬تديثة بوظائفها وسائلها وأجهزهتا ونظمها أصبحت تضطلع بدور حيوي ورئيسي وفعاؿ ُب‬

‫ٖتقيق أىداؼ التنمية االقتصادية‪ 3،‬كما أهنا مسؤولة عن إ‪٬‬تاد نظاـ اسًتاتيجي للتخطيط اإلداري‬

‫للسياسات والربامج وا‪١‬تخططات البلزمة لضبط عمليات التنمية االقتصادية‪ 4،‬وىذا الدور ا‪١‬تتزايد الذي‬

‫تلعبو البَتوقراطية ُب التنمية االقتصادية ىو ‪٣‬ترد انعكاس للدور الذي تلعبو الدولة‪ ،‬ىذه األخَتة اليت ٓب‬

‫‪ 1‬ىنري رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.97 ،96‬‬


‫‪ 2‬جابر يل أ‪١‬توند‪ ،‬بنقهاـ باوؿ ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.105-103‬‬
‫‪ 3‬عمار عوابدي‪" ،‬عبلقة التنمية اإلدارية بالتنمية االقتصادية"‪ ،‬إدارة‪ ،‬مج‪ ،06.‬ع‪ ،1996 ،02.‬ص‪.29‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪92‬‬
‫تنحصر مهامها فقط ُب ‪ٛ‬تاية ا‪١‬تواطنُت وتأمُت النظاـ العاـ لكن تعدهتا لتصبح الفاعل الرئيسي ُب عملية‬
‫‪1‬‬
‫التنمية االقتصادية واحملور ا‪١‬تركزي إلحداث التغيَتات االجتماعية‪.‬‬

‫ويربز الدور ا‪١‬تتنامي للبَتوقراطية اقتصاديا واجتماعيا بوضوح ُب الدوؿ النامية حيث ٯتكن القوؿ نظريا أف‬

‫معظم اجملتمعات النامية هبا قطاعات عامة وخاصة غَت ‪٤‬تددة بوضوح ‪٦‬تا يؤدي إٔب تدخل البَتوقراطية‬

‫بشكل مباشر أو غَت مباشر ُب تنظيمها‪ 2،‬وىي تلعب دورا مركزيا ُب األنظمة الشمولية من حيث إدارة‬

‫ا‪١‬توارد االقتصادية وتوزيع السلع وا‪٠‬تدمات والتحكم ُب تنفيذ السياسات االقتصادية من خبلؿ عمليات‬

‫التخطيط‪ ،‬واالنتقاؿ من االقتصاد ا‪١‬توجو إٔب االقتصاد ا‪ٟ‬تر ال يعٍت زواؿ ىذا الدور بل إف البَتوقراطية تبقى‬
‫‪3‬‬
‫مهيمنة على ا‪ٟ‬تياة االقتصادية ولكن بلليات أخرى‪.‬‬

‫كما أف العبلقة بُت ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي والنظاـ أو اإلطار الثقاُب ُب اجملتمع وطيدة للغاية‪ ،‬حيث يؤكد‬

‫الباحث األمريكي "جوف رفيوس" ‪ John Rehfuss‬أف البَتوقراطيُت اإلداريُت يؤثروف تأثَتا مباشرا على‬

‫التوزيع اإلكراىي للقيم بأسلوب يفوؽ أي إعبلف أو خطاب سياسي وىم يسا‪٫‬توف ُب تكوين توقعات‬

‫ا‪١‬تواطنُت حوؿ ما ‪٬‬تب وما ٯتكن للحكومة القياـ بو‪ ،‬تلك التوقعات اليت ٘تثل النتيجة ا‪٢‬تامة وا‪ٟ‬تا‪ٝ‬تة‬
‫‪4‬‬
‫للسلوؾ اإلداري ُب ا‪١‬تدى البعيد‪.‬‬

‫إف ا‪ٟ‬تديث عن أدوار البَتوقراطية يؤكد على أ‪٫‬تيتها ُب أي نظاـ سياسي‪ ،‬وىي بوظيفتها التقليدية‬

‫ا‪١‬تناطة هبا‪ ،‬وا‪١‬تتمثلة ُب تنفيذ السياسات العامة والقرارات اليت تصنعها السلطة السياسية تثبت صعوبة‬

‫‪1‬‬
‫‪Arnaud Sales," Intervention de l'état et position idéologique des dirigeants des‬‬
‫‪bureaucraties publique et privés", Sociologie et société, V. 15, N01, p13.‬‬
‫‪ 2‬فيصل السآب‪ ،‬اإلدارة العامة والتنمية‪ .‬الكويت‪ :‬جامعة الكويت‪ ،1978 ،‬ص‪.110‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Gionani Merli, Adaptation of political bureaucracy to economic and‬‬
‫‪institutional change under socialism: the Chinese family planning system. U. S.‬‬
‫‪A: center of demography and ecology and department of sociology, 2001, p 30.‬‬
‫‪ 4‬بومدين طامشة‪ ،‬البيروقراطية والتنمية السياسية في الجزائر‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،2015 ،‬ص‪.67‬‬

‫‪93‬‬
‫ا‪ٟ‬تديث عن حيادىا والتزامها هبذه الوظيفة فقط‪ ،‬فمشاركتها ُب التشريع وكذلك ُب باقي وظائف النظاـ‬

‫السياسية يستدعي بالضرورة إقامة ضوابط لعبلقاهتا بباقي أبنية ىذا النظاـ‪ ،‬واألىم من ذلك إقامة التوازف‬

‫بينها وبُت األجهزة ا‪١‬تنتخبة ألهنا اإلشكالية ا‪١‬تطروحة ْتدة ُب عبلقة البَتوقراطية باألنظمة السياسية خاصة‬

‫ُب الدوؿ النامية‪ ،‬وىذا ما ستحاوؿ الدراسة إبرازه ُب احملور القادـ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عوامل ومستويات نفوذ البيروقراطية‪.‬‬

‫إف البَتوقراطية سواء ُب الدوؿ الليربالية أو الشمولية ىي ضرورة ملحة‪ ،‬وىي من أىم األجهزة اليت تسهم‬

‫ُب تسيَت الشؤوف العامة‪ ،‬ويشكل وجودىا أمرا بالغ األ‪٫‬تية ُب كل اجملتمعات وتسهم عدة عوامل ُب منحها‬
‫‪1‬‬
‫ىذه ا‪١‬تكانة‪ ،‬وأ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ -‬دواـ منصب البَتوقراطي با‪١‬تقارنة مع السياسي‪ ،‬وىذا ما يضمن للبَتوقراطيُت االستمرار ُب العمل ٔتناىج‬

‫وأساليب ‪٤‬تددة ودائمة‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تعرفة ا‪١‬تتخصصة اليت ارتبطت بالتقدـ التقٍت واليت ٘تنح البَتوقراطيُت شرعية التدخل ُب كل اجملاالت‪.‬‬

‫‪ -‬االنقسامات اليت ٖتدث داخل ا‪ٟ‬تكومات تضعف السياسيُت وتكوف عامبل من عوامل قوة البَتوقراطيُت‬

‫الذين ٯتتلكوف أىدافا ‪٤‬تددة ونظرة موحدة للقضايا ا‪١‬تطروحة‪.‬‬

‫وإذا كانت البَتوقراطية تتميز بشرعيتها التقنية مقابل الشرعية السياسية التمثيلية للسياسيُت ُب الدوؿ‬

‫الليربالية فهي ليست كذلك ُب الدوؿ النامية‪ ،‬فا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي فيها كاف وليد الفًتة االستعمارية‬

‫واإلدارات ُب ىذه الدوؿ حافظت على خاصية اإلدارات ا‪١‬تستعمرة كربيطانيا وفرنسا واسبانيا‪ 2،‬ورغم أف‬

‫الدوؿ النامية قد اعتمدت على ‪٪‬تط البَتوقراطية الغربية إال أف البَتوقراطية استطاعت أف تسيطر فيها على‬

‫‪1‬‬
‫‪Bernard Gournay, Introduction a la science administrative. Paris : Press de la‬‬
‫‪fondation nationale des sciences politique, 1990, pp 283،284.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Shamsul Haque, « Incongruity between bureaucracy and society developing nations: a‬‬
‫‪critique », Peace. Change, v.22, n.04, Octobre 1997, p432.‬‬

‫‪94‬‬
‫األطر واألجهزة السياسية األخرى ُب النظامباعتبار أف البَتوقراطية ُب الغرب ‪٪‬تت وتطورت ُب سياؽ‬

‫اجتماعي تارٮتي وثقاُب قاـ على أساس الثورة الصناعية وظهور الرأ‪ٝ‬تالية وفصل الدين عن الدولة واالعتماد‬

‫على ا‪١‬تعايَت ا‪١‬توضوعية‪ ،‬أما الدوؿ النامية فاعتمدت على ىذه األ‪٪‬تاط لكن مقابل سياقات اجتماعية‬

‫وتارٮتية وثقافية مغايرة ٘تاماما أدى إٔب ظهور التنافر بُت البَتوقراطية واجملتمعات ُب ىذه الدوؿ لتصبح عائقا‬

‫أماـ تطورىا بدؿ أف تقوـ بالعكس‪ 1،‬وزاد نفوذىا على ا‪١‬تستويات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬عوامل ومظاىر النفوذ على المستوى السياسي‪.‬‬

‫إف أىم ما ٯتيز النظم السياسية النامية ىو تفوؽ البَتوقراطية على األجهزة السياسية ا‪١‬تنتخبة ويرجع‬

‫ذلك إٔب كوهنا وليدة الفًتة االستعمارية‪ ،‬فاالستعمار قد ساىم بدرجة كبَتة ُب تقويتها وٖتطيم األجهزة‬

‫السياسية‪ ،‬كما حرص على أف يكوف قيامها على أساس جهوي اثٍت مع ترسيخ نظاـ مركزي قوي ما جعل‬

‫منها ُب معظم دوؿ إفريقيا وآسيا طبقة حاكمة ليس بامتبلكها وسائل اإلنتاج لكن ٔتكانتها ُب جهاز‬
‫‪2‬‬
‫الدولة‪.‬‬

‫وما زاد من قوة البَتوقراطية أيضا بعد االستقبلؿ ىو غياب ا‪١‬تنافسة السياسية ووجود أنظمة عسكرية‬

‫متسلطة حيث معظم الدوؿ النامية بعد االستقبلؿ فضلت صيغة ا‪ٟ‬تزب الواحد الذي يسيطر على ا‪ٞ‬تهاز‬

‫البَتوقراطي سواء داخليا بفرض االنتماء إٔب ا‪ٟ‬تزب كشرط لبلنضماـ إٔب اإلدارة أو خارجيا بفرض الرقابة‬

‫على ا‪٢‬تياكل اإلدارية احمللية‪ ،‬وا‪١‬تركزية‪ 3،‬وحىت مع وجود تعددية حزبية استطاعت البَتوقراطية إضعاؼ‬

‫األحزاب السياسية من ناحيتُت‪:‬‬

‫‪ -‬استيعاب البَتوقراطية للصفوة ا‪١‬تتعلمة وحرماف األحزاب السياسية منها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, p434.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, pp435،436.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Bernard Gournay, Op.Cit, p234.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -‬عدـ قدرة األحزاب على اإل‪١‬تاـ ٓتطط التنمية ومسار تنفيذىا إضافة إٔب ٖتكم البَتوقراطية ُب‬

‫االنتخابات‪ 1.‬أي أف ضعف ا‪١‬تؤسسات السياسية وقوة البَتوقراطية ا‪١‬تدنية والعسكرية جعل من الصعب أف‬

‫تكوف البَتوقراطية على ا‪ٟ‬تياد ُب الدوؿ النامية‪ ،‬وكما يرى"بَتتراند بادي")‪ (Bertrand Badie‬فإف قوة‬

‫مؤسسات الدولة البَتوقراطية واستقبلؿ كبار ا‪١‬توظفُت ىو الذي ٯتنحهم الدور األساسي ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية‬

‫كفرنسا وايطاليا لكن حيث اجملتمع ا‪١‬تدين قوي ومنظم بكل مؤسساتو فإف دور البَتوقراطيُت يتقلص مثلما‬

‫ىو ا‪ٟ‬تاؿ ُب الواليات ا‪١‬تتحدة األمريكية أو بريطانيا‪ ،‬أي أف دور ىؤالء ا‪١‬توظفُت يتوقف على وجود دولة أو‬
‫‪2‬‬
‫مركز فيها أو عدة مراكز‪.‬‬

‫‪ .2‬عوامل ومظاىر النفوذ على المستوى االقتصادي‪.‬‬

‫إذا كاف النظاـ االقتصادي للدوؿ الليربالية قائم على ا‪١‬تنافسة ووضع حدود لتدخل الدولة فالواقع ُب‬

‫الدوؿ النامية يناقضو ٘تاما‪ ،‬فاإلنتاج فيها ضعيف وا‪١‬تنافسة ‪٤‬تدودة والبَتوقراطية ا‪١‬تهيمنة على ا‪ٟ‬تياة‬

‫السياسية امتد نفوذىا كذلك ُب ا‪ٟ‬تياة االقتصادية حيث سا‪٫‬تت ُب إضعاؼ القطاع ا‪٠‬تاص وحولت ‪٣‬تمل‬
‫‪3‬‬
‫عائدات القطاع العاـ ‪٠‬تدمة النخب ا‪ٟ‬تاكمة‪.‬‬

‫كما أف البَتوقراطية باعتبارىا القوة األكثر خربة ومعرفة ارتادت الكثَت من اجملاالت وعملت على إنشاء‬

‫مؤسسات وشركات عامة وتطبيق برامج تنموية عديدة‪ ،‬وىي باحتكارىا آلليات العمل االقتصادية واإلنتاج‬
‫‪4‬‬
‫سا‪٫‬تت أكثر ُب خفض مستوى األداء ا‪١‬تطلوب منها وإضعاؼ مستوي التنمية‪.‬‬

‫‪ .3‬عوامل ومظاىر النفوذ على المستوى الثقافي‪.‬‬

‫‪ 1‬ىنري رياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Bertrand Badie, Pierre Birnbaum, Sociologie de l’état. Paris : Edition Grassel et‬‬
‫‪Fasquelle, 1979, p241‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Shamsul Haque, Op.Cit, pp 440،441‬‬
‫‪ 4‬أسامة عبد الر‪ٛ‬تن‪ ،‬البيروقراطية النفطية ومعضلة التنمية‪ :‬مدخل إلى دراسة إدارة التنمية في دول الجزيرة العربية المنتجة للنفط‪.‬‬
‫الكويت‪ :‬اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف واآلداب‪ ،1978 ،‬ص‪.72‬‬

‫‪96‬‬
‫إف النمط البَتوقراطي الغريب الذي تبنتو معظم الدوؿ النامية بعد استقبل‪٢‬تا كاف قد ظهر ُب الغرب ُب‬

‫إطار ثقاُب ٭تمل قيم العلمانية والفردانية والعقبلنية وا‪١‬تنافسة لكن بعد ‪٤‬تاولة تكريس ىذه القيم ُب ثقافات‬

‫الدوؿ النامية ظهرت أ‪٪‬تاط بَتوقراطية مشوىة‪ 1،‬فالسلوؾ اإلداري ىو ‪٤‬تصلة القيم والتقاليد والثقافة اليت‬

‫يفرزىا اجملتمع‪ ،‬لكن و‪١‬تا كانت اجملتمعات ُب الدوؿ النامية مشدودة أكثر إٔب قيم كالقبلية واحملسوبية‬

‫والوساطة فإف البَتوقراطية فيها بدت مشدودة أكثر لتلك القيم واٗتذت أ‪٪‬تاطا وأشكاال مغايرة لؤل‪٪‬تاط‬
‫‪2‬‬
‫الغربية وىا ما يفسر ضعف أدائها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬البيروقراطية أداة لتحقيق الديمقراطية‪.‬‬

‫تتفق التحليبلت أف تضخم البَتوقراطية يشكل خطرا على ا‪ٟ‬تريات الدٯتقراطية لكنها ُب الوقت نفسو‬

‫تقوـ بوظائف مهمة ُب اجملتمع الدٯتقراطي ال ٯتكن ٕتاىلها‪.‬‬

‫لقد درس "ويرب" ظاىرة البَتوقراطية من منظور واسع وأثار قضايا كربى كالدٯتقراطية والرأ‪ٝ‬تالية وا‪ٟ‬ترية‪،‬‬

‫وبالنسبة للحرية الشخصية لؤلفراد ذىب إٔب أف ظهور البَتوقراطية ا‪ٟ‬تديثة عمل على ظهور أ‪٪‬تاط جديدة‬
‫‪3‬‬
‫للشخصية وأدوار ر‪ٝ‬تية جديدة كا‪٠‬تبَت الفٍت وا‪١‬توظف اإلداري الذي ‪٬‬تد السياسي نفسو ُب مواجهتهما‪،‬‬

‫كما أكد على عبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية واعترب أف وجود البَتوقراطية أمر ضروري إلقامة ‪٣‬تتمع‬

‫دٯتقراطي من خبلؿ استعماؿ ا‪١‬تستويات وا‪١‬تقاييس البَتوقراطية ُب االختيار والًتقية وا‪١‬تعاملة وتطبيقها على‬
‫‪4‬‬
‫أما عن عبلقتها بالرأ‪ٝ‬تالية فأوضح أف الرأ‪ٝ‬تالية قد سا‪٫‬تت ُب تطوير البَتوقراطية وىذه‬ ‫اجملتمع ككل‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Shamsul Haque, Op.Cit, p442.‬‬
‫‪ 2‬أسامة عبد الر‪ٛ‬تن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪ 3‬توـ بوتومور‪ ،‬الصفوة والمجتمع‪ :‬دراسة في علم االجتماع السياسي‪ ،‬ط‪ ،2 .‬تر‪٤ .‬تمد ا‪ٞ‬توىري وآخروف‪ .‬القاىرة‪ :‬دار ا‪١‬تعارؼ‪،‬‬
‫‪ ،1978‬ص ص‪.97 ،96‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Seymour Martin Lipset, Op.Cit, p 41.‬‬

‫‪97‬‬
‫الفكرة ىي من أىم األفكار اليت ًب انتقادىا باعتبار الرأ‪ٝ‬تالية كنظاـ اقتصادي ارتبطت ارتباطا وثيقا‬
‫‪1‬‬
‫بالدٯتقراطية لكن الدٯتقراطية تضاربت مع النمو البَتوقراطي‪.‬‬

‫وكاف فيرب قد أكد أف البَتوقراطية ىي التعبَت التنظيمي عن العقبلنية وتنبأ بنمو التنظيمات البَتوقراطية ُب‬

‫ا‪ٟ‬تجم واأل‪٫‬تية وتطور التنظيمات البَتوقراطية أشكاال من الرقابة والتحكم ا‪١‬تركزي والتخطيط القائم على‬

‫العلم وا‪١‬تعرفة‪ ،‬ورأى أف االشًتاكية لن ٖترر اجملتمع من ا‪١‬تيوؿ العقبلنية والبَتوقراطية وا‪١‬توجودة ُب الرأ‪ٝ‬تالية‬
‫‪2‬‬
‫بل على العكس سوؼ توسع من نطاؽ العقبلنية والبَتوقراطية‪.‬‬

‫كما ذىب "فيرب" إٔب القوؿ أف الدٯتقراطية والبَتوقراطية تدخبلف ُب عبلقة متناقضة كل مع اآلخر‬

‫فالبَتوقراطية تعمل بطبيعتها على تركز القوة ُب أيدي أقلية ىم أولئك الذين يًتبعوف على قمة التنظيم واعترب‬

‫ماركس أف ٕتريد ا‪ٞ‬تماىَت ُب اجملتمع الرأ‪ٝ‬تإب من وسائل اإلنتاج ىو أساس ا‪٢‬تيمنة الطبقية االستغبللية‪،‬‬

‫كما أهنا أساس الطابع احملدود للدٯتقراطية الربجوازية‪.‬‬

‫وُب رأي "فيرب" أف فقداف السيطرة على العمل واختزالو إٔب عمليات روتينية تتحوؿ ٔتوجبها األغلبية إٔب‬

‫‪٣‬ترد تروس ُب آلة ىي إحدى ‪ٝ‬تات التحوؿ إٔب البَتوقراطية بشكل عاـ‪ ،‬وىذا الوضع ال يقتصر على‬

‫الصناعة فقط وإ‪٪‬تا نفس الشيئ ينطبق على أولئك الذين يشغلوف مواقع دنيا ُب كافة التنظيمات البَتوقراطية‬

‫مثل ا‪١‬تستشفيات وا‪ٞ‬تامعات كما ينطبق على ا‪١‬تشاركة ُب ا‪ٟ‬تكومة ذاهتا‪ ،‬وأكد أف مثاليات الدٯتقراطية إ‪٪‬تا‬

‫ظهرت ُب األصل ُب اجملتمعات الصغَتة اليت تستطيع فيها قطاعات صغَتة من السكاف الذين ٭تظوف ْتق‬

‫ا‪١‬تواطنة أف يتجهوا سويا ‪١‬تمارسة القوة السياسية أما ُب اجملتمعات الكبَتة ا‪١‬تعاصرة اليت اتسعت فيها حقوؽ‬

‫ا‪١‬تواطنة ْتيث أصبحت تشمل كل الناس فإف النموذج من الدٯتقراطية يصبح غَت قابل للتطبيق‪ ،‬فالنسق‬

‫الدٯتقراطي ا‪ٟ‬تديث يفًتض مسبقا ٖتقق مستوى مرتفع من البقرطة ُب السياسة (أي اكتساب السياسة‬

‫‪ 1‬السيد ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.254.‬‬


‫‪٤ 2‬تمود عودة‪ ،‬أسس علم االجتماع‪ .‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،1995 ،‬ص‪.136‬‬

‫‪98‬‬
‫الطابع البَتوقراطي)‪ ،‬ولتنظيم االنتخابات ا‪ٞ‬تماىَتية ‪٬‬تب أف يتوفر نظاـ قانوين تصاحبو إجراءات‬

‫بَتوقراطية تضمن تنظيم االنتخابات وإدارهتا كما أف األحزاب السياسية نفسها تكتسب السمة البَتوقراطية‬

‫بقوة‪ ،‬وعليو فإف االشًتاكية بنظر فيرب تدفع باألمور ‪٨‬تو األسوء من خبلؿ االٕتاه ‪٨‬تو ا‪١‬تركزية ُب ا‪ٟ‬تياة‬

‫االقتصادية وضماف دولة أكثر بَتوقراطية‪٢ ،‬تذا اعتقد أف الرأ‪ٝ‬تالية أقل سوءا كوهنا ٘تيل إٔب االحتكار أو‬
‫‪1‬‬
‫نظاـ احتكار القلة إال أهنا ٖتتفظ بالكثَت من الطابع التنافسي الذي يسمح للمستهلك ْترية االختيار‪.‬‬

‫وإذا كاف فيرب قد اعترب البَتوقراطية ىي التنظيمي العقبلين ا‪١‬تميز للمجتمعات الدٯتقراطية فإنو من جهة‬

‫أخرى ٓب ينف ٗتوفو منها حيث كاف ٮتشى من أف حرماف البَتوقراطيُت من روح ا‪١‬تبادرة واالبتكار قد‬

‫يدفعهم إٔب االستكانة ‪١‬تا ىم فيو واالكتفاء بأدوارىم ا‪١‬ترسومة والدفاع عن األوضاع اآلمنة اليت يعيشوهنا‬

‫ض د أي ٖتد أو خطر قد يهددىم من ا‪٠‬تارج‪ ،‬كما أعرب عن ‪٥‬تاوفو من إمكانية حدوث صداـ بُت‬

‫البَتوقراطيُت احملًتفُت من جهة والسياسيُت ا‪١‬تنتخبُت بصورة دٯتقراطية من جهة أخرى ْتكم أف أفراد الفئة‬

‫األؤب يعملوف ُب خدمة ا‪ٟ‬تكومة وأوضاعهم ا‪١‬تستقرة وخربهتم العريضة ٘تنحهم صبلحيات وسلطات‬

‫واسعة‪ ،‬أما السياسيوف الذين يًتكز جانب من مهماهتم ُب وضع الضوابط على السلطة البَتوقراطية ُب‬

‫الدٯتقراطيات ا‪ٟ‬تديثة فإهنم يعتمدوف ُب نفس الوقت على البَتوقراطية ‪١‬تا ‪٢‬تا من معرفة وخربة‪ ،‬و‪٢‬تذا أكد‬
‫‪2‬‬
‫"فيرب" على ضرورة إخضاع البَتوقراطية جملموعة الضوابط السياسية القوية اليت تضمن االنفتاح والشفافية‪،‬‬

‫وىو نفس الرأي الذي ذىب إليو "اتزيوين أماتاي" ‪ Itzioni‬صاحب كتاب اجملتمع النشيط الذي عرب‬

‫عن موقف متفائل حيث رأى أف الضبط العقبلين سوؼ يكوف مصحوبا بالتوسع ُب نطاؽ مشاركة الناس‬
‫‪3‬‬
‫ُب ا‪ٟ‬تياة االجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫‪ 1‬أنتوين جيدنز‪ ،‬تر‪ٚ‬تة أ‪ٛ‬تد زايد وعدٕب السمري وآخروف‪ ،‬مقدمة نقدية في علم االجتماع‪ .‬القاىرة‪ :‬مركز البحوث والدراسات االجتماعية‪،‬‬
‫ط‪ ،2006 ،2‬ص ‪.108 ،107‬‬
‫‪ 2‬أنتوين جيدنز‪ ،‬تر‪ٚ‬تة فايز الصياغ‪ ،‬علم االجتماع‪ .‬بَتوت‪ :‬ا‪١‬تنظمة العربية للًت‪ٚ‬تة‪ ،‬أكتوبر ‪ .2005‬ص‪.419‬‬
‫‪٤ 3‬تمود عودة‪ ،‬أسس علم االجتماع‪ ،‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع‪ .1995 ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪99‬‬
‫وىناؾ من أكد أيضا من منظري التنمية السياسية أف تطور البَتوقراطية يساعد على التطور السياسي‬

‫وأىم ىؤالء "آيزماف" ‪" ،Izman‬براوف" ‪" ،Brown‬بريبانيت" ‪" ،Braibanti‬ليونارد بايندر"‬

‫‪.Leonard Binder‬‬

‫فقد اعترب كل من "آيزماف" و"براوف" أف دور اإلدارة ُب الدوؿ النامية دور مركزي‪ ،‬ورغم أهنا تشكل‬

‫خطرا على البناء الدٯتقراطي إال أنو ال ٯتكن إضعافها‪٢ ،‬تذا دعيا إٔب ضرورة تقويتها نظرا للفاعلية اليت‬

‫٘تتلكها ُب تنفيذ الربامج‪ ،‬ويبقى ا‪ٟ‬تل األساسي للحيلولة دوف توليها مناصب سياسية حساسة والتحكم ُب‬

‫القرا ر السياسي ىو ‪٦‬تارسة الرقابة على األجهزة اإلدارية عسكرية كانت أو مدنية‪.‬‬

‫أما "ليونارد بايندر" الذي ركز ٖتليلو حوؿ دوؿ الشرؽ األوسط وإمكانية انتقا‪٢‬تا إٔب الدٯتقراطية فقد‬

‫اتفق أيضا مع فكرة تقوية ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي كللية لتطوير الدوؿ ُب العآب الثالث‪ ،‬ورأى أف إمكانية انتقاؿ‬

‫الدوؿ ُب الشرؽ األوسط إٔب الدٯتقراطية ال تكوف إال من خبلؿ االعتماد على ‪٩‬تبة عسكرية وبَتوقراطية‬
‫‪1‬‬
‫ميزهتا العقبلنية ورفض االٕتاىات التقليدية الراسخة فيها‪.‬‬

‫وٓب ٮتتلف "بريبانيت" عن "آيزماف" و"براوف" ُب التأكيد على أف وجود بَتوقراطية فعالة يعد شرطا أساسيا‬

‫من شروط ٖتقيق النمو السياسي‪ ،‬ألف قوة البَتوقراطية يكوف سببا ُب بناء وتطوير الكثَت من القطاعات ُب‬

‫الدوؿ النامية اليت تبقى ْتاجة مستمرة إٔب بَتوقراطية فعالة‪ 2،‬كما أف األنظمة الليربالية القائمة على الفصل‬

‫بُت السلطات واحًتاـ حرية الفكر والتعبَت وا‪ٟ‬ترية االقتصادية ُب ظل ا‪١‬تنافسة الشديدة وحرية السوؽ ٘تكن‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.252 ،251‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Ralph Braibanti, Public bureaucracy and judiciary in Pakistan, in: Joseph Laparambara‬‬
‫‪(edit, Bureaucracy and political development. New jersey: Princeton university‬‬
‫‪press, 1963, pp 435،439.‬‬

‫‪111‬‬
‫من خبلؿ تكريسها ‪٢‬تذه ا‪ٟ‬تريات النقابات وا‪١‬تنظمات من حل التناقضات بُت العماؿ وأصحاب العمل‬
‫‪1‬‬
‫وىو ما يفضي إٔب التطور والتقدـ‪.‬‬

‫وعليو يظهر جليا أف رواد االٕتاه القائل بأ‪٫‬تية البَتوقراطية ُب اجملتمع وعبلقتها اإل‪٬‬تابية قد استدلوا على‬

‫ذلك بدورىا ُب استقرار النظم السياسية الغربية معتربين أف قدرهتا على إحداث التنمية ُب كل القطاعات ُب‬

‫ىذه الدوؿ ىي اليت ساعدت على ٖتقيق التنمية السياسية‪ ،‬لكن إذا كانت النظم الغربية تتميز باالستقرار‬

‫ووجود بنية دٯتقراطية ليربالية وحرية ُب الفكر واإلعبلـ واالقتصاد وبالتإب وجود بَتوقراطية مستقرة‪ ،‬فإف نظم‬

‫العآب الدوؿ النامية ىي نظم مشولية تتميز بتدعيمها للتسلسل السلطوي وتشكل البَتوقراطية فيها أىم‬

‫مصدر من مصادر االستيبلء على السلطة‪ ،‬بالتإب ىل مسا‪٫‬تة البَتوقراطية ُب استقرار النظم الغربية يعٍت‬

‫بالضرورة قدرهتا على استقرار النظم السياسية ُب الدوؿ النامية؟ أـ أف ىناؾ عوامل ٕتعل من ىذا ا‪ٞ‬تهاز‬

‫وسيلة إلعاقة التطور أكثر منو وسيلة لتحقيق االستقرار والتنمية وفق التصور الذي يعتربىا عامبل معيقا‬

‫للدٯتقراطية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬البيروقراطية أداة إلعاقة الديمقراطية‪.‬‬

‫كاف "ىيغل" من أوائل من حاوؿ ٖتديد وظائف البَتوقراطية ومبادئها معتربا أف الدولة ٕتسد ا‪١‬تصلحة‬

‫العامة ووسيلتها ُب ذلك ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي‪ ،‬وأف ىيكل ا‪١‬توظفُت ٯتارس دور الوسيط ُب الدولة و٭تقق‬

‫‪ 1‬جبلؿ زواد فاخوري‪ ،‬البيروقراطية والتنظيم اإلداري في األردن‪ .‬عماف‪ :‬مركز الدراسات واالستشارات‪-‬جامعة العلوـ التطبيقية‪،-‬‬
‫‪ ،1998‬صص‪.38‬‬

‫‪111‬‬
‫التجانس بُت ا‪١‬تصلحة العامة وا‪٠‬تاصة‪ ،‬والعوائق اليت ٯتكن أف يتعرض ‪٢‬تا ا‪ٞ‬تهاز ىي إمكانية أف يصبح‬
‫‪1‬‬
‫‪٤‬تافظا ومغلقا على نفسو‪.‬‬

‫وجاء "كارؿ ماركس" وطور فكرتو حوؿ البَتوقراطية من خبلؿ نقده لفلسفة ىيغل حوؿ الدولة‪ ،‬حيث‬

‫توصل إٔب أف "ىيغل" اكتفى فقط بوصف البَتوقراطية والتفرقة بُت اجملتمع ا‪١‬تدين والدولة وبُت ا‪١‬تصاّب‬

‫العامة وا‪٠‬تاصة‪ ،‬ليؤكد "ماركس" أف البَتوقراطية ال ٘تثل سوى ا‪١‬تصلحة ا‪٠‬تاصة والشخصية لؤلفراد وأف‬

‫دورىا ىو تدعيم االنقساـ الطبقي ُب اجملتمع الرأ‪ٝ‬تإب مع البحث عن كل الوسائل للحفاظ على مصا‪ٟ‬تها‬
‫‪2‬‬
‫ا‪٠‬تاصة‪ ،‬فأىداؼ الدولة تتحوؿ إٔب أىداؼ للبَتوقراطية وأىداؼ البَتوقراطية إٔب أىداؼ للدولة‪.‬‬

‫كما اعترب ىو وأتباعو أف البَتوقراطية مرتبطة ٔتجتمع الطبقات وىي ال تشكل طبقة وإ‪٪‬تا تستمد‬

‫استمرارىا من انقساـ اجملتمع إٔب طبقات ووظيفتها مراقبة ىذا االنقساـ واحملافظة عليو وخدمة الطبقة‬

‫ا‪ٟ‬تاكمة‪ ،‬ك ما أف مصَتىا مرتبط ٔتصَت الطبقة الربجوازية اليت يعٍت زوا‪٢‬تا زواؿ البَتوقراطية‪ 3،‬وربط ماركس‬

‫البَتوقراطية بفكرة "االغًتاب" معتربا أف البَتوقراطية كتنظيم ٖتطم كفاءة الفرد وتدعم االنقساـ الطبقي‬
‫‪4‬‬
‫وا‪ٟ‬تل لزوا‪٢‬تا ىو قياـ الثورة واجملتمع البلطبقي‪.‬‬

‫ونفس الرأي ذىب إليو "فوف موسس" الذي رأى ُب البَتوقراطية تشويو فعلي للدٯتقراطية ومعيق‬

‫للمصلحة العامة‪ ،‬و"ميشاؿ" الذي اعتربىا كتنظيم ٘تيل إٔب تطوير جهاز ىيكلي تنظيمي يعيق ‪٦‬تارسة‬
‫‪5‬‬
‫الدٯتقراطية وأهنا العد األوٕب لزواؿ ا‪ٟ‬ترية الفردية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Hegel Guillaume Frédéric, Op. Cit, pp194-198.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Karl Marx, Op. Cit , pp 287.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Claude Lefort, Op. Cit , p272.‬‬
‫‪4‬‬
‫االغًتاب يشَت إٔب كافة الظروؼ والعمليات اليت ٕتعل البشر يبتعدوف عن حياة البساطة االولية‪ْ ،‬تيث ينفصبلإلنساف عن بيئتو الطبيعية‪،‬‬
‫بعد أف استحدث أنظمة فصلتو عنها‪ ،‬وىي الطرؽ والوسائل اليت يستخدمها ُب حياتو ا‪ٟ‬تضارية‪ ،‬إضافة إٔب تقسيم العمل‪ .‬انظر‪ :‬رٯتاف بودرف‪،‬‬
‫فرنسوا بور يكو‪ ،‬المعجم النقدي لعلم االجتماع‪ ،‬تر‪ .‬سليم حداد‪ ،‬ط‪ .1.‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪ ،1986 ،‬ص‪.29.‬‬
‫‪ 5‬جبلؿ زواد فاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35 ،34 .‬‬

‫‪112‬‬
‫كما نظر "ميشلز" إٔب البَتوقراطية كضرورة ُب الدولة ا‪ٟ‬تديثة‪ 1‬واعترب أف األوليغارشية ىي ا‪١‬تصَت احملتوـ‬

‫الذي ستنتهي إليو البَتوقراطية‪ 2،‬كما اعتربىا وسيلة أو أداة تقنية لتحقيق أىداؼ معينة وتقدًن ا‪٠‬تدمات‬

‫وكلما زاد ‪٪‬تو البقرطة واحتكار السلطة كلما ا‪٨‬ترفت عن األىداؼ الرئيسية واألىداؼ السياسية‪ 3،‬كما‬

‫أكد على أف كل ا‪١‬تنظمات ‪٤‬تكومة ب «القانوف ا‪ٟ‬تدي للؤلوليغارشية" ‪،Iran Law of oligarchy‬‬

‫الذي ينزع إٔب إعطائها بنية أوليغارشية حىت ولو كانت دٯتقراطية‪ 4،‬ويتلخص ىذا القانوف ُب أف القادة‬

‫ٯتيلوف ُب ‪٥‬تتلف ا‪١‬تستويات إٔب االستمرار ُب السلطة أو تعيُت خلفهم بنوع من االختيار أو االنتخابات و‬
‫‪5‬‬
‫ٯتيلوف إٔب تشكيل دائرة داخلية مغلقة وإٔب تأمُت دٯتومتهم بطرؽ استبدادية‪.‬‬

‫كما أف "ميشلز" توصل إٔب أف كل التنظيمات البَتوقراطية كبَتة ا‪ٟ‬تجم تشهد ‪٪‬توا كبَتا ُب جهازىا‬

‫اإلداري‪٪ ،‬تو يستبعد ٖتقيق الدٯتقراطية ا‪ٟ‬تقيقية بسبب‪:‬‬

‫‪ -‬أف الدٯتقراطية ا‪ٟ‬تقيقية تعٍت ا‪١‬تشاركة الفعلية من جانب أعضاء التنظيم ُب العملية السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬تعقد ا‪١‬تشكبلت التنظيمية وحاجتها إٔب خربة فنية متخصصة‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تصائص البنائية تدعم مراكز القوة وا‪٨‬تصارىا بُت ‪٣‬تموعة قليلة من القادة‪ ،‬فاألوضاع اليت يشغلوهنا‬
‫‪6‬‬
‫تعمل على إ‪٬‬تاد نظاـ سياسي داخلي يقوـ على حكم األقلية‪.‬‬

‫ويرى "ميشلز" أف البَتوقراطية تفرض وجود معرفة متخصصة وتدريب فٍت وىذه ا‪٠‬تصائص يكتسبها‬

‫القادة من خبلؿ ‪٦‬تارستهم لوظائفهم وتشجيعهم لتحقيق مصا‪ٟ‬تهم وأىدافهم‪ ،‬وذلك ما ‪٬‬تعلهم ٭تافظوف‬
‫‪1‬‬
‫على أوضاعهم‪ ،‬أي أف البَتوقراطية وسيلة سيطرة سياسية وأداة تستخدمها القلة ا‪ٟ‬تاكمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Robert Michels, Op. Cit , p114.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p27.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, p244.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Ibid, p26.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Ibid, p 224.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Robert Michels, Op.Cit, p 21.‬‬

‫‪113‬‬
‫أما " بيًت بلو" فبدأ ٖتليلو على أساس اعتبار ا‪٢‬تيكل البَتوقراطي أساسي سواء ُب اإلدارات العامة أو‬

‫ا‪٠‬تاصة ضرورة ُب ا‪ٟ‬تياة ا‪١‬تعاصرة لكنو يشكل خطرا على الدٯتقراطية ومن الضروري إ‪٬‬تاد الوسائل ‪١‬تمارسة‬

‫الرقابة عل يو‪ ،‬كما أف ا‪١‬تشاركة الواسعة والنشيطة للمواطنُت ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية أىم عنصر للتقليص من خطر‬
‫‪2‬‬
‫ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي‪.‬‬

‫وبالنسبة ؿ"دانيل بل" ‪ Daniel Bell‬فَتى أف التناقضات سوؼ تظهر ُب اجملتمعات الصناعية كلما‬

‫تطور وتعاظم البناء االجتماعي البَتوقراطي التكنوقراطي وذلك لسبب واحد ىو أف البناء سوؼ يدخل ُب‬

‫صراع مع إتاه الناس ورغبتهم ُب ا‪١‬تشاركة الواسعة ُب النظاـ السياسي‪ ،‬ذلك أف ا‪١‬تيل ‪٨‬تو الضبط العقبلين‬

‫بواسطة خرباء فنيُت وعلميُت تابعُت ُب مؤسسات بَتوقراطية ضخمة ‪٬‬تري ُب إتاه مضاد ‪١‬تبدأ ا‪١‬تشاركة‬
‫‪3‬‬
‫الدٯتقراطية ُب اٗتاذ القرارات‪.‬‬

‫وىناؾ أيضا من منظري التنمية السياسية من اعتربىا حاجزا وعائقا أماـ ‪٧‬تاح النموذج الدٯتقراطي ُب‬

‫العآب الثالث‪ ،‬ومن بُت ىؤالء "أ‪١‬توند" الذي اعترب أف البَتوقراطية ُب اجملتمعات النامية غارقة ُب التسيس‬

‫ا‪ٟ‬تضاري واالجتماعي‪ ،‬و"فريد ر‪٬‬تز" صاحب كتاب (البَتوقراطية والتطور السياسي نظرات نقدية) الذي‬

‫نبو إٔب أف التوسع ُب البَتوقراطية السابق ألوانو ُب الوقت الذي يلهث النظاـ السياسي خلفها ٯتيل إٔب‬

‫إعاقة التطور السياسي الفعاؿ‪ ،‬و أف ىذا التوسع البَتوقراطي لو األثر الضار على نظاـ تعدد األحزاب‬

‫السياسية وا‪١‬تركزية الشديدة على نتائج االنتخابات والوسائل اليت تشل هبا البَتوقراطية نشاط ا‪ٞ‬تماعات‬

‫ذات ا‪١‬تصاّب الضاغطة‪ ،.‬خاصة أف البَتوقراطية ُب اجملتمعات النامية ٘تتص صفوة و‪٩‬تبة ا‪١‬تثقفُت الذين‬

‫يروف ُب البَتوقراطية أفضل ضمانة ‪١‬تستقبلهم‪ 4،‬وخلص "ر‪٬‬تز" إٔب أف فقداف التوازف بُت األجهزة السياسية‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, pp 27،28.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Giovanni Busino, Op.Cit, p86.‬‬
‫‪٤ 3‬تمود عودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫‪ 4‬جبلؿ زواد فاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.32 ،31 ،‬‬

‫‪114‬‬
‫واإلدارية خاصة ُب اجملتمعات النامية اليت ٘تر ٔتراحل التطور واالنتقاؿ يؤدي غالبا إٔب مسا‪٫‬تة أكرب من‬

‫البَتوقراطية ُب الشؤوف السياسية‪ ،‬وذلك لسببُت‪:‬‬

‫‪ -‬التغيَت يكوف أسرع ُب القطاعات ا‪١‬تتقدمة تكنولوجيا وبذلك ىي أقدر على التغيَت‪.‬‬

‫‪ -‬إقامة ا‪١‬تستعمر ألجهزة بَتوقراطية مستقلة عن الرقابة السياسية إٔب ا‪ٟ‬تد الذي أصبحت فيو الوحدات‬

‫اإلدارية متجاوزة حدود وظائفها‪.‬‬

‫ويقوؿ ر‪٬‬تز أف التوسع ُب النظاـ البَتوقراطي السابق ألوانو الذي يقفز عرب ا‪١‬تراحل الواجب اتباعها بينما‬

‫تلهث ا‪ٞ‬تماعات السياسية ُب السَت خلف البَتوقراطيُت ٭توؿ دوف تطور سياسي فعاؿ‪ ،‬وتتفرع عن ىذه‬

‫النظرية نظرية فرعية مؤداىا أف ا‪ٞ‬تماعات السياسية ا‪١‬تنفصلة وا‪١‬تستقلة بعضها عن البعض اآلخر تتوفر ‪٢‬تا‬
‫‪1‬‬
‫فرص أفضل للتطور مىت كانت ا‪١‬تؤسسات والوحدات البَتوقراطية ضعيفة نسبيا‪.‬‬

‫ووجد ر‪٬‬تز أف دالئل تارٮتية تدعم االستنتاج القائل إف سلطة البَتوقراطيُت وتوسعهم ‪٢‬تا نتائج منطقية‬
‫‪2‬‬
‫عكسية لتنمية األنظمة السياسية‪ ،‬وىذه الدالئل ىي‪:‬‬

‫‪ -‬نظاـ ا‪ٞ‬تدارة القائم على التوظيف يقوض دعائم النظاـ ا‪ٟ‬تزيب الناشئ‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تركزية والرقابة على ا‪ٟ‬تكومات احمللية تضعف ا‪١‬تشاركة السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬التعبئة البَتوقراطية تضعف ‪ٚ‬تاعات ا‪١‬تصاّب‪.‬‬

‫‪ -‬اإلشراؼ الزائد للبَتوقراطيات على زيادة اإليرادات والنفقات وا‪١‬تبادرات السياسية بدال من الرب‪١‬تاف‪.‬‬

‫‪ -‬استغبلؿ البَتوقراطية للنظاـ القضائي ا‪١‬تفتقر إٔب التدعيم الشعيب وإساءتو ُب استعماؿ السلطة‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.40 ،39 ،‬‬


‫‪ 2‬يب ‪ٝ‬تيث‪ ،‬كيف نفهم سياسات العآب الثالث‪ ،‬نظريات التغيير السياسي والتنمية‪ ،‬تر‪ .‬خليل كلفت‪ .‬القاىرة‪ :‬ا‪١‬تركز القومي للًت‪ٚ‬تة‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص‪.312‬‬

‫‪115‬‬
‫والنتيجة عند ر‪٬‬تز ىي أف ا‪١‬تؤسسات السياسية ٘تلك فرصة أفضل للنمو إذا كانت ا‪١‬تؤسسات‬

‫البَتوقراطية ضعيفة نسبيا‪.‬‬

‫وقدـ "ر‪٬‬تز" ٖتليلو ُب عدة أطر وىو من خبلؿ دراستو ‪ٟ‬تالة "تايلند" توصل إٔب أف اجملتمعات االنتقالية‬

‫تفتقر إٔب التوازف بُت ا‪١‬تؤسسات الصانعة للسياسة والنظم البَتوقراطية ا‪١‬تؤثرة سياسيا‪ ،‬حيث ا‪١‬تؤسسات‬

‫الصانعة للسياسة وا‪١‬تتمثلة ُب ا‪١‬تشرعُت واحملاكم واألحزاب السياسية واجملموعات ذات االىتمامات ا‪٠‬تاصة‬

‫ُب ‪٣‬تملها ضعيفة‪ ،‬وأطلق على األنظمة اليت تتصف بتلك ا‪١‬تواصفات اسم البَتوقراطيات السياسية‪ ،‬مع‬

‫تأكيده على أف وجود التوازف بُت البَتوقراطية والنظاـ الدستوري الذي يشمل وجود ‪ٚ‬تعية منتخبة ونظاـ‬

‫منتخب وجهاز حزيب ىو ا‪١‬تعيار للتفريق بُت النظم ا‪١‬تتوازنة والنظم غَت ا‪١‬تتوازنة‪ ،.‬كما أف البَتوقراطية ُب‬

‫الدوؿ النامية حسب تعبَته ٘تيل أكثر إليقاؼ "النمو السياسي" خصوصا مع ضعف ا‪ٞ‬تهاز السياسي‬
‫‪1‬‬
‫وذلك ما يؤدي إٔب إضعاؼ ا‪ٞ‬تهاز اإلداري وإعاقة أدائو‪.‬‬

‫أما بالنسبة ؿ"البارومربا" ‪ Lapalambara‬فقد شدد على أ‪٫‬تية الفصل بُت اإلدارة والسياسة للحد‬

‫من قوة البَتوقراطية ُب الدوؿ ا‪ٞ‬تديدة خاصة أهنا كجهاز تشكل خطرا على الدٯتقراطية حىت ُب البلداف‬

‫ا‪١‬تتقدمة‪ ،‬ألهنا أصبحت أىم قوة وكل القرارات الرئيسية أصبحت متعلقة هبا‪ ،‬لذلك ‪٬‬تب التقليل من‬
‫‪2‬‬
‫مسؤولياهتا ُب وضع األىداؼ وتنفيذىا‪.‬‬

‫أما "ىنري جودناو" ‪ Henry Goodnow‬وبعد دراستو ‪ٟ‬تالة "باكستاف" توصل إٔب أف‬

‫البَتوقراطية تشكل عائقا أماـ ‪٪‬تو ا‪١‬تؤسسات الدٯتقراطية باعتبار البَتوقراطيُت ٭تتلوف أماكن عليا نتيجة‬

‫جمليئهم بعد اإلداريُت االستعماريُت‪ ،‬أي أف السلطة انتقلت من بَتوقراطي استعماري إٔب بَتوقراطي وطٍت‬

‫‪1‬‬
‫‪Fred Riggs, Bureaucrats and political development: a paradoxical view, in: Joseph‬‬
‫‪Laparambara (edit), Op.Cit.p127.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Joseph Laparambara, Op.Cit, p35.‬‬

‫‪116‬‬
‫خصوصا مع عدـ وجود قوى مضادة ‪٢‬تذا ا‪ٞ‬تهاز‪ ،‬وقد شكك ُب إمكانية انتقاؿ السلطة من حكومة‬

‫بَتوقراطية إٔب حكومة دٯتقراطية‪ ،‬وإف كاف ذلك ‪٦‬تكنا فسيتم من خبلؿ النزاع حوؿ السلطة الذي بدوره‬

‫يعيق النمو السياسي‪.‬‬

‫كما اعترب "لوسياف باي " ‪ Lucian Pye‬التوازف بُت ا‪ٞ‬تهاز اإلداري والسياسي أكرب مشكلة تواجو‬

‫بناء أي أمة‪ ،‬وأكد على أف تراجع فاعلية األحزاب السياسية والفاعلية اإلدارية ُب الدوؿ ا‪ٞ‬تديدة يعيق‬
‫‪1‬‬
‫ٖتقيق التنمية السياسية‪.‬‬

‫وكخبلصة فإف ىذه اآلراء قد اتفقت على وجود عبلقة عكسية بُت الدٯتقراطية والبَتوقراطية‪ ،‬باعتبار أف‬

‫البَتوقراطية تسمح جملموعة من ا‪١‬توظفُت ا‪١‬تؤىلُت من التحكم ُب اجملتمع وُب كافة اجملاالت‪ ،‬وىو ما يتعارض‬

‫مع الدٯتقراطية اليت تدعم مشاركة ا‪ٞ‬تميع ُب اٗتاذ القرار وإعطاء األولوية لؤلجهزة ا‪١‬تنتخبة ُب صياغة‬

‫السياسات العامة واالكتفاء بالدور التنفيذي والتنظيمي لؤلجهزة البَتوقراطية ُب إدارة الشؤوف العامة‪.‬‬

‫خالصة واستنتاجات‪:‬‬

‫تناولنا ُب ىذا الفصل مفهومي البَتوقراطية والتحوؿ الدٯتقراطي من الناحية النظرية وكذا طبيع العبلقة بُت‬

‫البَتوقراطية والدٯتقراطية وتوصلنا إٔب عدة نتائج نظرية أ‪٫‬تها صعوبة ٖتقيق إ‪ٚ‬تاع حوؿ مفهوـ موحد‬

‫للبَتوقراطية الرتباطو بعدة علوـ كعلم االجتماع والسياسة واإلدارة وبالتإب تشابكو مع العديد من الظواىر‬

‫‪ 1‬ىيدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.250 ،249‬‬

‫‪117‬‬
‫االجتماعية والسياسية أ‪٫‬تها ظاىرة ‪٦‬تارسة السلطة‪ ،‬إضافة إٔب تركيز ‪٣‬تمل الدراسات اليت تناولتو على واقع‬

‫الدوؿ الغربية اليت قدمت ‪٪‬توذج نظري يتبلئم وخصائصها السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪،‬‬

‫وىي نفس النتيجة اليت توصلنا إليها ُب دراسة مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي حيث يصعب ٖتديد تعريف‬

‫جامع لكل خصائصو لكونو يرتبط ٔتفهوـ الدٯتقراطية اليت تعرؼ جدال واسعا حوؿ معناىا وأبعادىا‪.‬‬

‫أما عن العبلقة بُت البَتوقراطية والدٯتقراطية فتناولت الدراسة وجهيت نظر رئيسيتُت ُب ىذا ا‪١‬توضوع‬

‫حيث الرأي األوؿ الذي أ كد على أ‪٫‬تية التنظيم البَتوقراطي ُب اجملتمع ا‪١‬تعاصر ودوره ُب تفعيل ا‪١‬تمارسة‬

‫الدٯتقراطية وعلى رأسهم "ماكس فيرب" الذي دعا إٔب إ‪٬‬تاد الوسائل الضرورية للسيطرة على البَتوقراطية‬

‫لكوهنا عامبل ضروريا لتحقيق الدٯتقراطية‪ ،‬والرأي الثاين الذي اعتربىا خطرا كبَتا على ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية‬

‫وأداة ‪١‬تمارسة التسلط‪.‬‬

‫ونستنتج ُب األخَت أنو رغم تباين األطر النظرية اليت تناولت مفهومي البَتوقراطية والتحوؿ الدمقراطي‬

‫فإف ا‪١‬تطلوب ىو اختيار األنسب منها والذي ٯتكن من ٕتسيد واقع ا‪١‬تفهومُت ُب بيئة الدوؿ النامية عموما‬

‫وا‪ٞ‬تزائر خصوصا ما ٯتكن من وصف الواقع وٖتليلو وتفسَته‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫العوامل المحددة لدور البيروقراطية في‬

‫النظام السياسي الجزائري‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫يعد السلوؾ اإلداري ‪٤‬تصلة القيم والتقاليد والثقافة اليت يفرزىا أي ‪٣‬تتمع‪ ،‬والبَتوقراطية كتنظيم ال ٯتكن‬

‫أف تنفصل بتاتا عن بيئتها ا‪١‬تتواجدة فيها‪ ،‬وعليو ال ٯتكن تفسَت سلوكيات ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر‬

‫‪119‬‬
‫بعيدا عن طبيعة النظاـ السياسي الذي ينشط فيو‪ ،‬وكذلك ا‪١‬تؤشرات االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬

‫ا‪١‬تكونة لبيئتو‪.‬‬

‫وعلى ىذا األساس ستتناوؿ الدراسة ُب ىذا الفصل ‪٣‬تموع العوامل السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫والثقافية احملددة لدور البَتوقراطية من خبلؿ ثبلث مباحث‪ ،‬حيث سيخصص ا‪١‬تبحث األوؿ لدور العوامل‬

‫التارٮتية ‪٦‬تثلة ُب ا‪٠‬تصائص اليت ورثتها اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية عن العهد العثماين واالستعمار الفرنسي ومرحلة‬

‫ا‪ٟ‬تزب ا لواحد‪ ،‬ويليو ا‪١‬تبحث الثاين الذي يركز على دور العوامل السياسية وبالتحديد شكل تنظيم السلطة‬

‫القائم على ‪٤‬تورية ا‪ٞ‬تهاز التنفيذي وتأثَت ا‪١‬تؤسسة العسكرية ُب الشهد السياسي إضافة إٔب دور العوامل‬

‫اإلدارية‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثالث واألخَت فيتناوؿ تأثَت االقتصاد الريعي و‪٣‬تموع العوامل االجتماعية الثقافية ‪٦‬تثلة‬

‫ُب ا‪١‬تؤشرات االجتماعية كالسكاف والتعليم والبطالة وكذا ا‪٠‬تصائص الثقافية للمجتمع ا‪ٞ‬تزائري‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬دور العوامل التاريخية‪.‬‬

‫إف ا‪ٟ‬تديث عن واقع اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية وسلوكها البَتوقراطي ُب ظل التعددية السياسية ال ٯتكن أف يتم‬

‫دوف الرجوع إٔب الفًتات التارٮتية السابقة ‪٢‬تذه ا‪١‬ترحلة‪ ،‬واليت سا‪٫‬تت ُب بناء ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ا‪ٞ‬تزائري‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫وكرست فيو ‪٣‬تموعة من ا‪٠‬تصوصيات والسلوكيات واليت تراكمت مع الزمن وانعكست على أدائو وعبلقاتو‬

‫بكل ا‪١‬تؤسسات والبيئة احمليطة بو‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البيروقراطية في العهد العثماني‪.‬‬

‫إف ظهور العبلقة بُت ا‪ٞ‬تزائر والدولة العثمانية جاء نتيجة ظروؼ تارٮتية جعلت من ا‪ٞ‬تزائر والية من‬

‫الواليات العثمانية‪ ،‬فنتيجة الحتبلؿ األسباف للعديد من ا‪١‬تدف الساحلية ( تنس‪ ،‬وىراف‪ ،‬دلس‪ّ ،‬تاية…)‪،‬‬

‫ابتداء من ‪ 1505‬استنجد سكاف ا‪١‬تدف احملتلة باألخوين "خَت الدين بربروس" و"عروج" لطرد األسباف‪،‬‬

‫وُب سنة ‪ 1518‬طلب سكاف ا‪ٞ‬تزائر ا‪ٟ‬تماية العثمانية بصفة ر‪ٝ‬تية فوافق السلطاف العثماين وعُت "خَت‬
‫‪1‬‬
‫الدين" حاكما عاما للببلد‪.‬‬

‫وقد مر ا‪ٟ‬تكم العثماين ُب ا‪ٞ‬تزائر بأربع مراحل‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة الباي الرباي ‪.1588-1518‬‬

‫‪ -‬مرحلة البشاوات ‪.1659-1588‬‬

‫‪ -‬مرحلة األغوات ‪.1671-1659‬‬

‫‪ -‬مرحلة الدايات ‪.1830-1671‬‬

‫وكاف ‪٢‬تذه ا‪١‬تراحل دورا ُب تشكيل جهاز إداري ٭تمل خصوصيات كل مرحلة‪ ،‬واليت تراكمت لتشكل ما‬

‫يسمى بالًتسبات اليت ال تزاؿ تبدو مبل‪٤‬تها ُب اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية إٔب غاية اآلف‪.‬‬

‫أوال‪ :‬طبيعة النظام اإلدراي في العهد العثماني‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫قسمت ا‪ٞ‬تزائر إداريا ُب العهد العثماين إٔب أربع مقاطعات إدارية‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ 1‬عن ظروؼ احتبلؿ األسباف للجزائر وتعيُت أوؿ حاكم تركي فيها‪ ،‬انظر‪ :‬مبارؾ ا‪١‬تيلي‪ ،‬تاريخ الجزائر في القديم والحديث‪ ،‬ج‪ .3‬ا‪ٞ‬تزائر‪:‬‬
‫مكتبة النهضة ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،1964 ،‬ص ص‪.60 ،19‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.300-295‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬دار السلطاف‪ ،‬وىي ا‪١‬تناطق ا‪١‬توصولة مباشرة بالداي‪ .‬تشتمل جغرافيا على ‪ٜ‬تس مدف ىي‪ :‬ا‪ٞ‬تزائر‪،‬‬

‫البليدة‪ ،‬القليعة‪ ،‬شرشاؿ‪ ،‬ودلس‪.‬‬

‫‪ -‬بايلك التيطري وعاصمتو ا‪١‬تدية‪.‬‬

‫‪ -‬بايلك الغرب وعاصمتو وىراف‪.‬‬

‫‪ -‬بايلك الشرؽ وعاصمتو قسنطينة‪.‬‬

‫وقد كاف التقسيم اإلداري الًتكي مرنا‪٘ ،‬تيز ٔتحاولة التكيف حسب األحواؿ ا‪١‬تختلفة‪ ،‬وقد فضل العثمانيوف‬

‫أسلوب اإلدارة ا‪١‬تباشرة فيما ٮتص ا‪١‬تنطقة التابعة لدار السلطاف‪1،‬واشتمل التنظيم السياسي ُب الفًتة‬

‫األخَتة من عهد الدايات على‪:‬‬

‫‪ .2‬المستوى المركزي‪:‬‬

‫‪ -‬الداي‪ :‬رئيس الدولة والقائد العاـ للجيش ُب الببلد‪ ،‬وُب العادة يتم انتخابو من طرؼ أعضاء الديواف‬

‫العإب‪.‬‬

‫‪ -‬الديوان‪ٔ :‬تثابة ‪٣‬تلس الوزراء حاليا والساعد األٯتن لرئيس الدولة كونو يضم الشخصيات ا‪١‬تقربة إليو واليت‬

‫يعتمد عليها ُب تنفيذ سياسة ا‪ٟ‬تكومة اليت يقودىا الداي‪ ،‬وىو يشرؼ على تسيَت شؤوف الدولة ُب ا‪١‬تسائل‬

‫ا‪١‬تالية والعدالة واألمن‪ 2،‬ومن العناصر القوية اليت كانت تساعده‪:‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تزناجي‪ :‬وزير ا‪١‬تالية ومسؤوؿ على خزينة الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬اآلغا‪ :‬قائد ا‪ٞ‬تيش الربي‪.‬‬

‫‪ -‬خوجة ا‪٠‬تيل ا‪١‬تشرؼ على أمبلؾ الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬بيت ا‪١‬تا‪ٞ‬تي‪ :‬ا‪١‬تكلف ٔتسائل ا‪١‬تَتاث‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.301‬‬


‫‪ 2‬عمار بوحوش‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية ‪ .2962‬بَتوت‪ :‬دار الغرب اإلسبلمي‪ ،1997 ،‬ص ‪.65 ،64‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬وكيل ا‪٠‬ترج‪ :‬ا‪١‬تكلف بالشؤوف ا‪٠‬تارجية‪.‬‬

‫‪ -‬الباش كاتب‪ :‬األمُت العاـ للحكومة‪.‬‬

‫باإلضافة إٔب ىؤالء‪ ،‬كاف ىناؾ موظفوف ساموف يقوموف بأعماؿ ‪٤‬تددة منهم‪:‬‬

‫‪ -‬الكاتب األوؿ‪ :‬ا‪١‬تراسبلت ا‪٠‬تارجية والداخلية للداي‪.‬‬

‫‪ -‬الكاتب الثاين‪ :‬متابعة ومراقبة السجل ا‪٠‬تاص با‪ٞ‬تنود‪.‬‬

‫‪ -‬الكاتب الثالث‪ :‬متابعة ومراقبة ا‪١‬تعلومات بسجل الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬الكاتب الرابع‪ :‬ضبط السجل الثاين من إيرادات الدولة من ا‪ٞ‬تمارؾ‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس التشريفات‪ :‬مدير الببلط‪.‬‬

‫‪ -‬الكاخيا‪ :‬حراسة خزينة الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تزنادار‪ :‬خزف ا‪١‬تاؿ واالحتفاظ بو‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪ٟ‬تكيم باشي‪ :‬رئيس أطباء القصر‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬الشاوش‪ :‬ا‪ٟ‬تاجب الذي يتؤب مراقبة الدخوؿ وا‪٠‬تروج من وإٔب قصر الداي‪.‬‬

‫‪ .2‬المستوى المحلي‪:‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.66 ،65‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬الباي‪ :‬ىو ٔتثابة الوإب ويتصرؼ ُب إقليمو نيابة عن الداي‪ ،‬وكاف يعترب من كبار موظفي الدولة‪ ،‬وٮتتار‬

‫من بُت الشخصيات ا‪١‬ترموقة ُب اجملتمع ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬وكاف الباي يستعُت ٔتوظفُت ساميُت ُب إدارتو‪ ،‬وىم‪:‬‬

‫ا‪٠‬تليفة‪ ،‬قائد الدار‪ ،‬آغا الدائرة‪ ،‬الباشكاتب‪ ،‬الباش سيار‪ ،‬الباش سايس‪.‬‬

‫‪ -‬األوطان‪ :‬وىي وحدات إدارية موجودة بكل بايلك أو والية‪ .‬وكانت الوحدة اإلدارية ُب ىذه األوطاف‬

‫ىي القبيلة‪ ،‬واليت كانت ُب العادة ٖتت سلطة شيخ القبيلة الذي ٮتضع بدوره إٔب قائد من أصل تركي أو‬

‫كرغلي‪ ،‬وكانت عبلقة القبائل باإلدارة على أنواع‪:‬‬

‫‪ -‬القبائل النائية اليت ال تصلها يد السلطة‪.‬‬

‫‪ -‬القبائل ذات االستقبلؿ الذاٌب اليت تدفع ضريبة ا‪٠‬تضوع‪.‬‬

‫‪ -‬قبائل الرعية‪ ،‬وىي أنواع‪:‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تاضعة خضوعا جزئيا‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تاضعة خضوعا تاما ( قبائل الغريل أو العبيد)‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬ا‪١‬تخزف وىي ا‪١‬تتحالفة مع السلطة ا‪١‬تركزية و٘تدىا با‪١‬تاؿ والرجاؿ‪،‬‬

‫وأىل ا‪١‬تخزف ىم رجاؿ اإلدارة وا‪ٟ‬تكم من عسكريُت وموظفُت مدنيُت وأصحاب االمتيازات وكبار‬

‫ا‪١‬تبلكُت‪ ،‬الذين تتشكل منهم الطبقة ا‪ٟ‬تاكمة اليت تشتغل وتعيش على حساب اآلخرين الذين تتكوف منهم‬

‫الرعية‪ 2.‬ويتكوف أىل ا‪١‬تخزف من‪:‬‬

‫‪ -‬أصحاب االمتيازات الذين يشغلوف وظائف معينة تدر عليهم امتيازات معينة‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تخازنية‪ :‬وتتؤب الدولة ٕتهيزىم بالسبلح وا‪١‬تركوب‪ ،‬ويتمتعوف بإعفاء أراضيهم من‬

‫الضرائب‪.‬‬

‫‪ 1‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية االحتالل)‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،1982 ،‬ص ‪55‬‬
‫‪ 2‬مبارؾ ا‪١‬تيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.292‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬صنف آخر من ا‪١‬تخازنية ال يتمتع إال بامتيازات ضئيلة‪ ،‬لكنو ٭تقق أرباحا ضخمة بوسائل‬
‫‪1‬‬
‫شرعية وغَت شرعية‪.‬‬

‫وعلى ىذا األساس وضع األتراؾ تقسيما إداريا يوجد ُب كل قسم منو أىل ا‪١‬تخزف والرعية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الجدول رقم‪ :22‬األقسام اإلدارية موزعة حسب األصناف والتقسيم اإلداري في العهد العثماني‪.‬‬

‫قسنطينة‬ ‫وىراف‬ ‫دار السلطاف تيطري‬

‫‪47‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪19‬‬ ‫ا‪١‬تخزف‬

‫‪14‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪11‬‬ ‫الرعية‬

‫‪25‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪12‬‬ ‫األقساـ التابعة ألمراء متحالفُت مع ‪20‬‬

‫األتراؾ‬

‫‪137‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪30‬‬ ‫األقساـ التابعة إلمارات مستقلة‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص اإلدارة العثمانية في الجزائر‪.‬‬

‫اتسمت اإلدارة العثمانية ُب ا‪ٞ‬تزائر ّتملة من ا‪٠‬تصائص‪:‬‬

‫‪ -‬الطابع العسكري‪ ،‬حيث ٘تتع البايات الذين شكلوا وسطاء بُت الشعب واإلدارة ا‪١‬تركزية بسلطة قوية إٔب‬

‫درجة أف ميزانياهتم فاقت ميزانية الداي‪ ،‬وكاف الوسطاء ال ينحصروف فقط ُب البايات وإ‪٪‬تا يضاؼ إليهم‪:‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.293‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.300‬‬

‫‪115‬‬
‫الضباط‪ ،‬القياد‪ ،‬وا‪١‬توظفوف الساموف على كل ا‪١‬تستويات‪ ،‬و٘تتع ا‪١‬توظفوف ُب النظاـ الًتكي با‪ٞ‬تزائر‬
‫‪1‬‬
‫بامتيازات كبَتة‪ ،‬عززت من دورىم‪.‬‬

‫‪ -‬الوالء ا‪١‬تطلق للسلطات والتغيَت العنيف للحكاـ‪.‬‬

‫‪ -‬إدارة ‪٤‬تافظة متمسكة بالتقاليد االجتماعية الدينية‪ ،‬وتقوـ على نظاـ اجتماعي طبقي يبدأ بالعبيد‬

‫وينتهي بالوجق العثماين(األرستقراطي) مرورا بطبقة وسطى ٯتثلها عادة العبيد وا‪ٟ‬تضريوف‪ ،‬وىم غالبا سكاف‬

‫ا‪١‬تدف من التجار والصناع أصحاب ا‪ٟ‬ترؼ وا‪٠‬توجات والعلماء‪.‬‬

‫‪ -‬القسوة ُب العقوبات وسرعة التقاضي وتنفيذ األحكاـ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬التعفن اإلداري واالجتماعي كالرشوة والتواكل والغش‪.‬‬

‫إضافة إٔب ىذه ا‪٠‬تصائص فإف ‪٤‬تاولة إقامة إدارة مركزية من طرؼ األتراؾ أدى إٔب سلوؾ سياسة أدت‬

‫ُب الواقع إٔب المركزية حرمت الدولة من موارد داخلية ىامة‪ ،‬ألف قسما كبَتا من ا‪١‬توارد الداخلية كاف‬

‫يذىب إٔب صناديق الوسطاء بُت الشعب وبُت اإلدارة ا‪١‬تركزية إٔب درجة أف ميزانية باي قسنطينة أو باب‬

‫وىراف كانت تتجاوز ميزانية الداي‪ 3،‬حيث كشفت احملفوظات والسجبلت اليت عثر عليها الفرنسيوف‬

‫بقسنطينة عاـ ‪1837‬ـ أف مداخيل الضرائب بلغت ‪ 940130‬بياسًت‪ُ ،4‬ب حُت أف الكشوؼ اليت‬

‫وجدىا الفرنسيوف عند خوجة ا‪٠‬تيل عند احتبل‪٢‬تم للعاصمة دلت على أف مداخيل الضرائب إٔب خزينة‬

‫‪ٜ 1‬تيس السيد إ‪ٝ‬تاعيل‪ ،‬مرجع سابق‪ٜ ،‬تيس السيد إ‪ٝ‬تاعيل‪ ،‬اإلدارة العامة والتنظيم اإلداري في الجمهورية الجزائرية‪ ،‬دراسة نظرية‬
‫تطبيقية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر‪ ،1975 ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ 2‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ 3‬أمبارؾ ا‪١‬تيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫‪ 4‬البياستر ُب األصل نقد اسباين من الفضة قدره ‪ٙ‬تانية رياالت‪ ،‬وقد بدأ تداولو ُب بداية القرف ‪ ،16‬قم استقر ُب التعامل التجاري مع بلداف‬
‫الشرؽ‪ ،‬وقد أطلق اسم البياسًت على العملة الفضية الًتكية اليت تسمى القرش‪ ،‬واليت ضربت ألوؿ مرة ُب عهد السلطاف سليماف الثاين‬
‫(‪.)1690-1687‬‬

‫‪116‬‬
‫الداي ٓب تتجاوز ُب نفس الفًتة ‪ 296000‬بياسًت‪ .‬وأكد القنصل األمريكي با‪ٞ‬تزائر "شالر ويلياـ"‬

‫)‪ (William Shaler‬عاـ ‪ 1822‬أف البايات ال يدفعوف للداي إال ‪ % 20‬من مداخيلهم‪.‬‬

‫إف الوسطاء على كل ا‪١‬تستويات كانوا يأخذوف نصيبا ألنفسهم من ‪٤‬تصوؿ الضرائب والزكوات مثل كبار‬

‫الضباط والق ياد وشيوخ القبائل وا‪١‬توظفوف الساموف‪ ،‬وقد أدت ىذه الروح إٔب انتشار الرشوة‪ ،‬خصوصا وأف‬

‫النظاـ الًتكي ٓب يكن يدفع ‪١‬توظفيو أجورا قارة بل كاف ٯتنحهم امتيازات عززت بدورىا روح الرشوة‬
‫‪1‬‬
‫والفساد‪.‬‬

‫إف عرض بنية النظاـ اإلداري للجزائر ُب ظل الفًتة العثمانية يربز بوضوح ما ‪٢‬تذه ا‪ٟ‬تقبة من دور ُب تشكل‬

‫ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬ورسم معآب وٖتديد مكانة ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي فيو‪ ،‬حيث إف ىذه ا‪١‬ترحلة عززت‬

‫دور البَتوقراطية العسكرية من جهة‪ ،‬وفساد البَتوقراطية ا‪١‬تدنية من جهة أخرى‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬البيروقراطية في العهد االستعماري‪.‬‬

‫تبٌت االستيطاف الفرنسي ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪ٚ‬تلة من األساليب لفرض إرادتو وضماف سيطرتو على ا‪ٞ‬تزائريُت‪،‬‬

‫وىو ٓب يكتف فقط باألساليب القمعية ا‪١‬تباشرة من قتل وتعذيب وإبادة وهتجَت‪ ،‬وإ‪٪‬تا اٗتذ لنفسو أيضا‬

‫أشكاال إدارية معينة ُب تسيَت شؤوف ا‪١‬تعمرين من جهة‪ ،‬وضماف االستحواذ على الثروات ا‪ٞ‬تزائرية وإخضاع‬

‫ا‪ٞ‬تزائريُت من جهة أخرى‪.‬‬

‫وعليو‪ ،‬تشكل دراسة ىذه ا‪١‬ترحلة من تاريخ اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية أ‪٫‬تية قصوى للبحث‪ ،‬كوف ا‪ٞ‬تهاز اإلداري‬

‫ا‪ٞ‬تزائري بعد االستقبلؿ ٓب يتخلص بعد من الكثَت من خصائص ىذه ا‪١‬ترحلة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬طبيعة األشكال اإلدارية االستعمارية‪.‬‬

‫‪ 1‬أمبارؾ ا‪١‬تيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.303‬‬

‫‪117‬‬
‫إف تأثَت النمط اإلداري الفرنسي ُب اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية ٓب يكن أمرا اختياريا‪ ،‬بل كاف ‪٤‬تتوما ومفروضا كما‬

‫فرض االستعمار‪ .‬فبعدما قامت فرنسا بغزو ا‪ٞ‬تزائر سنة ‪ 1830‬اٗتذت لنفسها ‪٣‬تموعة من النماذج‬

‫واألساليب لتسيَت ا‪ٟ‬تياة السياسية واليت اتسمت بطابعها العسكري ومركزيها الشديدة مع بداية االحتبلؿ‪،‬‬

‫وكانت موجهة باألساس ‪٠‬تدمة الفرنسيُت وا‪١‬تستوطنُت‪ ،‬رغم اإلجراءات اليت كاف يتخذىا االحتبلؿ‬

‫للتخفيف من الضغط ا‪١‬تمارس عليو من خبلؿ حركات ا‪١‬تقاومة‪.‬‬

‫لقد عاشت ا‪ٞ‬تزائر بُت العاـ ‪ 1830‬و‪ٖ 1834‬تت حكم عسكري خالص‪ ،‬حيث فرضت اإلدارة‬

‫االستعمارية إضافة إٔب اإلدارة الًتكية‪ ،‬وأنشئت مكاتب الشؤوف العربية لتكوف ٔتثابة مكاتب اتصاؿ بُت‬

‫القيادة الفرنسية وا‪١‬تديرين ا‪ٞ‬تزائريُت‪ 1،‬حيث سعت اإلدارة العسكرية إٔب إعادة بناء اإلدارة الًتكية عن طريق‬

‫االحتفاظ با‪١‬تراكز واأللقاب ذاهتا وتأمُت ا‪١‬تزايا ا‪١‬تادية لرجاؿ القبائل ا‪١‬تتعاونُت الذين عملت على ا‪ٟ‬تد من‬

‫السلطة الفعلية ‪١‬تساعديهم احملليُت‪ ،‬وحولت وظائفهم إٔب ‪٣‬ترد ألقاب شرؼ‪ ،‬أما أولئك الذين جرت‬

‫استعارهتم ليخدموا ُب األجهزة اإلدارية اإلشرافية (ا‪١‬تكاتب العربية) كمًت‪ٚ‬تُت و‪٤‬تررين و‪٤‬تاميُت إسبلميُت‬

‫فقد اكتسبوا أ‪٫‬تية اجتماعية أكرب ُب أعُت رجاؿ القبائل بسبب قدرهتم على الوصوؿ إٔب ا‪١‬تمسكُت‬

‫بالسلطة‪ ،‬وضاعف من تقليص الوظائف القدٯتة لكل من األغا والقائد تعيُت أفراد من غَت األرستقراطيُت‬
‫‪2‬‬
‫لشغلها حينما ٘تردت القبائل ا‪١‬تدارة‪.‬‬

‫وابتداء من عاـ ‪ 1834‬أصبحت ا‪ٞ‬تزائر ر‪ٝ‬تيا ٖتت إدارة حاكم عاـ تعينو وزارة الدفاع الفرنسية‪ ،‬وُب‬

‫‪ 18‬أفريل ‪ 1845‬قسم الببلد إٔب ‪ 03‬مناطق‪ :‬مدنية و‪٥‬تتلطة وعربية‪ ،‬حيث ا‪١‬تدنية يسكنها أغلبية أوربية‬

‫وا‪١‬تختلطة فيها أقلية أوربية‪ ،‬أما العربية فضمت العرب فقط الذين كانوا ٖتت ا‪ٟ‬تكم العسكري‪.‬‬

‫‪ 1‬مغنية األزرؽ‪ ،‬نشوء الطبقات في الجزائر‪ ،‬دراسة في االستعمار والتغيير االجتماعي – السياسي‪ ،‬تر‪ٝ .‬تَت كرـ‪ .‬بَتوت‪ :‬دار األْتاث‬
‫العربية‪ .1980 ،‬ص‪.51 ،50‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪118‬‬
‫وُب الفًتة ا‪١‬تمتدة من ‪ 1830‬إٔب ‪ 1845‬مكانت ا‪ٞ‬تزائر خاضعة لسيطرة وسلطة ا‪ٞ‬تيش الفرنسي‪،‬‬

‫وابتداء من ‪ 15‬أفريل ‪ 1845‬صدر مرسوـ ملكي يقضي بإنشاء حكم مدين ُب ا‪١‬تناطق اليت توجد هبا‬

‫جاليات أوربية‪ ،‬وتقرر ُب ىذه السنة إنشاء ‪ 03‬مقاطعات وىي ا‪ٞ‬تزائر ووىراف وقسنطينة‪ ،‬أي أف التنظيم‬

‫جاء لوضع السلطة بيد ا‪١‬تعمرين بدال من ضباط ا‪ٞ‬تيش الذين رفضوا اقتساـ السلطة‪ .‬وٓب يتغَت الوضع إال‬

‫ُب ‪ 1847‬حُت استقاؿ "بيجو روبَت" )‪ (Robert Bugeaud‬من منصبو‪ ،‬وتبلىا قياـ ثورة ‪1848‬‬

‫اليت ا‪٨‬تازت إٔب تكريس السلطة ا‪١‬تدنية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬وابتداء من ‪ 09‬ديسمرب ‪ 1848‬قررت ا‪ٟ‬تكومة‬

‫الفرنسية تطبيق نفس النظاـ السياسي واإلداري ا‪١‬توجودين ُب فرنسا والذي استمر إٔب غاية ‪ 1962‬مع‬

‫استبداؿ نظاـ ا‪١‬تقاطعات بنظاـ العماالت ( ‪.(département/ préfet‬‬

‫أما بالنسبة للتنظيم اإلداري ُب كل عمالة فقد وجد ُب كل واحدة ‪٣‬تلس يتكوف من رئيس ا‪١‬تقاطعة‬

‫وثبلثة أعضاء مشاركُت ُب تنظيم ودراسة القرارات اليت ينبغي اٗتاذىا سواء ُب اجملاؿ االقتصادي أو‬
‫‪1‬‬
‫العمراين‪ ،‬إٔب جانب وجود ‪٣‬تلس آخر منتخب ىو اجمللس العاـ الذي كاف ٔتثابة بر‪١‬تاف مصغر للمعمرين‪.‬‬

‫فيما بُت العامُت ‪ 1898‬و‪ 1900‬اكتسبت ا‪ٞ‬تزائر ا‪١‬تستعمرة صفة قانونية واستقبلال ذاتيا عاليا عن‬

‫طريق إقامة مفوضات مالية‪ ،‬تتمتع بسلطة اإلنفاؽ من ا‪١‬تيزانية‪ ،‬وطواؿ الفًتة ا‪١‬تمتدة من ‪ 1900‬إٔب‬

‫‪ 1962‬كانت ا‪ٞ‬تزائر بصفة مستمرة ٖتت حكم مدين‪ ،‬فيما عدا مرة وجيزة ُب العآب ‪ 1958‬حينما‬
‫‪2‬‬
‫حاوؿ العسكريوف بعد ‪ 04‬سنوات من بداية الثورة القياـ بعصياف مسلح ُب ‪٤‬تاولة إلبقاء ا‪ٞ‬تزائر فرنسية‪.‬‬

‫وبعد مرور عقود من السيطرة الفرنسية على ا‪ٞ‬تزائريُت‪ ،‬ومع تزايد قوة ا‪ٟ‬تركة الوطنية ُب الكفاح ‪ٞ‬تأت‬

‫فرنسا إٔب تبٍت نظاـ يسمح بإشراؾ ا‪ٞ‬تزائريُت ُب السلطة‪ ،‬وٕتسد ذلك من خبلؿ صدور قانوف سبتمرب‬

‫‪ 1947‬الذي تضمن الئحة التنظيم اإلداري للببلد‪ ،‬ونص على اختصاصات ا‪ٟ‬تاكم العاـ كصاحب‬

‫‪ 1‬عمار بوحوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.133 ،132‬‬


‫‪ 2‬مغنية األزرؽ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪119‬‬
‫سلطة إدارية عسكرية وذو سلطة على ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تصاّب ا‪١‬تدنية ماعدا مرفقي القضاء والتعليم التابعُت لوزارٌب‬

‫العدؿ والًتبية الفرنسية‪ ،‬إضافة إٔب اختصاصات اجمللس ا‪ٞ‬تزائري الذي ىو ‪٣‬تلس إداري ونيايب يتشكل عن‬

‫طريق االنتخابات‪ ،‬وبعدد ‪ 120‬عضوا مناصفة بُت الفرنسيُت وا‪ٞ‬تزائريُت‪ ،‬والذي كاف يتمتع بسلطات‬

‫ىامة ُب كل القضايا غَت احملصورة بالرب‪١‬تاف الفرنسي‪ ،‬حيث ‪ٝ‬تح لو بتوسيع القانوف الفرنسي ليطبق على‬

‫ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬وإصدار األنظمة ا‪٠‬تاصة با‪ٞ‬تزائر ضمن إطار القوانُت ا‪١‬تطبقة‪.‬‬

‫غَت أف ىذه االختصاصات كانت مقيدة بسلطة الوصاية اليت ٯتارسها ا‪ٟ‬تاكم العاـ والسلطات العليا ُب‬

‫فرنسا‪ ،‬إضافة إٔب أف اجمللس ٘تت السيطرة عليو كليا من طرؼ ا‪١‬تعمرين وا‪١‬تواليُت ‪٢‬تم من ا‪ٞ‬تزائريُت‪٦ ،‬تا‬

‫جعل منو ‪٣‬ترد أداة ‪٠‬تدمة االستعمار‪.‬‬

‫أما عن التنظيم احمللي فنصت ا‪١‬تادة ‪ 53‬من قانوف ‪ 1947‬على أنو يتمثل ُب البلديات اليت قسمت‬

‫إٔب نوعُت‪:‬‬

‫‪ -‬البلديات اليت تقطنها أغلبية أوروبية‪ ،‬ويطبق عليها القانوف البلدي الفرنسي‪.‬‬

‫‪ -‬البلديات ا‪١‬تختلطة اليت تشمل مناطق تواجد ا‪ٞ‬تزائريُت‪ ،‬ويطبق عليها قانوف ‪ 08‬فرباير ‪ ،1919‬يديرىا‬

‫إداري مدين ويساعده عدد من القادة ‪ Caids‬يتؤب كل منهم مسؤولية (دوار)‪.‬‬

‫‪ -‬أما أراضي ا‪ٞ‬تنوب فكانت خاضعة لئلدارة العسكرية‪.‬‬

‫باندالع الثورة التحريرية شهدت ا‪ٞ‬تزائر تغيَتات ُب التنظيم اإلداري‪ ،‬ففي ‪ 12‬أفريل ‪ً 1956‬ب حل‬

‫ا‪ٞ‬تمعية ا‪ٞ‬تزائرية ونقل صبلحياهتا للحاكم العاـ‪ ،‬و٘تثلت السلطة ا‪١‬تركزية ُب‪ :‬مندوب حكومة ا‪ٞ‬تزائر‪،‬‬

‫احملافظوف ونواهبم‪ ،‬ورؤساء الشعب اإلدارية ا‪١‬تتخصصة وا‪١‬تدنية‪ ،‬أما من ناحية التنظيم البلمركزي فقد استمر‬
‫‪1‬‬
‫العمل بنظاـ العماالت والبلديات‪.‬‬

‫‪ 1‬علي زغدور‪ ،‬اإلدارة المركزية في الجمهورية الجزائرية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،1977 ،‬ص ص‪.37-31‬‬

‫‪121‬‬
‫أما االنتخابات فإهنا ٓب تعكس قط ا‪٠‬تيار ا‪ٟ‬تر للشعب‪ ،‬حيث ٘تيزت الفًتة االستعمارية ٔتصادرة إرادة‬

‫الشعب من طرؼ اإلدارة وكاف ا‪١‬تنتخبوف احملليوف أو على ا‪١‬تستوى الوطٍت باستثناء الوطنيُت يسموف ببني‬
‫‪1‬‬
‫وي وي‪ ،‬ويعتربوف كخذاـ مطيعُت ومواليُت لئلدارة الفرنسية خبلؿ فًتة االحتبلؿ‪.‬‬

‫وعليو فإف كل أساليب التنظيم اإلداري اليت ًب تبنيها من طرؼ فرنسا كانت هبدؼ خدمة أغراضها‬

‫االستعمارية‪ ،‬وىي أساليب قامت على وجود عبلقة عمودية قوامها وصاية مشددة من السلطة ا‪١‬تركزية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جزأرة اإلدارة الجزائرية‪.‬‬

‫حىت اندالع حرب التحرير كانت اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية ذات طابع استعماري جلي‪ ،‬وكاف دخوؿ ا‪ٞ‬تزائريُت‬

‫إليها جد ‪٤‬تدود‪ ،‬وكاف يقتصر على الوظائف التنفيذية والسفلى‪ ،‬أما مهاـ التصور واٗتاذ القرار فاقتصرت‬

‫على األوربيُت وحدىم‪ ،‬وٓب تكن اإلدارة ُب خدمة ا‪١‬تواطنُت بل ُب مراقبة السكاف األصليُت وإقامة العبلقات‬
‫‪2‬‬
‫مع القبائل و‪ٚ‬تع ا‪١‬تعلومات من أجل ضماف السيطرة الفرنسية ُب كامل أ‪٨‬تاء الببلد‪.‬‬

‫لقد ‪٧‬تحت فرنسا قبل إعبلف االستقبلؿ السياسي للجزائر ُب إقامة جهاز للمحافظة على مصا‪ٟ‬تها‬

‫والدفاع عنها‪ ،‬وذلك بتنظيم وجودىا ُب ‪٥‬تتلف األجهزة اليت ستصبح ىي ا‪١‬تؤسسات ا‪ٞ‬تديدة للجزائر‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫والسيما ُب ا‪ٞ‬تيش واإلدارة واالقتصاد والتعليم والتكوين‪.‬‬

‫كانت ا‪ٞ‬تزائر ُب بداية حرب التحرير تدار بطريقة عرجاء‪ ،‬فمن جهة كانت تتوفر على ‪ 325‬بلدية ‪٢‬تا‬

‫كامل صبلحيات التسيَت لتهتم بالسكاف األوربيُت وا‪١‬تقدر عددىم ٔتليوف نسمة‪ ،‬ومن جهة أخرى كانت‬

‫ا‪ٞ‬تزائر األخرى اليت يسكنها ‪ 9‬مبليُت نسمة الذين يسموف فرنسُت مسلمُت تدار بالوكالة ُب ‪ 48‬بلدية‬

‫‪٥‬تتلطة معرضة لتسلط إدارة االحتبلؿ وطغيانو‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد ا‪ٟ‬تميد ابراىيمي‪ ،‬في أصل األزمة الجزائرية ‪ .2999-2958‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2001 ،‬ص‪.62‬‬
‫‪2‬‬
‫المكان نفسو‪.‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.74‬‬

‫‪121‬‬
‫وُب نوفمرب ‪ 1954‬كاف السكاف ا‪١‬تسلموف ٯتثلوف ‪ 09‬أضعاؼ السكاف األوربيُت لكنهم ٓب يكونوا‬

‫يشكلوف ُب الوظيفة العمومية سوى‪ %29‬من ا‪١‬توظفُت الذين كانوا ُب غالب األحياف ُب أسفل سلم‬

‫الوظيفة‪ ،‬حيث من بُت ‪ 2500‬موظف ُب ا‪ٟ‬تكومة العامة ٓب يوجد سوى ‪ 183‬مسلما معينُت ٓتاصة ُب‬

‫وظائف دنيا ال يكادوف ٯتثلوف ‪ %07‬من ‪٣‬تموع التعداد‪.‬‬

‫أما ُب ا‪١‬تهن ا‪ٟ‬ترة فلم يكن عدد ا‪١‬تسلمُت ا‪ٞ‬تزائريُت كبَتا‪ ،‬حيث ُب ‪ً 1954‬ب إحصاء ‪٤ 161‬تاميا‬

‫و‪ 152‬وكيل دعوى و‪ 41‬كاتب عدؿ و‪ 104‬طبيب و‪ 185‬أستاذا ُب التعليم الثانوي‪ ،‬وُب ىذا السياؽ‬

‫وبعد التطورات السياسية النإتة من التقدـ الذي سجلتو جبهة التحرير الوطٍت ُب ا‪١‬تيداف‪ً ،‬ب التفكَت من‬

‫طرؼ إدارة االحتبلؿ ُب إصبلحات وإجراءات بُت عامي ‪ 1955‬و‪ 1957‬هبدؼ إبعاد السكاف‬

‫ا‪ٞ‬تزائريُت عن تأثَت ا‪ٞ‬تبهة وذلك من خبلؿ ما ‪ٝ‬تي بالًتقية االجتماعية للفرنسيُت ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬لتنطلق منذ‬

‫العاـ ‪ 1959‬ا‪ٞ‬تزأرة التدر‪٬‬تية لئلدارة االستعمارية واليت تعُت على القوة الثالثة أف تؤدي دورا أساسيا فيها‬

‫بعد االستقبلؿ‪.‬‬

‫وُب إطار الًتقية االجتماعية عرض "فرانسوا متَتوف" )‪ (François Mitterand‬الذي كاف وزيرا‬

‫للداخلية ُب ‪ 05‬جانفي ‪ 1955‬أماـ ‪٣‬تلس الوزراء برنا‪٣‬تا واسعا لئلصبلحات‪ ،‬وًب إنشاء مدرسة للتكوين‬

‫اإلداري هتدؼ إٔب تسهيل حصوؿ ا‪١‬تسلمُت على مناصب مسؤولية ُب الوظيفة العمومية لضماف بقاء‬

‫ا‪ٞ‬تزائر فرنسية‪.‬‬

‫وٓب تشمل زيادة فرص العمل بُت عامي ‪ 1955‬و ‪ 1958‬ا‪ٞ‬تهاز اإلداري فقط بل كذلك النشاطات‬

‫غَت الفبلحية ( ٕتارة‪ ،‬صناعة‪ ،‬بناء) النا‪ٚ‬تة عن الًتقية االجتماعية اليت تندرج ُب ا‪١‬تسعى اإلداري للحكومة‬

‫الفرنسية إلبقاء ا‪ٞ‬تزائر ُب وضعها االستعماري‪ ،‬فتمت ُب الفًتة ما بُت ‪ 1959‬و‪ 1961‬ترقية أكرب عدد‬

‫من اإلطارات ا‪١‬تسلمُت وذلك بتعزيز ىياكل التكوين األوٕب والتكوين ا‪١‬تهٍت والتعليم التقٍت والتكوين‬

‫‪122‬‬
‫ا‪١‬تتسارع ألكرب عدد من الشباب ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬وبا‪١‬توازاة مع ذلك عززت فرنسا ُب الوقت نفسو تكوين النخب‬

‫ذات ا‪١‬تستوى العإب للحصوؿ على إطارات من شأهنا أف تكوف قادرة ليس فقط على التكفل بتحقيق‬
‫‪1‬‬
‫أىداؼ ‪٥‬تطط قسنطينة بل أيضا التحكم ُب ا‪ٞ‬تزائر غدا‪.‬‬

‫وقد ارتفع عدد العاملُت ُب القطاعات غَت الزراعية بُت عامي ‪1954‬ـ و‪1960‬ـ إٔب ‪ 361800‬وىو‬

‫ما مثل زيادة ب ‪ 244100‬فرصة عمل خاصة بفئة الفرنسيُت ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫الجدول رقم ‪:22‬عدد العاملين في القطاعات غير الزراعية( ‪.)2962-2954‬‬

‫المجموع‬ ‫األوربيون‬ ‫المسلمون‬ ‫النشاط‬

‫‪179900‬‬ ‫‪57200‬‬ ‫‪122700‬‬ ‫‪ -‬اإلدارة‬

‫‪94900‬‬ ‫‪38500‬‬ ‫‪56400‬‬ ‫‪ -‬التجارة‬

‫‪29000‬‬ ‫‪9000‬‬ ‫‪20000‬‬ ‫‪ -‬الصناعة‬

‫‪58000‬‬ ‫‪13000‬‬ ‫‪45000‬‬ ‫‪ -‬البناء‪ ،‬الربيد‪ ،‬ا‪١‬تواصبلت‬

‫‪361800‬‬ ‫‪117700‬‬ ‫‪244100‬‬ ‫المجموع‬

‫ويبدو واضحا من خبلؿ ا‪ٞ‬تدوؿ أعبله تفرد قطاع اإلدارة با‪ٟ‬تصة الكربى من مناصب العمل واليت بلغ‬

‫‪٣‬تموعها ‪ 179900‬منصبا من ‪٣‬تموع ‪ 361800‬منصبا ُب كافة القطاعات‪ ،‬كما يبدو من خبلؿ‬

‫معطيات ا‪ٞ‬تدوؿ تركيز اإلدارة الفرنسية على ترقية ا‪ٞ‬تزائريُت ُب ا‪١‬تناصب اإلدارية إٔب الضعف با‪١‬تقارف مع‬

‫الكوادر األوربية ‪٦‬تا يدؿ على سعي االستعمار إٔب استبداؿ عدد أكرب من اإلطارات األوربية أو الفرنسية‬

‫بإطارات جزائرية موالية لئلدارة الفرنسية‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.65-63‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪123‬‬
‫ثالثا‪ :‬الترسبات الكولونيالية في اإلدارة الجزائرية‪.‬‬

‫زيادة على ا‪١‬تنظومة ا‪١‬تؤسسية والقانونية اليت ورثتها الدولة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تستقلة من االستعمار الفرنسي‪ ،‬فقد‬

‫استلهمت أيضا أسلوب ا‪ٟ‬تكم و‪٪‬تط العبلقة باحملكومُت‪ ،‬حيث حافظت على الرابطة اليت أقامها ا‪١‬تستعمر‬

‫با‪١‬تستعمر واليت وصفها "األيويب على بوشبلكة" ُب ‪٣‬تملها على أهنا عبلقة انفصالية وعمودية هتدؼ إٔب‬

‫احتواء اجملتمع وضبط حركتو بصورة فوقية‪ ،‬فقد أوجدت السلطات االستعمارية مؤسسات للهيمنة مركزة ُب‬

‫ذلك على أ‪٫‬تية الوظيفة والقانوف ال على ا‪١‬تشاركة وا‪١‬تبادلة‪.‬‬

‫وٓب يكتف احملتل ّتلب أدواتو العنيفة والبَتوقراطية بل كرس ‪٣‬تهودات معتربة الجتثاث السكاف احملليُت‬

‫وتفكيك أواصر الًتابط بُت ا‪ٞ‬تزائريُت‪ ،‬وقد ‪٧‬تح ُب تدمَت الدولة التقليدية وإقامة بٌت وىياكل حديثة ورثتها‬

‫النخب بعد االستقبلؿ‪ ،‬واليت كرست ‪ٝ‬تة االنقساـ بُت اإلدارات العامة وا‪١‬تشاركة الشعبية وبُت ا‪١‬تؤسسات‬
‫‪1‬‬
‫الر‪ٝ‬تية والبٌت ا‪١‬تدنية‪.‬‬

‫لقد أثرت التجربة الكولونيالية ُب البنية االقتصادية واالجتماعية للجزائر ا‪١‬تستقلة‪ ،‬حيث اعترب "بن أشنهو"‬

‫أف السياسة االستعمارية أنتجت ثبلثة ‪٥‬تلفات اقتصادية أثرت على ا‪ٞ‬تزائر ا‪١‬تستقلة‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪-‬اقتصاد ذو انتاج خارجي مع فرض مستوى منخفض جدا إلنتاجية العمل االجتماعي الداخلي‪ ،‬حيث‬

‫كاف قطاع التصدير ُب خدمة الرأ‪ٝ‬تالية العا‪١‬تية‪.‬‬

‫‪٪-‬توذج استهبلكي استوطن مع حلوؿ ا‪١‬تعمرين األوربيُت‪ ،‬وىو ذو طابع غريب اكتسبو الفرد ا‪ٞ‬تزائري الذي‬

‫يعيش ُب ا‪١‬تدينة‪ُ ،‬ب ظل انتشار ظاىرة ا‪٢‬تجرة من الريف إٔب ا‪١‬تدينة‪.‬‬

‫‪٤ 1‬تمد حليم ‪١‬تاـ‪ ،‬الفساد النسقي والدولة السلطوية‪ ،‬حالة الجزائر منذ االستقالل‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،2017 ،‬‬
‫ص‪.109-107‬‬

‫‪124‬‬
‫‪-‬جهاز إداري ضخم أقامتو فرنسا وًب توسيعو خبلؿ من خبلؿ مشروع قسنطينة ‪ ،1962-1958‬وىذا‬
‫‪1‬‬
‫ما أفرز مركزية وبَتوقراطية شديدة ُب ا‪١‬تدف مع ترؾ األرياؼ تعيش حالة نقص كبَتة‪.‬‬

‫إف كل السياسات اليت تبنتها فرنسا ُب ا‪ٞ‬تزائر ىدفت باألساس إٔب إدماج ا‪ٞ‬تزائر إداريا‪ ،‬وقد كاف ‪٢‬تا‬

‫تأثَتا على اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية بعد االستقبلؿ من ناحيتُت‪٫ ،‬تا‪:‬‬

‫‪ -‬من ناحية القوانُت‪ ،‬والبناء اإلداري‪ :‬فالنموذج اإلداري الفرنسي كاف حاضرا بعد االستقبلؿ هبيئاتو‬

‫وترسانتو القانونية‪ ،‬والفراغ الذي تركتو فرنسا بعد رحيلها اضطر ا‪ٟ‬تكومة وا‪ٞ‬تمعية الوطنية التأسيسية بعد‬

‫‪ 1962‬إٔب اإلبقاء على التشريعات الفرنسية إٔب غاية صدور أوامر جديدة مع إلغاء تلك ا‪١‬تنافية للسيادة‬

‫الوطنية‪.‬‬

‫‪ -‬من ناحية النخبة اإلدارية‪ :‬إف من أىم ما أنتج االستعمار ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب إطار تكوينو لوسطاء بُت اإلدارة‬

‫االستعماري ة واجملتمع ا‪ٞ‬تزائري ىو النخبة ا‪١‬تتفرنسة اليت تشكلت من أبناء األعياف وصغار ا‪١‬توظفُت ا‪ٞ‬تزائريُت‬

‫وقلة من أصحاب ا‪١‬تهن ا‪ٟ‬ترة من االرستقراطيُت والربجوازيُت‪ 2،‬وشكل رحيل الفرنسيُت وتركهم لوظائفهم‬

‫فرصة ‪٢‬تذه النخبة لتسيطر على اإلدارة‪ ،‬باعتبارىا تتمتع ٔتستوى تعليمي ٯتكنها من التسيَت اإلداري وُب‬

‫كافة اجملاالت‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬واقع البيروقراطية في عهد الحزب الواحد‪.‬‬

‫بعد إعبلف االستقبلؿ تبنت الدولة ا‪ٞ‬تزائرية نظاـ ا‪ٟ‬تزب الواحد ُب ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬وسعت إٔب بناء دولة‬

‫اشًتاكية قوامها الدٯتقراطية والعدالة االجتماعية ُب ظل جهاز إداري موروث من االستعمار الفرنسي‪ ،‬ىذا‬

‫ا‪ٞ‬تهاز الذي ازداد نفوذا بعد تبٍت النخبة ا‪ٟ‬تاكمة سياسة الًتكيز على تقوية جهاز الدولة‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.112 ،111‬‬


‫‪ 2‬عمار بلحسن‪" ،‬ا‪١‬تشروعية والتوترات الثقافية حوؿ الدولة والثقافة ُب ا‪ٞ‬تزائر"‪ُ ،‬ب‪ :‬سليماف الرياشي وآخروف‪ ،‬األزمة الجزائرية الخلفيات‬
‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،1996 ،‬ص‪.424‬‬

‫‪125‬‬
‫أوال‪ :‬تكريس أولوية الدولة على الحزب (نمو البيروقراطية)‪.‬‬

‫كاف ا‪ٟ‬تزب الواحد من الناحية الدستورية ىو ا‪ٟ‬تزب الوحيد صانع الدولة وا‪١‬تشرؼ عليها‪ ،‬واقًتف ذلك‬

‫بسببُت‪:‬‬

‫‪ -‬سبب تارٮتي اقًتف بدوره ُب الكفاح ضد ا‪١‬تستعمر الفرنسي‪.‬‬

‫‪ -‬سبب عملي أوجبتو عملية البناء والتنمية واليت تطلبت توحيد االٕتاىات وتعبئة الشعب إٔب جانب قيادة‬

‫الثورة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وعلى ىذا األساس جاءت النصوص الدستورية وا‪١‬تواثيق الوطنية لتؤكد ىذه ا‪١‬تكانة للحزب‪.‬‬

‫عرؼ النظاـ األحادي ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب مرحلتو األؤب ا‪١‬تمتدة من ‪ 1962‬إٔب ‪ 1965‬إصدار دستور‬

‫‪ 1963‬وميثاؽ ‪ 1964‬اللذاف أكدا على األحادية واالشًتاكية ُب ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬وشكل حزب جبهة التحرير‬

‫الوطٍت الذي كاف ميبلده ُب األوؿ من نوفمرب ‪ 1954‬كجبهة ٖتالفت فيها كل التيارات ‪١‬تواجهة‬

‫االستعمار الفرنسي وبعد االستقبلؿ كوسيلة أساسية لتحقيق طموحات الشعب مركز الثقل ‪ٟ‬تكم "بن بلة"‬
‫‪2‬‬
‫ُب ‪٦‬تارسة نفوذه ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية مقابل قوة ا‪ٞ‬تيش‪.‬‬

‫ىذه التيارات سواء العسكرية منها أو السياسية تصارعت حوؿ السلطة مباشرة بعد إعبلف االستقبلؿ‬

‫وانتهت الصراعات باعتبلء بن بلو للسلطة‪ ،‬وذلك بعد صدور برنامج طرابلس عاـ ‪1962‬ـ الذي صادؽ‬
‫‪3‬‬
‫عليو اجمللس الوطٍت للثورة كميثاؽ يتبٌت األحادية السياسية والنهج االشًتاكي‪.‬‬

‫‪ٜ 1‬تيس حزاـ وإب‪ ،‬إشكالية الشرعية في األنظمة السياسية العربية‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2003 ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ 2‬سعيد بوالشعَت‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار ا‪٢‬تدى‪ ،‬ط‪ ،1993 ،2‬ص‪.94‬‬
‫‪3‬‬
‫إ‪ٝ‬تاعيل قَتة وآخروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.94 ،93.‬‬

‫‪126‬‬
‫نص الدستور ‪ 1963‬على أف جبهة التحرير الوطٍت ىي حزب الطليعة الوحيد ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،1‬وىي اليت‬

‫ٖتدد سياسة األمة وتوحي بعمل الدولة وتراقب عمل اجمللس الوطٍت وا‪ٟ‬تكومة‪ 2،‬كما اعترب ذات الدستور‬

‫أف ىدؼ ا‪ٞ‬تبهة ىو إ‪٧‬تاز أىداؼ الثورة الدٯتقراطية الشعبية وتشيد االشًتاكية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ 3،‬كما منحت‬
‫‪4‬‬
‫للحزب الواحد اختصاص الًتشيح للعضوية ُب اجمللس الوطٍت ورئاسة ا‪ٞ‬تمهورية‪.‬‬

‫ٓب ٭تد دستور وميثاؽ ‪ 1976‬عن ما نص عليو دستور ‪ 1963‬من حيث إعطاء مكانة مهمة ‪ٟ‬تزب‬

‫جبهة التحرير الوطٍت‪ ،‬حث أكد ا‪١‬تيثاؽ الوطٍت على أف حزب جبهة التحرير الوطٍت وىو حزب طبلئعي‬

‫وأف مؤ٘تره يعد ا‪٢‬تيئة العليا للحزب يصادؽ على قوانُت ا‪ٟ‬تزب األساسية ويضبط التوجيهات اإليديولوجية‬

‫ويرسم السياسة العامة للثورة و٭تدد األىداؼ اليت ‪٬‬تب ٖتقيقها وينتخب قيادة ا‪ٟ‬تزب ويعمق ا‪١‬تفاىيم‬

‫والتوجيهات الواردة ُب ا‪١‬تيثاؽ الوطٍت‪ ،‬وا‪١‬تبلحظ ىو قلة الوسائل اليت منحت للحزب للقياـ ٔتهامو حيث‬
‫‪5‬‬
‫نص ا‪١‬تيثاؽ على الفصل بُت الدولة وا‪ٟ‬تزب غَت أنو ٓب ٭تدد كيف يكوف ذلك‪.‬‬

‫أما دستور ‪ 1976‬فنص على أف جبهة التحرير الوطٍت ىي ا‪ٟ‬تزب الواحد ُب الببلد‪ 6،‬وىي القوة‬

‫الطبلئعية لقيادة الشعب وتنظيمو من أجل ٕتسيد أىداؼ الثورة االشًتاكية‪ 7،‬كما نص ذات الدستور على‬

‫على أف قيادة الببلد ُب وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة‪.8‬‬

‫‪-https://www.elmouradia.dz‬‬ ‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪ ،1963‬ا‪١‬تادة ‪ُ ،23‬ب‪:‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،1963‬ا‪١‬تادة ‪.24‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،1963‬ا‪١‬تادة ‪.26‬‬
‫‪ 4‬بالنسبة للًتشيح لعضوية اجمللس الوطٍت فنصت على ذلك ا‪١‬تادة ‪ " 27‬السيادة الوطنية للشعب ٯتارسها بواسطة ‪٦‬تثلُت لو ُب ‪٣‬تلس وطٍت‪،‬‬
‫ترشحهم جبهة التحرير الوطٍت"‪ ،‬أما الًتشيح لرئاسة ا‪ٞ‬تمهورية فنصت عليو ا‪١‬تادة ‪ " 39‬ينتخب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ‪١‬تدة ‪ 05‬سنوات بعد تعيينو‬
‫من طرؼ ا‪ٟ‬تزب"‪.‬‬
‫‪ 5‬السعيد بوالشعَت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪- https://www.elmouradia.dz‬‬ ‫‪ 6‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪ُ ،95‬ب‪:‬‬
‫‪ 7‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.97‬‬
‫‪ 8‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.98‬‬

‫‪127‬‬
‫وقد فصل ذات الدستور بُت أجهزة الدولة وأجهزة ا‪ٟ‬تزب‪ ،‬حيث نص على أنو تعمل أجهزة ا‪ٟ‬تزب‬

‫وأجهزة الدولة ُب إطارين منفصلُت وبوسائل ‪٥‬تتلفة من أجل ٖتقيق أىداؼ واحدة‪ ،‬وال ٯتكن أف تتداخل‬

‫اختصاصات كل منهما أو ٗتتلط ببعضها‪ ،‬حيث أف التنظيم السياسي للببلد يقوـ على التكامل ُب ا‪١‬تهاـ‬

‫بُت أجهزة ا‪ٟ‬تزب وأجهزة الدولة‪.1‬‬

‫على الرغم من كل ‪٤‬تاوالت التوثيق الدستورية وا‪ٟ‬تزبية الداعية إٔب تكريس حقيقة األخذ بنظاـ ا‪ٟ‬تزب‬

‫الواحد كحزب طبلئعي يقود الببلد ُب مرحلة بناء الثورة االشًتاكية إال أف دوره ظل ‪٤‬تدودا ُب الواقع ٔتا‬
‫‪2‬‬
‫يقرره رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ٖتويلو إٔب أداة لتحقيق التعبئة الشاملة‪.‬‬

‫لقد شهد عصر الرئيساف ىواري بومدين وبن بلة تفوقا لدور الدولة على حساب بروز جبهة التحرير‬

‫الوطٍت كحزب طليعي‪ ،‬كما أف النظاـ حرص على إبقائها كإطار يستمد منو الشرعية دوف دوف ٘تكينها من‬

‫‪٦‬تارسة السلطة الفعلية ُب إدا رة ا‪ٟ‬تياة السياسية‪ ،‬وقد عرؼ حكمهما من ناحية ا‪١‬تمارسة السياسية تفوقا‬

‫لدور الدولة على حساب جبهة التحرير الوطٍت‪ ،‬حيث أبعد عن ا‪١‬تيداف السياسي بإلغاء تنظيماتو ا‪١‬تركزية‬

‫اليت أقرت ُب دستور ‪ 1963‬وميثاؽ ‪( 1964‬اللجنة ا‪١‬تركزية وا‪١‬تكتب السياسي واألمُت العاـ)‪ ،‬وسحب‬

‫منو دوره لصاّب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية الذي ىو أمينو العاـ ورئيس ا‪ٟ‬تكومة ُب الوقت نفسو‪ ،‬كما عوض ا‪١‬تكتب‬

‫السياسي ا‪١‬تلغى هبيئة ‪ٚ‬تاعية ‪ٝ‬تيت األمانة التنفيذية للحزب‪.‬‬

‫أما مع ‪٣‬تيئ نظاـ الرئيس بن جديد فقد عادت ا‪ٟ‬تياة ألجهزة ا‪ٟ‬تزب خصوصا بعد ظهور ا‪١‬تادة ‪120‬‬

‫اليت أصبح مسَتو الدولة ٔتوجبها أعضاء ُب اإلدارة ا‪١‬تركزية للحزب‪ ،‬وأصبحت للجنة ا‪١‬تركزية مكانا الختبار‬
‫‪3‬‬
‫بعض القادة لتقلد ا‪١‬تناصب ا‪ٟ‬تكومية والرب‪١‬تانية‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.101‬‬


‫‪ 2‬ناجي عبد النور‪ ،‬النظام السياسي الجزائري من األحادية إلى التعددية السياسية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪ ،2006 ،‬ص ص‬
‫‪.100،99‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.101‬‬

‫‪128‬‬
‫إف اىتماـ السلطة ببناء دولة قوية من القاعدة ساىم بقدر كبَت ُب تكوين طبقة بَتوقراطية قوية عملت‬

‫على إضعاؼ ا‪ٟ‬تزب الذي بقي مبعدا عن ‪٦‬تارسة السلطة‪ ،‬حيث اقتصر ‪٣‬تلس الثورة منذ ‪ 1965‬على‬

‫إسناد وظيفة شكلية للحزب تنحصر ُب تقدًن القوائم االنتخابية واإلشراؼ على بعض ا‪ٟ‬تمبلت بالشرح‬
‫‪1‬‬
‫والتوعية‪.‬‬

‫وكاف ا‪ٟ‬تزب ‪٦‬تنوعا من التدخل من التدخل ُب ‪٣‬تاؿ اإلدارة‪ ،‬كما أف إسناد مراكز ا‪ٟ‬تل والعقد أفقد‬

‫من اضلي ا‪ٟ‬تزب حيوية النضاؿ لكثرة ا‪١‬تهاـ ا‪١‬تسندة ‪٢‬تم ُب الدولة (٘تثيل الدولة خاصة ُب السلطة التنفيذية)‬

‫أكثر من ٘تثيل ا‪ٟ‬تزب‪ ،‬وهبذا ٓب يبقى للحزب سوى وسيلة الًتشيح‪.‬‬

‫فبالنسبة لعملية الًتشيح فا‪ٟ‬تزب ال يقوـ هبا منفصبل وال ينفرد هبا بل اإلدارة تشاركو ُب تلك العملية‬

‫بطريقة مباشرة وغَت مباشرة المتبلكها لوحدىا ا‪١‬تعلومات اليت تؤثر ُب قرار ا‪ٟ‬تزب (األمن‪ ،‬الدرؾ‪ ،‬ا‪ٞ‬تيش)‪،‬‬

‫كما تشارؾ على مستوى احملافظة ُب دراسة ملفات ا‪١‬تًتشحُت (الوإب‪ ،‬قائد القطاع العسكري)‪ ،‬وعلى‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬تستوى الوطٍت الوزراء‪.‬‬

‫إف االنتماء إٔب ا‪ٟ‬تزب ا‪ٟ‬تاكم كشرط لبلنتماء إٔب اإلدارة ٓب يكن مفروضا ُب ا‪ٞ‬تزائر إال على مستوى‬

‫اجملالس احمللية وٖتقيق الوحدة العضوية بُت ا‪ٟ‬تزب والدولة حدد مهامو ُب ا‪١‬تراقبة والتوجيو بدال من التسيَت‪،‬‬

‫فقد كاف يشارؾ األمُت التنفيذي للحزب ُب جلسات ‪٣‬تلس الوزراء ويشارؾ ا‪ٟ‬تزب أيضا ب ‪ 15‬عضوا‬

‫من بُت ‪ 177‬عضوا ُب اجمللس االقتصادي واالجتماعي الذي كاف ٔتثابة جهاز استشاري أنشئ من طرؼ‬

‫نظاـ "ىواري بومدين"‪ ،‬كما كاف لو حق النظر ُب التعيينات للوظائف العليا وا‪١‬تشاركة بثبلثة أعضاء ُب‬

‫‪ 1‬السعيد بوالشعَت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.117‬‬

‫‪129‬‬
‫اجمللس األعلى للقضاء من بُت عشرة أعضاء‪ ،‬وتبقى عدـ مشاركتو ُب وضع مشروع الثورة الزراعية ‪1971‬‬
‫‪1‬‬
‫أكرب دليل على هتميشو مقابل تقوية اإلدارة‪.‬‬

‫إف النظاـ السياسي ُب ا‪ٞ‬تزائر عمل على ٖتييد دور ا‪ٟ‬تزب والعمل على تقوية اإلدارة‪ ،‬وكاف ضعف‬

‫ا‪ٟ‬تزب أىم العوامل اليت زادت من قوة اإلدارة ومرد ذلك ىو تركيبة حزب جبهة التحرير الوطنية اليت حددىا‬

‫برنامج طرابلس ُب فئة الفبلحُت الفقراء والربوليتاريا وأصحاب ا‪ٟ‬ترؼ وا‪١‬توظفوف والتجار الصغار‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫والربجوازية الصغَتة‪.‬‬

‫كما أف نقص العناصر الواعية وا‪١‬تثقفة يرجع إٔب ا‪١‬تتغَتات ا‪ٞ‬تديدة بعد ‪ 19‬جواف ‪ ،1965‬فلم يكن‬

‫معظم أعضاء ‪٣‬تلس الثورة يدركوف أف ٕتنيد ا‪ٞ‬تماىَت وتعبئتها يستحيبلف بدوف حزب قوي ٔتناضليو ُب‬

‫‪٥‬تتلف اجملاالت‪ ،‬لذلك ظهرت فكرة بناء اإلدارة على حساب ا‪ٟ‬تزب‪ 3،‬وقد جاء ُب تقرير لؤلمانة العامة‬

‫الدائمة للجنة ا‪١‬تركزية للحزب أف عدد ا‪١‬تناضلُت ا‪١‬تهيكلُت حوإب ‪ 180000‬مناضل سنة ‪ ،1981‬وٯتثل‬
‫‪4‬‬
‫‪ %46‬نسبة ا‪١‬تتعلمُت فيهم‪ ،‬واف ¾ من ىذا العدد ذوي مستوى ابتدائي‪.‬‬

‫وإذا كاف ا‪ٟ‬تزب يتطلع إٔب أف يصبح رمزا للوحدة الوطنية باكتسابو الشرعية فإف دوره كاف ضعيفا وىذا ما‬

‫أكده بومدين عاـ ‪ 1965‬حينما قاؿ‪ " :‬ىل كاف ا‪ٟ‬تزب موجودا؟ بكل أسف ٓب يكن لو وجود إال على‬

‫‪1‬‬
‫‪Mohamed Tahar Bensaada, le régime politique Algérien. Alger: entreprise nationale‬‬
‫‪du livre, 1992, pp 59-61.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Proget de programme pour la réalisation de la révolution démocratique‬‬
‫‪populaire (Adoptée à l'unanimité par le C. N. R.A. à Tripoli en Juin 1962), dans :‬‬
‫‪http://www. Ratoulmed. Jeera.com/ mouatamartarabouls.htm. (15/06/2014).‬‬
‫‪٤ 3‬تمد العريب الزبَتي‪ ،‬المؤامرة الكبرى أو إجهاض الثورة‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تؤسسة ا‪ٞ‬تزائرية للطباعة‪ ،1989 ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ 4‬عامر رخيلة‪ ،‬التطور السياسي والتنظيمي لحزب جبهة التحرير الوطني ‪ 2982-2962‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪،1993 ،‬‬
‫ص‪.310‬‬

‫‪131‬‬
‫الورؽ‪ ،‬وُب البلفتات ا‪١‬تعلقة على ا‪١‬تنابر‪ ،‬وال شيئ آخر"‪ ،‬و‪٢‬تذا فهو حزب يضم ا‪١‬تناضلُت فحسب وذلك‬
‫‪1‬‬
‫ٓتبلؼ الدولة اليت ىي دولة كل ا‪١‬تواطنُت ببل استثناء‪.‬‬

‫إف اىتماـ السلطة ُب عهد ىواري بومدين ببناء دولة قوية من القاعدة ساىم بقدر كبَت ُب تكوين طبقة‬

‫برجوازية وبَتوقراطية قوية عملت على إضعاؼ ا‪ٟ‬تزب‪ ،‬وأصبحت ىذه القوى ىي اليت تقود نشاط الشعب‬

‫والدولة‪ ،‬وىكذا كاف دور ا‪ٟ‬تزب الواحد من الناحية العملية السيما على صعيد ا‪١‬تشاركة السياسية أقرب إٔب‬

‫مفهوـ التعبئة منو إٔب ا‪١‬تشاركة كمبدأ أساسي وكإجراء نظامي وكجوىر للمفهوـ الدٯتقراطي للممارسة‬
‫‪2‬‬
‫السياسية‪.‬‬

‫وعليو فإف قوة اإل دارة ُب ا‪١‬ترحلة األحادية على حساب ا‪ٟ‬تزب الواحد تكرس كأسلوب حكم انعكس‬

‫سلبا على األحزاب السياسية ُب ا‪١‬ترحلة التعددية خاصة ُب ظل استمرار فكرة تقديس الدولة كجهاز على‬

‫حساب األحزاب السياسية ‪٦‬تا سيكوف لو تبعات على مسألة الدٯتقراطية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬استمرارية الموروث االستعماري في اإلدارة الجزائرية ‪.‬‬

‫على رغم رحيل ‪ 900‬ألف أوريب من ا‪ٞ‬تزائر مباشرة بعد االستقبلؿ فقد ًب اإلبقاء على ا‪ٞ‬تهاز اإلداري‬

‫االستعماري وفق ما تنص عليو اتفاقيات افياف‪ ،‬حيث ٓب ٕتر أية إصبلحات أو تغيَتات ُب البٌت أو‬

‫األجهزة اليت كانت معدة ُب األساس لقمع ا‪ٞ‬تماىَت‪ ،‬على العكس ٘تاما فقد بقي ا‪ٟ‬تضور الفرنسي مهما‬

‫ُب ىذا النظاـ ا‪١‬توروث عن االستعمار على مستوى إطارات الوظيفة العمومية‪ 3،‬فقد نصت ا‪١‬تادة ‪ 01‬من‬

‫اتفاقيات إفياف ُب ا‪١‬تبادئ ا‪٠‬تاصة بالتعاوف الفٍت أف فرنسا تتعهد بتقدًن مساعداهتا الفنية ومن بينها وضع‬

‫أعضاء فرنسي ُت ٖتت تصرؼ ا‪ٞ‬تزائر ُب حدود إمكانياهتا لتقدًن ا‪١‬تعونة ُب اجملالُت الفٍت واإلداري‪ ،‬حيث‬

‫‪ٜ 1‬تيس حزاـ وإب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ 3‬عبد ا‪ٟ‬تميد إبراىيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬

‫‪131‬‬
‫جاء فيها‪ ":‬إف الوجود الفرنسي سيبقى من خبلؿ كوادر مؤىلة وعن طريق التعاوف التقٍت وبعثات الدراسة‬

‫وا‪١‬تعلومات العلمية وا‪١‬توظفُت اليت تلتزـ فرنسا ُب تقدٯتها للجزائر"‪ 1‬وقد وصل عدد ا‪١‬توظفُت ا‪١‬تدنيُت‬

‫ا‪ٞ‬تزائريُت من ‪ُ 36518‬ب عاـ ‪ 1959‬إٔب ‪ 18638‬علم ‪ ،1969‬وُب خط موازي ‪٢‬تذه الزيادة ُب عدد‬

‫ا‪١‬توظفُت ا‪١‬تدنيُت ا‪ٞ‬تزائريُت تناقص عدد ا‪١‬توظفُت الفرنسيُت ٔتقدار ‪ 6539‬موظفا‪ ،‬ومع ذلك فإف عملية "‬
‫‪2‬‬
‫تصفية االستعمار" ُب البنية البَتوقراطية ا‪ٞ‬تزائرية كانت جزئية فحسب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الجدول رقم ‪ :23‬تركيبة الجهاز اإلداري الجزائري عام ‪.1962‬‬

‫‪%19.6‬‬ ‫‪13729‬‬ ‫‪ -‬إطارات فرنسية‬

‫‪%31.7‬‬ ‫‪22182‬‬ ‫‪ -‬إطارات جزائرية متخرجة من مدارس فرنسية‬

‫‪%51.3‬‬ ‫‪35911‬‬ ‫اجملموع‬

‫‪%48.7‬‬ ‫‪34097‬‬ ‫‪-‬إطارات قادمة من جبهة التحرير الوطنية‬

‫‪%100‬‬ ‫‪70008‬‬ ‫اجملموع‬

‫ويظهر التواجد الفرنسي بوضوح ُب ا‪ٞ‬تهاز اإلداري مع استقبلؿ ا‪ٞ‬تزائر من خبلؿ ا‪ٞ‬تدوؿ حيث أف‬

‫عدد اإلطارات ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تتخرجة من ا‪١‬تدارس الفرنسية قد بلغ ‪ 22182‬إطار ٔتا نسبتو ‪ %31‬من إطارات‬

‫ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ٔتا ‪٣‬تموعو ‪ 35911‬إطار‪ ،‬أي بنسبة ‪ %51‬عند ضمو مع عدد اإلطارات الفرنسية اليت‬

‫بقيت مقابل اإلطارات القادمة من جبهة التحرير اليت ٓب تتعد ‪.%48‬‬

‫‪ 1‬بن يوسف بن خدة‪ ،‬بن يوسف بن خدة‪ ،‬اتفاقيات إيفيان نهاية حرب التحرير في الجزائر‪ ،‬تعريب ‪ٟ‬تسن زغدار و‪٤‬تل العُت جبائلي‪.‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪ ،1987 ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ 2‬مغنية األزرؽ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.184‬‬
‫‪ 3‬عبد ا‪ٟ‬تميد ابراىيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪132‬‬
‫كما يبدو من خبلؿ ا‪ٞ‬تدوؿ أدناه ا‪٠‬تاص بفئات التأطَت ُب الوظيفة العمومية أف نسبة اإلطارات‬

‫الفرنسية ىي اليت استولت على أكرب عدد من ا‪١‬تناصب خاصة منها القيادية من فئة اإلعداد واٗتاذ القرار‬

‫وإطارات التسيَت‪ ،‬حيث بلغت نسبة الفرنسيُت ‪ %39‬من نسبة ‪ %43‬من إطارات اإلعداد ونسبة‬

‫‪ %43‬من نسبة ‪ %77‬من إطارات التسيَت مقابل ازدياد عدد اإلطارات من جبهة التحرير الوطٍت ُب‬

‫الفئات الدنيا اليت شكل فيها الفرنسيوف نسبة ضئيلة جدا قدرت ب ‪.%03‬‬

‫وطبعا ىذا التفاوت ُب توٕب ا‪١‬تناصب القيادية لصاّب اإلطارات الفرنسية ىو الذي سيصنع الفارؽ فيما‬

‫بعد ُب صناعة القرار ورسم دور ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ُب ظل الدولة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تستقلة‪.‬‬

‫الجدول رقم‪ :24‬فئات التأطير في الوظيفة العمومية‬

‫اإلطارات الفرنسية الجزائرية الموالية لفرنسا‬ ‫فئة التأطير‬

‫‪ %43 -‬منهم ‪ %39‬فرنسيُت‬ ‫‪ -‬الفئة أ‪ :‬إطارات اإلعداد والقرار‬

‫‪ %77 -‬منهم ‪ %43‬فرنسسُت‬ ‫‪ -‬الفئة ب‪ :‬إطارات التسيَت‬

‫‪ %12 -‬منهم ‪ %03‬فرنسيُت‬ ‫‪ -‬الفئتاف ج و د‪ :‬إطارات دنيا‬

‫إف ا‪ٞ‬تزائر عندما حصلت على االستقبلؿ كاف عدد ا‪١‬تستخدمُت وا‪١‬تساعدين أقل من ‪،30000‬‬

‫وحينما وجدت ا‪ٟ‬تكومة الوطنية ا‪ٞ‬تديدة نفسها فيما يشبو فراغا قانونيا ومؤسساتيا فإهنا مددت صبلحية‬

‫نفاذ القوانُت الفرنسيةػ حيث أصدرت حوإب ‪ 35000‬قانوف من التشريعات الفرنسية حىت أواسط‬

‫الثمانينات ووسعت التعليم بأقصى درجة فارتفع عدد طبلب التعليم العإب إٔب ‪ 1000‬طالب يتدربوف ُب‬

‫ا‪١‬تيادين اإلدارية وا‪١‬تهنية‪ ،‬ووصل عددىم من ‪ 1000‬طالب ُب ‪1962‬ـ إٔب ‪ 150000‬طالب‪،‬‬

‫‪133‬‬
‫و‪ 5000‬منهم ُب اجملاؿ اإلداري ا‪١‬تهٍت‪ .‬و‪٪‬تى بذلك عدد البَتوقراطيُت ْتوإب ‪ُ % 30‬ب السنة خبلؿ‬

‫السنوات األؤب لبلستقبلؿ‪.‬‬

‫وْتلوؿ أواخر الثمانينيات كانت ا‪ٟ‬تكومة ا‪ٞ‬تزائرية تضم حوإب ‪ 26‬وزارة وحوإب ‪ 39‬مؤسسة عمومية‪،‬‬

‫وكانت تشغل ما يزيد عن ‪ 80000‬موظف‪ ،‬أي حوإب ‪ % 04‬من السكاف‪ ،‬وما يقرب ‪ %20‬من‬

‫إ‪ٚ‬تإب القوى العاملة‪ ،‬أما أجور ورواتب ىؤالء ا‪١‬توظفُت فقد مثلت ُب أوائل التسعينيات نسبة ‪ %52‬من‬
‫‪1‬‬
‫إ‪ٚ‬تإب النفقات ا‪ٞ‬تارية‪.‬‬

‫وكخبلصة فقد ‪٧‬تحت فرنسا قبل إعبلف االستقبلؿ السياسي للجزائر ُب إقامة جهاز للمحافظة على‬

‫مصا‪ٟ‬تها والدفاع عنها‪ ،‬وذلك بتنظيم وجودىا ُب ‪٥‬تتلف األجهزة اليت ستصبح ىي ا‪١‬تؤسسات ا‪ٞ‬تديدة‬

‫للجزائر السيما ُب ا‪ٞ‬تيش واإلدارة واالقتصاد وا‪١‬تالية والتعليم والتكوين‪.‬‬

‫لقد كانت الدولة ا‪ٞ‬تديدة ا‪١‬تستقلة تبٌت ٔتساندة البَتوقراطية ا‪١‬تدنية اليت تنبثق من مصادر ‪٥‬تتلفة‪ ،‬ولكنها‬
‫‪2‬‬
‫تتبلقى من حيث التكوين وا‪١‬تصاّب‪ ،‬وىذه ا‪١‬تصادر ىي‪:‬‬

‫‪-‬ا‪ٞ‬تهاز اإلداري وتأطَته ا‪١‬توروث من العهد االستعماري (الًتقية االجتماعية للجزائريُت بُت ‪1965‬‬

‫و‪)1962‬‬

‫‪ -‬إدماج آالؼ من ا‪١‬توظفُت ا‪ٞ‬تزائريُت ذووا التكوين الفرنسي العاملُت ُب تونس وخصوصا ُب ا‪١‬تغرب ُب‬

‫اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية بعد عاـ ‪.1962‬‬

‫‪-‬ا‪ٞ‬تهاز اإلداري للحكومة ا‪١‬تؤقتة الذي مر جزء منو عرب ا‪٢‬تيئة التنفيذية ا‪١‬تؤقتة‪.‬‬

‫‪ 1‬نزيو األيويب‪ ،‬تضخيم الدولة العربية‪ ،‬السياسة والمجتمع في الشرق األوسط‪ ،‬تر‪ .‬أ‪٣‬تد حسُت‪ .‬بَتوت‪ :‬ا‪١‬تنظمة العربية للًت‪ٚ‬تة‪،‬‬
‫‪2010‬ص ص‪.604 ،603‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.92‬‬

‫‪134‬‬
‫وىكذا منذ عاـ ‪ٕ 1962‬تمعت كل ا‪١‬تكونات اليت ستؤدي إٔب مواجهات ثقافية وسياسية ستربز ُب‬

‫منتصف السبعينات وتزداد خطورهتا بعد انقبلب جانفي ‪.1992‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور العوامل السياسية واإلدارية‪.‬‬

‫يلعب النظاـ السياسي دورا بارزا ُب تشكيل خصائص ا‪ٞ‬تهاز اإلداري الذي يعتمد عليو ُب تنفيذ‬

‫السياسات العامة اليت يتبناىا على كافة األصعدة‪ ،‬وىذا الدور يرتبط عادة بطبيعة النظاـ السياسي من‬

‫حيث بنائو الدستوري وواقع العبلقات بُت مؤسساتو وكذا طبيعة األسلوب ا‪١‬تتبٌت ُب تنظيم ا‪ٞ‬تهاز اإلداري‪.‬‬

‫وانطبلقا من ىذا االعتماد ا‪١‬تتبادؿ ُب التفاعل بُت النسق السياسي والنسق اإلداري فإف دراسة أدوار أي‬

‫جهاز إداري ال ٯتكن أف تكوف ٔتنأى عن احملددات السياسية واإلدارية احمليطة بو‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬محورية السلطة التنفيذية في النظام السياسي‬

‫يعد تطبيق مبدأ الفصل بُت السلطات من أىم آليات ضماف ا‪١‬تمارسة الشفافة والدٯتقراطية للحكم‪،‬‬

‫لكونو يضمن عدـ التسلط ُب ا‪١‬تمارسة السياسية والتعاوف والرقابة بُت ا‪١‬تؤسسات ُب صياغة السياسات‬

‫العامة ُب الدولة‪ ،‬وقد وجد ىذا ا‪١‬تبدأ صعوبة بالغة ُب تطبيقو ُب دوؿ العآب الثالث اليت أفرزت ٕتارهبا‬

‫السياسية بعد االستعمار ميبل صارخا ‪٨‬تو االعتماد على زعامة القائد الذي يوحد ا‪ٞ‬تهود ‪٨‬تو بناء األمة‪،‬‬

‫‪٦‬تا ساىم ُب تقوية السلطة التنفيذية على حساب اجملالس ا‪١‬تنتخبة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مظاىر ىيمنة السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫عرفت ا‪ٞ‬تزائر كمعظم دوؿ العآب الثالث منذ االستقبلؿ ىيمنة واسعة للسلطة التنفيذية على حساب‬

‫السلطة التشريعية ُب ظل القوة وا‪١‬تكانة اليت احتلها رئيس ا‪ٞ‬تمهورية وال يزاؿ‪ ،‬وٯتكن التماس ىذه القوة من‬

‫خبلؿ التطرؽ إٔب أىم مظاىر ىيمنة ا‪١‬تؤسسة التنفيذية مقابل أسباب ضعف ا‪٢‬تيئة التشريعية‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫فأ‪ٛ‬تد بن بلة سعى إٔب التفرد بالسلطة حيث جاء ُب ا‪١‬تادة ‪ 39‬من دستور ‪ 1963‬بأف السلطة‬

‫التنفيذية تستند إٔب رئيس الدولة الذي ٮتولو الدستور صبلحيات واسعة‪ ،‬وأيضا مشاركة اجمللس الوطٍت ُب‬

‫التشريع حسب ا‪١‬تادة رقم ‪٦ ،58‬تا ساعد على تركيز السلطة ُب يد رئيس ا‪ٞ‬تمهورية وتشخيصها ُب‬

‫شخصو عن طريق االستحواذ عليها ٔتوجب تلك ا‪١‬تادة‪.‬‬

‫أما الرئيس ىواري بومدين فقد أخذ مفهوـ الدولة ُب عهده معٌت جديدا‪ ،‬فقد شكلت الدولة لديو‬

‫مفهوـ السلطة والنظاـ ووحدة الشعب‪ ،‬ولقد سادت ُب مرحلة حكمو ظاىرة التفرد بالسلطة‪ ،‬إذ أعاد تركيز‬

‫السلطة ُب يده وأصبح فيما بعد رئيسا جمللس الثورة ورئيسا للسلطة التنفيذية وأمينا للحزب ووزيرا للدفاع‬

‫وقائدا عاما للقوات ا‪١‬تسلحة وذلك ما كرسو دستور ‪ ،1976‬وعليو فإف سلطات الرئيس بومدين تعدت‬
‫‪1‬‬
‫بكثَت سلطات بن بلة‪.‬‬

‫وعليو يبلحظ أف دستور ‪ 1976‬جعل من مؤسسة الرئاسة أقوى مؤسسات الدولة ُب ىذه ا‪١‬ترحلة‪ ،‬واليت‬

‫وصفها مصطفى ا‪٢‬تميسي ٔترحلة ا‪١‬تركزة الكلية اليت سعى فيها الرئيس بومدين إٔب بناء الدولة من خبلؿ‬
‫‪2‬‬
‫التأسيس للعبلقة بُت ‪٥‬تتلف األجهزة أو تأسيس الدولة ا‪ٞ‬تهاز‪.‬‬

‫وبالنسبة لدستور ‪ 1989‬الدستور فقد حافظ ىو اآلخر على مركزية ومكانة رئيس ا‪ٞ‬تمهورية رغم‬

‫‪٤‬تاولة التقليص من تلك ا‪١‬تكانة لصاّب اجمللس الشعيب الوطٍت ورئيس ا‪ٟ‬تكومة‪ ،‬وبقيت صيغة النظاـ شبو‬

‫الرئاسي ىي الصيغة القائمة ُب ظل استبعاد صيغيت النظاـ الرب‪١‬تاين والرئاسي‪ ،‬وظهرت مكانة رئيس‬
‫‪3‬‬
‫ا‪ٞ‬تمهورية من خبلؿ طريقة اقًتاعو مباشرة مع امتبلكو لسطات واسعة‪.‬‬

‫‪ٜ 1‬تيس حزاـ وإب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.128 ،127‬‬


‫‪ 2‬مصطفى ‪٫‬تيسي‪ ،‬من بربروس إلى بوتفليقة‪ ،‬كيف تحكم الجزائر‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار ىومة‪ ،‬ط‪.2013 ،2‬ص‪.253‬‬
‫‪ 3‬سعيد بوالشعَت‪ ،‬النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في ضوء دستور ‪ .2996‬السلطة التنفيذية‪ ،‬ج‪.3.‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪ ،2013 ،‬ص ص ‪.145،146‬‬

‫‪136‬‬
‫وباستثناء ا‪١‬ترحلة األمنية العصيبة اليت عاشتها ا‪ٞ‬تزائر بعد توقيف ا‪١‬تسار االنتخايب واليت عرفت تشكيل‬

‫ىيئات لتسيَت ا‪١‬ترحلة ا‪١‬تؤقتة واليت كاف أ‪٫‬تها اجمللس األعلى للدولة وبعد انتخاب اليامُت زرواؿ رئيسا‬

‫للجمهورية بعد إدارتو للمرحلة االنتقالية‪ ،‬عرفت ا‪١‬ترحلة التعددية تعديبل دستوريا ُب ‪ ،1996‬وكذا ُب‬

‫‪ 2002‬و‪ ،2008‬ومارس ‪ ،2016‬وأىم ما ميز ىذه التعديبلت ىو ‪٤‬تافظتها على ا‪١‬تكانة ا‪١‬تهمة واحملورية‬

‫للسلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪.‬‬

‫‪ .2‬مظاىر قوة رئيس الجمهورية‪:‬‬

‫٭تظى رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ٔتكانة مهمة خصتو هبا كل دساتَت ا‪ٞ‬تزائر منذ االستقبلؿ إٔب اليوـ‪ ،‬وآخرىا‬

‫التعديل الدستوري لعاـ ‪ 1،2016‬الذي كرس ‪٤‬تورية السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪.‬‬

‫فقد نصت ا‪١‬تادة ‪ 84‬من دستور ‪ 2016‬على أف رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪٬‬تسد الدولة داخل الببلد‬

‫وخارجها و‪٬‬تسد لوحدة األمة ولو أف ٮتاطبها مباشرة‪ ،‬وىذا ما يعرب عن ا‪١‬تكانة ا‪١‬تهمة اليت خصت بو‬

‫دساتَت ا‪ٞ‬تزائر رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪ ،‬إضافة إٔب طريقة انتخابو اليت ٘تنحو شرعية شعبية إضافة إٔب شرعيتو‬

‫الدستورية حيث ينتخب حسب ا‪١‬تادة ‪ 85‬عن طريق عن طريق االقًتاع العاـ السري وا‪١‬تباشر‪.‬‬

‫يتمتع رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ُب ا‪ٞ‬تزائر بصبلحيات واسعة وردت أغلبها ُب ا‪١‬تادتُت ‪ 91‬و‪ 92‬من التعديل‬

‫الدستوري ‪ ،2016‬فهو القائد األعلى للقوات ا‪١‬تسلح ويتؤب مسؤولية الدفاع‪ ،‬كما أنو يقرر السياسة‬

‫ا‪٠‬تارجية لؤلمة وٯتتلك أيضا سلطة تعيُت الوزير األوؿ إضافة إٔب الوظائف ا‪١‬تدنية والعسكرية والتعيينات ُب‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 22-26‬المتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية عدد ‪ ،14‬الصادرة ُب ‪ 07‬مارس‬
‫‪.2016‬‬

‫‪137‬‬
‫‪٣‬تلس الوزراء وكذا رئيس احملكمة العليا ورئيس ‪٣‬تلس الدولة واألمُت العاـ للحكومة و‪٤‬تافظ بنك ا‪ٞ‬تزائر‬

‫والقضاة ومسؤولو أجهزة األمن والوالة وكذا سفراء ا‪ٞ‬تمهوريات وأعضاء ا‪ٟ‬تكومة‪ ،‬وىذه الصبلحيات تتعلق‬

‫بالظروؼ العادية إضاقة إٔب صبلحياتو ُب الظروؼ غَت العادية‪.‬‬

‫كما ٯتتلك رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ‪٣‬تموعة من اآلليات والوسائل اليت ٘تنحو سلطة على ا‪٢‬تيئة التشريعية وٕتعلو‬

‫يشاركها اختصاصاهتا ويؤثر فيها‪ ،‬فحسب دستور ‪ 2016‬لرئيس ا‪ٞ‬تمهورية وفق نص ا‪١‬تادة ‪ 107‬سلطة‬

‫التشريع بأوامر إٔب جانب الرب‪١‬تاف ُب ا‪١‬تسائل العاجلة وُب حالة شغور اجمللس الشعيب الوطٍت أو خبلؿ‬

‫العطل الرب‪١‬تانية أي بن بُت دورٌب الرب‪١‬تاف‪ ،‬إضافة إٔب التشريع بأوامر ُب ا‪ٟ‬تالة االستثنائية‪ ،‬كما نصت ا‪١‬تادة‬

‫‪ 108‬على حق رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ُب ا‪١‬تبادرة بالتعديل الدستوري وعرضو على االستفتاء بعد تصويت الرب‪١‬تاف‬

‫عليو‪ ،‬مع إمكانية حل اجمللس الشعيب الوطٍت وإجراء انتخابات ُب أجل أقصاه ‪ 3‬أشهر وفق ما نصت عليو‬

‫ا‪١‬تادة ‪.147‬‬

‫كما يصدر رئيس ا‪ٞ‬تمهورية القانوف ُب أجل ‪ 30‬يوما ولو حق االعًتاض عليو وطلب إجراء مداولة‬

‫ثانية ُب غضوف ‪30‬يوما ا‪١‬توالية إلقراره‪ 1،‬إضافة إٔب إصداره ‪١‬تشروع قانوف ا‪١‬تالية بأمر ُب حالة عدـ مصادقة‬

‫الرب‪١‬تاف عليو ُب مدة أقصاىا ‪75‬يوما من تاريخ إيداعو‪ 2،‬ولرئيس ا‪ٞ‬تمهورية أيضا حق إحالة القوانُت على‬

‫اجمللس الدستوري حيث ٮتطر رئيس ا‪ٞ‬تمهورية اجمللس الدستوري إلبداء رأيو ُب دستورية القوانُت العضوية‬
‫‪3‬‬
‫بعد أف يصادؽ عليها الرب‪١‬تاف‪.‬‬

‫كما يتم تعيُت ثلث أعضاء ‪٣‬تلس األمة من طرؼ رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪ 4،‬ىذا الثلث الذي ٮتلق نوعا من‬

‫التوازف بُت ‪٣‬تلس األمة واجمللس الشعيب الوطٍت من حيث التصويت على القوانُت‪ ،‬فالنسبة ا‪١‬تطلوبة ُب‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادتُت ‪.145 ،144‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.138‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.144‬‬
‫‪ 4‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.118‬‬

‫‪138‬‬
‫‪٣‬تلس األمة ىي ثبلثة أرباع وال يكوف ذلك إال بانضماـ الثلث الرئاسي‪ ،‬إضافة إٔب الوالء الذي ٭تققو‬
‫‪1‬‬
‫رئيس ا‪ٞ‬تمهورية لنفسو داخل الرب‪١‬تاف‪ ،‬ولرئيس ا‪ٞ‬تمهورية دعوة الرب‪١‬تاف لبلنعقاد ُب دورات غَت عادية‪.‬‬

‫‪ .2‬الحكومة‪:‬‬

‫٘تتلك ا‪ٟ‬تكومة‪ُ 2‬ب ا‪ٞ‬تزائر آليات ٕتعلها أكثر قوة من الرب‪١‬تاف ومهيمنة على تنظيم العمل التشريعي‪،‬‬

‫حيث للوزير األوؿ حق ا‪١‬تبادرة بالقوانُت‪ 3‬وحق طلب اجتماع الرب‪١‬تاف ُب دورة غَت عادية باستدعاء من‬

‫رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪ 4،‬إضافة إٔب حقو ُب طلب اجتماع اللجنة متساوية األعضاء ُب حالة ا‪٠‬تبلؼ بُت غرفيت‬
‫‪5‬‬
‫الرب‪١‬تاف حوؿ نص مشروع أو اقًتاح قانوف من أجل اقًتاح نص يتعلق باألحكاـ ‪٤‬تل ا‪٠‬تبلؼ‪.‬‬

‫وتتحكم ا‪ٟ‬تكومة ُب جدوؿ أعماؿ الرب‪١‬تاف‪ ،‬فيقوـ مكتبا الغرفتُت و‪٦‬تثل ا‪ٟ‬تكومة بضبط جدوؿ أعماؿ‬

‫الدورة ُب بداية كل دورة بر‪١‬تانية تبعا لًتتيب األولوية الذي ٖتدده ا‪ٟ‬تكومة‪6 ،‬و٭تق ألعضاء ا‪ٟ‬تكومة حضور‬
‫‪7‬‬
‫حضور أشغاؿ اللجاف الدائمة ُب الرب‪١‬تاف‪ ،‬ويستمع إليهم بناء على طلب من ا‪ٟ‬تكومة‪.‬‬

‫إضافة إٔب ٗتصيص وزارة بكاملها ُب ا‪ٟ‬تكومة لتنظيم العبلقات مع الرب‪١‬تاف‪ ،‬حيث يتؤب الوزير ا‪١‬تكلف هبا‬
‫‪8‬‬
‫الصبلحيات وا‪١‬تهاـ التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.135‬‬


‫‪ً 2‬ب إقرار منصب رئيس ا‪ٟ‬تكومة ُب ظل التعديل الدستوري ُب نوفمرب ‪ ،1988‬وبعدىا ًب تثبيتو ْتكم ا‪١‬تادة ‪ُ 74‬ب دستور ‪ ،1989‬إال أنو‬
‫ُب ظل التعديل الدستوري ‪ً 2008‬ب شخصنة السلطة عن طريق إلغاء منصب رئيس ا‪ٟ‬تكومة و‪٣‬تلس ا‪ٟ‬تكومة واستبدا‪٢‬تما ٔتنصب الوزير‬
‫األوؿ كمنسق لعمل حكومة رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ومنفذا لربنا‪٣‬تو‪.‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.136‬‬
‫‪ 4‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.118‬‬
‫‪ 5‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.138‬‬
‫‪ 6‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي رقم ‪ 22-99‬يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة وعملهما‬
‫وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة‪ ،‬جريدة ر‪ٝ‬تية عدد ‪ ،15‬الصادرة ُب ‪ 09‬مارس ‪.1999‬‬
‫‪ 7‬المرجع نفسو‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.27‬‬
‫‪ 8‬وزارة العبلقات مع الرب‪١‬تاف‪ ،‬صبلحيات الوزير‪ُ ،‬ب‪http://www.mrp.gov.dz :‬‬
‫‪http://www.mrp.gov.dz‬‬

‫‪139‬‬
‫‪ -‬تنسيق العبلقات بُت غرفيت الرب‪١‬تاف‪ ،‬وا‪٢‬تياكل ا‪ٟ‬تكومية‪.‬‬

‫‪ -‬متابعة عملية ا‪١‬تصادقة على مشاريع النصوص ذات الطابع التشريعي‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تسا‪٫‬تة ُب ٖتيُت القوانُت السارية ا‪١‬تفعوؿ‪.‬‬

‫‪ -‬إقامة عبلقات واتصاالت مع أعضاء الرب‪١‬تاف‪ ،‬واجملموعات الرب‪١‬تانية‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تشاركة ُب اللقاءات الرب‪١‬تانية‪.‬‬

‫إف وجود ىذه الوزارة يعرب عن مدى التدخل ا‪ٟ‬تكومي ُب أشغاؿ الرب‪١‬تاف‪ ،‬من خبلؿ متابعة عمليات‬

‫ا‪١‬تصادقة على القوانُت‪ ،‬والتعجيل بتلك اليت ٘تت ا‪١‬تصادقة عليها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسباب ضعف السلطة التشريعية‪:‬‬

‫‪ .2‬مراحل تطور السلطة التشريعية‪:‬‬

‫وفقا ألحكاـ القانوف الدستوري الذي وافق عليو الشعب بتاريخ ‪ 20‬سبتمرب ‪ 1962‬فإف سلطة التشريع‬

‫قد أسندت للمجلس الوطٍت التأسيسي ؤتوجب ذلك أصبح ىو صاحب االختصاص غَت ا‪١‬تقيد ُب‬

‫التشريع‪ 1،‬وخولت لو إٔب جانب تعيُت ا‪ٟ‬تكومة والتشريع باسم الشعب مهمة إعداد الدستور للجمهورية‬

‫والتصويت عليو قبل عرضو لبلستفتاء‪ ،‬لكن اجمللس تأخر ُب إعداد الدستور بسبب ا‪٠‬تبلفات الداخلية اليت‬
‫‪2‬‬
‫اعًتضتو تاركا اجملاؿ أماـ ا‪١‬تكتب السياسي الذي أوعز جملموعة أنصار بن بلة إلعداد مشروع الدستور‪،‬‬

‫وقد جاء ُب نص ا‪١‬تادة ‪ 27‬من ىذا الدستور على أف السيادة للشعب ٯتارسها بواسطة ‪٦‬تثلُت لو ُب ‪٣‬تلس‬

‫‪ 1‬سعيد بوالشعَت‪ ،‬النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬دراسة ٖتليلية لطبيعة نظاـ ا‪ٟ‬تكم ُب ضوء دستور ‪ .1996‬السلطة التنفيذية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪45‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.47‬‬

‫‪141‬‬
‫وطٍت ترشحهم جبهة التحرير الوطٍت وينتخبوف باقًتاع عاـ مباشر وسري ‪١‬تدة ‪ 5‬سنوات‪ ،‬ونصت ا‪١‬تادة‬
‫‪1‬‬
‫‪ 28‬على أنو‪ " :‬يعرب اجمللس الوطٍت عن اإلرادة الشعبية ويتؤب التصويت على القوانُت ويراقب ا‪ٟ‬تكومة‪.‬‬

‫بعد القياـ ْتركة جواف ‪ً 1965‬ب إلغاء العمل بالدستور وًب تسيَت ا‪١‬ترحلة بأمر ‪ 10‬جويلية ‪1965‬‬

‫والذي تؤب ٔتوجبو إنشاء األجهزة الضرورية لتسيَت الدولة‪ ،‬حيث أنشئ ‪٣‬تلس الثورة وا‪ٟ‬تكومة‪ ،‬وكاف ‪٣‬تلس‬

‫الثورة ىو ا‪٢‬تيئة التشريعية اليت حلت ‪٤‬تل اجمللس الوطٍت‪ ،‬حيث أسندت لو اختصاصات اجمللس الوطٍت‬
‫‪2‬‬
‫ورئيس ا‪ٞ‬تمهورية وا‪ٟ‬تزب باعتباره مركز أو مصدر السلطة‪.‬‬

‫بتاريخ ‪ 22‬نوفمرب ‪ 1976‬شهدت الساحة السياسية ُب إطار استكماؿ مؤسسات الدولة صدور‬

‫دستور جديد تأسست ٔتوجبو غرفة واحدة ٖتت مسمى اجمللس الشعيب الوطٍت أنيطت بو الوظيفة‬

‫التشريعية‪ ،‬وانتخب ىذا اجمللس بتاريخ ‪ 25‬فيفري ‪ 1977‬لعهدة مدهتا ‪ 05‬سنوات وٕتدد بانتظاـ بتاريخ‬

‫‪ 08‬فيفري ‪ 1982‬و‪ 27‬فيفري ‪ 3،1987‬وأبقى التعديل الدستوري ليوـ ‪ 23‬فيفري ‪ 1989‬على مبدأ‬

‫أحادية الغرفة من خبلؿ ا‪ٟ‬تفاظ على اجمللس الشعيب الوطٍت‪ ،‬وأدت استقالة رئيس ا‪ٞ‬تمهورية الشاذٕب بن‬

‫جديد بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪ 1992‬إٔب توقيف عملية ٕتديد تشكيلة اجمللس الذي انتهت عهدتو‪ ،‬وترتب‬

‫عن ذلك فراغ قانوين أدى إٔب تنصيب ىياكل انتقالية ٘تثلت ُب اجمللس الوطٍت االستشاري بتاريخ ‪ 12‬أفريل‬

‫‪ 1992‬والذي ضم ‪ 60‬عضوا‪ ،‬واجمللس الوطٍت االنتقإب بتاريخ ‪ 18‬ماي ‪ 1994‬إٔب غاية ‪ 18‬ماي‬

‫‪ 1997‬والذي ضم ‪ 183‬عضوا وذلك إٔب غاية إجراء التعديل الدستور بتاريخ ‪ 28‬نوفمرب ‪ 1996‬الذي‬

‫أدخل تغيَتات على الواجهة ا‪١‬تؤسساتية بإحداث بر‪١‬تاف ثنائي الغرفة يتكوف من ‪٣‬تلس شعيب وطٍت من‬
‫‪4‬‬
‫‪ 462‬عضوا و‪٣‬تلس األمة من ‪ 144‬عضوا‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 3‬مولود ديداف‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار بلقيس للنشر‪ ،2015 ،‬ص‪.391‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.392 ،391‬‬

‫‪141‬‬
‫‪ .2‬مظاىر الضعف‪:‬‬

‫يوصف الرب‪١‬تاف ُب النظاـ ا‪ٞ‬تزائري بأنو أضعف حلقة ُب سلسلة ا‪١‬تؤسسات السياسية ا‪١‬تشكلة لو‪،‬‬

‫ويتجلى ذلك على عدة مستويات‪ ،‬أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪-‬ىيمنة السلطة التنفيذية على العمل التشريعي وتقييد البرلمان‪ :‬حيث إف اقًتاح القوانُت ُب الرب‪١‬تاف‬

‫يكوف من طرؼ ‪ 20‬نائبا من اجمللس الشعيب الوطٍت أو عضوا من ‪٣‬تلس األمة‪ 1،‬غَت أف ىذا االقًتاح مقيد‬

‫بشروط أ‪٫‬تها أف يكوف مرفقا بعرض أسبابو وٖترير نصو وأال يكوف نظَتا ‪١‬تشروع أو اقًتاح قانوف ٕتري‬

‫دراستو ُب الرب‪١‬تاف أو ًب سحبو أو رفضو ُب مدة ال تقل عن ‪ 12‬شهرا وأف يبلغ االقًتاح إٔب ا‪ٟ‬تكومة وأف ال‬

‫يكوف مضموف أي قانوف أو نتيجة ٗتفيض ا‪١‬توارد العمومية أو زيادة النفقات العمومية‪ ،‬إال إذا كاف مرفقا‬

‫بتدابَت تستهدؼ الزيادة ُب إيرادات الدولة أو توفَت مبالغ مالية ُب فصل آخر من النفقات العمومية تساوي‬
‫‪2‬‬
‫على األقل ا‪١‬تبالغ ا‪١‬تقًتح إنفاقها‪.‬‬

‫وقد انعكست ىذه القيود على ا‪ٟ‬تصيلة التشريعية للمجلس‪ ،‬حيث بلغ عدد القوانُت ا‪١‬تصادؽ عليها‬

‫خبلؿ ىذه الفًتة التشريعية السابعة ‪ 64‬قانونا من أصل ‪ 70‬مشروع قانوف مودع وكانت ‪ٚ‬تيعها ٔتبادرة من‬

‫ا‪ٟ‬تكومة‪ 3،‬كما بلغ عدد القوانُت ا‪١‬تصادؽ عليها من طرؼ غرفيت الرب‪١‬تاف ‪ 60‬قانونا منها اقًتاح قانوف‬

‫واحد والذي خص تعديل قانوف االنتخابات بادرت بو كتلة اإلصبلح‪ ،‬إضافة إٔب ‪ 33‬أمرا وذلك ٔتجموع‬
‫‪4‬‬
‫‪ 93‬قانونا ُب الفًتة التشريعية ا‪٠‬تامسة‪.‬‬

‫‪-‬المستوى العلمي للنواب ونقص الكفاءات وذووا المستوى العلمي العالي‪:‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.136‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.139‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٟ‬تصيلة التشريعية للرب‪١‬تاف خبلؿ الفًتة التشريعية السابعة ‪ ،2017-2012‬حصيلة الدورات‪ ،‬وزارة العبلقات مع الرب‪١‬تاف‪،‬ص ‪ُ،04-02‬ب‪:‬‬
‫‪- http://www.mrp.gov.‬‬
‫‪ 4‬حصيلة الدورة التشريعية ا‪٠‬تامسة ‪ ،2007-2002‬حصيلة الدورات‪ ،‬وزارة العبلقات مع الرب‪١‬تاف‪ ،‬ص‪ُ ،11‬ب‪:‬‬
‫‪- http://www.mrp.gov.‬‬

‫‪142‬‬
‫حيث صرح عبد الناصر جايب ‪ٞ‬تريدة ا‪٠‬ترب بأف أغلب ا‪١‬تًتشحُت ينظروف إٔب الرب‪١‬تاف كمصعد اجتماعي‪،‬‬

‫وْتسب أرقاـ وزارة الداخلية فإف نصف ا‪١‬تًتشحُت ال ٯتلكوف البكالوريا‪ ،‬وىي ا‪ٟ‬تالة اليت شهدهتا انتخابات‬

‫‪ 2007‬و‪ ، 2012‬حيث يوجد اىتماـ كبَت مبالغ فيو من مستويات شعبية وتعليمية متدنية بالًتشح‬

‫لبلنتخابات‪ ،‬وىو ما يدؿ على عدـ مواكبة التحوالت االجتماعية ُب ا‪ٞ‬تزائر ( ازدياد نسبة التعليم)‪ ،‬ويبقى‬

‫اإلشكاؿ ُب عدـ امتبلؾ ىذه الفئات للقدرة على مناقشة قوانُت دقيقة وتعديلها أو ا‪١‬تسا‪٫‬تة ُب تنشيط‬
‫‪1‬‬
‫اللجاف والكتل داخل ا‪١‬تؤسسة التشريعية‪.‬‬

‫ففي االنتخابات التشريعية لعاـ ‪ 2007‬احتل ا‪ٞ‬تامعيوف وأصحاب شهادات ما بعد التدرج ما نسبتو‬

‫‪ %44.19‬من نسبة ا‪١‬تًتشحُت‪ ،‬إال أف ا‪١‬تًتشحُت من غَت ا‪ٞ‬تامعيُت كاف قائما‪ ،‬حيث أف نسبة األميُت‬

‫قدرت بػ ‪ ،% 1.95‬وأصحاب ا‪١‬تستويات االبتدائية والثانوية الذين ٯتثلوف أغلبية ا‪١‬تًتشحُت بػ ‪،%54.22‬‬

‫رغم أف التعليم ا‪ٞ‬تامعي عرؼ توسعا ىائبل‪ 2،‬با‪١‬تقابل من ذلك يظهر أف ا‪١‬تستوى التعليمي للوزراء جد عاؿ‬

‫مقارنة بالنواب‪.‬‬

‫‪-‬احتكار الحكومة للمجال المالي‪ :‬يعترب إقرار ا‪١‬تيزانية أىم وظيفة يقوـ هبا الرب‪١‬تاف باعتبارىا وظيفة مالية‬

‫تشكل أساس تسيَت كل مرافق الدولة السياسية واالقتصادية واالجتماعية وينص الدستور على‪ ":‬يصادؽ‬

‫الرب‪١‬تاف على قانوف ا‪١‬تالية ُب مدة أقصاىا ‪ 75‬يوما من تاريخ إيداعو‪ ،‬يصوت فيها نواب اجمللس الشعيب‬

‫الوطٍت على ا‪١‬تشروع ُب مدة ال تتجاوز ‪ 47‬يوما ابتداء من تاريخ إيداعو‪ ،‬بينما يصادؽ نواب ‪٣‬تلس األمة‬

‫الحقا على النص ا‪١‬تصوت عليو خبلؿ أجل أقصاه ‪ 20‬يوما‪ ،‬وُب حالة ا‪٠‬تبلؼ بُت الغرفتُت ألي سبب‬

‫‪٤ 1‬تمد سيدمو‪ ،‬أغلب ا‪١‬تًتشحُت ينظروف إٔب الرب‪١‬تاف كمصعد اجتماعي‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪-http:// www.elkhabar.com/press/article/119603.24/01/2019. 22 :12‬‬
‫‪ 2‬عبد الناصر جايب‪ ،‬االنتخابات التشريعية ا‪ٞ‬تزائرية‪....‬انتخابات استقرار أـ ركود‪ ،‬مشروع دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية ‪،‬اللقاء‬
‫السنوي السابع عشر للديمقراطية واالنتخابات في الدول العربية ( ا‪١‬تملكة ا‪١‬تتحدة‪ :‬جامعة أكسفورد‪.) 2007/08/18 ،‬‬

‫‪143‬‬
‫يتاح للجنة متساوية األعضاء أجل ‪ 8‬أياـ للبث ُب شأنو‪ ،‬وُب حالة عدـ ا‪١‬تصادقة ألي سبب كاف يصدر‬
‫‪1‬‬
‫رئيس ا‪ٞ‬تمهورية مشروع القانوف ا‪١‬تقدـ بأمر لو قوة قانوف ا‪١‬تالية"‪.‬‬

‫وا‪١‬تبلحظ ىو إعطاء الدستور مدة زمنية معينة للوظيفة ا‪١‬تالية للرب‪١‬تاف وا‪١‬تتمثلة ُب ‪ 75‬يوما عكس‬

‫السلطة التنفيذية اليت ‪٢‬تا سلطة كاملة إلعداد ا‪١‬تيزانية‪ ،‬من جهة أخرى ٘تلك ا‪ٟ‬تكومة وحدىا سلطة إعداد‬

‫مشروع ا‪١‬تيزانية وال ٯتلك الرب‪١‬تاف حق اقًتاح مشروع منافس‪ ،‬كما ال ٯتكنو اقًتاح أي تعديل على قانوف‬

‫ا‪١‬تالية من شأنو الزيادة ُب النفقات العمومية‪ 2،‬كما أف الرب‪١‬تاف ْتكم تركيبتو البشرية ال ٯتلك كل الوسائل‬

‫التقنية اليت تسمح لو ٔتراقبة قوانُت ا‪١‬تالية اليت تعرضها ا‪ٟ‬تكومة‪ ،‬إضافة إٔب أف الرب‪١‬تانيُت ال ٯتلكوف كل‬

‫ا‪١‬تعطيات ا‪١‬تتعلقة ٔتواضيع قانوف ا‪١‬تالية وليس ‪٢‬تم إ‪١‬تاـ كامل با‪١‬تصطلحات اليت تقوـ عليها ا‪١‬تيزانية باعتبار‬

‫أف ا‪ٟ‬تكومة وجهازىا اإلداري الذي يسهر على إعداد ا‪١‬تيزانية ىم من ا‪٠‬ترباء وذو خلفيات ومستويات‬
‫‪3‬‬
‫تعليمية عالية عكس النواب الرب‪١‬تانيُت الذين ال يشًتط ُب انتمائهم إٔب الرب‪١‬تاف أي مستوى تعليمي‪.‬‬

‫‪-‬ضعف آليات الرقابة المفعلة لمسؤولية الحكومة‪ :‬إف عدـ موافقة الرب‪١‬تاف على ‪٥‬تطط عمل ا‪ٟ‬تكومة‬

‫للمرة الثانية يؤدي إٔب حل اجمللس الشعيب الوطٍت وجوب‪ 4،‬أما فيما ٮتص الرقابة البلحقة لبياف السياسة‬

‫العامة فا‪ٟ‬تكومة تقدـ سنويا بيانا عن السياسة العامة توضح فيو ما ًب ا‪٧‬تازه خبلؿ السنة ا‪١‬تنصرمة‪ ،‬وٗتتم‬

‫ا‪١‬تناقشة إما ببلئحة (ٖتمل البل ئحة ُب طياهتا عدـ رضا إحدى غرفيت الرب‪١‬تاف أو تأييدا ‪١‬تخطط ا‪ٟ‬تكومة‬

‫‪١‬تخطط ا‪ٟ‬تكومة (إما منح الثقة للحكومة أو إدانة ا‪ٟ‬تكومة) أو ملتمس الرقابة (الئحة لوـ أو حجب الثقة‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،1996‬ا‪١‬تادة ‪.120‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪. 139‬‬
‫‪3‬‬
‫األقل يوـ‬
‫سن ‪ٙ‬تاين وعشرين سنة على ّ‬ ‫يشًتط ُب ا‪١‬تًتشح للمجلس الشعيب الوطٍت حسب ا‪١‬تادة ‪ 107‬من قانوف االنتخابات أف يكوف بالغا ّ‬
‫األقل‪ ،‬أف يثبت أداءه ا‪٠‬تدمة الوطنية أو إعفاءه منها‪ ،‬وأف‬
‫االقًتاع‪ ،‬أف يكوف ذا جنسية جزائرية أصلية أو مكتسبة منذ ‪ٜ‬تس سنوات على ّ‬
‫يستوُب الشروط ا‪١‬تنصوص عليها ُب ا‪١‬تادة ‪ 5‬من نفس القانوف‪ ،‬وىي أف يكوف متمتّعا ْتقوقو ا‪١‬تدنيّة والسيّاسيّة‪ ،‬وٓب يوجد ُب إحدى حاالت‬
‫فقداف األىليّة احمل ّددة ُب التّشريع ا‪١‬تعموؿ بو"‪.‬‬
‫‪ 4‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.96‬‬

‫‪144‬‬
‫عن ا‪ٟ‬تكومة موقعة من طرؼ عدد من النواب تستهدؼ اإلطاحة با‪ٟ‬تكومة )‪ 1،‬غَت أف الشروط ا‪١‬تفروضة‬

‫تشكل قيودا على العمل الرقايب للرب‪١‬تاف فملتمس الرقابة فيجب أف يتم توقيعو من طرؼ ‪ 1/7‬من عدد‬

‫النواب على األقل‪ ،‬وأف تتم ا‪١‬توافقة عليو بتصويت أغلبية ‪ 2/3‬وال يتم التصويت عليو إال بعد ثبلثة أياـ‬
‫‪2‬‬
‫من تاريخ إيداعو وُب حالة ا‪١‬توافقة على عليو تستقيل ا‪ٟ‬تكومة‪.‬‬

‫كما ٯتلك الرب‪١‬تاف آليات أخرى ال تنتج عنها أي مسؤولية للحكومة‪ ،‬منها السؤاؿ كوسيلة رقابية‬

‫يستهدؼ هبا عضو الرب‪١‬تاف ا‪ٟ‬تصوؿ على معلومات عن أمر ‪٬‬تهلو عن شأف من الشؤوف العامة‪،‬‬

‫واالستجواب كللية لتوضيح عمل ا‪ٟ‬تكومة والكشف عن حقائق معينة حملاسبة الوزراء على تصرؼ ٮتل‬

‫با‪١‬تسائل العامة‪ ،‬إضافة إٔب التحقيق الرب‪١‬تاين كعملية تقصي ا‪ٟ‬تقائق عن وضع معُت ُب السلطة التنفيذية‪،‬‬

‫ٓتصوص معضلة أو قضية أو فضيحة معينة‪.‬‬

‫وقد ٘تيزت الفًتة التشريعية السابعة بعرض ‪٥‬تطط عمل ا‪ٟ‬تكومة من أجل تنفيذ برنامج رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‬

‫على غرفيت الرب‪١‬تاف‪ ،‬فاألؤب ُب ‪ 2012‬بعد االنتخابات التشريعية والثانية بعد االنتخابات الرئاسية ‪2014‬‬

‫وحظي ‪٥‬تطط العمل ُب كلتا ا‪١‬تناسبتُت با‪١‬توافقة باألغلبية على مستوى اجمللس الشعيب الوطٍت فيما أصدر‬

‫أعضاء ‪٣‬تلس األمة الئحيت مساندة‪ ،‬كما شهدت ذات الفًتة طرح ‪ 1221‬سؤاال شفويا من قبل أعضاء‬

‫الرب‪١‬تاف على أعضاء ا‪ٟ‬تكومة إضافة إٔب ‪ 1902‬سؤاال كتابيا‪ 3،‬وعرفت ىذه الفًتة التشريعية كذلك‬

‫االستعماؿ الضئيل آلليات الرقابة من طرؼ أعضاء ‪٣‬تلس األمة مقارنة بتلك ا‪١‬تستعملة من طرؼ اجمللس‬

‫الشعيب الوطٍت حيث بلغ عدد األسئلة الشفوية ا‪١‬تطروحة من طرؼ اجمللس الشعيب الوطٍت ‪ 828‬سؤاال‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.98‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تواد ‪..155 ،154 ،153‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٟ‬تصيلة التشريعية للرب‪١‬تاف خبلؿ الفًتة التشريعية السابعة ‪ ،2017 /2012‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.04-02‬‬

‫‪145‬‬
‫مقابل ‪ 393‬سؤاال من طرؼ ‪٣‬تلس األمة‪ ،‬و‪ 1783‬سؤاؿ كتايب من طرؼ اجمللس الشعيب الوطٍت مقابل‬
‫‪1‬‬
‫‪ 119‬سؤاؿ من طرؼ ‪٣‬تلس األمة‪.‬‬

‫وبالنظر إٔب الفًتة التشريعية ا‪٠‬تامسة فقد بلغ عدد األسئلة الكتابية من طرؼ اجمللس الشعيب الوطٍت ‪400‬‬

‫سؤاؿ مقابل ‪ 43‬سؤاؿ كتايب من طرؼ ‪٣‬تلس األمة‪ ،‬وبلغ عدد األسئلة الشفوية ‪ 466‬سؤاؿ من اجمللس‬

‫الشعيب الوطٍت مقابل ‪ 92‬سؤاؿ من طرؼ ‪٣‬تلس األمة‪ 2،‬وبالنظر إٔب تصنيف األسئلة ا‪١‬تطروحة حسب‬

‫التشكيبلت السياسية يبدو أف الثلث الرئاسي ُب ‪٣‬تلس األمة قد استحوذ ُب ذات الفًتة على ‪ %79‬من‬

‫األسئلة الكتابية ا‪١‬تطروحة مقابل ‪ %57‬من األسئلة الشفوية ا‪١‬تطروحة من قبل التجمع الوطٍت الدٯتقراطي‬

‫و‪ %30‬من الثلث الرئاسي‪ ،‬كما استحوذت جبهة التحرير الوطٍت ُب اجمللس الشعيب الوطٍت على أكرب‬
‫‪3‬‬
‫نسبة من األسئلة ا‪١‬تطروحة واليت قدرت نسبتها ‪ %44‬من األسئلة الكتابية و‪ %34‬من األسئلة الشفوية‪.‬‬

‫وعليو يبلحظ أف آليات الرقابة مستخدمة أكثر من أحزاب ا‪١‬تواالة ‪٦‬تا يفقدىا مصداقيتها ويعرب عن‬

‫ضعف ا‪١‬تعارضة أو عدـ ثقتها ُب ىذه اآلليات اليت ال تلزـ ا‪ٟ‬تكومة بأي شيئ‪.‬‬

‫‪-‬الثلث الرئاسي في مجلس األمة‪ :‬ىذا الثلث يعترب ضمانة أساسية الختيار التوجهات السياسية لثلث‬

‫أع ضاء اجمللس‪ ،‬ا‪ٟ‬تاؿ الذي يسمح ‪١‬تؤسسة الرئاسة والغرفة الرب‪١‬تانية الثانية بأف تكونا قريبتُت سياسيا واليت‬

‫‪٬‬تد الرئيس فيها سندا ُب مواجهة الغرفة السفلى‪ ،‬حيث ٘تكنو من تعطيل كل مسار تشريعي مصدره أغلبية‬
‫‪4‬‬
‫بر‪١‬تانية مغايرة ال ٖتوز موافقتو‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪٤ 4‬تمد عمراف بوليفة‪ ،‬مجلس األمة الجزائري بعده التمثيلي ودوره في االستقرار المؤسسي‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪،1.‬‬
‫‪ ،2018‬ص‪.43‬‬

‫‪146‬‬
‫ُب األخَت نقوؿ أف ا‪١‬تؤسسة التشريعية والتنفيذية أىم ا‪١‬تؤسسات ُب أي نظاـ سياسي ويعد الفصل بينها‬

‫مع تكريس آليات قانونية للرقابة والتعاوف أىم مبدأ لتحقيق التوازف داخل الدولة‪ ،‬إال أف ا‪١‬تمارسة السياسية‬

‫قد تؤثر على ىذه ا‪١‬تعادلة فيحدث صراع بينها قد يؤدي إٔب طغياف مؤسسة على حساب أخرى‪.‬‬

‫ومن خبلؿ التطرؽ لطبيعة العبلقة اليت ٕتمع بُت ا‪١‬تؤسسة التشريعية والتنفيذية ُب ا‪ٞ‬تزائر يظهر لنا جليا‬

‫الدور الذي تلعبو ا‪٢‬تيئة التنفيذية بقيادة رئيس ا‪ٞ‬تمهورية على حساب الرب‪١‬تاف‪ ،‬فبالرغم من اآلليات ا‪١‬تمنوحة‬

‫لو للتحكم ُب العمل ا‪ٟ‬تكومي إال أف دوره يبقى ‪٤‬تدودا بسبب القيود ا‪١‬تفروضة عليو من حيث اقًتاح‬

‫القوانُت ومناقشتها وا‪١‬تستوى العلمي ألعضائو‪ ،‬إضافة إٔب ضعف األحزاب السياسية خاصة منها ا‪١‬تعارضة‬

‫وكذا منظمات اجملتمع ا‪١‬تدين وقوة اإلدارة والشخصيات ا‪١‬تعينة على حساب ا‪١‬تنتخبُت وغياب ثقافة ا‪١‬تشاركة‬

‫ُب اجملتمع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مكانة المؤسسة العسكرية في النظام السياسي‬

‫يصطلح على الدوؿ اليت يسيطر فيها ا‪ٞ‬تيش بالدولة الربيتورية خبلفا للدولة ا‪١‬تدنية اليت تزيد فيها درجة‬

‫ا‪١‬تأسسة وترتفع فيها نسبة ا‪١‬تشاركة السياسية‪ ،‬فالدوؿ الربيتورية دوؿ ٖتكمها أنظمة تستوٕب على ا‪ٟ‬تكم‬
‫‪1‬‬
‫بالقوة وتوظف العنف ‪٠‬تدمة مصلحة الفئة ا‪ٟ‬تاكمة فتلغي مبدأ اإل‪ٚ‬تاع وتعلي مبدأ اإلكراه‪.‬‬

‫وألف ٕتارب جيوش الدوؿ النامية تؤكد أف عملية التحوؿ اليت تشهدىا ا‪١‬تؤسسة العسكرية بعد االستقبلؿ‬

‫ىي ٔتثابة ا‪١‬تفتاح الذي يكشف عن الكثَت من التطورات السياسية واالجتماعية واالقتصادية ‪٢‬تذه البلداف‬

‫فقد تفطن االستعمار لذلك عشية رحيلو من ىذه البلداف بوضع برامج تدريبية لتكوين اإلطارات العسكرية‬
‫‪2‬‬
‫تربصات خاصة ُب كلية (‪ Saint Hurt‬و ‪.(Saint Cyre‬‬

‫‪٤ 1‬تمد حليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬


‫‪ 2‬نور الدين زماـ‪ ،‬نور الدين زماـ‪ ،‬السلطة الحاكمة والخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري ‪ .2998-2962‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار الكتاب‬
‫العريب‪ ،2002 ،‬ص ص ‪.87 ،86‬‬

‫‪147‬‬
‫وعليو فإف دراسة دور البَتوقراطية ا‪١‬تدنية ُب الدوؿ النامية ومن ضمنها ا‪ٞ‬تزائر ال ٯتكن أف ينفصل عن‬

‫دور البَتوقراطية العسكرية باعتبارىا مؤسسة جد نافذة ومؤثرة ُب النظاـ السياسي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نشأة الجيش الجزائري ودوره في حكم بن بلة‪:‬‬

‫نشأ ا‪ٞ‬تيش ا‪ٞ‬تزائري من رحم ا‪١‬تنظمة ا‪٠‬تاصة اليت تأسست ُب فرباير ‪ 1947‬خبلؿ ا‪١‬تؤ٘تر األوؿ‬

‫‪ٟ‬تركة انتصار ا‪ٟ‬تريات الدٯتقراطية لتصَت ا‪ٞ‬تناح العسكري للحزب‪ ،‬وأسندت مسؤوليتها ميدانيا إٔب ‪٤‬تمد‬

‫بلوزداد‪ ،‬وتعترب ا‪١‬تنظمة ا‪٠‬تاصة أوؿ تنظيم ذي طابع عسكري على درجة من الضبط والتنظيم ُب مسار‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٟ‬تركة الوطنية‪.‬‬

‫وولد جيش التحرير الوطٍت بناء على ما توصلت إليو ‪٣‬تموعة الست من ترتيبات عملية لئلعبلف عن‬

‫إطبلؽ الثورة التحريرية ُب اجتماع عقدوه بينهم قرروا فيو تأليف جيش باسم جبهة التحرير الوطٍت وكجناح‬

‫عسكري ‪٢‬تا جيش التحرير الوطٍت‪ ،‬وعرؼ ا‪ٞ‬تيش بٌت ىيكلية وتنظيمية مع مؤ٘تر الصوماـ الذي انعقد ُب‬

‫‪ 20‬أوت ‪ ،1956‬حيث بات ألفراده رتبا عسكرية وانتظمت تشكيبلتو على شكل وحدات عسكرية‬

‫منظمة‪ ،‬وٖتوؿ جيش التحرير الوطٍت إٔب ا‪ٞ‬تيش الوطٍت الشعيب انطبلقا من التسمية اليت أطلقها عليو العقيد‬
‫‪2‬‬
‫ىواري بومدين خبلؿ اجتماع القادة العسكريُت ‪٢‬تيئة األركاف والواليات التارٮتية هناية أوت ‪.1962‬‬

‫وتؤرخ عسكرة الدولة والقبضة ا‪ٟ‬تديدية للجيش على السلطة ُب ا‪ٞ‬تزائر ٔترحلة حرب التحرير أثناء‬

‫الصراع الذي وقع حوؿ أولوية السياسي أو العسكري وٖتديدا ُب أواخر ا‪٠‬تمسينيات مع بروز جيش ا‪ٟ‬تدود‬

‫(ا‪ٟ‬تدود التونسية وا‪ٟ‬تدود ا‪١‬تغربية) كبَتوقراطية منظمة ىرميا حيث استطاع جيش ا‪ٟ‬تدود ٗتطي النزعات‬

‫‪ 1‬منصور ‪٠‬تضاري‪ ،‬ا‪ٞ‬تيش وٕتربة االنتقاؿ الدٯتقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر" ‪ ،"1992-1988‬المستقبل العربي‪ ،‬ع ‪ ،465‬نوفمرب ‪ ،2017‬ص‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.74،75‬‬

‫‪148‬‬
‫ا‪ٞ‬تهوية ُب ا‪ٟ‬تكومة ا‪١‬تؤقتة واٗتاذ شكل أداة سياسية ‪٦‬تركزة ُب فًتة كانت فيها قوى الثورة مهددة‬
‫‪1‬‬
‫بالتشتت‪.‬‬

‫فمنذ ‪ 1957‬برز حدثاف كشفا عن الدور ا‪١‬تركزي الذي سوؼ يؤديو ا‪ٞ‬تيش ُب السلطة السياسية‪ ،‬كاف‬

‫أو‪٢‬تما نقل اجمللس الوطٍت للثورة من ا‪ٞ‬تزائر إٔب ا‪٠‬تارج وتوسيع تركيبتو ‪ٟ‬تساب عسكريُت جدد وهتميش‬

‫"عباف رمضاف" داخل اجمللس الوطٍت للثورة حملاولتو فرض مبدأ أولوية ا‪١‬تدين على العسكري‪ ،‬وقبل أربع‬

‫سنوات من االستقبلؿ أصبح ا‪ٞ‬تيش يتكوف من جيش داخلي أهنكو الضغط ا‪٢‬تائل الذي فرضو عليو جيش‬

‫االحتبلؿ وجيش على ا‪ٟ‬تدود كبلسيكي مدرب ومنظم سوؼ يؤدي دورا حا‪ٝ‬تا ُب الصراع حوؿ السلطة‬

‫السياسية‪.‬‬

‫وًب توحيد قيادٌب الشرؽ والغرب ‪ٛ‬تلت تسمية قيادة األركاف العامة برئاسة ىواري بومدين وهبذا انقطعت‬

‫الصلة بُت السياسيُت ا‪١‬تدنيُت وجيش التحرير الذي أصبح يشكل قوة متميزة‪ ،‬وغداة االستقبلؿ وجهت‬

‫قيادة األركاف انتقادات للحكومة ا‪١‬تؤقتة ٓتصوص اتفاقيات إيفياف وقررت ىذه األخَتة حل قيادة األركاف‬
‫‪2‬‬
‫غَت أف قيادة األركاف ٕتاىلت األمر وقررت الدخوؿ إٔب الًتاب الوطٍت واإلطاحة با‪ٟ‬تكومة ا‪١‬تؤقتة‪.‬‬

‫لقد كاف تاريخ ‪ 19‬مارس ‪ 1962‬مفجرا للصراع بُت أنصار أولوية العمل العسكري وأولوية العمل‬

‫السياسي‪ ،‬وبُت القيادة العامة ‪ٞ‬تيش التحرير ُب ا‪٠‬تارج بقيادة بومدين وبعض القيادات العسكرية للواليات‬

‫ُب ال داخل وا‪ٟ‬تكومة ا‪١‬تؤقتة بقيادة يوسف بن خدة‪ ،‬وحسمت نتيجة ىذا الصراع لصاّب بومدين ومن ىنا‬
‫‪3‬‬
‫بدأ الطابع العسكري األحادي للسلطة ُب ا‪ٞ‬تزائر‪.‬‬

‫‪٤ 1‬تمد حليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.127 ،126‬‬


‫‪٤ 2‬تمد عمراف بوليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 3‬إ‪ٝ‬تاعيل قَتة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬

‫‪149‬‬
‫بعد تولية بن بلة ا‪ٟ‬تكم من طرؼ قيادة األركاف سعى ىذا األخَت إٔب تقليص نفوذ ا‪ٞ‬تيش من خبلؿ‬

‫تقليص نفوذ ‪ٚ‬تاعة وجدة وذلك بتعيُت الطاىر الزبَتي قائدا لؤلركاف أثناء غياب العقيد بومدين‪ ،‬وتنحية‬

‫بوتفليقة على رأس وزارة ا‪٠‬تارجية‪ ،‬لينتهي بو األمر إٔب تكوين مليشيات شعبية تابعة للحزب‪ ،‬لكن ىذه‬

‫ا‪١‬تناورة أدت إٔب تنحيتو ُب ‪ 19‬جواف ‪1965‬ـ‪ 1،‬وىذا ما أثبت تفرد ىذه ا‪١‬تؤسسة بالقوة واستقبلليتها‬

‫نسبيا بالنسبة للقوى األخرى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجيش وحكم ىواري بومدين‪.‬‬

‫إف التدخل العسكري الذي أطاح بنظاـ بن بلة ليس حدثا منفصبل عن سياؽ التطور التارٮتي للنظاـ‬

‫السياسي ا‪ٞ‬تزائري وعن ‪٪‬تط االستحواذ والتحكم ُب القوة السياسية‪ ،‬فانقبلب ‪ 1965‬كاف ‪٣‬ترد امتداد‬

‫معتاد لسلسة التدخبل ت الرامية لًتجيح كفة القوة العسكرية ضمن دواليب السلطة‪ ،‬وقد قدمت القوة‬

‫ا‪ٞ‬تديدة نفسها على أهنا قامت بعملية تصحيحية ثورية واليت كشفت عن أسلوب التعبَت السياسي العنيف‬
‫‪2‬‬
‫الذي تطور مع تطور ا‪١‬تمارسات السياسية داخل بنية القوة ُب ا‪٢‬ترـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪.‬‬

‫لقد وظف ىواري بومدين كل الوسائل من أجل تعزيز سلطتو الشخصية وتكريس ىيمنتو‪ ،‬ومن بُت‬

‫اإلجراءات اليت اٗتذىا تقوية جهاز األمن العسكري والشرطة العسكرية اليت قاـ بربطهما ٔتكتبو مباشرة‬

‫لفرض رقابة مشددة على ا‪ٞ‬تيش مع إلغاء منصب رئيس األركاف لتحقيق مركزية القوات ا‪١‬تسلحة‪ ،‬حيث‬
‫‪3‬‬
‫كاف ىو رئيس الدولة ووزير الدفاع ورئيس القوات ا‪١‬تسلحة وقيادة األركاف‪.‬‬

‫لقد كاف القرار ُب السلطة ُب عهد بومدين يتخذ وفقا لثبلث مستويات‪ :‬األوؿ يعُت ا‪١‬تناصب‬

‫االسًتاتيجية (الوزراء وكبار ا‪١‬تدراء التنفيذيُت للشركات الوطنية الكربى والوالة وا‪١‬تسؤولُت عن التجارة‬

‫‪ 1‬نور الدين زماـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.114 ،113‬‬
‫‪ 3‬حليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪151‬‬
‫ا‪٠‬تارجية وعن الوساطة ا‪١‬تالية) حيث كاف بومدين يتحكم ُب ىذا ا‪١‬تستوى من القرارات بواسطة األمن‬

‫العسكري‪ ،‬أما ا‪١‬تستوى الثاين فهم اليد ا‪٠‬تفية للنظاـ اليت ٕتٍت أرباحا ضخمة من العموالت‪ ،‬أما ا‪١‬تستوى‬

‫الثالث فيتعلق ٔتنح العقود واالمتيازات والسيطرة على التوظيف وىو مستوى ٖتت إشراؼ مستمر من‬

‫اإلدارات ذات السيادة (الداخلية‪٤ ،‬تافظات الشرطة‪ ،‬مديريات الرقابة ا‪١‬تالية اليت تعمل ٖتت إشراؼ‬
‫‪1‬‬
‫األجهزة األمنية)‪.‬‬

‫وشهدت فًتة حكم بومدين تغلغل جهاز االستخبارات بشكل كبَت‪ ،‬حيث أصبحت ٘تسك بكل‬

‫خيوط ا‪ٟ‬تركة وبكل أوجو النشاط ُب مقدمتها الشؤوف السياسية واالقتصادية فأصبح ىذا ا‪ٞ‬تهاز يصطفي‬

‫الرؤساء وأعضاء ا‪ٟ‬تكومة‪ ،‬كما سيطرت أجهزة األمن ا‪١‬ترتبطة ٔتكتب الرئيس على ا‪١‬تراكز االسًتاتيجية ُب‬

‫الدولة‪ ،‬حيث أنيط ‪٢‬تا مهمة تعيُت الوزراء واألمناء العاموف وا‪١‬تدراء ا‪١‬تركزيوف ُب الوزارات ا‪١‬تهمة ومسَتي‬

‫ا‪١‬توارد ا‪١‬تالية وكربى الشركات الوطنية والسفراء وا‪١‬تلحقُت العسكريُت وكذا الوسطاء ا‪١‬تاليُت والتجاريُت ُب‬

‫ا‪٠‬تارج‪ ،‬واعترب بلعيد عبد السبلـ أف األمن العسكري كاف ٯتثل للرئيس بومدين نظاما سياسيا موازيا‪ ،‬فقد‬

‫أصبح يشكل دولة ُب صلب دولة خاصة بعد دخوؿ ا‪ٞ‬تزائر أزمة عنف سياسي وانفراد ا‪١‬تؤسسة العسكرية‬
‫‪2‬‬
‫با‪ٟ‬تل األمٍت‪.‬‬

‫وعليو فإف فًتة حكم ىواري بومدين كانت من أكثر الفًتات اليت شهدت سيطرة للبَتوقراطية العسكرية‬

‫مع االعتماد على البَتوقراطية ا‪١‬تدنية كواجهة ‪١‬تمارسة السلطة السياسية من طرؼ صناع القرار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الجيش والشاذلي بن جديد‪.‬‬

‫‪ 1‬فوزية قاسي‪ ،‬عريب بومدين‪" ،‬العبلقة بُت ا‪ٞ‬تيش والسلطة السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬بُت حكم الواقع وٖتديات نزع الطابع العسكري"‪ ،‬سياسات‬
‫عربية‪ ،‬ع ‪ ،19‬مارس ‪ ،2016‬ص ‪.58‬‬
‫‪٤ 2‬تمد ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪151‬‬
‫بعد وفاة بومدين تدخلت ا‪١‬تؤسسة العسكرية لتحسم الصراع السياسي على السلطة بُت جناح ‪٤‬تمد‬

‫الصاّب ٭تياوي وجناح عبد العزيز بوتفليقة لصاّب عقيد من صفوفها ىو الشاذٕب بن جديد ٖتت شعار‬

‫"أقدـ ضابط ُب أعلى رتبة"‪ ،‬وأصبح قادة ا‪ٞ‬تيش عرضة ‪١‬تخططات الرئيس ُب وقت الشاذٕب بن جديد‬

‫الذي أحاؿ بعضهم على البطالة الفاخرة حسب تعبَت "ويلياـ زار٘تاف" )‪، (William Zartman‬‬

‫مع استقطابو للبعض اآلخر منهم خاصة الضباط الشباب ليأخذوا مكاف العقداء كبار السن‪ ،‬وىذا ما ‪ٝ‬تح‬

‫بنقل مركز الثقل ا‪ٞ‬تديد داخل ا‪١‬تؤسسة العسكرية من عصبة وجدة إٔب عصبة عنابة أي ناحية الشرؽ‪ ،‬مع‬
‫‪1‬‬
‫استيعاب وضم الضباط ا‪١‬تنحدرين من الشرؽ ا‪ٞ‬تزائري‪.‬‬

‫وإتهت السلطة ُب عهد الشاذٕب بن جديد إٔب خيار الدولة الريعية‪ ،‬وقسمت أجهزة اٗتاذ القرار إٔب‪:‬‬

‫‪ -‬الدائرة األؤب على ا‪١‬تستوى الوزاري تضم ا‪٢‬تيئات االسًتاتيجية (الدفاع‪ ،‬األمن‪ ،‬التجارة ا‪٠‬تارجية‪ ،‬توظيف‬

‫ا‪١‬تدراء التنفيذيُت للمناصب ا‪١‬تفتاحية ُب الدولة)‬

‫‪ -‬مكتب الرئاسة الذي ضم الوسطاء وكبار أرباب العمل ا‪٠‬تواص‪.‬‬

‫‪ -‬األجهزة األمنية اليت ضمت الوزارات واإلدارات الوالئية وا‪١‬تؤسسات الصغَتة وا‪١‬تتوسطة معززة من جانب‬

‫ا‪ٟ‬تزب والنقابة‪.‬‬

‫و٘تيزت فًتة حكم الشاذٕب بن جديد باإلعبلف عن االنفتاح السياسي واإلعبلمي واالقتصادي بعد‬

‫أحداث أكتوبر ‪ ،1988‬حيث عاد ا‪ٞ‬تيش إٔب الساحة بقوة أثناء األزمة اليت دخلت فيها ا‪ٞ‬تزائر بعد‬

‫أحداث أكتوبر ‪ 1988‬وكاف ىذا التدخل يتزايد كلما اشتدت األزمة‪ ،‬وبلغ التدخل أوجو ُب هناية عاـ‬

‫‪ 1991‬وذلك بعد فوز ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ ُب الدور األوؿ من االنتخابات التشريعية اليت جرت يوـ‬

‫‪ 1‬نور الدين زماـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.163‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ 26‬ديسمرب ‪ 1991‬والذي حسم بإيقاؼ ا‪١‬تسار االنتخايب واجمليئ ٔتحمد بوضياؼ مع استمرار تدخل‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٞ‬تيش ُب ظل الظروؼ ا‪١‬ترتبطة ٔتحاربة اإلرىاب وا‪ٟ‬تفاظ على كياف الدولة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬بوتفليقة ومساعي تمدين الحياة السياسية‪.‬‬

‫بعد توقيف ا‪١‬تسار االنتخايب أشرفت ا‪١‬تؤسسة العسكرية على تسيَت األوضاع ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬خاصة أف البلد‬

‫كاف يعيش مرحلة أمنية بامتياز ‪ٝ‬تحت ‪٢‬تذه األخَتة بأف تكوف ىي السلطة الفعلية ُب الببلد بالرغم من‬

‫وجود مؤسسات أخرى ٓب يتعدى وجودىا ا‪ٞ‬تدراف اليت تضمها‪ ،‬وقاـ ا‪ٞ‬تيش بتعيُت اليامُت زرواؿ‬

‫كشخصية عسكرية قائمة على ا‪١‬تشروعية التارٮتية لرئاسة الببلد ُب ‪ 1995‬وإدارة ا‪١‬ترحلة االنتقالية ُب‬

‫انتظار إجراء انتخابات رئاسية‪ ،‬غَت أف ىذا األخَت قلص من عهدتو وًب تنظيم انتخابات رئاسية ُب‬

‫‪ 1999‬واليت فاز فيها ا‪١‬تًتشح عبد العزيز بوتفليقة‪.‬‬

‫تعود عبلقة ا‪١‬تؤسسة العسكرية بعبد العزيز بوتفليقة إٔب األزمة األمنية سنة ‪ 1994‬وبالتحديد من خبلؿ‬

‫التحضَت لندوة الوفاؽ الوطٍت ا‪١‬تنعقدة بتاريخ ‪ 25‬و‪ 26‬يناير ‪1994‬ـ‪ ،‬حيث تقدمت قيادة ا‪ٞ‬تيش‬

‫بعرضها على بوتفليقة توٕب ا‪ٟ‬تكم وإهناء ‪٤‬تنة ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬غَت أنو رفض أف يكوف الواجهة حيث صرح أنذاؾ‬

‫بأنو ال يريد أف يكوف ثبلثة أرباع رئيس وأكد التزامو قيادة النظاـ بأكملو‪ ،‬و٘تثل ا‪٢‬تدؼ الرئيسي لعبد العزيز‬

‫بوتفليقة ُب استعادة ٘تاسك السلطة التنفيذية للدولة من خبلؿ ترسيخ مكانة الرئاسة بدال من القيادة العليا‬
‫‪2‬‬
‫للجيش‪ ،‬وبناء على ذلك أخرج ثلة من كبار ا‪ٞ‬تنراالت خارج اللعبة السياسية‪.‬‬

‫وحقق بوتفليقة مراده عندما اضطر ‪٤‬تمد العماري وأنصاره إٔب التقاعد عاـ ‪ ،2004‬كما قاـ بوتفليقة‬

‫بإجراء تغيَتات على مستوى ا‪١‬تخابرات العسكرية ‪ DRS‬من خبلؿ التحالف مع قائد ىيئة األركاف قايد‬

‫صاّب بإحالة ‪٣‬تموعة من ا‪ٞ‬تنراالت على التقاعد وحل جهاز الشرطة القضائية التابع ‪ٞ‬تهاز االستخبارات‬

‫‪ 1‬رابح لعروسي‪" ،‬عبلقة العسكري بالسياسي ُب تاريخ ا‪ٞ‬تزائر ا‪١‬تعاصرة"‪ ،‬المجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬ع ‪ ،29‬شتاء ‪.2011‬ص ‪.63‬‬
‫‪ 2‬فوزي قاسي‪ ،‬عريب بومدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.60،61‬‬

‫‪153‬‬
‫الذي كاف مكلفا بقضايا الفساد وإ‪ٟ‬تاؽ مديرية االتصاؿ اليت كانت تابعة للمخابرات بقيادة األركاف‬
‫‪1‬‬
‫(حدوث ٖتالف بُت أركاف ا‪ٞ‬تيش والرئاسة على حساب جهاز ا‪١‬تخابرات)‪.‬‬

‫لقد كرس بوتفليقة أكرب جزء من واليتو الرئاسية لتوطيد سلطتو وتعيُت أصدقائو ا‪١‬تقربُت وحلفائو‬

‫السياسيُت ُب مناصب عليا ُب الوزارات وا‪١‬تؤسسات اإلقليمية تاركا حقيبة وزارة الدفاع لنفسو‪ ،‬وبصفتو قائد‬

‫القوى العسكرية ووزير الدفاع باشر عملية استبداؿ األشخاص األوفياء لو من ضباط ُب القيادة العليا‬

‫للجيش وخفض الدور السياسي للجهات العسكرية فعُت قادة جدد للمناطق اإلقليمية وأصدر مرسوما‬

‫رئاسيا أن شأ ٔتوجبو منصب األمُت العاـ داخل وزارة الدفاع ‪٦‬تا ساعده على السيطرة على ا‪ٞ‬تهاز العسكري‪،‬‬

‫كما أجرب العماري على االستقالة ُب أوت ‪ 2004‬واستبدلو ْتليفو السياسي قايد صاّب‪ ،‬وبالرغم من‬

‫‪٧‬تاحو ُب ٘تدين ا‪ٟ‬تياة السياسية ّتزء بسيط إال أف سلطتو ٓب ٘تتد إٔب أجهزة قوى األـ‪ ،‬فقد بقي دور جهاز‬

‫االستخبارات مركزيا‪ ،‬وُب ىذا اإلطار صرح بلعيد عبد السبلـ ُب مقابلة أجراىا مع صحيفة الوطن أف‬

‫"احتبلؿ منصب ُب اإلدارة العامة ال يزاؿ رىن مباركة جهاز االستخبارات‪ ،‬إذ ال يزاؿ ‪٢‬تذه ا‪١‬تديرية تأثَت‬

‫حىت اليوـ ُب الوزراء والسفراء ولوائح الناخبُت ومراقبة الشخصيات السياسية وا‪١‬تفكرين ألهنا تتحكم‬
‫‪2‬‬
‫باألحزاب السياسية ووسائل اإلعبلـ العامة وا‪٠‬تاصة"‪.‬‬

‫إف دور ا‪١‬تؤسسة العسكرية منذ االستقبلؿ مرورا ٔترحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد إٔب غاية التعددية ا‪ٟ‬تزبية عرؼ‬

‫استمرارا ُب الدور ا‪١‬تتنامي للمؤسسة العسكرية ُب ‪٦‬تارسة السلطة‪ ،‬ورغم ‪٤‬تاوالت ٘تدين ا‪ٟ‬تياة السياسية إال‬

‫أف ا‪ٞ‬تهاز العسكري استطاع ا‪ٟ‬تفاظ على مكانتو احملورية ُب ظل النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري مع تغيَت‬

‫تكتيكي ُب االسًتاتيجيات ا‪١‬تتبناة من طرفو لضماف النفوذ‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.66‬‬


‫‪ 22‬رشيد تلمساين‪" ،‬ا‪ٞ‬تزائر ُب عهد بوتفليقة‪ :‬الفتنة األىلية وا‪١‬تصا‪ٟ‬تة الوطنية"‪ ،‬أوراق كارينغي‪ .‬مؤسسة كارينغي للسبلـ الدوٕب‪ :‬مركز كارينغي‬
‫للشرؽ األوسط‪ ،‬عدد ‪ ،07‬يناير ‪ ،2008‬ص ص ‪.16،17‬‬

‫‪154‬‬
‫كما أف البَتوقراطية العسكرية ُب ا‪ٞ‬تزائر أثرت وال تزاؿ تؤثر على دور ا‪ٞ‬تهاز اإلداري خاصة مع تزايد‬

‫دور االستخبارات ُب تعيُت األشخاص ُب ا‪١‬تناصب‪ ،‬وىذه التعيينات اليت غالبا ما تتم على أساس الوالء‬

‫أكثر منها على أساس االستحقاؽ والكفاءة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور العوامل اإلدارية‪.‬‬

‫ويقصد بالعوامل اإلدارية األسلوب ا‪١‬تتبٌت ُب تنظيم وحدات‪ ،‬أجهزة النظاـ اإلداري والعبلقة بينها‪ ،‬إضافة‬

‫إٔب ا‪٠‬تصائص التنظيمية والسلوكية للميزة ‪٢‬تذا ا‪ٞ‬تهاز واليت تنعكس بالضرورة على أدائو‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أسلوب التنظيم اإلداري المكرس للوصاية المركزية الشديدة‪.‬‬

‫ٕتمع ا لدولة ا‪ٟ‬تديثة بُت أسلوبُت ‪٥‬تتلفُت ُب تنظيم وحدات وأجهزة النظاـ اإلداري فيها وتقسيم وتوزيع‬

‫سلطة الوظيفة اإلدارية‪ ،‬و‪٫‬تا أسلوب ا‪١‬تركزية اإلدارية وأسلوب البلمركزية اإلدارية‪ ،‬وٗتتلف الدوؿ ُب ٖتديد‬
‫‪1‬‬
‫نظاـ كل منهما باختبلؼ الظروؼ االقتصادية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والثقافية اليت تتحكم فيها‪.‬‬

‫إف البنية الدستورية والقانونية للسلطة ُب ا‪ٞ‬تزائر تنص على أف النظاـ السياسي نظاـ ‪ٚ‬تهوري دٯتقراطي‬

‫وىو خليط ‪٬‬تمع بُت الطابع الرب‪١‬تاين والرئاسي أو ما يسمى النظاـ شبو الرئاسي أكدت عليو كل‬

‫دساتَتىا‪ 2،‬وتتبٌت من ناحية التنظيم اإلداري أسلوب البلمركزية اإلدارية اليت تعرب عن توزيع الوظائف‬

‫اإلدارية بُت ا‪ٟ‬تكومة ا‪١‬تركزية وبُت ىيئات ‪٤‬تلية أو مصلحية مستقلة‪3،‬حيث أهنا ٘تكن األجهزة احمللية‬

‫ا‪١‬تنتخبة من قبل الشعب من سلطة تسيَت شؤوهنا بيدىا ‪٦‬تا ٭تقق مبدأ الدٯتقراطية اإلدارية‪ ،‬كما أهنا ٕتسد‬

‫من الناحية القانونية توزيع الوظيفة اإلدارية ُب الدوؿ بُت األجهزة ا‪١‬تركزية وا‪٢‬تيئات ا‪١‬تستقلة ذات الطابع‬

‫‪ 1‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،1990 ،‬ص ص ‪.203،202‬‬
‫‪ 2‬النظاـ شبو الرئاسي ال وجود لو من الناحية النظرية‪ ،‬إ‪٪‬تا ا‪١‬تقصود بو نوع من النظاـ الرب‪١‬تاين أدخلت عليو تعديبلت حيث قوي جانب‬
‫السلطة التنفيذية السيما توسيع صبلحيات رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪ ،‬وعادة ما يؤخذ دستور ا‪ٞ‬تمهورية الفرنسية ا‪٠‬تامسة لسنة ‪ 1958‬كنموذج ‪٢‬تذا‬
‫النظاـ الذي ابتعد عن النظاـ الرب‪١‬تاين واقًتب إٔب النظاـ الرئاسي فأطلقت عليو تسمية نظاـ شبو رئاسي‪ .‬انظر‪ :‬ا‪ٛ‬تد واُب‪ ،‬النظرية العامة‬
‫للدولة والنظام السياسي‪ :‬الجزائر في ظل دستور‪ .2989‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تؤسسة الوطنية للطباعة‪ ،1992 ،‬ص ص ‪.150،151‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪ .16‬دستور ‪ ،1996‬ا‪١‬تادة ‪.15‬‬

‫‪155‬‬
‫اإلقليمي من جهة وا‪١‬ترفقي أو ا‪١‬تصلحي من جهة أخرى وىو ما من شأنو أف يقرب اإلدارة أكثر من‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٞ‬تمهور‪.‬‬

‫وتتشكل اإلدارة ا‪١‬تركزية من رئاسة ا‪ٞ‬تمهورية اليت تضم رئيس ا‪ٞ‬تمهورية و‪٣‬تموعة من الوحدات اإلدارية‬

‫التنفيذية اليت تشكل ما يسمى ٔتصاّب الرئاسة وا‪١‬تتمثلة ُب مدير الديواف واألمانة العامة لرئاسة ا‪ٞ‬تمهورية‬

‫واألمانة العامة للحكومة ومستشاروف ورئيس الديواف وكتابة خاصة‪ ،‬إضافة إٔب ‪٣‬تموع ىياكل رئاسة‬

‫ا‪ٞ‬تمهورية التابعة لو‪ ،‬واليت تتكوف من مكلفوف با‪١‬تهاـ ومديرو دراسات ومديروف مكلفوف بالدراسات‬

‫والتلخيص ونواب مديرين وكذا مستخدموف إداريوف وتقنيوف‪.‬‬

‫أما ا‪ٟ‬تكومة فتضم الوزير األوؿ الذي يضطلع ٔتجموعة من ا‪١‬تهاـ ذات العبلقة باختصاصو كجزء ‪٤‬توري‬

‫ومهم ُب السلطة التنفيذية‪ ،‬حيث ينفذ وينسق ‪٥‬تطط عمل ا‪ٟ‬تكومة‪ ،‬إضافة إٔب امتبلكو صبلحية التعيُت‬

‫ُب الوظائف العليا والسهر على حسن سَت اإلدارة العامة‪ 2،‬ويساعده ُب تأدية مهامو تشكيلة من ا‪٢‬تياكل‬
‫‪3‬‬
‫وا‪١‬تتمثلة ُب مدير الديواف ورئيس الديواف واألقساـ والفروع وا‪١‬تكلفوف ٔتهمة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للوزارات فيعترب كل وزير مشرؼ عليها عضوا من أعضاء السلطة التنفيذية وٯتتلك من جهة‬

‫صفة سياسية باعتباره عضو ا‪ٟ‬تكومة أو ‪٣‬تلس الوزراء وصفة إدارية من جهة أخرى باعتباره عضوا إداريا‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ألنو ٯتثل الرئيس اإلداري جملموعة ا‪١‬ترافق وا‪١‬تؤسسات واألجهزة اإلدارية ا‪١‬تكونة للوزارة اليت يرأسها‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار بوضياؼ‪ ،‬التنظيم اإلداري في الجزائر بين النظرية والتطبيق‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،2010 ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬تواد من ‪ 93‬إٔب ‪ 100‬من دستور ‪ 2016‬تفصل ُب منصب الوزير األوؿ من حيث الصبلحيات وا‪١‬تهاـ‪.‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم التنفيذي ‪ 63-29‬يتضمن مهام ديوان الوزير األول وتنظيمو‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪،10‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 11‬فرباير ‪.2009‬‬
‫‪ 4‬عمار عوابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.225‬‬

‫‪156‬‬
‫وتتكوف اإلدارة العامة للوزارة من أمانة وأجهزة وىياكل تشمل أجهزة اإلدارة العامة ا‪١‬تركزية للوزارة‪،‬‬

‫وا‪١‬تتمثلة ُب ديواف الوزير‪ ،‬واألمانة العامة‪ ،‬ومديريات عامة أو مركزية تتفرع إٔب مديريات فرعية ونيابات‬

‫مديريات ومكاتب‪.‬‬

‫أما ا‪ٞ‬تماعات احمللية فتتكوف من البلدية والوالية‪ ،‬حيث عرفت البلدية على أهنا ا‪ٞ‬تماعة اإلقليمية‬

‫األساسية‪ ،‬وتتمتع بالشخصية ا‪١‬تعنوية واالستقبلؿ ا‪١‬تإب وٖتدث ٔتوجب القانوف‪ ،‬وىي القاعدة اإلقليمية‬

‫البلمركزية ومكاف ‪٦‬تارسة ا‪١‬تواطنة وتشكل إطار مشاركة ا‪١‬تواطن ُب تسيَت الشؤوف العامة‪.1‬‬

‫أما الوالية فعرفها قانوف ‪ 07-12‬على أهنا ا‪ٞ‬تماعة اإلقليمية للدولة وتتمتع بالشخصية ا‪١‬تعنوية والذمة‬

‫ا‪١‬تالية ا‪١‬تستقلة وىي أيضا الدائرة اإلدارية غَت ا‪١‬تمركزة للدولة وشعارىا بالشعب وللشعب‪ 2،‬وذلك مقابل‬

‫القانوف ‪ 09-90‬الذي اكتفى بوصفها ‪ٚ‬تاعة إقليمية تتمتع بالشخصية ا‪١‬تعنوية واالستقبلؿ ا‪١‬تإب‪.‬‬

‫وتتمتع ا‪ٞ‬تماعات احمللية باستقبللية نسبية لكوهنا ٗتضع لرقابة ا‪٢‬تيئات ا‪١‬تركزية ضمن إطار قانوين ‪٤‬تدد‪،‬‬

‫وىذه الرقابة اإلدارية أو كما يسميها البعض بالوصاية اإلدارية تعرب عن ‪٣‬تموع السلطات احملدودة اليت ٮتو‪٢‬تا‬

‫القانوف للهيئات ا‪١‬تركزية لئلشراؼ على ا‪٢‬تيئات احمللية‪ ،‬وىي كللية ٘تكن السلطة ا‪١‬تركزية من التنسيق مع‬

‫السلطات احمللية للحفاظ على وحدة الدولة دستوريا وسياسيا‪ ،‬وٖتقيق ا‪١‬تصلحة العامة‪.‬‬

‫غَت أف الوصاية اإلدارية اليت ٘تكن السلطة ا‪١‬تركزية من اإلشراؼ على ا‪٢‬تيئات احمللية ‪٬‬تب أف تكوف ُب ظل‬

‫إطار قانوين يسمح بتحقيق الدٯتقراطية التشاركية وحكم ‪٤‬تلي مستقل ُب تدبَت الشأف العاـ للمواطنُت‪ ،‬وُب‬

‫ىذا اإلطار فإف الوصاية اإلدارية ُب ا‪ٞ‬تزائر ىي من صبلحيات الوإب ووزير الداخلية‪ ،‬وتتم عرب ا‪١‬تستويات‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 22-22‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية عدد ‪ ،37‬الصادرة بتاريخ ‪ 03‬جويلية‬
‫‪ ،2011‬ا‪١‬تادتُت ‪.02 ،01‬‬
‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 27-22‬المتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية عدد ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬فرباير‬
‫‪ ،2012‬ا‪١‬تادة ‪.01‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ .1‬الرقابة على المجالس كهيئات‪ 1:‬و٘تارس من خبلؿ آلية ا‪ٟ‬تل وىو عبارة عن إجراء عزؿ ‪ٚ‬تاعي‬

‫ألعضاء‬

‫اجملالس احمللية‪ ،‬يتم ٔتوجبو إهناء مهاـ اجمللس بإزالتو قانونيا‪ ،‬وٕتريد أعضائو من الصفة اليت ٭تملوهنا‪.‬‬

‫يتم حل اجملالس الشعبية البلدية والوالئية والتجديد الكلي ‪٢‬تا ٔترسوـ رئاسي بناءا على تقرير من الوزير‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬تكلف بالداخلية‪ ،‬ويكوف ذلك ُب ا‪ٟ‬تاالت التالية‪:‬‬

‫‪ُ -‬ب حالة خرؽ أحكاـ دستورية‪.‬‬

‫‪ُ -‬ب حالة إلغاء انتخاب ‪ٚ‬تيع أعضاء اجمللس‪.‬‬

‫‪ُ -‬ب حالة استقالة ‪ٚ‬تاعية ألعضاء اجمللس‪.‬‬

‫‪ -‬عندما يكوف اإلبقاء على اجمللس يشكل اختبلالت خطَتة‪.‬‬

‫‪ -‬عندما يصبح عدد ا‪١‬تنتخبُت أقل من األغلبية‪.‬‬

‫‪ُ -‬ب حالة خبلفات خطَتة بُت أعضاء اجمللس‪.‬‬

‫‪ُ -‬ب حالة اندماج بلديات أو ضمها أو ٕتزئتها‪.‬‬

‫‪ُ -‬ب حالة حدوث ظروؼ استثنائية‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة على المنتخبين‪ :‬وذلك من خبلؿ التوقيف أو اإلقالة أو اإلقصاء‬

‫بالنسبة للتوقيف يقصد بو ٕتميد عضوية ا‪١‬تنتخب بصورة مؤقتة ُب حالة متابعة قضائية‪ ،‬حيث نصت‬

‫كل من ا‪١‬تادة ‪ 43‬من قانوف البلدية وا‪١‬تادة ‪ 45‬من قانوف الوالية على أنو يتم إيقاؼ كل منتخب تعرض‬

‫‪١‬تتابعة قضائية بسبب جناية أو جنحة ‪٢‬تا صلة با‪١‬تاؿ العاـ أو ألسباب ‪٥‬تلة بالشرؼ أو كاف ‪٤‬تل تدابَت‬

‫‪ 1‬توجد آلية رقابة أخرى على اجمللس‪ ،‬وىي اإليقاؼ‪ ،‬وقد نصت عليو ا‪١‬تادة ‪ 112‬من القانوف ‪ 24/67‬ا‪٠‬تاص بالبلدية‪ ،‬ويكوف ذلك من‬
‫طرؼ وزير الداخلية‪ ،‬ألمر يقدره ىو‪ .‬ىذه اآللية غَت منصوص عليها ُب قوانُت ا‪ٞ‬تماعات احمللية ُب ا‪١‬ترحلة التعددية‪.‬‬
‫‪ 2‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪ .47 ،46‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.48-47‬‬

‫‪158‬‬
‫قضائي ة ال ٘تكنو من االستمرار ُب ‪٦‬تارسة عهدتو االنتخابية بصفة صحيحة إٔب غاية صدور حكم هنائي من‬

‫ا‪ٞ‬تهة القضائية ا‪١‬تختصة‪ ،‬وُب حاؿ صدور حكم هنائي بالرباءة يستأنف ا‪١‬تنتخب تلقائيا وفوريا ‪٦‬تارسة‬

‫مهامو‪ ،‬غَت أف ا‪١‬تنتخب البلدي يوقف بقرار من الوإب‪ ،‬أما ا‪١‬تنتخب الوالئي فبموجب قرار معلل من وزير‬
‫‪1‬‬
‫الداخلية‪.‬‬

‫أما اإلقصاء فيعٍت إسقاط العضوية عن ا‪١‬تنتخب نتيجة إدانة جزائية ال عبلقة ‪٢‬تا بعهدتو‪ ،‬ويثبت الوإب‬

‫إقصاء ا‪١‬تنتخب البلدي ٔتوجب قرار‪ 2،‬ويقصى ا‪١‬تنتخب الوالئي لنفس السبب مع إمكانية إقصائو بقوة‬

‫القانوف إذا ثبت أنو ٖتت طائلة عدـ القابلية لبلنتخاب أو ُب حالة تناُب منصوص عليها ُب القانوف‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫ويكوف ذلك بإقرار من اجمللس الشعيب الوالئي ٔتداوؿ وإثبات ذلك بقرار من وزير الداخلية‪.‬‬

‫أما فيما ٮتص ا‪ٟ‬تالة الثالثة وىي اإلقالة فهي إهناء مهاـ ا‪١‬تنتخب وٕتريده من العضوية‪ ،‬حيث يعترب‬

‫مستقيبل من اجمللس كل عضو منتخب تغيب بدوف عذر مقبوؿ ألكثر من ثبلث دورات عادية خبلؿ‬

‫السنة‪ ،‬ويتم االستماع إٔب ا‪١‬تنتخب البلدي من طرؼ اجمللس لتربير غيابو وىو ما ٓب ينص عليو قانوف‬
‫‪4‬‬
‫الوالية‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة على األعمال‪ :‬وتتم من خبلؿ التصديق أو اإللغاء والبطبلف أو ا‪ٟ‬تلوؿ‪.‬‬

‫بالنسبة للتصديق فيكوف إما ضمنيا والذي يعٍت عدـ نفاذ مداوالت اجمللس الشعيب البلدي بقوة القانوف‬

‫إال بعد ‪ 21‬يوما من تاريخ إيداعها بالوالية‪ ،‬ليبدي الوإب رأيو ُب شرعيتها‪ 5،‬إال أنو ُب حالة ما إذا تبُت‬

‫‪ 1‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.46،44‬‬


‫‪ 2‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.44‬‬
‫‪ 3‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .44‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.46 ،44‬‬
‫‪ 4‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .45‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.43‬‬
‫‪ 5‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .56‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.54‬‬

‫‪159‬‬
‫للوإب عدـ مطابقة مداوالت اجمللس الشعيب الوالئي للقانوف فإنو يرفع دعوى قضائية أماـ احملكمة اإلدارية‬
‫‪1‬‬
‫ا‪١‬تختصة إقليميا ُب أجل ‪ 21‬يوما اليت تلي اٗتاذ ا‪١‬تداولة إلقرار بطبلهنا‪.‬‬

‫وقد يكوف التصديق صر٭تا أو ضمنيا‪ ،‬حيث ال تنفذ بعض مداوالت اجمللس الشعيب البلدي إال بعد‬

‫ا‪١‬تصادقة الصر٭تة عليها من طرؼ الوإب‪ ،‬ومداوالت اجمللس الشعيب الوالئي إال بعد مصادقة وزير الداخلية‬

‫عليها ُب أجل شهرين‪ ،‬وتتضمن ا‪١‬تداوالت التالية‪ :‬ا‪١‬تيزانيات واحملاسبات‪ ،‬قبوؿ ا‪٢‬تبات والوصايا‪ ،‬اتفاقيات‬

‫التوأمة‪ ،‬والتنازؿ عن األمبلؾ العقارية‪ 2،‬وىذه ا‪١‬تداوالت قد تتضمن تصديقا ضمنيا من خبلؿ إصدارىا من‬
‫‪3‬‬
‫الوإب ُب ثبلثُت يوما‪ ،‬ابتداء من تاريخ إيداعها بالوالية بالنسبة ‪١‬تداوالت اجمللس الشعيب البلدي‪.‬‬

‫أما الشكل الثاين للرقابة على األعماؿ فيكوف باإللغاء والذي يقصد بو إزالة اآلثار القانونية ‪١‬تداوالت‬

‫اجملالس لتصبح غَت قابلة للتنفيذ والذي يكوف مطلقا بقوة القانوف‪ ،‬فتبطل مداوالت اجمللس الشعيب البلدي‬

‫ُب حالة خرقها للدستور أو مساسها برموز الدولة أو عدـ ٖتريرىا باللغة العربية‪ ،‬أما مداوالت اجمللس‬

‫الشعيب الوالئي فتبطل بقوة القانوف ا‪١‬تداوالت اليت ذكرت ُب حالة اجمللس الشعيب البلدي‪ ،‬إضافة إٔب ثبلث‬

‫حاالت أخرى ىي منها تناو‪٢‬تا ‪١‬توضوع ال يدخل ضمن اختصاصات اجمللس الوالئي أو ا‪١‬تتخذة خارج‬
‫‪4‬‬
‫االجتماعات القانونية للمجلس أو ا‪١‬تتخذة خارج مقر اجمللس الشعيب الوالئي‪.‬‬

‫وقد يكوف بطبلف ا‪١‬تداوالت نسبيا ُب حاالت معينة منها بطبلف كل مداولة حضرىا رئيس اجمللس‬

‫الشعيب البلدي أو الوالئي أو أي عضو من اجمللس يكوف موضوعها ُب وضعية تعارض مصا‪ٟ‬تو مع مصاّب‬
‫‪5‬‬
‫البلدية أو الوالية بأ‪ٝ‬تائهم‪ ،‬أو أزواجهم‪ ،‬أو أصو‪٢‬تم‪ ،‬أو فروعهم إٔب الدرجة الرابعة‪ ،‬أو كوكبلء‪.‬‬

‫‪ 1‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.54‬‬


‫‪ 2‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .57‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.58‬‬
‫‪ 3‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.58‬‬
‫‪ 4‬قانوف ‪10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .59‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.53‬‬
‫‪ 5‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .60‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.56‬‬

‫‪161‬‬
‫أما الصيغة األخرى للرقابة على األعماؿ فهي ا‪ٟ‬تلوؿ‪ ،‬والذي قد يكوف إداريا أو ماليا‪ ،‬فبالنسبة للحلوؿ‬

‫اإلداري فهو آلية رقابية ٗتص البلدية فقط وتعٍت حلوؿ السلطة الوصية ‪٤‬تل اجملالس البلدية ْتيث ٯتكن أف‬

‫يتخذ الوإب كل اإلجراءات البلزمة ا‪١‬تتعلقة با‪ٟ‬تفاظ على األمن والسكينة العمومية عندما ال تقوـ السلطات‬

‫البلدية بذلك‪ ،‬السيما منها التكفل بالعمليات االنتخابية وا‪٠‬تدمة الوطنية وا‪ٟ‬تالة ا‪١‬تدنية‪ ،‬ويكوف ا‪ٟ‬تلوؿ‬
‫‪1‬‬
‫بعد انقضاء مدة اإلنذار من ا‪ٞ‬تهة الوصية إٔب رئيس البلدية‪.‬‬

‫أما ا‪ٟ‬تلوؿ ا‪١‬تإب فيكوف ُب حالة حدوث اختبلؿ باجمللس الشعيب البلدي ٭توؿ دوف التصويت على‬

‫ا‪١‬تيزانية‪ ،‬ما يسمح للوإب با‪١‬تصادقة عليها وتنفيذىا‪ ،2‬أو ُب حالة تصويت اجمللس الشعيب البلدي على‬

‫ميزانية غَت متوازنة‪ ،‬حيث الوإب يرجعها خبلؿ ‪ 15‬يوما اليت تلي استبلمها إٔب الرئيس الذي ٮتضعها‬

‫‪١‬تداولة ثانية للمجلس خبلؿ ‪ 10‬أياـ‪ ،‬وإذا صوت اجمللس ‪٣‬تددا على ميزانية بدوف توازف‪ ،‬أو ٓب تنص على‬

‫النفقات اإلجبارية‪ ،‬بعد اعذرا اجمللس من الوإب‪ ،‬يقوـ ىذا األخَت بضبطها تلقائيا‪ 3،‬أما بالنسبة للوالية فإف‬

‫الوإب يقوـ استثناءا باستدعاء اجمللس لبلنعقاد ُب دورة غَت عادية عندما ال يصوت على مشروع ا‪١‬تيزانية‬

‫بسبب اختبلؿ داخل اجمللس الشعيب الوالئي‪ ،‬وُب حالة عدـ توصل الدورة إٔب ا‪١‬تصادقة على مشروع‬

‫ا‪١‬تيزانية يبلغ الوإب وزير الداخلية الٗتاذ التدابَت البلزمة لضبطها‪ ،‬وإذا أظهر تنفيذ ا‪١‬تيزانية عجزا وٓب يتخذ‬

‫اجمللس التدابَت البلزمة ال متصاص العجز يتؤب الوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية ووزير ا‪١‬تالية التدابَت البلزمة‬
‫‪4‬‬
‫المتصاص العجز‪.‬‬

‫وعليو‪ ،‬يظهر من خبلؿ سرد مظاىر الرقابة أو الوصاية ا‪١‬تمارسة على ا‪ٞ‬تماعات احمللية الدور احملوري‬

‫وا‪١‬تركزي لكل من وزارة الداخلية والوإب على اجملالس ا‪١‬تنتخبة‪٦ ،‬تا ٭تيل إٔب نتيجة مهمة تتعلق بتسيَت‬

‫‪ 1‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.101 ،100‬‬


‫‪ 2‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.102‬‬
‫‪ 3‬قانوف ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.183‬‬
‫‪ 4‬قانوف ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.168‬‬

‫‪161‬‬
‫ا‪١‬تؤسسات ُب ا‪ٞ‬تزائر وىي أولوية ا‪١‬تعُت على ا‪١‬تنتخب‪ ،‬بل وٖتكم ا‪١‬تعُت ُب ا‪١‬تنتخب‪ ،‬وذلك ما ‪١‬تسناه‬

‫سابقا ُب دور الرب‪١‬تاف على ا‪١‬تستوى الوطٍت‪.‬‬

‫وختما ٯتكن القوؿ إف مظاىر الوصاية اإلدارية تعرب عن ‪٪‬تط التسيَت البَتوقراطي ُب عبلقة اإلدارة ا‪١‬تركزية‬

‫باإلدارة احمللية‪ ،‬والذي انعكس سلبا على أداء اجملالس ا‪١‬تنتخبة مقابل تنامي أدوار األجهزة غَت ا‪١‬تنتخبة‬

‫كالوإب ووزير الداخلية واألمُت العاـ على مستوى البلدية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التضخم الوظيفي والهيكلي ومظاىر التسيب اإلداري‪.‬‬

‫إف التضخم ُب عدد ا‪١‬توظفُت بشكل عاـ يتناسب وا‪١‬تهاـ اإلدارية اليت ‪٬‬تب أف تكوف متوافقة مع التنمية‬

‫الشاملة‪ ،‬غَت أنو قد ٭تدث تضخم ُب عدد العماؿ من خبلؿ الزيادة العامة لعدد ا‪١‬توظفُت مقارنة ْتجم‬

‫العمل اإلداري ا‪١‬تنجز‪ ،‬وتعرؼ الدوؿ الريعية بتضخم ا‪ٞ‬تهاز اإلداري سواء من حيث عدد العماؿ أو من‬

‫حيث ا‪٢‬تياكل اإلدارية كوف الدولة ىي ا‪١‬تسؤوؿ الرئيسي على تقسيم ا‪١‬توارد الريعية‪.‬‬

‫ومن ناحية ا‪٢‬تياكل فإف ا‪٢‬تياكل واإلجراءات التنظيمية السائدة ُب ا‪ٞ‬تزائر كانت ضرورة أملتها ظروؼ‬

‫ا‪١‬ترحلة االشًتاكية ألكثر من ‪ 26‬عاما‪ ،‬وىذه ا‪٢‬تياكل سقطت ُب فخ النمطية من حيث إرساء ‪٪‬تط موحد‬

‫يضم مديريات ومديريات فرعية ومكاتب‪ ،‬وىي طريقة مكلفة وتثقل العمل اإلداري وتسهم أكثر ُب ظهور‬
‫‪1‬‬
‫التسيب اإلداري‪.‬‬

‫بالنسبة جملاالت العمل الوزاري‪ ،‬يذكر "براياف شأتاف"(‪ٜ )Brian Chapman‬تسة ‪٣‬تاالت‬

‫أساسية‪ ،‬وىي‪ :‬الشؤوف ا‪٠‬تارجية‪ ،‬العدالة‪ ،‬ا‪١‬تالية‪ ،‬الدفاع وا‪ٟ‬ترب‪ ،‬والشؤوف الداخلية‪ ،‬إضافة إٔب وجود‬

‫وزارات أخرى ظهرت نتيجة لتطور ا‪٠‬تدمات وا‪١‬تسؤوليات ا‪ٟ‬تكومية‪ ،‬ويًتاوح عدد الوزارات ا‪١‬تركزية عادة ما‬

‫‪ 1‬نصَت ‪ٝ‬تارة‪ ،‬ظاىرة التسيب إلداري في الجزائر‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬منشورات اجمللس األعلى للغة العربية‪ ،2005 ،‬ص‪.174‬‬

‫‪162‬‬
‫بُت ‪ 12‬و‪ 30‬وزارة على حسب درجة تفضيل البلد ا‪١‬تعُت للوحدات ا‪١‬تتخصصة‪ ،‬وعلى مدى نشاطات‬

‫الربامج ا‪ٟ‬تكومية‪.1‬‬

‫وقد عرفت ا‪ٞ‬تزائر منذ االستقبلؿ ارتفاعا ُب عدد الوزارات‪ ،‬حيث تراوح عددىا ما بُت ‪ 10‬و‪20‬‬

‫وزارة بُت عامي ‪ 1962‬و‪ 1965‬لَتتفع إٔب ما بُت ‪ 20‬و‪ 30‬وزارة بُت عامي ‪ 1970‬و‪ 1979‬ليفوؽ‬

‫عددىا ‪ 30‬وزارة بعد ذلك‪ ،‬لكنو ا‪٩‬تفض إٔب ما دوف ‪ 30‬وزارة وأقل من ذلك ُب فًتة األزمة اليت عاشتها‬
‫‪2‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬وابتداء من ‪ 1997‬بدأ عددىا يفوؽ الثبلثينات‪.‬‬

‫إف ىذه األرقاـ تدؿ على نزعة للتكاثر التدر‪٬‬تي ُب عدد الوزارات‪ ،‬وتفسَت ذلك ُب مرحلة ا‪ٟ‬تزب‬

‫الواحد ىو النظاـ االشًتاكي الذي كانت تنتهجو ا‪ٞ‬تزائر والذي قاـ أساسا على تدخل الدولة ُب كافة‬

‫اجملاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬أما ارتفاعها بعد ‪ 1997‬فمرده إٔب عودة ا‪١‬تسار‬

‫السياسي إٔب طبيعتو بعد ا‪١‬ترحلة االنتقالية اليت عاشتها ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬إضافة إٔب ٘تيز ىذه ا‪١‬ترحلة بتطبيق ‪ٚ‬تلة من‬

‫اإلصبلحات استوجبت إنشاء وزارات تسهر على تطبيقها كالوزارات ا‪١‬تنتدبة ا‪١‬تكلفة بإصبلح ا‪١‬تستشفيات‬

‫والعدالة والتنمية الريفية والعبلقات ا‪١‬تغاربية‪...،‬اْب‪.‬‬

‫فضمت مثبل حكومة مولود ‪ٛ‬تروش (سبتمرب ‪-1989‬جواف ‪ )1991‬من الوزارات ‪ 14‬وزارة و‪ٜ‬تس‬

‫وزارات منتدبة وكاتب دولة‪ ،‬أما حكومة بن بيتور (ديسمرب ‪-1999‬أوت ‪ )2000‬فضمت وزيري دولة‬

‫و‪ 25‬وزيرا و‪ 03‬وزراء منتدبُت‪ ،‬وبالنسبة ‪ٟ‬تكومة أ‪ٛ‬تد أو٭تِت (جواف ‪-2008‬سبتمرب ‪ )2012‬فتشكلت‬

‫من ‪ 04‬وزراء دولة و‪ 27‬وزير و‪ 08‬وزراء منتدبُت‪ ،‬مقابل حكومة سبلؿ (ماي ‪-2014‬ماي ‪)2015‬‬

‫‪ 1‬ىبدي فَتيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50‬‬


‫‪ 2‬موقع الوزارة األؤب‪ ،‬رؤساء ا‪ٟ‬تكومة السابقُت‪ ،‬األرشيف ا‪ٟ‬تكومي‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪-http://www. Premier ministre.gov.dz‬‬

‫‪163‬‬
‫فضمت ‪ 28‬وزيرا و‪ 04‬وزراء منتدبُت‪ 1.‬وطبعا كلما زاد عدد الوزارات زادت ضخامة ا‪ٞ‬تهاز اإلداري‬

‫وعبئو على الدولة‪ ،‬وىذا من خصائص الدوؿ الريعية‪.‬‬

‫أما من ناحية عدد ا‪١‬توظفُت فطا‪١‬تا استحوذ ا‪ٞ‬تهاز اإلداري على أكرب نسبة من اليد العاملة‪ ،‬حيث‬

‫يظهر ُب ا‪ٞ‬تدوؿ أدناه ا‪٠‬تاص بعدد العماؿ حسب القطاعات من ‪ 1967‬إٔب ‪ 1997‬االرتفاع التدر‪٬‬تي‬

‫لعدد ا‪١‬توظفُت ُب اإلدارة مقارنة بالقطاعات األخرى منذ االستقبلؿ إٔب غاية دخوؿ ا‪ٞ‬تزائر ُب مرحلة‬

‫االنفتاح السياسي واالقتصادي‪ ،‬وطبعا ما يفسر ذلك ىو التوجو االشًتاكي الذي ‪٬‬تعل من الدوؿ الفاعل‬

‫الرئيسي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا‪ ،‬مع تسجيل ا‪٩‬تفاض ُب عدد ا‪١‬تناصب لصاّب قطاع النقل ابتداء من‬

‫‪ 1997‬وذلك راجع للسياسات اليت تبنتها ا‪ٞ‬تزائر من حيث فتح اجملاؿ للقطاع ا‪٠‬تاص‪ ،‬وبالتإب توجو اليد‬

‫العاملة ‪٢‬تذا القطاع ُب ظل سياسات اإلصبلح االقتصادي وإعادة ا‪٢‬تيكلة اليت كانت تقوـ هبا الدولة مع‬

‫مؤسسة صندوؽ النقد الدوٕب‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫الجدول رقم ‪ :25‬عدد العمال حسب القطاعات ‪( 2997-2967‬الوحدة باآلالف)‪.‬‬

‫‪1997‬‬ ‫‪1992‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1985‬‬ ‫‪1979‬‬ ‫‪1973 1967‬‬

‫‪584‬‬ ‫‪782‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪536‬‬ ‫‪401‬‬ ‫‪245‬‬ ‫‪123‬‬ ‫الصناعة‬

‫‪588‬‬ ‫‪613‬‬ ‫‪683‬‬ ‫‪661‬‬ ‫‪437‬‬ ‫‪190‬‬ ‫واألشغاؿ ‪71‬‬ ‫البناء‬

‫العمومية‬

‫‪2334‬‬ ‫‪252‬‬ ‫‪252‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪53‬‬ ‫النقل‬

‫‪810‬‬ ‫‪686‬‬ ‫‪612‬‬ ‫‪470‬‬ ‫‪355‬‬ ‫‪321‬‬ ‫ٕتارة وخدمات‬

‫‪ 1‬رؤساء ا‪ٟ‬تكومة السابقُت‪ ،‬األرشيف ا‪ٟ‬تكومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ا‪١‬تكاف نفسو‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-‬‬ ‫الديواف الوطٍت لئلحصاء‪:‬‬
‫‪http://www.ons.dz‬‬

‫‪164‬‬
‫‪1317‬‬ ‫‪1360‬‬ ‫‪1318‬‬ ‫‪900‬‬ ‫‪615‬‬ ‫‪434‬‬ ‫‪306‬‬ ‫إدارة عامة‬

‫‪4823‬‬ ‫‪3817‬‬ ‫‪3609‬‬ ‫‪2878‬‬ ‫‪2053‬‬ ‫‪1309‬‬ ‫‪874‬‬ ‫اجملموع‬

‫أما بعد سلسلة اإلصبلحات االقتصادية اليت تبنتها الدولة وتوجهها ‪٨‬تو انفتاح السوؽ وبعد عودة‬

‫االستقرار السياسي فقد ازدىر قطاع التجارة وا‪٠‬تدمات ُب ظل القطاع ا‪٠‬تاص‪ ،‬وأصبح يضم يد عاملة‬

‫كبَتة‪ ،‬ورغم ذلك حافظ قطاع الوظيف العمومي على تواجد نسبة كبَتة من اليد العمالة فيو إؿ جانب‬

‫ىذين القطاعُت حيث ُب عاـ ‪2000‬ـ بلغ نصيبو من اليد العاملة ‪ %32‬متصدرا باقي القطاعات‬

‫األخرى من ٕتارة وزراعة وصناعة‪ ،‬وذلك قد يفسر بالسياسات اليت عمدت إليها الدولة ُب ‪٣‬تاؿ التشغيل‬

‫حيث ًب اعتماد برامج سجلت حصيلة تطبيقها التمركز القوي للمستفيدين ُب اإلدارة على حساب‬

‫القطاعات اإلنتاجية األخرى منها عقود ما قبل التشغيل اليت وجهت أساسا ‪ٟ‬تاملي الشهادات ا‪ٞ‬تامعية‪،‬‬

‫واليت وجهت أساسا إٔب اإلدارات ا‪١‬تركزية واحمللية‪.‬‬

‫ووفقا للجدوؿ أدناه ا‪٠‬تاص بتوزيع اليد العاملة من ‪1997‬ـ إٔب ‪2015‬ـ فإف حصة قطاع التجارة‬

‫وا‪٠‬تدمات والقطاع اإلداري ‪٣‬تتمعة بلغت ‪ %61‬عاـ ‪2015‬ـ مقابل تدين اليد العاملة ُب قطاعات أخرى‬

‫خاصة منها القطاع الزراعي الذي عرؼ تدنيا تدر‪٬‬تا وصل إٔب ‪ %08.7‬عاـ ‪2015‬ـ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الجدول رقم ‪ :26‬توزيع اليد العاملة حسب القطاعات ‪( 2225-2997‬بالنسبة المئوية)‬

‫‪2015 2014‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2000 1997‬‬

‫‪08.7 08.8 10.77 13.69 17.16 21.06 14.12‬‬ ‫‪15.5‬‬ ‫الزراعة‬

‫‪13.00 12.6 14.24 12.48 13.16 13.82 13.37‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫الصناعة‬

‫‪1‬‬
‫‪http://www.ons.dz‬‬ ‫الديواف الوطٍت اإلحصاء‪:‬‬

‫‪165‬‬
‫‪16.8 17.8 16.62 17.22 15.07 10.44 09.99‬‬ ‫‪10.3‬‬ ‫البناء‬

‫واألشغاؿ‬

‫العمومية‬

‫‪14.67‬‬ ‫‪14.7‬‬ ‫التجارة‬

‫‪61.86 60.8 58.37 56.61 54.61 54.68 15.82‬‬ ‫ا‪٠‬تدمات ‪26.2‬‬

‫‪32.03‬‬ ‫‪23.1‬‬ ‫اإلدارة‬

‫وما ٯتكن أف يفسر ىذا التوجو ا‪١‬تستمر إٔب القطاع العمومي خاصة اإلداري منو ىو ا‪ٞ‬تاذبية الدائمة‬

‫للوظائف ا‪ٟ‬تكومية وما ٖتققو من استقرار وظيفي مقابل اإلحساس الدائم با‪٠‬تطر وتذبذب الوظيفة ُب‬

‫القطاع ا‪٠‬تاص‪.‬‬

‫باإلضافة إٔب تضخم األجهزة اإلدارية من حيث ا‪٢‬تياكل واليد العاملة‪ ،‬فإهنا تعرؼ أيضا تفشي مظاىر‬

‫سلبية أثرت على أدائها‪ ،‬ومن ىذه ا‪١‬تظاىر‪:‬‬

‫‪ .1‬التغَت ا‪١‬تستمر ُب القيادات اإلدارية سواء على مستوى ا‪ٟ‬تكومات والوزارات ا‪١‬تختلفة أو على مستوى‬

‫الوحدات واألجهزة ا‪ٟ‬تكومية‪ ،‬فمن ‪ 1988‬إٔب ‪ 2002‬تقلد ‪ 190‬شخصا ‪ 40‬منصبا وزاريا وبلغ‬

‫متوسط الفًتة الزمنية لعمل الوزير ُب وزارة واحدة ‪ 13‬شهرا و‪ 27‬يوما‪ ،‬ويبدو من خبلؿ ا‪ٞ‬تدوؿ أدناه‬

‫عدـ االستقرار ا‪ٟ‬تكومي‪ ،‬حيث أقصى مدة لكل حكومة ال تتجاوز ‪ 03‬سنوات وأدىن مدة قد تصل إٔب‬

‫‪ 03‬أشهر كما ُب حكومة عبد اجمليد تبوف لعاـ ‪ 2017‬أو ما يقارب ‪ 08‬أشهر كما ُب حكومة بن بيتور‬

‫لعاـ ‪.1999‬‬

‫‪166‬‬
‫‪1‬‬
‫الجدول رقم ‪ :27‬قائمة الحكومات الجزائرية نوفمبر ‪-2988‬مارس‪.2229‬‬

‫الفًتة الزمنية‬ ‫ا‪ٟ‬تكومة‬

‫نوفمرب ‪ 1988‬إٔب سبتمرب ‪1989‬‬ ‫قاصدي مرباح‬

‫سبتمرب ‪ 1989‬إٔب جواف ‪1991‬‬ ‫مولود ‪ٛ‬تروش‬

‫جواف ‪ 1991‬إٔب جويلية ‪1992‬‬ ‫سيد أ‪ٛ‬تد غزإب‬

‫جويلية ‪ 1992‬إٔب أوت ‪1993‬‬ ‫بلعيد عبد السبلـ‬

‫سبتمرب ‪ 1993‬إٔب مارس ‪1994‬‬ ‫ضا مالك‬

‫مارس ‪ 1994‬إٔب ديسمرب ‪1995‬‬ ‫مقداد سيفي‬

‫ديسمرب ‪ 1995‬إٔب ديسمرب ‪1998‬‬ ‫أ‪ٛ‬تد أو٭تِت‬

‫ديسمرب ‪ 1998‬إٔب ديسمرب ‪1999‬‬ ‫إ‪ٝ‬تاعيل ‪ٛ‬تداين‬

‫ديسمرب ‪ 1999‬إٔب أوت ‪2000‬‬ ‫أ‪ٛ‬تد بن بيتور‬

‫سبتمرب ‪ 2000‬إٔب ماي ‪2003‬‬ ‫علي بن فليس‬

‫ماي ‪ 2003‬إٔب ماي ‪2006‬‬ ‫أ‪ٛ‬تد أو٭تِت‬

‫ماي ‪ 2006‬إٔب ماي ‪2008‬‬ ‫عبد العزيز بلخادـ‬

‫جواف ‪ 2008‬إٔب سبتمرب ‪2012‬‬ ‫أ‪ٛ‬تد أو٭تِت‬

‫سبتمرب ‪ 2012‬إٔب ماي ‪2017‬‬ ‫عبد ا‪١‬تالك سبلؿ‬

‫ماي ‪ 2017‬إٔب أوت ‪2017‬‬ ‫عبد اجمليد تبوف‬

‫أوت ‪ 2017‬إٔب مارس ‪2019‬‬ ‫أ‪ٛ‬تد أو٭تِت‬

‫‪-http://www. Premier ministre.gov‬‬ ‫‪ 1‬موقع الوزارة األؤب‪ ،‬قائمة ا‪ٟ‬تكومات ا‪ٞ‬تزائرية‪:‬‬

‫‪167‬‬
‫وعدـ االستقرار ا‪ٟ‬تكومي يصاحبو عادة الكثَت من عمليات اإللغاء واالستحداث والدمج والفصل ُب‬

‫الوزارات وا‪٢‬تيئات‪ ،‬وىو ما تسبب ُب‪:‬‬

‫‪ -‬تذبذب السياسة العامة للحكومة وكذا الوزارات‪ ،‬حيث لكل رئيس حكومة ووزير أسلوبو ا‪٠‬تاص ُب رسم‬

‫السياسات وٖتديد األولويات‪.‬‬

‫‪ -‬استحداث الوزارات ودمج األخرى ببعضها البعض أدى إٔب ضعف الرقابة اإلدارية وغياب التنسيق وصعوبة‬

‫عملية االتصاؿ‪.‬‬

‫‪ -‬خلق آثار نفسية سيئة لدى األمناء العاموف للوزارات ومديري ورؤساء ا‪١‬تصاّب والقيادات العليا األخرى اليت‬

‫تقوـ بتنفيذ سياسات الوزراء ا‪١‬تتعاقبُت ‪٦‬تا ‪٬‬تعلهم ُب وضع إداري حرج مع مرؤوسيهم‪( 1.‬التغَت ُب القيادات‬

‫ينتج أ‪٪‬تاطا سلوكية عديدة من أ‪٫‬تها التسيب)‪.‬‬

‫‪ٚ -‬تود القوانُت ُب الوظيف العمومي وعجزىا عن مسايرة ظروؼ ا‪١‬ترحلة الراىنة وما صاحبها من تطورات‬

‫أو تغَتات طرأت على صعيد ا‪ٟ‬تياة السياسية واالقتصادية االجتماعية‪.‬‬

‫وختاما ٯتكن القوؿ أف ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ُب ا‪ٞ‬تزائر ىو أداة ُب خدمة الدولة الريعية‪٢ ،‬تذا ٓب يتمكن بعد‬

‫من التخلص ‪ٟ‬تد اآلف من أغلبية مظاىر النظاـ االشًتاكي خاصة منها التضخم الوظيفي ومظاىر الفساد‬

‫والتسيب اإلداري‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬دور العوامل االقتصادية والسوسيوثقافية‪.‬‬

‫ٖتيط بكل نسق إداري بيئة اقتصادية واجتماعية ذات خصائص ثقافية تشكل ‪٥‬ترجات ىذا النسق‬

‫وٖتدد معا‪١‬تو‪ ،‬والنسق اإلداري ا‪ٞ‬تزائري كباقي األنساؽ متأثر بطبيعة اجملتمع ا‪ٞ‬تزائري ٓتصوصياتو‬

‫‪ 1‬نصَت ‪ٝ‬تارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪97،96‬‬

‫‪168‬‬
‫االقتصادية والثقافية واالجتماعية اليت تعد دراستها من أىم ا‪١‬تداخل اليت ٘تكننا من فهم ‪٥‬ترجات ىذا‬

‫النسق‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور العوامل االقتصادية‬

‫يعتمد االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري على مداخيل النفط كمصدر أساسي ‪١‬تداخيل الدولة‪٦ ،‬تا انعكس بشكل‬

‫مباشر على آليات إدارة الدولة ‪٢‬تذا االقتصاد وطبيعة الدور الذي تباشره أجهزهتا البَتوقراطية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مؤشرات االقتصاد الريعي في الجزائر‪.‬‬

‫ٮتتلف الكتاب حوؿ تعريف مصطلح اقتصاد الريع إال أف أغلبهم متفقوف على مضموف واحد وىو‬

‫االعتماد على على مصدر واحد للدخل‪ ،‬وكاف "كارؿ ماركس" أوؿ من لفت النظر إٔب ما أ‪ٝ‬تاه "‬

‫الرأ‪ٝ‬تالية الريعية" واليت يقصد هبا ظاىرة اقتصادية اجتماعية يصف من خبل‪٢‬تا طبقة رأ‪ٝ‬تالية غَت منتجة‬

‫اقتصاديا ودخلها يتأتى من خبلؿ امتبلؾ مصادر الريع مثل األراضي والعقارات ا‪١‬تؤجرة حىت األسهم‬
‫‪1‬‬
‫والسندات‪ ،‬وُب علم االجتماع يستعمل للتعبَت على الطبقات الطفيلية غَت ا‪١‬تنتجة أو االستهبلكية‪.‬‬

‫وعليو فإف االقتصاد الريعي ىو اعتماد الدولة على مصدر واحد للريع (الدخل) غالبا ما يكوف مصدرا‬

‫طبيعيا ليس ْتاجة إٔب آليات انتاج معقدة سواء كانت فكربة أو مادية كمياه األمطار والنفط والغاز‪ ،‬وكاف‬

‫أوؿ من ربط بُت مفهوـ الريع والدولة ٖتت مسمى "الدولة الريعية" (‪ )Rentier State‬ىو "حسُت‬

‫مهدوي" ُب ْتثو ا‪١‬توسوـ "‪٪‬تط ومشاكل التنمية االقتصادية ُب الدوؿ الريعية حالة إيراف" الذي نشره عاـ‬
‫‪2‬‬
‫‪.1970‬‬

‫‪ 1‬كنعاف ‪ٛ‬تة غريب عبد اهلل‪" ،‬أثر االقتصاد الريعي على النظاـ السياسي"‪ ،‬مجلة جامعة التنمية البشرية‪ ،‬مج‪ ،3.‬ع‪ ،3.‬آب ‪ ،2017‬ص‬
‫‪.598‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.599‬‬

‫‪169‬‬
‫وبالنظر إٔب االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري فهو اقتصاد ريعي بامتياز الرتباطو بعدـ التنويع ُب الصادرات وىيمنة‬

‫قطاع احملروقات على بنية االقتصاد‪ ،‬وىذا ما جعلو دائما عرضة ‪٢‬تزات خارجية بفعل العوامل ا‪٠‬تارجية‪،‬‬

‫وأشارت دراسة لصندوؽ النقد الدوٕب عن ا‪ٞ‬تزائر إٔب أف ىذه األخَتة تندرج ضمن إطار األسواؽ الصاعدة‬

‫اليت ٯتثل فيها قطاع احملروقات نسبة كبَتة جدا من الصادرات‪ ،‬والناتج الوطٍت‪ ،‬كما أف قطاع احملروقات يبقى‬

‫أىم وأنشط قطاع بنسبة ‪٪‬تو تًتاوح ما بُت ‪ %6‬و‪ %7‬وذلك رغم ا‪ٞ‬تهود ا‪١‬تبذولة من طرؼ الدولة لدعم‬
‫‪1‬‬
‫النمو االقتصادي خارج قطاع احملروقات‪.‬‬

‫وانطبلقا من ىذا ا‪١‬تعطى فإف االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري الريعي يعرؼ ّتملة ا‪٠‬تصائص التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ٯتثل القطاع الصناعي ‪ %5‬من الناتج الداخلي ا‪٠‬تاـ و‪ %95‬من ىذا القطاع عبارة عن مؤسسات‬

‫صغَتة ومتوسطة‪.‬‬

‫‪٘ -‬تثل ٕتارة التجزئة وا‪٠‬تدمات ‪ %83‬من اقتصاد الدولة وتعتمد اعتمادا شبو كلي على الواردات‪.‬‬

‫‪ -‬دعم ا‪ٞ‬تزائر لبلئحة طويلة من السلع ذات االستهبلؾ الواسع وللمنتجات كا‪١‬تشتقات النفطية اليت كلف‬

‫استَتادىا مبلغ ‪ 3,5‬مليار دوالر سنة ‪ ،2013‬ليعاد توزيع ىذه احملروقات وا‪١‬تشتقات النفطية ُب السوؽ‬
‫‪2‬‬
‫الوطٍت بأسعار ‪٤‬تددة إداريا‪.‬‬

‫‪ -‬سياسة الدعم اليت تزيد من النفقات وبالتإب تدخل الدولة‪ ،‬حيث تشَت اإلحصائيات إٔب أف سياسة‬

‫الدعم غَت ا‪١‬توجهة إٔب الطبقات ا‪١‬تعوزة تكلف خزينة الدولة حوإب ‪ 25‬مليار دوالر سنة ‪ 2013‬موجهة‬

‫لدعم السلع ذات االستهبلؾ الواسع مثل احملروقات وا‪١‬تشتقات البًتولية وا‪١‬تواد الغذائية واألدوية‪ ،‬حيث‬

‫وصل حجم استَتاد ا‪١‬تواد الغذائية عاـ ‪ 2014‬مبلغ ‪ 12‬مليار دوالر و‪ 14‬مليار دوالر سنة ‪،2015‬‬

‫‪ 1‬إ‪ٝ‬تاعيل قَتة وآخروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.218‬‬


‫‪ 2‬نصر الدين عيساوي‪" ،‬تقلبات أسعار احملروقات وآثارىا على االقتصاديات الريعية‪-‬دراسة حالة االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري‪ ،"-‬مجلة البحوث‬
‫االقتصادية والمالية‪ ،‬ع‪ ،05‬جواف ‪ ،2016‬ص ص ‪.59،60‬‬

‫‪171‬‬
‫يضاؼ إٔب ذلك مبلغ ‪ 02‬مليار دوالر الستَتاد األدوية واللوازـ الطبية متوقعة سنة ‪ ،2014‬وما يعاب‬

‫على سياسة الدعم ا‪١‬تعممة أهنا سياسة مكلفة وتشجع الدعم على زيادة االستهبلؾ ومن ٍب على ارتفاع‬

‫حجم الواردات‪ ،‬حيث سجل بنهاية الفصل الثالث من العاـ ‪ 2014‬مبلغ ‪ 8,63‬مليار دوالر من ا‪١‬تواد‬
‫‪1‬‬
‫الغذائية ا‪١‬تستوردة مع تكسَت اإلنتاج الوطٍت من خبلؿ التسهيبلت ا‪١‬توجهة للمستوردين‪.‬‬

‫‪ -‬درجة االرتباط بُت زيادة اإليرادات من الصادرات النفطية وتراجع الصادرات من ا‪١‬تنتجات األخرى ىي‬

‫مؤكدة‪ ،‬فالصادرات خارج احملروقات كانت ٘تثل قبل الصدمة البًتولية األؤب سنة ‪ 1971‬حوإب ‪%25‬‬

‫من إ‪ٚ‬تإب الصادرات‪ٍ ،‬ب أصبحت ‪ %12‬سنة ‪ 1974‬بعد االرتفاع الكبَت األوؿ ُب أسعار البًتوؿ‪ٍ ،‬ب‬
‫‪2‬‬
‫بلغت ‪ 2,25‬فقط سنة ‪.2008‬‬

‫‪ -‬بقاء الصادرات خارج احملروقات ىامشية وضئيلة نتيجة ضعف مسا‪٫‬تة بقية القطاعات ُب العملية‬

‫اإلنتاجية‪ ،‬إذ ساىم القطاع الزراعي سنة ‪ٔ 2009‬تعدؿ ‪ٍ %05,5‬ب ‪ %05‬سنة ‪ ،2010‬ليصل إٔب‬

‫‪ 08,6‬سنة ‪ 2011‬نتيجة الربامج االستثمارية ا‪١‬تسطرة من طرؼ الدولة للنهوض هبذا القطاع كربامج‬

‫التجديد الفبلحي والتنمية الريفية‪ُ ،‬ب حُت أف مسا‪٫‬تة القطاع الصناعي تبقى ضعيفة رغم كل ما يبذؿ من‬

‫جهود‪ .‬حيث ٓب يتعد ‪٪‬تو ىذا القطاع سوى ‪ 09,2‬سنة ‪ٍ ،2009‬ب ‪ %01‬سنة ‪ ،2010‬لينخفض إٔب‬
‫‪3‬‬
‫‪ %04,9‬سنة ‪.2011‬‬

‫‪ -‬النمو االقتصادي ا‪١‬تكلف إذ ‪٬‬تب ضخ الكثَت من ا‪١‬تاؿ لربح نقطة ُب ‪٪‬تو الناتج الداخلي ا‪٠‬تاـ‪ ،‬ىذا‬

‫النمو ناتج عن االرتفاع ا‪١‬تعترب للنفقات العمومية واليت ٘تو‪٢‬تا الدولة بواسطة إيرادات احملروقات‪ ،‬فقد‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.63‬‬


‫‪ 2‬ناجي بن حسُت‪" ،‬التنمية ا‪١‬تستدامة ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬حتمية االنتقاؿ من االقتصاد الريعي إٔب تنويع االقتصاد"‪ ،‬مجلة االقتصاد والمجتمع‪ ،‬ع‪.‬‬
‫‪ ،2008 ،05‬ص ‪24‬‬
‫‪ 3‬حدة أوضايفية‪" ،‬التنمية باالعتماد على الذات ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬بُت ا‪١‬تواثيق والتطبيق"‪ُ ،‬ب‪ :‬آماؿ حجيج وآخروف‪ ،‬المغرب العربي ثقل المواريث‬
‫ونداء المستقبل‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2013 ،‬ص ‪.239‬‬

‫‪171‬‬
‫استخدمت ا‪ٞ‬تزائر مثبل ‪ %15‬من الناتج الداخلي ا‪٠‬تاـ خبلؿ سنيت ‪ 2004‬و‪ 2005‬لتحقيق نسبة ‪٪‬تو‬

‫أقل بثبلث مرات من ىذا ا‪١‬تعدؿ أي حوإب ‪.%05‬‬

‫‪ -‬النمو االقتصادي ‪٪‬تو عابر مرتبط بالظروؼ البًتولية العا‪١‬تية‪.‬‬

‫ومن خبلؿ ىذه ا‪٠‬تصائص يتضح أف االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري ىو اقتصاد ريعي قائم على ‪٤‬تورية قطاع‬

‫احملروقات كمصدر أساسي للدخل‪ ،‬إضافة إٔب ارتفاع النفقات العمومية ُب ظل توسع سياسة االستهبلؾ‬

‫وسياسات الدعم وىي كلها خصائص زادت من الدور احملوري للجهاز اإلداري ُب إدارة االقتصاد واجملتمع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدور المركزي للدولة في ظل االقتصاد االشتراكي‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫٘تارس الدولة ُب ظل االقتصاد ا‪ٟ‬تر أربعة وظائف اقتصادية مهمة‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ -‬وظيفة إنتاج ا‪٠‬تدمات وا‪١‬تنافع غَت ا‪١‬تادية كالدفاع‪ ،‬العدالة‪ ،‬الًتبية‪ ،‬الصحة‪.‬‬

‫‪ -‬وظيفة توزيع الثروة‪.‬‬

‫‪ -‬وظيفة ٖتقيق االستقرار االقتصادي والتوازف ا‪٠‬تارجي من خبلؿ القياـ بسياسات ىيكلية‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم ا‪١‬تنافسة ُب إطار السوؽ وآليات االنتماء إٔب ا‪٢‬تيئات الدولية وتنسيق السياسات االقتصادية ُب‬

‫إطار االندماج االقتصادي كاالندماج اإلقليمي‪.‬‬

‫غَت أف الدولة ُب ظل االقتصاد الريعي تلعب دورا مركزيا ُب إدارة االقتصاد يتعدى ىذه الوظائف‪ ،‬وىذا‬

‫ما يصعب عملية التحوؿ من اقتصاد موجو إٔب اقتصاد منفتح على آليات السوؽ كما ىو األمر بالنسبة‬

‫للجزائر‪.‬‬

‫لقد ورثت ا‪ٞ‬تزائر عن العهد االستعماري ىيكبل اقتصاديا رأ‪ٝ‬تاليا ٭تمل تناقضات جوىرية وعاشت ُب‬

‫السنة األؤب من االستقبلؿ مرحلة صعبة ‪٧‬تمت عن رحيل أكثر من أربعة أ‪ٜ‬تاس من ا‪١‬تستوطنُت ‪٦‬تا خلف‬

‫‪1‬‬
‫‪N. Bouzidi, le rôle de l'état dans l'économie, IDARA, V.05, N. 02, 1995, pp 50-53.‬‬

‫‪172‬‬
‫دمارا كبَتا ُب االقتصاد‪ ،‬كما شهدت السنوات األؤب انتقاؿ الربجوازية الصغَتة من الريف إٔب ا‪١‬تدف‬

‫واستحواذىا على الفراغ الناجم عن ىجرة الرأ‪ٝ‬تاليُت االستيطانيُت وحلو‪٢‬تا ‪٤‬تلهم ُب القطاعات اإلنتاجية‬
‫‪1‬‬
‫والصناعية‪.‬‬

‫وتبنت الدولة ُب إطار النهج االشًتاكي ‪ٚ‬تلة من السياسات للنهوض باالقتصاد الوطٍت وتلبية حاجات‬

‫ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪.1‬التسيَت الذاٌب من خبلؿ مرسوـ ‪ 22‬مارس ‪ 1963‬الذي استكمل مراسيم ‪ 1962‬ا‪٠‬تاصة باألمبلؾ‬

‫الشاغرة‪ ،‬كما أنو ًب تبٍت نفس األسلوب ُب اجملاؿ الصناعي غَت أنو ٓب ينجح كما ُب القطاع الزراعي‪ ،‬أما‬
‫‪2‬‬
‫‪٣‬تاؿ احملروقات فقد كاف ٖتت السيطرة الفرنسية وفقا ‪١‬تا نصت عليو اتفاقيات ايفياف‪.‬‬

‫وصعب غياب الكوادر والعماؿ ا‪١‬تؤىلُت عملية تنظيم االقتصاد ُب السنوات األؤب لبلستقبلؿ ُب ظل‬

‫أولوية التنظيم السياسي اليت كانت مطروحة بُت النخب ا‪١‬تتصارعة حوؿ السلطة‪ ،‬وبذلك ٓب تتجسد سياسة‬

‫اقتصادية واضحة ا‪١‬تعآب إال بعد الفصل ُب مسألة تنظيم السلطة وٖتقيق االستقرار السياسي الذي بدأ مع‬
‫‪3‬‬
‫‪٣‬تيء الرئيس "ىواري بومدين" إٔب سدة ا‪ٟ‬تكم‪.‬‬

‫‪.2‬سياسات التأميم من خبلؿ تركيز الدولة ُب ا‪١‬ترحلة األؤب على تأميم ‪٣‬تموع أراضي القطاع االستعماري‬

‫ٍب اإلشراؼ على الشركات الوطنية ابتداء من ‪ ،1967‬ليتحوؿ التأميم إٔب عملية نظامية منذ ‪ 1968‬واليت‬
‫‪4‬‬
‫توجت ُب ‪ 1971‬بتأميم قطاع الغاز واحملروقات‪.‬‬

‫‪ 1‬علي غريب‪ ،‬واقع التنمية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دراسة سوسيولوجية للصراع الصناعي‪ُ ،‬ب‪ :‬سليماف الرياشي وآخروف‪ ،‬األزمة الجزائرية الخلفيات‬
‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،1996 ،‬ص ص ‪.282،281‬‬
‫‪ 2‬نور الدين زماـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.112،111‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Mohamed Tahar Bensaada, Op, Cit , p125.‬‬
‫‪ 4‬علي غريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪185،184‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ .3‬القطاع العاـ‪ :‬ساىم ا‪٨‬تسار أسلوب التسيَت الذاٌب وعملية التأميم وكذا االعتماد على ‪٪‬توذج الصناعات‬

‫ا‪١‬تصنعة ‪ L'industrie industrialisante‬ؿ‪" :‬ج‪ .‬دي بَتنيس" (‪ )G. De Bernis‬القائم‬

‫على تدخل الدولة ُب قيادة العملية التصنيعية ُب تفعيل دور القطاع العاـ‪٢ ،‬تذا االعتبار باشرت الدولة‬
‫‪1‬‬
‫سياسة التخطيط ابتداء من ‪.1967‬‬

‫‪ .4‬التخطيط‪ :‬شكل أىم خاصية من خاصيات االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬وىو عملية كانت تقوـ هبا الدولة‬

‫لتنسيق عملية اٗتاذ القرار على ا‪١‬تديُت ا‪١‬تتوسط والطويل‪ ،‬وقد اقًتحت ا‪١‬تديرية العامة للتخطيط والدراسات‬

‫االقتصادية سنة ‪٥ 1967‬تططا اقتصاديا يقوـ على تفعيل وٕتسيد نظاـ الصناعات ا‪١‬تصنعة كوسيلة ونظاـ‬
‫‪2‬‬
‫اقتصادي قادر على ٖتقيق التنمية ُب كافة القطاعات واالندماج ُب االقتصاد العا‪١‬تي‪.‬‬

‫وعليو يربز بوضوح أف السياسات االقتصادية اليت اعتمدهتا ا‪ٞ‬تزائر ُب بناء الدولة ىدفت إٔب بناء‬

‫رأ‪ٝ‬تالية الدولة من خبلؿ التخطيط ا‪١‬تركزي وا‪١‬توجو واسًتجاع وتأميم الثروات الوطنية وتشجيع القطاع العاـ‪،‬‬

‫وىي سياسات جعلت من الدولة الفاعل الرئيسي ُب ٖتقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬إضافة إٔب‬

‫مسا‪٫‬تة االقتصاد االشًتاكي ُب نشوء برجوازية صغَتة أو برجوازية الدولة اليت شكل البَتوقراطيوف جزءا‬

‫أساسيا فيها‪ ،‬وىي الربجوازية اليت ىيمنت على جهاز الدولة مباشرة بعد االستقبلؿ وآب تسمح للربجوازية‬

‫التقليدية بالصعود‪ ،‬وُب ىذا الشأف يذكر "برونو ايتياف" (‪ )Bruno Etienne‬أف ا‪١‬توظفُت ا‪ٞ‬تزائريُت‬

‫بعد االستقبلؿ استحوذوا على أماكن الفرنسيُت وما أىلهم لذلك ىو كفاءاهتم مقارنة با‪١‬تناضلُت ُب حزب‬
‫‪3‬‬
‫جبهة التحرير الوطٍت‪ ،‬أي أف البَتوقراطية ىي اليت سيطرت على وسائل اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.286،285‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Mohamed Tahar Bensaada, Op,Cit, p126.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Abdelkader Yefsah, la question du pouvoir en Algérie. Alger : ENAP, 1990, p221.‬‬

‫‪174‬‬
‫كما أف ‪٪‬توذج الصناعات ا‪١‬تصنعة أعطى أ‪٫‬تية كبَتة لرأس ا‪١‬تاؿ على حساب العمل وركز على بناء‬

‫قاعدة صناعية أو ما يعرؼ بالصناعات اإلنتاجية وأرجي االىتماـ بعآب الشغل فوصلت نسبة البطالة ُب‬

‫سنة ‪ 1986‬إٔب ‪ ،%17,4‬وذلك ما أدى إٔب سيادة التقانة وهتميش مواقع الطبقات العاملة‪ ،‬وترتب عن‬
‫‪1‬‬
‫ذلك ميل طبيعي إٔب إحبلؿ اإلدارة ‪٤‬تل النقابة وا‪ٟ‬تزب‪.‬‬

‫إف الظروؼ االقتصادية الصعبة للجزائر غداة إعبلف االستقبلؿ جعلت النخب ا‪ٟ‬تاكمة فيها تكثف‬

‫ا‪ٞ‬تهود لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية وذلك بتسخَت كل اإلمكانيات ا‪١‬تمكنة مع جعل ا‪ٞ‬تهاز‬

‫البَتوقراطي أىم ىذه الوسائل‪ ،‬غَت أف ذلك جعل من البَتوقراطية جزءا من الربجوازية واستطاعت من‬

‫خبلؿ استحواذىا على أىم ا‪١‬تناصب ُب السلطة أف ترسم السياسات االقتصادية اليت ٗتدـ مصا‪ٟ‬تها ُب‬

‫ظل الدعم واألولوية اليت منحهما ‪٢‬تا النظاـ السياسي ُب تلك ا‪١‬ترحلة‪.‬‬

‫وعليو ٯتكن القوؿ أف البَتوقراطية كجهاز فعاؿ مهمتو ٖتقيق التنمية االقتصادية كاف من أىم ما أفرزه‬

‫ظهور الربجوازية ُب الغرب لكن ُب ا‪ٞ‬تزائر بصفتها جزءا من الدوؿ النامية فالبَتوقراطية ىي من سا‪٫‬تت ُب‬

‫بناء الربجوازية اليت بقيت دائما ضمن إطار الدولة‪ ،‬مع إلغاء دور الربجوازية التقليدية منذ إعبلف‬

‫االستقبلؿ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬استمرار الدور المتنامي للدولة في ظل االنفتاح االقتصادي‪.‬‬

‫إف اعتماد جهاز اإلنتاج على احملروقات قد جعلو خاضعا لتقلبات أسعار ىذه السلعة‪ ،‬فمع حلوؿ هناية‬

‫سنة ‪ 1988‬عرفت أسعار البًتوؿ ا‪٩‬تفاضا وصل إٔب ‪ 13‬دوالرا ‪٦‬تا أدى إٔب ا‪٩‬تفاض معدالت النمو‬

‫االقتصادي إٔب ‪ %0.6‬ونزوؿ عدد مناصب الشغل ا‪ٞ‬تديدة من ‪ 122000‬إٔب ‪ 74000‬منصبا أي‬
‫‪2‬‬
‫بنسبة قريبة من ‪.%40‬‬

‫‪ 1‬علي غريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.293‬‬


‫‪٤ 2‬تمد بلقاسم هبلوؿ‪ ،‬الجزائر بين األزمة االقتصادية واألزمة السياسية‪ ،‬تشريح وضعية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬مطبعة دحلب‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪175‬‬
‫ونتيجة ‪٢‬تذه األزمة ًب إجراء إصبلحات اقتصادية ُب ا‪ٞ‬تزائر كاف ىدفها اإلحبلؿ من تدخل الدولة‬

‫وتشجيع القطاع ا‪٠‬تاص‪ ،‬حيث كرس دستور‪ 1989‬التحوؿ ‪٨‬تو االنفتاح االقتصادي بتبنيو ‪١‬تبادئ‬
‫‪1‬‬
‫جسدت االنتقاؿ من االقتصاد االشًتاكي ا‪١‬توجو إٔب االقتصاد ا‪ٟ‬تر ٘تاشيا مع التحوالت السياسية‪.‬‬

‫لقد عرؼ االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري انطبلقا من ىذه ا‪١‬ترحلة ‪ٚ‬تلة من اإلصبلحات ٘تثلت ُب صدور القانوف‬

‫رقم ‪ 25-90‬ا‪١‬تتعلق بالتوجيو العقاري‪ ،‬وكذا القانوف رقم ‪ 19-87‬احملدد لكيفية استغبلؿ األراضي‬

‫الفبلحية التابعة لؤلمبلؾ الوطنية والذي ٔتقتضاه ًب إعادة األراضي ألصحاهبا األصليُت وٖتويل باقي‬

‫األراضي إٔب مستثمرات فبلحية ومزارع ‪٪‬توذجية‪ 2،‬إضافة إٔب صدور القانوف رقم ‪ 10-90‬ا‪١‬تتعلق بالنقد‬

‫والقرض والذي ٘تيز بفتح فروع ُب ا‪ٞ‬تزائر للبنوؾ وا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تالية األجنبية والًتخيص للمقيمُت وغَت‬

‫ا‪١‬تقيمُت بتحويل رؤوس األمواؿ بُت ا‪ٞ‬تزائر وا‪٠‬تارج لتمويل مشاريع اقتصادية‪3،‬إٔب جانب صدور قانوف‬

‫النقد والقرض رقم ‪ 10/90‬ا‪١‬تؤرخ ُب ‪ ،1990/04/14‬و قانوف توجيو االستثمارات رقم ‪ 12/93‬ا‪١‬تؤرخ‬

‫ُب ‪.1993/10/05‬‬

‫وصاحب ىذه اإلصبلحات تطورات أمنية خطَتة أدت إٔب ا‪١‬تساس بالكثَت من ا‪١‬تؤسسات االقتصادية‬

‫واالجتماعية العم ومية‪ ،‬الشيء الذي جعل االقتصاد الوطٍت يعاين من اختبلالت فاقمت الوضع االقتصادي‬

‫٘تثلت ُب تراجع النمو االقتصادي ْتوإب ‪ %2‬وارتفاع معدالت البطالة وارتفاع التضخم إٔب ‪٦ %2.5‬تا‬

‫‪ 1‬غَت ىذا الدستور من عبلقة الدولة باالقتصاد من خبلؿ اإلصبلحات اليت تبنها‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫‪ -‬إسقاط عبارة االشًتاكية اليت تضمنها دستور ‪ 1976‬من مادتو ‪10‬أب ‪.24‬‬
‫‪ -‬حصر ا‪١‬تلكية العامة ُب الثروات الطبيعية ا‪ٟ‬تية أو ا‪١‬تيتة وا‪١‬ترافق الطبيعية‪ ،‬عكس دستور ‪ 1976‬الذي تنص مادتو ‪ 14‬على أف ‪ٚ‬تيع‬
‫األمبلؾ مؤ‪٦‬تة‪.‬‬
‫‪ٕ -‬تنب دستور ‪ 1989‬التنصيص على كيفية ا‪١‬تلكية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬إقرار دستور ‪ 1989‬حق ا‪١‬تلكية ا‪٠‬تاصة دوف قيد سواء كانت فردية أو ‪ٚ‬تاعية‪.‬‬
‫‪ٗ -‬تلي دستور ‪ 1989‬عن احتكار الدولة للتجارة ا‪٠‬تارجية وٕتارة ا‪ٞ‬تملة‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد النور ناجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.163-160‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.173،174‬‬

‫‪176‬‬
‫حتم على السلطات االتصاؿ با‪١‬تؤسسات النقدية الدولية (صندوؽ النقد الدوٕب‪ ،‬البنك الدوٕب)‪1 ،‬حيث‬

‫قامت حكومة "مولود ‪ٛ‬تروش" من سبتمرب ‪ 1989‬إٔب جواف ‪ 1991‬اليت عرفت ْتكومة اإلصبلحات‬

‫وضمت النخبة التكنوقراطية بالدخوؿ مباشرة ُب اقتصاد السوؽ بتوجيو رسالة من طرؼ وزارة االقتصاد إٔب‬

‫صندوؽ النقد الدوٕب والبنك الدوٕب‪ ،‬ليتم بعد ذلك إبراـ اتفاقي "ستاند باي" ‪ 1994‬وبرنامج التعديل‬

‫ا‪٢‬تيكلي لسنة ‪ 1995‬لفك ا‪٠‬تناؽ على الديوف ا‪٠‬تارجية و‪٤‬تاربة الركود االقتصادي‪.‬‬

‫حيث اعتمدت ا‪ٞ‬تزائر من خبلؿ ىذين االتفاقُت على برنامج االستقرار االقتصادي والذي ىو عبارة‬

‫عن اتفاؽ لبلستعداد االئتماين مدتو سنة يهدؼ إٔب رفع معدؿ النمو االقتصادي واحتواء وتَتة التضخم‬

‫وإعادة توازف ميزاف ا‪١‬تدفوعات‪ ،‬وقد ٘تكنت من ٗتفيض التضخم إٔب ‪ % 29‬بدال من ‪ % 40‬ا‪١‬تتوقعة‬

‫وٖتسُت احتياطات الصرؼ‪ ،‬ورغم ىذه النتائج إال أف ىذه اإلصبلحات ٓب تثبت فعاليتها ألف السلطات ٓب‬

‫تستطع منع تراكم خسائر ا‪١‬تؤسسات العامة‪ ،‬إضافة إٔب عدـ فعالية اإلصبلحات ا‪١‬تتعلقة با‪١‬تؤسسات ‪٦‬تا‬

‫جعل النظاـ السياسي يلجأ إٔب تطبيق برنامج ثاين وىو برنامج التعديل ا‪٢‬تيكلي‪ 1998-1995‬الذي‬

‫يهدؼ إٔب ٖتقيق ‪٪‬تو متواصل بقيمة ‪ % 5‬خارج احملروقات وٗتفيض التضخم وعجز ا‪١‬تيزانية والتحرير‬

‫التدر‪٬‬تي للتجارة ا‪٠‬تارجية مع ٗتلي الدولة عن سياسة الدعم لكل القطاعات ووضع إطار تشريعي‬
‫‪2‬‬
‫للخصخصة‪.‬‬

‫وعلى مستوى القطاع العاـ وا‪٠‬تصخصة ًب إعادة ا‪٢‬تيكلة العضوية وا‪١‬تالية من خبلؿ تفكيك الشركات‬
‫‪3‬‬
‫الكربى إٔب مؤسسات صغَتة ا‪ٟ‬تجم ليمكن التحكم فيها إال أف ذلك ٓب ٭تقق األىداؼ ا‪١‬ترجوة‪،‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل بن دعيدة‪ ،‬التجربة ا‪ٞ‬تزائرية ُب اإلصبلحات االقتصادية‪ُ ،‬ب‪ :‬عبد العزيز شرايب وآخروف‪ ،‬اإلصالحات االقتصادية وسياسات‬
‫الخصخصة في البلدان العربية‪ ،‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،1999 ،‬ص ص ‪.363-361‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ا‪١‬تكاف نفسو‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫عمار عماري‪ " ،‬االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬ا‪١‬تاضي القريب واستشراؼ ا‪١‬تستقبل"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬ع ‪ ،14‬ديسمرب ‪ ،2000‬ص ص‬
‫‪.195،194‬‬

‫‪177‬‬
‫وتعمقت اإلصبلحات ُب عاـ ‪ 1995‬بصدور القانوف ا‪١‬تتعلق برؤوس األمواؿ السلعية التابعة للدولة‪ ،‬و٘تت‬

‫إعادة تنظيم ا‪١‬تؤسسات العمومية االقتصادية ُب إطار شركات قابضة صناعية ومالية‪ ،‬وأصبح القطاع‬

‫العمومي يعمل ضمن نظاـ اقتصادي ًب ٕتديده وغَت احتكاري معرض للمنافسة وتسيَته منفصل عن‬

‫التسيَت السياسي‪ 1،‬وبفعل ا‪١‬ترسوـ الرئاسي رقم ‪ 95-22‬ا‪١‬تتعلق ٓتصخصة بعض ا‪١‬تؤسسات االقتصادية‬

‫العمومية بدئ ُب تنفيذ ىذه العملية ُب أفريل ‪ 1996‬واليت مست ‪ 200‬مؤسسة عمومية ‪٤‬تلية صغَتة‬

‫يعمل معظمها ُب قطاع ا‪٠‬تدمات‪ ،‬وُب هناية عاـ ‪1996‬ـ تسارعت عملية حل الشركات وخصخصتها‬

‫بعد إنشاء ‪ 5‬شركات جهوية قابضة وحل أكثر من ‪ 800‬مؤسسة ‪٤‬تلية‪ ،‬واعتمد برنامج ثاين للخصخصة‬

‫ُب هناية ‪ 1997‬ركز على ا‪١‬تؤسسات العامة الكربى وىدؼ إٔب بيع ‪ 250‬مؤسسة خبلؿ الفًتة ما بُت‬
‫‪2‬‬
‫‪ 1998‬و‪.1999‬‬

‫و‪٦‬تا سبق ذكره نبلحظ أف البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر غَتت أساليب إدارة االقتصاد اليت اعتمدهتا قبل‬

‫االنفتاح االقتصادي واعتمدت آليات جديدة قامت أساسا على التعامل مع ا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تالية الدولية‬

‫وإعادة تنظيم القطاع العاـ وا‪٠‬تاص إلعادة التوازف القتصادىا بعد األزمة اليت عرفها إثر ا‪٩‬تفاض أسعار‬

‫البًتوؿ‪ ،‬وبالتإب فدور الدولة قد زاد ُب ظل التعامل مع ا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تالية الدولية واإلشراؼ على الربامج‬

‫ا‪١‬تتفق عليها ‪ ،‬كما أف أغلب ا‪١‬تؤسسات الناشئة ُب ىذه ا‪١‬ترحلة إتهت أغلبها إٔب االستَتاد ‪٦‬تا كرس التبعية‬

‫للمحروقات وغياب التنمية‪.‬‬

‫ومباشرة بعد سنة ‪ 2000‬بدأت فًتة البحبوحة ا‪١‬تالية إثر ارتفاع أسعار البًتوؿ‪ ،‬واختارت السلطات‬

‫العمومية اإلنعاش من أجل ٖتسُت النتائج االقتصادية الكلية مع االعتماد على ثبلث ‪٥‬تططات‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد اجمليد بوزيدي‪ ،‬تسعينيات االقتصاد الجزائري‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬موفم للنشر والتوزيع‪ ،1999 ،‬ص‪.101‬‬
‫‪٤ 2‬تمد راتوؿ‪ ،‬العو‪١‬تة االقتصادية وٖتوالت االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬الملتقى الدولي األول حول العولمة وانعكاساتها على البلدان العربية‪.‬‬
‫جامعة سكيكدة‪ 14-13 ،‬ماي ‪.2001‬‬

‫‪178‬‬
‫‪٥ -‬تطط دعم اإلنعاش االقتصادي‪ :2004-2001 :‬خصص لو غبلؼ مإب بقدر ‪ 7‬مليار دوالر‪،‬‬

‫وكانت الفبلحة ا‪١‬تستفيد األكرب منو‪ ،‬كما مشل النقل والسكن والري وا‪٢‬تياكل القاعدية والتنمية احمللية‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تخطط التكميلي لدعم النمو االقتصادي‪ :2009-2004 :‬خصصت لو اعتمادات مالية ٔتبلغ‬

‫‪ 150‬مليار دوالر‪ ،‬ومشل ‪ٚ‬تيع القطاعات خاصة السكن والصحة والغاز والكهرباء وا‪٢‬تياكل القاعدية‬

‫(الطريق السيار)‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تخطط التكميلي لدعم النمو‪ :2014-2010 :‬خصص لو غبلؼ مإب بقيمة ‪ 286‬مليار دوالر‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ومشل أيضا ا‪٢‬تياكل القاعدية وقطاع ا‪٠‬تدمات‪.‬‬

‫وما يؤخذ على ىذه ا‪١‬تخططات ىو عدـ إجراء مشاورات حو‪٢‬تا خارج الدوائر الر‪ٝ‬تية إال ُب حدود‬

‫ضيقة (النقابات‪ ،‬أرباب العمل‪ ،‬ا‪٠‬ترباء‪ ،‬ا‪١‬تنظمات غَت ا‪ٟ‬تكومية)‪ ،‬كما أف ا‪١‬تبالغ ا‪١‬تنفقة وصلت ُب آفاؽ‬

‫‪ 2014‬حوإب ‪ 500‬مليار دوالر‪ ،‬أضف إٔب ذلك أف ىذه ا‪٠‬تيارات ٓب تكن لتنجح ُب ظل نقص التأىيل‬
‫‪2‬‬
‫وعدد ونوعية ا‪١‬تقاولُت والبَتوقراطية ا‪١‬تفرطة وسوء التسيَت وغياب ا‪١‬تشاورات‪.‬‬

‫كما أف ىذه ا‪١‬تخططات تنم عن استمرار لعب الدولة لدور مركزي ُب إدارة االقتصاد‪ ،‬ومعدالت اإلنفاؽ‬

‫العالية تبقى من أىم خصائص الدولة الريعية اليت تركز على إنفاؽ مداخيل النفط لضماف االستقرار‬

‫السياسي وتكريس السياسة االستهبلكية مقابل غياب شبو كلي لربامج التنمية واإلنتاج‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور العوامل االجتماعية‪.‬‬

‫ترتبط العوامل االجتماعية احملددة لدور ا‪ٞ‬تهاز اإلداري بالنمو السكاين و‪٣‬تمل ا‪١‬تؤشرات ا‪١‬ترتبطة بو‪،‬‬

‫فالنشاط اإلداري موجو لتقدًن ا‪٠‬تدمات وتلبية ا‪ٟ‬تاجات األساسية للسكاف‪٢ ،‬تذا فازدياد معدالت النمو‬

‫‪ 1‬عبد ا‪ٟ‬تق لعمَتي‪ ،‬عشرية الفرصة األخيرة‪ ،‬االقتصاد الجزائري االزدىار أو االنهيار ?‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬منشورات الشهاب‪ ،2015 ،‬ص ص‬
‫‪.82 ،81‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.84،83‬‬

‫‪179‬‬
‫الدٯتغراُب ٘تثل أىم ٖتدي يواجو السلطة وباألخص األجهزة البَتوقراطية ا‪١‬تطالبة بالتكيف مع ا‪١‬تشاكل اليت‬

‫تنجم عن النمو السكاين وبإدارة آثاره االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النمو السكاني‪.‬‬

‫يعترب النمو الدٯتغراُب أىم ا‪١‬تسائل االجتماعية اليت توليها الدوؿ اىتماما بالغا لكوف عدد السكاف ىو‬

‫من أىم عوامل قوهتا من جهة ومن أىم التحديات اليت تواجهها من جهة أخرى‪ ،‬و‪٢‬تذا السبب طا‪١‬تا اىتم‬

‫الباحثوف وا‪١‬تفكروف بلليات تنظيم النمو السكاين وٖتقيق احتياجات األفراد‪.‬‬

‫لقد قاـ االستعمار الفرنسي أثناء تواجده با‪ٞ‬تزائر بتبٍت ‪ٚ‬تيع السياسات واألساليب القمعية هبدؼ إبادة‬

‫ا‪ٞ‬تزائريُت وتكريس استيطاف ا‪١‬تعمرين‪ ،‬أضف إٔب ذلك الظروؼ ا‪١‬تزرية اليت عاشها ا‪ٞ‬تزائريوف واليت عمها‬

‫الفقر واألمراض واألوبئة الفتاكة‪ ،‬وقد قدر عدد السكاف مباشرة بعد االستقبلؿ ب‪ 10‬مبليُت نسمة‪.‬‬

‫بعد االستقبلؿ عمدت ا‪ٞ‬تزائر إٔب خفض سن الزواج لزيادة اإل‪٧‬تاب وتعويض الوفيات وىذا ما أدى إٔب‬

‫ارتفاع ا‪٠‬تصوبة إٔب أقصاىا بداية السبعينات وصاحب ىذا االرتفاع ا‪٩‬تفاض ُب الوفيات ‪٦‬تا تسبب ُب‬

‫مشكلة االنفجار السكاين سنوات الثمانينات‪ ،‬وبقي النمو الطبيعي يفوؽ ‪ %03‬إٔب غاية ‪ 1،1985‬غَت‬

‫أف ا‪ٞ‬تزائر سجلت ا‪٩‬تفاضا ُب معذؿ النمو الطبيعي الذي ٓب يتجاوز ‪ %1.48‬سنة ‪ 2000‬مع زيادة ُب‬

‫عدد السكاف من ‪ 25.02‬مليوف نسمة إٔب ‪ 30.46‬مليوف نسمة‪ ،‬وتراوح معدؿ النمو بُت عامي‬
‫‪2‬‬
‫‪ 2010‬و‪ 2013‬بُت ‪ %2.03‬و‪.%2.07‬‬

‫وخبلؿ سنة ‪ 2014‬عرؼ عدد السكاف ا‪١‬تقيمُت ُب ا‪ٞ‬تزائر زيادة طبيعية قدرت ب ‪ 480000‬نسمة‪،‬‬

‫أي ما يعادؿ ‪٪‬تو طبيعي ‪ %2.15‬وىو ارتفاع معترب مقارنة بسنة ‪ 2013‬حيث بلغ ‪،%2.07‬‬

‫ومايبلحظ تضاعف للنمو الطبيعي السكاين خبلؿ ‪ 15‬سنة األخَتة حيث انتقل من ‪ 449000‬إٔب‬

‫‪ 1‬ٯتينة قوراح‪ ،‬فضيلة الشعويب‪" ،‬االنتقاؿ الدٯتغراُب ُب ا‪ٞ‬تزائر"‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية‪ ،‬ع ‪ ،13‬جويلية ‪ ،2015‬ص ‪.83‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-http:// www.ons.dz‬‬ ‫دٯتغرافيا ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬الديواف الوطٍت لئلحصائيات‪:‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ 840000‬بُت عامي ‪ 2000‬و‪ 1،2014‬أما ُب ‪ 2018‬فقدر عدد السكاف ا‪١‬تقيمُت ُب ا‪ٞ‬تزائر ب‬

‫‪ 42578000‬نسمة بنمو طبيعي قدر ب ‪ 845000‬نسمة ونسبة ‪٪‬تو طبيعي ب ‪ %1.99‬مع تراجع‬
‫‪2‬‬
‫قدر ب ‪ 0.1‬مقارنة بعاـ ‪.2017‬‬

‫إف ا‪١‬تبلحظ ىو أف عدد السكاف منذ ‪ 1990‬إٔب غاية ‪ 2018‬قد عرؼ تزايدا مستمرا حيث ارتفع من‬

‫‪ 25.02‬مليوف نسمة إٔب أكثر من ‪ 42‬مليوف نسمة‪ ،‬وبالرغم من ذلك تبقى معدالت النمو متوسطة‬

‫مقارنة بالثمانينيات حيث ٓب تتجاوز ‪ %03‬وذلك راجع لعدة اعتبارات أ‪٫‬تها تغَت ثقافة اإل‪٧‬تاب عند‬

‫األجياؿ ا‪ٞ‬تديد ة ا‪١‬تتأثرة باأل‪٪‬تاط السلوكية الغربية أضف إٔب أسباب اقتصادية مرتبطة بتدين القدرة الشرائية‬

‫وغبلء ا‪١‬تعيشة‪ ،‬إضافة إٔب أسباب علمية كزيادة العقم ُب اجملتمع‪.‬‬

‫ويبقى النمو الدٯتغراُب من أكثر التحديات اليت تواجو أي نظاـ سياسي بالنظر إٔب ا‪١‬تؤشرات االجتماعية‬

‫ا‪١‬ترتب ط بو‪ ،‬واليت يعكس واقعها صورة إدارة الدولة الحتياجات مواطنيها ودرجة استجابتها ‪١‬تتطلباهتم‬

‫وتطلعاهتم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المؤشرات المرتبطة بالنمو السكاني‪.‬‬

‫‪-‬البطالة‪:‬‬

‫شهدت ا‪ٞ‬تزائر ارتفاعا ُب البطالة منذ األزمة اليت تعرض ‪٢‬تا االقتصاد ُب الثمانينات إثر ا‪٩‬تفاض أسعار‬

‫البًتوؿ‪ ،‬حيث قدرت ُب ‪ 1985‬ب ‪ %16.5‬لًتتفع بعدىا إٔب ‪ % 21.3‬سنة ‪ 1992‬وكأقصى حد‬
‫‪3‬‬
‫‪ %28‬ابتداء من ‪.1995‬‬

‫‪-http://www. ons. dz‬‬ ‫‪ 1‬دٯتوغرافيا ا‪ٞ‬تزائر ‪ ( 2014‬عدد اإلصدار ‪ :)690‬الديواف الوطٍت لئلحصائيات‬
‫‪-http://www. ons.dz‬‬ ‫‪ 2‬دٯتوغرافيا ا‪ٞ‬تزائر ‪ ( 2018‬عدد اإلصدار ‪ :)853‬الديواف الوطٍت لئلحصائيات‪:‬‬
‫‪ 3‬عبد اجمليد بوزيدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ا‪١‬تكاف نفسو‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫أما ُب مرحلة اإلصبلحات االقتصادية ا‪١‬تدعومة من قبل صندوؽ النقد الدوٕب والبنك العا‪١‬تي فتميزت‬

‫معدالت البطالة با‪١‬تيل إٔب االرتفاع وىذا ما كشف عن ‪٤‬تدودية السياسات اليت ًب تبنيها ُب القضاء على‬

‫البطالة على ا‪١‬تدى القصَت‪ ،‬حيث ارتفعت من ‪ %18‬سنة ‪ 1989‬إٔب ‪ %24‬سنة ‪ٍ 1993‬ب إٔب ‪%28‬‬

‫سنة ‪ 1995‬لتصل سنة ‪ 1997‬إٔب ‪ 1،%30‬أضف إٔب ذلك سياسة إعادة ىيكلة ا‪١‬تؤسسات العمومية‬
‫‪2‬‬
‫اليت اتبعتها ا‪ٞ‬تزائر واليت أدت إٔب بلوغ عدد ا‪١‬تسرحُت ُب جواف ‪ 1998‬إٔب حوإب ‪ 213‬ألف عامل‪،‬‬

‫لتبدأ ُب اال‪٩‬تفاض تدر‪٬‬تيا من ‪ %29‬سنة ‪ 2000‬إٔب ‪ %27.3‬وتصل إٔب ‪ %23.7‬سنة ‪ٍ 2003‬ب‬

‫تستمر ُب اال‪٩‬تفاض من ‪ %17.7‬سنة ‪ 2004‬إٔب ‪ %10.2‬سنة ‪ ،2009‬لتصل إٔب غاية ‪%09,9‬‬

‫عاـ ‪ ، 2016‬وما يفسر ذلك اإلصبلحات االقتصادية وبرامج اإلنعاش االقتصادي اليت ًب تبنيها واليت كاف‬

‫فيها للتشغيل حصة األسد‪ ،‬حيث ًب إقرار ‪٣‬تموعة من سياسات وبرامج التشغيل كربنامج عقود ما قبل‬

‫التشغيل ومشاريع إنشاء ا‪١‬تؤسسات الصغَتة وا‪١‬تتوسطة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الجدول رقم ‪ :28‬تطور معدالت البطالة بين ‪.2226-2999‬‬

‫‪2016 2015 2010 2007 2006 2005 2004 2001 1999‬‬ ‫السنة‬

‫‪09,9 11,29‬‬ ‫النسبة ‪10 11,8 12,3 15,3 17,3 27.3 29,3 %‬‬

‫إف ا‪٢‬تدؼ من ٖتليل مؤشر البطالة ىو ٖتليل واقع البَتوقراطية من ناحيتُت‪:‬‬

‫‪ 1‬حدة أوضايفية‪ ،‬التنمية باالعتماد على الذات‪ :‬بُت ا‪١‬تواثيق والتطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫‪٤ 2‬تمد راتوؿ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪ 3‬الديواف الوطٍت لئلحصائيات‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪http://www.ons.dz‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ -‬ازدياد معدالت البطالة يؤثر على الدولة وبالضرورة يزيد من أعبائها من حيث خلق ا‪١‬تشاريع وتوسيع‬

‫االستثمارات وٖتقيق العدالة ُب توزيع فرص العمل‪.‬‬

‫‪ -‬إف ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ما يزاؿ يستحوذ على ا‪ٞ‬تزء األكرب من اليد العاملة واليت تشكبل عبئا على ميزانية‬

‫الدولة وتزيد من تضخم ا‪ٞ‬تهاز اإلداري‪٦ ،‬تا يزيد من مظاىر الفساد ُب ظل تفشي سلوكيات مرتبطة‬

‫باالقتصاد الريعي غَت ا‪١‬تنتج‪ ،‬حيث يظهر من خبلؿ اإلحصائيات الواردة ُب ا‪ٞ‬تدوؿ أدناه أف ا‪ٞ‬تهاز‬

‫اإلداري استحوذ على ا‪ٞ‬تزء األكرب من اليد العاملة اليت قدرت ب ‪ %23.1‬سنة ‪ 1997‬وارتفعت إٔب‬

‫‪ %32.3‬سنة ‪ ،2000‬وىي نسبة مضاعفة لليد العاملة ُب قطاعات أخرى خاصة منها الفبلحة‬

‫والصناعة‪ ،‬وحىت مع إقرار مشاريع اإلنعاش االقتصادي وسياسات االنفتاح فالقطاع ا‪٠‬تدماٌب والتجاري‬

‫واإلداري بقي ‪٤‬تافظا على الريادة من عاـ ‪ 2000‬إٔب عاـ ‪ 2015‬بارتفاع النسب من ‪ %54‬إٔب‬

‫‪ ،%61‬ومرد ذلك سياسات التشغيل اليت اعتمدت عليها الدولة ُب مواجهة البطالة خاصة منها عقود ما‬

‫قبل التشغيل اليت قامت على أساس إدماج حاملي الشهادات من التعليم العإب وخر‪٬‬تي معاىد التكوين‪،‬‬

‫وما ميز ىذا النوع من الصيغ ىو الًتكيز على التوظيف ُب اإلدارات العمومية كالوزارات وا‪ٞ‬تماعات احمللية‪.‬‬

‫الجدول رقم ‪ :29‬إحصائيات عن اليد العاملة وموقع الجهاز اإلداري منها ( ‪.)2225-2997‬‬
‫‪1‬‬
‫(بالنسبة المئوية)‬

‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2000 1997‬‬

‫‪08.70 08.08 10.77 13.60 17.16 21.06 14.12‬‬ ‫‪15.5‬‬ ‫الزراعة‬

‫‪13.00 12.60 14.24 12.48 13.16 13.82 13.37‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫الصناعة‬

‫‪16.80 17.80 16.62 17.22 15.07 10.44‬‬ ‫‪9.99‬‬ ‫‪10.3‬‬ ‫البناء‬

‫‪1‬‬
‫‪-http://www. ons. dz‬‬ ‫الديواف الوطٍت لئلحصائيات‪:‬‬

‫‪183‬‬
‫واألشغاؿ‬

‫العمومية‬

‫‪61.86‬‬ ‫‪60.8 58.37 56.61 54.61 54.68 14.67‬‬ ‫‪14.7‬‬ ‫التجارة‬

‫‪15.82‬‬ ‫ا‪٠‬تدمات ‪26.2‬‬

‫‪32.03‬‬ ‫‪23.1‬‬ ‫اإلدارة‬

‫‪-‬التعليم‪:‬‬

‫إف التعليم ُب ا‪ٞ‬تزائر حق مضموف وإجباري‪ ،‬تنظمو الدولة‪ ،‬وىو كحق كفلتو كل الدساتَت منذ‬

‫االستقبلؿ‪.‬‬

‫إف الواقع التعليمي ا‪١‬تتصف با‪ٞ‬تمود الذي عرفتو ا‪ٞ‬تزائر والذي امتد من بداية االستعمار الفرنسي إٔب‬

‫االستقبلؿ ىو ما جعلها ترث قطاعا ومؤسسات تعليمية أشبو ما توصف با‪٠‬تراب‪٦ ،‬تا استدعى من الدولة‬

‫الف تية وكافة القوى الفاعلة ُب اجملتمع أف تضع على عاتقها مسؤولية ترميم ما خربو االستعمار من ىياكل‬
‫‪1‬‬
‫قاعدية للتعليم‪.‬‬

‫‪ 1‬حوسُت لوشُت‪" ،‬مؤسسات التعليم والتكوين ُب ا‪ٞ‬تزائر –رؤية لواقع تعليمي متغَت واسًتاتيجية ٖتقيق توازنو‪ ،"-‬مجلة العلوم االجتماعية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬مج‪ ،05‬ع ‪ ،10‬أكتوبر ‪ ،2005‬ص‪.12‬‬

‫‪184‬‬
‫فقد فاقت نسبة األمية بعد االستقبلؿ ‪ %95‬وىو ما حتم على ا‪ٟ‬تكومات ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تتعاقبة ‪٤‬تاربة ىذه‬

‫الظاىرة من خبلؿ رفع نسبة التعليم عن طريق إنشاء ا‪١‬تدارس وا‪ٞ‬تامعات وا‪١‬تعاىد‪ ،‬وتبٍت ‪٣‬تانية التعليم‬

‫وإجباريتها على كل طفل بلغ ست سنوات وىو ما ساىم ُب رفع نسبة ا‪١‬تتمدرسُت إٔب ‪ %98‬سنة‬

‫‪.2011‬‬

‫وبذلت الدولة منذ االستقبلؿ ‪٣‬تهودات معتربة ُب اجملاؿ التنموي وحققت دٯتقراطية التعليم و‪٣‬تانتيو‬

‫فانتقل عدد ا‪١‬تتمدرسُت من ‪ 1.313.617‬تلميذ سنة ‪ 1965‬إٔب ‪ 7.741.099‬تلميذ سنة ‪،2005‬‬

‫كما عرفت ىيئة التدريس تطورا كبَتا حيث انتقل عدد ا‪١‬تعلمُت من ‪ 23612‬معلم سنة ‪ 1963‬إٔب‬

‫‪ 54659‬معلم سنة ‪ 1970‬ليصل إٔب ‪ 477000‬بُت أستاذ ومدرس وىو ما ٯتثل ‪ %48‬من الوظيف‬

‫العمومي‪ ،‬أما ُب ‪٣‬تاؿ التعليم العإب فقد تطور عدد الطلبة من ‪ 2725‬طالب ُب ‪ 1963‬إٔب ‪938767‬‬
‫‪1‬‬
‫طالب عاـ ‪ 2007‬ليصل إٔب ‪ 1230000‬طالب عاـ ‪.2014‬‬

‫أما من ناحية اإلنفاؽ فبلغت نفقات االستثمار ُب قطاع الًتبية ‪ 70.33‬مليار دينار لسنة ‪2004‬‬

‫ونفقات التسيَت ‪ 186.62‬مليار دينار‪ 2،‬وبالرغم من ضخامة ىذه النفقات إال أف معدؿ األمية ألكثر‬

‫من ‪ 15‬سنة بلغ ‪ ،%30.2‬وبالنظر إٔب ا‪ٞ‬تدوؿ أدناه ا‪١‬تتعلق ٔتيزانية قطاع التعليم با‪١‬تقارنة مع ميزانية‬

‫الدولة فا‪١‬تبلحظ ىو أف ميزانية قطاع التعليم ٓب تتجاوز ‪ %09‬من ‪ 1990‬إٔب غاية ‪ 2015‬اليت شهدت‬

‫ارتفاع ا‪١‬تيزانية إٔب ‪ ،%15‬وىي نسبة قليلة من ميزانية الدولة بالنظر إٔب أ‪٫‬تية القطاع ُب تكوين رأس ا‪١‬تاؿ‬

‫البشري الذي يعد العمود الفقري ُب بناء اجملتمعات والنهوض باقتصاداهتا‪ ،‬كما أف ارتفاع ا‪١‬تيزانية إ‪٪‬تا مرتبط‬

‫ُب ا‪ٞ‬تزائر ببناء ا‪١‬تؤسسات وا‪١‬ترافق التعليمية أكثر منها بالتكوين وٖتديث القطاع ورقمنتو‪.‬‬

‫‪ 1‬حساف تريكي‪" ،‬التنمية وٖتديات النمو السكاين السريع ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬إ‪٧‬تازات وإخفاقات"‪ ،‬مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬ع‪ ،40‬ديسمرب ‪.2014‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد اللطيف بن أشنهو‪ ،‬عصرنة الجزائر‪ ،‬حصيلة وآفاق ‪ .2229-299‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬د‪.‬ـ‪.‬ف‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬ص ص‪.36-35‬‬

‫‪185‬‬
‫الجدول رقم ‪ :22‬يقارن بين ميزانية الدولة وميزانية قطاع التربية بين سنتي ‪ 2992‬و‪2225‬‬
‫‪1‬‬
‫(بالمليون دينارجزائري)‬

‫النسبة‬ ‫ميزانية الًتبية‬ ‫ميزانية الدولة‬ ‫السنوات‬

‫‪08,13‬‬ ‫‪27,10‬‬ ‫‪333,35‬‬ ‫‪1990‬‬

‫‪04,12‬‬ ‫‪72,53‬‬ ‫‪1760,60‬‬ ‫‪1995‬‬

‫‪07,58‬‬ ‫‪130,89‬‬ ‫‪1726,86‬‬ ‫‪2000‬‬

‫‪07,31‬‬ ‫‪317,569‬‬ ‫‪4343‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪15,01‬‬ ‫‪764,64‬‬ ‫‪4972,27‬‬ ‫‪2015‬‬

‫‪06,50‬‬ ‫‪2497,13‬‬ ‫‪131436,08‬‬ ‫اجملموع‬

‫وبالتإب فإف التزايد ُب عدد التبلميذ وعدد ا‪١‬تدارس وا‪ٞ‬تامعات ال يعترب كافيا لتفعيل التعليم ُب ا‪ٞ‬تزائر‪،‬‬

‫فقطاع الًتبية والتعليم ُب ا‪ٞ‬تزائر يعاين من عدة مشاكل عويصة أ‪٫‬تها مسألة التكوين وجودة التعليم وجعلو‬

‫من أىم الشركاء الفاعلُت ُب ٖتقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬وعليو فإف ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر يرتبط‬

‫ارتباطا شديدا هبذا الواقع‪ ،‬فهو من جهة مطالب بتحسُت ا‪٠‬تدمة ُب ىذا القطاع وىو من جهة أخرى‬

‫متأثر ٔتخرجاتو حيث أف البَتوقراطية تتطلب مستوى عاؿ من الكفاءة وا‪٠‬تربة واالستثمار ُب ا‪١‬تورد البشري‬

‫وىو ما يوفره التعليم‪.‬‬

‫‪ -‬الصحة‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد الباسط ىويدي‪ ،‬نظام التعليم في الجزائر وعالقتو باالستراتيجيات التنموية‪ .‬األردف‪ :‬دار ا‪ٟ‬تامد للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،2016 ،1.‬‬
‫ص‪.64.‬‬

‫‪186‬‬
‫ورثت ا‪ٞ‬تزائر سنة ‪ 1962‬حالة صحية مًتدية ومتدىورة‪ ،‬وٓب تكن تتوفر قبل سنة ‪ 1965‬إال على‬

‫‪ 1319‬طبيبا منهم ‪ 285‬جزائريا‪ ،‬وكانت السياسة الصحية خبلؿ ىذه الفًتة ‪٤‬تدودة ُب خياراهتا جراء‬

‫ضعف الوسائل ا‪١‬تتوفرة لو‪٢ ،‬تذا ًب الًتكيز على إعادة إنشاء البنايات وا‪٢‬تياكل اليت خلفها االستعمار‪ ،‬إضافة‬
‫‪1‬‬
‫إٔب الًتكيز على ا‪ٟ‬تمبلت التلقيحية ضد األمراض الفتاكة‪.‬‬

‫وما بُت ‪ 1965‬و‪ 1979‬عرؼ القطاع الصحي مضاعفة ا‪٢‬تياكل القاعدية وتعميم صيغة ‪٣‬تانية‬

‫التعليم‪ ،‬ومع االىتماـ با‪١‬تورد البشري عرؼ عدد األطباء تزايدا عكس ا‪١‬تراحل السابقة حيث وصل عدد‬

‫األطباء مع سنة ‪ 1979‬إٔب ‪ 3761‬طبيبا مقابل ‪ 2320‬طبيب أجنيب ‪٦‬تا يعادؿ طبيا واحدا لكل‬

‫‪ 2960‬ساكنا‪ ،‬ومقابل ذلك وصل عدد أعواف شبو الطيب إٔب ‪٦ 46966‬ترضا وعونا‪.2‬‬

‫ويكشف ُب ا‪ٞ‬تزائر عن ضعف النظاـ الصحي ا‪١‬تعتمد رغم ا‪١‬تيزانيات الضخمة ا‪١‬ترصودة ‪٢‬تا‪ ،‬فا‪٠‬تلل‬

‫يكمن ُب التسيَت حيث أغلب النفقات توجو إٔب التجهيزات على حساب التكوين وتأىيل ا‪١‬توارد البشرية‬

‫حيث بلغت نسبة النفقات ُب القطاع الصحي من الناتج احمللي ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪ ،%3.2‬وبلغ عدد األطباء لكل‬
‫‪3‬‬
‫‪ 100‬ألف شخص ‪ 85‬طبيبا ُب الفًتة ا‪١‬تمتدة من ‪ 1990‬إٔب ‪.2004‬‬

‫كما أنو ما بُت عامي ‪ 2000‬و‪ 2011‬جاءت نسبة اإلنفاؽ على الرعاية الصحية ُب ا‪١‬ترتبة األخَتة‬

‫بعد تونس اليت ىي ُب ا‪١‬ترتبة األؤب اليت تطور فيها األنفاؽ من ‪ %5.4‬إٔب ‪ ،%6.2‬يليها ا‪١‬تغرب من‬
‫‪4‬‬
‫‪ %4.2‬إٔب ‪ %6‬وأخَتا ا‪ٞ‬تزائر من ‪ %3.5‬إٔب ‪ %3.9‬كنسب من الناتج احمللي اإل‪ٚ‬تإب‪.‬‬

‫وعليو فإف قطاع الصحة ُب ا‪ٞ‬تزائر يعاين من سوء ا‪٠‬تدمات ا‪١‬تقدمة واستشراء الفساد وضعف البنية‬

‫التحتية ُب ىذا اجملاؿ ‪٦‬تا أفضى إٔب عجز ا‪ٞ‬تهاز اإلداري عن تقدًن ا‪١‬تستوى ا‪١‬تطلوب من الصحة للمواطن‪.‬‬

‫‪ 1‬نور الدين حاروش‪ ،‬ا"لسياسة الصحية ُب ا‪ٞ‬تزائر بُت الرىانات والواقع"‪ ،‬دراسات استراتيجية‪ ،‬ع‪ ،07 .‬جواف ‪ ،2009‬ص‪.45 .‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.50 ،49‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.237 ،236‬‬
‫‪ 4‬حدة أوضايفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.250‬‬

‫‪187‬‬
‫إف ا‪١‬تؤشرات ا‪١‬ترتبطة بالنمو السكاين خاصة منها البطالة والتعليم والصحة وواقعها السيئ جعل برنامج‬

‫األ‪٦‬تم ا‪١‬تتحدة يصنف ا‪ٞ‬تزائر مع بداية األلفية ضمن الدوؿ ذات التنمية البشرية ا‪١‬تتوسطة بقيمة ‪idh‬‬

‫بلغت ‪ 0,697‬واحتلت ا‪ٞ‬تزائر ا‪١‬ترتبة ‪ 106‬من بُت ‪ 173‬دولة توفرت عنها اإلحصاءات وارتفعت بعدىا‬

‫قيمة مؤشر التنمية خبلؿ ا‪١‬تدى الزمٍت من ‪ 2001‬إٔب ‪ٔ 2007‬تعدؿ تطور سنوي ضئيل بلغ ‪ ،0,7‬وهبذا‬

‫ا‪١‬تعدؿ بقيت ا‪ٞ‬تزائر ضمن قائمة الدوؿ متوسطة التنمية البشرية بالرغم من ا‪ٞ‬تهود ا‪١‬تبذولة على مدار ىذه‬

‫الفًتة‪ ،‬حيث عرفت توسعا ُب اإلنفاؽ العاـ ضمن الربنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي ( ‪-2005‬‬

‫‪ .)2009‬وبداية من عاـ ‪ 2011‬بدأت قيمة مؤشر التنمية بالتحسن من ‪ 0,698‬إٔب ‪ 0,717‬سنة‬

‫‪ 2013‬لتستقر عند ‪ 0,736‬عاـ ‪ .2014‬وبذلك تنظم ا‪ٞ‬تزائر إٔب قائمة الدوؿ مرتفعة التنمية البشرية‬
‫‪1‬‬
‫لعاـ ‪.2014‬‬

‫وفيما يتعلق بًتتيب دليل التنمية البشرية لعاـ ‪ 2010‬جاءت ا‪ٞ‬تزائر ُب ا‪١‬تركز ‪٤ 84‬تققة تقدما ب ‪20‬‬

‫نقطة بعدما كانت عاـ ‪ُ 2009‬ب ا‪١‬ترتبة ‪ ،104‬وهبذا أصبحت تنمي إٔب فئة التنمية البشرية ا‪١‬ترتفعة غَت‬

‫أهنا ُب ا‪١‬تركز األخَت بُت البلداف العربية ذات التنمية ا‪١‬ترتفعة كاألردف ُب ا‪١‬ترتبة ‪ 82‬وتونس ُب ا‪١‬ترتبة ‪81‬‬

‫والكويت ُب ا‪١‬ترتبة ‪ 2،48‬أما ُب العاـ ‪ 2017‬فقد انتقل مؤشر التنمية البشرية للجزائر إٔب ‪ 0.754‬وبقي‬

‫ا‪١‬تؤشر على منحى تصاعدي منذ سنوات ‪.2000‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور العوامل الثقافية‪.‬‬

‫‪ 1‬عياش بلعطاؿ‪ "،‬أثر سياسة التوسع ُب اإلنفاؽ العاـ خبلؿ فًتة ‪ 2014-2001‬على التنمية البشرية ُب ا‪ٞ‬تزائر"‪ ،‬مجلة اإلصالحات‬
‫االقتصادية واالندماج في االقتصاد العالمي‪ ،‬مج‪ ،13‬ع‪ ،2019 ،01.‬ص‬
‫‪ 2‬حدة أوضافية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.246‬‬

‫‪188‬‬
‫تعد دراسة البنية الثقافية ألي ‪٣‬تتمع من أىم ا‪١‬تداخل التفسَتية ألي ظاىرة فيو سواء كانت سياسية أو‬

‫اقتصادية أو اجتماعية‪ ،‬وىي تشكل إطارا من األفكار والتوجهات اليت يؤمن هبا األفراد وتنعكس على‬

‫سلوكياهتم اليت تظهر ُب أدائهم ألدوارىم ُب ظل ا‪١‬تؤسسات اليت ينشطوف فيو‪.‬‬

‫وُب ىذا اإلطار فإف ‪٥‬ترجات النظاـ اإلداري ا‪ٞ‬تزائري قد تأثرت من الناحية الثقافية بعدة معطيات‬

‫خاصة منها سياسة التعريب وكذا التحوالت اليت عرفها النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري اليت سا‪٫‬تت ُب بناء ثقافة‬

‫سياسية وسلم قيم أثرت على توجهات وسلوكيات البَتوقراطية ا‪ٞ‬تزائرية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعريب‪.‬‬

‫خبلؿ السنوات األؤب الثبلث من االستقبلؿ طرحت مسألة اللغة ْتدة على مستوى النخبة ا‪ٞ‬تزائرية‬

‫ا‪١‬تتعلمة‪ ،‬والسؤاؿ الذي كاف مطروحا ىو ىل من ا‪١‬تمكن استبداؿ اللغة الفرنسية بالعربية ُب التدريس‬

‫واإلدارة واالقتصاد أو اإلبقاء على استعماؿ الفرنسية باعتبارىا لغة علم قادرة على التعامل مع التقانة‬

‫والعلوـ العصرية‪ ،‬وكانت حجج ا‪١‬تدافعُت عن الفرنسية ىي أهنا لغة متطورة وٖتتاجها ا‪ٞ‬تزائر ُب تنميتها‬

‫االجتماعية واالقتصادية وىي وسيلة التعبَت ا‪١‬تتفوقة أما أنصار التعريب فكانت حجتهم ُب ذلك أف ٗتلف‬
‫‪1‬‬
‫العربية راجع إٔب ٗتلف اجملتمع‪.‬‬

‫باإلضافة ‪١‬تشكلة ازدواجية ‪٪‬تط التعليم واجهت عملية بناء ا‪١‬تؤسسة الًتبوية مع االستقبلؿ مشكلة‬

‫اختيار اللغة ا‪١‬تناسبة فظهرت معضلة حقيقية‪ ،‬حيث اإلجراءات ا‪١‬تتخذة من قبل الدولة عمقت ُب واقع‬
‫‪2‬‬
‫األمر من الثنائية الفكرية واالزدواجية اللغوية وٕتلى ذلك ُب انقساـ النظاـ التعليمي إٔب مفرنس ومعرب‪.‬‬

‫‪ 1‬صاّب فيبلٕب‪ ،‬إشكالية الثقافة ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تبادئ األساسية واإليديولوجية ا‪١‬تمارسة‪ُ ،‬ب‪ :‬سليماف الرياشي وآخروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص‪.403 ،402‬‬
‫‪ 2‬ليندة لطاد بن ‪٤‬ترز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫‪189‬‬
‫لقد كانت النواة األؤب ُب التعريب بعد االستقبلؿ ‪٣‬ترد مشروع من خبلؿ تبٌت اجمللس الوطٍت للثورة‬

‫عشية االستقبلؿ مسألة التعريب ُب برنامج طرابلس الذي ذكر ضرورة ٘تكُت اللغة العربية ُب ظل االستقبلؿ‬

‫من استعادة مكانتها كلغة ثقافة وحضارة وعمل‪ ،‬لينص بعدىا دستور ‪ 1963‬على أف اللغة العربية لغة‬

‫عمل الدولة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تستقلة وت قر السلطة مشروع تعريب اإلدارة ُب عهد الرئيس بن بلة والذي ظل حبيس‬

‫األدراج‪.‬‬

‫وجاءت االنطبلقة الفعلية للتعريب ُب عهد الرئيس بومدين حيث أصدر قرارا ُب عاـ ‪ٞ 1971‬تعل‬

‫ذلك العاـ سنة ا‪ٟ‬تسم لتعريب اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،‬وكرس دستور ‪ 1976‬اللغة العربية لغة وطنية ر‪ٝ‬تية وًب‬

‫تعريب السنة الثانية االبتدائية عاـ ‪ 1977‬وتعريب نظاـ العدالة ٍب تكوين اللجنة الوطنية للتعريب ‪١‬تتابعة‬

‫عملية التعريب ومراقبتها‪ ،‬وعليو فإف السبعينات شهدت وثبة كبَتة ُب التعريب السيما ا‪١‬تخطط الرباعي‬

‫الثاين الذي أدرج ضمن أىدافو إصبلح التعليم شكبل ومضمونا ُب إطار مشروع ا‪١‬تدرسة األساسية‪ ،‬وتأكيد‬

‫ميثاؽ الًتبية الذي نشر أمرية رئاسية با‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية نصت ا‪١‬تادة الثامنة منو على أف يكوف التعليم بالعربية‬
‫‪1‬‬
‫ُب ‪ٚ‬تيع مستويات الًتبية والتكوين وُب ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تواد‪.‬‬

‫إف عملية التعريب ُب اإلدارات ٓب تأخذ ّتدية من طرؼ الكثَت من ا‪١‬تسؤولُت ُب أجهزة الدولة ‪٢‬تذا كاف‬

‫التطبيق ٮتتلف من وزارة إٔب أخرى‪ ،‬وأصبح باإلمكاف مبلحظة انقساـ الوظائف داخل أجهزة الدولة على‬

‫أساس ثقاُب وايديولوجي حيث الوظائف ذات الطابع الثقاُب مثل التعليم والعدالة والدين استعملت اللغة‬

‫العربية ُب عملها اإلداري مقابل قطاعات أخرى مثل االقتصاد والصناعة والتخطيط اليت استمرت ُب عملها‬

‫باللغة الفرنسية‪ ،‬وبذلك انقسمت النخبة ا‪١‬تتعلمة إٔب فئتُت ‪٫‬تا فئة معربة أقل حظا ُب التوظيف خاصة ُب‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.124‬‬

‫‪191‬‬
‫‪٣‬تاؿ القطاع االقتصادي والصناعي وفئة مفرنسة أكثر حظا ُب التوظيف وتوٕب ا‪١‬تناصب العليا ‪ 1،‬وبذلك ٓب‬
‫‪2‬‬
‫ٕتد مقولة ىواري بومدين " إف العربية ستكوف ىي لغة ا‪ٟ‬تديد والصلب" تطبيقا ‪٢‬تا ُب أرض الواقع‪.‬‬

‫ومع بقاء وضع ا‪١‬تعربُت ىامشيا ُب اجملاالت االقتصادية واالجتماعية ٓب تنتج النخبة ا‪١‬تعربة عقبلنية‬

‫جديدة قادرة على بلورة صيغة مشروع ‪٣‬تتمعي مستقل عن السلطة‪ ،‬لذلك ٓب يوجد خطاب آخر يوازي‬

‫خطاب الدولة وقادر على خلق مرجعية ثقافية وسياسية بديلة‪ ،‬وىو األمر الذي ‪ٝ‬تح بدولنة اجملتمع وسرعة‬
‫‪3‬‬
‫وبروز مبلمح قوة التيار الفرنكوفوين وقوة تأثَته ُب صنع القرار السياسي‬ ‫انفجاره ُب أكتوبر ‪،1988‬‬

‫والثقاُب واإلداري مع بداية األزمة السياسية ُب ‪ ،1992‬حيث استطاع ‪ 60‬عضوا معينا من الدولة ُب‬

‫اجمللس االستشاري من ٕتميد قانوف استعماؿ اللغة العربية ُب ‪ٚ‬تيع مناحي ا‪ٟ‬تياة ووجوب االنتهاء من‬

‫تعميم استعماؿ اللغة العربية ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب اجملاالت كافة قبل حلوؿ العاـ ‪ ،2000‬وا‪ٟ‬تجة ُب ذلك أنو‬

‫سوؼ يضر با‪١‬تصاّب االقتصادية للجزائر‪ 4،‬فتم إرجاء تاريخ دخوؿ قانوف استعماؿ اللغة العربية ُب اإلدارة‬

‫وا‪ٟ‬تياة العامة وا‪١‬تؤسسات حيز التنفيذ إٔب غاية ‪٘ 05‬توز ‪ 1998‬و٘تديد أجل تعريب ا‪ٞ‬تامعة تعريبا شامبل‬

‫إٔب ‪٘ 05‬توز ‪ ،2000‬واستمرت القوى ا‪١‬تتنفذة ا‪١‬تناوئة لتنفيذ السياسة العامة للتعريب ُب ‪٤‬تاربتها حملتوى‬

‫قرارات تلك السياسة‪ ،‬وٕتلت مظاىر ذلك ُب‪:‬‬

‫‪ُ -‬ب ماي ‪ 1999‬ألقى الرئيس بوتفليقة خطابا أماـ الطلبة ا‪ٞ‬تزائريُت شكك فيو ُب كفاءة اللغة العربية ُب‬

‫تعليم العلوـ‪.‬‬

‫‪ -‬إلقاء الرئيس بوتفليقة خطابا ُب حزيراف ‪ 2000‬باللغة الفرنسية أماـ الرب‪١‬تاف الفرنسي ُب زيارة الدولة‬

‫‪ 1‬صاّب فيبلٕب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.411 ،410‬‬


‫‪ 2‬ليندة لطاد بن ‪٤‬ترز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬تنصف الوناس‪ ،‬الدولة الوطنية واجملتمع ا‪١‬تدين ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ُ ،‬ب ‪ :‬سليماف الرياشي وآخروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.206 ،205‬‬
‫‪ 4‬عبد ا‪ٟ‬تميد عبدوس‪"،‬الصراع اللغوي والتعريب ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬مقابلة مع تركي رابح عمارة"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬السنة ‪ ،21‬ع‪،138 .‬‬
‫ديسمرب‪ ،‬ص‪92 .‬‬

‫‪191‬‬
‫الر‪ٝ‬تية‪.‬‬

‫‪ -‬تشكيل ‪ٞ‬تنة جديدة إلصبلح ا‪١‬تنظومة الًتبوية قوامها فرنكوفونيُت وقياديُت ُب تيار النزعة الرببرية اليت‬

‫أصدرت قرارا بتقدًن تدريس اللغة الفرنسية من السنة الرابعة إٔب السنة الثانية ابتدائي‪.‬‬

‫‪ -‬إنشاء ورشات إصبلح ا‪١‬تنظومة الًتبوية ُب عهد الرئيس "بوتفليقة" ُب ‪ ،1999‬بقيادة ' بن زاغو" الذي‬

‫جعل اللغة الفرنسية ُب ا‪١‬تشروع ا‪ٞ‬تديد ا‪١‬تتعلق بإصبلح ا‪١‬تنظومة الًتبوية ُب السنة الثانية من التعليم‬

‫االبتدائي‪ ،‬بعدما كانت تدرس ُب السنة الرابعة من الطور األوؿ ُب ا‪١‬تدرسة األساسية‪ ،‬إضافة إٔب إلغاء‬

‫ٗتصص الشريعة اإلسبلمية‪ ،‬الذي لقي انتقادات كبَتة من معظم مؤسسات اجملتمع ا‪١‬تدين‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬تكريس تداوؿ ا‪١‬تصطلحات الفرنسية ُب تعلم العلوـ الدقيقة والتكنولوجيا‪.‬‬

‫وكخبلصة فإف الواجهة السياسية للسلطة ىي من تبنت السياسة العامة للتعريب غَت أنو يعتقد أف‬

‫القطبية الثنائية اليت خلفها االستعمار ىي من أثرت على سَتورة تلك السياسة‪ ،‬فالنخبة ا‪١‬تهيمنة على مراكز‬

‫النفوذ السيما منها االقتصادي واإلداري ىي اليت تستأثر ٔتواقع القرار حفاظا على مكانتها وامتيازاهتا‪،‬‬

‫مقابل عدـ ‪٧‬تاح ا‪١‬تعربُت الذين ٓب يتمكنوا من دعم أواصر تلك السياسة‪ ،‬األمر الذي كرس وضعا لغويا‬

‫معقدا ُب أغلب اإلدارات وأفرز طبقتُت لغويتُت‪ ،‬وأدى إٔب انعداـ التكيف واالنسجاـ بُت األجهزة اإلدارية‬

‫والواقع االجتماعي ‪٦‬تا أسفر عن‪:‬‬

‫‪ -‬انعداـ التكيف واالنسجاـ بُت األجهزة اإلدارية والواقع االجتماعي‪ ،‬خصوصا من ناحية التوظيف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬تضاؤؿ استفادة ا‪ٞ‬تمهور من خدمات اإلدارة‪.‬‬

‫‪ 1‬بولرباح عسإب‪ ،‬تقييم أثر تنفيذ السياسة العامة لتعريب اإلدارة ُب ا‪ٞ‬تزائر من ‪ 1996‬إٔب يومنا ىذا‪ :‬رؤية ٖتليلية ودراسة ميدانية‪ُ ،‬ب‪ :‬آماؿ‬
‫قاسيمي‪ ،‬أ‪ٝ‬تهاف ٘تغارت‪ ،‬الجزائر إشكالية الواقع ورؤى المستقبل‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2013 ،‬ص ص‪.116 ،115‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪192‬‬
‫وبالرغم من أف التعليم ٓب يقص أي شر٭تة فإنو با‪١‬تقابل أسس لصراع إيديولوجي ثقاُب بُت النخب‬

‫خاصة داخل ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي الذي انقسم بُت معرب ومفرنس‪ ،‬وألف اإلصبلحات االقتصادية ا‪١‬ترافقة‬

‫للتحوؿ ‪٨‬تو التعددية السياسية تتطلب ا‪١‬تعرفة الفنية واالقتصادية إٔب جانب االنفتاح اللغوي فإف ا‪ٞ‬تهاز‬

‫البَتوقراطي بنخبتو ا‪١‬تفرنسة استطاع تدعيم نفوذه أكثر لكونو يتمتع بتلك ا‪٠‬تصائص‪ ،‬وىذا ما يؤكد على ما‬

‫صرح بو ا‪ٞ‬تنراؿ ديغوؿ ُب كتابو األمل‪ ،‬حيث قاؿ‪ " :‬ستبقى ا‪ٞ‬تزائر فرنسية من عدة أوجو‪........،‬وىل‬

‫ي عٍت ذلك أننا تركناىم ٭تكموف أنفسهم‪ ،‬يًتتب علينا التخلي عنهم بعيدين عن أعيننا وقلوبنا‪ ،‬طبعا ال‪،‬‬

‫فالواجب علينا مساعدهتم ألهنم يتكلموف لغتنا ويتقا‪ٝ‬توف معنا ثقافتنا‪."....‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحول القيم في المجتمع وتبعاتو على سلوك البيروقراطية‪.‬‬

‫بعد االستقبلؿ مباشرة إتهت ا‪ٞ‬تزائر ‪٨‬تو اسًتجاع ما كانت قد خسرتو خبلؿ سنوات ا‪ٟ‬ترب‪ ،‬إذ عرفت‬

‫‪٪‬توا دٯتغراُب سريعا ونزوحا ريفيا ‪٨‬تو كربيات ا‪١‬تدف‪ ،‬وتفاقمت ىذه الظاىرة بعد الشروع ُب تطبيق ‪٥‬تططات‬

‫التنمية ابتداء من ‪ 1970‬ما ترتب عنو مشكبلت اجتماعية ونتجت أيضا عنو انتقاؿ العبلقات‬

‫االجتماعية التقليدية اليت كانت قائمة ُب الريف إٔب ا‪١‬تدينة‪.‬‬

‫وأثرت ‪٣‬تمل ىذه العبلقات على ا‪١‬تمارسات وا‪١‬تؤسسات وا‪٠‬تطاب السياسي واإلعبلمي حيث بدت‬

‫العبلقات معادية للعقبلنية والًتشيد وذات نزعة جهوية‪ ،‬وبالرغم من ‪٣‬تانية التعليم ُب إطار ما يعرؼ بالثورة‬
‫‪1‬‬
‫الثقافية فإف موجهات السلوؾ عند ا‪ٞ‬تزائريُت ٓب تتغَت وانعكست على عبلقات العمل‪.‬‬

‫كما سا‪٫‬تت األزمة األمنية وعدـ االستقرار الذي عرفتو ا‪ٞ‬تزائر ُب ظل العشرية السوداء ُب استمرار‬

‫سيطرة البٌت التقليدية وتوجيهها لسلوؾ الفرد وا‪١‬تؤسسات ‪٦‬تا ولد أزمة مواطنة ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬حيث ٓب يتمكن‬

‫النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري من ٖتقيق االنتقاؿ من الوالءات التقليدية الضيقة إٔب الوالء للوطن وقيم ا‪١‬تصلحة‬

‫‪ 1‬أحبلـ بولكعيبات‪ .‬المجتمع المدني والسلطة ‪ ،‬الحالة الجزائرية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ألفا للوثائق‪ ،2019 ،‬ص‪.185‬‬

‫‪193‬‬
‫العامة ‪٦‬تا أثر على أداء الفرد من حيث غياب ا‪١‬تشاركة السياسية وسلبية عبلقاتو مع ا‪١‬تؤسسات السياسية‬

‫واإلدارية‪ ،‬وكذلك على ا‪١‬تؤسسات ومن بينها البَتوقراطية اليت عززت فيها الوالءات التقليدية مظاىر أثرت‬

‫على أدائها ألدوارىا كاحملسوبية والرشوة والزبونية‪.‬‬

‫أما على الصعيد الثقاُب ف عرفت ا‪ٞ‬تزائر قصورا ُب بناء ثقافة سياسية قادرة على غرس قيم ا‪١‬تشاركة‬

‫واالنتماء إٔب التنظيمات‪ ،‬كما أف أبوية اجملتمع ا‪ٞ‬تزائري جعلت الفرد سلبيا حيث ال يدفع بو إٔب ا‪١‬تسا‪٫‬تة‬

‫ُب ا‪ٟ‬تياة العامة‪ ،‬والنظاـ الذي أقيم بعد االستقبلؿ أقاـ الدولة الراعية أو ا‪١‬تا‪٨‬تة لؤلرزاؽ ‪٦‬تا جعل الفرد‬
‫‪1‬‬
‫يتقبل كل ما تقدمو لو السلطة ويعتمد عليها ُب تلبية حاجياتو‪.‬‬

‫وُب ظل غياب ا‪١‬تشروع اجملتمعي أدت القطيعة ا‪ٟ‬تاصلة بُت اجملتمع والدولة إٔب اغًتاب األفراد بسبب‬

‫غياب الثقة بالعمل السياسي‪ ،‬واقًتف ىذا االغًتاب بازدواجية ُب سلوؾ الفرد ما ترتب عنو غياب الفاعلية‬

‫وحصوؿ اختبلؿ ُب القيم وا‪١‬تعايَت اليت ٖتكم األفراد وا‪ٞ‬تماعات وتدىور قيم العمل والوقت واألداء‬

‫والفاعلية والكفاءة‪ ،‬وىي قيم أساسية لتحقيق الرشادة ُب استغبلؿ ا‪١‬توارد البشرية وا‪١‬تادية‪ ،‬كما أف غياب‬

‫ا‪١‬تشروع اجملتمعي أدى إٔب الفشل ُب ٖتديث اجملتمع من خبلؿ نقلو من وضعيتو التقليدية اليت تسيطر فيها‬

‫البٌت االجتماعية القائمة على روابط الدـ والعرؽ واالنتماء واالنعزاؿ عن التفاعل مع التحديات والضغوط‬
‫‪2‬‬
‫اليت تفرضها التحوالت احمللية والدولية‪.‬‬

‫ومن القضايا ا‪١‬تهمة اليت أثرت أيضا على دور البَتوقراطية ىي مسألة ا‪٢‬توية من قبل األطراؼ ا‪١‬تتنازعة‬

‫اليت تصنف إٔب فريقُت دعاة األصالة واحملافظة على الثوابت الوطنية ودعاة التحديث واالنفتاح‪ ،‬حيث‬

‫زادت حدة ىذه ا‪١‬تسألة وا‪١‬تغاال ة ُب تسييس النقاش حوؿ ا‪٢‬توية والتمادي ُب استخداـ عناصرىا ومكوناهتا‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.187‬‬


‫‪ 2‬حدة أوضايفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.261‬‬

‫‪194‬‬
‫(الدين‪ ،‬اللغة‪ ،‬االنتماء ا‪ٟ‬تضاري) واستخدامها ُب ا‪١‬تنافسة السياسية وىو ما ينم عن ضعف جوىري ُب‬
‫‪1‬‬
‫مستوى التطور االجتماعي والسياسي‪.‬‬

‫وكخبلصة ٯتكن القوؿ أف البعد الثقاُب لؤلزمة والذي غذتو مسألة التعريب وا‪٢‬توية وتغَت القيم اجملتمعية‬

‫لعب دورا ُب تشكيل واقع البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر من حيث تكريس االنقسامات النخبوية داخل األجهزة‬

‫اإلدارية لغويا وفكريا واليت عززت ا‪١‬تظاىر السلبية كاحملسوبية وا‪ٞ‬تهوية ُب التعيُت والتوظيف والًتقية وتوٕب‬

‫ا‪١‬تناصب القيادية‪٦ ،‬تا غيب معايَت الكفاءة والفعالية ُب اإلدارة‪ ،‬إضافة إٔب أف تغيَت القيم ُب اجملتمع انعكس‬

‫على ثقافة الفرد والذي أثر بدوره على أداء ا‪١‬تؤسسات ومنها البَتوقراطية‪.‬‬

‫وعليو فإف بناء ثقافة ا‪١‬تواطنة وتعزيز البعد ا‪١‬تؤسسي يرتبط ارتباطا وثيقا بإعادة النظر ُب استخداـ الدولة‬

‫للمكونات الثقافية منها اللغة والدين‪ ،‬وُب اآلليات اجملتمعية كاألسرة والتنظيمات االجتماعية‪.‬‬

‫‪ 1‬العياشي عنصر‪ ،‬سوسيولوجيا األزمة الراىنة ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ُ ،‬ب ‪ :‬سليماف الرياشي وآخروف‪،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.186‬‬

‫‪195‬‬
‫خالصة واستنتاجات‪:‬‬

‫لقد خصصنا ىذا الفصل للعوامل ا‪١‬تشكلة لدور البَتوقراطية ُب النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري وحاولنا اإل‪١‬تاـ‬

‫ّتوانبها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وتوصلت الدراسة إٔب أف ىذه العوامل قد سا‪٫‬تت ُب‬

‫‪٪‬تو بَتوقراطية مشوىة خاصة ما تعلق منها بًتسبات اإلدارة الكلونيالية ومرحلة التسيَت االشًتاكي‪ ،‬إضافة‬

‫إٔب دور العوامل السياسية ا‪١‬ترتبطة بطبيعة النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري القائم على ‪٤‬تورية السلطة التنفيذية‬

‫وا‪١‬تكانة ا‪١‬تؤثرة للمؤسسة العسكرية وضعف اجملالس ا‪١‬تنتخبة الوطنية واحمللية‪ ،‬وا‪١‬تظاىر السلبية ا‪١‬تميزة لؤلجهزة‬

‫اإلدارية من تضخم وفساد وا‪٨‬ترافات تنظيمية‬

‫كما أف الدراسة عملت على تفسَت الدور الذي يلعبو االقتصاد الريعي ا‪ٞ‬تزائري ُب بلورة ‪٥‬ترجات‬

‫األجهزة اإلدارية ‪ ،‬ضف إٔب ذلك دور ا‪٠‬تصائص االجتماعية والثقافية اليت سا‪٫‬تت ُب بناء ثقافة ‪٣‬تتمعية‬

‫مكرسة لسلوكيات سلبية أثرت بدورىا على أداء األجهزة البَتوقراطية‪.‬‬

‫وكخبلصة‪ ،‬فإف ٖتديد دور األجهزة البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر يتطلب اإل‪١‬تاـ ّتميع العوامل ا‪١‬تشكلة‬

‫لسلوكها‪ ،‬واالعتماد على فهمها وتفسَتىا ٔتا ٯتكن من توقع ‪٥‬ترجاهتا‪ ،‬وىو ما يؤدي إٔب إ‪٧‬تاح أي عملية‬

‫إصبلح على مستواىا وبالتإب ٖتقيق فعالية ُب أداء أدوارىا‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫مظاىر التسيير البيروقراطي للممارسة الديمقراطية في الجزائر‬

‫‪197‬‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫أصبحت ظاىرة التبقرط تفرض نفسها على ‪٥‬تتلف األنظمة السياسية وطغى الطابع البَتوقراطي على كل‬

‫‪٣‬تاالت تنظيم اجملتمع ٔتا فيها تنظيم ا‪ٟ‬تياة السياسية‪ ،‬حيث أضحت األحزاب السياسية و‪٥‬تتلف تنظيمات‬

‫اجملتمع ا‪١‬تدين وا‪١‬تؤسسات ا‪ٟ‬تكومية وا‪١‬تمارسات السياسية رىينة البَتوقراطية ا‪١‬تفرطة ‪٦‬تا أدى إٔب استمرار‬

‫طرح تأثَتىا على ا‪١‬تمارسات الدٯتقراطية لكوهنا اعتربت من أىم التحديات اليت تواجهها األنظمة السياسية‬

‫ُب طور التحوؿ إٔب الدٯتقراطية‪.‬‬

‫وعليو سنحاوؿ من خبلؿ ىذا الفصل ٖتليل أىم مظاىر التسيَت البَتوقراطي للممارسة الدٯتقراطية ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر اليت تعترب فيها البَتوقراطية السمة العامة ُب تنظيم كل شؤوف اجملتمع‪ ،‬وسيتم ذلك من خبلؿ ثبلث‬

‫مباحث‪ ،‬حيث سيخصص ا‪١‬تبحث األوؿ لرصد واقع حريات التعبَت ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب ظل القيود البَتوقراطية‬

‫ا‪١‬تكبلة ‪٢‬تا ويتعلق األمر خاصة ْترية االجتماع والتظاىر وحرية اإلعبلـ‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثاين فسيتناوؿ واقع‬

‫اجملتمع ا‪١‬تدين من أحزاب سياسية و‪ٚ‬تعيات‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثالث واألخَت فَتكز على أىم آلية من آليات‬

‫الدٯتقراطية وىي االنتخابات ومظاىر التحكم فيها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التسيير البيروقراطي لحريات التعبير‬

‫ضمنت الدساتَت ا‪ٞ‬تزائرية منذ االستقبلؿ حرية الرأي والتعبَت غَت أف خصائص و‪ٝ‬تات كل مرحلة‬

‫فرضت قيودا معينة على ىذه ا‪ٟ‬تريات‪ ،‬ابتداء ٔترحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد وصوال إٔب مرحلة التعددية ا‪ٟ‬تزبية‪.‬‬

‫ففي ظل مرحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد نص دستور ‪ 1963‬كأوؿ دستور للجمهورية ا‪ٞ‬تزائرية بعد االستقبلؿ‬

‫على أف الدولة تضمن حرية الصحافة وحرية وسائل اإلعبلـ األخرى‪ ،‬وكذا حرية تأسيس ا‪ٞ‬تمعيات‬

‫‪198‬‬
‫وحريات التعبَت و‪٥‬تاطبة ا‪ٞ‬تمهور وحرية االجتماع‪ ،‬كما كفل ذات الدستور ا‪ٟ‬تق النقايب وحق اإلضراب‬
‫‪1‬‬
‫ومشاركة العماؿ ُب تسيَت ا‪١‬تؤسسات‪.‬‬

‫غَت أف الظروؼ السياسية اليت عرفتها ا‪ٞ‬تزائر ُب ىذه ا‪١‬ترحلة خاصة منها التوقف عن العمل بالدستور‬

‫بعد إعبلف ا‪ٟ‬تالة االستثنائية عقب النزاع ا‪ٟ‬تدودي مع ا‪١‬تغرب على الصعيد ا‪٠‬تارجي‪ ،‬وشخصنة السلطة‬

‫وتركزىا ُب يد الرئيس بن بلة داخليا ٓب تكن لتسمح بتكريس ىذه ا‪ٟ‬تريات‪ ،‬خاصة أف ذات الدستور قد‬

‫قيد ىذه ا‪ٟ‬تريات بعدـ مساسها باستقبلؿ األمة وسبلمة األراضي الوطنية والوحدة الوطنية‪ ،‬إضافة إٔب‬
‫‪2‬‬
‫مؤسسات ا‪ٞ‬تمهورية ومطامح الشعب االشًتاكية ومبدأ وحدانية جبهة التحرير الوطٍت‪.‬‬

‫بعد االنقبلب على حكم بن بلة من طرؼ ىواري بومدين ًب العمل بأمر ‪ 10‬جويلية ‪ 1965‬إٔب غاية‬

‫صدور دستور ‪ُ 1976‬ب إطار السعي إٔب تكريس الشرعية الدستورية بدؿ الشرعية الثورية‪ .‬وقد نص ىذا‬

‫الدستور على ضماف ا‪ٟ‬تريات األساسية وحقوؽ اإلنساف وا‪١‬تواطنُت‪ 3،‬منها حرية ا‪١‬تعتقد والرأي‪ 4،‬وحرية‬

‫التعبَت واالجتماع اليت قيدىا بقيود التوجو االشًتاكي للدولة وبوحدة الشعب والًتاب الوطٍت‪ ،‬حيث منع‬

‫‪٦‬تارسة ىذه ا‪ٟ‬تريات لضرب أسس الثورة االشًتاكية‪ 5،‬ونص على إسقاط ىذه ا‪ٟ‬تقوؽ وا‪ٟ‬تريات لكل من‬

‫ٯتس ٔتمارستها الدستور أو ا‪١‬تصاّب الرئيسية أو وحدة الشعب والًتاب الوطٍت أو األمن الداخلي أو ا‪٠‬تارجي‬
‫‪6‬‬
‫أو الشورة االشًتاكية‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،1963‬ا‪١‬تادتُت ‪.20 ،19‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،1963‬ا‪١‬تادة ‪.22‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.39‬‬
‫‪ 4‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.53‬‬
‫‪ 5‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.55‬‬
‫‪ 6‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.73‬‬

‫‪199‬‬
‫بعد االنتقاؿ إٔب التعددية حرصت ‪ٚ‬تيع التعديبلت الدستورية ‪٢‬تذه ا‪١‬ترحلة على تكريس ا‪ٟ‬تريات العامة‬

‫للمواطن ُب إطار السعي ‪٨‬تو ٕتسيد ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية ُب بناء العبلقة بُت اجملتمع والدولة‪ ،‬فنص كل من‬

‫دستور ‪ 1989‬والتعديل الدستوري لعاـ ‪ 1996‬وكذا ‪ 2016‬على ‪ٚ‬تلة من ا‪ٟ‬تريات‪ ،‬أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ -‬ضماف الدفاع الفردي أو عن طريق ا‪ٞ‬تماعة عن ا‪ٟ‬تقوؽ األساسية لئلنساف وعن ا‪ٟ‬تريات الفردية‬
‫‪1‬‬
‫وا‪ٞ‬تماعية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬عدـ ا‪١‬تساس ْترمة حرية ا‪١‬تعتقد وحرمة حرية الرأي‪.‬‬

‫‪ -‬حرية التعبَت وإنشاء ا‪ٞ‬تمعيات واالجتماع مضمونة‪ 3،‬وقد نصت ا‪١‬تادة ‪ 43‬من دستور ‪ 1996‬وا‪١‬تادة‬

‫‪ 54‬من دستور ‪ 2016‬على أف حق إنشاء ا‪ٞ‬تمعيات مضموف وتشجع الدولة ازدىار ا‪ٟ‬تركة ا‪ٞ‬تمعوية‪.‬‬

‫ويعترب دستور ‪ 2016‬من أكثر الدساتَت اليت ضمت أكرب عدد من ا‪ٟ‬تقوؽ والواجبات‪ ،‬حيث تضمن‬

‫الفصل الرابع منو والذي بعنواف ا‪ٟ‬تقوؽ وا‪ٟ‬تريات ‪ 41‬مادة حوؿ ا‪ٟ‬تريات مقارنة بدستور ‪ 1996‬الذي‬

‫تضمن ‪ 30‬مادة ودستور ‪ 1989‬الذي تضمن ‪ 29‬مادة ودستور ‪ 1976‬ا‪١‬تتضمن ‪ 34‬مادة وأقلها‬

‫دستور ‪ 1963‬ب ‪ 11‬مادة‪ ،‬حيث ذكر دستور ‪ 2016‬أف حرية التظاىر السلمي مضمونة ُب إطار‬

‫القانوف‪ ،‬كما ضمن حرية الصحافة ا‪١‬تكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات اإلعبلمية مع تقييدىا بأي‬

‫شكل من أشكاؿ الرقابة القبلية‪ ،‬إضافة إٔب ضماف حرية نشر ا‪١‬تعلومات واألفكار والصور واآلراء وا‪ٟ‬تصوؿ‬
‫‪4‬‬
‫على ا‪١‬تعلومات والوثائق واإلحصائيات ونقلها للمواطن‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،1989‬ا‪١‬تادة ‪ .32‬دستور ‪ ،1996‬ا‪١‬تادة ‪ .33‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.39‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.36‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.41‬‬
‫‪ 4‬حريات مضمونة ُب ا‪١‬تواد ‪ 51 ،50 ،49‬من دستور ‪.2016‬‬

‫‪211‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التسيير البيروقراطي لحرية االجتماع والتظاىر‬

‫تعترب حرية االجتماع من أكثر أشكاؿ التعبَت أ‪٫‬تية‪ ،‬حيث أهنا ٘تكن األفراد من التعبَت عن حاجاهتم‬

‫ومتطلباهتم ُب مواجهة السلطة‪ ،‬وىي ال تقل أ‪٫‬تية عن االنتخاب من حيث أهنا وسيلة مهمة إلبداء الرأي‬

‫وا‪١‬تشاركة ُب كل أوجو ا‪ٟ‬تياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية والثقافية‪.‬‬

‫غَت أف كفالة الدستور ‪٢‬تذا ا‪ٟ‬تق ال يعٍت وجود حرية مطلقة ُب ‪٦‬تارستو‪ ،‬فهو مرتبط بالبنية السياسية‬

‫والقانونية للدولة وتوجهاهتا األيديولوجية‪ ،‬ف غالبا ما يتم تقييد ىذه ا‪ٟ‬تريات بضرورة عدـ ا‪١‬تساس با‪١‬تصلحة‬

‫العامة واألمن والنظاـ العاـ‪ ،‬وىذا التقييد ٮتتلف من دولة دٯتقراطية وأخرى غَت دٯتقراطية وخاصة تلك اليت‬

‫تعيش ا‪١‬تراحل االنتقالية بُت النظاـ التسلطي والنظاـ الدٯتقراطي‪ ،‬حيث تنص أغلب دساتَت ىذه الدوؿ‬

‫على معظم ا‪ٟ‬تريات وا‪ٟ‬تقوؽ غَت أف ‪٦‬تارستها تبقى رىينة ا‪١‬تمارسات القدٯتة للنظاـ التسلطي ومدى رغبتو‬

‫وإرادتو ُب تفعيل التحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حرية االجتماع‪.‬‬

‫كفلت حرية االجتماع ُب ا‪ٞ‬تزائر منذ االستقبلؿ‪ ،‬أما حرية التظاىر فلم تتم اإلشارة إليها صراحة إال ُب‬

‫ظل قانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪.‬‬

‫فقد عرفت ا‪١‬ترحلة األحادية صدور كل من األمر ‪ 63-75‬واألمر ‪ 06-77‬ا‪١‬تتعلقُت باالجتماعات‬

‫العمومية‪ ،‬وما ميز األمر ‪ 63-75‬ىو التأكيد على ا‪ٟ‬ترية ُب عقد االجتماعات وعدـ ا‪ٟ‬تاجة إٔب إذف‬

‫مسبق أو ترخيص إداري مسبق‪ ،‬وإ‪٪‬تا يكفي تصريح يوضح فيو ا‪٢‬تدؼ من االجتماع وا‪١‬تقر واليوـ‬

‫والساعة‪ 1،‬وىو نفس ما نص عليو قانوف ‪ 06-77‬مع إلغائو لكلمة حرية ُب نص ا‪١‬تادة ‪ ،01‬كما نص‬

‫القانوف على توجيو التصر٭تات إٔب الوإب بالنسبة للمركز الرئيسي للوالية‪ ،‬وإٔب رئيس الدائرة بالنسبة للمركز‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 63-75‬المتعلق باالجتماعات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،08‬الصادرة بتاريخ ‪07‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1975‬ا‪١‬تادة ‪.01‬‬

‫‪211‬‬
‫الرئيسي للدائرة وإٔب رئيس اجمللس الشعيب البلدي بالنسبة لبقية البلديات مقابل وصل والذي يعد إذنا‬

‫باالجتماع‪ 1،‬كما نص القانونُت على جواز انتداب الوإب أو رئيس الدائرة أو رئيس اجمللس الشعيب البدي‬
‫‪2‬‬
‫حسب ا‪ٟ‬تالة موظفا ‪ٟ‬تضور االجتماع‪.‬‬

‫إف ا‪١‬تبلحظ على ىذه القوانُت ىو أهنا انعكاس للوضع السياسي الذي كاف سائدا ُب تلك ا‪١‬ترحلة حيث‬

‫كانت هتيمن السلطة ا‪ٟ‬تاكمة على كل أوجو النشاط السياسي واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وكانت ا‪١‬تشاركة‬

‫عبارة عن عملية تعبئة للجماىَت ُب ظل التوجو االشًتاكي ونظاـ ا‪ٟ‬تزب الواحد‪.‬‬

‫باالنتقاؿ إٔب ا‪١‬ترحلة التعددية ومع إصدار دستور ‪ 1989‬و‪ٚ‬تلة ا‪ٟ‬تقوؽ اليت نص عليها‪ ،‬صدر القانوف‬

‫‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬والذي ًب تعديلو ٔتوجب القانوف ‪.19-91‬‬

‫عرؼ االجتماع العمومي ُب القانوف ‪ 19-91‬بأنو "ٕتمع مؤقت ألشخاص متفق عليو وينظم خارج‬

‫الطريق العمومي ُب مكاف مغلق يسهل لعموـ الناس االلتحاؽ بو قصد تبادؿ األفكار أو الدفاع عن مصاّب‬

‫مشًتكة"‪ 3،‬بعدما كانت تنص ا‪١‬تادة ‪ 02‬من ‪ 28-89‬على أنو "ٕتمع ينظم ُب مكاف مفتوح"‪ ،‬وىذا‬

‫التقييد يشَت إٔب ‪٤‬تاوالت السلطة فرض قيود على حرية االجتماع والتحكم فيها من خبلؿ حصرىا فقط‬

‫ُب األماكن ا‪١‬تغلقة‪.‬‬

‫ويكوف كل اجتماع عمومي مسبوقا بتصريح يوقعو ‪ 03‬أشخاص يبُت ا‪٢‬تدؼ من االجتماع وا‪١‬تكاف‬
‫‪5‬‬
‫واليوـ والساعة وعدد األشخاص ا‪ٟ‬تاضرين‪ 4،‬والتصريح باالجتماع يكوف ‪ 03‬أياـ قبل انعقاده لدى‪:‬‬

‫‪ 1‬األمر ‪ 63-75‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ / .02‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 26-77‬المتعلق‬
‫باالجتماعات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،16‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬فرباير ‪ ،1977‬ا‪١‬تادتُت ‪.03 ،02‬‬
‫‪ 2‬األمر ‪ ،63-75‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .05‬األمر ‪ 06-77‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.07‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 29-92‬المتعلق باالجتماعات والمظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،62‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 04‬ديسمرب ‪ ،1991‬ا‪١‬تادة ‪.02‬‬
‫‪ 4‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 28-89‬المتعلق باالجتماعات والمظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،04‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 23‬جانفي ‪ ،1990‬ا‪١‬تادة ‪ .04‬وىي مادة ٓب ترد ُب قانوف ‪.19-91‬‬
‫‪ 5‬القانوف ‪ 19-91‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.05‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ -‬الوإب للبلديات مقر الوالية‪.‬‬

‫‪ -‬الوإب لبلديات والية ا‪ٞ‬تزائر العاصمة‪.‬‬

‫‪ -‬الوإب أو من يفوضو بالنسبة للبلديات‪.‬‬

‫مع العلم أف التصريح ُب القانوف ‪ 28-89‬كاف يقدـ حسب ذات ا‪١‬تادة إما إٔب الوالية أو اجمللس‬

‫الشعيب البلدي‪ ،‬وىذا التعديل زاد من صبلحيات الوإب إتاه االجتماعات العمومية مقابل إلغاء دور‬

‫اجمللس الشعيب البلدي على مستوى البلديات‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫ويعفى من التصريح ا‪١‬تسبق لبلجتماعات كل من‪:‬‬

‫‪ -‬االجتماعات والتظاىرات ُب الطريق العمومي ا‪١‬تطابقة لؤلعراؼ والتقاليد‪.‬‬

‫‪ -‬االجتماعات ا‪٠‬تاصة ا‪١‬تطبوعة بدعوات شخصية أو إ‪ٝ‬تية‪.‬‬

‫‪ -‬االجتماعات ا‪١‬تخصصة ألعضاء ا‪ٞ‬تمعيات ا‪١‬تؤسسة قانونا وا‪١‬تقصورة عليهم‪.‬‬

‫وا‪١‬تؤكد ىو أف مرحلة التعددية عرفت التأكيد على حرية االجتماع العمومي غَت أف اإلجراءات القانونية‬

‫ا‪١‬تنظمة ‪٢‬تا اتسمت بوجود العديد من القيود وا‪١‬تتمثلة ُب‪:‬‬

‫‪ -‬حصر االجتماعات العمومية ُب األماكن ا‪١‬تغلقة بعد تعديل ‪.1991‬‬

‫‪-‬ضرورة ا‪ٟ‬تصوؿ على ترخيص مسبق لعقد االجتماع‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية طلب الوإب أو رئيس اجمللس الشعيب البلدي من ا‪١‬تنظمُت خبلؿ ‪ 24‬ساعة من إيداع التصريح‬
‫‪2‬‬
‫تغيَت مكاف االجتماع‪.‬‬

‫‪ -‬منع أي اجتماع أو مظاىرة مناىضة للثوابت الوطنية أو مساس برموز الثورة أو النظاـ العاـ واآلداب‬
‫‪1‬‬
‫العامة‪،‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.14‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.06‬‬

‫‪213‬‬
‫وتضم الثوابت الوطنية كل من الطابع ا‪ٞ‬تمهوري للدولة ومبادئ النظاـ الدٯتقراطي‪ ،‬إضافة إٔب اإلسبلـ‬

‫واللغة العربية وا‪ٟ‬تريات األساسية وسبلمة الًتاب الوطٍت‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية تعيُت الوإب أو رئيس اجمللس الشعيب البلدي موظفا ‪ٟ‬تضور االجتماع‪ْ ،‬تيث ٯتكنو التدخل ُب‬

‫حاؿ حدوث أعماؿ عنف وإيقاؼ االجتماع ُب حاؿ كاف يشكل خطرا على األمن العمومي‪ 2،‬وىو ما‬

‫يعرب عن ‪٦‬تارسة رقابة إدارية الحقة‪.‬‬


‫‪3‬‬
‫‪ -‬عدـ جواز عقد االجتماعات العمومية ُب أماكن العبادة أو ا‪١‬تباين العمومية غَت ا‪١‬تخصصة لذلك‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية منع االجتماع من طرؼ الوإب أو من شخص يفوضو إذا كاف االجتماع يشكل خطرا على‬
‫‪4‬‬
‫حفظ النظاـ العاـ‪.‬‬

‫‪ -‬تأليف االجتماع العمومي ‪١‬تكتب يتكوف من رئيس ومساعدين اثنُت على األقل وظيفتو ضماف صَت‬

‫االجتماع واحًتاـ حق وؽ ا‪١‬توطنُت‪ ،‬غَت أنو مطالب ٔتنع كل خطاب يتناقض واألمن العمومي واألخبلؽ‬
‫‪5‬‬
‫ا‪ٟ‬تسنة‪.‬‬

‫وعليو يبدو من خبلؿ ىذه ا‪١‬تظاىر الرقابية السلطة الواسعة لئلدارة على حرية االجتماع والتجمع ‪٦‬تثلة‬

‫خاصة ُب شخص الوإب‪ ،‬خاصة ُب ظل االستناد إٔب مصطلحات فضفاضة وواسعة تسمح بانفبلت اإلدارة‬

‫من الرقابة القضائية كالنظاـ العاـ واألمن العاـ والثوابت الوطنية واليت تعطي ىامشا واسعا يسمح لئلدارة‬

‫بالتصرؼ بأر٭تية إتاه التجمعات العمومية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حرية التظاىر‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ ،19-91‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.09‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.12، 11‬‬
‫‪3‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.08‬‬
‫‪ 4‬القانوف ‪ 19-91‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.06‬‬
‫‪ 5‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.10‬‬

‫‪214‬‬
‫ٓب تتم اإلشارة صراحة إٔب ا‪١‬تظاىرات إال ُب ظل قانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات‬

‫العمومية أين ًب الفصل بُت االجتماعات العمومية وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬رغم أنو قد ًب اإلشارة إٔب ىذا‬

‫ا‪١‬تفهوـ سابقا ضمنيا وذلك ضمن من نص ا‪١‬تادتُت ‪ 03‬من أمر ‪ 63-75‬ونص ا‪١‬تادة ‪ 04‬من األمر‬

‫‪ 06-77‬اللتُت نصتا على أنو ٘تنع االجتماعات ُب الطرؽ العمومية‪ ،‬أي ضمنيا تعٍت التظاىر‪.‬‬

‫عرؼ القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية ا‪١‬تظاىرات على أهنا ا‪١‬تواكب‬

‫واالستعراضات أو التجمعات اليت ٕتري على الطريق العمومي واليت ‪٬‬تب أف يصرح هبا‪ُ ،‬ب حُت أف القانوف‬
‫‪1‬‬
‫‪ 12-91‬استبدؿ كلمة تصريح بالًتخيص ا‪١‬تسبق‪.‬‬

‫ويتم تقدًن طلب الًتخيص للوإب ‪ 08‬أياـ كاملة قبل التاريخ احملدد للمظاىرة بعدما كاف ‪ 05‬أياـ‪ ،‬مع‬

‫احتوائو على صفة ا‪١‬تنظمُت وأ‪ٝ‬تائهم وعناوينهم والتوقيع على التصريح من طرؼ ‪ 03‬أعضاء يتمتعوف‬

‫ْتقوقهم ا‪١‬تدنية والسياسة‪ ،‬وإبراز ا‪٢‬تدؼ من ا‪١‬تظاىرة واسم ا‪ٞ‬تمعية وعنواهنا ومقرىا وتوقيت ومكاف‬

‫ومسلك ا‪١‬تظاىرة والوسائل ا‪١‬تسخرة ‪٢‬تا‪ ،‬مع وجوب إبداء الوإب قراره بالقبوؿ أو الرفض كتابيا ‪ 05‬أياـ على‬

‫األقل قبل التاريخ ا‪١‬تقرر إلجراء ا‪١‬تظاىرة‪ ،‬واستبلـ ا‪١‬تنظمُت ‪٢‬تا لتصريح الوإب إلظهاره أماـ السلطات‬

‫ا‪١‬تختصة‪ 2،‬وىذا ما ‪٬‬تعل حرية التظاىر مرىونة بًتخيص الوإب أي اإلدارة‪.‬‬

‫وال ٗتضع حرية التظاىر لشرط الًتخيص فقط وإ‪٪‬تا تقبع ٖتت ‪٣‬تموعة من الشروط‪ ،‬وأ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ -‬اعتبار أي مظاىرة ٕتري بدوف ترخيص أو بعد منعها ٕتمهرا‪ 3،‬أي أنو ٕتمع تلقائي بدوف ترخيص‬

‫ويعاقب عليو قانونا‪.‬‬


‫‪4‬‬
‫‪ -‬إمكانية طلب الوإب من ا‪١‬تنظمُت تغيَت ا‪١‬تسلك أو اقًتاح مسلك آخر يسمح بالسَت العادي للمظاىرة‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ 15‬وىي ا‪١‬تادة ا‪١‬تعدلة ُب القانوف ‪.19-91‬‬
‫‪ 2‬القانوف ‪ 19-91‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.17‬‬
‫‪ 3‬القانوف ‪ 19-91‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.19‬‬
‫‪ 4‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.18‬‬

‫‪215‬‬
‫‪ -‬إخضاع تركيب أو استعماؿ األجهزة الصوتية الثابتة أو ا‪١‬تؤقتة أو النهائية إٔب رخصة مسبقة ٯتنحها الوإب‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫مع منع األجهزة الصوتية الثابتة بقرب ا‪١‬تؤسسات التعليمية وا‪١‬تستشفيات‪.‬‬

‫‪ -‬خضوع استعماؿ األجهزة الصوتية ا‪١‬تتنقلة ومكربات الصوت اليت ٯتكن أف تزعج راحة السكاف إٔب‬
‫‪2‬‬
‫رخصة مسبقة ٯتنحها الوإب‪.‬‬

‫‪ -‬تركيز الرقابة اإلدارية من خبلؿ ا‪١‬توظف الذي يتدخل ُب حالة سَت االجتماع بشكل يهدد األمن‬
‫‪3‬‬
‫العمومي‪ ،‬أو حصوؿ حادث أو أعماؿ عنف‪.‬‬

‫إف ىذه الشروط اليت وضعت لتنظيم حرية التظاىر ُب ا‪ٞ‬تزائر تبدو شروطا وإجراءات تنظيمية هتدؼ إٔب‬

‫تنظيم التظاىر وعدـ خروجو عن مبادئ النظاـ واألمن العامُت غَت أنو من جهة أخرى فإف سلطات الوإب‬

‫تبدو واسعة ُب التحكم ُب ا‪١‬تظاىرات‪ ،‬وُب ىذا اإلطار وصف احملامي والناشط السياسي عمار خبابة ا‪١‬تادة‬

‫‪ 41‬ا‪١‬تتعلقة ْترية التظاىر ُب دستور ‪ 2016‬بأهنا ٓب تأت با‪ٞ‬تديد وأف حرية التظاىر رىينة بإرادة الوإب‬

‫والذي غالبا ما يرفض منح الًتاخيص ألسباب واىية كما وصفها‪ ،‬واليت تتعلق غالبا بالقاعات أو‬

‫ا‪١‬تناسبات واألماكن العمومية أو بعناوين غَت واضحة ‪ٞ‬تمعيات وىيئات حقوقية‪ ،‬واعترب ذات احملامي أف‬

‫التظاىر السلمي حق للمواطن ‪٬‬تب ‪٦‬تارستو ُب إطار قانوين ٔتجرد اإلشعار بو للسلطات ا‪١‬تسؤولة‪ ،‬شريطة‬

‫أال ٮتل بالنظاـ العاـ وأف يتحمل ا‪١‬تتظاىر نتيجة ما ٭تدث من ٗتريب أو فوضى أو مساس باألشخاص‬
‫‪4‬‬
‫وا‪١‬تمتلكات‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 19-91‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ 20‬مكرر ‪.02‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 19-91‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ 20‬مكرر ‪.03‬‬
‫‪ 3‬القانوف ‪ 28-89‬ا‪١‬تتعلق باالجتماعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.12 ،11‬‬
‫‪ 4‬وىيبة سليماين‪ " ،‬الناشط السياسي عمار خبابة ؿ الشروؽ‪ :‬حق التظاىر السلمي ُب دستور ‪ 2016‬مرىوف بقرار السلطات ا‪١‬تسؤولة"‪،‬‬
‫‪www.echoroukoline.com.‬‬ ‫جريدة الشروق‪ُ ، 2016-01-08 ،‬ب‪:‬‬

‫‪216‬‬
‫إف ‪٣‬تاؿ ا‪ٟ‬تريات العامة ُب ا‪ٞ‬تزائر قد تأثر إٔب حد بعيد بطبيعة النظاـ السياسي ُب ا‪ٞ‬تزائر والذي يعرؼ‬

‫ٔتركزتو الشديدة و‪٤‬تورية السلطة التنفيذية ُب التحكم ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية وتنظيمها‪ ،‬كما أف ا‪١‬تمارسة الواقعية‬

‫‪٢‬تذه ا‪ٟ‬تريات ُب ظل ا‪١‬ترحلة التعددية عرفت تأثرا كبَتا بالواقع األمٍت الذي عاشتو ا‪ٞ‬تزائر بعد توقيف ا‪١‬تسار‬

‫اال نتخايب‪ ،‬ىذا الواقع الذي طا‪١‬تا أعطى شرعية التدخل للدولة ُب ا‪ٟ‬تريات وتقييدىا باسم األمن والنظاـ‬

‫العاـ‪ ،‬فا‪١‬ترسوـ ‪ 196-91‬الذي أعلن حالة ا‪ٟ‬تصار حظر ا‪١‬تنشورات واالجتماعات والنداءات العامة ذات‬

‫الطبيعة التحريضية أو اليت تتسبب ُب الفوضى وانعداـ األمن‪ ،‬فضبل عن التنقل وٕتمع األفراد على الطرؽ‬

‫واألماكن العمومية‪ ،‬وكذا اإلضرابات اليت من شأهنا عرقلة استعادة األمن العاـ والسَت الطبيعي للخدمات‬
‫‪1‬‬
‫العامة‪.‬‬

‫كما أف ا‪١‬ترسوـ ‪ 44-92‬الذي أقر حالة الطوارئ أعطى لوزير الداخلية والوإب ُب دائرتو اإلقليمية ا‪ٟ‬تق‬

‫بفرض إغبلؽ مؤقت لؤلماكن العامة وأماكن االجتماعات مهما كانت طبيعتها وحظر أي ٕتمع أو تظاىرة‬

‫من شأهنا اإلخبلؿ باألمن العاـ والطمأنينة العمومية‪ 2.‬وكاف لقانوف الطوارئ الذي داـ ‪١‬تدة ‪ 19‬سنة تأثَتا‬

‫كبَتا على ا‪ٟ‬تياة الدٯتقراطية‪ ،‬نتج عنو با‪٠‬تصوص التقييد الواسع للحريات كحرية التجمع والتظاىر‪.‬‬

‫ورغم استتباب األمن بعد مرور العشرية السوداء إال أف النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري واصل ُب فرض قيود‬

‫على التجمعات وأصدر قرارا حكوميا ُب ‪ 18‬جواف ‪ 2001‬ٯتنع ا‪١‬تظاىرات ُب العاصمة بعد األحداث‬

‫اليت عرفتها العاصمة ُب ‪ 14‬جواف ‪ ،2001‬ىذا القرار الذي بقي ساري ا‪١‬تفعوؿ رغم صدور قرار رفع‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم الرئاسي ‪ 296-92‬المتضمن تقرير حالة الحصار‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،29‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 12‬يونيو ‪ ،1991‬ا‪١‬تادتُت ‪.07،08‬‬
‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم الرئاسي المتضمن إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،10‬الصادرة بتاريخ ‪09‬‬
‫فرباير ‪.1992‬‬

‫‪217‬‬
‫حالة الطوارئ بصدور األمر رقم ‪ 01-11‬مؤرخ ُب ‪ 20‬ربيع األوؿ ا‪١‬توافق ؿ ‪ 23‬فرباير ‪ 2011‬يتضمن‬

‫رفع حالة الطوارئ‪.‬‬

‫وال يزاؿ حق التجمع والتظاىر يعرؼ تقييدا واسعا من النظاـ السياسي ٕتلت مظاىره ُب تزايد استخداـ‬

‫القوة العمومية وعدـ الًتخيص بعقد االجتماعات وا‪١‬تظاىرات حت وإف كانت هبدؼ ٖتقيق مطالب‬

‫اجتماعية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التسيير البيروقراطي لحرية اإلعالم‪.‬‬

‫يعترب اإلعبلـ ّتميع ‪٣‬تاالتو من أىم وسائل التغيَت ُب أي ‪٣‬تتمع‪ ،‬وقد تزايد دوره ُب ظل التطورات‬

‫التكنولوجيات اليت أفرزهتا العو‪١‬تة على كافة ا‪١‬تستويات‪ ،‬ىذا الدور الذي يرتبط أساسا ٔتدى حرية وسائل‬

‫اإلعبلـ ُب أداء وظائفها ُب ظل أطر قانونية تؤكد عادة على ا‪ٟ‬ترية ُب ا‪ٟ‬تياة اإلعبلمية خاصة ُب ظل الدوؿ‬

‫الدٯتقراطية‪.‬‬

‫وا‪ٞ‬تزائر كباقي الدوؿ اليت تسعى إٔب تكريس النظاـ الدٯتقراطي عرؼ فيها ‪٣‬تاؿ اإلعبلـ تطورات عرب‬

‫عدة مراحل من الفًتة االستعمارية مرورا إٔب ا‪١‬ترحلة األحادية ووصوال إٔب مرحلة التعددية السياسية اليت‬

‫شهد فيها ‪٣‬تاؿ اإلعبلـ تكريسا واسعا ‪ٟ‬تريات الرأي والتعبَت‪ ،‬غَت أف حساسية ىذا القطاع جعلتو دائما‬

‫‪٤‬تل اىتماـ من الدولة اليت تسعى دائما إٔب فرض السيطرة والتحكم فيو لكونو من أىم قنوات التواصل‬

‫بينها وبُت الشعب‪ ،‬واإلشكالية اليت تبقى مطروحة ىي تأثَت ىذه السيطرة على سَتورة الدٯتقراطية ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر باعتبار أف حرية اإلعبلـ من أىم مؤشرات دٯتقراطية أي بلد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مراحل تطور مجال اإلعالم والصحافة في الجزائر‪.‬‬

‫‪ .2‬المرحلة األحادية‪:‬‬

‫‪218‬‬
‫‪-‬من ‪ 1962‬إٔب ‪ :1965‬ما لبثت الدولة ا‪ٞ‬تزائرية غداة االستقبلؿ أف اٗتذت التدابَت البلزمة من أجل‬

‫اسًتجاع مبٌت اإلذاعة والتلفزيوف‪ ،‬وتطبيقا ‪٢‬تذا التوجيو قاـ كل اإلطارات والتقنيُت والعماؿ ا‪ٞ‬تزائريُت ُب ‪23‬‬

‫أكتوبر ‪1962‬ـ برفع التحدي وااللتزاـ بتحقيق استمرار اإلرساؿ والسَت ا‪ٟ‬تسن ألجهزة اإلذاعة والتلفزيوف‪،‬‬

‫و٘تيزت ىذه ا‪١‬ترحلة بإصدار عدة نصوص قانونية وتنظيمية خاصة باإلذاعة والتلفزيوف‪ ،‬كما اتسمت بنظرة‬

‫موحدة للمؤسسات اإلعبلمية سواء ا‪١‬تكتوبة أو ا‪١‬ترئية أو ا‪١‬تسموعة‪.‬‬

‫‪-‬من ‪ 1966‬إٔب ‪ً :1975‬ب ُب عاـ ‪ 1967‬إلغاء سرياف النصوص الفرنسية ُب ‪٣‬تاؿ اإلعبلـ واٗتذت‬

‫عدة مراسيم ُب ىذا الشأف‪ ،‬وأىم ما ميز ىذه ا‪١‬ترحلة أف ‪ٚ‬تيع الوسائل أصبحت عمومية ذات طابع‬

‫صناعي وٕتاري وأ‪ٟ‬تقت ا‪١‬تهاـ اإلدارية ٔتصاّب الوزارة‪ ،‬وإٔب غاية ‪ٓ 1976‬ب يوجد قانوف لئلعبلـ ينظم‬
‫‪1‬‬
‫‪٦‬تارسة النشاط اإلعبلمي ‪٦‬تا جعل السياسة اإلعبلمية تتميز بالغموض على الصعيد القانوين وا‪١‬تيداين‪.‬‬

‫كما عرفت ىذه ا‪١‬ترحلة صدور قانوف الصحفي عاـ ‪ 1968‬الذي كرس ٖتكم السلطة عرب وزارة اإلعبلـ‬

‫ُب مدخبلت و‪٥‬ترجات ا‪١‬تؤسسات اإلعبلمية وتدخل كبَت ُب تعيُت مسؤوٕب ومديري األجهزة ا‪١‬تختلفة‪،‬‬

‫كما عكس ىذا القانوف التوجو االشًتاكي واحتكار الدولة لوسائل اإلعبلـ واعتبار ىذا القطاع قطاع‬
‫‪2‬‬
‫سيادي‪ ،‬إضافة إٔب افتقاره إٔب أي مواد ٖتمي حقوؽ الصحفي‪.‬‬

‫‪ -‬من ‪ 1976‬إٔب ‪ :1981‬عرفت ىذه ا‪١‬ترحلة بروز مبلمح السياسة اإلعبلمية مع صدور دستور‬

‫‪ ،1976‬وبدأ االىتماـ الفعلي بقضايا اإلعبلـ ووسائلو ْتيث نص ا‪١‬تيثاؽ على الدور االسًتاتيجي لوسائل‬

‫اإلعبلـ ُب خدمة أىداؼ التنمية‪ ،‬وكاف التوجو االشًتاكي مربرا لتدخل ا‪ٟ‬تكومة ُب تسيَت السمعي البصري‬

‫انطبلقا من اعتبار دور حرية الصحافة واإلعبلـ يدخل ضمن خدمة الوطن‪.‬‬

‫‪ 1‬جهيد سحوت‪" ،‬عن فتح قطاع اإلعبلـ السمعي البصري أماـ ا‪١‬تنافسة ا‪ٟ‬ترة"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬مج ‪ ،10‬العدد ‪،01‬‬
‫أفريل ‪ ،2019‬ص‪.1702 ،1701‬‬
‫‪ 2‬آمنة قجإب‪ ،‬اإلعالم والعنف السياسي‪ .‬األردف‪ :‬مركز الكتاب األكادٯتي‪ ،2015 ،‬ص ص‪.122 ،121‬‬

‫‪219‬‬
‫‪ -‬من ‪ 1982‬إٔب ‪ُ :1989‬ب ىذه ا‪١‬ترحلة ًب صدور أوؿ قانوف إعبلـ سنة ‪ 1982‬وىو القانوف ‪-82‬‬

‫‪ 01‬ا‪١‬تؤرخ ُب فرباير ‪ 1982‬الذي حدد اإلطار العاـ ‪١‬تفهوـ اإلعبلـ ُب ا‪ٞ‬تزائر واعتربه من قطاعات‬

‫السيادة الوطنية بقيادة حزب جبهة التحرير الوطٍت ُب إطار التوجو االشًتاكي‪ ،‬كما أكد على أف توجيو‬
‫‪1‬‬
‫النشريات اإلخبارية واإلذاعة والتلفزة والصحافة ا‪١‬تصورة ىو من اختصاص القيادة السياسية للببلد وحدىا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وعموما فإف أىم ما ميز مرحلة االستقبلؿ‪:‬‬

‫‪ -‬غياب نصوص تنظيمية للقطاع إٔب غاية ‪ 1968‬تاريخ إصدار قانوف الصحافة ٍب قانوف اإلعبلـ ُب‬

‫‪.1982‬‬

‫‪ -‬إنشاء دوريات جديدة على غرار الشعب و‪٣‬تلة ا‪ٞ‬تيش‪.‬‬

‫‪ -‬تأميم اليوميات الفرنسية‪.‬‬

‫‪ -‬تشابو مضموف اليوميات وتواضع نوعيتها‪.‬‬

‫‪ -‬الصحف كانت ناطقة باسم ا‪ٟ‬تزب الواحد ومشجعة للسياسات االشًتاكية‪.‬‬

‫‪ .2‬المرحلة التعددية‪:‬‬

‫عرفت ا‪ٞ‬تزائر بعد أحداث أكتوبر ‪ٖ 1989‬توال ىاما انتقلت ٔتوجبو من نظاـ ا‪ٟ‬تزب الواحد إٔب‬

‫التعددية ا‪ٟ‬تزبية بعد صدور دستور ‪ 1989‬الذي كرس حرية الرأي والتعبَت ومبادئ التعددية السياسية‪،‬‬

‫وكاف أوؿ إجراء تنظيمي ضبط قطاع اإلعبلـ ىو منشور ‪ 19‬مارس ‪ 1990‬الذي ‪ٝ‬تح بتشكيل رؤوس‬

‫أمواؿ ‪ٚ‬تاعية واستثمارىا ُب قطاع اإلعبلـ‪ ،‬وىو ما ترؾ للصحافيُت حرية االختيار بُت البقاء ُب ا‪١‬تؤسسات‬

‫اإلعبلمية العمومية أو تأسيس مؤسسات صحفية مستقلة ُب شكل شركات مسا‪٫‬تة أو االلتحاؽ بصحف‬

‫‪ 1‬جهيد سحوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.1704 ،1703‬‬


‫‪ 2‬آمنة قجإب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫‪211‬‬
‫ا‪ٞ‬تمعيات ذات الطابع السياسي‪ 1 ،‬وقدمت ُب ىذا اإلطار عدة تسهيبلت مالية للصحفيُت الذين قرروا‬

‫ترؾ القطاع العاـ وإصدار ا‪ٞ‬ترائد ا‪٠‬تاصة هبم وحيث ظهرت أوؿ يومية مستقلة ناطقة باللغة الفرنسية ُب‬

‫سبتمرب ‪ 1990‬وىي مساء ا‪ٞ‬تزائر ‪ Le soir d’Algerie‬وأوؿ يومية باللغة العربية وىي الخبر ُب‬
‫‪2‬‬
‫نوفمرب ‪.1990‬‬

‫ليصدر بعدىا قانوف اإلعبلـ ُب ‪ 03‬أفريل ‪ 1990‬الذي أكد ألوؿ مرة على حرية اإلعبلـ والتعددية‬

‫اإلعبلمية‪ ،‬حيث نصت ا‪١‬تادة ‪ 02‬منو على حق ا‪١‬تواطن ُب اإلعبلـ من خبلؿ ضماف اطبلعو على كل‬

‫الوقائع واآلراء اليت هتم اجملتمع على الصعيدين الوطٍت والدوٕب وحق مشاركتو ُب اإلعبلـ ٔتمارسة ا‪ٟ‬تريات‬

‫األساسية ُب التفكَت والرأي‪ ،‬كما كرس ىذا القانوف حرية الصحافة واستقبلليتها مقابل اإلبقاء على‬

‫احتكار الدولة للسمعي البصري وذلك ُب ا‪١‬تاديتُت ‪ 59‬و‪.56‬‬

‫وكنتيجة لصدور ىذا القانوف عرفت ىذه ا‪١‬ترحلة ارتفاع عدد العناوين الصحفية والسحب اليومي غَت أنو‬

‫ُب أواخر ىذه الفًتة وبعد توٕب سيد أ‪ٛ‬تد غزإب رئاسة ا‪ٟ‬تكومة ظهر نوع من الصراع بُت الصحافة ا‪٠‬تاصة‬
‫‪3‬‬
‫والسلط ة السياسية ٘تثلت مظاىره ُب مثوؿ عدد كبَت من الصحفيُت أماـ احملاكم واجملالس القضائية‪.‬‬

‫كما أف االنفجار اإلعبلمي ُب ىذه ا‪١‬ترحلة طفت بوادر ا‪٨‬ترافو منذ البداية من خبلؿ ظهور عدة‬

‫مشاكل مهنية مرتبطة بارتفاع تكاليف السحب ومشاكل الطباعة واإلشهار والتوزيع وعدـ كفاية دعم‬

‫الدولة للحق ُب اإلعبلـ ُب ما ٮتص التوزيع وخاصة ُب ا‪ٞ‬تنوب‪ ،‬والتمييز ا‪١‬تفرط بُت الصحف ُب التعامل‬

‫اإلعبلمي ‪٦‬تا ساعد على ارتباط بعض مديري الصحافة ا‪٠‬تاصة با‪١‬تاؿ ومراكز القرار‪ ،‬وبداية تغييب العناوين‬

‫‪ 1‬نصر الدين نواري‪ ،‬الصحافة واإلرىاب في الجزائر‪ .‬األردف‪ :‬دار اليازوردي العلمية للنشر والتوزيع‪ .2015 ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ 2‬آمنة قجإب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122 ،121‬‬
‫‪ 3‬نصر الدين نواري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫‪211‬‬
‫غَت ا‪١‬تدعومة‪ ،‬ليتحوؿ ىذا اال‪٨‬تراؼ إٔب شبو انسداد إعبلمي مع بوادر أزمة ‪ 1991‬ودخوؿ الصحافة ُب‬
‫‪1‬‬
‫مرحلة جديدة ٘تيزت با‪ٟ‬تجز والتعليق والتهديد واالغتياؿ‪.‬‬

‫واشدت أزمة الصحافة ُب ا‪ٞ‬تزائر مع إعبلف حالة الطوارئ يوـ ‪ 09‬جواف ‪ 1992‬اليت صاحبها إصدار‬

‫السلطات لقرار احتكار األخبار األمنية ُب ظل ٕتميد العمل بالدستور وقانوف اإلعبلـ ‪،1990‬‬
‫‪2‬‬
‫وانعكست حالة الطوارئ على الصحافة من حيث‪:‬‬

‫‪-‬حل اجمللس األعلى لئلعبلـ من طرؼ رئيس ا‪ٟ‬تكومة ومضايقات واسعة على ا‪١‬تمارسات‬

‫اإلعبلمية‪.‬‬

‫‪ -‬ىيمنة الدولة على الصحافة ا‪٠‬تاصة ْتجة اسًتجاع ىيبة الدولة باعتقاؿ الصحفيُت وتوقيف‬

‫الصحف‬

‫عن الصدور بقرار من وزارة الداخلية‪.‬‬

‫‪ -‬اختفاء العديد من العناوين الصحفية‪.‬‬

‫‪ -‬احتكر اإلشهار من طرؼ السلطات للضغط على الصحف ا‪٠‬تاصة اليت أصبحت رىينة لشركات‬

‫الطباعة ومؤسسات التوزيع‪ ،‬لتسجل بذلك سنة ‪ 1997‬اختفاء شبو كلي للصحافة ا‪ٟ‬تزبية من الناحية‬

‫اإلعبلمية‪.‬‬

‫وبعد ‪ٜ‬تس سنوات من تاريخ حل اجمللس األعلى لئلعبلـ أي سنة ‪ً 1993‬ب تقدًن مشروع ٘تهيدي‬

‫خاص بقانوف عضوي لئلعبلـ سنة ‪ 1998‬كمشروع ٭تمل بوادر إصبلحات عميقة السيما قطاع‬

‫السمعي البصري ْتيث نصت ا‪١‬تادة ‪ 28‬منو على فتح اجملاؿ السمعي البصري أماـ ا‪١‬تنافسة ا‪ٟ‬ترة من‬

‫خبلؿ السماح للخواص لبلستثمار ُب ىذا اجملاؿ‪ ،‬كما نص ذات ا‪١‬تشروع على إنشاء سلطة خاصة‬

‫‪ 1‬إ‪ٝ‬تاعيل قَتة وآخروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194 ،193‬‬


‫‪ 2‬نصر الدين نواري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64 ،63‬‬

‫‪212‬‬
‫تشرؼ على ضبط القطاع السمعي البصري ٖتت مسمى اجمللس األعلى لبلتصاؿ‪ ،‬غَت أف ىذا ا‪١‬تشروع ًب‬
‫‪1‬‬
‫ٕتميده على مستوى الرب‪١‬تاف وٖتديدا ُب ‪٣‬تلس األمة ْتجة ا‪٠‬تلط بُت قطاع اإلعبلـ وقطاع اإلشهار‪.‬‬

‫وابتداء من ‪ 2001‬بدأت الصحافة تعرؼ تراجعا مقارنة بالسنوات السابقة وفشلت السلطات ُب وضع‬

‫قانوف إعبلـ جديد ُب ظل مواصلة الدولة إحكاـ قبضتها على القطاع بعدـ فتح السمعي البصري وتعديل‬

‫قانوف العقوبات ْتجة ا‪ٟ‬تفاظ على ا‪١‬تؤسسات وا‪٢‬تيئات النظامية من اإلىانات والشتم والقذؼ والذي أدى‬
‫‪2‬‬
‫إٔب تكميم أفواه الصحفيُت وتشديد ا‪٠‬تناؽ عليهم‪.‬‬

‫واستمر وضع الصحافة ا‪ٞ‬تزائرية بعد صدور قانوف ‪ 2012‬على حالو ُب ظل اختفاء بعض الصحف‬

‫ا‪١‬تستقلة ا‪١‬تعارضة منها جريدٌب وموف جورناؿ ‪ Mon Journal‬اللتُت لوحق مالكهما قضائيا ُب‬

‫‪ 2013‬بتهمة ا‪١‬تساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسبلمة الًتابية واستقرار ا‪١‬تؤسسات وسَتىا العادي‪،‬‬

‫باإلضافة إٔب توقيف جريدٌب الفجر وجرائد أخرى سنة ‪ 2014‬لعدـ استيفاء استحقاقاهتا ا‪١‬تالية حياؿ‬

‫شركة الطباعة للجزائر العاصمة (مطبعة عمومية قامت بتوقيف إصدار عشرات ا‪ٞ‬ترائد بعدما تلقت إشعارا‬

‫يدعوىا إٔب إعادة جدولة زمنية ‪ٞ‬ترائدىا)‪ ،‬كما أف األزمة االقتصادية قد أثرت على الصحافة ا‪١‬تكتوبة‬
‫‪3‬‬
‫وتسببت ُب تراجع ا‪١‬تبيعات وشح مصادر اإلعبلنات ا‪ٟ‬تكومية وا‪٠‬تاصة مع ظهور الصحافة اإللكًتونية‪.‬‬

‫وعليو فإف ا‪ٞ‬تزائر شهدت ٕتربة إعبلمية فريدة من نوعها مع اإلعبلف عن التعددية غَت أف األزمة اليت‬

‫صاحبت توقيف ا‪١‬تسار االنتخايب قد أثرت بشكل كبَت على استمرار ىذه التجربة بل وامتدت تبعاهتا إٔب‬

‫اآلف‪ ،‬ضف إٔب ذلك ا‪١‬تشاكل ا‪١‬تالية والبَتوقراطية اليت يتخبط فيها القطاع اإلعبلمي واليت أضعفت أداءه‬

‫و‪٫‬تشت دوره ُب تفعيل حرية الرأي ُب ا‪ٞ‬تزائر‪.‬‬

‫‪ 1‬جهيد سحوت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1708‬‬


‫‪ 2‬نصر الدين نواري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ 3‬عبد الر‪ٛ‬تن قنشوبة‪" ،‬الصحافة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪٠‬تاصة‪ :‬وىانات وٖتديات"‪ ،‬مجلة تاريخ العلوم‪ ،‬عدد ‪ ،10‬ديسمرب ‪ ،2017‬ص‪.25 ،24‬‬

‫‪213‬‬
‫ثانيا‪ :‬مظاىر الرقابة على الممارسة اإلعالمية في ظل قانون اإلعالم ‪:2222‬‬

‫جاء قانوف اإلعبلـ لعاـ ‪ 2012‬بعد عقدين كاملُت من تاريخ إصدار قانوف اإلعبلـ ‪،07-90‬‬

‫متضمنا الكثَت من األحكاـ ا‪ٞ‬تديدة ا‪١‬تنظمة لقطاع اإلعبلـ ُب ا‪ٞ‬تزائر مواكبة للتطورات الدولية واإلقليمية‬

‫ُب ىذا اجملاؿ واتساع ‪٣‬تاؿ ا‪ٟ‬تريات العامة‪ ،‬وضم ىذا القانوف ‪ 10‬أبواب ْتيث خصص الباب الثاين منو‬

‫لتنظيم نشاط الصحافة ا‪١‬تكتوبة والباب الثالث لسلطة ضبطها أما الباب الرابع فنظم نشاط السمعي‬

‫البصري والباب ا‪٠‬تامس نشاط وسائل اإلعبلـ اإللكًتونية‪،‬‬

‫و٘تيز ىذا القانوف بوضع ‪٣‬تموعة من الضوابط العامة ا‪١‬تتعلقة با‪١‬تمارسة اإلعبلمية ُب كافة اجملاالت‪ ،‬إضافة‬

‫إٔب فتح ‪٣‬تاؿ السمعي البصري أماـ ا‪٠‬تواص ألوؿ مرة منذ االستقبلؿ وكذا تنظيم ‪٣‬تاؿ ا‪١‬تمارسة اإلعبلمية‬

‫عرب األنًتنت‪ ،‬إضافة إٔب وضعو ىيئات لتنظيم ا‪١‬تمارسة اإلعبلمية منها السلطة ا‪١‬تستقلة لضبط الصحافة‬

‫ا‪١‬تكتوبة وسلطة ضبط النشاط السمعي البصري‪.‬‬

‫وتضمن ىذا القانوف ‪٣‬تموعة من ا‪ٟ‬تريات ‪١‬تمارسة النشاط اإلعبلمي‪ ،‬وأ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪٦ -‬تارسة النشاط اإلعبلمي ْترية‪.‬‬

‫‪ -‬إصدار كل نشرية دورية ْترية‪.‬‬

‫‪ -‬حق الطعن أماـ ا‪ٞ‬تهات القضائية ُب حاؿ رفض اعتماد إصدار نشرية دورية من طرؼ سلطة ضبط‬

‫الصحافة ا‪١‬تكتوبة‪.‬‬

‫‪٦ -‬تارسة نشاط اإلعبلـ عرب االنًتنت ْترية‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة تزويد الصحفي باألخبار وا‪١‬تعلومات‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫وإذا كاف القانوف قد كرس حرية ا‪١‬تمارسة اإلعبلمية من خبلؿ مواد ىذا القانوف إال أنو من جهة أخرى‬
‫‪1‬‬
‫فرض عدة قيود عليها مشلت كل آليات النشاط اإلعبلمي‪ ،‬منها احًتاـ الثوابت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الدستور وقوانُت ا‪ٞ‬تمهورية‪،‬‬

‫‪ -‬الدين اإلسبلمي وباقي األدياف‪،‬‬

‫‪ -‬ا‪٢‬توية الوطنية وأقيم الثقافية للمجتمع‪،‬‬

‫‪ -‬السيادة الوطنية والوحدة الوطنية‪،‬‬

‫‪ -‬متطلبات أمن لدولة والدفاع الوطٍت‪،‬‬

‫‪ -‬متطلبات النظاـ العاـ‪،‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تصاّب االقتصادية للببلد‪،‬‬

‫‪ -‬مهاـ والتزامات ا‪٠‬تدمة العمومية‪،‬‬

‫‪ -‬حق ا‪١‬تواطن ُب إعبلـ كامل وموضوعي‪،‬‬

‫‪ -‬سرية التحقيق القضائي‪،‬‬

‫‪ -‬الطابع التعددي لآلراء واألفكار‪،‬‬

‫‪ -‬كرامة اإلنساف وا‪ٟ‬تريات الفردية وا‪ٞ‬تماعية‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫وزيادة على ىذه الضوابط ‪٬‬تب على الصحفي‪:‬‬

‫‪ -‬احًتاـ شعارات الدولة ورموزىا‪،‬‬

‫‪ -‬االمتناع عن ا‪١‬تساس بالتاريخ الوطٍت‪،‬‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 25-22‬المتعلق باإلعالم‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،02‬الصادرة بتاريخ ‪ 15‬يناير‬
‫‪ ،2012‬ا‪١‬تادة ‪.02‬‬
‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.93 ،92‬‬

‫‪215‬‬
‫‪ -‬االمتناع عن ٘تجيد االستعمار‪،‬‬

‫‪ -‬االمتناع عن نشر أو بث صور أو أقواؿ ٘تس با‪٠‬تلق العاـ أو تستفز مشاعر ا‪١‬تواطن‪ ،‬وانتهاؾ ا‪ٟ‬تياة‬

‫الشخصية لؤلشخاص وشرفهم واعتبارىم وا‪ٟ‬تياة الشخصية للشخصيات العمومية بصفة مباشرة أو غَت‬

‫مباشرة‪.‬‬

‫وإذا كاف ىذا القانوف قد اعًتؼ للصحفي ْتق الوصوؿ إٔب مصدر ا‪٠‬ترب فقد ًب استثناء ىذا ا‪ٟ‬تق ُب‬
‫‪1‬‬
‫بعض ا‪ٟ‬تاالت‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ -‬عندما يتعلق ا‪٠‬ترب بسر الدفاع الوطٍت‪،‬‬

‫‪ -‬عندما ٯتس ا‪٠‬ترب بأمن الدولة والسيادة الوطنية مساسا واضحا‪،‬‬

‫‪ -‬عندما يتعلق ا‪٠‬ترب بسر البحث والتحقيق القضائي‪،‬‬

‫‪ -‬عندما يتعلق ا‪٠‬ترب بسر اقتصادي اسًتاتيجي‪،‬‬

‫‪ -‬عندما يكوف من شأف ا‪٠‬ترب ا‪١‬تساس بالسياسة ا‪٠‬تارجية وا‪١‬تصاّب االقتصادية للببلد‪.‬‬

‫وهبذا يكوف قانوف اإلعبلـ قد وضع ا‪١‬تبادئ العامة للممارسة اإلعبلمية ُب ا‪ٞ‬تزائر واليت تعرب ُب واقع‬

‫األمر عن قيود رقابية موسومة بعبارات عامة غَت دقيقة تفتح ‪٣‬تاال واسعا للسلطة للتحكم ُب ا‪ٟ‬تياة‬

‫اإلعبلمية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ .‬وللتعرؼ أكثر على واقع ا‪١‬تمارسة اإلعبلمية ُب ظل ىذا القانوف فمن البلزـ التطرؽ‬

‫إٔب واقع ‪٣‬تاالت ا‪١‬تمارسة اإلعبلمية بالتفصيل واليت تتشكل من‪:‬‬

‫‪ .2‬قطاع الصحافة المكتوبة‪:‬‬

‫تعرب الصحافة ا‪١‬تكتوبة عن الصحف واجملبلت ّتميع أنواعها اليت تصدر ُب فًتات منتظمة وٮتضع‬

‫إصدارىا لتصريح مسبق لدى سلطة ضبط الصحافة ا‪١‬تكتوبة‪ 2‬واليت ٘تنح االعتماد إٔب ا‪١‬تؤسسة الناشرة ُب‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.84‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.11‬‬

‫‪216‬‬
‫أجل ‪ 60‬يوما بدءا من تاريخ إيداع التصريح ْتيث يعترب اإليداع ٔتثابة موافقة على الصدور‪ 1،‬ويضم‬

‫االعتماد كل ا‪١‬تعلومات ا‪١‬تتعلقة بالناشر وخصائص النشرية ويسحب ُب حالة عدـ صدور النشرية ُب مدة‬

‫سنة ابتداء من تاريخ تسلمو‪ ،‬وكل تغيَت يدخل على العناصر ا‪١‬تكونة للتصريح يبلغ كتابيا لسلطة الضبط‬
‫‪2‬‬
‫كما ٯتكن أف يسحب ُب حاؿ عدـ صدور النشرية ُب مدة سنة‪.‬‬

‫كما أنو ‪٬‬تب أف تتوفر ُب ا‪١‬تدير ا‪١‬تسؤوؿ عن أي نشرية عدة شروط كا‪٠‬تربة اليت ال تقل عن ‪10‬‬

‫سنوات ُب ميداف اإلعبلـ و‪ 05‬سنوات ُب ميداف ٗتصص النشرية‪ ،‬إضافة إٔب أىم شرط وىو عدـ قيامو‬
‫‪3‬‬
‫بسلوؾ معاد لثورة نوفمرب ‪ 1954‬للمولودين قبل يوليو ‪.1942‬‬

‫وتنشأ سلطة ضبط الصحافة ا‪١‬تكتوبة‪ 4‬ا‪١‬تشكلة من ‪ 14‬عضوا يعينوف ٔترسوـ رئاسي منهم ‪ 3‬أعضاء‬

‫يعينهم رئيس ا‪ٞ‬تمهورية وعضواف غَت بر‪١‬تانيُت مقًتحُت من رئيس اجمللس الشعيب الوطٍت وعضواف غَت‬

‫بر‪١‬تانيُت مقًتحاف من رئيس ‪٣‬تلس األمة و‪ 7‬أعضاء منتخبوف باألغلبية ا‪١‬تطلقة من بُت الصحفيُت احملًتفُت‬

‫ذووا خربة تقدر عبل األقل ب ‪ُ 15‬ب ا‪١‬تهنة‪ ،‬وتقوـ ىذه ا‪٢‬تيئة برفع تقرير سنوري إٔب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‬
‫‪5‬‬
‫والرب‪١‬تاف لتبياف نشاطها‪ ،‬وىي مستقلة وتتمتع بالشخصية ا‪١‬تعنوية واالستقبلؿ ا‪١‬تإب‪.‬‬

‫غَت أف االعتمادات الضرورية لقياـ سلطة ضبط الصحافة ا‪١‬تكتوبة ٔتهامها تقيد ُب ا‪١‬تيزانية العامة للدولة‬

‫و٘تسك ‪٤‬تاسبتها طبقا لقواعد احملاسبة العمومية من قبل عوف ‪٤‬تاسب يعينو الوزير ا‪١‬تكلف با‪١‬تالية‪ 6،‬أي أف‬

‫مراقبة نفقات ضبط الصحافة ا‪١‬تكتوبة تتم طبقا إلجراءات احملاسبة العمومية وىذا ما يتناقض مع فكرة‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.13‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.19 ،18‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.23‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.40‬‬
‫‪ 5‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.43‬‬
‫‪ 6‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.49‬‬

‫‪217‬‬
‫استقبلليتها ا‪١‬تالية‪ ،‬كما أف ٖتكم السلطة ُب ا‪١‬تصادر ا‪١‬تالية ‪٢‬تذه ا‪٢‬تيئة يؤثر على استقبللية القرارات اليت‬

‫تتخذىا و‪٬‬تعل منها ىيئة تابعة ومنفذة للسياسات واألفكار اليت ٘تليها عليها السلطة‪.‬‬

‫‪ .2‬النشاط السمعي البصري‪:‬‬

‫ٯتارس النشاط السمعي البصري من قبل ىيئات عمومية ومؤسسات وأجهزة القطاع العمومي وا‪١‬تؤسسات‬

‫أو الشركات اليت ٗتضع للقانوف ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬وٮتضع إنشاء كل خدمة موضوعاتية لبلتصاؿ السمعي البصري‬

‫والتوزيع عرب خط اإلرساؿ اإلذاعي ا‪١‬تسموع أو التلفزي وكذا استخداـ الًتددات الكهربائية إٔب ترخيص‬
‫‪2‬‬
‫ٯتنح ٔتوجب مرسوـ‪ 1،‬ويتم تنفيذ اإلجراء ا‪١‬تتعلق ٔتنح الرخصة من طرؼ سلطة ضبط السمعي البصري‪.‬‬

‫ويًتتب على منح الرخصة إبراـ اتفاقية بُت سلطة الضبط وا‪١‬تستفيد ويتضمن دفًت الشروط العامة ‪٣‬تموعة‬

‫التزامات حصرهتا ا‪١‬تادة ‪ 48‬من قانوف السمعي البصري ُب ‪ 34‬شرطا والتزاما‪ ،‬منها احًتاـ متطلبات‬

‫الوحدة الوطنية وا‪١‬تصاّب االقتصادية والديبلوماسية للدولة وا‪١‬ترجعية الدينية والوطنية ومقومات اجملتمع ومبادئو‬

‫وروح ا‪١‬تواطنة واآلداب العامة والنظاـ العاـ والتعددية ا‪ٟ‬تزبية والفكرية باإلضافة إٔب االمتناع عن توظيف‬

‫الدين ألغراض سياسية واالمتناع عن اإلشادة بالعنف والتمييز العنصري واإلرىاب وعدـ ا‪١‬تساس با‪ٟ‬تياة‬

‫ا‪٠‬تاصة وشرؼ و‪ٝ‬تعة األشخاص وبا‪ٟ‬تياة ا‪٠‬تاصة للشخصيات العمومية‪.‬‬

‫وتتشكل سلطة ضبط السمعي البصري من ‪ 9‬أعضاء يعينوف ٔترسوـ رئاسي على النحو التإب‪5 :‬‬

‫أعضاء من بينهم الرئيس ٮتتارىم رئيس ا‪ٞ‬تمهورية وعضواف غَت بر‪١‬تانيُت يقًتحهما رئيس ‪٣‬تلس األمة‬

‫وعضواف غَت بر‪١‬تانيُت يقًتحها رئيس اجمللس الشعيب الوطٍت‪ 3،‬وىو ما يكرس ىيمنة رئيس ا‪ٞ‬تمهورية عليها‬

‫وغياب خرباء ُب القطاع‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.63 ،61‬‬


‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 24-24‬المتعلق بالنشاط السمعي البصري‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،16‬الصادرة‬
‫ُب ‪ 23‬مارس ‪ ،2014‬ا‪١‬تادة ‪.22‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.57‬‬

‫‪218‬‬
‫وت رسل ىذه السلطة تقريرا سنويا إٔب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ورئيسي غرفيت الرب‪١‬تاف كما ترسل تقريرا كل ثبلثة‬

‫أشهر عن نشاطها على سبيل اإلعبلـ إٔب السلطة ا‪١‬تخولة بالتعيُت‪ ،‬وتبلغ كل معلومة يطلبها وزير‬
‫‪1‬‬
‫االتصاؿ‪.‬‬

‫أما من الناحية ا‪١‬تالية فإف القانوف ا‪٠‬تاص بالسمعي البصري وكذا قانوف اإلعبلـ ٓب يشَتا إٔب االستقبللية‬

‫ا‪١‬تالية ‪٢‬تذه ا‪٢‬تيئة غَت أف ا‪١‬تادة ‪ 73‬من القانوف ‪ 04-14‬نصت على أنو تقًتح سلطة الضبط السمعي‬

‫البصري االعتمادات ا‪١‬تالية لضرورية لتأدية مهامها وتقيد تلك االعتمادات ُب ا‪١‬تيزانية العامة للدولة و٘تسك‬

‫‪٤‬تاسبتها وفق قواعد احملاسبة العمومية من قبل ‪٤‬تاسب يعينو الوزير ا‪١‬تكلف با‪١‬تالية‪٦ ،‬تا يعٍت أف ا‪٢‬تيئة غَت‬

‫مستقلة ماليا و‪٤‬تاسبتها مقيدة ضمن ا‪١‬تيزانية العامة للدولة‪.‬‬

‫‪ .3‬وسائل اإلعالم اإللكترونية‪:‬‬

‫يقصد بالصحافة اإللكًتونية كل خدمة اتصاؿ مكتوب عرب اإلنًتنت موجهة للجمهور وينشر بصفة‬

‫مهنية من قبل شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬أما خدمة السمعي البصري عرب اإلنًتنت فهي كل خدمة اتصاؿ‬

‫‪ٝ‬تعي بصري عرب اإلنًتنت (واب‪-‬تلفزيوف‪ ،‬واب‪-‬إذاعة) موجهة للجمهور وتنتج بصفة مهنية من قبل‬
‫‪2‬‬
‫شخص طبيعي أو معنوي‪.‬‬

‫وٮتضع النشاط اإلعبلمي عرب األنًتنت ألحكاـ ا‪١‬تادة ‪ 02‬السافة الذكر‪ ،‬كما ٮتضع إلجراءات‬

‫التسجيل ومراقبة صحة ا‪١‬تعلومات بإيداع تصريح مسبق من طرؼ ا‪١‬تدير ا‪١‬تسؤوؿ عن جهاز اإلعبلـ عرب‬
‫‪3‬‬
‫األنًتنت‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.87-86‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادتُت‪.67 ،‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 05-12‬ا‪١‬تتعلق باإلعبلـ‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.66‬‬

‫‪219‬‬
‫وختاما يبدو أنو رغم تطور ا‪١‬تنظومة القانونية ا‪١‬تنظمة للعمل اإلعبلمي ُب ا‪ٞ‬تزائر وفتح ‪٣‬تاؿ اإلعبلـ‬

‫البصري أماـ ا‪٠‬تواص إال أف القيود البَتوقراطية وا‪١‬تالية ا‪١‬تفروضة على ىذا النشاط من حيث التأسيس‬

‫وا‪١‬تمارسة العملية ٕتعل من ىذا القطاع ضعيفا وتابعا للدولة‪٦ ،‬تا ‪٬‬تعل ا‪ٞ‬تزائر دائما ُب ا‪١‬تراتب األخَتة من‬

‫حيث حرية الرأي والتعبَت‪ْ ،‬تيث صنفت ُب ا‪١‬ترتبة ‪ 134‬من التضييق العا‪١‬تي ‪ٟ‬ترية الصحافة حسب تقرير‬
‫‪1‬‬
‫منظمة مراسلوف ببل حدود لسنة ‪ 2017‬بًتاجع ‪ 05‬مراتب عن تقرير سنة ‪.2016‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التسيير البيروقراطي للعمل الحزبي والجمعوي‪.‬‬

‫يشكل اجملتمع ا‪١‬تدين أىم دعامة من دعائم النظاـ الدٯتقراطي‪ ،‬وأىم ركن من أركاف ا‪ٟ‬تكم الراشد إٔب‬

‫جانب الدولة والقطاع ا‪٠‬تاص‪ ،‬وتتجسد ىذه األ‪٫‬تية كلما استطاع النظاـ السياسي تكريس عبلقة صحية‬

‫بُت اجملتمع ا‪١‬تدين والدولة قوامها االعتماد ا‪١‬تتبادؿ مع ٖتقيق اجملتمع ا‪١‬تدين الستقبللية ٘تكنو من ضماف أداء‬

‫مهامو ودعم دوره ُب اجملتمع‪.‬‬

‫وكاف "جواؿ ‪٣‬تداؿ" (‪ )Joel S Migdal‬من أىم ا‪١‬تناقشُت وا‪١‬تؤسسُت لدراسة أكادٯتية حوؿ ىذه‬

‫العبلقة ٔتا أ‪ٝ‬تاه اقًتاب عبلقة الدولة واجملتمع‪ ،‬والذي صاغ أربعة أشكاؿ ‪٢‬تذه العبلقة معتمدا ُب ذلك على‬

‫معياري القوة والضعف‪ ،‬وىذه األشكاؿ ىي‪:‬‬

‫‪٪ -‬تط الدولة القوية واجملتمع القوي‪،‬‬

‫‪٪ -‬تط الدولة القوية واجملتمع الضعيف‪،‬‬

‫‪٪ -‬تط الدولة الضعيفة واجملتمع القوي‪،‬‬

‫‪٪ -‬تط الدولة الضعيفة واجملتمع الضعيف‪.‬‬

‫‪-https://www: Ajoar. Org.‬‬ ‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬قانوف اإلعبلـ‪ ،‬مثالية ال تطبق على أرض الواقع‪ ،‬ا‪١‬ترصد العريب للصحافة‪ُ ،‬ب‪:‬‬

‫‪221‬‬
‫وانطبلقا من ىذه األشكاؿ سنحاوؿ تفحص عبلقة الدولة باجملتمع ا‪١‬تدين ُب ا‪ٞ‬تزائر انطبلقا من األطر‬

‫القانونية ‪٢‬تذه العبلقة وا‪١‬تمارسة على أرض الواقع‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬لمحة عن تطور النظام القانوني لألحزاب السياسية والجمعيات في الجزائر‪.‬‬

‫ال ٯتكن ا‪ٟ‬تديث عن مظاىر تأثَت البَتوقراطية ُب األحزاب السياسية وا‪ٞ‬تمعيات حاليا دوف الرجوع إٔب‬

‫اإلرىاصات األولية لظهور ىذه التنظيمات وأىم التعديبلت الدستورية والقانونية اليت تشكل إطارىا‬

‫التنظيمي‪ ،‬وىذا ما سيتطرؽ إليو ىذا ا‪١‬تطلب من خبلؿ تناولو ألىم مراحل تطور النظاـ ا‪ٟ‬تزيب وا‪ٞ‬تمعوي‬

‫ُب ا‪ٞ‬تزائر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تطور نظام األحزاب السياسية في الجزائر‪.‬‬

‫عرفت ا‪ٞ‬تزائر الظاىرة ا‪ٟ‬تزبية منذ االستعمار حيث ٕتسدت آنذاؾ ُب التيارات السياسية اليت قادت‬

‫النضاؿ السياسي من أجل االستقبلؿ واليت انصهرت ‪ٚ‬تيعها ُب جبهة التحرير الوطٍت‪ ،‬ومباشرة بعد‬

‫االستقبلؿ اختارت السلطة ا‪ٟ‬تاكمة تبٍت ‪٪‬توذج ا‪ٟ‬تزب الواحد ُب ظل التوجو االشًتاكي للدولة‪ ،‬وما ميز‬

‫ىذه ا‪١‬ترحلة ا‪٨‬تصار كل أشكاؿ ا‪١‬تشاركة السياسية ُب بوتقة ا‪ٟ‬تزب الواحد ‪٦‬تا ولد أزمة ثقة بُت اجملتمع‬

‫والسلطة بسبب احتكار ىذه األخَتة لكل أوجو ا‪ٟ‬تياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫وكاف من نتائج ىذا التأزـ اندالع أحداث أكتوبر ‪ 1988‬واليت شكلت النقطة الفاصلة من مراحل تطور‬

‫النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬حيث واستجابة ‪١‬تطالب الشعب قرر النظاـ السياسي تبٍت ‪ٚ‬تلة من اإلصبلحات‬

‫السياسية واالقتصادية ًب التحوؿ ٔتوجبها من مرحلة األحادية إٔب مرحلة التعددية السياسية واالنفتاح‬

‫االقتصادي‪ ،‬وًب تكريس ذلك من خبلؿ دستور ‪.1989‬‬

‫‪221‬‬
‫حيث نص ىذا الدستور على أف حرية التعبَت وإنشاء ا‪ٞ‬تمعيات واالجتماع مضمونة للمواطن وعلى ىذا‬

‫األساس ًب فتح اجملاؿ إلنشاء ا‪ٞ‬تمعيات ذات الطابع السياسي‪ ،‬كما نص على أف حق إنشاء ا‪ٞ‬تمعيات‬

‫ذات الطابع السياسي معًتؼ بو وال ٯتكن التذرع هبذا ا‪ٟ‬تق لضرب ا‪ٟ‬تريات األساسية والوحدة الوطنية‬
‫‪1‬‬
‫والسبلمة الًتابية واستقبلؿ الببلد وسيادة الشعب‪.‬‬

‫وبعد صدور دستور ‪ً 1989‬ب تكريس حق إنشاء ا‪ٞ‬تمعيات ذات الطابع السياسي من خبلؿ إصدار‬

‫قانوف ‪ ،211-89‬ىذا القانوف الذي وصف على أنو نظاـ إخطار ال ٮتوؿ اإلدارة حق اٗتاذ أي قرار بل‬
‫‪3‬‬
‫يقتصر دورىا بالعلم بالنشاط ا‪١‬تزمع القياـ بو‪.‬‬

‫وعلى ىذا األساس ٘تيز تشكيل األحزاب السياسية وفق ىذا القانوف ٔتا يلي‪:‬‬

‫‪ -‬التسهيبلت اليت قدمت لؤلحزاب السياسية ْتيث كاف يكفي توفر ‪ 15‬شخصا لتأسيس ‪ٚ‬تعية ذات‬

‫طابع سياسي‪ ،‬وفق ما نصت عليو ا‪١‬تادة ‪ ،14‬إضافة إٔب تشجيع الدولة لؤلحزاب السياسية باالعتمادات‬

‫ا‪١‬تالية السنوية‪.‬‬

‫‪ -‬تغاضي الدولة عن ا‪١‬تبادئ األساسية ُب إصدار االعتماد الذي ٮتضع التصريح بو إٔب احًتاـ ا‪١‬تادة ‪05‬‬

‫منها باألخص عدـ تأسيس ا‪ٞ‬تمعية والعمل فيها على أساس قاعدة دينية ولغوية وجهوية أو االنتماء إٔب‬

‫جنس أو وضع مهٍت معُت أو عرؽ‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،1989‬ا‪١‬تادتُت ‪.40 ،39‬‬


‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 22-89‬المتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪،27‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 05‬يوليو ‪.1989‬‬
‫‪ 3‬إدريس بوكرا‪" ،‬نظاـ اعتماد األحزاب السياسية وفقا لؤلمر ‪ 09/97‬ا‪١‬تتضمن القانوف العضوي لؤلحزاب السياسية بُت ا‪ٟ‬ترية والتقييد"‪،‬‬
‫مجلة إدارة‪ ،‬مج‪ ،08 .‬ع‪ ،1998 ،02.‬ص‪.45‬‬

‫‪222‬‬
‫وسا‪٫‬تت ىذه العوامل ُب ظهور ما يقارب ‪ٚ 60‬تعية سياسية وانقسامها إٔب عدة تيارات ُب ظل ‪ٝ‬تاح‬

‫اإلدارة بتشكيل األحزاب السياسية وعدـ ‪٦‬تارسة أي ضغوط عليها‪ ،‬غَت أف ذلك ٓب يكن ليستمر طويبل‬

‫بعد األحداث اليت تلت إقرار التعددية‪.‬‬

‫ففي أوؿ انتخابات ‪٤‬تلية ُب جواف ‪ 1990‬على اجملالس احمللية واليت قدر عددىا ب‪٣ 1541‬تلس‬

‫بلديا و‪٣ 48‬تلسا والئيا أسفرت نتائجها عن فوز ساحق للتيار اإلسبلمي ‪٦‬تثبل ُب ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ‬

‫اليت استحوذت على ‪٣ 853‬تلسا بلديا و‪٣ 32‬تلسا والئيا وتلتها جبهة التحرير الوطٍت ب‪٣ 487‬تلسا‬

‫بلديا و‪٣ 14‬تلسا والئيا وبعد‪٫‬تا التجمع من أجل الثقافة والدٯتقراطية ب ‪٣ 87‬تلسا بلديا و‪٣‬تلس والئي‬

‫واحد‪ 1،‬كما استطا عت ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية أف ٖتقق فوزا ُب الدور األوؿ من االنتخابات التشريعية اليت جرت‬

‫ُب ‪ 26‬ديسمرب ‪ 1991‬بتحصلها على ‪ 188‬مقعدا مقابل ‪ 25‬مقعدا ‪ٞ‬تبهة القوى االشًتاكية و‪16‬‬
‫‪2‬‬
‫مقعدا ‪ٞ‬تبهة التحرير الوطٍت‪.‬‬

‫وألف النخبة العسكرية ٓب تكن مستعدة للتعايش مع الوضع ا‪ٞ‬تديد فقد أجربت رئيس ا‪ٞ‬تمهورية الشاذٕب‬

‫بن جديد على تقدًن استقالتو وإلغاء االنتخابات‪ ،‬ليتم بعدىا تنصيب ‪٣‬تلس أعلى للدولة بقيادة ‪٤‬تمد‬

‫بوضياؼ يوـ ‪ٍ 1992/01/11‬ب حظر ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ وفرض حالة الطوارئ‪ ،‬وبعد وفاة الرئيس‬

‫‪٤‬تمد بوضياؼ بتاريخ ‪ 29‬جواف ‪ 1992‬عُت علي كاُب على رأس اجمللس لكن النظاـ بقي يتخبط ُب‬

‫أزمتو ووصلت ٕتربة الدٯتقراطية إٔب طريق مسدود خاصة مع ما صاحب تلك الفًتة من أعماؿ عنف واسعة‬

‫‪ٝ‬تحت للجيش للتدخل مرة أخرى إلدارة األزمة السياسية إٔب جانب إدارتو لؤلزمة األمنية حيث وضع ثقتو‬
‫‪3‬‬
‫ُب اليامُت زرواؿ ليتم تنصيبو على رأس الدولة ُب ‪.1995‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.91-89‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ 3‬إ‪ٝ‬تاعيل قَتة وآخروف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.97 ،96‬‬

‫‪223‬‬
‫فعمل اليامُت زرواؿ مباشرة بعد توليو رئاسة ا‪ٞ‬تمهورية على إ‪٬‬تاد ا‪ٟ‬تلوؿ لؤلزمة من خبلؿ ٖتاوره مع كل‬

‫األطراؼ والعمل على مواصلة اإلصبلحات السياسية‪ ،‬ولذلك قدـ ‪٣‬تموعة من التعديبلت اليت مست‬

‫دستور ‪ 1989‬واليت جرى االستفتاء حو‪٢‬تا ُب ‪ 28‬نوفمرب ‪.1996‬‬

‫٘تحورت التعديبلت حوؿ شروط تأسيس األحزاب السياسية وعملها‪ ،‬فأكد ىذا الدستور على عدـ‬

‫استخداـ ا‪٢‬توية الوطنية ألغراض سياسية‪ 1‬وضماف حياد اإلدارة‪ 2،‬إضافة إٔب ضماف حق ا‪١‬تواطن ُب‬

‫ا‪١‬تشاركة الفعالة ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية‪ ،‬وكانت ىذه التعديبلت ترمي إٔب قطع الطريق على األحزاب اليت‬

‫تستغل الدين ُب العمل السياسي‪ ،‬إضافة إٔب ضماف نزاىة االنتخابات كوف ىذا التعديل الدستوري جاء‬

‫بعد أوؿ انتخابات رئاسية ُب ا‪١‬ترحلة التعددية للجزائر واليت فاز فيها اليامُت زرواؿ ُب انتخابات رئاسية‬

‫اهتمت فيها اإلدارة ٔتمارستها لتزوير واسع ُب االنتخابات‪.‬‬

‫و٘تت تر‪ٚ‬تة ىذه التعديبلت الدستورية ُب ‪٣‬تموعة من القوانُت العضوية منها القانوف ‪ 09-97‬ا‪١‬تتضمن‬

‫القانوف العضوي لؤلحزاب السياسية‪ 3،‬والذي ًب تعديلو فيما بعد ٔتوجب القانوف ‪ 404-12‬الذي كاف‬

‫ضمن ‪ٚ‬تلة إصبلحات سياسية تبناىا النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري كخطوة استباقية ورد فعل على أحداث‬

‫الربيع العريب ُب تونس ومصر رغبة ُب تفعيل ا‪١‬تسار الدٯتقراطي‪ ،‬كما أعطى التعديل الدستوري للعاـ‬

‫‪ 2016‬أ‪٫‬تية لؤلحزاب السياسية‪ ،‬من خبلؿ منحها ‪ٚ‬تلة من ا‪ٟ‬تقوؽ وا‪ٟ‬تريات‪ ،‬واالعًتاؼ ‪٢‬تا ْتقوقها‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،1996‬ا‪١‬تادة ‪.42‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،1996‬ا‪١‬تادة ‪.23‬‬
‫‪3‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر‪ 29-97‬المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪ 06‬مارس‬
‫‪.1997‬‬
‫‪ 4‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 24-22‬المتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،02‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 05‬جانفي ‪.2012‬‬

‫‪224‬‬
‫الدستورية ُب ‪٦‬تارسة أنشطتها السياسية ودعم ا‪١‬تعارضة حيث عدد ‪٣‬توعة من ا‪ٟ‬تقوؽ اليت تستفيد منها‬
‫‪1‬‬
‫األحزاب السياسية‪ ،‬ويتعلق األمر ب‪:‬‬

‫‪ -‬ا‪ٟ‬تق ُب حرية الرأي والتعبَت واالجتماع‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪ٟ‬تق ُب حيز زمٍت ُب وسائل اإلعبلـ العمومية يتناسب مع ٘تثيلها على ا‪١‬تستوى الوطٍت‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪ٟ‬تق ُب ٘تويل عمومي عند االقتضاء يرتبط بتمثيلها ُب الرب‪١‬تاف‪.‬‬

‫‪٦ -‬تارسة السلطة على الصعيدين احمللي والوطٍت من خبلؿ التداوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫كما فرض ذات الدستور ‪٣‬تموعة من القيود على نشاط األحزاب السياسية منها منع ضرب ا‪ٟ‬تريات‬

‫األساسية ومكونات ا‪٢‬توية الوطنية وا‪ٟ‬تدة الوطنية وأمن الوطن واستقبلؿ الببلد وسيادهتا وكذا الطابع‬

‫الدٯتقراطي وا‪ٞ‬تمهوري للدولة‪ ،‬إضافة إٔب منع تأسيس األحزاب على أساس ديٍت أو لغوي أو عرقي أو‬
‫‪2‬‬
‫جنسي أو مهٍت أو جهوي‪ ،‬وكذا التبعية للجهات األجنبية أو استعماؿ العنف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تطور نظام الجمعيات في الجزائر‪.‬‬

‫يضرب اجملتمع ا‪١‬تدين ّتذوره ُب تاريخ ا‪ٞ‬تزائر حيث أف بداياتو كانت منذ الوجود الفرنسي أين تشكلت‬

‫ا‪ٞ‬تمعيات وا‪١‬تنظمات األىلية مع بداية القرف العشرين‪ ،‬واتسمت ‪ٚ‬تيعها بالتأكيد على ا‪٢‬توية الثقافية‬
‫‪3‬‬
‫ا‪١‬تختلفة عن االستعمار الفرنسي‪.‬‬

‫أما بعد االستقبلؿ فقد سيطرت الدولة على كل ‪٣‬تاالت ا‪ٟ‬تياة وا‪١‬تؤسسات من خبلؿ التأميم وحظر أي‬

‫نشاط تنظيمي غَت ر‪ٝ‬تي خارج إطار حزب جبهة التحرير الوطٍت وىيمنت على منظمات اجملتمع ا‪١‬تدين من‬

‫خبلؿ استمرار العمل بقانوف ا‪ٞ‬تمعيات ا‪١‬توروث عن االستعمار الفرنسي لعاـ ‪ 41901‬إٔب غاية سنة‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.53‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.52‬‬
‫‪ 3‬ىناء عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫‪ 4‬أحبلـ بولكعيبات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.162 ،161‬‬

‫‪225‬‬
‫‪ 1970‬اليت صدرت فيها تعليمة ٖتدد اإلجراءات اليت ٗتص إنشاء وتسيَت وتنظيم ا‪ٟ‬تركة ا‪ٞ‬تمعوية اليت‬

‫كانت فعاليتها ‪٤‬تدودة‪ ،‬ومع صدور أمر ‪ 03‬ديسمرب ‪ 1971‬وضعت ا‪ٞ‬تمعيات ٖتت ضغط عإب ُب‬

‫حاؿ إخبل‪٢‬تا بأحد شروط الشكل أو ا‪١‬تضموف وأقر بتأسيس ٔتوجب قرار من السلطات العليا للحزب‪،‬‬

‫وزاد القانوف الصادر ُب ‪ 07‬جواف ‪ 1972‬من صبلحيات اإلدارة ُب فرض ا‪١‬تزيد من الرقابة على نشاط‬

‫ا‪ٞ‬تمعيات وتسيَتىا‪ ،‬وُب ظل تلك الظروؼ تشكلت ا‪١‬تنظمات ا‪ٞ‬تماىَتية كاالٖتاد العاـ للعماؿ ا‪ٞ‬تزائريُت‬

‫واٖتاد الفبلحُت ا‪ٞ‬تزائريُت واالٖتاد الوطٍت للشبيبة ا‪ٞ‬تزائرية واالٖتاد الوطٍت للنساء ا‪ٞ‬تزائريات وا‪١‬تنظمة‬

‫الوطنية للمجاىدين‪ ،‬ىذه ا‪ٞ‬تمعيات اليت استعملتها الدولة كأداة لضماف السيطرة والتحكم ُب اجملتمع‬
‫‪1‬‬
‫ا‪١‬تدين وتوظيفو عند ا‪ٟ‬تاجة‪.‬‬

‫كما أف أكد ميثاؽ ‪ 1976‬على وحدوية ا‪ٟ‬تزب الذي يتؤب التوجيو وعلى تبعية ا‪١‬تنظمات ا‪ٞ‬تماىَتية‬

‫‪ٞ‬تبهة التحرير الوطٍت وسيطرة ىذه األخَتة عليها‪ 2،‬وبقي تأثَت ا‪ٟ‬تزب واضحا على ا‪١‬تنظمات ا‪ٞ‬تماىَتية ُب‬
‫‪3‬‬
‫ميثاؽ ‪ 1986‬الذي أكد على أهنا امتداد للحزب الواحد‪.‬‬

‫وهبذا يكوف النظاـ السياسي ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب مرحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد قد أحكم سيطرتو على كافة تنظيمات‬

‫اجملتمع ا‪١‬تدين باحتوائها ضمن ا‪ٟ‬تزب الواحد واستبعاد ا‪١‬تنظمات ا‪١‬تختلفة مع إيديولوجية النظاـ‪ ،‬لكن ىذا‬

‫التهميش والتقييد من ا‪ٟ‬تريات كاف من أىم العوامل اليت ساعدت على اندالع أحداث أكتوبر ‪1988‬‬

‫واليت من أىم نتائجها إصدار دستور ‪ 1989‬الذي أقر التعددية السياسية‪ ،‬ليتم بعد ذلك إصدار القانوف‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.170‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.92-91‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.97‬‬

‫‪226‬‬
‫رقم ‪ 31-90‬ا‪١‬تؤرخ ُب ديسمرب ‪ 1990‬ا‪١‬تنظم للجمعيات ا‪١‬تدنية والذي ًب تعديلو ُب ‪ 2012‬بالقانوف‬

‫‪ 106-12‬بعد اإلصبلحات السياسية اليت أقرىا النظاـ السياسي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عالقة البيروقراطية بالنشاط الحزبي‬

‫ٮتضع تأسيس األحزاب السياسية وتشكيلها جملموعة من الشروط وٯتر عرب عدة مراحل تلعب فيها‬

‫اإلدارة دورا ‪٤‬تورايا ْتيث تتحكم ُب ‪ٚ‬تيع اإلجراءات القبيلية والبعدية ‪٦‬تا يؤثر على نشاط األحزاب‬

‫السياسية ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط وإجراءات تأسيس األحزاب السياسية واعتمادىا‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫تنقسم نظم تكوين األحزاب السياسية إٔب ‪ 03‬أنواع‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ -‬نظاـ يقوـ على إقرار ا‪ٟ‬ترية لكنو يعهد للقضاء أمر معاقبة ا‪١‬تخالفُت ‪ٟ‬تدود تلك ا‪ٟ‬ترية‪.‬‬

‫‪ -‬نظاـ اإلخطار الذي ال ٮتوؿ اإلدارة حق اٗتاذ أي قرار بل يقتصر دورىا على العلم بالنشاط ا‪١‬تزمع‬

‫القياـ بو‪.‬‬

‫‪ -‬نظاـ الًتخيص القائم على ا‪١‬توافقة ا‪١‬تسبقة لئلدارة لقياـ حزب قصد تفادي التجاوزات واالنزالقات ُب‬

‫ا‪١‬تمارسة ا‪ٟ‬تزبية‪.‬‬

‫وقد ذكرنا سالفا أف قانوف ا‪ٞ‬تمعيات ذات الطابع السياسي لسنة ‪ 1989‬قد نص على نظاـ اإلخطار‬

‫الذي ال ٮتوؿ اإلدارة حق اٗتاذ أي قرار بشأف تأسيس األحزاب بل يقتصر دورىا على العلم بالنشاط‬

‫ا‪١‬تزمع القياـ بو‪ ،‬حيث ي قتصر على مرحلة واحدة ُب التأسيس وىي اإلعبلـ ا‪١‬تسبق‪ ،‬غَت أف قانوف األحزاب‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 26-22‬المتعلق بالجمعيات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،02‬الصادرة بتاريخ ‪15‬‬
‫يناير ‪.2012‬‬
‫‪ 2‬إدريس بوكرا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪45‬‬

‫‪227‬‬
‫السياسية الذي صدر ُب ‪ 1997‬وكذا ُب ‪ 2012‬قد نصا على مرحليتُت ‪٫‬تا‪ :‬مرحلة التصريح بتأسيس‬

‫حزب‪ ،‬ومرحلة االعتماد‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫ْتيث تضم مرحلة التأسيس‪:‬‬

‫‪ -‬تصريح بالتأسيس ُب شكل ملف يقدـ إٔب وزير الداخلية‪.‬‬

‫‪ -‬تسليم قرار إداري بعقد ا‪١‬تؤ٘تر التأسيسي‪.‬‬

‫‪ -‬تسليم اعتماد ا‪ٟ‬تزب السياسي بعد استيفاء شروط ا‪١‬تطابقة‪.‬‬

‫يعد تقدًن طلب تأسيس حزب سياسي من أوؿ اإلجراءات ضمن إجراءات التأسيس‪ ،‬ويتم من خبلؿ‬

‫إيداع ا‪ٟ‬تزب السياسي ‪١‬تلف لدى وزارة الداخلية مقابل وصل إيداع بعد التأكد من الوثائق ا‪١‬تطلوبة ُب‬

‫ا‪١‬تلف والذي يضم طلبا موقعا من طرؼ ‪ 03‬أعضاء مؤسسُت وتعهد مكتوب يوقعو عضواف مؤسساف‬

‫على األقل عن كل والية منبثقة عن ربع واليات الوطن على األقل‪ ،‬ويتضمن التعهد مشروع القانوف‬

‫األساسي للحزب ُب ثبلث نسخ ومشروع ٘تهيدي لربنامج ا‪ٟ‬تزب وكذا مستخرجات عقود ميبلد األعضاء‬

‫ا‪١‬تؤسسُت ومستخرجات من صحيفة السوابق القضائية وشهادات ا‪ٞ‬تنسية وشهادات اإلقامة لؤلعضاء‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬تؤسسُت‪.‬‬

‫و‪٬‬تب أف تتوفر ُب األعضاء ا‪١‬تؤسسُت ‪ٚ‬تلة من الشروط منها‪ :‬ا‪ٞ‬تنسية ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،‬بلوغ سن ‪ 25‬سنة‪،‬‬

‫التمتع با‪ٟ‬تقوؽ ا‪١‬تدنية والسياسية‪ ،‬عدـ ا‪ٟ‬تكم عليهم ْترية سالبة للحرية‪ ،‬عدـ سلوكهم سلوكا معاديا‬

‫‪١‬تبادئ ثورة نوفمرب‪ ،‬أف ال يكونوا ُب حالة ا‪١‬تنع‪ 3،‬وىي نفس الشروط اليت نص عليها قانوف ‪ُ 09-97‬ب‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.16‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.19‬‬
‫‪ 3‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.17‬‬

‫‪228‬‬
‫ا‪١‬تادة ‪ ، 14‬غَت أف ىذه ا‪١‬تادة تضمنت شرط عدـ تورط العضو ا‪١‬تؤسس ا‪١‬تولود قبل جويلية ‪ُ 1942‬ب‬

‫أعماؿ ضد الثورة وىذا ما ًب إلغاؤه ُب قانوف ‪.04-12‬‬

‫وكل ىذه الشروط إف ٓب تتوفر ُب ملف التأسيس تكوف ذريعة لئلدارة لعدـ قبولو‪ ،‬إضافة إٔب أف ٖتضَت‬

‫ا‪١‬تلف ا‪١‬تطلوب يتطلب عقد لقاءات واجتماعات غَت أف السلطات العمومية ؤتوجب القانوف ‪28-89‬‬

‫ا‪١‬تتعلق باالجتماعات والسيما ا‪١‬تادتُت ‪ 04‬و‪ 05‬منو‪ ،‬ٯتكنها عرقلة انعقاد االجتماع خاصة ُب ظل قانوف‬

‫الطوارئ الذي ٓب يتم إلغاؤه إال ُب ‪.2011‬‬

‫بعد تقدًن ا‪١‬تلف تأٌب مرحلة دراسة مطابقة التصريح بتأسيس ا‪ٟ‬تزب من طرؼ وزارة الداخلية حيث‬

‫للوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية أجل أقصاه ‪ 60‬يوما للتأكد من مطابقة التصريح بتأسيس ا‪ٟ‬تزب السياسي بعد‬

‫التحقق من ‪٤‬تتوى التصر٭تات‪ 1‬وىو نفس ما نص عليو قانوف األحزاب ‪ ،09-97‬وبعد التأكد من ملف‬

‫التصريح بتأسيس حزب سياسي وا‪١‬توافقة عليو يرخص الوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية للحزب السياسي بعقد‬

‫مؤ٘تره التأسيسي وعلى األعضاء ا‪١‬تؤسسُت إشهار قرار ا‪١‬توافقة ُب يوميتُت إعبلميتُت وطنيتُت على األقل‬

‫وىذا النشر ىو الذي يسمح بعقد ا‪١‬تؤ٘تر التأسيسي ُب أجل أقصاه سنة واحدة‪ ،‬علما أف ا‪ٟ‬تزب السياسي‬

‫وفق قانوف ‪ 09-97‬كاف مطالبا بنشر ا‪١‬توافقة بعقد مؤ٘تر تأسيسي ُب ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية فقط وفق نص ا‪١‬تادة‬

‫‪.15‬‬

‫ويعد أيضا سكوت اإلدارة بعد انقضاء ‪ 60‬يوما ٔتثابة ترخيص بعقد ا‪١‬تؤ٘تر‪ ،‬أما ُب حالة رفض الًتخيص‬

‫فإف قرار الرفض ‪٬‬تب أف يكوف معلبل وقاببل للطعن أماـ ‪٣‬تلس الدولة ُب أجل أقصاه ‪ 30‬يوما بعدما كاف‬

‫الطعن ُب القانوف ‪ 09-97‬على درجتُت أماـ ا‪ٞ‬تهة القضائية اإلدارية ا‪١‬تختصة ُب أجل شهر واالستئناؼ‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪20‬‬

‫‪229‬‬
‫أماـ ‪٣‬تلس الدولة‪ 1،‬ويعد الًتخيص اإلداري الغيا إذا ٓب ينعقد ا‪١‬تؤ٘تر التأسيسي ُب اآلجاؿ ا‪١‬تنصوص عليها‬
‫‪2‬‬
‫‪٦‬تا يؤدي إٔب وقف كل نشاط لؤلعضاء ا‪١‬تؤسسُت‪.‬‬

‫ومن أؤب شروط اعتماد حزب سياسي ىو عقد ا‪١‬تؤ٘تر التأسيسي ُب حدود سنة واحدة من إشهار‬
‫‪3‬‬
‫الًتخيص‪ ،‬ومن متطلبات عقد ىذا ا‪١‬تؤ٘تر‪:‬‬

‫‪ -‬أف يكوف ‪٦‬تثبل بأكثر من ثلث عدد الواليات على األقل‪.‬‬

‫‪ -‬أف ‪٬‬تمع ا‪١‬تؤ٘تر بُت ‪ 400‬و‪ 500‬مؤ٘تر منتخبُت من طرؼ ‪ 1600‬منخرط على األقل‪ ،‬ودوف أف يقل‬

‫عدد ا‪١‬تؤ٘ترين عن ‪ 16‬مؤ٘ترا عن كل والية وعدد ا‪١‬تنخرطُت عن ‪ 100‬عن كل والية‪.‬‬

‫‪ -‬تضمُت عدد ا‪١‬تؤ٘ترين نسبة من النساء‪.‬‬

‫‪ -‬وجوب انعقاده على أرض الوطن‪.‬‬

‫‪ -‬إثبات االنعقاد ٔتحضر ٭ترره ‪٤‬تضر قضائي يذكر فيو ألقاب وأ‪ٝ‬تاء األعضاء ا‪١‬تؤسسُت وعدد ا‪١‬تؤ٘ترين‬

‫ا‪ٟ‬تاضرين ومكتب ا‪١‬تؤ٘تر وىيئات القيادة واإلدارة وكل العمليات أو الشكليات اليت ترتبت على أشغاؿ‬

‫ا‪١‬تؤ٘تر‪.‬‬

‫بعد إ٘تاـ إجراءات عقد ا‪١‬تؤ٘تر التأسيسي يتم تقدًن طلب االعتماد الذي حددت آجالو ب ‪ 30‬يوما‬

‫اليت تلي انعقاد ا‪١‬تؤ٘تر (حددت اآلجاؿ ُب القانوف ‪ 09-97‬ب ‪ 15‬يوما) من طرؼ عضو يفوضو ا‪١‬تؤ٘تر‬

‫إٔب الوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية‪ ،‬ويشًتط ُب طلب االعتماد عدة شروط من ضمنها نسخة من ‪٤‬تضر عقد‬

‫ا‪١‬تؤ٘تر وثبلث نسخ من برنامج ا‪ٟ‬تزب ومن قانونو األساسي‪ ،‬إضافة إٔب قائمة أعضاء ا‪٢‬تيئة القيادية والنظاـ‬

‫الداخلي‪ 4.‬غَت أنو إذا كاف قانوف ‪ 04-12‬قد أكد على الوثائق الثبوتية ألعضاء ا‪٢‬تيئات القيادية فقط‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪23‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪26‬‬
‫‪3‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪ 24‬و‪25‬‬
‫‪ 4‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.28 ،27‬‬

‫‪231‬‬
‫فإف القانوف ‪ُ 09-97‬ب ا‪١‬تادة ‪ 23‬كاف قد نص على الوثائق الثبوتية للقيادة وكذلك األعضاء ا‪١‬تسَتين‬

‫غَت ا‪١‬تؤسسُت‪.‬‬

‫لوزير الداخلية أجل ‪ 60‬يوما للتأكد من طلب االعتماد وُب حاؿ قبولو يتم اعتماد ا‪ٟ‬تزب بقرار صادر‬

‫من وزير الداخلية يتم نشره ُب ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية‪ ،‬وسكوت اإلدارة بعد انقضاء أجل ‪ 60‬يوما يعد أيضا ٔتثابة‬

‫اعتماد للحزب‪ ،‬أما ُب حاؿ رفض طلب االعتماد فعلى وزير الداخلية إصدار قرار معلل يكوف قاببل‬

‫للطعن أماـ ‪٣‬تلس الدولة والذي يعترب قبولو للطعن ٔتثابة اعتماد أيضا‪ ،‬ويبلغ فورا إٔب وزير الداخلية (كاف‬

‫قرار الرفض حسب قانوف ‪ُ 09-97‬ب ا‪١‬تادة ‪ 22‬قاببل للطعن أماـ ا‪ٞ‬تهة القضائية اإلدارية ‪١‬تدينة ا‪ٞ‬تزائر‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ولبلستئناؼ أماـ ‪٣‬تلس الدولة)‪.‬‬

‫ومن أمثلة األحزاب السياسية اليت ًب رفض اعتمادىا ‪٧‬تد رفض وزير الداخلية نور الدين يزيد زرىوين اعتماد‬

‫‪٣‬تموعة من األحزاب السياسية منها حركة الوفاء والعدؿ للدكتور "أ‪ٛ‬تد طالب اإلبراىيمي" مربرا ذلك بأف‬

‫ا‪ٟ‬تركة ىي عودة ‪ٟ‬تزب ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ احملظورة‪ ،‬إضافة إٔب رفض اعتماد ملف حزب ا‪ٞ‬تبهة‬

‫الدٯتقراطية لسيد "أ‪ٛ‬تد غزإب" رئيس ا‪ٟ‬تكومة األسبق بدوف مربر‪ ،‬وٓب يفتح ملف االعتماد ‪٣‬تددا إال سنة‬

‫‪ 2011‬غَت أف ا‪١‬تشكل بقي مطروحا لبعض األحزاب السياسية اليت طالبت باعتمادىا منها حزب االٖتاد‬

‫الدٯتقراطي االجتماعي ‪١‬تؤسسو كرًن طابو الذي ًب رفضو إٔب حد الساعة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نشاط األحزاب السياسية‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ .2‬التمويل‪٘ :‬توؿ نشاطات األحزاب السياسية من ا‪١‬تصادر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اشًتاكات األعضاء‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪٢‬تبات والوصايا‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تواد ‪ 29‬إٔب ‪.34‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.52‬‬

‫‪231‬‬
‫‪ -‬التربعات والعائدات ا‪١‬ترتبطة بنشاطات ا‪ٟ‬تزب و‪٦‬تتلكاتو‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تساعدات احملتملة اليت تقدمها الدولة‪.‬‬

‫وٯتكن للحزب السياسي االستفادة من إعانة من الدولة حسب عدد ا‪١‬تقاعد احملصل عليها ُب الرب‪١‬تاف‬

‫وعدد منتخبيو ُب اجملالس‪ ،‬على أف ا‪١‬تساعدات اليت ٘تنحها الدولة للحزب السياسي تكوف ‪٤‬تل مراقبة فيما‬
‫‪2‬‬
‫ٮتص وجهة استعما‪٢‬تا‪ 1،‬كما أف ا‪ٟ‬تزب ملزـ بتقدًن حساباتو السنوية لئلدارة ا‪١‬تختصة‪.‬‬

‫‪ .2‬التوقيف‪ :‬يتم توقيف ا‪ٟ‬تزب السياسي ُب حاليتُت‪:‬‬

‫‪ -‬توقيف ا‪ٟ‬تزب السياسي قبل اعتماده ُب حاؿ إخبللو بقانوف األحزاب السياسية أو خرؽ األعضاء‬

‫ا‪١‬تؤسسُت لو للقوانُت ا‪١‬تعموؿ هبا أو اللتزاماهتم قبل انعقاد ا‪١‬تؤ٘تر التأسيسي أو بعده أو حالة االستعجاؿ أو‬
‫‪3‬‬
‫االضطرابات الوشيكة الوقوع على النظاـ العاـ‪.‬‬

‫وٯتكن لوزير الداخلية وبقرار معلل وقف النشاطات ا‪ٟ‬تزبية وغلق ا‪١‬تقرات‪ ،‬وىذا القرار يكوف قاببل للطعن‬

‫أماـ ‪٣‬تلس الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬توقيف ا‪ٟ‬تزب السياسي بعد اعتماده توقيفا مؤقتا لنشاطو بقرار من ‪٣‬تلس الدولة إثر ‪٥‬تالفتو ألحكاـ‬

‫قانوف األحزاب السياسية‪ ،‬ويكوف ذلك متبوعا بتبليغ إعذار من قبل الوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية للحزب ا‪١‬تعٍت‬

‫بضرورة ا‪١‬تطابقة مع أحكاـ القانوف ُب أجل ‪٤‬تدد‪ ،‬وُب حالة عدـ استجابة ا‪ٟ‬تزب يتم توقيف نشاطو من‬
‫‪4‬‬
‫طرؼ ‪٣‬تلس الدولة بناء على إخطار من وزير الداخلية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ .3‬الحل‪ :‬ويكوف إما إراديا أو عن طريق القضاء‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪ 58‬و‪.59‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.61‬‬
‫‪ 3‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.64‬‬
‫‪ 4‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.67 ،66‬‬
‫‪ 5‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪70،69‬‬

‫‪232‬‬
‫‪ -‬ا‪ٟ‬تل اإلرادي الذي يكوف من طرؼ ا‪٢‬تيئة العليا للحزب‪ ،‬ويتم إعبلـ وزير الداخلية بانعقاد ا‪٢‬تيئة‬

‫ؤتوضوعها‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪ٟ‬تل القضائي الذي يكوف بطلب من الوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية أماـ ‪٣‬تلس الدولة‪ ،‬وذلك ُب حالة قياـ‬

‫ا‪ٟ‬تزب السياسي بنشاطات ‪٥‬تالفة ألحكاـ القانوف العضوي أو عدـ تقدًن ا‪ٟ‬تزب مرشحُت ألربعة‬

‫انتخابات متتالية تشريعية و‪٤‬تلية على األقل أو ثبوت عدـ قيامو بنشاطاتو التنظيمية أو العودة ُب ‪٥‬تالفة‬

‫أحكاـ ا‪١‬تادة ‪ 66‬بعد أوؿ توقيف (‪٥‬تالفة أحكاـ قانوف األحزاب)‪ ،‬وتعد ىذه الشروط ضمانة الستمرارية‬

‫أداء األحزاب السياسية وانتظامها ُب نشاطاهتا‪ ،‬وأف ال تكوف مناسباتية‪.‬‬

‫كما ٯتلك وزير الداخلية صبلحيات مهمة ٓب ترد ُب القانوف ‪ 09-97‬منها إمكانية اٗتاذه ‪ٚ‬تيع التدابَت‬

‫التحفظية الضرورية ُب حالة االستعجاؿ وقبل الفصل ُب الدعوى القضائية ا‪١‬ترفوعة لتجنب أو مواجهة أو‬

‫إيقاؼ وضعيات االستعجاؿ وخرؽ القوانُت ا‪١‬تعموؿ هبا‪ ،‬وٯتكن للحزب السياسي ا‪١‬تعٍت تقدًن طعن أماـ‬

‫‪٣‬تلس الدولة الفاصل ُب القضايا االستعجالية لطلب إلغاء اإلجراء التحفظي ا‪١‬تقرر وال يوقف إيداع ىذا‬
‫‪1‬‬
‫الطعن تنفيذ القرار‪.‬‬

‫وعلى العموـ فا‪١‬تبلحظ ىو أف األحزاب السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر اىتمت مباشرة بعد االستقبلؿ بالصراع‬

‫حوؿ السلطة الذي غالبا ما كانت ٖتسمو ا‪١‬تؤسسة العسكرية لصاّب عناصرىا‪ ،‬واليت بدورىا ارتأت تفعيل‬

‫ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب مواجهة األحزاب السياسية وذلك ما مكن ىذا ا‪ٞ‬تهاز من التحكم ُب دورىا ُب ظل‬

‫ا‪١‬ترحلتُت األحادية والتعددية‪ ،‬فزاد ضعف األحزاب السياسية مع تشديد آليات الرقابة والتحكم من خبلؿ‬

‫التسيَت البَتوقراطي الذي تبدو مظاىره ُب ا‪١‬تركزية الشديدة ‪٦‬تثلة ُب وزارة الداخلية وما ٘تلكو من سلطة‬

‫تقديرية وقيود بَتوقراطية منها إجراءات التأسيس واالعتماد وا‪١‬تعايَت الفضفاضة اليت ٖتكمها‪٦ ،‬تا ساىم ُب‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 04-12‬ا‪١‬تتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.71‬‬

‫‪233‬‬
‫تراجع فاعلية األحزاب السياسية واليت اعتربىا "لوسياف باي" (‪ )Lucian Pye‬أكرب مشكلة تواجو بناء‬

‫أي أمة وعائق أماـ ٖتقيق التنمية السياسية‪ ،‬وىي من أىم اإلشكاليات اليت مازاؿ يواجهها النظاـ السياسي‬

‫ا‪ٞ‬تزائري ُب سعيو ‪٨‬تو الدٯتقراطية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬عالقة البيروقراطية بالنشاط الجمعوي‬

‫إف اإلدارة ُب ا‪ٞ‬تزائر ٘تتلك صبلحيات واسعة ُب اعتماد ا‪ٞ‬تمعيات والتحكم ُب ‪ٚ‬تيع نشاطاهتا من‬

‫خبلؿ ما ٮتولو إياىا القانوف‪ ،‬وىذا ما سنحاوؿ إبرازه ُب ىذا ا‪١‬تطلب للتعرؼ أكثر على واقع النشاط‬

‫ا‪ٞ‬تمعوي ُب ظل القيود البَتوقراطية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تأسيس الجمعيات‪.‬‬

‫تعرؼ ا‪ٞ‬تمعية بأهنا ٕتمع أشخاص طبيعيُت أو معنويُت على أساس تعاقدي ‪١‬تدة ‪٤‬تددة أو غَت ‪٤‬تدد‪،‬‬

‫ويشًتط ُب ا‪ٞ‬تمعية أف تكوف نشاطاهتا لغرض غَت مربح وتندرج أىدافها ضمن الصاّب العاـ وأال تكوف‬
‫‪1‬‬
‫‪٥‬تالفة للثوابت والقيم الوطنية والنظاـ العاـ واآلداب العامة وأحكاـ القوانُت والتنظيمات ا‪١‬تعموؿ هبا‪.‬‬

‫ومن الشروط الواجب توفرىا ُب أعضاء ا‪ٞ‬تمعيات ىو بلوغ سن ‪ 18‬سنة والتجنس با‪ٞ‬تنسية ا‪ٞ‬تزائرية‪،‬‬

‫إضافة إٔب التمتع با‪ٟ‬تقوؽ ا‪١‬تدنية والسياسية وعدـ ا‪ٟ‬تكم عليهم ّتناية أو جنحة تتناَب مع ‪٣‬تاؿ نشاط‬

‫ا‪ٞ‬تمعيات‪ 2،‬وكاف قانوف ‪ 31-90‬قد نص أيضا ُب ا‪١‬تادة ‪ُ 04‬ب شروط تأسيس ‪ٚ‬تعية على شرط‬

‫ا‪ٞ‬تنسية والتمتع با‪ٟ‬تقوؽ ا‪١‬تدنية والسياسية وأف ال يكونوا قد سبق ‪٢‬تم سلوؾ ‪٥‬تالف ‪١‬تصاّب كفاح التحرير‬

‫الوطٍت‪ ،‬وعدت ا‪ٞ‬تمعية باطلة ُب ا‪١‬تادة ا‪٠‬تامسة من ذات القانوف إذا ٓب تتوفر ىذه الشروط وإذا كاف ىدؼ‬

‫تأسيسها ٮتالف النظاـ التأسيس القائم أو النظاـ العاـ أو اآلداب العامة‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.02‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.04‬‬

‫‪234‬‬
‫وتؤسس ا‪ٞ‬تمعية أو ‪٬‬تتمع أعضاؤىا ُب ‪ٚ‬تعية تأسيسية تثبت ٔتوجب ‪٤‬تضر اجتماع قضائي‪ ،‬وٮتضع‬

‫تأسيسها إٔب تصريح تأسيسي وإٔب تسليم وصل تسجيل يودع لدى اجمللس الشعيب البلدي بالنسبة‬

‫للجمعيات البلدية والوالية بالنسبة للجمعيات الوالئية والوزارة ا‪١‬تكلفة بالداخلية بالنسبة للجمعيات الوطنية‬

‫أو ما بُت الواليات‪ ،‬ويودع التصريح مقابل وصل إيداع تسلمو وجوبا اإلدارة ا‪١‬تعنية مباشرة بعد تدقيق‬

‫حضوري لوثائق ا‪١‬تلف وٯتنح لئلدارة أجل لدراسة ا‪١‬تلف قدر ب‪ 30‬يوما للجمعيات البلدية و‪ 40‬يوما‬

‫للجمعيات الوالئية و‪ 45‬يوما للجمعيات ما بُت الواليات و‪ 60‬يوما للجمعيات الوطنية‪ ،‬حيث خبلؿ‬

‫ىذه ا‪١‬تدة يتعُت على اإلدارة تسليم وصل تسجيل ذو قيمة اعتماد أو اٗتاذ قرار الرفض‪ ،‬وعند انقضاء ىذه‬

‫اآلجاؿ يعد عدـ رد اإلدارة ٔتثابة اعتماد ا‪ٞ‬تمعية ا‪١‬تعنية ‪٦‬تا يوجب على اإلدارة تسليمها وصل تسجيل‪.‬‬

‫على أف قرار رفض تسليم وصل التسجيل ‪٬‬تب أف يكوف معلبل من طرؼ ا‪٢‬تيئة الوصية‪ ،‬حيث ٘تلك‬

‫ا‪ٞ‬تمعية أقل من ‪ 03‬أشه ر لرفع دعوى اإللغاء أماـ احملكمة اإلدارية ا‪١‬تختصة‪ ،‬وإذا كاف قرار احملكمة لصاّب‬

‫ا‪ٞ‬تمعية ٯتنح ‪٢‬تا وجوبا وصل التسجيل‪ ،‬كمل ٯتنح لئلدارة ُب نفس الوقت أجل أقصاه ‪ 03‬أشهر لرفع‬
‫‪1‬‬
‫دعوى إلغاء تأسيس ا‪ٞ‬تمعية أماـ ا‪ٞ‬تهة القضائية ا‪١‬تختصة ويكوف ىذا الطعن غَت موقف للتنفيذ‪.‬‬

‫ومن واجب ا‪ٞ‬تمعيات إببلغ السلطات العمومية ا‪١‬تختصة عند عقد ‪ٚ‬تعياهتا العامة بالتعديبلت اليت‬

‫تطرأ على قانوهنا األساسي وىيئاهتا التنفيذية خبلؿ ‪ 30‬يوما‪ ،‬كما ‪٬‬تب عليها أف تقدـ نسخا من ‪٤‬تاضر‬

‫اجتماعاهتا وتقاريرىا األدبية وا‪١‬تالية السنوية إٔب السلطة العمومية ا‪١‬تختصة‪ 2،‬وتعلم وزير الداخلية مسبقا‬
‫‪3‬‬
‫وتطلب رأي وزير ا‪٠‬تارجية ُب حاؿ رغبتها ُب اال‪٩‬تراط ُب ‪ٚ‬تعيات أجنبية‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تواد من ‪ 06‬إٔب ‪.10‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.18،19‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪22‬‬

‫‪235‬‬
‫وٗتضع ا‪ٞ‬تمعيات الدينية وذات الطابع ا‪٠‬تاص إٔب نفس قواعد التصريح والتسجيل ا‪١‬تنصوص عليها ُب‬

‫القانوف ‪ ،06-12‬وىي ‪ٚ‬تعيات ٓب يرد ذكرىا ُب القانوف القدًن‪ ،‬كما ٮتضع طلب إنشاء ‪ٚ‬تعية أجنبية إٔب‬

‫االعتماد ا‪١‬تسبق من الوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية الذي يتوفر بعد استطبلع رأي وزير الشؤوف ا‪٠‬تارجية ووزير‬
‫‪1‬‬
‫القطاع ا‪١‬تعٍت على أجل ‪ 90‬يوما ‪١‬تنح االعتماد أو رفضو وذلك‪.‬‬

‫إف قانوف ‪ 06-12‬قائم على نظاـ الًتخيص عكس قانوف ‪ 90-31‬الذي يقوـ على طلب اإلدارة‬

‫‪٦‬تارسة النشاط‪ ،‬حيث تتكوف ا‪ٞ‬تمعية ْترية وإرادة أعضائها ا‪١‬تؤسسُت إثر ‪ٚ‬تعية عامة تأسيسية ٕتمع ‪15‬‬

‫عضوا على األقل‪ ،‬وتؤسس ا‪ٞ‬تمعية بإيداع تصريح التأسيس لدى السلطات العمومية ا‪١‬تختصة‪ ،‬وتسلم‬

‫وصل تسجيل تصريح التأسيس من السلطة العمومية ا‪١‬تختصة خبلؿ ‪ 60‬يوما على األكثر من يوـ إيداع‬

‫ا‪١‬تلف ودراسة مطابقتو ألحكاـ القانوف‪ ،‬وٗتطر السلطة ا‪١‬تختصة الغرفة اإلدارية ُب اجمللس القضائي ا‪١‬تختص‬

‫إقليميا خبلؿ ‪ 08‬أياـ على األكثر إذا رأت أف تكوين ا‪ٞ‬تمعية ٮتالف أحكاـ القانوف وإذا ٓب ٗتطر ا‪ٞ‬تهة‬
‫‪2‬‬
‫القضائية ا‪١‬تذكورة عدت ا‪ٞ‬تمعية مكونة قانوف بعد انقضاء األجل ا‪١‬تقرر لتسليم وصل التسجيل‪.‬‬

‫إف ا‪١‬تبلحظ على قانوف ‪ 31-90‬وقوعو ُب مغالطة من حيث نظاـ التصريح‪ ،‬حيث ما تقرر فيو من‬

‫شروط ىو تعبَت عن نظاـ الًتخيص الذي يقوـ على طلب إذف اإلدارة ُب ‪٦‬تارسة النشاط‪.‬‬

‫إف القانوف ا‪ٟ‬تإب ‪ 06-12‬يضع العديد من العوائق اليت ٕتعل اإلدارة حكما وخصما لتأسيس ىذه‬

‫ا‪١‬تنظمات‪ ،‬وُب ىذا الشأف يقًتح "عمر سعد اهلل" ضماف تأسيس ا‪١‬تنظمات على أساس حق التأسيس دوف‬

‫ا‪ٟ‬تاجة إٔب ترخيص أو إذف مسبق‪ ،‬فا‪١‬تنظمات ينبغي أف تتأسس ٔتجرد اتفاؽ إرادة مؤسسيها و‪٬‬توز‬

‫اإلعبلف عنها ٔتجرد اإلعبلـ أو اإلخطار ا‪١‬تسبق‪ ،‬وال ٯتكن إخضاع التأسيس ألي تدخل مسبق من‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.61‬‬


‫‪2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 32-92‬المتعلق بالجمعيات‪ ،‬ا‪١‬تؤرخ ُب ‪ 04‬ديسمرب ‪ ،1990‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪،53‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 05‬ديسمرب ‪ ،1990‬ا‪١‬تواد ‪.08،07،06‬‬

‫‪236‬‬
‫السلطة اإلدارية أو من السلطة القضائية كما ال ‪٬‬تب أف تتسم إجراءات التأسيس بالوضوح والبساطة‬
‫‪1‬‬
‫وبدوف تكلفة ودوف ا‪٠‬تضوع للسلطة التقديرية لئلدارة‪.‬‬

‫لقد عرفت ا‪ٞ‬تزائر ُب تسعينيات القرف ا‪١‬تاضي وثبة للمجتمع ا‪١‬تدين بتأسيس عدد كبَت من ا‪ٞ‬تمعيات‬

‫اىتمت ْتقوؽ اإلنساف وترقية حقوؽ ا‪١‬ترأة والطفل والدفاع عن البيئة‪ ،‬إضافة إٔب ‪ٚ‬تعيات مهنية خاصة‬

‫بالتجار والفنانُت وا‪١‬تقاولُت‪ ،‬وتشَت اإلحصائيات إٔب أف ‪ %75‬من ا‪ٞ‬تمعيات الناشطة ظهرت ما بُت‬

‫‪ 1990‬و‪ ،2004‬وبلغ عدد ا‪ٞ‬تمعيات ‪ 80‬ألف ‪ٚ‬تعية‪ ،‬ونشاط أغلب ىذه ا‪ٞ‬تمعيات يتسم بالطابع‬

‫الظرُب ا‪١‬تناسباٌب وٗتتفي أغلبها لعجزىا عن إنتاج نفسها ماديا واجتماعيا بسبب ارتباطها بدعم الدولة وىو‬
‫‪2‬‬
‫ما يفسر ضعف اال‪٩‬تراط فيها حيث ال تفوؽ ‪ %04‬مقابل ‪ُ %11‬ب ا‪١‬تغرب و‪ُ %44‬ب فرنسا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نشاط الجمعيات وحلها‪.‬‬

‫‪ .1‬التمويل‪ :‬تعد الدولة ا‪١‬تصدر األوؿ واألساسي ُب ٘تويل ا‪ٞ‬تمعيات خاصة تلك اليت ٗتدـ‬

‫سياستها‪ ،‬إذ تقدـ ‪٢‬تا أمواال طائلة بطريقة منتظمة وتتحمل أعباء تسيَتىا‪ ،‬أما اإلعانات اليت‬

‫تقدمها إٔب‬

‫ا‪ٞ‬تمعيات األخرى فتتمثل ُب مبالغ ‪٤‬تدودة جدا ال تغطي حاجياهتا األساسية ‪٦‬تا أدى إٔب ضعف أدائها‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وتتكوف موارد ا‪ٞ‬تمعيات ‪٦‬تا يأٌب‪:‬‬

‫‪ -‬اشًتاكات أعضائها‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪١‬تداخيل النقدية والعينية والوصايا‪.‬‬

‫‪ -‬مداخيل ‪ٚ‬تع التربعات‪.‬‬

‫‪ 1‬عمر سعد اهلل‪ ،‬عمر سعد اهلل‪ ،‬المنظمات غير الحكومية في الجزائر بعد االستقالل‪ ،‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار ىومة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص ص‪.165 ،164‬‬
‫‪ 2‬أحبلـ بولكعيبات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.181 ،180‬‬
‫‪ 3‬القانوف ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.29‬‬

‫‪237‬‬
‫‪ -‬اإلعانات اليت تقدمها الدولة أو الوالية أو البلدية‪ ،‬وىو نفس ما نص عليو قانوف ‪ُ 31-90‬ب ا‪١‬تادتُت‬

‫‪ 26‬و‪.29‬‬

‫وٯتنع على ا‪ٞ‬تمعيات ا‪ٟ‬تصوؿ على أمواؿ ترد من تنظيمات أجنبية أو منظمات غَت حكومية أجنبية ما‬

‫عدا تلك النإتة عن عبلقات التعاوف ا‪١‬تؤسسة قانونا وٮتضع ىذا التمويل إٔب ا‪١‬توافقة ا‪١‬تسبقة للسلطة‬

‫ا‪١‬تختصة‪ ،‬كما أنو ‪٬‬تب أال تستخدـ ا‪١‬توارد النا‪ٚ‬تة عن نشاطات ا‪ٞ‬تمعية إال لتحقيق األىداؼ احملددة ُب‬

‫قانوهنا األساسي‪ 1،‬وتستفيد ا‪ٞ‬تمعيات اليت تعًتؼ ‪٢‬تا السلطة العمومية بأف نشاطها ذو صاّب عاـ أو‬

‫منفعة عامة من إعانات ومساعدات مالية من الدولة أو الوالية أو البلدية سواء كانت مقيدة أو غَت مقيدة‬

‫بشروط‪ ،‬وُب حاؿ ما إذا كانت مقيدة بشروط فإف منحها يتوقف على التزاـ ا‪ٞ‬تمعية ا‪١‬تستفيدة بدفًت‬

‫شروط ٭تدد برامج النشاط وكيفيات ا‪١‬تراقبة‪ ،‬وٖتدد شروط وكيفيات االعًتاؼ بالصاّب العاـ أو ا‪١‬تنفعة‬

‫العمومية عن طريق التنظيم‪ 2،‬ويذكر أف استخداـ ا‪ٞ‬تمعيات لئلعانات وا‪١‬تساعدات وا‪١‬تسا‪٫‬تات ألغراض‬
‫‪3‬‬
‫أخرى يؤدي إٔب تعليقها أو سحبها هنائيا ما ٓب ترخص بذلك السلطة العمومية‪.‬‬

‫‪ .2‬التعليق‪ :‬أعطى القانوف ‪ 31-90‬ا‪ٟ‬تق للسلطة العمومية ا‪١‬تختصة بتعليق نشاط ا‪ٞ‬تمعية و‪ٚ‬تيع‬

‫‪ .3‬التدابَت التحفظية ا‪٠‬تاصة بتسيَت األمبلؾ‪ ،‬ويكوف حل ا‪ٞ‬تمعية إراديا أو معلنا بالطرؽ القضائية‪،‬‬

‫حيث يكوف بالطرؽ القضائية بناء على طلب السلطة العمومية أو شكوى الغَت إذا مارست ا‪ٞ‬تمعية نشاطا‬

‫‪٥‬تالفا للقوانُت ا‪١‬تعموؿ هبا‪ ،‬حيث تأمر احملكمة بناء على طلب النيابة العامة باٗتاذ تدابَت ٖتفظية أو‬

‫ٔتصادرة أمبلؾ ا‪ٞ‬تمعية اليت تتعرض للحل القضائي‪ 4.‬ووردت إضافة ُب القانوف ‪ 12-06‬وىي ا‪١‬تادة ‪39‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.31 ،30‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.34‬‬
‫‪3‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.37‬‬
‫‪ 4‬القانوف ‪ 31-90‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.36، 35‬‬

‫‪238‬‬
‫اليت أكدت على أنو يعلق نشاط كل ‪ٚ‬تعية أو ٖتل ُب حالة التدخل ُب الشؤوف الداخلية للببلد أو ا‪١‬تساس‬

‫بالسيادة الوطنية‪.‬‬

‫كما نص القانوف على أف خرؽ ا‪ٞ‬تمعية للمواد ‪ 63 ،60 ،55 ،30 ،28 ،19 ،18 ،15‬من‬

‫قانوف ا‪ٞ‬تمعيات يؤدي إٔب تعليق نشاطها ‪١‬تدة ال تتجاوز ‪ 06‬أشهر‪ ،‬ويتعلق األمر بعدـ انتخاب ا‪٢‬تيئة‬

‫التنفيذية حسب ا‪١‬تبادئ الدٯتقراطية وعدـ تبليغ السلطات العمومية ا‪١‬تختصة عند عقد ‪ٚ‬تعياهتا العامة‬

‫بالتعديبلت اليت تدخل على قانوهنا األساسي والتغَتات اليت تطرأ على ىيئاهتا التنفيذية‪ ،‬إضافة إٔب تقدًن‬

‫نسخ من ‪٤‬تاضر اجتماعاهتا وتقاريرىا األدبية وا‪١‬تالية السنوية إٔب السلطة العمومية ا‪١‬تختصة‪ ،‬وعدـ تضمُت‬

‫قوانينها األساسية بنودا أو إجراءات ٘تييزية ٘تس با‪ٟ‬تريات األساسية ألعضائها‪ ،‬وعدـ حصو‪٢‬تا على أمواؿ‬

‫ترد إليها من تنظيمات أجنبية ومنظمات غَت حكومية أجنبية‪ ،‬على أف قرار التعليق لنشاط ا‪ٞ‬تمعية يسبقو‬

‫إعذار بوجوب مطابقة أحكاـ القانوف‪ ،‬وعند انقضاء أجل ‪ 03‬أشهر من تبليغ اإلعذار وإذا بقي بدوف‬

‫جدوى تتخذ السلطة العمومية ا‪١‬تختصة قرارا إداريا بتعليق نشاط ا‪ٞ‬تمعية‪ ،‬ويبلغ ‪٢‬تا ىذا القرار ليصبح‬
‫‪1‬‬
‫التعليق ساري ا‪١‬تفعوؿ ابتداء من تاريخ تبليغ القرار‪.‬‬

‫‪ .4‬الحل‪ :‬ويكوف حبل إراديا أو معلنا عن طريق القضاء ويبلغ للسلطة اليت منحت ‪٢‬تا االعتماد‪،‬‬

‫ويعلن‬
‫‪3‬‬
‫ا‪ٟ‬تل اإلرادي طرؼ أعضاء ا‪ٞ‬تمعية‪ 2،‬وٯتكن طلب حل ا‪ٞ‬تمعية من قبل‪:‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 06/12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.41‬‬


‫‪2‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.42‬‬
‫‪3‬القانوف العضوي ‪ 06-12‬ا‪١‬تتعلق با‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.43‬‬

‫‪239‬‬
‫‪ -‬السلطة العمومية ا‪١‬تختصة أماـ احملكمة اإلدارية ا‪١‬تختصة إقليميا عندما ٘تارس ىذه ا‪ٞ‬تمعية نشاطها أو‬

‫عدة أنشطة أخرى غَت تلك اليت نص عليها قانوهنا األساسي أو حصلت على أمواؿ ترد إليها من‬

‫تنظيمات أجنبية أو عند إثبات توقفها عن ‪٦‬تارسة نشاطها بشكل واضح‪.‬‬

‫‪ -‬الغَت ُب حالة نزاع حوؿ ا‪١‬تصلحة مع ا‪ٞ‬تمعية أماـ ا‪ٞ‬تهة القضائية ا‪١‬تختصة‪.‬‬

‫إف تفحص ىذه ا‪١‬تواد يربز أف قرار تعليق أو حل ‪ٚ‬تعية ُب ا‪ٞ‬تزائر ىو أمر يتعلق بالقضاء وحده‪ ،‬إال أف‬

‫رفع الدعوى البد أف يكوف من اإلدارة‪ ،‬وىذا جانب آخر من جوانب ٖتكم اإلدارة ُب ا‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬دوف‬

‫نسياف مدى عدالة القضاء ُب األحكاـ اليت يصدرىا ضد ا‪ٞ‬تمعيات خاصة إذا تعلق األمر ٔتخالفتها للنظاـ‬

‫العاـ أو مبادئ الدولة اليت تبقى كلها أمورا يصعب تقديرىا‪ ،‬ففي إحصاء ‪ 1998‬ومن ‪٣‬تموع ‪5271‬‬

‫‪ٚ‬تعية تنشط منها ‪ٚ 2511‬تعية فقط‪ ،‬حيث بلغ عدد ا‪ٞ‬تمعيات اجملمدة قضائيا ‪ 4555‬واحمللولة قضائيا‬

‫‪ ،458‬بينما قدر عدد ا‪ٞ‬تمعيات احمللولة إداريا لنفس السنة ب ‪ٚ 396‬تعية‪ ،‬أما وفق إحصائيات‬

‫‪ ،2001‬فقد بلغ عدد ا‪ٞ‬تمعيات ا‪١‬تعتمدة ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪ 7639‬ووصل عدد اجملمدة منها ‪ 1،1355‬ورغم‬

‫أف ىذه اإلحصائيات تربز بوضوح تزايد عدد ا‪ٞ‬تمعيات ا‪١‬تعتمدة ُب ا‪ٞ‬تزائر من سنة ‪ 1998‬إٔب ‪،2001‬‬

‫إال أف ا‪١‬تبلحظ أيضا ىو أف عدد ا‪ٞ‬تمعيات احمللولة أيضا ُب ارتفاع‪.‬‬

‫إف قانوف ‪ 06-12‬قد عزز من سلطة اإلدارة ُب إجراءات ا‪ٟ‬تل وا‪٠‬تشية من ذلك تكمن ُب إمكانية‬

‫تعسف اإلدارة ُب تأويل القانوف الذي يتضمن أحكاما فضفاضة‪ ،‬ويرى "عمر سعد اهلل" أف األدؽ واألكثر‬

‫اتساقا مع القوانُت الليربالية ىو أف يتم تعليق وحل ا‪١‬تنظمة ُب حالة واحدة ىي تعارض أنشطتها مع ا‪٢‬تدؼ‬

‫أو األىداؼ ا‪١‬تشروعة ُب نظامها األساسي‪.‬‬

‫‪٤ 1‬تمد الرؤوؼ القا‪ٝ‬تي‪ ،‬التنظيمات ا‪١‬تسجدية‪ُ ،‬ب الزبَت عروس (منسقا)‪ ،‬الحركة الجمعوية في الجزائر الواقع واآلفاق‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تركز‬
‫الوطٍت للبحث ُب االنًتبولوجيا االجتماعية والثقافية‪ ،2005 ،‬ص ص‪.108 ،107‬‬

‫‪241‬‬
‫وكنتيجة ‪٢‬تذه ا‪١‬تقاربة القانونية لعبلقة الدولة باجملتمع ا‪١‬تدين ُب ا‪ٞ‬تزائر تظهر جليا قوة الدولة بًتسانتها‬

‫القانونية والتمويلية ُب مواجهة اجملتمع ا‪١‬تدين الذي كبلتو بقيود بَتوقراطية أضعفتو سواء من ناحية التشكيل‬

‫والػتأسيس أو من ناحية النشاط‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التسيير البيروقراطي لالنتخابات‬

‫٘تلك اإلدارة العمومية ُب ا‪ٞ‬تزائر سلطة واسعة ُب تنظيم االنتخابات وتلعب أجهزهتا دورا بارزا ُب تسيَت‬

‫كل مراحل االقًتاع بدءا بالًتشح إٔب غاية فرز األصوات وإعبلف النتائج‪.‬‬

‫لقد سعت ا‪ٞ‬تزائر منذ إعبلف التعددية إٔب تفعيل العمليات االنتخابية وجعلها أىم وسيلة للحفاظ على‬

‫ا‪١‬تكاسب الدٯتقراطية احملققة غَت أف ىذه العمليات طا‪١‬تا اصطدمت ْتياد اإلدارة من عدـ‪ ،‬وشكلت أىم‬

‫رىاف وٖتدي كاف وال يزاؿ يواجو النظاـ ُب إثبات مصداقيتو‪ ،‬وبالتإب تأكيد شرعية مؤسساتو كوف ىذه‬

‫العملية ىي الكفيل األساسي لبناء مؤسسات شرعية ٖتظى بالقبوؿ الشعيب‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إدارة البيروقراطية للعملية االنتخابية‪.‬‬

‫تعرؼ اإلدارة االنتخابية على أهنا ا‪١‬تؤسسة أو ا‪٢‬تيئة ا‪١‬تسؤولة قانونيا واليت يتحدد ا‪٢‬تدؼ من قيامها بإدارة‬

‫بعض أو كافة ا‪ٞ‬توانب األساسية لتنفيذ العمليات االنتخابية واالستفتاءات على ‪٥‬تتلف أشكا‪٢‬تا‪ ،‬وىي‬

‫تشمل ٖتديد أصحاب االقًتاع واستقباؿ واعتماد طلبات الًتشح لبلنتخابات وتنفيذ عمليات االقًتاع وفرز‬
‫‪1‬‬
‫األصوات وٕتميع وإعداد نتائج االنتخابات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وىناؾ ثبلثة أشكاؿ رئيسية إلدارة االنتخابات‪:‬‬

‫‪ 1‬آاالف ووؿ‪ ،‬أندرو أليس وآخروف‪ "،‬أشكاؿ اإلدارة االنتخابية‪ ،‬تر‪ .‬أمُت أيوب‪ .‬دليل ا‪١‬تؤسسة الدولية للدٯتقراطية واالنتخابات"‪ ،‬سلسلة‬
‫منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية واالنتخابات ‪ ،2007 ،International IDGA‬ص‪.23‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.26 ،25‬‬

‫‪241‬‬
‫‪ .1‬اإلدارة ا‪١‬تستقلة‪ ،‬وىي اليت تقو على تنظيم وإدارة االنتخابات من طرؼ ىيئة مستقلة‪ ،‬تكوف‬

‫منفصلة‬

‫٘تاما عن السلطة التنفيذية ؤتيزانية خاصة‪ ،‬وىي إدارة ال تتبع ألية جهة وغَت مسؤولة أماـ أي وزارة‬

‫أو إدارة حكومية‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلدارة ا‪ٟ‬تكومية واليت تقوـ فيها السلطة التنفيذية بتنظيم االنتخابات من خبلؿ إحدى الوزارات‬

‫واليت تكوف عادة وزارة الداخلية‪.‬‬

‫‪ .3‬اإلدارة ا‪١‬تختلطة‪ :‬وتًتكب من ىيئة مستقلة تضع السياسات االنتخابية العامة وتشرؼ على‬

‫االنتخابات‪ ،‬مع وجود ىيئة انتخابية تنفيذية تعٌت بتنظيم االنتخابات وتنفيذ العمليات االنتخابية بإشراؼ‬

‫من اإلدارة ا‪١‬تستقلة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إدارة الترشح والحملة االنتخابية‪.‬‬

‫‪ .2‬الترشح‪:‬‬

‫يعد إيداع القائمة اليت تتوفر فيها الشروط ا‪١‬تطلوبة قانونا لدى الوالية تصر٭تا بالًتشح‪ ،‬ويتم التصديق‬

‫لدى ضابط عمومي على توقيعات الناخبُت مع وضع بصمة السبابة اليسرى على استمارات تقدمها اإلدارة‬

‫ٖتتوي على االسم واللقب والعنواف وبطاقة التعريف الوطنية ورقم التسجيل ُب القائمة االنتخابية‪ ،‬ويقوـ‬

‫رئيس اللجنة اإلدارية االنتخابية ٔتراقبة التوقيعات والتأكد من صحتها‪ ،‬ويعد حضرا بذلك‪ 1،‬ومسألة‬

‫الضابط العمومي والسبابة ٓب ترد ُب القوانُت السابقة حيث كاف يكفي بأف يتم تقدًن االستمارات من‬

‫طرؼ اإلدارة واعتمادىا من طرؼ رئيس اللجنة اإلدارية االنتخابية‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 22-22‬المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،01‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 14‬يناير ‪ ،2012‬ا‪١‬تادة ‪.72‬‬

‫‪242‬‬
‫يتم تقدًن التصر٭تات بالًتشح قبل ‪ 60‬يوما كامبل من تاريخ االقًتاع‪ 1،‬ويكوف رفض أي ترشح أو قائمة‬

‫مًتشحُت بقرار معلل من الوإب تعليبل قانونيا و‪٬‬تب أف يبلغ ىذا القرار ٖتت طائلة البطبلف ُب أجل ‪10‬‬

‫أياـ كاملة ابتداء من تاريخ إيداع التصريح بالًتشح ويكوف قرار الرفض قاببل للطعن أماـ احملكمة اإلدارية‬

‫ا‪١‬تختصة إقليميا خبلؿ ‪ 03‬أياـ كاملة من تاريخ تبليغ القرار‪ ،‬وتفصل احملكمة اإلدارية ا‪١‬تختصة إقليميا ُب‬

‫الطعن ُب أجل ‪ 05‬أياـ كاملة من تاريخ رفع الطعن ويبلغ ا‪ٟ‬تكم تلقائيا وفور صدوره إٔب األطراؼ ا‪١‬تعنية‬

‫وإٔب الوإب قصد تنفيذه‪ 2،‬بالتإب يكفي أف تتعلل اإلدارة برفض أي قائمة انتخابية متحججة ُب ذلك‬

‫بلجاؿ التصريح بالًتشح وآجاؿ الطعن‪ ،‬أضف إٔب ذلك العراقيل اليت تقف أماـ ا‪١‬تًتشحُت ُب ‪ٚ‬تع‬

‫التوقيعات أماـ التعقيدات البَتوقراطية‪.‬‬

‫‪ .2‬الحملة االنتخابية‪:‬‬

‫تعد ا‪ٟ‬تمبلت االنتخابية من أىم الوسائل اليت ٘تكن ا‪١‬تًتشحُت سواء من األحزاب السياسية أو من‬

‫األحرار من شرح برا‪٣‬تهم‪ ،‬وىي بذلك تشكل مرحلة مهمة من مراحل العملية االنتخابية‪.‬‬

‫تكوف ا‪ٟ‬تملة االنتخابية مفتوحة قبل ‪ 25‬يوما من تاريخ االقًتاع وتنتهي بثبلثة أياـ من تاريخ االقًتاع‪،‬‬

‫وإذا ًب إجراء دور ثاين فإف ا‪ٟ‬تملة االنتخابية للمًتشحُت ُب الدور الثاين تفتح قبل ‪ 12‬يوما من تاريخ‬

‫االقًتاع وتنتهي قبل يومُت من تاريخ االقًتاع‪ 3،‬مع العلم أف ا‪ٟ‬تملة االنتخابية كانت مفتوحة ‪ 21‬يوما قبل‬
‫‪4‬‬
‫يوـ االقًتاع ُب قوانُت االنتخابات السابقة‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 22-26‬المتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،50‬الصادرة بتاريخ ‪28‬‬
‫أوت ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.74‬‬
‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ .77‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.78‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.188‬‬
‫‪ 4‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 27-97‬المتضمن القانون العضوي لالنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 06‬مارس ‪.1997‬ا‪١‬تادة ‪ .172‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 23-89‬المتضمن قانون االنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم‬
‫‪ ،32‬الصادرة بتاريخ ‪ 07‬أوت ‪ ،1989‬ا‪١‬تادة ‪.123‬‬

‫‪243‬‬
‫نص قانوف االنتخابات ‪ 01-12‬على ‪ٚ‬تلة من الشروط ُب ا‪ٟ‬تملة االنتخابية اليت ٘تكن من ‪٧‬تاح ا‪ٟ‬تملة‬

‫وتضع الضوابط لعملية عرض الربامج من طرؼ ا‪١‬تنتخبُت‪ ،‬ويظهر تدخل اإلدارة ُب بعض من ىذه الضوابط‬

‫اليت ٕتسد ٖتكم اإلدارة ُب ا‪ٟ‬تملة االنتخابية‪.‬‬

‫فمن ناحية اجملاؿ اإلعبلمي ٭تق لكل مًتشح لبلنتخابات احمللية أو التشريعية أو الرئاسية ‪٣‬تاؿ عادؿ ُب‬

‫وسائل اإلعبلـ التلفزية واإلذاعية الوطنية واحمللية وتكوف ىذه ا‪ٟ‬تصص بالتساوي تبعا أل‪٫‬تية عدد ا‪١‬تًتشحُت‬

‫الذين يرشحهم حزب سياسي أو ‪٣‬تموعة أحزاب سياسية أو مًتشحُت أحرار‪ 1،‬علما أف ىذه ا‪١‬تادة‬

‫تتحدث عن وسائل اإلعبلـ العمومية حيث ورد ُب الفقرة األخَتة من ذات ا‪١‬تادة على أنو ٖتدد كيفيات‬

‫وإجراءات استعماؿ وسائل اإلعبلـ العمومية وفقا للقانوف والتنظيم ا‪١‬تعموؿ هبما‪.‬‬

‫غَت أف تعديل قانوف االنتخابات ُب ‪ٓ 2016‬ب يشر إٔب وسائل اإلعبلـ العمومية وإ‪٪‬تا ذكر أف اجملاؿ‬

‫عادؿ ُب وسائل اإلعبلـ الوطنية السمعية والبصرية ا‪١‬ترخص ‪٢‬تا با‪١‬تمارسة‪ 2،‬كما أضاؼ أف ضماف احًتاـ‬
‫‪3‬‬
‫مشاركة ىذه الوسائل ُب تغطية ا‪ٟ‬تملة االنتخابية يكوف بضماف من سلطة السمعي البصري‪.‬‬

‫من جهة أخرى تتحكم اإلدارة ُب عملية ا‪ٟ‬تملة االنتخابية من حيث تنظيم االجتماعات والتجمعات‬

‫والذي ٮتضع لقانوف التجمعات وا‪١‬تظاىرات العمومية‪ 4،‬كما أف اإلدارة ٘تلك سلطة تقديرية كبَتة ُب تطبيق‬

‫ىذه الضوابط خاصة ما تعلق منها ْتضر سوء استعماؿ رموز الدولة‪ ،5‬أضف إٔب ذلك منع استعماؿ‬

‫الوسائل التابعة لشخص معنوي خاص أو عمومي أو مؤسسة أو ىيئة عمومية ومنع استعماؿ أماكن‬

‫العبادة وا‪١‬تؤسسات واإلدارات العمومية ومؤسسات الًتبية والتعليم والتكوين مهما كاف نوعها أو انتماؤىا‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.191‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.177‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.178‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.192‬‬
‫‪ 5‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.199‬‬

‫‪244‬‬
‫ألغراض الدعاية االنتخابية بأي شكل من األشكاؿ‪ 1،‬مقابل ذلك فإف القانوف ‪ٓ 07-97‬ب يذكر‬

‫ا‪١‬تؤسسات واإلدارات العمومية أما القانوف ‪ 13-89‬فلم يتضمن أية مادة ُب ىذا ا‪٠‬تصوص وىذا ما ينم‬

‫عن السعي إٔب ٖتقيق حياد اإلدارة وتدخلها أو التعسف ُب استخداـ السلطة اإلدارية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعداد القوائم االنتخابية وتنظيم االقتراع‪.‬‬

‫‪ .2‬إعداد القوائم االنتخابية‪.‬‬

‫تتم مراجعة القوائم االنتخابية خبلؿ الثبلثي األخَت من كل سنة ٖتت مراقبة ‪ٞ‬تنة إدارية يًتأسها قاضي‬

‫يعينو رئيس اجمللس القضائي ا‪١‬تختص إقليميا ورئيس اجمللس الشعيب البلدي واألمُت العاـ للبلدية كعضوين‬

‫وناخبُت إثنُت من البلدية يعينهما رئيس اللجنة‪ 2،‬مع اإلشارة إٔب أف قانوف ‪ُ 07-97‬ب ا‪١‬تادة ‪19‬‬

‫والقانوف ‪ُ 13-89‬ب ا‪١‬تادة ‪ٓ 16‬ب ينصا على وجود األمُت العاـ للبلدية كعضو ُب اللجنة وإ‪٪‬تا أشارا إٔب‬

‫‪٦‬تثل الوإب‪.‬‬

‫بالنسبة ‪١‬تراجعة القوائم االنتخابية للجالية ا‪ٞ‬تزائرية فتتم من طرؼ أو ٖتت مراقبة ‪ٞ‬تنة إدارية انتخابية‬

‫تتكوف من رئيس ا‪١‬تمثلية الديبلوماسية أو رئيس ا‪١‬تركز القنصلي يعينو السفَت رئيسا‪ ،‬وناخبُت اثنُت وموظف‬
‫‪3‬‬
‫قنصلي‪.‬‬

‫إف البلدية ُب ا‪ٞ‬تزائر ىي من تقوـ بإعداد سجل الناخبُت‪ ،‬وألف قانوف ‪ 1989‬وقانوف ‪ٓ 1997‬ب يشَتا‬

‫إٔب حق األحزاب السياسية ُب ا‪ٟ‬تصوؿ على قوائم الناخبُت‪ ،‬فإف القانوف ‪ 01-12‬قد عرؼ إضافة ُب‬

‫ىذا اجملاؿ‪ ،‬حيث أعطى ا‪ٟ‬تق ‪١‬تمثلي األحزاب ا‪١‬تشاركة ُب االنتخابات وا‪١‬تًتشحُت األحرار ُب االطبلع‬

‫على القائمة االنتخابية ال بلدية وا‪ٟ‬تصوؿ على نسخة منها على أف يتم إرجاعها خبلؿ األياـ العشرة ا‪١‬توالية‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.197 ،196‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت‪.15 ،14 ،‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.16‬‬

‫‪245‬‬
‫لئلعبلف الر‪ٝ‬تي لنتائج االنتخابات‪ 1،‬غَت أف ىذه ا‪١‬تادة قد ًب تعديلها ُب القانوف ‪ 10-16‬حيث أشارت‬

‫ا‪١‬تادة ‪ 22‬منو على أف القوائم االنتخابية توضع ٖتت تصرؼ ‪٦‬تثلي األحزاب السياسية وا‪٢‬تيئة العليا ا‪١‬تستقلة‬

‫‪١‬تراقبة االنتخابات‪.‬‬

‫‪ .2‬تنظيم االقتراع‪:‬‬

‫يعترب تنظيم االقًتاع وفرز األصوات إلقرار نتائج االنتخابات من أىم ا‪١‬تراحل اليت تلعب فيها أو يظهر‬

‫فيها الدور الكبَت لئلدارة ُب العملية االنتخابية‪.‬‬

‫تستدعى ا‪٢‬تيئة الناخبة ُب ا‪ٞ‬تزائر ٔترسوـ رئاسي ُب غضوف األشهر الثبلث اليت تسبق تاريخ إجراء‬

‫االنتخابات وتتشكل الدائرة االنتخابية من شطر بلدية أو بلدية أو عدة بلديات‪ ،‬و‪٬‬تري االقًتاع ُب الدائرة‬

‫االنتخابية ويوزع الناخبوف بقرار من الوإب على مكاتب التصويت بقدر ما تقتضيو الظروؼ احمللية ويتطلبو‬

‫عدد الناخبُت‪ ،‬غَت أنو عند وجود مكتباف أو عدة مكاتب تصويت ُب نفس ا‪١‬تكاف تتشكل ‪٣‬تموعة تسمى‬

‫"مركز التصويت"‪ ،‬وتوضع ٖتت مسؤولية موظف يعُت ويسخر بقرار من الوإب‪ ،‬والذي يقوـ ٔتا يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ضماف إعبلـ الناخبُت والتكفل هبم إداريا داخل ا‪١‬تركز‪.‬‬

‫‪ -‬مساعدة أعضاء مكاتب التصويت ُب سَت عمليات التصويت‪.‬‬

‫‪ -‬السهر على حسن النظاـ ُب الضواحي القريبة من مكاف مركز التصويت وخارج مكتب‬
‫‪2‬‬
‫التصويت باالستعانة عند ا‪ٟ‬تاجة بالقوة العمومية‪.‬‬

‫يفتح االقًتاع على الساعة الثامنة صباحا وٮتتتم ُب نفس اليوـ على الساعة السابعة مساء‪ ،‬غَت أنو ٯتكن‬

‫للوالة بًتخيص من وزير الداخلية أف يتخذوا قرارات تقدًن ساعة افتتاح االقًتاع أو تأخَته ُب بعض‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.18‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تواد من ‪ 26‬إٔب ‪.28‬‬

‫‪246‬‬
‫‪1‬‬
‫البلديات أو سائر أ‪٨‬تاء دائرة انتخابية واحدة‪ ،‬ويتم إطبلع ا‪٢‬تيئة العليا ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات بذلك‬

‫بدؿ اللجنة الوالئية اليت كاف ينص عليها قانوف ‪.2012‬‬

‫يدوـ االقًتاع يوما واحدا و٭تدد ٔترسوـ رئاسي‪ ،‬غَت أنو ٯتكن للوزير ا‪١‬تكلف بالداخلية بطلب من الوالة‬

‫أف يرخص ‪٢‬تم بقرار تقدًن افتتاح االقًتاع ‪ 72‬ساعة على األكثر ُب البلديات اليت يتعذر فيها إجراء عملية‬

‫االقًتاع ُب اليوـ نفسو ألسباب مادية تتصل ببعد مكاتب التصويت وتشتت السكاف وألي سبب استثنائي‬

‫ُب بلدية ما‪ 2،‬و‪٬‬تري التصويت ضمن مظاريف تقدمها اإلدارة وتكوف غَت شفافة وغَت مدمغة وعلى ‪٪‬توذج‬

‫واحد‪ ،‬وتوضع ٖتت تصرؼ الناخبُت يوـ االقًتاع ُب قاعة التصويت‪ 3،‬ويتألف مكتب التصويت من‪:‬‬

‫‪ -‬رئيس‪.‬‬

‫‪ -‬نائب الرئيس‪.‬‬

‫‪ -‬كاتب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬مساعدين اثنُت‪.‬‬

‫ويعُت أعضاء مكتب التصويت واألعضاء اإلضافيُت ويسخروف بقرار من الوإب ومن بُت الناخبُت‬

‫ا‪١‬تقيمُت ُب إقليم الوالية‪ ،‬باستثناء ا‪١‬تًتشحُت وأقارهبم وأصهارىم إٔب غاية الدرجة الرابعة واألفراد ا‪١‬تنتمُت إٔب‬

‫أحزاهبم باإلضافة إٔب األعضاء ا‪١‬تنتخبُت‪ ،‬مع العلم أف قانوف ‪ 1997‬قد أقر الدرجة الثانية فقط‪.‬‬

‫تنشر قائمة أعضاء مكاتب التصويت بعد ‪ 15‬يوما من قفل قائمة ا‪١‬ترشحُت وتسلم إٔب ‪٦‬تثلي األحزاب‬

‫السياسية ا‪١‬تشاركة ُب االنتخابات وا‪١‬تًتشحُت األحرار مقابل وصل استبلـ‪ ،‬وٯتكن أف تكوف ىذه القائمة‬

‫‪٤‬تل تعديل ُب ظل اعًتاض مقبوؿ ويبلغ الرفض إٔب األطراؼ ا‪١‬تعنية خبلؿ ‪ 03‬أياـ من إيداع االعًتاض‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي‪ 10-16 ،‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.32‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.30‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.33‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.35‬‬

‫‪247‬‬
‫ويكوف القرار قاببل للطعن أماـ احملكمة اإلدارية ا‪١‬تختصة لتفصل فيو‪ ،‬ويبلغ القرار فور صدوره إٔب األطراؼ‬
‫‪1‬‬
‫ا‪١‬تعنية وإٔب الوإب قصد تنفيذه ويكوف غرب قابل ألي شكل من أشكاؿ الطعن‪.‬‬

‫لرئيس مكتب التصويت سلطة األمن داخل مكتب التصويت‪ ،‬وٯتكنو هبذه الصفة طرد أي شخص ٮتل‬

‫بالسَت العادي لعمليات التصويت‪ ،‬وُب ىذه ا‪ٟ‬تالة ٭ترر ‪٤‬تضر بذلك يلحق ٔتحضر الفرز كما ٯتكن لرئيس‬

‫مركز التصويت عند الضرورة ٖترير ‪٤‬تضر بذلك يلحق ٔتحضر الفرز‪ ،‬إضافة إٔب إمكانية تسخَته ألعواف‬

‫القوة العمومية ‪ٟ‬تفظ النظاـ عند الضرورة‪ 2،‬كما ٯتكن أف تساعد أعضاء مكتب التصويت ا‪١‬تتنقل عند‬
‫‪3‬‬
‫ا‪ٟ‬تاجة ُب أداء مهامهم عناصر مصاّب األمن بناء على تسخَت من الوإب‪.‬‬

‫‪٬‬تب على رئيس مكتب التصويت التحقق قبل افتتاح االقًتاع من ا‪١‬تطابقة الدقيقة لعدد األظرفة القانونية‬

‫مع عدد الناخبُت ا‪١‬تسجلُت ُب قائمة التوقيعات‪،‬كما أف الصندوؽ الشفاؼ يغلق بقفلُت ‪٥‬تتلفُت يكوف‬
‫‪4‬‬
‫مفاتيح أحد‪٫‬تا عند رئيس مكتب التصويت واآلخر عند ا‪١‬تساعد األكرب سنا‪.‬‬

‫يبدأ فرز األصوات فور اختتاـ االقًتاع ويتواصل دوف انقطاع إٔب غاية انتهائو ٘تاما‪ ،‬ويقوـ بالفرز فارزوف‬

‫ٖتت رقابة أعضاء مكتب التصويت وىم يعينوف من بُت الناخبُت ا‪١‬تسجلُت ُب ا‪١‬تكتب ْتضور ‪٦‬تثلي‬

‫ا‪١‬تًتشحُت‪ ،‬وعند عدـ توفر العدد الكاُب ٯتكن ‪ٞ‬تميع أعضاء مكتب التصويت ا‪١‬تشاركة ُب الفرز‪ 5،‬مع‬

‫العلم أنو ٓب يكن يسمح ‪١‬تمثلي ا‪١‬تًتشحُت با‪ٟ‬تضور قبل صدور القانوف ‪ٓ ( 01-12‬ب تشر ا‪١‬تواد ‪ 54‬من‬

‫القانوف ‪ 07-97‬وال ا‪١‬تادة ‪ 43‬من القانوف ‪ 13-89‬إٔب ذلك)‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.36‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.39‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.41‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.44،43‬‬
‫‪ 5‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.49 ،48‬‬

‫‪248‬‬
‫بعد االنتهاء من عملية التبلوة وعد النقاط يوضع ُب كل مكتب تصويت ‪٤‬تضر لنتائج الفرز ‪٤‬ترر ْترب ال‬

‫ٯتحى‪ ،‬على أف يتم ذلك ْتضور الناخبُت‪ ،‬ويتضمن عند االقتضاء مبلحظات أو ٖتفظات الناخبُت أو‬

‫ا‪١‬تًتشحُت أو ‪٦‬تثليهم ا‪١‬تؤىلُت قانونا‪ ،‬وتسلم نسخ من ‪٤‬تاضر الفرز إٔب رئيس مكتب التصويت ورئيس‬

‫اللجنة االنتخابية البلدية والوإب أو رئيس ا‪١‬تركز الديبلوماسي أو القنصلي‪ ،‬كما تسلم فورا نسخة طبق‬

‫األصل إٔب كل ا‪١‬تمثلُت ا‪١‬تؤىلُت قانونا للمًتشحُت أو قوائم ا‪١‬تًتشحُت مقابل وصل استبلـ ونسخة إٔب ا‪٢‬تيئة‬
‫‪1‬‬
‫العليا ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مظاىر انحراف البيروقراطية في إدارة االنتخابات‪.‬‬

‫إف عبلقة اإلدارة بتزوير االنتخابات مرتبطة أكثر بيوـ االقًتاع بدءا من إعداد صناديق التصويت وافتتاح‬

‫ساعة االقًتاع إٔب غاية فرز األصوات وإعبلف النتائج وطا‪١‬تا كانت اإلدارة ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪٤‬تل اهتاـ بالتزوير‪ ،‬ففي‬

‫انتخابات ‪ 1999‬الرئاسية اليت تنافس فيها ‪ 7‬مرشحُت باستثناء "عبد اهلل جاب اهلل" انسحب ‪6‬‬

‫مرشحُت مع بدء عملية االنتخاب وٓب يبق سوى عبد "العزيز بوتقليقة" الذي ٖتولت االنتخابات إٔب‬

‫استفتاء حولو وٖتصل على ‪ % 79.79‬من األصوات‪ ،‬وقد أصدر ا‪١‬تنسحبوف بيانا عربوا فيو عن عدـ‬
‫‪2‬‬
‫نزاىة االنتخابات وعدـ االعًتاؼ بنتائجها‪.‬‬

‫كما أنو وُب ظل قانوف االنتخابات ا‪١‬تعدؿ ُب ‪ 1997‬جرت أوؿ انتخابات تشريعية ُب ‪ 1997‬واليت‬

‫تزامنت مع إعبلف نشأة حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي وشارؾ فيها ‪ 40‬حزبا ‪ 3‬أكد النظاـ السياسي‬

‫وبعثة ا‪١‬تراقبُت من ا‪ٞ‬تامعة العربية ومنظمة الوحدة اإلفريقية على نزاىة االنتخابات لكن مفوض األمم‬

‫ا‪١‬تتحدة شكك ُب ذلك وكذا أحزاب ا‪١‬تعارضة‪ ،‬وأصدرت كل من حركة ‪٣‬تتمع السلم وحركة النهضة وحزب‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ٓ . 51‬ب يشر إٔب ا‪٢‬تيئة العليا ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات ُب قوانُت االنتخابات السابقة‬
‫كوهنا تأسست بعد التعديل الدستوري لعاـ ‪.2016‬‬
‫‪ 2‬ىناء عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.152 ،151‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪249‬‬
‫العماؿ بيانا يؤكد حدوث ٕتاوزات وبأشكاؿ ‪٥‬تتلفة كالتضييق على األحزاب وزيادة ا‪١‬تكاتب ا‪١‬تتنقلة بُت‬

‫البدو ُب الصحراء وطرد ومنع مراقيب االنتخاب من حضور عملية الفرز وعدـ تسليم ‪٤‬تاضر الفرز‪ 1،‬وبلغ‬

‫عدد الطعوف اليت تقدمت هبا األحزاب السياسية إٔب اجمللس الدستوري ‪ 329‬طعنا رفضت كلها ماعدا‬

‫ثبلثة طعوف‪ ،‬وىي طعن جبهة القوى االشًتاكية وٮتص الدائرة االنتخابية للجزائر العاصمة والثاين ‪ٟ‬تزب‬

‫التجمع الوطٍت الدٯتقراطي وٮتص الدائرة االنتخابية لباتنة والثالث ‪ٟ‬تركة ‪٣‬تتمع السلم وٮتص الدائرة‬
‫‪2‬‬
‫االنتخابية للشلف‪.‬‬

‫كما أف االنتخابات احمللية اليت أجريت ُب أكتوبر من نفس السنة واليت أسفرت عن فوز التجمع الوطٍت‬

‫الدٯتقراطي ٘تيزت باهتاـ اإلدارة بتزوير االنتخابات لصاّب حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي‪ ،‬حيث طالبت‬

‫عدة أحزاب بتشكيل ‪ٞ‬تنة للتحقيق ُب االنتخابات وًب تكوين تلك اللجنة اليت وضعت تقريرا مفصبل أكد‬
‫‪3‬‬
‫وقوع حاالت تزوير على نطاؽ واسع‪.‬‬

‫كما أنو ُب انتخابات ‪ 30‬ماي ‪ 2002‬التشريعية صرح "السعيد بوالشعَت" رئيس اللجنة السياسية‬

‫لبلنتخابات أف اإلدارة أقصت ‪ 312‬قائمة انتخابية لعدة أسباب منها أف ملفاهتا تتضمن فقرات من‬

‫الربنامج تتعارض مع الدستور وقوانُت ا‪ٞ‬تمهورية أو لضمها أشخاصا ُب القائمة تعرضوا لئلدانة من طرؼ‬

‫القضاء وإما تكييف مًتشحُت على أهنم خطر على النظاـ العاـ ( عناصر كانت تنتمي للجبهة اإلسبلمية‬

‫لئلنقاذ سابقا الفيس) والذين ترشحوا ضمن قوائم النهضة‪ 4،‬كما صرح رئيس حركة النهضة "آدمي" ُب‬

‫‪ 1‬ا‪ٛ‬تد مهابة‪" ،‬االنتخابات ا‪ٞ‬تزائرية من الذي كسب الرىاف؟"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬ع‪ ،129.‬جويلية ‪ ،1997‬ص ص‪.142 ،141‬‬
‫‪ 2‬الخبر اليومي‪ 18 ،‬جواف ‪ ،1997‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 13‬صفر ‪ ،1418‬ع‪ ،1994.‬ص‪.02‬‬
‫‪ 3‬ىناء عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.155 ،154‬‬
‫‪ 4‬الخبر اليومي‪ 28.‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 15‬ربيع األوؿ ‪ .1423‬ع ‪ ،3484‬ص‪.02‬‬

‫‪251‬‬
‫حوار لو مع ا‪٠‬ترب أف ‪ 60‬مًتشحا ينتمي أغلبهم للحزب احملظور تعرضوا للتنحية من قوائم النهضة وًب‬
‫‪1‬‬
‫رفض ‪ 27‬قائمة من ‪٣‬تموع ‪ 48‬قائمة والئية والطعن ُب ‪ 60‬مًتشحا‪.‬‬

‫لقد أكد القانوف ا‪ٞ‬تزائري على حق ا‪١‬تًتشحُت ُب ‪٣‬تاؿ عادؿ ُب التلفزة واإلذاعة لعرض برا‪٣‬تهم غَت أنو‬

‫ترؾ التفاصيل ‪١‬تسألة التنظيم وىذا ما كاف يفتح دائما الباب ‪ٞ‬تداؿ واسع حوؿ ىذه ا‪١‬تسألة حيث أف‬

‫التلفزة الوطنية كانت دائما ‪٤‬تل اهتاـ بتحيزىا لطرؼ على حساب آخر ففي انتخابات ‪ 30‬ماي التشريعية‬

‫لعاـ ‪ ،2002‬رفعت حركة "‪ٛ‬تس" أربعة احتجاجات إٔب اللجنة السياسية الوطنية ‪١‬تراقبة االنتخابات‬

‫استنكرت فيها موقف التلفزة الوطنية ُب التعامل مع التغطيات اإلعبلمية لؤلنشطة ا‪ٟ‬تزبية خبلؿ ا‪ٟ‬تمبلت‬

‫االنتخابية‪ ،‬وحسب ا‪١‬تراسلة اليت وجهت إٔب رئيس اللجنة فإف ٖتيز التلفزة كاف لصاّب التجمع الوطٍت‬

‫الدٯتقراطي حيث ًب إعادة بث نفس النشاط الذي قاـ بو األمُت العاـ للحزب "أ‪ٛ‬تد أو٭تِت" ‪ 3‬مرات رغم‬

‫تعارض ذلك مع مضموف القواعد احملددة للتغطيات االنتخابية اليت حددهتا اللجنة االنتخابية‪ 2،‬كما أبدت‬

‫"لويزة حنوف" رئيسة حزب العماؿ ُب ٕتمع ‪٢‬تا با‪ٞ‬تلفة تذمرا شديدا إزاء مسؤووٕب التلفزيوف الذين ٯتتنعوف‬

‫عن تغطية نشاطاهتا واحتج أيضا "جاب اهلل" رئيس حركة اإلصبلح على التلفزة الوطنية الذي اعترب أهنا ال‬

‫تربمج نشاطات حزبو ُب ا‪١‬تواعيد ا‪١‬تناسبة‪ 3،‬وقد بلغ عدد الطعوف اليت تسلمها اجمللس الدستوري ُب‬

‫انتخابات ‪ 30‬ماي ‪ 2002‬التشريعية ‪ 100‬طعن رفضت كلها‪ 4،‬كما استقبلت اللجنة الوالئية ا‪١‬تستقلة‬

‫لوالية وىراف عشرات التقارير من اللجاف البلدية ‪ 26‬اليت ًب تنصيبها من بينها تقرير ‪ٞ‬تنة وادي التليبلت‬

‫‪ 1‬الخبر اليومي‪ 09.‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 26‬صفر ‪ .1423‬ع ‪ ،3467‬ص‪.02‬‬


‫‪ 2‬الخبر اليومي‪13.‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 30‬صفر ‪ .1423‬ع ‪ ،3471‬ص‪.02‬‬
‫‪ 3‬الخبر اليومي‪ 20 ،‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 07‬ربيع االوؿ‪ ،‬ع ‪ ،3476‬ص‪.02‬‬
‫‪ 4‬الخبر اليومي‪ 20 ،‬جواف ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ‪ 09‬ربيع الثاين ‪ ،1423‬ص‪.03‬‬

‫‪251‬‬
‫حيث ذكرت اللجنة أنو وبعد مراقبة قوائم الناخبُت ُب ىذه البلدية اكتشفت أ‪ٝ‬تاء أشخاص متوفُت‬
‫‪1‬‬
‫مسجلُت ُب القوائم‪ ،‬وكذلك أ‪ٝ‬تاء مواطنُت غَتوا مقرات إقامتهم لكن ٓب يتم شطب أ‪ٝ‬تائهم‪.‬‬

‫وتقدـ أيضا انتخابات ‪ 17‬ماي ‪ 2007‬التشريعية دليبل آخر عن تزوير االنتخابات فقد اتسمت ىذه‬

‫االنتخابات بتجاوزات كبَتة من طرؼ اإلدارة لصاّب جبهة التحرير الوطٍت الفائزة ُب االنتخابات أكدهتا‬

‫اللجنة السياسية ‪١‬تراقبة االنتخابات على لساف رئيسها السعيد بوالشعَت ُب رسالة وجهها إٔب رئيس‬

‫ا‪ٞ‬تمهورية يوـ االقًتاع‪ ،‬حيث وجو فيها االهتاـ صراحة ‪ٟ‬تزب جبهة التحرير الوطٍت مؤكدا على ٕتاوزات‬

‫مشلت كل مناطق الوطن كمنع اإلدارة للمراقبُت من األحزاب حضور بداية العملية االنتخابية ورفض فتح‬

‫الصناديق قبل بداية االقًتاع وملئ بعضها اآلخر بأوراؽ تصويت لصاّب ا‪ٟ‬تزب نفسو مثلما حدث بوالية‬

‫ا‪ٞ‬تزائر وبلدية الرويبة مركز ‪٤‬تمد الكبَت ‪٤‬تددا ٔتكتب التصويت رقم ‪ 01‬أين ًب اكتشاؼ ‪ 135‬ورقة‬

‫تصويت لو عند فتح الصناديق‪ ،‬إضافة إٔب عدـ وجود أوراؽ التصويت لبعض القوائم مثل التجمع من أجل‬

‫الثقافة والدٯتقراطية وحركة النهضة ُب البليدة وقائمة حركيت ‪٣‬تتمع السلم ُب السعيدة‪.‬‬

‫كما أف "بوالشعَت" أكد وجود ٕتاوزات أخذت طابعا وطنيا ومشلت كل مناطق الوطن‪ 2،‬ورغم أف‬

‫"السعيد بوالشعَت" تنازؿ عن أقوالو بعد ذلك إال أف قرار ا‪ٟ‬تكومة بتشكيل ‪ٞ‬تنة تقنية مهمتها تأطَت ا‪ٟ‬تملة‬

‫االنتخابية وتسيَت ا‪ٞ‬تانب اإلعبلمي حملليات ‪ 29‬نوفمرب ‪ 2007‬وذلك كبديل للجنة السياسية ‪١‬تراقبة‬

‫االنتخابات اليت ٓب تكن ‪٢‬تا أية صبلحيات خاصة ما يتعلق منها بالتدخل لدى أية ىيئة أو مراقبة العملية‬

‫االنتخابية منذ تنصيبها إٔب غاية إعبلف النتائج‪ 3‬دليل على أف اللجنة الوطنية ‪١‬تراقبة االنتخابات بصبلحياهتا‬

‫ا‪١‬تسندة إليها استطاعت فعبل أف تكشف العديد من التجاوزات‪.‬‬

‫‪ 1‬الخبر اليومي‪ 16 ،‬ماي ‪ 03 .2002‬ربيع األوؿ ‪ .1423‬ع‪ ،3474‬ص‪.02‬‬


‫‪2‬‬
‫الخبر اليومي‪ ،‬ع‪ 20 ،5017.‬ماي ‪ 2007‬ا‪١‬توافق ؿ‪ٚ 03‬تادى األؤب ‪ ،1428‬ص‪.03‬‬
‫‪ 3‬الخبر اليومي‪ 03 ،‬نوفمرب ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 22‬شواؿ ‪ .1428‬ع ‪ ،5160‬ص‪.02‬‬

‫‪252‬‬
‫كما كشفت مراسلة وقعها ا‪١‬تكتب التنفيذي ‪ٟ‬تركة "‪ٛ‬تس" لبلدية أوراؿ بوالية بسكرة أثناء ٖتضَت القوائم‬

‫االنتخابية النتخابات ‪ 29‬نوفمرب ‪ 2007‬عن احتواء القائمة االنتخابية ألشخاص متوفُت وآخرين غَت‬

‫مقيمُت بًتاب البلدية وآخرين مسجلُت مرتُت ُب نفس ا‪١‬تركز وُب مكتبُت مغايرين‪ 1،‬كما صرحت ا‪ٞ‬تريدة‬

‫اليومية " ا‪٠‬ترب" أهنا تلقت ‪٪‬تاذج عن بطاقات انتخاب متعددة لشخص واحد ببلدية بن عنكنوف حيث‬

‫أظهر أحد ا‪١‬تواطنُت بطاقتُت لو األؤب قدٯتة والثانية مؤرخة ُب ‪ 06‬نوفمرب ‪ 2007‬مع تسجيل اختبلؼ‬
‫‪2‬‬
‫ُب رقم مركز التصويت‪.‬‬

‫وُب انتخابات ‪ 17‬ماي ‪ 2007‬التشريعية بلغ إ‪ٚ‬تإب عدد الطعوف ‪ 736‬طعنا‪ ،‬حوإب ‪ %88‬منها‬

‫رفعتها حركة الوفاؽ الوطٍت وعهد ‪ُ 54‬ب والية البليدة وحدىا‪ ،‬وأصدر اجمللس الدستوري برئاسة "بوعبلـ‬

‫بسايح" األحكاـ ا‪٠‬تاصة هبذه بالطعوف‪ ،‬حيث شكل عدد الطعوف ا‪١‬ترفوضة شكبل ‪ 668‬طعنا لعدـ‬

‫استيفائها الشروط القانونية أما ا‪١‬تقبولة شكبل ا‪١‬ترفوضة موضوعا فبلغ عددىا ‪ 65‬طعنا ألف الوقائع ا‪١‬تذكورة‬
‫‪3‬‬
‫فيها تكتسي طابعا عاما ومبنية على وقائع يصعب التأكد منها‪.‬‬

‫وُب ظل االنتخابات التشريعية ُب ‪ 12‬ماي ‪ 2012‬انتقد التقرير الذي أعدتو اللجنة الوطنية ‪١‬تراقبة‬

‫االنتخابات التشريعية االنتخابات واعتربهتا فاقدة للمصداقية والنزاىة من حيث ‪ٚ‬تلة من العيوب منها‬

‫تضخيم ا‪٢‬تيئة الناخبة وتعدد التسجيبلت لبعض الناخبُت‪ ،‬إضافة إٔب التسجيبلت ا‪ٞ‬تماعية ألفراد ا‪ٞ‬تيش‬

‫خارج اآلجاؿ القانونية وتضخيم نتائج حزب السلطة ُب ا‪١‬تناطق التابعة للنواحي العسكرية وكثافة مبالغ فيها‬

‫للتصويت بالوكالة‪ ،‬كما أشارت اللجنة الوطنية ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات ُب تقريرىا النهائي إٔب عدـ‬

‫‪ 1‬الخبر اليومي‪ 25 ،‬نوفمرب ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 15‬ذي القعدة ‪ .1428‬ع ‪ .5177‬ص‪.02‬‬


‫‪ 2‬الخبر اليومي‪ 22 ،‬نوفمرب ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 12‬ذي القعدة ‪ .1428‬ع ‪ .5175‬ص‪.02‬‬
‫‪ 3‬الخبر اليومي‪ 30 ،‬ماي ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ‪ٚ 13‬تادى األؤب ‪ ،1428‬ع ‪ .5026‬ص‪.03‬‬

‫‪253‬‬
‫٘تكينها من الوسائل واإلمكانيات والنظر إليها على أهنا خصم لوزارة الداخلية والتعامل معها بكثَت من‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٟ‬تذر‪.‬‬

‫وكانت ىذه االنتخابات جاءت بعد تعديل قانوف االنتخابات ُب جانفي ‪ 2012‬والذي اعتربه احملامي‬

‫عمار خبابة أنو قانوف ال ٯتنع التزوير بل يتيح ىامشا كبَتا للتزوير وبسهولة أكثر بسبب إعطاء صبلحيات‬

‫كبَتة لئلدارة ُب اإلشراؼ على العملية االنتخابية‪ ،‬وأف معظم موظفي اإلدارة خبلؿ االنتخابات ىم موالوف‬

‫للسلطة حيث تعمل اللجاف الوالئية والبلدية على ‪ٚ‬تع الدعم والتأييد وحىت األصوات لصاّب مرشح‬

‫السلطة‪ ،‬كما أف الصناديق ا‪٠‬تاصة (ا‪١‬تتنقلة) ال ٗتضع ألية رقابة مع استحالة حضور ‪٦‬تثلي ا‪١‬تًتشحُت لكثَت‬

‫من األحزاب السياسية ُب مكاتب التصويت وىو ما يفتح باب التزوير على مصرعيو ُب ا‪١‬تكاتب غَت‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬تراقبة‪.‬‬

‫وُب ذات السياؽ رصدت الرابطة ا‪ٞ‬تزائرية للدفاع عن حقوؽ اإلنساف ُب االنتخابات الرئاسية ُب ‪17‬‬

‫أبريل ‪ 2014‬عرب مكتبها ُب الشلف عينات عن ٕتاوزات وخروقات خبلؿ الفًتة ا‪١‬تمتدة من ‪ 17‬إٔب ‪28‬‬

‫مارس اليت ‪٠‬تصتها ُب التبلعب ُب التوقيت الزمٍت ا‪١‬تمنوح للمرشحُت ُب التلفزيوف العمومي‪ ،‬إضافة إٔب ٘تتع‬

‫ا‪١‬ترشح عبد العزيز بوتفليقة بتغطية إعبلمية تشمل الداعمُت لو من وزراء ورؤساء أحزاب يستعملوف وسائل‬
‫‪3‬‬
‫الدولة ُب ا‪ٟ‬تملة االنتخابية‪.‬‬

‫إف العدد الكبَت من الطعوف اليت تتقدـ هبا األحزاب السياسية ُب االنتخابات دليل على وجود ٕتاوزات‬

‫ورفض اجمللس الدستوري ‪٢‬تذه الطعوف ىو الذي يطرح فعبل تساؤالت على مدى استقبللية ىذا اجمللس‪،‬‬

‫‪ 1‬نعيمة ‪ٝ‬تينة‪" ،‬االنتخابات الرب‪١‬تانية ا‪ٞ‬تزائرية ‪ُ 2012‬ب ضوء التحوالت السياسية العربية"‪ ،‬مجلة دراسات شرق أوسطية‪ ،‬ع‪ ،61 .‬خريف‬
‫‪ ،2012‬ص‪.37‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪2‬عبد الرزاؽ بوالقمح‪ ،‬مسعود ىدنة‪ ،‬وآخروف‪ ،‬لعنة تطارد االنتخابات(ملف)‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪https://www.echoroukonline.com‬‬
‫‪ 3‬رئاسيات ‪ 2014‬تدخل موسوعة "غينس" لؤلرقاـ القياسية‪ُ ،‬ب ‪https :// www.elkhabar.com‬‬

‫‪254‬‬
‫ليبقى حياد اإلدارة ُب االنتخابات ا‪ٞ‬تزائرية من أىم عقبات تفعيل الدٯتقراطية ُب ىذا البلد‪ ،‬كما أف‬

‫األحزاب السياسية مطالبة أكثر ٔتراقبة ىذه العملية وىو ما عرب عنو " السعيد بوالشعَت" حينما قاؿ أف‬

‫العقليات ا‪١‬تتحجرة ا‪١‬تتواجدة باإلدارة احمللية ىي اليت تصعب نزاىة االنتخابات وأف التزوير سيبقى قائما‬

‫مادامت األحزاب ال تتؤب بنفسها مراقبة االنتخابات‪ ،‬فبما أنو يوجد ‪ 40‬ألف مكتب تصويت فما ىو‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٟ‬تزب الذي ٯتكنو توفَت ‪ 40‬ألف مراقب‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬آليات ضمان نزاىة االنتخابات‪.‬‬

‫إف ٖتقيق حياد اإلدارة ُب االنتخابات يعترب من أىم التحديات اليت يواجهها النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‬

‫عند تنظيم أي عملية انتخابية سواء على ا‪١‬تستوى الداخلي أو ا‪٠‬تارجي‪٢ ،‬تذا قد طور ‪٣‬تموعة من اآلليات‬

‫القانونية ا‪١‬تفعلة لتحيد اإلدارة وٖتقيق أكرب قدر من الشفافية ٔتا يضمن ٖتقيق مشاركة واسعة لدى ا‪١‬تواطنُت‬

‫الذين ترسخت لديهم فكرة النتائج احملسومة سلفا بفعل التزوير‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مبدأ حياد الموظفين‪.‬‬

‫تلعب اإلدارة الدور احملوري ُب العمليات االنتخابية وعلى ىذا األساس اىتمت السلطة السياسية ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر بتكريس حياد ا‪١‬توظف العمومي أثناء أداء مهامو خاصة ما تعلق منها بأدائو ُب ظل العمليات‬

‫االنتخابية‪ ،‬وذلك لضماف عدـ ا‪٨‬تيازه إٔب أية جهة العتبارات شخصية أو مصلحية أو جهوية ‪٦‬تا قد يعيق‬

‫ىذه العمليات ويؤثر على نتائجها‪.‬‬

‫‪ .2‬حياد الموظف العمومي في أداء مهامو‪:‬‬

‫‪ 1‬الخبر اليومي‪28.‬ماي ‪ 15 .2002‬ربيع األوؿ ‪ ،1423‬ع ‪ ،3484‬ص‪.02‬‬

‫‪255‬‬
‫عملت السلطة السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر على تبٍت فكرة حياد ا‪١‬توظفُت العموميُت منذ االستقبلؿ‪ ،‬حيث نص‬

‫دستور ‪ 1976‬على وجوب ‪ٛ‬تاية كل مواطن بعملو وسلوكو ا‪١‬تلكية العمومية ومصاّب اجملموعة الوطنية‬

‫واحًتاـ مكتسبات الثورة االشًتاكية والعمل حسب مقدرتو لرفع مستوى معيشة الشعب‪ 1،‬أما حياد‬

‫ا‪١‬توظفُت ُب ظل قوانُت الوظيف العمومي ُب ىذه ا‪١‬ترحلة فقد ربطت فكرة ا‪ٟ‬تياد بالوالء للحزب والقيادة‬

‫السياسية فنص أمر رقم ‪ 133-66‬على ضرورة التزاـ ا‪١‬توظف باحملافظة على سر ا‪١‬تهنة كما أوجب عليو‬

‫مهما كاف ا‪١‬تنصب الذي يشغلو أف ال يوزع أو يطلع الغَت خارج ضرورات مصلحتو على أي عمل أو أي‬

‫شيء مكتوب أو خرب يعرفو ىو بنفسو أو ٭توزه أثناء ‪٦‬تارسة مهامو‪ 2،‬كما أوجب عليو أيضا احًتاـ سلطة‬

‫الدولة وااللتزاـ بالتحفظ واالمتناع عن كل عمل ولو خارجا عن خدمتو يكوف منافيا لكرامة الوظيفة‬
‫‪3‬‬
‫العمومية أو أل‪٫‬تية ا‪١‬تسؤوليات ا‪١‬تنوطة بو‪.‬‬

‫واستمر القانوف الذي صدر ُب ‪ 1978‬ا‪٠‬تاص بالعامل ُب نفس النهج االشًتاكي والذي يلزـ العامل‬

‫باحًتاـ التوجهات االشًتاكية للدولة ُب ظل ‪٪‬تط ا‪ٟ‬تزب الواحد‪ ،‬حيث يتعُت على العامل السيما عندما‬

‫يتؤب منصب تأطَت أو مسؤولية أف يستلهم باستمرار أثناء ‪٦‬تارسة مهامو مبادئ العمل الواردة ُب ا‪١‬تيثاؽ‬
‫‪4‬‬
‫الوطٍت كمصدر أساسي ومرجع أيديولوجي وسياسي ‪٢‬تيئات ا‪ٟ‬تزب والدولة‪.‬‬

‫وىو نفس ما أكد عليو مرسوـ ‪ 59-85‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي النموذجي لعماؿ ا‪١‬تؤسسات‬

‫واإلدارات العمومية الذي صدر ُب ‪ ،1985‬حيث أوجب على العماؿ االلتزاـ ٓتدمة ا‪ٟ‬تزب والدولة‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،1976‬ا‪١‬تادة ‪.75‬‬


‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 233-66‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪،46‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 08‬يونيو ‪ ،1966‬ا‪١‬تادة ‪.16‬‬
‫‪ 3‬األمر ‪ 133-66‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.20‬‬
‫‪ 4‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 22-78‬المتضمن القانون األساسي العام للعامل‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،31‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 08‬أوت ‪.1978‬ا‪١‬تادة ‪.33‬‬

‫‪256‬‬
‫وا‪١‬تسا‪٫‬تة بكفاءة وفعالية ُب األعماؿ اليت تباشرىا القيادة السياسية‪ ،‬واحًتاـ سلطة الدولة وفرض احًتامها‬
‫‪1‬‬
‫ومراعاة مصاّب األمة والدفاع عن مكاسب الثورة‪.‬‬

‫أما مرحلة التعددية السياسية فقد كرست ‪٣‬تمل دساتَتىا حياد ا‪١‬توظف ُب أداء مهامو من أجل تكريس‬

‫دولة ا‪ٟ‬تق والقانوف حيث يعاقب القانوف على التعسف ُب استعماؿ السلطة‪ 2،‬كما ٯتنع على ا‪١‬تؤسسات‬

‫أف تقوـ با‪١‬تمارسات اإلقطاعية وا‪ٞ‬تهوية واحملسوبية وإقامة عبلقات االستغبلؿ والتبعية والسلوؾ ا‪١‬تخالف‬

‫للخلق اإلسبلمي وقيم ثورة نوفمرب‪ 3‬وىي من جهة أخرى مطالبة بضماف مساواة كل ا‪١‬تواطنُت وا‪١‬تواطنات‬

‫ُب ا‪ٟ‬تقوؽ والواجبات بإزالة العقبات اليت تعوؽ تفتح شخصية اإلنساف وٖتوؿ دوف مشاركة ا‪ٞ‬تميع الفعلية‬
‫‪4‬‬
‫كما ٯتنع أف تكوف الوظائف ُب مؤسسات الدولة‬ ‫ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫مصدرا للثراء ووسيلة ‪٠‬تدمة ا‪١‬تصاّب ا‪٠‬تاصة‪.‬‬

‫وأضاؼ دستور ‪ 2016‬كلمة عهدات إشارة إٔب كل شخص ليس فقط ُب الوظائف السامية بل أيضا‬

‫ا‪١‬تنتخبُت ُب اجملالس احمللية وا‪١‬تعينُت ُب اجملالس الوطنية أو ا‪٢‬تيئات الوطنية الذين ألزمهم ىذا التعديل‬

‫بالتصريح ٔتمتلكاهتم ُب بداية توليهم وظائفهم أو عهدهتم أو ُب هنايتها‪.‬‬

‫وكانت أىم مادة ٗتص حياد اإلدارة ىي ا‪١‬تادة ‪ 23‬اليت ًب إدراجها ألوؿ مرة ُب التعديل الدستوري‬

‫‪ 1996‬نتيجة للجدؿ الذي أعقب انتخابات ‪ 1995‬الرئاسية واليت عرفت تدخبل صارخا لئلدارة ُب‬

‫االنتخابات لصاّب حزب السلطة أنذاؾ ( حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي)‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم ‪ 59-85‬المتضمن القانون األساسي النموذجي لعمال المؤسسات واإلدارات‬
‫العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،13‬الصادرة بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ ،1985‬ا‪١‬تادة ‪.21‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬تواد‪ 24 ،22 ،22 :‬من دساتَت ‪ 2016 ،1996 ،1989‬على التوإب‪.‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬تواد‪ 10 ،09 ،09 :‬من دساتَت ‪ 2016 ،1996 ،1989‬على التوإب‪.‬‬
‫‪ 4‬ا‪١‬تواد‪ 34 ،31 ،30 :‬من دساتَت ‪ 2016 ،1996 ،1989‬على التوإب‪.‬‬
‫‪ 5‬ا‪١‬تواد‪ 23 ،21،21 :‬من دساتَت ‪ 2016 ،1996 ،1989‬على التوإب‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫وبالنسبة لقانوف الوظيف العمومي فقد عرفت مرحلة التعددية صدور األمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن‬

‫القانوف األساسي للوظيف العمومي‪ ،‬والذي تضمن ‪٣‬تموعة من ا‪١‬تواد ركزت على واجبات ا‪١‬توظف ا‪١‬ترتبطة‬

‫ْتياده ُب أداء مهامو‪ ،‬وأ‪٫‬تها‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬احًتاـ واجب التحفظ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬احًتاـ سلطة الدولة وفرض احًتامها وفقا للقوانُت ا‪١‬تعموؿ هبا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪٦ -‬تارسة ا‪١‬تهاـ بكل أمانة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ٕ -‬تنب كل فعل يتناَب مع طبيعة مهامو خارج ا‪٠‬تدمة‪.‬‬

‫‪ -‬االلتزاـ بالسر ا‪١‬تهٍت وٯتنع عليو أف يكشف ‪٤‬تتوى أية وثيقة ْتوزتو أو أي حدث أو خرب علم‬

‫بع أو اطلع عليو ٔتناسبة ‪٦‬تارسة مهامو ماعدا ما تقتضيو ضرورة ا‪١‬تصلحة‪ ،‬وال يتحرر ا‪١‬توظف من‬
‫‪5‬‬
‫واجب السر ا‪١‬تهٍت إال بًتخيص مكتوب من طرؼ السلطة السلمية ا‪١‬تؤىلة‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ استعمالو بأية حاؿ ألغراض شخصية أو ألغراض خارجة عن ا‪١‬تصلحة احملبلت‬
‫‪6‬‬
‫والتجهيزات ووسائل اإلدارة‪.‬‬

‫وباإلضافة إٔب قانوف الوظيف العمومي فقد كاف قد صدر مرسوـ تنفيذي ُب ‪ 1990‬٭تدد حقوؽ‬

‫العماؿ الذين ٯتارسوف وظائف عليا ُب الدولة‪ ،‬حيث أوجب عليهم عدـ الكشف عن الوقائع أو احملررات‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر رقم ‪ 23-26‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪،46‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪ ،2006‬ا‪١‬تادة ‪.26‬‬
‫‪ 2‬األمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.40‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.41‬‬
‫‪ 4‬األمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.42‬‬
‫‪ 5‬األمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.46‬‬
‫‪ 6‬األمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.51‬‬

‫‪258‬‬
‫أو ا‪١‬تعلومات اليت يشملها واجب كتماف السر ا‪١‬تهٍت ا‪١‬تتعلق ٔتمارسة مهامهم ولو بعد انتهاء منها‪ 1،‬كما‬

‫صدر مرسوـ تنفيذي ُب ‪ 1993‬الذي حدد بعض الواجبات ا‪٠‬تاصة ا‪١‬تطبقة على ا‪١‬توظفُت واألعواف‬

‫العموميُت وعلى عماؿ ا‪١‬تؤسسات العمومية‪ ،‬وأ‪٫‬تها تلك ا‪١‬تتعلقة با‪ٟ‬تياد اإلداري كإلزاـ ا‪١‬تستخدمُت بواجب‬

‫اإلخبلص للدولة ومؤسساهتا وواجب التحفظ إزاء اجملادالت السياسية أو األيديولوجية وحضر تفضيل‬

‫نشاط أي ‪ٚ‬تعية أو ‪٣‬تموعة أو تشكيل مصرح هبا بصفة نظامية أو عرقلة ذلك ببل مسوغ قانوين‪ ،‬مع‬
‫‪2‬‬
‫إلزامهم بواجب النزاىة أثناء ‪٦‬تارسة مهامهم السيما ُب عبلقاهتم مع ا‪ٞ‬تمهور‪.‬‬

‫‪ .2‬حياد الموظف العمومي في العمليات االنتخابية‪:‬‬

‫ٕتري االستشارات االنتخابية ٖتت مسؤولية اإلدارة اليت يلتزـ أعواهنا التزاما صارما با‪ٟ‬تياد إزاء األحزاب‬

‫السياسية وا‪١‬تًتشحُت‪ ،‬و‪٬‬تب على كل عوف مكلف بالعمليات االنتخابية أف ٯتتنع عن كل سلوؾ أو موقف‬

‫أو عمل من شأنو اإلساءة إٔب نزاىة االقًتاع ومصداقيتو‪ ،‬كما ٯتنع استعماؿ أمبلؾ أو وسائل اإلدارة أو‬
‫‪3‬‬
‫األمبلؾ العمومية لفائدة حزب سياسي أو مًتشح أو إقامة مًتشحُت‪.‬‬

‫ويعُت أعضاء مكاتب التصويت واألعضاء اإلضافيوف ويسخروف من الوإب من بُت الناخبُت ا‪١‬تقيمُت‬

‫ُب إقليم الوالية باستثناء ا‪١‬تًتشحُت وأقارهبم وأصهارىم إٔب غاية الدرجة الرابعة واألفراد ا‪١‬تنتمُت إٔب أحزاهبم‬

‫باإلضافة إٔب األعضاء ا‪١‬تنتخبُت‪ 4،‬بعدما كانت ا‪١‬تادة ‪ 40‬من قانوف ‪ 07-79‬قد أشارت إٔب الدرجة‬

‫الثانية فقط من القرابة وا‪١‬تصاىرة‪ ،‬وىذا التمديد إٔب الدرجة الرابعة إشارة إٔب السعي ‪٨‬تو تكريس ا‪ٟ‬تياد‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم التنفيذي ‪ 226-92‬المحدد للرواتب المطبقة على العمال الممارسين لوظائف عليا‬
‫في الدولة‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،31‬الصادرة بتاريخ ‪ 28‬يوليو ‪ ،1990‬ا‪١‬تادة ‪.16‬‬
‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 54-93‬المحدد لبعض الواجبات الخاصة المطبقة على الموظفين‬
‫واألعوان العموميين وعلى عمال المؤسسات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬فرباير ‪ ،1993‬ا‪١‬تواد ‪،04 ،02‬‬
‫‪.06 ،05‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.160‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.36‬‬

‫‪259‬‬
‫الكلي ُب عملية االنتخاب‪ ،‬ويؤدي أعضاء مكتب التصويت واألعضاء اإلضافيوف اليمُت اآلٌب نصها‪:‬‬

‫"أقسم باهلل العظيم أف أقوـ ٔتهامي بكل إخبلص وحياد وأتعهد بالسهر على ضماف نزاىة العملية‬
‫‪1‬‬
‫االنتخابية"‪.‬‬

‫كما تضمنت قوانُت االنتخاب بكل تعديبلهتا أحكاما جزائية ضد كل من يعرقل عملية االنتخاب أو‬

‫ينحاز لطرؼ على حساب طرؼ آخر‪ ،‬حيث يعاقب با‪ٟ‬تبس من ‪ٜ‬تس سنوات إٔب عشر وبغرامة مالية من‬

‫‪100.000‬دج إٔب ‪500.000‬دج كل من كاف مكلفا ُب اقًتاع إما بتلقي األوراؽ ا‪١‬تتضمنة أصوات‬

‫الناخبُت أو ْتساهبا أو بفرزىا وقاـ بإنقاص أو زيادة ُب احملضر أو ُب األوراؽ أو بتشويهها أو تعمد تبلوة‬

‫اسم غَت االسم ا‪١‬تسجل‪ 2،‬كما يعاقب با‪ٟ‬تبس من ‪ٜ‬تس سنوات إٔب عشر سنوات وبغرامة مالية من‬

‫‪100.000‬دج إٔب ‪500.000‬دج كل إخبلؿ باالقًتاع صادرا إما من أي عضو من أعضاء مكتب‬
‫‪3‬‬
‫التصويت أو أي عوف مسخر مكلف ْتراسة األوراؽ اليت ًب فرزىا‪.‬‬

‫وكاف ا‪٢‬تدؼ من ىذه التعليمة التأكيد على اإلجراءات التكميلية الرامية إٔب تعزيز نزاىة االنتخابات‬

‫واألىم ىو التذكَت بالقواعد الواجب مراعاهتا على السلطات واألعواف العموميُت ُب ‪٣‬تاؿ ا‪ٟ‬تياد‪ ،‬حيث‬

‫ركزت التعليمة على ضرورة احًتاـ أعواف اإلدارة للقانوف وتوفَت الظروؼ الضرورية لتنظيم ا‪ٟ‬تملة االنتخابية‬

‫مع معاملة عادلة لكافة ا‪١‬تًتشحُت خصوصا ُب وسائل اإلعبلـ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آليات تحقيق نزاىة االنتخابات‬

‫‪.2‬اللجان االنتخابية (البلدية‪ ،‬الوالئية‪ ،‬لجان المقيمين بالخارج)‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.37‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪203‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.210‬‬

‫‪261‬‬
‫ٔتناسبة االنتخابات احمللية والتشريعية والرئاسية يتم إنشاء ‪ٞ‬تاف انتخابية بلدية ووالئية و‪ٞ‬تاف ا‪١‬تقيمُت‬

‫با‪٠‬تارج‪.‬‬

‫‪ -‬تتشكل الل جاف االنتخابية البلدية من قاض رئيسا يعينو رئيس اجمللس القضائي ا‪١‬تختص إقليميا ونائب‬

‫رئيس ومساعدين اثنُت يعينهم الوإب من بُت ناخيب البلدية ما عد ا‪١‬تًتشحُت وا‪١‬تنتمُت إٔب أحزاهبم وأقارهبم‬

‫وأصهارىم إٔب غاية الدرجة الرابعة‪.‬‬

‫تقوـ اللجاف االنتخابية البلدية بإحصاء نتائج التصويت احملصل عليها ُب كل مكتب تصويت على‬

‫مستوى البلدية وتسجل ذلك ُب ‪٤‬تضر ر‪ٝ‬تي ْتضور ‪٦‬تثلي ا‪١‬ترشحُت أو القوائم‪ ،‬وترسل نسخة من احملضر‬

‫إٔب رئيس اللجنة الوالئية ونسخى إٔب الوإب‪ ،‬وُب حاؿ االنتخابات احمللية تقوـ بتوزيع ا‪١‬تقاعد‪ ،‬كما تسلم‬

‫نسخة إٔب ا‪١‬تمثل ا‪١‬تؤىل قانونا لكل مًتشح أو قائمة مًتشحُت مقابل وصل تسليم‪.‬‬

‫واألمر اإلضاُب ُب ا‪١‬تادة ‪ 153‬من قانوف االنتخابات ‪ 2016‬ىو أف كل مًتشح أو قائمة مًتشحُت‬

‫مطالبة بتقدًن قائمة ا‪١‬تمثلُت قانونا الستبلـ احملضر من اللجنة واليت تتضمن كل عناصر ىويتهم‪ ،‬كما أف‬

‫ذات ا‪١‬تادة أضافت أف نسخة من احملضر تسلم أيضا ‪٦‬تثل ا‪٢‬تيئة العليا ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات بدؿ‬

‫اللجنة البلدية ‪١‬تراقبة االنتخابات اليت أشار إليها قانوف ‪ُ 2012‬ب ا‪١‬تادة ‪.150‬‬

‫أما اللجاف االنتخابية الوالئية فتتشكل من ثبلثة قضاة من بينهم رئيس برتبة مستشار‪ 1،‬وكاف قانوف‬

‫‪ُ 2016‬ب ذات ا‪١‬تادة (‪ )154‬قد أضاؼ أعضاء إضافيُت يعينهم وزير العدؿ حافظ األختاـ‪ ،‬كما يتم‬

‫إنشاء ‪ٞ‬تنة انتخابية على مستوى كل دائرة انتخابية وتتلخص مهاـ اللجنة االنتخابية الوالئية ُب معاينة‬
‫‪2‬‬
‫و‪ٚ‬تع النتائج النهائية اليت تسجلها اللجاف االنتخابية البلدية وتوزيع ا‪١‬تقاعد ُب ظل االنتخابات الوالئية‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات المرجع نفسو‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.154‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات المرجع نفسو‪ ،‬ا‪١‬تواد من ‪ 152‬إٔب ‪.156‬‬

‫‪261‬‬
‫وقد أشار قانوف ‪ 2016‬إٔب ا‪ٞ‬تهات اليت تستلم ‪٤‬تاضر النتائج من ىذه اللجاف واليت ٓب يذكرىا قانوف‬

‫‪ 2012‬حيث تسلم نسخ إٔب ا‪١‬تمثل ا‪١‬تؤىل قانونا لكل مًتشح مقابل وصل باالستبلـ و‪٦‬تثل ا‪٢‬تيئة العليا‬

‫ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات ووزير الداخلية ووزير العدؿ وذلك ُب االنتخابات احمللية والتشريعية‪ 1،‬أما ُب‬

‫االنتخابات الرئاسية فتسلم نسخ من ‪٤‬تضر النتائج إٔب ا‪١‬تمثل ا‪١‬تؤىل قانونا لكل مًتشح‪ 2،‬غَت أف قانوف‬

‫‪ُ 2016‬ب ذات ا‪١‬تادة ‪ 160‬قد أضاؼ جهات أخرى وىي ‪٦‬تثل ا‪٢‬تيئة العليا ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات‬

‫بعدما كانت سابقا اللجنة الوالئية ‪١‬تراقبة االنتخابات‪ ،‬ووزير الداخلية‪ ،‬ووزير العدؿ‪.‬‬

‫‪ -‬اللجنة االنتخابية للدائرة الديبلوماسية أو القنصلية إلحصاء النتائج احملصل عليها ُب ‪٣‬تموع مكاتب‬

‫التصويت ُب الدوائر االنتخابية الديبلوماسية أو القنصلية‪ ،‬كما تنشأ ‪ٞ‬تنة انتخابية للمقيمُت با‪٠‬تارج ‪ٞ‬تمع‬

‫النتائج النهائية ا‪١‬تسجلة من قبل ‪ٚ‬تيع ‪ٞ‬تاف الدوائر الديبلوماسية أو القنصلية‪ ،‬وتسلم اللجنة نسخة من‬

‫‪٤‬تاضر النتائج إٔب وزير الداخلية وا‪١‬تمثل ا‪١‬تؤىل قانونا لكل مًتشح أو قائمة مًتشحُت‪ 3،‬وأضاؼ قانوف‬

‫‪ُ 2016‬ب ذات ا‪١‬تادة ‪ 163‬كل من رئيس ا‪٢‬تيئة العليا ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات ووزير العدؿ‪ ،‬بعدما‬

‫كاف احملضر يرسل إٔب رئيس اللجنة الوطنية ‪١‬تراقبة االنتخابات اليت ًب إلغاؤىا‪.‬‬

‫‪.2‬المنازعات االنتخابية وتقديم الطعون أمام المحاكم‪:‬‬

‫‪ -‬بالنسبة إلعداد القوائم االنتخابية‪ ،‬فلكل ناخب ا‪ٟ‬تق ُب االطبلع على القائمة االنتخابية اليت تعنيو‬

‫وىذا ما نصت عليو كل القوانُت االنتخابية بعد إعبلف التعددية‪ 4،‬غَت أنو غَت أنو ُب قانوف ‪ً 1997‬ب‬

‫إعطاء ا‪ٟ‬تق لؤلحزاب السياسية وا‪١‬تًتشحُت ُب االطبلع على القوائم االنتخابية ضمن ا‪١‬تادة ‪ ،21‬أما ُب‬

‫‪1‬‬
‫القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات المرجع نفسو‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪ 158‬بالنسبة لبلنتخابات احمللية‪ ،‬وا‪١‬تادة ‪ 159‬لبلنتخابات‬
‫التشريعية‪.‬‬
‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات ا‪١‬تواد ‪.162 ،161 ،160‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.164 ،163‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.22‬‬

‫‪262‬‬
‫تعديل ‪ 2012‬فقد خصت ا‪١‬تادة ‪ 18‬حق االطبلع على القوائم االنتخابية لؤلحزاب وا‪١‬تًتشحُت االحرار‬

‫ا‪١‬تشاركُت فقط ُب االنتخابات‪ ،‬كما منح ‪٢‬تم حق ا‪ٟ‬تصوؿ على نسخة من القوائم وإرجاعها ُب غضوف‬

‫‪ 10‬أياـ‪ ،‬كما صبت ا‪١‬تادة ‪ 22‬من قانوف ‪ُ 2016‬ب ذات السياؽ من حيث إلزاـ السلطات بوضع‬

‫الق وائم االنتخابية ٖتت تصرؼ األحزاب السياسية وا‪١‬تًتشحُت األحرار ا‪١‬تشاركُت ُب االنتخابات‪.‬‬

‫ومنح ا‪١‬تواطن أيضا حق تقدًن التظلم إذا أغفل تسجيلو ُب قائمة انتخابية وحق االعًتاض ا‪١‬تعلل لشطب‬

‫شخص مسجل بغَت حق أو تسجيل شخص مغفل ُب نفس دائرتو االنتخابية‪ ،‬وتقدـ ‪ٚ‬تيع اعًتاضات‬

‫ا‪١‬تواطنُت على التسجيل أو الشطب إٔب اللجنة اإلدارية االنتخابية اليت تبث فيها بقرار قابل للطعن أماـ‬

‫احملكمة ا‪١‬تختصة إقليميا أو ‪٤‬تكمة ا‪ٞ‬تزائر بالنسبة للجالية ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،‬ويكوف الطعن غَت قابل ألي شكل من‬
‫‪1‬‬
‫أشكاؿ الطعن (نفس ما نص عيو كل من قانوف االنتخابات ‪.)01/12 ،07/97 ،13/89‬‬

‫‪ -‬بالنسبة للناخبُت فقد كرست أغلب قوانُت االنتخاب حق ا‪١‬تواطن ُب االعًتاض على نتائج االنتخابات‪،‬‬

‫حيث ٭تق لكل ناخب االعًتاض على صحة عمليات التصويت بإيداع احتجاج ُب ا‪١‬تكتب الذي صوت‬

‫فيو لَتسل إٔب اللجنة الوالئيةاليت تبث فيو بقرار قابل للطعن أماـ احملكمة اإلدارية ا‪١‬تختصة‪ 2،‬مع عدـ قابلية‬

‫قرارىا ألي شكل من أشكاؿ الطعن‪ 3،‬كما ٭تق للناخب االحتجاج أيضا على صحة العملية االنتخابية‬
‫‪4‬‬
‫ُب حالة االستفتاء‪ ،‬غَت أف االحتجاج ُب ىذه ا‪ٟ‬تالة ٮتطر بو اجمللس الدستوري‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تواد من ‪ 18‬إٔب ‪.22‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.170‬‬
‫‪ 3‬فقرة إضافية ُب ا‪١‬تادة ‪ 170‬من القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات ٓب ينص عليها قانوف االنتخابات ‪.01-12‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.172‬‬

‫‪263‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لؤلحزاب السياسية أوؿ مرة يتم دسًتة فكرة وضع القوائم االنتخابية عند كل انتخاب ٖتت‬

‫تصرؼ ا‪١‬تًتشحُت وذلك ُب إطار التعديل الدستوري ؿ‪ 2016‬الذي ألزـ السلطات العمومية ا‪١‬تكلفة‬
‫‪1‬‬
‫باالنتخابات بضرورة إحاطة ىذه العملية بالشفافية وا‪ٟ‬تياد‪.‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لؤلحزاب السياسية فيمكن للمًتشحُت حضور عمليات التصويت والفرز أو تعيُت ‪٦‬تثليهم ُب‬

‫حدود ‪ٜ‬تسة أعضاء كأقصى حد ُب مكتب التصويت ُب آف واحد‪ 2،‬كما ٭تق لكل مًتشح أو ‪٦‬تثلو أف‬

‫يراقب عمليات التصويت وفرز األصوات وتعدادىا وتسجيل كل ا‪١‬تبلحظات أو ا‪١‬تنازعات ا‪١‬تتعلقة بسَت‬
‫‪3‬‬
‫العمليات ُب ‪٤‬تضر‪.‬‬

‫وٯتلك كل مًتشح لبلنتخابات التشريعية أو حزب سياسي مشارؾ ُب االنتخابات ا‪ٟ‬تق ُب االعًتاض‬

‫على صحة عمليات التصويت بتقدًن عريضة لدى كتابة ضبط اجمللس الدستوري‪ ،‬كما ٭تق ‪٢‬تؤالء الطعن ُب‬
‫‪4‬‬
‫صحة العمليات االنتخابية ُب حالة االنتخابات الرئاسية باحتجاج يرفع إٔب اجمللس الدستوري‪.‬‬

‫‪.3‬الهيئة العليا المستقلة لمراقبة االنتخابات‪:‬‬

‫ًب استحداث ىذه ا‪٢‬تيئة مع التعديل الدستوري لعاـ ‪ ،2016‬وىي ىيئة تسهر على شفافية االنتخابات‬

‫منذ استدعاء ا‪٢‬تيئة الناخبة حىت إعبلف النتائج ا‪١‬تؤقتة لبلقًتاع‪ ،‬وتتكوف من قضاة يقًتحهم اجمللس األعلى‬

‫للقضاء وكفاءات مستقلة يتم اختيارىا ضمن اجملتمع ا‪١‬تدين وكل ىؤالء األعضاء يتم تعيينهم من طرؼ‬
‫‪5‬‬
‫رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪ ،‬ويًتأس ا‪٢‬تيئة شخصية وطنية يعينها رئيس ا‪ٞ‬تمهورية بعد استشارة األحزاب السياسية‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.193‬‬


‫‪ 2‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.166‬‬
‫‪ 3‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.168‬‬
‫‪ 4‬القانوف العضوي ‪ 10-16‬ا‪١‬تتعلق باالنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.172 ،171‬‬
‫‪ 5‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.194‬‬

‫‪264‬‬
‫وكاف يشرؼ على االنتخابات قبل التعديل الدستوري لعاـ ‪ 2016‬كل من اللجنة الوطنية لئلشراؼ‬

‫على االنتخابات واللجنة الوطنية ‪١‬تراقبة االنتخابات اللتُت ًب استحداثهما ُب ظل قانوف االنتخابات‬

‫‪ ،2012‬حيث الل جنة الوطنية لئلشراؼ على االنتخابات كانت تتكوف حصريا من قضاة يعينهم رئيس‬

‫ا‪ٞ‬تمهورية وتوضع ٔتناسبة كل اقًتاع وكانت مهمتها اإلشراؼ على االنتخابات من بدايتها إٔب هنايتها‪ 1،‬أما‬

‫اللجنة الوطنية ‪١‬تراقبة االن تخابات فكانت مكلفة بالسهر على وضع حيز التنفيذ ا‪ٞ‬تهاز القانوين والتنظيمي‬

‫ا‪١‬تعموؿ بو الذي ٭تكم االنتخابات وتتشكل من الكفاءات الوطنية و‪٦‬تثلو األحزاب السياسية ا‪١‬تشاركة ُب‬
‫‪2‬‬
‫االنتخابات وكذا ‪٦‬تثلو ا‪١‬تًتشحُت األحرار‪.‬‬

‫وُب ظل الظروؼ السياسية اليت تزامنت وا‪ٟ‬تراؾ الشعيب ‪ٞ‬تأت الدولة إٔب مراجعة القوانُت االنتخابية‬

‫وذلك من خبلؿ إنشاء السلطة الوطنية ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات من خبلؿ إصدار القانوف العضوي‬

‫ا‪١‬تنظم ‪١‬تهامها رقم ‪.08-19‬‬

‫‪.4‬دور المجلس الدستوري‪ :‬ىو ىيئة تكلف بالسهر على احًتاـ الدستور وصحة عمليات االستفتاء‬

‫وانتخاب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية واالنتخابات التشريعية واإلعبلف عن نتائج االنتخابات‪ ،‬إضافة إٔب النظر ُب‬

‫الطعوف اليت يتلقاىا حوؿ النتائج ا‪١‬تؤقتة لبلنتخابات الرئاسية واالنتخابات التشريعية واإلعبلف عن النتائج‬
‫‪3‬‬
‫النهائية لكل العمليات‪.‬‬

‫‪.5‬المراقبين والمالحظين الدوليين‪ :‬من أجل ضماف إجراء انتخابات حرة ونزيهة البد من توفر ا‪١‬تناخ‬

‫الدٯتقراطي وا‪ٟ‬تريات األساسية للمواطنُت خاصة حرية الرأي والتعبَت والتجمع السلمي وتشكيل األحزاب‬

‫السياسية وا‪ٞ‬تمعيات وسيادة القانوف‪ ،‬وقد أكدت كافة الوثائق واإلعبلنات واالتفاقيات ا‪١‬تعنية ْتقوؽ‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تواد ‪ 170 ،169 ،168‬من ‪ 01/12‬ا‪٠‬تاصة باللجنة الوطنية لئلشراؼ على االنتخابات‪.‬‬
‫‪ 2‬القانوف ‪ 01-12‬ا‪١‬تتعلق بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ا‪١‬تواد ‪ 173 ،172 ،171‬من ‪ 01/12‬ا‪٠‬تاصة باللجنة الوطنية ‪١‬تراقبة االنتخابات‪.‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.182‬‬

‫‪265‬‬
‫اإلنساف على العديد من ا‪١‬تعايَت الدولية اليت تضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة ومن ذلك اإلعبلف العا‪١‬تي‬

‫‪ٟ‬تقوؽ اإلنساف والعهد الدوٕب للحقوؽ ا‪١‬تدنية والسياسية واالتفاقية الدولية للقضاء على أشكاؿ التمييز‬

‫العنصري وقرار ‪ٞ‬تنة حقوؽ اإلنساف حوؿ زيادة فاعلية االنتخابات الدورية النزيهة وا‪١‬تيثاؽ اإلفريقي ‪ٟ‬تقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫اإلنساف والشعوب واالتفاقية األمريكية واألوربية ‪ٟ‬تقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫واستنادا ‪٢‬تذه الوثائق‪ ،‬صنف مركز حقوؽ اإلنساف التابع لؤلمم ا‪١‬تتحدة ىذه ا‪ٟ‬تقوؽ على النحو التإب‪:‬‬

‫‪ -‬إرادة الشعب‪.‬‬

‫‪ -‬تأمُت ا‪ٟ‬ترية‪.‬‬

‫‪ -‬تأمُت ا‪ٟ‬تقوؽ األساسية‪ :‬الرأي والتعبَت‪ ،‬التجمع السلمي‪ ،‬حرية تكوين ا‪ٞ‬تمعيات واألحزاب‬

‫السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬استقبللية السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ عدـ التمييز‪.‬‬

‫‪ -‬االقًتاع السري‪.‬‬

‫‪ -‬االقًتاع العاـ ا‪١‬تتساوي‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬االقًتاع الدوري‪.‬‬

‫واستنادا إٔب ىذه ا‪١‬تعايَت الدولية يتم إيفاد مراقبُت دوليُت للكشف عن ا‪١‬تمارسات غَت النزيهة وغَت‬

‫القانونية ُب العملية االنتخابية‪ ،‬وقد ًب دعوة ا‪١‬تبلحظُت الدوليُت ُب ا‪ٞ‬تزائر وحىت من منظمات إقليمية‬

‫‪ 1‬طالب عوض‪" ،‬االنتخابات ا‪ٟ‬ترة وفق ا‪١‬تعايَت الدولية‪ُ ،‬ب‪ :‬كرـ ‪ٜ‬تيس‪ ،‬الدٯتقراطية واالنتخابات ُب العآب العريب"‪ ،‬أعمال المؤتمر الدولي‬
‫حول الديمقراطية واالنتخابات في العالم العربي‪ ،‬ا‪١‬تنظمة العربية ‪ٟ‬تقوؽ اإلنساف‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.34‬‬

‫‪266‬‬
‫‪١‬تراقبة االنتخابات ُب أكثر من مناسبة سعيا من النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري لتحسُت صورتو خارجيا وإثبات‬

‫حسن نيتو ُب تنظيم انتخابات نزيهة ودٯتقراطية تعطي لو الشرعية داخليا وخارجيا‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫انعكاس التسيير البيروقراطي على مسار التحول الديمقراطي‬

‫في الجزائر ومداخل ترشيد البيروقراطية‬

‫‪267‬‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫تبٌت النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري ُب إطار مسعاه ‪٨‬تو تكريس الدٯتقراطية ُب ا‪ٟ‬تكم ‪ٚ‬تلة من ا‪ٟ‬تريات الفردية‬

‫وا‪ٞ‬تماعية‪ ،‬كما عمل على تفعيل التعددية ا‪ٟ‬تزبية والسياسية‪ ،‬غَت أنو قيد ‪٣‬تمل ىذه اآلليات الدٯتقراطية‬

‫بقائمة طويلة من القيود البَتوقراطية اليت أثرت على ‪٧‬تاح العملية الدٯتقراطية‪ ،‬وعليو ستسعى الدراسة ُب‬

‫ىذا الفصل إٔب تشخيص أىم انعكاسات التسيَت البَتوقراطي على العملية الدٯتقراطية من خبلؿ ثبلث‬

‫مباحث‪ ،‬حيث سيتناوؿ ا‪١‬تبحث األوؿ أىم آثارىا على ا‪١‬تشاركة السياسية‪ ،‬وا‪١‬تبحث الثاين أىم انعكاساهتا‬

‫على شرعية النظاـ السياسي‪ ،‬أما ا‪١‬تبحث الثالث واألخَت سيخصص ألىم ا‪١‬تداخل اليت اعتمدت عليها‬

‫ا‪ٞ‬تزائر للتخفيف من حدة البَتوقراطية ترشيدىا ْتث تصبح أداة ُب خدمة الدٯتقراطية وليس العكس‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫المبحث األول‪ :‬انعكاس البيروقراطية على المشاركة السياسية‪.‬‬

‫إف التسيَت البَتوقراطي ا‪١‬تفرط للعملية االنتخابية ُب ا‪ٞ‬تزائر والتحكم الصارخ لئلدارة ُب نشاط األحزاب‬

‫السياسية وا‪ٞ‬تمعيات قد أثر بشكل كبَت على واقع ا‪١‬تشاركة السياسية‪ ،‬حيث ٓب يعد ا‪١‬تواطن ا‪ٞ‬تزائري مباليا‬

‫باالنتخابات وأصبح يرى فيها ‪٣‬ترد مناسبة لفرض أجندة السلطة سلفا‪ ،‬كما أف ضعف أداء األحزاب‬

‫السياسية وا‪ٞ‬تمعيات جعلو فاقدا للثقة ُب ىذه التنظيمات اليت يعتربىا تنظيمات مناسباتية تعيش من ريع‬

‫الدولة وال ٗتدـ مصا‪ٟ‬تو‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البيروقراطية وأزمة العزوف االنتخابي‪.‬‬

‫تعد االنتخابات من أىم قنوات ا‪١‬تشاركة السياسية اليت يتم من خبل‪٢‬تا بناء مؤسسات سياسية تعرب عن‬

‫إرادة احملكومُت‪ ،‬ولكوهنا تشكل الوسيلة األساسية لتجسيد التعددية ا‪ٟ‬تزبية والسياسية فلقد عمدت ا‪ٞ‬تزائر‬

‫بعد إصدار دستور ‪ 1989‬إٔب إجراء أوؿ انتخابات ‪٤‬تلية واليت فازت فيها ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ بأغلبية‬

‫اجملالس‪ ،‬واستمر ذلك أيضا من خبلؿ الدور األوؿ لبلنتخابات التشريعية إال أف مسار االنتخابات ٓب‬

‫يكتمل مع إلغاء الدور الثاين منها‪ ،‬لتدخل ا‪ٞ‬تزائر مرحلة انتقالية انتهت بإجراء أوؿ انتخابات رئاسية فاز‬

‫‪269‬‬
‫فيها مًتشح السلطة اليامُت زرواؿ‪ ،‬لتعود ا‪ٞ‬تزائر بعدىا إٔب تبٍت االنتخابات إلكماؿ مسار بناء ا‪١‬تؤسسات‬

‫الدٯتقراطية‪.‬‬

‫وإذا كاف ا‪١‬تراقبوف واحملللوف يعتربوف أف أوؿ انتخابات ُب عهد ا‪ٞ‬تزائر التعددية ىي انتخابات نزيهة عربت‬

‫عن التوجو ا‪ٟ‬تقيقي للشعب ا‪ٞ‬تزائري فإهنم من جهة أخرى يروف أف االنتخابات الرئاسية ‪ 1995‬أوؿ‬

‫انتخابات تتم بتدخل صارخ لئلدارة وبنية مسبقة إل‪٧‬تاح مًتشح السلطة‪ ،‬األمر الذي أفضى إٔب ما ‪ٝ‬تي‬

‫بتزوير االنتخابات ُب ا‪ٞ‬تزائر والتدخل ا‪١‬تفضوح لئلدارة‪ ،‬والذي كانت نتيجتو غياب الثقة بُت السلطة‬

‫والناخبُت وعزوفهم عن ا‪١‬تشاركة السياسية ‪٦‬تا أفقد للسلطة شرعيتها خاصة مع بلوغ نسب ا‪١‬تشاركة أرقاما‬

‫متدنية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االنتخابات الرئاسية‪.‬‬

‫تكتسي االنتخابات الرئاسية ُب ا‪ٞ‬تزائر أ‪٫‬تية بالغة لكوهنا تؤدي إٔب تنصيب أىم شخصية ُب النظاـ‬

‫السياسي وىي شخصية الرئيس‪ ،‬وتعود أ‪٫‬تية منصب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية إٔب طبيعة النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‬

‫شبو رئاسي الذي ‪٬‬تعل منو ‪٤‬تور النظاـ السياسي الذي تدور ُب فلكو ‪ٚ‬تيع السلطات ُب ظل الصبلحيات‬

‫الواسعة اليت يتمتع هبا‪٢ ،‬تذا فإف االنتخابات ٘تنح شرعية واسعة لرئيس ا‪ٞ‬تمهورية تدعم مركزه‪.‬‬

‫شهدت ا‪ٞ‬تزائر عدة استحقاقات رئاسية منذ اإلعبلف عن االنفتاح السياسي‪ ،‬وتعد انتخابات ‪1995‬‬

‫أوؿ انتخابات رئاسية تعددية جرت ُب ظل ظروؼ أمنية خطَتة كانت قد صاحبت توقيف ا‪١‬تسار‬

‫االنتخايب‪ ،‬وكانت خطوة من النظاـ السياسي للخروج من ا‪١‬ترحلة االنتقالية وٖتقيق استقرار ُب األوضاع‬

‫األمنية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬وقد تقدـ إليها ‪ 11‬مرشحا حيث قبل اجمللس الدستوري منها ‪07‬‬

‫‪271‬‬
‫ترشيحات فقط وًب رفض كل من ملف ‪٤‬تفوظ ‪٨‬تناح وسيد أ‪ٛ‬تد غزإب ونور الدين بوكروح‪ 1،‬وجرت‬

‫االنتخابات ُب موعدىا احملدد ٔتشاركة أربعة مرشحُت ىم اليامُت زرواؿ مرشح السلطة و‪٤‬تفوظ ‪٨‬تناح عن‬

‫حركة ‪٣‬تتمع اإلسبلمي وسعيد سعدي عن التجمع من أجل الثقافة والدٯتقراطية ونور الدين بوكروح عن‬

‫حزب التجديد ا‪ٞ‬تزائري مع معارضة حزب جبهة التحرير وجبهة القوى االشًتاكية‪ ،‬وقد بلغ عدد الناخبُت‬

‫ا‪١‬تصوتُت ‪ 12.087.281‬صوت وعدد األصوات ا‪١‬تعرب عنها ‪ 11.619.532‬صوت‪ ،‬وفاز اليامُت‬

‫زرواؿ ب ‪ %61‬من عدد األصوات‪ ،‬مع نسبة مشاركة بلغت ‪ 2،%74.92‬وىي نسبة تعرب اىتماـ‬

‫ا‪١‬تواطن ا‪ٞ‬تزائري ُب تلك ا‪١‬ترحلة بالرغبة ُب االستقرار واألمن‪.‬‬

‫ومع تصاعد العنف والصراع بُت مؤسسة الرئاسة وا‪ٞ‬تيش انتهى األمر بإعبلف اليامُت زرواؿ استقالتو ُب‬

‫‪ 1998‬وإجراء أوؿ انتخابات رئاسية مبكرة ُب أفريل ‪ ،1999‬وىي االنتخابات اليت ترشح ‪٢‬تا سبعة‬

‫مًتشحُت ىم عبد العزيز بوتفليقة وحسُت آيت أ‪ٛ‬تد وأ‪ٛ‬تد طالب اإلبراىيمي ويوسف ا‪٠‬تطيب ومولود‬

‫‪ٛ‬تروش ومقداد سيفي وعبد اهلل جاب اهلل‪ ،‬وكاف التوجو العاـ للشخصيات ا‪١‬تًتشحة ُب االنتخابات‬

‫الرئاسية ىو الرغبة ُب توقيف العنف وٖتقيق االستقرار‪ ،‬إال أف ا‪١‬تؤسسة العسكرية اختارت بوتفليقة رئيسا‬

‫بعد انسحاب ا‪١‬تًتشحُت مع بدء العملية االنتخابية وبذلك ٖتولت االنتخابات إٔب استفتاء حوؿ شخصو‬

‫والذي حصل على ‪ %74‬من األصوات‪ 3،‬وكاف ا‪١‬تًتشحوف الستة ا‪١‬تنسحبوف قد أعربوا قبل وبعد إعبلف‬

‫‪ 1‬أمُت البار‪ ،‬دور األحزاب السياسية في دعم التحول الديمقراطي في الدول المغاربية‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة الوفاء القانونية‪،2014 ،‬‬
‫ص ‪.230‬‬
‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬إعالن مؤرخ في ‪ 23‬نوفمبر ‪ 2995‬المتعلق بنتائج انتخاب رئيس الجمهورية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية‬
‫رقم ‪ُ .72‬ب ‪ 26‬نوفمرب ‪.1995‬‬
‫‪ٜ 3‬تيس حزاـ وإب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.271 ،270‬‬

‫‪271‬‬
‫النتائج أهنا كانت انتخابات مزورة وغَت نزيهة لصاّب ا‪١‬تًتشح عبد العزيز بوتفليقة‪ ،‬وقد بلغت نسبة ا‪١‬تشاركة‬
‫‪1‬‬
‫فيها ‪.%60.25‬‬

‫ومع االستفتاء على قانوف الوئاـ ا‪١‬تدين واستباب األمن والسلم ًب تنظيم انتخابات رئاسية ُب ‪ 08‬أفريل‬

‫‪ 2004‬واليت ترشحت ‪٢‬تا ‪ 06‬شخصيات وىي عبد العزيز بوتفليقة وعلي بن فليس وعبد اهلل جاب اهلل‬

‫وسعيد سعدي ولويزة حنوف وأ‪ٛ‬تد طالب اإلبراىيمي وفوزي رباعُت وموسى تواٌب وأ‪ٛ‬تد غزإب‪ ،‬غَت أف‬

‫اجمللس الدستوري أقصى أ‪ٛ‬تد غزإب وموسى تواٌب لعدـ ‪ٚ‬تعهما التوقيعات وأ‪ٛ‬تد طالب اإلبراىيمي لوجود‬

‫أعضاء مؤسسُت ُب حركتو (حركة الوفاء والعدؿ) ىم أعضاء سابقُت ُب ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ‪ 2،‬وترافق‬

‫إعبلف النتائج األولية مع إعبلف ثبلثة من ا‪١‬ترشحُت للرئاسة وىم علي بن فليس وعبد اهلل جاب اهلل وسعيد‬

‫سعدي عن عدـ اعًتافهم بنتائج االنتخابات باعتبارىا قامت على التزوير الشامل رغم إشادة ا‪١‬تراقبُت‬

‫الدوليُت بنزاىتها‪ ،‬حيث أكد رئيس بعثة االٖتاد اإلفريقي على أف ا‪١‬تسار الدٯتقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر على الطريق‬
‫‪3‬‬
‫وقد بلغت نسبة ا‪١‬تشاركة ُب ىذه االنتخابات‬ ‫الصواب مثلما أكده ‪٦‬تثل جامعة الدوؿ العربية‪،‬‬

‫‪ %58.08‬مع فوز بوتفليقة ب ‪ 8.651.723‬صوت ُب الدور األوؿ باألغلبية من بُت ‪10.179.72‬‬


‫‪4‬‬
‫صوت معرب عنها‪.‬‬

‫بعد إجراء التعديبلت الدستورية ُب ‪ 15‬نوفمرب ‪ 2008‬واليت تضمنت فتح العهدات الرئاسية بعدما‬

‫كانت ‪٤‬تدودة ٔترة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية ثالثة‬

‫ع ارضتها العديد من األصوات السياسية واإلعبلمية وقاطعتها أحزاب منها التجمع من أجل الثقافة‬

‫‪ 1‬عبد اهلل بلغيث‪" ،‬تطور االنتخابات الرئاسية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تضامُت السياسية والقانونية"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬مج ‪ ،10‬ع‬
‫‪ ،02‬سبتمرب ‪ ،2019‬ص ‪.1038‬‬
‫‪ 2‬أمُت البار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 238‬‬
‫‪ 4‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬إعالن رقم ‪ 24‬مؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 2224‬يتضمن نتائج انتخابات رئيس الجمهورية‪ ،‬جريدة‬
‫ر‪ٝ‬تية عدد ‪ُ 24‬ب ‪ 18‬أفريل ‪.2004‬‬

‫‪272‬‬
‫والدٯتقراطية وحركة النهضة وجبهة القوى االشًتاكية‪ْ ،‬تيث جرت ُب ‪ 10‬أفريل ‪ 2009‬وترشح ‪٢‬تا‬

‫باإلضافة إٔب عبد العزيز بوتفليقة كل من موسى تواٌب وجهيد يونسي ولويزة حنوف و‪ٛ‬تد السعيد وفوزي‬
‫‪1‬‬
‫رباعُت‪ ،‬وقد بلغت نسبة ا‪١‬تشاركة فيها ‪ %74‬مع فوز بوتفليقة‪.‬‬

‫كما أف االنتخابات الرئاسية لعاـ ‪ 2014‬قد عرفت معارضة شديدة ُب ظل مرض الرئيس الذي ترشح‬

‫لعهدة رابعة بالرغم من كاف قد صرح ُب خطاب لو ُب ماي ‪ 2012‬بسطيف بأف جيلو قد ؤب خاصة ُب‬

‫ظل الوضع الصحي الذي كاف ال يؤىلو إلدارة شؤوف الببلد‪ ،‬وقاـ بإجراء تغيَتات على مستوى ا‪١‬تخابرات‬

‫وإحالة عدد من ا‪ٞ‬تنراالت على التقاعد وحل جهاز الشرطة القضائية التابع ‪ٞ‬تهاز االستخبارات الذي كاف‬

‫مكلفا ٔتتابعة قضايا الفساد مع إ‪ٟ‬تاؽ مديرية االتصاؿ التابعة ‪٢‬تذا ا‪ٞ‬تهاز بقيادة أركاف ا‪ٞ‬تيش‪ 2،‬وبلغت‬

‫نسبة ا‪١‬تشاركة ُب ىذه االنتخابات ‪ %50.70‬مع عدد ناخبُت قدر ب ‪ 22.880.678‬وعدد أصوات‬
‫‪3‬‬
‫معرب عنهاب ‪.5.234.425‬‬

‫وُب ظل استمرار قضايا الفساد وتردي األوضاع االقتصادية وسياسة التقشف مع ا‪٩‬تفض أسعار البًتوؿ‬

‫أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحو لعهدة خامسة بتاريخ ‪ 10‬فيفري ‪ 2019‬وىي ا‪٠‬تطوة اليت‬

‫أججت فتيل االحتجاجات خاصة ُب ظل الوضعية الصحية السيئة اليت كاف يعاين منها ا‪١‬تًتشح‪ ،‬وقوبل‬

‫إعبلف الًتشح بانطبلؽ مظاىرات حاشدة ‪ٝ‬تيت ْتراؾ ‪ 22‬فيفري ‪ 2019‬حيث طالب ا‪١‬تبليُت برحيل‬

‫النظاـ وتطبيق الشرعية الدستورية‪ ،‬ليعلن الرئيس يوـ ‪ 02‬أفريل ‪ 2019‬عن استقالتو لرئيس اجمللس‬
‫‪4‬‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل بلغيث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1040‬‬


‫‪ 2‬بومدين بوزيدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.66 ،65‬‬
‫‪3‬‬
‫ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬إعالن رقم ‪/ 22‬أ م د‪ 24 /‬المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 2224‬يتضمن نتائج انتخابات رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ 23‬الصادرة ُب ‪ 23‬أفريل ‪.2014‬‬
‫‪4‬‬
‫أ‪ٛ‬تد تقي الدين‪٤،‬تمد آكلي قزو‪" ،‬مطالب ا‪ٟ‬تراؾ الشعيب ومضموف التعديل الدستوري ‪ ،"2020‬مجلة الدراسات القانونية المقارنة‪،‬‬
‫مج‪ ،06‬ع‪ ،02‬ديسمرب ‪ ،2020‬ص ‪.1523‬‬

‫‪273‬‬
‫وبعد عشرة أشهر من االحتجاجات الشعبية نظمت انتخابات رئاسية قوبلت باعًتاض شعيب واسع‬

‫العتبارىم إياىا مناورة من النظاـ السياسي للبقاء ُب السلطة خاصة مع تداوؿ العديد من الشخصيات‬

‫السابقة ُب الن ظاـ السياسي‪ .‬وسجلت ىذه االنتخابات مشاركة معتربة على حد تعبَت ‪٤‬تمد شرُب رئيس‬

‫السلطة ا‪١‬تستقلة لبلنتخابات‪ ،‬حيث صرح أف نسبة ا‪١‬تشاركة قد بلغت ‪ 39،39‬حيث فاز ا‪١‬تًتشح عبد‬
‫‪1‬‬
‫اجمليد تبوف ب ‪ 4947523‬صوتا بنسبة ‪.%58،13‬‬

‫إف ا‪١‬تبلحظ على ا‪١‬تشاركة ُب االنتخابات الرئاسية ُب ا‪ٞ‬تزائر ىو أف النسب تتجاوز ُب كل مرة ‪،%50‬‬

‫وىذا ما ينم عن أ‪٫‬تية ىذه االنتخابات لدى ا‪١‬تواطن ا‪ٞ‬تزائري الذي يرى ُب شخصية الرئيس الشخصية‬

‫احملورية ُب العملية السياسية‪ ،‬لكن من جهة أخرى يبلحظ أف النسب كانت تنخفض ُب كل مرة بالنظر إٔب‬

‫األزمات اليت ٯتر هبا النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري على كل األصعدة‪ ،‬ضف إٔب ذلك ظاىرة النتائج احملسومة‬

‫سلفا اليت أصبحت ٘تيز االنتخابات الرئاسية قبل إجرائها وىذا ما حدث حىت ُب ظل العهدة الرابعة اليت‬

‫كاف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غَت قادر على مواصلتها بالنظر إٔب وضعو الصحي‪ ،‬والذي جعل الشعب‬

‫ينتفض ُب العهدة ا‪٠‬تامسة‪ ،‬األمر الذي انتهى بانتخابات رئاسية فاز فيها عبد اجمليد تبوف بنسبة مشاركة‬

‫منخفضة جدا ٓب تصل إٔب ‪ %40‬حسب نتائج وزارة الداخلية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االنتخابات التشريعية والمحلية‪.‬‬

‫تتميز االنتخابات التشريعية واحمللية بأ‪٫‬تية بالغة ُب تأسيس ‪٣‬تالس منتخبة تعرب عن إرادة ا‪١‬تواطن و٘تنحو‬

‫فرصة ‪٦‬تارسة الرقابة على أداء السلطة و‪٥‬ترجاهتا‪٢ ،‬تذا فا‪١‬تواطن ُب ا‪ٞ‬تزائر حرص على ا‪١‬تشاركة ُب أوؿ‬

‫انتخابات ‪٤‬تلية تعددية إٯتانا منو بأ‪٫‬تيتها ُب بناء مؤسسات سياسية منتخبة وفاعلة‪.‬‬

‫‪ 1‬بياف اجمللس الدستوري ٓتصوص النتائج النهائية لبلنتخابات الرئاسية ‪ 12‬ديسمرب ‪ ،2019‬وكالة األنباء ا‪ٞ‬تزائرية‪ 16 ،‬ديسمرب ‪،2019‬‬
‫‪- https://www.aps.dz.‬‬ ‫ُب‪:‬‬

‫‪274‬‬
‫ففي انتخابات ‪ 12‬جواف ‪ 1990‬على اجملالس الشعبية البلدية والوالئية كأوؿ ٕتربة انتخابية تعددية ُب‬

‫تاريخ ا‪ٞ‬تزائر شارؾ فيها ‪ 25‬حزبا سياسيا بلغت نسبة ا‪١‬تشاركة ‪ %64.15‬من ا‪١‬تسجلُت ُب القوائم‬

‫االنتخابية الذين بلغ عددىم ‪ 12841769‬مسجبل شارؾ منهم حوإب ‪ 7.87‬مليوف ناخب ُب‬

‫االنتخابات البلدية و‪ 7.78‬ناخب ُب االنتخابات الوالئية‪ 1،‬غَت أف قياـ بَتوقراطية الدولة بسن نصوص‬

‫قانونية ًب ٔتوجبها توسيع صبلحيات واختصاصات الوالة والسلطة ا‪١‬تركزية على حساب اجملالس ا‪١‬تنتخبة‬

‫جعل ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ تقدـ الئحة احتجاج وتنديد إٔب رئاسة ا‪ٞ‬تمهورية ُب نوفمرب ‪ 1990‬عربت‬

‫فيها ع ن التجاوزات اليت تتعرض ‪٢‬تا اجملالس ا‪١‬تنتخبة ُب تأدية مهامها منها ٕتاوزات الوالة ورؤساء الدوائر‬

‫على القوانُت وعدـ ٕتاوب اإلدارة ا‪١‬تركزية مع قرارات ا‪١‬تنتخبُت وطالبت فيها بإلغاء ديوف البلديات وإلغاء‬

‫قانوف االحتياطات العقارية وإبقائها ٖتت سلطة البلدية‪ ،‬وإعطاء سلطة القرار للمجالس ُب ميداف التشغيل‬
‫‪2‬‬
‫والصحة والًتبية‪ ،‬إضافة إٔب إلغاء بعض العراقيل البَتوقراطية مثل تأخَت ا‪١‬تيزانية وا‪١‬تصادقة على ا‪١‬تداوالت‪.‬‬

‫وعرفت ا‪ٞ‬تزائر أيضا ألوؿ مرة ُب تارٮتها السياسي انتخابات تشريعية تعددية ُب ‪ 26‬ديسمرب ‪1991‬‬

‫واليت بلغ عدد الناخبُت فيها ‪ 13258544‬ناخبا بنسبة مشاركة قدرت ب ‪ ،%59‬مع تقدير عدد‬

‫األحزاب السياسية ا‪١‬تشاركة ب ‪ 49‬حزبا سياسيا إضافة إٔب ا‪١‬تًتشحُت األحرار الذين بلغ عددىم ‪7512‬‬

‫منهم ‪ُ 4691‬ب إطار األحزاب و‪ 1021‬مًتشحا حرا تنافسوا ‪ٚ‬تيعهم على ‪ 430‬مقعدا‪ ،‬وأسفرت نتائج‬

‫االنتخابات عن فوز ‪ 3‬أحزاب ىي ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ وجبهة القوى االشًتاكية ٍب جبهة التحرير‬

‫الوطٍت باإلضافة إٔب األحرار‪ ،‬مع حصوؿ ا‪ٞ‬تبهة اإلسبلمية لئلنقاذ على أكرب عدد من ا‪١‬تقاعد‪ 3‬باحتبل‪٢‬تا‬

‫ا‪١‬ترتبة األؤب ب ‪ 188‬مقعدا وبعدد أصوات قدر ب ‪ 3260222‬صوتا وتلتها جبهة القوى االشًتاكية‬

‫‪ 1‬بومدين طامشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.280 ،279‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.293‬‬

‫‪275‬‬
‫ُب ا‪١‬ترتبة الثانية ب‪ 25‬مقعدا وجبهة التحرير الوطٍت ُب ا‪١‬ترتبة الثالثة ب ‪ 16‬مقعدا‪ ،‬وقد عربت ىذه‬

‫االنتخابات عن رغبة جا‪٤‬تة لدى الشعب ُب التغيَت لفقداف النظاـ ا‪ٟ‬تاكم مصداقيتو‪.‬‬

‫وعرفت سنة ‪ 1997‬إجراء ثاين انتخابات تشريعية واليت تلت االنتخابات الرئاسية ألفريل ‪1995‬‬

‫والتعديبلت الدستورية لعاـ ‪ 1996‬اليت عززت صبلحيات رئيس ا‪ٞ‬تمهورية وأضافت غرفة ثانية ُب الرب‪١‬تاف‬

‫ُب ظل ميبلد حزب السلطة التجمع الوطٍت الدٯتقراطي‪ ،‬ىذا األخَت الذي حاز على ‪ 155‬مقعدا من‬

‫أصل ‪ 380‬وأصبح ىو حزب األغلبية‪ 1،‬و٘تيزت ىذه االنتخابات بالتزوير ا‪١‬تكثف حيث أشارت‬

‫اإلحصائيات الر‪ٝ‬تية إٔب أف معدؿ ا‪١‬تشاركة قد بلغ ‪ُ %65.5‬ب حُت ٓب يصل إٔب ‪ُ %50‬ب الواقع وجرى‬

‫تصوير حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي ا‪١‬تؤسس من قبل ‪ 03‬أشهر فقط من االنتخابات على أنو الفائز‬
‫‪2‬‬
‫حيث حصل على الغالبية النسبية من ا‪١‬تقاعد ُب اجمللس الوطٍت الشعيب‪.‬‬

‫كما عرفت ذات السنة تنظيم االنتخابات احمللية ُب ‪ 23‬أكتوبر واليت فاز فيها األرندي ب ‪7242‬‬

‫مقعدا ُب اجملالس البلدية متبوعا ْتزب جبهة التحرير الوطٍت ب ‪ 2864‬مقعدا وحركة ‪٣‬تتمع السلم ُب‬

‫الصف الثالث ب ‪ 890‬مقعدا‪ ،‬أما ُب انتخابات اجملالس الوالئية فحصد أيضا األرندي ‪ 50‬با‪١‬تئة من‬

‫مقاعد اجملالس الوالئية متبوعا ْتزب جبهة التحرير الوطٍت‪ ،‬وقد أجريت ىذه االنتخابات ُب ظروؼ أمنية‬
‫‪3‬‬
‫صعبة أعقبت العديد من اجملازر عرب واليات الوطن‪ ،‬وبلغت نسبة ا‪١‬تشاركة فيها ‪.%62.73‬‬

‫وبعدىا ٓتمس سنوات ًب تنظيم انتخابات تشريعية ُب ‪ 30‬ماي ‪ ،2002‬وًب تشكيل اللجنة السياسية‬

‫‪١‬تراقبة االنتخابات ا‪١‬تكونة من ‪٦‬تثلي األحزاب السياسية‪ ،‬وبلغت القوائم ا‪١‬تشاركة ‪ 1004‬قائمة تضم‬

‫‪ 10741‬مًتشح مع مشاركة ‪ 23‬حزبا سياسيا من ‪٣‬تموع ‪28‬حزبا مع وجود ‪ 175‬قائمة حرة وإلغاء‬

‫‪ 1‬عبد النور ناجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬


‫‪ 2‬عبد ا‪ٟ‬تميد اإلبراىيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.247‬‬
‫‪ 3‬حكيم بوغرارة‪ %50" ،‬نسبة ا‪١‬تشاركة ُب االستحقاؽ األخَت واحملليات رىاف قائم"‪ ،‬جريدة الشعب‪ ،‬األربعاء ‪ 20‬سبتمرب ‪ُ ،2017‬ب‪:‬‬
‫‪-https://www.ech-chaab.com‬‬

‫‪276‬‬
‫وزارة الداخلية ؿ‪ 256‬قائمة‪ ،‬وعرفت ىذه العملية فوزا كاسحا ‪ٞ‬تبهة التحرير الوطٍت ْتصو‪٢‬تا على ‪199‬‬

‫مقعدا من أصل ‪ 389‬مقعدا‪ .‬واعتربت نسبة ا‪١‬تشاركة فيها ىي األقل منذ االستقبلؿ‪ 1.‬ومع إصبلح النظاـ‬

‫االنتخايب والذي كاف أ‪٫‬تو إلغاء مشاركة قوات ا‪ٞ‬تيش والشرطة النظاميُت ُب االنتخابات ُب الثكنات جرى‬

‫تنظيم االنتخابات احمللية ُب ‪ 10‬أكتوبر ‪ٖ 2002‬تت إشراؼ حكومة بن فليس ٔتشاركة ‪ 25‬حزبا سياسيا‬

‫وقوائم مستقلة مع عودة قوية ‪ٟ‬تزب جبهة التحرير الوطٍت‪ ،‬و٘تيزت ىذه االنتخابات بأحداث منطقة القبائل‬

‫اليت أثرت سلبا على سَت االنتخابات حيث ًب إلغاء نتائج العديد من البلديات بسبب االعتداءات على‬

‫مراكز التصويت ومنع ا‪١‬تواطنُت من االنتخابات ما أدى إٔب إعادة تنظيم انتخابات جزئية ُب سنة ‪،2004‬‬

‫وبلغت نسبة ا‪١‬تشاركة ُب ىذه االنتخابات‪ %50.11‬حيث تراجعت بشكل ملحوظ عما كانت عليو ُب‬

‫‪ 1997‬مع بروز قوي لؤلوراؽ ا‪١‬تلغاة اليت فاقت نصف مليوف ورقة‪ ،‬وقد ٖتصل حزب جبهة التحرير الوطٍت‬

‫على ‪ %40.7‬من ا‪١‬تقاعد وتلتها حركة اإلصبلح الوطٍت ب ‪ %19.1‬وبعدىا حزب التجمع الوطٍت‬
‫‪2‬‬
‫الدٯتقراطي ب ‪ %17.1‬من ا‪١‬تقاعد‪.‬‬

‫وعكست انتخابات ‪ 17‬ماي ‪ 2007‬التشريعية انطباعا لدى ا‪١‬تواطن بأف االنتخابات ‪٤‬تسومة سلفا‬

‫لذلك كانت نسبة ا‪١‬تشاركة ضعيفة‪ ،‬بل كانت األضعف ُب تاريخ االنتخابات‪ ،‬حيث بلغت حسب وزارة‬

‫الداخلية ‪ُ %35‬ب حُت أهنا كانت حوإب ‪ُ %46‬ب االنتخابات التشريعية لعاـ ‪ ،2002‬و‪ %55‬عاـ‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،1997‬وىناؾ من فسر ىذا النقص أيضا بسوء األحواؿ ا‪١‬تعيشية واليأس من التغيَت‪.‬‬

‫إف نسب ا‪١‬تشاركة ا‪١‬تعلن عنها ُب ىذه االنتخابات كانت أقل حيث ٓب تتجاوز ‪ ،%35.6‬وعرفت‬

‫ا‪١‬تشاركة ضعفا لدى الفئات التقليدية الساكنة ُب ا‪١‬تدف الكربى ومنطقة القبائل‪ ،‬غَت أهنا توسعت لتشمل‬

‫‪1‬أمُت البار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬


‫‪2‬حكيم بوغرارة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬حزاـ وإب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.278 ،277‬‬

‫‪277‬‬
‫مناطق كانت مشهورة بقوهتا ُب ا‪١‬تشاركة ُب االنتخابات ُب الشرؽ والغرب ٔتا فيها مدف ا‪٢‬تضاب العليا (‬

‫سطيف‪ ،‬البليدة‪ ،‬جيجل‪ .).....‬ومن بُت أسباب ذلك تعود ا‪١‬تواطن على عدـ مصداقية االنتخابات‬

‫ودورىا كوسيلة ‪ٟ‬تل ا‪١‬تعضبلت االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬إضافة إٔب مرض الرئيس ا‪١‬تسكوت عنو والنظرة‬
‫‪1‬‬
‫السلبية إتاه واقع ا‪١‬تؤسسات والرجاؿ بعد الكشف عن فضيحة ا‪٠‬تليفة‪.‬‬

‫أما االنتخابات احمللية لنفس السنة فنظمت ُب ‪ 29‬نوفمرب ٖتت إشراؼ حكومة عبد العزيز بلخادـ وُب‬

‫جو أمٍت ىادئ وبلغت نسبة ا‪١‬تشاركة بالنسبة للمجالس الشعبية البلدية ‪ %44.09‬و‪%43.47‬‬

‫بالنسب ة للمجالس الوالئية فيما قارب عدد األصوات ا‪١‬تلغاة مليوف صوت‪ ،‬وفسرت ا‪١‬تشاركة ا‪١‬تتوسطة‬

‫للمواطنُت من طرؼ السلطة بالظروؼ ا‪١‬تناخية ا‪١‬تتمثلة ُب األجواء ا‪١‬تمطرة اليت عصفت بكل النواحي‬
‫‪2‬‬
‫الشمالية وشكلت عائقا أماـ إقباؿ ا‪١‬تواطنُت على صناديق االقًتاع‪.‬‬

‫كانت انتخابات ‪ 10‬ماي ‪ 2012‬ذات أ‪٫‬تية للنظاـ ا‪ٟ‬تاكم كوهنا تشكل ا‪١‬ترحلة األؤب ُب تطبيق‬

‫أجندة اإلصبلح السياسي‪ ،‬وألف ضعف ا‪١‬تشاركة السياسية كاف ‪٫‬تا يؤرؽ ا‪ٟ‬تكومة بسبب ا‪٠‬توؼ من فراغ‬

‫مساحة واسعة ٗتص التمثيل السياسي وتضعف من شرعية النظاـ وصل بو ا‪ٟ‬تاؿ لدرجة ربط ا‪١‬تشاركة أو‬

‫وصفها كرمزية ليوـ اندالع الثورة‪ ،‬حيث صرح عبد العزيز بوتفليقة ُب خطاب لو ُب فرباير ‪ 2012‬أف‬

‫ا‪١‬ترحلة صعبة جدا للدرجة اليت ٯتكن فيها وصف ا‪٠‬تروج ليوـ ‪ 10‬ماي بأنو شبيو ُب أ‪٫‬تيتو باإلعبلف عن‬

‫انطبلؽ الثورة التحريرية ُب الفاتح من نوفمرب‪ ،‬لذلك عملت ا‪ٟ‬تكومة على تقدًن ضمانات قانونية وسياسية‬

‫لشفافية وصدؽ العملية االنتخابية وإعادة الثقة ُب ا‪١‬تؤسسة االنتخابية منها ضمانات لؤلحزاب السياسية‬
‫‪3‬‬
‫والقوائم ا‪١‬تستقلة ‪١‬تمارس التقصي وا‪١‬تراقبة ُب كل مراحل االقًتاع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الناصر جايب‪ ،‬االنتخابات التشريعية الجزائرية‪ ......‬انتخابات استقرار أم ركود‪ ،‬مشروع دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية‪.‬‬
‫اللقاء السنوي ‪ 17‬الدٯتقراطية واالنتخابات ُب الدوؿ‪ ،‬السبت ‪ 18‬أوت ‪.2007‬‬
‫‪ 2‬حكيم بوغرارة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 3‬آماؿ حجيج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.201 ،200‬‬

‫‪278‬‬
‫٘تيزت ا‪ٟ‬تملة االنتخابية ‪٢‬تذه االنتخابات بالبلمباالة السياسية من طرؼ الرأي العاـ خاصة أف ا‪١‬تواطن‬

‫اعتاد التزوير والرشوة وعدـ ا‪ٟ‬تياد وغياب استقبللية القضاء‪ ،‬وقد فسر عبد الناصر جايب الباحث ُب علم‬

‫االجتماع السياسي السبب الرئيسي ُب رفض ا‪١‬تشاركة بعدـ اإلٯتاف بظاىرة االنتخاب كوسيلة للتداوؿ‬

‫السلمي‪ ،‬فا‪١‬تواطن حسبو ‪٬‬تد نفسو أماـ انتخابات من دوف رىانات و‪٤‬تسومة مسبقا‪ 1،‬وأبقت انتخابات‬

‫‪ 2012‬على الثابت بالنسبة إٔب ا‪٩‬تفاض نسبة ا‪١‬تشاركة اليت قدرت ب ‪ %43,14‬إذا ما قورنت ٔتثيبلهتا‬

‫اإلقليمية حيث قدرت ُب تونس‪ -‬ب ‪ %52‬ومصر ‪ ،%54‬أضف إٔب ذلك عدد األصوات ا‪١‬تلغاة اليت‬

‫بلغ عددىا ‪ 1704047‬أي تقريبا ‪ %20‬من عدد األصوات ا‪١‬تلغى هبا‪ ،‬ورغم أف النخب السياسية‬

‫الر‪ٝ‬تية عربت عن ارتياحها ‪٢‬تذه النتائج إال أف إتاىات أخرى ٖتدثت عن حضور الثابت اآلخر ُب العملية‬

‫االنتخابية وىو التزوير با‪ٟ‬تجم الذي فاز بو حزب جبهة التحرير الوطٍت الذي كاف يعاين اضطرابات داخلية‬

‫وصلت إٔب مستوى ا‪١‬تطالبة بسحب الثقة من أمينو العاـ عبد العزيز بلخادـ‪ ،‬ورغم ذلك ىناؾ إتاه آخر‬

‫خفف من حدة عامل التزوير وبرر ا‪ٟ‬تضور القوي للجبهة با‪٠‬تطاب الذي ألقاه رئيس ا‪ٞ‬تمهورية و‪١‬تح فيو‬

‫إٔب انتمائو لو‪.‬‬

‫لقد بقي متغَت التزوير قائما رغم الضمانات اليت قدمت ويظهر ذلك ُب التقرير النهائي للجنة الوطنية‬

‫‪١‬تراقبة االنتخابات الذي تضمن ‪ 28‬خرقا قانونيا‪ ،‬أضف إٔب ذلك أف عملية ا‪١‬تراقبة ال ٯتكن أف تكوف‬

‫فعالة ُب ظل العدد القليل من ا‪١‬تراقبُت حيث كاف ىناؾ ‪ 11520‬مركزا انتخابيا يضم ما ‪٣‬تموعو‬

‫‪ 48546‬مكتبا انتخابيا على ا‪١‬تستوى الوطٍت منها ‪ 48327‬مكتبا ثابتا ما نسبتو ‪ %99,55‬ومكتبا‬

‫متنقبل بنسبة ‪ ،%0,45‬عبلوة على ذلك رفضت وزارة الداخلية تسليم القائمة الوطنية للناخبُت إٔب‬
‫‪2‬‬
‫األحزاب وبعثات ا‪١‬تراقبُت والذي يعد تقييدا لقدرة ا‪١‬تراقبُت على تتبع ‪ٚ‬تيع مراحل العملية االنتخابية‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.202‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.209‬‬

‫‪279‬‬
‫أما ‪٤‬تليات ‪ 2012‬فشهدت مشاركة ‪ 52‬حزبا سياسيا وأسفرت نتائجها عن فوز جبهة التحرير الوطٍت‬

‫بأكثر من ‪ %50‬من اجملالس البلدية متبوعا بالتجمع الوطٍت الدٯتقراطي وعرفت نسبة ا‪١‬تشاركة استقرار‬

‫طفيفا با‪١‬تقارنة مع ‪٤‬تليات ‪ 2007‬حيث قدرت نسبة ا‪١‬تشاركة على مستوى اجملالس الشعبية البلدية ب‬

‫‪ %44.27‬و‪ %42.84‬على مستوى اجملالس الوالئية‪ ،‬واعتربت نسبة ا‪١‬تشاركة ضئيلة ألف ا‪٢‬تيئة الناخبة‬

‫قد وصلت إٔب ‪ 21.4‬مليوف ناخب بعد أف كانت ُب حدود ‪ 18.4‬مليوف ناخب ‪٦‬تا يعٍت أف حزب‬
‫‪1‬‬
‫األوراؽ ا‪١‬تلغاة واألوراؽ البيضاء قد عزز موقعو‪.‬‬

‫ونظمت انتخابات تشريعية أخرى ُب ‪ 04‬ماي ‪ 2017‬واليت جاءت مباشرة بعد التعديل الدستوري‬

‫‪ 2016‬الذي أقر ‪ٚ‬تلة من اإلصبلحات السياسية أ‪٫‬تها استحداث ىيئة مستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات‪ ،‬كما‬

‫أف ىذه االنتخابات جرت ُب ظل العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة واليت ٘تخضت عنها انسداد ُب العبلقة‬

‫بُت السلطة والشعب أضف إٔب ذلك تردي األوضاع االقتصادية‪ ،‬وقد بلغت نسبة ا‪١‬تشاركة ُب ىذه‬

‫االنتخابات ‪ %38.25‬مع عدد ناخبُت على ا‪١‬تستوى الوطٍت وصل إٔب ‪ 8528355‬ناخبا‪ ،‬وأفضت‬

‫تشكيلة اجمللس إٔب فوز جبهة التحرير الوطٍت بأكرب عدد من ا‪١‬تقاعد قدر ب ‪ 164‬من بُت ‪ 462‬مقعدا‪،‬‬

‫أما حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي فتحصل على ‪ 100‬مقعد‪ ،‬كما عرفت ذات السنة تنظيم انتخابات‬
‫‪2‬‬
‫‪٤‬تلية كرست حزب جبهة التحرير الوطٍت والتجمع الوطٍت الدٯتقراطي كقوتُت أساسيتُت‪.‬‬

‫وكخبلصة‪ ،‬فإف االنتخابات التشريعية واحمللية ُب ا‪ٞ‬تزائر ال تبدو بنفس أ‪٫‬تية االنتخابات الرئاسية من‬

‫حيث نسب ا‪١‬تشاركة حيث ٓب تتعدى أغلبها ُب السنوت األخَتة ‪ ،%50‬وكانت ‪٤‬تليات ‪1990‬‬

‫وتشريعيات ‪ 1991‬االنتخابات الوحيدة اليت عرفت نسبة مشاركة كبَتة‪ ،‬وىذا ما ينم عن فقداف ا‪١‬تواطن‬

‫‪ 1‬حكيم بوغرارة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪-https://www.interieur.gov.dz.‬‬ ‫‪ 2‬نتائج االنتخابات التشريعية ‪ 04‬ماي ‪ُ ،2017‬ب‪:‬‬

‫‪281‬‬
‫ثقتو ُب ا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تنتخبة سواء احمللية أو الوطنية كما يعرب عن ضعف مشاركة ا‪١‬تواطن ُب إدارة شؤونو‬

‫احمللية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬البيروقراطية وضعف األداء الحزبي والجمعوي‪.‬‬

‫بعد تفحص العبلقة بُت األحزاب السياسية والتنظيمات ا‪١‬تدنية والسلطة ُب ا‪ٞ‬تزائر وفق ا‪١‬تقاربة القانونية‬

‫توصلنا إٔب أف ىذه العبلقة ىي عبلقة غَت صحية وخاضعة ‪١‬تعايَت تقديرية من طرؼ السلطة الوصية اليت ‪٢‬تا‬

‫كامل ا‪ٟ‬ترية ُب التصرؼ ُب تأسيس ىذه ا‪١‬تؤسسات أو ُب إيقاؼ نشاطها‪ ،‬وىذا ما انعكس سلبا على‬

‫العبلقة بُت اجملتمع ا‪١‬تدين والسلطة ُب ا‪ٞ‬تزائر وبالتإب على مسار التحوؿ الدٯتقراطي فيها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬انعكاس التسيير البيروقراطي على نشاط األحزاب السياسية والجمعيات‪.‬‬

‫لقد انعكس التحكم ا‪١‬تفرط للدولة ُب األحزاب السياسية والتنظيمات ا‪١‬تدنية على فاعليتها وأدائها‬

‫ألدوارىا كفواعل أساسية وضرورية لتكريس ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية‪ ،‬حيث عمدت الدولة منذ االستقبلؿ إٔب‬

‫اإلبقاء على اجملتمع ا‪١‬تدين ٖتت سيطرهتا من خبلؿ تقييد نشاطو وإخضاعو للتوجو العاـ للنظاـ السياسي‬

‫القائم على إضعاؼ اجملتمع ا‪١‬تدين وجعلو أداة لتطبيق األجندات السياسية واالجتماعية للسلطة واالعتماد‬

‫عليو إل‪٧‬تاح ا‪١‬تناسبات االنتخابية لصاّب مرشحيها‪ ،‬وقد انعكست القيود القانونية والسياسية على فاعلية‬

‫اجملتمع ا‪١‬تدين من حيث‪:‬‬

‫‪ -‬تأثَت القيود القانونية والسياسية على حرية تشكيل األحزاب السياسية ‪٦‬تا جعل الدولة ىي من تشكل‬

‫ا‪٠‬تريطة ا‪ٟ‬تزبية من خبلؿ الًتخيص بتشكيل أحزاب معينة مقابل رفض أحزاب أخرى‪ ،‬إضافة إٔب تأثَت ىذه‬

‫القيود على نشاط األحزاب السياسية سواء على مستوى اتصا‪٢‬تا با‪ٞ‬تماىَت أو على مستوى مصادر ٘تويلها‬

‫‪281‬‬
‫‪٦‬تا أسهم ُب إضعاؼ ا‪ٟ‬تياة السياسية وتشكيل فجوة بُت السلطة واألحزاب السياسية وأدى إٔب غياب‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٟ‬توار وازدياد التوتر بينها‪.‬‬

‫‪ -‬اخًتاؽ ا‪١‬تؤسسة ا‪ٟ‬تزبية من طرؼ العشَتة والقبيلة ُب مسألة الًتشيحات واالنتخابات‪ْ ،‬تيث أصبح‬

‫النجاح مشروطا باالنتماء إٔب قبيلة ما ُب الواليات اليت تسيطر فيها العروش القوية عدديا وسياسيا‪٦ ،‬تا‬

‫جعل السلطة تلجأ لبلستعماؿ السياسي لبعض أشكاؿ ضعف اجملتمع واستغبلؿ البٌت التقليدية ا‪١‬تعتمدة‬

‫على انتماءات ضعيفة ما قبل الوطنية السيما من خبلؿ ما يعرؼ ٔتنظمات ا‪ٟ‬تركة ا‪ٞ‬تمعوية ذات النزعة‬

‫الوطنية كمنظمات اجملاىدين وأبناء الشهداء وضحايا اإلرىاب‪ ،‬وىذا الضعف ُب الًتشيحات أصبح من‬
‫‪2‬‬
‫أىم مظاىر الضعف السياسي لؤلحزاب والسبب ُب االنشقاقات الداخلية‪.‬‬

‫‪ -‬عجز األحزاب السياسية ُب بلورة اسًتاتيجية تقوـ على ٕتديد ا‪١‬توارد والتكيف مع ا‪١‬تطالب ا‪ٞ‬تديدة ا‪١‬تبنية‬

‫على تنوع الفئات وتطورىا‪ ،‬وتقوقعها ُب التفكَت ا‪ٟ‬تزيب الريعي ا‪١‬تبٍت على أحادية ا‪١‬توارد ُب عملية إعادة‬

‫إنتاج ريعية الدولة ‪٦‬تا انعكس على سَتىا الداخلي وعبلقتها بالبيئة احمليطة‪ ،‬وأعاؽ دورىا ُب إعادة ىيكلة‬

‫الفضاء السياسي التقليدي وتنمية فضاء جديد ٯتكنها من التحكم ُب ا‪١‬توارد وخلق ‪٩‬تبة تتمكن من فرض‬
‫‪3‬‬
‫ا‪٢‬تيمنة وا‪١‬تشروعية ُب مضموهنا ا‪١‬تعاصر‪.‬‬

‫‪ -‬من بُت أىم أركاف اجملتمع ا‪١‬تدين الركن التنظيمي ا‪١‬تؤسسي والفعل اإلرادي ا‪ٟ‬تر ووجود إطار أخبلقي‬

‫يضم ‪٣‬تموعة ا‪١‬تعايَت اليت ‪٬‬تب أف تلتزـ هبا تنظيمات اجملتمع ا‪١‬تدين‪ ،‬غَت أف أىم ىذه األركاف ىي‬

‫االستقبللية عن الدولة حيث يفًتض بالتنظيمات ا‪١‬تدنية أف تتمتع باالستقبللية من الناحية ا‪١‬تالية واإلدارية‬

‫‪ 1‬حسنُت توفيق إبراىيم‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ ،‬االتجاىات الحديثة في دراستها‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ .‬ط‪،2008 ،2‬‬
‫ص‪.229‬‬
‫‪ 2‬كنزة زغيش‪ ،‬جدلية التحالف واالنقسام في اللعبة السياسية الجزائرية‪ ،‬مقاربة سوسيولوجية سياسية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬الدار ا‪ٞ‬تزائرية‪،2017 ،‬‬
‫ص ص ‪.327 ،326‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.324‬‬

‫‪282‬‬
‫والتنظيمية‪ ،‬إضافة إٔب ىامش من ا‪ٟ‬ترية ُب ا‪ٟ‬تركة‪ ،‬وىو األمر الغائب ُب ا‪ٞ‬تزائر حيث ٕتد ىذه التنظيمات‬

‫عراقيل ُب عقد ٕتمعاهتا وخاصة إ‪٬‬تاد ا‪١‬تقرات ‪١‬تزاولة نشاطاهتا‪ُ ،‬ب ظل االزدواجية اليت تتعامل هبا الدولة مع‬

‫ا‪ٞ‬تمعيات حيث ٘تنح ا‪١‬تقرات الدائمة فقط للجمعيات اليت ٗتدـ مصا‪ٟ‬تها‪ ،‬ويعد االعًتاؼ با‪ٞ‬تمعيات دوف‬

‫منحها مقرات أمر ٮتدـ الدولة من ناحيتُت فيظهرىا على أهنا دٯتقراطية من جهة‪ ،‬و‪٬‬تعل نشاطات‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٞ‬تمعيات ينحصر ُب تظاىرات مناسباتية فقط‪.‬‬

‫‪ -‬اتساع خطط الدولة للهيمنة لتطوؿ كل مؤسسات اجملتمع ا‪١‬تدين حيث وضعت ا‪ٞ‬تميع ٖتت السيطرة من‬

‫خبلؿ خلق فكرة اجملالس كاجمللس األعلى للشباب واجمللس األعلى لئلعبلـ و‪٣‬تلس اللغة العربية‪ ،‬حيث‬
‫‪2‬‬
‫ىذه اجملالس عززت سيطرة الدولة على ‪٥‬تتلف القوى الفاعلة‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ اىتماـ ا‪١‬تواطن باالنتماء إٔب التنظيمات ا‪ٟ‬تزبية وا‪ٞ‬تمعوية العتباره إياىا ‪٣‬ترد أدوات ُب يد الدولة‬

‫تتحكم فيها وتستعملها مىت ارتأت ذلك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مواجهة بين السلطة والمجتمع المدني‪.‬‬

‫لطا‪١‬تا ٘تيزت العبلقة بُت اجملتمع ا‪١‬تدين والدولة ُب ا‪ٞ‬تزائر باالحتواء تارة وا‪١‬تواجهة تارة أخرى‪ ،‬وىذا ا‪١‬تد‬

‫وا‪ٞ‬تزر ىو ‪٤‬تصلة عبلقة تفاعلية بينهما منذ ا‪١‬ترحلة االستعمارية اليت أسست لعبلقة عدائية بينهما كرستها‬

‫مرحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد‪٦ ،‬تا أفضى إٔب صعوبة وضع ىذه العبلقة ُب ا‪١‬تسار الصحيح ُب ظل مرحلة التعددية‬

‫السياسية‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرزاؽ جيبلٕب‪ ،‬إبراىيم بلعادي‪" ،‬ا‪ٟ‬تركة ا‪ٞ‬تمعوية ُب ا‪ٞ‬تزائربُت ىيمنة الدولة واالستقطاب ا‪ٟ‬تزيب‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬مج ‪ ،27‬ع‬
‫‪ ،314‬أفريل ‪ ،2005‬ص‪.138 .‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪283‬‬
‫فالعبلقة اليت سادت بُت الدولة واجملتمع ُب ا‪ٞ‬تزائر منذ ما يناىز القرنيُت اتسمت بطابع عدائي منذ‬

‫طواؿ ‪ 130‬سنة من االستعمار الفرنسي و‪ 30‬سنة من عمر الدولة الوطنية وشكل ‪٪‬توذج الدولة‬

‫االستعمارية ٔتمارساهتا القمعية كاف ا‪١‬تنطلق لتأصيل ىذا العداء ا‪١‬تتبادؿ‪ ،‬ألف الظاىرة االستعمارية قامت‬

‫على استبداؿ ‪٣‬تتمع كامل ٔتجتمع آخر بواسطة اغتصاب األراضي الزراعية وىدـ البٌت الريفية اليت كانت‬

‫تشغل ‪ %95‬من سكاف الببلد ا‪ٞ‬تزائرية‪ 1‬وحققت ا‪١‬ترحلة االستعمارية قطيعة كاملة بُت ا‪١‬تواطن‪ /‬اإلدارة‬

‫وا‪١‬تواطن‪ /‬الدولة ألف العبلقة ٓب تشهد ‪ٟ‬تظة ىدنة أو ٕتانس بل كانت متوترة كامل التوتر‪ ،‬ولعل ذلك ما‬

‫أدى إٔب خلق تقاليد ٘ترد دائمة وحالة انشطار مستمرة بُت السلطة ا‪١‬تركزية والتخوـ‪ ،‬فتوزعت ا‪ٞ‬تزائر إٔب‬

‫فضاءين واحد ر‪ٝ‬تي مهيمن واآلخر معارض ىامشي وتدعمت قوى اجملتمع ا‪١‬تدين بالروابط التقليدية القبلية‬
‫‪2‬‬
‫والزوايا والطرؽ وا‪ٞ‬تمعيات‪.‬‬

‫واستمرت ىامشية اجملتمع ا‪١‬تدين من خبلؿ احتوائو ُب ظل حزب جبهة التحرير الوطٍت وجعلو من أىم‬

‫أدوات تكريس التوجو االشًتاكي للدولة وٖتقيق النظاـ الشموٕب‪ ،‬ليستمر ىذا التوجو حىت ُب ظل األزمة‬

‫األمنية اليت أعقبت توقيف ا‪١‬تسار االنتخايب‪ ،‬حيث كاف للمجتمع ا‪١‬تدين دور ُب ا‪١‬تساعدة على حل األزمة‬

‫األمنية اليت كادت أف هتدد كياف الدولة‪ ،‬ليس كطرؼ ُب ا‪١‬تعادلة السياسية وإ‪٪‬تا ًب استيعابو وتعبئتو سياسيا‪،‬‬

‫وعلى رأس ىذه الًتكيبات ا‪١‬تدنية االٖتاد العاـ للعماؿ ا‪ٞ‬تزائريُت واالٖتاد العاـ للنساء ا‪ٞ‬تزائريات واالٖتادات‬

‫الطبلبية ُب ا‪١‬تطالبة بإصبلحات سياسية وتغيَت الوضع‪٦ ،‬تا أدى إٔب توفَت سند سياسي ‪ٟ‬تل األزمة بعد‬

‫تزايد الضغوط اليت يريدىا اجملتمع‪ ،‬وعلى نفس ا‪٠‬تطى سارت وتَتة بناء اجملتمع ا‪١‬تدين ُب ظل حكم الرئيس‬

‫بوتفل يقة الذي عمد إٔب تفعيل دوره وإشراكو ُب ‪٤‬تاولة البناء السياسي خاصة بعد تبٍت التنظيمات ا‪١‬تدنية‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تنصف الوناس‪ ،‬الدولة الوطنية واجملتمع ا‪١‬تدين ُب ا‪ٞ‬تزائر‪٤ ،‬تاولة ُب قراءة انتفاضة تشرين أكتوبر ‪ُ ،1988‬ب‪ :‬سليماف الرياشي وآخروف‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.199‬‬

‫‪284‬‬
‫السياسية للوئاـ ا‪١‬تدين وقانوف ا‪١‬تصا‪ٟ‬تة الوطنية‪ ،‬ورغم ا‪ٞ‬تهود اليت بذلتها بعض ا‪ٟ‬تركات ا‪١‬تدنية ا‪١‬تعارضة‬

‫وا‪١‬تدافعة عن حقوؽ اإلنساف إال أهنا ٓب تستطع أف ٗتدـ ُب األساس العبلقة الصحية اليت ٖتكم الدولة‬

‫ٔتجتمعها وتفعل الساحة السياسية بعد ا‪١‬تصا‪ٟ‬تة الوطنية‪ُ 1،‬ب ظل إيقاظ الطرؽ الصوفية ورموزىا حيث‬

‫ذىبت "إيزابيل ويرنفيليز" إٔب القوؿ أف ا‪ٟ‬تكومات ُب البداف ا‪١‬تغاربية وظفت الطرؽ الصوفية من خبلؿ‬

‫خطط من أعلى إٔب أسفل ليس فقط ‪١‬تواجهة اإلسبلـ السياسي ولكن أيضا لتحديث النظاـ التسلطي‬

‫باستخداـ إمكانيات التعبئة الصوفية لتوسيع قواعد السلطة وتعزيز الشرعية االنتخابية والدينية‪ ،‬واحتواء‬
‫‪2‬‬
‫االحتجاجات االجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫فالقيادة الس ياسية ٖتت زعامة بوتفليقة واصلت تأجيل ا‪١‬تشروع التحديثي للدولة ْتيث ًب استخداـ كل‬

‫ما من شأنو غلق اجملاؿ السياسي أماـ ا‪١‬تنافسُت‪ ،‬و‪ٞ‬تأ بوتفليقة إٔب تشكيل إئتبلؼ من شخصيات تنتمي‬

‫إٔب منطقتو ا‪ٞ‬تغرافية ( الغرب وٖتديدا مدينة ندرومة بتلمساف) وإحاطة نفسو ٔتجموعة من ا‪١‬تستشارين على‬

‫رأسهم شقيقو السعيد بوتفليقة كما وظف القبلية لكسب تأييد ‪ٚ‬تيع العصب ُب مواجهة خصمو بن فليس‬

‫ُب االنتخابات الرئاسية عاـ ‪ 2004‬حيث حاوؿ استمالة الشاوية‪ ،‬ويرى ىيو روبرتس أف من أعراض‬

‫السلطوية ُب عهده ذلك ا‪١‬تزج بُت القمع ا‪١‬تمارس ضد ا‪ٟ‬تركات االحتجاجية والصحافة ا‪١‬تكتوبة وتفتيت‬

‫الطبقة السياسية مع توجيو ا‪١‬تنظمات ا‪ٞ‬تماىَتية ُب عهده لدعم حكم إٔب جانب االعتماد بشكل غَت‬
‫‪3‬‬
‫مسبوؽ على الطرؽ الصوفية‪.‬‬

‫وعليو فإف اجملتمع ا‪١‬تدين واألحزاب السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر قد ًب احتواؤىا من طرؼ السلطة ‪٦‬تا أفقدىا‬

‫فاعليتها‪ ،‬وُب ىذا الشأف يقوؿ األستاذ "سار كيبواندي" ‪ Sahr Kpundeh‬أف عدـ فاعلية اجملتمع‬

‫‪ 1‬بومدين طاشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.272 ،271‬‬


‫‪٤ 2‬تمد حليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫‪٤ 3‬تمد حليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.193 ،192‬‬

‫‪285‬‬
‫ا‪١‬تدين ُب إفريقيا يعزى إٔب الطبيعة الزبونية لؤلنظمة واليت ٔتوجبها يتم مقايضة الوالء بالريع ‪٦‬تا نتج عنو ليس‬

‫فقط ٖتييد منظمات اجملتمع ا‪١‬تدين بل واستمالتها واخًتاقها ْتيث أضحت ٘تارس أدوارا مرسومة ‪٢‬تا سلفا‬
‫‪1‬‬
‫مقابل ا‪ٟ‬تصوؿ على التمويل‪.‬‬

‫كما يعترب عبد ا‪ٟ‬تمدي مهري أف اإلتياف بسلطة ال تأخذ بعُت االعتبار قوى اجملتمع وتريد أف تصل إٔب‬

‫التغيَت تكوف نتيجتو إيقاؼ التغيَت الذي ىو ديناميكية اجتماعية‪ ،‬و‪٤‬تاولة إحداث ديناميكية إدارية فوقية‬
‫‪2‬‬
‫كما حدث ُب ا‪ٞ‬تزائر ىو الذي أدى إٔب الفشل جعل الببلد تدفع فاتورة ثقيلة جدا ُب ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تيادين‪.‬‬

‫وختاما نقوؿ أف ا‪ٟ‬تديث عن تقوية اجملتمع ا‪١‬تدين وتعزيزه ال يعٍت ْتاؿ من األحواؿ إضعاؼ دور الدولة‪،‬‬

‫حيث اجملتمع ا‪١‬تدين القوي ال يوجد إال ُب الدولة القوية بدٯتقراطيتها واليت ٖتقق والء مواطنيها استنادا على‬

‫أسس ومبادئ ا‪١‬تواطنة وسيادة القانوف وأداء وظائفها بفعالية‪ ،‬وُب ىذا اإلطار فإف عبلقة السلطة باجملتمع‬

‫ا‪١‬تدين ُب ا‪ٞ‬تزائر تظهر شكليا على األقل بأهنا عبلقة تسَت بعقبلنية ضمن قواعد وأطر دٯتقراطية غَت أف‬

‫الواقع يظهر أف التحوؿ الدٯتقراطي ُب ىذا البلد مزاال مراقبا من خبلؿ تسيَت بَتوقراطي أضعف كل قنوات‬

‫ا‪١‬تشاركة السياسية وا‪١‬تواطنة والتمثيل السياسي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬انعكاس البيروقراطية على شرعية النظام السياسي الجزائري‬

‫يعد مفهوـ الشرعية من بُت ا‪١‬تفاىيم اليت عرفت عدة اختبلفات ُب ٖتليلها واالتفاؽ على مفهوـ جامع‬

‫وموحد ‪٢‬تا لدى علماء االجتماع والسياسة على حد سواء‪ .‬غَت أنو رغم االختبلؼ اتفقوا على أهنا تشَت‬

‫إٔب قبوؿ مواطٍت دولة با‪ٟ‬تكومة وا‪٠‬تضوع لقرارهتا طواعية ‪٦‬تا يضفي الشرعية على ‪٦‬تارستها‪.‬‬

‫‪ 1‬بومدين طامشة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.491‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.493‬‬

‫‪286‬‬
‫وكاف ماكس من الرواد األوائل الذين سعوا إٔب بناء نظرية ُب مفهوـ الشرعية‪ ،‬واليت قسمها إٔب ثبلثة‬

‫أ‪٪‬تاط ترتبط با‪١‬تصادر اليت يعتمد عليها ُب بناء السلطة‪ ،‬وىي التقليدية‪ ،‬الكاريزمية‪ ،‬والعقبلنية‪ .‬وقد اعترب‬

‫فيرب النم ط العقبلين ىو النمط الذي يعرب عن سيادة القانوف حيث مصدره االعتقاد ُب قواعد ومعايَت‬

‫قانونية‪ ،‬والسلطة ُب ىذا النمط ٕتسد فيها البَتوقراطية وىيكلها اإلداري السلطة الشرعية العقبلنية‬

‫القانونية‪.‬‬

‫وتعد أزمة الشرعية من أكثر األزمات اليت تعاين منها األنظمة السياسية خصوصا ُب الدوؿ النامية‪،‬‬

‫وا‪ٞ‬تزائر كباقي الدوؿ عانت وال تزاؿ من أزمة الشرعية واليت تعد من أىم األزمات اليت فجرت أحداث‬

‫أكتوبر ‪ ،1988‬واستمرت حىت بعد االنتقاؿ إٔب اإلعبلف عن التعددية‪ ،‬وقد تعددت أسباب ىذه األزمة‬

‫غَت أف ا‪١‬تمارسات البَتوقراطية ا‪١‬تشوىة اليت كرست الفساد اإلداري من أىم ىذه األسباب اليت أفقدت‬

‫الثقة بُت ا‪١‬تواطن والنظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري وخلقت أزمة شرعية لو‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الشرعية والفساد البيروقراطي‬

‫يعد انتشار الفساد من أكثر الظواىر خطرا على اجملتمعات وتأثَتا على االستقرار السياسي واالجتماعي‬

‫واالقتصادي فيها‪٢ ،‬تذا فالدوؿ اليت تسعى إٔب تكريس ا‪ٟ‬تكم الدٯتقراطي تركز بالدرجة األؤب على القضاء‬

‫على ىذه الظاىرة من منطلق أف الفساد يتناقض مع الدٯتقراطية‪ ،‬وخاصة الفساد اإلداري الذي ينخر ُب‬

‫اإلدارة العامة اليت تشكل عصب النظاـ السياسي ُب إدارة شؤوف ا‪ٟ‬تكم واألفراد‪.‬‬

‫وتعرؼ ا‪ٞ‬تزائر كمعظم الدوؿ مستويات عالية من الفساد ُب ‪ٚ‬تيع اجملاالت‪ ،‬بل ويعترب الفساد من أكثر‬

‫التحديات اليت يواجها النظاـ السياسي ُب مسعاه ‪٨‬تو تعزيز الدٯتقراطية وٖتقيق التنمية االقتصادية نتيجة‬

‫تفشي البَتوقراطية اليت كرست ا‪١‬تمارسات الفاسدة واالختبلالت اإلدارية ‪٦‬تا صعب من عملية اإلصبلح‬

‫‪287‬‬
‫اإلداري وثبطها‪ ،‬وعمق أزمة الشرعية لدى النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري نظرا لفقداف ا‪١‬تواطن ثقتو فيو بالنظر‬

‫إٔب ا‪١‬تمارسات الفاسدة اليت تصدر من أجهزتو‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مظاىر الفساد اإلداري‪.‬‬

‫تعرؼ منظمة الشفافية الدولية الفساد على أنو‪ " :‬استغبلؿ السلطة من أجل ا‪١‬تنفعة ا‪٠‬تاصة"‪ ،‬أما البنك‬

‫الدوٕب فيعرفو على أنو‪ ":‬إساءة استعماؿ الوظيفة العامة للكسب ا‪٠‬تاص‪ ،‬فالفساد ٭تدث عادة عندما يقوـ‬

‫موظف بقبوؿ أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح ‪١‬تنافسة عامة كما يتم عندما يعرض‬

‫وكبلء أو وسطاء لشركات أ و أعماؿ خاصة تقدًن رشوة لبلستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب‬

‫على منافسُت وٖتقيق أرباح خارج إطار القوانُت الشرعية‪ ،‬كما ٯتكن للفساد أف ٭تصل عن طريق استغبلؿ‬
‫‪1‬‬
‫الوظيفة العامة‪ ،‬دوف اللجوء إٔب الرشوة‪ ،‬وذلك بتعيُت األقارب‪ ،‬أو سرقة أمواؿ الدولة مباشرة"‪.‬‬

‫أما الفساد اإلداري بصفة خاصة فهو كل سلوؾ يصدر من ا‪١‬توظف يكوف ‪٥‬تالفا ألداء الوظيفة العامة‬

‫و‪٦‬تارساهتا بسبب ا‪١‬تصلحة الشخصية (العائلة‪ ،‬القرابة‪ ،‬الصداقة) أو االستفادة ا‪١‬تالية أو استغبلؿ ا‪١‬تركز‬

‫و‪٥‬تالفة التعليمات لغرض ‪٦‬تارسة النفوذ‪ 2،‬وتتعدد مظاىر الفساد اإلداري وتتباين أشكالو ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬وأ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ .1‬مظاىر االنحرافات السلوكية‪:‬‬

‫‪ -‬الرشوة‪ :‬وىي سلوؾ ا‪١‬توظف مع عامة اجملتمع عندما يريد استغبلؿ سلطتو‪ ،‬وقد عرفت الرشوة عند‬

‫صغار ا‪١‬توظفُت وعند كبار ا‪١‬تديرين‪ ،‬وىي ٗتتلف بشكلها وطبيعتها فقد تكوف ذات قيمة مادية أو تكوف‬

‫ذات طبيعة عينية‪ ،‬وقد تأخذ مفاىيم عديدة (ىدية‪ ،‬مساعدة‪ ،‬إكرامية) لكنو مهما اختلفت التسميات‬

‫فا‪١‬تعٌت يبقى واحدا‪ ،‬وىو الرشوة‪ 3،‬وعرفها قانوف مكافحة الفساد على أهنا كل من وعد موظفا عموميا ٔتزية‬

‫‪ 1‬منَت ا‪ٟ‬تمش‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ :‬الفساد‪ ،‬اإلصالح‪ ،‬التنمية‪ .‬دمشق‪ :‬اٖتاد الكتاب العرب‪ ،2006 ،‬ص ص ‪.14،13‬‬
‫‪ 2‬عماد صبلح عبد الرزاؽ داود‪ ،‬الفساد واإلصالح‪ .‬دمشق‪ :‬اٖتاد الكتاب العرب‪ ،2003 ،‬ص‪.67‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.68‬‬

‫‪288‬‬
‫غَت مستحقة أو عرضها عليو أو منحو إياىا بشكل مباشر أو غَت مباشر سواء كاف ذلك لصاّب ا‪١‬توظف‬

‫نفسو أو لصاّب شخص أو كياف آخر لكي يقوـ بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو‪ ،‬وكل‬

‫موظف عمومي طلب أو قبل بشكل مباشر أو غَت مباشر مزية غَت مستحقة سواء لنفسو أو لصاّب‬
‫‪1‬‬
‫شخص آخر أو كياف آخر ألداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو‪.‬‬

‫وك اف القانوف قد أشار إٔب الرشوة ُب ‪٣‬تاؿ الصفقات العمومية اليت تعرب عن قبض ا‪١‬توظف العمومي‬

‫لنفسو أو لغَته أجرة أو منفعة ٔتناسبة عقد أو إبراـ صفقة عمومية باسم الدولة أو ا‪ٞ‬تماعات احمللية أو‬

‫ا‪١‬تؤسسات العمومية مهما كاف طابعها‪ ،‬كما أشار إٔب رشوة ا‪١‬توظفُت العموميُت األجانب وموظفي‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬تنظمات الدولية بغرض ا‪ٟ‬تصوؿ على صفقة أو امتياز غَت مستحق ذي صلة بالتجارة الدولية‪.‬‬

‫إف الرشوة كظاىرة ُب اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية تضرب ّتذورىا ُب العهد العثماين حيث كاف تقدًن ا‪٢‬تدايا‬

‫والرشاوى للقياد والبايات وا‪٠‬تزناجيُت أمر طبيعي مقابل قضاء بعض ا‪١‬تصاّب اإلدارية‪ ،‬خصوصا مع‬
‫‪3‬‬
‫كما أف النظاـ‬ ‫اإلفبلس ا‪١‬تإب الذي كاف يتخبط فيو ا‪١‬توظفوف نتيجة ضعف اإلدارة ا‪١‬تالية آنذاؾ‪،‬‬

‫البَتوقراطي ُب ظل االستعمار الفرنسي رسخ ظاىرة الرشوة حيث كاف يلجأ إليها ا‪١‬تواطنوف لشراء مناصب‬

‫مقابل أجور زىيدة وكذا قضاء مصا‪ٟ‬تهم وتسهيل التعقيدات اإلدارية اليت كانت تسيطر على األجهزة‬

‫اإلدارية االستعمارية‪ 4،‬وازدادت الرشوة توسعا مع توسع أجهزة الدولة وتعقد مهاـ التنمية اليت كلفت هبا‬
‫‪5‬‬
‫بعد االستقبلؿ‪.‬‬

‫بانتقاؿ ا‪ٞ‬تزائر إٔب التعددية ورغم اإلصبلحات اليت قامت هبا الدولة ُب ىذا ا‪ٞ‬تانب إال أف ظاىرة‬

‫‪ 1‬قانوف الفساد ‪ ،01-06‬ا‪١‬تادة ‪.25‬‬


‫‪ 2‬قانوف الفساد ‪ ،01-06‬ا‪١‬تادة ‪.28-27‬‬
‫‪ 3‬علي سعيداف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ 5‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫‪289‬‬
‫الرشوة تنامت بشكل كبَت وموسع وعلى كافة ا‪١‬تستويات‪ ،‬وال يستدعي األمر إعطاء إحصائيات أو ا‪ٟ‬تديث‬

‫عن التقارير الواردة ُب ىذا الشأف للكشف عن حجم الظاىرة وإ‪٪‬تا يكفي فقط أف يتجو أي مواطن بسيط‬

‫وأب أي مصلحة إدارية كإدارة الضرائب أو الضماف االجتماعي أو الصحة أو البلديات ليكتشف أف قضاء‬

‫حاجة إدارية بسيطة تكلفو تعقيدا كبَتا يضطره ُب غالب األحياف لتقدًن الرشاوى ولعل ما يرد ُب الصحف‬

‫اليومية أكرب دليل على ذلك‪ ،‬كما أف قضايا الفساد أو فضائح القرف اليت عرفتها ا‪ٞ‬تزائر كقضية خليفة‬

‫والطريق السيار شرؽ غرب وسوناطراؾ ‪ 1‬و‪ 2‬عرفت تعامبل واسعا بالرشاوي والعموالت امتدت إٔب‬

‫مؤسسات أجنبية‪.‬‬

‫‪-‬االحتيال ونهب المال العام‪ :‬ىو صورة من صور الفساد اإلداري ويعد من ا‪ٞ‬ترائم طبقاً للمفهوـ‬

‫القانوين‪ ،‬حيث تستخدـ جرٯتة االحتياؿ للحصوؿ على منافع شخصية تدر على مرتكبيها بالفوائد‪ 1،‬وىو يشَت‬

‫إٔب اختبلس ا‪١‬تمتلكات من قبل ا‪١‬توظف العمومي أو استعما‪٢‬تا على ‪٨‬تو غَت شرعي بتبديده عمدا أو إتبلفو أو‬

‫احتجازه بدوف وجو حق على ‪٨‬تو غَت شرعي لصا‪ٟ‬تو أو لصاّب شخص أو كياف آخر أي ‪٦‬تتلكات مالية عمومية‬

‫أو أوراؽ أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد هبا إليو ْتكم وظيفتو أو بسببها‪ 2،‬كما أشارت إليو ا‪١‬تادة ‪ُ 41‬ب‬

‫القطاع ا‪٠‬تاص‪.‬‬

‫إف التعددية السياسية وحرية التعبَت قد ‪ٝ‬تحت بالكشف عن العديد من قضايا هنب ا‪١‬تاؿ العاـ ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬ففي ‪ 1990‬وُب ‪٤‬تاضرة ألقاىا ُب جامعة ا‪ٞ‬تزائر أعلن "براىيمي عبد ا‪ٟ‬تميد" رئيس ا‪ٟ‬تكومة قبل‬

‫أكتوبر ‪ 1988‬أنو ًب اختبلس ‪ 26‬مليار دوالر من خزينة الدولة وًب ٖتويلها على شكل رؤوس أمواؿ إٔب‬

‫ا‪٠‬تارج ما بُت ‪ 1962‬و‪ 3،1989‬وُب أثناء التحقيق ُب ىذه القضية ظهرت أيضا قضية الغرفة الوطنية‬

‫‪ 1‬عماد صبلح عبد الرزاؽ داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76‬‬


‫‪ 2‬قانوف مكافحة الفساد‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.29‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Rachid Telemçani, Bazar et globalisation, l'aventure de l'infitah en Algérie. Alger:‬‬
‫‪les édition el Hikma, 1999, p 133.‬‬

‫‪291‬‬
‫للتجارة واليت ٕتلت ُب ٖتويل ما يقارب ‪ 20‬مليار دوالر من خبلؿ ٖتويل ‪ 2000‬غبلؼ مإب بالعملة‬

‫الصعبة‪ ،‬كانت ٘تنحها الغرفة الوطنية للتجارة ُب إطار الًتخيص باالستَتاد ألشخاص صناعيُت أو‬

‫ٕتاريُت‪٢ 1،‬تذا صرح "‪٤‬تمد بوضياؼ" مباشرة بعد دخولو ا‪ٞ‬تزائر لًتؤس اجمللس األعلى للدولة ُب ‪16‬‬
‫‪2‬‬
‫جانفي ‪ 1992‬على أف الفساد يشكل أىم مشكلة تواجو النظاـ السياسي‪.‬‬

‫رغم أف ‪٤‬تاربة الفساد كاف من أىم األولويات لدى "بوضياؼ"‪ ،‬و"زرواؿ"‪ ،‬إال أنو استمر ُب االنتشار‬

‫والتوسع ف عرفت البنوؾ العمومية سرقة وتبذير للماؿ العاـ على شكل قروض قدرت ٔتليارات الدوالرات‬

‫أخذت طريقها إٔب "لكسمبورغ" و"موناكو" خصوصا ُب فًتة ارتفاع أسعار البًتوؿ بُت ‪ 1999‬و‪،2000‬‬

‫إضافة إٔب مشروع "ميًتو ا‪ٞ‬تزائر" ‪ Metro d'Alger‬والطريق السيار شرؽ غرب الذي أكد صندوؽ‬
‫‪3‬‬
‫النقد الدوٕب والبنك العا‪١‬تي أف ا‪١‬تبالغ اليت صرفت عليو مبالغ خيالية ال ٯتكن تقديرىا‪.‬‬

‫باإلضافة إٔب القضايا السابقة كانت قضية خليفة ىي األكرب ُب السنوات ا‪١‬تاضية اليت أظهرت ُب أواخر‬

‫عاـ ‪ 2002‬مدى ضعف القوانُت ا‪١‬تتبعة ومدى الضعف ُب أجهزة الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬الوساطة والمحسوبية‪ :‬وىي آلية تنطلق من روابط القرىب والوضع الطبقي‪ ،‬حيث تتأثر عبلقات‬

‫البَتوقراطيُت با‪١‬تواطنُت باألصوؿ العرقية واالجتماعية‪ ،‬وللوساطة واحملسوبية وجهاف أو‪٢‬تما ا‪٬‬تايب يعرب عن‬

‫نوع من التعاوف قصد ٖتقيق مطلب مشروع والثاين سليب يعرب عن أنواع من التمييز والعنصرية حيث يتم‬
‫‪4‬‬
‫بلوغ حقوؽ أو ٕتاوز حقوؽ آخرين على حساب ا‪٠‬تدمة العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ibid, p134.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p137.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Djillali Hadjaj, Corruption et démocratie en Algérie. Paris: la Dispute, 2001, pp‬‬
‫‪122-124.‬‬
‫‪ 4‬علي سعيداف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪291‬‬
‫إف االنتساب إٔب الوظائف ُب ا‪ٞ‬تزائر يتم عن طريق ا‪١‬تسابقات ا‪٠‬تاصة بكل مصلحة إدارية ٯتكن‬

‫االنتساب إليها والدرجة ا‪ٞ‬تامعية ُب الغالب ىي أساس دخوؿ الوظيفة العمومية إال أف واقع التوظيف ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر يعرب عن العكس‪ ،‬فالوساطة ال تزاؿ أساس تعيُت اإلداريُت ُب العديد من ا‪١‬تناصب واحملسوبية على‬

‫أساس العبلقات التقليدية مستمرة رغم كل اإلصبلحات ُب ‪٣‬تاؿ الوظيفة العمومية‪ ،‬إضافة إٔب ظاىرة‬
‫‪1‬‬
‫الزبائنية اليت تعاين منها اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية وا‪١‬تشكلة من الروابط األبوية وا‪ٞ‬تهوية والصداقة وما إٔب ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬إساءة النفوذ واستغالل المنصب العام‪ :‬ويعٍت استغبلؿ الوظائف أو ا‪١‬تناصب عمدا ألداء عمل أو‬

‫االمتناع عنو على ‪٨‬تو ٮترؽ القوانُت والتنظيمات بغرض ا‪ٟ‬تصوؿ على منافع غَت مستحقة‪ ،‬وكذلك عدـ‬

‫التصريح با‪١‬تمتلكات أو التصريح الكاذب الذي ٮتص كل موظف عمومي خاضع قانونا لواجب التصريح‬

‫ٔتمتلكاتو‪ ،‬إضافة إٔب أشكاؿ أخرى من الفساد أشار إليها قانوف ‪ 01-06‬منها أخذ فوائد بصفة غَت‬

‫قانونية وتلقي ا‪٢‬تدايا والتمويل ا‪٠‬تفي لؤلحزاب السياسية وتبييض العائدات اإلجرامية واإلخفاء وإعاقة السَت‬

‫ا‪ٟ‬تسن للعدالة والببلغ الكيدي وعدـ اإلببلغ عن ا‪ٞ‬ترائم‪.‬‬

‫‪ .2‬مظاىر التسيب اإلداري‪:‬‬

‫يشَت مفهوـ التسيب اإلداري إٔب عدـ التزاـ ا‪١‬توظف بأداء واجبات وظيفتو بدقة وأمانة ومن دوف أي‬

‫‪٣‬تهود ‪٦‬تا يؤدي إٔب تدين مهاراتو الوظيفية وا‪٩‬تفاض مستويات الكفاءة لدى اإلدارة اليت تعجز بدورىا عن‬
‫‪3‬‬
‫تنفيذ السياسات العامة للدولة‪ 2،‬وتربز أشكاؿ التسيب اإلداري ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب الصور التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Taib Essaid " Approche clientaire de la relation fonctionnaire- citoyen en Algérie",‬‬
‫‪Revue Algérienne des sciences juridiques, économique et politique, V. xxviii,‬‬
‫‪N02, juin 1990, p302.‬‬
‫‪ 2‬نصرب ‪ٝ‬تارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 3‬أنظر ‪ٝ‬تارة نصَت الذي فضل ُب مؤشرات التسيب اإلداري‪ ،‬ص ص ‪.62-34‬‬

‫‪292‬‬
‫‪ -‬عدـ استغبلؿ ا‪١‬توظف لوقت العمل الر‪ٝ‬تي وانشغالو بأعماؿ غَت ر‪ٝ‬تية كأداء بعض األلعاب واستعماؿ‬

‫ا‪٢‬تاتف وما إٔب ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬تفشي روح البلمباالة حيث ال يأخذ ا‪١‬توظف طلبات الزبائن بعُت االعتبار وال يقدـ ‪٢‬تم ا‪٠‬تدمة ّتدية‪.‬‬

‫‪ -‬االستهانة با‪١‬تلكية العامة وضعف ا‪ٟ‬تس الوطٍت إتاىها‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ التزاـ ا‪١‬توظف باحًتاـ الشرعية القانونية والطاعة التسلسلية‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ التزاـ ا‪١‬توظف بالنزاىة وعدـ ‪٤‬تافظتو على سرية ا‪١‬تكاتبات والقرارات‪.‬‬

‫‪ -‬التغيب والػتأخر وعدـ االلتزاـ باألمانة واالستقامة‪.‬‬

‫‪ -‬الروتُت اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬اإل‪٫‬تاؿ وسوء ا‪١‬تعاملة‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف الرقابة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تطور الفساد في الجزائر ومؤشراتو‪.‬‬

‫‪.2‬مرحلة حكم الرئيس بن بلة‪:‬‬

‫عرفت ىذه ا‪١‬ترحلة ظهور عدة فضائح فساد جراء بداية خروج الثورة عن مسارىا منها قضية اجملاىدين‬

‫ا‪١‬تزيفُت حيث ٕتاوز عدد البطاقات ‪ 10000‬بطاقة وقضية خزينة جبهة التحرير الوطٍت اليت تضمنت‬

‫سرقتو أمواؿ ا‪ٞ‬تبهة وٖتويلها إٔب ا‪٠‬تارج‪ ،‬إضافة إٔب قضية صندوؽ التضامن الذي أنشأه أ‪ٛ‬تد بن بلة والذي‬
‫‪1‬‬
‫ضم التربعات اليت ‪ٚ‬تعت ‪١‬تساعدة الفئات الضعيفة ُب اجملتمع‪.‬‬

‫ويعتقد عبد ا‪ٟ‬تمدي ابراىيمي أف اجملموعة اليت أمسكت بالسلطة ُب عهد بن بلة سهلت ترقية‬

‫االنتهازيُت وعملت كل ما ُب وسعها لكي تتعزز مواقعها عن طريق تشديد التحكم ُب األجهزة وتضخيمها‬

‫‪ 1‬سارة بوسعيود‪ ،‬شراؼ عقوف‪" ،‬واقع الفساد ُب ا‪ٞ‬تزائر وآليات مكافحتو"‪ ،‬مجلة البحوث االقتصادية والمالية‪ ،‬مج ‪ ،05‬ع ‪ ،01‬جواف‬
‫‪ ،2018‬ص ‪.309‬‬

‫‪293‬‬
‫بعناصر تعتربىم أكفاء ومطيعُت وغَت خطرين سياسياف وا‪ٟ‬تماية اليت ٘تنحها إياىا ‪٢‬تم السلطة تضمن ‪٢‬تم‬
‫‪1‬‬
‫االستقرار واالمتيازات وتعزز سلطتهم وٗتو‪٢‬تم الشرعية‪.‬‬

‫‪.2‬مرحلة حكم الرئيس ىواري بومدين‪:‬‬

‫أخذ الفساد ُب ىذه ا‪١‬ترحلة منحى تصاعدي جراء ضخ أمواؿ ضخمة ُب القطاع الصناعي مع تبٍت‬

‫‪٪‬توذج الصناعات ا‪١‬تصنعة الذي تزامن مع إبراـ عقود كثَتة وصفقات مع شركات أجنبية لنقل التكنولوجيا‪،‬‬

‫واليت كاف من نتائجها طغياف التسيَت البَتوقراطي للمشاريع وقلة التحكم وإدارة االستثمارات وقلة التنسيق‬
‫‪2‬‬
‫والرب‪٣‬تة‪.‬‬

‫‪ .3‬مرحلة حكم الرئيس الشاذلي بن جديد‪:‬‬

‫إف تفكيك الشركات الوطنية الكربى ُب بداية الثمانينيات ‪٧‬تم عنو تداخل الفساد بعبلقات القوة والزبونية‬

‫ُب النظاـ‪ ،‬وأصبح الفساد موازيا لتوزيع ا‪١‬تداخيل ُب إطار توزيع ر‪ٝ‬تي بالدينار يبحث عن ٖتقيق ا‪١‬تساواة‬

‫نسبيا ُب ظل وجود فارؽ ُب األجور ا‪١‬تنخفضة بشكل خاص‪ ،‬وتوزيع آخر كبَت وخفي بالعملة الصعبة يركز‬

‫مداخيل باىظة بُت يدي األقلية‪ ،‬ونتيجة التحوؿ من االستثمار إٔب االستَتاد ضمن برنامج مكافحة الندرة‬

‫طرأ تغيَت على نظاـ الرشوة حيث اتسعت شبكات الفساد وتعقدت وىي خدمة الشركات األجنبية طا‪١‬تا‬

‫أف الشرط الوحيد للحصوؿ على الرشوة ىو التعامل ا‪ٟ‬تصري مع ىذه الشركات‪ ،‬والتفت الشبكات الزبونية‬

‫حوؿ أجهزة الدولة والشركات االقتصادية الوطنية وحصلت على الرعاية اليت تقدمها السلطة لرجاؿ‬

‫األعماؿ وا‪١‬تضاربُت ُب إطار مسلسل التواطؤ ا‪٠‬تفي‪ ،‬ومع انعداـ مساءلة كبار ا‪١‬توظفُت ومدراء الشركات‬
‫‪3‬‬
‫الوطنية عمت السرقة واالختبلسات وا‪١‬تضاربات من كل نوع‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد ا‪ٟ‬تليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.167‬‬


‫‪ 2‬سارة بوسعيود‪ ،‬شراؼ عقوف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪310‬‬
‫‪ 3‬عبد ا‪ٟ‬تليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪175‬‬

‫‪294‬‬
‫‪.5‬المرحلة االنتقالية ‪:2999-2992‬‬

‫استمر ُب ىذه ا‪١‬ترحلة العمل بنظاـ العموالت ُب ظل ازدىار قطاع االستَتاد أماـ ضعف آلة اإلنتاج‪،‬‬

‫و‪ٝ‬تح اتفاؽ إعادة جدولة الديوف ا‪٠‬تارجية الذي أبرمتو ا‪ٞ‬تزائر مع الدوؿ ا‪١‬تا‪٨‬تة ُب مقابل التزامها بتطبيق‬

‫برنامج التصحيح ا‪٢‬تيكلي الذي وضعو صندوؽ النقد الدوٕب ْتصوؿ الدولة على ‪ % 80‬من عائداهتا‬

‫النفطية ُب األشهر األؤب من عاـ ‪ 1995‬وارتفعت نسبة الواردات ب ‪ 02‬مليار دوالر‪ ،‬وأفسح ٖترير‬

‫التجارة ا‪٠‬تارجية ُب ‪ 1994‬اجملاؿ أماـ القطاع ا‪٠‬تارجي وأصبح الدينار قاببل للتحويل ُب ا‪١‬تعامبلت‬

‫التجارية‪ ،‬وُب عاـ ‪ً 1997‬ب إحصاء أكثر من ‪ 5500‬شركة استَتاد وتصدير خاصة وًب استبداؿ‬

‫االحتكار الدوالٌب للتجارة ا‪٠‬تارجية بلخر خاص ارتبط أصحابو بدوائر ُب السلطة‪ ،‬ىذه الشركات اليت‬

‫استنزفت ا‪١‬توارد ا‪١‬تالية اليت استفادت منها ا‪ٞ‬تزائر ٔتوجب التصحيح ا‪٢‬تيكلي ‪ 1997-1994‬وهنبها‬

‫وٖتويلها إٔب ا‪٠‬تارج واعتمادىا على التجارة ا‪٠‬تارجية كمنفذ لتهريب العملة الصعبة‪ 1،‬كما ‪ٝ‬تح الدعم ا‪١‬تإب‬

‫الدوٕب وا‪١‬تداخيل النفطية بزيادة النفقات العسكرية اليت بلغت ‪ %100‬عاـ ‪ُ 1998‬ب ظل غياب ا‪١‬تساءلة‬

‫والسرية الكبَتة احملاطة بالعملية‪.‬‬

‫وعموما فإف الفًتة ا‪١‬تمتدة من ‪ 1992‬إٔب ‪ 1999‬تعد من أصعب ا‪١‬تراحل اليت مرت هبا ا‪ٞ‬تزائر نتيجة‬

‫األزمة األمنية وكوهنا مرحلة انتقالية ُب االقتصاد ا‪ٞ‬تزائر ‪ٝ‬تحت بتوسع وانتشار الفساد ُب ظل غياب‬

‫مؤسسات سياسية مستقرة قادرة على تكريس آليات الرقابة وا‪١‬تساءلة‪ ،‬ومن أىم اجملاالت اليت تركز فيها‬

‫الفساد‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد ا‪ٟ‬تليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.187،186‬‬

‫‪295‬‬
‫‪ -‬الفساد ُب قطاع احملروقات‪ :‬وبدأ مع أوؿ عملية خصخصة ُب ‪ 1991‬بفتح الباب ‪٠‬تصخصة قطاع‬

‫احملروقات للشركات األجنبية دوف هتيئة الظروؼ لذلك‪ ،‬حيث زاد الفساد كمسألة بيع ‪ %25‬من حقل‬

‫حاسي مسعود مقابل ‪ 6‬أو ‪ 7‬دوالر رغم أف سعره ُب السوؽ كاف ما بُت ‪ 18‬و‪ 20‬دوالر‪.‬‬

‫‪ -‬الفساد ُب ‪٣‬تاؿ اإلنفاؽ العسكري‪ :‬فنتيجة لتدىور األوضاع األمنية زاد اإلنفاؽ العسكري بنسبة ‪%45‬‬

‫ُب ‪ 1998‬و‪ %100‬سنة ‪ ،1998‬وكاف ذلك يتم على حساب االستثمارات ا‪١‬تنتجة ُب ظل غياب أي‬
‫‪1‬‬
‫‪٤‬تاسبة لوزارة الدفاع على صفقاهتا الضخمة‪.‬‬

‫‪ .6‬مرحلة حكم عبد العزيز بوتفليقة ‪:2229-2222‬‬

‫ٓب يكن ٖتالف السلطة والعصبية القبلية وحده ُب ىذه ا‪١‬ترحلة كافيا لتعزيز حكم بوتفليقة بل أدى ا‪١‬تاؿ‬

‫أيضا دورا أساسيا ُب توفَت الرعاية للمساندين والداعمُت‪ ،‬فا‪١‬تقاولوف ا‪٠‬تواص وأصحاب ا‪١‬تاؿ الذين قبلوا ُب‬

‫البداية لعبة النظاـ من خبلؿ تأييده عملوا بعد ذلك على ٖتقيق أجندهتم السياسية واالقتصادية وتطورت‬

‫الشركات ا‪٠‬تاصة بشكل ملفت للنظر‪ ،‬وُب ذات السياؽ جرى نقل االحتكار العمومي من أيدي‬

‫البَتوقراطيُت إٔب االحتكار ا‪٠‬تاص عرب شبكات ومصاّب ‪٣‬تموعات ضغط يديرىا رجاؿ أعماؿ‪ 2،‬وكنتيجة‬

‫لذلك عرفت ىذه ا‪١‬ترحلة تورط مسؤولُت كبار ُب فضائح اختبلس مليارات الدوالرات ُب ظل ضخ أمواؿ‬

‫ضخمة ُب برامج اإلنعاش الوطٍت وبرامج دعم النمو وا‪١‬تخطط ا‪٠‬تماسي ‪ 2014-2010‬الذي خصص‬

‫لو حوإب ‪ 286‬مليار دوالر وا‪١‬تخطط ا‪٠‬تماسي األخَت ‪ 2019-2015‬الذي خصص لو ‪ 262‬مليار‬

‫دوالر‪ ،‬وىي مبالغ حولت ا‪ٞ‬تزائر إٔب ‪٦‬تلكة للفساد ٔتختلف أشكالو وتكبدت ا‪ٞ‬تزائر من جرائو قرابة ‪30‬‬
‫‪3‬‬
‫مليار دوالر بُت عامي ‪ 2000‬و‪.2010‬‬

‫‪ 1‬سارة بوسعيود‪ ،‬عقوف شراؼ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.313 ،312‬‬


‫‪ 2‬عبد ا‪ٟ‬تليم ‪١‬تاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.197 ،196‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.313‬‬

‫‪296‬‬
‫ومن خبلؿ معطيات ا‪ٞ‬تدوؿ أدناه ا‪١‬تتعلق ٔتؤشرات الفساد ُب ا‪ٞ‬تزائر ما بُت العاـ ‪ 2003‬و‪2018‬‬

‫نبلحظ تطورا تدر‪٬‬تيا ُب درجات الفساد بانتقا‪٢‬تا من ‪ 2.6‬كأدىن درجة إٔب ‪ 3.6‬كأقصى درجة‪ ،‬وىذا‬

‫يؤكد استمرار عمليات الفساد وهنب ا‪١‬تاؿ العاـ وعدـ ‪٧‬تاعة اآلليات اليت تبنتها الدولة ‪١‬تواجهتو‪ ،‬والذي‬

‫كاف القطرة اليت أفاضت الكأس وأدت إٔب انتفاض الشعب ُب حراؾ ‪ 22‬فرباير ‪ ،2019‬والذي أباف عن‬

‫اختبلسات خيالية للخزينة العمومية من طرؼ ا‪١‬تسؤولُت السياسيُت واإلداريُت من خبلؿ احملاكمات اليت‬

‫٘تت لشخصيات تابعة للنظاـ السابق‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫الجدول رقم ‪ :22‬ترتيب الجزائر وفق مؤشرات الفساد (‪.)2228-2223‬‬

‫عدد الدوؿ ا‪١‬تصنفة‬ ‫الًتتيب دوليا‬ ‫الدرجة من ‪10‬‬ ‫السنة‬

‫‪146‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪2003‬‬

‫‪159‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪2004‬‬

‫‪163‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪179‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪180‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪3.0‬‬ ‫‪2007‬‬

‫‪180‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪2008‬‬

‫‪178‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪178‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪183‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-www.transparency.org‬‬ ‫تقارير منظمة الشفافية العا‪١‬تية‪:‬‬

‫‪297‬‬
‫‪174‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪177‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪2013‬‬

‫‪175‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪168‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪2015‬‬

‫‪176‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪2016‬‬

‫‪180‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪2017‬‬

‫‪180‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪2018‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشرعية وظاىرة االحتجاجات‬

‫أصبحت ظاىرة االحتجاجات ُب ا‪ٞ‬تزائر تطغى على ا‪١‬تشهد السياسي كرد فعل على عدـ رضا ا‪١‬تواطنُت‬

‫عن أداء النظاـ السياسي على كل ا‪١‬تستويات‪ ،‬فهذه الظاىرة حصيلة تراكم عدة أزمات خاصة منها أزمة‬

‫ا‪١‬تشاركة السياسية من خبلؿ تقييد كل آلياهتا وأزمة الشرعية اليت تولد عنها غياب الثقة بُت ا‪١‬تواطن ونظامو‬

‫السياسي‪ ،‬ضف إٔب ذلك األزمة االقتصادية وتبعاهتا االجتماعية من تدين للقدرة الشرائية والبطالة وأزمة‬

‫السكن وأزمة األجور ا‪١‬تتدنية وأزمة الفساد السياسي واإلداري واليت نتجت عنها ظواىر اجتماعية خطَتة‬

‫كا‪٢‬تجرة غَت الشرعية واالنتحار‪ ،‬وقد عرفت موجة االحتجاجات تطورا عرب عدة مراحل انتقلت فيها من‬

‫ا‪١‬تطالبة بتغيَت األوضاع االقتصادية واالجتماعية والسياسية إٔب إسقاط النظاـ السياسي وتغيَت مؤسساتو‬

‫والشخصيات ا‪١‬توالية لو‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أحداث أكتوبر ‪.2988‬‬

‫‪298‬‬
‫إف الفعل االحتجاجي ُب ا‪ٞ‬تزائر فعل مرتبط بالفًتة االستعمارية حيث عرب الشعب ا‪ٞ‬تزائري عن رفضو‬

‫لبلستعمار الفرنسي بعدة أشكاؿ لعل أ‪٫‬تها ُب تاريخ ا‪ٞ‬تزائر ىو ثورة نوفمرب اجمليدة‪ ،‬غَت أف االحتجاج‬

‫كممارسة قد عرؼ استقرارا ُب ظل مرحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد اليت عرفت بتحكم الدولة ُب كل قنوات ا‪١‬تشاركة‬

‫السياسية ومشوليتها ُب التنظيم لكل شؤوف اجملتمع‪ ،‬خاصة ُب مرحلة حكم ىواري بومدين الذي ٘تكن من‬

‫ٖتقيق االستقرار بتطويق أمٍت ‪٤‬تكم للمجتمع من جهة‪ ،‬وكسب رضى فئات عريضة من اجملتمع من جهة‬

‫أخرى وذلك من خبلؿ ٕتسيد مشروع ‪٣‬تتمع مبٍت على العدالة االجتماعية ُب شكل مشاريع كالثورة‬

‫الزراعية والذي ‪ٝ‬تح لو بتشكيل قاعدة صلبة ‪ٟ‬تكمو‪ ،‬غَت أف وفاتو عجلت بتغيَت الوضع حيث تبٌت‬

‫الشاذٕب بن جديد االنفتاح االقتصادي الذي أدى إٔب بروز الفوارؽ االجتماعية وفئات جديدة اكتسبت‬

‫الثروة عن طريق االمتيازات ‪٦‬تا ولد تفشي مظاىر احملسوبية والرشوة والفساد وسوء تسيَت ا‪١‬تاؿ العاـ والذي‬

‫أدى إٔب ‪٪‬تو ٗتط لدى فئات عريضة من اجملتمع ‪٦‬تا ساعد على ظهور حركات احتجاجية كالربيع األمازيغي‬
‫‪1‬‬
‫ُب منطقة القبائل واحتجاجات أخرى قوامها الظروؼ ا‪١‬تعيشية ا‪١‬تزرية موازاة مع تدين أسعار النفط‪.‬‬

‫فمع بداية ا‪٩‬تفاض أسعار البًتوؿ عاـ ‪ 1983‬ظهر فشل التسيَت البَتوقراطي لبلقتصاد الوطٍت ُب ظل‬

‫تردي الوضع االجتماعي حيث ا‪٩‬تفض الدخل السنوي والذي أدى بدوره إٔب ا‪٩‬تفاض القدرة الشرائية‪ ،‬وًب‬

‫استهبلؾ ما يعادؿ ‪ 11.1‬مليار دوالر سنويا ُب الفًتة ما بُت ‪ 1979‬و‪ 1991‬واليت بلغت عائداهتا‬

‫البًتولية ‪ 144.5‬مليار دوالر‪ ،‬وىذا االستهبلؾ الذي جلب ما يقرب من ‪ 25.7‬دوالر من الدين ‪٦‬تا‬

‫سبب أزمة التسيَت‪ ،‬كما أزمة الديوف تسببت ُب انكماش اقتصادي صاحبو اضطراب اجتماعي ٘تثل ُب‬

‫تضخم ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تواد االستهبلكية اليت ارتفعت سنة ‪ٔ 1986‬تعدؿ ‪ ،%76.5‬إضافة إٔب ندرة ا‪١‬تواد األولية‬

‫‪ 1‬لطفي ٔتغاز‪ ،‬نوراف سيد أ‪ٛ‬تد‪ ،‬ا‪ٟ‬تركات االحتجاجية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪ٟ‬تقائق واآلفاؽ‪ُ ،‬ب‪ :‬تامر خرمة‪ ،‬ربيع وىبة‪ ،‬الحركات االحتجاجية في‬
‫الوطن العربي (مصر‪ ،‬المغرب‪ ،‬لبنان‪ ،‬البحرين‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سورية‪ ،‬األردن)‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،2014 ،‬ص ص ‪،316‬‬
‫‪.317‬‬

‫‪299‬‬
‫وانتشار الفساد وٗتلي الدولة عن دعم ا‪١‬تواد االستهبلكية وٕتميد األجور وىي كلها عوامل سا‪٫‬تت ُب‬
‫‪1‬‬
‫انفجار الوضع‪.‬‬

‫ف بعد ا‪٠‬تطاب السياسي للرئيس الشاذٕب بن جديد أماـ أعضاء حزب جبهة التحرير الوطٍت ُب ‪19‬‬

‫سبتمرب ‪ 1988‬الذي وجو فيو انتقادات لعناصر من ا‪ٟ‬تزب ا‪١‬تعارض لئلصبلحات الليربالية انتشرت موجة‬

‫من االضطرابات شلت مؤسسات اقتصادية واشتدت األزمة مساء ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1988‬حيث بدأت‬

‫بتبلميذ ا‪١‬تدارس لتنضم إليها شرائح أخرى تظاىرت بطريقة عنيفة ومارست عمليات ٗتريب كبَتة‬

‫للممتلكات العامة كالبنوؾ وا‪٠‬تطوط ا‪ٞ‬توية وأسواؽ الفبلح وا‪١‬تؤسسات التعليمية‪ 2،‬وكانت قد بدأت‬

‫أعماؿ الشغب ُب أكتوبر ‪ 1988‬من حي شوفإب با‪ٞ‬تزائر العاصمة يوـ ‪ 05‬أكتوبر وعمت ‪ٚ‬تيع أ‪٨‬تاء‬

‫الببلد واستمرت أسبوعا كامبل سادت فيو كل أنواع الفوضى وراح ضحيتها ‪ 189‬قتيبل و‪ 142‬جر٭تا وما‬
‫‪3‬‬
‫يفوؽ مليار دوالر من ا‪٠‬تسائر ا‪١‬تادية إٔب جانب ‪ 144‬قتيبل من قوات األمن‪.‬‬

‫وقد تعددت اآلراء حوؿ أسباب ىذه األحداث حيث ىناؾ من اعتربىا تعبَتا عن صراع بُت األجنحة‬

‫أنذاؾ داخل النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري والذي ٯتثلو دعاة اإلصبلح الليربإب واحملافظوف‪ ،‬غَت أف درجة‬

‫الغضب اليت سادت ا‪١‬تدف ا‪ٞ‬تزائرية والعنف الذي مارسو الشباف ضد ا‪١‬تمتلكات العمومية ٓب يعرب فقط عن‬

‫ىذا الصراع وإ‪٪‬تا كاف ينم عند درجة كبَتة من ا‪ٟ‬ترماف واليت عانت منها فئات اجتماعية واسعة‪.‬‬

‫لقد شكلت أحداث أكتوبر ٕتمعا للمهمشُت سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وحىت ثقافيا وتطورت إٔب‬

‫أحداث دامية أدت إٔب تدخل ا‪ٞ‬تيش‪ ،‬ورغم أهنا عجلت بانتقاؿ ا‪ٞ‬تزائر من نظاـ ا‪ٟ‬تزب الواحد إٔب نظاـ‬

‫التعددية ا‪ٟ‬تزبية إال أف تلك التجربة ٓب يكتب ‪٢‬تا أف تكوف ُب ا‪١‬تسار الصحيح‪ ،‬حيث مع توقيف ا‪١‬تسار‬

‫‪ 1‬عبد النور ناجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.130 ،129‬‬


‫‪ 2‬عبد النور ناجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪٤ 3‬تمد بوضياؼ‪ ،‬مستقبل النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه ‪ .‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬كلية العلوـ السياسية واإلعبلـ‪ ،‬قسم العلوـ السياسية‬
‫والعبلقات الدولية‪ ،2008 ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪311‬‬
‫االنتخايب دخلت ا‪ٞ‬تزائر مرحلة البلستقرار اليت شكلت فيها العشرية السوداء عبلمة فارقة ُب تاريخ ا‪ٞ‬تزائر‬

‫ا‪١‬تعاصر‪ ،‬وقد أثرت بكل كبَت على مسار ا‪ٟ‬تركات االحتجاجية ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪ ،‬حيث أف األزمة أدت إٔب‬

‫ت أجيل معا‪ٞ‬تة العديد من الطالب االجتماعية واالقتصادية وإعطاء األولوية الستتباب األمن واالستقرار‪،‬‬

‫ضف إٔب ذلك فإف ىذه ا‪١‬ترحلة عرفت صدور قانوف الطوارئ الذي ضيق على ‪ٚ‬تيع ا‪ٟ‬تريات خاصة منها‬

‫التظاىر والتجمع ‪٦‬تا جعل ا‪ٟ‬تركات االحتجاجية ال تعود إٔب الواجهة إال مع قرب استعادة السلم‪ ،‬حيث‬

‫ُب عاـ ‪ 2001‬قاـ ما يسمى بالربيع األمازيغي األسود الذي أخذ شكبل عنيفا وتسبب ُب شل كل ا‪ٟ‬تركة‬

‫ُب ا‪١‬تنطقة‪ ،‬وًب تنظيم احملتجُت ُب إطار ما عرؼ بالعروش وتنسيقية العروش والقبائل اليت تبنت ‪٣‬تموعة من‬

‫ا‪١‬تطالب ‪ٛ‬تلت طابعا ىوياتيا إضافة إٔب مطالب اجتماعية واقتصادية‪ْ ،‬تيث انتهى األمر باالعًتاؼ باللغة‬
‫‪1‬‬
‫األمازيغية لغة وطنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االحتجاجات المتزامنة مع أحداث الربيع العربي‪.‬‬

‫انطلقت ا‪ٟ‬تركة االحتجاجية ُب األسبوع األوؿ من يناير ‪ 2011‬ودخوؿ السنة ا‪ٞ‬تديدة اليت شهدت‬

‫سرياف زيادة األسعار جملموعة من ا‪١‬تواد الغذائية ٔتا فيها السكر والزيت و‪٫‬تا سلعتاف واسعتا االستهبلؾ‪،‬‬

‫وسرعاف ما انتشرت األحداث اليت بدأت ُب وىراف تنتشر إٔب مدف أخرى منها العاصمة اليت عرفت فيها‬

‫نقلة نوعية بدخو‪٢‬تا األحياء الشعبية العريقة منها باب الواد وبلكور وباش جراح لتتجو فيما بعد شرقا وحىت‬
‫‪2‬‬
‫جنوبا‪.‬‬

‫عرفت أحداث ‪ 2011‬باستهداؼ مؤسسات ٓب تستهدؼ من قبل كا‪١‬تؤسسات الًتبوية ووكاالت‬

‫السيارات وٗتريب ما يقارب ‪ 36‬مقرا ‪١‬تؤسسات قضائية وكذا مقار السلطات احمللية وتوزيع ا‪١‬تاء والكهرباء‬

‫‪٦‬تا يعكس تذمرا من نوعية ا‪٠‬تدمات القاعدية اليت تقدمها ىذه ا‪١‬تؤسسات إضافة إٔب االعتداء على ا‪١‬تقرات‬

‫‪ 1‬تامر خرمة‪ ،‬ربيع وىبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.323 ،321‬‬


‫‪ 2‬عبد الناصر جايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬

‫‪311‬‬
‫األمنية‪ ،‬ولقد أعلنت مصاّب األمن بشكل ر‪ٝ‬تي عن حدوث أزيد من ‪ 11‬ألف احتجاج طواؿ سنة‬
‫‪1‬‬
‫‪ُ 2011‬ب ‪٥‬تتلف أ‪٨‬تاء الوطن‪.‬‬

‫إف ما ميز ىذه األحداث ىو أهنا ٓب تأت با‪ٞ‬تديد حيث استمرت ظاىرة ضعف التنظيم والتأطَت ا‪ٟ‬تزيب‬

‫وا‪ٞ‬تمعي ‪٢‬تا‪ ،‬وحالة التوجس لدى احملتجُت من النخب السياسية خاصة ا‪١‬تعارضة منها لقابليتها الكبَتة‬

‫لبلخًتاؽ واالحتواء‪ 2،‬لكنها من جهة أخرى كسرت حاجز ا‪٠‬توؼ من التعامل األمٍت للنظاـ السياسي‪،‬‬

‫وما شجع على ذلك طبيعة تعاملو مع االحتجاجات حيث أعطيت تعليمات صارمة ‪١‬تصاّب األمن تفاديا‬

‫للتصادـ مع احملتجُت‪ ،‬كما أف ا‪٠‬تطاب الر‪ٝ‬تي أضفى نوعا من الشرعية على مطالب احملتجُت ذات البعد‬

‫االجتماعي االقتصادي من خبلؿ اٗتاذ ‪ٚ‬تلة من اإلجراءات االستعجالية ذات الطابع االقتصادي‬

‫واالجتماعي كإجراءات ا‪ٟ‬تد من ارتفاع األسعار وٕتميد توزيع السكن إلعادة دراسة الطعوف ُب عدة‬

‫واليات غَت أف النظاـ قبل بالتفاعل اإل‪٬‬تايب مع مطالب احملتجُت على أف ال تتعدى ذلك إٔب ا‪١‬تطالب‬
‫‪3‬‬
‫السياسية‪.‬‬

‫إف أحداث ‪ 2011‬كانت نقلة نوعية ُب مسار االحتجاجات ُب ا‪ٞ‬تزائر لكوهنا وسعت من الظاىرة‬

‫وأصبحت حدثا يوميا ‪ٞ‬تل القطاعات‪ ،‬وذلك ما ينم عن السخط الكبَت من فئات اجتماعية كثَتة على‬

‫األوضاع خاصة منها االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وعن تذمرىا من أداء ا‪١‬تؤسسات حيث ‪٩‬ترت ا‪١‬تمارسات‬

‫السلبية للبَتوقراطية جسد الدولة لدرجة جعلت ا‪١‬تواطن يفقد إٯتانو التاـ بالعيش الكرًن ُب ا‪ٞ‬تزائر وما ظاىرة‬

‫ا‪ٟ‬ترقة إال أكرب دليل على ذلك‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحراك الشعبي ‪ 22‬فيفري ‪.2229‬‬

‫‪ 1‬نور الدين بكيس‪ ،‬الحركات االحتجاجية في الجزائر من المواجهة إلى االحتواء‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬النشر ا‪ٞ‬تامعي ا‪ٞ‬تديد‪ ،2018 ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ 2‬عبد الناصر جايب‪ ،‬ا‪ٟ‬تركات االحتجاجية ُب ا‪ٞ‬تزائر (يناير ‪ ،) 2011‬تقييم حالة‪ ،‬ا‪١‬تركز العريب لؤلْتاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،‬فرباير‬
‫‪- https://www.dohainstitute.org‬‬ ‫‪ ،2011‬ص‪ُ ،04 .‬ب‪:‬‬
‫‪ 3‬نور الدين بكيس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬

‫‪312‬‬
‫عرؼ النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري انسدادا بسبب عدة أزمات منها أزمة البطالة وا‪٢‬تجرة غَت الشرعية‬

‫وتدىور عدة قطاعات خاصة منها قطاع الصحة والتوزيع غَت العادؿ للثروة‪ ،‬واألخطر من ذلك انتشار‬

‫الفساد بكل مؤسسات الدولة وعلى كل ا‪١‬تستويات ُب ظل غياب العدالة‪ ،‬وتزامنت حدة ىذه األزمات مع‬

‫تدىور صحة الرئيس بوتفليقة عبد العزيز وعجزه عن أداء مهامو الدستورية وإتاحة الفرصة لفواعل أخرى‬

‫لتسيَت شؤوف الببلد‪ ،‬إضافة إٔب استنزاؼ ا‪٠‬تزينة العمومية لدرجة أدٔب فيها رئيس ا‪ٟ‬تكومة أنذاؾ أ‪ٛ‬تد‬

‫أو٭تِت أف ا‪٠‬تزينة عاجزة عن تسديد أجور ا‪١‬توظفُت ‪٦‬تا يوجب اتباع سياسة التقشف‪ ،‬وكاف ترشح بوتفليقة‬

‫لعهدة خامسة القطرة اليت أفاضت الكأس ودفعت ّتموع ا‪١‬تواطنُت للخروج ُب مظاىرات سلمية عرب‬

‫الوطن‪ ،‬واليت اتسمت بالعفوية والتلقائية وعدـ التأطَت من أي حزب سياسي أو أي ‪ٚ‬تعية‪ ،‬مع اتفاقها على‬

‫شعار واحد ىو إسقاط النظاـ‪ 1،‬كما أف حراؾ فرباير امتاز بالدقة والتنظيم من حيث ا‪١‬تكاف والزماف‪،‬‬

‫إضافة إٔب اعتماده على وسائل التواصل االجتماعي ونشر الوعي وتعبئة ا‪١‬تواطنُت وتوحيد شعارات ا‪ٟ‬تراؾ‪،‬‬

‫وبتقدٯتو لصورة إ‪٬‬تابية عن الوحدة الوطنية بتجاوز معيار ا‪ٞ‬تهوية وضمو ‪ٞ‬تميع شرائح اجملتمع مع طغياف فئة‬
‫‪2‬‬
‫الشباب‪.‬‬

‫و أسفرا‪ٟ‬تراؾ الشعيب ُب ‪ 12‬مارس عن إعبلف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استقالتو والًتاجع عن الًتشح‬

‫لعهدة خامسة بعدما كانت العهدة الرابعة ‪٤‬تل جدؿ طويل بسبب الوضع الصحي ا‪١‬تتدىور للرئيس‪،‬‬

‫وتضمن بياف استقالتو اٗتاذ إجراءات تسيَت ا‪١‬ترحلة االنتقالية‪ ،‬حيث تعهد بتوسيع قاعدة ا‪١‬تشاركة السياسية‬

‫وعمد الًتشح وإرساء أسس ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية ا‪ٞ‬تديدة والتجهيز لندوة وطنية إلعداد النظاـ السياسي‬

‫ا‪ٞ‬تديد وتعديل الدستور وٖتديد تاريخ إجراء االنتخابات الرئاسية‪ ،‬وقد تباينت ردود الفعل حوؿ ىذا البياف‬

‫‪ 1‬زىَتة مزارة‪ " ،‬ا‪ٟ‬تراؾ الشعيب ما بعد الربيع العريب‪ :‬بُت مطالب التغيَت ا‪ٞ‬تذري للنظاـ واستكماؿ عملية البناء الدٯتقراطي ( ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬السوداف‬
‫أ‪٪‬توذجا)"‪ ،‬مجلة الفكر القانوني والسياسي‪ ،‬مج ‪ ،04‬ع ‪.344 ،2020 ،02‬‬
‫‪ 2‬فاطيمة سايح‪ " ،‬دور الفساد ا‪١‬تإب واإلداري ُب انبثاؽ ا‪ٟ‬تراؾ الشعيب ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬دراسة عينة من ا‪١‬تشاركُت ُب ا‪ٟ‬تراؾ الشعيب"‪ ،‬مجلة‬
‫التكامل االقتصادي‪ ،‬مج ‪ ،07‬ع ‪ ،03‬سبتمرب ‪ ،2019‬ص ص‪.36 ،35 ،‬‬

‫‪313‬‬
‫وا‪١‬ترحلة االنتقالية ببحيث اعتربىا أغلب ا‪ٟ‬تراكيُت قرارات لبللتفاؼ على مطالب ا‪ٟ‬تراؾ وضماف انتقاؿ‬
‫‪1‬‬
‫سلس للسلطة‪.‬‬

‫واستمرت ا‪١‬تسَتات الرافضة إلجراء االنتخابات دوف تغيَت جذري و‪٤‬تاسبة العصابة الفاسدة‪ ،‬ونظرا‬

‫لتضارب األراء حوؿ ا‪ٟ‬تل األمثل للخروج من األزمة ُب ظل غلق كل سبل ا‪ٟ‬توار بُت ا‪ٟ‬تراؾ والنخب‬

‫ا‪ٟ‬تاكمة ًب اللجوء إٔب تفعيل ا‪١‬تادة ‪ 102‬من الدستور وتنظيم انتخابات رئاسية ترشح ‪٢‬تا ‪ٜ‬تسة شخصيات‬

‫ىي علي بن فليس وعبد اجمليد تبوف وعز الدين ميهويب وعبد القادر بن قرينة وعبد العزيز بلعيد‪ ،‬وألهنا‬

‫شخصيات من النظاـ السابق فقد قوبلت بالرفض من طرؼ الشعب الذي قررت غالبيتو مقاطعة‬

‫االنتخابات حيث ٓب تتجاوز نسب ا‪١‬تشاركة ُب أغلب الواليات ‪ %05‬بل ٓب تتعدى ‪ُ %04‬ب منطقة‬
‫‪2‬‬
‫القبائل‪ ،‬وحصل عبد اجمليد تبوف على أعلى نسبة ونصب رئيسا للجمهورية‪.‬‬

‫ونستنتج ُب األخَت أف النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري يعاين من أزمة الشرعية بسبب عدة عوامل منها سياسية‬

‫واقتصادية واجتماعية وثقافية‪ ،‬وقد عمل منذ االستقبلؿ على تنويع مصادر شرعيتو اليت ٘تكنو من بناء‬

‫جسر الثقة مع ا‪١‬تواطن‪ ،‬فاعتمد على الشرعية التارٮتية والثورية‪ ،‬وعلى الشرعية الدستورية‪ ،‬وشرعية األداء‬

‫االقتصادي‪ ،‬وحىت شرعية اإل‪٧‬تاز على مستوى سياستو ا‪٠‬تارجية‪ ،‬لكن رغم ذلك بقي يتخبط ُب أزمة‬

‫شرعية تعمقت أكثر ُب ظل االنتشار الرىيب للفساد الذي أثر على أداء ا‪١‬تؤسسات بكل أنواعها خاصة‬

‫منها ا‪١‬تؤسسات اإلدارية‪ ،‬وىو األمر الذي جعل ا‪١‬تواطن ينتفض وينتقل من ا‪١‬تطالبة ٔتطالب اقتصادية‬

‫اجتماعية إٔب ا‪١‬تطالبة بإسقاط النظاـ ككل‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مداخل ترشيد البيروقراطية لتدعيم الممارسة الديمقراطية‪.‬‬

‫‪٤ 1‬تمود ‪ٚ‬تاؿ عبد العاؿ‪ ،‬حراؾ ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬األطراؼ الفاعلة ومواقفها والسيناريوىات احملتملة‪ ،‬ا‪١‬تركز العريب للبحوث والدراسات‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪-https://www.acrseg.org‬‬
‫‪ 2‬زىَتة مزارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.345 ،344‬‬

‫‪314‬‬
‫إف تعقد مهاـ ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر وتعدد مهامو ومشوليتها لكل ‪٣‬تاالت تنظيم الشأف العاـ ُب‬

‫ظل ضعف ا‪١‬تؤسسات التمثيلية جعل من البَتوقراطية تعزز حالة عدـ الرضا وتكرس صعوبة التأقلم مع‬

‫التغيَت‪٦ ،‬تا جعل من اإلصبلح أمرا ضروريا بدت معا‪١‬تو من خبلؿ ‪ٚ‬تلة من اإلصبلحات اليت تبناىا النظاـ‬

‫السياسي ا‪ٞ‬تزائري بغية ٖتقيق تغيَتات جوىرية ُب ا‪١‬تنظومة ا‪١‬تؤسسية بالشكل الذي ‪٬‬تعل من اإلدارة ‪٤‬تور‬

‫التغيَت واألداة الرئيسية لذلك‪ ،‬وتعددت مداخل اإلصبلح بُت اإلصبلح اإلداري وتطبيق اإلدارة اإللكًتونية‬

‫وتكريس ا‪ٟ‬تكم الراشد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مدخل اإلصالح اإلداري‪.‬‬

‫تشكل اإلدارة العامة واجهة الدولة والوسيط الرئيسي بُت ا‪١‬تواطن والنظاـ السياسي‪٢ ،‬تذا تركز الدوؿ على‬

‫إصبلحها كمدخل لًتشيد العمل ا‪ٟ‬تكومي وا‪١‬تنظومة اإلدارية‪ ،‬وىو ما يعزز كفاءة األجهزة اإلدارية ويقود‬

‫إٔب تنمية شاملة ُب كل اجملاالت‪.‬‬

‫ويعرب اإلصبلح اإلداري عن تلك اجملهودات ذات اإلعداد ا‪٠‬تاص اليت هتدؼ إٔب إدخاؿ تغيَتات‬

‫أساسية ُب أنظمة اإلدارة العامة من خبلؿ وضع معايَت لتحسُت واحد أو أكثر من عناصره الرئيسية‬

‫كا‪٢‬تياكل اإلدارية واألفراد واإلجراءات‪ ،‬كما يعرؼ على أنو عملية تكييف دائمة ومستمرة للبٌت اإلدارية ُب‬

‫ظل الظروؼ السياسية واالجتماعية والقانونية القائمة‪ٔ ،‬تا يكفل ٖتسُت مستويات أداء العملية اإلدارية‬

‫ورفع كفاءة النظم اإلدارية القائمة من خبلؿ تغيَت ا‪١‬تعتقدات واالٕتاىات والقيم والبيئة التنظيمية لؤلجهزة‬

‫اإلدارية وجعلها أكثر مبلئمة مع التطور التكنولوجي ا‪ٟ‬تديث وٖتديات السوؽ‪ ،‬وإحداث نقلة نوعية ُب‬
‫‪1‬‬
‫‪٣‬تاؿ تقدًن ا‪٠‬تدمات العمومية مع تقليص التكاليف‪.‬‬

‫‪ 1‬أمينة بديار‪" ،‬اإلصبلح اإلداري للمرفق العاـ ُب ا‪ٞ‬تزائر بُت الواقع واآلفاؽ"‪ ،‬المجلة الجزائرية للمالية العامة‪ ،‬ع ‪ ،2017 ،07‬ص ص‬
‫‪.172 ،171‬‬

‫‪315‬‬
‫وقد بذلت ا‪ٞ‬تزائر جهودا معتربة هبدؼ إصبلح اإلدارة العامة مركزيا و‪٤‬تليا والرفع من أداء ا‪ٞ‬تهاز اإلداري‬

‫وتقريبو من ا‪١‬تواطن و‪٤‬تاربة كل ا‪١‬تظاىر السلبية للبَتوقراطية‪ ،‬معتمدة ُب ذلك على إعادة ىيكلة األجهزة‬

‫اإلدارية ا‪١‬تركزية وٖتديد مهامها‪ ،‬إضافة إٔب االىتماـ بالوظيف العمومي باعتبار ا‪١‬تورد البشري احملور‬

‫األساسي ُب أي إصبلح‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إصالح جهاز اإلدارة العمومية‪.‬‬

‫إف من أساسيات ‪٧‬تاح العمل اإلداري ٖتديد األدوار وتوزيع االختصاصات بُت أجهزة اإلدارة العمومية‬

‫‪٦‬تا يعٍت تفرغ األجهزة اإلدارية ُب العاصمة لينحصر دورىا وعملها ُب رسم السياسات العامة ووضع ا‪٠‬تطط‬

‫واإلشراؼ على تنفيذ الربامج ومتابعتها بشكل مستمر‪ ،‬كما أف األجهزة ا‪١‬تركزية ُب الوزارات ‪٬‬تب أف تقتصر‬

‫على النخبة من ا‪٠‬ترباء واالستشاريُت‪ ،‬وىذا ما ينجم عنو التخفيف من ظاىرة التضخم والًتىل اإلداري‬

‫الذي تعاين منو معظم مراكز الوزارات من حيث العدد والنوع إٔب ا‪١‬تستوى الذي تتطلبو االحتياجات‬

‫ا‪ٟ‬تقيقية ‪٢‬تذه ا‪١‬تراكز ‪٦‬تا يقلل من كلفة تسيَت الدواليب اإلدارية وا‪ٟ‬تد من تدخل اإلداريُت ُب كل صغَتة‬
‫‪1‬‬
‫وكبَتة‪.‬‬

‫وبالنسبة للهياكل واإلجراءات التنظيمية ُب ا‪ٞ‬تزائر فهي ضرورة أملتها ظروؼ ا‪١‬ترحلة االشًتاكية واليت‬

‫سقطت ُب فخ النمطية‪٦ ،‬تا ساىم ُب بروز مظاىر التسيب ُب ‪٥‬تتلف ا‪٢‬تياكل واألجهزة اإلدارية‪ ،‬وعليو فقد‬

‫عرفت اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية سلسلة من اإلصبلحات منذ الثمانينات وكاف للملف ا‪١‬تقدـ جمللس الوزراء بتاريخ‬

‫‪ 25‬نوفمرب ‪ 1987‬ا‪١‬تعنوف " البَتوقراطية مظاىر ورىانات" دورا كبَتا ُب ٖتديد أعراض مرض البَتوقراطية‬

‫ُب اإلدارة العمومية ا‪ٞ‬تزائرية‪ 2،‬وأعقبت ىذا ا‪١‬تلف صدور إصبلحات إدارية ركزت على ٖتسُت العبلقة بُت‬

‫اإلدارة وا‪١‬تواطن لضماف حيادىا وعصرنتها‪ ،‬أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ 1‬رضواف العنيب بن علي‪ ،‬البيروقراطية اإلدارية ومسألة التقويم التنظيمي‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬الدار ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،2015 ،‬ص ص ‪.358 ،357‬‬
‫‪ 2‬أمينة بديار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.173 ،172‬‬

‫‪316‬‬
‫‪ -‬تعيُت وزير منتدب لدى وزير الداخلية سنة ‪ 1994‬مكلف با‪ٞ‬تماعات احمللية واإلصبلح اإلداري والذي‬

‫عوض سنة ‪ 1996‬بوزير منتدب لدى رئيس ا‪ٟ‬تكومة مكلف باإلصبلح اإلداري والوظيف العمومي‪.‬‬

‫‪ -‬صدور مرسوـ رئاسي رقم ‪ 113-96‬ا‪١‬تؤرخ ُب ‪ 23‬مارس ‪ 1996‬وا‪١‬تتضمن إنشاء وسيط ا‪ٞ‬تمهورية‬

‫الذي جاء نتيجة الطلبات ا‪١‬تستمرة للمواطن حوؿ ضرورة ٖتسُت األداء‪.‬‬

‫‪ -‬تشكيل ‪ٞ‬تنة إصبلح ىياكل الدولة ٔتوجب ا‪١‬ترسوـ الرئاسي رقم ‪ 372‬ا‪١‬تؤرخ ُب ‪ 22‬نوفمرب ‪2000‬‬

‫وا‪١‬تتضمن إحداث ‪ٞ‬تنة إصبلح ىياكل الدولة ومهامها تتؤب إعادة النظر ُب أ‪٪‬تاط إصبلح ىياكل الدولة‬

‫واقًتاح حلوؿ ناجحة للمنظومة اإلدارية والقانونية‪ 1،‬واليت قامت بتقييم كافة جوانب تنظيم الدولة وسَتىا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫من خبلؿ‪:‬‬

‫‪ -‬دراسة مهاـ اإلدارات ا‪١‬تركزية للدولة وىياكلها‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة ا‪ٞ‬توانب ا‪١‬تتعلقة بتنظيم وسَت ا‪ٞ‬تماعات واإلدارات احمللية‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة طبيعة ا‪١‬تؤسسات العمومية ا‪١‬تكلفة با‪٠‬تدمة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة صياغة كافة القوانُت ا‪١‬تتعلقة بأعواف الدولة‪.‬‬

‫‪-‬إنشاء ا‪١‬تديرية العامة لئلصبلح اإلداري ٔتوجب ا‪١‬ترسوـ رقم ‪ 192‬ا‪١‬تؤرخ ُب ‪ 28‬أفريل ‪ 2003‬الذي‬

‫حدد مهاـ ا‪١‬تديرية وتنظيمها الداخلي‪ ،‬واليت تتمثل مهمتها ُب اقًتاح عناصر السياسة الوطنية ُب ‪٣‬تاؿ‬

‫اإلصبلح اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬استحداث ا‪٢‬تيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحتو ُب ‪ٔ 2006‬توجب القانوف ‪ 01-06‬والذي‬

‫أكد على الشفافية والنزاىة وا‪ٞ‬تدارة ُب التوظيف‪.‬‬

‫‪ 1‬فاطمة الزىراء فَتـ‪" ،‬اإلصبلح اإلداري ودوره ُب ٖتسُت األداء الوظيفي"‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية‪٣ ،‬تلد ‪ ،11‬العدد ‪ ،01‬ص‬
‫ص ‪.27 ،26‬‬
‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 372-2222‬يتضمن إحداث لجنة إصالح ىياكل الدولة ومهامها‪،‬‬
‫ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،71‬الصادرة ُب ‪ 26‬نوفمرب ‪ ،2000‬ا‪١‬تادة ‪.02‬‬

‫‪317‬‬
‫‪ -‬مراجعة قانوف الوظيفة العمومية ُب ‪ 2006‬والذي ‪ٙ‬تن ا‪١‬توارد البشرية‪ ،‬وإعادة النظر ُب حقوؽ وواجبات‬

‫أعواف الدولة وٖتديث مناىج إدارة األفراد ٔتا يتبلءـ مع الدور ا‪ٞ‬تديد للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬تأكيد الربنامج ا‪٠‬تماسي ‪ 2014-2010‬على التكفل األفضل باحتياجات ا‪١‬توطنُت وضرورة سهر‬
‫‪1‬‬
‫اإلدارة العمومية على تقدًن خدمة عمومية ذات نوعية جيدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إصالح الوظيف العمومي‪.‬‬

‫يعد إصدار قانوف الوظيف العمومي ‪ 203-06‬من أىم اإلجراءات اليت تبنتها ا‪ٞ‬تزائر ُب إطار إصبلح‬

‫اإلدارة ‪١‬تا ٭تملو ىذا القانوف من مبادئ عصرية ومتكيفة مع االعتبارات السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪3‬‬
‫اليت رافقت عملية التحوؿ ‪٨‬تو التعددية السياسية واالنفتاح االقتصادي‪ ،‬حيث ىدؼ ىذا القانوف إٔب‪:‬‬

‫‪ -‬تكييف مهاـ الوظيفة العمومية مع الدور ا‪ٞ‬تديد للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬ضماف وحدوية قطاع الوظيف العمومي وانسجامو الكلي باعتباره ٕتسيدا للدولة ا‪١‬تستخدمة‪.‬‬

‫‪ -‬التشجيع على قياـ إدارة ‪٤‬تايدة وناجعة وقادرة على االستجابة لتطلعات ا‪١‬تواطنُت والتطور مع ‪٤‬تيطها‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير عملية تسيَت ا‪١‬توارد البشرية ُب الوظيفة العمومية ووضع منظومة تكوين مند‪٣‬تة‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة تركيز ‪٥‬تتلف أسبلؾ ا‪١‬توظفُت حوؿ مهامها ا‪ٟ‬تقيقية ا‪١‬تتعلقة با‪١‬ترفق العاـ والسلطة العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز أطر التشاور وا‪ٟ‬توار داخل قطاع الوظيف العمومي‪.‬‬

‫‪ -‬ضماف ا‪١‬تساواة ُب ا‪ٟ‬تقوؽ والواجبات بُت ا‪١‬توظفُت‪.‬‬

‫‪ 1‬فاطمة الزىراء فَتـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬


‫‪ 2‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬أمر رقم ‪ 23-26‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪،46‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 16‬يوليو ‪.2006‬‬
‫‪ 3‬رشيد حباين‪ ،‬دليل الموظف والوظيفة العمومية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار النجاح‪ ،2012 ،‬ص ص ‪.15 ،14‬‬

‫‪318‬‬
‫كما احتلت سياسة التكوين أ‪٫‬تية بالغة ‪١‬تا ‪٢‬تا من دور ُب االستثمار ُب ا‪١‬تورد البشري حيث فرض على‬

‫اإلدارة تنظيم دورات تكوين وٖتسُت ا‪١‬تستوى بصفة دائمة لتجديد ا‪١‬تعارؼ وتكييفها وفق متطلبات الوظيفة‬

‫خبلؿ ا‪١‬تسار ا‪١‬تهٍت لكل ا‪١‬توظفُت على مستوى كل األسبلؾ والرتب‪ 1،‬وكاف االىتماـ هبذه العملية منذ‬

‫االستقبلؿ أين شرعت الدولة ُب إنشاء ا‪١‬تدارس منها ا‪١‬تدرسة الوطنية لئلدارة ُب جواف ‪ 1964‬ومراكز‬

‫التكوين اإلداري على مستوى ‪ 31‬والية بُت ‪ 1966‬و‪ 1975‬ومراكز التكوين شبو الطيب وا‪ٞ‬تمارؾ‬

‫والفبلحة واألشغاؿ العمومية‪ 2،‬كما ًب تعزيز التكوين من خبلؿ عدة مراسيم أ‪٫‬تها ا‪١‬ترسوـ ‪52-69‬‬

‫ا‪١‬تؤرخ ُب ‪ 12‬ماي ‪ 1969‬وا‪١‬ترسوـ ‪ 59-85‬ا‪١‬تؤرخ ُب ‪ 23‬مارس ‪ ،1985‬وا‪١‬ترسوـ ‪ 92-96‬ا‪١‬تؤرخ‬


‫‪3‬‬
‫ُب ‪ 12‬مارس ‪.1996‬‬

‫كما أنو مع صدور قانوف ‪ 03-06‬عاد اجمللس األعلى للوظيفة العمومية للظهور‪ ،‬علما أف القانوف‬

‫األساسي العاـ للوظيفة العمومية لسنة ‪ 1966‬كاف قد نص على اجمللس األعلى للوظيفة العمومية كأعلى‬

‫ىيئة استشارية تعمل على ٖتقيق التوازف بُت مقتضيات اإلدارة وا‪١‬تصاّب الفردية للموظف وأنيطت رئاستو‬

‫لرئيس ا‪ٟ‬تكومة أو الوزير ا‪١‬تكلف بالوظيفة العمومية‪ ،‬غَت أف ىذه ا‪٢‬تيئة ٓب يشر إليها ُب القانوف األساسي‬

‫النموذجي لعماؿ اإلدارات وا‪١‬تؤسسات لعاـ ‪ُ 1985‬ب مسعى إٔب تكريس فلسفة عآب الشغل ا‪١‬توحد‬

‫والقضاء على خصوصية قطاع الوظيفة العمومية‪ ،‬وهبذا بأف ىذه ا‪٢‬تيئة االستشارية ا‪٢‬تامة ٓب يكتب ‪٢‬تا أف‬

‫ترى النور طيلة مراحل بناء الوظيفة العمومية ُب ا‪ٞ‬تزائر من ‪ 1966‬إٔب ‪ 4،2006‬حيث نص قانوف‬

‫‪ 1‬أمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.104‬‬
‫‪ 2‬ىامشي خرُب‪ ،‬الوظيفة العمومية على ضوء التشريعات الجزائرية وبعض التجارب األجنبية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار ىومة‪ ،2010 ،‬ص‪.152 .‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.153-152 .‬‬
‫‪ 4‬سعيد مقدـ‪ ،‬الوظيفة العمومية بين التطور والتحول من مظور تسيير الموارد البشرية وأخالقيات المهنة‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات‬
‫ا‪ٞ‬تامعية‪ ،2010 ،‬ص ‪.369‬‬

‫‪319‬‬
‫الوظيفة العمومية ‪ 03-06‬على أنو تنشأ ىيئة للتشاور تسمى اجمللس األعلى للوظيفة العمومية‪ ،‬وتكلف‬
‫‪1‬‬
‫ٔتا يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ضبط احملاور الكربى لسياسة ا‪ٟ‬تكومة ُب ‪٣‬تاؿ الوظيفة العامة‪.‬‬

‫‪ٖ -‬تديد سياسة تكوين ا‪١‬توظفُت وٖتسُت مستواىم‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة وضعية التشغيل ُب ا‪ٞ‬تزائر والسهر على احًتاـ قواعد أخبلقيات الوظيفة العمومية واقًتاح كل‬

‫تدبَت من شأنو ترقية ثقافة ا‪١‬ترفق العاـ‪.‬‬

‫كما ًب تكريس أخبلقيات ا‪١‬تهنة ا‪١‬ترتبطة بالصاّب العاـ منها االلتزاـ بالنزاىة واالستقامة واليت تتجسد ُب‬

‫عدـ التفريط ُب ا‪١‬تصلحة العامة ورفض االبتزاز والرشوة‪ ،‬واحًتاـ مبدأ االلتحاؽ بالوظائف العمومية وعدـ‬
‫‪2‬‬
‫االختبلس وٖتويل األمبلؾ العامة ومساواة ا‪١‬تًتشحُت ُب الصفقات العمومة‪.‬‬

‫باإلضافة إٔب اٗتاذ ‪٣‬تموعة من التدابَت الوقائية ُب القطاع العاـ وا‪١‬تتمثلة ُب‪:‬‬

‫‪ -‬وجوب مراعاة اإلجراءات ا‪١‬تناسبة الختيار وتكوين األفراد لتوٕب ا‪١‬تناصب العمومية‪ ،‬وكذا مراعاة مبادئ‬
‫‪3‬‬
‫النجاعة والشفافية وا‪ٞ‬تدارة ُب التوظيف‪.‬‬

‫‪ -‬إلزاـ ا‪١‬توظف العمومي بالتصريح ٔتمتلكاتو قصد ضماف الشفافية ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية والشؤوف العامة‬
‫‪4‬‬
‫و‪ٛ‬تاية ا‪١‬تمتلكات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬وضع مدونات وقواعد سلوكية ٖتدد اإلطار الذي يضمن األداء السليم والنزيو وذلك من أجل دعم‬
‫‪5‬‬
‫مكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪ 1‬أمر رقم ‪ 03-06‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.59‬‬
‫‪ 2‬سعيد مقدـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 22-26‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،14‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 08‬مارس ‪ ،2006‬ا‪١‬تادة ‪.02‬‬
‫‪ 4‬قانوف رقم ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.04‬‬
‫‪ 5‬قانوف رقم ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.07‬‬

‫‪311‬‬
‫‪ -‬التزاـ ا‪١‬تؤسسات واإلدارات وا‪٢‬تيئات العمومية باعتماد إجراءات ٘تكُت ا‪ٞ‬تمهور من ا‪ٟ‬تصوؿ على‬

‫معلومات تتعلق بتنظيمها وسَتىا وتبسيط اإلجراءات اإلدارية والرد على عرائض وشكاوى ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬وذلك‬
‫‪1‬‬
‫ُب إطار إضفاء الشفافية على كيفية تسيَت الشؤوف العمومية‪.‬‬

‫إف جل ىذه اإلصبلحات اليت تبنتها ا‪ٞ‬تزائر كانت هتدؼ باألساس إٔب إصبلح القطاع اإلداري عضويا‬

‫ووظيفيا و‪٤‬تاربة الفساد وكل مظاىر البَتوقراطية وىذا ُب إطار التحوؿ ‪٨‬تو ما يسمى التسيَت العمومي‬

‫ا‪ٞ‬تديد‪ 2،‬كنموذج لعمل ا‪ٟ‬تكومة بشكل أفضل وإلصبلح اإلدارة العامة‪ ،‬وكمجموعة من ا‪١‬تقاربات‬

‫والتقنيات اإلدارية ا‪٠‬تاصة اليت يتم استخدامها ُب القطاع ا‪٠‬تاص واليت تستهدؼ إصبلح القطاع العاـ‪،‬‬

‫واالنتقاؿ من النموذج البَتوقراطي (التسلسل ا‪٢‬ترمي والرقابة) إٔب ‪٪‬توذج ما بعد البَتوقراطية (الدعم‬
‫‪3‬‬
‫واالبتكار)‪.‬‬

‫فن خبلؿ ىذا النمط التسَتي يكوف التغيَت ُب اإلدارة العامة ا‪١‬تسَتة بشكل مركزي بزيادة شفافيتها من‬

‫خبلؿ تطوير الصيغة التعاقدية بُت اإلدارات والوزراء وزيادة درجة ا‪١‬تساءلة وتطوير نظم اإلدارة القائمة على‬

‫األداء وإعطاء األولوية للشفافية من خبلؿ الفصل بُت التدخل السياسي واإلداري وتطوير المركزية الرقابة‬
‫‪4‬‬
‫ا‪١‬تالية‪.‬‬

‫وعليو فا‪ٞ‬تزائر ال تزاؿ ٖتتاج إٔب خطط واسًتاتيجيات فاعلة ُب ‪٣‬تاؿ اإلصبلح اإلداري والذي ‪٬‬تب أف‬

‫يتم الًتكيز فيو على أ‪٫‬تية ا‪١‬تورد البشري وإعادة النظر ُب نظاـ ا‪١‬تركزية الشديدة وما يتبعها من وصاية معيقة‬

‫‪ 1‬قانوف رقم ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.11‬‬


‫‪ 2‬يرجع معظم طبلب اإلصبلح ا‪ٟ‬تكومي الفضل ُب بدأ حركة التسيَت العمومي ا‪ٞ‬تديد إٔب مارغرريت تيشر ‪Margaret Thatcher‬‬
‫اليت اعتلت منصبها ُب بريطانيا عاـ ‪ 1979‬بعدما أدارت ‪ٛ‬تلة انتخابية أصبحت فيها ا‪٠‬تدمة ا‪١‬تدنية مادة للحوار السياسي حىت اآلف‪ٍ ،‬ب‬
‫انتخاب ريغن ُب الواليات ا‪١‬تتحدة األمريكية سنة ‪ 1980‬وميلربوين ‪ Mulbroney‬سنة ‪ 1984‬اللذاف قادا ‪ٛ‬تلة شرسة ضد البَتوقراطية‪.‬‬
‫‪3‬طارؽ عشور‪ " ،‬مقاربة التسيَت العمومي ا‪ٞ‬تديد كللية لتدعيم وتعزيز تنافسية وكفاءة ا‪١‬تنظمات ا‪ٟ‬تكومية"‪ ،‬مجلة أداء المؤسسات الجزائرية‪،‬‬
‫ع ‪ ،2012-2011 ،01‬ص ‪.111‬نافية‬
‫‪ 4‬شريفة رفاع‪" ،‬نظرية اإلدارة العامة ا‪ٟ‬تديثة ودورىا ُب معا‪ٞ‬تة إشكالية إدماج مفهوـ األداء ُب ا‪٠‬تدمة العمومية"‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬عدد ‪،06‬‬
‫‪ .2008‬ص‪.110 .‬‬

‫‪311‬‬
‫لربامج ال تنمية‪ ،‬إضافة إٔب الًتكيز على ٖتديد ا‪١‬تهاـ بدقة وا‪٢‬تدؼ منها‪ ،‬والفصل ُب إشكالية العبلقة بُت ما‬

‫ىو إداري وما ىو سياسي وتكريس حياد اإلدارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إصالح اإلدارة المحلية وتعزيز الديمقراطية التشاركية‪.‬‬

‫تعترب اإلدارة احمللية صورة من صور التسيَت الذاٌب ووسيلة فعالة إلشراؾ أفراد الشعب ا‪١‬تنتخبُت ُب ‪٦‬تارسة‬

‫السلطة‪ ،‬وىي عبلمة من عبلمات دٯتقراطية نظاـ ا‪ٟ‬تكم ُب الدولة‪.‬‬

‫وتعد مسألة التوفيق بُت ا‪١‬تركزية الشديدة اليت تتطلبها قيادة العمل التنموي وقضية توسيع قاعدة ا‪١‬تشاركة‬

‫ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية من خبلؿ ا‪١‬تؤسسات احمللية من أىم التحديات اليت واجهت ‪٪‬تط ا‪ٟ‬تكم ُب ا‪ٞ‬تزائر واليت‬

‫كاف ‪٢‬تا نتائج عكسية على الدٯتقراطية وا‪١‬تشروع التنموي ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬حيث فشل التوفيق بُت ا‪١‬تركزية ُب‬

‫قيادة اجملتمع والبلمركزية ُب ا‪ٟ‬تقل اإلداري كاف وراء عملية إجهاض ا‪١‬تشروع التنموي‪.‬‬

‫لقد بدأت إجراءات البلمركزية بعد سنتُت من والدة النظاـ ا‪ٞ‬تديد بإصدار قانوف البلدية ُب ‪ 18‬جانفي‬

‫‪ٍ 1967‬ب قانوف الوالية ُب ‪ 23‬ماي ‪ 1969‬كخطوة أولية لفرض ‪٪‬تط جديد من الدٯتقراطية ا‪١‬تركزية‬

‫يستند إٔب أسلوب التنظيم ا‪٢‬ترمي للسلطة القاعدية‪1،‬ورغم الصبلحيات اليت أعطيت للمجالس ا‪١‬تنتخبة ُب‬

‫ىذه القوانُت ُب إطار التصور االشًتاكي للحكم إال أهنا كانت ‪٣‬تردة من أي سلطة‪ْ ،‬تيث كاف ا‪١‬تنتخبوف‬

‫ْتكم تبعية ‪٣‬تالسهم ‪١‬تصاّب الدولة ماليا وتقنيا يظهروف بوصفهم مفوضُت عن السلطة ا‪١‬تركزية أكثر منهم‬

‫مركزا مستقبل الٗتاذ القرار‪ ،‬خاصة بعد صدور دستور ‪ 1976‬الذي أمعن ُب تكريس الشمولية وا‪١‬تركزية‬
‫‪2‬‬
‫بًتكيزه لكل السلطات ُب يد رئيس ا‪ٞ‬تمهورية ووصف السلطات الثبلث ُب الدولة بالوظائف‪.‬‬

‫‪ 1‬نور الدين زماـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.121 ،120‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪312‬‬
‫ومع تفاقم أزمات النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري منها التخلف اإلداري بكل مظاىره قامت السلطات‬

‫ا‪ٟ‬تاكمة بإدخاؿ إصبلحات إدارية لتحديث اإلدارة وتكيفيها ىيكليا وبشريا وتشريعيا وماديا ٔتا يضمن‬

‫الفعالية والسرعة ُب األداء‪ ،‬وتعترب البلمركزية ومبدأ االنتخاب لتمثيل اإلرادة الشعبية من أىم اإلصبلحات‬

‫اليت تبناىا دستور ‪ 1989‬حيث اعتربت ا‪١‬تادة ‪ 16‬منو أف اجمللس ا‪١‬تنتخب قاعدة البلمركزية ومكاف‬
‫‪1‬‬
‫مشاركة ا‪١‬تواطنُت ُب تسيَت الشؤوف العمومية وآلية القتساـ السلطات بُت ا‪ٞ‬تهاز ا‪١‬تركزي وا‪٢‬تيئات احمللية‪.‬‬

‫ومس اإلصبلح اإلداري اجملالس احمللية اليت تعرب عن إرادة الشعب وذلك من خبلؿ صدور قانوف البلدية‬

‫رقم ‪ 08-90‬الذي اعترب البلدية أداة لتجسيد الدٯتقراطية والتخلص من ا‪١‬تمارسات السابقة من رشوة‬

‫و‪٤‬تسوبية عن طريق الرقابة الشعبية واألحزاب السياسية‪ ،‬وكذا قانوف الوالية رقم ‪ 09-90‬الذي ىدؼ إٔب‬

‫التقليل من الوصاية والنظاـ ا‪١‬تركزي وتدعيم التمثيل الشعيب‪ ،‬غَت أف ىذه اإلصبلحات ٓب ٘تنح اجملالس‬

‫ا‪١‬تنتخبة الصبلحيات الواسعة والضرورية البلزمة لتأدية وظائفها ا‪ٟ‬تقيقة خاصة ُب ظل اإلبقاء على ا‪١‬تكانة‬
‫‪2‬‬
‫احملورية للوإب‪.‬‬

‫ومع التطورات السياسية واالقتصادية اليت عاشتها ا‪ٞ‬تزائر ُب ظل ا‪١‬ترحلة االنتقالية اليت تزامنت مع األزمة‬

‫األمنية عرؼ عمل اجملالس احمللية ا‪١‬تنتخبة عدة عراقيل وانسدادات أدت إٔب تقزًن مهامها مع تزايد ‪٦‬تارسة‬

‫الوصاية من قبل السلطة ا‪١‬تركزية‪.‬‬

‫وتزامنا مع ثورات الربيع العريب بادر النظاـ السياسي إٔب إجراء ‪ٚ‬تلة من اإلصبلحات من خبلؿ مراجعة‬

‫‪٣‬تموعة من القوانُت منها قانوف االنتخابات واألحزاب السياسية وقانوف اإلعبلـ وا‪ٞ‬تمعيات‪ ،‬وكذلك‬

‫القوانُت ا‪١‬تنظمة للجماعات احمللية‪ ،‬وُب ىذا اإلطار أشار رئيس ا‪ٞ‬تمهورية عبد العزيز بوتفليقة ُب خطاب لو‬

‫ألقاه بتاريخ ‪ 25‬أفريل ‪ 2011‬والذي شخص فيو تشخيصا عميقا لوضعية الببلد إٔب ذلك من خبلؿ قولو‬

‫‪1‬عبد النور ناجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.157-156‬‬

‫‪313‬‬
‫" ‪ُ.....‬ب إطار المركزية أوسع وأكثر ‪٧‬تاعة وحىت يصبح ا‪١‬تواطنوف طرفا ُب اٗتاذ القرارات اليت ٗتص حياهتم‬

‫اليومية وبيئتهم االقتصادية واالجتماعية والثقافية البد من مضاعفة صبلحيات اجملالس احمللية ا‪١‬تنتخبة‬

‫و٘تكينها من الوسائل البشرية وا‪١‬تادية البلزمة ‪١‬تمارسة اختصاصاهتا‪ ،"....‬و‪٢‬تذه الغاية ًب مراجعة قانوف‬
‫‪1‬‬
‫البلدية والوالية وإصدار كل من قانوف البلدية ‪ 10-11‬وقانوف الوالية ‪.07-12‬‬

‫فبالنسبة للبلدية اعتربهتا ا‪١‬تادة ‪ 01‬من قانوف البلدية ‪ 10-11‬أهنا ا‪ٞ‬تماعة اإلقليمية القاعدية للدولة‬

‫وىو نفس التعريف الذي ورد ُب القانوف ‪ ،08-90‬غَت أنو ُب إطار تفعيل الدٯتقراطية أضافت ا‪١‬تادة ‪02‬‬

‫على أهنا تشكل قاعدة البلمركزية ومكاف ‪٦‬تارسة ا‪١‬تواطنة وتشكل إطار مشاركة ا‪١‬تواطن ُب تسيَت الشؤوف‬

‫العمومية‪.‬‬

‫وا‪١‬تبلحظ أف قانوف البلدية ‪ 10-11‬قد خصص بابا كامبل لتحفيز ا‪١‬تواطن على ا‪١‬تشاركة ُب ٖتديد‬

‫أولوياتو وخياراتو ُب التنمية احمللية‪ ،‬ووضع ‪٣‬تموعة من التدابَت اليت من خبل‪٢‬تا يعمل اجمللس البلدي على‬

‫استشارة مواطنيو ُب القضايا اليت تعنيهم‪ ،‬حيث اعترب أف البلدية اإلطار ا‪١‬تؤسساٌب ‪١‬تمارسة الدٯتقراطية على‬

‫ا‪١‬تستوى احمللي والتسيَت ا‪ٞ‬تواري‪ ،‬وعلى اجمللس الشعيب الوطٍت أف يتخذ كل التدابَت إلعبلـ ا‪١‬تواطنُت‬

‫بشؤوهنم واستشارهتم حوؿ خيارات وأولويات التنمية من خبلؿ استعماؿ الوسائط والوسائل اإلعبلمية‬

‫ا‪١‬تتاحة‪ ،‬مع إمكانية تقدًن عرض من طرؼ اجمللس الشعيب البلدي عن نشاطو السنوي أماـ ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬كما‬

‫ألزـ اجمللس الشعيب البلدي بوضع إطار مبلئم للمبادرات احمللية لتحفيز ا‪١‬تواطنُت للمشاركة مع منح رئيس‬

‫اجمللس الشعيب البلدي إمكانية االستعانة بصفة استشارية بأي شخصية ‪٤‬تلية أو خبَت أو ‪٦‬تثل ‪ٚ‬تعية لتقدًن‬

‫‪ 1‬عمار بوضياؼ‪ ،‬شرح قانون الوالية ‪-‬القانون ‪ 27-22‬المؤرخ في ‪ 22‬فبراير ‪ .2222‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،2012 ،‬ص‬
‫ص ‪.127 ،126‬‬

‫‪314‬‬
‫مسا‪٫‬تة ألشغاؿ اجمللس وإعطاء حق االطبلع لكل شخص على مستخرجات مداوالت اجمللس الشعيب‬
‫‪1‬‬
‫البلدي وكذا القرارات البلدية وا‪ٟ‬تصوؿ على نسخة لكل شخص ذي مصلحة‪.‬‬

‫ورغم تركيز قانوف البلدية ا‪ٞ‬تديد على تكريس فكرة الدٯتقراطية التشاركية ‪٤‬تليا وٖتديده بدقة للعبلقة بُت‬

‫ىيئات البلدية وفق القانوف ا‪ٞ‬تديد ووضع حلوؿ للمشاكل اليت قد تعًتض اجملالس ُب حاؿ وجود انسداد‬

‫سياسي‪ ،‬إضافة إٔب إلغاء سحب الثقة من رئيس اجمللس الشعيب البلدي من طرؼ أعضائو ‪ٟ‬تمايتو من‬

‫أعضاء اجمللس الذين قد يتخذوف ىذا القرار العتبارات شخصية وسياسية وليس ‪١‬تصلحة البلدية‪ ،‬إال أف‬

‫تطبيقها على أرض الواقع ٓب يرؽ إٔب ذلك ا‪١‬تستوى ُب ظل غياب الثقافة السياسية التشاركية لدى النظاـ‬

‫السياسي ولدى ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬ونقص الوعي ا‪ٞ‬تماىَتي با‪١‬تمارسة الدٯتقراطية‪ ،‬أضف إٔب ذلك استمرار الوصاية‬

‫ا‪١‬تمارسة على اجملالس البلدية ا‪١‬تنتخبة من طرؼ السلطات ا‪١‬تركزية والوإب‪ ،‬خاصة مع تكريس رغبة السلطة‬

‫ا‪١‬تركزية ُب التواجد على مستوى البلدية من خبلؿ استحداث ىيئة األمُت العاـ من خبلؿ ا‪١‬تادة ‪ 15‬من‬

‫القانوف ‪ 10-11‬اليت تنص على أف البلدية تتكوف من اجمللس الشعيب البلدي كهيئة مداولة ورئيس اجمللس‬

‫الشعيب البلدي كهيئة تنفيذية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للوالية فقد عرفتها ا‪١‬تادة ‪ 01‬من قانوف الوالية ‪ 07-12‬على أهنا ا‪ٞ‬تماعة اإلقليمية للدولة‬

‫والدائرة اإلدارية غَت ا‪١‬تمركزة للدولة‪ ،‬وىي تشكل فضاءا لتنفيذ السياسات العمومية التضامنية والتشاورية‬

‫بُت ا‪ٞ‬تماعات اإلقليمية والدولة‪ ،‬وهبذا فالوالية تنظيم إداري تابع للدولة وجزء منها وفيها يتم تنفيذ‬

‫السياسات العمومية ‪٤‬تليا‪.‬‬

‫وا‪١‬تبلحظ أف قانوف الوالية ‪ٓ 07-12‬ب ٗتصص فيو مواد بعينها لتكريس الدٯتقراطية ُب ا‪ٟ‬تكم احمللي‬

‫مثل البلدية‪ ،‬وإ‪٪‬تا ٘تت اإلشارة فقط إٔب بعض آليات الشفافية من خبلؿ بعض ا‪١‬تواد‪ ،‬منها إلصاؽ جدوؿ‬

‫‪ 1‬قانوف رقم ‪ 10-11‬ا‪١‬تتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪١‬تواد ‪.14 ،13 ،12 ،11‬‬

‫‪315‬‬
‫أعماؿ الدورة عند مدخل قاعة ا‪١‬تداوالت وُب أماكن اإللصاؽ ا‪١‬تخصصة إلعبلـ ا‪ٞ‬تمهور والسيما‬

‫اإللكًتونية منها وُب مقر الوالية والبلديات التابعة ‪٢‬تا‪ ،‬وإعطاء حق لكل شخص لو مصلحة أف يطلع ُب‬

‫عُت ا‪١‬تكاف على ‪٤‬تاضر مداوالت اجمللس الشعيب الوالئي وا‪ٟ‬تصوؿ على نسخة كاملة أو جزئية منها‪ ،‬إضافة‬

‫إٔب إمكانية دعوة كل شخص من شأنو تقدًن معلومات مفيدة ألشغاؿ اللجنة ْتكم مؤىبلتو أو خربتو من‬

‫طرؼ ‪ٞ‬تاف اجمللس الشعيب الوالئي‪ 1،‬كما ًب تعزيز ىذه ا‪١‬تمارسات من خبلؿ التعديل الدستوري ‪2016‬‬

‫الذي نص من خبلؿ ا‪١‬تادة ‪ 17‬على أف اجملالس ا‪١‬تنتخبة احمللية تشكل قاعدة البلمركزية ومكاف مشاركة‬

‫ا‪١‬تواطنُت ُب تسيَت الشؤوف العمومية‪.‬‬

‫إف ا‪٢‬تدؼ من إصبلح نظاـ ا‪ٞ‬تماعات احمللية ىو زيادة فعالية ا‪١‬تنتخبُت على ا‪١‬تستوى احمللي ْتكم قرهبم‬

‫وعبلقتهم ا‪١‬تباشرة با‪١‬تواطن و٘تكينهم من تفعيل التنمية احمللية على كافة ا‪١‬تستويات‪ ،‬إضافة إٔب جعل ا‪١‬تواطن‬

‫جزءا من عملية صناعة القرار على ا‪١‬تستوى احمللي‪ ،‬غَت أف ٕتسيد اإلصبلحات على أرض الواقع والوصوؿ‬

‫إٔب تكريس الدٯتقراطية التشاركية ُب ا‪ٞ‬تزائر تكتنفو صعوبات ‪ٚ‬تة تتلخص ُب نظاـ الوصاية ا‪١‬تطبق على‬

‫اجملالس احمللية وعدـ فعالية اجملتمع ا‪١‬تدين كأىم آلية من آليات الدٯتقراطية التشاركية‪ ،‬ضف إٔب ذلك عدـ‬

‫فتح اجملاؿ أماـ ا‪١‬توطنُت لبلطبلع على ا‪١‬تداوالت والقرارات وىو ما ٭تتاج إٔب إعادة النظر ُب ‪٣‬تاؿ ا‪ٟ‬تريات‬

‫وا‪ٟ‬تقوؽ اليت تتيح ا‪١‬تشاركة ُب صنع السياسات العامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مدخل اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫يعد موضوع اإلدارة اإللكًتونية من ا‪١‬تواضيع ا‪١‬تعاصرة اليت تكتسي أ‪٫‬تية بالغة ُب الدراسات والبحوث‪،‬‬

‫وىي ظاىرة ارتبط ظهورىا وتطورىا بالتطور التكنولوجي العإب الذي عرفو العآب واالعتماد ا‪١‬تتنامي على‬

‫وسائل االتصاؿ ا‪ٟ‬تديثة وخاصة منها شبكات األنًتنت‪.‬‬

‫‪ 1‬قانوف رقم ‪ 07-12‬ا‪١‬تتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪١‬تواد ‪.36 ،32 ،18‬‬

‫‪316‬‬
‫وتكتسي اإلدارة اإللكًتونية أ‪٫‬تية بالنظر إٔب دورىا ُب زيادة كفاءة وفاعلية اإلدارة با‪١‬تفهوـ التقليدي‬

‫والعمل على ترشيدىا ْتيث يزيد تفاعلها مع مستخدميها‪ ،‬وُب ىذا اإلطار فإف ا‪ٞ‬تزائر وتأثرا منها ٔتتغَتات‬

‫البيئة احمليطة هبا واليت فرضتها عليها مسارات العو‪١‬تة على كل ا‪١‬تستويات وجدت نفسها ‪٣‬تربة على مسايرة‬

‫ىذا التطور‪ ،‬والتحوؿ من اإلدارة با‪١‬تفهوـ البَتوقراطي التقليدي إٔب اإلدارة با‪١‬تفهوـ اإللكًتوين الذي يرفع‬

‫من أداء األجهزة اإلد ارية و٭تقق التفاعل اإل‪٬‬تايب بينها وبُت ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬األمر الذي يوسع من آليات مشاركة‬

‫ا‪١‬تواطن ُب إدارة شؤونو ُب ظل ا‪١‬تشاركة الرقمية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬جهود الجزائر لتحقيق اإلدارة اإللكترونية‪.‬‬

‫تشَت اإلدارة اإللكًتونية بصفة عامة إٔب استغبلؿ اإلدارة لتكنولوجيا ا‪١‬تعلومات واالتصاالت لتدبَت‬

‫وٖتسُت وتطوير العمليات اإلدارية ا‪١‬تختلفة داخل ا‪١‬تنظمة‪ ،‬وقد عرفها السا‪١‬تي بأهنا "عملية ميكنة ‪ٚ‬تيع‬

‫مهاـ وأنشطة ا‪١‬تؤسسة اإلدارية باالعتماد على ‪ٚ‬تيع تقنيات ا‪١‬تعلومات الضرورية للوصوؿ إٔب ٖتقيق أىداؼ‬

‫اإلدارة ا‪ٞ‬تديدة ُب التقليل ُب استخداـ الورؽ وتبسيط اإلجراءات والقضاء على الروتُت واإل‪٧‬تاز السريع‬

‫والدقيق للمهاـ وا‪١‬تعامبلت لتكوين كل إدارة جاىزة لربطها مع ا‪ٟ‬تكومة اإللكًتونية الحقا"‪ 1،‬أي أف اإلدارة‬

‫اإللكًتونية وسيلة مهمة للتقليل من اإلجراءات اإلدارية والقضاء على البَتوقراطية ٔتفهومها ا‪ٞ‬تامد‪.‬‬

‫وٖتتاج اإلدارة اإللكًتونية إٔب هتيئة البيئة ا‪١‬تناسبة وا‪١‬تواتية لتنفيذىا‪ ،‬وذلك من خبلؿ توفَت ا‪١‬تتطلبات‬
‫‪2‬‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫فداء حامد‪ ،‬اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬األسس النظرية والتطبيقية‪ .‬األردف‪ :‬دار مكتبة الكندي للنشر والتوزيع‪ ،2015 ،‬ص ص‬
‫‪.203،204‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.227-224‬‬

‫‪317‬‬
‫‪ -‬البنية التحتية‪ :‬فاإلدارة اإللكًتونية تتطلب وجود مستوى عاؿ من البنية التحتية اليت تتضمن شبكة‬

‫حديثة لبلتصاالت والبيانات وبنية ٖتتية متطورة لبلتصاالت السلكية والبلسلكية قادرة على تأمُت التواصل‬

‫ونقل ا‪١‬تعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬توفَت الوسائل اإللكًتونية منها أجهزة احملموؿ وا‪٢‬تواتف‪.‬‬

‫‪ -‬توفر مزودي ا‪٠‬تدمة باألنًتنت مع توافر أسعار معقولة من أجل فتح اجملاؿ ألكرب عدد من ا‪١‬تواطنُت‬

‫للتفاعل‪.‬‬

‫‪ -‬التدريب وبناء القدرات من خبلؿ تدريب ا‪١‬توظفُت على طرؽ استعماؿ أجهزة الكمبيوتر وإدارة‬

‫الشبكات وقواعد البيانات مع االعتماد على مراكز تدريب متخصصة‪.‬‬

‫‪ -‬توافر مستوى مناسب من التمويل الذي ٯتكن ا‪ٟ‬تكومة من إجراء صيانة دورية وتدريب الكوادر‬

‫وا‪١‬توظفُت وا‪ٟ‬تفاظ على مستوى عاؿ من تقدًن ا‪٠‬تدمات‪.‬‬

‫‪ -‬وجود ا لتشريعات والنصوص القانونية اليت تسهل عمل اإلدارة اإللكًتونية وتضفي عليها الشرعية‬

‫وا‪١‬تصداقية‪.‬‬

‫‪-‬توفَت األمن اإللكًتوين والسرية اإللكًتونية على مستوى عاؿ من ‪ٛ‬تاية ا‪١‬تعلومات الوطنية والشخصية‬

‫وصوف األرشيف اإللكًتوين‪.‬‬

‫‪ -‬وضع خطة تسويقية ودعائية شاملة للًتويج الستخداـ اإلدارة اإللكًتونية وضرورة مشاركة ا‪١‬تواطنُت فيها‬

‫والتفاعل معها‪.‬‬

‫وتبقى اإلرادة ال سياسية لتجسيد كل ا‪١‬تشاريع ا‪١‬تتعلقة باإلدارة اإللكًتونية وتوفَت البيئة ا‪١‬تناسبة ‪٢‬تا قانونيا‬

‫وماديا من أىم ا‪١‬تتطلبات‪ ،‬وُب ىذا اإلطار فإف ا‪ٞ‬تزائر بذلت عدة جهود لبللتحاؽ بالعآب الرقمي وتكريس‬

‫معآب اإلدارة اإللكًتونية‪ ،‬وبدى ذلك من خبلؿ عدة إجراءات أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪318‬‬
‫‪.1‬إطبلؽ ا‪ٟ‬تكومة ا‪ٞ‬تزائرية سنة ‪١ 2008‬تشروع " مبادرة ا‪ٞ‬تزائر اإللكًتونية ‪ ،"2013‬حيث استحدثت‬

‫‪ٞ‬تنة ‪ٝ‬تيت اللجنة اإللكًتونية ٖتت وصاية ا‪ٟ‬تكومة كلفت بصياغة احملاور الكربى للمشروع‪ ،‬و٘تثلت احملاور‬

‫الكربى ُب عدة برامج منها برنامج التطوير اإلداري والتنفيذي والذي مشل تطوير أساليب العمل من‬
‫‪1‬‬
‫خبلؿ‪:‬‬

‫‪ -‬تسريع استخداـ تكنولوجيات اإلعبلـ واالتصاؿ ُب اإلدارة العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تسريع استخداـ اإلعبلـ واالتصاؿ ُب الشركات‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير آليات وحوافز استفادة ا‪١‬تواطنُت من ٕتهيزات وشبكات تكنولوجيات اإلعبلـ واالتصاؿ‪.‬‬

‫‪ -‬دع االقتصاد الرقمي‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز البنية األساسية لبلتصاالت ذات التدفق السريع‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير الكفاءات البشرية‪.‬‬

‫‪ -‬تدعيم البحث والتطوير واالبتكار‪.‬‬

‫‪ -‬ضبط مستوى اإلطار القانوين‪.‬‬

‫‪ -‬االعبلـ واالتصاؿ‪.‬‬

‫‪٘ -‬تكُت التعاوف الدوٕب‪.‬‬

‫‪ -‬آليات التقييم وا‪١‬تتابعة‪.‬‬

‫‪ -‬إجراءات تنظيمية‪.‬‬

‫‪ -‬الوسائل ا‪١‬تادية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد ا‪ٟ‬تكيم حطاطش‪ ،‬دور تطبيق ا‪ٟ‬تكومة اإللكًتونية ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب ٖتسُت إدارة العبلقة مع ا‪١‬تواطن ‪ ،CRM‬أطروحة دكتوراه‪ .‬جامعة‬
‫سطيف‪ :‬كلية العلوـ االقتصادية والتجارية وعلوـ التسيَت‪ .2018-2017 ،‬ص ص‪ .2216228 .‬أو‪ :‬ا‪ٟ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية‬
‫الشعبية‪ ،‬اللجنة‬

‫‪319‬‬
‫‪ٖ.2‬تديد ‪٤‬تاور عصرنة اإلدارة العمومية من طرؼ اللجنة اإللكًتونية‪ ،‬واليت تضم‪:‬‬

‫‪ -‬عصرنة اإلدارة من خبلؿ إدخاؿ تكنولوجيا اإلعبلـ واالتصاؿ‪ ،‬وتضم استكماؿ وإعداد قواعد البيانات‬

‫ووضع الربامج والتطبيقات ‪١‬تختلف ا‪١‬تهاـ وا‪٠‬تدمات‪.‬‬

‫‪ -‬تقريب اإلدارة من ا‪١‬تواطن عن طريق ا‪٠‬تدمات اإللكًتونية وتتمثل ُب إقامة شبكة بُت اإلدارات وا‪ٟ‬تكومة‬

‫تعتمد بنية ٖتتية لبلتصاالت ذات تدفق سريع‪ ،‬من خبلؿ إقامة ‪٥‬تطط توجيهي لئلدارة اإللكًتونية ووضع‬
‫‪1‬‬
‫معايَت مرجعية لنظم ا‪١‬تعلومات ُب اإلدارات العمومية بإقامة بوابة ا‪ٟ‬تكومة اإللكًتونية‪.‬‬

‫‪ .3‬تسريع استخداـ تكنولوجيات اإلعبلـ واالتصاؿ ُب اإلدارة العمومية السيما االنًتنت واليت تسمح‬

‫بإنشاء فضاء اتصاؿ يعتمد على المركزية ا‪١‬تعلومات‪.‬‬

‫‪.4‬التعاوف الدوٕب كربنامج ‪ MEDEA‬ما يسهم ُب ا‪١‬تشاركة الفعالة ُب ا‪ٟ‬توار وا‪١‬تبادالت الدولية وإقامة‬

‫شراكات اسًتاتيجية‪ ،‬حيث يعتمد على ا‪١‬تؤشرات للوصوؿ إٔب ا‪ٞ‬تزائر اإللكًتونية فيما بعد ‪،2013‬‬

‫والعمل على ٕتسيد االسًتاتيجيات الوطنية لتكنولوجيا اإلعبلـ واالتصاؿ‪.‬‬

‫‪.5‬إ‪٧‬تاح مشروع ا‪١‬تواطن اإللكًتوين بإطبلؽ وزارة الداخلية ‪١‬تشروع ا‪١‬تواطن االلكًتوين الذي ٮتتصر أرشيف‬

‫كل مواطن ُب رقم واحد يتبعو مدى ا‪ٟ‬تياة ٯتكنو من خبللو استخراج ‪ٚ‬تيع الوثائق اإلدارية وفق نظاـ‬

‫إلكًتوين يعمل على إصدار ‪٥‬تتلف الوثائق ُب مدة ال تتجاوز ‪ 20‬ثانية‪ ،‬كما عملت ا‪ٟ‬تكومة ا‪ٞ‬تزائرية على‬

‫تطبيق تكنولوجيا ا‪١‬تعلومات واالتصاؿ ُب مؤسساهتا لتحديث ا‪١‬تمارسة اإلدارية وربط ا‪٢‬تياكل اإلدارية بكل‬

‫القطاعات ا‪١‬تعنية ضمن نظاـ شبكي من خبلؿ رفع كفاية العاملُت باإلدارة العمومية انطبلقا من قطاعات‬
‫‪2‬‬
‫ا‪ٟ‬تكومة منها التعليم العإب‪ ،‬الًتبية‪ ،‬الصحة العمومية‪ ،‬العدالة‪ ،‬ا‪١‬تصارؼ وا‪١‬تالية‪.‬‬

‫‪ 1‬حطاطش عبد ا‪ٟ‬تكيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221 .‬‬


‫‪٤ 2‬تمد شايب‪٦" ،‬تدى ا‪ٞ‬تاىزية اإللكًتونية للحكومة ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،‬مؤشر االستخداـ التكنولوجي مثاال ( ‪ ،")2016 -2012‬المجلة الدولية‬
‫للمعلوماتية‪ ،‬مج ‪ ،05‬ع ‪ ،10‬جويلية ‪.2017‬‬

‫‪321‬‬
‫‪ .6‬تقدًن خدمات إلكًتونية ُب عدة ‪٣‬تاالت أ‪٫‬تها قطاع الربيد وا‪١‬توصبلت من خبلؿ السحب اآلٕب‬

‫لؤلمواؿ والبطاقة الذىبية للدفع اإللكًتوين‪ ،‬إضافة إٔب خدمات إلكًتونية ُب قطاع التعليم وكذا قطاع‬

‫الضماف االجتماعي وكذا قطاع العدالة وقطاع التجارة‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫غَت أف ا‪ٞ‬تزائر كبقية الدوؿ النامية تواجو فيها تطبيق اإلدارة اإللكًتونية عدة عراقيل‪ ،‬أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ -‬عجز قطاع الربيد واالتصاؿ ُب تلبية طلبات الزبائن على إيصاؿ ا‪٢‬تاتف كقناة مهمة من قنوات االتصاؿ‬

‫باألنًتنت‪.‬‬

‫‪ -‬التأخَت ُب استكماؿ البنية التحتية لبلتصاالت‪.‬‬

‫‪٤ -‬تدودية انتشار واستخداـ األنًتنت ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬حيث أف نسبة مستخدمي ىذه التقنية ال تزاؿ ‪٤‬تدودة‬

‫وضعيفة‪.‬‬

‫‪ -‬بطء سَت التعامبلت ا‪١‬تالية اإللكًتونية‪.‬‬

‫‪-‬غياب التشريعات الكافية للتعامبلت اإللكًتونية‪.‬‬

‫‪ -‬طغياف البَتوقراطية وا‪٩‬تفاض مستوى الثقة با‪ٟ‬تكومة‪.‬‬

‫‪ -‬تواضع الثقافة ا‪١‬تعلوماتية والتفاعل اإللكًتوين لدى اجملتمع ا‪ٞ‬تزائري‪.‬‬

‫وبالنظر إٔب ىذه العراقيل فإف تطبيق اإلدارة اإللكًتونية ُب ا‪ٞ‬تزائر ال يزاؿ ٭تتاج إٔب مضاعفة ا‪ٞ‬تهود ُب‬

‫ظل التأخَت الذي تشهده ا‪ٞ‬تزائر ُب ىذا ا‪١‬تيداف‪ ،‬حيث أفادت التقارير الصادرة عن ا‪١‬تنتدى االقتصادي‬

‫العا‪١‬تي حوؿ استخداـ تكنولوجيات اإلعبلـ أف ا‪ٟ‬تكومة ا‪ٞ‬تزائرية تعرؼ تراجعا ُب مؤشرات ا‪ٞ‬تاىزية‬

‫التكنولوجية‪ ،‬فحسب معطيات ا‪ٞ‬تدوؿ أدناه ا‪٠‬تاص بًتتيب ا‪ٞ‬تزائر حسب مؤشرات ا‪ٞ‬تاىزية فإف ا‪ٞ‬تزائر‬

‫‪ 1‬عبد القادر عباف‪ٖ ،‬تديات اإلدارة اإللكًتونية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬دراسة سوسيولوجية ببلدية الكاليتوس بالعاصمة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ .‬جامعة ‪٤‬تمد‬
‫خيضر ببسكرة‪ ،‬كلية العلوـ اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسم العلوـ االجتماعية‪ ،201562016 ،‬ص ص ‪.204 ،203‬‬

‫‪321‬‬
‫عرفت تراجعا بُت عاـ ‪ 2012‬وعاـ ‪ 2016‬من حيث االستفادة من التطور التكنولوجي واستخداـ‬

‫التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الجدول رقم ‪ :22‬ترتيب الحكومة حسب محاور ومؤشرات جاىزية التكنولوجيا‬

‫حسب‬ ‫حسب الًتتيب‬ ‫حسب الًتتيب‬ ‫حسب الًتتيب‬ ‫الًتتيب‬ ‫مؤشرات ا‪ٞ‬تاىزية‬

‫تقرير عاـ ‪ 2012‬تقرير عاـ ‪ 2014‬تقرير عاـ ‪ 2015‬تقرير عاـ ‪2016‬‬

‫من أصل ‪ 142‬من أصل ‪ 148‬من أصل ‪ 143‬من أصل ‪139‬‬

‫دولة‬ ‫دولة‬ ‫دولة‬ ‫دولة‬

‫‪117‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪129‬‬ ‫االستفادة ‪118‬‬ ‫مؤشر‬

‫أحدث‬ ‫من‬

‫التطورات‬

‫التكنولوجية‬

‫‪125‬‬ ‫‪129‬‬ ‫‪134‬‬ ‫مؤشر االستخداـ ‪127‬‬

‫التكنولوجي‬

‫‪130‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪134‬‬ ‫استخداـ ‪135‬‬ ‫مؤشر‬

‫ا‪ٟ‬تكومة‬

‫‪٤ 1‬تمد شايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪..39‬‬

‫‪322‬‬
‫ولقد انعكس التأخر ُب ا‪١‬تؤشر العاـ للجاىزية على مستوى االقتصاد عموما بالسلب‪ ،‬ومن ٍب على‬

‫مؤشر االستخداـ التكنولوجي وعلى جاىزية ا‪١‬تؤسسات واألفراد واستخداـ ا‪ٟ‬تكومة ‪٦‬تا يدؿ على أف‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٟ‬تكومات بعيدة كل البعد عن استخداـ التكنولوجيا ا‪ٟ‬تديثة لئلعبلـ واالتصاؿ‪.‬‬

‫وكشف تقرير الشؤوف االقتصادية واالجتماعية ٔتنظمة األمم ا‪١‬تتحدة ُب مؤشر ا‪ٟ‬تكومة االلكًتونية لعاـ‬

‫‪ 2014‬أف ا‪ٞ‬تزائر ىي األسوأ عربيا وُب مشاؿ إفريقيا ُب ‪٣‬تاؿ تطبيق ا‪ٟ‬تكومة اإللكًتونية‪ ،‬حيث احتلت‬

‫ا‪ٞ‬تزائر وفق التصنيف األ‪٦‬تي ا‪١‬ترتبة ‪ 136‬على مستوى العاـ ‪ 2014‬من ضمن ‪ 191‬دولة مقارنة بتونس‬
‫‪2‬‬
‫ُب الرتبة ‪ 75‬وا‪١‬تغرب ‪ 82‬ومصر ‪.80‬‬

‫ثانيا‪ :‬انعكاس واقع اإلدارة اإللكترونية في الجزائر على تجسيد الديمقراطية‪.‬‬

‫ُب ظل الثورة الرقمية واالنتشار الواسع لتكنولوجيا ا‪١‬تعلومات واالتصاالت فإف معظم دوؿ العآب وجدت‬

‫نفسها ٘تشي ُب مسار تغيَت إدارة شؤوف األفراد وتلبية حاجياهتم من األسلوب التقليدي إٔب األسلوب‬

‫الرقمي الذي ٭تقق سرعة أكرب ُب تأدية ا‪٠‬تدمات وفعالية ُب تطوير ا‪١‬تهاـ واألنشطة ا‪١‬تقدمة من طرؼ‬

‫ا‪ٟ‬تكومات ‪ ،‬كما أف الدوؿ ا‪١‬تتقدمة استطاعت أف ٕتعل من اإلدارة االلكًتونية أداة للتحوؿ من الدٯتقراطية‬

‫التقليدية إٔب الدٯتقراطية االفًتاضية ورقمنة ا‪ٟ‬تياة السياسية ومنها ا‪١‬تمارسات الدٯتقراطية من مشاركة سياسية‬

‫وتعبَت عن الرأي‪.‬‬

‫إف الدٯتقراطية اإللكًتونية أو الدٯتقراطية الرقمية ودٯتقراطية الفضاء التخيلي تعٍت استخداـ وسائل‬

‫تكنولوجيا ا‪١‬تعلومات واالتصاؿ ‪ٞ‬تعل ا‪١‬تواطن قادرا على ‪٤‬تاسبة السياسيُت على أفعا‪٢‬تم وتسهيل االتصاؿ‬

‫‪1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪323‬‬
‫بينهم وبُت ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬كما تشَت إٔب استخداـ األنًتنت كوسيط الختيار ا‪١‬تنتخبُت ورسم السياسات بطريقة‬

‫دٯتقراطية‪ 1،‬ومن ا‪٠‬تدمات ا‪١‬تقدمة ُب ىذا اجملاؿ منتديات النقاش االلكًتونية إلبداء الرأي ُب السياسات‬

‫ا‪ٟ‬تكومية وا‪ٟ‬تمبلت السياسية االلكًتونية واستطبلع الرأي االلكًتوين لنشر وتوثيق ‪٤‬تاضر ا‪ٞ‬تلسات‬
‫‪2‬‬
‫ا‪ٟ‬تكومية إلكًتونيا وكذا جلسات الرب‪١‬تاف‪.‬‬

‫وباالنتقاؿ إٔب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬فإف التحديات اليت تواجهها اإلدارة اإللكًتونية ٕتعل من الدٯتقراطية اإللكًتونية‬

‫بعيدة ا‪١‬تناؿ ُب ظل وجود جهاز بَتوقراطي منغلق على نفسو ومقاوـ لعميلة التغيَت‪ ،‬إضافة إٔب ٗتبط النظاـ‬

‫السياسي ُب أزماتو من أزمة شرعية وتنمية اقتصادية وأزمة توزيع‪.‬‬

‫غَت أف ىذا ال ينكر استخداـ بعض أدوات الدٯتقراطية اإللكًتونية ُب ا‪ٞ‬تزائر من قبل ا‪ٟ‬تكومة وكذا‬

‫ا‪١‬تواطنُت‪ ،‬أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ .1‬ا‪١‬تواقع اإللكًتونية ا‪ٟ‬تكومية منها البوابات اإللكًتونية‪.‬‬

‫‪ . 2‬ا‪١‬تنتديات وىي من األدوات الشائعة االستخداـ اليت تسمح ّتذب اىتماـ ا‪١‬تواطنُت وتناقل ا‪١‬تعلومات‬

‫واألخبار وزيادة التفاعل‪.‬‬

‫‪.3‬استطبلعات الرأي‪.‬‬

‫وىذا ما ‪ٝ‬تح بتنامي الظاىرة اإللكًتونية ُب ا‪ٞ‬تزائر من خبلؿ‪:‬‬

‫‪ -‬امتداد ا‪ٟ‬تركة االحتجاجية الشعبية ُب مدينة وىراف ُب ‪ 05‬جانفي ‪ 2011‬إٔب بقية ا‪١‬تدف األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬استغبلؿ ش باب ا‪ٞ‬تنوب الفضاء االفًتاضي ُب التحريض على التظاىر واالحتجاج عاـ ‪ 2013‬للتعبَت‬

‫عن مطالبهم االجتماعية خاصة منها البطالة‪.‬‬

‫‪ 1‬وداد قوقة‪" ،‬دور ا‪ٞ‬تكومات اإللكًتونية ُب تفعيل الدٯتقراطية اإللكًتونية"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬ع‪ ،46 .‬ديسمرب ‪ .2016‬ص‪.‬‬
‫‪.105‬‬
‫‪ 2‬مصطفى يوسف كاُب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.280‬‬

‫‪324‬‬
‫‪ -‬تعبئة الرأي العاـ عرب الفضاء االفًتاضي للتظاىر ضد ا‪ٟ‬تفر الستخراج الغاز الصخري‪.‬‬

‫‪ -‬حراؾ ‪ 22‬فرباير ‪.2019‬‬

‫إف ىذه األدوات قد مكنت ا‪١‬تواطنُت من معا‪ٞ‬تة قضايا حساسة وتوسيع دائرة ا‪ٟ‬توار وإبداء الرأي ُب‬

‫السياسات ا‪ٟ‬تكومية‪ ،‬غَت أف بروز ظواىر تؤثر على استقرار وأمن الدولة مثل الصراعات العرقية وا‪ٞ‬تهوية‬

‫والدعوة إٔب التطرؼ الديٍت والغش والتزوير وتبييض األمواؿ دفع ا‪ٟ‬تكومة سنة ‪ 2015‬إٔب اٗتاذ قرار يقضي‬

‫بإنشاء ىيئة وطنية للوقاية من ا‪ٞ‬ترائم ا‪١‬تتصلة بتكنولوجيا اإلعبلـ واالتصاؿ خاصة تلك اليت ٘تس بأنظمة‬

‫ا‪١‬تعا‪ٞ‬تة اآللية للمعطيات احملددة ُب قانوف العقوبات‪.‬‬

‫إف ا‪ٟ‬تديث عموما عن الدٯتقراطية اإللكًتونية ‪٬‬تب أف يتم من خبلؿ قياس تطبيقها على مستوى عدة‬
‫‪1‬‬
‫عناصر‪ ،‬واليت تضم‪:‬‬

‫‪ .2‬ا‪١‬تشاركة اإللكًتونية‪ :‬وىي ‪٤‬تور الدٯتقراطية اإللكًتونية‪٘ ،‬تكن من تدعيم ا‪ٟ‬تكومات ودفع التنمية‬

‫اجملتمعية‪ .‬تكوف من خبلؿ الربيد اإللكًتوين واستطبلعات الرأي وا‪١‬تنتديات‪ ،‬وا‪١‬تواقع اإللكًتونية ا‪ٟ‬تكومية‬

‫وكذا الرسائل الصوتية والنصية (وسائل الدٯتقراطية اإللكًتونية)‪.‬‬

‫‪ . 2‬االنتخابات اإللكًتونية‪ :‬حيث تتم إدارة ا‪ٟ‬تمبلت االنتخابية اعتمادا على أدوات الويب وتكنولوجيا‬

‫ا‪١‬تعلومات‪ ،‬واالعتماد على البديل ( ا‪١‬تؤ٘ترات‪ ،‬ا‪١‬تنتديات اإللكًتونية‪ ،‬شبكات التواصل االجتماعي)‪.‬‬

‫وتعرؼ االنتخابات اإللكًتونية على أهنا استخداـ أدوات تكنولوجيا ا‪١‬تعلومات واالتصاالت ُب عملية إدارة‬

‫األنشطة ا‪١‬تتعلقة بوصوؿ ا‪١‬ترشح ألىدافو‪ ،‬وتفعيل قنوات االتصاؿ بينو وبُت الناخبُت‪.‬‬

‫‪ .3‬التصويت اإللكًتوين‪ :‬ويعٍت استخداـ الوسائل اإللكًتونية ُب إدارة التصويت‪ ،‬وىو عكس استخداـ‬

‫النظاـ الورقي‪ .‬وتشمل عملية التصويت اإللكًتوين تسجيل الناخبُت لدى دائرة التسجيل‪ ،‬إصدار وثائق‬

‫‪ 1‬وداد قوقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.108 .‬‬

‫‪325‬‬
‫تشمل الناخبُت وا‪١‬ترشحُت ا‪١‬تؤىلُت‪ ،‬التصويت باستخداـ أدوات إلكًتونية يتم من خبل‪٢‬تا التأكد من ىوية‬

‫ا‪١‬تنتخب‪ ،‬وأخَتا تتم عملية ا‪ٟ‬تصر اإللكًتوين حيث يتم ُب ىذه ا‪١‬ترحلة عد الناخبُت والنتائج بصورة آلية‪.‬‬

‫وبقياس واقع ىذه العناصر على مستوى ا‪١‬تمارسة فإف ا‪١‬تشاركة اإللكًتونية ىي العنصر الوحيد الذي‬

‫يعرؼ تكريسا ُب بعض اجملاالت‪ ،‬أما االنتخاب والتصويت اإللكًتوين فلم تبلغ ا‪ٞ‬تزائر بعد مرحلة‬

‫تطبيقهما‪ ،‬بالرغم من أهنمها يطرحاف كأىم آليات القضاء على التزوير ُب االنتخابات واسًتجاع الثقة بُت‬

‫ا‪١‬تواطن والنظاـ السياسي‪.‬‬

‫إف الدٯتقراطية اإللكًتونية تعد من آخر األشكاؿ اليت وصلت إليها الدوؿ الغربية الرائدة ُب تطبيق‬

‫النموذج الدٯتقراطي ُب ا‪ٟ‬تكم‪٢ ،‬تذا فإف ‪٧‬تاح الدٯتقراطية اإللكًتونية يستلزـ بالضرورة النجاح ُب تطبيق‬

‫الدٯتقراطية بفهومها التقليدي لكوهنا توفر البيئة ا‪١‬تبلئمة للدٯتقراطية االفًتاضية‪ ،‬ىذه البيئة اليت تتطلب‬

‫مستويات عالية من الوعي ا‪ٟ‬تضاري با‪١‬تمارسة الدٯتقراطية إضافة إٔب احًتاـ ا‪ٟ‬تريات وا‪ٟ‬تقوؽ العامة‬

‫لئلنساف وتوفر مناخ اقتصادي مبلئم وتنمية تسمح بتوفَت البيئة التنظيمية والتقنية واإلدارية ا‪١‬تناسبة لرقمنة‬

‫ا‪ٟ‬تياة السياسية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مدخل الحكم الراشد‪.‬‬

‫ا ستخدـ مفهوـ ا‪ٟ‬تكم الراشد منذ عقدين من الزمن من قبل مؤسسات األمم ا‪١‬تتحدة إلعطاء حكم‬

‫قيمي على ‪٦‬تارسة السلطة السياسية إلدارة شؤوف اجملتمع بإتاه تطوري تقدمي‪ ،‬وىو يتضمن ثبلثة أبعاد‬

‫مًتابطة ىي البعد السياسي ا‪١‬تتعلق بطبيعة السلطة السياسية وشرعية ٘تثيلها والبعد التقٍت ا‪١‬تتعلق بعمل‬

‫اإلدارة العامة وفاعليتها والبعد االقتصادي االجتماعي ا‪١‬تتعلق ببنية اجملتمع ا‪١‬تدين ومدى حيوتو واستقبللو‬

‫عن الدولة‪ ،‬وكذا طبيعة السياسات العامة ُب اجملالُت االقتصادي االجتماعي وتأثَتىا ُب ا‪١‬تواطنُت وعبلقتها‬

‫‪326‬‬
‫مع االقتصادات ا‪٠‬تارجية وباجملتمعات األخرى‪ 1،‬وعليو فإف ا‪ٟ‬تكم الراشد يعتمد على تكامل الدولة‬

‫ومؤسساهتا والقطاع ا‪٠‬تاص واجملتمع ا‪١‬تدين‪.‬‬

‫ويقاس ا‪ٟ‬تكم الراشد ٔتجموعة من ا‪١‬تؤشرات أو ا‪١‬تعايَت اليت ‪٬‬تب توافرىا وحددىا برنامج األمم ا‪١‬تتحدة‬

‫اإل‪٪‬تائي ُب تسعة معايَت تضم ا‪١‬تشاركة‪ ،‬حكم القانوف‪ ،‬الشفافية‪ ،‬حسن االستجابة‪ ،‬التوافق‪ ،‬ا‪١‬تساواة‪،‬‬

‫الفعالية‪ ،‬احملاسبة والرؤية االسًتاتيجية‪ ،‬أما معهد البنك الدوٕب التابع للبنك الدوٕب بإشراؼ "دانياؿ‬

‫كوفماف" ‪ Daniel) (Kaufman‬وآخرين فربط ا‪ٟ‬تكم الراشد بستة معايَت ىي‪ :‬الصوت وا‪١‬تساءلة‪،‬‬

‫االستقرار السياسي وغياب العنف‪ ،‬فعالية ا‪ٟ‬تكومة‪ ،‬نوعية التنظيم‪ ،‬سيادة القانوف ومكافحة الفساد‪.‬‬

‫وعليو فإف ٖتقيق ا‪ٟ‬تكم الراشد ُب إدارة شؤوف اجملتمع يستلزـ سيادة القانوف ٔتا يضمن ا‪١‬تساءلة وٖتقيق‬

‫الشفافية واحملاسبة ٔتا يضمن ‪٤‬تاربة الفساد وٖتقيق دولة القانوف اليت تشكل أىم مفاتيح النظاـ الدٯتقراطي‬

‫و٘تكن ا‪ٟ‬تكومات من ٖتقيق التنمية على كل ا‪١‬تستويات‪.‬‬

‫وا‪ٞ‬تزائر من ضمن الدوؿ اليت حاولت تفعيل آليات ا‪ٟ‬تكم الراشد من خبلؿ سعيها إٔب ٖتقيق فعالية ُب‬

‫معادلة الدولة والقطاع ا‪٠‬تاص واجملتمع ا‪١‬تدين‪ ،‬واعتمدت ُب ذلك على ٕتسيد دولة ا‪ٟ‬تق والقانوف من‬

‫خبلؿ ‪٤‬تاربة الفساد وٖتقيق استقبللية القضاء‪.‬‬

‫أوال‪ :‬محاربة الفساد‪.‬‬

‫يعترب الفساد بكل أشكالو من أىم معيقات التنمية االقتصادية ويشكل خطرا كبَتا على االستقرار‬

‫السياسي واالجتماعي‪ ،‬وىذا ما ‪٬‬تعل الدوؿ تكثف ا‪ٞ‬تهود جملاهبتو خاصة ُب سعيها ‪٨‬تو بناء أنظمة‬

‫سياسية دٯتقراطية وفاعلة على كل ا‪١‬تستويات‪ ،‬وتطرح ظاىرة الفساد ُب ا‪ٞ‬تزائر ْتدة بالنظر إٔب ضخامة‬

‫انتشاره ُب شىت اجملاالت‪٦ ،‬تا جعل منو أكثر ا‪١‬تواضيع ا‪١‬تتناولة على الساحة السياسية واالقتصادية و‪٤‬تل‬

‫‪ 1‬حسن كرًن‪" ،‬مفهوـ ا‪ٟ‬تكم الصاّب"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬ع ‪ ،309‬نوفمرب ‪ ،2004‬ص ‪.41‬‬

‫‪327‬‬
‫اىتماـ ا‪١‬تسؤولُت و‪٤‬تور خطاباهتم وبرا‪٣‬تهم‪٢ ،‬تذا سعى النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري إٔب الًتكيز على ‪٤‬تاربة ىذه‬

‫الظاىرة خاصة على ا‪١‬تستوى اإلداري ‪١‬تا ‪٢‬تا من تأثَتات سلبية على أجهزة الدولة وبالتإب على ‪٥‬ترجاهتا‬

‫إتاه اجملتمع‪.‬‬

‫‪ .2‬النصوص القانونية لمحاربة الفساد‪:‬‬

‫إف ا‪١‬تكونات التشريعية واآلليات القانونية اليت سنتها ا‪ٞ‬تزائر حملاربة الفساد متعددة وطا‪١‬تا كانت من بُت‬

‫الدوؿ السباقة إٔب التصديق على االتفاقيات وا‪١‬تعاىدات الدولية ُب ىذا اجملاؿ‪ ،‬منها اتفاقية األمم ا‪١‬تتحدة‬

‫‪١‬تكافحة الفساد ا‪١‬تعتمدة ُب أكتوبر ‪ 2003‬واتفاقية االٖتاد اإلفريقي ‪١‬تنع الفساد ا‪١‬تعتمدة ُب ‪ 11‬يوليو‬

‫‪ 2003‬واتفاقيات أ‪٦‬تية أخرى‪.‬‬

‫أما من الناحية الدستورية فقد أكد كل من دستور ‪ 1996‬ودستور ‪ 2016‬على ‪٤‬تاربة الفساد بكل‬

‫أشكالو‪ ،‬حيث ٮتتار الشعب لنفسو مؤسسات غايتها ‪ٛ‬تاية االقتصاد الوطٍت من كل أشكاؿ التبلعب أو‬

‫االختبلس أو الرشوة أو التجارة غَت ا‪١‬تشروعة أو التعسف أو االستحواذ أو ا‪١‬تصادرة غَت ا‪١‬تشروعة‪ 1،‬كما‬

‫نصا على أف الوظائف والعهدات ُب مؤسسات الدولة ال ٯتكن أف تكوف مصدر ثراء وال وسيلة ‪٠‬تدمة‬

‫ا‪١‬تصاّب ا‪٠‬تاصة‪ 2،‬وأضاؼ التعديل الدستوري ‪ 2016‬وجوب التصريح با‪١‬تمتلكات للموظفُت السامُت ُب‬

‫الدولة وا‪١‬تنتخبُت احملليُت والوطنيُت ُب بداية العهدة أو الوظيفة وُب هنايتهما‪ ،‬أما من ناحية القوانُت فيعترب‬

‫القانوف ‪ 01-06‬من أىم القوانُت ا‪١‬تتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬والذي تضمن التدابَت الوقائية‬

‫التالية‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫أ‪ .‬التدابير الوقائية في القطاع العام‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪ .09‬دستور ‪ ،1996‬ا‪١‬تادة ‪.09‬‬
‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪ .23‬دستور ‪ ،1996‬ا‪١‬تادة ‪.21‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 22-26‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،14‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 08‬مارس ‪ ،2006‬ا‪١‬تواد من ‪ 03‬إٔب ‪.12‬‬

‫‪328‬‬
‫‪ -‬التوظيف‪ :‬حيث ‪٬‬تب أف تراعى فيو معايَت النجاعة والشفافية واإلجراءات ا‪١‬تبلئمة ُب االختيار من‬

‫مسابقات واختبارات‪ ،‬مع إعداد برامج تعليمية وتكوينية‪.‬‬

‫‪-‬التصريح با‪١‬تمتلكات‪ :‬حيث يلزـ ا‪١‬توظفوف بالتصريح ٔتمتلكاهتم‪ ،‬وحددت ا‪١‬تادة ‪ 06‬الفئة ا‪١‬تعنية‬

‫بالتصريح وكيفيات التصريح‪.‬‬

‫‪-‬مدونات قواعد سلوؾ ا‪١‬توظفُت العموميُت‪ :‬من خبلؿ وضع قواعد ومدونات سلوكية ٖتدد اإلطار الذي‬

‫يضمن األداء السليم والنزيو وا‪١‬تبلئم للوظائف العمومية‪.‬‬

‫‪-‬إبراـ الصفقات العمومية‪ :‬حيث ‪٬‬تب أف تراعى فيها قواعد الشفافية والنزاىة وا‪١‬تنافسة الشريفة‪.‬‬

‫‪-‬الشفافية ُب التعامل مع ا‪ٞ‬تمهور‪ :‬من خبلؿ إضفاء الشفافية على تسيَت الشؤوف العمومية مع التزاـ‬

‫ا‪١‬تؤسسات واإلدارات العمومية بتبسيط اإلجراءات اإلدارية والرد على شكاوى ا‪١‬تواطنُت‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ب‪ .‬التدابير الوقائية في القطاع الخاص‪:‬‬

‫حيث تتخذ ‪ٚ‬تيع إجراءات منع ضلوع القطاع ا‪٠‬تاص ُب الفساد وذلك من خبلؿ تعزيز التعاوف بُت‬

‫األجهزة اليت تقوـ بالكشف وكيانات القطاع ا‪٠‬تاص‪ ،‬وتعزيز الشفافية والتدقيق الداخلي ‪ٟ‬تسابات‬

‫ا‪١‬تؤسسات ا‪٠‬تاصة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ج‪ .‬مشاركة المجتمع المدني‪:‬‬

‫ويتم من خبلؿ اعتماد الشفافية وتعزيز مشاركة ا‪١‬تواطنُت ُب تسيَت الشؤوف العمومية وإعداد برامج‬

‫ٖتسيسية ٔتخاطر الفساد‪ ،‬إضافة إٔب ٘تكُت وسائل اإلعبلـ وا‪ٞ‬تمهور من ا‪ٟ‬تصوؿ على ا‪١‬تعلومات ا‪١‬تتعلقة‬

‫بالفساد‪.‬‬

‫‪ .2‬ىيئات وأجهزة كشف الفساد ومحاربتو‪:‬‬

‫‪ 1‬قانوف رقم ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪.13،14‬‬


‫‪ 2‬قانوف رقم ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪١‬تادة ‪.15‬‬

‫‪329‬‬
‫أ‪.‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحتو‪ :‬أنشئت ٔتوجب ا‪١‬تادة ‪ 17‬قصد تنفيذ االسًتاتيجية‬

‫الوطنية ُب ‪٣‬تاؿ مكافحة الفساد‪ ،‬وىي ىيئة إدارية مستقلة توضع لدى رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪ ،‬وتكلف باقًتاح‬

‫سياسة شاملة للوقاية من الفساد وكذا تقدًن توجيهات واقًتاح تدابَت ذات طابع تشريعي وتنظيمي للوقاية‬

‫من الفساد إضافة إٔب تلقي التصر٭تات ا‪٠‬تاصة با‪١‬تمتلكات والسهر على تعزيز التنسيق بُت القطاعات‪ ،‬كما‬

‫ٯتكن للهيئة ا‪١‬تطالبة بوثائق أو معلومات تكشف عن الفساد من اإلدارات وا‪١‬تؤسسات العمومية وا‪٠‬تاصة‬
‫‪1‬‬
‫واألشخاص الطبيعيُت وا‪١‬تعنويُت‪ .‬وترفع ىذه ا‪٢‬تيئة تقريرىا السنوي إٔب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية سنويا‪.‬‬

‫ب‪ .‬الديوان المركزي لقمع الفساد‪ :‬مهمة ىذا الديواف البحث والتحري عن جرائم الفساد‪ ،‬وٮتضع‬
‫‪2‬‬
‫للسلطة ا‪١‬تباشرة لوزير العدؿ‪.‬‬

‫ج‪ .‬مجلس المحاسبة‪ :‬ىو مؤسسة للرقابة البعدية ألمواؿ الدولة وا‪ٞ‬تماعات احمللية وا‪١‬ترافق العمومية‪،‬‬

‫ىدفو الشفافية ُب تسيَت ا‪١‬تاؿ العاـ والتدقيق ُب شروط استعماؿ ا‪٢‬تيئات للموارد والوسائل ا‪١‬تادية واألمواؿ‬

‫العامة‪ ،‬والتأكد من مطابقة عمليات ىذه ا‪٢‬تيئات للقوانُت والتنظيمات‪ ،‬ومن صبلحيات ىذا اجمللس رقابة‬

‫حسن استع ماؿ ا‪٢‬تيئات ا‪٠‬تاضعة لرقابتو للموارد واألمواؿ والقيم والوسائل‪ ،‬رقابة مصاّب الدولة وا‪ٞ‬تماعات‬

‫اإلقليمية وا‪١‬تؤسسات وا‪١‬ترافق العمومية وا‪١‬ترافق ذات الطابع الصناعي والتجاري‪ ،‬إضافة إٔب الرقابة على‬

‫ا‪٢‬تيئات اليت تقوـ على التأمُت وا‪ٟ‬تماية االجتماعية وعلى نتائج استعماؿ ا‪١‬تساعدات ا‪١‬تالية ا‪١‬تمنوحة من‬

‫الدولة وا‪ٞ‬تماعات اإلقليمية أو ا‪١‬ترافق العمومية‪ ،‬كما تتم استشارتو ُب ا‪١‬تشاريع التمهيدية لضبط ا‪١‬تيزانية‬

‫‪ 1‬قانوف رقم ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪١‬تواد من ‪ 17‬إٔب ‪.24‬‬


‫‪ 2‬قانوف رقم ‪ 01-06‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬ا‪١‬تادتُت ‪ 24‬مكرر‪ 24 ،‬مكرر ‪.1‬‬

‫‪331‬‬
‫والنصوص القانونية ا‪١‬تتعلقة با‪١‬تالية العمومية‪ ،‬كما ٯتكن أف تعرض عليو ا‪١‬تشاريع وا‪١‬تلفات من طرؽ ا‪ٟ‬تكومة‬
‫‪1‬‬
‫والرب‪١‬تاف‪.‬‬

‫د‪ .‬البرلمان‪ :‬والذي ٯتتلك عدة آليات ٘تكنو من ‪٤‬تاسبة الوزراء والتحقيق ُب قضايا الفساد‪ ،‬ومن ضمنها‬

‫األسئلة واالستجوابات‪ ،‬وكذلك التحقيقات‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫إضافة إٔب ىذه ا‪١‬تؤسسات توجد أجهزة أخرى مكلفة بالتحقيقات ُب قضايا الفساد منها‪:‬‬

‫أ‪ .‬خلية معالجة االستعالم المالي اليت أنشئت كوحدة لبلستخبارات ا‪١‬تالية ُب ‪ 2002‬وبدأت العمل ُب‬

‫‪ ،2004‬وىي سلطة إدارية تابعة لوزارة ا‪١‬تالية متخصصة ُب مكافحة ٘تويل اإلرىاب وغسيل األمواؿ‪ ،‬ومن‬

‫مهامها الكشف عن الفساد وإحالة ا‪١‬تلفات على النيابة العامة‪.‬‬

‫ب‪ .‬المديرية العامة لألمن الوطني‪ ،‬ودورىا مكافحة ا‪ٞ‬ترائم االقتصادية وا‪١‬تالية‪ ،‬وىي جهاز مركزي‬

‫متخصص ومكلف بتتبع وتوجيو وتنسيق أنشطة شرطة ا‪١‬تباحث ا‪ٞ‬تنائية العامة السيما ُب قضايا الفساد‪.‬‬

‫د‪ .‬الدرك الوطني‪.‬‬

‫ج‪ .‬المصلحة المركزية للشرطة القضائية للمصاّب العسكرية لؤلمن التابعة لوزارة الدفاع الوطٍت‪.‬‬

‫وُب األخَت ٯتكن القوؿ إف الدولة ُب ا‪ٞ‬تزائر قد بذلت ‪٣‬تهودات معتربة ُب ‪٣‬تاؿ مكافحة الفساد سواء‬

‫من الناحية التشريعية أو من ناحية األجهزة وا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تكلفة ٔتجاهبة الفساد‪ ،‬غَت أف ىذه اجملهودات غَت‬

‫كافية والدليل تواصل انتشار الفساد بصفة رىيبة ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬وعجز ىذه ا‪١‬تؤسسات والتشريعات يرتبط بعدة‬

‫أسباب أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ -‬ضعف تطبيق القوانُت ُب ا‪ٞ‬تزائر وحدوث التجاوزات‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تواد من ‪ 06‬إٔب ‪ 27‬من األمر رقم ‪ 20-95‬ا‪١‬تتعلق ٔتجلس احملاسبة‪.‬‬


‫‪ 2‬فضيلة بوطورة‪ ،‬نوفل ‪ٝ‬تايلي‪" ،‬تأثَت ظاىرة الفساد اإلداري على حقوؽ اإلنساف والتنمية البشرية ُب ا‪ٞ‬تزائر مع إشارة ألىم الوسائل القانونية‬
‫‪١‬تكافحتو"‪ ،‬مجلة حكم القانون ومكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪ ،2019‬ص ص ‪.12 ،11‬‬

‫‪331‬‬
‫‪ -‬ضعف ا‪١‬تؤسسات ا‪١‬تسؤولة عن ‪٤‬تاربة الغش حيث أف سلطاهتا استشارية توجيهية وليست ردعية‪.‬‬

‫‪٤ -‬تورية السلطة التنفيذية واليت تتحكم ُب مؤسسات مكافحة الغش‪ ،‬حيث أف غالبيتها ٖتت سلطة رئيس‬

‫ا‪ٞ‬تمهورية‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف السلطة التشريعية ‪٦‬تا أضعف سلطة ا‪١‬تنتخبُت‪ ،‬حيث أف اآلليات اليت ٯتتلكها الرب‪١‬تاف إتاه الوزراء‬

‫للتحقيق ُب الفساد وا‪١‬تساءلة ىي آليات ليست إلزامية‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف السلطة القضائية اليت ٘تلك سلطة الردع والعقاب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تكريس استقاللية القضاء‪.‬‬

‫يقوؿ مونتسكيو‪ " :‬أعطيٍت قوانُت قليلة لكنها حاكمة"‪ ،‬ومن ىذا ا‪١‬تنطلق فإف تكريس فعالية القضاء‬

‫يعد من بُت أىم دعائم النظاـ الدٯتقراطي اليت ٖتقق مبدأ الشرعية للممارسة السياسية‪ ،‬وتضمن احًتاـ‬

‫ا‪ٟ‬تقوؽ وا‪ٟ‬تريات العامة‪٢ ،‬تذا فالعبلقة بُت القضاء وا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية عبلقة قوية ومتبادلة ْتيث تعزز‬

‫الدٯتقراطية من استقبللية القضاء من منطلق قيامها على مبدأ الفصل بُت السلطات‪ ،‬ويعزز استقبلؿ‬

‫القضاء من ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية من حيث ترسيخو للعدالة وا‪١‬تساواة واليت تعد من الضمانات األساسية‬

‫الحًتاـ حقوؽ اإلنساف وحرياتو‪.‬‬

‫ويكتسي استقبلؿ القضاء أ‪٫‬تية من حيث أف ‪ٛ‬تاية حقوؽ اإلنساف تعتمد ُب جزء منها على وجود‬

‫سلطة قضائية قوية وعادلة ومستقلة وقادرة على وضع البلعبُت السياسيُت واالجتماعيُت موضع احملاسبة‪،‬‬

‫كما أف القضاة يشكلوف جزءا من جهاز الدولة ومن آلية تضع الفاعلُت ُب الدولة موضع ا‪١‬تسؤولية‬

‫واحملاسبة ‪٦‬تا يتطلب منهم التمسك باالنضباط العاـ وتصحيح تصرفات السلطات العامة‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫ضف إٔب ذلك فإف استقبلؿ القضاء يؤدي إٔب ٖتقيق االستقرار السياسي والعدالة‪ ،‬ويعد عنصرا حا‪ٝ‬تا‬

‫ُب تنمية اقتصاديات قوية وسليمة‪ ،‬فاالقتصاديات واجملتمعات اليت تزيد تعقيدا ٯتكن الستقبلؿ القضاء فيها‬
‫‪1‬‬
‫أف يساعد على ضماف سيادة القوانُت الضرورية لتفادي عدـ الفاعلية ُب األداء والظلم وا‪ٟ‬تكم التعسفي‪.‬‬

‫ونظرا أل‪٫‬تية مبدأ استقبللية القضاء فقد أكدت عليو العديد من ا‪١‬تواثيق الدولية‪ ،‬حيث اعًتفت ا‪ٞ‬تمعية‬

‫العامة لؤلمم ا‪١‬تتحدة بأ‪٫‬تيتو كعنصر أساسي من عناصر الدٯتقراطية واعتربتو الضامن األساسي واألوؿ‬

‫‪ٟ‬تقوؽ اإلنساف السيما منها ا‪ٟ‬تقوؽ السياسية‪ ،‬كما أنو الضامن لسيادة القانوف من خبلؿ التأكد من‬

‫٘تاشي ‪٦‬تارسة الفروع التنفيذية واإلدارية ُب ا‪ٟ‬تكومة مع القوانُت الصادرة ومع حقوؽ اإلنساف ومع‬
‫‪2‬‬
‫الدستور‪.‬‬

‫ويعرب استقبل ؿ القضاء عن عدـ التدخل ُب مهاـ السلطة القضائية خاصة من طرؼ السلطة التنفيذية‬

‫مع عدـ وجود أي تأثَت على وظائفها وقضاهتا خاصة منو التأثَت السياسي‪ ،‬وُب ىذا السياؽ اعترب العهد‬

‫الدوٕب ا‪٠‬تاص با‪ٟ‬تقوؽ ا‪١‬تدنية والسياسية ُب ا‪١‬تادة ‪ 14‬استقبلؿ القضاء على أنو تعبَت عن سواسية ا‪ٞ‬تميع‬

‫أماـ القضاء وحق كل فرد أف تكوف قضيتو ‪٤‬تل نظر منصف وعلٍت من قبل ‪٤‬تكمة ‪٥‬تتصة ومستقلة‬

‫و‪٤‬تايدة‪ ،‬وفسرت ‪ٞ‬تنة األمم ا‪١‬تتحدة ىذه ا‪١‬تادة ما أدى إٔب ٖتديد التعريف العملي الستقبلؿ القضاء‬

‫كالتإب‪:‬‬

‫‪ -‬معاملة ‪ٚ‬تيع األطراؼ من طرؼ احملاكم بإنصاؼ ودوف ٘تييز‪.‬‬

‫‪ -‬عدـ إظهار احملاكم ا أي ٖتيز أو تفضيل ألطراؼ معينة‪.‬‬

‫‪ 1‬سفياف عبدٕب‪ ،‬ضمانات استقاللية السلطة القضائية بين الجزائر وفرنسا‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬نور للنشر‪ ،2011 ،‬ص ص ‪.45-43‬‬
‫‪ 2‬ريشارد شاسي‪ ،‬سوجيت شودري‪ ،‬ا‪١‬تعايَت الدولية بشأف استقبلؿ القضاء‪ ،‬مركز العمليات االنتقالية ُب كلية ا‪ٟ‬تقوؽ ُب جامعة نيويورؾ‪،‬‬
‫‪www.democracyreporting.org‬‬ ‫مذكرة إعالميةعدد‪،42‬سبتمرب‪،2013‬ص‪ُ،02‬ب‬

‫‪333‬‬
‫‪ -‬استقبللية احملاكم سياسيا ْتيث ال تدين بوالئها أو أف تتعرض للتبلعب أو للتأثَت من جانب الفروع‬

‫التنفيذية أو اإلدارية أو التشريعية ُب ا‪ٟ‬تكومة‪.‬‬

‫‪ -‬تنفيذ احملاكم ‪١‬تهامها دوف خوؼ مواجهة العقاب مقابل أحكاـ تصدرىا ُب حق األطراؼ ا‪٠‬تاصة أو‬
‫‪1‬‬
‫ا‪ٟ‬تكومية‪.‬‬

‫وألف ا‪ٞ‬تزائر تعيش مرحلة بناء نظاـ دٯتقراطي فقد عمدت إٔب إجراء عدة إصبلحات ُب قطاع العدالة‬

‫كخطوة لتعزيز ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية وذلك ٖتت ضغط برنامج األمم ا‪١‬تتحدة إلصبلح العدالة الوطنية والذي‬

‫ٔتوجبو سارعت إٔب اإلفراج عن مشروع إصبلح العدالة والقضاء عاـ ‪ ،1999‬حيث إف الشروع ُب مسار‬

‫إصبلح العدالة يعود تارٮتو إٔب شهر أكتوبر ‪ 1999‬أين قاـ رئيس ا‪ٞ‬تمهورية بتنصيب اللجنة الوطنية‬

‫إلصبلح العدالة اليت ٘تثلت مهامها ُب إعداد تشخيص دقيق للوضعية واقًتاح تدابَت إلرساء قواعد نظاـ‬

‫قضائي صلب وفعاؿ قادر على االستجابة لتطلعات ا‪١‬تواطنُت‪.‬‬

‫ف بعد تقدًن التوصيات ونتائج اللجنة ًب إعداد مشروع ُب برنامج ا‪ٟ‬تكومة إلصبلح العدالة‪ ،‬وًب اعتماد‬

‫طريقة تدر‪٬‬تية ُب اٗتاذ ‪ٚ‬تلة من التدابَت االستعجالية وبر‪٣‬تة مشاريع على ا‪١‬تديُت ا‪١‬تتوسط والطويل‪ ،‬ومن‬

‫أىم اإلجراءات تكي يف التشريع الوطٍت مع ا‪١‬تضامُت العا‪١‬تية وتبٍت ا‪١‬تعايَت الدولية ُب ‪٣‬تاؿ حقوؽ اإلنساف‬

‫وتقريب العدالة من ا‪١‬تواطن‪.‬‬

‫وُب ‪٣‬تاؿ ترقية القوانُت األساسية ‪١‬تستخدمي القطاع ًب إصدار قانونُت عضويُت بالنسبة للقضاة و‪٫‬تا‬

‫القانوف رقم ‪ 11-04‬ا‪١‬تتضمن القانوف األساسي للقضاء الذي يهدؼ إٔب تعزيز استقبللية القاضي و‪ٛ‬تايتو‬

‫من ‪ٚ‬تيع الضغوطات‪ ،‬والقانوف ‪ 12-04‬ا‪١‬تتعلق بتشكيل اجمللس األعلى للقضاء الذي يعزز استقبللية‬
‫‪2‬‬
‫اجمللس من خبلؿ استبعاد تشكيل اإلدارة فيو‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.02‬‬


‫‪www.mjustice.dz‬‬ ‫‪2‬اإل‪٧‬تازات واآلفاؽ‪ ،‬قطاع العدالة‪ُ ،‬ب‪:‬‬

‫‪334‬‬
‫كما أف كل من دستوري ‪ 1996‬و‪ 2016‬نصا على مبدأ استقبلؿ القضاء ْتيث ًب اعتبار السلطة‬

‫القضائية مستقلة و٘تارس ُب إطار القانوف ورئيس ا‪ٞ‬تمهورية ىو الضامن الستقبلليتها‪ 1،‬مع عدـ خضوع‬

‫القاضي إال للقانوف و‪ٛ‬تايتو من كل أشكاؿ الضغوط والتدخبلت وا‪١‬تناورات اليت قد تضر بأداء مهامو أو‬
‫‪2‬‬
‫٘تس بنزاىة حكمو‪ ،‬وحظر أي تدخل ُب سَت العدالة‪.‬‬

‫غَت أف ‪٤‬تورية السلطة التنفيذية ُب ا‪ٞ‬تزائر أثر كثَتا على تطبيق مبدأ استقبللية القضاء رغم اإلجراءات‬

‫ا‪١‬تتخذة تشريعيا ومؤسساتيا‪ ،‬فلرئيس ا‪ٞ‬تمهورية حق تعيُت الرئيس األوؿ للمحكمة العليا ورئيس ‪٣‬تلس‬

‫الدولة وكذا القضاة‪ ،‬إضافة إٔب امتبلكو حق إصدار العفو وٗتفيض العقوبات أو استبدا‪٢‬تا‪ 3،‬مقابل امتبلؾ‬
‫‪4‬‬
‫اجمللس األعلى للقضاء رأيا استشاريا قبليا ُب ‪٦‬تارسة رئيس ا‪ٞ‬تمهورية حق العفو‪.‬‬

‫وعليو فإف استقبللية القضاء ُب ا‪ٞ‬تزائر من أىم اآلليات اليت ‪٬‬تب ا‪ٟ‬ترص على تكريسها خاصة ُب ظل‬

‫سعي ا‪ٞ‬تزائر ‪٨‬تو ٕتسيد ا‪١‬تمارسة الدٯتقراطية ُب ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬فنزاىة االنتخابات وتفعيل دور األحزاب السياسية‬

‫و‪٦‬تارسة ‪ٚ‬تيع ا‪ٟ‬تريات الفردية وا‪ٞ‬تماعية تستلزـ سلطة قضائية فاعلة ومستقلة ُب أدائها‪ ،‬مع امتبلكها ‪ٞ‬تميع‬

‫آليات احملاسبة وتطبيق الشفافية وا‪١‬تساءلة ُب إدارة شؤوف ا‪ٟ‬تكم‪.‬‬

‫وعلى رأي ا‪٠‬تبَت "عبد الر‪ٛ‬تن مبتوؿ" فإف الشيء األىم ىو االستقبلؿ العضوي والوظيفي للسلطة‬

‫القضائية‪ ،‬غَت أف ذلك ال يبدو أنو ٖتسن‪ ،‬فحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية ُب عاـ ‪ 2007‬أكد‬

‫على أف القضاة ا‪١‬تصنفوف ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب خانة مستقلوف أكثر ىم أكثر عرضة للنقل ُب األماكن البعيدة‪،‬‬

‫إضافة إٔب الضغوطات اليت يتلقاىا قضاة ‪٣‬تلس احملاسبة‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.156‬‬


‫‪ 2‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادتُت ‪.165،166‬‬
‫‪ 3‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادتُت ‪.92 ،91‬‬
‫‪ 4‬دستور ‪ ،2016‬ا‪١‬تادة ‪.175‬‬

‫‪335‬‬
‫‪1‬‬
‫وعليو فإف إصبلح سلك القضاة وٖتقيق فعالية السلطة القضائية يتطلب‪:‬‬

‫‪ -‬إعادة النظر ُب النظاـ األساسي للمجلس األعلى للقضاء ومراجعة تشكيلو بالصورة اليت ٖتميو من‬

‫تسلط السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪ -‬الشفافية ُب تعيُت وتسريح القضاة‪.‬‬

‫‪ -‬رد كل ما يتعلق با‪١‬تسار ا‪١‬تهٍت للقاضي ‪٢‬تيئة مستقلة‪.‬‬

‫‪ -‬حق إعبلـ ا‪١‬تواطن وتنوير الرأي العاـ فيما اٗتذ من إجراءات ضد الفساد‪.‬‬

‫‪ -‬تكوين القضاة وٖتسُت معارفهم ُب ‪٣‬تاؿ ا‪ٞ‬ترٯتة االقتصادية‪.‬‬

‫خالصة واستنتاجات‪:‬‬

‫تناولت الدراسة ُب ىذا الفصل أىم انعكاسات ا‪١‬تمارسات البَتوقراطية ُب النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري على‬

‫العملية الدٯتقراطية‪ ،‬وتوصلت إٔب أف التسيَت البَتوقراطي ا‪١‬تفرط للحياة السياسية قد انعكس سلبيا على بناء‬

‫نظاـ دٯتقراطي وذلك بسبب تكريس ىذا التسيَت ألزمة ا‪١‬تشاركة السياسية وأزمة الشرعية واللتاف تعداف من‬

‫أخطر األزمات اليت تقف عقبة ُب طريق التحوؿ الدٯتقراطي‪.‬‬

‫‪ 1‬شهيدة قادة‪" ،‬التجربة ا‪ٞ‬تزائرية ‪١‬تكافحة الفساد ومفارقاهتا‪ :‬إطار قانوين ومؤسساٌب طموح يفتقد اآلليات إلنقاذه"‪ ،‬مجلة مركز حكم‬
‫القانون ومكافحة الفساد‪ ،‬عدد‪ ،‬جويلية‪ ،2019‬عدد‪ ،01‬ص‪.08 .‬‬

‫‪336‬‬
‫فقد تكرست أزمة ا‪١‬تشاركة السياسية وبدت معا‪١‬تها من خبلؿ عزوؼ ا‪١‬تواطن ا‪ٞ‬تزائري عن ا‪١‬تشاركة ُب‬

‫ا‪ٟ‬تياة السياسية سواء عن طريق االنتخاب أو عن طريق التفاعل مع التنظيمات السياسية وا‪١‬تدنية بالًتشح‬

‫أو بالعضوية أو با‪١‬تتابعة‪ ،‬كما تكرست أزمة الشرعية كنتيجة حتمية لغياب ا‪ٟ‬تريات واستفحاؿ الفساد على‬

‫كل ا‪١‬تستويات‪ ،‬وىو األمر الذي عمق من أزمة ا‪١‬تواطنة وجعل ا‪١‬تواطن ُب حالة مواجهة دائمة مع النظاـ‬

‫انتهت با‪١‬تطالبة برحيلو ُب حراؾ ‪ 22‬فرباير ‪.2019‬‬

‫وُب ظل ىذه ا‪١‬تعطيات سعى النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري إٔب إعادة الثقة بينو وبُت ا‪١‬تواطن من خبلؿ تبٍت‬

‫‪ٚ‬تلة من السياسات اإلصبلحية خاصة منها ما تعلق بإصبلح اإلدارة وتفعيل منظومة حكم قائمة على‬

‫ا‪ٟ‬تكم الراشد‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫الخاتمة‬

‫لقد تناولت الدراسة موضوع البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر وتأثَتىا على مسار التحوؿ الدٯتقراطي‪ ،‬ومن خبلؿ‬

‫العناصر اليت ٘تت معا‪ٞ‬تتها ٘تكنت من اإلجابة على اإلشكالية ا‪١‬تطروحة باستخدامها ‪ٚ‬تلة من ا‪١‬تناىج‬

‫واالقًتابات وخطة قامت ببنائها ٔتا يتناسب وطبيعة ا‪١‬توضوع‪ ،‬وتوصلت إٔب النتائج التالية‪:‬‬

‫‪338‬‬
‫‪ -‬السلوك البيروقراطي ىو محصلة قيم مجتمعية تفرزىا السياقات التاريخية والخصائص السياسية‬

‫واالجتماعية واالقتصادية ألي نظام سياسي‪:‬‬

‫فالدور ا‪١‬تتنامي للبَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر ىو ‪٤‬تصلة لفًتات سابقة من تاريخ النظاـ السياسي واليت ال يزاؿ‬

‫ا‪ٞ‬تهاز اإلداري ٭تمل آثارىا إٔب غاية اليوـ‪ ،‬وتلخص ىذه الفًتات ُب ثبلث مراحل أساسية ىي العهد‬

‫العثماين واالستعمار الفرنسي وحكم ا‪ٟ‬تزب الواحد‪ ،‬حيث أسست مرحلة العهد العثماين لنفوذ البَتوقراطية‬

‫العسكرية وظاىرة التعفن اإلداري واالجتماعي‪ ،‬أما مرحلة االستدمار الفرنسي فورثت منها الدولة ا‪ٞ‬تزائرية‬

‫ا‪١‬تستقلة الًتسانة القانونية والنمط االستعماري ُب التنظيم اإلداري الذي كرس أسلوب ا‪ٟ‬تكم القائم على‬

‫العبلقة العمومدية اليت قوامها ضبط اجملتمع وحركيتو بصورة فوقية‪ ،‬أما مرحلة ا‪ٟ‬تزب الواحد فعرؼ فيها‬

‫ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي تضخما ُب ظل التوجو االشًتاكي القائم على تعاظم دور الدولة‪ ،‬وىي مرحلة أسست‬

‫لبسط نفوذ البَتوقراطية ُب كل ‪٣‬تاالت ا‪ٟ‬تياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وٖتو‪٢‬تا إؿ أداة ُب يد‬

‫النظاـ السياسي إلنتاج التسلط‪ ،‬وعليو فإف السياقات التارٮتية اليت تطورت من خبل‪٢‬تا البَتوقراطية سا‪٫‬تت‬

‫ُب تعظيم دورىا وأسست لبَتوقراطية مشوىة ونافذة مقابل ضعف ا‪١‬تؤسسات التمثيلية‪.‬‬

‫وتلعب االعتبارات السياسية دور مهما البَتوقراطية ُب بلورة دور البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬واليت تتلخص‬

‫عموما ُب طبيعة نظاـ ا‪ٟ‬تكم ُب ا‪ٞ‬تزائر الذي يتمحور حوؿ السلطة التنفيذية وا‪١‬تؤسسة العسكرية‪ ،‬فالسلطة‬

‫التنفيذية ‪٦‬تثلة ُب رئيس ا‪ٞ‬تمهورية تشكل عصب النظاـ السياسي مقابل ضعف السلطة التشريعية والسلطة‬

‫القضائية وعدـ استقبلليتهما ُب أداء وظائفهما‪ ،‬كما أف ا‪١‬تؤسسة العسكرية تستحوذ على القرار السياسي‬

‫و٘تارس تأثَتا بارزا منذ االستقبلؿ على ا‪١‬تشهد السياسي ا‪ٞ‬تزائري معتمدة ُب ذلك على البَتوقراطية ا‪١‬تدنية‬

‫كواجهة للحكم‪ ،‬وىذه العوامل جعلت من البَتوقراطية أداة ُب يد السلطة السياسية إلعادة إنتاج نفسها‬

‫‪٦‬تا ساىم ُب عرقلة عملية التحوؿ الدٯتقراطي ُب ظل تنامي التضخم الوظيفي وا‪٢‬تيكلي وانتشار مظاىر‬

‫‪339‬‬
‫التسيب اإلداري اليت أثرت على أداء األجهزة اإلدارية وحادت هبا من شكلها التنظيمي القائم على الرشادة‬

‫والعقبلنية إٔب تدعيم مصا‪ٟ‬تها ا‪٠‬تاصة وتكريس الفساد بكل أشكالو‪.‬‬

‫كما تشكل العوامل ا القتصادية واالجتماعية والثقافية عامبل ‪٤‬توريا ُب بناء مكانة البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪،‬‬

‫فاالقتصاد ا‪ٞ‬تزائري القائم على الريع زاد من تعزيز سياسة االستهبلؾ والدعم واإلنفاؽ وبالتإب من دور‬

‫الدولة‪ ،‬خاصة مع ارتفاع السكاف وما صاحبو من تغَت ُب ا‪١‬تؤشرات االجتماعية منها سوؽ العمل اليت ال‬

‫يزاؿ القطاع اإلداري يشغل حيزا معتربا منها ُب ظل عدـ تغَت العقلية ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تقدسة للمنصب ا‪ٟ‬تكومي‬

‫الذي يضمن الداخل الدائم واالستقرار ا‪١‬تهٍت‪ ،‬أضف إٔب ذلك التحديات التعليمية والصحية‪ ،‬أما ثقافيا‬

‫فقد سا‪٫‬تت عملية التعريب ُب تكريس الصراع الثقاُب ُب ا‪ٞ‬تزائر والذي انعكس سلبا على أداء األجهزة‬

‫البَتوقراطية بانعداـ االنسجاـ والتكيف بينها وبُت الواقع االجتماعي ُب ظل ىيمنة النخب الفرنكوفونية‬

‫منها االقتصادية واإلدارية على مراكز القرار وتضاؤؿ استفادة ا‪ٞ‬تمهور من خدمات اإلدارة‪ ،‬دوف إغفاؿ‬

‫واقع اجملتمع عموما الذي عرؼ ٖتوالت عميقة صاحبت ا‪١‬ترحلة االنتقالية وما بعدىا واليت أفرزت ‪٦‬تارسات‬

‫معادية للعقبلنية والرشاد ة وذات نزعة جهوية كرست القطيعة بُت اجملتمع والدولة وصعبت عملية االنتقاؿ‬

‫من ‪٣‬تتمع قائم على ا‪١‬تمارسات والوالءات التقليدية إٔب ‪٣‬تتمع قائم على ا‪١‬تمارسات الدٯتقراطية‪.‬‬

‫وعليو فإف العوامل التارٮتية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية ‪٣‬تتمعة جعلت من عملية تغيَت‬

‫الذىنيات ا‪١‬تتحجرة ُب اإلدارة ا‪ٞ‬تزائرية أمر صعب ا‪١‬تناؿ‪٦ ،‬تا جعل البَتوقراطية ا‪١‬تنغلقة على نفسها أكرب‬

‫مقاوـ ‪ٞ‬تل ا‪ٞ‬تهود واإلصبلحات الرامية إٔب بناء نظاـ دٯتقراطي تعددي‪.‬‬

‫‪ -‬التسيير البيروقراطي المفرط للحياة السياسية زاد من تقييد العملية الديمقراطية بكل عناصرىا من‬

‫حريات عامة وتنظيمات المجتمع المدني وانتخابات‪:‬‬

‫‪341‬‬
‫فالدولة ُب ا‪ٞ‬تزائر انتقلت إٔب الدٯتقراطية شكليا فقط من خبلؿ ا‪١‬تؤسسات وا‪١‬تنظومة القانونية وليس من‬

‫خبلؿ وعي وإدراؾ للممارسة الدٯتقراطية‪ ،‬حيث إف فكرة قدسية الدولة من خبلؿ جهازىا اإلداري فرضت‬

‫ىيمنة عل ى اآلليات الدٯتقراطية من خبلؿ تقييد معظم أشكاؿ التعبَت عن الرأي وقنوات ا‪١‬تشاركة السياسية‪،‬‬

‫ومن مظاىر ا‪٢‬تيمنة الوصاية اإلدارية على قنوات وآليات ا‪١‬تشاركة السياسية ‪٦‬تثلة ُب وزير الداخلية والوإب‪،‬‬

‫إضافة إٔب السلطة التقديرية لئلدارة ُب تفسَت القوانُت ا‪١‬تنظمة لؤلفراد وا‪ٞ‬تماعات ُب ‪٦‬تارستهم ‪ٟ‬تقوقهم‬

‫وحرياهتم واليت صيغت بعبارات واسعة وفضفاضة باسم ‪ٛ‬تاية ثوابت األمة وا‪٢‬توية الوطنية والنظاـ العاـ‬

‫واآلداب العامة وسبلمة الًتاب الوطٍت والطابع ا‪ٞ‬تمهوري للدولة‪ ،‬أضف إٔب ذلك التحكم ُب األحزاب‬

‫السياسية وا‪ٞ‬تمعيات من خبلؿ ا‪١‬تقرات والربامج وشروط الًتخيص وإجراءات التأسيس واالعتماد وا‪ٟ‬تل‬

‫ومشكل االرتباط ا‪١‬تادي بدعم الدولة‪.‬‬

‫كما تتحكم اإلدارة من خبلؿ السلطة ا‪١‬تركزية ُب العملية االنتخابية على عدة مستويات منها الًتشح‬

‫و‪ٚ‬تع التوقيعات وا‪ٟ‬تملة االنتخابية ا‪١‬تقيدة بنظاـ االجتماعات وعملية تنظيم االقًتاع وفرز األصوات‪ ،‬وىذا‬

‫التحكم راجع لعدـ استقبللية اإلدارة ا‪١‬تسؤولة عن تنظيم االنتخابات لكوهنا إدارة حكومية غَت مستقلة‪٦ ،‬تا‬

‫طرح دائما مشكل تزوير االنتخابات حيث اهتمت اإلدارة مرارا با‪٨‬تيازىا لصاّب مًتشح أو مًتشحي‬

‫السلطة‪ ،‬وىو ما أفقد لبلنتخابات مصداقيتها وقوهتا ُب بناء شرعية النظاـ السياسي ُب ا‪ٞ‬تزائر‪.‬‬

‫‪ -‬التسيير البيروقراطي للعملية الديمقراطية كرس أزمة المشاركة والشرعية لدى النظام السياسي‬

‫الجزائري‪:‬‬

‫ف التحكم ُب قنوات ا‪١‬تشاركة السياسية وتقييدىا قد عزز من أزمات النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري خصوصا‬

‫أزمة ا‪١‬تشاركة السياسية وأزمة الشرعية‪ ،‬حيث كرس تزوير االنتخابات والتحكم البَتوقراطي ُب كل ‪٣‬تريات‬

‫العملية االنتخابية ظاىرة العزوؼ االنتخايب من خبلؿ تراجع نسب ا‪١‬تشاركة ُب االستحقاقات االنتخابية‬

‫‪341‬‬
‫خاصة منها التشريعية واحمللية‪ ،‬إٯتانا من ا‪١‬تواطن أف النتائج ‪٤‬تسومة سلفا لصاّب مرشح أو مرشحي السلطة‪،‬‬

‫وذلك بالرغم من استحداث ا‪٢‬تيئة ا‪١‬تستقلة ‪١‬تراقبة االنتخابات‪ ،‬كما أف التقييد البَتوقراطي للعمل ا‪ٟ‬تزيب‬

‫وا‪ٞ‬تمعوي أدى إٔب ضعف ىذه التنظيمات وسوء عبلقتها مع ا‪١‬تواطن وحو‪٢‬تا إٔب ‪٣‬ترد أدوات لتزيُت ا‪١‬تشهد‬

‫الدٯتقراطي‪ ،‬و‪ٝ‬تح للدولة بالتفرد ٔتهمة تشكيل ا‪٠‬تريطة ا‪ٟ‬تزبية وا‪ٞ‬تمعوية من خبلؿ نظاـ الًتخيص‬

‫والتمويل‪ ،‬وجعل منها أدوات ُب يد النظاـ الريعي إلدارة ا‪١‬تشهد الدٯتقراطي ‪٦‬تا كرس الوالءات التقليدية‬

‫القائمة على ا‪ٞ‬تهوية والدين على حساب الوالء للوطن‪.‬‬

‫كما أف بقرطة ا‪ٟ‬تياة السياسية ومن ضمنها ا‪١‬تمارسات الدٯتقراطية ٓب يسهم فقط ُب إضعاؼ آليات‬

‫ا‪١‬تشاركة السياسية ولكن زاد من تعميق أزمة شرعية النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬فاالعتماد الزائد على‬

‫البَتوقراطية أدى إٔب تضخم األجهزة اإلدارية وتعقد اإلجراءات ‪٦‬تا نتج عنو فساد إداري وسياسي أصبح‬

‫ينخر ُب جسد الدولة وأفقد النظاـ السياسي شرعيتو وقبولو لدى ا‪١‬تواطنُت رغم ما يبذؿ من ‪٣‬تهودات‬

‫للقضاء عليو‪ ،‬وٕتلت مظاىره ُب الرشوة واالحتياؿ وهنب ا‪١‬تاؿ العاـ الذي عرؼ انتشارا رىيبا مع فضائح‬

‫القرف منها فضيحة ‪٣‬تمع ا‪٠‬تليفة وفضائح سوناطراؾ‪ ،‬إضافة إٔب احملسوبية وا‪ٞ‬تهوية وإساءة استعماؿ النفوذ‬

‫وكل أشكاؿ التسيب اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬نجاح إصالح البيروقراطية وعقلنتها بما يخدم التوجو الديمقراطي يحتاج إلى إصالح مجتمعي‬

‫جذري يمس النظام السياسي وجميع األنساق المحيطة بو‪:‬‬

‫وُب ىذا اإلطار تبنت ا‪ٞ‬تزائر ‪ٚ‬تلة من اآلليات وا‪١‬تداخل اإلصبلحية هبدؼ التقليل من البَتوقراطية‬

‫وترشيد استعما‪٢‬تا‪ ،‬وىي إصبلحات مست األجهزة اإلدارية وحىت البيئة ا‪٠‬تارجية ‪٢‬تذه األجهزة‪ ،‬حيث‬

‫سعت إٔب العمل على االنتقاؿ من النموذج البَتوقراطي إٔب ‪٪‬توذج ما بعد البَتوقراطية وتكريس ما يسمى‬

‫التسيَت العمومي ا‪ٞ‬تديد الذي ومن بُت أىم ‪٤‬تاوره إعطاء األولوية للشفافية والفصل بيت التدخل السياسي‬

‫‪342‬‬
‫واإلداري وتطوير نظاـ المركزية الرقابة ا‪١‬تالية‪ ،‬واعتمدت ُب ذلك على إصبلح قطاع الوظيف العمومي‬

‫للتخفيف من التضخم والًتىل اإلداري والقضاء على أشكاؿ التسيب اإلداري وٖتسُت العبلقة بُت ا‪١‬تواطن‬

‫واإلدارة‪ ،‬كما ًب الًتكيز على إصبلح اإلدارة احمللية من خبلؿ تعزيز مبدأ الدٯتقراطية التشاركية هبدؼ توسيع‬

‫قاعدة ا‪١‬تشاركة ُب ا‪ٟ‬تياة السياسية وتعزيز دور اجملالس ا‪١‬تنتخبة ودور ا‪١‬تواطن والتوفيق بُت ا‪١‬تركزية الشديدة‬

‫والبلمركزية ُب ا‪ٟ‬تقل اإلداري إل‪٧‬تاح ا‪١‬تشروع التنموي والذي ىو من أىم ٖتديات البناء الدٯتقراطي ُب‬

‫ا‪ٞ‬تزائر‪.‬‬

‫وُب ‪٣‬تاؿ آخر سعت ا‪ٞ‬تزائر إٔب تطبيق مبادئ اإلدارة اإللكًتونية هبدؼ التحوؿ من اإلدارة با‪١‬تفهوـ‬

‫البَتوقراطي إٔب اإلدارة با‪١‬تفهوـ اإللكًتوين بغية ٖتقيق القيادة عن طريق حكومة إلكًتونية ‪٦‬تا يساعد على‬

‫ٕتسيد فكرة الدٯتقراطية اإللكًتونية‪ ،‬واٗتذت ُب سبيل ذلك عدة إجراءات أ‪٫‬تها مشروع ا‪ٞ‬تزائر اإللكًتونية‬

‫وتطوير تكنولوجيا اإلعبلـ واالتصاؿ وا‪١‬تعلومات‪ ،‬غَت أف التحديات اليت تواجو تطبيق ىذه اإلدارة خاصة‬

‫منها ا‪ٞ‬تهاز البَتوقراطي ا‪١‬تقاوـ لعملية التغيَت جعل من ٖتقيق الدٯتقراطية اإللكًتونية أمرا بعيد ا‪١‬تناؿ‪.‬‬

‫وُب إطار تفعيل احملاسبة وٖتقيق الشفافية وسيادة القانوف عمدت ا‪ٞ‬تزائر إٔب تفعيل آليات ا‪ٟ‬تكم الراشد‬

‫هبدؼ القضاء على الفساد وٕتسيد دولة ا‪ٟ‬تق والقانوف مركزة ُب ذلك على بناء منظومة قانونية ومؤسساتية‬

‫ٖتارب كل أشكاؿ الفساد وُب كل مستوياتو خاصة منها ا‪١‬تستوى اإلداري‪ ،‬إضافة إٔب الًتكيز على إصبلح‬

‫قطاع العدالة لكوف السلطة القضائية الضامن األساسي الحًتاـ ا‪ٟ‬تقوؽ وا‪ٟ‬تريات الفردية وا‪ٞ‬تماعية وسيادة‬

‫القانوف الذي يضمن وضع البلعبُت السياسيُت واالجتماعيُت موضع احملاسبة‪.‬‬

‫وانطبلقا من ىذه النتائج اليت توصلت إليها الدراسة نكوف قد أجبنا على إشكالية ْتثنا ا‪١‬تتمحورة حوؿ‬

‫طبيعة العبلقة بُت البَتوقراطية والتحوؿ الدٯتقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬حيث توصلنا إٔب أف البَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر‬

‫تشكل أداة لتكريس قدسية الدولة والتحكم ُب كل مظاىر العملية الدٯتقراطية ‪٦‬تا أفضى إٔب ضعف‬

‫‪343‬‬
‫األجهزة ا‪١‬تنتخبة والتنظيمات السياسية وجعل من البَتوقراطية أداة معيقة للدٯتقراطية‪ ،‬وعليو تقدـ الدراسة‬

‫‪ٚ‬تلة من االقًتاحات اليت ٘تكن من تفعيل دور البَتوقراطية وعقلنتها ٔتا ٓتدـ ا‪١‬تسار الصحيح للتحوؿ‬

‫الدٯتقراطي‪ ،‬وأ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ -‬إعادة النظر ُب طبيعة العبلقة بُت السلطات ُب النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري ْتيث يعاد االعتبار للسلطة‬

‫التشريعية وتعزز بكفاءات من حيث التشكيل وبلليات مراقبة فعالة للسلطة التنفيذية‪ ،‬إضافة إٔب الًتكيز‬

‫على ٖتقيق استقبلؿ فعلي للسلطة القضائية خاصة ُب عبلقتها مع رئيس ا‪ٞ‬تمهورية‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة النظر ُب نظاـ الوظيف العمومي تدر‪٬‬تيا باالنتقاؿ من نظاـ الوظيف العمومي ا‪١‬تغلق إٔب النظاـ‬

‫العمومي ا‪١‬تفتوح الذي يثمن الكفاءات‪.‬‬

‫‪ -‬االعتماد على إدارة مستقلة ُب تنظيم وإدارة االنتخابات‪ ،‬وتكوف عبارة عن ىيئة منفصلة ٘تاما‬

‫عن السلطة التنفيذية ؤتيزانية خاصة وال تتبع ألية جهة وغَت مسؤولة أماـ أي وزارة أو إدارة حكومية‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪ٟ‬تد من الوصاية ا‪١‬تركزية الشديدة على كل مكونات العملية الدٯتقراطية من أحزاب و‪ٚ‬تعيات وتنظيمات‬

‫مدنية ووسائل إعبلـ‪....‬اْب‪.‬‬

‫‪ -‬ا‪٠‬تروج من دائرة االقتصاد الريعي الذي يكرس قدسية الدولة ومشوليتها ‪ٞ‬تميع ‪٣‬تاالت تنظيم اجملتمع‪،‬‬

‫وتنمية اقتصاد حقيقي ٯتكن من بناء قطاع اقتصادي خاص يلعب دورا ‪٤‬توريا ُب تشكيل ‪٣‬تتمع مدين‬

‫مستقل عن الدولة‪.‬‬

‫ويبقى أ‪٧‬تع أسلوب للرقي بالعملية الدٯتقراطية والقضاء على القيود البَتوقراطية وعلى فسادىا ىو‬

‫االىتماـ بالتعليم وتطويره لبناء مواطن صاّب يؤدي مهامو بقدر كبَت من الوعي سواء كموظف ُب األجهزة‬

‫اإلدارية أو كمسؤوؿ سياسي‪ ،‬أو كمنتخب‪ ،‬أو حىت كمواطن عادي‪.‬‬

‫‪344‬‬
345
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫أوال‪ :‬باللغة العربية‪.‬‬


‫أ‪ .‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬ابراىيمي‪ ،‬عبد ا‪ٟ‬تميد ‪ ،‬في أصل األزمة الجزائرية ‪ .2999-2958‬بَتوت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪.2001 ،‬‬
‫‪ .2‬أبراش‪ ،‬إبراىيم ‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ .‬عماف‪ :‬دار الشروؽ‪.1998 ،‬‬
‫‪ .3‬البار‪ ،‬أمُت ‪،‬التحوؿ الدٯتقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر‬
‫‪ .4‬الزبَتي‪٤ ،‬تمد العريب ‪ ،‬المؤامرة الكبرى أو إجهاض الثورة‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تؤسسة ا‪ٞ‬تزائرية‬
‫للطباعة‪.1989 ،‬‬

‫‪346‬‬
‫‪ .5‬ا‪ٟ‬تسيٍت‪ ،‬السيد ‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ :‬المفاىيم والقضايا‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬دار ا‪١‬تعرفة‬
‫ا‪ٞ‬تامعية‪.1994 ،‬‬
‫‪ .6‬السآب‪ ،‬فيصل ‪ ،‬اإلدارة العامة والتنمية‪ .‬الكويت‪ :‬جامعة الكويت‪.1978 ،‬‬
‫‪ .7‬الشطي‪ ،‬إ‪ٝ‬تاعيل ‪ ،‬الكويت وتجربة االنتقال إلى الديمقراطية‪ُ ،‬ب‪ :‬برىاف غليوف وآخروف‪،‬‬
‫مداخل االنتقال إلى الديمقراطية في البدان العربية‪ ،‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .8‬ا‪١‬تيلي‪ ،‬مبارؾ ‪ ،‬تاريخ الجزائر في القديم والحديث‪ ،‬ج‪ .3‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬مكتبة النهضة ا‪ٞ‬تزائرية‪،‬‬
‫‪.1964‬‬
‫‪ .9‬األزرؽ‪ ،‬مغنية ‪ ،‬نشوء الطبقات في الجزائر‪ ،‬دراسة في االستعمار والتغيير االجتماعي –‬
‫السياسي‪ ،‬تر‪ٝ .‬تَت كرـ‪ .‬بَتوت‪ :‬دار األْتاث العربية‪.1980 ،‬‬
‫‪ .10‬بن خدة‪ ،‬بن يوسف‪ ،‬اتفاقيات إيفيان نهاية حرب التحرير في الجزائر‪ ،‬تعريب ‪ٟ‬تسن‬
‫زغدار و‪٤‬تل العُت جبائلي‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪.1987 ،‬‬
‫‪ .11‬أنتوين جيدنز‪ ،‬تر‪ٚ‬تة أ‪ٛ‬تد زايد وعدٕب السمري وآخروف‪ ،‬مقدمة نقدية في علم‬
‫االجتماع‪ .‬القاىرة‪ :‬مركز البحوث والدراسات االجتماعية‪ ،‬ط‪.2006 ،2‬‬
‫‪ .12‬أنتوين جيدنز‪ ،‬تر‪ٚ‬تة فايز الصياغ‪ ،‬علم االجتماع‪ .‬بَتوت‪ :‬ا‪١‬تنظمة العربية للًت‪ٚ‬تة‪ ،‬أكتوبر‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .13‬السيد إ‪ٝ‬تاعيل‪ٜ ،‬تيس‪ ،‬مرجع سابق‪ٜ ،‬تيس السيد إ‪ٝ‬تاعيل‪ ،‬اإلدارة العامة والتنظيم‬
‫اإلداري في الجمهورية الجزائرية‪ ،‬دراسة نظرية تطبيقية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر‪.1975 ،‬‬
‫‪ .14‬الرياشي‪ ،‬سليماف وآخروف‪ ،‬األزمة الجزائرية الخلفيات السياسية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية والثقافية‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.1996 ،‬‬
‫‪ .15‬ا‪ٟ‬تمش‪ ،‬منَت ‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ :‬الفساد‪ ،‬اإلصالح‪ ،‬التنمية‪ .‬دمشق‪ :‬اٖتاد الكتاب‬
‫العرب‪.2006 ،‬‬
‫‪ .16‬فتحي إبراىيم عبد اهلل‪ ،‬شادية‪ ،‬االتجاىات المعاصرة في دراسة النظرية الديمقراطية‪.‬‬
‫عماف‪ :‬ا‪١‬تركز العلمي للدراسات السياسية‪.2005 ،‬‬
‫‪ .17‬اسحاؽ طانيوس بولس‪ ،‬مينا ‪ ،‬التحول الديمقراطي في كوريا الجنوبية وأثره في تغيير‬
‫سياستها الخارجية اتجاه كوريا الشمالية‪ .‬القاىرة‪ :‬ا‪١‬تكتب العريب للمعارؼ‪.2014 ،‬‬
‫‪ .18‬العنيب‪ ،‬رضواف بن علي ‪ ،‬البيروقراطية اإلدارية ومسألة التقويم التنظيمي‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬الدار‬
‫ا‪ٞ‬تزائرية‪.2015 ،‬‬

‫‪347‬‬
‫‪ .19‬هبلوؿ‪ٛ ،‬تد بلقاسم ‪ ،‬الجزائر بين األزمة االقتصادية واألزمة السياسية‪ ،‬تشريح‬
‫وضعية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬مطبعة دحلب‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ف‪.‬‬
‫‪ .20‬بوالشعَت‪ ،‬سعيد ‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار ا‪٢‬تدى‪ ،‬ط‪.1993 ،2‬‬
‫‪ .21‬بوالشعَت‪ ،‬سعيد ‪ ،‬النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في‬
‫ضوء دستور ‪ .2996‬السلطة التنفيذية‪ ،‬ج‪ .3.‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ .22‬بوزيدي‪ ،‬عبد اجمليد ‪ ،‬تسعينيات االقتصاد الجزائري‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬موفم للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ .23‬بوحوش‪ ،‬عمار ‪ ،‬دور البيروقراطية في المجتمعات المعاصرة‪ .‬عماف‪ :‬ا‪١‬تنظمة العربية‬
‫للعلوـ اإلدارية‪.1983 ،‬‬
‫‪ .24‬بوحوش‪ ،‬عمار ‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية ‪ .2962‬بَتوت‪ :‬دار‬
‫الغرب اإلسبلمي‪.1997 ،‬‬
‫‪ .25‬يب ‪ٝ‬تيث‪ ،‬كيف نفهم سياسات العآب الثالث‪ ،‬نظريات التغيير السياسي والتنمية‪ ،‬تر‪.‬‬
‫خليل كلفت‪ .‬القاىرة‪ :‬ا‪١‬تركز القومي للًت‪ٚ‬تة‪.2011 ،‬‬
‫‪ .26‬بسيوين‪ ،‬عبد الغٍت عبد اهلل‪ ،‬أصوؿ علم اإلدارة العامة ‪ :‬دراسة ألصول و مبادئ علم‬
‫اإلدارة وتطبيقاتها في اإلسالم و ال‪.‬م‪.‬ا و فرنسا مصر لبنان‪ .‬بَتوت‪ :‬الدار ا‪ٞ‬تامعية‪،‬‬
‫‪.1983‬‬
‫‪ .27‬بوليفة‪٤ ،‬تمد عمراف ‪ ،‬مجلس األمة الجزائري بعده التمثيلي ودوره في االستقرار‬
‫المؤسسي‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2018 ،‬‬
‫‪ .28‬بوضياؼ‪ ،‬عمار ‪ ،‬التنظيم اإلداري في الجزائر بين النظرية والتطبيق‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬جسور‬
‫للنشر والتوزيع‪.2010 ،‬‬
‫‪ .29‬بوضياؼ‪ ،‬عمار‪ ،‬شرح قانون الوالية‪-‬القانون ‪ 27-22‬المؤرخ في ‪ 22‬فبراير‬
‫‪ .2222‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬جسور للنشر والتوزيع‪.2012 ،‬‬
‫‪ .30‬بن أشنهو‪ ،‬عبد اللطيف ‪ ،‬عصرنة الجزائر‪ ،‬حصيلة وآفاق ‪ .2229-299‬ا‪ٞ‬تزائر‪:‬‬
‫د‪.‬ـ‪.‬ف‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ف‪.‬‬
‫‪ .31‬بن دعيدة‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬التجربة ا‪ٞ‬تزائرية ُب اإلصبلحات االقتصادية‪ُ ،‬ب‪ :‬عبد العزيز شرايب‬
‫وآخروف‪ ،‬اإلصالحات االقتصادية وسياسات الخصخصة في البلدان العربية‪ ،‬بَتوت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪.1999 ،‬‬

‫‪348‬‬
‫‪ .32‬بكيس‪ ،‬نور الدين‪ ،‬الحركات االحتجاجية في الجزائر من المواجهة إلى االحتواء‪.‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬النشر ا‪ٞ‬تامعي ا‪ٞ‬تديد‪.2018 ،‬‬
‫‪ .33‬بن خدة‪ ،‬بن يوسف‪ ،‬اتفاقيات إيفيان نهاية حرب التحرير في الجزائر‪ ،‬تعريب ‪ٟ‬تسن‬
‫زغدار و‪٤‬تل العُت جبائلي‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪.1987 ،‬‬
‫‪ .34‬بولكعيبات‪ ،‬أحبلـ المجتمع المدني والسلطة ‪ ،‬الحالة الجزائرية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ألفا‬
‫للوثائق‪.2019 ،‬‬
‫‪ .35‬جيمس أندرسوف‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬تر‪ .‬عامر الكبيسي‪ .‬األردف‪ :‬دار ا‪١‬تسَتة‪،‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ .36‬جابريل أ‪١‬توند‪ ،‬بنقهاـ باوؿ‪ ،‬السياسة المقارنة‪ ،‬تر‪.‬أ‪ٛ‬تد عناين‪ ،‬القاىرة‪ :‬دار الطباعة‬
‫القومية‪.1980 ،‬‬
‫‪ .37‬درويش‪ ،‬عبد الكرًن ‪ ،‬تكبل‪ ،‬ليلى ‪ ،‬اإلدارة العامة‪ .‬القاىرة‪ :‬مكتبة اال‪٧‬تلو مصرية‪،‬‬
‫‪.1974‬‬
‫‪ .38‬ديداف‪ ،‬مولود ‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار بلقيس للنشر‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪٫ .39‬تيسي‪ ،‬مصطفى ‪ ،‬من بربروس إلى بوتفليقة‪ ،‬كيف تحكم الجزائر‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار‬
‫ىومة‪ ،‬ط‪.2013 ،2‬‬
‫‪ .40‬ىويدي‪ ،‬عبد الباسط ‪ ،‬نظام التعليم في الجزائر وعالقتو باالستراتيجيات التنموية‪.‬‬
‫األردف‪ :‬دار ا‪ٟ‬تامد للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.2016 ،1.‬‬
‫‪ .41‬وىبة‪ ،‬ربيع‪ ،‬الحركات االحتجاجية في الوطن العربي (مصر‪ ،‬المغرب‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫البحرين‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سورية‪ ،‬األردن)‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2014 ،‬‬
‫‪ .42‬وإب‪ٜ ،‬تيس حزاـ ‪ ،‬إشكالية الشرعية في األنظمة السياسية العربية‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪.2003 ،‬‬
‫‪ .43‬واُب‪ ،‬ا‪ٛ‬تد ‪ ،‬النظرية العامة للدولة والنظام السياسي‪ :‬الجزائر في ظل دستور‪.2989‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تؤسسة الوطنية للطباعة‪.1992 ،‬‬
‫‪ .44‬زغدور‪ ،‬علي ‪ ،‬اإلدارة المركزية في الجمهورية الجزائرية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر‬
‫والتوزيع‪.1977 ،‬‬
‫‪ .45‬زماـ‪ ،‬نور الدين‪ ،‬السلطة الحاكمة والخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري ‪-2962‬‬
‫‪ .2998‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار الكتاب العريب‪.2002 ،‬‬

‫‪349‬‬
‫‪ .46‬حامد‪ ،‬فداء‪ ،‬اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬األسس النظرية والتطبيقية‪ .‬األردف‪ :‬دار مكتبة‬
‫الكندي للنشر والتوزيع‪.2015 ،‬‬
‫‪ .47‬حباين‪ ،‬رشيد ‪ ،‬دليل الموظف والوظيفة العمومية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار النجاح‪.2012 ،‬‬
‫‪ .48‬حجيج ‪،‬آماؿ وآخروف‪ ،‬المغرب العربي ثقل المواريث ونداء المستقبل‪ .‬بَتوت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪.2013 ،‬‬
‫‪ .49‬حسن‪ ،‬عادؿ ‪ ،‬زىَت‪ ،‬مصطفي ‪ ،‬اإلدارة العامة‪ .‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية‪.1978 ،‬‬
‫‪ .50‬طامشة‪ ،‬بومدين ‪ ،‬البيروقراطية والتنمية السياسية في الجزائر‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة‬
‫الوفاء القانونية‪.2015 ،‬‬
‫‪ .51‬ماركس فريتز مورستا ين‪ ،‬دولة اإلدارة‪ ،‬تر‪.‬إبراىيم علي‪ .‬القاىرة‪ :‬مكتبة اال‪٧‬تلو ا‪١‬تصرية‪،‬‬
‫‪.1963‬‬
‫‪٤ .52‬تمد‪ ،‬علي ‪٤‬تمد‪ ،‬البيروقراطية الحديثة‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬دار الكتب ا‪ٞ‬تامعية‪.1975 ،‬‬
‫‪ .53‬مور بَتجر‪ ،‬البيروقراطية والمجتمع في مصر الحديثة‪ :‬دراسات عن موظفي‬
‫الحكومة‪ ،‬تر‪٤ .‬تمد توفيق رمزي‪ .‬القاىرة‪ :‬مكتبة النهضة ا‪١‬تصرية‪.1969 ،‬‬
‫‪ .54‬مغيش‪ ،‬كنزة‪ ،‬جدلية التحالف واالنقسام في اللعبة السياسية في الجزائر‪ :‬مقاربة‬
‫سوسيولوجية سياسية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬الدار ا‪ٞ‬تزائرية للنشر والتوزيع‪.2017 ،‬‬
‫‪ .55‬نواري‪ ،‬نصر الدين ‪ ،‬الصحافة واإلرىاب في الجزائر‪ .‬األردف‪ :‬دار اليازوردي العلمية‬
‫للنشر والتوزيع‪.2015 ،‬‬
‫‪ .56‬لعمَتي‪ ،‬عبد ا‪ٟ‬تق ‪ ،‬عشرية الفرصة األخيرة‪ ،‬االقتصاد الجزائري االزدىار أو‬
‫االنهيار ?‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬منشورات الشهاب‪.2015 ،‬‬
‫‪١ .57‬تاـ‪٤ ،‬تمد حليم ؿ‪ ،‬الفساد النسقي والدولة السلطوية‪ ،‬حالة الجزائر منذ االستقالل‪.‬‬
‫بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2017 ،‬‬
‫‪ .58‬لطاد بن ‪٤‬ترز‪ ،‬ليندة‪ ،‬المجتمع المدني ودوره في بناء الدولة والتحوالت السيسية‬
‫دراسة تطبيقية الجزائر أنموذجا‪ .‬القاىرة‪ :‬دار الكتاب ا‪ٟ‬تديث‪.2016 ،‬‬
‫‪ .59‬ليوف ترو تسكي‪ ،‬الثورة المغدورة‪ .‬نقد التجربة الستالينية‪ ،‬تر‪.‬رفيق سليم‪ ،‬ط‪.2.‬‬
‫بَتوت‪ :‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪.1980 ،‬‬
‫‪ .60‬ماضي‪ ،‬عبد الفتاح ‪ ،‬العنف والتحول الديمقراطي في مصر بعد الثورة‪ .‬مصر‪ :‬دار‬
‫البشَت للثقافة والعلوـ‪.2015 ،‬‬

‫‪351‬‬
‫‪ .61‬مرار‪ ،‬فيصل فخري ‪ ،‬البيروقراطية بين االستمرارية والزوال‪ .‬القاىرة‪ :‬ا‪١‬تنظمة العربية‬
‫للعلوـ اإلدارية‪.1978 ،‬‬
‫‪ .62‬مقدـ‪ ،‬سعيد ‪ ،‬الوظيفة العمومية بين التطور والتحول من مظور تسيير الموارد‬
‫البشرية وأخالقيات المهنة‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪.2010 ،‬‬
‫‪ .63‬نواري‪ ،‬نصر الدين ‪ ،‬الصحافة واإلرىاب في الجزائر‪ .‬األردف‪ :‬دار اليازوردي العلمية‬
‫للنشر والتوزيع‪.2015 ،‬‬
‫‪ .64‬نور اهلل‪ ،‬كماؿ‪ ،‬البيروقراطية والتغيير‪ .‬دمشق‪ :‬طبلس للًت‪ٚ‬تة والدراسات والنشر‪،‬‬
‫‪.1992‬‬
‫‪ .65‬نصر‪ ،‬عبد ا‪١‬تعز ‪ ،‬في النظريات والنظم السياسية‪ .‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪.1981‬‬
‫‪ .66‬سليماف‪ ،‬عصاـ ‪ ،‬مدخل إلى علم السياسة‪ ،‬ط‪ .2.‬بَتوت‪ :‬دار النضاؿ للنشر‬
‫والتوزيع‪.1989 ،‬‬
‫‪ٝ .67‬تارة‪ ،‬نصَت ‪ ،‬ظاىرة التسيب إلداري في الجزائر‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬منشورات اجمللس األعلى‬
‫للغة العربية‪.2005 ،‬‬
‫‪ .68‬سعداوي‪ ،‬نبيل ‪ ،‬العنف السياسي وانعكاساتو على مسار التحول الديمقراطي في‬
‫المنطقة العربية‪ .‬دراسة الحالة المصرية في ظل الحراك الشعبي‪ :‬مركز الكتاب‬
‫األكادٯتي‪.2018 ،‬‬
‫‪ .69‬سعد اهلل‪ ،‬عمر‪ ،‬المنظمات غير الحكومية في الجزائر بعد االستقالل‪ ،‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار‬
‫ىومة للطباعة والنشر والتوزيع‪.2014 ،‬‬
‫‪ .72‬عاشور‪ ،‬ا‪ٛ‬تد صقر ‪ ،‬اإلدارة العامة مدخل بيئي مقارن‪ ،‬ط‪ .1.‬بَتوت‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية‪.1979 ،‬‬
‫‪ .71‬عبد الر‪ٛ‬تن‪ ،‬أسامة ‪ ،‬البيروقراطية النفطية ومعضلة التنمية‪ :‬مدخل إلى دراسة إدارة‬
‫التنمية في دول الجزيرة العربية المنتجة للنفط‪ .‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف‬
‫واآلداب‪.1978 ،‬‬
‫‪ .72‬عودة‪٤ ،‬تمود ‪ ،‬أسس علم االجتماع‪ .‬بَتوت‪ :‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪.1995 ،‬‬
‫‪ .73‬عبد النور‪ ،‬ناجي ‪ ،‬النظام السياسي الجزائري من األحادية إلى التعددية السياسية‪.‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪.2006 ،‬‬

‫‪351‬‬
‫‪ .74‬عوابدي‪ ،‬عمار ‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تؤسسة الوطنية للكتاب‪.1990 ،‬‬
‫‪ .75‬عبدٕب‪ ،‬سفياف ‪ ،‬ضمانات استقاللية السلطة القضائية بين الجزائر وفرنسا‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪:‬‬
‫نور للنشر‪.2011 ،‬‬
‫‪ .76‬فاخوري‪ ،‬جبلؿ زواد ‪ ،‬البيروقراطية والتنظيم اإلداري في األردن‪ .‬عماف‪ :‬مركز‬
‫الدراسات واالستشارات‪-‬جامعة العلوـ التطبيقية‪.1998 ،-‬‬
‫‪ .77‬فَتيل‪ ،‬ىيدي ‪ ،‬اإلدارة العامة منظور مقارن‪ ،‬تر‪٤.‬تمد قاسم القريوٌب‪ ،‬ط‪ .2.‬ا‪ٞ‬تزائر‪:‬‬
‫ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪.1979 ،‬‬
‫‪ .78‬فتحي إبراىيم عبد اهلل‪ ،‬شادية‪ ،‬االتجاىات المعاصرة في دراسة النظرية الديمقراطية‪.‬‬
‫عماف‪ :‬ا‪١‬تركز العلمي للدراسات السياسية‪.2005 ،‬‬
‫‪ .79‬صامويل ىنتجتوف‪ ،‬النظام السياسي لمجتمعات متغيرة‪ ،‬تر‪ٝ .‬تية فلو عبود‪ .‬بَتوت‪:‬‬
‫دار الساقي‪.1993 ،1،‬‬
‫‪ .80‬صبلح عبد الرزاؽ داود‪ ،‬عماد‪ ،‬الفساد واإلصالح‪ .‬دمشق‪ :‬اٖتاد الكتاب العرب‪،‬‬
‫‪.2003‬‬
‫‪ .81‬قاسيمي‪ ،‬آماؿ ‪٘ ،‬تغارت‪ ،‬أ‪ٝ‬تهاف ‪ ،‬الجزائر إشكالية الواقع ورؤى المستقبل‪ .‬بَتوت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪.2013 ،‬‬
‫‪ .82‬قجإب‪ ،‬آمنة ‪ ،‬اإلعالم والعنف السياسي‪ .‬األردف‪ :‬مركز الكتاب األكادٯتي‪.2015 ،‬‬
‫‪ .83‬رخيلة‪ ،‬عامر ‪ ،‬التطور السياسي والتنظيمي لحزب جبهة التحرير الوطني ‪-2962‬‬
‫‪ 2982‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪.1993 ،‬‬
‫‪ .84‬شريف‪ ،‬علي ‪ ،‬اإلدارة العامة مدخل األنظمة‪ .‬بَتوت‪ :‬الدار ا‪ٞ‬تامعية‪.1989 ،‬‬
‫‪ .85‬توفيق إبراىيم‪ ،‬حسنُت‪ ،‬النظم السياسية العربية االتجاىات الحديثة في دراستها‪،‬‬
‫ط‪ .2‬بَتوت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .86‬توـ بوتومور‪ ،‬الصفوة والمجتمع‪ :‬دراسة في علم االجتماع السياسي‪ ،‬ط‪ ،2 .‬تر‪.‬‬
‫‪٤‬تمد ا‪ٞ‬توىري وآخروف‪ .‬القاىرة‪ :‬دار ا‪١‬تعارؼ‪.1978 ،‬‬
‫‪ .87‬توفيق إبراىيم‪ ،‬حسنُت ‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ ،‬االتجاىات الحديثة في دراستها‪.‬‬
‫بَتوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ .‬ط‪.2008 ،2‬‬
‫‪ .88‬خرُب‪ ،‬ىامشي‪ ،‬الوظيفة العمومية على ضوء التشريعات الجزائرية وبعض التجارب‬
‫األجنبية‪ .‬ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬دار ىومة‪.2010 ،‬‬

‫‪352‬‬
‫‪ .89‬الكيإب‪ ،‬عبد الوىاب‪ ،‬وآخروف‪ ،‬موسوعة السياسة‪ ،‬ج‪ .1 .‬بَتوت‪ :‬ا‪١‬تؤسسة العربية‬
‫للدراسات والنشر‪ ،1994 ،‬ص‪.644‬‬
‫ب‪ .‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ .90‬الوحيشي‪ ،‬علي مصباح ‪٤‬تمد‪" ،‬دراسة نظرية ُب التحوؿ الدٯتقراطي"‪ ،‬مجلة كلية‬
‫االقتصاد للبحوث العلمية‪ ،‬مج ‪ ،01‬ع ‪ ،02‬أكتوبر ‪.2015‬‬
‫‪ .91‬ا‪١‬تنوُب‪ ،‬كماؿ ‪" ،‬الثقافة السياسية وأزمة الدٯتقراطية ُب الوطن العريب"‪ ،‬المستقبل‬
‫العربي‪،‬ع‪ ،80 .‬أكتوبر ‪.1985‬‬
‫‪ .92‬بوكرا‪ ،‬إدريس‪" ،‬نظاـ اعتماد األحزاب السياسية وفقا لؤلمر ‪ 09/97‬ا‪١‬تتضمن القانوف‬
‫العضوي لؤلحزاب السياسية بُت ا‪ٟ‬ترية والتقييد"‪ ،‬مجلة إدارة‪ ،‬مج ‪ ،08‬ع‪.1998 ،02.‬‬
‫‪ .93‬بلعطاؿ‪ ،‬عياش " أثر سياسة التوسع ُب اإلنفاؽ العاـ خبلؿ فًتة ‪ 2014-2001‬على‬
‫التنمية البشرية ُب ا‪ٞ‬تزائر"‪ ،‬مجلة اإلصالحات االقتصادية واالندماج في االقتصاد‬
‫العالمي‪ ،‬مج‪ ،13‬ع‪2019 ،01.‬‬
‫‪ .94‬بن حسُت‪ ،‬ناجي ‪" ،‬التنمية ا‪١‬تستدامة ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬حتمية االنتقاؿ من االقتصاد الريعي‬
‫إٔب تنويع االقتصاد"‪ ،‬مجلة االقتصاد والمجتمع‪ ،‬ع ‪.2008 ،05‬‬
‫‪ .95‬بلغيث‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬تطور االنتخابات الرئاسية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬ا‪١‬تضامُت السياسية والقانونية‪،‬‬
‫‪٣‬تلة العلوـ القانونية والسياسية‪ ،‬مج ‪ ،10‬ع ‪ ،02‬سبتمرب ‪.2019‬‬
‫‪ .96‬بوسعيود‪ ،‬سارة‪ ،‬عقوف‪ ،‬شراؼ‪" ،‬واقع الفساد ُب ا‪ٞ‬تزائر وآليات مكافحتو"‪ ،‬مجلة‬
‫البحوث االقتصادية والمالية‪ ،‬مج ‪ ،05‬ع ‪ ،01‬جواف ‪.2018‬‬
‫‪ .97‬جيبلٕب‪ ،‬عبد الرزاؽ‪ ،‬بلعادي‪ ،‬إبراىيم‪" ،‬ا‪ٟ‬تركة ا‪ٞ‬تمعوية ُب ا‪ٞ‬تزائربُت ىيمنة الدولة‬
‫واالستقطاب ا‪ٟ‬تزيب‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬مج ‪ ،27‬ع ‪ ،314‬أفريل ‪.2005‬‬
‫‪ٛ .98‬تدي‪ ،‬عبد الر‪ٛ‬تن‪" ،‬ظاىرة التحوؿ الدٯتقراطي ُب إفريقيا‪ :‬القضايا والنماذج وآفاؽ‬
‫ا‪١‬تستقبل"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬ع ‪ ،113‬جويلية ‪.1993‬‬
‫‪ٛ .99‬تة غريب عبد اهلل‪ ،‬كنعاف ‪" ،‬أثر االقتصاد الريعي على النظاـ السياسي"‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫التنمية البشرية‪ ،‬مج‪ ،3‬ع‪ ،3‬آب ‪.2017‬‬
‫‪ .100‬حاروش‪ ،‬نور الدين‪" ،‬لسياسة الصحية ُب ا‪ٞ‬تزائر بُت الرىانات والواقع"‪ ،‬دراسات‬
‫استراتيجية‪ ،‬ع ‪ ،07‬جواف ‪.2009‬‬

‫‪353‬‬
‫‪ .101‬بوطروة‪ ،‬فضيلة‪ٝ ،‬تايلي‪ ،‬نوفل‪" ،‬تأثَت ظاىرة الفساد اإلداري على حقوؽ اإلنساف‬
‫والتنمية البشرية ُب ا‪ٞ‬تزائر مع إشارة ألىم الوسائل القانونية ‪١‬تكافحتو"‪ ،‬مجلة حكم القانون‬
‫ومكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪.2019‬‬
‫‪ .102‬لوشُت‪ ،‬حوسُت‪" ،‬مؤسسات التعليم والتكوين ُب ا‪ٞ‬تزائر –رؤية لواقع تعليمي متغَت‬
‫واسًتاتيجية ٖتقيق توازنو‪ ،"-‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬مج‪ ،05‬ع ‪ ،10‬أكتوبر‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ .103‬لعروسي‪ ،‬رابح‪" ،‬عبلقة العسكري بالسياسي ُب تاريخ ا‪ٞ‬تزائر ا‪١‬تعاصرة"‪ ،‬المجلة العربية‬
‫للعلوم السياسية‪ ،‬ع ‪ ،29‬شتاء ‪.2011‬‬
‫‪٠ .104‬تضاري‪ ،‬منصور‪ ،‬ا‪ٞ‬تيش وٕتربة االنتقاؿ الدٯتقراطي ُب ا‪ٞ‬تزائر" ‪،"1992-1988‬‬
‫المستقبل العربي‪ ،‬ع ‪ ،465‬نوفمرب ‪.2017‬‬
‫‪ .105‬مزارة‪ ،‬زىَتة‪" ،‬ا‪ٟ‬تراؾ الشعيب ما بعد الربيع العريب‪ :‬بُت مطالب التغيَت ا‪ٞ‬تذري للنظاـ‬
‫واستكماؿ عملية البناء الدٯتقراطي ( ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬السوداف أ‪٪‬توذجا)"‪ ،‬مجلة الفكر القانوني‬
‫والسياسي‪ ،‬مج ‪ ،04‬ع ‪.2020 ،02‬‬
‫‪ .106‬مهابة‪ ،‬أ‪ٛ‬تد‪" ،‬االنتخابات ا‪ٞ‬تزائرية من الذي كسب الرىاف؟"‪ ،‬السياسة الدولية‪،‬‬
‫ع‪ ،129‬جويلية ‪.1997‬‬
‫‪ .107‬مصطفى‪ ،‬ىالة‪" ،‬الدٯتقراطية بُت االنتخابات والقيم الليربالية"‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬ع‪،‬‬
‫‪ ،140‬أبريل ‪.2000‬‬
‫‪ .108‬نزوانكو‪ ،‬جاؾ ماريل‪" ،‬إفريقيا والدٯتقراطية"‪ ،‬تر‪ .‬فرحات توما‪ ،‬المجلة الدولية للعلوم‬
‫االحتماعية‪ ،‬ع ‪ ،128‬ماي ‪.1991‬‬
‫‪ .109‬سايح‪ ،‬فاطيمة‪" ،‬دور الفساد ا‪١‬تإب واإلداري ُب انبثاؽ ا‪ٟ‬تراؾ الشعيب ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬دراسة‬
‫عينة من ا‪١‬تشاركُت ُب ا‪ٟ‬تراؾ الشعيب"‪ ،‬مجلة التكامل االقتصادي‪ ،‬مج ‪ ،07‬ع ‪،03‬‬
‫سبتمرب ‪.2019‬‬
‫‪ .110‬سحوت‪ ،‬جهيد‪" ،‬عن فتح قطاع اإلعبلـ السمعي البصري أماـ ا‪١‬تنافسة ا‪ٟ‬ترة"‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬مج ‪ ،10‬ع‪ ،01‬أفريل ‪.2019‬‬
‫‪ .111‬سبلمة‪ ،‬حسن ‪٤‬تمد ‪" ،‬أثر العو‪١‬تة على تطور النظاـ السياسي"‪ ،‬مجلة الديمقراطية‪،‬‬
‫ع‪ ،02‬ربيع ‪.2001‬‬
‫‪ .112‬عبدوس‪ ،‬عبد ا‪ٟ‬تميد ‪"،‬الصراع اللغوي والتعريب ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬مقابلة مع تركي رابح‬
‫عمارة"‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬السنة ‪ ،21‬ع ‪.138‬‬

‫‪354‬‬
‫‪ .113‬عوابدي‪ ،‬عمار ‪" ،‬عبلقة التنمية اإلدارية بالتنمية االقتصادية"‪ ،‬إدارة‪ ،‬مج‪ ،06‬ع‪،02‬‬
‫‪.1996‬‬
‫‪ .114‬عيساوي‪ ،‬نصر الدين‪" ،‬تقلبات أسعار احملروقات وآثارىا على االقتصاديات الريعية‪-‬‬
‫دراسة حالة االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري‪ ،"-‬مجلة البحوث االقتصادية والمالية‪ ،‬ع‪ ،05‬جواف‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ .115‬عوُب‪ ،‬مصطفى‪ ،‬بلوصيف‪ ،‬الطيب ‪" ،‬اإلعبلـ والتحوؿ الدٯتقراطي"‪ ،‬مجلة علوم‬
‫اإلنسان والمجتمع‪ ،‬ع‪ ،09 .‬مارس‪.2014‬‬
‫‪ .116‬عماري‪ ،‬عمار‪ " ،‬االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬ا‪١‬تاضي القريب واستشراؼ ا‪١‬تستقبل"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ع ‪ ،14‬ديسمرب ‪.2000‬‬
‫‪ .117‬عشور‪ ،‬طارؽ‪ ،‬مقاربة التسيَت العمومي ا‪ٞ‬تديد كللية لتدعيم وتعزيز تنافسية وكفاءة‬
‫ا‪١‬تنظمات ا‪ٟ‬تكومية‪ ،‬مجلة أداء المؤسسات الجزائرية‪ ،‬ع ‪.2012-2011 ،01‬‬
‫‪ .118‬فَتـ‪ ،‬فاطمة الزىراء‪" ،‬اإلصبلح اإلداري ودوره ُب ٖتسُت األداء الوظيفي"‪ ،‬مجلة‬
‫الحقوق والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مج‪ ،11‬العدد ‪.2013 ،01‬‬
‫‪ .119‬قشنوبة‪ ،‬عبد الر‪ٛ‬تن‪" ،‬الصحافة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪٠‬تاصة‪ :‬رىانات وٖتديات"‪ ،‬مجلة تاريخ‬
‫العلوم‪ ،‬عدد ‪ ،10‬ديسمرب ‪.2017‬‬
‫‪ .120‬قاسي‪ ،‬فوزية ‪ ،‬بومدين‪ ،‬عريب ‪" ،‬العبلقة بُت ا‪ٞ‬تيش والسلطة السياسية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬بُت‬
‫حكم الواقع وٖتديات نزع الطابع العسكري"‪ ،‬سياسات عربية‪ ،‬ع ‪.2016 ،19‬‬
‫‪ .121‬قوراح‪ ،‬ٯتينة ‪ ،‬الشعويب‪ ،‬فضيلة‪" ،‬االنتقاؿ الدٯتغراُب ُب ا‪ٞ‬تزائر"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬ع ‪ ،13‬جويلية ‪.2015‬‬
‫‪ .122‬قوقة ‪ ،‬وداد‪ ،‬دور ا‪ٞ‬تكومات اإللكًتونية ُب تفعيل الدٯتقراطية اإللكًتونية‪٣ ،‬تلة العلوـ‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ع ‪ ،46‬ديسمرب ‪.2016‬‬
‫‪ .123‬رفاع‪ ،‬شريفة‪ ،‬نظرية اإلدارة العامة ا‪ٟ‬تديثة ودورىا ُب معا‪ٞ‬تة إشكالية إدماج مفهوـ األداء‬
‫ُب ا‪٠‬تدمة العمومية‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬عدد ‪.2008 ،06‬‬
‫‪ .124‬شايب‪٤ ،‬تمد‪ ،‬ـ مدى ا‪ٞ‬تاىزية اإللكًتونية للحكومة ا‪ٞ‬تزائرية‪ ،‬مؤشر االستخداـ‬
‫التكونولوجي مثاال ( ‪ ،)2016 -2012‬المجلة الدولية للمعلوماتية‪ ،‬مج ‪ ،05‬ع ‪،10‬‬
‫جويلية ‪.2017‬‬
‫‪ .125‬جيبلٕب‪ ،‬عبد الرزاؽ‪ ،‬بلعادي‪ ،‬إبراىيم‪" ،‬ا‪ٟ‬تركة ا‪ٞ‬تمعوية ُب ا‪ٞ‬تزائربُت ىيمنة الدولة‬
‫واالستقطاب ا‪ٟ‬تزيب‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬مج ‪ ،27‬ع ‪ ،314‬أفريل ‪.2005‬‬

‫‪355‬‬
‫‪ .126‬تريكي‪ ،‬حساف‪" ،‬التنمية وٖتديات النمو السكاين السريع ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬إ‪٧‬تازات‬
‫وإخفاقات"‪ ،‬مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬ع‪ ،40‬ديسمرب ‪.2014‬‬
‫ت‪ .‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ .127‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 22-22‬المتعلق بنظام‬
‫االنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،01‬الصادرة بتاريخ ‪ 14‬يناير ‪،2012‬‬
‫‪ .128‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 24-22‬المتعلق باألحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،02‬الصادرة بتاريخ ‪ 05‬جانفي ‪.2012‬‬
‫‪ .129‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 25-22‬المتعلق باإلعالم‪،‬‬
‫ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،02‬الصادرة بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ .130‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 26-22‬المتعلق‬
‫بالجمعيات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،02‬الصادرة بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ .131‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 24-24‬المتعلق بالنشاط‬
‫السمعي البصري‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،16‬الصادرة ُب ‪ 23‬مارس ‪.2014‬‬
‫‪ .132‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون العضوي ‪ 22-26‬المتعلق‬
‫باالنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،50‬الصادرة بتاريخ ‪ 28‬أوت ‪.2016‬‬
‫‪ .133‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 22-78‬المتضمن القانون األساسي‬
‫العام للعامل‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،31‬الصادرة بتاريخ ‪ 08‬أوت ‪.1978‬‬
‫‪ .134‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 28-89‬المتعلق باالجتماعات‬
‫والمظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،04‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬جانفي ‪.1990‬‬
‫‪ .135‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 22-89‬المتعلق بالجمعيات ذات‬
‫الطابع السياسي‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،27‬الصادرة بتاريخ ‪ 05‬يوليو ‪.1989‬‬
‫‪ .136‬القانون ‪ 23-89‬المتضمن قانون االنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،32‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 07‬أوت ‪ ،1989‬ا‪١‬تادة ‪123‬‬
‫‪ .137‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 32-92‬المتعلق بالجمعيات‪ ،‬ا‪١‬تؤرخ‬
‫ُب ‪ 04‬ديسمرب ‪ ،1990‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،53‬الصادرة بتاريخ ‪ 05‬ديسمرب ‪.1990‬‬
‫‪ .138‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 29-92‬المتعلق باالجتماعات‬
‫والمظاىرات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،62‬الصادرة بتاريخ ‪ 04‬ديسمرب ‪.1991‬‬

‫‪356‬‬
‫‪ .139‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 22-26‬يتعلق بالوقاية من الفساد‬
‫ومكافحتو‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،14‬الصادرة بتاريخ ‪ 08‬مارس ‪.2006‬‬
‫‪ .140‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 22-22‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة‬
‫الر‪ٝ‬تية عدد ‪ ،37‬الصادرة بتاريخ ‪ 03‬جويلية ‪.2011‬‬
‫‪ .141‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬قانون رقم ‪ 27-22‬المتعلق بالوالية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة‬
‫الر‪ٝ‬تية عدد ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬فرباير ‪.2012‬‬
‫‪ .142‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬القانون ‪ 22-26‬المتضمن التعديل‬
‫الدستوري‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية عدد ‪ ،14‬الصادرة ُب ‪ 07‬مارس ‪.2016‬‬
‫‪ .143‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 233-66‬المتضمن القانون األساسي‬
‫العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،46‬الصادرة بتاريخ ‪ 08‬يونيو ‪.1966‬‬
‫‪ .144‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 63-75‬المتعلق باالجتماعات‬
‫العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،08‬الصادرة بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪.1975‬‬
‫‪ .145‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 26-77‬المتعلق باالجتماعات‬
‫العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،16‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬فرباير ‪.1977‬‬
‫‪ .146‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر ‪ 27-97‬المتضمن القانون العضوي‬
‫لالنتخابات‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪ 06‬مارس ‪.1997‬‬
‫‪ .147‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر‪ 29-97‬المتعلق بنظام األحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪ 06‬مارس ‪.1997‬‬
‫‪ .148‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬األمر رقم ‪ 23-26‬المتضمن القانون‬
‫األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،46‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬يوليو‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ .149‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم ‪ 59-85‬المتضمن القانون األساسي‬
‫النموذجي لعمال المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،13‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪.1985‬‬
‫‪ .150‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم الرئاسي ‪ 296-92‬المتضمن تقرير‬
‫حالة الحصار‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،29‬الصادرة بتاريخ ‪ 12‬يونيو ‪..1991‬‬
‫‪ .151‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم الرئاسي المتضمن إعالن حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،10‬الصادرة بتاريخ ‪ 09‬فرباير ‪.1992‬‬

‫‪357‬‬
‫‪ .152‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 372-2222‬يتضمن‬
‫إحداث لجنة إصالح ىياكل الدولة ومهامها‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،71‬الصادرة ُب ‪26‬‬
‫نوفمرب ‪.2000‬‬
‫‪ .153‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم التنفيذي ‪ 226-92‬المحدد‬
‫للرواتب المطبقة على العمال الممارسين لوظائف عليا في الدولة‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم‬
‫‪ ،31‬الصادرة بتاريخ ‪ 28‬يوليو ‪.1990‬‬
‫‪ .154‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 54-93‬المحدد‬
‫لبعض الواجبات الخاصة المطبقة على الموظفين واألعوان العموميين وعلى عمال‬
‫المؤسسات العمومية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬فرباير ‪.1993‬‬
‫‪ .155‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬المرسوم التنفيذي ‪ 63-29‬يتضمن مهام‬
‫ديوان الوزير األول وتنظيمو‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ ،10‬الصادرة بتاريخ ‪ 11‬فرباير ‪.2009‬‬
‫‪ .156‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬إعالن رقم ‪ 24‬مؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪2224‬‬
‫يتضمن نتائج انتخابات رئيس الجمهورية‪ ،‬جريدة ر‪ٝ‬تية عدد ‪ُ 24‬ب ‪ 18‬أفريل ‪.2004‬‬
‫‪ .157‬ا‪ٞ‬تمهورية ا‪ٞ‬تزائرية الدٯتقراطية الشعبية‪ ،‬إعالن رقم ‪/ 22‬أ م د‪ 24 /‬المؤرخ في ‪22‬‬
‫أفريل ‪ 2224‬يتضمن نتائج انتخابات رئيس الجمهورية‪ ،‬ا‪ٞ‬تريدة الر‪ٝ‬تية رقم ‪ 23‬الصادرة‬
‫ُب ‪ 23‬أفريل ‪.2014‬‬
‫ث‪ .‬رسائل ومذكرات التخرج‪:‬‬
‫‪٤ .158‬تمد بلعسل‪ ،‬تأثَت الذىنية البَتوقراطية التقليدية على السياسات االقتصادية ُب ا‪ٞ‬تزائر‬
‫(‪ ،)2009-1999‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر ‪ :3‬كلية العلوـ السياسية واإلعبلـ‪،‬‬
‫قسم التنظيم السياسي واإلداري‪.2015-2014 ،‬‬
‫‪٤ .159‬تمد بوضياؼ‪ ،‬مستقبل النظاـ السياسي ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ .‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر‪:‬‬
‫كلية العلوـ السياسية واإلعبلـ‪ ،‬قسم العلوـ السياسية والعبلقات الدولية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .160‬منصور بلرنب‪ ،‬اإلصبلح اإلداري والبَتوقراطية ُب ا‪ٞ‬تزائر بُت النظرية والتطبيق "وزارة‬
‫الدخلية وا‪ٞ‬تماعات احمللية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪.‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر‪ :‬معهد العلوـ السياسية‬
‫واإلعبلمية‪ ،‬يناير ‪.1983‬‬
‫‪ .161‬ليلى حسيٍت‪ ،‬بَتوقراطية اإلدارة ومشكلة بناء ا‪ٟ‬تكم الراشد ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ .‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫جامعة تلمساف‪ :‬كلية ا‪ٟ‬تقوؽ والعلوـ السياسية‪ ،‬قسم العلوـ السياسية‪.2014-2013 ،‬‬

‫‪358‬‬
‫‪ .162‬عبد ا‪ٟ‬تكيم حطاطش‪ ،‬دور تطبيق ا‪ٟ‬تكومة اإللكًتونية ُب ا‪ٞ‬تزائر ُب ٖتسُت إدارة العبلقة‬
‫مع ا‪١‬تواطن ‪ ،CRM‬أطروحة دكتوراه‪ .‬جامعة سطيف‪ :‬كلية العلوـ االقتصادية والتجارية‬
‫وعلوـ التسيَت‪.2018-2017 ،‬‬
‫‪ .163‬عبد القادر عباف‪ٖ ،‬تديات اإلدارة اإللكًتونية ُب ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬دراسة سوسيولوجية ببلدية‬
‫الكاليتوس بالعاصمة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ .‬جامهة ‪٤‬تمد خيضر ببسكرة‪ ،‬كلية العلوـ اإلنسانية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬قسم العلوـ االجتماعية‪.2016-2015 ،‬‬
‫د‪ .‬مؤتمرات وملتقيات‪:.‬‬
‫‪ .164‬آاالف ووؿ‪ ،‬أندرو أليس وآخروف‪ "،‬أشكاؿ اإلدارة االنتخابية‪ ،‬تر‪ .‬أمُت أيوب‪ .‬دليل‬
‫ا‪١‬تؤسسة الدولية للدٯتقراطية واالنتخابات"‪ ،‬سلسلة منشورات المؤسسة الدولية‬
‫للديمقراطية واالنتخابات ‪.2007 ،International IDGA‬‬
‫‪ .165‬طالب عوض‪" ،‬االنتخابات ا‪ٟ‬ترة وفق ا‪١‬تعايَت الدولية‪ُ ،‬ب‪ :‬كرـ ‪ٜ‬تيس‪ ،‬الدٯتقراطية‬
‫واالنتخابات ُب العآب العريب"‪ ،‬أعمال المؤتمر الدولي حول الديمقراطية واالنتخابات في‬
‫العالم العربي‪ ،‬ا‪١‬تنظمة العربية ‪ٟ‬تقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫‪٤ .166‬تمد راتوؿ‪ ،‬العو‪١‬تة االقتصادية وٖتوالت االقتصاد ا‪ٞ‬تزائري‪ ،‬الملتقى الدولي األول حول‬
‫العولمة وانعكاساتها على البلدان العربية‪ .‬جامعة سكيكدة‪ 14-13 ،‬ماي ‪.2001‬‬
‫‪ .167‬عبد الناصر جايب‪ ،‬االنتخابات التشريعية ا‪ٞ‬تزائرية‪ ......‬انتخابات استقرار أـ ركود‪.‬‬
‫مشروع دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية‪ .‬اللقاء السنوي ‪ 27‬الديمقراطية‬
‫واالنتخابات في الدول ‪ .‬السبت ‪ 18‬أوت ‪ .2007‬اللجنة العربية ‪ٟ‬تقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫‪ .168‬ا‪١‬تنتدى الدوٕب حوؿ مسارات التنمية والتحوؿ الدٯتقراطي‪ .‬تقرير موجز حوؿ التجارب‬
‫الدولية والدروس ا‪١‬تستفادة والطريق قدما‪ .‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‪ 06-05 .‬جواف‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ .169‬عبد الناصر جايب‪ ،‬االنتخابات التشريعية ا‪ٞ‬تزائرية‪....‬انتخابات استقرار أـ ركود‪ ،‬مشروع‬
‫دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية ‪،‬اللقاء السنوي السابع عشر للديمقراطية‬
‫واالنتخابات في الدول العربية ( ا‪١‬تملكة ا‪١‬تتحدة‪ :‬جامعة أكسفورد‪.) 2007/08/18 ،‬‬
‫‪ .170‬رشيد تلمساين‪" ،‬ا‪ٞ‬تزائر ُب عهد بوتفليقة‪ :‬الفتنة األىلية وا‪١‬تصا‪ٟ‬تة الوطنية"‪ ،‬أوراق‬
‫كارينغي‪ .‬مؤسسة كارينغي للسبلـ الدوٕب‪ :‬مركز كارينغي للشرؽ األوسط‪ ،‬عدد ‪ ،07‬يناير‬
‫‪.2008‬‬
‫ث‪ .‬الجرائد‪:‬‬

‫‪359‬‬
‫‪ .171‬الخبر اليومي‪ 18 ،‬جواف ‪ ،1997‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 13‬صفر ‪ ،1418‬ع‪.1994.‬‬
‫‪ .172‬الخبر اليومي‪ 28.‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 15‬ربيع األوؿ ‪ .1423‬ع ‪.3484‬‬
‫‪ .173‬الخبر اليومي‪ 09.‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 26‬صفر ‪ .1423‬ع ‪.3467‬‬
‫‪ .174‬الخبر اليومي‪13.‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 30‬صفر ‪ .1423‬ع ‪.3471‬‬
‫‪ .175‬الخبر اليومي‪ 20 ،‬ماي ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 07‬ربيع االوؿ‪ ،‬ع ‪.3476‬‬
‫‪ .176‬الخبر اليومي‪28.‬ماي ‪ 15 .2002‬ربيع األوؿ ‪ ،1423‬ع ‪.3484‬‬
‫‪ .177‬الخبر اليومي‪ 20 ،‬جواف ‪ ،2002‬ا‪١‬توافق ؿ‪ 09‬ربيع الثاين ‪.1423‬‬
‫‪ .178‬الخبر اليومي‪ 16 ،‬ماي ‪ 03 .2002‬ربيع األوؿ ‪ .1423‬ع‪.3474‬‬
‫‪ .179‬الخبر اليومي‪ ،‬ع‪ 20 ،5017.‬ماي ‪ 2007‬ا‪١‬توافق ؿ‪ٚ 03‬تادى األؤب ‪.1428‬‬
‫‪ .180‬الخبر اليومي‪ 03 ،‬نوفمرب ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 22‬شواؿ ‪ .1428‬ع ‪.5160‬‬
‫‪ .181‬الخبر اليومي‪ 25 ،‬نوفمرب ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 15‬ذي القعدة ‪ .1428‬ع ‪.5177‬‬
‫‪ .182‬الخبر اليومي‪ 22 ،‬نوفمرب ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ ‪ 12‬ذي القعدة ‪ .1428‬ع ‪.5175‬‬
‫‪ .183‬الخبر اليومي‪ 30 ،‬ماي ‪ ،2007‬ا‪١‬توافق ؿ‪ٚ 13‬تادى األؤب ‪ ،1428‬ع ‪.5026‬‬
‫ج‪ .‬وثائق ومواقع إلكترونية‪:‬‬
‫‪ -‬وثائق إلكترونية‪:‬‬
‫‪ .184‬وىيبة سليماين‪ " ،‬الناشط السياسي عمار خبابة ؿ الشروؽ‪ :‬حق التظاىر السلمي ُب‬
‫دستور ‪ 2016‬مرىوف بقرار السلطات ا‪١‬تسؤولة"‪ ،‬جريدة الشروق‪ُ ،2016-01-08 ،‬ب‪:‬‬
‫‪-www.echoroukoline.com.‬‬
‫‪ .185‬عبد الرزاؽ بوالقمح‪ ،‬مسعود ىدنة‪ ،‬وآخروف‪ ،‬لعنة تطارد االنتخابات(ملف)‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪-https://www.echoroukonline.com‬‬
‫‪ .186‬رئاسيات ‪ 2014‬تدخل موسوعة "غينس" لؤلرقاـ القياسية‪ُ ،‬ب‪https :// :‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪www.elkhabar.com‬‬
‫‪ .187‬حكيم بوغرارة‪ %50 ،‬نسبة ا‪١‬تشاركة ُب االستحقاؽ األخَت واحملليات رىاف قائم‪ ،‬جريدة‬
‫ُب‪:‬‬ ‫‪،2017‬‬ ‫سبتمرب‬ ‫‪20‬‬ ‫األربعاء‬ ‫الشعب‪،‬‬
‫‪-https://www.ech-chaab.com‬‬
‫‪ .188‬ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬قانوف اإلعبلـ‪ ،‬مثالية ال تطبق على أرض الواقع‪ ،‬ا‪١‬ترصد العريب للصحافة‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪-https://www: Ajoar. Org.‬‬

‫‪361‬‬
‫‪ .189‬ريشارد شاسي‪ ،‬سوجيت شودري‪ ،‬ا‪١‬تعايَت الدولية بشأف استقبلؿ القضاء‪ ،‬مركز العمليات‬
‫االنتقالية ُب كلية ا‪ٟ‬تقوؽ ُب جامعة نيويورؾ‪ ،‬مذكرة إعالمية‪ ،‬عدد‪ ،42‬سبتمرب‪ُ، ،2013‬ب‬
‫‪www.democracyreporting.org‬‬ ‫‪:‬‬
‫‪ .190‬عبد الناصر جايب‪ ،‬ا‪ٟ‬تركات االحتجاجية ُب ا‪ٞ‬تزائر (يناير ‪ ،)2011‬تقييم حالة‪ ،‬ا‪١‬تركز‬
‫‪،2011‬‬ ‫فرباير‬ ‫الدوحة‪،‬‬ ‫السياسات‪،‬‬ ‫ودراسة‬ ‫لؤلْتاث‬ ‫العريب‬
‫ُب‪:‬‬
‫‪- https://www.dohainstitute.org‬‬
‫‪٤ .191‬تمود ‪ٚ‬تاؿ عبد العاؿ‪ ،‬حراؾ ا‪ٞ‬تزائر‪ ،‬األطراؼ الفاعلة ومواقفها والسيناريوىات احملتملة‪،‬‬
‫ا‪١‬تركز العريب للبحوث والدراسات‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪-https://www.acrseg.org .192‬‬
‫‪ -‬مواقع إلكترونية‪:‬‬
‫‪-https://www.elmouradia.dz‬‬ ‫‪ .193‬رئاسة ا‪ٞ‬تمهورية‪:‬‬
‫ال‬ ‫‪ .194‬وزارة العبلقات مع الرب‪١‬تاف ‪:‬‬
‫‪- http://www.mrp.gov.‬‬
‫‪-http://www. Premier‬‬ ‫‪ .195‬موقع الوزارة األؤب‪:‬‬
‫‪ministre.gov.dz‬‬
‫لئلحصاء‪:‬‬ ‫الوطٍت‬ ‫‪ .196‬الديواف‬
‫‪.-http://www.ons.dz‬‬
‫العا‪١‬تية‪:‬‬ ‫الشفافية‬ ‫‪ .197‬منظمة‬
‫‪-www.transparency.org‬‬
‫‪.198‬‬
‫اإل‪٧‬تازات واآلفاؽ‪ ،‬قطاع العدالة‪ُ ،‬ب‪:‬‬
‫‪-www.mjustice.dz .199‬‬
‫‪ .222‬باللغات األجنبية‪:‬‬
‫‪–livres :‬‬
‫‪201. Abdelkader Yefsah, la question du pouvoir en‬‬
‫‪Algérie .Alger: ENAP, 1990.‬‬
‫‪202. Abderrahim Lamchichi, l'Algérie en crise, crise‬‬
‫‪économique et changement politique‬‬ ‫‪.Paris:‬‬
‫‪l'Harmattan, 1991.‬‬
‫‪361‬‬
203. Alfred Sauvy, Bureaux et Bureaucrates .Paris :
Presse universitaire de France, 1967.
204. Bernard Gournay, Introduction a la science
administrative .Paris : Presse de la fondation nationale
des sciences politiques, 1990.
205. Bertrand Badie, Pierre Birnbaum, Sociologie de l’état
.Paris : Edition Grassel et Fasquelle, 1979..
206. Bruno Rizzi, The Bureaucratisation of the World,
trad. Adam Buick (marxist.org, 2006.
207. Carl Friedrich, La démocratie constitutionnelle
.Paris : Presse universitaire de France, 1958.
208. Claude Collot, les institutions de l'Algérie durant la
période coloniale (1830-1962) .Alger: office des
publications universitaire, 1987.
209. Claude Lefort, Eléments d’une critique de la
bureaucratie .Suisse : Gallimard, 1979.
210. Cordellier, Serge, L'état du monde. Annuaire
économique géopolitique mondiale. Paris: la
découverte, 2004.
211. Francis Chauvin, Administration de l’état .Paris :
Dalloz, éd.4, 1994.
212. Georges. S. Vaches, institutions administratives et
économiques de l'Algérie, tome1 .Alger: SNED,
1973.Giovanni Busino, Les théories de le bureaucratie
.Paris : Presse universitaire de France, ed.1, 1993..
213. Gionani Merli, Adaptation of political bureaucracy
to economic and institutional change under socialism:
the Chinese family planning system .U. S. A: center of
demography and ecology and department of sociology,
2001.
214. Guy Braibant, L’administration publique et le
changement (Casablanca : Afrique orient, 1989).
215. Hegel Guillaume Frédéric, Philosophy of right, trad
.S.W.Dyde .Canada: Batoche books Kitchener, 2001.
216. Jacque Chevalier, Daniel Losak, Science
administrative: theories general de l’institution
administrative .Paris: L.G.D.J, 1978.
362
217. Jaque Rojot, Les théories des organisations .Paris :
ESKA, éd.2, 2005.
218. Joseph Laparambara (edit), Bureaucracy and
political development . New jersey: Princeton university
press, 1963.
219. karl Marx, Critique of Hegel philosophy of right,
trad.Joseph Omalley .New York: Oxford university
presse, 1970.
220. Lénine, L’état et la révolution, la doctrine de l’état
et les taches des prolétariats dans la révolution .Pékin :
édition en langues étrangères, ed.1, 1970.
221. Maurice Duverger, Sociologie politique (Paris : Presse
universitaire de France, Ed.1, 1966.
222. Michel Crozier, Le phénomène bureaucratique
(Paris : édition du Seuil, 1962.
223. Mohamed Tahar Bensaada, le régime politique
Algérien (Alger: entreprise nationale du livre, 1992.
224. Rachid Telemçani, Bazar et globalisation, l'aventure
de l'infitah en Algérie .Alger: les édition el Hikma,
1999.
225. Reinhard Bendix, Max Weber : an intellectuel
portrait .London : Methuen co.ltd.1959.
226. Robert K. Merton, Social Theory and Social
Structure .Glencoe: Free Press, 1957.
227. Robert Michels, Political parties: sociological study
of the oligarchical tendencies of modern democracy,
trad. Eden and Cedar Paul .Canada: Batoche books
Kitchener, 2001.
228. Remili Abderahmane, l'organisation administrative
de l'Algérie .Annaba: imprimerie centrale, 1973.
229. Sami Dassa, « L’ambivalence bureaucratique . le
rapport Eisenstadt), » dans Claude Fischler (édit), La
bureaucratie. Paris : Union général d’édition, 1976.
230. Seymour Martin Lipset, L’homme et la politique
.Paris : Seuil édition, 1960.
231. Taib Essaid , Droit de fonction publique (Alger:
Houma, 2005.
363
–Articles :
232. Abdelkader Yefsah, la question du pouvoir en
Algérie. Alger : ENAP, 1990.
233. Arnaud Sales," Intervention de l'état et position
idéologique des dirigeants des bureaucraties publique et
privés", Sociologie et société, V. 15, N01.
234. Etel Solingen, « Quandaries of the peace process,
Journal of democracy, vol.7, n.3, 1996.
235. N. Bouzidi, le rôle de l'état dans l'économie, IDARA,
V.05, N. 02, 1995.
236. Fred Riggs, « Introduction sematique du terme
bureaucratie, » Revue internationale des sciences
sociales, V.31, N. 04, 10-1979.
237. Renate Mayntz, « Les bureaucrates publiques et la
mise en œuvre des politique,» Revue internationale des
sciences sociales, v.31, n.04, 10-1979.
238. Shamsul Haque, « Incongruity between bureaucracy
and society developing nations: a critique », Peace.
Change, v.22, n.04, Octobre 1997.
239. Dictionnaires :
240. Académie Française, Dictionnaire de l’académie
Française, U.S.A. : University of Chicago, éd.5, 1798.
241. Auguste Ott, Dictionnaire des sciences politiques et
sociales, tom.1, V03. Paris: bibliothèque universal du
clergé, 1854, p905.
242. Le Petite Robert, Paris : Diccorober Inc, 1993.

364
365

You might also like