Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
1
اإلىداء
إٔب من تتكسر األقبلـ على أعتاب فضلها وتبكي اٟتروؼ عجزا عن إيفاء حقها .إليك أمي
2
شكر وتقدير
اٟتمد هلل ما تناىى درب وال ختم جهد وال ًب سعي إال بفضلو ،اٟتمد هلل على البلوغ ٍب اٟتمد هلل على
التماـ.
أتوجو ٓتالص الشكر وعظيم االمتناف ألستاذي الفاضل صاغور عبد الرزاؽ على صربه عليا وتوجيهاتو
والشكر موصوؿ أيضا إٔب اللجنة ا١توقرة لتحملها قراءة ىذا البحث ومناقشتو وتنويره بتوجيهاهتا وتصويباهتا
وكل الشكر والتقدير لكل من أعانٍت على إ٘تاـ ىذه العمل من عائليت وصديقاٌب.
3
فهرس المحتويات
الصفحة ا١توضوع
اإلىداء
شكر وتقدير
فهرس احملتويات
قائمة اٞتداوؿ
قائمة ا١تبلحق
11 مقدمة
11 ٘تهيد
4
27 ٘تهيد
192-107 الفصل الثاني :العوامل المحددة لدور البيروقراطية في النظام السياسي الجزائري
108 ٘تهيد
5
115 ا١تطلب الثاين :واقع البَتوقراطية ُب العهد االستعماري
السياسي الجزائري
194 ٘تهيد
217 ا١تطلب األوؿ :حملة عن تطور النظاـ القانوين لؤلحزاب السياسية واٞتمعيات ُب اٞتزائر
6
222 ا١تطلب الثاين :عبلقة البَتوقراطية بالنشاط اٟتزيب.
الفصل الرابع :انعكاس التسيير البيروقراطي على مسار التحول الديمقراطي في -261
262 ٘تهيد
280 المبحث الثاني :انعكاس البيروقراطية على شرعية النظام السياسي الجزائري
7
319 ا١تطلب الثالث :مدخل اٟتكم الراشد
337-331 الخاتمة
ا١تبلحق
8
قائمة الجداول
العثماين
ا١تئوية)
ا١تئوية)
9
مقدمة
11
.2تمهيد:
يعترب مفهوـ البَتوقراطية من أكثر ا١تفاىيم شيوعا والذي تتشاركو عدة علوـ منها علم اإلدارة وعلم
االجتماع والعلوـ السياسية ،وقد ارتبط ظهوره بنشوء الدولة اٟتديثة وكرب حجم ا١تنظمات ْتيث استطاع أف
يثبت ٧تاحو كأسلوب ُب التنظيم اإلداري وأصبح يشكل الصورة النموذجية للتنظيمات وعصب النظاـ
السياسي وأىم فواعل تنظيم اٟتياة العامة لشموليتو ُب التنظيم ٚتيع اجملاالت حىت السياسية منها.
إف النموذج ا١تثإب للبَتوقراطية قد ارتبط ظهوره باجملتمعات األوربية ُب سعيها ٨تو تكريس النظم
الدٯتقراطية أين شكلت البَتوقراطية أداة تنظيمية فعالة لتحقيق الفعالية والكفاءة ُب األداء وٖتقيق التنمية
االقتصادية واالجتماعية ،غَت أف التطبيق الفعلي ٢تذا النموذج التنظيمي ُب الدوؿ النامية قد أفضى إٔب
ا٨ترافات واختبلالت كرست ما يسمى بالصورة السلبية للبَتوقراطية اليت أصبحت تشكل أىم عائق أماـ
ىذه الدوؿ ُب مسعاىا لتحقيق التنمية ،فالبَتوقراطية ُب ىذه الدوؿ اتسع نطاؽ تدخلها بشكل واسع
كنتيجة حتمية للتطورات االقتصادية واالجتماعية اليت فرضت اٟتاجة إٔب سلطة مركزية كاف من أىم
نتائجها سلطة تنفيذية قوية ّتهاز إداري نافذ على كافة ا١تستويات ،وىذا ما جعل منها أداة الستمرار
إف االستعمار ُب الدوؿ النامية قد لعب دورا ٤توريا ُب خلق أجهزة إدارية متخلفة حادت عن ا١تفهوـ
اإل٬تايب للبَتوقراطية وأسست لعبلقة غَت متوازنة بُت األجهزة البَتوقراطية واألجهزة ا١تنتخبة والتمثيلية ،لتزداد
قوة البَتوقراطية أيضا بعد ا١تراحل اليت تلت االستقبلؿ كنتيجة حتمية لًتكيز الدوؿ على بناء الدولة اٞتهاز
أكثر من بناء ا١تؤسسات اليت تعرب عن إرادة الشعوب وتسعى إٔب تكريس تطلعاهتا.
11
وٓب يكن التوسع ا١تطرد لؤلجهزة البَتوقراطية وٕتذرىا ُب اجملتمع وتنظيمها لكل ٣تاالت وشؤوف األفراد
يطرح إشكاال كبَتا ُب ظل التوجهات السلطوية والديكتاتورية لؤلنظمة اٟتاكمة بعد االستقبلؿ واليت ٓب ٕتد
أفضل من البَتوقراطية لبلعتماد عليها ُب فرض سيطرهتا وإحكامها على الشعوب ومقدرات الدوؿ ،بل
وأضحت بشقيها ا١تدين والعسكري األداة الطيعة ُب يد اٟتكاـ إلحكاـ قبضتهم على اٟتياة السياسية
وٕتذير التسلط ،بل إشكالية البَتوقراطية أصبحت تطرح ْتدة ُب الدوؿ النامية مع تصاعد موجات التحوؿ
الدٯتقراطي ،حيث وجدت نفسها أماـ حتمية مسايرة ىذا التحوؿ أماـ تصاعد الضغوط الدولية من جهة
وتزايد ا١تطالب الشعبية بالتغيَت من جهة أخرى ،وُب ظل ىذا ا١تسعى واجهت ىذه الدوؿ العديد من
ا١تعيقات والتحديات سواء منها السياسية ا١تتعلقة بتجذر التسلط فيها أو االقتصادية ا١ترتبطة بضعف
اقتصاداهتا وفشل األساليب التنموية فيها أو االجتماعية والثقافية ذات الصلة بطبيعة اجملتمعات ووعيها
وإدراكها للفكرة الدٯتقراطية ،غَت أف أكرب عائق واجو بناء التعددية السياسية ُب ىذه اجملتمعات ىو ظاىرة
البَتوقراطية ،فشمولية البَتوقراطية ٞتميع مناحي اٟتياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية كاف لو
األثر ا١تباشر على سَت عملية التنمية والتحوؿ ٨تو النموذج الدٯتقراطي لكوف البَتوقراطية اليت أنتجتها
األنظمة التسلطية ٓب تكرس الرشادة والعقبلنية ُب السلوؾ التنظيمي بل كرست ا١تصاّب األسرية والدينية
والطبقية وا١تهنية ٦تا أثر على دور األحزاب السياسية وٚتاعات ا١تصاّب وا١تؤسسات ا١تنتخبةْ ،تيث
أصبحت تفتقر إٔب التنظيم وإٔب القدرة على القياـ بوظائف بلورة ا١تصاّب ،كما انعكس على دور
البَتوقراطية اليت ضعفت قدرهتا على اإلدارة احملايدة مقابل اضطبلعها بوظائف متعددة ما حاد هبا عن
العقبلنية.
ومن بُت أىم الدوؿ النامية اليت تقدـ صورة واضحة عن واقع األجهزة البَتوقراطية ُب ىذه الدوؿ ُب
عبلقتها بالواقع الدٯتقراطي ٧تد اٞتزائر ،فهذه األخَتة عرفت بعد أحداث أكتوبر 1988تغيَتا ُب ا١تنظومة
12
القانونية وُب األبنية السياسية واإلدارية صاحبتها أيضا تغيَتات ُب البنية االجتماعية واالقتصادية والثقافية
ٔتا ٭تقق التعددية السياسية الدٯتقراطية ،غَت أهنا واجهت وال تزاؿ عدة عراقيل لعل أ٫تها الطبيعة البَتوقراطية
لؤلجهزة اإلدارية اليت تقف عائقا أماـ التغيَت ُب ظل التحجر الذىٍت الذي ٯتيز القائمُت على تسيَت ىذه
األجهزة.
إف التفاعل بُت األجهزة اإلدارية والتغيَت ُب اٞتزائر ليس وليد ا١ترحلة التعددية بل تعود جذوره ١تراحل
تارٮتية سابقة أ٫تها الفًتة الطويلة من االستعمار اليت عاشتها اٞتزائر واليت ولدت جهازا إداريا اعتمدت
عليو السلطة االستعمارية بشكل كبَت ُب تنفيذ ٥تططاهتا االستعمارية ،كما أف ا١ترحلة االشًتاكية كاف ٢تا
األثر البالغ ُب ٖتويل اٞتهاز البَتوقراطي ُب اٞتزائر من أداة ٠تدمة أىداؼ التنمية االقتصادية واالجتماعية
إٔب جهاز ُب يد السلطة اٟتاكمة لتكريس ا٢تيمنة السياسية والقضاء على كل أشكاؿ ا١تشاركة ُب اٟتياة
السياسية حىت أضحت البَتوقراطية شكبل من أشكاؿ التسلط والتحكم ُب كل الشؤوف ا١تتعلقة با١تواطن.
وعليو فإف واقع التحوؿ الدٯتقراطي ُب اٞتزائر يرتبط ارتباطا وثيقا بواقع ومكانة اٞتهاز البَتوقراطي ُب
النظاـ السياسي وباألدوار اليت يضطلع هبا ،فالتحوؿ الدٯتقراطي مسار معقد يشمل ٚتيع مناحي النظاـ
السياسي وعملية شائكة تستوجب التغيَت على كافة ا١تستويات السياسية واالقتصادية واالجتماعية
والثقافية ،وىو بذلك يتبلقى مع دور البَتوقراطية ا١تكلفة بتنظيم ٚتيع ىذه اجملاالت ،وأي ا٨تراؼ
للبَتوقراطية عن ا١تسار ا١ترسوـ ٢تا ُب أداء وظائفها وتكريس ىدفها الرئيسي وىو عقلنة اٟتكم وترشيده يعٍت
.2أىمية الدراسة:
تنبع أ٫تية ىذه الدراسة من أ٫تية ا١تتغَتات ا١تطروحة فيها سواء ما تعلق بالبَتوقراطية أو التحوؿ
الدٯتقراطي ،فأ٫تية دراسة البَتوقراطية ُب اٞتزائر ترتبط بكوف ىذه الدولة وجدت نفسها مباشرة بعد
13
االستقبلؿ مس َتة كمعظم الدوؿ النامية من طرؼ بَتوقراطيات مدنية وعسكرية مع غياب تاـ للمؤسسات
التمثيلية أو ضعفها األمر الذي جعل البَتوقراطية تفرض نفسها ُب ىذه ا١ترحلة ،بل تعدت ذلك لتصبح
عائقا أماـ النظاـ السياسي ُب مسعاه ٨تو تكريس بناء النظاـ الدٯتقراطي وتشكيل أجهزة منتخبة فاعلة
مقابل حياد األجهزة اإلدارية واقتصار دورىا على اجملاؿ اإلداري دوف السياسي.
و٦تا يزيد من أ٫تية ا١توضوع ىو الربط بُت متغَت البَتوقراطية والتحوؿ الدٯتقراطي ،خصوصا ُب ظل نقص
الدراسات اليت تتناوؿ التحوؿ الدٯتقراطي من ىذا اٞتانب ،فبالرغم من أف ٕتربة االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية ُب
اٞتزائر من أكثر التجارب اليت عرفت التحليل والتفسَت إال أهنا اقتصرت أكثر على متغَتات كاألحزاب
السياسية واالنتخابات ودور الرب١تاف وا١تؤسسات ا١تنتخبة األخرى وا١تنظمات اجملتمع ا١تدين ،وًب إ٫تاؿ ىا
ا١تتغَت بالنظر إٔب صعوبة دراسة ىكذا مواضيع ُب ظل نقص ا١تعلومات وطبيعة النظاـ السياسي اٞتزائري
.3وأىداف الدراسة:
-التعرؼ على السياقات التارٮتية والسياسية واالجتماعية والثقافية اليت ٖتدد واقع البَتوقراطية ُب اٞتزائر
وتؤثر ُب ٥ترجاهتا.
-تدعيم الدراسات السياسية حوؿ اٞتزائر ُب موضوع البَتوقراطية والذي ٓب ٭تظ باالىتماـ الكاُب من
البحث ُب ظل الًتكيز على البَتوقراطية من حيث اٞتانب التنظيمي وتأثَت صورهتا السلبية على أداء األجهزة
14
٤ -تا ولة إ٬تاد اآلليات اليت ٕتعل من البَتوقراطية أداة لًتشيد وعقلنة اٟتكم بدؿ استخدامها كأداة لتكريس
التسلط ،وجعل األجهزة اإلدارية حلقة الوصل بُت اٟتاكم واحملكوـ ٔتا يكرس شرعية النظاـ السياسي و٭تقق
-من أؤب األسباب اليت دفعت بنا للخوض ُب ىذا ا١توضوع ىو اىتمامنا با١تواضيع ذات الطابع اإلداري
اليت تدخل ضمن نطاؽ ٗتصصنا ُب العلوـ السياسية مع العمل على الًتكيز على اٞتوانب السياسية ُب ىذا
النوع من ا١تواضيع ،وُب ىذا اإلطار يعد موضوع البَتوقراطية ُب اٞتزائر من أكثر ا١تواضيع اليت تدفع بأي
باحث للخوض فيها بالنظر إٔب ٤تورية األجهزة اإلدارية ُب إدارة ٚتيع ٣تاالت وشؤوف اجملتمع ودورىا البالغ
األ٫تية ُب تسريع وتَتة التغيَت ُب اجملتمعات ومن ضمنها التحوؿ ٨تو الدٯتقراطية.
-كما أف تعثر عجلة الدٯتقراطية ُب اٞتزائر منذ 1988إٔب غاية اآلف وحرصنا على رصد عوامل ذلك
وٖتليلها دفع بنا إٔب ا٠توض ُب أىم ىذه العوامل وىي البَتوقراطية ٔتا تنتجو من ٦تارسات وسلوكيات ٕتعل
من اإلدارة وأجهزهتا على كافة ا١تستويات غَت مستعدة للتغيَت وحريصة على مقاومتو ٔتا ينعكس بالسلب
على مسار ىذه العملية وعلى أداء النظاـ السياسي اٞتزائري على كافة ا١تستويات.
-ومن األسباب الذاتية أيضا رغبة الباحث ُب إثراء الدراسات ا٠تاصة ٔتوضوع البَتوقراطية ُب اٞتزائر واليت
تعرؼ نقصا كبَتا سيما تأثَتىا على التعددية السياسية والبناء الدٯتقراطي ،و٤تاولة إ٬تاد اآلليات الكفيلة
ّتعل البَتوقراطية أداة لًتشيد اٟتكم وعقلنة أداء النظاـ السياسي ٔتا ٭تقق تنمية سياسية تعود باإل٬تاب
15
-إضافة إٔب العوامل السابقة فإف غَتتنا على الوطن تتطلب منا البحث ُب اآلليات الكفيلة لتسريع عملية
التنمية والتغيَت اليت ستمكن النظاـ السياسي من ٖتسُت أدائو داخليا من جهة ومواجهة التحديات
وا١تخاطر احملدقة بو من البيئة الدولية من جهة أخرى واليت قد تتطور إٔب هتديدات ٘تس أمنو ،فالتغيَت ٓب
يعد مطلبا شعبيا فقط وإ٪تا واقعا يفرض نفسو لضماف البقاء وٖتقيق االستقرار.
-البحث عن أسباب التزايد ا١تفرط لدور البَتوقراطية ُب النظاـ السياسي اٞتزائري ،و٤تاولة اإل١تاـ ّتميع
السياقات التارٮتية والسياسية واالجتماعية والثقافية احملددة ٢تذا الدور كوف اٞتهاز البَتوقراطي يتأثر بالبيئة
احمليطة بو.
-رصد واقع األداء الدٯتقراطي للنظاـ السياسي اٞتزائري ومظاىر التقييد البَتوقراطي آلليات ا١تشاركة
ٖ -تليل أىم اآلثار النإتة عن بقرطة اٟتياة السياسية ُب اٞتزائر وانعكاسها على ا١تمارسة الدٯتقراطية
-الكشف عن اآلليات ا١تتبناة من طرؼ النظاـ السياسي اٞتزائري لعقلنة البَتوقراطية وتكييفها ٠تدمة
النظاـ الدٯتقراطي واٟتكم الراشد مع الًتكيز على رصد أىم النقائص ا١توجودة ُب ىذه اآلليات واقًتاح
.5أدبيات الدراسة:
بالنسبة لئلطار النظري للدراسات حوؿ موضوع البَتوقراطية فا١تراجع متوفرة بكم ىائل باعتبار أف
موضوع البَتوقراطية ٤تل اىتماـ العديد من دارسي العلوـ السياسية وعلم االجتماع والعلوـ اإلدارية٢ ،تذا
16
سعت الدراسة إٔب اختيار ا١تراجع اليت تراىا متناسبة وطبيعة ا١توضوع وحرصت على االعتماد أكثر على
-كتاب "ىيدي فَتيل" ،Heady Ferrelبعنواف "اإلدارة العامة ا١تقارنة" ،وتكمن أ٫تية ىذا الكتاب
ُب الطريقة اليت تناوؿ هبا مفهوـ البَتوقراطية حيث ركز الكاتب على مفاىيم ٖتوؿ النظم السياسية وعبلقتها
بالبَتوقراطية إضافة إٔب ٤تاولة تصنيفو النظم السياسية وفق عبلقتها بالبَتوقراطية ،واألىم من ذلك تركيزه
،"and political developmentوىو كتاب يضم ٣تموعة من ا١تقاالت ألىم من كتب ُب
عبلقة البَتوقراطية بالتنمية السياسية ،مثل " ر٬تز" ،Riggsو"بريبونيت" ،Braibantiو "البارومبارا"
.Laparambara
وباالنتقاؿ إٔب ظاىرة البَتوقراطية ُب اٞتزائر فا١تبلحظ ىو تركيز ٣تمل الدراسات على البَتوقراطية كشكل
تنظيمي وتأثَتىا على أداء ا١تنظمات ،أما عن عبلقتها أو تأثَتىا على ا١تمارسة السياسية فالدراسات قليلة
جدا ،خاصة أف أغلب الباحثُت ركزوا اىتمامهم من ناحية التحوؿ الدٯتقراطي على دور األحزاب السياسية
واالنتخابات واجملتمع ا١تدين وا١تؤسسة العسكرية وتأثَت العوامل ا٠تارجية ،وإٚتاال ٯتكن رصد الدراسات
التالية:
-دراسة لبومدين طامشة بعنواف " :البَتوقراطية والتنمية السياسية ُب اٞتزائر" ،1وىي رسالة دكتوراه ًب
نشرىا ،حيث تناوؿ فيها الباحث إشكالية تأثَت اٞتهاز البَتوقراطي على ٕتارب التنمية السياسية ُب اٞتزائر
من منطلق أف عدـ كفاءة ىذا اٞتهاز واستفحاؿ الفساد فيو من أىم أسبب اختبلؿ العملية التنموية ُب
1بومدين طامشة ،البيروقراطية والتنمية السياسية في الجزائر ،اإلسكندرية :مكتبة الوفاء القانونية.2015 ،
17
اٞتزائر ،وقد حاوؿ الباحث الربط بُت مظاىر إخفاؽ النماذج التنموية منذ إرساء أسس الدولة الوطنية إٔب
غاية ا١ترحلة التعددية وظاىرة استفحاؿ البَتوقراطية اإلدارية ليصل إٔب نتيجة أساسية وىي أف جوىر التنمية
السياسية ُب اٞتزائر يتمثل ُب ٖتقيق التوازف ا١تطلوب بُت اٞتهاز البَتوقراطي وا١تؤسسات السياسية
واالجتماعية األخرى.
-أطروحة دكتوراه حملمد بلعسل بعنواف " :تأثَت الذىنية البَتوقراطية التقليدية على السياسات االقتصادية
ُب اٞتزائر ( ،1")2009 -1999واليت تطرؽ فيها إٔب إشكالية تأثَت الذىنية البَتوقراطية على السياسات
االقتصادية ُب اٞتزائر ،مركزا ُب ذلك على وصف أسباب السلوؾ البَتوقراطي ا١تتصف باٞتمود والتسلط
وآثاره على تسيَت الشؤوف العامة ،مع تقدٯتو ألىم اآلليات الكفيلة بتحرير االقتصاد اٞتزائري من العراقيل
-رسالة ماجستَت ١تنصور بلرنب بعنواف " :اإلصبلح اإلداري والبَتوقراطية ُب اٞتزائر بُت النظرية والتطبيق-
وزارة الداخلية واٞتماعات احمللية" ،2واليت ركزت على تشخيص واقع اإلصبلح اإلداري ُب ا١ترحلة
االشًتاكية وربطو بظاىرة البَتوقراطية ُب اإلدارة اٞتزائرية ،وذلك من خبلؿ وصف األجهزة اإلدارية ا١تركزية
واحمللية واعتماد وزارة الداخلية كعينة للدراسة ،وأ٫تية ىذه الدراسة أهنا ٗتص مرحلة مهمة من مراحل تطور
بَتوقراطية اإلدارة اٞتزائرية واليت ىي ُب األساس ٤تصلة تراكمات سياسية واجتماعية واقتصادية عرفها النظاـ
٤ 1تمد بلعسل ،تأثَت الذىنية البَتوقراطية التقليدية على السياسات االقتصادية ُب اٞتزائر ( ،)2009-1999أطروحة دكتوراه .جامعة
اٞتزائر : 3كلية العلوـ السياسية واإلعبلـ ،قسم التنظيم السياسي واإلداري.2015-2014 ،
2منصور بلرنب ،اإلصبلح اإلداري والبَتوقراطية ُب اٞتزائر بُت النظرية والتطبيق "وزارة الدخلية واٞتماعات احمللية" ،رسالة ماجستير .جامعة
اٞتزائر :معهد العلوـ السياسية واإلعبلمية ،يناير .1983
18
-مذكرة ماجستَت ليلى حسيٍت بعنواف" :بَتوقراطية اإلدارة ومشكلة بناء اٟتكم الراشد ُب اٞتزائر" ،1حيث
حاولت الباحثة من خبلؿ ىذه الدراسة تقييم دور اٞتهاز البَتوقراطي ُب عملية إرساء معآب اٟتكم الراشد
انطبلقا من فرضية وجود عبلقة عكسية سلبية بُت عجز أداء البَتوقراطية اإلدارية وٖتقيق أىداؼ اٟتكم
الراشد ُب اٞتزائر ،مركزة ُب ذلك على أسباب تعاظم بَتوقراطية اإلدارة اٞتزائرية واآلليات اليت تبنتها الدولة
ُب إطار مشروع إعادة صياغة دور الدولة ،وتكمن أ٫تية ىذه الدراسة ُب طرحها ألىم مداخل تعزيز قدرات
وُب األخَت فإف الذي ٯتكن أف نبلحظو ىو أنو ىذه الدراسات اىتمت ٔتتغَتات ٥تتلفة كاإلصبلح
اإلداري واٟتكم الراشد والتنمية السياسية ،ودراستنا ستكوف ٥تتلفة من حيث إهنا تركز على التحوؿ
.6إشكالية الدراسة:
تعد البَتوقراطية من أكثر أ٪تاط التسيَت اليت أثبتت ٧تاعتها ُب اجملتمعات الغربية الدٯتقراطية القائمة على
أساس العقبلنية غَت أف تطبيقها ُب الدوؿ النامية ومن ضمنها اٞتزائر قد أفضى إٔب ٦تارسات سلبية أعاقت
مسار التنمية فيها على كل ا١تستويات ،وعليو فإف ىذه الدراسة تسعى إٔب معاٞتة واقع البَتوقراطية ُب
اٞتزائر وانعكاسها على مسعى النظاـ ٨تو بناء نظاـ دٯتقراطي وذلك من خبلؿ اإلجابة على اإلشكالية
التالية :كيف تؤثر البيروقراطية على التحول الديمقراطي في الجزائر؟ ،ىل تشكل أداة لتفعيل
الممارسة الديمقراطية أم وسيلة لتكريس التسلط وإضعاف دور المؤسسات المنتخبة وتنظيمات
المجتمع المدني؟.
1ليلى حسيٍت ،بَتوقراطية اإلدارة ومشكلة بناء اٟتكم الراشد ُب اٞتزائر ،رسالة ماجستير .جامعة تلمساف :كلية اٟتقوؽ والعلوـ السياسية،
قسم العلوـ السياسية.2014-2013 ،
19
-ما ىو مفهوـ البَتوقراطية وطبيعة العبلقة بينها وبُت مفهوـ الدٯتقراطية.
-كيف سا٫تت العوامل التارٮتية وا٠تصائص السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية للنظاـ السياسي
اٞتزائري ُب بلورة بَتوقراطية اإلدارة اٞتزائرية وما مدى انعكاس ذلك سلوكها.
-إٔب أي حد ساىم التسيَت البَتوقراطي للحياة السياسية ُب اٞتزائر ُب إضعاؼ دور ا١تؤسسات ا١تنتخبة
وتنظيمات اجملتمع ا١تدين ،وكيف انعكس ذلك على أسس البناء الدٯتقراطي.
-ما مدى فاعلية اآلليات اليت اعتمدت عليها اٞتزائر لعقلنة البَتوقراطية.
.7فرضيات الدراسة:
لئلجابة على إشكالية ا١توضوع ٤تل البحث سيتم اختبار الفرضيات التالية:
-الفرضية األولى :االعتماد ا١تفرط على البَتوقراطية يعيق عملية التحوؿ الدٯتقراطي.
-الفرضية الثالثة :التسيَت البَتوقراطي ا١تفرط للحياة السياسية يزيد من تقييد العملية الدٯتقراطية بكل
-الفرضية الرابعة :التسيَت البَتوقراطي للعملية الدٯتقراطية يكرس أزمة ا١تشاركة والشرعية لدى النظاـ
السياسي.
-الفرضية الرابعة٧ :تاح إصبلح البَتوقراطية وعقلنتها ٔتا ٮتدـ التوجو الدٯتقراطي ٭تتاج إٔب إصبلح
.8مجال الدراسة:
يتحدد ٣تاؿ ىذه الدراسة من الناحية ا١تكانية بالنموذج ٤تل الدراسة وىو اٞتزائر ،وقد ًب اختيارىا بالنظر
إٔب أ٫تية التجربة الدٯتقراطية ُب ىذه الدولة من حيث عمقها وتشابك عدة عناصر فيها واليت ال تزاؿ
21
تستدعي البحث ا١توسع للوصوؿ إٔب نتائج ٗتدـ البحث العلمي وا١تسا٫تة ُب تغيَت الواقع ا١تعاش ٨تو
األحسن.
أما من الناحية الزمانية فقد ًب ربط متغَت البَتوقراطية بالتحوؿ الدٯتقراطي ُب اٞتزائر ٦تا يعٍت حصر
اإلطار الزماين للدراسة بالفًتة ا١تمتدة من 1989تاريخ إعبلف أوؿ دستور تعددي ُب اٞتزائر إٔب غاية
تاريخ إهناء ىذه الدراسة والذي تزامن مع التغَتات اليت بدأ يشهدىا النظاـ السياسي اٞتزائري ُب ظل اٟتراؾ
الشعيب ،مع عدـ إغفاؿ الفًتات السابقة ٢تذا التاريخ كوف البَتوقراطية ُب اٞتزائر و٥ترجاهتا ىي باألساس
.9صعوبات الدراسة:
من الصعوبات اليت واجهت ىذا البحث ىو غياب دراسات كافية حوؿ موضوع البَتوقراطية ُب اٞتزائر
ُب عبلقتها وتأثَتىا على اٟتياة السياسية ،فجل الدراسات ركزت على البَتوقراطية ُب جانبها اإلداري
وتأثَتىا التنظيمي ،إضافة إٔب نقص الوثائق وا١تعلومات الكافية ا٠تاصة بعدة أجزاء من البحث كموضوع
الفساد والتزوير ُب االنتخابات ،وتنظيمات اجملتمع ا١تدين واألحزاب السياسية ُب عبلقتها بالدولة ،وىذا من
بُت مظاىر طبيعة البَتوقراطية اٞتزائرية اليت تتعامل بضبابية وغياب تاـ للشفافية وا١تعلومة.
-ا١تنهج الوصفي :اعتمدنا عليو ُب وصف الظاىرة ٤تل البحث وإعطاء صورة شاملة عن أىم عناصرىا
21
-منهج دراسة اٟتالةً :ب االعتماد عليو ُب تشخيص النموذج ٤تل البحث وىو اٞتزائر ،حيث ًب
استخدامو ُب تشخيص واقع األجهزة اإلدارية ُب اٞتزائر وتارٮتها و٤تددات دورىا ،إضافة إٔب أىم
-االقًتاب القانوين :وذلك من خبلؿ االعتماد على الدساتَت وقوانُت االنتخابات واألحزاب السياسية
واٞتمعيات لوصف العملية الدٯتقراطية ُب اٞتزائر هبدؼ التعرؼ على مدى تطابق السلوكيات الصادرة عن
البَتوقراطية مع القواعد القانونية ا١تسَتة ٢تذه العملية ،وذلك هبدؼ التعرؼ على مدى شرعية ىذه
السلوكيات.
-االقًتاب ا١تؤسسي اٟتديث :من خبلؿ معرفة كيفية تكوف اإلدارة اٞتزائرية ومراحل تطورىا مع ربط ذلك
ببيئتها ا٠تارجية ،والتعرؼ على مدى تكيفها مع متغَتات ىذه البيئة وا١تتمثلة أساسا ُب التحوؿ الدٯتقراطي.
-االقًتاب النسقي :وذلك من خبلؿ دراسة البَتوقراطية كنسق مفتوح يسوده االعتماد ا١تتبادؿ مع
األنساؽ احمليطة بو سيما النسق السياسي باعتبار أف البَتوقراطية كنمط تنظيمي تسود ُب األجهزة اإلدارية
وتشكل نسقا مفتوحا على بيئة تتحرؾ ضمنها فتؤثر فيها وتتأثر هبا.
-االقًتاب التارٮتي :من خبلؿ االقًتاب من البَتوقراطية من الناحية التارٮتية باعتبار أف السلوكيات
لئلجابة عن إشكالية موضوع البَتوقراطية ُب عبلقتها بالتحوؿ الدٯتقراطي قمنا باالعتماد على خطة
حاولنا من خبل٢تا مراعاة كل جوانب ا١توضوع ،وىي خطة ستتضمن مقدمة وأربعة فصوؿ أساسية مع
خا٘تة الدراسة.
22
-الفصل األول :سيتم ٗتصيصو للجانب النظري للموضوع ويتضمن ثبلث مباحث ،حيث سيخصص
ا١تبحث األوؿ ١تفهوـ البَتوقراطية من حيث تعريفها ونشأهتا وأىم االٕتاىات التقليدية واٟتديثة اليت
تناولتها ،أما ا١تبحث الثاين فيخصص ١تفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي من حيث متطلباتو والعوامل ا١تؤدية إليو
وأىم مراحلو وا١تعيقات اليت يواجهها ،وأما ا١تبحث األخَت فسيحاوؿ ٖتديد طبيعة العبلقة بُت البَتوقراطية
والدٯتقراطية من خبلؿ رصد مكانة البَتوقراطية ُب األنظمة السياسية واألدوار اليت تؤديها وأىم االٕتاىات
-الفصل الثاني :نرصد من خبللو أىم العوامل احملددة لدور اٞتهاز اإلداري ُب اٞتزائر وا١تفسرة لسلوؾ
البَتوقراطية فيو ،من خبلؿ الكشف عن العوامل التارٮتية ُب ا١تبحث األوؿ واليت تضم دور اإلرث العثماين
والتنظيم اإلداري ُب ظل ا١ترحلة االستعمارية ودور مرحلة اٟتزب الواحد ،أما ا١تبحث الثاين فَتكز على دور
العوامل السياسية اإلدارية واليت تضم ٤تورية السلطة التنفيذية ودور ا١تؤسسة العسكرية وطبيعة وخصائص
اٞتهاز اإلداري ،ليختتم الفصل با١تبحث الثالث الذي ٮتصص للعوامل االقتصادية واالجتماعية والثقافية.
-الفصل الثالث :يتعلق ٔتظاىر التسيَت البَتوقراطي للحياة السياسية ا١ترتبطة أساسا بلليات تكريس
ا١تمارسة الدٯتقراطية خاصة منها حريات الرأي والتعبَت ودور اجملتمع ا١تدين واالنتخابات ،حيث ا١تبحث
األوؿ من ىذا الفصل يتناوؿ تأثَت البَتوقراطية على حريات الرأي والتعبَت منها حرية االجتماع والتظاىر
واإلعبلـ ،أما ا١تبحث الثاين فسيتطرؽ ١تظاىر التقييد البَتوقراطي للمجتمع ا١تدين سواء منو األحزاب
السياسية أو اٞتمعيات ،وأخَتا ا١تبحث الثالث الذي ٮتصص ١تظاىر اإلدارة البَتوقراطية للعمليات
-الفصل الرابع :ويرصد أىم االنعكاسات النإتة عن تبقرط اٟتياة السياسية وتأثَتىا على مسار التحوؿ
الدٯتقراطي ،حيث يتناوؿ ا١تبحث األوؿ انعكاس البَتوقراطية على واقع ا١تشاركة السياسية خاصة منها
23
ا١تشاركة ُب االنتخابات والعمل اٟتزيب واٞتمعوي ،أما ا١تبحث الثاين فيعاِب أزمة الشرعية اليت ولدىا التسيَت
البَتوقراطي وانعكاسها على أداء النظاـ السياسي اٞتزائري من خبلؿ رصد أىم معآب ىذه األزمة وتبعاهتها
على التحوؿ الدٯتقراطي ،أما ا١تبحث الثالث واألخَت فيخص أىم اآلليات اليت تبناىا النظاـ السياسي من
أجل ترشيد البَتوقراطية وجعلها أداة ٠تدمة التنمية والدٯتقراطية منها اإلصبلح اإلداري وٕتسيد اإلدارة
اإللكًتونية كمدخل للدٯتقراطية اإللكًتونية وإصبلح العدالة لتحقيق استقبللية القضاء وتكريس دولة اٟتق
-خاتمة الموضوع :كمحصلة لكل العناصر اليت ًب تناو٢تا مع إبراز أىم النتائج اليت توصل إليها البحث.
-البيروقراطية :يأخذ مصطلح البَتوقراطية عدة دالالت فهو ُب األصل يشَت إٔب سلطة ا١تكاتب والذي
أصبح يعرب عن شكل من أشكاؿ اٟتك م ،ليتطور ا١تفهوـ على يد ماكس فيرب الذي اعتربه شكبل من
أشكاؿ التنظيم الذي يعتمد على العبلقات غَت الشخصية وعلى العقبلنية وأداة ٠تدمة اجملتمع مقيدة
بسلطة القانوف تستخدمها اٟتكومة اٟتديثة ألداء وظائفها العديدة ا١تتخصصة ،ومع ظهور اختبلالت ُب
تطبيق النموذج البَتوقراطي ظهر ا١تعٌت السليب للبَتوقراطية والذي ٔتوجبو ٖتولت البَتوقراطية من خدمة
وعليو ستلتزـ الدراسة بتبٍت مفهوـ البَتوقراطية الذي يشار إليو كشكل من أشكاؿ التنظيم اإلداري الذي
يتميز با١تركزية وتطبيق القانوف والعقبلنية دوف إغفاؿ ا١تفهوـ السليب كونو يشخص واقع النموذج ٤تل
الدراسة وىو اٞتزائر ،إضافة إٔب الًتكيز على البَتوقراطية ا١تدنية وليس العسكرية مع عدـ إغفاؿ العبلقة اليت
تربط بينهما نظرا أل٫تية البَتوقراطية العسكرية ُب الدوؿ النامية حيث اٞتزائر تشكل جزءا منها وحيث
تتعاوف القيادة العسكرية مع البَتوقراطية ا١تدنية أو تسيطر عليها ُب عملية صنع القرارات السياسية ،إضافة
24
إٔب الًتكيز على مؤسسة البَتوقراطية وىي تكيف نفسها للظروؼ احمليطة هبا ووفقا ١تستوى التنمية
-اإلدارة العامة :نشاط إنساين وجهد ٚتاعي بغاية إشباع حاجات اجملتمع واٟتفاظ على الصاّب العاـ،
فهي عملية شاملة تستهدؼ تنفيذ السياسات العامة وكل أنشطة السلطة العامة لتحقيق أىداؼ اجملتمع.
-التحول الديمقراطي :يشَت كمفهوـ إٔب االنتقاؿ من نظاـ غَت دٯتقراطي إٔب نظاـ دٯتقراطي حسب
تعبَت صامويل ىنتنغتوف ،فهو عملية يتم االنتقاؿ ٔتقتضاىا من نظاـ تسلطي إٔب نظاـ دٯتقراطي ٖتًتـ فيو
حقوؽ اإلنساف وتفعل فيو اآلليات الدٯتقراطية من أحزاب سياسية وانتخابات وحريات فردية وٚتاعية ،وىو
تغيَت شامل ينطلق من األساس السياسي وينتهي بالتغيَت االقتصادي واالجتماعي والفكري ،ويتحقق ذلك
عرب التأكيد على حقوؽ األفراد واٞتماعات وىو ما يسمى التحوؿ الليربإب ،والتغَت ُب األبنية واألىداؼ
وىو ما شَت إٔب االنتقاؿ الدٯتقراطي ،وأخَتا تكريس عملية االنتقاؿ أو ما يدعى الًتسيخ الدٯتقراطي.
-المجتمع المدني :مفهوـ غريب يعود إٔب فًتة النهضة األوربية ومرتبط باألفكار ذات الصلة خاصة
بنظريات العقد االجتماعي وصوال إٔب الثورة الفرنسية وصعود الربجوازية ،وىو ٭تيل إٔب ٣تموع ا١تؤسسات
االجتماعية التضامنية اليت يشكلها اجملتمع بغرض الدفاع عن مصاٟتو وتأمُت القدر الكاُب من االستقبللية
-المشاركة السياسية :ىي عملية ٯتكن للفرد من خبل٢تا من ا١تشاركة ُب اٟتياة السياسية ومزاولة حقو ُب
اٗتاذ القرار ،وذلك من خبلؿ ٦تارسة حقو ُب التصويت والًتشح للمناصب السياسية واإلدارية واالنضماـ
إٔب األحزاب السياسية ومنظمات اجملتمع ا١تدين وتوٕب الوظائف العامة ،وىي ال تقتصر على اجملاؿ السياسي
25
-الشرعية :وتصف طبيعة العبلقة القائمة بُت اٟتاكم واحملكوـ واليت تعرب عن رابطة معنوية قوامها قبوؿ
األغلبية العظمى من احملكومُت ْتق اٟتاكم ُب أف يتؤب شؤوهنم العتقادىم بصبلحو ،فالشرعية تعرب عما
ٯتكن تسميتو بالطاعة السياسية اليت تستند إٔب معايَت ٥تتلفة قد تكوف دينية أو اقتصادية أو استخداـ القوة
-اإلصالح اإلداري :كل عملية تستهدؼ تنظيم اٞتهاز اإلداري ٔتا يتضمنو من أفراد ومعدات ووسائل
بغية ٖتقيق أىداؼ السياسة العامة للدولة بكفاءة وفعالية ١تواكبة تطورات اجملتمع واالستجابة ٟتاجياتو
ا١تتزايدة.
-اإلدارة اإللكترونية :أسلوب تعتمده الدوؿ واٟتكومات يهدؼ إٔب ٖتويل اإلدارة التقليدية إٔب إدارة
إلكًتونية اعتمادا على وسائل التكنولوجيا اٟتديثة هبدؼ رفع مستوى ا٠تدمات وتقريب اإلدارة من ا١تواطن
26
الفصل األول:
نظرية-
تمهيد:
إف البَتوقراطية كعنصر ُب النظاـ السياسي ٝتة عامة لكل اجملتمعات مهما اختلفت فلسفتها وطبيعة
النظاـ االقتصادي والسياسي واالجتماعي السائد فيها ،وىي تتموقع كجسر يربط اٟتاكم واحملكوـ،
27
وألف البَتوقراطية كمفهوـ ٯتثل ٤تور اإلدارة العامة ،ويشكل أ٫تية بالغة ألي نظاـ سياسي ،فإف الدراسة
ستحاوؿ التعرؼ عليو خاصة مع ما ٭تملو من دالالت ٕتعلو غامضا سواء ُب ا١تعٌت أو ُب االستخداـ ،كما
أهنا ستعمل على ٖتديد مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي وعبلقتو كمسار بإشكالية ظاىرة البَتوقراطية.
وسيتم تناوؿ ذلك من خبلؿ ثبلث مباحث ،حيث سيخصص ا١تبحث األوؿ ١تفهوـ البَتوقراطية وأىم
االٕتاىات التقليدية واٟتديثة اليت نظرت لو ،وبعدىا ا١تبحث الثاين الذي سيعمل على ٖتديد مفهوـ
التحوؿ الدٯتقراطي مقارنة با١تفاىيم األخرى ا١تشاهبة لو إضافة لتطرقو ألىم أ٪تاط التحوؿ الدٯتقراطي
والعوامل ا١تسببة لو وكذا مراحلو ومعيقاتو ،ليخصص ا١تبحث الثالث لعبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية
بتشخيص مكانة البَتوقراطية ُب العملية السياسية واالٕتاىات اليت نظرت لعبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية.
يعد ٖتديد ا١تفاىيم األساسية ُب أي موضوع وبناء ا١تؤشرات ا١ترتبطة بو من أىم ا٠تطوات اليت يقوـ هبا
الباحث ،كوهنا تساعده ُب بناء األطر التحليلية اليت ٘تكنو من تفسَت الظاىرة ٤تل البحث ،خاصة إذا كاف
ا١تفهوـ ٭تمل عدة دالالت و٭تتمل عدة استعماالت ،وعليو سنتناوؿ ُب ىذا ا١تبحث مفهوـ البَتوقراطية
من حيث الظروؼ التارٮتية للبيئة اليت ولد فيها إضافة إٔب أىم ا١تعاين اليت يعرب عنها لغويا واصطبلحا.
28
المطلب األول :مفهوم البيروقراطية
يولد كل مصطلح ُب ظل بيئة معينة ٖتدد معالو وتكسبو خصائص ترتبط بالظروؼ التارٮتية احمليطة هبذه
البيئة ،والبَتوقراطية كمفهوـ ارتبطت بالتطورات اليت عرفها النشاط البشري منذ األزؿ ،حيث سا٫تت كل
مرحلة تارٮتية ُب ميبلد معاين وتصورات نظرية معينة ١تفهوـ البَتوقراطية ،وىذا ما سنحاوؿ إبرازه فيما يلي.
رغم أف االستخدامات األؤب ١تصطلح البَتوقراطية كاف على يد الفبلسفة الفرنسيُت ُب القرف 18ـ
والذي عنوا بو التنظيم اإلداري ا١تتبع ُب اٟتكومات والقوة اليت ٘تارسها 1،إال أف نشأة البَتوقراطية مرتبط
بنشأة اإلدارة وكبل٫تا جاء نتيجة التعقيدات وا١تشاكل اليت عرفتها اجملتمعات ،فالبَتوقراطية ضرورة تارٮتية
استوجبتها ظروؼ التطور اٟتضاري ُب اجملتمعات اإلنسانية ومنذ القدًن اقتضت ا١تهاـ اليت كانت تلقى على
عاتق اٟتكومات كتوفَت األمن وجباية الضرائب أف يقوـ اٟتكاـ باختيار ا١توظفُت ا١تؤىلُت للقياـ هبذه
الوظائف 2،ويرى"جاكويب" )ُ ) Jakobyب كتابو "بقرطة العآب" أف األجهزة البَتوقراطية تطورت حينما
3
وجدت مناطق واسعة تسكنها ٚتاعات كبَتة ْتاجة إٔب جهاز مركزي يعاِب مشاكلها.
لكن ما ىي ا١ترحلة التارٮتية اليت ٯتكن القوؿ إهنا ٘تثل بداية لظهور اإلدارة ،وبالتإب التنظيم البَتوقراطي؟
يعتقد "ألفريد صوُب" )(Alfred Sauvyأف اجملتمعات البدائية اليت كانت قائمة على أساس العائلة
أو اٞتماعة ٓب تعرؼ أي مؤسسات ٯتكن تسميتها بالبَتوقراطية فخضوع الناس ٓب يكن لقوانُت ٤تددة بل
للعادات والتقاليد ،لذلك فمفهوـ اإلدارة ٓب يولد إال مع مفهوـ الدولة ذاتو الذي ٖتدد ُب مفهوـ ا١تدينة
1اٛتد صقر عاشور ،اإلدارة العامة مدخل بيئي مقارن ،ط .1.بَتوت :دار النهضة العربية ،1979 ،ص.85
2عمار بوحوش ،دور البيروقراطية في المجتمعات المعاصرة .عماف :ا١تنظمة العربية للعلوـ اإلدارية ،1983 ،ص.15
3ىيدي فَتيل ،اإلدارة العامة منظور مقارن ،تر٤.تمد قاسم القريوٌب ،ط .2.اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية ،1979 ،ص.89
29
1
واٟتاجة إٔب خوض اٟترب وجباية الضرائب٦ ،تا دعى اٟتكاـ إٔب استخداـ أعداد كبَتة من ا١توظفُت،
لذلك يعترب "كارؿ فيتفوجاؿ")ُ (Karl Fitfogelب كتابو "السلطة ا١تطلقة ُب الشرؽ-دراسة مقارنة"-
أف األنظمة القدٯتة اليت أدت إٔب ٪تو األجهزة البَتوقراطية قد ظهرت فيما يسميو اجملتمعات ا٢تيدروليكية
2
اليت تتمثل ُب حضارات ضفاؼ األهنار الشرقية.
وعلى ىذا األساس ستنطلق الدراسة من اٟتضارات القدٯتة باعتبارىا أساس نشأة و٪تو البَتوقراطية ،وىي
تنقسم إٔب ثبلث مراحل ،تقسيم يقوـ على أساس طبيعة البَتوقراطية السائدة ُب كل مرحلة والغاية اليت
وجدت من أجلها ،فا١ترحلة األؤب تضم اٟتضارات القدٯتة والعصور الوسطى وا١ترحلة الثانية تبدأ منذ قياـ
الثورة الفرنسية إٔب غاية هناية القرف التاسع عشر وا١ترحلة األخَتة تبدأ مع بداية القرف العشرين.
-الحضارة المصرية:
إف حضارة مصر اليت وجدت منذ أكثر من 500000سنة 3،عرفت با٧تازاهتا الضخمة ،ويرجع ذلك
إٔب النظاـ ا١تتقدـ ُب اإلدارة العامة الذي عرفتو ،ويعترب توفر ا١تستوى العإب وا١تتقدـ والكفاءة ُب ا٠تدمات
اإلدارية من أسباب طوؿ فًتة حياة ا١تؤسسات ا١تصرية 4،وقد أشار "ماكس ويرب" ) (Max Weberأف
اٞتذور التارٮتية للبَتوقراطية ا١تصرية ىي جذور موغلة ُب القدـ ويصح أف تكوف ىذه البَتوقراطية ٪توذجا
5
تارٮتيا للنظم البَتوقراطية واإلدارية ا١تعاصرة.
1
Alfred Sauvy, Bureaux et Bureaucrates. Paris : Presse universitaire de France, 1967,
p10.
2ىيدي فَتيل ،مرجع سابق ،ص.90
3عادؿ حسن ،مصطفي زىَت ،اإلدارة العامة .بَتوت :دار النهضة العربية ،1978 ،ص.153
4ىيدي فَتيل ،مرجع السابق ،ص.09
5علي شريف ،اإلدارة العامة مدخل األنظمة .بَتوت :الدار اٞتامعية ،1989 ،ص.46
31
لقد اعتمدت البَتوقراطية ا١تصرية على حكومات ٤تلية كوحدات إدارية وكاف فرعوف ىو الرئيس ذو
السلطة ا١تطلقة يليو الوزير الذي يشرؼ على عدة مصاّب ،وكانت اإلدارة اٟتكومية تضم ثبلثة أنواع من
ا١توظفُت ىم :موظفو اإلدارة العليا ا١تنحدرين من مبلؾ األراضي ،ا١توظفوف العاديوف ذوي أصوؿ من الطبقة
الوسطى ،وأخَتا فئة العماؿ من العبيد 1،وكاف تكوين ا١توظفُت خليطا من رجاؿ العائلة ا١تالكة ،الكهنة،
2
الرسامُت ،وا١تهندسُت ،أما شروط التوظيف فكانت :إتقاف القراءة ،اٟتساب ،والكتابة ا٢تَتوغليفية.
إف اٞتهاز اإلداري ُب اٟتضارة الفرعونية ٘تيز ٓتصائص حديثة كوجود تسلسل ُب نظاـ السلطة ونظاـ
السجبلت والوثائق واألجور ،مع مراعاة الكفاءة والدراية ُب التوظيف واالعتماد على التخطيط واإلحصاء
3
١تعرفة عدد السكاف واألمواؿ ا١تستخلصة منهم.
-الحضارة الصينية:
اتسمت اٟتضارة الصينية باالستمرارية واالستقبللية ،وعرفت خدمة مدنية منذ القدـ استمرت حوإب
2000عاـ ،ويعترب "غبلدين") (Gladeneأف أىم عامل ساىم ُب استمرار قوة اٟتضارة الصينية حىت
4
العصور اٟتديثة ىو البَتوقراطية الصينية.
وتظهر البَتوقراطية ُب اٟتضارة الصينية القدٯتة ُب قياـ نظاـ إداري متميز بوجود أجهزة إدارية أشرؼ
عليها تسعة وزراء برئاسة اإلمرباطور 5والذي يعترب أوؿ من وضع اجتياز امتحاف ا٠تدمة ا١تدنية كشرط
للتعيُت بالوظائف اٟتكومية ،وُب ذلك قاؿ الفيلسوؼ الصيٍت القدًن "كنفشيوس" من أف اإلدارة السليمة
31
ىي وسيلة اٟتكم الصاّب 1،لذلك ٘تيزت البَتوقراطية الصينية بوجود اىتماـ بتكوين ا١توظفُت اٟتكوميُت من
خبلؿ الربامج الدراسية اليت وفرىا م ع اعتماد نظاـ االختبارات الختيار ا١توظفُت على أساس القدرة
2
والكفاءة.
كانت ٥تتلف الوظائف بالنسبة للمدف اليونانية ٘تنح ألشخاص يتم اختيارىم عن طريق القرعة ١تدة عاـ
واحد من الطبقة الغنية ومالكي العقارات ،أما الرجاؿ من الطبقة الفقَتة والعبيد فكانوا مبعدين عن ىذه
الوظائف ،وكاف ٬ترى ٖتقيق مسبق حوؿ ا١ترشحُت قبل إخضاعهم لبلختبارات.
٘تيزت الوظيفة عند اليوناف بكثرة مسؤولياهتا وصعوبتها مقابل أجور زىيدة وغياب الًتقية ،مع وجود رقابة
صارمة 3،ولقد اتسم النظاـ اإلداري بالطابع اٞتماعي ووجد ٣تلس يتكوف من 500عضو ووجدت ٞتاف
٘تثل كل واحدة منها أسرة أو عشَتة ١تزاولة السلطة 4،وعموما فإف ا١توظفُت ُب اإلدارة العامة ُب ا١تدف
اليونانية ٓب يكونوا ٤تًتفُت ألف اختيارىم يتم من بُت األغنياء والطبقات العليا ٢تذا فاإلدارة ٓب تكن مؤىلة
5
باإلطارات والكفاءات العالية.
أما اإلمرباطورية الرومانية فقد عرفت تقسيما للسلطة وا١توازنة بُت ٥تتلف القوى ا١تتمثلة ُب٣ :تلس
الشيوخ٣ ،تلس النواب ،اجملالس الشعبية ،ومفهوـ اٟتكومة كاف مفهوما إداريا واعتربت الروماف أهنا من
6
الدوؿ اليت أنشأت أكرب جهاز إداري بَتوقراطي لؤلعماؿ العامة ُب التاريخ.
32
كانت البَتوقراطية كنظاـ لئلدارة مصدر قوة لئلمرباطورية الرومانية حيث استطاعت أف ٖتافظ هبا على
وحدهتا ُب مواجهة النزعات الثورية ا١تتعددة ،لكن مقابل ذلك أىلكت ا١تزارعُت وصغار ا١تنتجُت من أبناء
الشعب بتكاليف باىظة 1،وبالنسبة لتعيُت ا١توظفُت فقد كاف يتم بقرارات إمرباطورية وعندما توسعت
اإلمرباطورية أصبح كل أمَت يعُت ا١توظفُت من بُت أتباعو ،إضافة إٔب بيع الوظائف ١تن يدفع الثمن األكرب
وىذا ما ساىم أكثر ُب إضعاؼ السلطة ا١تركزية للملك ،وتقوية السلطات احمللية لؤلمراء.
بعد تفكك اإلمرباطورية الرومانية ساد أوربا ُب العصور الوسطى نظاـ إقطاعي ٘تيز بنظاـ إداري استمر
إٔب غاية القرف 16ـ ،واتسم ىذا النظاـ بإدارة حكومية المركزية مع امتبلؾ األقاليم احمللية لسلطات واسعة،
حيث إف كل أمَت يدير مقاطعة يساعده فيها موظفوف ٮتتارىم من بُت أفراد عائلتو وأصدقائو ،وبسبب بيع
الوظائف وتوريثها بالغ ا١توظفوف ُب إنشاء وظائف كثَتة السًتجاع أموا٢تم وأصبحت الوظيفة بالنسبة ٢تم
2
مصدر ثروة.
واستطاع النظاـ اإلقطاعي مقابل إخضاع احملكومُت لو أف ٭تافظ على استمرار وبقاء اجملتمع الزراعي
وتقدًن ا٠تدمات األساسية األوليةكاٟتماية واألمن ،ولكنو من جهة أخرى وسع من صبلحيات ا١تلوؾ
واألمراء وزاد من ثراء طبقة النببلء ا١تتحالفة معهم ،لكن مع استقبللية ا١تدف وظهور الطبقة الوسطى اليت
ٖتالفت مع ا١تلوؾ ضد االرستقراطية بدأ التحوؿ من األ٪تاط السياسية اإلقطاعية يتم تدر٬تيا إٔب أف ظهرت
٤تلو األنظمة ا١تلكية ا١تطلقة اليت سادت ما بُت القرنيُت 16ـ و 18ـ ،وما ميز ىذه األنظمة اٞتديدة ىو
حلوؿ مفهوـ التعاقد كأساس للملكية-بفتح البلـ -بدؿ قيامها على فكرة حق ا١تلوؾ القدٯتة ،و٤تاولة من
ا١تلوؾ للحفاظ على سلطتهم وامتيازاهتم وعلى حد أدىن من النظاـ عمدوا إٔب تطوير ا٠تدمة العامة و٧تحوا
1
Alfred Sauvy, Op.Cit, p14.
2عادؿ حسن ،مصطفى زىَت ،مرجع سابق ،ص.157
33
1
بذلك ُب ربطها با١تلكية كمؤسسة أكثر منها كفرد٢ ،تذا أعادوا بناء مفهوـ الدولة واٟتياة وا١توظفُت
وكانت فرنسا من بُت الدوؿ األؤب اليت اىتمت بنظاـ اإلدارة فسعت إٔب ٖتقيق وحدة سياسية من
خبلؿ اختيار البَتوقراطيُت من أبناء الطبقة الوسطى الربجوازية وجعل مدة التوظيف لعدة سنوات بدال من
عاـ واحد ،إال أف االستبداد ُب الوظيفة و٦تارستها بطريقة ٖتكمية كاف سببا ُب اهنيار النظاـ ا١تركزي هبا عاـ
وهبذا اعتربت ا٠تربة اإلدارية ُب فرنسا وبريطانيا ذات أثر كبَت على تطور األنظمة اإلدارية والبَتوقراطية ُب
3
الدوؿ النامية وعلى نظرية "ماكس ويرب" وآخرين.
إف الفكرة األساسية اليت ٯتكن أف نلخص هبا ا١ترحلة األؤب ىي أف األنظمة السياسية قد عرفت تقاليد
اجتماعية أعطيت ٔتوجبها وظائف اإلدارة العليا لكبار اإلقطاعيُت وأفراد األسر ا١تالكة ،أي أف البَتوقراطية
سا٫تت الثورة الفرنسية عاـ 1789وما صاحبها من مفاىيم جديدة كمفهوـ الدولة القومية الذي
أصبح ٯتثل شكبل من أشكاؿ األنظمة السياسية السائدة آنذاؾ ُب إحداث تغيَتات عميقة ُب طبيعة الدولة
وطبيعة البَتوقراطية كأداة للقياـ باألعماؿ اٟتكومية 4،فقد عمدت ىذه الثورة إٔب إجراء إصبلحات إدارية
34
موسعة ٘تث لت ُب إلغاء نظاـ شراء وبيع الوظائف العامة ،والقياـ بالتوظيف على أساس الكفاءة وا١تساواة
بُت ا١تواطنُت 1،و٧تحت بذلك ُب تغيَت الصفة الشخصية للدولة اليت أصبحت ملكا لؤلمة وتغَت والء
ا١توظفُت من كونو والء للملك إٔب والء لؤلمة ،واعترب نابليوف مؤسسا للبَتوقراطية ا١تعاصرة ١تا ساىم بو من
إصبلحات إدارية عززت القضاء على األنظمة اإلدارية اإلقطاعية وأقامت إدارة ٘تيزت بالنظاـ والتخصص
2
والعقبلنية اإلدارية.
ٓب تكن الثورة الفرنسية و٣تيء نابليوف العامبلف اللذاف سا٫تا فقط ُب تغيَت طبيعة البَتوقراطية وإ٪تا كاف
أيضا للتغيَتات الكبَتة اليت حدثت ُب بريطانيا والثورة األمريكية ُب القرف الثامن عشر الدور األكرب ُب ىذا
التغيَت ،ففي بريطانيا حيث ٓب يسد النظاـ اإلقطاعي بقوة كما كاف ُب باقي الدوؿ األوربية خاصة فرنسا ٓب
٬تد ا١تلوؾ أنفسهم ْتاجة ماسة إٔب جعل اإلدارة مركزية لذلك سادت ُب بريطانيا البلمركزية اإلدارية ،فبعد
أف استطاع الرب١تاف أف يفرض سلطتو على ا١تلك عاـ 1868وحدوث الثورة األمريكية ًب االعتماد على
االنتخابات كأسلوب جديد يسمح باختيار الرجاؿ الذين ٢تم شعبية لتوٕب ا١تناصب العليا وىم بدورىم
ٮتتاروف البَتوقراطيُت الذين يساندوف سياسة اٟتزب الفائز ،وهبذا أصبح التعيُت ُب الوظائف العامة يتم على
3
أساس الوالء لؤلحزاب.
وإذا كانت بريطانيا ىي من ساىم ُب بلورة االٕتاىات اٟتديثة ١تفهوـ البَتوقراطية فإف الواليات
ا١تتحدة األمريكية كانت الرائدة ُب ميداف اإلصبلح اإلداري فقد ركز كل من "جاكسوف" )(Jackson
و"واشنطوف" ) (Washingtonعلى الكفاءة ُب التعيُت وإلغاء احتكار الوظيفة من طرؼ أسرة أو جهة
35
معينة ،وتعززت ىذه ا١تبادئ أكثر ُب بداية النصف الثاين من القرف التاسع عشر بصدور قوانُت ٗتص
الوظيفة العامة.
إف ىذه التطورات اليت حصلت ُب بريطانيا والواليات ا١تتحدة األمريكية مثلت عامبل مهما ساىم ُب
تغيَت الدور الذي تلعبو البَتوقراطية كأداة من أدوات خدمة اٟتكاـ واإلقطاعيُت إٔب جهاز إداري وطٍت
1
يشرؼ على تنفيذ السياسات اليت تضعها األحزاب ُب ٥تتلف ا١تستويات اإلدارية.
إف تعاوف البَتوقراطية واألحزاب السياسية بعد التغيَتات اليت أحدثتها كل من الثورة الفرنسية
واألمريكية فسح ٣تاالت واسعة لظهور عناصر جديدة كعنصر ا١تنافسة وإتباع األساليب الدٯتقراطية ُب
ا١تناقشة ،وىذا ما أدى إٔب حدوث تغيَت ُب ٣تاؿ ا٠تدمات اإلدارية وطبيعة عمل البَتوقراطية ،والغاية من
وجودىا ،فالقرف العشرين وما صاحبو من تقدـ حضاري وتقٍت وتقدـ ُب ا١تعايَت االجتماعية ا١تعاصرة قاد
إٔب إحداث تغيَت كبَت ُب عمل البَتوقراطية ،وفرض التخصص والتقنية أف يشارؾ البَتوقراطيوف ُب اٗتاذ
لقد أصبحت الوظيفة العامة ُب ظل انتشار الدٯتقراطية تقوـ على أسس قانونية وٗتضع لنصوص ٖتدد
عملها ،وٓب تعد ٗتضع أو ٗتدـ جهة معينة كما كانت سابقا كأداة ُب يد اٟتكاـ وبعدىا األحزاب
السياسية ،وأصبح االٕتاه إٔب أف يتكامل العمل السياسي واإلداري 2،كما ٘تيزت ىذه ا١ترحلة اٞتديدة
بتوسع ُب األجهزة ا١تالية واإلدارية وزيادة عدد ا١توظفُت سواء ُب الدوؿ الرأٝتالية أو االشًتاكية ،وصاحب
بداية الستينيات ظهور دوؿ جديدة كاف للبَتوقراطيُت الدور الكبَت ُب إنشائها وبا٠تصوص ُب قارة إفريقيا،
36
حيث كاف الدور الفعاؿ للمكاتب البَتوقراطية اليت كانت امتدادا للبَتوقراطية االستعمارية ُب إنشاء دوؿ
1
جديدة لكن ْتدود ٓب تراع ا١تعايَت اإلثنية.
إف كبل من ا١ترحلة األؤب الثانية والثالثة سا٫تت ُب بلورة مفاىيم معينة و٤تددة للبَتوقراطية حسب
خصائص كل مرحلة والظروؼ السياسية االقتصادية االجتماعية والتارٮتية اليت سادت فيها٢ ،تذا وجد
اختبلؼ وتنوع ُب ا١تقاربات النظرية ٢تذا ا١تفهوـ ،وىذا ما ستحاوؿ الدراسة إبرازه ُب العنصر التإب من
إف دراسة أي مفهوـ تستلزـ بالضرورة تناولو من ناحيتُت أساسيتُت ،و٫تا االشتقاؽ اللغوي وا١تعٌت
االصطبلحي الذي يشمل دراسة ٣تمل التصورات واالٕتاىات النظرية اليت تناولتو.
.2التعريف اللغوي:
وأصلها البلتيٍت Burusأي اللوف ا١تعتم ،أما كلمة Crationفهي يونانية األصل ٔتعٌت اٟتكم ،وهبذا
فإف كلمة بَتوقراطية تعٍت حكم ا١تكاتب 2،كما ذكر قاموس العلوـ السياسية واالجتماعية عاـ 1854
بأهنا تعٍت نوعا من القماش يستعمل كغطاء للمناضد اليت ٬تتمع عليها با٠تصوص رجاؿ اٟتكومة ما يعٍت
أف كلمة Bureauمشتقة من القماش الذي يغطيها ،وأهنا تعٍت السلطة والقوة اليت ٘تنح لؤلقساـ
3
اٟتكومية وفروعها و٘تارسها على ا١تواطنُت.
1
Alfred Sauvy, Op.Cit, p21
2عبد الوىاب الكيإب وآخروف ،موسوعة السياسة ،ج .1 .بَتوت :ا١تؤسسة العربية للدراسات والنشر ،1994 ،ص.644
3
Auguste Ott, Dictionnaire des sciences politiques et sociales, tom.1, V03. Paris:
bibliothèque universal du clergé, 1854, p905.
37
وقد اكتسب مصطلح البَتوقراطية معاين ٤تددة ُب قواميس اللغة ،ففي عاـ 1798عرفو قاموس
األكادٯتية الفرنسية بأنو" القوة والنفوذ اللذاف ٯتارسهما رؤساء اٟتكومة وموظفو ا٢تيئات اٟتكومية" 1،ويرى
(Vincent deوزير التجارة الفرنسية ُب القرف 18أوؿ من نظر إٔب ا١تكاتب العاملة ُب اٟتكومة
2
وٖتدث عنها باسم .Bureaucrate
وعليو فاالشتقاؽ اللغوي ١تصطلح البَتوقراطية يعرب عن القوة والنفوذ اللذاف ٯتارسهما موظفو اٞتهاز
اإلداري ُب الدولة.
.2التعريف االصطالحي:
تعترب البَتوقراطية من أكثر ا١تصطلحات اليت ٖتمل أكثر من معٌت وتعرؼ غموضا ُب االستخداـ ،وعليو
سنحاوؿ ٚتع أغلب ا١تعاين اليت ٖتملها ىذه الكلمة واليت ًب تلخيصها ُب سبعة مفاىيم أساسية ،ىي:
يعرب عن التصور األصلي للكلمة الذي ظهر ُب كتابات "فنسوف ديغورناي"ٔ ،تعٌت حكم ا١تكاتب أو
ا١توظفُت ويعرب عن ٪تط حكم بَتوقراطي 3ولقد شاع ُب الفكر االجتماعي خبلؿ القرف 18وكاف من رواده
"جوف ستيوارت ميل" )ٍ ،)J.S.Millsب عرؼ انتقاال من اعتبار البَتوقراطية شكبل من أشكاؿ اٟتكم
إٔب اعتبارىا ٩تبة مسيطرة ،وظهر ذلك ُب كتابات"موسكا" ) (Moscaو"ميلز" ) (Millsالذين اعتربا
1
Académie Française, Dictionnaire de l’académie Française, U.S.A. : University of
Chicago, éd.5, 1798, p767.
2ماركس فريتز مورستا ين ،دولة اإلدارة ،تر.إبراىيم علي .القاىرة :مكتبة اال٧تلو ا١تصرية ،1963 ،ص.27
٤ 3تمد علي ٤تمد ،البيروقراطية الحديثة .اإلسكندرية :دار الكتب اٞتامعية ،1975 ،ص.290
38
استمر ىذا التصور سائدا مع ا١تفكرين ا١تعاصرين ومن أىم ىؤالء"السكي)" ، (laskiفاينر"
رغم أ٫تية كل ىذه التصورات إال أف ىذا ا١تفهوـ فقد أ٫تيتو ُب القرف 20ـ بسبب اإل٧تازات اٟتديثة ُب
٣تاؿ تصنيف النظم السياسية واأل٫تية اليت اكتسبها مفهوـ الدٯتقراطية ،والًتكيز أكثر على البَتوقراطية
2
كتنظيم رشيد يستبعد البعد السياسي.
يعرب ىذا ا١تفهوـ عن وجهة نظر"ماكس ويرب" 3،وركز كمفهوـ حديث على فهم العبلقة بُت العقبلنية
وخصائص ٪توذج فيرب ،و ٯتثل ىذا االٕتاه اٟتديث "بيًت بلو" ) (Peter Blauكما اتفق معو كل من
4
"فرونسي" ) (Francisو "ستوف" )ُ (Stoneب أف البَتوقراطية كتنظيم تؤدي إٔب ٖتقيق الفعالية.
إف النظر إٔب البَتوقراطية كنوع من التنظيم يتميز بالعقبلنية ٯتثل على العموـ نظرة علم االجتماع إٔب
مفهوـ البَتوقراطية واليت ٘تثل بالنسبة ٢تم تنظيما سياسيا يهدؼ إٔب التحديث وتغيَت األوضاع االجتماعية
5
وتنفيذ السياسات بفعالية وكفاءة عالية.
1السيد اٟتسيٍت ،علم االجتماع السياسي :المفاىيم والقضايا .اإلسكندرية :دار ا١تعرفة اٞتامعية.1994 ،ص.286
2المرجع نفسو ،ص.285
٤ 3تمد علي ،مرجع سابق ،ص.289
4السيد اٟتسيٍت ،مرجع سابق ،ص ص .283 ،282
5عمار بوحوش ،مرجع سابق ،ص.13
39
-المفهوم السلبي للبيروقراطية:
ظهر بعد ا١تقاربات النقدية لنموذج "ويرب" وخصائصو اال٬تابية .ىو تصور يؤكد عدـ فعالية البَتوقراطية،
و"دٯتوؾ" وكاف "بالزاؾ" ) (Balzacمن أوائل من أشار إٔب ىذا ا١تفهوـ وكذلك "ستوف"
) ،(Dimockفبالنسبة ٢تؤالء تعرب البَتوقراطية عن كل جوانب النقص ُب بناء التنظيمات وعن عدـ
1
ا١ترونة.
ا١تعٌت الذي يشَت حسبو إٔب عدـ التوازف والتأثَت والنفوذ داخل ا١تؤسسة أو ا١تنظمات اإلنسانية ،وقد تناوؿ
الظاىرة من مدخل إنساين وعرؼ البَتوقراطية بأهنا حكومة مكونة من دوائر الدولة يعمل هبا موظفوف
معينوف ومنظمة بشكل تسلسلي وتعتمد على سلطة حاكمة ،ورأى أف األفراد يستخدموف القواعد
التنظيمية ٠تدمة مصاٟتهم وامتيازاهتم وتدعيم ىذه ا١تصاّب من شأنو أف يصيب التنظيم باٞتمود وتثبيت
2
األوضاع.
ٯتثل ىذا االٕتاه "موسوليٍت"( (Mussoliniودعاة الفاشية ومعاٞتات "ميشلز" )( Michel’s
١تفهوـ القوة ،ويركز ىذا التصور على اٞتماعات اليت تؤدي وظائف البَتوقراطية أكثر من االىتماـ
3
بالوظائف ذاهتا.
1
Fred Riggs, « Introduction sematique du terme bureaucratie, » Revue internationale
des sciences sociales, V.31, N. 04, 10-1979 .p613.
2
Michel Crozier, Le phénomène bureaucratique. Paris : édition du Seuil, 1962, p16
٤ 3تمد علي ،مرجع سابق ،ص.291
41
ظهرت عدة دراسات تناولت البَتوقراطية من ىذا ا١تنظور منها دراسة قاـ هبا "البارومربا"
ضرورة التمييز بُت البَتوقراطية كنوع من التنظيم وكشكل عاـ ٘تارس اإلدارة العامة بو نشاطها وبُت
البَتوقراطية كأحد أدواء التنظيم ومرض يعرقل اإلدارة السليمة ،وعرؼ البَتوقراطية بأهنا "اٟتكومة عن طريق
1
ا١تكاتب أو اإلدارات العامة".
لقد ساىم ربط ىذا ا١تفهوـ باإلدارة العامة ُب استخدامو كوحدة للتحليل ُب الدراسات ا١تقارنة.
ساىم ٪توذج "ويرب" للبَتوقراطية وما تضمنو من خصائص ُب انتشار ىذا ا١تفهوـ خصوصا عند الذين
انطلقوا ُب دراستهم من أفكار "ماكس فيرب" وحاولوا فحص ٪توذجو منهم "بانديكس" ((Bendix
صاحب كتاب "السلطة والعمل" الذي فحص من خبللو كفاءة النموذج ا١تثإب (٪توذج ويرب) و"آيلمر"
ٯتاثل ىذا ا١تفهوـ بُت البَتوقراطية والتنظيم ،انطبلقا من فكرة أف ا٠تصائص اليت حددىا "ويرب" ٯتكن أف
4
تتحقق بدرجات متفاوتة ُب أي ٪توذج للتنظيم.
41
يرى كل من "ىاينماف")« ، (Hynemanبَتتوس") ،(Perthusو"إتيزيوين") (Itizioniأف
البَتوقراطية منظمة كبَتة وكل منظمة كبَتة ىي بَتوقراطية و٬تب استبداؿ البَتوقراطية ٔتصطلح التنظيم نظرا
للسلبيات اليت أصبحت تتميز هبا 1،أما "ىيدي فَتيل" ) (Heady Ferrelفعرؼ البَتوقراطية بأهنا"
مؤسسة تعرؼ بواسطة بعض ا٠تصائص ا٢تيكلية األساسية وىي شكل من أشكاؿ التنظيم ،لكن
2
التنظيمات قد تكوف بَتوقراطية وقد ال تكوف ويعتمد ذلك على ما إذا كانت تتمتع هبذه ا٠تصائص،
3
و٠تصت ىذه ا٠تصائص كما جاءت ُب كتابات العديد من ا١تفكرين الذين سبق ذكرىم فيما يلي:
إف ىذا ا١تفهوـ رغم أ٫تيتو إال أف ىناؾ من اعتربه قد وسع من مفهوـ البَتوقراطية ،وصعب بذلك من
1
Giovanni Busino, Les théories de le bureaucratie, Op.Cit, p 87.
2ىيدي فَتيل ،مرجع سابق ،ص.46
3المرجع نفسو ،ص.43.
42
يعترب ىذا ا١تفهوـ أف البَتوقراطية تعرب عن اجملتمع اٟتديث ،ويرى"أولرباو" )(Albrowأف الكلمة ال
ٯتكن أف تعرب فقط على ٪تط من اٟتكم أو عن منظمة ولكن عن اجملتمع اٟتديث مثلما عربت كل من
1
الدٯتقراطية والرأٝتالية واالشًتاكية عن أ٪تاط اجتماعية وليس فقط عن ىياكل سياسية واقتصادية.
ساعدت صياغات"ماركس" ) (Marxومن تبعو على ظهور ىذا ا١تفهوـ ،وُب كتاب "برونو ريزي"
) of the Worldاعترب أف جهاز الدولة ُب االٖتاد السوفييت أصبح ٯتثل طبقة حاكمة شكلت ٣تتمعا
2
بَتوقراطيا.
) ،(Perthusالذين اتفقوا على أف البَتوقراطية أصبحت ٘تارس سيطرهتا على اجملتمع وال ضرورة للفصل
3
بينها وبُت الدولة ألهنما امتزجتا ،وأف طبيعة اٟتياة اٞتديدة فرضت ىذا النوع اٞتديد من التنظيم.
لقد ساىم علماء القرف ُ 19ب صياغة تصورات ىامة حوؿ مصطلح البَتوقراطية الذي ارتبط بنشأة
اإلدارة ،وكبل٫تا جاءا نتيجة للتعقيدات وا١تشاكل اليت ٓب ٯتكن التغلب عليها إال باالعتماد على التخصص
وتقسيم العمل وبا٠تصوص العمل وفق قوانُت وقواعد مدروسة 4،وىذه التصورات سا٫تت ُب ظهور ثبلثة
5
مفاىيم أساسية للبَتوقراطية ،ىي:
1
Fred Riggs, Op.Cit, p615.
2
Bruno Rizzi, The Bureaucratisation of the World, trade. Adam Buick .marxist.org,
2006, pp 4-19.
3
Fred Riggs, Op.Cit, pp 615, 616.
4عمار بوحوش ،مرجع سابق ،ص.08
٤ 5تمد علي ٤تمد ،مرجع سابق ،ص.255
43
-الًتكيز على النظم والًتتيبات اإلدارية اليت ظهرت با٠تصوص ُب اجملتمع األ١تاين ،ومثل ىذا االٕتاه علماء
اإلدارة.
إال أف مفهوـ البَتوقراطية عندما ارتبط بقضايا معينة كتمايز الوظائف االجتماعي وترشيد وعقلنو
الوظائف وتطور و٪تو االٕتاىات األوليجارشية ،وعندما ارتبط أيضا بنظريات السلطة واٗتاذ القرارات ُب
1
التنظيمات وجدت اٟتاجة إٔب مناقشة معاين أخرى حديثة و٥تتلفة للبَتوقراطية.
وستتعرض الدراسة ُب ىذا ا١تطلب لل تصورات النظرية اليت صاغها ا١تفكروف األوائل ،باعتبار أف ما قدموه
كاف "ىيغل" ) (Hegelمن أوائل من حاوؿ ٖتديد وظائف البَتوقراطية ومبادئها دوف أف يستخدـ
ىذا ا١تصطلح وذلك ُب كتابو "فلسفة القانوف" ) (philosophy of Lawعاـ 1818ـ ،حيث
اعترب فيو أف الدولة ٕتسد ا١تصلحة العامة ووسيلتها ُب ذلك اٞتهاز البَتوقراطي ،وأف ىيكل ا١توظفُت ٯتارس
دور الوسيط ُب الدولة و٭تقق التجانس بُت ا١تصلحة العامة وا٠تاصة والعوائق اليت ٯتكن أف يتعرض ٢تا
2
اٞتهاز ىي إمكانية أف يصبح ٤تافظا ومنغلقا على نفسو.
أما "كارؿ ماركس" ) )Karl Marxفطور فكرتو حوؿ البَتوقراطية من خبلؿ نقده لفلسفة ىيغل
حوؿ الدولةُ ،ب مؤلفو "نقد فلسفة القانوف ٢تيغل" (critique Hegel’s philosophy of
) Lawعاـ ،1842حيث توصل من خبللو إٔب أف "ىيغل" اكتفى فقط بوصف البَتوقراطية والتفرقة بُت
44
اجملتمع ا١تدين والدولة وبُت ا١تصاّب العامة وا٠تاصة،ليؤكد "ماركس" أف البَتوقراطية ال ٘تثل سوى ا١تصلحة
ا٠تاصة والشخصية لؤلفراد ،وأف دورىا ىو تدعيم االنقساـ الطبقي ُب اجملتمع الرأٝتإب مع البحث عن كل
الوسائل للحفاظ على مصاٟتها ا٠تاصة ،فأىداؼ الدولة تتحوؿ إٔب أىداؼ للبَتوقراطية وأىداؼ
1
البَتوقراطية إٔب أىداؼ للدولة.
كما اعترب ىو وأتباعو أف البَتوقراطية مرتبطة ٔتجتمع الطبقات وىي ال تشكل طبقة وإ٪تا تستمد
استمرارىا من انقساـ اجملتمع إٔب طبقات ووظيفتها مراقبة ىذا االنقساـ واحملافظة عليو وخدمة الطبقة
اٟتاكمة ،كما أف مصَتىا مرتبط ٔتصَت الطبقة الربجوازية اليت يعٍت زوا٢تا زواؿ البَتوقراطية 2،وربط "ماركس"
البَتوقراطية بفكرة "االغًتاب" معتربا أف البَتوقراطية كتنظيم ٖتطم كفاءة الفرد وتدعم االنقساـ الطبقي
3
واٟتل لزوا٢تا ىو قياـ الثورة واجملتمع البلطبقي.
أما "لينُت" ) (Lenineالذي كاف يوافق ماركس على أفكاره إٔب حد كبَت فكانت لكتاباتو أ٫تية كبَتة
فاعترب البَتوقراطية "مبدأ تنظيميا" واعترب الصراع ضدىا من مهاـ الثورة ،ويتحقق ذلك بصورة آلية حينما
يصل اجملتمع إٔب مرحلة النمو االقتصادي ،وفسر عدـ اهنيار اٞتهاز البَتوقراطي ُب االٖتاد السوفييت بعد
4
ثورة 1917بكوف اجملتمع ال يزاؿ ٭تمل آثار النظاـ الرأٝتإب اليت البد من القضاء عليها.
1
Karl Marx, Critique of Hegel philosophy of right, trad.Joseph Omalley. New York :
Oxford university presse, 1970, pp 287-297..
2
Claude Lefort, Elément d’une critique de la bureaucratie. Suisse : Gallimard, 1979,
p 272.
3
االغًتاب يشَت إٔب كافة الظروؼ والعمليات اليت ٕتعل البشر يبتعدوف عن حياة البساطة االوليةْ ،تيث ينفصل اإلنساف عن بيئتو الطبيعية،
بعد أف استحدث أنظمة فصلتو عنها ،وىي الطرؽ والوسائل اليت يستخدمها ُب حياتو اٟتضارية ،إضافة إٔب تقسيم العمل .انظر :رٯتاف بودرف،
فرنسوا بور يكو ،المعجم النقدي لعلم االجتماع ،تر .سليم حداد ،ط .1.اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية ،1986 ،ص.29
4
Lénine, L’état et la révolution, la doctrine de l’état et les taches des prolétariats
dans la révolution. Pékin : édition en langues étrangères, ed.1, 1970, pp113-114
45
وكاف"ليوف تروتسكي" ) (Leone Trotskiمن أبرز من انتقدوا ٪تو البَتوقراطية ُب االٖتاد
السوفيت ،والحظ أهنا تتبٌت تقاليد الربجوازية دوف وجود برجوازية وطنية ،ؤتا أهنا ال ٘تتلك وسائل اإلنتاج
فهي أشبو ما تكوف ّتماعة اجتماعية متطفلة على اجملتمع االشًتاكي وقياـ دولة اشًتاكية ُب كل العآب ىو
1
اٟتل للقضاء عليها.
حيث أكد "ريزي" على وجود طبقة جديدة مالكة لفائض القيمة الذي ٭تققو العماؿ وأطلق عليها
2
(اٞتماعة البَتوقراطية).
لقد تعرضت النظريات ا١تاركسية لعدة انتقادات حيث رأى بعض من معاصري ماركس الذين أنو قد
أ٫تل احتماال ٦تكن اٟتدوث وىو أف تتحكم قلة من العماؿ ُب بقية اٞتماىَت ُب ظل دولة مركزية قوية،
كما انتقد على وضعو مشكلة البَتوقراطية ُب إطار نظريتو عن صراع الطبقات ونظرتو إٔب التنظيمات
البَتوقراطية بوصفها شكبل من أشكاؿ االغًتاب ،إضافة إٔب رفضو االعًتاؼ بأهنا تشكل الطبقة اٟتاكمة
3
حينما تتوفر كل عناصر القوة للدولة.
إف إسهامات ىؤالء ا١تفكرين كانت ذات أ٫تية بالغة ،إال أف مفهوـ البَتوقراطية قد تطور أكثر مع
"جيتانو موسكا"" ،روبرتو ميشلز" و"ماكس ويرب" ،حيث شكلت البَتوقراطية بالنسبة ٢تم مركز اىتماـ علم
االجتماع واجملتمع اٟتديث وارتبطت معهم دراسة البَتوقراطية وا١تسار البَتوقراطي ٔتشكلة السلطة ومراقبتها
وشرعيتها ومن جهة أخرى ارتبطت بتحليل مصطلحات الفعالية ،التخصص ،والًتشيد.
1
ليوف ترو تسكي ،الثورة المغدورة .نقد التجربة الستالينية ،تر.رفيق سليم ،ط .2.بَتوت :دار الطليعة للطباعة والنشر ،1980 ،ص
ص.37-36
2
Bruno Rizzi, , Op.Cit , p36
3السيد اٟتسيٍت ،مرجع سابق ،ص ص.273 ،272
46
.2تصورات "جيتانو موسكا" ):(Gaetano Mosca
يعد موسكا من علماء القرف 19ـ الذين سا٫توا ُب ٖتديد معٌت البَتوقراطية ،وتوصل إٔب تصنيف نظم
اٟتكم على أساس واقع العمليات السياسية ،وعلى أساس ذلك ميز بُت شكلُت من أشكاؿ اٟتكم٫ ،تا:
-النظاـ اإلقطاعي الذي تكوف فيو الطبقة اٟتاكمة بسيطة ُب تركيبتها و٘تارس السلطة مباشرة.
وتوصل إٔب أف الطبقة األساسية اٟتاكمة ُب الدولة اٟتديثة ىي البَتوقراطية ،واختار لذلك مصطلح
-ا١توظفوف العموميوف ال يشكلوف فقط جزءا من الطبقة اٟتاكمة لكنهم ٯتثلوف أبرز ٝتة ٘تيز الدولة
اٟتديثة 1.ورأى أنو حينما ٖتتكر البَتوقراطية الثروة والقوة العسكرية فذلك يشَت إٔب وجود طغياف بَتوقراطي
قائم على وجود أوليغارشية قوية ،إضافة لذلك حدد موسكا بعض خصائص الدولة البَتوقراطية وا١تتمثلة
ُب :التخصص ،ا١تركزية ،تقسيم العمل ،ووجود موظفُت يؤدوف ا٠تدمات العامة ،وبذلك اعترب فئة ا١توظفُت
2
٩تبة وىي ٝتة ٘تيز الدولة اٟتديثة.
1
Fred Riggs , Op. Cit, p609.
2
Giovanni Busino, , Op.Cit, pp34,35.
47
ذىب "ميشلز ُب نفس ٪تط ٖتليل "موسكا"ونظر إٔب البَتوقراطية كضرورة ُب الدولة اٟتديثة 1،وىو من
خبلؿ كتابو "األحزاب السياسية" ) )Political partiesعاـ 1911ركز ٖتليلو حوؿ العمليات
السياسية داخل التنظيمات الكربى ،وعرؼ البَتوقراطية بأهنا ٣تموعة ا١توظفُت والعماؿ الذين يتقاضوف أجرا
لقاء عملهم وٮتضعوف لسيطرة رؤسائهم وقادهتم ،واعترب األوليغارشية ىي ا١تصَت احملتوـ الذي ستنتهي إليو
البَتوقراطية" 2،كما اعتربىا وسيلة أو أداة تقنية لتحقيق أىداؼ معينة وتقدًن ا٠تدمات ،وكلما زاد ٪تو
3
البقرطة واحتكار السلطة كلما ا٨ترفت عن األىداؼ الرئيسية واألىداؼ السياسية.
ورأى "ميشلز" أف النمو االقتصادي عامل رئيسي ُب التغيَت االجتماعي لكن ىناؾ قوى أخرى ٕتعل من
-طبيعة التنظيم.
4
وأؤب نتائج ىذه القوى ىي أف الدٯتقراطية ٖتمل بُت جوانبها األوليغارشية.
وُب كتابو السالف الذكر رأى أف تقسيم العمل يؤدي إٔب ظهور ىياكل جديدة ُب ا١تنظمة ،وىذه
ا٢تياكل تولد معها أىدافا ومصاّب خاصة وٯتثل ذلك بداية األوليغارشية ،فمن خبل٢تا تبدأ ا١تنظمة
باال٨تراؼ عن أىدافها األولية وتصبح ا١تصاّب ا٠تاصة ىي الغاية إٔب درجة تنفصل فيها ا١تنظمة عن مصاّب
1
Robert Michels, Political parties: sociological stady of the oligarchical tendencies of
modern democracy, trad. Eden and Cedar Paul.Canada: Batoche books Kitchener,
2001, p114.
2
Ibid, p27.
3
Ibid, p.244.
4
Robert Michels, Op.Cit, p06
48
الطبقة اليت ٘تثلها 1،كما أكد ُب ىذا الكتاب الذي خصصو لدراسة األحزاب االشًتاكية والنقابات العمالية
با٠تصوص ُب أ١تانيا على أف كل ا١تنظمات ٤تكومة ب «القانوف اٟتدي للؤلوليغارشية" Iran Law of
oligarchyالذي ينزع إٔب إعطائها بنية أوليغارشية حىت ولو كانت دٯتقراطية 2،ويتلخص ىذا القانوف
ُب أف القادة ٯتيلوف ُب ٥تتلف ا١تستويات إٔب االستمرار ُب السلطة أو تعيُت خلفهم بنوع من االختيار أو
3
االنتخابات و ٯتيلوف إٔب تشكيل دائرة داخلية مغلقة وتأمُت دٯتومتهم بطرؽ استبدادية.
كما أف "ميشلز" توصل إٔب أف كل التنظيمات البَتوقراطية كبَتة اٟتجم تشهد ٪توا كبَتا ُب جهازىا
-أف الدٯتقراطية اٟتقيقية تعٍت ا١تشاركة الفعلية من جانب أعضاء التنظيم ُب العملية السياسية.
-ا٠تصائص البنائية تدعم مراكز القوة وا٨تصارىا بُت ٣تموعة قليلة من القادة ،مم ٬تعل األوضاع اليت
4
يشغلوهنا تعمل على إ٬تاد نظاـ سياسي داخلي يقوـ على حكم األقلية.
ويرى "ميشلز" أف البَتوقراطية تفرض وجود معرفة متخصصة وتدريب فٍت ،وىذه ا٠تصائص يكتسبها
القادة من خبلؿ ٦تارستهم لوظائفهم وتشجيعهم لتحقيق مصاٟتهم وأىدافهم وذلك ما ٬تعلهم ٭تافظوف
5
على أوضاعهم ،أي أف البَتوقراطية وسيلة سيطرة سياسية وأداة تستخدمها القلة اٟتاكمة.
1
Ibid, p233.
2
Ibid, p 26.
3
Ibid, p 224.
4
Robert Michels, Op.Cit, p 21.
5
Ibid, pp 27-28.
49
من خبلؿ ىذا التصور يقًتب "ميشلز" من تصور "ريزي" ،الذي اعترب أف البَتوقراطية ىي الطبقة
ا١تسيطرة وا١تتحكمة ُب مصَت اجملتمع سواء ُب الدوؿ الرأٝتالية أـ ُب التحاد السوفييت ،والفرؽ ىو أف
1
ا الستيبلء على ا١توارد يتم بصفة فردية ُب الدوؿ الرأٝتالية وبصفة ٚتاعية ُب االٖتاد السوفييت.
إف "ميشلز" انطلق ُب دراستو من األحزاب السياسية لكنو توصل إٔب نتائج ال تقتصر فقط عليها بل
اعتربىا ٝتة عامة ،فالتنظيم البَتوقراطي يتحوؿ إٔب وسيلة ُب يد القادة السياسيُت لتنمية سلطتهم واالدعاء
2
باٗتاذ القرارات العتبارات ا١تصلحة العامة.
بالقوة نفسها ُب كل مكاف وأف ا١تنظمات الدٯتقراطية تصمد أمامها عكس ا١تنظمات غَت الدٯتقراطية اليت
يرى أف "ميشلز" قد أ٫تلها وأ٫تل طبيعة األغراض اليت يسعى إليها على التوإب القادة وأعضاء ا١تنظمة،
-ا١تنظمات اليت يسعى ٚتيع أعضائها إٔب نفس األغراض األساسية كاألحزاب ،النقابات ،و٣تموعات
الضغط.
-منظمات تتميز بالتباعد اٞتذري بُت أغراض القادة ومساعديهم وبُت أغراض األعضاء العاديُت وذلك
ما ينمي ا٠تصومة بينهم ،ويرى أف النوع الثاين ىو الذي يتجو أكثر ُب االٕتاه نفسو للقانوف اٟتديدي
3
لؤلوليغارشية.
رغم ىذه االنتقادات إال أف دراسة "ميشلز" تعد بداية لدراسة الدٯتقراطية ا٠تارجية ُب مقابل مشكلة
الدٯتقراطية الداخلية اليت ركز ىو عليها ،كما أف العديد من ا١تفكرين اعتمدوا على أفكاره لدراسة أثر
1
Bruno Rizzi, Op.Cit, p 14.
2إبراىيم أبراش ،علم االجتماع السياسي .عماف :دار الشروؽ ،1998 ،ص.190
3
Maurice Duverger, Sociologie politique .Paris : Presse universitaire de France, Ed.1,
1966, pp58،59.
51
التنظيمات البَتوقراطية ُب النسق السياسي الدٯتقراطي ككل خاصة مع إتاه اجملتمعات اٟتديثة ٨تو
البَتوقراطية ُب اجملالُت السياسي واالقتصادي ،إضافة إٔب تأكيد ميشلز على حرية البحث والنقد كعوامل
1
أساسية تدعم الدٯتقراطية واليت ٯتكن غرسها ُب نفوس اٞتماىَت.
يعترب "ماكس ويرب" مؤسس نظرية البَتوقراطية ويدين لو مفهوـ البَتوقراطية بالكثَت ألنو تناولو ُب ضوء
لقد كانت إسهامات "ويرب" النظرية حوؿ البَتوقراطية ذات أ٫تية بالغة وكانت من أىم ما أنتج حوؿ ىذا
ا١تفهوـ ضمن التصورات الكبلسيكية لو ،وقد انطلق من أفكار "ماركس" و"ىيغل" وحاوؿ وضع ٪توذج
يشمل خصائص يصلح أف ٘تيز كل من بَتوقراطية الدولة وبَتوقراطية ا١تؤسسة ألنو رأى ُب البَتوقراطية
2
٪توذجا بسيطا للتنظيم االجتماعي٪ ،توذج عقبلين يتميز بالفعالية.
-البَتوقراطية العسكرية ٔتا تتميز بو من التنظيم واالنضباط ( كونو كاف ضابطا باٞتيش األ١تاين).
-كعآب اجتماع اىتم بدراسة اجملتمعات واألفراد ،خربتو جعلتو يدرؾ عوامل الضعف ُب البشر والقواعد،
3
والتنظيم احملكم الذي وضعو ىو كمربر ٢تذا الضعف.
لقد ركز "ويرب" دراستو حوؿ أسس التنظيم البَتوقراطي اٟتكومي وحاوؿ معرفة األسس اليت تقوـ عليها
اإلدارة الرشيدة ،كما ركز ٖتليلو على تصوره لطبيعة "عبلقات القوة" ُب اجملتمع ليتوصل إٔب أف السلطة
51
تعتمد على ٣تموعة من ا١تعتقدات اليت ٕتعل ٦تارسة القوة شرعية ُب نظر كل من اٟتكاـ واألفراد ومن ٍب
تصبح مسؤولة عن االستقرار النسيب ألنساؽ السلطة ا١تختلفة 1،وحاوؿ أف يصنف ٪تاذج السلطة وفقا
١تعيارين:
وانطبلقا من ىذين ا١تعيارين ميز بُت ثبلثة ٪تاذج مثالية للسلطة تعتمد على تصورات ٥تتلفة للشرعية
3
وتنظيمات إدارية متباينة تصاحبها ،وىي:
ىي اليت تقوـ على الوالء ا١تطلق لقدسية معينة ،ويتألف اٞتهاز اإلداري السائد فيها غالبا من عدد قليل
من األشخاص ا١تقربُت للقائد الذي قد يكوف بطبل أو نبيا أو غَت ذلك.
تستمد شرعيتها من االعتقاد ُب مبلغ قوة العادات والتقاليد واألعراؼ السائدة وشرعية ا١تكانة اليت ٭تتلها
أولئك الذين يشغلوف األوضاع االجتماعية ا١تمثلة للسلطة التقليدية ،ويتخذ اٞتهاز اإلداري الذي يتؤب
ىي اليت تقوـ على أساس عقلي رشيد مصدره االعتقاد ُب قواعد ومعايَت موضوعية وتفوؽ للمعايَت
القانونية ،ويرى "ويرب" أف ىذا النمط العقلي القانوين ىو السائد بصفة عامة ُب اجملتمع الغريب اٟتديث
1
Reinhard Bendix, Max Weber : an intellectuel portrait. London : Methuen
co.ltd.1959,pp 292-294.
2
Ibid, p.294.
3
Max Weber, Economie et société, Tom.1.Paris: Librairie Plon, 1971, p222.
52
ويطلق على اٞتهاز اإلداري الذي تعتمد عليو السلطة القانونية مصطلح البَتوقراطية ،وىذا اٞتهاز يفصل
٘تاما بُت اإلدارة وا١تلكية فا١تكانة تستند بصفة مطلقة إٔب معايَت رٝتية.
كما أف ىذه النماذج التارٮتية حسب "ويرب" ال ٯتكن أف تتحقق ُب الواقع ألف السلطة غالبا ما تضم
إف اٞتهاز اإلداري الذي ٯتيز النموذج الثالث والذي أطلق عليو مصطلح البَتوقراطية قد حدد لو "ويرب"
1
٣تموعة من ا٠تصائص والعناصر ،وىي:
ٖ -تديد كل وظيفة ٔتجموعة من القوانُت والقواعد تبُت ٣تاالت التخصص وتقسيم العمل.
-توفَت نظاـ يضمن تنفيذ الواجبات و٦تارسة اٟتقوؽ ،مع ٖتديد واضح للجزاءات ا١تبلئمة لكل مستوى.
-وجود تسلسل رٝتي للمستويات اإلدارية ،مع الربط بدرجات متفاوتة للسلطة با١تستويات ا١تذكورة.
-وضع نظاـ ٭تدد العبلقة بُت الرؤساء وا١ترؤوسُت ،ونظاـ يوفر إمكانية رفع الشكاوى من مستوى إٔب
آخر.
-بناء إدارة التنظيم على قواعد مكتوبة وموثقة٬ ،تري حفظها ُب ملفات للرجوع إليها عند اللزوـ.
-الفصل بُت األعماؿ الرٝتية للموظف وبُت نشاطاتو ا٠تاصة الفردية واٟتد من العبلقات الشخصية بُت
األفراد العاملُت ُب التنظيم وغلبة العبلقات الرٝتية البعيدة عن العاطفة والتحيز وعدـ ا١توضوعية.
1
Max Weber, Op. Cit, p226.
53
أي أف البَتوقراطية اليت يقصدىا "ويرب" ىي ذلك اٞتهاز اإلداري القائم ُب التنظيمات ا١تتميزة بوجود
قواعد ٤تددة ،موضوعية ،تسلسل رئاسي ،ورشادة ،وىي ظاىرة اجتماعية شكلت نقطة هناية لتطور ا١تنظمة
لقد درس "ويرب" ظاىرة البَتوقراطية من منظور واسع وأثار قضايا كربى كالدٯتقراطية والرأٝتالية واٟترية،
فالنسبة للحرية الشخصية لؤلفراد ذىب إٔب أف ظهور البَتوقراطية اٟتديثة عمل على ظهور أ٪تاط جديدة
1
للشخصية وأدوار رٝتية جديدة كا٠تبَت الفٍت وا١توظف اإلداري الذي ٬تد السياسي نفسو ُب مواجهتهما،
كما أكد على عبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية واعترب أف وجود البَتوقراطية أمر ضروري إلقامة ٣تتمع
دٯتقراطي من خبلؿ استعماؿ ا١تستويات وا١تقاييس البَتوقراطية ُب االختيار والًتقية وا١تعاملة وتطبيقها على
اجملتمع ككل 2،أما عن عبلقتها بالرأٝتالية فأوضح أف الرأٝتالية قد سا٫تت ُب تطوير البَتوقراطية وىذه
الفكرة ىي من أىم األفكار اليت ًب انتقادىا باعتبار الرأٝتالية كنظاـ اقتصادي ارتبطت ارتباطا وثيقا
3
بالدٯتقراطية لكن الدٯتقراطية تضاربت مع النمو البَتوقراطي.
إف من أبرز من وجو االنتقادات ألفكار "ويرب" ىو"كارؿ فريديريك" )ُ (Car Frederickب مقاؿ
4
لو بعنواف" بعض ا١تبلحظات حوؿ ٖتليل فيرب للبَتوقراطية" ،وتتلخص ىذه االنتقادات فيما يلي:
ٖ -تليلو للتحوؿ العا١تي ٨تو العقبلنية فكرة قدٯتة ىجرىا علم االجتماع بعد التقدـ الذي حققو.
-اصطبلح النموذج ا١تثإب أثار اٞتدؿ ،فهو صاغو دوف أف ٭تاوؿ اشتقاؽ مفاىيم أكثر عمومية ،ومن
1توـ بوتومور ،الصفوة والمجتمع :دراسة في علم االجتماع السياسي ،ط ،2 .تر٤ .تمد اٞتوىري وآخروف .القاىرة :دار ا١تعارؼ،
،)1978ص ص.97 ،96.
2
Seymour Martin Lipset, L’homme et la politique. Paris : Seuil édition, 1960, p41.
3السيد اٟتسيٍت ،مرجع سابق ،ص.254
٤ 4تمد علي ،البيروقراطية الحديثة ،ص.120 ،118.
54
-إف "ويرب" أكد على ضرورة قياـ علم اجتماع متحرر من األحكاـ القيمية إال أف ٖتليلو ال ٮتلو من ىذه
األحكاـ ويظهر ذلك ُب استخدامو عبارات مثل الشرعية والسلطة القانونية ،فهو اعتقد أهنا مفاىيم
واضحة بينما تشَت ُب الواقع إٔب حاالت متغَتة ،كما أف النموذج ا١تثإب ال ٯتكن أف يكوف بديبل للنظرية ُب
العلوـ االجتماعية ومن األفضل إقامة ٪تاذج واقعية عن طريق البحوث ٍب التدرج بعد ذلك إٔب مستويات
أعلى.
-ا٠تلط الشديد ُب ا١تفاىيم ،فهو يستخدـ كلميت بَتوقراطية وبَتوقراطي لئلشارة إٔب البناء الطبيعي الذي
1
ٯتيز اإلدارة اٟتديثة وىذا يتعارض مع االستخداـ الشائع ٢تاتُت الكلمتُت.
-ومن أقوى من انتقده أيضا "مَتتوف" )ُ (Mertonب مقالو" البناء البَتوقراطي والشخصية" الذي رأى
أف البناء الذي يعترب رشيدا ُب نظر "ويرب" قد يؤدي إٔب ظهور نتائج غَت متوقعة ومعوقة وظيفيا نتيجة
2
التأكيد على الدقة وثبات السلوؾ ُب التنظيم البَتوقراطي.
رغم االنتقادات اليت قدمت "لويرب" إال أف النموذج ا١تثإب واألفكار اليت طرحها حوؿ البَتوقراطية تعد
ذات أ٫تية بالغة ،فقد تأكدت نظرياتو بشكل واسع عرب تطور اجملتمعات الصناعية ُب السنوات ا٠تمسُت
اليت تلت ظهورىا واستعملت ُب إتاىات ٥تتلفة فطور ا١تاركسيوف بعد "لينُت" والتجربة السوفيتية حزبا
سياسيا ومنظمة ٚتاىَتية من ٪تط جديد ،كما حاوؿ "برهناـ" ) ( Burnhamإثبات أف منظمات
الدوؿ الشيوعية والرأٝتالية على السواء ٘تيل إٔب البَتوقراطية كنمط إٔب أف تتشابو أكثر فأكثر.
55
وكانت أفكاره وتصوراتو نقطة انطبلؽ لدى معظم دارسي التنظيمات وأداة منهجية تستخدـ ُب اٟتصوؿ
على ا١تعلومات ،وبسبب النقد الذي قدـ لو أصبح إتاىا متميزا ُب دراسات التنظيم واستفادت منو
1
البحوث اٟتديثة بطرؽ ٥تتلفة.
لقد مثلت االٕتاىات الكبلسيكية ُب البَتوقراطية تصورات فكرية ىامة حوؿ ىذا ا١تفهوـ وحاوؿ كل
إتاه أف يعاٞتو حسب الظروؼ اليت عايشها وما صاحب ذلك من زيادة ا١تنظمات كبَتة اٟتجم ُب
اجملتمعات اٟتديثة ،فا١تاركسيوف اعتربوا البَتوقراطية جهازا تستخدمو الطبقة الرأٝتالية لتحقيق مصاٟتها
ا٠تاصة والتأكيد عليها وىم يعتقدوف بزوا٢تا بزواؿ ىذه األخَتة ،أما "ميشلز" و"موسكا" فقد تناوال
البَتوقراطية ُب إطار دراستهما ١تفهوـ النخبة واعترباىا وسيلة ُب يد النخبة اٟتاكمة لتحقيق ا١تصاّب العامة
لكنها ٗتفي وراءىا التسلط مع تأكيد ميشلز على كوف البَتوقراطية تبقى دائما بناءا أوليجارشيا ،وأخَتا
ٖتليل "ماكس ويرب" الذي عرؼ انتشارا كبَتا وأصبح ٪توذجو ُب البَتوقراطية أساس دراسة التنظيمات على
أساس أف البَتوقراطية ٪توذج عقلي رشيد للتنظيم ينطبق على األجهزة اإلدارية ا١تختلفة داخل نطاؽ
اٟتكومات وخارجها ،وربط ذلك بالًتشيد ألنو رأى ُب البَتوقراطية جهازا ٭تقق أكرب قدر من الكفاءة.
أىم ما ٯتكن أف نستخلصو من خبلؿ ما عرضناه من ا١تفاىيم والتصورات النظرية الكبلسيكية ىو أف
ا١تفكرين ٓب يتمكنوا من ٖتقيق إٚتاع حوؿ مفهوـ البَتوقراطية وكل واحد منهم درسها حسب السياقات
الفكرية والتارٮتية اليت ترعرع فيها ،ومع ارتباط البَتوقراطية بظواىر اجتماعية وسياسية جديدة وبقضايا
كممارسة السلطة و٪تو عمل ا١تنظمات وتطور اجملتمعات اٟتديثة بدى أمر اٟتصوؿ على إٚتاع حوؿ ىذا
ا١تفهوـ أكثر صعوبة ،وىذا ما ستبينو الدراسة من خبلؿ التطرؽ للمفاىيم والتصورات النظرية اٟتديثة
للبَتوقراطية.
56
المطلب الثالث :االتجاىات النظرية الحديثة في البيروقراطية.
إف سوء فهم كتابات "ويرب" أدى إٔب نقص ُب البحث باعتباره قدـ وصفا للبَتوقراطيات بدؿ أف يقدـ
خطة ذىنية ٣تردة 1،لكن بعد اٟترب العا١تية الثانية بدأت الدراسات بالتعمق ُب تناوؿ ىذا ا١تصطلح بقيادة
رواد علم االجتماع ُب مشاؿ أمريكا ُب ا٠تمسينيات والستينيات وبالضبط ا١تدرسة الوظيفية البنيوية.
انطلق رواد ىذه ا١تدرسة من نفس السياؽ الفكري ؿ"ماكس ويرب" معتربين البَتوقراطية الشكل األساسي
والضروري للسلطة الشرعية ُب اجملتمعات اٟتديثة ١تا تقوـ عليو من ا٠تصائص اليت حددىا "ويرب" ،وٯتكن
-إتاه ركز على تبياف مساوئ االعتماد الشديد على اللوائح والقواعد.
ركز "سيلزنيك" على مسألة تفويض السلطة من ا١تستويات اإلدارية العليا إٔب ا١تستويات الدنيا ورأى أف
التفويض ينتج عن اٟتاجة إٔب الرقابة ،واعترب أنو بقدر ما للتفويض من نتائج ا٬تابية لو أيضا نتائج سلبية،
فالتفويض يزيد من التخصص واكتساب ا١تعرفة والتكوين ُب ٣تاالت معينة وىو ما يؤدي إٔب انغبلؽ كل
ٚتاعة متخصصة ُب ا١تنظمة على نفسها بطرقها ووسائلها ا٠تاصة ،وتتخذ أىداؼ ىذه اٞتماعات أ٫تية
عند اٗتاذ القرارات ىذا ما يدخلها ُب تعارض مع أىداؼ ا١تنظمة ويؤدي إٔب تبلور إيديولوجيات متضاربة
1فيصل فخري مرار ،البيروقراطية بين االستمرارية والزوال .القاىرة :ا١تنظمة العربية للعلوـ اإلدارية ،1978 ،ص.08
57
للجماعات اٞتزئية 1،وبذلك فإف "سليزنيك" اعترب التفويض نتيجة للحاجة إٔب الرقابة هبدؼ ٖتقيق النظاـ
ابتداءا من 1940بدأ "مَتتوف" ُب دراستو كيفية تأثَت ا٢تياكل البَتوقراطية على الشخصية وانطبلقا من
نقده ؿ"ويرب" الحظ أنو ركز على ا٬تابية النموذج البَتوقراطي لكنو أغفل العناصر غَت العقبلنية ودورىا ُب
عجز وفشل ا٢تيكل البَتوقراطي ُب ٖتقيق أىدافو ،كما رأى "مَتتوف" أف القواعد اليت حددىا "ويرب" تؤدي
إٔب درجة عالية من الفعالية لكن با١تقابل من ذلك ٭تدث ٖتوؿ ُب األىداؼ اليت وجدت من أجلها
البَتوقراطية 2،فالنظاـ البَتوقراطي يتطلب االنضباط من ا١توظف لتحقيق أىداؼ التنظيم غَت أف األفراد ٢تم
أىداؼ ال تتفق مع أىداؼ ا١تنظمة وعدـ الفعالية تأٌب من خبلؿ ىذا التعارض بُت األىداؼ الذاتية
وأىداؼ النظاـ 3،أي أف ٪توذج "مَتتوف" يتلخص ُب وجود جدلية بُت القواعد والنتائج من خبلؿ حدوث
رغم أ٫تية ىذا النموذج إال أنو وصف بالبساطة ١تعاٞتتو نتيجة واحدة متوقعة لنوع واحد من الرقابة
4
ا١تستخدمة ُب التنظيمات وإ٫تالو النظر إٔب التنظيم كنظاـ مفتوح متفاعل مع البيئة احمليطة بو.
1
Philip Selznick, An approach to theory of bureaucracy, American sociological
review, V.08, N. 01, February 1943, pp48-49.
2
Robert K. Merton, Op.Cit, pp 19.
3
Ibid, p 206.
4
Elster, Jon , Merton's Functionalism and the Unintended Consequences of Action, in
Jon Clark, Celia Modgil and Sohan Modgil, eds, Robert Merton: Consensus and
Controversy. New York: Falmer Press, 1990, pp 129-131.
58
انطلق "غولدنر" من فكرة ا٨تراؼ البَتوقراطية عن أىدافها ليتوصل إٔب ثبلثة أنواع من البَتوقراطيات،
1
وىي:
-البَتوقراطية احملرفة حيث ليس ألي طرؼ مصلحة ،وتكوف القواعد فيها غَت معموؿ هبا ،وىذا ال ٮتلق
-البَتوقراطية التمثيلية حيث توضع القواعد ٚتاعيا و٘تثل مصاّب حقيقية رغم وجود بعض الصراعات
ا١تفتوحة فيها.
-البَتوقراطية العقابية حيث يتم وضع القواعد من طرؼ ٚتاعة وتقوـ بفرضها على اٞتماعات األخرى
داخل ا١تنظمة.
والحظ أف صياغة القواعد الرٝتية بطريقة موسعة يؤدي إٔب نتائج وظيفية أ٫تها وضوح عبلقات القوة
2
بُت ا١تستويات ٦تا يؤدي إٔب إضعاؼ التوتر ُب العبلقات الشخصية ويدعم التعاوف.
إف كل من "سيلزنيك" و"مَتتوف" و"غولدنر" عملوا من خبلؿ ٖتليبلهتم على التأكيد أف العرض اآلٕب
للسلوؾ اإلنساين الذي يشكل قاعدة البَتوقراطية يؤدي إٔب خلل وظيفي خطَت وأف بنية ا١تنظمة تؤدي إٔب
إشراؼ متزايد من قبل القادة على انتظاـ سلوكيات ا١ترؤوسُت ،وذلك ما يؤدي إٔب ٚتود التنظيم
البَتوقراطي ،وقد شكلت ٪تاذجهم أداة مفيدة لتحليل وتقييم مواقف التنظيمات البَتوقراطية لكنها عجزت
با١تقابل عن التحري عن مسا٫تة ا١تدخبلت السيكولوجية وأثرىا ُب النماذج غَت الوظيفية للتنظيم
3
البَتوقراطي وعن وضع إطار كاُب للتنبؤ بأثر النموذج البَتوقراطي على سلوؾ األفراد.
1
Jaque Rojot, Les théories des organisations. Paris : ESKA, éd.2, 2005, pp 38،39.
٤ 2تمد علي ،مرجع سابق ،ص.106.
3فيصل فخري مرار ،مرجع سابق ،ص .21
59
إف الدراسات اٟتديثة للبَتوقراطية ٓب تتوقف فقط عند النماذج اليت صاغها كل من "غولدنر" "سليزنيك"
و"مَتتوف" ،بل ظهرت دراسات أخرى ركزت أكثر على عبلقة البَتوقراطية باٟترية وىي اليت مثلت االٕتاه
الثاين.
توصل "برجر" من خبلؿ دراستو لدور البَتوقراطية ُب اجملتمع ا١تصري اليت اعتمد فيها على مفاىيم
"ويرب" ُب التحليل إٔب أف إحدى ا١تعايَت اليت ٬تب أف تكوف ُب التنظيم البَتوقراطي ىي اٟترية ُب اٗتاذ
القرارات لكل موظف ُب وظيفتو ،و٬تب أف ٖتدد اٟترية الشخصية بالًتكيز على ا١تبادأة والقبوؿ با١تسؤولية
1
واستعماؿ القدرات الذاتية ُب حدود القواعد والقوانُت ا١ترسومة.
انطلق " بيًت بلو" من ٪توذج "ويرب" ،فبدأ ٖتليلو على أساس اعتبار ا٢تيكل البَتوقراطي أساسي سواء ُب
اإلدارات العامة أو ا٠تاصة وضرورة ُب اٟتياة ا١تعاصرة لكنو يشكل خطرا على الدٯتقراطية ومن الضروري
إ٬تاد الوسائل ١تمارسة الرقابة عليو ،كما أف ا١تشاركة الواسعة والنشيطة للمواطنُت ُب اٟتياة السياسية أىم
عنصر للتقليص من خطر اٞتهاز البَتوقراطي 2،وركز أيضا على فكرة العبلقة بُت الًتشيد وا١تبادرة الفردية
فاعترب أف ا١تبادرة الفردية ال تًتكز فقط ُب ا١تستويات العليا وأنو توجد أنواع أخرى من الرقابة غَت شخصية
1مور بَتجر ،البيروقراطية والمجتمع في مصر الحديثة :دراسات عن موظفي الحكومة ،تر٤ .تمد توفيق رمزي .القاىرة :مكتبة النهضة
ا١تصرية ،1969 ،ص ص.270-269.
2
Giovanni Busino, Op.Cit, p.86.
61
إف رواد ىذا االٕتاه ٓب يقصدوا إنكار آثار ا٢تيكل البَتوقراطي على شخصية األفراد العاملُت بل أرادوا
أف يبينوا أنو ٯتكن تصور بدائل تضطلع بالفحص الدقيق لوظائف ومهمات اٞتهاز البَتوقراطي.
انطبلقا من االٕتاىُت السابقُت برز االٕتاه الثالث الذي ضم دراسات حاولت الرد على مساوئ
يرى "بنيس" أف البَتوقراطية ٘تثل شكبل تنظيميا ٪تى وتطور مع الثورة الصناعية وقد أصبح اآلف أقل
كفاءة وفاعلية ،كما يرى أنو ىناؾ أشكاال جديدة من األ٪تاط اآلخذة ُب النمو تبلئم متطلبات التصنيع
والتقدـ العلمي ،ومن العوامل اليت أدت إٔب ا٨تطاط النموذج البَتوقراطي برأيو ا١تشكبلت االجتماعية
والسياسية والنفسية باإلضافة إٔب الفساد السياسي واإلداري واالجتماعي واستنزاؼ ا١توارد الطبيعية
واالغًتاب واالستغبلؿ1،ونتيجة ٢تذه العوامل تنبأ "بنيس" بتطور كبَت ُب القيم اٟتضارية للمنظمات ،وذلك
2
ما سيؤدي إٔب ٣تموعة من التحوالت ،وىي:
-التحوؿ من اندفاع ا١تنظمات ٨تو اإل٧تاز بأي أسلوب إٔب االٕتاه ٨تو إشباع رغبات العاملُت.
-التحوؿ من ٖتمل التوتر إٔب الرغبة ُب ٖتقيق الراحة واالستخداـ الكامل لطاقات اإلنساف.
إف ىذا التحوؿ ُب القيم حسب "بينيس" سيؤدي إٔب تطوير ا١تنظمة لتصبح ذات ىياكل مرنة وعبلقات
تعاونية بدؿ تنافسية مع تركيزىا على ٖتقيق األغراض ا١تتكاملة للعاملُت وللمنظمة ،ورغم أ٫تية الدراسة اليت
1
فيصل فخري مرار ،مرجع سابق ،ص ص.25-23
2نور اهلل كماؿ ،البيروقراطية والتغيير .دمشق :طبلس للًتٚتة والدراسات والنشر ،1992 ،ص.46 ،45
61
قدمها إال أف األسباب اليت قدمها لزواؿ البَتوقراطية ٓب يتم اعتبارىا كافية وتركيزه على ضرورة االىتماـ
1
باألىداؼ قبل تكوين األجهزة يعد أمرا بالغ الصعوبة.
بٍت ٪توذجو على نفس أسس النموذج الويربي ،ورأى أف ىناؾ ثبلثة عوامل تتحكم ُب النموذج ا١تثإب،
ىي:
أي أف ٪توذج "كَتكهارت" مبٍت على السلطة الشرعية والًتشيد كما النموذج الوبَتي ،لكن ٔتوظفُت
2
متحدين ومتعاونُت بدال من ا١توظفُت البَتوقراطيُت با١تفهوـ الوبَتي.
إف االٕتاىات الثبلثة اليت عاٞتت ٪توذج "ويرب" ا١تثإب قد قدمت دراسات متنوعة و٥تتلفة حاولت كل
واحدة منها تبياف سلبيات ىذا النموذج ونقائصو أو اقًتاح بدائل لو ،لكن اإلشكالية اليت تطرح سواء تعلق
األمر بالنموذج ا١تثإب أو بالدراسات التقليدية واٟتديثة ىي أهنا ُب ٣تملها دراسات غربية ركزت على واقع
الدوؿ الصناعية وا١تتقدمة لكنها با١تقابل أ٫تلت واقع الدوؿ النامية وٓب ٖتاوؿ وضع ٪تاذج تتبلءـ مع واقعها
السياسي واالجتماعي واالقتصادي والثقاُب ،وىذا ما يشكل صعوبة لدى الباحثُت عند دراسة البَتوقراطية
62
شهد العآب أواخر القرف العشرين تغَتات سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية وثقافية ىائلة ،ارتبطت بالعو١تة
وما أفرزتو من ٪تاذج على كل ا١تستويات ،ىذه األخَتة ومن خبلؿ ثورة االتصاالت وتكنولوجيا ا١تعلومات
سا٫تت ُب تكريس ىذه النماذج واليت يعترب أ٫تها النموذج الدٯتقراطي على ا١تستوى السياسي.
فقد عرؼ العآب مع مطلع السبعينيات والثمانينيات ارتدادا غَت مسبوؽ ٨تو الدٯتقراطية غذتو ٚتلة
التحوالت على ا١تستوى الدوٕب واليت أصبحت تطرح الدٯتقراطية كنموذج ال بديل لو بعد اهنيار ا١تعسكر
الشيوعي وقيادة الواليات ا١تتحدة األمريكية للعآب ،واليت جعلت من نفسها حاميا للدٯتقراطية ومكرسة ٢تا
وعليو سنحاوؿ من خبلؿ ىذا ا١تبحث التعرؼ إٔب ماىية ىذه الظاىرة من حيث مفهوـ التحوؿ
الدٯتقراطي ومؤشراتو وكذا العوامل ا١تسببة لو وُب األخَت أ٪تاطو ومراحل حدوثو وأىم ٖتدياتو.
حاز التحوؿ الدٯتقراطي ُب العقود األخَتة على اىتماـ العديد من ا١تفكرين وا١تنظرين ُب العلوـ
السياسية ،وذاؾ با١توازاة مع االنتشار الكبَت الذي يعرفو سواء كمفهوـ ٭تمل عدة دالالت ويصعب
اٟتديث فيو عن ٪توذج نظري بعينو أو كممارسة ٗتتلف باختبلؼ األنظمة السياسية اليت تطبقو والبيئات
اليت ٘تيزىا.
وعلى ىذا األساس ستعرؼ الدراسة هبذا ا١تفهوـ من منطلق ٤تاولة ٓب ٚتيع ا٠تصائص ا١تتعلقة بو سواء
63
يتكوف مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي من شقُت أو٢تما التحوؿ وثانيهما الدٯتقراطية ،فالنسبة للتحوؿ فهو
لفظ يشَت لغة إٔب التغَت والنقل ،فيقاؿ حوؿ الشيء أي غَته من مكانو ونقلو أو غَته من حاؿ إٔب حاؿ،
وعن الشيء يقاؿ ٖتوؿ عنو لغَته 1،ويقابلو ُب اللغة اال٧تليزية والفرنسية كلمة Transitionوتعٍت ا١ترور
2
أو االنتقاؿ من حالة معينة أو مرحلة معينة أو مكاف معُت إٔب حالة أو مرحلة أو مكاف آخر.
أما الدٯتقراطية فهي كلمة يونانية األصل مركبة من شقُت األوؿ Demosوتعٍت الشعب وKratos
وتعٍت السلطة واٟتكم وبذلك يصبح معناىا حكم الشعب نفسو بنفسو ،وىو ما اصطلح على تسميتو
با١تفهوـ الكبلسيكي للدٯتقراطية ،وىو نفس التعريف الذي قدمو الرئيس األمَتكي أبراىاـ لينكوف الذي
3
اعتربىا حكم الشعب بالشعب وللشعب.
لقد ارتبطت الدٯتقراطية كمفهوـ بتطور اجملتمعات وما صاحبها من تغَتات سياسية واقتصادية واجتماعية
٦تا جعلها ٖتمل عدة معاين٢ ،تذا فليس من السهل تعريف الدٯتقراطية نظرا لشمو٢تا ٥تتلف أوجو اٟتياة،
وىذا ما جعل "جورج بوردو" ) (George Bordeauxيقوؿ أف" الباحث ُب الدٯتقراطية عليو أف
يكوف ُب الوقت نفسو مؤرخا لفهم تكوف فكرة الدٯتقراطية وعآب اجتماع لدراسة ٕتذرىا ُب اٞتماعة وعآب
اقتصاد إلدراؾ العوامل ا١تادية ا١تؤثرة ُب تطورىا وعآب نفس ١تعرفة مصدر الطاقة اليت تغذيها ومنظرا سياسيا
لتحليل أثر األنظمة والعقائد السياسية على مفهوـ الدٯتقراطية وأخَتا رجل قانوف لتعريف ا١تؤسسات
ا٠تاصة والسياسية اليت ٕتسد عمليا الدٯتقراطية" ،ألف الدٯتقراطية ال تقتصر فقط على شكل نظاـ اٟتكم
4
إ٪تا تتعدى نطاؽ ا١تؤسسات الدستورية وتدخل مباشرة ُب صلب العبلقات بُت األفراد واٞتماعات.
64
لقد ظهرت الدٯتقراطية كفكرة بداية عند الفبلسفة اليوناف ،حيث أشار أفبلطوف إٔب أف مصدر السيادة
ىو اإلرادة ا١تتحدة للمدينة ،وقد طبقت كنظاـ ُب ا١تدف اليونانية كلثينا أين سادت الدٯتقراطية ا١تباشرة من
خبلؿ إشراؾ الشعب ُب اٗتاذ القرارات السياسية ومناقشة ا١تسائل العامة ،وبالرغم من أف العبيد واألجانب
والنساء ٓب يكن ٢تم حق ا١تشاركة إال أف ذلك ال ينكر فضل اليوناف ُب إرساء النهج الدٯتقراطي.
ومع حلوؿ القرف 17ـ و 18ـ ظهرت مع مفكري عصر التنوير كجوف لوؾ وجوف جاؾ روسو أفكار
جديدة أسست لظهور الدٯتقراطية الليربالية أو السياسية ،واليت قامت على فكرة اٟتريات الفردية واعتمدت
من حيث التطبيق على االقًتاع ومبدأ الفصل بُت السلطات مع قياـ الثورة الفرنسية ،لتتطور أكثر مع ظهور
مفهوـ الدٯتقراطية االجتماعية والذي جعل منها ليس فقط التوزيع العادؿ للسلطة وإ٪تا أيضا التوزيع العادؿ
للثروة.
وانطبلقا ٦تا سبق ذكره فإف الدٯتقراطية ال تزاؿ حىت اآلف غَت متفق على معناىا وأبعادىا ،كوهنا ٖتمل
معاين ٥تتلفة لشعوب و٣تتمعات ٥تتلفة عرب أزمنة ٥تتلفة٢ ،تذا عمد ا١تفكروف إٔب تضمينها بعض العناصر
اليت يروف أهنا ال تقوـ بدوهنا ،ومن بُت ىؤالء "مارتن ليبست" ) (Martin Lipsetالذي أشار إٔب
1
ثبلث عناصر رئيسية ٢تا ،وىي:
-انتخابات حرة لتوٕب ا١تناصب الرٝتية على فًتات متساوية بدوف استخداـ القوة.
إف الدٯتقراطية هبذا ا١تعٌت ىي الدٯتقراطية الليربالية اليت توٕب اىتماما فائقا ١تبدأ اٟترية ،سيادة القانوف،
ضماف حقوؽ األفراد وحرياهتم ،وجود قضاء عادؿ ونزيو ،احًتاـ األقليات الثقافية أو اإلثنية أو الدينية،
1شادية فتحي إبراىيم عبد اهلل ،االتجاىات المعاصرة في دراسة النظرية الديمقراطية .عماف :ا١تركز العلمي للدراسات السياسية،2005 ،
ص.19
65
الفصل بُت السلطات ،تأكيد عمل ا١تؤسسات ،وجود قنوات مفتوحة ٓتبلؼ األحزاب واالنتخابات أماـ
ا١تواطنُت للتعبَت عن مصاٟتهم بالشكل ا١تناسب 1،إال أف الدٯتقراطية ليست ٣ترد مؤسسات وإجراءات
وانتخابات ولكنها أيضا ٣تموعة قيم وإتاىات ومشاعر تشجع ا١تمارسة الدٯتقراطية الفاعلة من جانب
اٟتكاـ واحملكومُت ،فالعربة ُب النظاـ الدٯتقراطي ليست ٣ترد وجود اإلجراءات وا١تؤسسات كالدستور
واجملالس النيابية إ٪تا يقتضي ذلك وجود ثقافة سياسية دٯتقراطية تتمثل أىم عناصرىا ُب الشعور باالقتدار
2
السياسي واإلٯتاف بضرورة ا١تشاركة وجدواىا.
وُب ظل الغموض واالختبلؼ الذي يكتنف مفهوـ الدٯتقراطية فإف "ىنتنغتوف" )( Hintington
يرى نفسو متفقا مع التعريف الذي قدمو "جوزيف شومبيًت" )٢ (Joseph Schumpeterتا كونو
مفهوما إجرائيا وصيغة حديثة ١تفهوـ الدٯتقراطية ،والذي يرى ُب دراستو الرائدة بعنواف "الرأٝتالية واالشًتاكية
والدٯتقراطية" لعاـ 1942أف النهج الدٯتقراطي ىو اٗتاذ التدابَت ا١تؤسساتية من أجل التوصل إٔب القرارات
السياسية اليت يكتسب من خبل٢تا األفراد سلطة اٗتاذ القرار عن طريق التنافس على األصوات ،وعلى ىذا
األساس عرؼ " ىنتنغتوف" الدٯتقراطية بأهنا اختيار القادة من خبلؿ االنتخاب التنافسي من قبل القوـ
3
الذين ٭تكموهنم.
وعليو فإف خبلصة ا١تفهوـ تستلزـ تركيب ٚتيع العناصر الواردة ُب مفهوـ الدٯتقراطية للتوصل إٔب تعريف
جامع ٢تا ،حيث تضم الدٯتقراطية ٚتلة ا١تؤسسات السياسية الفاعلة اليت يكوف أساس بنائها الفرد
واٞتماعات ُب ظل ظروؼ مشاركة سياسية واسعة وبناء قانوين سليم وشفاؼ يضمن مشاركة األغلبية ُب
اٟتكم مع اٟتفاظ على حقوؽ األقلية ،وىي ليست ٣ترد مؤسسات وإ٪تا ٘تثل أيضا وسيلة منهجية إلدارة
1ىالة مصطفى" ،الدٯتقراطية بُت االنتخابات والقيم الليربالية" ،السياسة الدولية ،ع ،140 ،أبريل ،2000ص.61
2كماؿ ا١تنوُب" ،الثقافة السياسية وأزمة الدٯتقراطية ُب الوطن العريب" ،المستقبل العربي،ع ،80 .أكتوبر ،1985ص.65
3صامويل ىنتنغتوف ،الموجة الثالثة ،التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين ،تر .عبد الوىاب علوب .القاىرة :مركز ابن خلدوف
للدراسات اإل٪تائية ،1993 ،ص ص.65 ،64
66
اجملتمع السياسي وتتطلب ٣تتمعا يؤمن هبا كمنهج ويتخذىا كفلسفة لبناء نظاـ اٟتكم ُب ظل مواطنة
فاعلة.
يعترب مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي من أكثر ا١تفاىيم تداوال وأكثر ا١تواضيع اليت أصبحت تطرح للنقاش من
طرؼ الباحثُت والدارسُت ،وجاء ذلك كرد فعل ١توجة الدمقرطة اليت شهدىا العآب مع بداية السبعينات من
القرف العشرين وما صاحبو من سعي العديد من األنظمة السياسية ُب أمريكا البلتينية وأوروبا الشرقية إٔب
تبٍت أنظمة سياسية أكثر انفتاحا ،خاصة بعد الظروؼ الدولية اليت ٧تمت عن سقوط االٖتاد السوفياٌب
وصعود القوة األمريكية العاملة على عو١تة النموذج الدٯتقراطي ُب الدوؿ النامية.
وألف التحوؿ الدٯتقراطي مرتبط أساسا ٔتفهوـ الدٯتقراطية اليت اختلفت الرؤى واالٕتاىات حو٢تا ،فإف
التحوؿ الدٯتقراطي عرؼ أيضا اختبلفا وتعددا ُب تعريفو تبعا لكل باحث أو مفكر ،فعرؼ التحوؿ
الدٯتقراطي بأنو االنتقاؿ من النظاـ السلطوي إٔب النظاـ الدٯتقراطي ،وىو كعملية يشَت إٔب التحوؿ ُب
األبنية واألىداؼ والعمليات اليت تؤثر على توزيع و٦تارسات السلطة السياسية 1،وىو يعرب عن ا١ترحلة
االنتقالية بُت نظاـ غَت دٯتقراطي إٔب نظاـ دٯتقراطي وفق عملية انتخابية تقوـ على أساس التنافس ُب مناخ
2
يوفر اٟتريات ا١تدنية والسياسية.
وعرفو "جوزيف شومبيًت" ) (Joseph Schumpeterبأنو عملية تطبيق القواعد الدٯتقراطية سواء
ُب مؤسسات ٓب تطبق فيها من قبل أو امتداد ىذه القواعد لتشمل أفرادا أو موضوعات ٓب تشملهم من
1مينا اسحاؽ طانيوس بولس ،التحول الديمقراطي في كوريا الجنوبية وأثره في تغيير سياستها الخارجية اتجاه كوريا الشمالية .القاىرة:
ا١تكتب العريب للمعارؼ .2014 ،ص.14
2مصطفى عوُب ،الطيب بلوصيف" ،اإلعبلـ والتحوؿ الدٯتقراطي" ،مجلة علوم اإلنسان والمجتمع ،ع ،09 .مارس ،2014ص.87
67
قبل ،وىي تشمل تعديبلت دستورية وتنظيمية وقيمية وفكرية وثقافية ،كما تتضمن إعادة توزيع السلطة
1
والنفوذ وتوسيع دائرة ا١تشاركة فيها وبروز قوى ومراكز ٥تتلفة.
أما "صامويل ىنتنغتوف" فأشار إٔب التحوؿ الدٯتقراطي على أنو "٣تموعة من حركات االنتقاؿ من النظاـ
غَت الدٯتقراطي إٔب النظاـ الدٯتقراطي ،وٖتدث ُب فًتة زمنية ٤تددة ،وتفوؽ ُب عددىا حركات االنتقاؿ ُب
االٕتاه ا١تضاد خبلؿ نفس الفًتة الزمنية ،وىي تشمل عادة ٖتوال ليرباليا أو دٯتقراطيا جزئيا ُب النظاـ
2
السياسي وليس ٖتوال تاما.
وقدـ "إيتل سوليجن" ) (Etel Solingenتعريفا أكثر مشولية للتحوؿ الدٯتقراطي فاعتربه حركة
النظاـ السياسي بإتاه األخذ باإلجراءات التالية :نواب منتخبوف عرب انتخابات حرة ونزيهة ،حق توٕب
ا١تناصب العامة والوصوؿ إٔب السلطة ،حرية التعبَت وتوافر مصادر بديلة للمعلومات مدعومة قانونيا،
3
استقبللية مؤسسية.
وىناؾ إٚتاع على أف التحوؿ الدٯتقراطي ىو عملية يتم ٔتقتضاىا االنتقاؿ من أنظمة تسلطية إٔب أنظمة
دٯتقراطية يتم فيها احًتاـ حقوؽ اإلنساف وتفعيل ا١تواطنة عرب اآلليات ا١تتعارؼ عليها من مساواة وحرية
وإعبلء ٟتكم القانوف 4،واالنتقاؿ إٔب نظاـ حكم دٯتقراطي ىو ا٠تطوة العملية األؤب على طريق
الدٯتقراطية ،فبموجب االنتقاؿ يتم العبور من حكم الغلبة الذي يسود فيو خيار وقرار فرد واحد أو قلة
كمصدر وحيد للشرعية إٔب حكم األغلبية من الشعب الذي يشكل مصدرا للسلطة.
68
وعموما فالتحوؿ الدٯتقراطي ال يتعلق فقط بالتغَت السياسي الصرؼ وال يتحقق جملرد التصويت على
القوانُت أو تنظيم انتخابات ،إنو ٭تتاج إٔب بناء النظاـ اجملتمعي بأكملو وأف ٬تعل من التغيَت السياسي
قاعدة االنطبلؽ ٨تو تغيَت أمشل اقتصادي واجتماعي وفكري ،ألف مستقبل الدٯتقراطية ُب البلداف الفقَتة
والنامية اليت ٓب ٖتل اٞتزء األكرب من مهاـ ٖتديثها وٖتو٢تا الرأٝتإب وتنميتها وتأىيلها العلمي والثقاُب معلق
بصورة مباشرة بقدرهتا على توفَت شروط أفضل ١تواجهة ىذه ا١تهمات وا١تهاـ اٞتديدة اليت تنشئها الثورة
1
التقنية والعلمية.
تعرب الشروط ا١تسبقة ألي ٖتوؿ دٯتقراطي عن ٪تط األوضاع االقتصادية واالجتماعية والثقافية األكثر
2
مبلءمة لتجسيد نظاـ اٟتكم الدٯتقراطي ،ومن ىذه الشروط:
-التحديث والثروة :وكانت ىذه الفكرة وراء أطروحة سيمور ليبست )(Seymour Lipset
الشهَتة" :كلما كانت األمة ُب رخاء وسعة عيش عظمت فرصها ُب اٟتفاظ على الدٯتقراطية" ،حيث يولد
التحديث والثروة عوامل مواتية للدٯتقراطية كالتعلم والتمدف والتحضر ووجود وسائل اإلعبلـ وا١تواد البلزمة
1إٝتاعيل قَتة وآخروف ،مستقبل الديمقراطية في الجزائر .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية .2002 ،ص.19
2غيورغ سورنسن ،الديمقراطية والتحول الديمقراطي السيرورات والمأمول في عالم متغير ،ترٚتة عفاؼ البطاينة ،بَتوت :ا١تركز العريب
لؤلْتاث ودراسة السياسات ،2015 ،ص.54 ،53
69
للحد من التوترات الناٚتة عن الصراع السياسي ،وقد نزع عدد كبَت من التحليبلت التجريبية اليت أ٢تمتها
فرضية "ليبست" إٔب مساندة ىذا الرأي ،فاعترب "داىل" ) )Dahlعاـ 1971الرأي القائل بأنو كلما
1
ارتفع ا١تستوى االجتماعي االقتصادي للبلد رجحت احتماالت كونو دٯتقراطيا مسألة ال جداؿ فيها،
وألف بعض األنظمة التسلطية الثرية ال تزاؿ تسلطية على الرغم من الثروة ا١تتزايدة فقد توصلت أْتاث عن
العبلقة والثروة ؿ "بر٬تيفوريسكي" و"ليمو٧تي" إٔب أف ٙتة عبلقة بُت الثروة االقتصادية والدٯتقراطية لكنها
-الثقافة السياسية :أي منظومة القيم وا١تعتقدات اليت ٖتدد الفعل السياسي ومعناه ،فقد جرى تأكيد أف
الربوتستانية تساند الدٯتقراطية فيما تعارضها الكاثوليكية ،أي أف بعض الثقافات تنزع إٔب تأكيد التسلسل
الًتاتيب والسلطة وبالتإب تكوف أقل مواتاة للدٯتقراطية ،ويبقى من الصعب الربىنة على وجود عبلقة متسقة
بُت أ٪تاط ثقافية معينة وسيادة الدٯتقراطية 2غَت أف معظم الباحثُت اعتربوىا شرطا أساسيا يسبق الدعوة
للدٯتقراطية كوهنا تعزز االنفتاح الفكري وتسهل ا١تساومة والتسوية وتكبح دور األيديولوجيات ُب العمل
السياسي ،وىي تكرس الثقة االجتماعية واٟتس التعاوين وااللتزامات بالنظاـ وتشكل روابط عمودية بُت
النخب وٚتاىَتىا.
-البنية االجتماعية :أي الطبقات احملددة للمجتمع ،حيث خلص "بارينغتوف مور" (Barrington
)ُ Mooreب تفسَته التارٮتي ٞتذور الدٯتقراطية والديكتاتورية إٔب أف طبقة قوية ومستقلة من اٟتضر
كانت وال تزاؿ عنصرا ال غٌت عنو ُب ٪تو الدٯتقراطية الرب١تانية ،فحيث ال توجد برجوازية ال توجد دٯتقراطية،
وعلى العكس من ذلك ال ينزع مالكو األراضي إٔب تأييد الدٯتقراطية إال ُب ظروؼ خاصة ،غَت أف ىذه
71
األطروحة انتقدت حيث اعترب "غوراف ثَتبورف" ) Goran Therbornأف الدٯتقراطية ولدت على مر
-وجود بنية مؤسسية تتفق مع والدة التحوؿ الدٯتقراطي ومسَتتو ،ألنو يصعب اٟتديث عن التحديث
السياسي ُب غياب ا٢تياكل ا١تؤسسية لبناء الدولة اٟتديثة وفك االرتباط بُت الدولة واجملتمع ا١تدين 1،حيث
اعترب "ىنتنغتوف" أف استقرار النظم السياسية من عدمو يتحدد من خبلؿ طبيعة العبلقة بُت ا١تشاركة
السياسية وا١تؤسسة السياسية ،ومعٌت ذلك أنو إف ٓب يصاحب عملية التحديث والتعبئة االجتماعية إجراء
تغيَت وتطوير ُب ا١تؤسسات السياسية بصورة تستوعب الفئات اٞتديدة فإف النتيجة قد تتجو إٔب زيادة
مؤشرات الصراع والعنف وىو ما أٝتاه "ىنتنغتوف" باالهنيار السياسي ،ولذلك ٬تب تطوير وبناء مؤسسات
وضمن ىذا اإلطار عرؼ "ىنتنغتوف" ا١تؤسساتية على أهنا العمليات اليت تكتسب هبا التنظيمات
واإلجراءات حتمية وثباتا 2،ويرتكز مستوى ا١تؤسساتية على أربعة معايَت أساسية ىي التكيف الذي يقصد
بو مدى قدرة ا١تؤسسة على االستجابة للمتغَتات الداخلية وا٠تارجية والتعقيد واالستقبللية والتماسك
3
واالنسجاـ.
فالدٯتقراطية تتطلب ا١تؤسسية كضرورة للتحوؿ من الفردية ا١تفرطة والوالءات الفرعية كالعائلة والعشَتة
والقبيلة والطائفية وا١تذىب ٨تو والءات أكرب واليت تتمثل ُب الوطن ،الشعب ،الدولة ،كما أف الدٯتقراطية
تتطلب ا١تنافسة االقتصادية وٖتقيق تطور مستمر ُب البنية االقتصادية وتنويع ا٢تيكل الوظيفي ٔتا يولده من
71
ٖتسُت للدخل ومستويات ا١تعيشة وخلق طبقات اجتماعية وتعزيز ا١تشاركة السياسية لكل الفئات ُب
1
اجملتمع.
-نخبة مناضلة :حيث يرى "روستو"( )Rostowأف الدٯتقراطية تبدأ عندما تقرر فئة صغَتة نسبيا من
النخبويُت بقبوؿ التعدد داخل الوحدة وخوض صراعاهتا سلميا ُب إطار قوانُت وإجراءات دٯتقراطية ،كما
وعيو فإف التحوؿ الدٯتقراطي عملية شاملة يتطلب بنية سياسية قوامها أحزاب سياسية فاعلة خاصة منها
ا١ت عارضة و٩تب مناضلة ومؤمنة بالتغيَت ُب ظل بنية مؤسسية متكيفة ،إضافة إٔب اقتصاد قوي يوفر شروط
التحضر ،وكذا بنية اجتماعية مستعدة للتخلي عن الوالءات التقليدية ومتشبعة بقيم ومعتقدات تنسجم مع
الدٯتقراطية.
بعد توفَت متطلبات التحوؿ الدٯتقراطي ٬تب ٖتديد ٣تموع ا١تؤشرات البلزمة لبناء ٪توذج التغيَت ا١تنشو،
والقائم أساسا على ٚتلة من القواعد ا١تؤسسية الضابطة للعمل السياسي واليت ٕتعل من اٟتياة السياسية
72
-الدستور وىو النظاـ األساسي للدولة ،وٯتثل ٣تموعة القواعد اليت تنظم شكل الدولة وٖتدد طبيعة نظاـ
اٟتكم والعبلقة بُت السلطات والقواعد اليت تنظم حقوؽ األفراد وواجباهتم٢ ،تذا فإف أي ٖتوؿ دٯتقراطي
-التداول السلمي على السلطة :أي انتقا٢تا من طرؼ إٔب آخر وفقا لنظاـ قانوين ٤تدد وىو من
الشروط الضرورية لقياـ أي نظاـ دٯتقراطي ،وُب ىذا الشأف يقوؿ برىاف غليوف" ال تقاس دٯتقراطية أي
نظاـ سياسي من خبلؿ إحصاء عدد األحزاب السياسية اليت يرخص ٢تا وإ٪تا من خبلؿ درجة التداوؿ
الفعلي بُت النخبات ا١تتعددة وعرب الطب قات االجتماعية ا١تختلفة وما ينجم عن ذلك من آثار مطلوبة
1
وحتمية على ا١تستوى العملي للمشاركة الشعبية وتكافؤ الفرص بُت أفراد األمة.
-االنتخابات :حيث تعد من أىم اآلليات اليت ٯتكن أف تكرس خريطة القوى السياسية ُب اجملتمع وتعزز
-القدرة على استيعاب القوى السياسية اٞتديدة بغَت عنف سياسي ،حيث يتم استيعاب النشاط
السياسي لكل القوى الفاعلة ُب نطاؽ ا١تؤسسات السياسية ا١تشروعة عن طريق نشر الثقافة السياسية
2
الدٯتقراطية اليت تؤمن ٔتبدأ اٟتوار.
-اتساع نطاق المشاركة السياسية :حيث يتم إتاحة كافة الوسائل ا١تمكنة ١تشاركة ا١تواطن من خبلؿ
االىتماـ بالرأي العاـ وتوفَت الضمانات البلزمة للمشاركة السياسية اإل٬تابية وإشراؾ ا١تواطن ُب العملية
السياسية.
1نبيل سعداوي ،العنف السياسي وانعكاساتو على مسار التحول الديمقراطي في المنطقة العربية .دراسة الحالة المصرية في ظل
الحراك الشعبي :مركز الكتاب األكادٯتي ،2018 ،ص ص .104 ،103
2المرجع نفسو ،ص.112 ،111
73
-تفعيل دور المجتمع المدني وحماية حقوق االنسان :فوفقا لوجهة نظر "روبرت داىل" (Robert
) Dahlفإف أىم مؤسسات الدٯتقراطية تتمثل ُب نظاـ انتخابات يتسم باٟترية والعدالة ،إقرار حرية
التعبَت ،تنوع مصادر ا١تعلومات ،الشعور با١تواطنة ،واستقبلؿ اٞتماعات والتنظيمات ا١تدنية ا١تختلفة داخل
اجملتمع ووجود ٦تثلوف منتخبوف عن الشعب ٦تا يؤدي إٔب مشاركة فعالة من جانب ا١تواطنُت .ووضع
"روبرت داىل" ٣تموعة من الشروط لكي تقوـ ا١تؤسسات بدورىا منها السيطرة على ا١تؤسسة العسكرية
ووجود ثقافة سياسية دٯتقراطية وعدـ وجود سيطرة خارجية من جانب قوة معادية للدٯتقراطية ،مع ضرورة
1
توفر ٣تتمع دٯتقراطي يتسم باٟتداثة السياسية واالقتصادية.
وعليو فإف النظاـ الدٯتقراطي يبٌت من خبلؿ وجود مؤشرات حيوية ضرورية ،وىي:
-حكم القانوف الذي يستدعي ثقافة سياسية مبلئمة ٦تا يضفي شرعية على النظاـ السياسي.
ويبقى ٧تاح األنظمة السياسية ُب تدعيم ىذه ا١تؤشرات وتكريسها مرتبط بعاملُت أساسيُت ٫تا رغبة
النظاـ السياسي ُب تفعيل ىذه اآلليات وتوفره على اإلرادة السياسية البلزمة لذلك ،وإٯتاف اجملتمع بكل
مكوناتو بفكرة العمل الدٯتقراطي الذي ينبذ العنف ويستلزـ العمل اٞتماعي التشاركي.
74
يعترب التحوؿ الدٯتقراطي عملية ٣تتمعية شاملة و٤تصلة لتفاعل ٣تموعة من األسباب والعوامل الداخلية
-مشكلة شرعية النظم الشمولية ُب عآب حازت فيو مبادئ الدٯتقراطية قبوال لدى اٞتميع ،واعتماد ىذه
األنظمة على شرعية األداء واهنيار ىذه الشرعية ٖتت وطأة ا٢تزائم العسكرية والفشل االقتصادي وأزمات
-النمو االقتصادي العا١تي غَت ا١تسبوؽ ُب الستينات والذي ارتفعت على إثره مستويات ا١تعيشة والتعليم
-التغَتات اٟتاٝتة ُب عقائد وأنشطة الكنيسة الكاثوليكية وٖتوؿ الكنائس القومية عن الدفاع عن األمر
الواقع إٔب معاداة النزعة االستبدادية ومواالة اإلصبلحات االجتماعية واالقتصادية والسياسية.
-التغَتات اليت طرأت على عناصر خارجية منها توجو االٖتاد األوريب ُب أواخر الستينات إٔب توسيع نطاؽ
عضويتها والتحوؿ ا٢تائل ُب السياسة األمريكية إٔب دعم حقوؽ اإلنساف والدٯتقراطية.
-كرات الثلج أو تداعي األحداث الذي دعمتو وسائل االتصاؿ الدولية اٞتديدة والتحوالت ا١تبكرة اليت
شهدهتا ا١توجة الثالثة ٦تا دفع بنماذج للجهود ا١تتوالية الرامية إٔب تغيَت األنظمة ُب الدوؿ األخرى.
وانطبلقا من ىذه التغَتات اليت طرحها "ىنتنغتوف" ٯتكن تصنيف عوامل ٖتوؿ األنظمة السياسية ٨تو
التحوؿ الدٯتقراطي إٔب عوامل داخلية وأخرى خارجية ،تتلخص فيما يلي:
.2العوامل الداخلية:
1صموؿ ىنتنغتوف ،ا١توجة الثالثة ،التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين ،مرجع سابق ،ص.107
75
-انهيار شرعية النظام التسلطي أو اإلخفاق السياسي :وىي تعرب عن رفض احملكومُت لبلنصياع
الطوعي ألوامر السلطة السياسية ،ويرجع فقداف الشرعية إٔب عدة أسباب أ٫تها عدـ ٘تثيل النظاـ السياسي
١تختلف قيم ومصاّب اجملتمع وعدـ قدرتو على استيعاب التغَتات اٞتديدة ُب اجملتمع ،استنفاذ النظم
التسلطية لؤلغراض اليت قامت من أجلها ،التغَت ُب القيم االجتماعية اليت أصبحت أقل تقببل للحكم
-التغير في إدراك القيادة والنخب السياسية :فالنخب على مر العصور تلعب دور الشرعنة وإعادة
إنتاج نفس األوضاع أو دور ا١تعارضة والدعوة إٔب التغيَت ،ويؤكد "لينز" "ومارتن ليبست" على الدور الفاعل
للقيادة ُب االلتزاـ بالدٯتقراطية وا١تبادرة إٔب اإلصبلح السياسي ،ومن ٚتلة األسباب اليت تدفع هبا إٔب ذلك
تلكل موارد النظاـ الرمزية وا١تادية واإلكراىية القمعية وإدراؾ القيادة أف تكاليف بقائها ُب السلطة مرتفعة ُب
ظل فقداهنا ١تربرات وجودىا ٦تا ٬تعلها تؤمن أف التحوؿ الدٯتقراطي ىو سبيلها ١تواجهة التحديات الداخلي
وا٠تارجية.
-الدور المتنامي للمجتمع المدني :فهو فاعل مهم ُب عملية التحوؿ الدٯتقراطي بفعل الضغوط اليت
1
ٯتارسها إلعادة بناء قواعد اللعبة السياسية.
.2العوامل الخارجية:
-النظام الدولي الجديد بعد نهاية الحرب الباردة :فنتيجة الهنيار االٖتاد السوفياٌب ودوؿ ا١تنظومة
االشًتاكية ُب شرؽ أوربا وهناية اٟترب الباردة أضحت الدٯتقراطية ىي ا١تسيطرة على ا٠تطاب السياسي،
76
ومع تعزيز الواليات ا١تتحدة األمريكية ١تكانتها بدأت اسًتاتيجية تعزيز الدٯتقراطية وتزايدت الضغوطات
2
على النظم غَت الدٯتقراطية إلجراء اإلصبلحات 1،واٗتذت ىذه الضغوطات األشكاؿ التالية:
-من خارج دولة معينة مثل شروط اإلصبلح الذي تفرضو اٞتهات ا١تا٨تة والوكاالت ا١تالية الدولية
بفرض
-تصرفات اٟتكومات األجنبية وا١تنظمات غَت اٟتكومية ومنظمات اجملتمع ا١تدين من خبلؿ
-التأثَت العا١تي ٟتركة حقوؽ اإلنساف الذي لو تأثَت معنوي على األنظمة ا١تتسلطة ويعترب عامبل
لئلطاحة هبا.
-ظاىرة العدوى أو المحاكاة :حيث جاذبية الطرح الدٯتقراطي ىو الذي دفع ببعض القادة السياسيُت
إٔب تغيَت نظمهم ،إضافة إٔب تأثر شعوب ىذه الدوؿ بالدٯتقراطية ٦تا حذى هبا إٔب القياـ بالثورات الشعبية،
ويرى "ىنتنغتوف" أف التحوؿ الدٯتقراطي الناجح ُب دولة يشجع على التحوؿ ُب دولة أخرى ،وتتحدد
مظاىر العدوى واالنتشار ُب تأثر الزعماء واٞتماعات بقدرة نظرائهم ُب الدوؿ األخرى على وضع حد
للنظاـ الشموٕب وبناء نظاـ دٯتقراطي وتأثر اجملتمعات ٔتا وصل إليو قرناؤىم من وعي سياسي ٦تا يؤدي إٔب
3
الرفع من وتَتة ا١تشاركة السياسية.
1صامويل ىنتنغتوف ،ا١توجة الثالثة ،التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين ،مرجع سابق ،ص.168
2ليندة لطاد بن ٤ترز ،المجتمع المدني ودوره في بناء الدولة والتحوالت السيسية دراسة تطبيقية الجزائر أنموذجا .القاىرة :دار الكتاب
اٟتديث ،2016 ،ص ص.90 ،89
3صامويل ىنتنغتوف ،ا١توجة الثالثة ،التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين ،مرجع سابق ،ص.168
77
-ثورة المعلومات واالتصاالت :حيث تصاعدت ىذه الثورة بشكل ملحوظ خبلؿ العقدين األخَتين
من القرف العشرين ،وىي ٘تثل أحد أبعاد ظاىرة العو١تة اليت تشكل بدورىا أحد ا١تبلمح الرئيسية للمشهد
العا١تي ،وأىم عوامل التحوؿ الدٯتقراطي بسبب إهنائها احتكار النظم التسلطية ١تصادر ا١تعلومات و٘تكينها
قوى ا١تعارضة من االتصاؿ بالعآب ا٠تارجي ،مع السماح ٢تا ْتشد الرأي العا١تي الدوٕب ُب حاؿ انتهاؾ
حقوؽ اإلنساف ،أضف إٔب ذلك نقل ىذه الوسائل للقيم واألفكار الدٯتقراطية من دوؿ أخرى ٦تا يساعد
1
على انتشار ما يعرؼ بعدوى الدٯتقراطية.
-العوامل االقتصادية :حيث تفرض األوضاع االقتصادية اإلصبلحات السياسية واالقتصادية اليت تعجل
بالتحوؿ الدٯتقراطي.
وعليو ٯتكن القوؿ إف األسباب اليت تؤدي إٔب التحوؿ الدٯتقراطي قد تكوف داخلية وقد تكوف خارجية
مع اختبلؼ درجة تأثَت ىذه األسباب من دولة إٔب أخرى ،حيث قد تنبع الرغبة ُب التغيَت من النظاـ
السياسي نفسو بنخبو اٟتاكمة واٞتماعات اليت يضمها أو من النظم السياسية ا١تكونة للبيئة ا٠تارجية
يتجسد التحوؿ الدٯتقراطي ُب عدة أشكاؿ أو أ٪تاط ٗتتلف حسب اٞتهة اليت تبادر وتسعى إٔب
إحبللو ،كما أف عملية التحوؿ الدٯتقراطي ال ٯتكن أف تتحقق دفعة واحدة وإ٪تا يكوف ذلك عرب عدة
مراحل ،وعليو ال يوجد طريق واحد إل٧تاز التحوؿ الدٯتقراطي ،فالتجارب السياسية الناجحة ُب جنوب
1حسنُت توفيق إبراىيم ،النظم السياسية العربية االتجاىات الحديثة في دراستها ،ط .2بَتوت ،مركز دراسات الوحدة العربية،2008 ،
ص ص.137 ،136
78
وشرؽ أوربا وجنوب شرؽ آسيا وأمريكا البلتينية وأفريقيا تشَت إٔب تعدد طرؽ ومداخل االنتقاؿ ،وقدمت
الدراسات األكادٯتية قائمة طويلة من األسباب اليت تفسر االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية ،وتعدد تلك العوامل
ا١تؤثرة ُب عمليات االنتقاؿ تتفاوت وٗتتلف باختبلؼ ا١تكاف والزماف الذين يفسراف ظهور أكثر من سيناريو
إٔب جانب أ٫تية العامل ا٠تارجي ،واختبلؼ ىذه العوامل بدوره يفضي إٔب تفاوت مداخل التحوؿ
الدٯتقراطي.
ا١تبادرة ويلعبوف دورا حاٝتا ُب إهناء ذلك وٖتويلو إٔب نظاـ دٯتقراطي ،1أي أنو ٭تدث عندما تكوف عملية
التحوؿ ٔتبادرة من النظاـ التسلطي ذاتو ،وغالبا ما ٖتتفظ النخب ا١تسيطرة ُب النظاـ بالسلطة والقوة ُب
الًتتيبات اٞتديدة ،وىذا ما قد ٬تعل عملية التحوؿ عملية صورية كوف ا١تسيطرين على السلطة مدفوعُت
2
أساسا ٔتصاٟتهم ا٠تاصة الشخصية واٞتماعية.
ويسمى أيضا ىذا النوع من التحوؿ ٔتنحة الدٯتقراطية ،حيث ٘تنح السلطة اٟتاكمة للشعب حق ٦تارسة
الدٯتقراطية ويكوف الدافع غالبا ىو حُت شعور القيادة والنخبة اٟتاكمة أف االنشقاؽ على النظاـ القائم قد
تصاعدت حدتو وأف ٤تاولة استخداـ القوة ضد اٞتماىَت أصبحت وشيكة الوقوع ،لذلك تأخذ بزماـ
ا١تبادرة و٘تنح الشعب بعض اإلصبلحات أو تعده بذلك ،وقد يكوف ذلك انعكاسا لرغبة حقيقية ُب
التحوؿ ٨تو الدٯتقراطية أو حيلة سياسية للخروج من مأزقها ،وبالتإب تتيح لنفسها الوقت لصياغة آليات
3
جديدة ٘تكنها من مد ىيمنها وإطالة عمرىا.
1صامويل ىنتنغتوف ،ا١توجة الثالثة ،التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين ،مرجع سابق.197 ،
2مينا اسحاؽ طانيوس بولس ،مرجع سابق ،ص.22
3جاؾ ماريل نزوانكو" ،إفريقيا والدٯتقراطية" ،تر .فرحات توما ،المجلة الدولية للعلوم االحتماعية ،ع ،128 .ماي ،1991ص.135
79
.2نمط اإلحالل :Replacementويتمثل ُب اهنيار اٟتكومة كنتيجة الزدياد قوة ا١تعارضة وتناقص
قوهتا ،وتشمل الكفاح إلسقاط اٟتكومةٍ ،ب سقوط اٟتكومةٍ ،ب الكفاح بعد سقوط اٟتكومة 1،ويكوف
ىذا النوع نتيجة ألزمة وطنية خطَتة ال يستطيع النظاـ التسلطي حلها ،وىذا التحوؿ يكوف مفروضا من
الشعب بعد صراعات دموية مع السلطة 2نتيجة تردي األوضاع االقتصادية واالجتماعية للمواطنُت٦ ،تا
يؤدي إٔب تصعيد أعماؿ االحتجاجات واالضطرابات غرب ا١تنظمة وبداية العنف من الطرفُت ٦تا يضطر
3
القيادات السلطوية إٔب البدء ُب اإلصبلحات ا١تطلوبة علها ٖتتوي األزمة.
وا١تعارضة ويكوف التوازف بُت ا١تتشددين واإلصبلحيُت داخل اٟتكومة قائما ْتيث توافق اٟتكومة على
التفاوض على تغيَت النظاـ 4،ومن بُت العوامل ا١تهمة اليت تدفع النظاـ السلطوي إٔب الدخوؿ ُب
ا١تفاوضات مع القوى ا١تعارضة ىي احتماؿ أفوؿ ٧تم النظاـ السياسي أو أفوؿ ٧تم إيديولوجيتو والًتدي
االقتصادي الذي قد يصل إٔب حد اإلفبلس أو ضغوط متزايدة 5،وىي كعملية غالبا ما تتأرجح بُت
6
االضطرابات واالحتجاجات وا١تظاىرات وعنف البوليس وحاالت اٟتصار والطوارئ.
.4نمط التدخل األجنبي :Foreigne٭تدث نتيجة تدخبلت وضغوط أطراؼ أجنبية لفرض
التحوؿ ،ومن أمثلتو التدخل األمريكي ُب العراؽ ،وٗتتلف الطريقة واألسلوب واألشكاؿ اليت تستخدمها
1صامويل ىنتنغتوف ،ا١توجة الثالثة ،التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين ،مرجع سابق ،ص.217
2مينا اسحاؽ طانيوس بولس ،مرجع سابق ،ص .24
3جاؾ ماريل نزوانكو ،مرجع سابق ،ص ص.135 ،134.
4صامويل ىنتنغتوف ،ا١توجة الثالثة ،التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين ،مرجع سابق ،ص.227
5عبد الرٛتن ٛتدي" ،ظاىرة التحوؿ الدٯتقراطي ُب إفريقيا :القضايا والنماذج وآفاؽ ا١تستقبل" ،السياسة الدولية ،ع ،113 .جويلية
،1993ص.18
6صامويل ىنتنغتوف ،ا١توجة الثالثة ،التحوؿ الدٯتقراطي ُب أواخر القرف العشرين ،مرجع سابق ،ص.229
81
األطراؼ ا٠تارجية ُب الضغط على دولة ما حيث قد ينتم ذلك عن طريق التدخل العسكري ا١تباشر أو من
1
خبلؿ ا١تؤسسات ا١تالية واالقتصادية الدولية.
وذكر عبد الفتاح ماضي أف الدراسات األكادٯتية انتهت إٔب تفسَت االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطيات من عدة
مداخل وبالنظر إٔب عدة متغَتات ،واليت أحصى ىنتنغتوف من ضمنها أكثر من 27متغَتا وردت ُب
.2الخروج من حكم االستعمار إلى الحكم الديمقراطي مباشرة كما حدث ُب ا٢تند وماليزيا ،حيث
انصب االىتماـ على توافق القادة واآلباء ا١تؤسسُت قبل وبعد االستقبلؿ واختيارىم االنتقاؿ مباشرة إٔب
اٟتكم الدٯتقراطي ُب ظل تكريس ا٠تيارات التوافقية وعدـ تسييس ا١تؤسسات العسكرية ووجود أحزاب
.2االنتقال التدريجي من نظام حكم الفرد أو القلة إلى النظام الديمقراطي ،ويتم ذلك بداية مرحلة
ضعف النظاـ القدًن وظهور جناح إصبلحي بداخلو ٍب االنفتاح السياسي فتطور االنفتاح إٔب انتقاؿ
دٯتقراطي ،ويتم بعدة طرؽ كاالنتقاؿ من أعلى بقيادة اإلصبلحيُت مثل اسبانيا والربازيل أو من خبلؿ
التفاوض بُت اإلصبلحيُت وا١تعارضة كبولندا وجنوب إفريقيا أو من أسفل بفعل التظاىرات الشعبية أو
ضغوط قوى ا١تعارضة الدٯتقراطية كالفلبُت وكوريا اٞتنوبية أو حركات احتجاجية ثورية استطاعت ٖتقيق ما
ٝتي بالدٯتقراطية ا١تلونة كما حدث ُب جورجا وأوكرانيا ،وُب كثَت من ىذه اٟتاالت استطاعت النخب
السياسية االستفادة من الدعم ا٠تارجي ا١تؤيد لبلنتقاؿ كحاالت جنوب وشرؽ أوربا.
.3انهيار نظم حكم الفرد أو القلة وإنشاء نظم حكم ديمقراطية ،وىي ٘تر ٔترحلتُت أو٢تما مرحلة اهنيار
األنظمة اٟتاكمة نتيجة عوامل ٥تتلفة منها الفشل الداخلي أو ا٢تزٯتة العسكرية أماـ ا١تتمردين ُب الداخل أو
81
عدو خارجي ،ويعترب ىذا النوع من ا١تداخل من أكثر ا١تداخل اليت تشهد العنف كاالحتجاجات
.4التدخل الخارجي الذي يتضمن عدة أشكاؿ منها الضغوط الديبلوماسية واالستخباراتية واألدوات
1
االقتصادية ا١تشروطة والتدخل العسكري ا١تباشر كما حدث ُب أفغانستاف والعراؽ.
وعموما قد تشهد ىذه األشكاؿ واأل٪تاط تداخبل بُت أكثر من مسار وترتبط ارتباطا قويا بالتحوالت
االجتماعية داخل الدوؿ وبيئتها ا٠تارجية ،ويبقى التحوؿ الذي يكوف ٔتبادرة من النخب اٟتاكمة أكثر
الصيغ اليت ٕتعل من التحوؿ الدٯتقراطي عملية سلسة با١تقارنة مع الصيغة الصورية والتدخل ا٠تارجي ،كما
أف عملية التحوؿ الدٯتقراطي غَت هنائية ،فقد ينتهي الشكل الدٯتقراطي لنظاـ اٟتكم ُب أي ٟتظة ليعود
الشكل التسلطي من جديد ،فلهذا يعترب التدعيم ا١تستمر لقوى اجملتمع ا١تدين والًتسيخ الفعلي لقنوات
ا١تشاركة السياسية وللحريات الفردية واٞتماعية من الضمانات األساسية الستمرار اٟتكم الدٯتقراطي.
يعد االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية سَتورة معقدة تنطوي على مراحل عدة حيث تبدأ ْتدوث أزمة داخل
النظاـ التسلطي يتبعها االهنيار التدر٬تي ،ويكوف من الضروري ا١ترور ٔتراحل عديدة من تعميق الدٯتقراطية
قبل ترسيخ النظاـ اٞتديد ،مع العلم أف ىذه ا١تراحل ال تسَت بالضرورة بسبلسة وعلى وتَتة خطية واحدة
1عبد الفتاح ماضي ،العنف والتحول الديمقراطي في مصر بعد الثورة .مصر :دار البشَت للثقافة والعلوـ ،2015 ،ص.21-18
82
يعرؼ التحوؿ الدٯتقراطي بأنو عملية تطورية مستمرة تتسم بالتدرج وباألسلوب االنتقإب ،وتشمل ثبلث
1
مراحل أساسية:
-االستعداد والتأىب ،حيث تزداد خبل٢تا حدة الصراع السياسي واالجتماعي بدرجة هتدد سيطرة اٟتكم
-ظهور إجماع عام حول ضرورة التغيير وٖتديد مطالب أساسية ومؤسسية وُب مقدمتها إنشاء الرب١تاف
-تأمين التحول الديمقراطي من خبلؿ إرساء ٣تموعة القواعد وا١تمارسات اليت تدعم ٘تاسك ا١تؤسسات
التمثيلية وتنمي الثقافة السياسية الدٯتقراطية ،من أجل دعم أسس البناء الدٯتقراطي البديل ،وبرتبط ذلك
بدرجة نضج النظاـ السياسي اٞتديد ،ىذا النضج الذي ٯتنعو عن االرتداد إٔب السلطوية مرة أخرى.
2
وبالنسبة لصامويل "ىنتنغتوف" فإف عملية التحوؿ الدٯتقراطي تنطوي على ا١تراحل التالية:
-مرحلة االنهيار :حيث يشَت كل من "أودونيل" و"مشبيًت" إٔب وجود بعض العوامل الضرورية الهنيار
النظاـ السلطوي من أ٫تها الصراع بُت ا١تتشددين الراغبُت ُب البقاء ُب السلطة وا١تعارضُت للتحوؿ وا١تعتدلُت
الذين يؤمنوف بضرورة اإلصبلحات ،وال تعرب ىذه ا١ترحلة عن خط ذو إتاه تصاعدي إذ قد يفشل التحوؿ
1حسن ٤تمد سبلمة" ،أثر العو١تة على تطور النظاـ السياسي" ،مجلة الديمقراطية ،ع ،02.ربيع ،2001ص.29
2مينا اسحاؽ طانيوس بولس ،مرجع سابق ،ص ص.20-16
83
وىي من أخطر ا١تراحل ،فإما أف يستكمل النظاـ عملية التحوؿ أو يرتد إٔب النظاـ السلطوي،كوف ىذه
ا١ترحلة تضم خليطا من مؤسسات النظاـ القدًن إٔب جانب مؤسسات النظاـ اٞتديد وكذا الدٯتقراطيوف
والسلطويوف ا١تتصارعوف ،كما أف ىذه ا١ترحلة تشهد حالة من التحوؿ الليربإب كمقدمة للتحوؿ الدٯتقراطي
والذي يقصد بو إعادة تعريف وتوسيع نطاؽ اٟتريات ا١تسموح هبا كاإلفراج عن ا١تسجونُت وحرية التعبَت
والرأي.
حيث يكتسب التحوؿ طابعو ا١تؤسسي ويتم االتفاؽ بُت القوى السياسية ا١تختلفة على قواعد اللعبة
السياسية ،ويرى "ج .جواف" ) )J.Juanأف الًتسيخ الدٯتقراطي حالة يسود فيها االعتقاد بُت الفاعلُت
السياسيُت الرئيسيُت أو األحزاب وٚتاعات ا١تصاّب أو أي قوى أو منظمات بعدـ وجود بديل عن
العمليات الدٯتقراطية للوصوؿ إٔب السلطة .ويرى البعض أف مفهوـ الًتسيخ الدٯتقراطي يتساوى مع مفهوـ
.Institutionnalisation
-النضج الديمقراطي:
وىو أعلى مراحل التحوؿ الدٯتقراطي ،يتضمن ٖتوال أوسع يغطي ا١تؤسسات االجتماعية ويطالب فيها
أما "روستو" ) (Rostowفقسم سَتورة االنتقاؿ من اٟتكم البلدٯتقراطي إٔب اٟتكم الدٯتقراطي إٔب
1
ثبلث مراحل ،وىي:
-المرحلة التحضيرية :وتشمل نضاؿ سياسي مطوؿ وغَت حاسم من أجل ٖتقيق غايات الدٯتقراطية
84
-مرحلة اتخاذ القرار :حيث يتم اٗتاذ قرارات من طرؼ القادة السياسيُت ١تأسسة بعض جوانب
-مرحلة الترسيخ :حيث تتطور الدٯتقراطية أكثر فأكثر وتصبح ا١تمارسات الدٯتقراطية جزءا راسخا ُب
الثقافة السياسية ،ومن ا١تؤشرات ا٢تامة ١ترحلة الًتسيخ اليقُت الذي يتعزز عندما تتطور القواعد وا١تمارسات
وا١تؤسسات اليت تؤطر العمليات السياسية وكذلك عندما ٖتًتمها اٞتماعات السياسية الرئيسية.
ويرى "روستو" أف الوحدة الوطنية البد أف تكوف سليمة قبل أي تصور لبلنتقاؿ الدٯتقراطي ،وىي تشَت
حسبو إٔب أف األغلبية العظمى من ا١تواطنُت ال تراودىم أي ٖتفظات حوؿ اجملتمع السياسي الذي ينتموف
1
إليو مع تسوية الصراعات واالنقسامات.
وُب ظل تباين التصنيفات ١تراحل التحوؿ الدٯتقراطي تبقى مرحلة االنتقاؿ الدٯتقراطي من أىم ا١تراحل،
حيث يركز كل من "روستو" و"أودونل" و"لينز" على ىذه ا١ترحلة اليت يبادر فيها النظاـ التسلطي بإطبلؽ
بعض اٟتريات السياسية واالنفتاح ،غَت أف ىذه ا٠تطوة ال تقود تلقائيا إٔب الدمقرطة إذ أف االنفراج النسيب
ُب حقل اٟتريات قد يتم إجهاضو ويعود القمع مرة أخرى وما إف ترٗتي قبضة النظاـ حىت تبدأ فئات
سياسية متعددة باال٩تراط ُب سياؽ ا١تواجهة التارٮتية بُت ىذا النظاـ وقوى ا١تعارضة ،ويضم النظاـ عادة
متشددين ومتنورين وانتهازيُت ومعتدلُت ومتطرفُت ،لتبقى اٟتصيلة متوقفة على نوعية العبلقة اليت تنشأ بُت
فئة وأخرى من ىذه الفئات ،فإذا حدث ٖتالف بُت متنوري السلطة وا١تعتدلُت من قوة ا١تعارضة فإف
2
االنتقاؿ إٔب الدٯتقراطية يصبح أكثر سهولة.
85
ٗتتلف التحديات اليت تواجو التحوؿ الدٯتقراطي بسبب اختبلؼ الظروؼ السياسية واالقتصادية
واالجتماعية والثقافية ،ففي الدوؿ اإلفريقية معظم األنظمة السياسية شبو استبدادية حيث لديها كل
ا١تؤسسات الدٯتقراطية من دساتَت وانتخابات وسلطات قضائية مستقلة غَت أهنا تعاين من مشاكل خطَتة
أثرت على ا١تمارسة الدٯتقراطية أ٫تها عدـ رغبة ىذه األنظمة االستبدادية ُب تكربس الدٯتقراطية خوفا من
فقداف قادهتا للسلطة ،كما أف األنظمة السياسية العربية تعاين أزمة غياب الثقافة الدٯتقراطية والذي ينعكس
سلبا على سلوكيات اٟتاكم واحملكوـ ،ولقد تنبأ "برٯتر" ( )Bremmer Ianبأف الفًتة ما بُت ٗتفيف
اٟتكم االستبدادي وتعزيز الدٯتقراطية تتسم بالعموـ باختبلالت منها صراعات اجتماعية وسياسية مثل
اإلضرابات وأعماؿ العنف والتشوىات االقتصادية وعدـ ا١تساواة االجتماعية ،إضافة إٔب سوء اٟتكم الذي
1
يتزامن غالبا مع تفاقم الظروؼ السياسية واألمنية.
.2التحديات االجتماعية الثقافية :يعرب التحوؿ الدٯتقراطي عن عملية تغيَت جذري وشامل تستهدؼ
ٖتوالت عميقة على مستوى البنية السياسية واالقتصادية واالجتماعية ٦تا يستدعي مشاركة ٣تتمعية واسعة
وفعالة ُب ىذه العملية ،وعليو فإف تغيَت بنية اجملتمع ثقافيا ومؤسسيا وإشراؾ ٚتيع مكوناتو ُب التغيَت يعترب
من أىم التحديات اليت تواجو التحوؿ الدٯتقراطي خاصة ُب الدوؿ اليت ال تزاؿ بنيتها االجتماعية تصارع
ف من العسَت تغيَت األ٪تاط االقتصادية واالجتماعية ا١تًتسخة ،فمثبل أجرب السكاف السود وا١تلونُت ُب
جنوب إفريقيا ُب ظل نظاـ الفصل العنصري على العيش بعيدا عن ا١تناطق اٟتضرية اليت يعملوف هبا ٦تا ولد
2
عادات عصية على التغيَت حيث العيش ُب الغيتو خلق غيتو إيديولوجي.
1علي مصباح ٤تمد الوحيشي" ،دراسة نظرية ُب التحوؿ الدٯتقراطي" ،مجلة كلية االقتصاد للبحوث العلمية ،مج ،01ع ،02أكتوبر
.2015ص.62
2ا١تنتدى الدوٕب حوؿ مسارات التنمية والتحوؿ الدٯتقراطي .تقرير موجز حوؿ التجارب الدولية والدروس ا١تستفادة والطريق قدما .برنامج
األمم المتحدة اإلنمائي 06-05 .جواف .2011ص.09
86
.2تحديات سياسية :تتمثل ُب انعداـ اليقُت أثناء التحوؿ وما يصاحبو من قلق شعيب وفوضى وأزمات
وانسداد قنوات التحوؿُ ،ب ظل تعادؿ القوة بُت النظاـ الديكتاتوري والقوى ا١تطالبة بالتغيَت وصعوبة
االتفاؽ على ا٠تطوات اليت ٖتقق ا١تضي ُب ا١تسار الدٯتقراطي 1،إضافة إٔب عدـ الفصل بُت السلطات
واحتكار النظاـ الشموٕب للسلطة القضائية خاصة ُب الدوؿ العربية اليت تعكس فيها ا١تمارسة ا١تيدانية
صعوبة تغيَت قمة النظاـ السياسي بالنظر إٔب قوة و٤تورية السلطة التنفيذية سواء ُب األنظمة ا١تلكية أو
اٞتمهورية.
ومن بُت التحديات أيضا التوجو السائد بعدـ احًتاـ حقوؽ اإلنساف والذي يظهر ُب تطبيق قوانُت
الطوارئ واألحكاـ العرفية لسنوات طويلة ،إضافة إٔب عدـ فاعلية القوانُت وتكريسها على أرض الواقع
وعدـ تطبيق النصوص الدستورية رغم إقرارىا للتعددية اٟتزبية وحرية الرأي ،ضف إٔب ذلك السياسات
األمنية لؤلنظمة اٟتاكمة وا١تبنية على مؤسسات أمنية وعسكرية ٖتمي النظاـ القائم ،ووجود قيود كثَتة
وصارمة مفروضة على آليات التحوؿ الدٯتقراطي كاألحزاب السياسية واجملتمع ا١تدين واإلعبلـ وأدوات
التعبَت اٟتر ،مع ٤تدودية حجم القوى االجتماعية وأدائها واستمرار اعتبار القبيلة وحدة التنظيم االجتماعي
مع غياب معارضة سياسية قوية قادرة على التغيَت والوصوؿ إٔب السلطة 2،كما تعترب ا١تظاىر البَتوقراطية من
أنانية ورشوة و٤تسوبية من أخطر معوقات التحوؿ الدٯتقراطي ،حيث إف االستعماؿ السليب للعمل اإلداري
يساىم ُب تعطيل آليات اشتغاؿ النظاـ السياسي ومشاريعو التنموية ٦تا ينتج عنو غياب ا١تواطنة ُب ا١تمارسة
3
السياسية وينعكس سلبيا على مسار التحوؿ.
87
وعليو فإف التحديات السياسية ترتبط أساسا بشرعية اٟتكم السياسي ،حيث ٖتتاج أسس اٟتكم
الشرعي إٔب تغيَت وكلما استحكمت أشكاؿ الشرعية غَت العقبلنية القانونية حسب تعبَت "فيرب" أضحى
التحوؿ الدٯتقراطي أكثر تعقيدا ،كما أف ظهور األحزاب السياسية إٔب السطح كعناصر ثابتة ٖتظى بالتقدير
ُب العملية السياسية واالستقرار وكأطراؼ فاعلة تعرؼ قواعد اللعبة ولديها إ١تاـ كامل بكيفية السعي
إضافة إٔب ىذه التحديات السياسية على ا١تستوى الداخلي توجد ٖتديات أخرى خارجية أ٫تها العو١تة
اليت قد تضعف الدٯتقراطية ،ذلك أف اٟتكومات الوطنية تتناقص قدرهتا ُب التحكم ٔتجريات األمور داخل
حدودىا خاصة مع الظروؼ االقتصادية ا٠تارجية ،ويعترب باحثوف أف العو١تة تؤثر بعمق ُب أوضاع صنع
السياسات الوطنية وذلك من خبلؿ تضييقها ١تساحة ا١تناورة ا١تتاحة أماـ اٟتكومات الوطنية 1،كما أف
الضغوط الدولية اليت تعترب من أىم أسباب التحوؿ الدٯتقراطي تشكل أيضا أىم التحديات اليت تواجو
.3تحديات اقتصادية تشمل ٖتدي االستقرار االقتصادي ورفع النمو االقتصادي و٤تاربة البطالة وارتفاع
معدالت التضخم والفقر وا٩تفاض مستويات االستثمار والتعليم والبنية األساسية ،وٖتقيق ٪تو اقتصادي
2
مصحوب بعدالة اجتماعية.
وكخبلصة فإف الدٯتقراطية كفكرة و٦تارسة ىي منتوج غريب ،وحصيلة نضاالت وثورات عنيفة وطويلة
األمد استطاعت أف تؤسس لبنية اجتماعية وسياسية واقتصادية تقدس اٟترية والفكر الليربإب٦ ،تا جعل
الدٯتقراطية ا١تبلذ اآلمن لشعوب ىذه الدوؿ ،وعليو فإف استَتاد الدٯتقراطية و٤تاولة تطبيقها ُب الدوؿ النامية
88
يبقى أىم ٖتدي يواجو أنظمتها السياسية لغياب البنية ا١تبلئمة لذلك على كل ا١تستويات خاصة الثقافية
منها.
إف النظر إٔب البَتوقراطية على أهنا ذلك التنظيم الذي يوجد ُب اجملتمع السياسي ا١تتحضر لتحقيق
األىداؼ القومية وإخراج السياسة العامة إٔب حيز الواقع لوضعها موضع التنفيذ ال يعٍت فقط أهنا تضطلع
بدور تنفيذي ،لكنها تقوـ ب أدوار أخرى ُب إطار العملية السياسية اليت يقوـ هبا أي نظاـ سياسي ،وىي من
خبلؿ ىذه األدوار تشكل طرفا رئيسيا ُب أي تغيَت يطرأ على النظاـ السياسي الذي تدور ُب ٤توره.
وعليو ستحاوؿ الدراسة من خبلؿ ىذا ا١تبحث استكشاؼ أىم األدوار اليت ٘تارسها البَتوقراطية ُب ظل
األنظمة السياسية ،والبحث عن عبلقتها بالتغَتات اليت تشهدىا ىذه األنظمة وآليات تفاعل اٞتهاز
البَتوقراطي معها.
إف البَتوقراطية اليت ىي نتاج تقدـ اجملتمعات ا١تعاصرة ومعرب أساسي عن كفاءة األداء والفعالية
أصبحت تشكل قوة واضحة تنافس األجهزة السياسية على اٟتكم ،خاصة مع صعوبة االستغناء عنها ،كما
أف ٘تيزىا بدواـ ا١تنصب والتأىيل واستمرار صلتها بالشؤوف العامة وسيطرهتا على ا١تعلومات قد ساىم ُب
89
يتم تنفيذ السياسات العامة ُب كل النظم ا١تعاصرة من طرؼ نظاـ إداري بَتوقراطي ُب إطار قوانُت
وقواعد ٤تددة ،ومع ما ٘تلكو اإلدارة من ا٠تربة والتخصص فإف ٢تا صبلحيات واسعة ُب ٖتديد معاين
1
القوانُت ،وىذا ما ٬تعلها تتحرؾ ُب حيز واسع وتقرر ما يتوافق ومصاٟتها وظروفها.
إف عملية التشريع أو صناعة السياسات والقرارات تعد أىم جزء من العملية السياسية ،وُب كل النظم
عملية صنع القاعدة وظيفة متمايزة تشكل تطورا حديثا ألهنا عملية كاريزماتية أو عملية متنامية وبطيئة من
تراكم العادات ،وكاف التحوؿ من القيود التقليدية إٔب القيود الدستورية ُب اٟتركة السياسية أىم عامل ُب
2
تطورىا.
وألف ىذه العملية ذات طابع فٍت فإف ا١تعرفة والتخصص يعطياف شرعية لتدخل البَتوقراطية فيها،
فالتخصص أىم ميزة للبَتوقراطية وىو مرتبط بتزايد التقدـ التقٍت وتوسع فكرة العقلنة وبالتإب ازدياد دور
البَتوقراطية ُب اٗتاذ القرارات زاد كنتيجة لسيطرهتا على ا١تعلومات وقدرهتا على التحكم ُب الوسائل التقنية
3
لتطبيق ا١تشاريع.
وىناؾ إٚتاع على تدخل البَتوقراطية ُب صياغة ومناقشة السياسات بطرؽ ٥تتلفة ،ومنهم من يرى أهنا
مثلما تصنع السياسة فهي كذلك قادرة على إعاقتها ويعطي "جيمس أندرسوف" James Anderson
مثاال على ذلك ُب الواليات ا١تتحدة األمريكية بإعاقة القوانُت الصادرة بشأف السيطرة على التلوث من
4
طرؼ اإلداريُت.
1
»Renate Mayntz, « Les bureaucrates publiques et la mise en œuvre des politique,
Revue internationale des sciences sociales, v.31, n.04, 10-1979, pp 677-678.
2جابر يل أ١توند ،بنقهاـ باوؿ ،السياسة المقارنة ،تر.أٛتد عناين ،القاىرة :دار الطباعة القومية ،1980 ،ص.133 ،130 .
3
Jacque Chevalier, Daniel Losak, Science administrative: theories general de
l’institution administrative. Paris: L.G.D.J, 1978, p 538.
4جيمس أندرسوف ،صنع السياسات العامة ،تر .عامر الكبيسي .األردف :دار ا١تسَتة ،1999 ،ص.60
91
1
و توجد عدة طرؽ تتمكن من خبل٢تا البَتوقراطية من التدخل ُب صناعة السياسات ،وىي:
-اقًتاح البَتوقراطيُت ١تشروعات القوانُت وصياغتها وبذلك ٭تدوف من مبادرة أعضاء الرب١تاف با١تشاريع.
-التدخل ُب عمل السلطة التشريعية من خبلؿ ا٠تربة ُب سن القوانُت ،خصوصا أف أعضاء السلطة
التشريعية ليس ٢تم إ١تاـ كامل با١ت صطلحات اليت تستخدـ ُب مناقشة ا١تشاريع وبا٠تصوص عندما يتعلق
ويعترب"أ١توند" أف ظاىرة تدخل البَتوقراطيُت ُب عملية التشريع ىي ٝتة النظم الشمولية حيث صياغة
2
القواعد تتم من طرؼ أجهزة اٟتزب والبَتوقراطيات اٟتكومية.
-من الناحية االتصالية :يصنف أ١توند و"باوؿ" األنواع ا١تختلفة من أبنية االتصاؿ إٔب ٜتسة أنواع،
وتشكل البَتوقراطية النوع الثالث منها واليت أٝتياىا أبنية ا١تخرجات السياسية ،وقد اعتربا أف البَتوقراطية
تشكل جزءا من األبنية الرٝتية ُب النظاـ السياسي وقناة ىامة لنقل ا١تعلومات وٕتعل من تنفيذ القوانُت
بتناسق وتعبئة موارد اجملتمع أمرا ٦تكنا 3،وكوهنا القناة الوحيدة ا١تهيمنة على ا١تعلومات ذلك ٬تعلها تسيطر
على صنع القرارات فهي ٖتدث تغيَتات ُب ا١تعلومات الواردة إٔب النخب السياسية وذلك ما يؤدي إٔب
4
تغيَت ُب أداء وظائف النظاـ األخرى وتغيَت توجهات القادة.
1رياض ىنري ،البيروقراطية والسياسة .يروت :دار اٞتيل ،1993 ،ص ص.94-91
2جابر يل أ١توند ،بنقهاـ باوؿ ،مرجع سابق ،ص.135
3
المرجع نفسو ،ص ص.161-159
4
Francis Chauvin, Administration de l’état. Paris: Dalloz, éd.4, 1994, p05.
91
كما تلعب السرية دورا مهما ُب ىيمنة البَتوقراطية على ا١تعلومات حيث إف التوسع ُب سرية ا١تكاتبات
يزيد من دور البَتوقراطيُت ويؤدي إٔب إعاقة الدٯتقراطية ،وما يزيد من ذلك أيضا ىو احتكار البَتوقراطية
1
لوسائل اإلعبلـ السمعية والبصرية.
-من ناحية ٕتميع ا١تصاّب :واليت تعد أىم الوظائف اليت يقوـ هبا أي نظاـ سياسي ليحو٢تا إٔب ٣تموعة من
البدائل السياسية ،فَتى كل من "أ١توند" و"باوؿ" أف األبنية اليت تلعب الدور األساسي ُب ٕتميع ا١تصاّب
ٗتتلف بُت النظم الشمولية وبُت تلك اليت تتميز باالنفتاح أكثر ٨تو بيئتها ،ففي النظم الشمولية حيث
تدار العملية السياسية بواسطة ٩تبة صغَتة تتم ىذه العملية من طرؼ ا١تركز ،لكن ُب النظم األكثر ٪توا يتم
التعبَت عن ا١تصاّب من خبلؿ الت فاعل بُت األحزاب السياسية والبَتوقراطية ،أي أف البَتوقراطية تسهم
بشكل كبَت ومهم ُب ٕتميع ا١تصاّب وىي ُب النظم ا١تفتوحة تقوـ هبذه الوظيفة بدرجة أكثر فاعلية ألهنا
ٖتافظ على استقبلليتها أكثر ووحدهتا ،لكن ُب النظم السياسية ا١تغلقة أي النظم الشمولية والسلطوية فهي
2
تصبح جهازا ٯتارس عليو نفوذ قوي من طرؼ اٞتماعات ا١تتعاملة معها.
.3وظائف تنموية:
إف اإلدارة اٟتديثة بوظائفها وسائلها وأجهزهتا ونظمها أصبحت تضطلع بدور حيوي ورئيسي وفعاؿ ُب
ٖتقيق أىداؼ التنمية االقتصادية 3،كما أهنا مسؤولة عن إ٬تاد نظاـ اسًتاتيجي للتخطيط اإلداري
للسياسات والربامج وا١تخططات البلزمة لضبط عمليات التنمية االقتصادية 4،وىذا الدور ا١تتزايد الذي
تلعبو البَتوقراطية ُب التنمية االقتصادية ىو ٣ترد انعكاس للدور الذي تلعبو الدولة ،ىذه األخَتة اليت ٓب
92
تنحصر مهامها فقط ُب ٛتاية ا١تواطنُت وتأمُت النظاـ العاـ لكن تعدهتا لتصبح الفاعل الرئيسي ُب عملية
1
التنمية االقتصادية واحملور ا١تركزي إلحداث التغيَتات االجتماعية.
ويربز الدور ا١تتنامي للبَتوقراطية اقتصاديا واجتماعيا بوضوح ُب الدوؿ النامية حيث ٯتكن القوؿ نظريا أف
معظم اجملتمعات النامية هبا قطاعات عامة وخاصة غَت ٤تددة بوضوح ٦تا يؤدي إٔب تدخل البَتوقراطية
بشكل مباشر أو غَت مباشر ُب تنظيمها 2،وىي تلعب دورا مركزيا ُب األنظمة الشمولية من حيث إدارة
ا١توارد االقتصادية وتوزيع السلع وا٠تدمات والتحكم ُب تنفيذ السياسات االقتصادية من خبلؿ عمليات
التخطيط ،واالنتقاؿ من االقتصاد ا١توجو إٔب االقتصاد اٟتر ال يعٍت زواؿ ىذا الدور بل إف البَتوقراطية تبقى
3
مهيمنة على اٟتياة االقتصادية ولكن بلليات أخرى.
كما أف العبلقة بُت اٞتهاز البَتوقراطي والنظاـ أو اإلطار الثقاُب ُب اجملتمع وطيدة للغاية ،حيث يؤكد
الباحث األمريكي "جوف رفيوس" John Rehfussأف البَتوقراطيُت اإلداريُت يؤثروف تأثَتا مباشرا على
التوزيع اإلكراىي للقيم بأسلوب يفوؽ أي إعبلف أو خطاب سياسي وىم يسا٫توف ُب تكوين توقعات
ا١تواطنُت حوؿ ما ٬تب وما ٯتكن للحكومة القياـ بو ،تلك التوقعات اليت ٘تثل النتيجة ا٢تامة واٟتاٝتة
4
للسلوؾ اإلداري ُب ا١تدى البعيد.
إف اٟتديث عن أدوار البَتوقراطية يؤكد على أ٫تيتها ُب أي نظاـ سياسي ،وىي بوظيفتها التقليدية
ا١تناطة هبا ،وا١تتمثلة ُب تنفيذ السياسات العامة والقرارات اليت تصنعها السلطة السياسية تثبت صعوبة
1
Arnaud Sales," Intervention de l'état et position idéologique des dirigeants des
bureaucraties publique et privés", Sociologie et société, V. 15, N01, p13.
2فيصل السآب ،اإلدارة العامة والتنمية .الكويت :جامعة الكويت ،1978 ،ص.110
3
Gionani Merli, Adaptation of political bureaucracy to economic and
institutional change under socialism: the Chinese family planning system. U. S.
A: center of demography and ecology and department of sociology, 2001, p 30.
4بومدين طامشة ،البيروقراطية والتنمية السياسية في الجزائر .اإلسكندرية :مكتبة الوفاء القانونية ،2015 ،ص.67
93
اٟتديث عن حيادىا والتزامها هبذه الوظيفة فقط ،فمشاركتها ُب التشريع وكذلك ُب باقي وظائف النظاـ
السياسية يستدعي بالضرورة إقامة ضوابط لعبلقاهتا بباقي أبنية ىذا النظاـ ،واألىم من ذلك إقامة التوازف
بينها وبُت األجهزة ا١تنتخبة ألهنا اإلشكالية ا١تطروحة ْتدة ُب عبلقة البَتوقراطية باألنظمة السياسية خاصة
إف البَتوقراطية سواء ُب الدوؿ الليربالية أو الشمولية ىي ضرورة ملحة ،وىي من أىم األجهزة اليت تسهم
ُب تسيَت الشؤوف العامة ،ويشكل وجودىا أمرا بالغ األ٫تية ُب كل اجملتمعات وتسهم عدة عوامل ُب منحها
1
ىذه ا١تكانة ،وأ٫تها:
-دواـ منصب البَتوقراطي با١تقارنة مع السياسي ،وىذا ما يضمن للبَتوقراطيُت االستمرار ُب العمل ٔتناىج
-ا١تعرفة ا١تتخصصة اليت ارتبطت بالتقدـ التقٍت واليت ٘تنح البَتوقراطيُت شرعية التدخل ُب كل اجملاالت.
-االنقسامات اليت ٖتدث داخل اٟتكومات تضعف السياسيُت وتكوف عامبل من عوامل قوة البَتوقراطيُت
وإذا كانت البَتوقراطية تتميز بشرعيتها التقنية مقابل الشرعية السياسية التمثيلية للسياسيُت ُب الدوؿ
الليربالية فهي ليست كذلك ُب الدوؿ النامية ،فاٞتهاز البَتوقراطي فيها كاف وليد الفًتة االستعمارية
واإلدارات ُب ىذه الدوؿ حافظت على خاصية اإلدارات ا١تستعمرة كربيطانيا وفرنسا واسبانيا 2،ورغم أف
الدوؿ النامية قد اعتمدت على ٪تط البَتوقراطية الغربية إال أف البَتوقراطية استطاعت أف تسيطر فيها على
1
Bernard Gournay, Introduction a la science administrative. Paris : Press de la
fondation nationale des sciences politique, 1990, pp 283،284.
2
Shamsul Haque, « Incongruity between bureaucracy and society developing nations: a
critique », Peace. Change, v.22, n.04, Octobre 1997, p432.
94
األطر واألجهزة السياسية األخرى ُب النظامباعتبار أف البَتوقراطية ُب الغرب ٪تت وتطورت ُب سياؽ
اجتماعي تارٮتي وثقاُب قاـ على أساس الثورة الصناعية وظهور الرأٝتالية وفصل الدين عن الدولة واالعتماد
على ا١تعايَت ا١توضوعية ،أما الدوؿ النامية فاعتمدت على ىذه األ٪تاط لكن مقابل سياقات اجتماعية
وتارٮتية وثقافية مغايرة ٘تاماما أدى إٔب ظهور التنافر بُت البَتوقراطية واجملتمعات ُب ىذه الدوؿ لتصبح عائقا
أماـ تطورىا بدؿ أف تقوـ بالعكس 1،وزاد نفوذىا على ا١تستويات التالية:
إف أىم ما ٯتيز النظم السياسية النامية ىو تفوؽ البَتوقراطية على األجهزة السياسية ا١تنتخبة ويرجع
ذلك إٔب كوهنا وليدة الفًتة االستعمارية ،فاالستعمار قد ساىم بدرجة كبَتة ُب تقويتها وٖتطيم األجهزة
السياسية ،كما حرص على أف يكوف قيامها على أساس جهوي اثٍت مع ترسيخ نظاـ مركزي قوي ما جعل
منها ُب معظم دوؿ إفريقيا وآسيا طبقة حاكمة ليس بامتبلكها وسائل اإلنتاج لكن ٔتكانتها ُب جهاز
2
الدولة.
وما زاد من قوة البَتوقراطية أيضا بعد االستقبلؿ ىو غياب ا١تنافسة السياسية ووجود أنظمة عسكرية
متسلطة حيث معظم الدوؿ النامية بعد االستقبلؿ فضلت صيغة اٟتزب الواحد الذي يسيطر على اٞتهاز
البَتوقراطي سواء داخليا بفرض االنتماء إٔب اٟتزب كشرط لبلنضماـ إٔب اإلدارة أو خارجيا بفرض الرقابة
على ا٢تياكل اإلدارية احمللية ،وا١تركزية 3،وحىت مع وجود تعددية حزبية استطاعت البَتوقراطية إضعاؼ
1
Ibid, p434.
2
Ibid, pp435،436.
3
Bernard Gournay, Op.Cit, p234.
95
-عدـ قدرة األحزاب على اإل١تاـ ٓتطط التنمية ومسار تنفيذىا إضافة إٔب ٖتكم البَتوقراطية ُب
االنتخابات 1.أي أف ضعف ا١تؤسسات السياسية وقوة البَتوقراطية ا١تدنية والعسكرية جعل من الصعب أف
تكوف البَتوقراطية على اٟتياد ُب الدوؿ النامية ،وكما يرى"بَتتراند بادي") (Bertrand Badieفإف قوة
مؤسسات الدولة البَتوقراطية واستقبلؿ كبار ا١توظفُت ىو الذي ٯتنحهم الدور األساسي ُب اٟتياة السياسية
كفرنسا وايطاليا لكن حيث اجملتمع ا١تدين قوي ومنظم بكل مؤسساتو فإف دور البَتوقراطيُت يتقلص مثلما
ىو اٟتاؿ ُب الواليات ا١تتحدة األمريكية أو بريطانيا ،أي أف دور ىؤالء ا١توظفُت يتوقف على وجود دولة أو
2
مركز فيها أو عدة مراكز.
إذا كاف النظاـ االقتصادي للدوؿ الليربالية قائم على ا١تنافسة ووضع حدود لتدخل الدولة فالواقع ُب
الدوؿ النامية يناقضو ٘تاما ،فاإلنتاج فيها ضعيف وا١تنافسة ٤تدودة والبَتوقراطية ا١تهيمنة على اٟتياة
السياسية امتد نفوذىا كذلك ُب اٟتياة االقتصادية حيث سا٫تت ُب إضعاؼ القطاع ا٠تاص وحولت ٣تمل
3
عائدات القطاع العاـ ٠تدمة النخب اٟتاكمة.
كما أف البَتوقراطية باعتبارىا القوة األكثر خربة ومعرفة ارتادت الكثَت من اجملاالت وعملت على إنشاء
مؤسسات وشركات عامة وتطبيق برامج تنموية عديدة ،وىي باحتكارىا آلليات العمل االقتصادية واإلنتاج
4
سا٫تت أكثر ُب خفض مستوى األداء ا١تطلوب منها وإضعاؼ مستوي التنمية.
96
إف النمط البَتوقراطي الغريب الذي تبنتو معظم الدوؿ النامية بعد استقبل٢تا كاف قد ظهر ُب الغرب ُب
إطار ثقاُب ٭تمل قيم العلمانية والفردانية والعقبلنية وا١تنافسة لكن بعد ٤تاولة تكريس ىذه القيم ُب ثقافات
الدوؿ النامية ظهرت أ٪تاط بَتوقراطية مشوىة 1،فالسلوؾ اإلداري ىو ٤تصلة القيم والتقاليد والثقافة اليت
يفرزىا اجملتمع ،لكن و١تا كانت اجملتمعات ُب الدوؿ النامية مشدودة أكثر إٔب قيم كالقبلية واحملسوبية
والوساطة فإف البَتوقراطية فيها بدت مشدودة أكثر لتلك القيم واٗتذت أ٪تاطا وأشكاال مغايرة لؤل٪تاط
2
الغربية وىا ما يفسر ضعف أدائها.
تتفق التحليبلت أف تضخم البَتوقراطية يشكل خطرا على اٟتريات الدٯتقراطية لكنها ُب الوقت نفسو
لقد درس "ويرب" ظاىرة البَتوقراطية من منظور واسع وأثار قضايا كربى كالدٯتقراطية والرأٝتالية واٟترية،
وبالنسبة للحرية الشخصية لؤلفراد ذىب إٔب أف ظهور البَتوقراطية اٟتديثة عمل على ظهور أ٪تاط جديدة
3
للشخصية وأدوار رٝتية جديدة كا٠تبَت الفٍت وا١توظف اإلداري الذي ٬تد السياسي نفسو ُب مواجهتهما،
كما أكد على عبلقة البَتوقراطية بالدٯتقراطية واعترب أف وجود البَتوقراطية أمر ضروري إلقامة ٣تتمع
دٯتقراطي من خبلؿ استعماؿ ا١تستويات وا١تقاييس البَتوقراطية ُب االختيار والًتقية وا١تعاملة وتطبيقها على
4
أما عن عبلقتها بالرأٝتالية فأوضح أف الرأٝتالية قد سا٫تت ُب تطوير البَتوقراطية وىذه اجملتمع ككل،
1
Shamsul Haque, Op.Cit, p442.
2أسامة عبد الرٛتن ،مرجع سابق ،ص.78
3توـ بوتومور ،الصفوة والمجتمع :دراسة في علم االجتماع السياسي ،ط ،2 .تر٤ .تمد اٞتوىري وآخروف .القاىرة :دار ا١تعارؼ،
،1978ص ص.97 ،96
4
Seymour Martin Lipset, Op.Cit, p 41.
97
الفكرة ىي من أىم األفكار اليت ًب انتقادىا باعتبار الرأٝتالية كنظاـ اقتصادي ارتبطت ارتباطا وثيقا
1
بالدٯتقراطية لكن الدٯتقراطية تضاربت مع النمو البَتوقراطي.
وكاف فيرب قد أكد أف البَتوقراطية ىي التعبَت التنظيمي عن العقبلنية وتنبأ بنمو التنظيمات البَتوقراطية ُب
اٟتجم واأل٫تية وتطور التنظيمات البَتوقراطية أشكاال من الرقابة والتحكم ا١تركزي والتخطيط القائم على
العلم وا١تعرفة ،ورأى أف االشًتاكية لن ٖترر اجملتمع من ا١تيوؿ العقبلنية والبَتوقراطية وا١توجودة ُب الرأٝتالية
2
بل على العكس سوؼ توسع من نطاؽ العقبلنية والبَتوقراطية.
كما ذىب "فيرب" إٔب القوؿ أف الدٯتقراطية والبَتوقراطية تدخبلف ُب عبلقة متناقضة كل مع اآلخر
فالبَتوقراطية تعمل بطبيعتها على تركز القوة ُب أيدي أقلية ىم أولئك الذين يًتبعوف على قمة التنظيم واعترب
ماركس أف ٕتريد اٞتماىَت ُب اجملتمع الرأٝتإب من وسائل اإلنتاج ىو أساس ا٢تيمنة الطبقية االستغبللية،
وُب رأي "فيرب" أف فقداف السيطرة على العمل واختزالو إٔب عمليات روتينية تتحوؿ ٔتوجبها األغلبية إٔب
٣ترد تروس ُب آلة ىي إحدى ٝتات التحوؿ إٔب البَتوقراطية بشكل عاـ ،وىذا الوضع ال يقتصر على
الصناعة فقط وإ٪تا نفس الشيئ ينطبق على أولئك الذين يشغلوف مواقع دنيا ُب كافة التنظيمات البَتوقراطية
مثل ا١تستشفيات واٞتامعات كما ينطبق على ا١تشاركة ُب اٟتكومة ذاهتا ،وأكد أف مثاليات الدٯتقراطية إ٪تا
ظهرت ُب األصل ُب اجملتمعات الصغَتة اليت تستطيع فيها قطاعات صغَتة من السكاف الذين ٭تظوف ْتق
ا١تواطنة أف يتجهوا سويا ١تمارسة القوة السياسية أما ُب اجملتمعات الكبَتة ا١تعاصرة اليت اتسعت فيها حقوؽ
ا١تواطنة ْتيث أصبحت تشمل كل الناس فإف النموذج من الدٯتقراطية يصبح غَت قابل للتطبيق ،فالنسق
الدٯتقراطي اٟتديث يفًتض مسبقا ٖتقق مستوى مرتفع من البقرطة ُب السياسة (أي اكتساب السياسة
98
الطابع البَتوقراطي) ،ولتنظيم االنتخابات اٞتماىَتية ٬تب أف يتوفر نظاـ قانوين تصاحبو إجراءات
بَتوقراطية تضمن تنظيم االنتخابات وإدارهتا كما أف األحزاب السياسية نفسها تكتسب السمة البَتوقراطية
بقوة ،وعليو فإف االشًتاكية بنظر فيرب تدفع باألمور ٨تو األسوء من خبلؿ االٕتاه ٨تو ا١تركزية ُب اٟتياة
االقتصادية وضماف دولة أكثر بَتوقراطية٢ ،تذا اعتقد أف الرأٝتالية أقل سوءا كوهنا ٘تيل إٔب االحتكار أو
1
نظاـ احتكار القلة إال أهنا ٖتتفظ بالكثَت من الطابع التنافسي الذي يسمح للمستهلك ْترية االختيار.
وإذا كاف فيرب قد اعترب البَتوقراطية ىي التنظيمي العقبلين ا١تميز للمجتمعات الدٯتقراطية فإنو من جهة
أخرى ٓب ينف ٗتوفو منها حيث كاف ٮتشى من أف حرماف البَتوقراطيُت من روح ا١تبادرة واالبتكار قد
يدفعهم إٔب االستكانة ١تا ىم فيو واالكتفاء بأدوارىم ا١ترسومة والدفاع عن األوضاع اآلمنة اليت يعيشوهنا
ض د أي ٖتد أو خطر قد يهددىم من ا٠تارج ،كما أعرب عن ٥تاوفو من إمكانية حدوث صداـ بُت
البَتوقراطيُت احملًتفُت من جهة والسياسيُت ا١تنتخبُت بصورة دٯتقراطية من جهة أخرى ْتكم أف أفراد الفئة
األؤب يعملوف ُب خدمة اٟتكومة وأوضاعهم ا١تستقرة وخربهتم العريضة ٘تنحهم صبلحيات وسلطات
واسعة ،أما السياسيوف الذين يًتكز جانب من مهماهتم ُب وضع الضوابط على السلطة البَتوقراطية ُب
الدٯتقراطيات اٟتديثة فإهنم يعتمدوف ُب نفس الوقت على البَتوقراطية ١تا ٢تا من معرفة وخربة ،و٢تذا أكد
2
"فيرب" على ضرورة إخضاع البَتوقراطية جملموعة الضوابط السياسية القوية اليت تضمن االنفتاح والشفافية،
وىو نفس الرأي الذي ذىب إليو "اتزيوين أماتاي" Itzioniصاحب كتاب اجملتمع النشيط الذي عرب
عن موقف متفائل حيث رأى أف الضبط العقبلين سوؼ يكوف مصحوبا بالتوسع ُب نطاؽ مشاركة الناس
3
ُب اٟتياة االجتماعية والسياسية.
1أنتوين جيدنز ،ترٚتة أٛتد زايد وعدٕب السمري وآخروف ،مقدمة نقدية في علم االجتماع .القاىرة :مركز البحوث والدراسات االجتماعية،
ط ،2006 ،2ص .108 ،107
2أنتوين جيدنز ،ترٚتة فايز الصياغ ،علم االجتماع .بَتوت :ا١تنظمة العربية للًتٚتة ،أكتوبر .2005ص.419
٤ 3تمود عودة ،أسس علم االجتماع ،بَتوت :دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع .1995 ،ص .137
99
وىناؾ من أكد أيضا من منظري التنمية السياسية أف تطور البَتوقراطية يساعد على التطور السياسي
وأىم ىؤالء "آيزماف" " ،Izmanبراوف" " ،Brownبريبانيت" " ،Braibantiليونارد بايندر"
.Leonard Binder
فقد اعترب كل من "آيزماف" و"براوف" أف دور اإلدارة ُب الدوؿ النامية دور مركزي ،ورغم أهنا تشكل
خطرا على البناء الدٯتقراطي إال أنو ال ٯتكن إضعافها٢ ،تذا دعيا إٔب ضرورة تقويتها نظرا للفاعلية اليت
٘تتلكها ُب تنفيذ الربامج ،ويبقى اٟتل األساسي للحيلولة دوف توليها مناصب سياسية حساسة والتحكم ُب
القرا ر السياسي ىو ٦تارسة الرقابة على األجهزة اإلدارية عسكرية كانت أو مدنية.
أما "ليونارد بايندر" الذي ركز ٖتليلو حوؿ دوؿ الشرؽ األوسط وإمكانية انتقا٢تا إٔب الدٯتقراطية فقد
اتفق أيضا مع فكرة تقوية اٞتهاز البَتوقراطي كللية لتطوير الدوؿ ُب العآب الثالث ،ورأى أف إمكانية انتقاؿ
الدوؿ ُب الشرؽ األوسط إٔب الدٯتقراطية ال تكوف إال من خبلؿ االعتماد على ٩تبة عسكرية وبَتوقراطية
1
ميزهتا العقبلنية ورفض االٕتاىات التقليدية الراسخة فيها.
وٓب ٮتتلف "بريبانيت" عن "آيزماف" و"براوف" ُب التأكيد على أف وجود بَتوقراطية فعالة يعد شرطا أساسيا
من شروط ٖتقيق النمو السياسي ،ألف قوة البَتوقراطية يكوف سببا ُب بناء وتطوير الكثَت من القطاعات ُب
الدوؿ النامية اليت تبقى ْتاجة مستمرة إٔب بَتوقراطية فعالة 2،كما أف األنظمة الليربالية القائمة على الفصل
بُت السلطات واحًتاـ حرية الفكر والتعبَت واٟترية االقتصادية ُب ظل ا١تنافسة الشديدة وحرية السوؽ ٘تكن
111
من خبلؿ تكريسها ٢تذه اٟتريات النقابات وا١تنظمات من حل التناقضات بُت العماؿ وأصحاب العمل
1
وىو ما يفضي إٔب التطور والتقدـ.
وعليو يظهر جليا أف رواد االٕتاه القائل بأ٫تية البَتوقراطية ُب اجملتمع وعبلقتها اإل٬تابية قد استدلوا على
ذلك بدورىا ُب استقرار النظم السياسية الغربية معتربين أف قدرهتا على إحداث التنمية ُب كل القطاعات ُب
ىذه الدوؿ ىي اليت ساعدت على ٖتقيق التنمية السياسية ،لكن إذا كانت النظم الغربية تتميز باالستقرار
ووجود بنية دٯتقراطية ليربالية وحرية ُب الفكر واإلعبلـ واالقتصاد وبالتإب وجود بَتوقراطية مستقرة ،فإف نظم
العآب الدوؿ النامية ىي نظم مشولية تتميز بتدعيمها للتسلسل السلطوي وتشكل البَتوقراطية فيها أىم
مصدر من مصادر االستيبلء على السلطة ،بالتإب ىل مسا٫تة البَتوقراطية ُب استقرار النظم الغربية يعٍت
بالضرورة قدرهتا على استقرار النظم السياسية ُب الدوؿ النامية؟ أـ أف ىناؾ عوامل ٕتعل من ىذا اٞتهاز
وسيلة إلعاقة التطور أكثر منو وسيلة لتحقيق االستقرار والتنمية وفق التصور الذي يعتربىا عامبل معيقا
للدٯتقراطية.
كاف "ىيغل" من أوائل من حاوؿ ٖتديد وظائف البَتوقراطية ومبادئها معتربا أف الدولة ٕتسد ا١تصلحة
العامة ووسيلتها ُب ذلك اٞتهاز البَتوقراطي ،وأف ىيكل ا١توظفُت ٯتارس دور الوسيط ُب الدولة و٭تقق
1جبلؿ زواد فاخوري ،البيروقراطية والتنظيم اإلداري في األردن .عماف :مركز الدراسات واالستشارات-جامعة العلوـ التطبيقية،-
،1998صص.38
111
التجانس بُت ا١تصلحة العامة وا٠تاصة ،والعوائق اليت ٯتكن أف يتعرض ٢تا اٞتهاز ىي إمكانية أف يصبح
1
٤تافظا ومغلقا على نفسو.
وجاء "كارؿ ماركس" وطور فكرتو حوؿ البَتوقراطية من خبلؿ نقده لفلسفة ىيغل حوؿ الدولة ،حيث
توصل إٔب أف "ىيغل" اكتفى فقط بوصف البَتوقراطية والتفرقة بُت اجملتمع ا١تدين والدولة وبُت ا١تصاّب
العامة وا٠تاصة ،ليؤكد "ماركس" أف البَتوقراطية ال ٘تثل سوى ا١تصلحة ا٠تاصة والشخصية لؤلفراد وأف
دورىا ىو تدعيم االنقساـ الطبقي ُب اجملتمع الرأٝتإب مع البحث عن كل الوسائل للحفاظ على مصاٟتها
2
ا٠تاصة ،فأىداؼ الدولة تتحوؿ إٔب أىداؼ للبَتوقراطية وأىداؼ البَتوقراطية إٔب أىداؼ للدولة.
كما اعترب ىو وأتباعو أف البَتوقراطية مرتبطة ٔتجتمع الطبقات وىي ال تشكل طبقة وإ٪تا تستمد
استمرارىا من انقساـ اجملتمع إٔب طبقات ووظيفتها مراقبة ىذا االنقساـ واحملافظة عليو وخدمة الطبقة
اٟتاكمة ،ك ما أف مصَتىا مرتبط ٔتصَت الطبقة الربجوازية اليت يعٍت زوا٢تا زواؿ البَتوقراطية 3،وربط ماركس
البَتوقراطية بفكرة "االغًتاب" معتربا أف البَتوقراطية كتنظيم ٖتطم كفاءة الفرد وتدعم االنقساـ الطبقي
4
واٟتل لزوا٢تا ىو قياـ الثورة واجملتمع البلطبقي.
ونفس الرأي ذىب إليو "فوف موسس" الذي رأى ُب البَتوقراطية تشويو فعلي للدٯتقراطية ومعيق
للمصلحة العامة ،و"ميشاؿ" الذي اعتربىا كتنظيم ٘تيل إٔب تطوير جهاز ىيكلي تنظيمي يعيق ٦تارسة
5
الدٯتقراطية وأهنا العد األوٕب لزواؿ اٟترية الفردية.
1
Hegel Guillaume Frédéric, Op. Cit, pp194-198.
2
Karl Marx, Op. Cit , pp 287.
3
Claude Lefort, Op. Cit , p272.
4
االغًتاب يشَت إٔب كافة الظروؼ والعمليات اليت ٕتعل البشر يبتعدوف عن حياة البساطة االوليةْ ،تيث ينفصبلإلنساف عن بيئتو الطبيعية،
بعد أف استحدث أنظمة فصلتو عنها ،وىي الطرؽ والوسائل اليت يستخدمها ُب حياتو اٟتضارية ،إضافة إٔب تقسيم العمل .انظر :رٯتاف بودرف،
فرنسوا بور يكو ،المعجم النقدي لعلم االجتماع ،تر .سليم حداد ،ط .1.اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية ،1986 ،ص.29.
5جبلؿ زواد فاخوري ،مرجع سابق ،ص.35 ،34 .
112
كما نظر "ميشلز" إٔب البَتوقراطية كضرورة ُب الدولة اٟتديثة 1واعترب أف األوليغارشية ىي ا١تصَت احملتوـ
الذي ستنتهي إليو البَتوقراطية 2،كما اعتربىا وسيلة أو أداة تقنية لتحقيق أىداؼ معينة وتقدًن ا٠تدمات
وكلما زاد ٪تو البقرطة واحتكار السلطة كلما ا٨ترفت عن األىداؼ الرئيسية واألىداؼ السياسية 3،كما
أكد على أف كل ا١تنظمات ٤تكومة ب «القانوف اٟتدي للؤلوليغارشية" ،Iran Law of oligarchy
الذي ينزع إٔب إعطائها بنية أوليغارشية حىت ولو كانت دٯتقراطية 4،ويتلخص ىذا القانوف ُب أف القادة
ٯتيلوف ُب ٥تتلف ا١تستويات إٔب االستمرار ُب السلطة أو تعيُت خلفهم بنوع من االختيار أو االنتخابات و
5
ٯتيلوف إٔب تشكيل دائرة داخلية مغلقة وإٔب تأمُت دٯتومتهم بطرؽ استبدادية.
كما أف "ميشلز" توصل إٔب أف كل التنظيمات البَتوقراطية كبَتة اٟتجم تشهد ٪توا كبَتا ُب جهازىا
-أف الدٯتقراطية اٟتقيقية تعٍت ا١تشاركة الفعلية من جانب أعضاء التنظيم ُب العملية السياسية.
-ا٠تصائص البنائية تدعم مراكز القوة وا٨تصارىا بُت ٣تموعة قليلة من القادة ،فاألوضاع اليت يشغلوهنا
6
تعمل على إ٬تاد نظاـ سياسي داخلي يقوـ على حكم األقلية.
ويرى "ميشلز" أف البَتوقراطية تفرض وجود معرفة متخصصة وتدريب فٍت وىذه ا٠تصائص يكتسبها
القادة من خبلؿ ٦تارستهم لوظائفهم وتشجيعهم لتحقيق مصاٟتهم وأىدافهم ،وذلك ما ٬تعلهم ٭تافظوف
1
على أوضاعهم ،أي أف البَتوقراطية وسيلة سيطرة سياسية وأداة تستخدمها القلة اٟتاكمة.
1
Robert Michels, Op. Cit , p114.
2
Ibid, p27.
3
Ibid, p244.
4
Ibid, p26.
5
Ibid, p 224.
6
Robert Michels, Op.Cit, p 21.
113
أما " بيًت بلو" فبدأ ٖتليلو على أساس اعتبار ا٢تيكل البَتوقراطي أساسي سواء ُب اإلدارات العامة أو
ا٠تاصة ضرورة ُب اٟتياة ا١تعاصرة لكنو يشكل خطرا على الدٯتقراطية ومن الضروري إ٬تاد الوسائل ١تمارسة
الرقابة عل يو ،كما أف ا١تشاركة الواسعة والنشيطة للمواطنُت ُب اٟتياة السياسية أىم عنصر للتقليص من خطر
2
اٞتهاز البَتوقراطي.
وبالنسبة ؿ"دانيل بل" Daniel Bellفَتى أف التناقضات سوؼ تظهر ُب اجملتمعات الصناعية كلما
تطور وتعاظم البناء االجتماعي البَتوقراطي التكنوقراطي وذلك لسبب واحد ىو أف البناء سوؼ يدخل ُب
صراع مع إتاه الناس ورغبتهم ُب ا١تشاركة الواسعة ُب النظاـ السياسي ،ذلك أف ا١تيل ٨تو الضبط العقبلين
بواسطة خرباء فنيُت وعلميُت تابعُت ُب مؤسسات بَتوقراطية ضخمة ٬تري ُب إتاه مضاد ١تبدأ ا١تشاركة
3
الدٯتقراطية ُب اٗتاذ القرارات.
وىناؾ أيضا من منظري التنمية السياسية من اعتربىا حاجزا وعائقا أماـ ٧تاح النموذج الدٯتقراطي ُب
العآب الثالث ،ومن بُت ىؤالء "أ١توند" الذي اعترب أف البَتوقراطية ُب اجملتمعات النامية غارقة ُب التسيس
اٟتضاري واالجتماعي ،و"فريد ر٬تز" صاحب كتاب (البَتوقراطية والتطور السياسي نظرات نقدية) الذي
نبو إٔب أف التوسع ُب البَتوقراطية السابق ألوانو ُب الوقت الذي يلهث النظاـ السياسي خلفها ٯتيل إٔب
إعاقة التطور السياسي الفعاؿ ،و أف ىذا التوسع البَتوقراطي لو األثر الضار على نظاـ تعدد األحزاب
السياسية وا١تركزية الشديدة على نتائج االنتخابات والوسائل اليت تشل هبا البَتوقراطية نشاط اٞتماعات
ذات ا١تصاّب الضاغطة ،.خاصة أف البَتوقراطية ُب اجملتمعات النامية ٘تتص صفوة و٩تبة ا١تثقفُت الذين
يروف ُب البَتوقراطية أفضل ضمانة ١تستقبلهم 4،وخلص "ر٬تز" إٔب أف فقداف التوازف بُت األجهزة السياسية
1
Ibid, pp 27،28.
2
Giovanni Busino, Op.Cit, p86.
٤ 3تمود عودة ،مرجع سابق ،ص.138
4جبلؿ زواد فاخوري ،مرجع سابق ،ص ص.32 ،31 ،
114
واإلدارية خاصة ُب اجملتمعات النامية اليت ٘تر ٔتراحل التطور واالنتقاؿ يؤدي غالبا إٔب مسا٫تة أكرب من
-التغيَت يكوف أسرع ُب القطاعات ا١تتقدمة تكنولوجيا وبذلك ىي أقدر على التغيَت.
-إقامة ا١تستعمر ألجهزة بَتوقراطية مستقلة عن الرقابة السياسية إٔب اٟتد الذي أصبحت فيو الوحدات
ويقوؿ ر٬تز أف التوسع ُب النظاـ البَتوقراطي السابق ألوانو الذي يقفز عرب ا١تراحل الواجب اتباعها بينما
تلهث اٞتماعات السياسية ُب السَت خلف البَتوقراطيُت ٭توؿ دوف تطور سياسي فعاؿ ،وتتفرع عن ىذه
النظرية نظرية فرعية مؤداىا أف اٞتماعات السياسية ا١تنفصلة وا١تستقلة بعضها عن البعض اآلخر تتوفر ٢تا
1
فرص أفضل للتطور مىت كانت ا١تؤسسات والوحدات البَتوقراطية ضعيفة نسبيا.
ووجد ر٬تز أف دالئل تارٮتية تدعم االستنتاج القائل إف سلطة البَتوقراطيُت وتوسعهم ٢تا نتائج منطقية
2
عكسية لتنمية األنظمة السياسية ،وىذه الدالئل ىي:
-نظاـ اٞتدارة القائم على التوظيف يقوض دعائم النظاـ اٟتزيب الناشئ.
-اإلشراؼ الزائد للبَتوقراطيات على زيادة اإليرادات والنفقات وا١تبادرات السياسية بدال من الرب١تاف.
-استغبلؿ البَتوقراطية للنظاـ القضائي ا١تفتقر إٔب التدعيم الشعيب وإساءتو ُب استعماؿ السلطة.
115
والنتيجة عند ر٬تز ىي أف ا١تؤسسات السياسية ٘تلك فرصة أفضل للنمو إذا كانت ا١تؤسسات
وقدـ "ر٬تز" ٖتليلو ُب عدة أطر وىو من خبلؿ دراستو ٟتالة "تايلند" توصل إٔب أف اجملتمعات االنتقالية
تفتقر إٔب التوازف بُت ا١تؤسسات الصانعة للسياسة والنظم البَتوقراطية ا١تؤثرة سياسيا ،حيث ا١تؤسسات
الصانعة للسياسة وا١تتمثلة ُب ا١تشرعُت واحملاكم واألحزاب السياسية واجملموعات ذات االىتمامات ا٠تاصة
ُب ٣تملها ضعيفة ،وأطلق على األنظمة اليت تتصف بتلك ا١تواصفات اسم البَتوقراطيات السياسية ،مع
تأكيده على أف وجود التوازف بُت البَتوقراطية والنظاـ الدستوري الذي يشمل وجود ٚتعية منتخبة ونظاـ
منتخب وجهاز حزيب ىو ا١تعيار للتفريق بُت النظم ا١تتوازنة والنظم غَت ا١تتوازنة ،.كما أف البَتوقراطية ُب
الدوؿ النامية حسب تعبَته ٘تيل أكثر إليقاؼ "النمو السياسي" خصوصا مع ضعف اٞتهاز السياسي
1
وذلك ما يؤدي إٔب إضعاؼ اٞتهاز اإلداري وإعاقة أدائو.
أما بالنسبة ؿ"البارومربا" Lapalambaraفقد شدد على أ٫تية الفصل بُت اإلدارة والسياسة للحد
من قوة البَتوقراطية ُب الدوؿ اٞتديدة خاصة أهنا كجهاز تشكل خطرا على الدٯتقراطية حىت ُب البلداف
ا١تتقدمة ،ألهنا أصبحت أىم قوة وكل القرارات الرئيسية أصبحت متعلقة هبا ،لذلك ٬تب التقليل من
2
مسؤولياهتا ُب وضع األىداؼ وتنفيذىا.
أما "ىنري جودناو" Henry Goodnowوبعد دراستو ٟتالة "باكستاف" توصل إٔب أف
البَتوقراطية تشكل عائقا أماـ ٪تو ا١تؤسسات الدٯتقراطية باعتبار البَتوقراطيُت ٭تتلوف أماكن عليا نتيجة
جمليئهم بعد اإلداريُت االستعماريُت ،أي أف السلطة انتقلت من بَتوقراطي استعماري إٔب بَتوقراطي وطٍت
1
Fred Riggs, Bureaucrats and political development: a paradoxical view, in: Joseph
Laparambara (edit), Op.Cit.p127.
2
Joseph Laparambara, Op.Cit, p35.
116
خصوصا مع عدـ وجود قوى مضادة ٢تذا اٞتهاز ،وقد شكك ُب إمكانية انتقاؿ السلطة من حكومة
بَتوقراطية إٔب حكومة دٯتقراطية ،وإف كاف ذلك ٦تكنا فسيتم من خبلؿ النزاع حوؿ السلطة الذي بدوره
كما اعترب "لوسياف باي " Lucian Pyeالتوازف بُت اٞتهاز اإلداري والسياسي أكرب مشكلة تواجو
بناء أي أمة ،وأكد على أف تراجع فاعلية األحزاب السياسية والفاعلية اإلدارية ُب الدوؿ اٞتديدة يعيق
1
ٖتقيق التنمية السياسية.
وكخبلصة فإف ىذه اآلراء قد اتفقت على وجود عبلقة عكسية بُت الدٯتقراطية والبَتوقراطية ،باعتبار أف
البَتوقراطية تسمح جملموعة من ا١توظفُت ا١تؤىلُت من التحكم ُب اجملتمع وُب كافة اجملاالت ،وىو ما يتعارض
مع الدٯتقراطية اليت تدعم مشاركة اٞتميع ُب اٗتاذ القرار وإعطاء األولوية لؤلجهزة ا١تنتخبة ُب صياغة
السياسات العامة واالكتفاء بالدور التنفيذي والتنظيمي لؤلجهزة البَتوقراطية ُب إدارة الشؤوف العامة.
خالصة واستنتاجات:
تناولنا ُب ىذا الفصل مفهومي البَتوقراطية والتحوؿ الدٯتقراطي من الناحية النظرية وكذا طبيع العبلقة بُت
البَتوقراطية والدٯتقراطية وتوصلنا إٔب عدة نتائج نظرية أ٫تها صعوبة ٖتقيق إٚتاع حوؿ مفهوـ موحد
للبَتوقراطية الرتباطو بعدة علوـ كعلم االجتماع والسياسة واإلدارة وبالتإب تشابكو مع العديد من الظواىر
117
االجتماعية والسياسية أ٫تها ظاىرة ٦تارسة السلطة ،إضافة إٔب تركيز ٣تمل الدراسات اليت تناولتو على واقع
الدوؿ الغربية اليت قدمت ٪توذج نظري يتبلئم وخصائصها السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية،
وىي نفس النتيجة اليت توصلنا إليها ُب دراسة مفهوـ التحوؿ الدٯتقراطي حيث يصعب ٖتديد تعريف
جامع لكل خصائصو لكونو يرتبط ٔتفهوـ الدٯتقراطية اليت تعرؼ جدال واسعا حوؿ معناىا وأبعادىا.
أما عن العبلقة بُت البَتوقراطية والدٯتقراطية فتناولت الدراسة وجهيت نظر رئيسيتُت ُب ىذا ا١توضوع
حيث الرأي األوؿ الذي أ كد على أ٫تية التنظيم البَتوقراطي ُب اجملتمع ا١تعاصر ودوره ُب تفعيل ا١تمارسة
الدٯتقراطية وعلى رأسهم "ماكس فيرب" الذي دعا إٔب إ٬تاد الوسائل الضرورية للسيطرة على البَتوقراطية
لكوهنا عامبل ضروريا لتحقيق الدٯتقراطية ،والرأي الثاين الذي اعتربىا خطرا كبَتا على ا١تمارسة الدٯتقراطية
ونستنتج ُب األخَت أنو رغم تباين األطر النظرية اليت تناولت مفهومي البَتوقراطية والتحوؿ الدمقراطي
فإف ا١تطلوب ىو اختيار األنسب منها والذي ٯتكن من ٕتسيد واقع ا١تفهومُت ُب بيئة الدوؿ النامية عموما
118
الفصل الثاني:
تمهيد:
يعد السلوؾ اإلداري ٤تصلة القيم والتقاليد والثقافة اليت يفرزىا أي ٣تتمع ،والبَتوقراطية كتنظيم ال ٯتكن
أف تنفصل بتاتا عن بيئتها ا١تتواجدة فيها ،وعليو ال ٯتكن تفسَت سلوكيات اٞتهاز البَتوقراطي ُب اٞتزائر
119
بعيدا عن طبيعة النظاـ السياسي الذي ينشط فيو ،وكذلك ا١تؤشرات االقتصادية واالجتماعية والثقافية
ا١تكونة لبيئتو.
وعلى ىذا األساس ستتناوؿ الدراسة ُب ىذا الفصل ٣تموع العوامل السياسية واالقتصادية واالجتماعية
والثقافية احملددة لدور البَتوقراطية من خبلؿ ثبلث مباحث ،حيث سيخصص ا١تبحث األوؿ لدور العوامل
التارٮتية ٦تثلة ُب ا٠تصائص اليت ورثتها اإلدارة اٞتزائرية عن العهد العثماين واالستعمار الفرنسي ومرحلة
اٟتزب ا لواحد ،ويليو ا١تبحث الثاين الذي يركز على دور العوامل السياسية وبالتحديد شكل تنظيم السلطة
القائم على ٤تورية اٞتهاز التنفيذي وتأثَت ا١تؤسسة العسكرية ُب الشهد السياسي إضافة إٔب دور العوامل
اإلدارية ،أما ا١تبحث الثالث واألخَت فيتناوؿ تأثَت االقتصاد الريعي و٣تموع العوامل االجتماعية الثقافية ٦تثلة
ُب ا١تؤشرات االجتماعية كالسكاف والتعليم والبطالة وكذا ا٠تصائص الثقافية للمجتمع اٞتزائري.
إف اٟتديث عن واقع اإلدارة اٞتزائرية وسلوكها البَتوقراطي ُب ظل التعددية السياسية ال ٯتكن أف يتم
دوف الرجوع إٔب الفًتات التارٮتية السابقة ٢تذه ا١ترحلة ،واليت سا٫تت ُب بناء اٞتهاز البَتوقراطي اٞتزائري،
111
وكرست فيو ٣تموعة من ا٠تصوصيات والسلوكيات واليت تراكمت مع الزمن وانعكست على أدائو وعبلقاتو
إف ظهور العبلقة بُت اٞتزائر والدولة العثمانية جاء نتيجة ظروؼ تارٮتية جعلت من اٞتزائر والية من
الواليات العثمانية ،فنتيجة الحتبلؿ األسباف للعديد من ا١تدف الساحلية ( تنس ،وىراف ،دلسّ ،تاية…)،
ابتداء من 1505استنجد سكاف ا١تدف احملتلة باألخوين "خَت الدين بربروس" و"عروج" لطرد األسباف،
وُب سنة 1518طلب سكاف اٞتزائر اٟتماية العثمانية بصفة رٝتية فوافق السلطاف العثماين وعُت "خَت
1
الدين" حاكما عاما للببلد.
وكاف ٢تذه ا١تراحل دورا ُب تشكيل جهاز إداري ٭تمل خصوصيات كل مرحلة ،واليت تراكمت لتشكل ما
يسمى بالًتسبات اليت ال تزاؿ تبدو مبل٤تها ُب اإلدارة اٞتزائرية إٔب غاية اآلف.
1عن ظروؼ احتبلؿ األسباف للجزائر وتعيُت أوؿ حاكم تركي فيها ،انظر :مبارؾ ا١تيلي ،تاريخ الجزائر في القديم والحديث ،ج .3اٞتزائر:
مكتبة النهضة اٞتزائرية ،1964 ،ص ص.60 ،19
2المرجع نفسو ،ص ص.300-295
111
-دار السلطاف ،وىي ا١تناطق ا١توصولة مباشرة بالداي .تشتمل جغرافيا على ٜتس مدف ىي :اٞتزائر،
وقد كاف التقسيم اإلداري الًتكي مرنا٘ ،تيز ٔتحاولة التكيف حسب األحواؿ ا١تختلفة ،وقد فضل العثمانيوف
أسلوب اإلدارة ا١تباشرة فيما ٮتص ا١تنطقة التابعة لدار السلطاف1،واشتمل التنظيم السياسي ُب الفًتة
.2المستوى المركزي:
-الداي :رئيس الدولة والقائد العاـ للجيش ُب الببلد ،وُب العادة يتم انتخابو من طرؼ أعضاء الديواف
العإب.
-الديوانٔ :تثابة ٣تلس الوزراء حاليا والساعد األٯتن لرئيس الدولة كونو يضم الشخصيات ا١تقربة إليو واليت
يعتمد عليها ُب تنفيذ سياسة اٟتكومة اليت يقودىا الداي ،وىو يشرؼ على تسيَت شؤوف الدولة ُب ا١تسائل
112
-وكيل ا٠ترج :ا١تكلف بالشؤوف ا٠تارجية.
باإلضافة إٔب ىؤالء ،كاف ىناؾ موظفوف ساموف يقوموف بأعماؿ ٤تددة منهم:
.2المستوى المحلي:
113
-الباي :ىو ٔتثابة الوإب ويتصرؼ ُب إقليمو نيابة عن الداي ،وكاف يعترب من كبار موظفي الدولة ،وٮتتار
من بُت الشخصيات ا١ترموقة ُب اجملتمع اٞتزائري ،وكاف الباي يستعُت ٔتوظفُت ساميُت ُب إدارتو ،وىم:
ا٠تليفة ،قائد الدار ،آغا الدائرة ،الباشكاتب ،الباش سيار ،الباش سايس.
-األوطان :وىي وحدات إدارية موجودة بكل بايلك أو والية .وكانت الوحدة اإلدارية ُب ىذه األوطاف
ىي القبيلة ،واليت كانت ُب العادة ٖتت سلطة شيخ القبيلة الذي ٮتضع بدوره إٔب قائد من أصل تركي أو
وأىل ا١تخزف ىم رجاؿ اإلدارة واٟتكم من عسكريُت وموظفُت مدنيُت وأصحاب االمتيازات وكبار
ا١تبلكُت ،الذين تتشكل منهم الطبقة اٟتاكمة اليت تشتغل وتعيش على حساب اآلخرين الذين تتكوف منهم
-أصحاب االمتيازات الذين يشغلوف وظائف معينة تدر عليهم امتيازات معينة.
-ا١تخازنية :وتتؤب الدولة ٕتهيزىم بالسبلح وا١تركوب ،ويتمتعوف بإعفاء أراضيهم من
الضرائب.
1أبو القاسم سعد اهلل ،محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية االحتالل) .اٞتزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،1982 ،ص 55
2مبارؾ ا١تيلي ،مرجع سابق ،ص.292
114
-صنف آخر من ا١تخازنية ال يتمتع إال بامتيازات ضئيلة ،لكنو ٭تقق أرباحا ضخمة بوسائل
1
شرعية وغَت شرعية.
وعلى ىذا األساس وضع األتراؾ تقسيما إداريا يوجد ُب كل قسم منو أىل ا١تخزف والرعية.
2
الجدول رقم :22األقسام اإلدارية موزعة حسب األصناف والتقسيم اإلداري في العهد العثماني.
األتراؾ
-الطابع العسكري ،حيث ٘تتع البايات الذين شكلوا وسطاء بُت الشعب واإلدارة ا١تركزية بسلطة قوية إٔب
درجة أف ميزانياهتم فاقت ميزانية الداي ،وكاف الوسطاء ال ينحصروف فقط ُب البايات وإ٪تا يضاؼ إليهم:
115
الضباط ،القياد ،وا١توظفوف الساموف على كل ا١تستويات ،و٘تتع ا١توظفوف ُب النظاـ الًتكي باٞتزائر
1
بامتيازات كبَتة ،عززت من دورىم.
-إدارة ٤تافظة متمسكة بالتقاليد االجتماعية الدينية ،وتقوـ على نظاـ اجتماعي طبقي يبدأ بالعبيد
وينتهي بالوجق العثماين(األرستقراطي) مرورا بطبقة وسطى ٯتثلها عادة العبيد واٟتضريوف ،وىم غالبا سكاف
إضافة إٔب ىذه ا٠تصائص فإف ٤تاولة إقامة إدارة مركزية من طرؼ األتراؾ أدى إٔب سلوؾ سياسة أدت
ُب الواقع إٔب المركزية حرمت الدولة من موارد داخلية ىامة ،ألف قسما كبَتا من ا١توارد الداخلية كاف
يذىب إٔب صناديق الوسطاء بُت الشعب وبُت اإلدارة ا١تركزية إٔب درجة أف ميزانية باي قسنطينة أو باب
وىراف كانت تتجاوز ميزانية الداي 3،حيث كشفت احملفوظات والسجبلت اليت عثر عليها الفرنسيوف
بقسنطينة عاـ 1837ـ أف مداخيل الضرائب بلغت 940130بياسًتُ ،4ب حُت أف الكشوؼ اليت
وجدىا الفرنسيوف عند خوجة ا٠تيل عند احتبل٢تم للعاصمة دلت على أف مداخيل الضرائب إٔب خزينة
ٜ 1تيس السيد إٝتاعيل ،مرجع سابقٜ ،تيس السيد إٝتاعيل ،اإلدارة العامة والتنظيم اإلداري في الجمهورية الجزائرية ،دراسة نظرية
تطبيقية .اٞتزائر :جامعة اٞتزائر ،1975 ،ص.131
2أبو القاسم سعد اهلل ،مرجع سابق ،ص.55
3أمبارؾ ا١تيلي ،مرجع سابق ،ص.302
4البياستر ُب األصل نقد اسباين من الفضة قدره ٙتانية رياالت ،وقد بدأ تداولو ُب بداية القرف ،16قم استقر ُب التعامل التجاري مع بلداف
الشرؽ ،وقد أطلق اسم البياسًت على العملة الفضية الًتكية اليت تسمى القرش ،واليت ضربت ألوؿ مرة ُب عهد السلطاف سليماف الثاين
(.)1690-1687
116
الداي ٓب تتجاوز ُب نفس الفًتة 296000بياسًت .وأكد القنصل األمريكي باٞتزائر "شالر ويلياـ"
) (William Shalerعاـ 1822أف البايات ال يدفعوف للداي إال % 20من مداخيلهم.
إف الوسطاء على كل ا١تستويات كانوا يأخذوف نصيبا ألنفسهم من ٤تصوؿ الضرائب والزكوات مثل كبار
الضباط والق ياد وشيوخ القبائل وا١توظفوف الساموف ،وقد أدت ىذه الروح إٔب انتشار الرشوة ،خصوصا وأف
النظاـ الًتكي ٓب يكن يدفع ١توظفيو أجورا قارة بل كاف ٯتنحهم امتيازات عززت بدورىا روح الرشوة
1
والفساد.
إف عرض بنية النظاـ اإلداري للجزائر ُب ظل الفًتة العثمانية يربز بوضوح ما ٢تذه اٟتقبة من دور ُب تشكل
اٞتهاز اإلداري اٞتزائري ،ورسم معآب وٖتديد مكانة اٞتهاز البَتوقراطي فيو ،حيث إف ىذه ا١ترحلة عززت
تبٌت االستيطاف الفرنسي ُب اٞتزائر ٚتلة من األساليب لفرض إرادتو وضماف سيطرتو على اٞتزائريُت،
وىو ٓب يكتف فقط باألساليب القمعية ا١تباشرة من قتل وتعذيب وإبادة وهتجَت ،وإ٪تا اٗتذ لنفسو أيضا
أشكاال إدارية معينة ُب تسيَت شؤوف ا١تعمرين من جهة ،وضماف االستحواذ على الثروات اٞتزائرية وإخضاع
وعليو ،تشكل دراسة ىذه ا١ترحلة من تاريخ اإلدارة اٞتزائرية أ٫تية قصوى للبحث ،كوف اٞتهاز اإلداري
117
إف تأثَت النمط اإلداري الفرنسي ُب اإلدارة اٞتزائرية ٓب يكن أمرا اختياريا ،بل كاف ٤تتوما ومفروضا كما
فرض االستعمار .فبعدما قامت فرنسا بغزو اٞتزائر سنة 1830اٗتذت لنفسها ٣تموعة من النماذج
واألساليب لتسيَت اٟتياة السياسية واليت اتسمت بطابعها العسكري ومركزيها الشديدة مع بداية االحتبلؿ،
وكانت موجهة باألساس ٠تدمة الفرنسيُت وا١تستوطنُت ،رغم اإلجراءات اليت كاف يتخذىا االحتبلؿ
لقد عاشت اٞتزائر بُت العاـ 1830وٖ 1834تت حكم عسكري خالص ،حيث فرضت اإلدارة
االستعمارية إضافة إٔب اإلدارة الًتكية ،وأنشئت مكاتب الشؤوف العربية لتكوف ٔتثابة مكاتب اتصاؿ بُت
القيادة الفرنسية وا١تديرين اٞتزائريُت 1،حيث سعت اإلدارة العسكرية إٔب إعادة بناء اإلدارة الًتكية عن طريق
االحتفاظ با١تراكز واأللقاب ذاهتا وتأمُت ا١تزايا ا١تادية لرجاؿ القبائل ا١تتعاونُت الذين عملت على اٟتد من
السلطة الفعلية ١تساعديهم احملليُت ،وحولت وظائفهم إٔب ٣ترد ألقاب شرؼ ،أما أولئك الذين جرت
استعارهتم ليخدموا ُب األجهزة اإلدارية اإلشرافية (ا١تكاتب العربية) كمًتٚتُت و٤تررين و٤تاميُت إسبلميُت
فقد اكتسبوا أ٫تية اجتماعية أكرب ُب أعُت رجاؿ القبائل بسبب قدرهتم على الوصوؿ إٔب ا١تمسكُت
بالسلطة ،وضاعف من تقليص الوظائف القدٯتة لكل من األغا والقائد تعيُت أفراد من غَت األرستقراطيُت
2
لشغلها حينما ٘تردت القبائل ا١تدارة.
وابتداء من عاـ 1834أصبحت اٞتزائر رٝتيا ٖتت إدارة حاكم عاـ تعينو وزارة الدفاع الفرنسية ،وُب
18أفريل 1845قسم الببلد إٔب 03مناطق :مدنية و٥تتلطة وعربية ،حيث ا١تدنية يسكنها أغلبية أوربية
وا١تختلطة فيها أقلية أوربية ،أما العربية فضمت العرب فقط الذين كانوا ٖتت اٟتكم العسكري.
1مغنية األزرؽ ،نشوء الطبقات في الجزائر ،دراسة في االستعمار والتغيير االجتماعي – السياسي ،ترٝ .تَت كرـ .بَتوت :دار األْتاث
العربية .1980 ،ص.51 ،50
2المرجع نفسو ،ص.61
118
وُب الفًتة ا١تمتدة من 1830إٔب 1845مكانت اٞتزائر خاضعة لسيطرة وسلطة اٞتيش الفرنسي،
وابتداء من 15أفريل 1845صدر مرسوـ ملكي يقضي بإنشاء حكم مدين ُب ا١تناطق اليت توجد هبا
جاليات أوربية ،وتقرر ُب ىذه السنة إنشاء 03مقاطعات وىي اٞتزائر ووىراف وقسنطينة ،أي أف التنظيم
جاء لوضع السلطة بيد ا١تعمرين بدال من ضباط اٞتيش الذين رفضوا اقتساـ السلطة .وٓب يتغَت الوضع إال
ُب 1847حُت استقاؿ "بيجو روبَت" ) (Robert Bugeaudمن منصبو ،وتبلىا قياـ ثورة 1848
اليت ا٨تازت إٔب تكريس السلطة ا١تدنية ُب اٞتزائر ،وابتداء من 09ديسمرب 1848قررت اٟتكومة
الفرنسية تطبيق نفس النظاـ السياسي واإلداري ا١توجودين ُب فرنسا والذي استمر إٔب غاية 1962مع
أما بالنسبة للتنظيم اإلداري ُب كل عمالة فقد وجد ُب كل واحدة ٣تلس يتكوف من رئيس ا١تقاطعة
وثبلثة أعضاء مشاركُت ُب تنظيم ودراسة القرارات اليت ينبغي اٗتاذىا سواء ُب اجملاؿ االقتصادي أو
1
العمراين ،إٔب جانب وجود ٣تلس آخر منتخب ىو اجمللس العاـ الذي كاف ٔتثابة بر١تاف مصغر للمعمرين.
فيما بُت العامُت 1898و 1900اكتسبت اٞتزائر ا١تستعمرة صفة قانونية واستقبلال ذاتيا عاليا عن
طريق إقامة مفوضات مالية ،تتمتع بسلطة اإلنفاؽ من ا١تيزانية ،وطواؿ الفًتة ا١تمتدة من 1900إٔب
1962كانت اٞتزائر بصفة مستمرة ٖتت حكم مدين ،فيما عدا مرة وجيزة ُب العآب 1958حينما
2
حاوؿ العسكريوف بعد 04سنوات من بداية الثورة القياـ بعصياف مسلح ُب ٤تاولة إلبقاء اٞتزائر فرنسية.
وبعد مرور عقود من السيطرة الفرنسية على اٞتزائريُت ،ومع تزايد قوة اٟتركة الوطنية ُب الكفاح ٞتأت
فرنسا إٔب تبٍت نظاـ يسمح بإشراؾ اٞتزائريُت ُب السلطة ،وٕتسد ذلك من خبلؿ صدور قانوف سبتمرب
1947الذي تضمن الئحة التنظيم اإلداري للببلد ،ونص على اختصاصات اٟتاكم العاـ كصاحب
119
سلطة إدارية عسكرية وذو سلطة على ٚتيع ا١تصاّب ا١تدنية ماعدا مرفقي القضاء والتعليم التابعُت لوزارٌب
العدؿ والًتبية الفرنسية ،إضافة إٔب اختصاصات اجمللس اٞتزائري الذي ىو ٣تلس إداري ونيايب يتشكل عن
طريق االنتخابات ،وبعدد 120عضوا مناصفة بُت الفرنسيُت واٞتزائريُت ،والذي كاف يتمتع بسلطات
ىامة ُب كل القضايا غَت احملصورة بالرب١تاف الفرنسي ،حيث ٝتح لو بتوسيع القانوف الفرنسي ليطبق على
غَت أف ىذه االختصاصات كانت مقيدة بسلطة الوصاية اليت ٯتارسها اٟتاكم العاـ والسلطات العليا ُب
فرنسا ،إضافة إٔب أف اجمللس ٘تت السيطرة عليو كليا من طرؼ ا١تعمرين وا١تواليُت ٢تم من اٞتزائريُت٦ ،تا
أما عن التنظيم احمللي فنصت ا١تادة 53من قانوف 1947على أنو يتمثل ُب البلديات اليت قسمت
إٔب نوعُت:
-البلديات اليت تقطنها أغلبية أوروبية ،ويطبق عليها القانوف البلدي الفرنسي.
-البلديات ا١تختلطة اليت تشمل مناطق تواجد اٞتزائريُت ،ويطبق عليها قانوف 08فرباير ،1919يديرىا
باندالع الثورة التحريرية شهدت اٞتزائر تغيَتات ُب التنظيم اإلداري ،ففي 12أفريل ً 1956ب حل
اٞتمعية اٞتزائرية ونقل صبلحياهتا للحاكم العاـ ،و٘تثلت السلطة ا١تركزية ُب :مندوب حكومة اٞتزائر،
احملافظوف ونواهبم ،ورؤساء الشعب اإلدارية ا١تتخصصة وا١تدنية ،أما من ناحية التنظيم البلمركزي فقد استمر
1
العمل بنظاـ العماالت والبلديات.
1علي زغدور ،اإلدارة المركزية في الجمهورية الجزائرية .اٞتزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،1977 ،ص ص.37-31
121
أما االنتخابات فإهنا ٓب تعكس قط ا٠تيار اٟتر للشعب ،حيث ٘تيزت الفًتة االستعمارية ٔتصادرة إرادة
الشعب من طرؼ اإلدارة وكاف ا١تنتخبوف احملليوف أو على ا١تستوى الوطٍت باستثناء الوطنيُت يسموف ببني
1
وي وي ،ويعتربوف كخذاـ مطيعُت ومواليُت لئلدارة الفرنسية خبلؿ فًتة االحتبلؿ.
وعليو فإف كل أساليب التنظيم اإلداري اليت ًب تبنيها من طرؼ فرنسا كانت هبدؼ خدمة أغراضها
االستعمارية ،وىي أساليب قامت على وجود عبلقة عمودية قوامها وصاية مشددة من السلطة ا١تركزية.
حىت اندالع حرب التحرير كانت اإلدارة اٞتزائرية ذات طابع استعماري جلي ،وكاف دخوؿ اٞتزائريُت
إليها جد ٤تدود ،وكاف يقتصر على الوظائف التنفيذية والسفلى ،أما مهاـ التصور واٗتاذ القرار فاقتصرت
على األوربيُت وحدىم ،وٓب تكن اإلدارة ُب خدمة ا١تواطنُت بل ُب مراقبة السكاف األصليُت وإقامة العبلقات
2
مع القبائل وٚتع ا١تعلومات من أجل ضماف السيطرة الفرنسية ُب كامل أ٨تاء الببلد.
لقد ٧تحت فرنسا قبل إعبلف االستقبلؿ السياسي للجزائر ُب إقامة جهاز للمحافظة على مصاٟتها
والدفاع عنها ،وذلك بتنظيم وجودىا ُب ٥تتلف األجهزة اليت ستصبح ىي ا١تؤسسات اٞتديدة للجزائر،
3
والسيما ُب اٞتيش واإلدارة واالقتصاد والتعليم والتكوين.
كانت اٞتزائر ُب بداية حرب التحرير تدار بطريقة عرجاء ،فمن جهة كانت تتوفر على 325بلدية ٢تا
كامل صبلحيات التسيَت لتهتم بالسكاف األوربيُت وا١تقدر عددىم ٔتليوف نسمة ،ومن جهة أخرى كانت
اٞتزائر األخرى اليت يسكنها 9مبليُت نسمة الذين يسموف فرنسُت مسلمُت تدار بالوكالة ُب 48بلدية
1عبد اٟتميد ابراىيمي ،في أصل األزمة الجزائرية .2999-2958بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية ،2001 ،ص.62
2
المكان نفسو.
3المرجع نفسو ،ص.74
121
وُب نوفمرب 1954كاف السكاف ا١تسلموف ٯتثلوف 09أضعاؼ السكاف األوربيُت لكنهم ٓب يكونوا
يشكلوف ُب الوظيفة العمومية سوى %29من ا١توظفُت الذين كانوا ُب غالب األحياف ُب أسفل سلم
الوظيفة ،حيث من بُت 2500موظف ُب اٟتكومة العامة ٓب يوجد سوى 183مسلما معينُت ٓتاصة ُب
أما ُب ا١تهن اٟترة فلم يكن عدد ا١تسلمُت اٞتزائريُت كبَتا ،حيث ُب ً 1954ب إحصاء ٤ 161تاميا
و 152وكيل دعوى و 41كاتب عدؿ و 104طبيب و 185أستاذا ُب التعليم الثانوي ،وُب ىذا السياؽ
وبعد التطورات السياسية النإتة من التقدـ الذي سجلتو جبهة التحرير الوطٍت ُب ا١تيدافً ،ب التفكَت من
طرؼ إدارة االحتبلؿ ُب إصبلحات وإجراءات بُت عامي 1955و 1957هبدؼ إبعاد السكاف
اٞتزائريُت عن تأثَت اٞتبهة وذلك من خبلؿ ما ٝتي بالًتقية االجتماعية للفرنسيُت ا١تسلمُت ،لتنطلق منذ
العاـ 1959اٞتزأرة التدر٬تية لئلدارة االستعمارية واليت تعُت على القوة الثالثة أف تؤدي دورا أساسيا فيها
بعد االستقبلؿ.
وُب إطار الًتقية االجتماعية عرض "فرانسوا متَتوف" ) (François Mitterandالذي كاف وزيرا
للداخلية ُب 05جانفي 1955أماـ ٣تلس الوزراء برنا٣تا واسعا لئلصبلحات ،وًب إنشاء مدرسة للتكوين
اإلداري هتدؼ إٔب تسهيل حصوؿ ا١تسلمُت على مناصب مسؤولية ُب الوظيفة العمومية لضماف بقاء
اٞتزائر فرنسية.
وٓب تشمل زيادة فرص العمل بُت عامي 1955و 1958اٞتهاز اإلداري فقط بل كذلك النشاطات
غَت الفبلحية ( ٕتارة ،صناعة ،بناء) الناٚتة عن الًتقية االجتماعية اليت تندرج ُب ا١تسعى اإلداري للحكومة
الفرنسية إلبقاء اٞتزائر ُب وضعها االستعماري ،فتمت ُب الفًتة ما بُت 1959و 1961ترقية أكرب عدد
من اإلطارات ا١تسلمُت وذلك بتعزيز ىياكل التكوين األوٕب والتكوين ا١تهٍت والتعليم التقٍت والتكوين
122
ا١تتسارع ألكرب عدد من الشباب ا١تسلمُت ،وبا١توازاة مع ذلك عززت فرنسا ُب الوقت نفسو تكوين النخب
ذات ا١تستوى العإب للحصوؿ على إطارات من شأهنا أف تكوف قادرة ليس فقط على التكفل بتحقيق
1
أىداؼ ٥تطط قسنطينة بل أيضا التحكم ُب اٞتزائر غدا.
وقد ارتفع عدد العاملُت ُب القطاعات غَت الزراعية بُت عامي 1954ـ و1960ـ إٔب 361800وىو
ويبدو واضحا من خبلؿ اٞتدوؿ أعبله تفرد قطاع اإلدارة باٟتصة الكربى من مناصب العمل واليت بلغ
معطيات اٞتدوؿ تركيز اإلدارة الفرنسية على ترقية اٞتزائريُت ُب ا١تناصب اإلدارية إٔب الضعف با١تقارف مع
الكوادر األوربية ٦تا يدؿ على سعي االستعمار إٔب استبداؿ عدد أكرب من اإلطارات األوربية أو الفرنسية
123
ثالثا :الترسبات الكولونيالية في اإلدارة الجزائرية.
زيادة على ا١تنظومة ا١تؤسسية والقانونية اليت ورثتها الدولة اٞتزائرية ا١تستقلة من االستعمار الفرنسي ،فقد
استلهمت أيضا أسلوب اٟتكم و٪تط العبلقة باحملكومُت ،حيث حافظت على الرابطة اليت أقامها ا١تستعمر
با١تستعمر واليت وصفها "األيويب على بوشبلكة" ُب ٣تملها على أهنا عبلقة انفصالية وعمودية هتدؼ إٔب
احتواء اجملتمع وضبط حركتو بصورة فوقية ،فقد أوجدت السلطات االستعمارية مؤسسات للهيمنة مركزة ُب
وٓب يكتف احملتل ّتلب أدواتو العنيفة والبَتوقراطية بل كرس ٣تهودات معتربة الجتثاث السكاف احملليُت
وتفكيك أواصر الًتابط بُت اٞتزائريُت ،وقد ٧تح ُب تدمَت الدولة التقليدية وإقامة بٌت وىياكل حديثة ورثتها
النخب بعد االستقبلؿ ،واليت كرست ٝتة االنقساـ بُت اإلدارات العامة وا١تشاركة الشعبية وبُت ا١تؤسسات
1
الرٝتية والبٌت ا١تدنية.
لقد أثرت التجربة الكولونيالية ُب البنية االقتصادية واالجتماعية للجزائر ا١تستقلة ،حيث اعترب "بن أشنهو"
أف السياسة االستعمارية أنتجت ثبلثة ٥تلفات اقتصادية أثرت على اٞتزائر ا١تستقلة ،وىي:
-اقتصاد ذو انتاج خارجي مع فرض مستوى منخفض جدا إلنتاجية العمل االجتماعي الداخلي ،حيث
٪-توذج استهبلكي استوطن مع حلوؿ ا١تعمرين األوربيُت ،وىو ذو طابع غريب اكتسبو الفرد اٞتزائري الذي
٤ 1تمد حليم ١تاـ ،الفساد النسقي والدولة السلطوية ،حالة الجزائر منذ االستقالل .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية،2017 ،
ص.109-107
124
-جهاز إداري ضخم أقامتو فرنسا وًب توسيعو خبلؿ من خبلؿ مشروع قسنطينة ،1962-1958وىذا
1
ما أفرز مركزية وبَتوقراطية شديدة ُب ا١تدف مع ترؾ األرياؼ تعيش حالة نقص كبَتة.
إف كل السياسات اليت تبنتها فرنسا ُب اٞتزائر ىدفت باألساس إٔب إدماج اٞتزائر إداريا ،وقد كاف ٢تا
-من ناحية القوانُت ،والبناء اإلداري :فالنموذج اإلداري الفرنسي كاف حاضرا بعد االستقبلؿ هبيئاتو
وترسانتو القانونية ،والفراغ الذي تركتو فرنسا بعد رحيلها اضطر اٟتكومة واٞتمعية الوطنية التأسيسية بعد
1962إٔب اإلبقاء على التشريعات الفرنسية إٔب غاية صدور أوامر جديدة مع إلغاء تلك ا١تنافية للسيادة
الوطنية.
-من ناحية النخبة اإلدارية :إف من أىم ما أنتج االستعمار ُب اٞتزائر ُب إطار تكوينو لوسطاء بُت اإلدارة
االستعماري ة واجملتمع اٞتزائري ىو النخبة ا١تتفرنسة اليت تشكلت من أبناء األعياف وصغار ا١توظفُت اٞتزائريُت
وقلة من أصحاب ا١تهن اٟترة من االرستقراطيُت والربجوازيُت 2،وشكل رحيل الفرنسيُت وتركهم لوظائفهم
فرصة ٢تذه النخبة لتسيطر على اإلدارة ،باعتبارىا تتمتع ٔتستوى تعليمي ٯتكنها من التسيَت اإلداري وُب
كافة اجملاالت.
بعد إعبلف االستقبلؿ تبنت الدولة اٞتزائرية نظاـ اٟتزب الواحد ُب اٟتكم ،وسعت إٔب بناء دولة
اشًتاكية قوامها الدٯتقراطية والعدالة االجتماعية ُب ظل جهاز إداري موروث من االستعمار الفرنسي ،ىذا
اٞتهاز الذي ازداد نفوذا بعد تبٍت النخبة اٟتاكمة سياسة الًتكيز على تقوية جهاز الدولة.
125
أوال :تكريس أولوية الدولة على الحزب (نمو البيروقراطية).
كاف اٟتزب الواحد من الناحية الدستورية ىو اٟتزب الوحيد صانع الدولة وا١تشرؼ عليها ،واقًتف ذلك
بسببُت:
-سبب عملي أوجبتو عملية البناء والتنمية واليت تطلبت توحيد االٕتاىات وتعبئة الشعب إٔب جانب قيادة
الثورة.
1
وعلى ىذا األساس جاءت النصوص الدستورية وا١تواثيق الوطنية لتؤكد ىذه ا١تكانة للحزب.
عرؼ النظاـ األحادي ُب اٞتزائر ُب مرحلتو األؤب ا١تمتدة من 1962إٔب 1965إصدار دستور
1963وميثاؽ 1964اللذاف أكدا على األحادية واالشًتاكية ُب اٟتكم ،وشكل حزب جبهة التحرير
الوطٍت الذي كاف ميبلده ُب األوؿ من نوفمرب 1954كجبهة ٖتالفت فيها كل التيارات ١تواجهة
االستعمار الفرنسي وبعد االستقبلؿ كوسيلة أساسية لتحقيق طموحات الشعب مركز الثقل ٟتكم "بن بلة"
2
ُب ٦تارسة نفوذه ُب اٟتياة السياسية مقابل قوة اٞتيش.
ىذه التيارات سواء العسكرية منها أو السياسية تصارعت حوؿ السلطة مباشرة بعد إعبلف االستقبلؿ
وانتهت الصراعات باعتبلء بن بلو للسلطة ،وذلك بعد صدور برنامج طرابلس عاـ 1962ـ الذي صادؽ
3
عليو اجمللس الوطٍت للثورة كميثاؽ يتبٌت األحادية السياسية والنهج االشًتاكي.
ٜ 1تيس حزاـ وإب ،إشكالية الشرعية في األنظمة السياسية العربية .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية ،2003 ،ص.130
2سعيد بوالشعَت ،النظام السياسي الجزائري .اٞتزائر :دار ا٢تدى ،ط ،1993 ،2ص.94
3
إٝتاعيل قَتة وآخروف ،مرجع سابق ،ص ص.94 ،93.
126
نص الدستور 1963على أف جبهة التحرير الوطٍت ىي حزب الطليعة الوحيد ُب اٞتزائر ،1وىي اليت
ٖتدد سياسة األمة وتوحي بعمل الدولة وتراقب عمل اجمللس الوطٍت واٟتكومة 2،كما اعترب ذات الدستور
أف ىدؼ اٞتبهة ىو إ٧تاز أىداؼ الثورة الدٯتقراطية الشعبية وتشيد االشًتاكية ُب اٞتزائر 3،كما منحت
4
للحزب الواحد اختصاص الًتشيح للعضوية ُب اجمللس الوطٍت ورئاسة اٞتمهورية.
ٓب ٭تد دستور وميثاؽ 1976عن ما نص عليو دستور 1963من حيث إعطاء مكانة مهمة ٟتزب
جبهة التحرير الوطٍت ،حث أكد ا١تيثاؽ الوطٍت على أف حزب جبهة التحرير الوطٍت وىو حزب طبلئعي
وأف مؤ٘تره يعد ا٢تيئة العليا للحزب يصادؽ على قوانُت اٟتزب األساسية ويضبط التوجيهات اإليديولوجية
ويرسم السياسة العامة للثورة و٭تدد األىداؼ اليت ٬تب ٖتقيقها وينتخب قيادة اٟتزب ويعمق ا١تفاىيم
والتوجيهات الواردة ُب ا١تيثاؽ الوطٍت ،وا١تبلحظ ىو قلة الوسائل اليت منحت للحزب للقياـ ٔتهامو حيث
5
نص ا١تيثاؽ على الفصل بُت الدولة واٟتزب غَت أنو ٓب ٭تدد كيف يكوف ذلك.
أما دستور 1976فنص على أف جبهة التحرير الوطٍت ىي اٟتزب الواحد ُب الببلد 6،وىي القوة
الطبلئعية لقيادة الشعب وتنظيمو من أجل ٕتسيد أىداؼ الثورة االشًتاكية 7،كما نص ذات الدستور على
127
وقد فصل ذات الدستور بُت أجهزة الدولة وأجهزة اٟتزب ،حيث نص على أنو تعمل أجهزة اٟتزب
وأجهزة الدولة ُب إطارين منفصلُت وبوسائل ٥تتلفة من أجل ٖتقيق أىداؼ واحدة ،وال ٯتكن أف تتداخل
اختصاصات كل منهما أو ٗتتلط ببعضها ،حيث أف التنظيم السياسي للببلد يقوـ على التكامل ُب ا١تهاـ
على الرغم من كل ٤تاوالت التوثيق الدستورية واٟتزبية الداعية إٔب تكريس حقيقة األخذ بنظاـ اٟتزب
الواحد كحزب طبلئعي يقود الببلد ُب مرحلة بناء الثورة االشًتاكية إال أف دوره ظل ٤تدودا ُب الواقع ٔتا
2
يقرره رئيس اٞتمهورية ٖتويلو إٔب أداة لتحقيق التعبئة الشاملة.
لقد شهد عصر الرئيساف ىواري بومدين وبن بلة تفوقا لدور الدولة على حساب بروز جبهة التحرير
الوطٍت كحزب طليعي ،كما أف النظاـ حرص على إبقائها كإطار يستمد منو الشرعية دوف دوف ٘تكينها من
٦تارسة السلطة الفعلية ُب إدا رة اٟتياة السياسية ،وقد عرؼ حكمهما من ناحية ا١تمارسة السياسية تفوقا
لدور الدولة على حساب جبهة التحرير الوطٍت ،حيث أبعد عن ا١تيداف السياسي بإلغاء تنظيماتو ا١تركزية
اليت أقرت ُب دستور 1963وميثاؽ ( 1964اللجنة ا١تركزية وا١تكتب السياسي واألمُت العاـ) ،وسحب
منو دوره لصاّب رئيس اٞتمهورية الذي ىو أمينو العاـ ورئيس اٟتكومة ُب الوقت نفسو ،كما عوض ا١تكتب
أما مع ٣تيئ نظاـ الرئيس بن جديد فقد عادت اٟتياة ألجهزة اٟتزب خصوصا بعد ظهور ا١تادة 120
اليت أصبح مسَتو الدولة ٔتوجبها أعضاء ُب اإلدارة ا١تركزية للحزب ،وأصبحت للجنة ا١تركزية مكانا الختبار
3
بعض القادة لتقلد ا١تناصب اٟتكومية والرب١تانية.
128
إف اىتماـ السلطة ببناء دولة قوية من القاعدة ساىم بقدر كبَت ُب تكوين طبقة بَتوقراطية قوية عملت
على إضعاؼ اٟتزب الذي بقي مبعدا عن ٦تارسة السلطة ،حيث اقتصر ٣تلس الثورة منذ 1965على
إسناد وظيفة شكلية للحزب تنحصر ُب تقدًن القوائم االنتخابية واإلشراؼ على بعض اٟتمبلت بالشرح
1
والتوعية.
وكاف اٟتزب ٦تنوعا من التدخل من التدخل ُب ٣تاؿ اإلدارة ،كما أف إسناد مراكز اٟتل والعقد أفقد
من اضلي اٟتزب حيوية النضاؿ لكثرة ا١تهاـ ا١تسندة ٢تم ُب الدولة (٘تثيل الدولة خاصة ُب السلطة التنفيذية)
فبالنسبة لعملية الًتشيح فاٟتزب ال يقوـ هبا منفصبل وال ينفرد هبا بل اإلدارة تشاركو ُب تلك العملية
بطريقة مباشرة وغَت مباشرة المتبلكها لوحدىا ا١تعلومات اليت تؤثر ُب قرار اٟتزب (األمن ،الدرؾ ،اٞتيش)،
كما تشارؾ على مستوى احملافظة ُب دراسة ملفات ا١تًتشحُت (الوإب ،قائد القطاع العسكري) ،وعلى
2
ا١تستوى الوطٍت الوزراء.
إف االنتماء إٔب اٟتزب اٟتاكم كشرط لبلنتماء إٔب اإلدارة ٓب يكن مفروضا ُب اٞتزائر إال على مستوى
اجملالس احمللية وٖتقيق الوحدة العضوية بُت اٟتزب والدولة حدد مهامو ُب ا١تراقبة والتوجيو بدال من التسيَت،
فقد كاف يشارؾ األمُت التنفيذي للحزب ُب جلسات ٣تلس الوزراء ويشارؾ اٟتزب أيضا ب 15عضوا
من بُت 177عضوا ُب اجمللس االقتصادي واالجتماعي الذي كاف ٔتثابة جهاز استشاري أنشئ من طرؼ
نظاـ "ىواري بومدين" ،كما كاف لو حق النظر ُب التعيينات للوظائف العليا وا١تشاركة بثبلثة أعضاء ُب
129
اجمللس األعلى للقضاء من بُت عشرة أعضاء ،وتبقى عدـ مشاركتو ُب وضع مشروع الثورة الزراعية 1971
1
أكرب دليل على هتميشو مقابل تقوية اإلدارة.
إف النظاـ السياسي ُب اٞتزائر عمل على ٖتييد دور اٟتزب والعمل على تقوية اإلدارة ،وكاف ضعف
اٟتزب أىم العوامل اليت زادت من قوة اإلدارة ومرد ذلك ىو تركيبة حزب جبهة التحرير الوطنية اليت حددىا
برنامج طرابلس ُب فئة الفبلحُت الفقراء والربوليتاريا وأصحاب اٟترؼ وا١توظفوف والتجار الصغار،
2
والربجوازية الصغَتة.
كما أف نقص العناصر الواعية وا١تثقفة يرجع إٔب ا١تتغَتات اٞتديدة بعد 19جواف ،1965فلم يكن
معظم أعضاء ٣تلس الثورة يدركوف أف ٕتنيد اٞتماىَت وتعبئتها يستحيبلف بدوف حزب قوي ٔتناضليو ُب
٥تتلف اجملاالت ،لذلك ظهرت فكرة بناء اإلدارة على حساب اٟتزب 3،وقد جاء ُب تقرير لؤلمانة العامة
الدائمة للجنة ا١تركزية للحزب أف عدد ا١تناضلُت ا١تهيكلُت حوإب 180000مناضل سنة ،1981وٯتثل
4
%46نسبة ا١تتعلمُت فيهم ،واف ¾ من ىذا العدد ذوي مستوى ابتدائي.
وإذا كاف اٟتزب يتطلع إٔب أف يصبح رمزا للوحدة الوطنية باكتسابو الشرعية فإف دوره كاف ضعيفا وىذا ما
أكده بومدين عاـ 1965حينما قاؿ " :ىل كاف اٟتزب موجودا؟ بكل أسف ٓب يكن لو وجود إال على
1
Mohamed Tahar Bensaada, le régime politique Algérien. Alger: entreprise nationale
du livre, 1992, pp 59-61.
2
Proget de programme pour la réalisation de la révolution démocratique
populaire (Adoptée à l'unanimité par le C. N. R.A. à Tripoli en Juin 1962), dans :
http://www. Ratoulmed. Jeera.com/ mouatamartarabouls.htm. (15/06/2014).
٤ 3تمد العريب الزبَتي ،المؤامرة الكبرى أو إجهاض الثورة .اٞتزائر :ا١تؤسسة اٞتزائرية للطباعة ،1989 ،ص.51
4عامر رخيلة ،التطور السياسي والتنظيمي لحزب جبهة التحرير الوطني 2982-2962اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية،1993 ،
ص.310
131
الورؽ ،وُب البلفتات ا١تعلقة على ا١تنابر ،وال شيئ آخر" ،و٢تذا فهو حزب يضم ا١تناضلُت فحسب وذلك
1
ٓتبلؼ الدولة اليت ىي دولة كل ا١تواطنُت ببل استثناء.
إف اىتماـ السلطة ُب عهد ىواري بومدين ببناء دولة قوية من القاعدة ساىم بقدر كبَت ُب تكوين طبقة
برجوازية وبَتوقراطية قوية عملت على إضعاؼ اٟتزب ،وأصبحت ىذه القوى ىي اليت تقود نشاط الشعب
والدولة ،وىكذا كاف دور اٟتزب الواحد من الناحية العملية السيما على صعيد ا١تشاركة السياسية أقرب إٔب
مفهوـ التعبئة منو إٔب ا١تشاركة كمبدأ أساسي وكإجراء نظامي وكجوىر للمفهوـ الدٯتقراطي للممارسة
2
السياسية.
وعليو فإف قوة اإل دارة ُب ا١ترحلة األحادية على حساب اٟتزب الواحد تكرس كأسلوب حكم انعكس
سلبا على األحزاب السياسية ُب ا١ترحلة التعددية خاصة ُب ظل استمرار فكرة تقديس الدولة كجهاز على
على رغم رحيل 900ألف أوريب من اٞتزائر مباشرة بعد االستقبلؿ فقد ًب اإلبقاء على اٞتهاز اإلداري
االستعماري وفق ما تنص عليو اتفاقيات افياف ،حيث ٓب ٕتر أية إصبلحات أو تغيَتات ُب البٌت أو
األجهزة اليت كانت معدة ُب األساس لقمع اٞتماىَت ،على العكس ٘تاما فقد بقي اٟتضور الفرنسي مهما
ُب ىذا النظاـ ا١توروث عن االستعمار على مستوى إطارات الوظيفة العمومية 3،فقد نصت ا١تادة 01من
اتفاقيات إفياف ُب ا١تبادئ ا٠تاصة بالتعاوف الفٍت أف فرنسا تتعهد بتقدًن مساعداهتا الفنية ومن بينها وضع
أعضاء فرنسي ُت ٖتت تصرؼ اٞتزائر ُب حدود إمكانياهتا لتقدًن ا١تعونة ُب اجملالُت الفٍت واإلداري ،حيث
131
جاء فيها ":إف الوجود الفرنسي سيبقى من خبلؿ كوادر مؤىلة وعن طريق التعاوف التقٍت وبعثات الدراسة
وا١تعلومات العلمية وا١توظفُت اليت تلتزـ فرنسا ُب تقدٯتها للجزائر" 1وقد وصل عدد ا١توظفُت ا١تدنيُت
اٞتزائريُت من ُ 36518ب عاـ 1959إٔب 18638علم ،1969وُب خط موازي ٢تذه الزيادة ُب عدد
ا١توظفُت ا١تدنيُت اٞتزائريُت تناقص عدد ا١توظفُت الفرنسيُت ٔتقدار 6539موظفا ،ومع ذلك فإف عملية "
2
تصفية االستعمار" ُب البنية البَتوقراطية اٞتزائرية كانت جزئية فحسب.
3
الجدول رقم :23تركيبة الجهاز اإلداري الجزائري عام .1962
ويظهر التواجد الفرنسي بوضوح ُب اٞتهاز اإلداري مع استقبلؿ اٞتزائر من خبلؿ اٞتدوؿ حيث أف
عدد اإلطارات اٞتزائرية ا١تتخرجة من ا١تدارس الفرنسية قد بلغ 22182إطار ٔتا نسبتو %31من إطارات
اٞتهاز اإلداري ٔتا ٣تموعو 35911إطار ،أي بنسبة %51عند ضمو مع عدد اإلطارات الفرنسية اليت
1بن يوسف بن خدة ،بن يوسف بن خدة ،اتفاقيات إيفيان نهاية حرب التحرير في الجزائر ،تعريب ٟتسن زغدار و٤تل العُت جبائلي.
اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية ،1987 ،ص.119
2مغنية األزرؽ ،مرجع سابق ،ص.184
3عبد اٟتميد ابراىيمي ،مرجع سابق ،ص .67
132
كما يبدو من خبلؿ اٞتدوؿ أدناه ا٠تاص بفئات التأطَت ُب الوظيفة العمومية أف نسبة اإلطارات
الفرنسية ىي اليت استولت على أكرب عدد من ا١تناصب خاصة منها القيادية من فئة اإلعداد واٗتاذ القرار
وإطارات التسيَت ،حيث بلغت نسبة الفرنسيُت %39من نسبة %43من إطارات اإلعداد ونسبة
%43من نسبة %77من إطارات التسيَت مقابل ازدياد عدد اإلطارات من جبهة التحرير الوطٍت ُب
الفئات الدنيا اليت شكل فيها الفرنسيوف نسبة ضئيلة جدا قدرت ب .%03
وطبعا ىذا التفاوت ُب توٕب ا١تناصب القيادية لصاّب اإلطارات الفرنسية ىو الذي سيصنع الفارؽ فيما
بعد ُب صناعة القرار ورسم دور اٞتهاز اإلداري ُب ظل الدولة اٞتزائرية ا١تستقلة.
إف اٞتزائر عندما حصلت على االستقبلؿ كاف عدد ا١تستخدمُت وا١تساعدين أقل من ،30000
وحينما وجدت اٟتكومة الوطنية اٞتديدة نفسها فيما يشبو فراغا قانونيا ومؤسساتيا فإهنا مددت صبلحية
نفاذ القوانُت الفرنسيةػ حيث أصدرت حوإب 35000قانوف من التشريعات الفرنسية حىت أواسط
الثمانينات ووسعت التعليم بأقصى درجة فارتفع عدد طبلب التعليم العإب إٔب 1000طالب يتدربوف ُب
133
و 5000منهم ُب اجملاؿ اإلداري ا١تهٍت .و٪تى بذلك عدد البَتوقراطيُت ْتوإب ُ % 30ب السنة خبلؿ
وْتلوؿ أواخر الثمانينيات كانت اٟتكومة اٞتزائرية تضم حوإب 26وزارة وحوإب 39مؤسسة عمومية،
وكانت تشغل ما يزيد عن 80000موظف ،أي حوإب % 04من السكاف ،وما يقرب %20من
إٚتإب القوى العاملة ،أما أجور ورواتب ىؤالء ا١توظفُت فقد مثلت ُب أوائل التسعينيات نسبة %52من
1
إٚتإب النفقات اٞتارية.
وكخبلصة فقد ٧تحت فرنسا قبل إعبلف االستقبلؿ السياسي للجزائر ُب إقامة جهاز للمحافظة على
مصاٟتها والدفاع عنها ،وذلك بتنظيم وجودىا ُب ٥تتلف األجهزة اليت ستصبح ىي ا١تؤسسات اٞتديدة
لقد كانت الدولة اٞتديدة ا١تستقلة تبٌت ٔتساندة البَتوقراطية ا١تدنية اليت تنبثق من مصادر ٥تتلفة ،ولكنها
2
تتبلقى من حيث التكوين وا١تصاّب ،وىذه ا١تصادر ىي:
-اٞتهاز اإلداري وتأطَته ا١توروث من العهد االستعماري (الًتقية االجتماعية للجزائريُت بُت 1965
و)1962
-إدماج آالؼ من ا١توظفُت اٞتزائريُت ذووا التكوين الفرنسي العاملُت ُب تونس وخصوصا ُب ا١تغرب ُب
-اٞتهاز اإلداري للحكومة ا١تؤقتة الذي مر جزء منو عرب ا٢تيئة التنفيذية ا١تؤقتة.
1نزيو األيويب ،تضخيم الدولة العربية ،السياسة والمجتمع في الشرق األوسط ،تر .أ٣تد حسُت .بَتوت :ا١تنظمة العربية للًتٚتة،
2010ص ص.604 ،603
2المرجع نفسو ،ص.92
134
وىكذا منذ عاـ ٕ 1962تمعت كل ا١تكونات اليت ستؤدي إٔب مواجهات ثقافية وسياسية ستربز ُب
يلعب النظاـ السياسي دورا بارزا ُب تشكيل خصائص اٞتهاز اإلداري الذي يعتمد عليو ُب تنفيذ
السياسات العامة اليت يتبناىا على كافة األصعدة ،وىذا الدور يرتبط عادة بطبيعة النظاـ السياسي من
حيث بنائو الدستوري وواقع العبلقات بُت مؤسساتو وكذا طبيعة األسلوب ا١تتبٌت ُب تنظيم اٞتهاز اإلداري.
وانطبلقا من ىذا االعتماد ا١تتبادؿ ُب التفاعل بُت النسق السياسي والنسق اإلداري فإف دراسة أدوار أي
جهاز إداري ال ٯتكن أف تكوف ٔتنأى عن احملددات السياسية واإلدارية احمليطة بو.
يعد تطبيق مبدأ الفصل بُت السلطات من أىم آليات ضماف ا١تمارسة الشفافة والدٯتقراطية للحكم،
لكونو يضمن عدـ التسلط ُب ا١تمارسة السياسية والتعاوف والرقابة بُت ا١تؤسسات ُب صياغة السياسات
العامة ُب الدولة ،وقد وجد ىذا ا١تبدأ صعوبة بالغة ُب تطبيقو ُب دوؿ العآب الثالث اليت أفرزت ٕتارهبا
السياسية بعد االستعمار ميبل صارخا ٨تو االعتماد على زعامة القائد الذي يوحد اٞتهود ٨تو بناء األمة،
عرفت اٞتزائر كمعظم دوؿ العآب الثالث منذ االستقبلؿ ىيمنة واسعة للسلطة التنفيذية على حساب
السلطة التشريعية ُب ظل القوة وا١تكانة اليت احتلها رئيس اٞتمهورية وال يزاؿ ،وٯتكن التماس ىذه القوة من
خبلؿ التطرؽ إٔب أىم مظاىر ىيمنة ا١تؤسسة التنفيذية مقابل أسباب ضعف ا٢تيئة التشريعية.
135
فأٛتد بن بلة سعى إٔب التفرد بالسلطة حيث جاء ُب ا١تادة 39من دستور 1963بأف السلطة
التنفيذية تستند إٔب رئيس الدولة الذي ٮتولو الدستور صبلحيات واسعة ،وأيضا مشاركة اجمللس الوطٍت ُب
التشريع حسب ا١تادة رقم ٦ ،58تا ساعد على تركيز السلطة ُب يد رئيس اٞتمهورية وتشخيصها ُب
أما الرئيس ىواري بومدين فقد أخذ مفهوـ الدولة ُب عهده معٌت جديدا ،فقد شكلت الدولة لديو
مفهوـ السلطة والنظاـ ووحدة الشعب ،ولقد سادت ُب مرحلة حكمو ظاىرة التفرد بالسلطة ،إذ أعاد تركيز
السلطة ُب يده وأصبح فيما بعد رئيسا جمللس الثورة ورئيسا للسلطة التنفيذية وأمينا للحزب ووزيرا للدفاع
وقائدا عاما للقوات ا١تسلحة وذلك ما كرسو دستور ،1976وعليو فإف سلطات الرئيس بومدين تعدت
1
بكثَت سلطات بن بلة.
وعليو يبلحظ أف دستور 1976جعل من مؤسسة الرئاسة أقوى مؤسسات الدولة ُب ىذه ا١ترحلة ،واليت
وصفها مصطفى ا٢تميسي ٔترحلة ا١تركزة الكلية اليت سعى فيها الرئيس بومدين إٔب بناء الدولة من خبلؿ
2
التأسيس للعبلقة بُت ٥تتلف األجهزة أو تأسيس الدولة اٞتهاز.
وبالنسبة لدستور 1989الدستور فقد حافظ ىو اآلخر على مركزية ومكانة رئيس اٞتمهورية رغم
٤تاولة التقليص من تلك ا١تكانة لصاّب اجمللس الشعيب الوطٍت ورئيس اٟتكومة ،وبقيت صيغة النظاـ شبو
الرئاسي ىي الصيغة القائمة ُب ظل استبعاد صيغيت النظاـ الرب١تاين والرئاسي ،وظهرت مكانة رئيس
3
اٞتمهورية من خبلؿ طريقة اقًتاعو مباشرة مع امتبلكو لسطات واسعة.
136
وباستثناء ا١ترحلة األمنية العصيبة اليت عاشتها اٞتزائر بعد توقيف ا١تسار االنتخايب واليت عرفت تشكيل
ىيئات لتسيَت ا١ترحلة ا١تؤقتة واليت كاف أ٫تها اجمللس األعلى للدولة وبعد انتخاب اليامُت زرواؿ رئيسا
للجمهورية بعد إدارتو للمرحلة االنتقالية ،عرفت ا١ترحلة التعددية تعديبل دستوريا ُب ،1996وكذا ُب
2002و ،2008ومارس ،2016وأىم ما ميز ىذه التعديبلت ىو ٤تافظتها على ا١تكانة ا١تهمة واحملورية
٭تظى رئيس اٞتمهورية ٔتكانة مهمة خصتو هبا كل دساتَت اٞتزائر منذ االستقبلؿ إٔب اليوـ ،وآخرىا
التعديل الدستوري لعاـ 1،2016الذي كرس ٤تورية السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس اٞتمهورية.
فقد نصت ا١تادة 84من دستور 2016على أف رئيس اٞتمهورية ُب اٞتزائر ٬تسد الدولة داخل الببلد
وخارجها و٬تسد لوحدة األمة ولو أف ٮتاطبها مباشرة ،وىذا ما يعرب عن ا١تكانة ا١تهمة اليت خصت بو
دساتَت اٞتزائر رئيس اٞتمهورية ،إضافة إٔب طريقة انتخابو اليت ٘تنحو شرعية شعبية إضافة إٔب شرعيتو
الدستورية حيث ينتخب حسب ا١تادة 85عن طريق عن طريق االقًتاع العاـ السري وا١تباشر.
يتمتع رئيس اٞتمهورية ُب اٞتزائر بصبلحيات واسعة وردت أغلبها ُب ا١تادتُت 91و 92من التعديل
الدستوري ،2016فهو القائد األعلى للقوات ا١تسلح ويتؤب مسؤولية الدفاع ،كما أنو يقرر السياسة
ا٠تارجية لؤلمة وٯتتلك أيضا سلطة تعيُت الوزير األوؿ إضافة إٔب الوظائف ا١تدنية والعسكرية والتعيينات ُب
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 22-26المتضمن التعديل الدستوري ،اٞتريدة الرٝتية عدد ،14الصادرة ُب 07مارس
.2016
137
٣تلس الوزراء وكذا رئيس احملكمة العليا ورئيس ٣تلس الدولة واألمُت العاـ للحكومة و٤تافظ بنك اٞتزائر
والقضاة ومسؤولو أجهزة األمن والوالة وكذا سفراء اٞتمهوريات وأعضاء اٟتكومة ،وىذه الصبلحيات تتعلق
كما ٯتتلك رئيس اٞتمهورية ٣تموعة من اآلليات والوسائل اليت ٘تنحو سلطة على ا٢تيئة التشريعية وٕتعلو
يشاركها اختصاصاهتا ويؤثر فيها ،فحسب دستور 2016لرئيس اٞتمهورية وفق نص ا١تادة 107سلطة
التشريع بأوامر إٔب جانب الرب١تاف ُب ا١تسائل العاجلة وُب حالة شغور اجمللس الشعيب الوطٍت أو خبلؿ
العطل الرب١تانية أي بن بُت دورٌب الرب١تاف ،إضافة إٔب التشريع بأوامر ُب اٟتالة االستثنائية ،كما نصت ا١تادة
108على حق رئيس اٞتمهورية ُب ا١تبادرة بالتعديل الدستوري وعرضو على االستفتاء بعد تصويت الرب١تاف
عليو ،مع إمكانية حل اجمللس الشعيب الوطٍت وإجراء انتخابات ُب أجل أقصاه 3أشهر وفق ما نصت عليو
ا١تادة .147
كما يصدر رئيس اٞتمهورية القانوف ُب أجل 30يوما ولو حق االعًتاض عليو وطلب إجراء مداولة
ثانية ُب غضوف 30يوما ا١توالية إلقراره 1،إضافة إٔب إصداره ١تشروع قانوف ا١تالية بأمر ُب حالة عدـ مصادقة
الرب١تاف عليو ُب مدة أقصاىا 75يوما من تاريخ إيداعو 2،ولرئيس اٞتمهورية أيضا حق إحالة القوانُت على
اجمللس الدستوري حيث ٮتطر رئيس اٞتمهورية اجمللس الدستوري إلبداء رأيو ُب دستورية القوانُت العضوية
3
بعد أف يصادؽ عليها الرب١تاف.
كما يتم تعيُت ثلث أعضاء ٣تلس األمة من طرؼ رئيس اٞتمهورية 4،ىذا الثلث الذي ٮتلق نوعا من
التوازف بُت ٣تلس األمة واجمللس الشعيب الوطٍت من حيث التصويت على القوانُت ،فالنسبة ا١تطلوبة ُب
138
٣تلس األمة ىي ثبلثة أرباع وال يكوف ذلك إال بانضماـ الثلث الرئاسي ،إضافة إٔب الوالء الذي ٭تققو
1
رئيس اٞتمهورية لنفسو داخل الرب١تاف ،ولرئيس اٞتمهورية دعوة الرب١تاف لبلنعقاد ُب دورات غَت عادية.
.2الحكومة:
٘تتلك اٟتكومةُ 2ب اٞتزائر آليات ٕتعلها أكثر قوة من الرب١تاف ومهيمنة على تنظيم العمل التشريعي،
حيث للوزير األوؿ حق ا١تبادرة بالقوانُت 3وحق طلب اجتماع الرب١تاف ُب دورة غَت عادية باستدعاء من
رئيس اٞتمهورية 4،إضافة إٔب حقو ُب طلب اجتماع اللجنة متساوية األعضاء ُب حالة ا٠تبلؼ بُت غرفيت
5
الرب١تاف حوؿ نص مشروع أو اقًتاح قانوف من أجل اقًتاح نص يتعلق باألحكاـ ٤تل ا٠تبلؼ.
وتتحكم اٟتكومة ُب جدوؿ أعماؿ الرب١تاف ،فيقوـ مكتبا الغرفتُت و٦تثل اٟتكومة بضبط جدوؿ أعماؿ
الدورة ُب بداية كل دورة بر١تانية تبعا لًتتيب األولوية الذي ٖتدده اٟتكومة6 ،و٭تق ألعضاء اٟتكومة حضور
7
حضور أشغاؿ اللجاف الدائمة ُب الرب١تاف ،ويستمع إليهم بناء على طلب من اٟتكومة.
إضافة إٔب ٗتصيص وزارة بكاملها ُب اٟتكومة لتنظيم العبلقات مع الرب١تاف ،حيث يتؤب الوزير ا١تكلف هبا
8
الصبلحيات وا١تهاـ التالية:
139
-تنسيق العبلقات بُت غرفيت الرب١تاف ،وا٢تياكل اٟتكومية.
إف وجود ىذه الوزارة يعرب عن مدى التدخل اٟتكومي ُب أشغاؿ الرب١تاف ،من خبلؿ متابعة عمليات
وفقا ألحكاـ القانوف الدستوري الذي وافق عليو الشعب بتاريخ 20سبتمرب 1962فإف سلطة التشريع
قد أسندت للمجلس الوطٍت التأسيسي ؤتوجب ذلك أصبح ىو صاحب االختصاص غَت ا١تقيد ُب
التشريع 1،وخولت لو إٔب جانب تعيُت اٟتكومة والتشريع باسم الشعب مهمة إعداد الدستور للجمهورية
والتصويت عليو قبل عرضو لبلستفتاء ،لكن اجمللس تأخر ُب إعداد الدستور بسبب ا٠تبلفات الداخلية اليت
2
اعًتضتو تاركا اجملاؿ أماـ ا١تكتب السياسي الذي أوعز جملموعة أنصار بن بلة إلعداد مشروع الدستور،
وقد جاء ُب نص ا١تادة 27من ىذا الدستور على أف السيادة للشعب ٯتارسها بواسطة ٦تثلُت لو ُب ٣تلس
1سعيد بوالشعَت ،النظاـ السياسي اٞتزائري ،دراسة ٖتليلية لطبيعة نظاـ اٟتكم ُب ضوء دستور .1996السلطة التنفيذية ،مرجع سابق ،ص
45
2المرجع نفسو ،ص.47
141
وطٍت ترشحهم جبهة التحرير الوطٍت وينتخبوف باقًتاع عاـ مباشر وسري ١تدة 5سنوات ،ونصت ا١تادة
1
28على أنو " :يعرب اجمللس الوطٍت عن اإلرادة الشعبية ويتؤب التصويت على القوانُت ويراقب اٟتكومة.
بعد القياـ ْتركة جواف ً 1965ب إلغاء العمل بالدستور وًب تسيَت ا١ترحلة بأمر 10جويلية 1965
والذي تؤب ٔتوجبو إنشاء األجهزة الضرورية لتسيَت الدولة ،حيث أنشئ ٣تلس الثورة واٟتكومة ،وكاف ٣تلس
الثورة ىو ا٢تيئة التشريعية اليت حلت ٤تل اجمللس الوطٍت ،حيث أسندت لو اختصاصات اجمللس الوطٍت
2
ورئيس اٞتمهورية واٟتزب باعتباره مركز أو مصدر السلطة.
بتاريخ 22نوفمرب 1976شهدت الساحة السياسية ُب إطار استكماؿ مؤسسات الدولة صدور
دستور جديد تأسست ٔتوجبو غرفة واحدة ٖتت مسمى اجمللس الشعيب الوطٍت أنيطت بو الوظيفة
التشريعية ،وانتخب ىذا اجمللس بتاريخ 25فيفري 1977لعهدة مدهتا 05سنوات وٕتدد بانتظاـ بتاريخ
08فيفري 1982و 27فيفري 3،1987وأبقى التعديل الدستوري ليوـ 23فيفري 1989على مبدأ
أحادية الغرفة من خبلؿ اٟتفاظ على اجمللس الشعيب الوطٍت ،وأدت استقالة رئيس اٞتمهورية الشاذٕب بن
جديد بتاريخ 11جانفي 1992إٔب توقيف عملية ٕتديد تشكيلة اجمللس الذي انتهت عهدتو ،وترتب
عن ذلك فراغ قانوين أدى إٔب تنصيب ىياكل انتقالية ٘تثلت ُب اجمللس الوطٍت االستشاري بتاريخ 12أفريل
1992والذي ضم 60عضوا ،واجمللس الوطٍت االنتقإب بتاريخ 18ماي 1994إٔب غاية 18ماي
1997والذي ضم 183عضوا وذلك إٔب غاية إجراء التعديل الدستور بتاريخ 28نوفمرب 1996الذي
أدخل تغيَتات على الواجهة ا١تؤسساتية بإحداث بر١تاف ثنائي الغرفة يتكوف من ٣تلس شعيب وطٍت من
4
462عضوا و٣تلس األمة من 144عضوا.
141
.2مظاىر الضعف:
يوصف الرب١تاف ُب النظاـ اٞتزائري بأنو أضعف حلقة ُب سلسلة ا١تؤسسات السياسية ا١تشكلة لو،
-ىيمنة السلطة التنفيذية على العمل التشريعي وتقييد البرلمان :حيث إف اقًتاح القوانُت ُب الرب١تاف
يكوف من طرؼ 20نائبا من اجمللس الشعيب الوطٍت أو عضوا من ٣تلس األمة 1،غَت أف ىذا االقًتاح مقيد
بشروط أ٫تها أف يكوف مرفقا بعرض أسبابو وٖترير نصو وأال يكوف نظَتا ١تشروع أو اقًتاح قانوف ٕتري
دراستو ُب الرب١تاف أو ًب سحبو أو رفضو ُب مدة ال تقل عن 12شهرا وأف يبلغ االقًتاح إٔب اٟتكومة وأف ال
يكوف مضموف أي قانوف أو نتيجة ٗتفيض ا١توارد العمومية أو زيادة النفقات العمومية ،إال إذا كاف مرفقا
بتدابَت تستهدؼ الزيادة ُب إيرادات الدولة أو توفَت مبالغ مالية ُب فصل آخر من النفقات العمومية تساوي
2
على األقل ا١تبالغ ا١تقًتح إنفاقها.
وقد انعكست ىذه القيود على اٟتصيلة التشريعية للمجلس ،حيث بلغ عدد القوانُت ا١تصادؽ عليها
خبلؿ ىذه الفًتة التشريعية السابعة 64قانونا من أصل 70مشروع قانوف مودع وكانت ٚتيعها ٔتبادرة من
اٟتكومة 3،كما بلغ عدد القوانُت ا١تصادؽ عليها من طرؼ غرفيت الرب١تاف 60قانونا منها اقًتاح قانوف
واحد والذي خص تعديل قانوف االنتخابات بادرت بو كتلة اإلصبلح ،إضافة إٔب 33أمرا وذلك ٔتجموع
4
93قانونا ُب الفًتة التشريعية ا٠تامسة.
142
حيث صرح عبد الناصر جايب ٞتريدة ا٠ترب بأف أغلب ا١تًتشحُت ينظروف إٔب الرب١تاف كمصعد اجتماعي،
وْتسب أرقاـ وزارة الداخلية فإف نصف ا١تًتشحُت ال ٯتلكوف البكالوريا ،وىي اٟتالة اليت شهدهتا انتخابات
2007و ، 2012حيث يوجد اىتماـ كبَت مبالغ فيو من مستويات شعبية وتعليمية متدنية بالًتشح
لبلنتخابات ،وىو ما يدؿ على عدـ مواكبة التحوالت االجتماعية ُب اٞتزائر ( ازدياد نسبة التعليم) ،ويبقى
اإلشكاؿ ُب عدـ امتبلؾ ىذه الفئات للقدرة على مناقشة قوانُت دقيقة وتعديلها أو ا١تسا٫تة ُب تنشيط
1
اللجاف والكتل داخل ا١تؤسسة التشريعية.
ففي االنتخابات التشريعية لعاـ 2007احتل اٞتامعيوف وأصحاب شهادات ما بعد التدرج ما نسبتو
%44.19من نسبة ا١تًتشحُت ،إال أف ا١تًتشحُت من غَت اٞتامعيُت كاف قائما ،حيث أف نسبة األميُت
قدرت بػ ،% 1.95وأصحاب ا١تستويات االبتدائية والثانوية الذين ٯتثلوف أغلبية ا١تًتشحُت بػ ،%54.22
رغم أف التعليم اٞتامعي عرؼ توسعا ىائبل 2،با١تقابل من ذلك يظهر أف ا١تستوى التعليمي للوزراء جد عاؿ
مقارنة بالنواب.
-احتكار الحكومة للمجال المالي :يعترب إقرار ا١تيزانية أىم وظيفة يقوـ هبا الرب١تاف باعتبارىا وظيفة مالية
تشكل أساس تسيَت كل مرافق الدولة السياسية واالقتصادية واالجتماعية وينص الدستور على ":يصادؽ
الرب١تاف على قانوف ا١تالية ُب مدة أقصاىا 75يوما من تاريخ إيداعو ،يصوت فيها نواب اجمللس الشعيب
الوطٍت على ا١تشروع ُب مدة ال تتجاوز 47يوما ابتداء من تاريخ إيداعو ،بينما يصادؽ نواب ٣تلس األمة
الحقا على النص ا١تصوت عليو خبلؿ أجل أقصاه 20يوما ،وُب حالة ا٠تبلؼ بُت الغرفتُت ألي سبب
٤ 1تمد سيدمو ،أغلب ا١تًتشحُت ينظروف إٔب الرب١تاف كمصعد اجتماعيُ ،ب:
-http:// www.elkhabar.com/press/article/119603.24/01/2019. 22 :12
2عبد الناصر جايب ،االنتخابات التشريعية اٞتزائرية....انتخابات استقرار أـ ركود ،مشروع دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية ،اللقاء
السنوي السابع عشر للديمقراطية واالنتخابات في الدول العربية ( ا١تملكة ا١تتحدة :جامعة أكسفورد.) 2007/08/18 ،
143
يتاح للجنة متساوية األعضاء أجل 8أياـ للبث ُب شأنو ،وُب حالة عدـ ا١تصادقة ألي سبب كاف يصدر
1
رئيس اٞتمهورية مشروع القانوف ا١تقدـ بأمر لو قوة قانوف ا١تالية".
وا١تبلحظ ىو إعطاء الدستور مدة زمنية معينة للوظيفة ا١تالية للرب١تاف وا١تتمثلة ُب 75يوما عكس
السلطة التنفيذية اليت ٢تا سلطة كاملة إلعداد ا١تيزانية ،من جهة أخرى ٘تلك اٟتكومة وحدىا سلطة إعداد
مشروع ا١تيزانية وال ٯتلك الرب١تاف حق اقًتاح مشروع منافس ،كما ال ٯتكنو اقًتاح أي تعديل على قانوف
ا١تالية من شأنو الزيادة ُب النفقات العمومية 2،كما أف الرب١تاف ْتكم تركيبتو البشرية ال ٯتلك كل الوسائل
التقنية اليت تسمح لو ٔتراقبة قوانُت ا١تالية اليت تعرضها اٟتكومة ،إضافة إٔب أف الرب١تانيُت ال ٯتلكوف كل
ا١تعطيات ا١تتعلقة ٔتواضيع قانوف ا١تالية وليس ٢تم إ١تاـ كامل با١تصطلحات اليت تقوـ عليها ا١تيزانية باعتبار
أف اٟتكومة وجهازىا اإلداري الذي يسهر على إعداد ا١تيزانية ىم من ا٠ترباء وذو خلفيات ومستويات
3
تعليمية عالية عكس النواب الرب١تانيُت الذين ال يشًتط ُب انتمائهم إٔب الرب١تاف أي مستوى تعليمي.
-ضعف آليات الرقابة المفعلة لمسؤولية الحكومة :إف عدـ موافقة الرب١تاف على ٥تطط عمل اٟتكومة
للمرة الثانية يؤدي إٔب حل اجمللس الشعيب الوطٍت وجوب 4،أما فيما ٮتص الرقابة البلحقة لبياف السياسة
العامة فاٟتكومة تقدـ سنويا بيانا عن السياسة العامة توضح فيو ما ًب ا٧تازه خبلؿ السنة ا١تنصرمة ،وٗتتم
ا١تناقشة إما ببلئحة (ٖتمل البل ئحة ُب طياهتا عدـ رضا إحدى غرفيت الرب١تاف أو تأييدا ١تخطط اٟتكومة
١تخطط اٟتكومة (إما منح الثقة للحكومة أو إدانة اٟتكومة) أو ملتمس الرقابة (الئحة لوـ أو حجب الثقة
144
عن اٟتكومة موقعة من طرؼ عدد من النواب تستهدؼ اإلطاحة باٟتكومة ) 1،غَت أف الشروط ا١تفروضة
تشكل قيودا على العمل الرقايب للرب١تاف فملتمس الرقابة فيجب أف يتم توقيعو من طرؼ 1/7من عدد
النواب على األقل ،وأف تتم ا١توافقة عليو بتصويت أغلبية 2/3وال يتم التصويت عليو إال بعد ثبلثة أياـ
2
من تاريخ إيداعو وُب حالة ا١توافقة على عليو تستقيل اٟتكومة.
كما ٯتلك الرب١تاف آليات أخرى ال تنتج عنها أي مسؤولية للحكومة ،منها السؤاؿ كوسيلة رقابية
يستهدؼ هبا عضو الرب١تاف اٟتصوؿ على معلومات عن أمر ٬تهلو عن شأف من الشؤوف العامة،
واالستجواب كللية لتوضيح عمل اٟتكومة والكشف عن حقائق معينة حملاسبة الوزراء على تصرؼ ٮتل
با١تسائل العامة ،إضافة إٔب التحقيق الرب١تاين كعملية تقصي اٟتقائق عن وضع معُت ُب السلطة التنفيذية،
وقد ٘تيزت الفًتة التشريعية السابعة بعرض ٥تطط عمل اٟتكومة من أجل تنفيذ برنامج رئيس اٞتمهورية
على غرفيت الرب١تاف ،فاألؤب ُب 2012بعد االنتخابات التشريعية والثانية بعد االنتخابات الرئاسية 2014
وحظي ٥تطط العمل ُب كلتا ا١تناسبتُت با١توافقة باألغلبية على مستوى اجمللس الشعيب الوطٍت فيما أصدر
أعضاء ٣تلس األمة الئحيت مساندة ،كما شهدت ذات الفًتة طرح 1221سؤاال شفويا من قبل أعضاء
الرب١تاف على أعضاء اٟتكومة إضافة إٔب 1902سؤاال كتابيا 3،وعرفت ىذه الفًتة التشريعية كذلك
االستعماؿ الضئيل آلليات الرقابة من طرؼ أعضاء ٣تلس األمة مقارنة بتلك ا١تستعملة من طرؼ اجمللس
الشعيب الوطٍت حيث بلغ عدد األسئلة الشفوية ا١تطروحة من طرؼ اجمللس الشعيب الوطٍت 828سؤاال
145
مقابل 393سؤاال من طرؼ ٣تلس األمة ،و 1783سؤاؿ كتايب من طرؼ اجمللس الشعيب الوطٍت مقابل
1
119سؤاؿ من طرؼ ٣تلس األمة.
وبالنظر إٔب الفًتة التشريعية ا٠تامسة فقد بلغ عدد األسئلة الكتابية من طرؼ اجمللس الشعيب الوطٍت 400
سؤاؿ مقابل 43سؤاؿ كتايب من طرؼ ٣تلس األمة ،وبلغ عدد األسئلة الشفوية 466سؤاؿ من اجمللس
الشعيب الوطٍت مقابل 92سؤاؿ من طرؼ ٣تلس األمة 2،وبالنظر إٔب تصنيف األسئلة ا١تطروحة حسب
التشكيبلت السياسية يبدو أف الثلث الرئاسي ُب ٣تلس األمة قد استحوذ ُب ذات الفًتة على %79من
األسئلة الكتابية ا١تطروحة مقابل %57من األسئلة الشفوية ا١تطروحة من قبل التجمع الوطٍت الدٯتقراطي
و %30من الثلث الرئاسي ،كما استحوذت جبهة التحرير الوطٍت ُب اجمللس الشعيب الوطٍت على أكرب
3
نسبة من األسئلة ا١تطروحة واليت قدرت نسبتها %44من األسئلة الكتابية و %34من األسئلة الشفوية.
وعليو يبلحظ أف آليات الرقابة مستخدمة أكثر من أحزاب ا١تواالة ٦تا يفقدىا مصداقيتها ويعرب عن
ضعف ا١تعارضة أو عدـ ثقتها ُب ىذه اآلليات اليت ال تلزـ اٟتكومة بأي شيئ.
-الثلث الرئاسي في مجلس األمة :ىذا الثلث يعترب ضمانة أساسية الختيار التوجهات السياسية لثلث
أع ضاء اجمللس ،اٟتاؿ الذي يسمح ١تؤسسة الرئاسة والغرفة الرب١تانية الثانية بأف تكونا قريبتُت سياسيا واليت
٬تد الرئيس فيها سندا ُب مواجهة الغرفة السفلى ،حيث ٘تكنو من تعطيل كل مسار تشريعي مصدره أغلبية
4
بر١تانية مغايرة ال ٖتوز موافقتو.
146
ُب األخَت نقوؿ أف ا١تؤسسة التشريعية والتنفيذية أىم ا١تؤسسات ُب أي نظاـ سياسي ويعد الفصل بينها
مع تكريس آليات قانونية للرقابة والتعاوف أىم مبدأ لتحقيق التوازف داخل الدولة ،إال أف ا١تمارسة السياسية
قد تؤثر على ىذه ا١تعادلة فيحدث صراع بينها قد يؤدي إٔب طغياف مؤسسة على حساب أخرى.
ومن خبلؿ التطرؽ لطبيعة العبلقة اليت ٕتمع بُت ا١تؤسسة التشريعية والتنفيذية ُب اٞتزائر يظهر لنا جليا
الدور الذي تلعبو ا٢تيئة التنفيذية بقيادة رئيس اٞتمهورية على حساب الرب١تاف ،فبالرغم من اآلليات ا١تمنوحة
لو للتحكم ُب العمل اٟتكومي إال أف دوره يبقى ٤تدودا بسبب القيود ا١تفروضة عليو من حيث اقًتاح
القوانُت ومناقشتها وا١تستوى العلمي ألعضائو ،إضافة إٔب ضعف األحزاب السياسية خاصة منها ا١تعارضة
وكذا منظمات اجملتمع ا١تدين وقوة اإلدارة والشخصيات ا١تعينة على حساب ا١تنتخبُت وغياب ثقافة ا١تشاركة
ُب اجملتمع.
يصطلح على الدوؿ اليت يسيطر فيها اٞتيش بالدولة الربيتورية خبلفا للدولة ا١تدنية اليت تزيد فيها درجة
ا١تأسسة وترتفع فيها نسبة ا١تشاركة السياسية ،فالدوؿ الربيتورية دوؿ ٖتكمها أنظمة تستوٕب على اٟتكم
1
بالقوة وتوظف العنف ٠تدمة مصلحة الفئة اٟتاكمة فتلغي مبدأ اإلٚتاع وتعلي مبدأ اإلكراه.
وألف ٕتارب جيوش الدوؿ النامية تؤكد أف عملية التحوؿ اليت تشهدىا ا١تؤسسة العسكرية بعد االستقبلؿ
ىي ٔتثابة ا١تفتاح الذي يكشف عن الكثَت من التطورات السياسية واالجتماعية واالقتصادية ٢تذه البلداف
فقد تفطن االستعمار لذلك عشية رحيلو من ىذه البلداف بوضع برامج تدريبية لتكوين اإلطارات العسكرية
2
تربصات خاصة ُب كلية ( Saint Hurtو .(Saint Cyre
147
وعليو فإف دراسة دور البَتوقراطية ا١تدنية ُب الدوؿ النامية ومن ضمنها اٞتزائر ال ٯتكن أف ينفصل عن
نشأ اٞتيش اٞتزائري من رحم ا١تنظمة ا٠تاصة اليت تأسست ُب فرباير 1947خبلؿ ا١تؤ٘تر األوؿ
ٟتركة انتصار اٟتريات الدٯتقراطية لتصَت اٞتناح العسكري للحزب ،وأسندت مسؤوليتها ميدانيا إٔب ٤تمد
بلوزداد ،وتعترب ا١تنظمة ا٠تاصة أوؿ تنظيم ذي طابع عسكري على درجة من الضبط والتنظيم ُب مسار
1
اٟتركة الوطنية.
وولد جيش التحرير الوطٍت بناء على ما توصلت إليو ٣تموعة الست من ترتيبات عملية لئلعبلف عن
إطبلؽ الثورة التحريرية ُب اجتماع عقدوه بينهم قرروا فيو تأليف جيش باسم جبهة التحرير الوطٍت وكجناح
عسكري ٢تا جيش التحرير الوطٍت ،وعرؼ اٞتيش بٌت ىيكلية وتنظيمية مع مؤ٘تر الصوماـ الذي انعقد ُب
20أوت ،1956حيث بات ألفراده رتبا عسكرية وانتظمت تشكيبلتو على شكل وحدات عسكرية
منظمة ،وٖتوؿ جيش التحرير الوطٍت إٔب اٞتيش الوطٍت الشعيب انطبلقا من التسمية اليت أطلقها عليو العقيد
2
ىواري بومدين خبلؿ اجتماع القادة العسكريُت ٢تيئة األركاف والواليات التارٮتية هناية أوت .1962
وتؤرخ عسكرة الدولة والقبضة اٟتديدية للجيش على السلطة ُب اٞتزائر ٔترحلة حرب التحرير أثناء
الصراع الذي وقع حوؿ أولوية السياسي أو العسكري وٖتديدا ُب أواخر ا٠تمسينيات مع بروز جيش اٟتدود
(اٟتدود التونسية واٟتدود ا١تغربية) كبَتوقراطية منظمة ىرميا حيث استطاع جيش اٟتدود ٗتطي النزعات
1منصور ٠تضاري ،اٞتيش وٕتربة االنتقاؿ الدٯتقراطي ُب اٞتزائر" ،"1992-1988المستقبل العربي ،ع ،465نوفمرب ،2017ص.
73
2المرجع نفسو ،ص ص .74،75
148
اٞتهوية ُب اٟتكومة ا١تؤقتة واٗتاذ شكل أداة سياسية ٦تركزة ُب فًتة كانت فيها قوى الثورة مهددة
1
بالتشتت.
فمنذ 1957برز حدثاف كشفا عن الدور ا١تركزي الذي سوؼ يؤديو اٞتيش ُب السلطة السياسية ،كاف
أو٢تما نقل اجمللس الوطٍت للثورة من اٞتزائر إٔب ا٠تارج وتوسيع تركيبتو ٟتساب عسكريُت جدد وهتميش
"عباف رمضاف" داخل اجمللس الوطٍت للثورة حملاولتو فرض مبدأ أولوية ا١تدين على العسكري ،وقبل أربع
سنوات من االستقبلؿ أصبح اٞتيش يتكوف من جيش داخلي أهنكو الضغط ا٢تائل الذي فرضو عليو جيش
االحتبلؿ وجيش على اٟتدود كبلسيكي مدرب ومنظم سوؼ يؤدي دورا حاٝتا ُب الصراع حوؿ السلطة
السياسية.
وًب توحيد قيادٌب الشرؽ والغرب ٛتلت تسمية قيادة األركاف العامة برئاسة ىواري بومدين وهبذا انقطعت
الصلة بُت السياسيُت ا١تدنيُت وجيش التحرير الذي أصبح يشكل قوة متميزة ،وغداة االستقبلؿ وجهت
قيادة األركاف انتقادات للحكومة ا١تؤقتة ٓتصوص اتفاقيات إيفياف وقررت ىذه األخَتة حل قيادة األركاف
2
غَت أف قيادة األركاف ٕتاىلت األمر وقررت الدخوؿ إٔب الًتاب الوطٍت واإلطاحة باٟتكومة ا١تؤقتة.
لقد كاف تاريخ 19مارس 1962مفجرا للصراع بُت أنصار أولوية العمل العسكري وأولوية العمل
السياسي ،وبُت القيادة العامة ٞتيش التحرير ُب ا٠تارج بقيادة بومدين وبعض القيادات العسكرية للواليات
ُب ال داخل واٟتكومة ا١تؤقتة بقيادة يوسف بن خدة ،وحسمت نتيجة ىذا الصراع لصاّب بومدين ومن ىنا
3
بدأ الطابع العسكري األحادي للسلطة ُب اٞتزائر.
149
بعد تولية بن بلة اٟتكم من طرؼ قيادة األركاف سعى ىذا األخَت إٔب تقليص نفوذ اٞتيش من خبلؿ
تقليص نفوذ ٚتاعة وجدة وذلك بتعيُت الطاىر الزبَتي قائدا لؤلركاف أثناء غياب العقيد بومدين ،وتنحية
بوتفليقة على رأس وزارة ا٠تارجية ،لينتهي بو األمر إٔب تكوين مليشيات شعبية تابعة للحزب ،لكن ىذه
ا١تناورة أدت إٔب تنحيتو ُب 19جواف 1965ـ 1،وىذا ما أثبت تفرد ىذه ا١تؤسسة بالقوة واستقبلليتها
إف التدخل العسكري الذي أطاح بنظاـ بن بلة ليس حدثا منفصبل عن سياؽ التطور التارٮتي للنظاـ
السياسي اٞتزائري وعن ٪تط االستحواذ والتحكم ُب القوة السياسية ،فانقبلب 1965كاف ٣ترد امتداد
معتاد لسلسة التدخبل ت الرامية لًتجيح كفة القوة العسكرية ضمن دواليب السلطة ،وقد قدمت القوة
اٞتديدة نفسها على أهنا قامت بعملية تصحيحية ثورية واليت كشفت عن أسلوب التعبَت السياسي العنيف
2
الذي تطور مع تطور ا١تمارسات السياسية داخل بنية القوة ُب ا٢ترـ السياسي اٞتزائري.
لقد وظف ىواري بومدين كل الوسائل من أجل تعزيز سلطتو الشخصية وتكريس ىيمنتو ،ومن بُت
اإلجراءات اليت اٗتذىا تقوية جهاز األمن العسكري والشرطة العسكرية اليت قاـ بربطهما ٔتكتبو مباشرة
لفرض رقابة مشددة على اٞتيش مع إلغاء منصب رئيس األركاف لتحقيق مركزية القوات ا١تسلحة ،حيث
3
كاف ىو رئيس الدولة ووزير الدفاع ورئيس القوات ا١تسلحة وقيادة األركاف.
لقد كاف القرار ُب السلطة ُب عهد بومدين يتخذ وفقا لثبلث مستويات :األوؿ يعُت ا١تناصب
االسًتاتيجية (الوزراء وكبار ا١تدراء التنفيذيُت للشركات الوطنية الكربى والوالة وا١تسؤولُت عن التجارة
151
ا٠تارجية وعن الوساطة ا١تالية) حيث كاف بومدين يتحكم ُب ىذا ا١تستوى من القرارات بواسطة األمن
العسكري ،أما ا١تستوى الثاين فهم اليد ا٠تفية للنظاـ اليت ٕتٍت أرباحا ضخمة من العموالت ،أما ا١تستوى
الثالث فيتعلق ٔتنح العقود واالمتيازات والسيطرة على التوظيف وىو مستوى ٖتت إشراؼ مستمر من
اإلدارات ذات السيادة (الداخلية٤ ،تافظات الشرطة ،مديريات الرقابة ا١تالية اليت تعمل ٖتت إشراؼ
1
األجهزة األمنية).
وشهدت فًتة حكم بومدين تغلغل جهاز االستخبارات بشكل كبَت ،حيث أصبحت ٘تسك بكل
خيوط اٟتركة وبكل أوجو النشاط ُب مقدمتها الشؤوف السياسية واالقتصادية فأصبح ىذا اٞتهاز يصطفي
الرؤساء وأعضاء اٟتكومة ،كما سيطرت أجهزة األمن ا١ترتبطة ٔتكتب الرئيس على ا١تراكز االسًتاتيجية ُب
الدولة ،حيث أنيط ٢تا مهمة تعيُت الوزراء واألمناء العاموف وا١تدراء ا١تركزيوف ُب الوزارات ا١تهمة ومسَتي
ا١توارد ا١تالية وكربى الشركات الوطنية والسفراء وا١تلحقُت العسكريُت وكذا الوسطاء ا١تاليُت والتجاريُت ُب
ا٠تارج ،واعترب بلعيد عبد السبلـ أف األمن العسكري كاف ٯتثل للرئيس بومدين نظاما سياسيا موازيا ،فقد
أصبح يشكل دولة ُب صلب دولة خاصة بعد دخوؿ اٞتزائر أزمة عنف سياسي وانفراد ا١تؤسسة العسكرية
2
باٟتل األمٍت.
وعليو فإف فًتة حكم ىواري بومدين كانت من أكثر الفًتات اليت شهدت سيطرة للبَتوقراطية العسكرية
مع االعتماد على البَتوقراطية ا١تدنية كواجهة ١تمارسة السلطة السياسية من طرؼ صناع القرار.
1فوزية قاسي ،عريب بومدين" ،العبلقة بُت اٞتيش والسلطة السياسية ُب اٞتزائر :بُت حكم الواقع وٖتديات نزع الطابع العسكري" ،سياسات
عربية ،ع ،19مارس ،2016ص .58
٤ 2تمد ١تاـ ،مرجع سابق ،ص.133
151
بعد وفاة بومدين تدخلت ا١تؤسسة العسكرية لتحسم الصراع السياسي على السلطة بُت جناح ٤تمد
الصاّب ٭تياوي وجناح عبد العزيز بوتفليقة لصاّب عقيد من صفوفها ىو الشاذٕب بن جديد ٖتت شعار
"أقدـ ضابط ُب أعلى رتبة" ،وأصبح قادة اٞتيش عرضة ١تخططات الرئيس ُب وقت الشاذٕب بن جديد
الذي أحاؿ بعضهم على البطالة الفاخرة حسب تعبَت "ويلياـ زار٘تاف" )، (William Zartman
مع استقطابو للبعض اآلخر منهم خاصة الضباط الشباب ليأخذوا مكاف العقداء كبار السن ،وىذا ما ٝتح
بنقل مركز الثقل اٞتديد داخل ا١تؤسسة العسكرية من عصبة وجدة إٔب عصبة عنابة أي ناحية الشرؽ ،مع
1
استيعاب وضم الضباط ا١تنحدرين من الشرؽ اٞتزائري.
وإتهت السلطة ُب عهد الشاذٕب بن جديد إٔب خيار الدولة الريعية ،وقسمت أجهزة اٗتاذ القرار إٔب:
-الدائرة األؤب على ا١تستوى الوزاري تضم ا٢تيئات االسًتاتيجية (الدفاع ،األمن ،التجارة ا٠تارجية ،توظيف
-األجهزة األمنية اليت ضمت الوزارات واإلدارات الوالئية وا١تؤسسات الصغَتة وا١تتوسطة معززة من جانب
اٟتزب والنقابة.
و٘تيزت فًتة حكم الشاذٕب بن جديد باإلعبلف عن االنفتاح السياسي واإلعبلمي واالقتصادي بعد
أحداث أكتوبر ،1988حيث عاد اٞتيش إٔب الساحة بقوة أثناء األزمة اليت دخلت فيها اٞتزائر بعد
أحداث أكتوبر 1988وكاف ىذا التدخل يتزايد كلما اشتدت األزمة ،وبلغ التدخل أوجو ُب هناية عاـ
1991وذلك بعد فوز اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ ُب الدور األوؿ من االنتخابات التشريعية اليت جرت يوـ
152
26ديسمرب 1991والذي حسم بإيقاؼ ا١تسار االنتخايب واجمليئ ٔتحمد بوضياؼ مع استمرار تدخل
1
اٞتيش ُب ظل الظروؼ ا١ترتبطة ٔتحاربة اإلرىاب واٟتفاظ على كياف الدولة.
بعد توقيف ا١تسار االنتخايب أشرفت ا١تؤسسة العسكرية على تسيَت األوضاع ُب اٞتزائر ،خاصة أف البلد
كاف يعيش مرحلة أمنية بامتياز ٝتحت ٢تذه األخَتة بأف تكوف ىي السلطة الفعلية ُب الببلد بالرغم من
وجود مؤسسات أخرى ٓب يتعدى وجودىا اٞتدراف اليت تضمها ،وقاـ اٞتيش بتعيُت اليامُت زرواؿ
كشخصية عسكرية قائمة على ا١تشروعية التارٮتية لرئاسة الببلد ُب 1995وإدارة ا١ترحلة االنتقالية ُب
انتظار إجراء انتخابات رئاسية ،غَت أف ىذا األخَت قلص من عهدتو وًب تنظيم انتخابات رئاسية ُب
تعود عبلقة ا١تؤسسة العسكرية بعبد العزيز بوتفليقة إٔب األزمة األمنية سنة 1994وبالتحديد من خبلؿ
التحضَت لندوة الوفاؽ الوطٍت ا١تنعقدة بتاريخ 25و 26يناير 1994ـ ،حيث تقدمت قيادة اٞتيش
بعرضها على بوتفليقة توٕب اٟتكم وإهناء ٤تنة اٞتزائر ،غَت أنو رفض أف يكوف الواجهة حيث صرح أنذاؾ
بأنو ال يريد أف يكوف ثبلثة أرباع رئيس وأكد التزامو قيادة النظاـ بأكملو ،و٘تثل ا٢تدؼ الرئيسي لعبد العزيز
بوتفليقة ُب استعادة ٘تاسك السلطة التنفيذية للدولة من خبلؿ ترسيخ مكانة الرئاسة بدال من القيادة العليا
2
للجيش ،وبناء على ذلك أخرج ثلة من كبار اٞتنراالت خارج اللعبة السياسية.
وحقق بوتفليقة مراده عندما اضطر ٤تمد العماري وأنصاره إٔب التقاعد عاـ ،2004كما قاـ بوتفليقة
بإجراء تغيَتات على مستوى ا١تخابرات العسكرية DRSمن خبلؿ التحالف مع قائد ىيئة األركاف قايد
صاّب بإحالة ٣تموعة من اٞتنراالت على التقاعد وحل جهاز الشرطة القضائية التابع ٞتهاز االستخبارات
1رابح لعروسي" ،عبلقة العسكري بالسياسي ُب تاريخ اٞتزائر ا١تعاصرة" ،المجلة العربية للعلوم السياسية ،ع ،29شتاء .2011ص .63
2فوزي قاسي ،عريب بومدين ،مرجع سابق ،ص ص .60،61
153
الذي كاف مكلفا بقضايا الفساد وإٟتاؽ مديرية االتصاؿ اليت كانت تابعة للمخابرات بقيادة األركاف
1
(حدوث ٖتالف بُت أركاف اٞتيش والرئاسة على حساب جهاز ا١تخابرات).
لقد كرس بوتفليقة أكرب جزء من واليتو الرئاسية لتوطيد سلطتو وتعيُت أصدقائو ا١تقربُت وحلفائو
السياسيُت ُب مناصب عليا ُب الوزارات وا١تؤسسات اإلقليمية تاركا حقيبة وزارة الدفاع لنفسو ،وبصفتو قائد
القوى العسكرية ووزير الدفاع باشر عملية استبداؿ األشخاص األوفياء لو من ضباط ُب القيادة العليا
للجيش وخفض الدور السياسي للجهات العسكرية فعُت قادة جدد للمناطق اإلقليمية وأصدر مرسوما
رئاسيا أن شأ ٔتوجبو منصب األمُت العاـ داخل وزارة الدفاع ٦تا ساعده على السيطرة على اٞتهاز العسكري،
كما أجرب العماري على االستقالة ُب أوت 2004واستبدلو ْتليفو السياسي قايد صاّب ،وبالرغم من
٧تاحو ُب ٘تدين اٟتياة السياسية ّتزء بسيط إال أف سلطتو ٓب ٘تتد إٔب أجهزة قوى األـ ،فقد بقي دور جهاز
االستخبارات مركزيا ،وُب ىذا اإلطار صرح بلعيد عبد السبلـ ُب مقابلة أجراىا مع صحيفة الوطن أف
"احتبلؿ منصب ُب اإلدارة العامة ال يزاؿ رىن مباركة جهاز االستخبارات ،إذ ال يزاؿ ٢تذه ا١تديرية تأثَت
حىت اليوـ ُب الوزراء والسفراء ولوائح الناخبُت ومراقبة الشخصيات السياسية وا١تفكرين ألهنا تتحكم
2
باألحزاب السياسية ووسائل اإلعبلـ العامة وا٠تاصة".
إف دور ا١تؤسسة العسكرية منذ االستقبلؿ مرورا ٔترحلة اٟتزب الواحد إٔب غاية التعددية اٟتزبية عرؼ
استمرارا ُب الدور ا١تتنامي للمؤسسة العسكرية ُب ٦تارسة السلطة ،ورغم ٤تاوالت ٘تدين اٟتياة السياسية إال
أف اٞتهاز العسكري استطاع اٟتفاظ على مكانتو احملورية ُب ظل النظاـ السياسي اٞتزائري مع تغيَت
154
كما أف البَتوقراطية العسكرية ُب اٞتزائر أثرت وال تزاؿ تؤثر على دور اٞتهاز اإلداري خاصة مع تزايد
دور االستخبارات ُب تعيُت األشخاص ُب ا١تناصب ،وىذه التعيينات اليت غالبا ما تتم على أساس الوالء
ويقصد بالعوامل اإلدارية األسلوب ا١تتبٌت ُب تنظيم وحدات ،أجهزة النظاـ اإلداري والعبلقة بينها ،إضافة
إٔب ا٠تصائص التنظيمية والسلوكية للميزة ٢تذا اٞتهاز واليت تنعكس بالضرورة على أدائو.
ٕتمع ا لدولة اٟتديثة بُت أسلوبُت ٥تتلفُت ُب تنظيم وحدات وأجهزة النظاـ اإلداري فيها وتقسيم وتوزيع
سلطة الوظيفة اإلدارية ،و٫تا أسلوب ا١تركزية اإلدارية وأسلوب البلمركزية اإلدارية ،وٗتتلف الدوؿ ُب ٖتديد
1
نظاـ كل منهما باختبلؼ الظروؼ االقتصادية ،والسياسية ،واالجتماعية ،والثقافية اليت تتحكم فيها.
إف البنية الدستورية والقانونية للسلطة ُب اٞتزائر تنص على أف النظاـ السياسي نظاـ ٚتهوري دٯتقراطي
وىو خليط ٬تمع بُت الطابع الرب١تاين والرئاسي أو ما يسمى النظاـ شبو الرئاسي أكدت عليو كل
دساتَتىا 2،وتتبٌت من ناحية التنظيم اإلداري أسلوب البلمركزية اإلدارية اليت تعرب عن توزيع الوظائف
اإلدارية بُت اٟتكومة ا١تركزية وبُت ىيئات ٤تلية أو مصلحية مستقلة3،حيث أهنا ٘تكن األجهزة احمللية
ا١تنتخبة من قبل الشعب من سلطة تسيَت شؤوهنا بيدىا ٦تا ٭تقق مبدأ الدٯتقراطية اإلدارية ،كما أهنا ٕتسد
من الناحية القانونية توزيع الوظيفة اإلدارية ُب الدوؿ بُت األجهزة ا١تركزية وا٢تيئات ا١تستقلة ذات الطابع
1عمار عوابدي ،القانون اإلداري ،اٞتزائر :ا١تؤسسة الوطنية للكتاب ،1990 ،ص ص .203،202
2النظاـ شبو الرئاسي ال وجود لو من الناحية النظرية ،إ٪تا ا١تقصود بو نوع من النظاـ الرب١تاين أدخلت عليو تعديبلت حيث قوي جانب
السلطة التنفيذية السيما توسيع صبلحيات رئيس اٞتمهورية ،وعادة ما يؤخذ دستور اٞتمهورية الفرنسية ا٠تامسة لسنة 1958كنموذج ٢تذا
النظاـ الذي ابتعد عن النظاـ الرب١تاين واقًتب إٔب النظاـ الرئاسي فأطلقت عليو تسمية نظاـ شبو رئاسي .انظر :اٛتد واُب ،النظرية العامة
للدولة والنظام السياسي :الجزائر في ظل دستور .2989اٞتزائر :ا١تؤسسة الوطنية للطباعة ،1992 ،ص ص .150،151
3دستور ،2016ا١تادة .16دستور ،1996ا١تادة .15
155
اإلقليمي من جهة وا١ترفقي أو ا١تصلحي من جهة أخرى وىو ما من شأنو أف يقرب اإلدارة أكثر من
1
اٞتمهور.
وتتشكل اإلدارة ا١تركزية من رئاسة اٞتمهورية اليت تضم رئيس اٞتمهورية و٣تموعة من الوحدات اإلدارية
التنفيذية اليت تشكل ما يسمى ٔتصاّب الرئاسة وا١تتمثلة ُب مدير الديواف واألمانة العامة لرئاسة اٞتمهورية
واألمانة العامة للحكومة ومستشاروف ورئيس الديواف وكتابة خاصة ،إضافة إٔب ٣تموع ىياكل رئاسة
اٞتمهورية التابعة لو ،واليت تتكوف من مكلفوف با١تهاـ ومديرو دراسات ومديروف مكلفوف بالدراسات
أما اٟتكومة فتضم الوزير األوؿ الذي يضطلع ٔتجموعة من ا١تهاـ ذات العبلقة باختصاصو كجزء ٤توري
ومهم ُب السلطة التنفيذية ،حيث ينفذ وينسق ٥تطط عمل اٟتكومة ،إضافة إٔب امتبلكو صبلحية التعيُت
ُب الوظائف العليا والسهر على حسن سَت اإلدارة العامة 2،ويساعده ُب تأدية مهامو تشكيلة من ا٢تياكل
3
وا١تتمثلة ُب مدير الديواف ورئيس الديواف واألقساـ والفروع وا١تكلفوف ٔتهمة.
أما بالنسبة للوزارات فيعترب كل وزير مشرؼ عليها عضوا من أعضاء السلطة التنفيذية وٯتتلك من جهة
صفة سياسية باعتباره عضو اٟتكومة أو ٣تلس الوزراء وصفة إدارية من جهة أخرى باعتباره عضوا إداريا،
4
ألنو ٯتثل الرئيس اإلداري جملموعة ا١ترافق وا١تؤسسات واألجهزة اإلدارية ا١تكونة للوزارة اليت يرأسها.
1عمار بوضياؼ ،التنظيم اإلداري في الجزائر بين النظرية والتطبيق .اٞتزائر :جسور للنشر والتوزيع ،2010 ،ص .29
2ا١تواد من 93إٔب 100من دستور 2016تفصل ُب منصب الوزير األوؿ من حيث الصبلحيات وا١تهاـ.
3اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم التنفيذي 63-29يتضمن مهام ديوان الوزير األول وتنظيمو ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،10
الصادرة بتاريخ 11فرباير .2009
4عمار عوابدي ،مرجع سابق ،ص.225
156
وتتكوف اإلدارة العامة للوزارة من أمانة وأجهزة وىياكل تشمل أجهزة اإلدارة العامة ا١تركزية للوزارة،
وا١تتمثلة ُب ديواف الوزير ،واألمانة العامة ،ومديريات عامة أو مركزية تتفرع إٔب مديريات فرعية ونيابات
مديريات ومكاتب.
أما اٞتماعات احمللية فتتكوف من البلدية والوالية ،حيث عرفت البلدية على أهنا اٞتماعة اإلقليمية
األساسية ،وتتمتع بالشخصية ا١تعنوية واالستقبلؿ ا١تإب وٖتدث ٔتوجب القانوف ،وىي القاعدة اإلقليمية
البلمركزية ومكاف ٦تارسة ا١تواطنة وتشكل إطار مشاركة ا١تواطن ُب تسيَت الشؤوف العامة.1
أما الوالية فعرفها قانوف 07-12على أهنا اٞتماعة اإلقليمية للدولة وتتمتع بالشخصية ا١تعنوية والذمة
ا١تالية ا١تستقلة وىي أيضا الدائرة اإلدارية غَت ا١تمركزة للدولة وشعارىا بالشعب وللشعب 2،وذلك مقابل
القانوف 09-90الذي اكتفى بوصفها ٚتاعة إقليمية تتمتع بالشخصية ا١تعنوية واالستقبلؿ ا١تإب.
وتتمتع اٞتماعات احمللية باستقبللية نسبية لكوهنا ٗتضع لرقابة ا٢تيئات ا١تركزية ضمن إطار قانوين ٤تدد،
وىذه الرقابة اإلدارية أو كما يسميها البعض بالوصاية اإلدارية تعرب عن ٣تموع السلطات احملدودة اليت ٮتو٢تا
القانوف للهيئات ا١تركزية لئلشراؼ على ا٢تيئات احمللية ،وىي كللية ٘تكن السلطة ا١تركزية من التنسيق مع
السلطات احمللية للحفاظ على وحدة الدولة دستوريا وسياسيا ،وٖتقيق ا١تصلحة العامة.
غَت أف الوصاية اإلدارية اليت ٘تكن السلطة ا١تركزية من اإلشراؼ على ا٢تيئات احمللية ٬تب أف تكوف ُب ظل
إطار قانوين يسمح بتحقيق الدٯتقراطية التشاركية وحكم ٤تلي مستقل ُب تدبَت الشأف العاـ للمواطنُت ،وُب
ىذا اإلطار فإف الوصاية اإلدارية ُب اٞتزائر ىي من صبلحيات الوإب ووزير الداخلية ،وتتم عرب ا١تستويات
التالية:
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 22-22المتعلق بالبلدية ،اٞتريدة الرٝتية عدد ،37الصادرة بتاريخ 03جويلية
،2011ا١تادتُت .02 ،01
2اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 27-22المتعلق بالوالية ،اٞتريدة الرٝتية عدد ،12الصادرة بتاريخ 21فرباير
،2012ا١تادة .01
157
.1الرقابة على المجالس كهيئات 1:و٘تارس من خبلؿ آلية اٟتل وىو عبارة عن إجراء عزؿ ٚتاعي
ألعضاء
اجملالس احمللية ،يتم ٔتوجبو إهناء مهاـ اجمللس بإزالتو قانونيا ،وٕتريد أعضائو من الصفة اليت ٭تملوهنا.
يتم حل اجملالس الشعبية البلدية والوالئية والتجديد الكلي ٢تا ٔترسوـ رئاسي بناءا على تقرير من الوزير
2
ا١تكلف بالداخلية ،ويكوف ذلك ُب اٟتاالت التالية:
بالنسبة للتوقيف يقصد بو ٕتميد عضوية ا١تنتخب بصورة مؤقتة ُب حالة متابعة قضائية ،حيث نصت
كل من ا١تادة 43من قانوف البلدية وا١تادة 45من قانوف الوالية على أنو يتم إيقاؼ كل منتخب تعرض
١تتابعة قضائية بسبب جناية أو جنحة ٢تا صلة با١تاؿ العاـ أو ألسباب ٥تلة بالشرؼ أو كاف ٤تل تدابَت
1توجد آلية رقابة أخرى على اجمللس ،وىي اإليقاؼ ،وقد نصت عليو ا١تادة 112من القانوف 24/67ا٠تاص بالبلدية ،ويكوف ذلك من
طرؼ وزير الداخلية ،ألمر يقدره ىو .ىذه اآللية غَت منصوص عليها ُب قوانُت اٞتماعات احمللية ُب ا١ترحلة التعددية.
2قانوف 10-11ا١تتعلق بالبلدية ،ا١تادتُت .47 ،46قانوف 07-12ا١تتعلق بالوالية ،ا١تادتُت .48-47
158
قضائي ة ال ٘تكنو من االستمرار ُب ٦تارسة عهدتو االنتخابية بصفة صحيحة إٔب غاية صدور حكم هنائي من
اٞتهة القضائية ا١تختصة ،وُب حاؿ صدور حكم هنائي بالرباءة يستأنف ا١تنتخب تلقائيا وفوريا ٦تارسة
مهامو ،غَت أف ا١تنتخب البلدي يوقف بقرار من الوإب ،أما ا١تنتخب الوالئي فبموجب قرار معلل من وزير
1
الداخلية.
أما اإلقصاء فيعٍت إسقاط العضوية عن ا١تنتخب نتيجة إدانة جزائية ال عبلقة ٢تا بعهدتو ،ويثبت الوإب
إقصاء ا١تنتخب البلدي ٔتوجب قرار 2،ويقصى ا١تنتخب الوالئي لنفس السبب مع إمكانية إقصائو بقوة
القانوف إذا ثبت أنو ٖتت طائلة عدـ القابلية لبلنتخاب أو ُب حالة تناُب منصوص عليها ُب القانوف،
3
ويكوف ذلك بإقرار من اجمللس الشعيب الوالئي ٔتداوؿ وإثبات ذلك بقرار من وزير الداخلية.
أما فيما ٮتص اٟتالة الثالثة وىي اإلقالة فهي إهناء مهاـ ا١تنتخب وٕتريده من العضوية ،حيث يعترب
مستقيبل من اجمللس كل عضو منتخب تغيب بدوف عذر مقبوؿ ألكثر من ثبلث دورات عادية خبلؿ
السنة ،ويتم االستماع إٔب ا١تنتخب البلدي من طرؼ اجمللس لتربير غيابو وىو ما ٓب ينص عليو قانوف
4
الوالية.
بالنسبة للتصديق فيكوف إما ضمنيا والذي يعٍت عدـ نفاذ مداوالت اجمللس الشعيب البلدي بقوة القانوف
إال بعد 21يوما من تاريخ إيداعها بالوالية ،ليبدي الوإب رأيو ُب شرعيتها 5،إال أنو ُب حالة ما إذا تبُت
159
للوإب عدـ مطابقة مداوالت اجمللس الشعيب الوالئي للقانوف فإنو يرفع دعوى قضائية أماـ احملكمة اإلدارية
1
ا١تختصة إقليميا ُب أجل 21يوما اليت تلي اٗتاذ ا١تداولة إلقرار بطبلهنا.
وقد يكوف التصديق صر٭تا أو ضمنيا ،حيث ال تنفذ بعض مداوالت اجمللس الشعيب البلدي إال بعد
ا١تصادقة الصر٭تة عليها من طرؼ الوإب ،ومداوالت اجمللس الشعيب الوالئي إال بعد مصادقة وزير الداخلية
عليها ُب أجل شهرين ،وتتضمن ا١تداوالت التالية :ا١تيزانيات واحملاسبات ،قبوؿ ا٢تبات والوصايا ،اتفاقيات
التوأمة ،والتنازؿ عن األمبلؾ العقارية 2،وىذه ا١تداوالت قد تتضمن تصديقا ضمنيا من خبلؿ إصدارىا من
3
الوإب ُب ثبلثُت يوما ،ابتداء من تاريخ إيداعها بالوالية بالنسبة ١تداوالت اجمللس الشعيب البلدي.
أما الشكل الثاين للرقابة على األعماؿ فيكوف باإللغاء والذي يقصد بو إزالة اآلثار القانونية ١تداوالت
اجملالس لتصبح غَت قابلة للتنفيذ والذي يكوف مطلقا بقوة القانوف ،فتبطل مداوالت اجمللس الشعيب البلدي
ُب حالة خرقها للدستور أو مساسها برموز الدولة أو عدـ ٖتريرىا باللغة العربية ،أما مداوالت اجمللس
الشعيب الوالئي فتبطل بقوة القانوف ا١تداوالت اليت ذكرت ُب حالة اجمللس الشعيب البلدي ،إضافة إٔب ثبلث
حاالت أخرى ىي منها تناو٢تا ١توضوع ال يدخل ضمن اختصاصات اجمللس الوالئي أو ا١تتخذة خارج
4
االجتماعات القانونية للمجلس أو ا١تتخذة خارج مقر اجمللس الشعيب الوالئي.
وقد يكوف بطبلف ا١تداوالت نسبيا ُب حاالت معينة منها بطبلف كل مداولة حضرىا رئيس اجمللس
الشعيب البلدي أو الوالئي أو أي عضو من اجمللس يكوف موضوعها ُب وضعية تعارض مصاٟتو مع مصاّب
5
البلدية أو الوالية بأٝتائهم ،أو أزواجهم ،أو أصو٢تم ،أو فروعهم إٔب الدرجة الرابعة ،أو كوكبلء.
161
أما الصيغة األخرى للرقابة على األعماؿ فهي اٟتلوؿ ،والذي قد يكوف إداريا أو ماليا ،فبالنسبة للحلوؿ
اإلداري فهو آلية رقابية ٗتص البلدية فقط وتعٍت حلوؿ السلطة الوصية ٤تل اجملالس البلدية ْتيث ٯتكن أف
يتخذ الوإب كل اإلجراءات البلزمة ا١تتعلقة باٟتفاظ على األمن والسكينة العمومية عندما ال تقوـ السلطات
البلدية بذلك ،السيما منها التكفل بالعمليات االنتخابية وا٠تدمة الوطنية واٟتالة ا١تدنية ،ويكوف اٟتلوؿ
1
بعد انقضاء مدة اإلنذار من اٞتهة الوصية إٔب رئيس البلدية.
أما اٟتلوؿ ا١تإب فيكوف ُب حالة حدوث اختبلؿ باجمللس الشعيب البلدي ٭توؿ دوف التصويت على
ا١تيزانية ،ما يسمح للوإب با١تصادقة عليها وتنفيذىا ،2أو ُب حالة تصويت اجمللس الشعيب البلدي على
ميزانية غَت متوازنة ،حيث الوإب يرجعها خبلؿ 15يوما اليت تلي استبلمها إٔب الرئيس الذي ٮتضعها
١تداولة ثانية للمجلس خبلؿ 10أياـ ،وإذا صوت اجمللس ٣تددا على ميزانية بدوف توازف ،أو ٓب تنص على
النفقات اإلجبارية ،بعد اعذرا اجمللس من الوإب ،يقوـ ىذا األخَت بضبطها تلقائيا 3،أما بالنسبة للوالية فإف
الوإب يقوـ استثناءا باستدعاء اجمللس لبلنعقاد ُب دورة غَت عادية عندما ال يصوت على مشروع ا١تيزانية
بسبب اختبلؿ داخل اجمللس الشعيب الوالئي ،وُب حالة عدـ توصل الدورة إٔب ا١تصادقة على مشروع
ا١تيزانية يبلغ الوإب وزير الداخلية الٗتاذ التدابَت البلزمة لضبطها ،وإذا أظهر تنفيذ ا١تيزانية عجزا وٓب يتخذ
اجمللس التدابَت البلزمة ال متصاص العجز يتؤب الوزير ا١تكلف بالداخلية ووزير ا١تالية التدابَت البلزمة
4
المتصاص العجز.
وعليو ،يظهر من خبلؿ سرد مظاىر الرقابة أو الوصاية ا١تمارسة على اٞتماعات احمللية الدور احملوري
وا١تركزي لكل من وزارة الداخلية والوإب على اجملالس ا١تنتخبة٦ ،تا ٭تيل إٔب نتيجة مهمة تتعلق بتسيَت
161
ا١تؤسسات ُب اٞتزائر وىي أولوية ا١تعُت على ا١تنتخب ،بل وٖتكم ا١تعُت ُب ا١تنتخب ،وذلك ما ١تسناه
وختما ٯتكن القوؿ إف مظاىر الوصاية اإلدارية تعرب عن ٪تط التسيَت البَتوقراطي ُب عبلقة اإلدارة ا١تركزية
باإلدارة احمللية ،والذي انعكس سلبا على أداء اجملالس ا١تنتخبة مقابل تنامي أدوار األجهزة غَت ا١تنتخبة
إف التضخم ُب عدد ا١توظفُت بشكل عاـ يتناسب وا١تهاـ اإلدارية اليت ٬تب أف تكوف متوافقة مع التنمية
الشاملة ،غَت أنو قد ٭تدث تضخم ُب عدد العماؿ من خبلؿ الزيادة العامة لعدد ا١توظفُت مقارنة ْتجم
العمل اإلداري ا١تنجز ،وتعرؼ الدوؿ الريعية بتضخم اٞتهاز اإلداري سواء من حيث عدد العماؿ أو من
حيث ا٢تياكل اإلدارية كوف الدولة ىي ا١تسؤوؿ الرئيسي على تقسيم ا١توارد الريعية.
ومن ناحية ا٢تياكل فإف ا٢تياكل واإلجراءات التنظيمية السائدة ُب اٞتزائر كانت ضرورة أملتها ظروؼ
ا١ترحلة االشًتاكية ألكثر من 26عاما ،وىذه ا٢تياكل سقطت ُب فخ النمطية من حيث إرساء ٪تط موحد
يضم مديريات ومديريات فرعية ومكاتب ،وىي طريقة مكلفة وتثقل العمل اإلداري وتسهم أكثر ُب ظهور
1
التسيب اإلداري.
بالنسبة جملاالت العمل الوزاري ،يذكر "براياف شأتاف"(ٜ )Brian Chapmanتسة ٣تاالت
أساسية ،وىي :الشؤوف ا٠تارجية ،العدالة ،ا١تالية ،الدفاع واٟترب ،والشؤوف الداخلية ،إضافة إٔب وجود
وزارات أخرى ظهرت نتيجة لتطور ا٠تدمات وا١تسؤوليات اٟتكومية ،ويًتاوح عدد الوزارات ا١تركزية عادة ما
1نصَت ٝتارة ،ظاىرة التسيب إلداري في الجزائر .اٞتزائر :منشورات اجمللس األعلى للغة العربية ،2005 ،ص.174
162
بُت 12و 30وزارة على حسب درجة تفضيل البلد ا١تعُت للوحدات ا١تتخصصة ،وعلى مدى نشاطات
الربامج اٟتكومية.1
وقد عرفت اٞتزائر منذ االستقبلؿ ارتفاعا ُب عدد الوزارات ،حيث تراوح عددىا ما بُت 10و20
وزارة بُت عامي 1962و 1965لَتتفع إٔب ما بُت 20و 30وزارة بُت عامي 1970و 1979ليفوؽ
عددىا 30وزارة بعد ذلك ،لكنو ا٩تفض إٔب ما دوف 30وزارة وأقل من ذلك ُب فًتة األزمة اليت عاشتها
2
اٞتزائر ،وابتداء من 1997بدأ عددىا يفوؽ الثبلثينات.
إف ىذه األرقاـ تدؿ على نزعة للتكاثر التدر٬تي ُب عدد الوزارات ،وتفسَت ذلك ُب مرحلة اٟتزب
الواحد ىو النظاـ االشًتاكي الذي كانت تنتهجو اٞتزائر والذي قاـ أساسا على تدخل الدولة ُب كافة
اجملاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ،أما ارتفاعها بعد 1997فمرده إٔب عودة ا١تسار
السياسي إٔب طبيعتو بعد ا١ترحلة االنتقالية اليت عاشتها اٞتزائر ،إضافة إٔب ٘تيز ىذه ا١ترحلة بتطبيق ٚتلة من
اإلصبلحات استوجبت إنشاء وزارات تسهر على تطبيقها كالوزارات ا١تنتدبة ا١تكلفة بإصبلح ا١تستشفيات
فضمت مثبل حكومة مولود ٛتروش (سبتمرب -1989جواف )1991من الوزارات 14وزارة وٜتس
وزارات منتدبة وكاتب دولة ،أما حكومة بن بيتور (ديسمرب -1999أوت )2000فضمت وزيري دولة
و 25وزيرا و 03وزراء منتدبُت ،وبالنسبة ٟتكومة أٛتد أو٭تِت (جواف -2008سبتمرب )2012فتشكلت
من 04وزراء دولة و 27وزير و 08وزراء منتدبُت ،مقابل حكومة سبلؿ (ماي -2014ماي )2015
163
فضمت 28وزيرا و 04وزراء منتدبُت 1.وطبعا كلما زاد عدد الوزارات زادت ضخامة اٞتهاز اإلداري
أما من ناحية عدد ا١توظفُت فطا١تا استحوذ اٞتهاز اإلداري على أكرب نسبة من اليد العاملة ،حيث
يظهر ُب اٞتدوؿ أدناه ا٠تاص بعدد العماؿ حسب القطاعات من 1967إٔب 1997االرتفاع التدر٬تي
لعدد ا١توظفُت ُب اإلدارة مقارنة بالقطاعات األخرى منذ االستقبلؿ إٔب غاية دخوؿ اٞتزائر ُب مرحلة
االنفتاح السياسي واالقتصادي ،وطبعا ما يفسر ذلك ىو التوجو االشًتاكي الذي ٬تعل من الدوؿ الفاعل
الرئيسي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ،مع تسجيل ا٩تفاض ُب عدد ا١تناصب لصاّب قطاع النقل ابتداء من
1997وذلك راجع للسياسات اليت تبنتها اٞتزائر من حيث فتح اجملاؿ للقطاع ا٠تاص ،وبالتإب توجو اليد
العاملة ٢تذا القطاع ُب ظل سياسات اإلصبلح االقتصادي وإعادة ا٢تيكلة اليت كانت تقوـ هبا الدولة مع
العمومية
164
1317 1360 1318 900 615 434 306 إدارة عامة
أما بعد سلسلة اإلصبلحات االقتصادية اليت تبنتها الدولة وتوجهها ٨تو انفتاح السوؽ وبعد عودة
االستقرار السياسي فقد ازدىر قطاع التجارة وا٠تدمات ُب ظل القطاع ا٠تاص ،وأصبح يضم يد عاملة
كبَتة ،ورغم ذلك حافظ قطاع الوظيف العمومي على تواجد نسبة كبَتة من اليد العمالة فيو إؿ جانب
ىذين القطاعُت حيث ُب عاـ 2000ـ بلغ نصيبو من اليد العاملة %32متصدرا باقي القطاعات
األخرى من ٕتارة وزراعة وصناعة ،وذلك قد يفسر بالسياسات اليت عمدت إليها الدولة ُب ٣تاؿ التشغيل
حيث ًب اعتماد برامج سجلت حصيلة تطبيقها التمركز القوي للمستفيدين ُب اإلدارة على حساب
القطاعات اإلنتاجية األخرى منها عقود ما قبل التشغيل اليت وجهت أساسا ٟتاملي الشهادات اٞتامعية،
ووفقا للجدوؿ أدناه ا٠تاص بتوزيع اليد العاملة من 1997ـ إٔب 2015ـ فإف حصة قطاع التجارة
وا٠تدمات والقطاع اإلداري ٣تتمعة بلغت %61عاـ 2015ـ مقابل تدين اليد العاملة ُب قطاعات أخرى
خاصة منها القطاع الزراعي الذي عرؼ تدنيا تدر٬تا وصل إٔب %08.7عاـ 2015ـ.
1
الجدول رقم :26توزيع اليد العاملة حسب القطاعات ( 2225-2997بالنسبة المئوية)
1
http://www.ons.dz الديواف الوطٍت اإلحصاء:
165
16.8 17.8 16.62 17.22 15.07 10.44 09.99 10.3 البناء
واألشغاؿ
العمومية
وما ٯتكن أف يفسر ىذا التوجو ا١تستمر إٔب القطاع العمومي خاصة اإلداري منو ىو اٞتاذبية الدائمة
للوظائف اٟتكومية وما ٖتققو من استقرار وظيفي مقابل اإلحساس الدائم با٠تطر وتذبذب الوظيفة ُب
القطاع ا٠تاص.
باإلضافة إٔب تضخم األجهزة اإلدارية من حيث ا٢تياكل واليد العاملة ،فإهنا تعرؼ أيضا تفشي مظاىر
.1التغَت ا١تستمر ُب القيادات اإلدارية سواء على مستوى اٟتكومات والوزارات ا١تختلفة أو على مستوى
الوحدات واألجهزة اٟتكومية ،فمن 1988إٔب 2002تقلد 190شخصا 40منصبا وزاريا وبلغ
متوسط الفًتة الزمنية لعمل الوزير ُب وزارة واحدة 13شهرا و 27يوما ،ويبدو من خبلؿ اٞتدوؿ أدناه
عدـ االستقرار اٟتكومي ،حيث أقصى مدة لكل حكومة ال تتجاوز 03سنوات وأدىن مدة قد تصل إٔب
03أشهر كما ُب حكومة عبد اجمليد تبوف لعاـ 2017أو ما يقارب 08أشهر كما ُب حكومة بن بيتور
لعاـ .1999
166
1
الجدول رقم :27قائمة الحكومات الجزائرية نوفمبر -2988مارس.2229
167
وعدـ االستقرار اٟتكومي يصاحبو عادة الكثَت من عمليات اإللغاء واالستحداث والدمج والفصل ُب
-تذبذب السياسة العامة للحكومة وكذا الوزارات ،حيث لكل رئيس حكومة ووزير أسلوبو ا٠تاص ُب رسم
-استحداث الوزارات ودمج األخرى ببعضها البعض أدى إٔب ضعف الرقابة اإلدارية وغياب التنسيق وصعوبة
عملية االتصاؿ.
-خلق آثار نفسية سيئة لدى األمناء العاموف للوزارات ومديري ورؤساء ا١تصاّب والقيادات العليا األخرى اليت
تقوـ بتنفيذ سياسات الوزراء ا١تتعاقبُت ٦تا ٬تعلهم ُب وضع إداري حرج مع مرؤوسيهم( 1.التغَت ُب القيادات
ٚ -تود القوانُت ُب الوظيف العمومي وعجزىا عن مسايرة ظروؼ ا١ترحلة الراىنة وما صاحبها من تطورات
وختاما ٯتكن القوؿ أف اٞتهاز اإلداري ُب اٞتزائر ىو أداة ُب خدمة الدولة الريعية٢ ،تذا ٓب يتمكن بعد
من التخلص ٟتد اآلف من أغلبية مظاىر النظاـ االشًتاكي خاصة منها التضخم الوظيفي ومظاىر الفساد
والتسيب اإلداري.
ٖتيط بكل نسق إداري بيئة اقتصادية واجتماعية ذات خصائص ثقافية تشكل ٥ترجات ىذا النسق
وٖتدد معا١تو ،والنسق اإلداري اٞتزائري كباقي األنساؽ متأثر بطبيعة اجملتمع اٞتزائري ٓتصوصياتو
168
االقتصادية والثقافية واالجتماعية اليت تعد دراستها من أىم ا١تداخل اليت ٘تكننا من فهم ٥ترجات ىذا
النسق.
يعتمد االقتصاد اٞتزائري على مداخيل النفط كمصدر أساسي ١تداخيل الدولة٦ ،تا انعكس بشكل
مباشر على آليات إدارة الدولة ٢تذا االقتصاد وطبيعة الدور الذي تباشره أجهزهتا البَتوقراطية.
ٮتتلف الكتاب حوؿ تعريف مصطلح اقتصاد الريع إال أف أغلبهم متفقوف على مضموف واحد وىو
االعتماد على على مصدر واحد للدخل ،وكاف "كارؿ ماركس" أوؿ من لفت النظر إٔب ما أٝتاه "
الرأٝتالية الريعية" واليت يقصد هبا ظاىرة اقتصادية اجتماعية يصف من خبل٢تا طبقة رأٝتالية غَت منتجة
اقتصاديا ودخلها يتأتى من خبلؿ امتبلؾ مصادر الريع مثل األراضي والعقارات ا١تؤجرة حىت األسهم
1
والسندات ،وُب علم االجتماع يستعمل للتعبَت على الطبقات الطفيلية غَت ا١تنتجة أو االستهبلكية.
وعليو فإف االقتصاد الريعي ىو اعتماد الدولة على مصدر واحد للريع (الدخل) غالبا ما يكوف مصدرا
طبيعيا ليس ْتاجة إٔب آليات انتاج معقدة سواء كانت فكربة أو مادية كمياه األمطار والنفط والغاز ،وكاف
أوؿ من ربط بُت مفهوـ الريع والدولة ٖتت مسمى "الدولة الريعية" ( )Rentier Stateىو "حسُت
مهدوي" ُب ْتثو ا١توسوـ "٪تط ومشاكل التنمية االقتصادية ُب الدوؿ الريعية حالة إيراف" الذي نشره عاـ
2
.1970
1كنعاف ٛتة غريب عبد اهلل" ،أثر االقتصاد الريعي على النظاـ السياسي" ،مجلة جامعة التنمية البشرية ،مج ،3.ع ،3.آب ،2017ص
.598
2المرجع نفسو ،ص .599
169
وبالنظر إٔب االقتصاد اٞتزائري فهو اقتصاد ريعي بامتياز الرتباطو بعدـ التنويع ُب الصادرات وىيمنة
قطاع احملروقات على بنية االقتصاد ،وىذا ما جعلو دائما عرضة ٢تزات خارجية بفعل العوامل ا٠تارجية،
وأشارت دراسة لصندوؽ النقد الدوٕب عن اٞتزائر إٔب أف ىذه األخَتة تندرج ضمن إطار األسواؽ الصاعدة
اليت ٯتثل فيها قطاع احملروقات نسبة كبَتة جدا من الصادرات ،والناتج الوطٍت ،كما أف قطاع احملروقات يبقى
أىم وأنشط قطاع بنسبة ٪تو تًتاوح ما بُت %6و %7وذلك رغم اٞتهود ا١تبذولة من طرؼ الدولة لدعم
1
النمو االقتصادي خارج قطاع احملروقات.
وانطبلقا من ىذا ا١تعطى فإف االقتصاد اٞتزائري الريعي يعرؼ ّتملة ا٠تصائص التالية:
-ٯتثل القطاع الصناعي %5من الناتج الداخلي ا٠تاـ و %95من ىذا القطاع عبارة عن مؤسسات
صغَتة ومتوسطة.
٘ -تثل ٕتارة التجزئة وا٠تدمات %83من اقتصاد الدولة وتعتمد اعتمادا شبو كلي على الواردات.
-دعم اٞتزائر لبلئحة طويلة من السلع ذات االستهبلؾ الواسع وللمنتجات كا١تشتقات النفطية اليت كلف
استَتادىا مبلغ 3,5مليار دوالر سنة ،2013ليعاد توزيع ىذه احملروقات وا١تشتقات النفطية ُب السوؽ
2
الوطٍت بأسعار ٤تددة إداريا.
-سياسة الدعم اليت تزيد من النفقات وبالتإب تدخل الدولة ،حيث تشَت اإلحصائيات إٔب أف سياسة
الدعم غَت ا١توجهة إٔب الطبقات ا١تعوزة تكلف خزينة الدولة حوإب 25مليار دوالر سنة 2013موجهة
لدعم السلع ذات االستهبلؾ الواسع مثل احملروقات وا١تشتقات البًتولية وا١تواد الغذائية واألدوية ،حيث
وصل حجم استَتاد ا١تواد الغذائية عاـ 2014مبلغ 12مليار دوالر و 14مليار دوالر سنة ،2015
171
يضاؼ إٔب ذلك مبلغ 02مليار دوالر الستَتاد األدوية واللوازـ الطبية متوقعة سنة ،2014وما يعاب
على سياسة الدعم ا١تعممة أهنا سياسة مكلفة وتشجع الدعم على زيادة االستهبلؾ ومن ٍب على ارتفاع
حجم الواردات ،حيث سجل بنهاية الفصل الثالث من العاـ 2014مبلغ 8,63مليار دوالر من ا١تواد
1
الغذائية ا١تستوردة مع تكسَت اإلنتاج الوطٍت من خبلؿ التسهيبلت ا١توجهة للمستوردين.
-درجة االرتباط بُت زيادة اإليرادات من الصادرات النفطية وتراجع الصادرات من ا١تنتجات األخرى ىي
مؤكدة ،فالصادرات خارج احملروقات كانت ٘تثل قبل الصدمة البًتولية األؤب سنة 1971حوإب %25
من إٚتإب الصادراتٍ ،ب أصبحت %12سنة 1974بعد االرتفاع الكبَت األوؿ ُب أسعار البًتوؿٍ ،ب
2
بلغت 2,25فقط سنة .2008
-بقاء الصادرات خارج احملروقات ىامشية وضئيلة نتيجة ضعف مسا٫تة بقية القطاعات ُب العملية
اإلنتاجية ،إذ ساىم القطاع الزراعي سنة ٔ 2009تعدؿ ٍ %05,5ب %05سنة ،2010ليصل إٔب
08,6سنة 2011نتيجة الربامج االستثمارية ا١تسطرة من طرؼ الدولة للنهوض هبذا القطاع كربامج
التجديد الفبلحي والتنمية الريفيةُ ،ب حُت أف مسا٫تة القطاع الصناعي تبقى ضعيفة رغم كل ما يبذؿ من
جهود .حيث ٓب يتعد ٪تو ىذا القطاع سوى 09,2سنة ٍ ،2009ب %01سنة ،2010لينخفض إٔب
3
%04,9سنة .2011
-النمو االقتصادي ا١تكلف إذ ٬تب ضخ الكثَت من ا١تاؿ لربح نقطة ُب ٪تو الناتج الداخلي ا٠تاـ ،ىذا
النمو ناتج عن االرتفاع ا١تعترب للنفقات العمومية واليت ٘تو٢تا الدولة بواسطة إيرادات احملروقات ،فقد
171
استخدمت اٞتزائر مثبل %15من الناتج الداخلي ا٠تاـ خبلؿ سنيت 2004و 2005لتحقيق نسبة ٪تو
ومن خبلؿ ىذه ا٠تصائص يتضح أف االقتصاد اٞتزائري ىو اقتصاد ريعي قائم على ٤تورية قطاع
احملروقات كمصدر أساسي للدخل ،إضافة إٔب ارتفاع النفقات العمومية ُب ظل توسع سياسة االستهبلؾ
وسياسات الدعم وىي كلها خصائص زادت من الدور احملوري للجهاز اإلداري ُب إدارة االقتصاد واجملتمع.
-وظيفة إنتاج ا٠تدمات وا١تنافع غَت ا١تادية كالدفاع ،العدالة ،الًتبية ،الصحة.
-وظيفة ٖتقيق االستقرار االقتصادي والتوازف ا٠تارجي من خبلؿ القياـ بسياسات ىيكلية.
-تنظيم ا١تنافسة ُب إطار السوؽ وآليات االنتماء إٔب ا٢تيئات الدولية وتنسيق السياسات االقتصادية ُب
غَت أف الدولة ُب ظل االقتصاد الريعي تلعب دورا مركزيا ُب إدارة االقتصاد يتعدى ىذه الوظائف ،وىذا
ما يصعب عملية التحوؿ من اقتصاد موجو إٔب اقتصاد منفتح على آليات السوؽ كما ىو األمر بالنسبة
للجزائر.
لقد ورثت اٞتزائر عن العهد االستعماري ىيكبل اقتصاديا رأٝتاليا ٭تمل تناقضات جوىرية وعاشت ُب
السنة األؤب من االستقبلؿ مرحلة صعبة ٧تمت عن رحيل أكثر من أربعة أٜتاس من ا١تستوطنُت ٦تا خلف
1
N. Bouzidi, le rôle de l'état dans l'économie, IDARA, V.05, N. 02, 1995, pp 50-53.
172
دمارا كبَتا ُب االقتصاد ،كما شهدت السنوات األؤب انتقاؿ الربجوازية الصغَتة من الريف إٔب ا١تدف
واستحواذىا على الفراغ الناجم عن ىجرة الرأٝتاليُت االستيطانيُت وحلو٢تا ٤تلهم ُب القطاعات اإلنتاجية
1
والصناعية.
وتبنت الدولة ُب إطار النهج االشًتاكي ٚتلة من السياسات للنهوض باالقتصاد الوطٍت وتلبية حاجات
ا١تواطنُت ،أ٫تها:
.1التسيَت الذاٌب من خبلؿ مرسوـ 22مارس 1963الذي استكمل مراسيم 1962ا٠تاصة باألمبلؾ
الشاغرة ،كما أنو ًب تبٍت نفس األسلوب ُب اجملاؿ الصناعي غَت أنو ٓب ينجح كما ُب القطاع الزراعي ،أما
2
٣تاؿ احملروقات فقد كاف ٖتت السيطرة الفرنسية وفقا ١تا نصت عليو اتفاقيات ايفياف.
وصعب غياب الكوادر والعماؿ ا١تؤىلُت عملية تنظيم االقتصاد ُب السنوات األؤب لبلستقبلؿ ُب ظل
أولوية التنظيم السياسي اليت كانت مطروحة بُت النخب ا١تتصارعة حوؿ السلطة ،وبذلك ٓب تتجسد سياسة
اقتصادية واضحة ا١تعآب إال بعد الفصل ُب مسألة تنظيم السلطة وٖتقيق االستقرار السياسي الذي بدأ مع
3
٣تيء الرئيس "ىواري بومدين" إٔب سدة اٟتكم.
.2سياسات التأميم من خبلؿ تركيز الدولة ُب ا١ترحلة األؤب على تأميم ٣تموع أراضي القطاع االستعماري
ٍب اإلشراؼ على الشركات الوطنية ابتداء من ،1967ليتحوؿ التأميم إٔب عملية نظامية منذ 1968واليت
4
توجت ُب 1971بتأميم قطاع الغاز واحملروقات.
1علي غريب ،واقع التنمية ُب اٞتزائر :دراسة سوسيولوجية للصراع الصناعيُ ،ب :سليماف الرياشي وآخروف ،األزمة الجزائرية الخلفيات
السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية ،1996 ،ص ص .282،281
2نور الدين زماـ ،مرجع سابق ،ص ص .112،111
3
Mohamed Tahar Bensaada, Op, Cit , p125.
4علي غريب ،مرجع سابق ،ص ص 185،184
173
.3القطاع العاـ :ساىم ا٨تسار أسلوب التسيَت الذاٌب وعملية التأميم وكذا االعتماد على ٪توذج الصناعات
على تدخل الدولة ُب قيادة العملية التصنيعية ُب تفعيل دور القطاع العاـ٢ ،تذا االعتبار باشرت الدولة
1
سياسة التخطيط ابتداء من .1967
.4التخطيط :شكل أىم خاصية من خاصيات االقتصاد اٞتزائري ،وىو عملية كانت تقوـ هبا الدولة
لتنسيق عملية اٗتاذ القرار على ا١تديُت ا١تتوسط والطويل ،وقد اقًتحت ا١تديرية العامة للتخطيط والدراسات
االقتصادية سنة ٥ 1967تططا اقتصاديا يقوـ على تفعيل وٕتسيد نظاـ الصناعات ا١تصنعة كوسيلة ونظاـ
2
اقتصادي قادر على ٖتقيق التنمية ُب كافة القطاعات واالندماج ُب االقتصاد العا١تي.
وعليو يربز بوضوح أف السياسات االقتصادية اليت اعتمدهتا اٞتزائر ُب بناء الدولة ىدفت إٔب بناء
رأٝتالية الدولة من خبلؿ التخطيط ا١تركزي وا١توجو واسًتجاع وتأميم الثروات الوطنية وتشجيع القطاع العاـ،
وىي سياسات جعلت من الدولة الفاعل الرئيسي ُب ٖتقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية ،إضافة إٔب
مسا٫تة االقتصاد االشًتاكي ُب نشوء برجوازية صغَتة أو برجوازية الدولة اليت شكل البَتوقراطيوف جزءا
أساسيا فيها ،وىي الربجوازية اليت ىيمنت على جهاز الدولة مباشرة بعد االستقبلؿ وآب تسمح للربجوازية
التقليدية بالصعود ،وُب ىذا الشأف يذكر "برونو ايتياف" ( )Bruno Etienneأف ا١توظفُت اٞتزائريُت
بعد االستقبلؿ استحوذوا على أماكن الفرنسيُت وما أىلهم لذلك ىو كفاءاهتم مقارنة با١تناضلُت ُب حزب
3
جبهة التحرير الوطٍت ،أي أف البَتوقراطية ىي اليت سيطرت على وسائل اإلنتاج.
174
كما أف ٪توذج الصناعات ا١تصنعة أعطى أ٫تية كبَتة لرأس ا١تاؿ على حساب العمل وركز على بناء
قاعدة صناعية أو ما يعرؼ بالصناعات اإلنتاجية وأرجي االىتماـ بعآب الشغل فوصلت نسبة البطالة ُب
سنة 1986إٔب ،%17,4وذلك ما أدى إٔب سيادة التقانة وهتميش مواقع الطبقات العاملة ،وترتب عن
1
ذلك ميل طبيعي إٔب إحبلؿ اإلدارة ٤تل النقابة واٟتزب.
إف الظروؼ االقتصادية الصعبة للجزائر غداة إعبلف االستقبلؿ جعلت النخب اٟتاكمة فيها تكثف
اٞتهود لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية وذلك بتسخَت كل اإلمكانيات ا١تمكنة مع جعل اٞتهاز
البَتوقراطي أىم ىذه الوسائل ،غَت أف ذلك جعل من البَتوقراطية جزءا من الربجوازية واستطاعت من
خبلؿ استحواذىا على أىم ا١تناصب ُب السلطة أف ترسم السياسات االقتصادية اليت ٗتدـ مصاٟتها ُب
ظل الدعم واألولوية اليت منحهما ٢تا النظاـ السياسي ُب تلك ا١ترحلة.
وعليو ٯتكن القوؿ أف البَتوقراطية كجهاز فعاؿ مهمتو ٖتقيق التنمية االقتصادية كاف من أىم ما أفرزه
ظهور الربجوازية ُب الغرب لكن ُب اٞتزائر بصفتها جزءا من الدوؿ النامية فالبَتوقراطية ىي من سا٫تت ُب
بناء الربجوازية اليت بقيت دائما ضمن إطار الدولة ،مع إلغاء دور الربجوازية التقليدية منذ إعبلف
االستقبلؿ.
إف اعتماد جهاز اإلنتاج على احملروقات قد جعلو خاضعا لتقلبات أسعار ىذه السلعة ،فمع حلوؿ هناية
سنة 1988عرفت أسعار البًتوؿ ا٩تفاضا وصل إٔب 13دوالرا ٦تا أدى إٔب ا٩تفاض معدالت النمو
االقتصادي إٔب %0.6ونزوؿ عدد مناصب الشغل اٞتديدة من 122000إٔب 74000منصبا أي
2
بنسبة قريبة من .%40
175
ونتيجة ٢تذه األزمة ًب إجراء إصبلحات اقتصادية ُب اٞتزائر كاف ىدفها اإلحبلؿ من تدخل الدولة
وتشجيع القطاع ا٠تاص ،حيث كرس دستور 1989التحوؿ ٨تو االنفتاح االقتصادي بتبنيو ١تبادئ
1
جسدت االنتقاؿ من االقتصاد االشًتاكي ا١توجو إٔب االقتصاد اٟتر ٘تاشيا مع التحوالت السياسية.
لقد عرؼ االقتصاد اٞتزائري انطبلقا من ىذه ا١ترحلة ٚتلة من اإلصبلحات ٘تثلت ُب صدور القانوف
رقم 25-90ا١تتعلق بالتوجيو العقاري ،وكذا القانوف رقم 19-87احملدد لكيفية استغبلؿ األراضي
الفبلحية التابعة لؤلمبلؾ الوطنية والذي ٔتقتضاه ًب إعادة األراضي ألصحاهبا األصليُت وٖتويل باقي
األراضي إٔب مستثمرات فبلحية ومزارع ٪توذجية 2،إضافة إٔب صدور القانوف رقم 10-90ا١تتعلق بالنقد
والقرض والذي ٘تيز بفتح فروع ُب اٞتزائر للبنوؾ وا١تؤسسات ا١تالية األجنبية والًتخيص للمقيمُت وغَت
ا١تقيمُت بتحويل رؤوس األمواؿ بُت اٞتزائر وا٠تارج لتمويل مشاريع اقتصادية3،إٔب جانب صدور قانوف
النقد والقرض رقم 10/90ا١تؤرخ ُب ،1990/04/14و قانوف توجيو االستثمارات رقم 12/93ا١تؤرخ
ُب .1993/10/05
وصاحب ىذه اإلصبلحات تطورات أمنية خطَتة أدت إٔب ا١تساس بالكثَت من ا١تؤسسات االقتصادية
واالجتماعية العم ومية ،الشيء الذي جعل االقتصاد الوطٍت يعاين من اختبلالت فاقمت الوضع االقتصادي
٘تثلت ُب تراجع النمو االقتصادي ْتوإب %2وارتفاع معدالت البطالة وارتفاع التضخم إٔب ٦ %2.5تا
1غَت ىذا الدستور من عبلقة الدولة باالقتصاد من خبلؿ اإلصبلحات اليت تبنها ،وىي:
-إسقاط عبارة االشًتاكية اليت تضمنها دستور 1976من مادتو 10أب .24
-حصر ا١تلكية العامة ُب الثروات الطبيعية اٟتية أو ا١تيتة وا١ترافق الطبيعية ،عكس دستور 1976الذي تنص مادتو 14على أف ٚتيع
األمبلؾ مؤ٦تة.
ٕ -تنب دستور 1989التنصيص على كيفية ا١تلكية العامة.
-إقرار دستور 1989حق ا١تلكية ا٠تاصة دوف قيد سواء كانت فردية أو ٚتاعية.
ٗ -تلي دستور 1989عن احتكار الدولة للتجارة ا٠تارجية وٕتارة اٞتملة.
2عبد النور ناجي ،مرجع سابق ،ص ص .163-160
3المرجع نفسو ،ص ص.173،174
176
حتم على السلطات االتصاؿ با١تؤسسات النقدية الدولية (صندوؽ النقد الدوٕب ،البنك الدوٕب)1 ،حيث
قامت حكومة "مولود ٛتروش" من سبتمرب 1989إٔب جواف 1991اليت عرفت ْتكومة اإلصبلحات
وضمت النخبة التكنوقراطية بالدخوؿ مباشرة ُب اقتصاد السوؽ بتوجيو رسالة من طرؼ وزارة االقتصاد إٔب
صندوؽ النقد الدوٕب والبنك الدوٕب ،ليتم بعد ذلك إبراـ اتفاقي "ستاند باي" 1994وبرنامج التعديل
ا٢تيكلي لسنة 1995لفك ا٠تناؽ على الديوف ا٠تارجية و٤تاربة الركود االقتصادي.
حيث اعتمدت اٞتزائر من خبلؿ ىذين االتفاقُت على برنامج االستقرار االقتصادي والذي ىو عبارة
عن اتفاؽ لبلستعداد االئتماين مدتو سنة يهدؼ إٔب رفع معدؿ النمو االقتصادي واحتواء وتَتة التضخم
وإعادة توازف ميزاف ا١تدفوعات ،وقد ٘تكنت من ٗتفيض التضخم إٔب % 29بدال من % 40ا١تتوقعة
وٖتسُت احتياطات الصرؼ ،ورغم ىذه النتائج إال أف ىذه اإلصبلحات ٓب تثبت فعاليتها ألف السلطات ٓب
تستطع منع تراكم خسائر ا١تؤسسات العامة ،إضافة إٔب عدـ فعالية اإلصبلحات ا١تتعلقة با١تؤسسات ٦تا
جعل النظاـ السياسي يلجأ إٔب تطبيق برنامج ثاين وىو برنامج التعديل ا٢تيكلي 1998-1995الذي
يهدؼ إٔب ٖتقيق ٪تو متواصل بقيمة % 5خارج احملروقات وٗتفيض التضخم وعجز ا١تيزانية والتحرير
التدر٬تي للتجارة ا٠تارجية مع ٗتلي الدولة عن سياسة الدعم لكل القطاعات ووضع إطار تشريعي
2
للخصخصة.
وعلى مستوى القطاع العاـ وا٠تصخصة ًب إعادة ا٢تيكلة العضوية وا١تالية من خبلؿ تفكيك الشركات
3
الكربى إٔب مؤسسات صغَتة اٟتجم ليمكن التحكم فيها إال أف ذلك ٓب ٭تقق األىداؼ ا١ترجوة،
1عبد اهلل بن دعيدة ،التجربة اٞتزائرية ُب اإلصبلحات االقتصاديةُ ،ب :عبد العزيز شرايب وآخروف ،اإلصالحات االقتصادية وسياسات
الخصخصة في البلدان العربية ،بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية ،1999 ،ص ص .363-361
2المرجع نفسو ،ا١تكاف نفسو.
3
عمار عماري " ،االقتصاد اٞتزائري ،ا١تاضي القريب واستشراؼ ا١تستقبل" ،مجلة العلوم اإلنسانية ،ع ،14ديسمرب ،2000ص ص
.195،194
177
وتعمقت اإلصبلحات ُب عاـ 1995بصدور القانوف ا١تتعلق برؤوس األمواؿ السلعية التابعة للدولة ،و٘تت
إعادة تنظيم ا١تؤسسات العمومية االقتصادية ُب إطار شركات قابضة صناعية ومالية ،وأصبح القطاع
العمومي يعمل ضمن نظاـ اقتصادي ًب ٕتديده وغَت احتكاري معرض للمنافسة وتسيَته منفصل عن
التسيَت السياسي 1،وبفعل ا١ترسوـ الرئاسي رقم 95-22ا١تتعلق ٓتصخصة بعض ا١تؤسسات االقتصادية
العمومية بدئ ُب تنفيذ ىذه العملية ُب أفريل 1996واليت مست 200مؤسسة عمومية ٤تلية صغَتة
يعمل معظمها ُب قطاع ا٠تدمات ،وُب هناية عاـ 1996ـ تسارعت عملية حل الشركات وخصخصتها
بعد إنشاء 5شركات جهوية قابضة وحل أكثر من 800مؤسسة ٤تلية ،واعتمد برنامج ثاين للخصخصة
ُب هناية 1997ركز على ا١تؤسسات العامة الكربى وىدؼ إٔب بيع 250مؤسسة خبلؿ الفًتة ما بُت
2
1998و.1999
و٦تا سبق ذكره نبلحظ أف البَتوقراطية ُب اٞتزائر غَتت أساليب إدارة االقتصاد اليت اعتمدهتا قبل
االنفتاح االقتصادي واعتمدت آليات جديدة قامت أساسا على التعامل مع ا١تؤسسات ا١تالية الدولية
وإعادة تنظيم القطاع العاـ وا٠تاص إلعادة التوازف القتصادىا بعد األزمة اليت عرفها إثر ا٩تفاض أسعار
البًتوؿ ،وبالتإب فدور الدولة قد زاد ُب ظل التعامل مع ا١تؤسسات ا١تالية الدولية واإلشراؼ على الربامج
ا١تتفق عليها ،كما أف أغلب ا١تؤسسات الناشئة ُب ىذه ا١ترحلة إتهت أغلبها إٔب االستَتاد ٦تا كرس التبعية
ومباشرة بعد سنة 2000بدأت فًتة البحبوحة ا١تالية إثر ارتفاع أسعار البًتوؿ ،واختارت السلطات
العمومية اإلنعاش من أجل ٖتسُت النتائج االقتصادية الكلية مع االعتماد على ثبلث ٥تططات:
1عبد اجمليد بوزيدي ،تسعينيات االقتصاد الجزائري .اٞتزائر :موفم للنشر والتوزيع ،1999 ،ص.101
٤ 2تمد راتوؿ ،العو١تة االقتصادية وٖتوالت االقتصاد اٞتزائري ،الملتقى الدولي األول حول العولمة وانعكاساتها على البلدان العربية.
جامعة سكيكدة 14-13 ،ماي .2001
178
٥ -تطط دعم اإلنعاش االقتصادي :2004-2001 :خصص لو غبلؼ مإب بقدر 7مليار دوالر،
وكانت الفبلحة ا١تستفيد األكرب منو ،كما مشل النقل والسكن والري وا٢تياكل القاعدية والتنمية احمللية.
-ا١تخطط التكميلي لدعم النمو االقتصادي :2009-2004 :خصصت لو اعتمادات مالية ٔتبلغ
150مليار دوالر ،ومشل ٚتيع القطاعات خاصة السكن والصحة والغاز والكهرباء وا٢تياكل القاعدية
(الطريق السيار).
-ا١تخطط التكميلي لدعم النمو :2014-2010 :خصص لو غبلؼ مإب بقيمة 286مليار دوالر،
1
ومشل أيضا ا٢تياكل القاعدية وقطاع ا٠تدمات.
وما يؤخذ على ىذه ا١تخططات ىو عدـ إجراء مشاورات حو٢تا خارج الدوائر الرٝتية إال ُب حدود
ضيقة (النقابات ،أرباب العمل ،ا٠ترباء ،ا١تنظمات غَت اٟتكومية) ،كما أف ا١تبالغ ا١تنفقة وصلت ُب آفاؽ
2014حوإب 500مليار دوالر ،أضف إٔب ذلك أف ىذه ا٠تيارات ٓب تكن لتنجح ُب ظل نقص التأىيل
2
وعدد ونوعية ا١تقاولُت والبَتوقراطية ا١تفرطة وسوء التسيَت وغياب ا١تشاورات.
كما أف ىذه ا١تخططات تنم عن استمرار لعب الدولة لدور مركزي ُب إدارة االقتصاد ،ومعدالت اإلنفاؽ
العالية تبقى من أىم خصائص الدولة الريعية اليت تركز على إنفاؽ مداخيل النفط لضماف االستقرار
السياسي وتكريس السياسة االستهبلكية مقابل غياب شبو كلي لربامج التنمية واإلنتاج.
ترتبط العوامل االجتماعية احملددة لدور اٞتهاز اإلداري بالنمو السكاين و٣تمل ا١تؤشرات ا١ترتبطة بو،
فالنشاط اإلداري موجو لتقدًن ا٠تدمات وتلبية اٟتاجات األساسية للسكاف٢ ،تذا فازدياد معدالت النمو
1عبد اٟتق لعمَتي ،عشرية الفرصة األخيرة ،االقتصاد الجزائري االزدىار أو االنهيار ? .اٞتزائر :منشورات الشهاب ،2015 ،ص ص
.82 ،81
2المرجع نفسو ،ص ص .84،83
179
الدٯتغراُب ٘تثل أىم ٖتدي يواجو السلطة وباألخص األجهزة البَتوقراطية ا١تطالبة بالتكيف مع ا١تشاكل اليت
يعترب النمو الدٯتغراُب أىم ا١تسائل االجتماعية اليت توليها الدوؿ اىتماما بالغا لكوف عدد السكاف ىو
من أىم عوامل قوهتا من جهة ومن أىم التحديات اليت تواجهها من جهة أخرى ،و٢تذا السبب طا١تا اىتم
لقد قاـ االستعمار الفرنسي أثناء تواجده باٞتزائر بتبٍت ٚتيع السياسات واألساليب القمعية هبدؼ إبادة
اٞتزائريُت وتكريس استيطاف ا١تعمرين ،أضف إٔب ذلك الظروؼ ا١تزرية اليت عاشها اٞتزائريوف واليت عمها
الفقر واألمراض واألوبئة الفتاكة ،وقد قدر عدد السكاف مباشرة بعد االستقبلؿ ب 10مبليُت نسمة.
بعد االستقبلؿ عمدت اٞتزائر إٔب خفض سن الزواج لزيادة اإل٧تاب وتعويض الوفيات وىذا ما أدى إٔب
ارتفاع ا٠تصوبة إٔب أقصاىا بداية السبعينات وصاحب ىذا االرتفاع ا٩تفاض ُب الوفيات ٦تا تسبب ُب
مشكلة االنفجار السكاين سنوات الثمانينات ،وبقي النمو الطبيعي يفوؽ %03إٔب غاية 1،1985غَت
أف اٞتزائر سجلت ا٩تفاضا ُب معذؿ النمو الطبيعي الذي ٓب يتجاوز %1.48سنة 2000مع زيادة ُب
عدد السكاف من 25.02مليوف نسمة إٔب 30.46مليوف نسمة ،وتراوح معدؿ النمو بُت عامي
2
2010و 2013بُت %2.03و.%2.07
وخبلؿ سنة 2014عرؼ عدد السكاف ا١تقيمُت ُب اٞتزائر زيادة طبيعية قدرت ب 480000نسمة،
أي ما يعادؿ ٪تو طبيعي %2.15وىو ارتفاع معترب مقارنة بسنة 2013حيث بلغ ،%2.07
ومايبلحظ تضاعف للنمو الطبيعي السكاين خبلؿ 15سنة األخَتة حيث انتقل من 449000إٔب
1ٯتينة قوراح ،فضيلة الشعويب" ،االنتقاؿ الدٯتغراُب ُب اٞتزائر" ،مجلة العلوم االجتماعية ،ع ،13جويلية ،2015ص .83
2
-http:// www.ons.dz دٯتغرافيا اٞتزائر ،الديواف الوطٍت لئلحصائيات:
181
840000بُت عامي 2000و 1،2014أما ُب 2018فقدر عدد السكاف ا١تقيمُت ُب اٞتزائر ب
42578000نسمة بنمو طبيعي قدر ب 845000نسمة ونسبة ٪تو طبيعي ب %1.99مع تراجع
2
قدر ب 0.1مقارنة بعاـ .2017
إف ا١تبلحظ ىو أف عدد السكاف منذ 1990إٔب غاية 2018قد عرؼ تزايدا مستمرا حيث ارتفع من
25.02مليوف نسمة إٔب أكثر من 42مليوف نسمة ،وبالرغم من ذلك تبقى معدالت النمو متوسطة
مقارنة بالثمانينيات حيث ٓب تتجاوز %03وذلك راجع لعدة اعتبارات أ٫تها تغَت ثقافة اإل٧تاب عند
األجياؿ اٞتديد ة ا١تتأثرة باأل٪تاط السلوكية الغربية أضف إٔب أسباب اقتصادية مرتبطة بتدين القدرة الشرائية
ويبقى النمو الدٯتغراُب من أكثر التحديات اليت تواجو أي نظاـ سياسي بالنظر إٔب ا١تؤشرات االجتماعية
ا١ترتب ط بو ،واليت يعكس واقعها صورة إدارة الدولة الحتياجات مواطنيها ودرجة استجابتها ١تتطلباهتم
وتطلعاهتم.
-البطالة:
شهدت اٞتزائر ارتفاعا ُب البطالة منذ األزمة اليت تعرض ٢تا االقتصاد ُب الثمانينات إثر ا٩تفاض أسعار
البًتوؿ ،حيث قدرت ُب 1985ب %16.5لًتتفع بعدىا إٔب % 21.3سنة 1992وكأقصى حد
3
%28ابتداء من .1995
-http://www. ons. dz 1دٯتوغرافيا اٞتزائر ( 2014عدد اإلصدار :)690الديواف الوطٍت لئلحصائيات
-http://www. ons.dz 2دٯتوغرافيا اٞتزائر ( 2018عدد اإلصدار :)853الديواف الوطٍت لئلحصائيات:
3عبد اجمليد بوزيدي ،مرجع سابق ،ا١تكاف نفسو.
181
أما ُب مرحلة اإلصبلحات االقتصادية ا١تدعومة من قبل صندوؽ النقد الدوٕب والبنك العا١تي فتميزت
معدالت البطالة با١تيل إٔب االرتفاع وىذا ما كشف عن ٤تدودية السياسات اليت ًب تبنيها ُب القضاء على
البطالة على ا١تدى القصَت ،حيث ارتفعت من %18سنة 1989إٔب %24سنة ٍ 1993ب إٔب %28
سنة 1995لتصل سنة 1997إٔب 1،%30أضف إٔب ذلك سياسة إعادة ىيكلة ا١تؤسسات العمومية
2
اليت اتبعتها اٞتزائر واليت أدت إٔب بلوغ عدد ا١تسرحُت ُب جواف 1998إٔب حوإب 213ألف عامل،
عاـ ، 2016وما يفسر ذلك اإلصبلحات االقتصادية وبرامج اإلنعاش االقتصادي اليت ًب تبنيها واليت كاف
فيها للتشغيل حصة األسد ،حيث ًب إقرار ٣تموعة من سياسات وبرامج التشغيل كربنامج عقود ما قبل
3
الجدول رقم :28تطور معدالت البطالة بين .2226-2999
2016 2015 2010 2007 2006 2005 2004 2001 1999 السنة
09,9 11,29 النسبة 10 11,8 12,3 15,3 17,3 27.3 29,3 %
1حدة أوضايفية ،التنمية باالعتماد على الذات :بُت ا١تواثيق والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .243
٤ 2تمد راتوؿ ،مرجع سابق.
- 3الديواف الوطٍت لئلحصائياتُ ،ب:
http://www.ons.dz
182
-ازدياد معدالت البطالة يؤثر على الدولة وبالضرورة يزيد من أعبائها من حيث خلق ا١تشاريع وتوسيع
-إف اٞتهاز اإلداري ما يزاؿ يستحوذ على اٞتزء األكرب من اليد العاملة واليت تشكبل عبئا على ميزانية
الدولة وتزيد من تضخم اٞتهاز اإلداري٦ ،تا يزيد من مظاىر الفساد ُب ظل تفشي سلوكيات مرتبطة
باالقتصاد الريعي غَت ا١تنتج ،حيث يظهر من خبلؿ اإلحصائيات الواردة ُب اٞتدوؿ أدناه أف اٞتهاز
اإلداري استحوذ على اٞتزء األكرب من اليد العاملة اليت قدرت ب %23.1سنة 1997وارتفعت إٔب
%32.3سنة ،2000وىي نسبة مضاعفة لليد العاملة ُب قطاعات أخرى خاصة منها الفبلحة
والصناعة ،وحىت مع إقرار مشاريع اإلنعاش االقتصادي وسياسات االنفتاح فالقطاع ا٠تدماٌب والتجاري
واإلداري بقي ٤تافظا على الريادة من عاـ 2000إٔب عاـ 2015بارتفاع النسب من %54إٔب
،%61ومرد ذلك سياسات التشغيل اليت اعتمدت عليها الدولة ُب مواجهة البطالة خاصة منها عقود ما
قبل التشغيل اليت قامت على أساس إدماج حاملي الشهادات من التعليم العإب وخر٬تي معاىد التكوين،
وما ميز ىذا النوع من الصيغ ىو الًتكيز على التوظيف ُب اإلدارات العمومية كالوزارات واٞتماعات احمللية.
الجدول رقم :29إحصائيات عن اليد العاملة وموقع الجهاز اإلداري منها ( .)2225-2997
1
(بالنسبة المئوية)
1
-http://www. ons. dz الديواف الوطٍت لئلحصائيات:
183
واألشغاؿ
العمومية
-التعليم:
إف التعليم ُب اٞتزائر حق مضموف وإجباري ،تنظمو الدولة ،وىو كحق كفلتو كل الدساتَت منذ
االستقبلؿ.
إف الواقع التعليمي ا١تتصف باٞتمود الذي عرفتو اٞتزائر والذي امتد من بداية االستعمار الفرنسي إٔب
االستقبلؿ ىو ما جعلها ترث قطاعا ومؤسسات تعليمية أشبو ما توصف با٠تراب٦ ،تا استدعى من الدولة
الف تية وكافة القوى الفاعلة ُب اجملتمع أف تضع على عاتقها مسؤولية ترميم ما خربو االستعمار من ىياكل
1
قاعدية للتعليم.
1حوسُت لوشُت" ،مؤسسات التعليم والتكوين ُب اٞتزائر –رؤية لواقع تعليمي متغَت واسًتاتيجية ٖتقيق توازنو ،"-مجلة العلوم االجتماعية
واإلنسانية ،مج ،05ع ،10أكتوبر ،2005ص.12
184
فقد فاقت نسبة األمية بعد االستقبلؿ %95وىو ما حتم على اٟتكومات اٞتزائرية ا١تتعاقبة ٤تاربة ىذه
الظاىرة من خبلؿ رفع نسبة التعليم عن طريق إنشاء ا١تدارس واٞتامعات وا١تعاىد ،وتبٍت ٣تانية التعليم
وإجباريتها على كل طفل بلغ ست سنوات وىو ما ساىم ُب رفع نسبة ا١تتمدرسُت إٔب %98سنة
.2011
وبذلت الدولة منذ االستقبلؿ ٣تهودات معتربة ُب اجملاؿ التنموي وحققت دٯتقراطية التعليم و٣تانتيو
كما عرفت ىيئة التدريس تطورا كبَتا حيث انتقل عدد ا١تعلمُت من 23612معلم سنة 1963إٔب
54659معلم سنة 1970ليصل إٔب 477000بُت أستاذ ومدرس وىو ما ٯتثل %48من الوظيف
العمومي ،أما ُب ٣تاؿ التعليم العإب فقد تطور عدد الطلبة من 2725طالب ُب 1963إٔب 938767
1
طالب عاـ 2007ليصل إٔب 1230000طالب عاـ .2014
أما من ناحية اإلنفاؽ فبلغت نفقات االستثمار ُب قطاع الًتبية 70.33مليار دينار لسنة 2004
ونفقات التسيَت 186.62مليار دينار 2،وبالرغم من ضخامة ىذه النفقات إال أف معدؿ األمية ألكثر
من 15سنة بلغ ،%30.2وبالنظر إٔب اٞتدوؿ أدناه ا١تتعلق ٔتيزانية قطاع التعليم با١تقارنة مع ميزانية
الدولة فا١تبلحظ ىو أف ميزانية قطاع التعليم ٓب تتجاوز %09من 1990إٔب غاية 2015اليت شهدت
ارتفاع ا١تيزانية إٔب ،%15وىي نسبة قليلة من ميزانية الدولة بالنظر إٔب أ٫تية القطاع ُب تكوين رأس ا١تاؿ
البشري الذي يعد العمود الفقري ُب بناء اجملتمعات والنهوض باقتصاداهتا ،كما أف ارتفاع ا١تيزانية إ٪تا مرتبط
ُب اٞتزائر ببناء ا١تؤسسات وا١ترافق التعليمية أكثر منها بالتكوين وٖتديث القطاع ورقمنتو.
1حساف تريكي" ،التنمية وٖتديات النمو السكاين السريع ُب اٞتزائر ،إ٧تازات وإخفاقات" ،مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية
واالجتماعية ،ع ،40ديسمرب .2014
2
عبد اللطيف بن أشنهو ،عصرنة الجزائر ،حصيلة وآفاق .2229-299اٞتزائر :د.ـ.ف ،د.ت.ف ،ص ص.36-35
185
الجدول رقم :22يقارن بين ميزانية الدولة وميزانية قطاع التربية بين سنتي 2992و2225
1
(بالمليون دينارجزائري)
وبالتإب فإف التزايد ُب عدد التبلميذ وعدد ا١تدارس واٞتامعات ال يعترب كافيا لتفعيل التعليم ُب اٞتزائر،
فقطاع الًتبية والتعليم ُب اٞتزائر يعاين من عدة مشاكل عويصة أ٫تها مسألة التكوين وجودة التعليم وجعلو
من أىم الشركاء الفاعلُت ُب ٖتقيق التنمية االقتصادية ،وعليو فإف اٞتهاز البَتوقراطي ُب اٞتزائر يرتبط
ارتباطا شديدا هبذا الواقع ،فهو من جهة مطالب بتحسُت ا٠تدمة ُب ىذا القطاع وىو من جهة أخرى
متأثر ٔتخرجاتو حيث أف البَتوقراطية تتطلب مستوى عاؿ من الكفاءة وا٠تربة واالستثمار ُب ا١تورد البشري
-الصحة:
1عبد الباسط ىويدي ،نظام التعليم في الجزائر وعالقتو باالستراتيجيات التنموية .األردف :دار اٟتامد للنشر والتوزيع ،ط،2016 ،1.
ص.64.
186
ورثت اٞتزائر سنة 1962حالة صحية مًتدية ومتدىورة ،وٓب تكن تتوفر قبل سنة 1965إال على
1319طبيبا منهم 285جزائريا ،وكانت السياسة الصحية خبلؿ ىذه الفًتة ٤تدودة ُب خياراهتا جراء
ضعف الوسائل ا١تتوفرة لو٢ ،تذا ًب الًتكيز على إعادة إنشاء البنايات وا٢تياكل اليت خلفها االستعمار ،إضافة
1
إٔب الًتكيز على اٟتمبلت التلقيحية ضد األمراض الفتاكة.
وما بُت 1965و 1979عرؼ القطاع الصحي مضاعفة ا٢تياكل القاعدية وتعميم صيغة ٣تانية
التعليم ،ومع االىتماـ با١تورد البشري عرؼ عدد األطباء تزايدا عكس ا١تراحل السابقة حيث وصل عدد
األطباء مع سنة 1979إٔب 3761طبيبا مقابل 2320طبيب أجنيب ٦تا يعادؿ طبيا واحدا لكل
2960ساكنا ،ومقابل ذلك وصل عدد أعواف شبو الطيب إٔب ٦ 46966ترضا وعونا.2
ويكشف ُب اٞتزائر عن ضعف النظاـ الصحي ا١تعتمد رغم ا١تيزانيات الضخمة ا١ترصودة ٢تا ،فا٠تلل
يكمن ُب التسيَت حيث أغلب النفقات توجو إٔب التجهيزات على حساب التكوين وتأىيل ا١توارد البشرية
حيث بلغت نسبة النفقات ُب القطاع الصحي من الناتج احمللي ُب اٞتزائر ،%3.2وبلغ عدد األطباء لكل
3
100ألف شخص 85طبيبا ُب الفًتة ا١تمتدة من 1990إٔب .2004
كما أنو ما بُت عامي 2000و 2011جاءت نسبة اإلنفاؽ على الرعاية الصحية ُب ا١ترتبة األخَتة
بعد تونس اليت ىي ُب ا١ترتبة األؤب اليت تطور فيها األنفاؽ من %5.4إٔب ،%6.2يليها ا١تغرب من
4
%4.2إٔب %6وأخَتا اٞتزائر من %3.5إٔب %3.9كنسب من الناتج احمللي اإلٚتإب.
وعليو فإف قطاع الصحة ُب اٞتزائر يعاين من سوء ا٠تدمات ا١تقدمة واستشراء الفساد وضعف البنية
التحتية ُب ىذا اجملاؿ ٦تا أفضى إٔب عجز اٞتهاز اإلداري عن تقدًن ا١تستوى ا١تطلوب من الصحة للمواطن.
1نور الدين حاروش ،ا"لسياسة الصحية ُب اٞتزائر بُت الرىانات والواقع" ،دراسات استراتيجية ،ع ،07 .جواف ،2009ص.45 .
2المرجع نفسو ،ص ص .50 ،49
3المرجع نفسو ،ص ص.237 ،236
4حدة أوضايفية ،مرجع سابق ،ص.250
187
إف ا١تؤشرات ا١ترتبطة بالنمو السكاين خاصة منها البطالة والتعليم والصحة وواقعها السيئ جعل برنامج
األ٦تم ا١تتحدة يصنف اٞتزائر مع بداية األلفية ضمن الدوؿ ذات التنمية البشرية ا١تتوسطة بقيمة idh
بلغت 0,697واحتلت اٞتزائر ا١ترتبة 106من بُت 173دولة توفرت عنها اإلحصاءات وارتفعت بعدىا
قيمة مؤشر التنمية خبلؿ ا١تدى الزمٍت من 2001إٔب ٔ 2007تعدؿ تطور سنوي ضئيل بلغ ،0,7وهبذا
ا١تعدؿ بقيت اٞتزائر ضمن قائمة الدوؿ متوسطة التنمية البشرية بالرغم من اٞتهود ا١تبذولة على مدار ىذه
الفًتة ،حيث عرفت توسعا ُب اإلنفاؽ العاـ ضمن الربنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي ( -2005
2013لتستقر عند 0,736عاـ .2014وبذلك تنظم اٞتزائر إٔب قائمة الدوؿ مرتفعة التنمية البشرية
1
لعاـ .2014
وفيما يتعلق بًتتيب دليل التنمية البشرية لعاـ 2010جاءت اٞتزائر ُب ا١تركز ٤ 84تققة تقدما ب 20
نقطة بعدما كانت عاـ ُ 2009ب ا١ترتبة ،104وهبذا أصبحت تنمي إٔب فئة التنمية البشرية ا١ترتفعة غَت
أهنا ُب ا١تركز األخَت بُت البلداف العربية ذات التنمية ا١ترتفعة كاألردف ُب ا١ترتبة 82وتونس ُب ا١ترتبة 81
والكويت ُب ا١ترتبة 2،48أما ُب العاـ 2017فقد انتقل مؤشر التنمية البشرية للجزائر إٔب 0.754وبقي
1عياش بلعطاؿ "،أثر سياسة التوسع ُب اإلنفاؽ العاـ خبلؿ فًتة 2014-2001على التنمية البشرية ُب اٞتزائر" ،مجلة اإلصالحات
االقتصادية واالندماج في االقتصاد العالمي ،مج ،13ع ،2019 ،01.ص
2حدة أوضافية ،مرجع سابق ،ص.246
188
تعد دراسة البنية الثقافية ألي ٣تتمع من أىم ا١تداخل التفسَتية ألي ظاىرة فيو سواء كانت سياسية أو
اقتصادية أو اجتماعية ،وىي تشكل إطارا من األفكار والتوجهات اليت يؤمن هبا األفراد وتنعكس على
وُب ىذا اإلطار فإف ٥ترجات النظاـ اإلداري اٞتزائري قد تأثرت من الناحية الثقافية بعدة معطيات
خاصة منها سياسة التعريب وكذا التحوالت اليت عرفها النظاـ السياسي اٞتزائري اليت سا٫تت ُب بناء ثقافة
أوال :التعريب.
خبلؿ السنوات األؤب الثبلث من االستقبلؿ طرحت مسألة اللغة ْتدة على مستوى النخبة اٞتزائرية
ا١تتعلمة ،والسؤاؿ الذي كاف مطروحا ىو ىل من ا١تمكن استبداؿ اللغة الفرنسية بالعربية ُب التدريس
واإلدارة واالقتصاد أو اإلبقاء على استعماؿ الفرنسية باعتبارىا لغة علم قادرة على التعامل مع التقانة
والعلوـ العصرية ،وكانت حجج ا١تدافعُت عن الفرنسية ىي أهنا لغة متطورة وٖتتاجها اٞتزائر ُب تنميتها
االجتماعية واالقتصادية وىي وسيلة التعبَت ا١تتفوقة أما أنصار التعريب فكانت حجتهم ُب ذلك أف ٗتلف
1
العربية راجع إٔب ٗتلف اجملتمع.
باإلضافة ١تشكلة ازدواجية ٪تط التعليم واجهت عملية بناء ا١تؤسسة الًتبوية مع االستقبلؿ مشكلة
اختيار اللغة ا١تناسبة فظهرت معضلة حقيقية ،حيث اإلجراءات ا١تتخذة من قبل الدولة عمقت ُب واقع
2
األمر من الثنائية الفكرية واالزدواجية اللغوية وٕتلى ذلك ُب انقساـ النظاـ التعليمي إٔب مفرنس ومعرب.
1صاّب فيبلٕب ،إشكالية الثقافة ُب اٞتزائر :ا١تبادئ األساسية واإليديولوجية ا١تمارسةُ ،ب :سليماف الرياشي وآخروف ،مرجع سابق ،ص
ص.403 ،402
2ليندة لطاد بن ٤ترز ،مرجع سابق ،ص.122
189
لقد كانت النواة األؤب ُب التعريب بعد االستقبلؿ ٣ترد مشروع من خبلؿ تبٌت اجمللس الوطٍت للثورة
عشية االستقبلؿ مسألة التعريب ُب برنامج طرابلس الذي ذكر ضرورة ٘تكُت اللغة العربية ُب ظل االستقبلؿ
من استعادة مكانتها كلغة ثقافة وحضارة وعمل ،لينص بعدىا دستور 1963على أف اللغة العربية لغة
عمل الدولة اٞتزائرية ا١تستقلة وت قر السلطة مشروع تعريب اإلدارة ُب عهد الرئيس بن بلة والذي ظل حبيس
األدراج.
وجاءت االنطبلقة الفعلية للتعريب ُب عهد الرئيس بومدين حيث أصدر قرارا ُب عاـ ٞ 1971تعل
ذلك العاـ سنة اٟتسم لتعريب اإلدارة اٞتزائرية ،وكرس دستور 1976اللغة العربية لغة وطنية رٝتية وًب
تعريب السنة الثانية االبتدائية عاـ 1977وتعريب نظاـ العدالة ٍب تكوين اللجنة الوطنية للتعريب ١تتابعة
عملية التعريب ومراقبتها ،وعليو فإف السبعينات شهدت وثبة كبَتة ُب التعريب السيما ا١تخطط الرباعي
الثاين الذي أدرج ضمن أىدافو إصبلح التعليم شكبل ومضمونا ُب إطار مشروع ا١تدرسة األساسية ،وتأكيد
ميثاؽ الًتبية الذي نشر أمرية رئاسية باٞتريدة الرٝتية نصت ا١تادة الثامنة منو على أف يكوف التعليم بالعربية
1
ُب ٚتيع مستويات الًتبية والتكوين وُب ٚتيع ا١تواد.
إف عملية التعريب ُب اإلدارات ٓب تأخذ ّتدية من طرؼ الكثَت من ا١تسؤولُت ُب أجهزة الدولة ٢تذا كاف
التطبيق ٮتتلف من وزارة إٔب أخرى ،وأصبح باإلمكاف مبلحظة انقساـ الوظائف داخل أجهزة الدولة على
أساس ثقاُب وايديولوجي حيث الوظائف ذات الطابع الثقاُب مثل التعليم والعدالة والدين استعملت اللغة
العربية ُب عملها اإلداري مقابل قطاعات أخرى مثل االقتصاد والصناعة والتخطيط اليت استمرت ُب عملها
باللغة الفرنسية ،وبذلك انقسمت النخبة ا١تتعلمة إٔب فئتُت ٫تا فئة معربة أقل حظا ُب التوظيف خاصة ُب
191
٣تاؿ القطاع االقتصادي والصناعي وفئة مفرنسة أكثر حظا ُب التوظيف وتوٕب ا١تناصب العليا 1،وبذلك ٓب
2
ٕتد مقولة ىواري بومدين " إف العربية ستكوف ىي لغة اٟتديد والصلب" تطبيقا ٢تا ُب أرض الواقع.
ومع بقاء وضع ا١تعربُت ىامشيا ُب اجملاالت االقتصادية واالجتماعية ٓب تنتج النخبة ا١تعربة عقبلنية
جديدة قادرة على بلورة صيغة مشروع ٣تتمعي مستقل عن السلطة ،لذلك ٓب يوجد خطاب آخر يوازي
خطاب الدولة وقادر على خلق مرجعية ثقافية وسياسية بديلة ،وىو األمر الذي ٝتح بدولنة اجملتمع وسرعة
3
وبروز مبلمح قوة التيار الفرنكوفوين وقوة تأثَته ُب صنع القرار السياسي انفجاره ُب أكتوبر ،1988
والثقاُب واإلداري مع بداية األزمة السياسية ُب ،1992حيث استطاع 60عضوا معينا من الدولة ُب
اجمللس االستشاري من ٕتميد قانوف استعماؿ اللغة العربية ُب ٚتيع مناحي اٟتياة ووجوب االنتهاء من
تعميم استعماؿ اللغة العربية ُب اٞتزائر ُب اجملاالت كافة قبل حلوؿ العاـ ،2000واٟتجة ُب ذلك أنو
سوؼ يضر با١تصاّب االقتصادية للجزائر 4،فتم إرجاء تاريخ دخوؿ قانوف استعماؿ اللغة العربية ُب اإلدارة
واٟتياة العامة وا١تؤسسات حيز التنفيذ إٔب غاية ٘ 05توز 1998و٘تديد أجل تعريب اٞتامعة تعريبا شامبل
إٔب ٘ 05توز ،2000واستمرت القوى ا١تتنفذة ا١تناوئة لتنفيذ السياسة العامة للتعريب ُب ٤تاربتها حملتوى
ُ -ب ماي 1999ألقى الرئيس بوتفليقة خطابا أماـ الطلبة اٞتزائريُت شكك فيو ُب كفاءة اللغة العربية ُب
تعليم العلوـ.
-إلقاء الرئيس بوتفليقة خطابا ُب حزيراف 2000باللغة الفرنسية أماـ الرب١تاف الفرنسي ُب زيارة الدولة
191
الرٝتية.
-تشكيل ٞتنة جديدة إلصبلح ا١تنظومة الًتبوية قوامها فرنكوفونيُت وقياديُت ُب تيار النزعة الرببرية اليت
أصدرت قرارا بتقدًن تدريس اللغة الفرنسية من السنة الرابعة إٔب السنة الثانية ابتدائي.
-إنشاء ورشات إصبلح ا١تنظومة الًتبوية ُب عهد الرئيس "بوتفليقة" ُب ،1999بقيادة ' بن زاغو" الذي
جعل اللغة الفرنسية ُب ا١تشروع اٞتديد ا١تتعلق بإصبلح ا١تنظومة الًتبوية ُب السنة الثانية من التعليم
االبتدائي ،بعدما كانت تدرس ُب السنة الرابعة من الطور األوؿ ُب ا١تدرسة األساسية ،إضافة إٔب إلغاء
ٗتصص الشريعة اإلسبلمية ،الذي لقي انتقادات كبَتة من معظم مؤسسات اجملتمع ا١تدين.
1
-تكريس تداوؿ ا١تصطلحات الفرنسية ُب تعلم العلوـ الدقيقة والتكنولوجيا.
وكخبلصة فإف الواجهة السياسية للسلطة ىي من تبنت السياسة العامة للتعريب غَت أنو يعتقد أف
القطبية الثنائية اليت خلفها االستعمار ىي من أثرت على سَتورة تلك السياسة ،فالنخبة ا١تهيمنة على مراكز
النفوذ السيما منها االقتصادي واإلداري ىي اليت تستأثر ٔتواقع القرار حفاظا على مكانتها وامتيازاهتا،
مقابل عدـ ٧تاح ا١تعربُت الذين ٓب يتمكنوا من دعم أواصر تلك السياسة ،األمر الذي كرس وضعا لغويا
معقدا ُب أغلب اإلدارات وأفرز طبقتُت لغويتُت ،وأدى إٔب انعداـ التكيف واالنسجاـ بُت األجهزة اإلدارية
-انعداـ التكيف واالنسجاـ بُت األجهزة اإلدارية والواقع االجتماعي ،خصوصا من ناحية التوظيف.
2
-تضاؤؿ استفادة اٞتمهور من خدمات اإلدارة.
1بولرباح عسإب ،تقييم أثر تنفيذ السياسة العامة لتعريب اإلدارة ُب اٞتزائر من 1996إٔب يومنا ىذا :رؤية ٖتليلية ودراسة ميدانيةُ ،ب :آماؿ
قاسيمي ،أٝتهاف ٘تغارت ،الجزائر إشكالية الواقع ورؤى المستقبل .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية ،2013 ،ص ص.116 ،115
2المرجع نفسو ،ص.111
192
وبالرغم من أف التعليم ٓب يقص أي شر٭تة فإنو با١تقابل أسس لصراع إيديولوجي ثقاُب بُت النخب
خاصة داخل اٞتهاز البَتوقراطي الذي انقسم بُت معرب ومفرنس ،وألف اإلصبلحات االقتصادية ا١ترافقة
للتحوؿ ٨تو التعددية السياسية تتطلب ا١تعرفة الفنية واالقتصادية إٔب جانب االنفتاح اللغوي فإف اٞتهاز
البَتوقراطي بنخبتو ا١تفرنسة استطاع تدعيم نفوذه أكثر لكونو يتمتع بتلك ا٠تصائص ،وىذا ما يؤكد على ما
صرح بو اٞتنراؿ ديغوؿ ُب كتابو األمل ،حيث قاؿ " :ستبقى اٞتزائر فرنسية من عدة أوجو........،وىل
ي عٍت ذلك أننا تركناىم ٭تكموف أنفسهم ،يًتتب علينا التخلي عنهم بعيدين عن أعيننا وقلوبنا ،طبعا ال،
بعد االستقبلؿ مباشرة إتهت اٞتزائر ٨تو اسًتجاع ما كانت قد خسرتو خبلؿ سنوات اٟترب ،إذ عرفت
٪توا دٯتغراُب سريعا ونزوحا ريفيا ٨تو كربيات ا١تدف ،وتفاقمت ىذه الظاىرة بعد الشروع ُب تطبيق ٥تططات
التنمية ابتداء من 1970ما ترتب عنو مشكبلت اجتماعية ونتجت أيضا عنو انتقاؿ العبلقات
وأثرت ٣تمل ىذه العبلقات على ا١تمارسات وا١تؤسسات وا٠تطاب السياسي واإلعبلمي حيث بدت
العبلقات معادية للعقبلنية والًتشيد وذات نزعة جهوية ،وبالرغم من ٣تانية التعليم ُب إطار ما يعرؼ بالثورة
1
الثقافية فإف موجهات السلوؾ عند اٞتزائريُت ٓب تتغَت وانعكست على عبلقات العمل.
كما سا٫تت األزمة األمنية وعدـ االستقرار الذي عرفتو اٞتزائر ُب ظل العشرية السوداء ُب استمرار
سيطرة البٌت التقليدية وتوجيهها لسلوؾ الفرد وا١تؤسسات ٦تا ولد أزمة مواطنة ُب اٞتزائر ،حيث ٓب يتمكن
النظاـ السياسي اٞتزائري من ٖتقيق االنتقاؿ من الوالءات التقليدية الضيقة إٔب الوالء للوطن وقيم ا١تصلحة
1أحبلـ بولكعيبات .المجتمع المدني والسلطة ،الحالة الجزائرية .اٞتزائر :ألفا للوثائق ،2019 ،ص.185
193
العامة ٦تا أثر على أداء الفرد من حيث غياب ا١تشاركة السياسية وسلبية عبلقاتو مع ا١تؤسسات السياسية
واإلدارية ،وكذلك على ا١تؤسسات ومن بينها البَتوقراطية اليت عززت فيها الوالءات التقليدية مظاىر أثرت
أما على الصعيد الثقاُب ف عرفت اٞتزائر قصورا ُب بناء ثقافة سياسية قادرة على غرس قيم ا١تشاركة
واالنتماء إٔب التنظيمات ،كما أف أبوية اجملتمع اٞتزائري جعلت الفرد سلبيا حيث ال يدفع بو إٔب ا١تسا٫تة
ُب اٟتياة العامة ،والنظاـ الذي أقيم بعد االستقبلؿ أقاـ الدولة الراعية أو ا١تا٨تة لؤلرزاؽ ٦تا جعل الفرد
1
يتقبل كل ما تقدمو لو السلطة ويعتمد عليها ُب تلبية حاجياتو.
وُب ظل غياب ا١تشروع اجملتمعي أدت القطيعة اٟتاصلة بُت اجملتمع والدولة إٔب اغًتاب األفراد بسبب
غياب الثقة بالعمل السياسي ،واقًتف ىذا االغًتاب بازدواجية ُب سلوؾ الفرد ما ترتب عنو غياب الفاعلية
وحصوؿ اختبلؿ ُب القيم وا١تعايَت اليت ٖتكم األفراد واٞتماعات وتدىور قيم العمل والوقت واألداء
والفاعلية والكفاءة ،وىي قيم أساسية لتحقيق الرشادة ُب استغبلؿ ا١توارد البشرية وا١تادية ،كما أف غياب
ا١تشروع اجملتمعي أدى إٔب الفشل ُب ٖتديث اجملتمع من خبلؿ نقلو من وضعيتو التقليدية اليت تسيطر فيها
البٌت االجتماعية القائمة على روابط الدـ والعرؽ واالنتماء واالنعزاؿ عن التفاعل مع التحديات والضغوط
2
اليت تفرضها التحوالت احمللية والدولية.
ومن القضايا ا١تهمة اليت أثرت أيضا على دور البَتوقراطية ىي مسألة ا٢توية من قبل األطراؼ ا١تتنازعة
اليت تصنف إٔب فريقُت دعاة األصالة واحملافظة على الثوابت الوطنية ودعاة التحديث واالنفتاح ،حيث
زادت حدة ىذه ا١تسألة وا١تغاال ة ُب تسييس النقاش حوؿ ا٢توية والتمادي ُب استخداـ عناصرىا ومكوناهتا
194
(الدين ،اللغة ،االنتماء اٟتضاري) واستخدامها ُب ا١تنافسة السياسية وىو ما ينم عن ضعف جوىري ُب
1
مستوى التطور االجتماعي والسياسي.
وكخبلصة ٯتكن القوؿ أف البعد الثقاُب لؤلزمة والذي غذتو مسألة التعريب وا٢توية وتغَت القيم اجملتمعية
لعب دورا ُب تشكيل واقع البَتوقراطية ُب اٞتزائر من حيث تكريس االنقسامات النخبوية داخل األجهزة
اإلدارية لغويا وفكريا واليت عززت ا١تظاىر السلبية كاحملسوبية واٞتهوية ُب التعيُت والتوظيف والًتقية وتوٕب
ا١تناصب القيادية٦ ،تا غيب معايَت الكفاءة والفعالية ُب اإلدارة ،إضافة إٔب أف تغيَت القيم ُب اجملتمع انعكس
على ثقافة الفرد والذي أثر بدوره على أداء ا١تؤسسات ومنها البَتوقراطية.
وعليو فإف بناء ثقافة ا١تواطنة وتعزيز البعد ا١تؤسسي يرتبط ارتباطا وثيقا بإعادة النظر ُب استخداـ الدولة
للمكونات الثقافية منها اللغة والدين ،وُب اآلليات اجملتمعية كاألسرة والتنظيمات االجتماعية.
1العياشي عنصر ،سوسيولوجيا األزمة الراىنة ُب اٞتزائرُ ،ب :سليماف الرياشي وآخروف،المرجع نفسو ،ص .186
195
خالصة واستنتاجات:
لقد خصصنا ىذا الفصل للعوامل ا١تشكلة لدور البَتوقراطية ُب النظاـ السياسي اٞتزائري وحاولنا اإل١تاـ
ّتوانبها السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ،وتوصلت الدراسة إٔب أف ىذه العوامل قد سا٫تت ُب
٪تو بَتوقراطية مشوىة خاصة ما تعلق منها بًتسبات اإلدارة الكلونيالية ومرحلة التسيَت االشًتاكي ،إضافة
إٔب دور العوامل السياسية ا١ترتبطة بطبيعة النظاـ السياسي اٞتزائري القائم على ٤تورية السلطة التنفيذية
وا١تكانة ا١تؤثرة للمؤسسة العسكرية وضعف اجملالس ا١تنتخبة الوطنية واحمللية ،وا١تظاىر السلبية ا١تميزة لؤلجهزة
كما أف الدراسة عملت على تفسَت الدور الذي يلعبو االقتصاد الريعي اٞتزائري ُب بلورة ٥ترجات
األجهزة اإلدارية ،ضف إٔب ذلك دور ا٠تصائص االجتماعية والثقافية اليت سا٫تت ُب بناء ثقافة ٣تتمعية
وكخبلصة ،فإف ٖتديد دور األجهزة البَتوقراطية ُب اٞتزائر يتطلب اإل١تاـ ّتميع العوامل ا١تشكلة
لسلوكها ،واالعتماد على فهمها وتفسَتىا ٔتا ٯتكن من توقع ٥ترجاهتا ،وىو ما يؤدي إٔب إ٧تاح أي عملية
196
الفصل الثالث:
197
تمهيد:
أصبحت ظاىرة التبقرط تفرض نفسها على ٥تتلف األنظمة السياسية وطغى الطابع البَتوقراطي على كل
٣تاالت تنظيم اجملتمع ٔتا فيها تنظيم اٟتياة السياسية ،حيث أضحت األحزاب السياسية و٥تتلف تنظيمات
اجملتمع ا١تدين وا١تؤسسات اٟتكومية وا١تمارسات السياسية رىينة البَتوقراطية ا١تفرطة ٦تا أدى إٔب استمرار
طرح تأثَتىا على ا١تمارسات الدٯتقراطية لكوهنا اعتربت من أىم التحديات اليت تواجهها األنظمة السياسية
وعليو سنحاوؿ من خبلؿ ىذا الفصل ٖتليل أىم مظاىر التسيَت البَتوقراطي للممارسة الدٯتقراطية ُب
اٞتزائر اليت تعترب فيها البَتوقراطية السمة العامة ُب تنظيم كل شؤوف اجملتمع ،وسيتم ذلك من خبلؿ ثبلث
مباحث ،حيث سيخصص ا١تبحث األوؿ لرصد واقع حريات التعبَت ُب اٞتزائر ُب ظل القيود البَتوقراطية
ا١تكبلة ٢تا ويتعلق األمر خاصة ْترية االجتماع والتظاىر وحرية اإلعبلـ ،أما ا١تبحث الثاين فسيتناوؿ واقع
اجملتمع ا١تدين من أحزاب سياسية وٚتعيات ،أما ا١تبحث الثالث واألخَت فَتكز على أىم آلية من آليات
ضمنت الدساتَت اٞتزائرية منذ االستقبلؿ حرية الرأي والتعبَت غَت أف خصائص وٝتات كل مرحلة
فرضت قيودا معينة على ىذه اٟتريات ،ابتداء ٔترحلة اٟتزب الواحد وصوال إٔب مرحلة التعددية اٟتزبية.
ففي ظل مرحلة اٟتزب الواحد نص دستور 1963كأوؿ دستور للجمهورية اٞتزائرية بعد االستقبلؿ
على أف الدولة تضمن حرية الصحافة وحرية وسائل اإلعبلـ األخرى ،وكذا حرية تأسيس اٞتمعيات
198
وحريات التعبَت و٥تاطبة اٞتمهور وحرية االجتماع ،كما كفل ذات الدستور اٟتق النقايب وحق اإلضراب
1
ومشاركة العماؿ ُب تسيَت ا١تؤسسات.
غَت أف الظروؼ السياسية اليت عرفتها اٞتزائر ُب ىذه ا١ترحلة خاصة منها التوقف عن العمل بالدستور
بعد إعبلف اٟتالة االستثنائية عقب النزاع اٟتدودي مع ا١تغرب على الصعيد ا٠تارجي ،وشخصنة السلطة
وتركزىا ُب يد الرئيس بن بلة داخليا ٓب تكن لتسمح بتكريس ىذه اٟتريات ،خاصة أف ذات الدستور قد
قيد ىذه اٟتريات بعدـ مساسها باستقبلؿ األمة وسبلمة األراضي الوطنية والوحدة الوطنية ،إضافة إٔب
2
مؤسسات اٞتمهورية ومطامح الشعب االشًتاكية ومبدأ وحدانية جبهة التحرير الوطٍت.
بعد االنقبلب على حكم بن بلة من طرؼ ىواري بومدين ًب العمل بأمر 10جويلية 1965إٔب غاية
صدور دستور ُ 1976ب إطار السعي إٔب تكريس الشرعية الدستورية بدؿ الشرعية الثورية .وقد نص ىذا
الدستور على ضماف اٟتريات األساسية وحقوؽ اإلنساف وا١تواطنُت 3،منها حرية ا١تعتقد والرأي 4،وحرية
التعبَت واالجتماع اليت قيدىا بقيود التوجو االشًتاكي للدولة وبوحدة الشعب والًتاب الوطٍت ،حيث منع
٦تارسة ىذه اٟتريات لضرب أسس الثورة االشًتاكية 5،ونص على إسقاط ىذه اٟتقوؽ واٟتريات لكل من
ٯتس ٔتمارستها الدستور أو ا١تصاّب الرئيسية أو وحدة الشعب والًتاب الوطٍت أو األمن الداخلي أو ا٠تارجي
6
أو الشورة االشًتاكية.
199
بعد االنتقاؿ إٔب التعددية حرصت ٚتيع التعديبلت الدستورية ٢تذه ا١ترحلة على تكريس اٟتريات العامة
للمواطن ُب إطار السعي ٨تو ٕتسيد ا١تمارسة الدٯتقراطية ُب بناء العبلقة بُت اجملتمع والدولة ،فنص كل من
-ضماف الدفاع الفردي أو عن طريق اٞتماعة عن اٟتقوؽ األساسية لئلنساف وعن اٟتريات الفردية
1
واٞتماعية.
2
-عدـ ا١تساس ْترمة حرية ا١تعتقد وحرمة حرية الرأي.
-حرية التعبَت وإنشاء اٞتمعيات واالجتماع مضمونة 3،وقد نصت ا١تادة 43من دستور 1996وا١تادة
54من دستور 2016على أف حق إنشاء اٞتمعيات مضموف وتشجع الدولة ازدىار اٟتركة اٞتمعوية.
ويعترب دستور 2016من أكثر الدساتَت اليت ضمت أكرب عدد من اٟتقوؽ والواجبات ،حيث تضمن
الفصل الرابع منو والذي بعنواف اٟتقوؽ واٟتريات 41مادة حوؿ اٟتريات مقارنة بدستور 1996الذي
تضمن 30مادة ودستور 1989الذي تضمن 29مادة ودستور 1976ا١تتضمن 34مادة وأقلها
دستور 1963ب 11مادة ،حيث ذكر دستور 2016أف حرية التظاىر السلمي مضمونة ُب إطار
القانوف ،كما ضمن حرية الصحافة ا١تكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات اإلعبلمية مع تقييدىا بأي
شكل من أشكاؿ الرقابة القبلية ،إضافة إٔب ضماف حرية نشر ا١تعلومات واألفكار والصور واآلراء واٟتصوؿ
4
على ا١تعلومات والوثائق واإلحصائيات ونقلها للمواطن.
211
المطلب األول :التسيير البيروقراطي لحرية االجتماع والتظاىر
تعترب حرية االجتماع من أكثر أشكاؿ التعبَت أ٫تية ،حيث أهنا ٘تكن األفراد من التعبَت عن حاجاهتم
ومتطلباهتم ُب مواجهة السلطة ،وىي ال تقل أ٫تية عن االنتخاب من حيث أهنا وسيلة مهمة إلبداء الرأي
غَت أف كفالة الدستور ٢تذا اٟتق ال يعٍت وجود حرية مطلقة ُب ٦تارستو ،فهو مرتبط بالبنية السياسية
والقانونية للدولة وتوجهاهتا األيديولوجية ،ف غالبا ما يتم تقييد ىذه اٟتريات بضرورة عدـ ا١تساس با١تصلحة
العامة واألمن والنظاـ العاـ ،وىذا التقييد ٮتتلف من دولة دٯتقراطية وأخرى غَت دٯتقراطية وخاصة تلك اليت
تعيش ا١تراحل االنتقالية بُت النظاـ التسلطي والنظاـ الدٯتقراطي ،حيث تنص أغلب دساتَت ىذه الدوؿ
على معظم اٟتريات واٟتقوؽ غَت أف ٦تارستها تبقى رىينة ا١تمارسات القدٯتة للنظاـ التسلطي ومدى رغبتو
كفلت حرية االجتماع ُب اٞتزائر منذ االستقبلؿ ،أما حرية التظاىر فلم تتم اإلشارة إليها صراحة إال ُب
العمومية ،وما ميز األمر 63-75ىو التأكيد على اٟترية ُب عقد االجتماعات وعدـ اٟتاجة إٔب إذف
مسبق أو ترخيص إداري مسبق ،وإ٪تا يكفي تصريح يوضح فيو ا٢تدؼ من االجتماع وا١تقر واليوـ
والساعة 1،وىو نفس ما نص عليو قانوف 06-77مع إلغائو لكلمة حرية ُب نص ا١تادة ،01كما نص
القانوف على توجيو التصر٭تات إٔب الوإب بالنسبة للمركز الرئيسي للوالية ،وإٔب رئيس الدائرة بالنسبة للمركز
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 63-75المتعلق باالجتماعات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،08الصادرة بتاريخ 07
أكتوبر ،1975ا١تادة .01
211
الرئيسي للدائرة وإٔب رئيس اجمللس الشعيب البلدي بالنسبة لبقية البلديات مقابل وصل والذي يعد إذنا
باالجتماع 1،كما نص القانونُت على جواز انتداب الوإب أو رئيس الدائرة أو رئيس اجمللس الشعيب البدي
2
حسب اٟتالة موظفا ٟتضور االجتماع.
إف ا١تبلحظ على ىذه القوانُت ىو أهنا انعكاس للوضع السياسي الذي كاف سائدا ُب تلك ا١ترحلة حيث
كانت هتيمن السلطة اٟتاكمة على كل أوجو النشاط السياسي واالقتصادي واالجتماعي ،وكانت ا١تشاركة
باالنتقاؿ إٔب ا١ترحلة التعددية ومع إصدار دستور 1989وٚتلة اٟتقوؽ اليت نص عليها ،صدر القانوف
عرؼ االجتماع العمومي ُب القانوف 19-91بأنو "ٕتمع مؤقت ألشخاص متفق عليو وينظم خارج
الطريق العمومي ُب مكاف مغلق يسهل لعموـ الناس االلتحاؽ بو قصد تبادؿ األفكار أو الدفاع عن مصاّب
مشًتكة" 3،بعدما كانت تنص ا١تادة 02من 28-89على أنو "ٕتمع ينظم ُب مكاف مفتوح" ،وىذا
التقييد يشَت إٔب ٤تاوالت السلطة فرض قيود على حرية االجتماع والتحكم فيها من خبلؿ حصرىا فقط
ويكوف كل اجتماع عمومي مسبوقا بتصريح يوقعو 03أشخاص يبُت ا٢تدؼ من االجتماع وا١تكاف
5
واليوـ والساعة وعدد األشخاص اٟتاضرين 4،والتصريح باالجتماع يكوف 03أياـ قبل انعقاده لدى:
1األمر 63-75ا١تتعلق باالجتماعات العمومية ،ا١تادة / .02اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 26-77المتعلق
باالجتماعات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،16الصادرة بتاريخ 23فرباير ،1977ا١تادتُت .03 ،02
2األمر ،63-75ا١تتعلق باالجتماعات العمومية ،ا١تادة .05األمر 06-77ا١تتعلق باالجتماعات العمومية ،ا١تادة .07
3اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 29-92المتعلق باالجتماعات والمظاىرات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،62الصادرة
بتاريخ 04ديسمرب ،1991ا١تادة .02
4اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 28-89المتعلق باالجتماعات والمظاىرات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،04الصادرة
بتاريخ 23جانفي ،1990ا١تادة .04وىي مادة ٓب ترد ُب قانوف .19-91
5القانوف 19-91ا١تتعلق باالجتماعات وا١تظاىرات العمومية ،ا١تادة .05
212
-الوإب للبلديات مقر الوالية.
مع العلم أف التصريح ُب القانوف 28-89كاف يقدـ حسب ذات ا١تادة إما إٔب الوالية أو اجمللس
الشعيب البلدي ،وىذا التعديل زاد من صبلحيات الوإب إتاه االجتماعات العمومية مقابل إلغاء دور
وا١تؤكد ىو أف مرحلة التعددية عرفت التأكيد على حرية االجتماع العمومي غَت أف اإلجراءات القانونية
-إمكانية طلب الوإب أو رئيس اجمللس الشعيب البلدي من ا١تنظمُت خبلؿ 24ساعة من إيداع التصريح
2
تغيَت مكاف االجتماع.
-منع أي اجتماع أو مظاىرة مناىضة للثوابت الوطنية أو مساس برموز الثورة أو النظاـ العاـ واآلداب
1
العامة،
213
وتضم الثوابت الوطنية كل من الطابع اٞتمهوري للدولة ومبادئ النظاـ الدٯتقراطي ،إضافة إٔب اإلسبلـ
-إمكانية تعيُت الوإب أو رئيس اجمللس الشعيب البلدي موظفا ٟتضور االجتماعْ ،تيث ٯتكنو التدخل ُب
حاؿ حدوث أعماؿ عنف وإيقاؼ االجتماع ُب حاؿ كاف يشكل خطرا على األمن العمومي 2،وىو ما
-إمكانية منع االجتماع من طرؼ الوإب أو من شخص يفوضو إذا كاف االجتماع يشكل خطرا على
4
حفظ النظاـ العاـ.
-تأليف االجتماع العمومي ١تكتب يتكوف من رئيس ومساعدين اثنُت على األقل وظيفتو ضماف صَت
االجتماع واحًتاـ حق وؽ ا١توطنُت ،غَت أنو مطالب ٔتنع كل خطاب يتناقض واألمن العمومي واألخبلؽ
5
اٟتسنة.
وعليو يبدو من خبلؿ ىذه ا١تظاىر الرقابية السلطة الواسعة لئلدارة على حرية االجتماع والتجمع ٦تثلة
خاصة ُب شخص الوإب ،خاصة ُب ظل االستناد إٔب مصطلحات فضفاضة وواسعة تسمح بانفبلت اإلدارة
من الرقابة القضائية كالنظاـ العاـ واألمن العاـ والثوابت الوطنية واليت تعطي ىامشا واسعا يسمح لئلدارة
214
ٓب تتم اإلشارة صراحة إٔب ا١تظاىرات إال ُب ظل قانوف 28-89ا١تتعلق باالجتماعات وا١تظاىرات
العمومية أين ًب الفصل بُت االجتماعات العمومية وا١تظاىرات العمومية ،رغم أنو قد ًب اإلشارة إٔب ىذا
ا١تفهوـ سابقا ضمنيا وذلك ضمن من نص ا١تادتُت 03من أمر 63-75ونص ا١تادة 04من األمر
06-77اللتُت نصتا على أنو ٘تنع االجتماعات ُب الطرؽ العمومية ،أي ضمنيا تعٍت التظاىر.
عرؼ القانوف 28-89ا١تتعلق باالجتماعات وا١تظاىرات العمومية ا١تظاىرات على أهنا ا١تواكب
واالستعراضات أو التجمعات اليت ٕتري على الطريق العمومي واليت ٬تب أف يصرح هباُ ،ب حُت أف القانوف
1
12-91استبدؿ كلمة تصريح بالًتخيص ا١تسبق.
ويتم تقدًن طلب الًتخيص للوإب 08أياـ كاملة قبل التاريخ احملدد للمظاىرة بعدما كاف 05أياـ ،مع
احتوائو على صفة ا١تنظمُت وأٝتائهم وعناوينهم والتوقيع على التصريح من طرؼ 03أعضاء يتمتعوف
ْتقوقهم ا١تدنية والسياسة ،وإبراز ا٢تدؼ من ا١تظاىرة واسم اٞتمعية وعنواهنا ومقرىا وتوقيت ومكاف
ومسلك ا١تظاىرة والوسائل ا١تسخرة ٢تا ،مع وجوب إبداء الوإب قراره بالقبوؿ أو الرفض كتابيا 05أياـ على
األقل قبل التاريخ ا١تقرر إلجراء ا١تظاىرة ،واستبلـ ا١تنظمُت ٢تا لتصريح الوإب إلظهاره أماـ السلطات
وال ٗتضع حرية التظاىر لشرط الًتخيص فقط وإ٪تا تقبع ٖتت ٣تموعة من الشروط ،وأ٫تها:
-اعتبار أي مظاىرة ٕتري بدوف ترخيص أو بعد منعها ٕتمهرا 3،أي أنو ٕتمع تلقائي بدوف ترخيص
1القانوف 28-89ا١تتعلق باالجتماعات وا١تظاىرات العمومية ،ا١تادة 15وىي ا١تادة ا١تعدلة ُب القانوف .19-91
2القانوف 19-91ا١تتعلق باالجتماعات وا١تظاىرات العمومية ،ا١تادة .17
3القانوف 19-91ا١تتعلق باالجتماعات وا١تظاىرات العمومية ،ا١تادة .19
4القانوف 28-89ا١تتعلق باالجتماعات وا١تظاىرات العمومية ،ا١تادة .18
215
-إخضاع تركيب أو استعماؿ األجهزة الصوتية الثابتة أو ا١تؤقتة أو النهائية إٔب رخصة مسبقة ٯتنحها الوإب،
1
مع منع األجهزة الصوتية الثابتة بقرب ا١تؤسسات التعليمية وا١تستشفيات.
-خضوع استعماؿ األجهزة الصوتية ا١تتنقلة ومكربات الصوت اليت ٯتكن أف تزعج راحة السكاف إٔب
2
رخصة مسبقة ٯتنحها الوإب.
-تركيز الرقابة اإلدارية من خبلؿ ا١توظف الذي يتدخل ُب حالة سَت االجتماع بشكل يهدد األمن
3
العمومي ،أو حصوؿ حادث أو أعماؿ عنف.
إف ىذه الشروط اليت وضعت لتنظيم حرية التظاىر ُب اٞتزائر تبدو شروطا وإجراءات تنظيمية هتدؼ إٔب
تنظيم التظاىر وعدـ خروجو عن مبادئ النظاـ واألمن العامُت غَت أنو من جهة أخرى فإف سلطات الوإب
تبدو واسعة ُب التحكم ُب ا١تظاىرات ،وُب ىذا اإلطار وصف احملامي والناشط السياسي عمار خبابة ا١تادة
41ا١تتعلقة ْترية التظاىر ُب دستور 2016بأهنا ٓب تأت باٞتديد وأف حرية التظاىر رىينة بإرادة الوإب
والذي غالبا ما يرفض منح الًتاخيص ألسباب واىية كما وصفها ،واليت تتعلق غالبا بالقاعات أو
ا١تناسبات واألماكن العمومية أو بعناوين غَت واضحة ٞتمعيات وىيئات حقوقية ،واعترب ذات احملامي أف
التظاىر السلمي حق للمواطن ٬تب ٦تارستو ُب إطار قانوين ٔتجرد اإلشعار بو للسلطات ا١تسؤولة ،شريطة
أال ٮتل بالنظاـ العاـ وأف يتحمل ا١تتظاىر نتيجة ما ٭تدث من ٗتريب أو فوضى أو مساس باألشخاص
4
وا١تمتلكات.
216
إف ٣تاؿ اٟتريات العامة ُب اٞتزائر قد تأثر إٔب حد بعيد بطبيعة النظاـ السياسي ُب اٞتزائر والذي يعرؼ
ٔتركزتو الشديدة و٤تورية السلطة التنفيذية ُب التحكم ُب اٟتياة السياسية وتنظيمها ،كما أف ا١تمارسة الواقعية
٢تذه اٟتريات ُب ظل ا١ترحلة التعددية عرفت تأثرا كبَتا بالواقع األمٍت الذي عاشتو اٞتزائر بعد توقيف ا١تسار
اال نتخايب ،ىذا الواقع الذي طا١تا أعطى شرعية التدخل للدولة ُب اٟتريات وتقييدىا باسم األمن والنظاـ
العاـ ،فا١ترسوـ 196-91الذي أعلن حالة اٟتصار حظر ا١تنشورات واالجتماعات والنداءات العامة ذات
الطبيعة التحريضية أو اليت تتسبب ُب الفوضى وانعداـ األمن ،فضبل عن التنقل وٕتمع األفراد على الطرؽ
واألماكن العمومية ،وكذا اإلضرابات اليت من شأهنا عرقلة استعادة األمن العاـ والسَت الطبيعي للخدمات
1
العامة.
كما أف ا١ترسوـ 44-92الذي أقر حالة الطوارئ أعطى لوزير الداخلية والوإب ُب دائرتو اإلقليمية اٟتق
بفرض إغبلؽ مؤقت لؤلماكن العامة وأماكن االجتماعات مهما كانت طبيعتها وحظر أي ٕتمع أو تظاىرة
من شأهنا اإلخبلؿ باألمن العاـ والطمأنينة العمومية 2.وكاف لقانوف الطوارئ الذي داـ ١تدة 19سنة تأثَتا
كبَتا على اٟتياة الدٯتقراطية ،نتج عنو با٠تصوص التقييد الواسع للحريات كحرية التجمع والتظاىر.
ورغم استتباب األمن بعد مرور العشرية السوداء إال أف النظاـ السياسي اٞتزائري واصل ُب فرض قيود
على التجمعات وأصدر قرارا حكوميا ُب 18جواف 2001ٯتنع ا١تظاىرات ُب العاصمة بعد األحداث
اليت عرفتها العاصمة ُب 14جواف ،2001ىذا القرار الذي بقي ساري ا١تفعوؿ رغم صدور قرار رفع
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم الرئاسي 296-92المتضمن تقرير حالة الحصار ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،29الصادرة
بتاريخ 12يونيو ،1991ا١تادتُت .07،08
2اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم الرئاسي المتضمن إعالن حالة الطوارئ ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،10الصادرة بتاريخ 09
فرباير .1992
217
حالة الطوارئ بصدور األمر رقم 01-11مؤرخ ُب 20ربيع األوؿ ا١توافق ؿ 23فرباير 2011يتضمن
وال يزاؿ حق التجمع والتظاىر يعرؼ تقييدا واسعا من النظاـ السياسي ٕتلت مظاىره ُب تزايد استخداـ
القوة العمومية وعدـ الًتخيص بعقد االجتماعات وا١تظاىرات حت وإف كانت هبدؼ ٖتقيق مطالب
اجتماعية.
يعترب اإلعبلـ ّتميع ٣تاالتو من أىم وسائل التغيَت ُب أي ٣تتمع ،وقد تزايد دوره ُب ظل التطورات
التكنولوجيات اليت أفرزهتا العو١تة على كافة ا١تستويات ،ىذا الدور الذي يرتبط أساسا ٔتدى حرية وسائل
اإلعبلـ ُب أداء وظائفها ُب ظل أطر قانونية تؤكد عادة على اٟترية ُب اٟتياة اإلعبلمية خاصة ُب ظل الدوؿ
الدٯتقراطية.
واٞتزائر كباقي الدوؿ اليت تسعى إٔب تكريس النظاـ الدٯتقراطي عرؼ فيها ٣تاؿ اإلعبلـ تطورات عرب
عدة مراحل من الفًتة االستعمارية مرورا إٔب ا١ترحلة األحادية ووصوال إٔب مرحلة التعددية السياسية اليت
شهد فيها ٣تاؿ اإلعبلـ تكريسا واسعا ٟتريات الرأي والتعبَت ،غَت أف حساسية ىذا القطاع جعلتو دائما
٤تل اىتماـ من الدولة اليت تسعى دائما إٔب فرض السيطرة والتحكم فيو لكونو من أىم قنوات التواصل
بينها وبُت الشعب ،واإلشكالية اليت تبقى مطروحة ىي تأثَت ىذه السيطرة على سَتورة الدٯتقراطية ُب
.2المرحلة األحادية:
218
-من 1962إٔب :1965ما لبثت الدولة اٞتزائرية غداة االستقبلؿ أف اٗتذت التدابَت البلزمة من أجل
اسًتجاع مبٌت اإلذاعة والتلفزيوف ،وتطبيقا ٢تذا التوجيو قاـ كل اإلطارات والتقنيُت والعماؿ اٞتزائريُت ُب 23
أكتوبر 1962ـ برفع التحدي وااللتزاـ بتحقيق استمرار اإلرساؿ والسَت اٟتسن ألجهزة اإلذاعة والتلفزيوف،
و٘تيزت ىذه ا١ترحلة بإصدار عدة نصوص قانونية وتنظيمية خاصة باإلذاعة والتلفزيوف ،كما اتسمت بنظرة
-من 1966إٔب ً :1975ب ُب عاـ 1967إلغاء سرياف النصوص الفرنسية ُب ٣تاؿ اإلعبلـ واٗتذت
عدة مراسيم ُب ىذا الشأف ،وأىم ما ميز ىذه ا١ترحلة أف ٚتيع الوسائل أصبحت عمومية ذات طابع
صناعي وٕتاري وأٟتقت ا١تهاـ اإلدارية ٔتصاّب الوزارة ،وإٔب غاية ٓ 1976ب يوجد قانوف لئلعبلـ ينظم
1
٦تارسة النشاط اإلعبلمي ٦تا جعل السياسة اإلعبلمية تتميز بالغموض على الصعيد القانوين وا١تيداين.
كما عرفت ىذه ا١ترحلة صدور قانوف الصحفي عاـ 1968الذي كرس ٖتكم السلطة عرب وزارة اإلعبلـ
ُب مدخبلت و٥ترجات ا١تؤسسات اإلعبلمية وتدخل كبَت ُب تعيُت مسؤوٕب ومديري األجهزة ا١تختلفة،
كما عكس ىذا القانوف التوجو االشًتاكي واحتكار الدولة لوسائل اإلعبلـ واعتبار ىذا القطاع قطاع
2
سيادي ،إضافة إٔب افتقاره إٔب أي مواد ٖتمي حقوؽ الصحفي.
-من 1976إٔب :1981عرفت ىذه ا١ترحلة بروز مبلمح السياسة اإلعبلمية مع صدور دستور
،1976وبدأ االىتماـ الفعلي بقضايا اإلعبلـ ووسائلو ْتيث نص ا١تيثاؽ على الدور االسًتاتيجي لوسائل
اإلعبلـ ُب خدمة أىداؼ التنمية ،وكاف التوجو االشًتاكي مربرا لتدخل اٟتكومة ُب تسيَت السمعي البصري
انطبلقا من اعتبار دور حرية الصحافة واإلعبلـ يدخل ضمن خدمة الوطن.
1جهيد سحوت" ،عن فتح قطاع اإلعبلـ السمعي البصري أماـ ا١تنافسة اٟترة" ،مجلة العلوم القانونية والسياسية ،مج ،10العدد ،01
أفريل ،2019ص.1702 ،1701
2آمنة قجإب ،اإلعالم والعنف السياسي .األردف :مركز الكتاب األكادٯتي ،2015 ،ص ص.122 ،121
219
-من 1982إٔب ُ :1989ب ىذه ا١ترحلة ًب صدور أوؿ قانوف إعبلـ سنة 1982وىو القانوف -82
01ا١تؤرخ ُب فرباير 1982الذي حدد اإلطار العاـ ١تفهوـ اإلعبلـ ُب اٞتزائر واعتربه من قطاعات
السيادة الوطنية بقيادة حزب جبهة التحرير الوطٍت ُب إطار التوجو االشًتاكي ،كما أكد على أف توجيو
1
النشريات اإلخبارية واإلذاعة والتلفزة والصحافة ا١تصورة ىو من اختصاص القيادة السياسية للببلد وحدىا.
2
وعموما فإف أىم ما ميز مرحلة االستقبلؿ:
-غياب نصوص تنظيمية للقطاع إٔب غاية 1968تاريخ إصدار قانوف الصحافة ٍب قانوف اإلعبلـ ُب
.1982
.2المرحلة التعددية:
عرفت اٞتزائر بعد أحداث أكتوبر ٖ 1989توال ىاما انتقلت ٔتوجبو من نظاـ اٟتزب الواحد إٔب
التعددية اٟتزبية بعد صدور دستور 1989الذي كرس حرية الرأي والتعبَت ومبادئ التعددية السياسية،
وكاف أوؿ إجراء تنظيمي ضبط قطاع اإلعبلـ ىو منشور 19مارس 1990الذي ٝتح بتشكيل رؤوس
أمواؿ ٚتاعية واستثمارىا ُب قطاع اإلعبلـ ،وىو ما ترؾ للصحافيُت حرية االختيار بُت البقاء ُب ا١تؤسسات
اإلعبلمية العمومية أو تأسيس مؤسسات صحفية مستقلة ُب شكل شركات مسا٫تة أو االلتحاؽ بصحف
211
اٞتمعيات ذات الطابع السياسي 1 ،وقدمت ُب ىذا اإلطار عدة تسهيبلت مالية للصحفيُت الذين قرروا
ترؾ القطاع العاـ وإصدار اٞترائد ا٠تاصة هبم وحيث ظهرت أوؿ يومية مستقلة ناطقة باللغة الفرنسية ُب
سبتمرب 1990وىي مساء اٞتزائر Le soir d’Algerieوأوؿ يومية باللغة العربية وىي الخبر ُب
2
نوفمرب .1990
ليصدر بعدىا قانوف اإلعبلـ ُب 03أفريل 1990الذي أكد ألوؿ مرة على حرية اإلعبلـ والتعددية
اإلعبلمية ،حيث نصت ا١تادة 02منو على حق ا١تواطن ُب اإلعبلـ من خبلؿ ضماف اطبلعو على كل
الوقائع واآلراء اليت هتم اجملتمع على الصعيدين الوطٍت والدوٕب وحق مشاركتو ُب اإلعبلـ ٔتمارسة اٟتريات
األساسية ُب التفكَت والرأي ،كما كرس ىذا القانوف حرية الصحافة واستقبلليتها مقابل اإلبقاء على
وكنتيجة لصدور ىذا القانوف عرفت ىذه ا١ترحلة ارتفاع عدد العناوين الصحفية والسحب اليومي غَت أنو
ُب أواخر ىذه الفًتة وبعد توٕب سيد أٛتد غزإب رئاسة اٟتكومة ظهر نوع من الصراع بُت الصحافة ا٠تاصة
3
والسلط ة السياسية ٘تثلت مظاىره ُب مثوؿ عدد كبَت من الصحفيُت أماـ احملاكم واجملالس القضائية.
كما أف االنفجار اإلعبلمي ُب ىذه ا١ترحلة طفت بوادر ا٨ترافو منذ البداية من خبلؿ ظهور عدة
مشاكل مهنية مرتبطة بارتفاع تكاليف السحب ومشاكل الطباعة واإلشهار والتوزيع وعدـ كفاية دعم
الدولة للحق ُب اإلعبلـ ُب ما ٮتص التوزيع وخاصة ُب اٞتنوب ،والتمييز ا١تفرط بُت الصحف ُب التعامل
اإلعبلمي ٦تا ساعد على ارتباط بعض مديري الصحافة ا٠تاصة با١تاؿ ومراكز القرار ،وبداية تغييب العناوين
1نصر الدين نواري ،الصحافة واإلرىاب في الجزائر .األردف :دار اليازوردي العلمية للنشر والتوزيع .2015 ،ص.61
2آمنة قجإب ،مرجع سابق ،ص.122 ،121
3نصر الدين نواري ،مرجع سابق ،ص.62
211
غَت ا١تدعومة ،ليتحوؿ ىذا اال٨تراؼ إٔب شبو انسداد إعبلمي مع بوادر أزمة 1991ودخوؿ الصحافة ُب
1
مرحلة جديدة ٘تيزت باٟتجز والتعليق والتهديد واالغتياؿ.
واشدت أزمة الصحافة ُب اٞتزائر مع إعبلف حالة الطوارئ يوـ 09جواف 1992اليت صاحبها إصدار
السلطات لقرار احتكار األخبار األمنية ُب ظل ٕتميد العمل بالدستور وقانوف اإلعبلـ ،1990
2
وانعكست حالة الطوارئ على الصحافة من حيث:
-حل اجمللس األعلى لئلعبلـ من طرؼ رئيس اٟتكومة ومضايقات واسعة على ا١تمارسات
اإلعبلمية.
-ىيمنة الدولة على الصحافة ا٠تاصة ْتجة اسًتجاع ىيبة الدولة باعتقاؿ الصحفيُت وتوقيف
الصحف
-احتكر اإلشهار من طرؼ السلطات للضغط على الصحف ا٠تاصة اليت أصبحت رىينة لشركات
الطباعة ومؤسسات التوزيع ،لتسجل بذلك سنة 1997اختفاء شبو كلي للصحافة اٟتزبية من الناحية
اإلعبلمية.
وبعد ٜتس سنوات من تاريخ حل اجمللس األعلى لئلعبلـ أي سنة ً 1993ب تقدًن مشروع ٘تهيدي
خاص بقانوف عضوي لئلعبلـ سنة 1998كمشروع ٭تمل بوادر إصبلحات عميقة السيما قطاع
السمعي البصري ْتيث نصت ا١تادة 28منو على فتح اجملاؿ السمعي البصري أماـ ا١تنافسة اٟترة من
خبلؿ السماح للخواص لبلستثمار ُب ىذا اجملاؿ ،كما نص ذات ا١تشروع على إنشاء سلطة خاصة
212
تشرؼ على ضبط القطاع السمعي البصري ٖتت مسمى اجمللس األعلى لبلتصاؿ ،غَت أف ىذا ا١تشروع ًب
1
ٕتميده على مستوى الرب١تاف وٖتديدا ُب ٣تلس األمة ْتجة ا٠تلط بُت قطاع اإلعبلـ وقطاع اإلشهار.
وابتداء من 2001بدأت الصحافة تعرؼ تراجعا مقارنة بالسنوات السابقة وفشلت السلطات ُب وضع
قانوف إعبلـ جديد ُب ظل مواصلة الدولة إحكاـ قبضتها على القطاع بعدـ فتح السمعي البصري وتعديل
قانوف العقوبات ْتجة اٟتفاظ على ا١تؤسسات وا٢تيئات النظامية من اإلىانات والشتم والقذؼ والذي أدى
2
إٔب تكميم أفواه الصحفيُت وتشديد ا٠تناؽ عليهم.
واستمر وضع الصحافة اٞتزائرية بعد صدور قانوف 2012على حالو ُب ظل اختفاء بعض الصحف
ا١تستقلة ا١تعارضة منها جريدٌب وموف جورناؿ Mon Journalاللتُت لوحق مالكهما قضائيا ُب
2013بتهمة ا١تساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسبلمة الًتابية واستقرار ا١تؤسسات وسَتىا العادي،
باإلضافة إٔب توقيف جريدٌب الفجر وجرائد أخرى سنة 2014لعدـ استيفاء استحقاقاهتا ا١تالية حياؿ
شركة الطباعة للجزائر العاصمة (مطبعة عمومية قامت بتوقيف إصدار عشرات اٞترائد بعدما تلقت إشعارا
يدعوىا إٔب إعادة جدولة زمنية ٞترائدىا) ،كما أف األزمة االقتصادية قد أثرت على الصحافة ا١تكتوبة
3
وتسببت ُب تراجع ا١تبيعات وشح مصادر اإلعبلنات اٟتكومية وا٠تاصة مع ظهور الصحافة اإللكًتونية.
وعليو فإف اٞتزائر شهدت ٕتربة إعبلمية فريدة من نوعها مع اإلعبلف عن التعددية غَت أف األزمة اليت
صاحبت توقيف ا١تسار االنتخايب قد أثرت بشكل كبَت على استمرار ىذه التجربة بل وامتدت تبعاهتا إٔب
اآلف ،ضف إٔب ذلك ا١تشاكل ا١تالية والبَتوقراطية اليت يتخبط فيها القطاع اإلعبلمي واليت أضعفت أداءه
213
ثانيا :مظاىر الرقابة على الممارسة اإلعالمية في ظل قانون اإلعالم :2222
جاء قانوف اإلعبلـ لعاـ 2012بعد عقدين كاملُت من تاريخ إصدار قانوف اإلعبلـ ،07-90
متضمنا الكثَت من األحكاـ اٞتديدة ا١تنظمة لقطاع اإلعبلـ ُب اٞتزائر مواكبة للتطورات الدولية واإلقليمية
ُب ىذا اجملاؿ واتساع ٣تاؿ اٟتريات العامة ،وضم ىذا القانوف 10أبواب ْتيث خصص الباب الثاين منو
لتنظيم نشاط الصحافة ا١تكتوبة والباب الثالث لسلطة ضبطها أما الباب الرابع فنظم نشاط السمعي
و٘تيز ىذا القانوف بوضع ٣تموعة من الضوابط العامة ا١تتعلقة با١تمارسة اإلعبلمية ُب كافة اجملاالت ،إضافة
إٔب فتح ٣تاؿ السمعي البصري أماـ ا٠تواص ألوؿ مرة منذ االستقبلؿ وكذا تنظيم ٣تاؿ ا١تمارسة اإلعبلمية
عرب األنًتنت ،إضافة إٔب وضعو ىيئات لتنظيم ا١تمارسة اإلعبلمية منها السلطة ا١تستقلة لضبط الصحافة
-حق الطعن أماـ اٞتهات القضائية ُب حاؿ رفض اعتماد إصدار نشرية دورية من طرؼ سلطة ضبط
الصحافة ا١تكتوبة.
214
وإذا كاف القانوف قد كرس حرية ا١تمارسة اإلعبلمية من خبلؿ مواد ىذا القانوف إال أنو من جهة أخرى
1
فرض عدة قيود عليها مشلت كل آليات النشاط اإلعبلمي ،منها احًتاـ الثوابت التالية:
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 25-22المتعلق باإلعالم ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،02الصادرة بتاريخ 15يناير
،2012ا١تادة .02
2القانوف العضوي 05-12ا١تتعلق باإلعبلـ ،ا١تادتُت .93 ،92
215
-االمتناع عن ٘تجيد االستعمار،
-االمتناع عن نشر أو بث صور أو أقواؿ ٘تس با٠تلق العاـ أو تستفز مشاعر ا١تواطن ،وانتهاؾ اٟتياة
الشخصية لؤلشخاص وشرفهم واعتبارىم واٟتياة الشخصية للشخصيات العمومية بصفة مباشرة أو غَت
مباشرة.
وإذا كاف ىذا القانوف قد اعًتؼ للصحفي ْتق الوصوؿ إٔب مصدر ا٠ترب فقد ًب استثناء ىذا اٟتق ُب
1
بعض اٟتاالت ،وىي:
-عندما يكوف من شأف ا٠ترب ا١تساس بالسياسة ا٠تارجية وا١تصاّب االقتصادية للببلد.
وهبذا يكوف قانوف اإلعبلـ قد وضع ا١تبادئ العامة للممارسة اإلعبلمية ُب اٞتزائر واليت تعرب ُب واقع
األمر عن قيود رقابية موسومة بعبارات عامة غَت دقيقة تفتح ٣تاال واسعا للسلطة للتحكم ُب اٟتياة
اإلعبلمية ُب اٞتزائر .وللتعرؼ أكثر على واقع ا١تمارسة اإلعبلمية ُب ظل ىذا القانوف فمن البلزـ التطرؽ
تعرب الصحافة ا١تكتوبة عن الصحف واجملبلت ّتميع أنواعها اليت تصدر ُب فًتات منتظمة وٮتضع
إصدارىا لتصريح مسبق لدى سلطة ضبط الصحافة ا١تكتوبة 2واليت ٘تنح االعتماد إٔب ا١تؤسسة الناشرة ُب
216
أجل 60يوما بدءا من تاريخ إيداع التصريح ْتيث يعترب اإليداع ٔتثابة موافقة على الصدور 1،ويضم
االعتماد كل ا١تعلومات ا١تتعلقة بالناشر وخصائص النشرية ويسحب ُب حالة عدـ صدور النشرية ُب مدة
سنة ابتداء من تاريخ تسلمو ،وكل تغيَت يدخل على العناصر ا١تكونة للتصريح يبلغ كتابيا لسلطة الضبط
2
كما ٯتكن أف يسحب ُب حاؿ عدـ صدور النشرية ُب مدة سنة.
كما أنو ٬تب أف تتوفر ُب ا١تدير ا١تسؤوؿ عن أي نشرية عدة شروط كا٠تربة اليت ال تقل عن 10
سنوات ُب ميداف اإلعبلـ و 05سنوات ُب ميداف ٗتصص النشرية ،إضافة إٔب أىم شرط وىو عدـ قيامو
3
بسلوؾ معاد لثورة نوفمرب 1954للمولودين قبل يوليو .1942
وتنشأ سلطة ضبط الصحافة ا١تكتوبة 4ا١تشكلة من 14عضوا يعينوف ٔترسوـ رئاسي منهم 3أعضاء
يعينهم رئيس اٞتمهورية وعضواف غَت بر١تانيُت مقًتحُت من رئيس اجمللس الشعيب الوطٍت وعضواف غَت
بر١تانيُت مقًتحاف من رئيس ٣تلس األمة و 7أعضاء منتخبوف باألغلبية ا١تطلقة من بُت الصحفيُت احملًتفُت
ذووا خربة تقدر عبل األقل ب ُ 15ب ا١تهنة ،وتقوـ ىذه ا٢تيئة برفع تقرير سنوري إٔب رئيس اٞتمهورية
5
والرب١تاف لتبياف نشاطها ،وىي مستقلة وتتمتع بالشخصية ا١تعنوية واالستقبلؿ ا١تإب.
غَت أف االعتمادات الضرورية لقياـ سلطة ضبط الصحافة ا١تكتوبة ٔتهامها تقيد ُب ا١تيزانية العامة للدولة
و٘تسك ٤تاسبتها طبقا لقواعد احملاسبة العمومية من قبل عوف ٤تاسب يعينو الوزير ا١تكلف با١تالية 6،أي أف
مراقبة نفقات ضبط الصحافة ا١تكتوبة تتم طبقا إلجراءات احملاسبة العمومية وىذا ما يتناقض مع فكرة
217
استقبلليتها ا١تالية ،كما أف ٖتكم السلطة ُب ا١تصادر ا١تالية ٢تذه ا٢تيئة يؤثر على استقبللية القرارات اليت
تتخذىا و٬تعل منها ىيئة تابعة ومنفذة للسياسات واألفكار اليت ٘تليها عليها السلطة.
ٯتارس النشاط السمعي البصري من قبل ىيئات عمومية ومؤسسات وأجهزة القطاع العمومي وا١تؤسسات
أو الشركات اليت ٗتضع للقانوف اٞتزائري ،وٮتضع إنشاء كل خدمة موضوعاتية لبلتصاؿ السمعي البصري
والتوزيع عرب خط اإلرساؿ اإلذاعي ا١تسموع أو التلفزي وكذا استخداـ الًتددات الكهربائية إٔب ترخيص
2
ٯتنح ٔتوجب مرسوـ 1،ويتم تنفيذ اإلجراء ا١تتعلق ٔتنح الرخصة من طرؼ سلطة ضبط السمعي البصري.
ويًتتب على منح الرخصة إبراـ اتفاقية بُت سلطة الضبط وا١تستفيد ويتضمن دفًت الشروط العامة ٣تموعة
التزامات حصرهتا ا١تادة 48من قانوف السمعي البصري ُب 34شرطا والتزاما ،منها احًتاـ متطلبات
الوحدة الوطنية وا١تصاّب االقتصادية والديبلوماسية للدولة وا١ترجعية الدينية والوطنية ومقومات اجملتمع ومبادئو
وروح ا١تواطنة واآلداب العامة والنظاـ العاـ والتعددية اٟتزبية والفكرية باإلضافة إٔب االمتناع عن توظيف
الدين ألغراض سياسية واالمتناع عن اإلشادة بالعنف والتمييز العنصري واإلرىاب وعدـ ا١تساس باٟتياة
وتتشكل سلطة ضبط السمعي البصري من 9أعضاء يعينوف ٔترسوـ رئاسي على النحو التإب5 :
أعضاء من بينهم الرئيس ٮتتارىم رئيس اٞتمهورية وعضواف غَت بر١تانيُت يقًتحهما رئيس ٣تلس األمة
وعضواف غَت بر١تانيُت يقًتحها رئيس اجمللس الشعيب الوطٍت 3،وىو ما يكرس ىيمنة رئيس اٞتمهورية عليها
218
وت رسل ىذه السلطة تقريرا سنويا إٔب رئيس اٞتمهورية ورئيسي غرفيت الرب١تاف كما ترسل تقريرا كل ثبلثة
أشهر عن نشاطها على سبيل اإلعبلـ إٔب السلطة ا١تخولة بالتعيُت ،وتبلغ كل معلومة يطلبها وزير
1
االتصاؿ.
أما من الناحية ا١تالية فإف القانوف ا٠تاص بالسمعي البصري وكذا قانوف اإلعبلـ ٓب يشَتا إٔب االستقبللية
ا١تالية ٢تذه ا٢تيئة غَت أف ا١تادة 73من القانوف 04-14نصت على أنو تقًتح سلطة الضبط السمعي
البصري االعتمادات ا١تالية لضرورية لتأدية مهامها وتقيد تلك االعتمادات ُب ا١تيزانية العامة للدولة و٘تسك
٤تاسبتها وفق قواعد احملاسبة العمومية من قبل ٤تاسب يعينو الوزير ا١تكلف با١تالية٦ ،تا يعٍت أف ا٢تيئة غَت
يقصد بالصحافة اإللكًتونية كل خدمة اتصاؿ مكتوب عرب اإلنًتنت موجهة للجمهور وينشر بصفة
مهنية من قبل شخص طبيعي أو معنوي ،أما خدمة السمعي البصري عرب اإلنًتنت فهي كل خدمة اتصاؿ
ٝتعي بصري عرب اإلنًتنت (واب-تلفزيوف ،واب-إذاعة) موجهة للجمهور وتنتج بصفة مهنية من قبل
2
شخص طبيعي أو معنوي.
وٮتضع النشاط اإلعبلمي عرب األنًتنت ألحكاـ ا١تادة 02السافة الذكر ،كما ٮتضع إلجراءات
التسجيل ومراقبة صحة ا١تعلومات بإيداع تصريح مسبق من طرؼ ا١تدير ا١تسؤوؿ عن جهاز اإلعبلـ عرب
3
األنًتنت.
219
وختاما يبدو أنو رغم تطور ا١تنظومة القانونية ا١تنظمة للعمل اإلعبلمي ُب اٞتزائر وفتح ٣تاؿ اإلعبلـ
البصري أماـ ا٠تواص إال أف القيود البَتوقراطية وا١تالية ا١تفروضة على ىذا النشاط من حيث التأسيس
وا١تمارسة العملية ٕتعل من ىذا القطاع ضعيفا وتابعا للدولة٦ ،تا ٬تعل اٞتزائر دائما ُب ا١تراتب األخَتة من
حيث حرية الرأي والتعبَتْ ،تيث صنفت ُب ا١ترتبة 134من التضييق العا١تي ٟترية الصحافة حسب تقرير
1
منظمة مراسلوف ببل حدود لسنة 2017بًتاجع 05مراتب عن تقرير سنة .2016
يشكل اجملتمع ا١تدين أىم دعامة من دعائم النظاـ الدٯتقراطي ،وأىم ركن من أركاف اٟتكم الراشد إٔب
جانب الدولة والقطاع ا٠تاص ،وتتجسد ىذه األ٫تية كلما استطاع النظاـ السياسي تكريس عبلقة صحية
بُت اجملتمع ا١تدين والدولة قوامها االعتماد ا١تتبادؿ مع ٖتقيق اجملتمع ا١تدين الستقبللية ٘تكنو من ضماف أداء
وكاف "جواؿ ٣تداؿ" ( )Joel S Migdalمن أىم ا١تناقشُت وا١تؤسسُت لدراسة أكادٯتية حوؿ ىذه
العبلقة ٔتا أٝتاه اقًتاب عبلقة الدولة واجملتمع ،والذي صاغ أربعة أشكاؿ ٢تذه العبلقة معتمدا ُب ذلك على
-https://www: Ajoar. Org. 1اٞتزائر ،قانوف اإلعبلـ ،مثالية ال تطبق على أرض الواقع ،ا١ترصد العريب للصحافةُ ،ب:
221
وانطبلقا من ىذه األشكاؿ سنحاوؿ تفحص عبلقة الدولة باجملتمع ا١تدين ُب اٞتزائر انطبلقا من األطر
المطلب األول :لمحة عن تطور النظام القانوني لألحزاب السياسية والجمعيات في الجزائر.
ال ٯتكن اٟتديث عن مظاىر تأثَت البَتوقراطية ُب األحزاب السياسية واٞتمعيات حاليا دوف الرجوع إٔب
اإلرىاصات األولية لظهور ىذه التنظيمات وأىم التعديبلت الدستورية والقانونية اليت تشكل إطارىا
التنظيمي ،وىذا ما سيتطرؽ إليو ىذا ا١تطلب من خبلؿ تناولو ألىم مراحل تطور النظاـ اٟتزيب واٞتمعوي
ُب اٞتزائر.
عرفت اٞتزائر الظاىرة اٟتزبية منذ االستعمار حيث ٕتسدت آنذاؾ ُب التيارات السياسية اليت قادت
النضاؿ السياسي من أجل االستقبلؿ واليت انصهرت ٚتيعها ُب جبهة التحرير الوطٍت ،ومباشرة بعد
االستقبلؿ اختارت السلطة اٟتاكمة تبٍت ٪توذج اٟتزب الواحد ُب ظل التوجو االشًتاكي للدولة ،وما ميز
ىذه ا١ترحلة ا٨تصار كل أشكاؿ ا١تشاركة السياسية ُب بوتقة اٟتزب الواحد ٦تا ولد أزمة ثقة بُت اجملتمع
والسلطة بسبب احتكار ىذه األخَتة لكل أوجو اٟتياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية.
وكاف من نتائج ىذا التأزـ اندالع أحداث أكتوبر 1988واليت شكلت النقطة الفاصلة من مراحل تطور
النظاـ السياسي اٞتزائري ،حيث واستجابة ١تطالب الشعب قرر النظاـ السياسي تبٍت ٚتلة من اإلصبلحات
السياسية واالقتصادية ًب التحوؿ ٔتوجبها من مرحلة األحادية إٔب مرحلة التعددية السياسية واالنفتاح
221
حيث نص ىذا الدستور على أف حرية التعبَت وإنشاء اٞتمعيات واالجتماع مضمونة للمواطن وعلى ىذا
األساس ًب فتح اجملاؿ إلنشاء اٞتمعيات ذات الطابع السياسي ،كما نص على أف حق إنشاء اٞتمعيات
ذات الطابع السياسي معًتؼ بو وال ٯتكن التذرع هبذا اٟتق لضرب اٟتريات األساسية والوحدة الوطنية
1
والسبلمة الًتابية واستقبلؿ الببلد وسيادة الشعب.
وبعد صدور دستور ً 1989ب تكريس حق إنشاء اٞتمعيات ذات الطابع السياسي من خبلؿ إصدار
قانوف ،211-89ىذا القانوف الذي وصف على أنو نظاـ إخطار ال ٮتوؿ اإلدارة حق اٗتاذ أي قرار بل
3
يقتصر دورىا بالعلم بالنشاط ا١تزمع القياـ بو.
وعلى ىذا األساس ٘تيز تشكيل األحزاب السياسية وفق ىذا القانوف ٔتا يلي:
-التسهيبلت اليت قدمت لؤلحزاب السياسية ْتيث كاف يكفي توفر 15شخصا لتأسيس ٚتعية ذات
طابع سياسي ،وفق ما نصت عليو ا١تادة ،14إضافة إٔب تشجيع الدولة لؤلحزاب السياسية باالعتمادات
ا١تالية السنوية.
-تغاضي الدولة عن ا١تبادئ األساسية ُب إصدار االعتماد الذي ٮتضع التصريح بو إٔب احًتاـ ا١تادة 05
منها باألخص عدـ تأسيس اٞتمعية والعمل فيها على أساس قاعدة دينية ولغوية وجهوية أو االنتماء إٔب
222
وسا٫تت ىذه العوامل ُب ظهور ما يقارب ٚ 60تعية سياسية وانقسامها إٔب عدة تيارات ُب ظل ٝتاح
اإلدارة بتشكيل األحزاب السياسية وعدـ ٦تارسة أي ضغوط عليها ،غَت أف ذلك ٓب يكن ليستمر طويبل
ففي أوؿ انتخابات ٤تلية ُب جواف 1990على اجملالس احمللية واليت قدر عددىا ب٣ 1541تلس
بلديا و٣ 48تلسا والئيا أسفرت نتائجها عن فوز ساحق للتيار اإلسبلمي ٦تثبل ُب اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ
اليت استحوذت على ٣ 853تلسا بلديا و٣ 32تلسا والئيا وتلتها جبهة التحرير الوطٍت ب٣ 487تلسا
بلديا و٣ 14تلسا والئيا وبعد٫تا التجمع من أجل الثقافة والدٯتقراطية ب ٣ 87تلسا بلديا و٣تلس والئي
واحد 1،كما استطا عت اٞتبهة اإلسبلمية أف ٖتقق فوزا ُب الدور األوؿ من االنتخابات التشريعية اليت جرت
ُب 26ديسمرب 1991بتحصلها على 188مقعدا مقابل 25مقعدا ٞتبهة القوى االشًتاكية و16
2
مقعدا ٞتبهة التحرير الوطٍت.
وألف النخبة العسكرية ٓب تكن مستعدة للتعايش مع الوضع اٞتديد فقد أجربت رئيس اٞتمهورية الشاذٕب
بن جديد على تقدًن استقالتو وإلغاء االنتخابات ،ليتم بعدىا تنصيب ٣تلس أعلى للدولة بقيادة ٤تمد
بوضياؼ يوـ ٍ 1992/01/11ب حظر اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ وفرض حالة الطوارئ ،وبعد وفاة الرئيس
٤تمد بوضياؼ بتاريخ 29جواف 1992عُت علي كاُب على رأس اجمللس لكن النظاـ بقي يتخبط ُب
أزمتو ووصلت ٕتربة الدٯتقراطية إٔب طريق مسدود خاصة مع ما صاحب تلك الفًتة من أعماؿ عنف واسعة
ٝتحت للجيش للتدخل مرة أخرى إلدارة األزمة السياسية إٔب جانب إدارتو لؤلزمة األمنية حيث وضع ثقتو
3
ُب اليامُت زرواؿ ليتم تنصيبو على رأس الدولة ُب .1995
223
فعمل اليامُت زرواؿ مباشرة بعد توليو رئاسة اٞتمهورية على إ٬تاد اٟتلوؿ لؤلزمة من خبلؿ ٖتاوره مع كل
األطراؼ والعمل على مواصلة اإلصبلحات السياسية ،ولذلك قدـ ٣تموعة من التعديبلت اليت مست
٘تحورت التعديبلت حوؿ شروط تأسيس األحزاب السياسية وعملها ،فأكد ىذا الدستور على عدـ
استخداـ ا٢توية الوطنية ألغراض سياسية 1وضماف حياد اإلدارة 2،إضافة إٔب ضماف حق ا١تواطن ُب
ا١تشاركة الفعالة ُب اٟتياة السياسية ،وكانت ىذه التعديبلت ترمي إٔب قطع الطريق على األحزاب اليت
تستغل الدين ُب العمل السياسي ،إضافة إٔب ضماف نزاىة االنتخابات كوف ىذا التعديل الدستوري جاء
بعد أوؿ انتخابات رئاسية ُب ا١ترحلة التعددية للجزائر واليت فاز فيها اليامُت زرواؿ ُب انتخابات رئاسية
و٘تت ترٚتة ىذه التعديبلت الدستورية ُب ٣تموعة من القوانُت العضوية منها القانوف 09-97ا١تتضمن
القانوف العضوي لؤلحزاب السياسية 3،والذي ًب تعديلو فيما بعد ٔتوجب القانوف 404-12الذي كاف
ضمن ٚتلة إصبلحات سياسية تبناىا النظاـ السياسي اٞتزائري كخطوة استباقية ورد فعل على أحداث
الربيع العريب ُب تونس ومصر رغبة ُب تفعيل ا١تسار الدٯتقراطي ،كما أعطى التعديل الدستوري للعاـ
2016أ٫تية لؤلحزاب السياسية ،من خبلؿ منحها ٚتلة من اٟتقوؽ واٟتريات ،واالعًتاؼ ٢تا ْتقوقها
224
الدستورية ُب ٦تارسة أنشطتها السياسية ودعم ا١تعارضة حيث عدد ٣توعة من اٟتقوؽ اليت تستفيد منها
1
األحزاب السياسية ،ويتعلق األمر ب:
-اٟتق ُب حيز زمٍت ُب وسائل اإلعبلـ العمومية يتناسب مع ٘تثيلها على ا١تستوى الوطٍت.
٦ -تارسة السلطة على الصعيدين احمللي والوطٍت من خبلؿ التداوؿ الدٯتقراطي.
كما فرض ذات الدستور ٣تموعة من القيود على نشاط األحزاب السياسية منها منع ضرب اٟتريات
األساسية ومكونات ا٢توية الوطنية واٟتدة الوطنية وأمن الوطن واستقبلؿ الببلد وسيادهتا وكذا الطابع
الدٯتقراطي واٞتمهوري للدولة ،إضافة إٔب منع تأسيس األحزاب على أساس ديٍت أو لغوي أو عرقي أو
2
جنسي أو مهٍت أو جهوي ،وكذا التبعية للجهات األجنبية أو استعماؿ العنف.
يضرب اجملتمع ا١تدين ّتذوره ُب تاريخ اٞتزائر حيث أف بداياتو كانت منذ الوجود الفرنسي أين تشكلت
اٞتمعيات وا١تنظمات األىلية مع بداية القرف العشرين ،واتسمت ٚتيعها بالتأكيد على ا٢توية الثقافية
3
ا١تختلفة عن االستعمار الفرنسي.
أما بعد االستقبلؿ فقد سيطرت الدولة على كل ٣تاالت اٟتياة وا١تؤسسات من خبلؿ التأميم وحظر أي
نشاط تنظيمي غَت رٝتي خارج إطار حزب جبهة التحرير الوطٍت وىيمنت على منظمات اجملتمع ا١تدين من
خبلؿ استمرار العمل بقانوف اٞتمعيات ا١توروث عن االستعمار الفرنسي لعاـ 41901إٔب غاية سنة
225
1970اليت صدرت فيها تعليمة ٖتدد اإلجراءات اليت ٗتص إنشاء وتسيَت وتنظيم اٟتركة اٞتمعوية اليت
كانت فعاليتها ٤تدودة ،ومع صدور أمر 03ديسمرب 1971وضعت اٞتمعيات ٖتت ضغط عإب ُب
حاؿ إخبل٢تا بأحد شروط الشكل أو ا١تضموف وأقر بتأسيس ٔتوجب قرار من السلطات العليا للحزب،
وزاد القانوف الصادر ُب 07جواف 1972من صبلحيات اإلدارة ُب فرض ا١تزيد من الرقابة على نشاط
اٞتمعيات وتسيَتىا ،وُب ظل تلك الظروؼ تشكلت ا١تنظمات اٞتماىَتية كاالٖتاد العاـ للعماؿ اٞتزائريُت
واٖتاد الفبلحُت اٞتزائريُت واالٖتاد الوطٍت للشبيبة اٞتزائرية واالٖتاد الوطٍت للنساء اٞتزائريات وا١تنظمة
الوطنية للمجاىدين ،ىذه اٞتمعيات اليت استعملتها الدولة كأداة لضماف السيطرة والتحكم ُب اجملتمع
1
ا١تدين وتوظيفو عند اٟتاجة.
كما أف أكد ميثاؽ 1976على وحدوية اٟتزب الذي يتؤب التوجيو وعلى تبعية ا١تنظمات اٞتماىَتية
ٞتبهة التحرير الوطٍت وسيطرة ىذه األخَتة عليها 2،وبقي تأثَت اٟتزب واضحا على ا١تنظمات اٞتماىَتية ُب
3
ميثاؽ 1986الذي أكد على أهنا امتداد للحزب الواحد.
وهبذا يكوف النظاـ السياسي ُب اٞتزائر ُب مرحلة اٟتزب الواحد قد أحكم سيطرتو على كافة تنظيمات
اجملتمع ا١تدين باحتوائها ضمن اٟتزب الواحد واستبعاد ا١تنظمات ا١تختلفة مع إيديولوجية النظاـ ،لكن ىذا
التهميش والتقييد من اٟتريات كاف من أىم العوامل اليت ساعدت على اندالع أحداث أكتوبر 1988
واليت من أىم نتائجها إصدار دستور 1989الذي أقر التعددية السياسية ،ليتم بعد ذلك إصدار القانوف
226
رقم 31-90ا١تؤرخ ُب ديسمرب 1990ا١تنظم للجمعيات ا١تدنية والذي ًب تعديلو ُب 2012بالقانوف
ٮتضع تأسيس األحزاب السياسية وتشكيلها جملموعة من الشروط وٯتر عرب عدة مراحل تلعب فيها
اإلدارة دورا ٤تورايا ْتيث تتحكم ُب ٚتيع اإلجراءات القبيلية والبعدية ٦تا يؤثر على نشاط األحزاب
-نظاـ يقوـ على إقرار اٟترية لكنو يعهد للقضاء أمر معاقبة ا١تخالفُت ٟتدود تلك اٟترية.
-نظاـ اإلخطار الذي ال ٮتوؿ اإلدارة حق اٗتاذ أي قرار بل يقتصر دورىا على العلم بالنشاط ا١تزمع
القياـ بو.
-نظاـ الًتخيص القائم على ا١توافقة ا١تسبقة لئلدارة لقياـ حزب قصد تفادي التجاوزات واالنزالقات ُب
ا١تمارسة اٟتزبية.
وقد ذكرنا سالفا أف قانوف اٞتمعيات ذات الطابع السياسي لسنة 1989قد نص على نظاـ اإلخطار
الذي ال ٮتوؿ اإلدارة حق اٗتاذ أي قرار بشأف تأسيس األحزاب بل يقتصر دورىا على العلم بالنشاط
ا١تزمع القياـ بو ،حيث ي قتصر على مرحلة واحدة ُب التأسيس وىي اإلعبلـ ا١تسبق ،غَت أف قانوف األحزاب
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 26-22المتعلق بالجمعيات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،02الصادرة بتاريخ 15
يناير .2012
2إدريس بوكرا ،مرجع سابق ،ص 45
227
السياسية الذي صدر ُب 1997وكذا ُب 2012قد نصا على مرحليتُت ٫تا :مرحلة التصريح بتأسيس
يعد تقدًن طلب تأسيس حزب سياسي من أوؿ اإلجراءات ضمن إجراءات التأسيس ،ويتم من خبلؿ
إيداع اٟتزب السياسي ١تلف لدى وزارة الداخلية مقابل وصل إيداع بعد التأكد من الوثائق ا١تطلوبة ُب
ا١تلف والذي يضم طلبا موقعا من طرؼ 03أعضاء مؤسسُت وتعهد مكتوب يوقعو عضواف مؤسساف
على األقل عن كل والية منبثقة عن ربع واليات الوطن على األقل ،ويتضمن التعهد مشروع القانوف
األساسي للحزب ُب ثبلث نسخ ومشروع ٘تهيدي لربنامج اٟتزب وكذا مستخرجات عقود ميبلد األعضاء
ا١تؤسسُت ومستخرجات من صحيفة السوابق القضائية وشهادات اٞتنسية وشهادات اإلقامة لؤلعضاء
2
ا١تؤسسُت.
و٬تب أف تتوفر ُب األعضاء ا١تؤسسُت ٚتلة من الشروط منها :اٞتنسية اٞتزائرية ،بلوغ سن 25سنة،
التمتع باٟتقوؽ ا١تدنية والسياسية ،عدـ اٟتكم عليهم ْترية سالبة للحرية ،عدـ سلوكهم سلوكا معاديا
١تبادئ ثورة نوفمرب ،أف ال يكونوا ُب حالة ا١تنع 3،وىي نفس الشروط اليت نص عليها قانوف ُ 09-97ب
228
ا١تادة ، 14غَت أف ىذه ا١تادة تضمنت شرط عدـ تورط العضو ا١تؤسس ا١تولود قبل جويلية ُ 1942ب
وكل ىذه الشروط إف ٓب تتوفر ُب ملف التأسيس تكوف ذريعة لئلدارة لعدـ قبولو ،إضافة إٔب أف ٖتضَت
ا١تلف ا١تطلوب يتطلب عقد لقاءات واجتماعات غَت أف السلطات العمومية ؤتوجب القانوف 28-89
ا١تتعلق باالجتماعات والسيما ا١تادتُت 04و 05منو ،ٯتكنها عرقلة انعقاد االجتماع خاصة ُب ظل قانوف
بعد تقدًن ا١تلف تأٌب مرحلة دراسة مطابقة التصريح بتأسيس اٟتزب من طرؼ وزارة الداخلية حيث
للوزير ا١تكلف بالداخلية أجل أقصاه 60يوما للتأكد من مطابقة التصريح بتأسيس اٟتزب السياسي بعد
التحقق من ٤تتوى التصر٭تات 1وىو نفس ما نص عليو قانوف األحزاب ،09-97وبعد التأكد من ملف
التصريح بتأسيس حزب سياسي وا١توافقة عليو يرخص الوزير ا١تكلف بالداخلية للحزب السياسي بعقد
مؤ٘تره التأسيسي وعلى األعضاء ا١تؤسسُت إشهار قرار ا١توافقة ُب يوميتُت إعبلميتُت وطنيتُت على األقل
وىذا النشر ىو الذي يسمح بعقد ا١تؤ٘تر التأسيسي ُب أجل أقصاه سنة واحدة ،علما أف اٟتزب السياسي
وفق قانوف 09-97كاف مطالبا بنشر ا١توافقة بعقد مؤ٘تر تأسيسي ُب اٞتريدة الرٝتية فقط وفق نص ا١تادة
.15
ويعد أيضا سكوت اإلدارة بعد انقضاء 60يوما ٔتثابة ترخيص بعقد ا١تؤ٘تر ،أما ُب حالة رفض الًتخيص
فإف قرار الرفض ٬تب أف يكوف معلبل وقاببل للطعن أماـ ٣تلس الدولة ُب أجل أقصاه 30يوما بعدما كاف
الطعن ُب القانوف 09-97على درجتُت أماـ اٞتهة القضائية اإلدارية ا١تختصة ُب أجل شهر واالستئناؼ
229
أماـ ٣تلس الدولة 1،ويعد الًتخيص اإلداري الغيا إذا ٓب ينعقد ا١تؤ٘تر التأسيسي ُب اآلجاؿ ا١تنصوص عليها
2
٦تا يؤدي إٔب وقف كل نشاط لؤلعضاء ا١تؤسسُت.
ومن أؤب شروط اعتماد حزب سياسي ىو عقد ا١تؤ٘تر التأسيسي ُب حدود سنة واحدة من إشهار
3
الًتخيص ،ومن متطلبات عقد ىذا ا١تؤ٘تر:
-أف ٬تمع ا١تؤ٘تر بُت 400و 500مؤ٘تر منتخبُت من طرؼ 1600منخرط على األقل ،ودوف أف يقل
-إثبات االنعقاد ٔتحضر ٭ترره ٤تضر قضائي يذكر فيو ألقاب وأٝتاء األعضاء ا١تؤسسُت وعدد ا١تؤ٘ترين
اٟتاضرين ومكتب ا١تؤ٘تر وىيئات القيادة واإلدارة وكل العمليات أو الشكليات اليت ترتبت على أشغاؿ
ا١تؤ٘تر.
بعد إ٘تاـ إجراءات عقد ا١تؤ٘تر التأسيسي يتم تقدًن طلب االعتماد الذي حددت آجالو ب 30يوما
اليت تلي انعقاد ا١تؤ٘تر (حددت اآلجاؿ ُب القانوف 09-97ب 15يوما) من طرؼ عضو يفوضو ا١تؤ٘تر
إٔب الوزير ا١تكلف بالداخلية ،ويشًتط ُب طلب االعتماد عدة شروط من ضمنها نسخة من ٤تضر عقد
ا١تؤ٘تر وثبلث نسخ من برنامج اٟتزب ومن قانونو األساسي ،إضافة إٔب قائمة أعضاء ا٢تيئة القيادية والنظاـ
الداخلي 4.غَت أنو إذا كاف قانوف 04-12قد أكد على الوثائق الثبوتية ألعضاء ا٢تيئات القيادية فقط
231
فإف القانوف ُ 09-97ب ا١تادة 23كاف قد نص على الوثائق الثبوتية للقيادة وكذلك األعضاء ا١تسَتين
غَت ا١تؤسسُت.
لوزير الداخلية أجل 60يوما للتأكد من طلب االعتماد وُب حاؿ قبولو يتم اعتماد اٟتزب بقرار صادر
من وزير الداخلية يتم نشره ُب اٞتريدة الرٝتية ،وسكوت اإلدارة بعد انقضاء أجل 60يوما يعد أيضا ٔتثابة
اعتماد للحزب ،أما ُب حاؿ رفض طلب االعتماد فعلى وزير الداخلية إصدار قرار معلل يكوف قاببل
للطعن أماـ ٣تلس الدولة والذي يعترب قبولو للطعن ٔتثابة اعتماد أيضا ،ويبلغ فورا إٔب وزير الداخلية (كاف
قرار الرفض حسب قانوف ُ 09-97ب ا١تادة 22قاببل للطعن أماـ اٞتهة القضائية اإلدارية ١تدينة اٞتزائر،
1
ولبلستئناؼ أماـ ٣تلس الدولة).
ومن أمثلة األحزاب السياسية اليت ًب رفض اعتمادىا ٧تد رفض وزير الداخلية نور الدين يزيد زرىوين اعتماد
٣تموعة من األحزاب السياسية منها حركة الوفاء والعدؿ للدكتور "أٛتد طالب اإلبراىيمي" مربرا ذلك بأف
اٟتركة ىي عودة ٟتزب اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ احملظورة ،إضافة إٔب رفض اعتماد ملف حزب اٞتبهة
الدٯتقراطية لسيد "أٛتد غزإب" رئيس اٟتكومة األسبق بدوف مربر ،وٓب يفتح ملف االعتماد ٣تددا إال سنة
2011غَت أف ا١تشكل بقي مطروحا لبعض األحزاب السياسية اليت طالبت باعتمادىا منها حزب االٖتاد
-اشًتاكات األعضاء.
-ا٢تبات والوصايا.
231
-التربعات والعائدات ا١ترتبطة بنشاطات اٟتزب و٦تتلكاتو.
وٯتكن للحزب السياسي االستفادة من إعانة من الدولة حسب عدد ا١تقاعد احملصل عليها ُب الرب١تاف
وعدد منتخبيو ُب اجملالس ،على أف ا١تساعدات اليت ٘تنحها الدولة للحزب السياسي تكوف ٤تل مراقبة فيما
2
ٮتص وجهة استعما٢تا 1،كما أف اٟتزب ملزـ بتقدًن حساباتو السنوية لئلدارة ا١تختصة.
-توقيف اٟتزب السياسي قبل اعتماده ُب حاؿ إخبللو بقانوف األحزاب السياسية أو خرؽ األعضاء
ا١تؤسسُت لو للقوانُت ا١تعموؿ هبا أو اللتزاماهتم قبل انعقاد ا١تؤ٘تر التأسيسي أو بعده أو حالة االستعجاؿ أو
3
االضطرابات الوشيكة الوقوع على النظاـ العاـ.
وٯتكن لوزير الداخلية وبقرار معلل وقف النشاطات اٟتزبية وغلق ا١تقرات ،وىذا القرار يكوف قاببل للطعن
-توقيف اٟتزب السياسي بعد اعتماده توقيفا مؤقتا لنشاطو بقرار من ٣تلس الدولة إثر ٥تالفتو ألحكاـ
قانوف األحزاب السياسية ،ويكوف ذلك متبوعا بتبليغ إعذار من قبل الوزير ا١تكلف بالداخلية للحزب ا١تعٍت
بضرورة ا١تطابقة مع أحكاـ القانوف ُب أجل ٤تدد ،وُب حالة عدـ استجابة اٟتزب يتم توقيف نشاطو من
4
طرؼ ٣تلس الدولة بناء على إخطار من وزير الداخلية.
5
.3الحل :ويكوف إما إراديا أو عن طريق القضاء.
232
-اٟتل اإلرادي الذي يكوف من طرؼ ا٢تيئة العليا للحزب ،ويتم إعبلـ وزير الداخلية بانعقاد ا٢تيئة
ؤتوضوعها.
-اٟتل القضائي الذي يكوف بطلب من الوزير ا١تكلف بالداخلية أماـ ٣تلس الدولة ،وذلك ُب حالة قياـ
اٟتزب السياسي بنشاطات ٥تالفة ألحكاـ القانوف العضوي أو عدـ تقدًن اٟتزب مرشحُت ألربعة
انتخابات متتالية تشريعية و٤تلية على األقل أو ثبوت عدـ قيامو بنشاطاتو التنظيمية أو العودة ُب ٥تالفة
أحكاـ ا١تادة 66بعد أوؿ توقيف (٥تالفة أحكاـ قانوف األحزاب) ،وتعد ىذه الشروط ضمانة الستمرارية
كما ٯتلك وزير الداخلية صبلحيات مهمة ٓب ترد ُب القانوف 09-97منها إمكانية اٗتاذه ٚتيع التدابَت
التحفظية الضرورية ُب حالة االستعجاؿ وقبل الفصل ُب الدعوى القضائية ا١ترفوعة لتجنب أو مواجهة أو
إيقاؼ وضعيات االستعجاؿ وخرؽ القوانُت ا١تعموؿ هبا ،وٯتكن للحزب السياسي ا١تعٍت تقدًن طعن أماـ
٣تلس الدولة الفاصل ُب القضايا االستعجالية لطلب إلغاء اإلجراء التحفظي ا١تقرر وال يوقف إيداع ىذا
1
الطعن تنفيذ القرار.
وعلى العموـ فا١تبلحظ ىو أف األحزاب السياسية ُب اٞتزائر اىتمت مباشرة بعد االستقبلؿ بالصراع
حوؿ السلطة الذي غالبا ما كانت ٖتسمو ا١تؤسسة العسكرية لصاّب عناصرىا ،واليت بدورىا ارتأت تفعيل
اٞتهاز البَتوقراطي ُب مواجهة األحزاب السياسية وذلك ما مكن ىذا اٞتهاز من التحكم ُب دورىا ُب ظل
ا١ترحلتُت األحادية والتعددية ،فزاد ضعف األحزاب السياسية مع تشديد آليات الرقابة والتحكم من خبلؿ
التسيَت البَتوقراطي الذي تبدو مظاىره ُب ا١تركزية الشديدة ٦تثلة ُب وزارة الداخلية وما ٘تلكو من سلطة
تقديرية وقيود بَتوقراطية منها إجراءات التأسيس واالعتماد وا١تعايَت الفضفاضة اليت ٖتكمها٦ ،تا ساىم ُب
233
تراجع فاعلية األحزاب السياسية واليت اعتربىا "لوسياف باي" ( )Lucian Pyeأكرب مشكلة تواجو بناء
أي أمة وعائق أماـ ٖتقيق التنمية السياسية ،وىي من أىم اإلشكاليات اليت مازاؿ يواجهها النظاـ السياسي
إف اإلدارة ُب اٞتزائر ٘تتلك صبلحيات واسعة ُب اعتماد اٞتمعيات والتحكم ُب ٚتيع نشاطاهتا من
خبلؿ ما ٮتولو إياىا القانوف ،وىذا ما سنحاوؿ إبرازه ُب ىذا ا١تطلب للتعرؼ أكثر على واقع النشاط
تعرؼ اٞتمعية بأهنا ٕتمع أشخاص طبيعيُت أو معنويُت على أساس تعاقدي ١تدة ٤تددة أو غَت ٤تدد،
ويشًتط ُب اٞتمعية أف تكوف نشاطاهتا لغرض غَت مربح وتندرج أىدافها ضمن الصاّب العاـ وأال تكوف
1
٥تالفة للثوابت والقيم الوطنية والنظاـ العاـ واآلداب العامة وأحكاـ القوانُت والتنظيمات ا١تعموؿ هبا.
ومن الشروط الواجب توفرىا ُب أعضاء اٞتمعيات ىو بلوغ سن 18سنة والتجنس باٞتنسية اٞتزائرية،
إضافة إٔب التمتع باٟتقوؽ ا١تدنية والسياسية وعدـ اٟتكم عليهم ّتناية أو جنحة تتناَب مع ٣تاؿ نشاط
اٞتمعيات 2،وكاف قانوف 31-90قد نص أيضا ُب ا١تادة ُ 04ب شروط تأسيس ٚتعية على شرط
اٞتنسية والتمتع باٟتقوؽ ا١تدنية والسياسية وأف ال يكونوا قد سبق ٢تم سلوؾ ٥تالف ١تصاّب كفاح التحرير
الوطٍت ،وعدت اٞتمعية باطلة ُب ا١تادة ا٠تامسة من ذات القانوف إذا ٓب تتوفر ىذه الشروط وإذا كاف ىدؼ
234
وتؤسس اٞتمعية أو ٬تتمع أعضاؤىا ُب ٚتعية تأسيسية تثبت ٔتوجب ٤تضر اجتماع قضائي ،وٮتضع
تأسيسها إٔب تصريح تأسيسي وإٔب تسليم وصل تسجيل يودع لدى اجمللس الشعيب البلدي بالنسبة
للجمعيات البلدية والوالية بالنسبة للجمعيات الوالئية والوزارة ا١تكلفة بالداخلية بالنسبة للجمعيات الوطنية
أو ما بُت الواليات ،ويودع التصريح مقابل وصل إيداع تسلمو وجوبا اإلدارة ا١تعنية مباشرة بعد تدقيق
حضوري لوثائق ا١تلف وٯتنح لئلدارة أجل لدراسة ا١تلف قدر ب 30يوما للجمعيات البلدية و 40يوما
للجمعيات الوالئية و 45يوما للجمعيات ما بُت الواليات و 60يوما للجمعيات الوطنية ،حيث خبلؿ
ىذه ا١تدة يتعُت على اإلدارة تسليم وصل تسجيل ذو قيمة اعتماد أو اٗتاذ قرار الرفض ،وعند انقضاء ىذه
اآلجاؿ يعد عدـ رد اإلدارة ٔتثابة اعتماد اٞتمعية ا١تعنية ٦تا يوجب على اإلدارة تسليمها وصل تسجيل.
على أف قرار رفض تسليم وصل التسجيل ٬تب أف يكوف معلبل من طرؼ ا٢تيئة الوصية ،حيث ٘تلك
اٞتمعية أقل من 03أشه ر لرفع دعوى اإللغاء أماـ احملكمة اإلدارية ا١تختصة ،وإذا كاف قرار احملكمة لصاّب
اٞتمعية ٯتنح ٢تا وجوبا وصل التسجيل ،كمل ٯتنح لئلدارة ُب نفس الوقت أجل أقصاه 03أشهر لرفع
1
دعوى إلغاء تأسيس اٞتمعية أماـ اٞتهة القضائية ا١تختصة ويكوف ىذا الطعن غَت موقف للتنفيذ.
ومن واجب اٞتمعيات إببلغ السلطات العمومية ا١تختصة عند عقد ٚتعياهتا العامة بالتعديبلت اليت
تطرأ على قانوهنا األساسي وىيئاهتا التنفيذية خبلؿ 30يوما ،كما ٬تب عليها أف تقدـ نسخا من ٤تاضر
اجتماعاهتا وتقاريرىا األدبية وا١تالية السنوية إٔب السلطة العمومية ا١تختصة 2،وتعلم وزير الداخلية مسبقا
3
وتطلب رأي وزير ا٠تارجية ُب حاؿ رغبتها ُب اال٩تراط ُب ٚتعيات أجنبية.
235
وٗتضع اٞتمعيات الدينية وذات الطابع ا٠تاص إٔب نفس قواعد التصريح والتسجيل ا١تنصوص عليها ُب
القانوف ،06-12وىي ٚتعيات ٓب يرد ذكرىا ُب القانوف القدًن ،كما ٮتضع طلب إنشاء ٚتعية أجنبية إٔب
االعتماد ا١تسبق من الوزير ا١تكلف بالداخلية الذي يتوفر بعد استطبلع رأي وزير الشؤوف ا٠تارجية ووزير
1
القطاع ا١تعٍت على أجل 90يوما ١تنح االعتماد أو رفضو وذلك.
إف قانوف 06-12قائم على نظاـ الًتخيص عكس قانوف 90-31الذي يقوـ على طلب اإلدارة
٦تارسة النشاط ،حيث تتكوف اٞتمعية ْترية وإرادة أعضائها ا١تؤسسُت إثر ٚتعية عامة تأسيسية ٕتمع 15
عضوا على األقل ،وتؤسس اٞتمعية بإيداع تصريح التأسيس لدى السلطات العمومية ا١تختصة ،وتسلم
وصل تسجيل تصريح التأسيس من السلطة العمومية ا١تختصة خبلؿ 60يوما على األكثر من يوـ إيداع
ا١تلف ودراسة مطابقتو ألحكاـ القانوف ،وٗتطر السلطة ا١تختصة الغرفة اإلدارية ُب اجمللس القضائي ا١تختص
إقليميا خبلؿ 08أياـ على األكثر إذا رأت أف تكوين اٞتمعية ٮتالف أحكاـ القانوف وإذا ٓب ٗتطر اٞتهة
2
القضائية ا١تذكورة عدت اٞتمعية مكونة قانوف بعد انقضاء األجل ا١تقرر لتسليم وصل التسجيل.
إف ا١تبلحظ على قانوف 31-90وقوعو ُب مغالطة من حيث نظاـ التصريح ،حيث ما تقرر فيو من
شروط ىو تعبَت عن نظاـ الًتخيص الذي يقوـ على طلب إذف اإلدارة ُب ٦تارسة النشاط.
إف القانوف اٟتإب 06-12يضع العديد من العوائق اليت ٕتعل اإلدارة حكما وخصما لتأسيس ىذه
ا١تنظمات ،وُب ىذا الشأف يقًتح "عمر سعد اهلل" ضماف تأسيس ا١تنظمات على أساس حق التأسيس دوف
اٟتاجة إٔب ترخيص أو إذف مسبق ،فا١تنظمات ينبغي أف تتأسس ٔتجرد اتفاؽ إرادة مؤسسيها و٬توز
اإلعبلف عنها ٔتجرد اإلعبلـ أو اإلخطار ا١تسبق ،وال ٯتكن إخضاع التأسيس ألي تدخل مسبق من
236
السلطة اإلدارية أو من السلطة القضائية كما ال ٬تب أف تتسم إجراءات التأسيس بالوضوح والبساطة
1
وبدوف تكلفة ودوف ا٠تضوع للسلطة التقديرية لئلدارة.
لقد عرفت اٞتزائر ُب تسعينيات القرف ا١تاضي وثبة للمجتمع ا١تدين بتأسيس عدد كبَت من اٞتمعيات
اىتمت ْتقوؽ اإلنساف وترقية حقوؽ ا١ترأة والطفل والدفاع عن البيئة ،إضافة إٔب ٚتعيات مهنية خاصة
بالتجار والفنانُت وا١تقاولُت ،وتشَت اإلحصائيات إٔب أف %75من اٞتمعيات الناشطة ظهرت ما بُت
1990و ،2004وبلغ عدد اٞتمعيات 80ألف ٚتعية ،ونشاط أغلب ىذه اٞتمعيات يتسم بالطابع
الظرُب ا١تناسباٌب وٗتتفي أغلبها لعجزىا عن إنتاج نفسها ماديا واجتماعيا بسبب ارتباطها بدعم الدولة وىو
2
ما يفسر ضعف اال٩تراط فيها حيث ال تفوؽ %04مقابل ُ %11ب ا١تغرب وُ %44ب فرنسا.
.1التمويل :تعد الدولة ا١تصدر األوؿ واألساسي ُب ٘تويل اٞتمعيات خاصة تلك اليت ٗتدـ
سياستها ،إذ تقدـ ٢تا أمواال طائلة بطريقة منتظمة وتتحمل أعباء تسيَتىا ،أما اإلعانات اليت
تقدمها إٔب
اٞتمعيات األخرى فتتمثل ُب مبالغ ٤تدودة جدا ال تغطي حاجياهتا األساسية ٦تا أدى إٔب ضعف أدائها،
3
وتتكوف موارد اٞتمعيات ٦تا يأٌب:
-اشًتاكات أعضائها.
1عمر سعد اهلل ،عمر سعد اهلل ،المنظمات غير الحكومية في الجزائر بعد االستقالل ،اٞتزائر :دار ىومة للطباعة والنشر والتوزيع،
،2014ص ص.165 ،164
2أحبلـ بولكعيبات ،مرجع سابق ،ص ص.181 ،180
3القانوف 06-12ا١تتعلق باٞتمعيات ،ا١تادة .29
237
-اإلعانات اليت تقدمها الدولة أو الوالية أو البلدية ،وىو نفس ما نص عليو قانوف ُ 31-90ب ا١تادتُت
26و.29
وٯتنع على اٞتمعيات اٟتصوؿ على أمواؿ ترد من تنظيمات أجنبية أو منظمات غَت حكومية أجنبية ما
عدا تلك النإتة عن عبلقات التعاوف ا١تؤسسة قانونا وٮتضع ىذا التمويل إٔب ا١توافقة ا١تسبقة للسلطة
ا١تختصة ،كما أنو ٬تب أال تستخدـ ا١توارد الناٚتة عن نشاطات اٞتمعية إال لتحقيق األىداؼ احملددة ُب
قانوهنا األساسي 1،وتستفيد اٞتمعيات اليت تعًتؼ ٢تا السلطة العمومية بأف نشاطها ذو صاّب عاـ أو
منفعة عامة من إعانات ومساعدات مالية من الدولة أو الوالية أو البلدية سواء كانت مقيدة أو غَت مقيدة
بشروط ،وُب حاؿ ما إذا كانت مقيدة بشروط فإف منحها يتوقف على التزاـ اٞتمعية ا١تستفيدة بدفًت
شروط ٭تدد برامج النشاط وكيفيات ا١تراقبة ،وٖتدد شروط وكيفيات االعًتاؼ بالصاّب العاـ أو ا١تنفعة
العمومية عن طريق التنظيم 2،ويذكر أف استخداـ اٞتمعيات لئلعانات وا١تساعدات وا١تسا٫تات ألغراض
3
أخرى يؤدي إٔب تعليقها أو سحبها هنائيا ما ٓب ترخص بذلك السلطة العمومية.
.2التعليق :أعطى القانوف 31-90اٟتق للسلطة العمومية ا١تختصة بتعليق نشاط اٞتمعية وٚتيع
.3التدابَت التحفظية ا٠تاصة بتسيَت األمبلؾ ،ويكوف حل اٞتمعية إراديا أو معلنا بالطرؽ القضائية،
حيث يكوف بالطرؽ القضائية بناء على طلب السلطة العمومية أو شكوى الغَت إذا مارست اٞتمعية نشاطا
٥تالفا للقوانُت ا١تعموؿ هبا ،حيث تأمر احملكمة بناء على طلب النيابة العامة باٗتاذ تدابَت ٖتفظية أو
ٔتصادرة أمبلؾ اٞتمعية اليت تتعرض للحل القضائي 4.ووردت إضافة ُب القانوف 12-06وىي ا١تادة 39
238
اليت أكدت على أنو يعلق نشاط كل ٚتعية أو ٖتل ُب حالة التدخل ُب الشؤوف الداخلية للببلد أو ا١تساس
بالسيادة الوطنية.
كما نص القانوف على أف خرؽ اٞتمعية للمواد 63 ،60 ،55 ،30 ،28 ،19 ،18 ،15من
قانوف اٞتمعيات يؤدي إٔب تعليق نشاطها ١تدة ال تتجاوز 06أشهر ،ويتعلق األمر بعدـ انتخاب ا٢تيئة
التنفيذية حسب ا١تبادئ الدٯتقراطية وعدـ تبليغ السلطات العمومية ا١تختصة عند عقد ٚتعياهتا العامة
بالتعديبلت اليت تدخل على قانوهنا األساسي والتغَتات اليت تطرأ على ىيئاهتا التنفيذية ،إضافة إٔب تقدًن
نسخ من ٤تاضر اجتماعاهتا وتقاريرىا األدبية وا١تالية السنوية إٔب السلطة العمومية ا١تختصة ،وعدـ تضمُت
قوانينها األساسية بنودا أو إجراءات ٘تييزية ٘تس باٟتريات األساسية ألعضائها ،وعدـ حصو٢تا على أمواؿ
ترد إليها من تنظيمات أجنبية ومنظمات غَت حكومية أجنبية ،على أف قرار التعليق لنشاط اٞتمعية يسبقو
إعذار بوجوب مطابقة أحكاـ القانوف ،وعند انقضاء أجل 03أشهر من تبليغ اإلعذار وإذا بقي بدوف
جدوى تتخذ السلطة العمومية ا١تختصة قرارا إداريا بتعليق نشاط اٞتمعية ،ويبلغ ٢تا ىذا القرار ليصبح
1
التعليق ساري ا١تفعوؿ ابتداء من تاريخ تبليغ القرار.
.4الحل :ويكوف حبل إراديا أو معلنا عن طريق القضاء ويبلغ للسلطة اليت منحت ٢تا االعتماد،
ويعلن
3
اٟتل اإلرادي طرؼ أعضاء اٞتمعية 2،وٯتكن طلب حل اٞتمعية من قبل:
239
-السلطة العمومية ا١تختصة أماـ احملكمة اإلدارية ا١تختصة إقليميا عندما ٘تارس ىذه اٞتمعية نشاطها أو
عدة أنشطة أخرى غَت تلك اليت نص عليها قانوهنا األساسي أو حصلت على أمواؿ ترد إليها من
-الغَت ُب حالة نزاع حوؿ ا١تصلحة مع اٞتمعية أماـ اٞتهة القضائية ا١تختصة.
إف تفحص ىذه ا١تواد يربز أف قرار تعليق أو حل ٚتعية ُب اٞتزائر ىو أمر يتعلق بالقضاء وحده ،إال أف
رفع الدعوى البد أف يكوف من اإلدارة ،وىذا جانب آخر من جوانب ٖتكم اإلدارة ُب اٞتمعيات ،دوف
نسياف مدى عدالة القضاء ُب األحكاـ اليت يصدرىا ضد اٞتمعيات خاصة إذا تعلق األمر ٔتخالفتها للنظاـ
العاـ أو مبادئ الدولة اليت تبقى كلها أمورا يصعب تقديرىا ،ففي إحصاء 1998ومن ٣تموع 5271
ٚتعية تنشط منها ٚ 2511تعية فقط ،حيث بلغ عدد اٞتمعيات اجملمدة قضائيا 4555واحمللولة قضائيا
،458بينما قدر عدد اٞتمعيات احمللولة إداريا لنفس السنة ب ٚ 396تعية ،أما وفق إحصائيات
،2001فقد بلغ عدد اٞتمعيات ا١تعتمدة ُب اٞتزائر 7639ووصل عدد اجملمدة منها 1،1355ورغم
أف ىذه اإلحصائيات تربز بوضوح تزايد عدد اٞتمعيات ا١تعتمدة ُب اٞتزائر من سنة 1998إٔب ،2001
إف قانوف 06-12قد عزز من سلطة اإلدارة ُب إجراءات اٟتل وا٠تشية من ذلك تكمن ُب إمكانية
تعسف اإلدارة ُب تأويل القانوف الذي يتضمن أحكاما فضفاضة ،ويرى "عمر سعد اهلل" أف األدؽ واألكثر
اتساقا مع القوانُت الليربالية ىو أف يتم تعليق وحل ا١تنظمة ُب حالة واحدة ىي تعارض أنشطتها مع ا٢تدؼ
٤ 1تمد الرؤوؼ القاٝتي ،التنظيمات ا١تسجديةُ ،ب الزبَت عروس (منسقا) ،الحركة الجمعوية في الجزائر الواقع واآلفاق .اٞتزائر :ا١تركز
الوطٍت للبحث ُب االنًتبولوجيا االجتماعية والثقافية ،2005 ،ص ص.108 ،107
241
وكنتيجة ٢تذه ا١تقاربة القانونية لعبلقة الدولة باجملتمع ا١تدين ُب اٞتزائر تظهر جليا قوة الدولة بًتسانتها
القانونية والتمويلية ُب مواجهة اجملتمع ا١تدين الذي كبلتو بقيود بَتوقراطية أضعفتو سواء من ناحية التشكيل
٘تلك اإلدارة العمومية ُب اٞتزائر سلطة واسعة ُب تنظيم االنتخابات وتلعب أجهزهتا دورا بارزا ُب تسيَت
كل مراحل االقًتاع بدءا بالًتشح إٔب غاية فرز األصوات وإعبلف النتائج.
لقد سعت اٞتزائر منذ إعبلف التعددية إٔب تفعيل العمليات االنتخابية وجعلها أىم وسيلة للحفاظ على
ا١تكاسب الدٯتقراطية احملققة غَت أف ىذه العمليات طا١تا اصطدمت ْتياد اإلدارة من عدـ ،وشكلت أىم
رىاف وٖتدي كاف وال يزاؿ يواجو النظاـ ُب إثبات مصداقيتو ،وبالتإب تأكيد شرعية مؤسساتو كوف ىذه
تعرؼ اإلدارة االنتخابية على أهنا ا١تؤسسة أو ا٢تيئة ا١تسؤولة قانونيا واليت يتحدد ا٢تدؼ من قيامها بإدارة
بعض أو كافة اٞتوانب األساسية لتنفيذ العمليات االنتخابية واالستفتاءات على ٥تتلف أشكا٢تا ،وىي
تشمل ٖتديد أصحاب االقًتاع واستقباؿ واعتماد طلبات الًتشح لبلنتخابات وتنفيذ عمليات االقًتاع وفرز
1
األصوات وٕتميع وإعداد نتائج االنتخابات.
2
وىناؾ ثبلثة أشكاؿ رئيسية إلدارة االنتخابات:
1آاالف ووؿ ،أندرو أليس وآخروف "،أشكاؿ اإلدارة االنتخابية ،تر .أمُت أيوب .دليل ا١تؤسسة الدولية للدٯتقراطية واالنتخابات" ،سلسلة
منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية واالنتخابات ،2007 ،International IDGAص.23
2المرجع نفسو ،ص ص.26 ،25
241
.1اإلدارة ا١تستقلة ،وىي اليت تقو على تنظيم وإدارة االنتخابات من طرؼ ىيئة مستقلة ،تكوف
منفصلة
٘تاما عن السلطة التنفيذية ؤتيزانية خاصة ،وىي إدارة ال تتبع ألية جهة وغَت مسؤولة أماـ أي وزارة
.2اإلدارة اٟتكومية واليت تقوـ فيها السلطة التنفيذية بتنظيم االنتخابات من خبلؿ إحدى الوزارات
.3اإلدارة ا١تختلطة :وتًتكب من ىيئة مستقلة تضع السياسات االنتخابية العامة وتشرؼ على
االنتخابات ،مع وجود ىيئة انتخابية تنفيذية تعٌت بتنظيم االنتخابات وتنفيذ العمليات االنتخابية بإشراؼ
.2الترشح:
يعد إيداع القائمة اليت تتوفر فيها الشروط ا١تطلوبة قانونا لدى الوالية تصر٭تا بالًتشح ،ويتم التصديق
لدى ضابط عمومي على توقيعات الناخبُت مع وضع بصمة السبابة اليسرى على استمارات تقدمها اإلدارة
ٖتتوي على االسم واللقب والعنواف وبطاقة التعريف الوطنية ورقم التسجيل ُب القائمة االنتخابية ،ويقوـ
رئيس اللجنة اإلدارية االنتخابية ٔتراقبة التوقيعات والتأكد من صحتها ،ويعد حضرا بذلك 1،ومسألة
الضابط العمومي والسبابة ٓب ترد ُب القوانُت السابقة حيث كاف يكفي بأف يتم تقدًن االستمارات من
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 22-22المتعلق بنظام االنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،01الصادرة بتاريخ
14يناير ،2012ا١تادة .72
242
يتم تقدًن التصر٭تات بالًتشح قبل 60يوما كامبل من تاريخ االقًتاع 1،ويكوف رفض أي ترشح أو قائمة
مًتشحُت بقرار معلل من الوإب تعليبل قانونيا و٬تب أف يبلغ ىذا القرار ٖتت طائلة البطبلف ُب أجل 10
أياـ كاملة ابتداء من تاريخ إيداع التصريح بالًتشح ويكوف قرار الرفض قاببل للطعن أماـ احملكمة اإلدارية
ا١تختصة إقليميا خبلؿ 03أياـ كاملة من تاريخ تبليغ القرار ،وتفصل احملكمة اإلدارية ا١تختصة إقليميا ُب
الطعن ُب أجل 05أياـ كاملة من تاريخ رفع الطعن ويبلغ اٟتكم تلقائيا وفور صدوره إٔب األطراؼ ا١تعنية
وإٔب الوإب قصد تنفيذه 2،بالتإب يكفي أف تتعلل اإلدارة برفض أي قائمة انتخابية متحججة ُب ذلك
بلجاؿ التصريح بالًتشح وآجاؿ الطعن ،أضف إٔب ذلك العراقيل اليت تقف أماـ ا١تًتشحُت ُب ٚتع
.2الحملة االنتخابية:
تعد اٟتمبلت االنتخابية من أىم الوسائل اليت ٘تكن ا١تًتشحُت سواء من األحزاب السياسية أو من
األحرار من شرح برا٣تهم ،وىي بذلك تشكل مرحلة مهمة من مراحل العملية االنتخابية.
تكوف اٟتملة االنتخابية مفتوحة قبل 25يوما من تاريخ االقًتاع وتنتهي بثبلثة أياـ من تاريخ االقًتاع،
وإذا ًب إجراء دور ثاين فإف اٟتملة االنتخابية للمًتشحُت ُب الدور الثاين تفتح قبل 12يوما من تاريخ
االقًتاع وتنتهي قبل يومُت من تاريخ االقًتاع 3،مع العلم أف اٟتملة االنتخابية كانت مفتوحة 21يوما قبل
4
يوـ االقًتاع ُب قوانُت االنتخابات السابقة.
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 22-26المتعلق باالنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،50الصادرة بتاريخ 28
أوت ،2016ا١تادة .74
2القانوف العضوي 01-12ا١تتعلق باالنتخابات ،ا١تادة .77القانوف العضوي 10-16ا١تتعلق باالنتخابات ،ا١تادة .78
3القانوف العضوي 01-12ا١تتعلق باالنتخابات ،ا١تادة .188
4اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 27-97المتضمن القانون العضوي لالنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،12الصادرة بتاريخ
06مارس .1997ا١تادة .172اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 23-89المتضمن قانون االنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم
،32الصادرة بتاريخ 07أوت ،1989ا١تادة .123
243
نص قانوف االنتخابات 01-12على ٚتلة من الشروط ُب اٟتملة االنتخابية اليت ٘تكن من ٧تاح اٟتملة
وتضع الضوابط لعملية عرض الربامج من طرؼ ا١تنتخبُت ،ويظهر تدخل اإلدارة ُب بعض من ىذه الضوابط
فمن ناحية اجملاؿ اإلعبلمي ٭تق لكل مًتشح لبلنتخابات احمللية أو التشريعية أو الرئاسية ٣تاؿ عادؿ ُب
وسائل اإلعبلـ التلفزية واإلذاعية الوطنية واحمللية وتكوف ىذه اٟتصص بالتساوي تبعا أل٫تية عدد ا١تًتشحُت
الذين يرشحهم حزب سياسي أو ٣تموعة أحزاب سياسية أو مًتشحُت أحرار 1،علما أف ىذه ا١تادة
تتحدث عن وسائل اإلعبلـ العمومية حيث ورد ُب الفقرة األخَتة من ذات ا١تادة على أنو ٖتدد كيفيات
وإجراءات استعماؿ وسائل اإلعبلـ العمومية وفقا للقانوف والتنظيم ا١تعموؿ هبما.
غَت أف تعديل قانوف االنتخابات ُب ٓ 2016ب يشر إٔب وسائل اإلعبلـ العمومية وإ٪تا ذكر أف اجملاؿ
عادؿ ُب وسائل اإلعبلـ الوطنية السمعية والبصرية ا١ترخص ٢تا با١تمارسة 2،كما أضاؼ أف ضماف احًتاـ
3
مشاركة ىذه الوسائل ُب تغطية اٟتملة االنتخابية يكوف بضماف من سلطة السمعي البصري.
من جهة أخرى تتحكم اإلدارة ُب عملية اٟتملة االنتخابية من حيث تنظيم االجتماعات والتجمعات
والذي ٮتضع لقانوف التجمعات وا١تظاىرات العمومية 4،كما أف اإلدارة ٘تلك سلطة تقديرية كبَتة ُب تطبيق
ىذه الضوابط خاصة ما تعلق منها ْتضر سوء استعماؿ رموز الدولة ،5أضف إٔب ذلك منع استعماؿ
الوسائل التابعة لشخص معنوي خاص أو عمومي أو مؤسسة أو ىيئة عمومية ومنع استعماؿ أماكن
العبادة وا١تؤسسات واإلدارات العمومية ومؤسسات الًتبية والتعليم والتكوين مهما كاف نوعها أو انتماؤىا
244
ألغراض الدعاية االنتخابية بأي شكل من األشكاؿ 1،مقابل ذلك فإف القانوف ٓ 07-97ب يذكر
ا١تؤسسات واإلدارات العمومية أما القانوف 13-89فلم يتضمن أية مادة ُب ىذا ا٠تصوص وىذا ما ينم
عن السعي إٔب ٖتقيق حياد اإلدارة وتدخلها أو التعسف ُب استخداـ السلطة اإلدارية.
تتم مراجعة القوائم االنتخابية خبلؿ الثبلثي األخَت من كل سنة ٖتت مراقبة ٞتنة إدارية يًتأسها قاضي
يعينو رئيس اجمللس القضائي ا١تختص إقليميا ورئيس اجمللس الشعيب البلدي واألمُت العاـ للبلدية كعضوين
وناخبُت إثنُت من البلدية يعينهما رئيس اللجنة 2،مع اإلشارة إٔب أف قانوف ُ 07-97ب ا١تادة 19
والقانوف ُ 13-89ب ا١تادة ٓ 16ب ينصا على وجود األمُت العاـ للبلدية كعضو ُب اللجنة وإ٪تا أشارا إٔب
٦تثل الوإب.
بالنسبة ١تراجعة القوائم االنتخابية للجالية اٞتزائرية فتتم من طرؼ أو ٖتت مراقبة ٞتنة إدارية انتخابية
تتكوف من رئيس ا١تمثلية الديبلوماسية أو رئيس ا١تركز القنصلي يعينو السفَت رئيسا ،وناخبُت اثنُت وموظف
3
قنصلي.
إف البلدية ُب اٞتزائر ىي من تقوـ بإعداد سجل الناخبُت ،وألف قانوف 1989وقانوف ٓ 1997ب يشَتا
إٔب حق األحزاب السياسية ُب اٟتصوؿ على قوائم الناخبُت ،فإف القانوف 01-12قد عرؼ إضافة ُب
ىذا اجملاؿ ،حيث أعطى اٟتق ١تمثلي األحزاب ا١تشاركة ُب االنتخابات وا١تًتشحُت األحرار ُب االطبلع
على القائمة االنتخابية ال بلدية واٟتصوؿ على نسخة منها على أف يتم إرجاعها خبلؿ األياـ العشرة ا١توالية
245
لئلعبلف الرٝتي لنتائج االنتخابات 1،غَت أف ىذه ا١تادة قد ًب تعديلها ُب القانوف 10-16حيث أشارت
ا١تادة 22منو على أف القوائم االنتخابية توضع ٖتت تصرؼ ٦تثلي األحزاب السياسية وا٢تيئة العليا ا١تستقلة
١تراقبة االنتخابات.
.2تنظيم االقتراع:
يعترب تنظيم االقًتاع وفرز األصوات إلقرار نتائج االنتخابات من أىم ا١تراحل اليت تلعب فيها أو يظهر
تستدعى ا٢تيئة الناخبة ُب اٞتزائر ٔترسوـ رئاسي ُب غضوف األشهر الثبلث اليت تسبق تاريخ إجراء
االنتخابات وتتشكل الدائرة االنتخابية من شطر بلدية أو بلدية أو عدة بلديات ،و٬تري االقًتاع ُب الدائرة
االنتخابية ويوزع الناخبوف بقرار من الوإب على مكاتب التصويت بقدر ما تقتضيو الظروؼ احمللية ويتطلبو
عدد الناخبُت ،غَت أنو عند وجود مكتباف أو عدة مكاتب تصويت ُب نفس ا١تكاف تتشكل ٣تموعة تسمى
"مركز التصويت" ،وتوضع ٖتت مسؤولية موظف يعُت ويسخر بقرار من الوإب ،والذي يقوـ ٔتا يلي:
-السهر على حسن النظاـ ُب الضواحي القريبة من مكاف مركز التصويت وخارج مكتب
2
التصويت باالستعانة عند اٟتاجة بالقوة العمومية.
يفتح االقًتاع على الساعة الثامنة صباحا وٮتتتم ُب نفس اليوـ على الساعة السابعة مساء ،غَت أنو ٯتكن
للوالة بًتخيص من وزير الداخلية أف يتخذوا قرارات تقدًن ساعة افتتاح االقًتاع أو تأخَته ُب بعض
246
1
البلديات أو سائر أ٨تاء دائرة انتخابية واحدة ،ويتم إطبلع ا٢تيئة العليا ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات بذلك
يدوـ االقًتاع يوما واحدا و٭تدد ٔترسوـ رئاسي ،غَت أنو ٯتكن للوزير ا١تكلف بالداخلية بطلب من الوالة
أف يرخص ٢تم بقرار تقدًن افتتاح االقًتاع 72ساعة على األكثر ُب البلديات اليت يتعذر فيها إجراء عملية
االقًتاع ُب اليوـ نفسو ألسباب مادية تتصل ببعد مكاتب التصويت وتشتت السكاف وألي سبب استثنائي
ُب بلدية ما 2،و٬تري التصويت ضمن مظاريف تقدمها اإلدارة وتكوف غَت شفافة وغَت مدمغة وعلى ٪توذج
واحد ،وتوضع ٖتت تصرؼ الناخبُت يوـ االقًتاع ُب قاعة التصويت 3،ويتألف مكتب التصويت من:
-رئيس.
-نائب الرئيس.
-كاتب.
4
-مساعدين اثنُت.
ويعُت أعضاء مكتب التصويت واألعضاء اإلضافيُت ويسخروف بقرار من الوإب ومن بُت الناخبُت
ا١تقيمُت ُب إقليم الوالية ،باستثناء ا١تًتشحُت وأقارهبم وأصهارىم إٔب غاية الدرجة الرابعة واألفراد ا١تنتمُت إٔب
أحزاهبم باإلضافة إٔب األعضاء ا١تنتخبُت ،مع العلم أف قانوف 1997قد أقر الدرجة الثانية فقط.
تنشر قائمة أعضاء مكاتب التصويت بعد 15يوما من قفل قائمة ا١ترشحُت وتسلم إٔب ٦تثلي األحزاب
السياسية ا١تشاركة ُب االنتخابات وا١تًتشحُت األحرار مقابل وصل استبلـ ،وٯتكن أف تكوف ىذه القائمة
٤تل تعديل ُب ظل اعًتاض مقبوؿ ويبلغ الرفض إٔب األطراؼ ا١تعنية خبلؿ 03أياـ من إيداع االعًتاض.
247
ويكوف القرار قاببل للطعن أماـ احملكمة اإلدارية ا١تختصة لتفصل فيو ،ويبلغ القرار فور صدوره إٔب األطراؼ
1
ا١تعنية وإٔب الوإب قصد تنفيذه ويكوف غرب قابل ألي شكل من أشكاؿ الطعن.
لرئيس مكتب التصويت سلطة األمن داخل مكتب التصويت ،وٯتكنو هبذه الصفة طرد أي شخص ٮتل
بالسَت العادي لعمليات التصويت ،وُب ىذه اٟتالة ٭ترر ٤تضر بذلك يلحق ٔتحضر الفرز كما ٯتكن لرئيس
مركز التصويت عند الضرورة ٖترير ٤تضر بذلك يلحق ٔتحضر الفرز ،إضافة إٔب إمكانية تسخَته ألعواف
القوة العمومية ٟتفظ النظاـ عند الضرورة 2،كما ٯتكن أف تساعد أعضاء مكتب التصويت ا١تتنقل عند
3
اٟتاجة ُب أداء مهامهم عناصر مصاّب األمن بناء على تسخَت من الوإب.
٬تب على رئيس مكتب التصويت التحقق قبل افتتاح االقًتاع من ا١تطابقة الدقيقة لعدد األظرفة القانونية
مع عدد الناخبُت ا١تسجلُت ُب قائمة التوقيعات،كما أف الصندوؽ الشفاؼ يغلق بقفلُت ٥تتلفُت يكوف
4
مفاتيح أحد٫تا عند رئيس مكتب التصويت واآلخر عند ا١تساعد األكرب سنا.
يبدأ فرز األصوات فور اختتاـ االقًتاع ويتواصل دوف انقطاع إٔب غاية انتهائو ٘تاما ،ويقوـ بالفرز فارزوف
ٖتت رقابة أعضاء مكتب التصويت وىم يعينوف من بُت الناخبُت ا١تسجلُت ُب ا١تكتب ْتضور ٦تثلي
ا١تًتشحُت ،وعند عدـ توفر العدد الكاُب ٯتكن ٞتميع أعضاء مكتب التصويت ا١تشاركة ُب الفرز 5،مع
العلم أنو ٓب يكن يسمح ١تمثلي ا١تًتشحُت باٟتضور قبل صدور القانوف ٓ ( 01-12ب تشر ا١تواد 54من
248
بعد االنتهاء من عملية التبلوة وعد النقاط يوضع ُب كل مكتب تصويت ٤تضر لنتائج الفرز ٤ترر ْترب ال
ٯتحى ،على أف يتم ذلك ْتضور الناخبُت ،ويتضمن عند االقتضاء مبلحظات أو ٖتفظات الناخبُت أو
ا١تًتشحُت أو ٦تثليهم ا١تؤىلُت قانونا ،وتسلم نسخ من ٤تاضر الفرز إٔب رئيس مكتب التصويت ورئيس
اللجنة االنتخابية البلدية والوإب أو رئيس ا١تركز الديبلوماسي أو القنصلي ،كما تسلم فورا نسخة طبق
األصل إٔب كل ا١تمثلُت ا١تؤىلُت قانونا للمًتشحُت أو قوائم ا١تًتشحُت مقابل وصل استبلـ ونسخة إٔب ا٢تيئة
1
العليا ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات.
إف عبلقة اإلدارة بتزوير االنتخابات مرتبطة أكثر بيوـ االقًتاع بدءا من إعداد صناديق التصويت وافتتاح
ساعة االقًتاع إٔب غاية فرز األصوات وإعبلف النتائج وطا١تا كانت اإلدارة ُب اٞتزائر ٤تل اهتاـ بالتزوير ،ففي
انتخابات 1999الرئاسية اليت تنافس فيها 7مرشحُت باستثناء "عبد اهلل جاب اهلل" انسحب 6
مرشحُت مع بدء عملية االنتخاب وٓب يبق سوى عبد "العزيز بوتقليقة" الذي ٖتولت االنتخابات إٔب
استفتاء حولو وٖتصل على % 79.79من األصوات ،وقد أصدر ا١تنسحبوف بيانا عربوا فيو عن عدـ
2
نزاىة االنتخابات وعدـ االعًتاؼ بنتائجها.
كما أنو وُب ظل قانوف االنتخابات ا١تعدؿ ُب 1997جرت أوؿ انتخابات تشريعية ُب 1997واليت
تزامنت مع إعبلف نشأة حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي وشارؾ فيها 40حزبا 3أكد النظاـ السياسي
وبعثة ا١تراقبُت من اٞتامعة العربية ومنظمة الوحدة اإلفريقية على نزاىة االنتخابات لكن مفوض األمم
ا١تتحدة شكك ُب ذلك وكذا أحزاب ا١تعارضة ،وأصدرت كل من حركة ٣تتمع السلم وحركة النهضة وحزب
1القانوف العضوي 10-16ا١تتعلق باالنتخابات ،ا١تادة ٓ . 51ب يشر إٔب ا٢تيئة العليا ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات ُب قوانُت االنتخابات السابقة
كوهنا تأسست بعد التعديل الدستوري لعاـ .2016
2ىناء عبيد ،مرجع سابق ،ص ص.152 ،151
3المرجع نفسو ،ص.154
249
العماؿ بيانا يؤكد حدوث ٕتاوزات وبأشكاؿ ٥تتلفة كالتضييق على األحزاب وزيادة ا١تكاتب ا١تتنقلة بُت
البدو ُب الصحراء وطرد ومنع مراقيب االنتخاب من حضور عملية الفرز وعدـ تسليم ٤تاضر الفرز 1،وبلغ
عدد الطعوف اليت تقدمت هبا األحزاب السياسية إٔب اجمللس الدستوري 329طعنا رفضت كلها ماعدا
ثبلثة طعوف ،وىي طعن جبهة القوى االشًتاكية وٮتص الدائرة االنتخابية للجزائر العاصمة والثاين ٟتزب
التجمع الوطٍت الدٯتقراطي وٮتص الدائرة االنتخابية لباتنة والثالث ٟتركة ٣تتمع السلم وٮتص الدائرة
2
االنتخابية للشلف.
كما أف االنتخابات احمللية اليت أجريت ُب أكتوبر من نفس السنة واليت أسفرت عن فوز التجمع الوطٍت
الدٯتقراطي ٘تيزت باهتاـ اإلدارة بتزوير االنتخابات لصاّب حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي ،حيث طالبت
عدة أحزاب بتشكيل ٞتنة للتحقيق ُب االنتخابات وًب تكوين تلك اللجنة اليت وضعت تقريرا مفصبل أكد
3
وقوع حاالت تزوير على نطاؽ واسع.
كما أنو ُب انتخابات 30ماي 2002التشريعية صرح "السعيد بوالشعَت" رئيس اللجنة السياسية
لبلنتخابات أف اإلدارة أقصت 312قائمة انتخابية لعدة أسباب منها أف ملفاهتا تتضمن فقرات من
الربنامج تتعارض مع الدستور وقوانُت اٞتمهورية أو لضمها أشخاصا ُب القائمة تعرضوا لئلدانة من طرؼ
القضاء وإما تكييف مًتشحُت على أهنم خطر على النظاـ العاـ ( عناصر كانت تنتمي للجبهة اإلسبلمية
لئلنقاذ سابقا الفيس) والذين ترشحوا ضمن قوائم النهضة 4،كما صرح رئيس حركة النهضة "آدمي" ُب
1اٛتد مهابة" ،االنتخابات اٞتزائرية من الذي كسب الرىاف؟" ،السياسة الدولية ،ع ،129.جويلية ،1997ص ص.142 ،141
2الخبر اليومي 18 ،جواف ،1997ا١توافق ؿ 13صفر ،1418ع ،1994.ص.02
3ىناء عبيد ،مرجع سابق ،ص ص.155 ،154
4الخبر اليومي 28.ماي ،2002ا١توافق ؿ 15ربيع األوؿ .1423ع ،3484ص.02
251
حوار لو مع ا٠ترب أف 60مًتشحا ينتمي أغلبهم للحزب احملظور تعرضوا للتنحية من قوائم النهضة وًب
1
رفض 27قائمة من ٣تموع 48قائمة والئية والطعن ُب 60مًتشحا.
لقد أكد القانوف اٞتزائري على حق ا١تًتشحُت ُب ٣تاؿ عادؿ ُب التلفزة واإلذاعة لعرض برا٣تهم غَت أنو
ترؾ التفاصيل ١تسألة التنظيم وىذا ما كاف يفتح دائما الباب ٞتداؿ واسع حوؿ ىذه ا١تسألة حيث أف
التلفزة الوطنية كانت دائما ٤تل اهتاـ بتحيزىا لطرؼ على حساب آخر ففي انتخابات 30ماي التشريعية
لعاـ ،2002رفعت حركة "ٛتس" أربعة احتجاجات إٔب اللجنة السياسية الوطنية ١تراقبة االنتخابات
استنكرت فيها موقف التلفزة الوطنية ُب التعامل مع التغطيات اإلعبلمية لؤلنشطة اٟتزبية خبلؿ اٟتمبلت
االنتخابية ،وحسب ا١تراسلة اليت وجهت إٔب رئيس اللجنة فإف ٖتيز التلفزة كاف لصاّب التجمع الوطٍت
الدٯتقراطي حيث ًب إعادة بث نفس النشاط الذي قاـ بو األمُت العاـ للحزب "أٛتد أو٭تِت" 3مرات رغم
تعارض ذلك مع مضموف القواعد احملددة للتغطيات االنتخابية اليت حددهتا اللجنة االنتخابية 2،كما أبدت
"لويزة حنوف" رئيسة حزب العماؿ ُب ٕتمع ٢تا باٞتلفة تذمرا شديدا إزاء مسؤووٕب التلفزيوف الذين ٯتتنعوف
عن تغطية نشاطاهتا واحتج أيضا "جاب اهلل" رئيس حركة اإلصبلح على التلفزة الوطنية الذي اعترب أهنا ال
تربمج نشاطات حزبو ُب ا١تواعيد ا١تناسبة 3،وقد بلغ عدد الطعوف اليت تسلمها اجمللس الدستوري ُب
انتخابات 30ماي 2002التشريعية 100طعن رفضت كلها 4،كما استقبلت اللجنة الوالئية ا١تستقلة
لوالية وىراف عشرات التقارير من اللجاف البلدية 26اليت ًب تنصيبها من بينها تقرير ٞتنة وادي التليبلت
251
حيث ذكرت اللجنة أنو وبعد مراقبة قوائم الناخبُت ُب ىذه البلدية اكتشفت أٝتاء أشخاص متوفُت
1
مسجلُت ُب القوائم ،وكذلك أٝتاء مواطنُت غَتوا مقرات إقامتهم لكن ٓب يتم شطب أٝتائهم.
وتقدـ أيضا انتخابات 17ماي 2007التشريعية دليبل آخر عن تزوير االنتخابات فقد اتسمت ىذه
االنتخابات بتجاوزات كبَتة من طرؼ اإلدارة لصاّب جبهة التحرير الوطٍت الفائزة ُب االنتخابات أكدهتا
اللجنة السياسية ١تراقبة االنتخابات على لساف رئيسها السعيد بوالشعَت ُب رسالة وجهها إٔب رئيس
اٞتمهورية يوـ االقًتاع ،حيث وجو فيها االهتاـ صراحة ٟتزب جبهة التحرير الوطٍت مؤكدا على ٕتاوزات
مشلت كل مناطق الوطن كمنع اإلدارة للمراقبُت من األحزاب حضور بداية العملية االنتخابية ورفض فتح
الصناديق قبل بداية االقًتاع وملئ بعضها اآلخر بأوراؽ تصويت لصاّب اٟتزب نفسو مثلما حدث بوالية
اٞتزائر وبلدية الرويبة مركز ٤تمد الكبَت ٤تددا ٔتكتب التصويت رقم 01أين ًب اكتشاؼ 135ورقة
تصويت لو عند فتح الصناديق ،إضافة إٔب عدـ وجود أوراؽ التصويت لبعض القوائم مثل التجمع من أجل
الثقافة والدٯتقراطية وحركة النهضة ُب البليدة وقائمة حركيت ٣تتمع السلم ُب السعيدة.
كما أف "بوالشعَت" أكد وجود ٕتاوزات أخذت طابعا وطنيا ومشلت كل مناطق الوطن 2،ورغم أف
"السعيد بوالشعَت" تنازؿ عن أقوالو بعد ذلك إال أف قرار اٟتكومة بتشكيل ٞتنة تقنية مهمتها تأطَت اٟتملة
االنتخابية وتسيَت اٞتانب اإلعبلمي حملليات 29نوفمرب 2007وذلك كبديل للجنة السياسية ١تراقبة
االنتخابات اليت ٓب تكن ٢تا أية صبلحيات خاصة ما يتعلق منها بالتدخل لدى أية ىيئة أو مراقبة العملية
االنتخابية منذ تنصيبها إٔب غاية إعبلف النتائج 3دليل على أف اللجنة الوطنية ١تراقبة االنتخابات بصبلحياهتا
252
كما كشفت مراسلة وقعها ا١تكتب التنفيذي ٟتركة "ٛتس" لبلدية أوراؿ بوالية بسكرة أثناء ٖتضَت القوائم
االنتخابية النتخابات 29نوفمرب 2007عن احتواء القائمة االنتخابية ألشخاص متوفُت وآخرين غَت
مقيمُت بًتاب البلدية وآخرين مسجلُت مرتُت ُب نفس ا١تركز وُب مكتبُت مغايرين 1،كما صرحت اٞتريدة
اليومية " ا٠ترب" أهنا تلقت ٪تاذج عن بطاقات انتخاب متعددة لشخص واحد ببلدية بن عنكنوف حيث
أظهر أحد ا١تواطنُت بطاقتُت لو األؤب قدٯتة والثانية مؤرخة ُب 06نوفمرب 2007مع تسجيل اختبلؼ
2
ُب رقم مركز التصويت.
وُب انتخابات 17ماي 2007التشريعية بلغ إٚتإب عدد الطعوف 736طعنا ،حوإب %88منها
رفعتها حركة الوفاؽ الوطٍت وعهد ُ 54ب والية البليدة وحدىا ،وأصدر اجمللس الدستوري برئاسة "بوعبلـ
بسايح" األحكاـ ا٠تاصة هبذه بالطعوف ،حيث شكل عدد الطعوف ا١ترفوضة شكبل 668طعنا لعدـ
استيفائها الشروط القانونية أما ا١تقبولة شكبل ا١ترفوضة موضوعا فبلغ عددىا 65طعنا ألف الوقائع ا١تذكورة
3
فيها تكتسي طابعا عاما ومبنية على وقائع يصعب التأكد منها.
وُب ظل االنتخابات التشريعية ُب 12ماي 2012انتقد التقرير الذي أعدتو اللجنة الوطنية ١تراقبة
االنتخابات التشريعية االنتخابات واعتربهتا فاقدة للمصداقية والنزاىة من حيث ٚتلة من العيوب منها
تضخيم ا٢تيئة الناخبة وتعدد التسجيبلت لبعض الناخبُت ،إضافة إٔب التسجيبلت اٞتماعية ألفراد اٞتيش
خارج اآلجاؿ القانونية وتضخيم نتائج حزب السلطة ُب ا١تناطق التابعة للنواحي العسكرية وكثافة مبالغ فيها
للتصويت بالوكالة ،كما أشارت اللجنة الوطنية ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات ُب تقريرىا النهائي إٔب عدـ
253
٘تكينها من الوسائل واإلمكانيات والنظر إليها على أهنا خصم لوزارة الداخلية والتعامل معها بكثَت من
1
اٟتذر.
وكانت ىذه االنتخابات جاءت بعد تعديل قانوف االنتخابات ُب جانفي 2012والذي اعتربه احملامي
عمار خبابة أنو قانوف ال ٯتنع التزوير بل يتيح ىامشا كبَتا للتزوير وبسهولة أكثر بسبب إعطاء صبلحيات
كبَتة لئلدارة ُب اإلشراؼ على العملية االنتخابية ،وأف معظم موظفي اإلدارة خبلؿ االنتخابات ىم موالوف
للسلطة حيث تعمل اللجاف الوالئية والبلدية على ٚتع الدعم والتأييد وحىت األصوات لصاّب مرشح
السلطة ،كما أف الصناديق ا٠تاصة (ا١تتنقلة) ال ٗتضع ألية رقابة مع استحالة حضور ٦تثلي ا١تًتشحُت لكثَت
من األحزاب السياسية ُب مكاتب التصويت وىو ما يفتح باب التزوير على مصرعيو ُب ا١تكاتب غَت
2
ا١تراقبة.
وُب ذات السياؽ رصدت الرابطة اٞتزائرية للدفاع عن حقوؽ اإلنساف ُب االنتخابات الرئاسية ُب 17
أبريل 2014عرب مكتبها ُب الشلف عينات عن ٕتاوزات وخروقات خبلؿ الفًتة ا١تمتدة من 17إٔب 28
مارس اليت ٠تصتها ُب التبلعب ُب التوقيت الزمٍت ا١تمنوح للمرشحُت ُب التلفزيوف العمومي ،إضافة إٔب ٘تتع
ا١ترشح عبد العزيز بوتفليقة بتغطية إعبلمية تشمل الداعمُت لو من وزراء ورؤساء أحزاب يستعملوف وسائل
3
الدولة ُب اٟتملة االنتخابية.
إف العدد الكبَت من الطعوف اليت تتقدـ هبا األحزاب السياسية ُب االنتخابات دليل على وجود ٕتاوزات
ورفض اجمللس الدستوري ٢تذه الطعوف ىو الذي يطرح فعبل تساؤالت على مدى استقبللية ىذا اجمللس،
1نعيمة ٝتينة" ،االنتخابات الرب١تانية اٞتزائرية ُ 2012ب ضوء التحوالت السياسية العربية" ،مجلة دراسات شرق أوسطية ،ع ،61 .خريف
،2012ص.37
- 2عبد الرزاؽ بوالقمح ،مسعود ىدنة ،وآخروف ،لعنة تطارد االنتخابات(ملف)ُ ،ب:
https://www.echoroukonline.com
3رئاسيات 2014تدخل موسوعة "غينس" لؤلرقاـ القياسيةُ ،ب https :// www.elkhabar.com
254
ليبقى حياد اإلدارة ُب االنتخابات اٞتزائرية من أىم عقبات تفعيل الدٯتقراطية ُب ىذا البلد ،كما أف
األحزاب السياسية مطالبة أكثر ٔتراقبة ىذه العملية وىو ما عرب عنو " السعيد بوالشعَت" حينما قاؿ أف
العقليات ا١تتحجرة ا١تتواجدة باإلدارة احمللية ىي اليت تصعب نزاىة االنتخابات وأف التزوير سيبقى قائما
مادامت األحزاب ال تتؤب بنفسها مراقبة االنتخابات ،فبما أنو يوجد 40ألف مكتب تصويت فما ىو
1
اٟتزب الذي ٯتكنو توفَت 40ألف مراقب.
إف ٖتقيق حياد اإلدارة ُب االنتخابات يعترب من أىم التحديات اليت يواجهها النظاـ السياسي اٞتزائري
عند تنظيم أي عملية انتخابية سواء على ا١تستوى الداخلي أو ا٠تارجي٢ ،تذا قد طور ٣تموعة من اآلليات
القانونية ا١تفعلة لتحيد اإلدارة وٖتقيق أكرب قدر من الشفافية ٔتا يضمن ٖتقيق مشاركة واسعة لدى ا١تواطنُت
تلعب اإلدارة الدور احملوري ُب العمليات االنتخابية وعلى ىذا األساس اىتمت السلطة السياسية ُب
اٞتزائر بتكريس حياد ا١توظف العمومي أثناء أداء مهامو خاصة ما تعلق منها بأدائو ُب ظل العمليات
االنتخابية ،وذلك لضماف عدـ ا٨تيازه إٔب أية جهة العتبارات شخصية أو مصلحية أو جهوية ٦تا قد يعيق
255
عملت السلطة السياسية ُب اٞتزائر على تبٍت فكرة حياد ا١توظفُت العموميُت منذ االستقبلؿ ،حيث نص
دستور 1976على وجوب ٛتاية كل مواطن بعملو وسلوكو ا١تلكية العمومية ومصاّب اجملموعة الوطنية
واحًتاـ مكتسبات الثورة االشًتاكية والعمل حسب مقدرتو لرفع مستوى معيشة الشعب 1،أما حياد
ا١توظفُت ُب ظل قوانُت الوظيف العمومي ُب ىذه ا١ترحلة فقد ربطت فكرة اٟتياد بالوالء للحزب والقيادة
السياسية فنص أمر رقم 133-66على ضرورة التزاـ ا١توظف باحملافظة على سر ا١تهنة كما أوجب عليو
مهما كاف ا١تنصب الذي يشغلو أف ال يوزع أو يطلع الغَت خارج ضرورات مصلحتو على أي عمل أو أي
شيء مكتوب أو خرب يعرفو ىو بنفسو أو ٭توزه أثناء ٦تارسة مهامو 2،كما أوجب عليو أيضا احًتاـ سلطة
الدولة وااللتزاـ بالتحفظ واالمتناع عن كل عمل ولو خارجا عن خدمتو يكوف منافيا لكرامة الوظيفة
3
العمومية أو أل٫تية ا١تسؤوليات ا١تنوطة بو.
واستمر القانوف الذي صدر ُب 1978ا٠تاص بالعامل ُب نفس النهج االشًتاكي والذي يلزـ العامل
باحًتاـ التوجهات االشًتاكية للدولة ُب ظل ٪تط اٟتزب الواحد ،حيث يتعُت على العامل السيما عندما
يتؤب منصب تأطَت أو مسؤولية أف يستلهم باستمرار أثناء ٦تارسة مهامو مبادئ العمل الواردة ُب ا١تيثاؽ
4
الوطٍت كمصدر أساسي ومرجع أيديولوجي وسياسي ٢تيئات اٟتزب والدولة.
وىو نفس ما أكد عليو مرسوـ 59-85ا١تتضمن القانوف األساسي النموذجي لعماؿ ا١تؤسسات
واإلدارات العمومية الذي صدر ُب ،1985حيث أوجب على العماؿ االلتزاـ ٓتدمة اٟتزب والدولة
256
وا١تسا٫تة بكفاءة وفعالية ُب األعماؿ اليت تباشرىا القيادة السياسية ،واحًتاـ سلطة الدولة وفرض احًتامها
1
ومراعاة مصاّب األمة والدفاع عن مكاسب الثورة.
أما مرحلة التعددية السياسية فقد كرست ٣تمل دساتَتىا حياد ا١توظف ُب أداء مهامو من أجل تكريس
دولة اٟتق والقانوف حيث يعاقب القانوف على التعسف ُب استعماؿ السلطة 2،كما ٯتنع على ا١تؤسسات
أف تقوـ با١تمارسات اإلقطاعية واٞتهوية واحملسوبية وإقامة عبلقات االستغبلؿ والتبعية والسلوؾ ا١تخالف
للخلق اإلسبلمي وقيم ثورة نوفمرب 3وىي من جهة أخرى مطالبة بضماف مساواة كل ا١تواطنُت وا١تواطنات
ُب اٟتقوؽ والواجبات بإزالة العقبات اليت تعوؽ تفتح شخصية اإلنساف وٖتوؿ دوف مشاركة اٞتميع الفعلية
4
كما ٯتنع أف تكوف الوظائف ُب مؤسسات الدولة ُب اٟتياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية،
5
مصدرا للثراء ووسيلة ٠تدمة ا١تصاّب ا٠تاصة.
وأضاؼ دستور 2016كلمة عهدات إشارة إٔب كل شخص ليس فقط ُب الوظائف السامية بل أيضا
ا١تنتخبُت ُب اجملالس احمللية وا١تعينُت ُب اجملالس الوطنية أو ا٢تيئات الوطنية الذين ألزمهم ىذا التعديل
وكانت أىم مادة ٗتص حياد اإلدارة ىي ا١تادة 23اليت ًب إدراجها ألوؿ مرة ُب التعديل الدستوري
1996نتيجة للجدؿ الذي أعقب انتخابات 1995الرئاسية واليت عرفت تدخبل صارخا لئلدارة ُب
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم 59-85المتضمن القانون األساسي النموذجي لعمال المؤسسات واإلدارات
العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،13الصادرة بتاريخ 24مارس ،1985ا١تادة .21
2ا١تواد 24 ،22 ،22 :من دساتَت 2016 ،1996 ،1989على التوإب.
3ا١تواد 10 ،09 ،09 :من دساتَت 2016 ،1996 ،1989على التوإب.
4ا١تواد 34 ،31 ،30 :من دساتَت 2016 ،1996 ،1989على التوإب.
5ا١تواد 23 ،21،21 :من دساتَت 2016 ،1996 ،1989على التوإب.
257
وبالنسبة لقانوف الوظيف العمومي فقد عرفت مرحلة التعددية صدور األمر رقم 03-06ا١تتضمن
القانوف األساسي للوظيف العمومي ،والذي تضمن ٣تموعة من ا١تواد ركزت على واجبات ا١توظف ا١ترتبطة
-االلتزاـ بالسر ا١تهٍت وٯتنع عليو أف يكشف ٤تتوى أية وثيقة ْتوزتو أو أي حدث أو خرب علم
بع أو اطلع عليو ٔتناسبة ٦تارسة مهامو ماعدا ما تقتضيو ضرورة ا١تصلحة ،وال يتحرر ا١توظف من
5
واجب السر ا١تهٍت إال بًتخيص مكتوب من طرؼ السلطة السلمية ا١تؤىلة.
-عدـ استعمالو بأية حاؿ ألغراض شخصية أو ألغراض خارجة عن ا١تصلحة احملبلت
6
والتجهيزات ووسائل اإلدارة.
وباإلضافة إٔب قانوف الوظيف العمومي فقد كاف قد صدر مرسوـ تنفيذي ُب 1990٭تدد حقوؽ
العماؿ الذين ٯتارسوف وظائف عليا ُب الدولة ،حيث أوجب عليهم عدـ الكشف عن الوقائع أو احملررات
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر رقم 23-26المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،46
الصادرة بتاريخ 17يوليو ،2006ا١تادة .26
2األمر رقم 03-06ا١تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية ،ا١تادة .40
3األمر رقم 03-06ا١تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية ،ا١تادة .41
4األمر رقم 03-06ا١تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية ،ا١تادة .42
5األمر رقم 03-06ا١تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية ،ا١تادة .46
6األمر رقم 03-06ا١تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية ،ا١تادة .51
258
أو ا١تعلومات اليت يشملها واجب كتماف السر ا١تهٍت ا١تتعلق ٔتمارسة مهامهم ولو بعد انتهاء منها 1،كما
صدر مرسوـ تنفيذي ُب 1993الذي حدد بعض الواجبات ا٠تاصة ا١تطبقة على ا١توظفُت واألعواف
العموميُت وعلى عماؿ ا١تؤسسات العمومية ،وأ٫تها تلك ا١تتعلقة باٟتياد اإلداري كإلزاـ ا١تستخدمُت بواجب
اإلخبلص للدولة ومؤسساهتا وواجب التحفظ إزاء اجملادالت السياسية أو األيديولوجية وحضر تفضيل
نشاط أي ٚتعية أو ٣تموعة أو تشكيل مصرح هبا بصفة نظامية أو عرقلة ذلك ببل مسوغ قانوين ،مع
2
إلزامهم بواجب النزاىة أثناء ٦تارسة مهامهم السيما ُب عبلقاهتم مع اٞتمهور.
ٕتري االستشارات االنتخابية ٖتت مسؤولية اإلدارة اليت يلتزـ أعواهنا التزاما صارما باٟتياد إزاء األحزاب
السياسية وا١تًتشحُت ،و٬تب على كل عوف مكلف بالعمليات االنتخابية أف ٯتتنع عن كل سلوؾ أو موقف
أو عمل من شأنو اإلساءة إٔب نزاىة االقًتاع ومصداقيتو ،كما ٯتنع استعماؿ أمبلؾ أو وسائل اإلدارة أو
3
األمبلؾ العمومية لفائدة حزب سياسي أو مًتشح أو إقامة مًتشحُت.
ويعُت أعضاء مكاتب التصويت واألعضاء اإلضافيوف ويسخروف من الوإب من بُت الناخبُت ا١تقيمُت
ُب إقليم الوالية باستثناء ا١تًتشحُت وأقارهبم وأصهارىم إٔب غاية الدرجة الرابعة واألفراد ا١تنتمُت إٔب أحزاهبم
باإلضافة إٔب األعضاء ا١تنتخبُت 4،بعدما كانت ا١تادة 40من قانوف 07-79قد أشارت إٔب الدرجة
الثانية فقط من القرابة وا١تصاىرة ،وىذا التمديد إٔب الدرجة الرابعة إشارة إٔب السعي ٨تو تكريس اٟتياد
1اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم التنفيذي 226-92المحدد للرواتب المطبقة على العمال الممارسين لوظائف عليا
في الدولة ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،31الصادرة بتاريخ 28يوليو ،1990ا١تادة .16
2اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم التنفيذي رقم 54-93المحدد لبعض الواجبات الخاصة المطبقة على الموظفين
واألعوان العموميين وعلى عمال المؤسسات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،11الصادرة بتاريخ 17فرباير ،1993ا١تواد ،04 ،02
.06 ،05
3القانوف العضوي 01-12ا١تتعلق بنظاـ االنتخابات ،ا١تادة .160
4القانوف العضوي 01-12ا١تتعلق بنظاـ االنتخابات ،ا١تادة .36
259
الكلي ُب عملية االنتخاب ،ويؤدي أعضاء مكتب التصويت واألعضاء اإلضافيوف اليمُت اآلٌب نصها:
"أقسم باهلل العظيم أف أقوـ ٔتهامي بكل إخبلص وحياد وأتعهد بالسهر على ضماف نزاىة العملية
1
االنتخابية".
كما تضمنت قوانُت االنتخاب بكل تعديبلهتا أحكاما جزائية ضد كل من يعرقل عملية االنتخاب أو
ينحاز لطرؼ على حساب طرؼ آخر ،حيث يعاقب باٟتبس من ٜتس سنوات إٔب عشر وبغرامة مالية من
100.000دج إٔب 500.000دج كل من كاف مكلفا ُب اقًتاع إما بتلقي األوراؽ ا١تتضمنة أصوات
الناخبُت أو ْتساهبا أو بفرزىا وقاـ بإنقاص أو زيادة ُب احملضر أو ُب األوراؽ أو بتشويهها أو تعمد تبلوة
اسم غَت االسم ا١تسجل 2،كما يعاقب باٟتبس من ٜتس سنوات إٔب عشر سنوات وبغرامة مالية من
100.000دج إٔب 500.000دج كل إخبلؿ باالقًتاع صادرا إما من أي عضو من أعضاء مكتب
3
التصويت أو أي عوف مسخر مكلف ْتراسة األوراؽ اليت ًب فرزىا.
وكاف ا٢تدؼ من ىذه التعليمة التأكيد على اإلجراءات التكميلية الرامية إٔب تعزيز نزاىة االنتخابات
واألىم ىو التذكَت بالقواعد الواجب مراعاهتا على السلطات واألعواف العموميُت ُب ٣تاؿ اٟتياد ،حيث
ركزت التعليمة على ضرورة احًتاـ أعواف اإلدارة للقانوف وتوفَت الظروؼ الضرورية لتنظيم اٟتملة االنتخابية
261
ٔتناسبة االنتخابات احمللية والتشريعية والرئاسية يتم إنشاء ٞتاف انتخابية بلدية ووالئية وٞتاف ا١تقيمُت
با٠تارج.
-تتشكل الل جاف االنتخابية البلدية من قاض رئيسا يعينو رئيس اجمللس القضائي ا١تختص إقليميا ونائب
رئيس ومساعدين اثنُت يعينهم الوإب من بُت ناخيب البلدية ما عد ا١تًتشحُت وا١تنتمُت إٔب أحزاهبم وأقارهبم
تقوـ اللجاف االنتخابية البلدية بإحصاء نتائج التصويت احملصل عليها ُب كل مكتب تصويت على
مستوى البلدية وتسجل ذلك ُب ٤تضر رٝتي ْتضور ٦تثلي ا١ترشحُت أو القوائم ،وترسل نسخة من احملضر
إٔب رئيس اللجنة الوالئية ونسخى إٔب الوإب ،وُب حاؿ االنتخابات احمللية تقوـ بتوزيع ا١تقاعد ،كما تسلم
نسخة إٔب ا١تمثل ا١تؤىل قانونا لكل مًتشح أو قائمة مًتشحُت مقابل وصل تسليم.
واألمر اإلضاُب ُب ا١تادة 153من قانوف االنتخابات 2016ىو أف كل مًتشح أو قائمة مًتشحُت
مطالبة بتقدًن قائمة ا١تمثلُت قانونا الستبلـ احملضر من اللجنة واليت تتضمن كل عناصر ىويتهم ،كما أف
ذات ا١تادة أضافت أف نسخة من احملضر تسلم أيضا ٦تثل ا٢تيئة العليا ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات بدؿ
اللجنة البلدية ١تراقبة االنتخابات اليت أشار إليها قانوف ُ 2012ب ا١تادة .150
أما اللجاف االنتخابية الوالئية فتتشكل من ثبلثة قضاة من بينهم رئيس برتبة مستشار 1،وكاف قانوف
ُ 2016ب ذات ا١تادة ( )154قد أضاؼ أعضاء إضافيُت يعينهم وزير العدؿ حافظ األختاـ ،كما يتم
إنشاء ٞتنة انتخابية على مستوى كل دائرة انتخابية وتتلخص مهاـ اللجنة االنتخابية الوالئية ُب معاينة
2
وٚتع النتائج النهائية اليت تسجلها اللجاف االنتخابية البلدية وتوزيع ا١تقاعد ُب ظل االنتخابات الوالئية.
261
وقد أشار قانوف 2016إٔب اٞتهات اليت تستلم ٤تاضر النتائج من ىذه اللجاف واليت ٓب يذكرىا قانوف
2012حيث تسلم نسخ إٔب ا١تمثل ا١تؤىل قانونا لكل مًتشح مقابل وصل باالستبلـ و٦تثل ا٢تيئة العليا
ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات ووزير الداخلية ووزير العدؿ وذلك ُب االنتخابات احمللية والتشريعية 1،أما ُب
االنتخابات الرئاسية فتسلم نسخ من ٤تضر النتائج إٔب ا١تمثل ا١تؤىل قانونا لكل مًتشح 2،غَت أف قانوف
ُ 2016ب ذات ا١تادة 160قد أضاؼ جهات أخرى وىي ٦تثل ا٢تيئة العليا ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات
بعدما كانت سابقا اللجنة الوالئية ١تراقبة االنتخابات ،ووزير الداخلية ،ووزير العدؿ.
-اللجنة االنتخابية للدائرة الديبلوماسية أو القنصلية إلحصاء النتائج احملصل عليها ُب ٣تموع مكاتب
التصويت ُب الدوائر االنتخابية الديبلوماسية أو القنصلية ،كما تنشأ ٞتنة انتخابية للمقيمُت با٠تارج ٞتمع
النتائج النهائية ا١تسجلة من قبل ٚتيع ٞتاف الدوائر الديبلوماسية أو القنصلية ،وتسلم اللجنة نسخة من
٤تاضر النتائج إٔب وزير الداخلية وا١تمثل ا١تؤىل قانونا لكل مًتشح أو قائمة مًتشحُت 3،وأضاؼ قانوف
ُ 2016ب ذات ا١تادة 163كل من رئيس ا٢تيئة العليا ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات ووزير العدؿ ،بعدما
كاف احملضر يرسل إٔب رئيس اللجنة الوطنية ١تراقبة االنتخابات اليت ًب إلغاؤىا.
-بالنسبة إلعداد القوائم االنتخابية ،فلكل ناخب اٟتق ُب االطبلع على القائمة االنتخابية اليت تعنيو
وىذا ما نصت عليو كل القوانُت االنتخابية بعد إعبلف التعددية 4،غَت أنو غَت أنو ُب قانوف ً 1997ب
إعطاء اٟتق لؤلحزاب السياسية وا١تًتشحُت ُب االطبلع على القوائم االنتخابية ضمن ا١تادة ،21أما ُب
1
القانوف العضوي 10-16ا١تتعلق باالنتخابات المرجع نفسو ،ا١تادة 158بالنسبة لبلنتخابات احمللية ،وا١تادة 159لبلنتخابات
التشريعية.
2القانوف العضوي 10-16ا١تتعلق باالنتخابات ا١تواد .162 ،161 ،160
3القانوف العضوي 10-16ا١تتعلق باالنتخابات ،ا١تادتُت .164 ،163
4القانوف العضوي 10-16ا١تتعلق باالنتخابات ،ا١تادة .22
262
تعديل 2012فقد خصت ا١تادة 18حق االطبلع على القوائم االنتخابية لؤلحزاب وا١تًتشحُت االحرار
ا١تشاركُت فقط ُب االنتخابات ،كما منح ٢تم حق اٟتصوؿ على نسخة من القوائم وإرجاعها ُب غضوف
10أياـ ،كما صبت ا١تادة 22من قانوف ُ 2016ب ذات السياؽ من حيث إلزاـ السلطات بوضع
الق وائم االنتخابية ٖتت تصرؼ األحزاب السياسية وا١تًتشحُت األحرار ا١تشاركُت ُب االنتخابات.
ومنح ا١تواطن أيضا حق تقدًن التظلم إذا أغفل تسجيلو ُب قائمة انتخابية وحق االعًتاض ا١تعلل لشطب
شخص مسجل بغَت حق أو تسجيل شخص مغفل ُب نفس دائرتو االنتخابية ،وتقدـ ٚتيع اعًتاضات
ا١تواطنُت على التسجيل أو الشطب إٔب اللجنة اإلدارية االنتخابية اليت تبث فيها بقرار قابل للطعن أماـ
احملكمة ا١تختصة إقليميا أو ٤تكمة اٞتزائر بالنسبة للجالية اٞتزائرية ،ويكوف الطعن غَت قابل ألي شكل من
1
أشكاؿ الطعن (نفس ما نص عيو كل من قانوف االنتخابات .)01/12 ،07/97 ،13/89
-بالنسبة للناخبُت فقد كرست أغلب قوانُت االنتخاب حق ا١تواطن ُب االعًتاض على نتائج االنتخابات،
حيث ٭تق لكل ناخب االعًتاض على صحة عمليات التصويت بإيداع احتجاج ُب ا١تكتب الذي صوت
فيو لَتسل إٔب اللجنة الوالئيةاليت تبث فيو بقرار قابل للطعن أماـ احملكمة اإلدارية ا١تختصة 2،مع عدـ قابلية
قرارىا ألي شكل من أشكاؿ الطعن 3،كما ٭تق للناخب االحتجاج أيضا على صحة العملية االنتخابية
4
ُب حالة االستفتاء ،غَت أف االحتجاج ُب ىذه اٟتالة ٮتطر بو اجمللس الدستوري.
263
-بالنسبة لؤلحزاب السياسية أوؿ مرة يتم دسًتة فكرة وضع القوائم االنتخابية عند كل انتخاب ٖتت
تصرؼ ا١تًتشحُت وذلك ُب إطار التعديل الدستوري ؿ 2016الذي ألزـ السلطات العمومية ا١تكلفة
1
باالنتخابات بضرورة إحاطة ىذه العملية بالشفافية واٟتياد.
-بالنسبة لؤلحزاب السياسية فيمكن للمًتشحُت حضور عمليات التصويت والفرز أو تعيُت ٦تثليهم ُب
حدود ٜتسة أعضاء كأقصى حد ُب مكتب التصويت ُب آف واحد 2،كما ٭تق لكل مًتشح أو ٦تثلو أف
يراقب عمليات التصويت وفرز األصوات وتعدادىا وتسجيل كل ا١تبلحظات أو ا١تنازعات ا١تتعلقة بسَت
3
العمليات ُب ٤تضر.
وٯتلك كل مًتشح لبلنتخابات التشريعية أو حزب سياسي مشارؾ ُب االنتخابات اٟتق ُب االعًتاض
على صحة عمليات التصويت بتقدًن عريضة لدى كتابة ضبط اجمللس الدستوري ،كما ٭تق ٢تؤالء الطعن ُب
4
صحة العمليات االنتخابية ُب حالة االنتخابات الرئاسية باحتجاج يرفع إٔب اجمللس الدستوري.
ًب استحداث ىذه ا٢تيئة مع التعديل الدستوري لعاـ ،2016وىي ىيئة تسهر على شفافية االنتخابات
منذ استدعاء ا٢تيئة الناخبة حىت إعبلف النتائج ا١تؤقتة لبلقًتاع ،وتتكوف من قضاة يقًتحهم اجمللس األعلى
للقضاء وكفاءات مستقلة يتم اختيارىا ضمن اجملتمع ا١تدين وكل ىؤالء األعضاء يتم تعيينهم من طرؼ
5
رئيس اٞتمهورية ،ويًتأس ا٢تيئة شخصية وطنية يعينها رئيس اٞتمهورية بعد استشارة األحزاب السياسية.
264
وكاف يشرؼ على االنتخابات قبل التعديل الدستوري لعاـ 2016كل من اللجنة الوطنية لئلشراؼ
على االنتخابات واللجنة الوطنية ١تراقبة االنتخابات اللتُت ًب استحداثهما ُب ظل قانوف االنتخابات
،2012حيث الل جنة الوطنية لئلشراؼ على االنتخابات كانت تتكوف حصريا من قضاة يعينهم رئيس
اٞتمهورية وتوضع ٔتناسبة كل اقًتاع وكانت مهمتها اإلشراؼ على االنتخابات من بدايتها إٔب هنايتها 1،أما
اللجنة الوطنية ١تراقبة االن تخابات فكانت مكلفة بالسهر على وضع حيز التنفيذ اٞتهاز القانوين والتنظيمي
ا١تعموؿ بو الذي ٭تكم االنتخابات وتتشكل من الكفاءات الوطنية و٦تثلو األحزاب السياسية ا١تشاركة ُب
2
االنتخابات وكذا ٦تثلو ا١تًتشحُت األحرار.
وُب ظل الظروؼ السياسية اليت تزامنت واٟتراؾ الشعيب ٞتأت الدولة إٔب مراجعة القوانُت االنتخابية
وذلك من خبلؿ إنشاء السلطة الوطنية ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات من خبلؿ إصدار القانوف العضوي
.4دور المجلس الدستوري :ىو ىيئة تكلف بالسهر على احًتاـ الدستور وصحة عمليات االستفتاء
وانتخاب رئيس اٞتمهورية واالنتخابات التشريعية واإلعبلف عن نتائج االنتخابات ،إضافة إٔب النظر ُب
الطعوف اليت يتلقاىا حوؿ النتائج ا١تؤقتة لبلنتخابات الرئاسية واالنتخابات التشريعية واإلعبلف عن النتائج
3
النهائية لكل العمليات.
.5المراقبين والمالحظين الدوليين :من أجل ضماف إجراء انتخابات حرة ونزيهة البد من توفر ا١تناخ
الدٯتقراطي واٟتريات األساسية للمواطنُت خاصة حرية الرأي والتعبَت والتجمع السلمي وتشكيل األحزاب
السياسية واٞتمعيات وسيادة القانوف ،وقد أكدت كافة الوثائق واإلعبلنات واالتفاقيات ا١تعنية ْتقوؽ
1القانوف 01-12ا١تتعلق بنظاـ االنتخابات ،ا١تواد 170 ،169 ،168من 01/12ا٠تاصة باللجنة الوطنية لئلشراؼ على االنتخابات.
2القانوف 01-12ا١تتعلق بنظاـ االنتخابات ،ا١تواد 173 ،172 ،171من 01/12ا٠تاصة باللجنة الوطنية ١تراقبة االنتخابات.
3دستور ،2016ا١تادة .182
265
اإلنساف على العديد من ا١تعايَت الدولية اليت تضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة ومن ذلك اإلعبلف العا١تي
ٟتقوؽ اإلنساف والعهد الدوٕب للحقوؽ ا١تدنية والسياسية واالتفاقية الدولية للقضاء على أشكاؿ التمييز
العنصري وقرار ٞتنة حقوؽ اإلنساف حوؿ زيادة فاعلية االنتخابات الدورية النزيهة وا١تيثاؽ اإلفريقي ٟتقوؽ
1
اإلنساف والشعوب واالتفاقية األمريكية واألوربية ٟتقوؽ اإلنساف.
واستنادا ٢تذه الوثائق ،صنف مركز حقوؽ اإلنساف التابع لؤلمم ا١تتحدة ىذه اٟتقوؽ على النحو التإب:
-إرادة الشعب.
-تأمُت اٟترية.
-تأمُت اٟتقوؽ األساسية :الرأي والتعبَت ،التجمع السلمي ،حرية تكوين اٞتمعيات واألحزاب
السياسية.
-االقًتاع السري.
واستنادا إٔب ىذه ا١تعايَت الدولية يتم إيفاد مراقبُت دوليُت للكشف عن ا١تمارسات غَت النزيهة وغَت
القانونية ُب العملية االنتخابية ،وقد ًب دعوة ا١تبلحظُت الدوليُت ُب اٞتزائر وحىت من منظمات إقليمية
1طالب عوض" ،االنتخابات اٟترة وفق ا١تعايَت الدوليةُ ،ب :كرـ ٜتيس ،الدٯتقراطية واالنتخابات ُب العآب العريب" ،أعمال المؤتمر الدولي
حول الديمقراطية واالنتخابات في العالم العربي ،ا١تنظمة العربية ٟتقوؽ اإلنساف ،ص.33
2المرجع نفسو ،ص.34
266
١تراقبة االنتخابات ُب أكثر من مناسبة سعيا من النظاـ السياسي اٞتزائري لتحسُت صورتو خارجيا وإثبات
حسن نيتو ُب تنظيم انتخابات نزيهة ودٯتقراطية تعطي لو الشرعية داخليا وخارجيا.
الفصل الرابع:
267
تمهيد:
تبٌت النظاـ السياسي اٞتزائري ُب إطار مسعاه ٨تو تكريس الدٯتقراطية ُب اٟتكم ٚتلة من اٟتريات الفردية
واٞتماعية ،كما عمل على تفعيل التعددية اٟتزبية والسياسية ،غَت أنو قيد ٣تمل ىذه اآلليات الدٯتقراطية
بقائمة طويلة من القيود البَتوقراطية اليت أثرت على ٧تاح العملية الدٯتقراطية ،وعليو ستسعى الدراسة ُب
ىذا الفصل إٔب تشخيص أىم انعكاسات التسيَت البَتوقراطي على العملية الدٯتقراطية من خبلؿ ثبلث
مباحث ،حيث سيتناوؿ ا١تبحث األوؿ أىم آثارىا على ا١تشاركة السياسية ،وا١تبحث الثاين أىم انعكاساهتا
على شرعية النظاـ السياسي ،أما ا١تبحث الثالث واألخَت سيخصص ألىم ا١تداخل اليت اعتمدت عليها
اٞتزائر للتخفيف من حدة البَتوقراطية ترشيدىا ْتث تصبح أداة ُب خدمة الدٯتقراطية وليس العكس.
268
المبحث األول :انعكاس البيروقراطية على المشاركة السياسية.
إف التسيَت البَتوقراطي ا١تفرط للعملية االنتخابية ُب اٞتزائر والتحكم الصارخ لئلدارة ُب نشاط األحزاب
السياسية واٞتمعيات قد أثر بشكل كبَت على واقع ا١تشاركة السياسية ،حيث ٓب يعد ا١تواطن اٞتزائري مباليا
باالنتخابات وأصبح يرى فيها ٣ترد مناسبة لفرض أجندة السلطة سلفا ،كما أف ضعف أداء األحزاب
السياسية واٞتمعيات جعلو فاقدا للثقة ُب ىذه التنظيمات اليت يعتربىا تنظيمات مناسباتية تعيش من ريع
تعد االنتخابات من أىم قنوات ا١تشاركة السياسية اليت يتم من خبل٢تا بناء مؤسسات سياسية تعرب عن
إرادة احملكومُت ،ولكوهنا تشكل الوسيلة األساسية لتجسيد التعددية اٟتزبية والسياسية فلقد عمدت اٞتزائر
بعد إصدار دستور 1989إٔب إجراء أوؿ انتخابات ٤تلية واليت فازت فيها اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ بأغلبية
اجملالس ،واستمر ذلك أيضا من خبلؿ الدور األوؿ لبلنتخابات التشريعية إال أف مسار االنتخابات ٓب
يكتمل مع إلغاء الدور الثاين منها ،لتدخل اٞتزائر مرحلة انتقالية انتهت بإجراء أوؿ انتخابات رئاسية فاز
269
فيها مًتشح السلطة اليامُت زرواؿ ،لتعود اٞتزائر بعدىا إٔب تبٍت االنتخابات إلكماؿ مسار بناء ا١تؤسسات
الدٯتقراطية.
وإذا كاف ا١تراقبوف واحملللوف يعتربوف أف أوؿ انتخابات ُب عهد اٞتزائر التعددية ىي انتخابات نزيهة عربت
عن التوجو اٟتقيقي للشعب اٞتزائري فإهنم من جهة أخرى يروف أف االنتخابات الرئاسية 1995أوؿ
انتخابات تتم بتدخل صارخ لئلدارة وبنية مسبقة إل٧تاح مًتشح السلطة ،األمر الذي أفضى إٔب ما ٝتي
بتزوير االنتخابات ُب اٞتزائر والتدخل ا١تفضوح لئلدارة ،والذي كانت نتيجتو غياب الثقة بُت السلطة
والناخبُت وعزوفهم عن ا١تشاركة السياسية ٦تا أفقد للسلطة شرعيتها خاصة مع بلوغ نسب ا١تشاركة أرقاما
متدنية.
تكتسي االنتخابات الرئاسية ُب اٞتزائر أ٫تية بالغة لكوهنا تؤدي إٔب تنصيب أىم شخصية ُب النظاـ
السياسي وىي شخصية الرئيس ،وتعود أ٫تية منصب رئيس اٞتمهورية إٔب طبيعة النظاـ السياسي اٞتزائري
شبو رئاسي الذي ٬تعل منو ٤تور النظاـ السياسي الذي تدور ُب فلكو ٚتيع السلطات ُب ظل الصبلحيات
الواسعة اليت يتمتع هبا٢ ،تذا فإف االنتخابات ٘تنح شرعية واسعة لرئيس اٞتمهورية تدعم مركزه.
شهدت اٞتزائر عدة استحقاقات رئاسية منذ اإلعبلف عن االنفتاح السياسي ،وتعد انتخابات 1995
أوؿ انتخابات رئاسية تعددية جرت ُب ظل ظروؼ أمنية خطَتة كانت قد صاحبت توقيف ا١تسار
االنتخايب ،وكانت خطوة من النظاـ السياسي للخروج من ا١ترحلة االنتقالية وٖتقيق استقرار ُب األوضاع
األمنية والسياسية واالقتصادية ،وقد تقدـ إليها 11مرشحا حيث قبل اجمللس الدستوري منها 07
271
ترشيحات فقط وًب رفض كل من ملف ٤تفوظ ٨تناح وسيد أٛتد غزإب ونور الدين بوكروح 1،وجرت
االنتخابات ُب موعدىا احملدد ٔتشاركة أربعة مرشحُت ىم اليامُت زرواؿ مرشح السلطة و٤تفوظ ٨تناح عن
حركة ٣تتمع اإلسبلمي وسعيد سعدي عن التجمع من أجل الثقافة والدٯتقراطية ونور الدين بوكروح عن
حزب التجديد اٞتزائري مع معارضة حزب جبهة التحرير وجبهة القوى االشًتاكية ،وقد بلغ عدد الناخبُت
زرواؿ ب %61من عدد األصوات ،مع نسبة مشاركة بلغت 2،%74.92وىي نسبة تعرب اىتماـ
ومع تصاعد العنف والصراع بُت مؤسسة الرئاسة واٞتيش انتهى األمر بإعبلف اليامُت زرواؿ استقالتو ُب
1998وإجراء أوؿ انتخابات رئاسية مبكرة ُب أفريل ،1999وىي االنتخابات اليت ترشح ٢تا سبعة
مًتشحُت ىم عبد العزيز بوتفليقة وحسُت آيت أٛتد وأٛتد طالب اإلبراىيمي ويوسف ا٠تطيب ومولود
ٛتروش ومقداد سيفي وعبد اهلل جاب اهلل ،وكاف التوجو العاـ للشخصيات ا١تًتشحة ُب االنتخابات
الرئاسية ىو الرغبة ُب توقيف العنف وٖتقيق االستقرار ،إال أف ا١تؤسسة العسكرية اختارت بوتفليقة رئيسا
بعد انسحاب ا١تًتشحُت مع بدء العملية االنتخابية وبذلك ٖتولت االنتخابات إٔب استفتاء حوؿ شخصو
والذي حصل على %74من األصوات 3،وكاف ا١تًتشحوف الستة ا١تنسحبوف قد أعربوا قبل وبعد إعبلف
1أمُت البار ،دور األحزاب السياسية في دعم التحول الديمقراطي في الدول المغاربية .اإلسكندرية :مكتبة الوفاء القانونية،2014 ،
ص .230
2اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،إعالن مؤرخ في 23نوفمبر 2995المتعلق بنتائج انتخاب رئيس الجمهورية ،اٞتريدة الرٝتية
رقم ُ .72ب 26نوفمرب .1995
ٜ 3تيس حزاـ وإب ،مرجع سابق ،ص ص .271 ،270
271
النتائج أهنا كانت انتخابات مزورة وغَت نزيهة لصاّب ا١تًتشح عبد العزيز بوتفليقة ،وقد بلغت نسبة ا١تشاركة
1
فيها .%60.25
ومع االستفتاء على قانوف الوئاـ ا١تدين واستباب األمن والسلم ًب تنظيم انتخابات رئاسية ُب 08أفريل
2004واليت ترشحت ٢تا 06شخصيات وىي عبد العزيز بوتفليقة وعلي بن فليس وعبد اهلل جاب اهلل
وسعيد سعدي ولويزة حنوف وأٛتد طالب اإلبراىيمي وفوزي رباعُت وموسى تواٌب وأٛتد غزإب ،غَت أف
اجمللس الدستوري أقصى أٛتد غزإب وموسى تواٌب لعدـ ٚتعهما التوقيعات وأٛتد طالب اإلبراىيمي لوجود
أعضاء مؤسسُت ُب حركتو (حركة الوفاء والعدؿ) ىم أعضاء سابقُت ُب اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ 2،وترافق
إعبلف النتائج األولية مع إعبلف ثبلثة من ا١ترشحُت للرئاسة وىم علي بن فليس وعبد اهلل جاب اهلل وسعيد
سعدي عن عدـ اعًتافهم بنتائج االنتخابات باعتبارىا قامت على التزوير الشامل رغم إشادة ا١تراقبُت
الدوليُت بنزاىتها ،حيث أكد رئيس بعثة االٖتاد اإلفريقي على أف ا١تسار الدٯتقراطي ُب اٞتزائر على الطريق
3
وقد بلغت نسبة ا١تشاركة ُب ىذه االنتخابات الصواب مثلما أكده ٦تثل جامعة الدوؿ العربية،
بعد إجراء التعديبلت الدستورية ُب 15نوفمرب 2008واليت تضمنت فتح العهدات الرئاسية بعدما
كانت ٤تدودة ٔترة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية ثالثة
ع ارضتها العديد من األصوات السياسية واإلعبلمية وقاطعتها أحزاب منها التجمع من أجل الثقافة
1عبد اهلل بلغيث" ،تطور االنتخابات الرئاسية ُب اٞتزائر :ا١تضامُت السياسية والقانونية" ،مجلة العلوم القانونية والسياسية ،مج ،10ع
،02سبتمرب ،2019ص .1038
2أمُت البار ،مرجع سابق ،ص .236
3المرجع نفسو ،ص . 238
4اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،إعالن رقم 24مؤرخ في 22أفريل 2224يتضمن نتائج انتخابات رئيس الجمهورية ،جريدة
رٝتية عدد ُ 24ب 18أفريل .2004
272
والدٯتقراطية وحركة النهضة وجبهة القوى االشًتاكيةْ ،تيث جرت ُب 10أفريل 2009وترشح ٢تا
باإلضافة إٔب عبد العزيز بوتفليقة كل من موسى تواٌب وجهيد يونسي ولويزة حنوف وٛتد السعيد وفوزي
1
رباعُت ،وقد بلغت نسبة ا١تشاركة فيها %74مع فوز بوتفليقة.
كما أف االنتخابات الرئاسية لعاـ 2014قد عرفت معارضة شديدة ُب ظل مرض الرئيس الذي ترشح
لعهدة رابعة بالرغم من كاف قد صرح ُب خطاب لو ُب ماي 2012بسطيف بأف جيلو قد ؤب خاصة ُب
ظل الوضع الصحي الذي كاف ال يؤىلو إلدارة شؤوف الببلد ،وقاـ بإجراء تغيَتات على مستوى ا١تخابرات
وإحالة عدد من اٞتنراالت على التقاعد وحل جهاز الشرطة القضائية التابع ٞتهاز االستخبارات الذي كاف
مكلفا ٔتتابعة قضايا الفساد مع إٟتاؽ مديرية االتصاؿ التابعة ٢تذا اٞتهاز بقيادة أركاف اٞتيش 2،وبلغت
نسبة ا١تشاركة ُب ىذه االنتخابات %50.70مع عدد ناخبُت قدر ب 22.880.678وعدد أصوات
3
معرب عنهاب .5.234.425
وُب ظل استمرار قضايا الفساد وتردي األوضاع االقتصادية وسياسة التقشف مع ا٩تفض أسعار البًتوؿ
أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحو لعهدة خامسة بتاريخ 10فيفري 2019وىي ا٠تطوة اليت
أججت فتيل االحتجاجات خاصة ُب ظل الوضعية الصحية السيئة اليت كاف يعاين منها ا١تًتشح ،وقوبل
إعبلف الًتشح بانطبلؽ مظاىرات حاشدة ٝتيت ْتراؾ 22فيفري 2019حيث طالب ا١تبليُت برحيل
النظاـ وتطبيق الشرعية الدستورية ،ليعلن الرئيس يوـ 02أفريل 2019عن استقالتو لرئيس اجمللس
4
الدستوري.
273
وبعد عشرة أشهر من االحتجاجات الشعبية نظمت انتخابات رئاسية قوبلت باعًتاض شعيب واسع
العتبارىم إياىا مناورة من النظاـ السياسي للبقاء ُب السلطة خاصة مع تداوؿ العديد من الشخصيات
السابقة ُب الن ظاـ السياسي .وسجلت ىذه االنتخابات مشاركة معتربة على حد تعبَت ٤تمد شرُب رئيس
السلطة ا١تستقلة لبلنتخابات ،حيث صرح أف نسبة ا١تشاركة قد بلغت 39،39حيث فاز ا١تًتشح عبد
1
اجمليد تبوف ب 4947523صوتا بنسبة .%58،13
إف ا١تبلحظ على ا١تشاركة ُب االنتخابات الرئاسية ُب اٞتزائر ىو أف النسب تتجاوز ُب كل مرة ،%50
وىذا ما ينم عن أ٫تية ىذه االنتخابات لدى ا١تواطن اٞتزائري الذي يرى ُب شخصية الرئيس الشخصية
احملورية ُب العملية السياسية ،لكن من جهة أخرى يبلحظ أف النسب كانت تنخفض ُب كل مرة بالنظر إٔب
األزمات اليت ٯتر هبا النظاـ السياسي اٞتزائري على كل األصعدة ،ضف إٔب ذلك ظاىرة النتائج احملسومة
سلفا اليت أصبحت ٘تيز االنتخابات الرئاسية قبل إجرائها وىذا ما حدث حىت ُب ظل العهدة الرابعة اليت
كاف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غَت قادر على مواصلتها بالنظر إٔب وضعو الصحي ،والذي جعل الشعب
ينتفض ُب العهدة ا٠تامسة ،األمر الذي انتهى بانتخابات رئاسية فاز فيها عبد اجمليد تبوف بنسبة مشاركة
تتميز االنتخابات التشريعية واحمللية بأ٫تية بالغة ُب تأسيس ٣تالس منتخبة تعرب عن إرادة ا١تواطن و٘تنحو
فرصة ٦تارسة الرقابة على أداء السلطة و٥ترجاهتا٢ ،تذا فا١تواطن ُب اٞتزائر حرص على ا١تشاركة ُب أوؿ
انتخابات ٤تلية تعددية إٯتانا منو بأ٫تيتها ُب بناء مؤسسات سياسية منتخبة وفاعلة.
1بياف اجمللس الدستوري ٓتصوص النتائج النهائية لبلنتخابات الرئاسية 12ديسمرب ،2019وكالة األنباء اٞتزائرية 16 ،ديسمرب ،2019
- https://www.aps.dz. ُب:
274
ففي انتخابات 12جواف 1990على اجملالس الشعبية البلدية والوالئية كأوؿ ٕتربة انتخابية تعددية ُب
تاريخ اٞتزائر شارؾ فيها 25حزبا سياسيا بلغت نسبة ا١تشاركة %64.15من ا١تسجلُت ُب القوائم
االنتخابية الذين بلغ عددىم 12841769مسجبل شارؾ منهم حوإب 7.87مليوف ناخب ُب
االنتخابات البلدية و 7.78ناخب ُب االنتخابات الوالئية 1،غَت أف قياـ بَتوقراطية الدولة بسن نصوص
قانونية ًب ٔتوجبها توسيع صبلحيات واختصاصات الوالة والسلطة ا١تركزية على حساب اجملالس ا١تنتخبة
جعل اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ تقدـ الئحة احتجاج وتنديد إٔب رئاسة اٞتمهورية ُب نوفمرب 1990عربت
فيها ع ن التجاوزات اليت تتعرض ٢تا اجملالس ا١تنتخبة ُب تأدية مهامها منها ٕتاوزات الوالة ورؤساء الدوائر
على القوانُت وعدـ ٕتاوب اإلدارة ا١تركزية مع قرارات ا١تنتخبُت وطالبت فيها بإلغاء ديوف البلديات وإلغاء
قانوف االحتياطات العقارية وإبقائها ٖتت سلطة البلدية ،وإعطاء سلطة القرار للمجالس ُب ميداف التشغيل
2
والصحة والًتبية ،إضافة إٔب إلغاء بعض العراقيل البَتوقراطية مثل تأخَت ا١تيزانية وا١تصادقة على ا١تداوالت.
وعرفت اٞتزائر أيضا ألوؿ مرة ُب تارٮتها السياسي انتخابات تشريعية تعددية ُب 26ديسمرب 1991
واليت بلغ عدد الناخبُت فيها 13258544ناخبا بنسبة مشاركة قدرت ب ،%59مع تقدير عدد
األحزاب السياسية ا١تشاركة ب 49حزبا سياسيا إضافة إٔب ا١تًتشحُت األحرار الذين بلغ عددىم 7512
منهم ُ 4691ب إطار األحزاب و 1021مًتشحا حرا تنافسوا ٚتيعهم على 430مقعدا ،وأسفرت نتائج
االنتخابات عن فوز 3أحزاب ىي اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ وجبهة القوى االشًتاكية ٍب جبهة التحرير
الوطٍت باإلضافة إٔب األحرار ،مع حصوؿ اٞتبهة اإلسبلمية لئلنقاذ على أكرب عدد من ا١تقاعد 3باحتبل٢تا
ا١ترتبة األؤب ب 188مقعدا وبعدد أصوات قدر ب 3260222صوتا وتلتها جبهة القوى االشًتاكية
275
ُب ا١ترتبة الثانية ب 25مقعدا وجبهة التحرير الوطٍت ُب ا١ترتبة الثالثة ب 16مقعدا ،وقد عربت ىذه
االنتخابات عن رغبة جا٤تة لدى الشعب ُب التغيَت لفقداف النظاـ اٟتاكم مصداقيتو.
وعرفت سنة 1997إجراء ثاين انتخابات تشريعية واليت تلت االنتخابات الرئاسية ألفريل 1995
والتعديبلت الدستورية لعاـ 1996اليت عززت صبلحيات رئيس اٞتمهورية وأضافت غرفة ثانية ُب الرب١تاف
ُب ظل ميبلد حزب السلطة التجمع الوطٍت الدٯتقراطي ،ىذا األخَت الذي حاز على 155مقعدا من
أصل 380وأصبح ىو حزب األغلبية 1،و٘تيزت ىذه االنتخابات بالتزوير ا١تكثف حيث أشارت
اإلحصائيات الرٝتية إٔب أف معدؿ ا١تشاركة قد بلغ ُ %65.5ب حُت ٓب يصل إٔب ُ %50ب الواقع وجرى
تصوير حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي ا١تؤسس من قبل 03أشهر فقط من االنتخابات على أنو الفائز
2
حيث حصل على الغالبية النسبية من ا١تقاعد ُب اجمللس الوطٍت الشعيب.
كما عرفت ذات السنة تنظيم االنتخابات احمللية ُب 23أكتوبر واليت فاز فيها األرندي ب 7242
مقعدا ُب اجملالس البلدية متبوعا ْتزب جبهة التحرير الوطٍت ب 2864مقعدا وحركة ٣تتمع السلم ُب
الصف الثالث ب 890مقعدا ،أما ُب انتخابات اجملالس الوالئية فحصد أيضا األرندي 50با١تئة من
مقاعد اجملالس الوالئية متبوعا ْتزب جبهة التحرير الوطٍت ،وقد أجريت ىذه االنتخابات ُب ظروؼ أمنية
3
صعبة أعقبت العديد من اجملازر عرب واليات الوطن ،وبلغت نسبة ا١تشاركة فيها .%62.73
وبعدىا ٓتمس سنوات ًب تنظيم انتخابات تشريعية ُب 30ماي ،2002وًب تشكيل اللجنة السياسية
١تراقبة االنتخابات ا١تكونة من ٦تثلي األحزاب السياسية ،وبلغت القوائم ا١تشاركة 1004قائمة تضم
10741مًتشح مع مشاركة 23حزبا سياسيا من ٣تموع 28حزبا مع وجود 175قائمة حرة وإلغاء
276
وزارة الداخلية ؿ 256قائمة ،وعرفت ىذه العملية فوزا كاسحا ٞتبهة التحرير الوطٍت ْتصو٢تا على 199
مقعدا من أصل 389مقعدا .واعتربت نسبة ا١تشاركة فيها ىي األقل منذ االستقبلؿ 1.ومع إصبلح النظاـ
االنتخايب والذي كاف أ٫تو إلغاء مشاركة قوات اٞتيش والشرطة النظاميُت ُب االنتخابات ُب الثكنات جرى
تنظيم االنتخابات احمللية ُب 10أكتوبر ٖ 2002تت إشراؼ حكومة بن فليس ٔتشاركة 25حزبا سياسيا
وقوائم مستقلة مع عودة قوية ٟتزب جبهة التحرير الوطٍت ،و٘تيزت ىذه االنتخابات بأحداث منطقة القبائل
اليت أثرت سلبا على سَت االنتخابات حيث ًب إلغاء نتائج العديد من البلديات بسبب االعتداءات على
مراكز التصويت ومنع ا١تواطنُت من االنتخابات ما أدى إٔب إعادة تنظيم انتخابات جزئية ُب سنة ،2004
وبلغت نسبة ا١تشاركة ُب ىذه االنتخابات %50.11حيث تراجعت بشكل ملحوظ عما كانت عليو ُب
1997مع بروز قوي لؤلوراؽ ا١تلغاة اليت فاقت نصف مليوف ورقة ،وقد ٖتصل حزب جبهة التحرير الوطٍت
على %40.7من ا١تقاعد وتلتها حركة اإلصبلح الوطٍت ب %19.1وبعدىا حزب التجمع الوطٍت
2
الدٯتقراطي ب %17.1من ا١تقاعد.
وعكست انتخابات 17ماي 2007التشريعية انطباعا لدى ا١تواطن بأف االنتخابات ٤تسومة سلفا
لذلك كانت نسبة ا١تشاركة ضعيفة ،بل كانت األضعف ُب تاريخ االنتخابات ،حيث بلغت حسب وزارة
الداخلية ُ %35ب حُت أهنا كانت حوإب ُ %46ب االنتخابات التشريعية لعاـ ،2002و %55عاـ
3
،1997وىناؾ من فسر ىذا النقص أيضا بسوء األحواؿ ا١تعيشية واليأس من التغيَت.
إف نسب ا١تشاركة ا١تعلن عنها ُب ىذه االنتخابات كانت أقل حيث ٓب تتجاوز ،%35.6وعرفت
ا١تشاركة ضعفا لدى الفئات التقليدية الساكنة ُب ا١تدف الكربى ومنطقة القبائل ،غَت أهنا توسعت لتشمل
277
مناطق كانت مشهورة بقوهتا ُب ا١تشاركة ُب االنتخابات ُب الشرؽ والغرب ٔتا فيها مدف ا٢تضاب العليا (
سطيف ،البليدة ،جيجل .).....ومن بُت أسباب ذلك تعود ا١تواطن على عدـ مصداقية االنتخابات
ودورىا كوسيلة ٟتل ا١تعضبلت االجتماعية واالقتصادية ،إضافة إٔب مرض الرئيس ا١تسكوت عنو والنظرة
1
السلبية إتاه واقع ا١تؤسسات والرجاؿ بعد الكشف عن فضيحة ا٠تليفة.
أما االنتخابات احمللية لنفس السنة فنظمت ُب 29نوفمرب ٖتت إشراؼ حكومة عبد العزيز بلخادـ وُب
جو أمٍت ىادئ وبلغت نسبة ا١تشاركة بالنسبة للمجالس الشعبية البلدية %44.09و%43.47
بالنسب ة للمجالس الوالئية فيما قارب عدد األصوات ا١تلغاة مليوف صوت ،وفسرت ا١تشاركة ا١تتوسطة
للمواطنُت من طرؼ السلطة بالظروؼ ا١تناخية ا١تتمثلة ُب األجواء ا١تمطرة اليت عصفت بكل النواحي
2
الشمالية وشكلت عائقا أماـ إقباؿ ا١تواطنُت على صناديق االقًتاع.
كانت انتخابات 10ماي 2012ذات أ٫تية للنظاـ اٟتاكم كوهنا تشكل ا١ترحلة األؤب ُب تطبيق
أجندة اإلصبلح السياسي ،وألف ضعف ا١تشاركة السياسية كاف ٫تا يؤرؽ اٟتكومة بسبب ا٠توؼ من فراغ
مساحة واسعة ٗتص التمثيل السياسي وتضعف من شرعية النظاـ وصل بو اٟتاؿ لدرجة ربط ا١تشاركة أو
وصفها كرمزية ليوـ اندالع الثورة ،حيث صرح عبد العزيز بوتفليقة ُب خطاب لو ُب فرباير 2012أف
ا١ترحلة صعبة جدا للدرجة اليت ٯتكن فيها وصف ا٠تروج ليوـ 10ماي بأنو شبيو ُب أ٫تيتو باإلعبلف عن
انطبلؽ الثورة التحريرية ُب الفاتح من نوفمرب ،لذلك عملت اٟتكومة على تقدًن ضمانات قانونية وسياسية
لشفافية وصدؽ العملية االنتخابية وإعادة الثقة ُب ا١تؤسسة االنتخابية منها ضمانات لؤلحزاب السياسية
3
والقوائم ا١تستقلة ١تمارس التقصي وا١تراقبة ُب كل مراحل االقًتاع.
1
عبد الناصر جايب ،االنتخابات التشريعية الجزائرية ......انتخابات استقرار أم ركود ،مشروع دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية.
اللقاء السنوي 17الدٯتقراطية واالنتخابات ُب الدوؿ ،السبت 18أوت .2007
2حكيم بوغرارة ،مرجع سابق.
3آماؿ حجيج ،مرجع سابق ،ص ص .201 ،200
278
٘تيزت اٟتملة االنتخابية ٢تذه االنتخابات بالبلمباالة السياسية من طرؼ الرأي العاـ خاصة أف ا١تواطن
اعتاد التزوير والرشوة وعدـ اٟتياد وغياب استقبللية القضاء ،وقد فسر عبد الناصر جايب الباحث ُب علم
االجتماع السياسي السبب الرئيسي ُب رفض ا١تشاركة بعدـ اإلٯتاف بظاىرة االنتخاب كوسيلة للتداوؿ
السلمي ،فا١تواطن حسبو ٬تد نفسو أماـ انتخابات من دوف رىانات و٤تسومة مسبقا 1،وأبقت انتخابات
2012على الثابت بالنسبة إٔب ا٩تفاض نسبة ا١تشاركة اليت قدرت ب %43,14إذا ما قورنت ٔتثيبلهتا
اإلقليمية حيث قدرت ُب تونس -ب %52ومصر ،%54أضف إٔب ذلك عدد األصوات ا١تلغاة اليت
بلغ عددىا 1704047أي تقريبا %20من عدد األصوات ا١تلغى هبا ،ورغم أف النخب السياسية
الرٝتية عربت عن ارتياحها ٢تذه النتائج إال أف إتاىات أخرى ٖتدثت عن حضور الثابت اآلخر ُب العملية
االنتخابية وىو التزوير باٟتجم الذي فاز بو حزب جبهة التحرير الوطٍت الذي كاف يعاين اضطرابات داخلية
وصلت إٔب مستوى ا١تطالبة بسحب الثقة من أمينو العاـ عبد العزيز بلخادـ ،ورغم ذلك ىناؾ إتاه آخر
خفف من حدة عامل التزوير وبرر اٟتضور القوي للجبهة با٠تطاب الذي ألقاه رئيس اٞتمهورية و١تح فيو
لقد بقي متغَت التزوير قائما رغم الضمانات اليت قدمت ويظهر ذلك ُب التقرير النهائي للجنة الوطنية
١تراقبة االنتخابات الذي تضمن 28خرقا قانونيا ،أضف إٔب ذلك أف عملية ا١تراقبة ال ٯتكن أف تكوف
فعالة ُب ظل العدد القليل من ا١تراقبُت حيث كاف ىناؾ 11520مركزا انتخابيا يضم ما ٣تموعو
48546مكتبا انتخابيا على ا١تستوى الوطٍت منها 48327مكتبا ثابتا ما نسبتو %99,55ومكتبا
متنقبل بنسبة ،%0,45عبلوة على ذلك رفضت وزارة الداخلية تسليم القائمة الوطنية للناخبُت إٔب
2
األحزاب وبعثات ا١تراقبُت والذي يعد تقييدا لقدرة ا١تراقبُت على تتبع ٚتيع مراحل العملية االنتخابية.
279
أما ٤تليات 2012فشهدت مشاركة 52حزبا سياسيا وأسفرت نتائجها عن فوز جبهة التحرير الوطٍت
بأكثر من %50من اجملالس البلدية متبوعا بالتجمع الوطٍت الدٯتقراطي وعرفت نسبة ا١تشاركة استقرار
طفيفا با١تقارنة مع ٤تليات 2007حيث قدرت نسبة ا١تشاركة على مستوى اجملالس الشعبية البلدية ب
%44.27و %42.84على مستوى اجملالس الوالئية ،واعتربت نسبة ا١تشاركة ضئيلة ألف ا٢تيئة الناخبة
قد وصلت إٔب 21.4مليوف ناخب بعد أف كانت ُب حدود 18.4مليوف ناخب ٦تا يعٍت أف حزب
1
األوراؽ ا١تلغاة واألوراؽ البيضاء قد عزز موقعو.
ونظمت انتخابات تشريعية أخرى ُب 04ماي 2017واليت جاءت مباشرة بعد التعديل الدستوري
2016الذي أقر ٚتلة من اإلصبلحات السياسية أ٫تها استحداث ىيئة مستقلة ١تراقبة االنتخابات ،كما
أف ىذه االنتخابات جرت ُب ظل العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة واليت ٘تخضت عنها انسداد ُب العبلقة
بُت السلطة والشعب أضف إٔب ذلك تردي األوضاع االقتصادية ،وقد بلغت نسبة ا١تشاركة ُب ىذه
االنتخابات %38.25مع عدد ناخبُت على ا١تستوى الوطٍت وصل إٔب 8528355ناخبا ،وأفضت
تشكيلة اجمللس إٔب فوز جبهة التحرير الوطٍت بأكرب عدد من ا١تقاعد قدر ب 164من بُت 462مقعدا،
أما حزب التجمع الوطٍت الدٯتقراطي فتحصل على 100مقعد ،كما عرفت ذات السنة تنظيم انتخابات
2
٤تلية كرست حزب جبهة التحرير الوطٍت والتجمع الوطٍت الدٯتقراطي كقوتُت أساسيتُت.
وكخبلصة ،فإف االنتخابات التشريعية واحمللية ُب اٞتزائر ال تبدو بنفس أ٫تية االنتخابات الرئاسية من
حيث نسب ا١تشاركة حيث ٓب تتعدى أغلبها ُب السنوت األخَتة ،%50وكانت ٤تليات 1990
وتشريعيات 1991االنتخابات الوحيدة اليت عرفت نسبة مشاركة كبَتة ،وىذا ما ينم عن فقداف ا١تواطن
281
ثقتو ُب ا١تؤسسات ا١تنتخبة سواء احمللية أو الوطنية كما يعرب عن ضعف مشاركة ا١تواطن ُب إدارة شؤونو
احمللية.
بعد تفحص العبلقة بُت األحزاب السياسية والتنظيمات ا١تدنية والسلطة ُب اٞتزائر وفق ا١تقاربة القانونية
توصلنا إٔب أف ىذه العبلقة ىي عبلقة غَت صحية وخاضعة ١تعايَت تقديرية من طرؼ السلطة الوصية اليت ٢تا
كامل اٟترية ُب التصرؼ ُب تأسيس ىذه ا١تؤسسات أو ُب إيقاؼ نشاطها ،وىذا ما انعكس سلبا على
العبلقة بُت اجملتمع ا١تدين والسلطة ُب اٞتزائر وبالتإب على مسار التحوؿ الدٯتقراطي فيها.
لقد انعكس التحكم ا١تفرط للدولة ُب األحزاب السياسية والتنظيمات ا١تدنية على فاعليتها وأدائها
ألدوارىا كفواعل أساسية وضرورية لتكريس ا١تمارسة الدٯتقراطية ،حيث عمدت الدولة منذ االستقبلؿ إٔب
اإلبقاء على اجملتمع ا١تدين ٖتت سيطرهتا من خبلؿ تقييد نشاطو وإخضاعو للتوجو العاـ للنظاـ السياسي
القائم على إضعاؼ اجملتمع ا١تدين وجعلو أداة لتطبيق األجندات السياسية واالجتماعية للسلطة واالعتماد
عليو إل٧تاح ا١تناسبات االنتخابية لصاّب مرشحيها ،وقد انعكست القيود القانونية والسياسية على فاعلية
-تأثَت القيود القانونية والسياسية على حرية تشكيل األحزاب السياسية ٦تا جعل الدولة ىي من تشكل
ا٠تريطة اٟتزبية من خبلؿ الًتخيص بتشكيل أحزاب معينة مقابل رفض أحزاب أخرى ،إضافة إٔب تأثَت ىذه
القيود على نشاط األحزاب السياسية سواء على مستوى اتصا٢تا باٞتماىَت أو على مستوى مصادر ٘تويلها
281
٦تا أسهم ُب إضعاؼ اٟتياة السياسية وتشكيل فجوة بُت السلطة واألحزاب السياسية وأدى إٔب غياب
1
اٟتوار وازدياد التوتر بينها.
-اخًتاؽ ا١تؤسسة اٟتزبية من طرؼ العشَتة والقبيلة ُب مسألة الًتشيحات واالنتخاباتْ ،تيث أصبح
النجاح مشروطا باالنتماء إٔب قبيلة ما ُب الواليات اليت تسيطر فيها العروش القوية عدديا وسياسيا٦ ،تا
جعل السلطة تلجأ لبلستعماؿ السياسي لبعض أشكاؿ ضعف اجملتمع واستغبلؿ البٌت التقليدية ا١تعتمدة
على انتماءات ضعيفة ما قبل الوطنية السيما من خبلؿ ما يعرؼ ٔتنظمات اٟتركة اٞتمعوية ذات النزعة
الوطنية كمنظمات اجملاىدين وأبناء الشهداء وضحايا اإلرىاب ،وىذا الضعف ُب الًتشيحات أصبح من
2
أىم مظاىر الضعف السياسي لؤلحزاب والسبب ُب االنشقاقات الداخلية.
-عجز األحزاب السياسية ُب بلورة اسًتاتيجية تقوـ على ٕتديد ا١توارد والتكيف مع ا١تطالب اٞتديدة ا١تبنية
على تنوع الفئات وتطورىا ،وتقوقعها ُب التفكَت اٟتزيب الريعي ا١تبٍت على أحادية ا١توارد ُب عملية إعادة
إنتاج ريعية الدولة ٦تا انعكس على سَتىا الداخلي وعبلقتها بالبيئة احمليطة ،وأعاؽ دورىا ُب إعادة ىيكلة
الفضاء السياسي التقليدي وتنمية فضاء جديد ٯتكنها من التحكم ُب ا١توارد وخلق ٩تبة تتمكن من فرض
3
ا٢تيمنة وا١تشروعية ُب مضموهنا ا١تعاصر.
-من بُت أىم أركاف اجملتمع ا١تدين الركن التنظيمي ا١تؤسسي والفعل اإلرادي اٟتر ووجود إطار أخبلقي
يضم ٣تموعة ا١تعايَت اليت ٬تب أف تلتزـ هبا تنظيمات اجملتمع ا١تدين ،غَت أف أىم ىذه األركاف ىي
االستقبللية عن الدولة حيث يفًتض بالتنظيمات ا١تدنية أف تتمتع باالستقبللية من الناحية ا١تالية واإلدارية
1حسنُت توفيق إبراىيم ،النظم السياسية العربية ،االتجاىات الحديثة في دراستها .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية .ط،2008 ،2
ص.229
2كنزة زغيش ،جدلية التحالف واالنقسام في اللعبة السياسية الجزائرية ،مقاربة سوسيولوجية سياسية .اٞتزائر :الدار اٞتزائرية،2017 ،
ص ص .327 ،326
3المرجع نفسو ،ص.324
282
والتنظيمية ،إضافة إٔب ىامش من اٟترية ُب اٟتركة ،وىو األمر الغائب ُب اٞتزائر حيث ٕتد ىذه التنظيمات
عراقيل ُب عقد ٕتمعاهتا وخاصة إ٬تاد ا١تقرات ١تزاولة نشاطاهتاُ ،ب ظل االزدواجية اليت تتعامل هبا الدولة مع
اٞتمعيات حيث ٘تنح ا١تقرات الدائمة فقط للجمعيات اليت ٗتدـ مصاٟتها ،ويعد االعًتاؼ باٞتمعيات دوف
منحها مقرات أمر ٮتدـ الدولة من ناحيتُت فيظهرىا على أهنا دٯتقراطية من جهة ،و٬تعل نشاطات
1
اٞتمعيات ينحصر ُب تظاىرات مناسباتية فقط.
-اتساع خطط الدولة للهيمنة لتطوؿ كل مؤسسات اجملتمع ا١تدين حيث وضعت اٞتميع ٖتت السيطرة من
خبلؿ خلق فكرة اجملالس كاجمللس األعلى للشباب واجمللس األعلى لئلعبلـ و٣تلس اللغة العربية ،حيث
2
ىذه اجملالس عززت سيطرة الدولة على ٥تتلف القوى الفاعلة.
-عدـ اىتماـ ا١تواطن باالنتماء إٔب التنظيمات اٟتزبية واٞتمعوية العتباره إياىا ٣ترد أدوات ُب يد الدولة
لطا١تا ٘تيزت العبلقة بُت اجملتمع ا١تدين والدولة ُب اٞتزائر باالحتواء تارة وا١تواجهة تارة أخرى ،وىذا ا١تد
واٞتزر ىو ٤تصلة عبلقة تفاعلية بينهما منذ ا١ترحلة االستعمارية اليت أسست لعبلقة عدائية بينهما كرستها
مرحلة اٟتزب الواحد٦ ،تا أفضى إٔب صعوبة وضع ىذه العبلقة ُب ا١تسار الصحيح ُب ظل مرحلة التعددية
السياسية.
1عبد الرزاؽ جيبلٕب ،إبراىيم بلعادي" ،اٟتركة اٞتمعوية ُب اٞتزائربُت ىيمنة الدولة واالستقطاب اٟتزيب ،المستقبل العربي ،مج ،27ع
،314أفريل ،2005ص.138 .
2المرجع نفسو ،ص.191
283
فالعبلقة اليت سادت بُت الدولة واجملتمع ُب اٞتزائر منذ ما يناىز القرنيُت اتسمت بطابع عدائي منذ
طواؿ 130سنة من االستعمار الفرنسي و 30سنة من عمر الدولة الوطنية وشكل ٪توذج الدولة
االستعمارية ٔتمارساهتا القمعية كاف ا١تنطلق لتأصيل ىذا العداء ا١تتبادؿ ،ألف الظاىرة االستعمارية قامت
على استبداؿ ٣تتمع كامل ٔتجتمع آخر بواسطة اغتصاب األراضي الزراعية وىدـ البٌت الريفية اليت كانت
تشغل %95من سكاف الببلد اٞتزائرية 1وحققت ا١ترحلة االستعمارية قطيعة كاملة بُت ا١تواطن /اإلدارة
وا١تواطن /الدولة ألف العبلقة ٓب تشهد ٟتظة ىدنة أو ٕتانس بل كانت متوترة كامل التوتر ،ولعل ذلك ما
أدى إٔب خلق تقاليد ٘ترد دائمة وحالة انشطار مستمرة بُت السلطة ا١تركزية والتخوـ ،فتوزعت اٞتزائر إٔب
فضاءين واحد رٝتي مهيمن واآلخر معارض ىامشي وتدعمت قوى اجملتمع ا١تدين بالروابط التقليدية القبلية
2
والزوايا والطرؽ واٞتمعيات.
واستمرت ىامشية اجملتمع ا١تدين من خبلؿ احتوائو ُب ظل حزب جبهة التحرير الوطٍت وجعلو من أىم
أدوات تكريس التوجو االشًتاكي للدولة وٖتقيق النظاـ الشموٕب ،ليستمر ىذا التوجو حىت ُب ظل األزمة
األمنية اليت أعقبت توقيف ا١تسار االنتخايب ،حيث كاف للمجتمع ا١تدين دور ُب ا١تساعدة على حل األزمة
األمنية اليت كادت أف هتدد كياف الدولة ،ليس كطرؼ ُب ا١تعادلة السياسية وإ٪تا ًب استيعابو وتعبئتو سياسيا،
وعلى رأس ىذه الًتكيبات ا١تدنية االٖتاد العاـ للعماؿ اٞتزائريُت واالٖتاد العاـ للنساء اٞتزائريات واالٖتادات
الطبلبية ُب ا١تطالبة بإصبلحات سياسية وتغيَت الوضع٦ ،تا أدى إٔب توفَت سند سياسي ٟتل األزمة بعد
تزايد الضغوط اليت يريدىا اجملتمع ،وعلى نفس ا٠تطى سارت وتَتة بناء اجملتمع ا١تدين ُب ظل حكم الرئيس
بوتفل يقة الذي عمد إٔب تفعيل دوره وإشراكو ُب ٤تاولة البناء السياسي خاصة بعد تبٍت التنظيمات ا١تدنية
1ا١تنصف الوناس ،الدولة الوطنية واجملتمع ا١تدين ُب اٞتزائر٤ ،تاولة ُب قراءة انتفاضة تشرين أكتوبر ُ ،1988ب :سليماف الرياشي وآخروف،
مرجع سابق ،ص.197
2المرجع نفسو ،ص.199
284
السياسية للوئاـ ا١تدين وقانوف ا١تصاٟتة الوطنية ،ورغم اٞتهود اليت بذلتها بعض اٟتركات ا١تدنية ا١تعارضة
وا١تدافعة عن حقوؽ اإلنساف إال أهنا ٓب تستطع أف ٗتدـ ُب األساس العبلقة الصحية اليت ٖتكم الدولة
ٔتجتمعها وتفعل الساحة السياسية بعد ا١تصاٟتة الوطنيةُ 1،ب ظل إيقاظ الطرؽ الصوفية ورموزىا حيث
ذىبت "إيزابيل ويرنفيليز" إٔب القوؿ أف اٟتكومات ُب البداف ا١تغاربية وظفت الطرؽ الصوفية من خبلؿ
خطط من أعلى إٔب أسفل ليس فقط ١تواجهة اإلسبلـ السياسي ولكن أيضا لتحديث النظاـ التسلطي
باستخداـ إمكانيات التعبئة الصوفية لتوسيع قواعد السلطة وتعزيز الشرعية االنتخابية والدينية ،واحتواء
2
االحتجاجات االجتماعية والسياسية.
فالقيادة الس ياسية ٖتت زعامة بوتفليقة واصلت تأجيل ا١تشروع التحديثي للدولة ْتيث ًب استخداـ كل
ما من شأنو غلق اجملاؿ السياسي أماـ ا١تنافسُت ،وٞتأ بوتفليقة إٔب تشكيل إئتبلؼ من شخصيات تنتمي
إٔب منطقتو اٞتغرافية ( الغرب وٖتديدا مدينة ندرومة بتلمساف) وإحاطة نفسو ٔتجموعة من ا١تستشارين على
رأسهم شقيقو السعيد بوتفليقة كما وظف القبلية لكسب تأييد ٚتيع العصب ُب مواجهة خصمو بن فليس
ُب االنتخابات الرئاسية عاـ 2004حيث حاوؿ استمالة الشاوية ،ويرى ىيو روبرتس أف من أعراض
السلطوية ُب عهده ذلك ا١تزج بُت القمع ا١تمارس ضد اٟتركات االحتجاجية والصحافة ا١تكتوبة وتفتيت
الطبقة السياسية مع توجيو ا١تنظمات اٞتماىَتية ُب عهده لدعم حكم إٔب جانب االعتماد بشكل غَت
3
مسبوؽ على الطرؽ الصوفية.
وعليو فإف اجملتمع ا١تدين واألحزاب السياسية ُب اٞتزائر قد ًب احتواؤىا من طرؼ السلطة ٦تا أفقدىا
فاعليتها ،وُب ىذا الشأف يقوؿ األستاذ "سار كيبواندي" Sahr Kpundehأف عدـ فاعلية اجملتمع
285
ا١تدين ُب إفريقيا يعزى إٔب الطبيعة الزبونية لؤلنظمة واليت ٔتوجبها يتم مقايضة الوالء بالريع ٦تا نتج عنو ليس
فقط ٖتييد منظمات اجملتمع ا١تدين بل واستمالتها واخًتاقها ْتيث أضحت ٘تارس أدوارا مرسومة ٢تا سلفا
1
مقابل اٟتصوؿ على التمويل.
كما يعترب عبد اٟتمدي مهري أف اإلتياف بسلطة ال تأخذ بعُت االعتبار قوى اجملتمع وتريد أف تصل إٔب
التغيَت تكوف نتيجتو إيقاؼ التغيَت الذي ىو ديناميكية اجتماعية ،و٤تاولة إحداث ديناميكية إدارية فوقية
2
كما حدث ُب اٞتزائر ىو الذي أدى إٔب الفشل جعل الببلد تدفع فاتورة ثقيلة جدا ُب ٚتيع ا١تيادين.
وختاما نقوؿ أف اٟتديث عن تقوية اجملتمع ا١تدين وتعزيزه ال يعٍت ْتاؿ من األحواؿ إضعاؼ دور الدولة،
حيث اجملتمع ا١تدين القوي ال يوجد إال ُب الدولة القوية بدٯتقراطيتها واليت ٖتقق والء مواطنيها استنادا على
أسس ومبادئ ا١تواطنة وسيادة القانوف وأداء وظائفها بفعالية ،وُب ىذا اإلطار فإف عبلقة السلطة باجملتمع
ا١تدين ُب اٞتزائر تظهر شكليا على األقل بأهنا عبلقة تسَت بعقبلنية ضمن قواعد وأطر دٯتقراطية غَت أف
الواقع يظهر أف التحوؿ الدٯتقراطي ُب ىذا البلد مزاال مراقبا من خبلؿ تسيَت بَتوقراطي أضعف كل قنوات
يعد مفهوـ الشرعية من بُت ا١تفاىيم اليت عرفت عدة اختبلفات ُب ٖتليلها واالتفاؽ على مفهوـ جامع
وموحد ٢تا لدى علماء االجتماع والسياسة على حد سواء .غَت أنو رغم االختبلؼ اتفقوا على أهنا تشَت
إٔب قبوؿ مواطٍت دولة باٟتكومة وا٠تضوع لقرارهتا طواعية ٦تا يضفي الشرعية على ٦تارستها.
286
وكاف ماكس من الرواد األوائل الذين سعوا إٔب بناء نظرية ُب مفهوـ الشرعية ،واليت قسمها إٔب ثبلثة
أ٪تاط ترتبط با١تصادر اليت يعتمد عليها ُب بناء السلطة ،وىي التقليدية ،الكاريزمية ،والعقبلنية .وقد اعترب
فيرب النم ط العقبلين ىو النمط الذي يعرب عن سيادة القانوف حيث مصدره االعتقاد ُب قواعد ومعايَت
قانونية ،والسلطة ُب ىذا النمط ٕتسد فيها البَتوقراطية وىيكلها اإلداري السلطة الشرعية العقبلنية
القانونية.
وتعد أزمة الشرعية من أكثر األزمات اليت تعاين منها األنظمة السياسية خصوصا ُب الدوؿ النامية،
واٞتزائر كباقي الدوؿ عانت وال تزاؿ من أزمة الشرعية واليت تعد من أىم األزمات اليت فجرت أحداث
أكتوبر ،1988واستمرت حىت بعد االنتقاؿ إٔب اإلعبلف عن التعددية ،وقد تعددت أسباب ىذه األزمة
غَت أف ا١تمارسات البَتوقراطية ا١تشوىة اليت كرست الفساد اإلداري من أىم ىذه األسباب اليت أفقدت
الثقة بُت ا١تواطن والنظاـ السياسي اٞتزائري وخلقت أزمة شرعية لو.
يعد انتشار الفساد من أكثر الظواىر خطرا على اجملتمعات وتأثَتا على االستقرار السياسي واالجتماعي
واالقتصادي فيها٢ ،تذا فالدوؿ اليت تسعى إٔب تكريس اٟتكم الدٯتقراطي تركز بالدرجة األؤب على القضاء
على ىذه الظاىرة من منطلق أف الفساد يتناقض مع الدٯتقراطية ،وخاصة الفساد اإلداري الذي ينخر ُب
اإلدارة العامة اليت تشكل عصب النظاـ السياسي ُب إدارة شؤوف اٟتكم واألفراد.
وتعرؼ اٞتزائر كمعظم الدوؿ مستويات عالية من الفساد ُب ٚتيع اجملاالت ،بل ويعترب الفساد من أكثر
التحديات اليت يواجها النظاـ السياسي ُب مسعاه ٨تو تعزيز الدٯتقراطية وٖتقيق التنمية االقتصادية نتيجة
تفشي البَتوقراطية اليت كرست ا١تمارسات الفاسدة واالختبلالت اإلدارية ٦تا صعب من عملية اإلصبلح
287
اإلداري وثبطها ،وعمق أزمة الشرعية لدى النظاـ السياسي اٞتزائري نظرا لفقداف ا١تواطن ثقتو فيو بالنظر
تعرؼ منظمة الشفافية الدولية الفساد على أنو " :استغبلؿ السلطة من أجل ا١تنفعة ا٠تاصة" ،أما البنك
الدوٕب فيعرفو على أنو ":إساءة استعماؿ الوظيفة العامة للكسب ا٠تاص ،فالفساد ٭تدث عادة عندما يقوـ
موظف بقبوؿ أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح ١تنافسة عامة كما يتم عندما يعرض
وكبلء أو وسطاء لشركات أ و أعماؿ خاصة تقدًن رشوة لبلستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب
على منافسُت وٖتقيق أرباح خارج إطار القوانُت الشرعية ،كما ٯتكن للفساد أف ٭تصل عن طريق استغبلؿ
1
الوظيفة العامة ،دوف اللجوء إٔب الرشوة ،وذلك بتعيُت األقارب ،أو سرقة أمواؿ الدولة مباشرة".
أما الفساد اإلداري بصفة خاصة فهو كل سلوؾ يصدر من ا١توظف يكوف ٥تالفا ألداء الوظيفة العامة
و٦تارساهتا بسبب ا١تصلحة الشخصية (العائلة ،القرابة ،الصداقة) أو االستفادة ا١تالية أو استغبلؿ ا١تركز
و٥تالفة التعليمات لغرض ٦تارسة النفوذ 2،وتتعدد مظاىر الفساد اإلداري وتتباين أشكالو ُب اٞتزائر ،وأ٫تها:
-الرشوة :وىي سلوؾ ا١توظف مع عامة اجملتمع عندما يريد استغبلؿ سلطتو ،وقد عرفت الرشوة عند
صغار ا١توظفُت وعند كبار ا١تديرين ،وىي ٗتتلف بشكلها وطبيعتها فقد تكوف ذات قيمة مادية أو تكوف
ذات طبيعة عينية ،وقد تأخذ مفاىيم عديدة (ىدية ،مساعدة ،إكرامية) لكنو مهما اختلفت التسميات
فا١تعٌت يبقى واحدا ،وىو الرشوة 3،وعرفها قانوف مكافحة الفساد على أهنا كل من وعد موظفا عموميا ٔتزية
1منَت اٟتمش ،االقتصاد السياسي :الفساد ،اإلصالح ،التنمية .دمشق :اٖتاد الكتاب العرب ،2006 ،ص ص .14،13
2عماد صبلح عبد الرزاؽ داود ،الفساد واإلصالح .دمشق :اٖتاد الكتاب العرب ،2003 ،ص.67
3المرجع نفسو ،ص.68
288
غَت مستحقة أو عرضها عليو أو منحو إياىا بشكل مباشر أو غَت مباشر سواء كاف ذلك لصاّب ا١توظف
نفسو أو لصاّب شخص أو كياف آخر لكي يقوـ بأداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو ،وكل
موظف عمومي طلب أو قبل بشكل مباشر أو غَت مباشر مزية غَت مستحقة سواء لنفسو أو لصاّب
1
شخص آخر أو كياف آخر ألداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباتو.
وك اف القانوف قد أشار إٔب الرشوة ُب ٣تاؿ الصفقات العمومية اليت تعرب عن قبض ا١توظف العمومي
لنفسو أو لغَته أجرة أو منفعة ٔتناسبة عقد أو إبراـ صفقة عمومية باسم الدولة أو اٞتماعات احمللية أو
ا١تؤسسات العمومية مهما كاف طابعها ،كما أشار إٔب رشوة ا١توظفُت العموميُت األجانب وموظفي
2
ا١تنظمات الدولية بغرض اٟتصوؿ على صفقة أو امتياز غَت مستحق ذي صلة بالتجارة الدولية.
إف الرشوة كظاىرة ُب اإلدارة اٞتزائرية تضرب ّتذورىا ُب العهد العثماين حيث كاف تقدًن ا٢تدايا
والرشاوى للقياد والبايات وا٠تزناجيُت أمر طبيعي مقابل قضاء بعض ا١تصاّب اإلدارية ،خصوصا مع
3
كما أف النظاـ اإلفبلس ا١تإب الذي كاف يتخبط فيو ا١توظفوف نتيجة ضعف اإلدارة ا١تالية آنذاؾ،
البَتوقراطي ُب ظل االستعمار الفرنسي رسخ ظاىرة الرشوة حيث كاف يلجأ إليها ا١تواطنوف لشراء مناصب
مقابل أجور زىيدة وكذا قضاء مصاٟتهم وتسهيل التعقيدات اإلدارية اليت كانت تسيطر على األجهزة
اإلدارية االستعمارية 4،وازدادت الرشوة توسعا مع توسع أجهزة الدولة وتعقد مهاـ التنمية اليت كلفت هبا
5
بعد االستقبلؿ.
بانتقاؿ اٞتزائر إٔب التعددية ورغم اإلصبلحات اليت قامت هبا الدولة ُب ىذا اٞتانب إال أف ظاىرة
289
الرشوة تنامت بشكل كبَت وموسع وعلى كافة ا١تستويات ،وال يستدعي األمر إعطاء إحصائيات أو اٟتديث
عن التقارير الواردة ُب ىذا الشأف للكشف عن حجم الظاىرة وإ٪تا يكفي فقط أف يتجو أي مواطن بسيط
وأب أي مصلحة إدارية كإدارة الضرائب أو الضماف االجتماعي أو الصحة أو البلديات ليكتشف أف قضاء
حاجة إدارية بسيطة تكلفو تعقيدا كبَتا يضطره ُب غالب األحياف لتقدًن الرشاوى ولعل ما يرد ُب الصحف
اليومية أكرب دليل على ذلك ،كما أف قضايا الفساد أو فضائح القرف اليت عرفتها اٞتزائر كقضية خليفة
والطريق السيار شرؽ غرب وسوناطراؾ 1و 2عرفت تعامبل واسعا بالرشاوي والعموالت امتدت إٔب
مؤسسات أجنبية.
-االحتيال ونهب المال العام :ىو صورة من صور الفساد اإلداري ويعد من اٞترائم طبقاً للمفهوـ
القانوين ،حيث تستخدـ جرٯتة االحتياؿ للحصوؿ على منافع شخصية تدر على مرتكبيها بالفوائد 1،وىو يشَت
إٔب اختبلس ا١تمتلكات من قبل ا١توظف العمومي أو استعما٢تا على ٨تو غَت شرعي بتبديده عمدا أو إتبلفو أو
احتجازه بدوف وجو حق على ٨تو غَت شرعي لصاٟتو أو لصاّب شخص أو كياف آخر أي ٦تتلكات مالية عمومية
أو أوراؽ أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد هبا إليو ْتكم وظيفتو أو بسببها 2،كما أشارت إليو ا١تادة ُ 41ب
القطاع ا٠تاص.
إف التعددية السياسية وحرية التعبَت قد ٝتحت بالكشف عن العديد من قضايا هنب ا١تاؿ العاـ ُب
اٞتزائر ،ففي 1990وُب ٤تاضرة ألقاىا ُب جامعة اٞتزائر أعلن "براىيمي عبد اٟتميد" رئيس اٟتكومة قبل
أكتوبر 1988أنو ًب اختبلس 26مليار دوالر من خزينة الدولة وًب ٖتويلها على شكل رؤوس أمواؿ إٔب
ا٠تارج ما بُت 1962و 3،1989وُب أثناء التحقيق ُب ىذه القضية ظهرت أيضا قضية الغرفة الوطنية
291
للتجارة واليت ٕتلت ُب ٖتويل ما يقارب 20مليار دوالر من خبلؿ ٖتويل 2000غبلؼ مإب بالعملة
الصعبة ،كانت ٘تنحها الغرفة الوطنية للتجارة ُب إطار الًتخيص باالستَتاد ألشخاص صناعيُت أو
ٕتاريُت٢ 1،تذا صرح "٤تمد بوضياؼ" مباشرة بعد دخولو اٞتزائر لًتؤس اجمللس األعلى للدولة ُب 16
2
جانفي 1992على أف الفساد يشكل أىم مشكلة تواجو النظاـ السياسي.
رغم أف ٤تاربة الفساد كاف من أىم األولويات لدى "بوضياؼ" ،و"زرواؿ" ،إال أنو استمر ُب االنتشار
والتوسع ف عرفت البنوؾ العمومية سرقة وتبذير للماؿ العاـ على شكل قروض قدرت ٔتليارات الدوالرات
أخذت طريقها إٔب "لكسمبورغ" و"موناكو" خصوصا ُب فًتة ارتفاع أسعار البًتوؿ بُت 1999و،2000
إضافة إٔب مشروع "ميًتو اٞتزائر" Metro d'Algerوالطريق السيار شرؽ غرب الذي أكد صندوؽ
3
النقد الدوٕب والبنك العا١تي أف ا١تبالغ اليت صرفت عليو مبالغ خيالية ال ٯتكن تقديرىا.
باإلضافة إٔب القضايا السابقة كانت قضية خليفة ىي األكرب ُب السنوات ا١تاضية اليت أظهرت ُب أواخر
-الوساطة والمحسوبية :وىي آلية تنطلق من روابط القرىب والوضع الطبقي ،حيث تتأثر عبلقات
البَتوقراطيُت با١تواطنُت باألصوؿ العرقية واالجتماعية ،وللوساطة واحملسوبية وجهاف أو٢تما ا٬تايب يعرب عن
نوع من التعاوف قصد ٖتقيق مطلب مشروع والثاين سليب يعرب عن أنواع من التمييز والعنصرية حيث يتم
4
بلوغ حقوؽ أو ٕتاوز حقوؽ آخرين على حساب ا٠تدمة العامة.
1
Ibid, p134.
2
Ibid, p137.
3
Djillali Hadjaj, Corruption et démocratie en Algérie. Paris: la Dispute, 2001, pp
122-124.
4علي سعيداف ،مرجع سابق ،ص.52
291
إف االنتساب إٔب الوظائف ُب اٞتزائر يتم عن طريق ا١تسابقات ا٠تاصة بكل مصلحة إدارية ٯتكن
االنتساب إليها والدرجة اٞتامعية ُب الغالب ىي أساس دخوؿ الوظيفة العمومية إال أف واقع التوظيف ُب
اٞتزائر يعرب عن العكس ،فالوساطة ال تزاؿ أساس تعيُت اإلداريُت ُب العديد من ا١تناصب واحملسوبية على
أساس العبلقات التقليدية مستمرة رغم كل اإلصبلحات ُب ٣تاؿ الوظيفة العمومية ،إضافة إٔب ظاىرة
1
الزبائنية اليت تعاين منها اإلدارة اٞتزائرية وا١تشكلة من الروابط األبوية واٞتهوية والصداقة وما إٔب ذلك.
-إساءة النفوذ واستغالل المنصب العام :ويعٍت استغبلؿ الوظائف أو ا١تناصب عمدا ألداء عمل أو
االمتناع عنو على ٨تو ٮترؽ القوانُت والتنظيمات بغرض اٟتصوؿ على منافع غَت مستحقة ،وكذلك عدـ
التصريح با١تمتلكات أو التصريح الكاذب الذي ٮتص كل موظف عمومي خاضع قانونا لواجب التصريح
ٔتمتلكاتو ،إضافة إٔب أشكاؿ أخرى من الفساد أشار إليها قانوف 01-06منها أخذ فوائد بصفة غَت
قانونية وتلقي ا٢تدايا والتمويل ا٠تفي لؤلحزاب السياسية وتبييض العائدات اإلجرامية واإلخفاء وإعاقة السَت
يشَت مفهوـ التسيب اإلداري إٔب عدـ التزاـ ا١توظف بأداء واجبات وظيفتو بدقة وأمانة ومن دوف أي
٣تهود ٦تا يؤدي إٔب تدين مهاراتو الوظيفية وا٩تفاض مستويات الكفاءة لدى اإلدارة اليت تعجز بدورىا عن
3
تنفيذ السياسات العامة للدولة 2،وتربز أشكاؿ التسيب اإلداري ُب اٞتزائر ُب الصور التالية:
1
Taib Essaid " Approche clientaire de la relation fonctionnaire- citoyen en Algérie",
Revue Algérienne des sciences juridiques, économique et politique, V. xxviii,
N02, juin 1990, p302.
2نصرب ٝتارة ،مرجع سابق ،ص .28
3أنظر ٝتارة نصَت الذي فضل ُب مؤشرات التسيب اإلداري ،ص ص .62-34
292
-عدـ استغبلؿ ا١توظف لوقت العمل الرٝتي وانشغالو بأعماؿ غَت رٝتية كأداء بعض األلعاب واستعماؿ
-تفشي روح البلمباالة حيث ال يأخذ ا١توظف طلبات الزبائن بعُت االعتبار وال يقدـ ٢تم ا٠تدمة ّتدية.
-عدـ التزاـ ا١توظف بالنزاىة وعدـ ٤تافظتو على سرية ا١تكاتبات والقرارات.
-الروتُت اإلداري.
-ضعف الرقابة.
عرفت ىذه ا١ترحلة ظهور عدة فضائح فساد جراء بداية خروج الثورة عن مسارىا منها قضية اجملاىدين
ا١تزيفُت حيث ٕتاوز عدد البطاقات 10000بطاقة وقضية خزينة جبهة التحرير الوطٍت اليت تضمنت
سرقتو أمواؿ اٞتبهة وٖتويلها إٔب ا٠تارج ،إضافة إٔب قضية صندوؽ التضامن الذي أنشأه أٛتد بن بلة والذي
1
ضم التربعات اليت ٚتعت ١تساعدة الفئات الضعيفة ُب اجملتمع.
ويعتقد عبد اٟتمدي ابراىيمي أف اجملموعة اليت أمسكت بالسلطة ُب عهد بن بلة سهلت ترقية
االنتهازيُت وعملت كل ما ُب وسعها لكي تتعزز مواقعها عن طريق تشديد التحكم ُب األجهزة وتضخيمها
1سارة بوسعيود ،شراؼ عقوف" ،واقع الفساد ُب اٞتزائر وآليات مكافحتو" ،مجلة البحوث االقتصادية والمالية ،مج ،05ع ،01جواف
،2018ص .309
293
بعناصر تعتربىم أكفاء ومطيعُت وغَت خطرين سياسياف واٟتماية اليت ٘تنحها إياىا ٢تم السلطة تضمن ٢تم
1
االستقرار واالمتيازات وتعزز سلطتهم وٗتو٢تم الشرعية.
أخذ الفساد ُب ىذه ا١ترحلة منحى تصاعدي جراء ضخ أمواؿ ضخمة ُب القطاع الصناعي مع تبٍت
٪توذج الصناعات ا١تصنعة الذي تزامن مع إبراـ عقود كثَتة وصفقات مع شركات أجنبية لنقل التكنولوجيا،
واليت كاف من نتائجها طغياف التسيَت البَتوقراطي للمشاريع وقلة التحكم وإدارة االستثمارات وقلة التنسيق
2
والرب٣تة.
إف تفكيك الشركات الوطنية الكربى ُب بداية الثمانينيات ٧تم عنو تداخل الفساد بعبلقات القوة والزبونية
ُب النظاـ ،وأصبح الفساد موازيا لتوزيع ا١تداخيل ُب إطار توزيع رٝتي بالدينار يبحث عن ٖتقيق ا١تساواة
نسبيا ُب ظل وجود فارؽ ُب األجور ا١تنخفضة بشكل خاص ،وتوزيع آخر كبَت وخفي بالعملة الصعبة يركز
مداخيل باىظة بُت يدي األقلية ،ونتيجة التحوؿ من االستثمار إٔب االستَتاد ضمن برنامج مكافحة الندرة
طرأ تغيَت على نظاـ الرشوة حيث اتسعت شبكات الفساد وتعقدت وىي خدمة الشركات األجنبية طا١تا
أف الشرط الوحيد للحصوؿ على الرشوة ىو التعامل اٟتصري مع ىذه الشركات ،والتفت الشبكات الزبونية
حوؿ أجهزة الدولة والشركات االقتصادية الوطنية وحصلت على الرعاية اليت تقدمها السلطة لرجاؿ
األعماؿ وا١تضاربُت ُب إطار مسلسل التواطؤ ا٠تفي ،ومع انعداـ مساءلة كبار ا١توظفُت ومدراء الشركات
3
الوطنية عمت السرقة واالختبلسات وا١تضاربات من كل نوع.
294
.5المرحلة االنتقالية :2999-2992
استمر ُب ىذه ا١ترحلة العمل بنظاـ العموالت ُب ظل ازدىار قطاع االستَتاد أماـ ضعف آلة اإلنتاج،
وٝتح اتفاؽ إعادة جدولة الديوف ا٠تارجية الذي أبرمتو اٞتزائر مع الدوؿ ا١تا٨تة ُب مقابل التزامها بتطبيق
برنامج التصحيح ا٢تيكلي الذي وضعو صندوؽ النقد الدوٕب ْتصوؿ الدولة على % 80من عائداهتا
النفطية ُب األشهر األؤب من عاـ 1995وارتفعت نسبة الواردات ب 02مليار دوالر ،وأفسح ٖترير
التجارة ا٠تارجية ُب 1994اجملاؿ أماـ القطاع ا٠تارجي وأصبح الدينار قاببل للتحويل ُب ا١تعامبلت
التجارية ،وُب عاـ ً 1997ب إحصاء أكثر من 5500شركة استَتاد وتصدير خاصة وًب استبداؿ
االحتكار الدوالٌب للتجارة ا٠تارجية بلخر خاص ارتبط أصحابو بدوائر ُب السلطة ،ىذه الشركات اليت
استنزفت ا١توارد ا١تالية اليت استفادت منها اٞتزائر ٔتوجب التصحيح ا٢تيكلي 1997-1994وهنبها
وٖتويلها إٔب ا٠تارج واعتمادىا على التجارة ا٠تارجية كمنفذ لتهريب العملة الصعبة 1،كما ٝتح الدعم ا١تإب
الدوٕب وا١تداخيل النفطية بزيادة النفقات العسكرية اليت بلغت %100عاـ ُ 1998ب ظل غياب ا١تساءلة
وعموما فإف الفًتة ا١تمتدة من 1992إٔب 1999تعد من أصعب ا١تراحل اليت مرت هبا اٞتزائر نتيجة
األزمة األمنية وكوهنا مرحلة انتقالية ُب االقتصاد اٞتزائر ٝتحت بتوسع وانتشار الفساد ُب ظل غياب
مؤسسات سياسية مستقرة قادرة على تكريس آليات الرقابة وا١تساءلة ،ومن أىم اجملاالت اليت تركز فيها
الفساد:
295
-الفساد ُب قطاع احملروقات :وبدأ مع أوؿ عملية خصخصة ُب 1991بفتح الباب ٠تصخصة قطاع
احملروقات للشركات األجنبية دوف هتيئة الظروؼ لذلك ،حيث زاد الفساد كمسألة بيع %25من حقل
حاسي مسعود مقابل 6أو 7دوالر رغم أف سعره ُب السوؽ كاف ما بُت 18و 20دوالر.
-الفساد ُب ٣تاؿ اإلنفاؽ العسكري :فنتيجة لتدىور األوضاع األمنية زاد اإلنفاؽ العسكري بنسبة %45
ُب 1998و %100سنة ،1998وكاف ذلك يتم على حساب االستثمارات ا١تنتجة ُب ظل غياب أي
1
٤تاسبة لوزارة الدفاع على صفقاهتا الضخمة.
ٓب يكن ٖتالف السلطة والعصبية القبلية وحده ُب ىذه ا١ترحلة كافيا لتعزيز حكم بوتفليقة بل أدى ا١تاؿ
أيضا دورا أساسيا ُب توفَت الرعاية للمساندين والداعمُت ،فا١تقاولوف ا٠تواص وأصحاب ا١تاؿ الذين قبلوا ُب
البداية لعبة النظاـ من خبلؿ تأييده عملوا بعد ذلك على ٖتقيق أجندهتم السياسية واالقتصادية وتطورت
الشركات ا٠تاصة بشكل ملفت للنظر ،وُب ذات السياؽ جرى نقل االحتكار العمومي من أيدي
البَتوقراطيُت إٔب االحتكار ا٠تاص عرب شبكات ومصاّب ٣تموعات ضغط يديرىا رجاؿ أعماؿ 2،وكنتيجة
لذلك عرفت ىذه ا١ترحلة تورط مسؤولُت كبار ُب فضائح اختبلس مليارات الدوالرات ُب ظل ضخ أمواؿ
ضخمة ُب برامج اإلنعاش الوطٍت وبرامج دعم النمو وا١تخطط ا٠تماسي 2014-2010الذي خصص
لو حوإب 286مليار دوالر وا١تخطط ا٠تماسي األخَت 2019-2015الذي خصص لو 262مليار
دوالر ،وىي مبالغ حولت اٞتزائر إٔب ٦تلكة للفساد ٔتختلف أشكالو وتكبدت اٞتزائر من جرائو قرابة 30
3
مليار دوالر بُت عامي 2000و.2010
296
ومن خبلؿ معطيات اٞتدوؿ أدناه ا١تتعلق ٔتؤشرات الفساد ُب اٞتزائر ما بُت العاـ 2003و2018
نبلحظ تطورا تدر٬تيا ُب درجات الفساد بانتقا٢تا من 2.6كأدىن درجة إٔب 3.6كأقصى درجة ،وىذا
يؤكد استمرار عمليات الفساد وهنب ا١تاؿ العاـ وعدـ ٧تاعة اآلليات اليت تبنتها الدولة ١تواجهتو ،والذي
كاف القطرة اليت أفاضت الكأس وأدت إٔب انتفاض الشعب ُب حراؾ 22فرباير ،2019والذي أباف عن
اختبلسات خيالية للخزينة العمومية من طرؼ ا١تسؤولُت السياسيُت واإلداريُت من خبلؿ احملاكمات اليت
1
-www.transparency.org تقارير منظمة الشفافية العا١تية:
297
174 105 3.4 2012
أصبحت ظاىرة االحتجاجات ُب اٞتزائر تطغى على ا١تشهد السياسي كرد فعل على عدـ رضا ا١تواطنُت
عن أداء النظاـ السياسي على كل ا١تستويات ،فهذه الظاىرة حصيلة تراكم عدة أزمات خاصة منها أزمة
ا١تشاركة السياسية من خبلؿ تقييد كل آلياهتا وأزمة الشرعية اليت تولد عنها غياب الثقة بُت ا١تواطن ونظامو
السياسي ،ضف إٔب ذلك األزمة االقتصادية وتبعاهتا االجتماعية من تدين للقدرة الشرائية والبطالة وأزمة
السكن وأزمة األجور ا١تتدنية وأزمة الفساد السياسي واإلداري واليت نتجت عنها ظواىر اجتماعية خطَتة
كا٢تجرة غَت الشرعية واالنتحار ،وقد عرفت موجة االحتجاجات تطورا عرب عدة مراحل انتقلت فيها من
ا١تطالبة بتغيَت األوضاع االقتصادية واالجتماعية والسياسية إٔب إسقاط النظاـ السياسي وتغيَت مؤسساتو
298
إف الفعل االحتجاجي ُب اٞتزائر فعل مرتبط بالفًتة االستعمارية حيث عرب الشعب اٞتزائري عن رفضو
لبلستعمار الفرنسي بعدة أشكاؿ لعل أ٫تها ُب تاريخ اٞتزائر ىو ثورة نوفمرب اجمليدة ،غَت أف االحتجاج
كممارسة قد عرؼ استقرارا ُب ظل مرحلة اٟتزب الواحد اليت عرفت بتحكم الدولة ُب كل قنوات ا١تشاركة
السياسية ومشوليتها ُب التنظيم لكل شؤوف اجملتمع ،خاصة ُب مرحلة حكم ىواري بومدين الذي ٘تكن من
ٖتقيق االستقرار بتطويق أمٍت ٤تكم للمجتمع من جهة ،وكسب رضى فئات عريضة من اجملتمع من جهة
أخرى وذلك من خبلؿ ٕتسيد مشروع ٣تتمع مبٍت على العدالة االجتماعية ُب شكل مشاريع كالثورة
الزراعية والذي ٝتح لو بتشكيل قاعدة صلبة ٟتكمو ،غَت أف وفاتو عجلت بتغيَت الوضع حيث تبٌت
الشاذٕب بن جديد االنفتاح االقتصادي الذي أدى إٔب بروز الفوارؽ االجتماعية وفئات جديدة اكتسبت
الثروة عن طريق االمتيازات ٦تا ولد تفشي مظاىر احملسوبية والرشوة والفساد وسوء تسيَت ا١تاؿ العاـ والذي
أدى إٔب ٪تو ٗتط لدى فئات عريضة من اجملتمع ٦تا ساعد على ظهور حركات احتجاجية كالربيع األمازيغي
1
ُب منطقة القبائل واحتجاجات أخرى قوامها الظروؼ ا١تعيشية ا١تزرية موازاة مع تدين أسعار النفط.
فمع بداية ا٩تفاض أسعار البًتوؿ عاـ 1983ظهر فشل التسيَت البَتوقراطي لبلقتصاد الوطٍت ُب ظل
تردي الوضع االجتماعي حيث ا٩تفض الدخل السنوي والذي أدى بدوره إٔب ا٩تفاض القدرة الشرائية ،وًب
استهبلؾ ما يعادؿ 11.1مليار دوالر سنويا ُب الفًتة ما بُت 1979و 1991واليت بلغت عائداهتا
البًتولية 144.5مليار دوالر ،وىذا االستهبلؾ الذي جلب ما يقرب من 25.7دوالر من الدين ٦تا
سبب أزمة التسيَت ،كما أزمة الديوف تسببت ُب انكماش اقتصادي صاحبو اضطراب اجتماعي ٘تثل ُب
تضخم ٚتيع ا١تواد االستهبلكية اليت ارتفعت سنة ٔ 1986تعدؿ ،%76.5إضافة إٔب ندرة ا١تواد األولية
1لطفي ٔتغاز ،نوراف سيد أٛتد ،اٟتركات االحتجاجية ُب اٞتزائر :اٟتقائق واآلفاؽُ ،ب :تامر خرمة ،ربيع وىبة ،الحركات االحتجاجية في
الوطن العربي (مصر ،المغرب ،لبنان ،البحرين ،الجزائر ،سورية ،األردن) .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية ،2014 ،ص ص ،316
.317
299
وانتشار الفساد وٗتلي الدولة عن دعم ا١تواد االستهبلكية وٕتميد األجور وىي كلها عوامل سا٫تت ُب
1
انفجار الوضع.
ف بعد ا٠تطاب السياسي للرئيس الشاذٕب بن جديد أماـ أعضاء حزب جبهة التحرير الوطٍت ُب 19
سبتمرب 1988الذي وجو فيو انتقادات لعناصر من اٟتزب ا١تعارض لئلصبلحات الليربالية انتشرت موجة
من االضطرابات شلت مؤسسات اقتصادية واشتدت األزمة مساء 04أكتوبر 1988حيث بدأت
بتبلميذ ا١تدارس لتنضم إليها شرائح أخرى تظاىرت بطريقة عنيفة ومارست عمليات ٗتريب كبَتة
للممتلكات العامة كالبنوؾ وا٠تطوط اٞتوية وأسواؽ الفبلح وا١تؤسسات التعليمية 2،وكانت قد بدأت
أعماؿ الشغب ُب أكتوبر 1988من حي شوفإب باٞتزائر العاصمة يوـ 05أكتوبر وعمت ٚتيع أ٨تاء
الببلد واستمرت أسبوعا كامبل سادت فيو كل أنواع الفوضى وراح ضحيتها 189قتيبل و 142جر٭تا وما
3
يفوؽ مليار دوالر من ا٠تسائر ا١تادية إٔب جانب 144قتيبل من قوات األمن.
وقد تعددت اآلراء حوؿ أسباب ىذه األحداث حيث ىناؾ من اعتربىا تعبَتا عن صراع بُت األجنحة
أنذاؾ داخل النظاـ السياسي اٞتزائري والذي ٯتثلو دعاة اإلصبلح الليربإب واحملافظوف ،غَت أف درجة
الغضب اليت سادت ا١تدف اٞتزائرية والعنف الذي مارسو الشباف ضد ا١تمتلكات العمومية ٓب يعرب فقط عن
ىذا الصراع وإ٪تا كاف ينم عند درجة كبَتة من اٟترماف واليت عانت منها فئات اجتماعية واسعة.
لقد شكلت أحداث أكتوبر ٕتمعا للمهمشُت سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وحىت ثقافيا وتطورت إٔب
أحداث دامية أدت إٔب تدخل اٞتيش ،ورغم أهنا عجلت بانتقاؿ اٞتزائر من نظاـ اٟتزب الواحد إٔب نظاـ
التعددية اٟتزبية إال أف تلك التجربة ٓب يكتب ٢تا أف تكوف ُب ا١تسار الصحيح ،حيث مع توقيف ا١تسار
311
االنتخايب دخلت اٞتزائر مرحلة البلستقرار اليت شكلت فيها العشرية السوداء عبلمة فارقة ُب تاريخ اٞتزائر
ا١تعاصر ،وقد أثرت بكل كبَت على مسار اٟتركات االحتجاجية ُب اٞتزائر ،حيث أف األزمة أدت إٔب
ت أجيل معاٞتة العديد من الطالب االجتماعية واالقتصادية وإعطاء األولوية الستتباب األمن واالستقرار،
ضف إٔب ذلك فإف ىذه ا١ترحلة عرفت صدور قانوف الطوارئ الذي ضيق على ٚتيع اٟتريات خاصة منها
التظاىر والتجمع ٦تا جعل اٟتركات االحتجاجية ال تعود إٔب الواجهة إال مع قرب استعادة السلم ،حيث
ُب عاـ 2001قاـ ما يسمى بالربيع األمازيغي األسود الذي أخذ شكبل عنيفا وتسبب ُب شل كل اٟتركة
ُب ا١تنطقة ،وًب تنظيم احملتجُت ُب إطار ما عرؼ بالعروش وتنسيقية العروش والقبائل اليت تبنت ٣تموعة من
ا١تطالب ٛتلت طابعا ىوياتيا إضافة إٔب مطالب اجتماعية واقتصاديةْ ،تيث انتهى األمر باالعًتاؼ باللغة
1
األمازيغية لغة وطنية.
انطلقت اٟتركة االحتجاجية ُب األسبوع األوؿ من يناير 2011ودخوؿ السنة اٞتديدة اليت شهدت
سرياف زيادة األسعار جملموعة من ا١تواد الغذائية ٔتا فيها السكر والزيت و٫تا سلعتاف واسعتا االستهبلؾ،
وسرعاف ما انتشرت األحداث اليت بدأت ُب وىراف تنتشر إٔب مدف أخرى منها العاصمة اليت عرفت فيها
نقلة نوعية بدخو٢تا األحياء الشعبية العريقة منها باب الواد وبلكور وباش جراح لتتجو فيما بعد شرقا وحىت
2
جنوبا.
السيارات وٗتريب ما يقارب 36مقرا ١تؤسسات قضائية وكذا مقار السلطات احمللية وتوزيع ا١تاء والكهرباء
٦تا يعكس تذمرا من نوعية ا٠تدمات القاعدية اليت تقدمها ىذه ا١تؤسسات إضافة إٔب االعتداء على ا١تقرات
311
األمنية ،ولقد أعلنت مصاّب األمن بشكل رٝتي عن حدوث أزيد من 11ألف احتجاج طواؿ سنة
1
ُ 2011ب ٥تتلف أ٨تاء الوطن.
إف ما ميز ىذه األحداث ىو أهنا ٓب تأت باٞتديد حيث استمرت ظاىرة ضعف التنظيم والتأطَت اٟتزيب
واٞتمعي ٢تا ،وحالة التوجس لدى احملتجُت من النخب السياسية خاصة ا١تعارضة منها لقابليتها الكبَتة
لبلخًتاؽ واالحتواء 2،لكنها من جهة أخرى كسرت حاجز ا٠توؼ من التعامل األمٍت للنظاـ السياسي،
وما شجع على ذلك طبيعة تعاملو مع االحتجاجات حيث أعطيت تعليمات صارمة ١تصاّب األمن تفاديا
للتصادـ مع احملتجُت ،كما أف ا٠تطاب الرٝتي أضفى نوعا من الشرعية على مطالب احملتجُت ذات البعد
االجتماعي االقتصادي من خبلؿ اٗتاذ ٚتلة من اإلجراءات االستعجالية ذات الطابع االقتصادي
واالجتماعي كإجراءات اٟتد من ارتفاع األسعار وٕتميد توزيع السكن إلعادة دراسة الطعوف ُب عدة
واليات غَت أف النظاـ قبل بالتفاعل اإل٬تايب مع مطالب احملتجُت على أف ال تتعدى ذلك إٔب ا١تطالب
3
السياسية.
إف أحداث 2011كانت نقلة نوعية ُب مسار االحتجاجات ُب اٞتزائر لكوهنا وسعت من الظاىرة
وأصبحت حدثا يوميا ٞتل القطاعات ،وذلك ما ينم عن السخط الكبَت من فئات اجتماعية كثَتة على
األوضاع خاصة منها االجتماعية واالقتصادية ،وعن تذمرىا من أداء ا١تؤسسات حيث ٩ترت ا١تمارسات
السلبية للبَتوقراطية جسد الدولة لدرجة جعلت ا١تواطن يفقد إٯتانو التاـ بالعيش الكرًن ُب اٞتزائر وما ظاىرة
1نور الدين بكيس ،الحركات االحتجاجية في الجزائر من المواجهة إلى االحتواء .اٞتزائر :النشر اٞتامعي اٞتديد ،2018 ،ص .105
2عبد الناصر جايب ،اٟتركات االحتجاجية ُب اٞتزائر (يناير ،) 2011تقييم حالة ،ا١تركز العريب لؤلْتاث ودراسة السياسات ،الدوحة ،فرباير
- https://www.dohainstitute.org ،2011صُ ،04 .ب:
3نور الدين بكيس ،مرجع سابق ،ص .111
312
عرؼ النظاـ السياسي اٞتزائري انسدادا بسبب عدة أزمات منها أزمة البطالة وا٢تجرة غَت الشرعية
وتدىور عدة قطاعات خاصة منها قطاع الصحة والتوزيع غَت العادؿ للثروة ،واألخطر من ذلك انتشار
الفساد بكل مؤسسات الدولة وعلى كل ا١تستويات ُب ظل غياب العدالة ،وتزامنت حدة ىذه األزمات مع
تدىور صحة الرئيس بوتفليقة عبد العزيز وعجزه عن أداء مهامو الدستورية وإتاحة الفرصة لفواعل أخرى
لتسيَت شؤوف الببلد ،إضافة إٔب استنزاؼ ا٠تزينة العمومية لدرجة أدٔب فيها رئيس اٟتكومة أنذاؾ أٛتد
أو٭تِت أف ا٠تزينة عاجزة عن تسديد أجور ا١توظفُت ٦تا يوجب اتباع سياسة التقشف ،وكاف ترشح بوتفليقة
لعهدة خامسة القطرة اليت أفاضت الكأس ودفعت ّتموع ا١تواطنُت للخروج ُب مظاىرات سلمية عرب
الوطن ،واليت اتسمت بالعفوية والتلقائية وعدـ التأطَت من أي حزب سياسي أو أي ٚتعية ،مع اتفاقها على
شعار واحد ىو إسقاط النظاـ 1،كما أف حراؾ فرباير امتاز بالدقة والتنظيم من حيث ا١تكاف والزماف،
إضافة إٔب اعتماده على وسائل التواصل االجتماعي ونشر الوعي وتعبئة ا١تواطنُت وتوحيد شعارات اٟتراؾ،
وبتقدٯتو لصورة إ٬تابية عن الوحدة الوطنية بتجاوز معيار اٞتهوية وضمو ٞتميع شرائح اجملتمع مع طغياف فئة
2
الشباب.
و أسفراٟتراؾ الشعيب ُب 12مارس عن إعبلف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استقالتو والًتاجع عن الًتشح
لعهدة خامسة بعدما كانت العهدة الرابعة ٤تل جدؿ طويل بسبب الوضع الصحي ا١تتدىور للرئيس،
وتضمن بياف استقالتو اٗتاذ إجراءات تسيَت ا١ترحلة االنتقالية ،حيث تعهد بتوسيع قاعدة ا١تشاركة السياسية
وعمد الًتشح وإرساء أسس اٞتمهورية اٞتزائرية اٞتديدة والتجهيز لندوة وطنية إلعداد النظاـ السياسي
اٞتديد وتعديل الدستور وٖتديد تاريخ إجراء االنتخابات الرئاسية ،وقد تباينت ردود الفعل حوؿ ىذا البياف
1زىَتة مزارة " ،اٟتراؾ الشعيب ما بعد الربيع العريب :بُت مطالب التغيَت اٞتذري للنظاـ واستكماؿ عملية البناء الدٯتقراطي ( اٞتزائر ،السوداف
أ٪توذجا)" ،مجلة الفكر القانوني والسياسي ،مج ،04ع .344 ،2020 ،02
2فاطيمة سايح " ،دور الفساد ا١تإب واإلداري ُب انبثاؽ اٟتراؾ الشعيب ُب اٞتزائر ،دراسة عينة من ا١تشاركُت ُب اٟتراؾ الشعيب" ،مجلة
التكامل االقتصادي ،مج ،07ع ،03سبتمرب ،2019ص ص.36 ،35 ،
313
وا١ترحلة االنتقالية ببحيث اعتربىا أغلب اٟتراكيُت قرارات لبللتفاؼ على مطالب اٟتراؾ وضماف انتقاؿ
1
سلس للسلطة.
واستمرت ا١تسَتات الرافضة إلجراء االنتخابات دوف تغيَت جذري و٤تاسبة العصابة الفاسدة ،ونظرا
لتضارب األراء حوؿ اٟتل األمثل للخروج من األزمة ُب ظل غلق كل سبل اٟتوار بُت اٟتراؾ والنخب
اٟتاكمة ًب اللجوء إٔب تفعيل ا١تادة 102من الدستور وتنظيم انتخابات رئاسية ترشح ٢تا ٜتسة شخصيات
ىي علي بن فليس وعبد اجمليد تبوف وعز الدين ميهويب وعبد القادر بن قرينة وعبد العزيز بلعيد ،وألهنا
شخصيات من النظاـ السابق فقد قوبلت بالرفض من طرؼ الشعب الذي قررت غالبيتو مقاطعة
االنتخابات حيث ٓب تتجاوز نسب ا١تشاركة ُب أغلب الواليات %05بل ٓب تتعدى ُ %04ب منطقة
2
القبائل ،وحصل عبد اجمليد تبوف على أعلى نسبة ونصب رئيسا للجمهورية.
ونستنتج ُب األخَت أف النظاـ السياسي اٞتزائري يعاين من أزمة الشرعية بسبب عدة عوامل منها سياسية
واقتصادية واجتماعية وثقافية ،وقد عمل منذ االستقبلؿ على تنويع مصادر شرعيتو اليت ٘تكنو من بناء
جسر الثقة مع ا١تواطن ،فاعتمد على الشرعية التارٮتية والثورية ،وعلى الشرعية الدستورية ،وشرعية األداء
االقتصادي ،وحىت شرعية اإل٧تاز على مستوى سياستو ا٠تارجية ،لكن رغم ذلك بقي يتخبط ُب أزمة
شرعية تعمقت أكثر ُب ظل االنتشار الرىيب للفساد الذي أثر على أداء ا١تؤسسات بكل أنواعها خاصة
منها ا١تؤسسات اإلدارية ،وىو األمر الذي جعل ا١تواطن ينتفض وينتقل من ا١تطالبة ٔتطالب اقتصادية
٤ 1تمود ٚتاؿ عبد العاؿ ،حراؾ اٞتزائر ،األطراؼ الفاعلة ومواقفها والسيناريوىات احملتملة ،ا١تركز العريب للبحوث والدراساتُ ،ب:
-https://www.acrseg.org
2زىَتة مزارة ،مرجع سابق ،ص ص .345 ،344
314
إف تعقد مهاـ اٞتهاز البَتوقراطي ُب اٞتزائر وتعدد مهامو ومشوليتها لكل ٣تاالت تنظيم الشأف العاـ ُب
ظل ضعف ا١تؤسسات التمثيلية جعل من البَتوقراطية تعزز حالة عدـ الرضا وتكرس صعوبة التأقلم مع
التغيَت٦ ،تا جعل من اإلصبلح أمرا ضروريا بدت معا١تو من خبلؿ ٚتلة من اإلصبلحات اليت تبناىا النظاـ
السياسي اٞتزائري بغية ٖتقيق تغيَتات جوىرية ُب ا١تنظومة ا١تؤسسية بالشكل الذي ٬تعل من اإلدارة ٤تور
التغيَت واألداة الرئيسية لذلك ،وتعددت مداخل اإلصبلح بُت اإلصبلح اإلداري وتطبيق اإلدارة اإللكًتونية
تشكل اإلدارة العامة واجهة الدولة والوسيط الرئيسي بُت ا١تواطن والنظاـ السياسي٢ ،تذا تركز الدوؿ على
إصبلحها كمدخل لًتشيد العمل اٟتكومي وا١تنظومة اإلدارية ،وىو ما يعزز كفاءة األجهزة اإلدارية ويقود
ويعرب اإلصبلح اإلداري عن تلك اجملهودات ذات اإلعداد ا٠تاص اليت هتدؼ إٔب إدخاؿ تغيَتات
أساسية ُب أنظمة اإلدارة العامة من خبلؿ وضع معايَت لتحسُت واحد أو أكثر من عناصره الرئيسية
كا٢تياكل اإلدارية واألفراد واإلجراءات ،كما يعرؼ على أنو عملية تكييف دائمة ومستمرة للبٌت اإلدارية ُب
ظل الظروؼ السياسية واالجتماعية والقانونية القائمةٔ ،تا يكفل ٖتسُت مستويات أداء العملية اإلدارية
ورفع كفاءة النظم اإلدارية القائمة من خبلؿ تغيَت ا١تعتقدات واالٕتاىات والقيم والبيئة التنظيمية لؤلجهزة
اإلدارية وجعلها أكثر مبلئمة مع التطور التكنولوجي اٟتديث وٖتديات السوؽ ،وإحداث نقلة نوعية ُب
1
٣تاؿ تقدًن ا٠تدمات العمومية مع تقليص التكاليف.
1أمينة بديار" ،اإلصبلح اإلداري للمرفق العاـ ُب اٞتزائر بُت الواقع واآلفاؽ" ،المجلة الجزائرية للمالية العامة ،ع ،2017 ،07ص ص
.172 ،171
315
وقد بذلت اٞتزائر جهودا معتربة هبدؼ إصبلح اإلدارة العامة مركزيا و٤تليا والرفع من أداء اٞتهاز اإلداري
وتقريبو من ا١تواطن و٤تاربة كل ا١تظاىر السلبية للبَتوقراطية ،معتمدة ُب ذلك على إعادة ىيكلة األجهزة
اإلدارية ا١تركزية وٖتديد مهامها ،إضافة إٔب االىتماـ بالوظيف العمومي باعتبار ا١تورد البشري احملور
األساسي ُب أي إصبلح.
إف من أساسيات ٧تاح العمل اإلداري ٖتديد األدوار وتوزيع االختصاصات بُت أجهزة اإلدارة العمومية
٦تا يعٍت تفرغ األجهزة اإلدارية ُب العاصمة لينحصر دورىا وعملها ُب رسم السياسات العامة ووضع ا٠تطط
واإلشراؼ على تنفيذ الربامج ومتابعتها بشكل مستمر ،كما أف األجهزة ا١تركزية ُب الوزارات ٬تب أف تقتصر
على النخبة من ا٠ترباء واالستشاريُت ،وىذا ما ينجم عنو التخفيف من ظاىرة التضخم والًتىل اإلداري
الذي تعاين منو معظم مراكز الوزارات من حيث العدد والنوع إٔب ا١تستوى الذي تتطلبو االحتياجات
اٟتقيقية ٢تذه ا١تراكز ٦تا يقلل من كلفة تسيَت الدواليب اإلدارية واٟتد من تدخل اإلداريُت ُب كل صغَتة
1
وكبَتة.
وبالنسبة للهياكل واإلجراءات التنظيمية ُب اٞتزائر فهي ضرورة أملتها ظروؼ ا١ترحلة االشًتاكية واليت
سقطت ُب فخ النمطية٦ ،تا ساىم ُب بروز مظاىر التسيب ُب ٥تتلف ا٢تياكل واألجهزة اإلدارية ،وعليو فقد
عرفت اإلدارة اٞتزائرية سلسلة من اإلصبلحات منذ الثمانينات وكاف للملف ا١تقدـ جمللس الوزراء بتاريخ
25نوفمرب 1987ا١تعنوف " البَتوقراطية مظاىر ورىانات" دورا كبَتا ُب ٖتديد أعراض مرض البَتوقراطية
ُب اإلدارة العمومية اٞتزائرية 2،وأعقبت ىذا ا١تلف صدور إصبلحات إدارية ركزت على ٖتسُت العبلقة بُت
1رضواف العنيب بن علي ،البيروقراطية اإلدارية ومسألة التقويم التنظيمي .اٞتزائر :الدار اٞتزائرية ،2015 ،ص ص .358 ،357
2أمينة بديار ،مرجع سابق ،ص ص .173 ،172
316
-تعيُت وزير منتدب لدى وزير الداخلية سنة 1994مكلف باٞتماعات احمللية واإلصبلح اإلداري والذي
عوض سنة 1996بوزير منتدب لدى رئيس اٟتكومة مكلف باإلصبلح اإلداري والوظيف العمومي.
-صدور مرسوـ رئاسي رقم 113-96ا١تؤرخ ُب 23مارس 1996وا١تتضمن إنشاء وسيط اٞتمهورية
الذي جاء نتيجة الطلبات ا١تستمرة للمواطن حوؿ ضرورة ٖتسُت األداء.
-تشكيل ٞتنة إصبلح ىياكل الدولة ٔتوجب ا١ترسوـ الرئاسي رقم 372ا١تؤرخ ُب 22نوفمرب 2000
وا١تتضمن إحداث ٞتنة إصبلح ىياكل الدولة ومهامها تتؤب إعادة النظر ُب أ٪تاط إصبلح ىياكل الدولة
واقًتاح حلوؿ ناجحة للمنظومة اإلدارية والقانونية 1،واليت قامت بتقييم كافة جوانب تنظيم الدولة وسَتىا،
2
من خبلؿ:
-إنشاء ا١تديرية العامة لئلصبلح اإلداري ٔتوجب ا١ترسوـ رقم 192ا١تؤرخ ُب 28أفريل 2003الذي
حدد مهاـ ا١تديرية وتنظيمها الداخلي ،واليت تتمثل مهمتها ُب اقًتاح عناصر السياسة الوطنية ُب ٣تاؿ
اإلصبلح اإلداري.
1فاطمة الزىراء فَتـ" ،اإلصبلح اإلداري ودوره ُب ٖتسُت األداء الوظيفي" ،مجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية٣ ،تلد ،11العدد ،01ص
ص .27 ،26
2اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم الرئاسي رقم 372-2222يتضمن إحداث لجنة إصالح ىياكل الدولة ومهامها،
اٞتريدة الرٝتية رقم ،71الصادرة ُب 26نوفمرب ،2000ا١تادة .02
317
-مراجعة قانوف الوظيفة العمومية ُب 2006والذي ٙتن ا١توارد البشرية ،وإعادة النظر ُب حقوؽ وواجبات
أعواف الدولة وٖتديث مناىج إدارة األفراد ٔتا يتبلءـ مع الدور اٞتديد للدولة.
-تأكيد الربنامج ا٠تماسي 2014-2010على التكفل األفضل باحتياجات ا١توطنُت وضرورة سهر
1
اإلدارة العمومية على تقدًن خدمة عمومية ذات نوعية جيدة.
يعد إصدار قانوف الوظيف العمومي 203-06من أىم اإلجراءات اليت تبنتها اٞتزائر ُب إطار إصبلح
اإلدارة ١تا ٭تملو ىذا القانوف من مبادئ عصرية ومتكيفة مع االعتبارات السياسية واالقتصادية واالجتماعية
3
اليت رافقت عملية التحوؿ ٨تو التعددية السياسية واالنفتاح االقتصادي ،حيث ىدؼ ىذا القانوف إٔب:
-ضماف وحدوية قطاع الوظيف العمومي وانسجامو الكلي باعتباره ٕتسيدا للدولة ا١تستخدمة.
-التشجيع على قياـ إدارة ٤تايدة وناجعة وقادرة على االستجابة لتطلعات ا١تواطنُت والتطور مع ٤تيطها.
-تطوير عملية تسيَت ا١توارد البشرية ُب الوظيفة العمومية ووضع منظومة تكوين مند٣تة.
-إعادة تركيز ٥تتلف أسبلؾ ا١توظفُت حوؿ مهامها اٟتقيقية ا١تتعلقة با١ترفق العاـ والسلطة العمومية.
318
كما احتلت سياسة التكوين أ٫تية بالغة ١تا ٢تا من دور ُب االستثمار ُب ا١تورد البشري حيث فرض على
اإلدارة تنظيم دورات تكوين وٖتسُت ا١تستوى بصفة دائمة لتجديد ا١تعارؼ وتكييفها وفق متطلبات الوظيفة
خبلؿ ا١تسار ا١تهٍت لكل ا١توظفُت على مستوى كل األسبلؾ والرتب 1،وكاف االىتماـ هبذه العملية منذ
االستقبلؿ أين شرعت الدولة ُب إنشاء ا١تدارس منها ا١تدرسة الوطنية لئلدارة ُب جواف 1964ومراكز
التكوين اإلداري على مستوى 31والية بُت 1966و 1975ومراكز التكوين شبو الطيب واٞتمارؾ
والفبلحة واألشغاؿ العمومية 2،كما ًب تعزيز التكوين من خبلؿ عدة مراسيم أ٫تها ا١ترسوـ 52-69
كما أنو مع صدور قانوف 03-06عاد اجمللس األعلى للوظيفة العمومية للظهور ،علما أف القانوف
األساسي العاـ للوظيفة العمومية لسنة 1966كاف قد نص على اجمللس األعلى للوظيفة العمومية كأعلى
ىيئة استشارية تعمل على ٖتقيق التوازف بُت مقتضيات اإلدارة وا١تصاّب الفردية للموظف وأنيطت رئاستو
لرئيس اٟتكومة أو الوزير ا١تكلف بالوظيفة العمومية ،غَت أف ىذه ا٢تيئة ٓب يشر إليها ُب القانوف األساسي
النموذجي لعماؿ اإلدارات وا١تؤسسات لعاـ ُ 1985ب مسعى إٔب تكريس فلسفة عآب الشغل ا١توحد
والقضاء على خصوصية قطاع الوظيفة العمومية ،وهبذا بأف ىذه ا٢تيئة االستشارية ا٢تامة ٓب يكتب ٢تا أف
ترى النور طيلة مراحل بناء الوظيفة العمومية ُب اٞتزائر من 1966إٔب 4،2006حيث نص قانوف
1أمر رقم 03-06ا١تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية ،ا١تادة .104
2ىامشي خرُب ،الوظيفة العمومية على ضوء التشريعات الجزائرية وبعض التجارب األجنبية .اٞتزائر :دار ىومة ،2010 ،ص.152 .
3المرجع نفسو ،ص.153-152 .
4سعيد مقدـ ،الوظيفة العمومية بين التطور والتحول من مظور تسيير الموارد البشرية وأخالقيات المهنة .اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات
اٞتامعية ،2010 ،ص .369
319
الوظيفة العمومية 03-06على أنو تنشأ ىيئة للتشاور تسمى اجمللس األعلى للوظيفة العمومية ،وتكلف
1
ٔتا يلي:
-دراسة وضعية التشغيل ُب اٞتزائر والسهر على احًتاـ قواعد أخبلقيات الوظيفة العمومية واقًتاح كل
كما ًب تكريس أخبلقيات ا١تهنة ا١ترتبطة بالصاّب العاـ منها االلتزاـ بالنزاىة واالستقامة واليت تتجسد ُب
عدـ التفريط ُب ا١تصلحة العامة ورفض االبتزاز والرشوة ،واحًتاـ مبدأ االلتحاؽ بالوظائف العمومية وعدـ
2
االختبلس وٖتويل األمبلؾ العامة ومساواة ا١تًتشحُت ُب الصفقات العمومة.
باإلضافة إٔب اٗتاذ ٣تموعة من التدابَت الوقائية ُب القطاع العاـ وا١تتمثلة ُب:
-وجوب مراعاة اإلجراءات ا١تناسبة الختيار وتكوين األفراد لتوٕب ا١تناصب العمومية ،وكذا مراعاة مبادئ
3
النجاعة والشفافية واٞتدارة ُب التوظيف.
-إلزاـ ا١توظف العمومي بالتصريح ٔتمتلكاتو قصد ضماف الشفافية ُب اٟتياة السياسية والشؤوف العامة
4
وٛتاية ا١تمتلكات العمومية.
-وضع مدونات وقواعد سلوكية ٖتدد اإلطار الذي يضمن األداء السليم والنزيو وذلك من أجل دعم
5
مكافحة الفساد.
1أمر رقم 03-06ا١تتضمن القانوف األساسي العاـ للوظيفة العمومية ،ا١تادة .59
2سعيد مقدـ ،مرجع سابق ،ص .303
3اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 22-26يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،14الصادرة
بتاريخ 08مارس ،2006ا١تادة .02
4قانوف رقم 01-06يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،ا١تادة .04
5قانوف رقم 01-06يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،ا١تادة .07
311
-التزاـ ا١تؤسسات واإلدارات وا٢تيئات العمومية باعتماد إجراءات ٘تكُت اٞتمهور من اٟتصوؿ على
معلومات تتعلق بتنظيمها وسَتىا وتبسيط اإلجراءات اإلدارية والرد على عرائض وشكاوى ا١تواطنُت ،وذلك
1
ُب إطار إضفاء الشفافية على كيفية تسيَت الشؤوف العمومية.
إف جل ىذه اإلصبلحات اليت تبنتها اٞتزائر كانت هتدؼ باألساس إٔب إصبلح القطاع اإلداري عضويا
ووظيفيا و٤تاربة الفساد وكل مظاىر البَتوقراطية وىذا ُب إطار التحوؿ ٨تو ما يسمى التسيَت العمومي
اٞتديد 2،كنموذج لعمل اٟتكومة بشكل أفضل وإلصبلح اإلدارة العامة ،وكمجموعة من ا١تقاربات
والتقنيات اإلدارية ا٠تاصة اليت يتم استخدامها ُب القطاع ا٠تاص واليت تستهدؼ إصبلح القطاع العاـ،
واالنتقاؿ من النموذج البَتوقراطي (التسلسل ا٢ترمي والرقابة) إٔب ٪توذج ما بعد البَتوقراطية (الدعم
3
واالبتكار).
فن خبلؿ ىذا النمط التسَتي يكوف التغيَت ُب اإلدارة العامة ا١تسَتة بشكل مركزي بزيادة شفافيتها من
خبلؿ تطوير الصيغة التعاقدية بُت اإلدارات والوزراء وزيادة درجة ا١تساءلة وتطوير نظم اإلدارة القائمة على
األداء وإعطاء األولوية للشفافية من خبلؿ الفصل بُت التدخل السياسي واإلداري وتطوير المركزية الرقابة
4
ا١تالية.
وعليو فاٞتزائر ال تزاؿ ٖتتاج إٔب خطط واسًتاتيجيات فاعلة ُب ٣تاؿ اإلصبلح اإلداري والذي ٬تب أف
يتم الًتكيز فيو على أ٫تية ا١تورد البشري وإعادة النظر ُب نظاـ ا١تركزية الشديدة وما يتبعها من وصاية معيقة
311
لربامج ال تنمية ،إضافة إٔب الًتكيز على ٖتديد ا١تهاـ بدقة وا٢تدؼ منها ،والفصل ُب إشكالية العبلقة بُت ما
تعترب اإلدارة احمللية صورة من صور التسيَت الذاٌب ووسيلة فعالة إلشراؾ أفراد الشعب ا١تنتخبُت ُب ٦تارسة
وتعد مسألة التوفيق بُت ا١تركزية الشديدة اليت تتطلبها قيادة العمل التنموي وقضية توسيع قاعدة ا١تشاركة
ُب اٟتياة السياسية من خبلؿ ا١تؤسسات احمللية من أىم التحديات اليت واجهت ٪تط اٟتكم ُب اٞتزائر واليت
كاف ٢تا نتائج عكسية على الدٯتقراطية وا١تشروع التنموي ُب اٞتزائر ،حيث فشل التوفيق بُت ا١تركزية ُب
قيادة اجملتمع والبلمركزية ُب اٟتقل اإلداري كاف وراء عملية إجهاض ا١تشروع التنموي.
لقد بدأت إجراءات البلمركزية بعد سنتُت من والدة النظاـ اٞتديد بإصدار قانوف البلدية ُب 18جانفي
ٍ 1967ب قانوف الوالية ُب 23ماي 1969كخطوة أولية لفرض ٪تط جديد من الدٯتقراطية ا١تركزية
يستند إٔب أسلوب التنظيم ا٢ترمي للسلطة القاعدية1،ورغم الصبلحيات اليت أعطيت للمجالس ا١تنتخبة ُب
ىذه القوانُت ُب إطار التصور االشًتاكي للحكم إال أهنا كانت ٣تردة من أي سلطةْ ،تيث كاف ا١تنتخبوف
ْتكم تبعية ٣تالسهم ١تصاّب الدولة ماليا وتقنيا يظهروف بوصفهم مفوضُت عن السلطة ا١تركزية أكثر منهم
مركزا مستقبل الٗتاذ القرار ،خاصة بعد صدور دستور 1976الذي أمعن ُب تكريس الشمولية وا١تركزية
2
بًتكيزه لكل السلطات ُب يد رئيس اٞتمهورية ووصف السلطات الثبلث ُب الدولة بالوظائف.
312
ومع تفاقم أزمات النظاـ السياسي اٞتزائري منها التخلف اإلداري بكل مظاىره قامت السلطات
اٟتاكمة بإدخاؿ إصبلحات إدارية لتحديث اإلدارة وتكيفيها ىيكليا وبشريا وتشريعيا وماديا ٔتا يضمن
الفعالية والسرعة ُب األداء ،وتعترب البلمركزية ومبدأ االنتخاب لتمثيل اإلرادة الشعبية من أىم اإلصبلحات
اليت تبناىا دستور 1989حيث اعتربت ا١تادة 16منو أف اجمللس ا١تنتخب قاعدة البلمركزية ومكاف
1
مشاركة ا١تواطنُت ُب تسيَت الشؤوف العمومية وآلية القتساـ السلطات بُت اٞتهاز ا١تركزي وا٢تيئات احمللية.
ومس اإلصبلح اإلداري اجملالس احمللية اليت تعرب عن إرادة الشعب وذلك من خبلؿ صدور قانوف البلدية
رقم 08-90الذي اعترب البلدية أداة لتجسيد الدٯتقراطية والتخلص من ا١تمارسات السابقة من رشوة
و٤تسوبية عن طريق الرقابة الشعبية واألحزاب السياسية ،وكذا قانوف الوالية رقم 09-90الذي ىدؼ إٔب
التقليل من الوصاية والنظاـ ا١تركزي وتدعيم التمثيل الشعيب ،غَت أف ىذه اإلصبلحات ٓب ٘تنح اجملالس
ا١تنتخبة الصبلحيات الواسعة والضرورية البلزمة لتأدية وظائفها اٟتقيقة خاصة ُب ظل اإلبقاء على ا١تكانة
2
احملورية للوإب.
ومع التطورات السياسية واالقتصادية اليت عاشتها اٞتزائر ُب ظل ا١ترحلة االنتقالية اليت تزامنت مع األزمة
األمنية عرؼ عمل اجملالس احمللية ا١تنتخبة عدة عراقيل وانسدادات أدت إٔب تقزًن مهامها مع تزايد ٦تارسة
وتزامنا مع ثورات الربيع العريب بادر النظاـ السياسي إٔب إجراء ٚتلة من اإلصبلحات من خبلؿ مراجعة
٣تموعة من القوانُت منها قانوف االنتخابات واألحزاب السياسية وقانوف اإلعبلـ واٞتمعيات ،وكذلك
القوانُت ا١تنظمة للجماعات احمللية ،وُب ىذا اإلطار أشار رئيس اٞتمهورية عبد العزيز بوتفليقة ُب خطاب لو
ألقاه بتاريخ 25أفريل 2011والذي شخص فيو تشخيصا عميقا لوضعية الببلد إٔب ذلك من خبلؿ قولو
313
" ُ.....ب إطار المركزية أوسع وأكثر ٧تاعة وحىت يصبح ا١تواطنوف طرفا ُب اٗتاذ القرارات اليت ٗتص حياهتم
اليومية وبيئتهم االقتصادية واالجتماعية والثقافية البد من مضاعفة صبلحيات اجملالس احمللية ا١تنتخبة
و٘تكينها من الوسائل البشرية وا١تادية البلزمة ١تمارسة اختصاصاهتا ،"....و٢تذه الغاية ًب مراجعة قانوف
1
البلدية والوالية وإصدار كل من قانوف البلدية 10-11وقانوف الوالية .07-12
فبالنسبة للبلدية اعتربهتا ا١تادة 01من قانوف البلدية 10-11أهنا اٞتماعة اإلقليمية القاعدية للدولة
وىو نفس التعريف الذي ورد ُب القانوف ،08-90غَت أنو ُب إطار تفعيل الدٯتقراطية أضافت ا١تادة 02
على أهنا تشكل قاعدة البلمركزية ومكاف ٦تارسة ا١تواطنة وتشكل إطار مشاركة ا١تواطن ُب تسيَت الشؤوف
العمومية.
وا١تبلحظ أف قانوف البلدية 10-11قد خصص بابا كامبل لتحفيز ا١تواطن على ا١تشاركة ُب ٖتديد
أولوياتو وخياراتو ُب التنمية احمللية ،ووضع ٣تموعة من التدابَت اليت من خبل٢تا يعمل اجمللس البلدي على
استشارة مواطنيو ُب القضايا اليت تعنيهم ،حيث اعترب أف البلدية اإلطار ا١تؤسساٌب ١تمارسة الدٯتقراطية على
ا١تستوى احمللي والتسيَت اٞتواري ،وعلى اجمللس الشعيب الوطٍت أف يتخذ كل التدابَت إلعبلـ ا١تواطنُت
بشؤوهنم واستشارهتم حوؿ خيارات وأولويات التنمية من خبلؿ استعماؿ الوسائط والوسائل اإلعبلمية
ا١تتاحة ،مع إمكانية تقدًن عرض من طرؼ اجمللس الشعيب البلدي عن نشاطو السنوي أماـ ا١تواطنُت ،كما
ألزـ اجمللس الشعيب البلدي بوضع إطار مبلئم للمبادرات احمللية لتحفيز ا١تواطنُت للمشاركة مع منح رئيس
اجمللس الشعيب البلدي إمكانية االستعانة بصفة استشارية بأي شخصية ٤تلية أو خبَت أو ٦تثل ٚتعية لتقدًن
1عمار بوضياؼ ،شرح قانون الوالية -القانون 27-22المؤرخ في 22فبراير .2222اٞتزائر :جسور للنشر والتوزيع ،2012 ،ص
ص .127 ،126
314
مسا٫تة ألشغاؿ اجمللس وإعطاء حق االطبلع لكل شخص على مستخرجات مداوالت اجمللس الشعيب
1
البلدي وكذا القرارات البلدية واٟتصوؿ على نسخة لكل شخص ذي مصلحة.
ورغم تركيز قانوف البلدية اٞتديد على تكريس فكرة الدٯتقراطية التشاركية ٤تليا وٖتديده بدقة للعبلقة بُت
ىيئات البلدية وفق القانوف اٞتديد ووضع حلوؿ للمشاكل اليت قد تعًتض اجملالس ُب حاؿ وجود انسداد
سياسي ،إضافة إٔب إلغاء سحب الثقة من رئيس اجمللس الشعيب البلدي من طرؼ أعضائو ٟتمايتو من
أعضاء اجمللس الذين قد يتخذوف ىذا القرار العتبارات شخصية وسياسية وليس ١تصلحة البلدية ،إال أف
تطبيقها على أرض الواقع ٓب يرؽ إٔب ذلك ا١تستوى ُب ظل غياب الثقافة السياسية التشاركية لدى النظاـ
السياسي ولدى ا١تواطنُت ،ونقص الوعي اٞتماىَتي با١تمارسة الدٯتقراطية ،أضف إٔب ذلك استمرار الوصاية
ا١تمارسة على اجملالس البلدية ا١تنتخبة من طرؼ السلطات ا١تركزية والوإب ،خاصة مع تكريس رغبة السلطة
ا١تركزية ُب التواجد على مستوى البلدية من خبلؿ استحداث ىيئة األمُت العاـ من خبلؿ ا١تادة 15من
القانوف 10-11اليت تنص على أف البلدية تتكوف من اجمللس الشعيب البلدي كهيئة مداولة ورئيس اجمللس
أما بالنسبة للوالية فقد عرفتها ا١تادة 01من قانوف الوالية 07-12على أهنا اٞتماعة اإلقليمية للدولة
والدائرة اإلدارية غَت ا١تمركزة للدولة ،وىي تشكل فضاءا لتنفيذ السياسات العمومية التضامنية والتشاورية
بُت اٞتماعات اإلقليمية والدولة ،وهبذا فالوالية تنظيم إداري تابع للدولة وجزء منها وفيها يتم تنفيذ
وا١تبلحظ أف قانوف الوالية ٓ 07-12ب ٗتصص فيو مواد بعينها لتكريس الدٯتقراطية ُب اٟتكم احمللي
مثل البلدية ،وإ٪تا ٘تت اإلشارة فقط إٔب بعض آليات الشفافية من خبلؿ بعض ا١تواد ،منها إلصاؽ جدوؿ
315
أعماؿ الدورة عند مدخل قاعة ا١تداوالت وُب أماكن اإللصاؽ ا١تخصصة إلعبلـ اٞتمهور والسيما
اإللكًتونية منها وُب مقر الوالية والبلديات التابعة ٢تا ،وإعطاء حق لكل شخص لو مصلحة أف يطلع ُب
عُت ا١تكاف على ٤تاضر مداوالت اجمللس الشعيب الوالئي واٟتصوؿ على نسخة كاملة أو جزئية منها ،إضافة
إٔب إمكانية دعوة كل شخص من شأنو تقدًن معلومات مفيدة ألشغاؿ اللجنة ْتكم مؤىبلتو أو خربتو من
طرؼ ٞتاف اجمللس الشعيب الوالئي 1،كما ًب تعزيز ىذه ا١تمارسات من خبلؿ التعديل الدستوري 2016
الذي نص من خبلؿ ا١تادة 17على أف اجملالس ا١تنتخبة احمللية تشكل قاعدة البلمركزية ومكاف مشاركة
إف ا٢تدؼ من إصبلح نظاـ اٞتماعات احمللية ىو زيادة فعالية ا١تنتخبُت على ا١تستوى احمللي ْتكم قرهبم
وعبلقتهم ا١تباشرة با١تواطن و٘تكينهم من تفعيل التنمية احمللية على كافة ا١تستويات ،إضافة إٔب جعل ا١تواطن
جزءا من عملية صناعة القرار على ا١تستوى احمللي ،غَت أف ٕتسيد اإلصبلحات على أرض الواقع والوصوؿ
إٔب تكريس الدٯتقراطية التشاركية ُب اٞتزائر تكتنفو صعوبات ٚتة تتلخص ُب نظاـ الوصاية ا١تطبق على
اجملالس احمللية وعدـ فعالية اجملتمع ا١تدين كأىم آلية من آليات الدٯتقراطية التشاركية ،ضف إٔب ذلك عدـ
فتح اجملاؿ أماـ ا١توطنُت لبلطبلع على ا١تداوالت والقرارات وىو ما ٭تتاج إٔب إعادة النظر ُب ٣تاؿ اٟتريات
يعد موضوع اإلدارة اإللكًتونية من ا١تواضيع ا١تعاصرة اليت تكتسي أ٫تية بالغة ُب الدراسات والبحوث،
وىي ظاىرة ارتبط ظهورىا وتطورىا بالتطور التكنولوجي العإب الذي عرفو العآب واالعتماد ا١تتنامي على
316
وتكتسي اإلدارة اإللكًتونية أ٫تية بالنظر إٔب دورىا ُب زيادة كفاءة وفاعلية اإلدارة با١تفهوـ التقليدي
والعمل على ترشيدىا ْتيث يزيد تفاعلها مع مستخدميها ،وُب ىذا اإلطار فإف اٞتزائر وتأثرا منها ٔتتغَتات
البيئة احمليطة هبا واليت فرضتها عليها مسارات العو١تة على كل ا١تستويات وجدت نفسها ٣تربة على مسايرة
ىذا التطور ،والتحوؿ من اإلدارة با١تفهوـ البَتوقراطي التقليدي إٔب اإلدارة با١تفهوـ اإللكًتوين الذي يرفع
من أداء األجهزة اإلد ارية و٭تقق التفاعل اإل٬تايب بينها وبُت ا١تواطنُت ،األمر الذي يوسع من آليات مشاركة
تشَت اإلدارة اإللكًتونية بصفة عامة إٔب استغبلؿ اإلدارة لتكنولوجيا ا١تعلومات واالتصاالت لتدبَت
وٖتسُت وتطوير العمليات اإلدارية ا١تختلفة داخل ا١تنظمة ،وقد عرفها السا١تي بأهنا "عملية ميكنة ٚتيع
مهاـ وأنشطة ا١تؤسسة اإلدارية باالعتماد على ٚتيع تقنيات ا١تعلومات الضرورية للوصوؿ إٔب ٖتقيق أىداؼ
اإلدارة اٞتديدة ُب التقليل ُب استخداـ الورؽ وتبسيط اإلجراءات والقضاء على الروتُت واإل٧تاز السريع
والدقيق للمهاـ وا١تعامبلت لتكوين كل إدارة جاىزة لربطها مع اٟتكومة اإللكًتونية الحقا" 1،أي أف اإلدارة
اإللكًتونية وسيلة مهمة للتقليل من اإلجراءات اإلدارية والقضاء على البَتوقراطية ٔتفهومها اٞتامد.
وٖتتاج اإلدارة اإللكًتونية إٔب هتيئة البيئة ا١تناسبة وا١تواتية لتنفيذىا ،وذلك من خبلؿ توفَت ا١تتطلبات
2
التالية:
1
فداء حامد ،اإلدارة اإللكترونية ،األسس النظرية والتطبيقية .األردف :دار مكتبة الكندي للنشر والتوزيع ،2015 ،ص ص
.203،204
2المرجع نفسو ،ص ص .227-224
317
-البنية التحتية :فاإلدارة اإللكًتونية تتطلب وجود مستوى عاؿ من البنية التحتية اليت تتضمن شبكة
حديثة لبلتصاالت والبيانات وبنية ٖتتية متطورة لبلتصاالت السلكية والبلسلكية قادرة على تأمُت التواصل
ونقل ا١تعلومات.
-توفر مزودي ا٠تدمة باألنًتنت مع توافر أسعار معقولة من أجل فتح اجملاؿ ألكرب عدد من ا١تواطنُت
للتفاعل.
-التدريب وبناء القدرات من خبلؿ تدريب ا١توظفُت على طرؽ استعماؿ أجهزة الكمبيوتر وإدارة
-توافر مستوى مناسب من التمويل الذي ٯتكن اٟتكومة من إجراء صيانة دورية وتدريب الكوادر
-وجود ا لتشريعات والنصوص القانونية اليت تسهل عمل اإلدارة اإللكًتونية وتضفي عليها الشرعية
وا١تصداقية.
-توفَت األمن اإللكًتوين والسرية اإللكًتونية على مستوى عاؿ من ٛتاية ا١تعلومات الوطنية والشخصية
-وضع خطة تسويقية ودعائية شاملة للًتويج الستخداـ اإلدارة اإللكًتونية وضرورة مشاركة ا١تواطنُت فيها
والتفاعل معها.
وتبقى اإلرادة ال سياسية لتجسيد كل ا١تشاريع ا١تتعلقة باإلدارة اإللكًتونية وتوفَت البيئة ا١تناسبة ٢تا قانونيا
وماديا من أىم ا١تتطلبات ،وُب ىذا اإلطار فإف اٞتزائر بذلت عدة جهود لبللتحاؽ بالعآب الرقمي وتكريس
318
.1إطبلؽ اٟتكومة اٞتزائرية سنة ١ 2008تشروع " مبادرة اٞتزائر اإللكًتونية ،"2013حيث استحدثت
ٞتنة ٝتيت اللجنة اإللكًتونية ٖتت وصاية اٟتكومة كلفت بصياغة احملاور الكربى للمشروع ،و٘تثلت احملاور
الكربى ُب عدة برامج منها برنامج التطوير اإلداري والتنفيذي والذي مشل تطوير أساليب العمل من
1
خبلؿ:
-تطوير آليات وحوافز استفادة ا١تواطنُت من ٕتهيزات وشبكات تكنولوجيات اإلعبلـ واالتصاؿ.
-االعبلـ واالتصاؿ.
-إجراءات تنظيمية.
-الوسائل ا١تادية.
1
عبد اٟتكيم حطاطش ،دور تطبيق اٟتكومة اإللكًتونية ُب اٞتزائر ُب ٖتسُت إدارة العبلقة مع ا١تواطن ،CRMأطروحة دكتوراه .جامعة
سطيف :كلية العلوـ االقتصادية والتجارية وعلوـ التسيَت .2018-2017 ،ص ص .2216228 .أو :اٟتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية
الشعبية ،اللجنة
319
ٖ.2تديد ٤تاور عصرنة اإلدارة العمومية من طرؼ اللجنة اإللكًتونية ،واليت تضم:
-عصرنة اإلدارة من خبلؿ إدخاؿ تكنولوجيا اإلعبلـ واالتصاؿ ،وتضم استكماؿ وإعداد قواعد البيانات
-تقريب اإلدارة من ا١تواطن عن طريق ا٠تدمات اإللكًتونية وتتمثل ُب إقامة شبكة بُت اإلدارات واٟتكومة
تعتمد بنية ٖتتية لبلتصاالت ذات تدفق سريع ،من خبلؿ إقامة ٥تطط توجيهي لئلدارة اإللكًتونية ووضع
1
معايَت مرجعية لنظم ا١تعلومات ُب اإلدارات العمومية بإقامة بوابة اٟتكومة اإللكًتونية.
.3تسريع استخداـ تكنولوجيات اإلعبلـ واالتصاؿ ُب اإلدارة العمومية السيما االنًتنت واليت تسمح
.4التعاوف الدوٕب كربنامج MEDEAما يسهم ُب ا١تشاركة الفعالة ُب اٟتوار وا١تبادالت الدولية وإقامة
شراكات اسًتاتيجية ،حيث يعتمد على ا١تؤشرات للوصوؿ إٔب اٞتزائر اإللكًتونية فيما بعد ،2013
.5إ٧تاح مشروع ا١تواطن اإللكًتوين بإطبلؽ وزارة الداخلية ١تشروع ا١تواطن االلكًتوين الذي ٮتتصر أرشيف
كل مواطن ُب رقم واحد يتبعو مدى اٟتياة ٯتكنو من خبللو استخراج ٚتيع الوثائق اإلدارية وفق نظاـ
إلكًتوين يعمل على إصدار ٥تتلف الوثائق ُب مدة ال تتجاوز 20ثانية ،كما عملت اٟتكومة اٞتزائرية على
تطبيق تكنولوجيا ا١تعلومات واالتصاؿ ُب مؤسساهتا لتحديث ا١تمارسة اإلدارية وربط ا٢تياكل اإلدارية بكل
القطاعات ا١تعنية ضمن نظاـ شبكي من خبلؿ رفع كفاية العاملُت باإلدارة العمومية انطبلقا من قطاعات
2
اٟتكومة منها التعليم العإب ،الًتبية ،الصحة العمومية ،العدالة ،ا١تصارؼ وا١تالية.
321
.6تقدًن خدمات إلكًتونية ُب عدة ٣تاالت أ٫تها قطاع الربيد وا١توصبلت من خبلؿ السحب اآلٕب
لؤلمواؿ والبطاقة الذىبية للدفع اإللكًتوين ،إضافة إٔب خدمات إلكًتونية ُب قطاع التعليم وكذا قطاع
-عجز قطاع الربيد واالتصاؿ ُب تلبية طلبات الزبائن على إيصاؿ ا٢تاتف كقناة مهمة من قنوات االتصاؿ
باألنًتنت.
٤ -تدودية انتشار واستخداـ األنًتنت ُب اٞتزائر ،حيث أف نسبة مستخدمي ىذه التقنية ال تزاؿ ٤تدودة
وضعيفة.
وبالنظر إٔب ىذه العراقيل فإف تطبيق اإلدارة اإللكًتونية ُب اٞتزائر ال يزاؿ ٭تتاج إٔب مضاعفة اٞتهود ُب
ظل التأخَت الذي تشهده اٞتزائر ُب ىذا ا١تيداف ،حيث أفادت التقارير الصادرة عن ا١تنتدى االقتصادي
العا١تي حوؿ استخداـ تكنولوجيات اإلعبلـ أف اٟتكومة اٞتزائرية تعرؼ تراجعا ُب مؤشرات اٞتاىزية
التكنولوجية ،فحسب معطيات اٞتدوؿ أدناه ا٠تاص بًتتيب اٞتزائر حسب مؤشرات اٞتاىزية فإف اٞتزائر
1عبد القادر عبافٖ ،تديات اإلدارة اإللكًتونية ُب اٞتزائر ،دراسة سوسيولوجية ببلدية الكاليتوس بالعاصمة ،أطروحة دكتوراه .جامعة ٤تمد
خيضر ببسكرة ،كلية العلوـ اإلنسانية واالجتماعية ،قسم العلوـ االجتماعية ،201562016 ،ص ص .204 ،203
321
عرفت تراجعا بُت عاـ 2012وعاـ 2016من حيث االستفادة من التطور التكنولوجي واستخداـ
التكنولوجيا.
1
الجدول رقم :22ترتيب الحكومة حسب محاور ومؤشرات جاىزية التكنولوجيا
حسب حسب الًتتيب حسب الًتتيب حسب الًتتيب الًتتيب مؤشرات اٞتاىزية
أحدث من
التطورات
التكنولوجية
التكنولوجي
اٟتكومة
322
ولقد انعكس التأخر ُب ا١تؤشر العاـ للجاىزية على مستوى االقتصاد عموما بالسلب ،ومن ٍب على
مؤشر االستخداـ التكنولوجي وعلى جاىزية ا١تؤسسات واألفراد واستخداـ اٟتكومة ٦تا يدؿ على أف
1
اٟتكومات بعيدة كل البعد عن استخداـ التكنولوجيا اٟتديثة لئلعبلـ واالتصاؿ.
وكشف تقرير الشؤوف االقتصادية واالجتماعية ٔتنظمة األمم ا١تتحدة ُب مؤشر اٟتكومة االلكًتونية لعاـ
2014أف اٞتزائر ىي األسوأ عربيا وُب مشاؿ إفريقيا ُب ٣تاؿ تطبيق اٟتكومة اإللكًتونية ،حيث احتلت
اٞتزائر وفق التصنيف األ٦تي ا١ترتبة 136على مستوى العاـ 2014من ضمن 191دولة مقارنة بتونس
2
ُب الرتبة 75وا١تغرب 82ومصر .80
ُب ظل الثورة الرقمية واالنتشار الواسع لتكنولوجيا ا١تعلومات واالتصاالت فإف معظم دوؿ العآب وجدت
نفسها ٘تشي ُب مسار تغيَت إدارة شؤوف األفراد وتلبية حاجياهتم من األسلوب التقليدي إٔب األسلوب
الرقمي الذي ٭تقق سرعة أكرب ُب تأدية ا٠تدمات وفعالية ُب تطوير ا١تهاـ واألنشطة ا١تقدمة من طرؼ
اٟتكومات ،كما أف الدوؿ ا١تتقدمة استطاعت أف ٕتعل من اإلدارة االلكًتونية أداة للتحوؿ من الدٯتقراطية
التقليدية إٔب الدٯتقراطية االفًتاضية ورقمنة اٟتياة السياسية ومنها ا١تمارسات الدٯتقراطية من مشاركة سياسية
وتعبَت عن الرأي.
إف الدٯتقراطية اإللكًتونية أو الدٯتقراطية الرقمية ودٯتقراطية الفضاء التخيلي تعٍت استخداـ وسائل
تكنولوجيا ا١تعلومات واالتصاؿ ٞتعل ا١تواطن قادرا على ٤تاسبة السياسيُت على أفعا٢تم وتسهيل االتصاؿ
323
بينهم وبُت ا١تواطنُت ،كما تشَت إٔب استخداـ األنًتنت كوسيط الختيار ا١تنتخبُت ورسم السياسات بطريقة
دٯتقراطية 1،ومن ا٠تدمات ا١تقدمة ُب ىذا اجملاؿ منتديات النقاش االلكًتونية إلبداء الرأي ُب السياسات
اٟتكومية واٟتمبلت السياسية االلكًتونية واستطبلع الرأي االلكًتوين لنشر وتوثيق ٤تاضر اٞتلسات
2
اٟتكومية إلكًتونيا وكذا جلسات الرب١تاف.
وباالنتقاؿ إٔب اٞتزائر ،فإف التحديات اليت تواجهها اإلدارة اإللكًتونية ٕتعل من الدٯتقراطية اإللكًتونية
بعيدة ا١تناؿ ُب ظل وجود جهاز بَتوقراطي منغلق على نفسو ومقاوـ لعميلة التغيَت ،إضافة إٔب ٗتبط النظاـ
غَت أف ىذا ال ينكر استخداـ بعض أدوات الدٯتقراطية اإللكًتونية ُب اٞتزائر من قبل اٟتكومة وكذا
ا١تواطنُت ،أ٫تها:
. 2ا١تنتديات وىي من األدوات الشائعة االستخداـ اليت تسمح ّتذب اىتماـ ا١تواطنُت وتناقل ا١تعلومات
.3استطبلعات الرأي.
-امتداد اٟتركة االحتجاجية الشعبية ُب مدينة وىراف ُب 05جانفي 2011إٔب بقية ا١تدف األخرى.
-استغبلؿ ش باب اٞتنوب الفضاء االفًتاضي ُب التحريض على التظاىر واالحتجاج عاـ 2013للتعبَت
1وداد قوقة" ،دور اٞتكومات اإللكًتونية ُب تفعيل الدٯتقراطية اإللكًتونية" ،مجلة العلوم اإلنسانية ،ع ،46 .ديسمرب .2016ص.
.105
2مصطفى يوسف كاُب ،مرجع سابق ،ص.280
324
-تعبئة الرأي العاـ عرب الفضاء االفًتاضي للتظاىر ضد اٟتفر الستخراج الغاز الصخري.
إف ىذه األدوات قد مكنت ا١تواطنُت من معاٞتة قضايا حساسة وتوسيع دائرة اٟتوار وإبداء الرأي ُب
السياسات اٟتكومية ،غَت أف بروز ظواىر تؤثر على استقرار وأمن الدولة مثل الصراعات العرقية واٞتهوية
والدعوة إٔب التطرؼ الديٍت والغش والتزوير وتبييض األمواؿ دفع اٟتكومة سنة 2015إٔب اٗتاذ قرار يقضي
بإنشاء ىيئة وطنية للوقاية من اٞترائم ا١تتصلة بتكنولوجيا اإلعبلـ واالتصاؿ خاصة تلك اليت ٘تس بأنظمة
إف اٟتديث عموما عن الدٯتقراطية اإللكًتونية ٬تب أف يتم من خبلؿ قياس تطبيقها على مستوى عدة
1
عناصر ،واليت تضم:
.2ا١تشاركة اإللكًتونية :وىي ٤تور الدٯتقراطية اإللكًتونية٘ ،تكن من تدعيم اٟتكومات ودفع التنمية
اجملتمعية .تكوف من خبلؿ الربيد اإللكًتوين واستطبلعات الرأي وا١تنتديات ،وا١تواقع اإللكًتونية اٟتكومية
. 2االنتخابات اإللكًتونية :حيث تتم إدارة اٟتمبلت االنتخابية اعتمادا على أدوات الويب وتكنولوجيا
ا١تعلومات ،واالعتماد على البديل ( ا١تؤ٘ترات ،ا١تنتديات اإللكًتونية ،شبكات التواصل االجتماعي).
وتعرؼ االنتخابات اإللكًتونية على أهنا استخداـ أدوات تكنولوجيا ا١تعلومات واالتصاالت ُب عملية إدارة
األنشطة ا١تتعلقة بوصوؿ ا١ترشح ألىدافو ،وتفعيل قنوات االتصاؿ بينو وبُت الناخبُت.
.3التصويت اإللكًتوين :ويعٍت استخداـ الوسائل اإللكًتونية ُب إدارة التصويت ،وىو عكس استخداـ
النظاـ الورقي .وتشمل عملية التصويت اإللكًتوين تسجيل الناخبُت لدى دائرة التسجيل ،إصدار وثائق
325
تشمل الناخبُت وا١ترشحُت ا١تؤىلُت ،التصويت باستخداـ أدوات إلكًتونية يتم من خبل٢تا التأكد من ىوية
ا١تنتخب ،وأخَتا تتم عملية اٟتصر اإللكًتوين حيث يتم ُب ىذه ا١ترحلة عد الناخبُت والنتائج بصورة آلية.
وبقياس واقع ىذه العناصر على مستوى ا١تمارسة فإف ا١تشاركة اإللكًتونية ىي العنصر الوحيد الذي
يعرؼ تكريسا ُب بعض اجملاالت ،أما االنتخاب والتصويت اإللكًتوين فلم تبلغ اٞتزائر بعد مرحلة
تطبيقهما ،بالرغم من أهنمها يطرحاف كأىم آليات القضاء على التزوير ُب االنتخابات واسًتجاع الثقة بُت
إف الدٯتقراطية اإللكًتونية تعد من آخر األشكاؿ اليت وصلت إليها الدوؿ الغربية الرائدة ُب تطبيق
النموذج الدٯتقراطي ُب اٟتكم٢ ،تذا فإف ٧تاح الدٯتقراطية اإللكًتونية يستلزـ بالضرورة النجاح ُب تطبيق
الدٯتقراطية بفهومها التقليدي لكوهنا توفر البيئة ا١تبلئمة للدٯتقراطية االفًتاضية ،ىذه البيئة اليت تتطلب
مستويات عالية من الوعي اٟتضاري با١تمارسة الدٯتقراطية إضافة إٔب احًتاـ اٟتريات واٟتقوؽ العامة
لئلنساف وتوفر مناخ اقتصادي مبلئم وتنمية تسمح بتوفَت البيئة التنظيمية والتقنية واإلدارية ا١تناسبة لرقمنة
اٟتياة السياسية.
ا ستخدـ مفهوـ اٟتكم الراشد منذ عقدين من الزمن من قبل مؤسسات األمم ا١تتحدة إلعطاء حكم
قيمي على ٦تارسة السلطة السياسية إلدارة شؤوف اجملتمع بإتاه تطوري تقدمي ،وىو يتضمن ثبلثة أبعاد
مًتابطة ىي البعد السياسي ا١تتعلق بطبيعة السلطة السياسية وشرعية ٘تثيلها والبعد التقٍت ا١تتعلق بعمل
اإلدارة العامة وفاعليتها والبعد االقتصادي االجتماعي ا١تتعلق ببنية اجملتمع ا١تدين ومدى حيوتو واستقبللو
عن الدولة ،وكذا طبيعة السياسات العامة ُب اجملالُت االقتصادي االجتماعي وتأثَتىا ُب ا١تواطنُت وعبلقتها
326
مع االقتصادات ا٠تارجية وباجملتمعات األخرى 1،وعليو فإف اٟتكم الراشد يعتمد على تكامل الدولة
ويقاس اٟتكم الراشد ٔتجموعة من ا١تؤشرات أو ا١تعايَت اليت ٬تب توافرىا وحددىا برنامج األمم ا١تتحدة
اإل٪تائي ُب تسعة معايَت تضم ا١تشاركة ،حكم القانوف ،الشفافية ،حسن االستجابة ،التوافق ،ا١تساواة،
الفعالية ،احملاسبة والرؤية االسًتاتيجية ،أما معهد البنك الدوٕب التابع للبنك الدوٕب بإشراؼ "دانياؿ
كوفماف" Daniel) (Kaufmanوآخرين فربط اٟتكم الراشد بستة معايَت ىي :الصوت وا١تساءلة،
االستقرار السياسي وغياب العنف ،فعالية اٟتكومة ،نوعية التنظيم ،سيادة القانوف ومكافحة الفساد.
وعليو فإف ٖتقيق اٟتكم الراشد ُب إدارة شؤوف اجملتمع يستلزـ سيادة القانوف ٔتا يضمن ا١تساءلة وٖتقيق
الشفافية واحملاسبة ٔتا يضمن ٤تاربة الفساد وٖتقيق دولة القانوف اليت تشكل أىم مفاتيح النظاـ الدٯتقراطي
واٞتزائر من ضمن الدوؿ اليت حاولت تفعيل آليات اٟتكم الراشد من خبلؿ سعيها إٔب ٖتقيق فعالية ُب
معادلة الدولة والقطاع ا٠تاص واجملتمع ا١تدين ،واعتمدت ُب ذلك على ٕتسيد دولة اٟتق والقانوف من
يعترب الفساد بكل أشكالو من أىم معيقات التنمية االقتصادية ويشكل خطرا كبَتا على االستقرار
السياسي واالجتماعي ،وىذا ما ٬تعل الدوؿ تكثف اٞتهود جملاهبتو خاصة ُب سعيها ٨تو بناء أنظمة
سياسية دٯتقراطية وفاعلة على كل ا١تستويات ،وتطرح ظاىرة الفساد ُب اٞتزائر ْتدة بالنظر إٔب ضخامة
انتشاره ُب شىت اجملاالت٦ ،تا جعل منو أكثر ا١تواضيع ا١تتناولة على الساحة السياسية واالقتصادية و٤تل
1حسن كرًن" ،مفهوـ اٟتكم الصاّب" ،المستقبل العربي ،ع ،309نوفمرب ،2004ص .41
327
اىتماـ ا١تسؤولُت و٤تور خطاباهتم وبرا٣تهم٢ ،تذا سعى النظاـ السياسي اٞتزائري إٔب الًتكيز على ٤تاربة ىذه
الظاىرة خاصة على ا١تستوى اإلداري ١تا ٢تا من تأثَتات سلبية على أجهزة الدولة وبالتإب على ٥ترجاهتا
إتاه اجملتمع.
إف ا١تكونات التشريعية واآلليات القانونية اليت سنتها اٞتزائر حملاربة الفساد متعددة وطا١تا كانت من بُت
الدوؿ السباقة إٔب التصديق على االتفاقيات وا١تعاىدات الدولية ُب ىذا اجملاؿ ،منها اتفاقية األمم ا١تتحدة
١تكافحة الفساد ا١تعتمدة ُب أكتوبر 2003واتفاقية االٖتاد اإلفريقي ١تنع الفساد ا١تعتمدة ُب 11يوليو
أما من الناحية الدستورية فقد أكد كل من دستور 1996ودستور 2016على ٤تاربة الفساد بكل
أشكالو ،حيث ٮتتار الشعب لنفسو مؤسسات غايتها ٛتاية االقتصاد الوطٍت من كل أشكاؿ التبلعب أو
االختبلس أو الرشوة أو التجارة غَت ا١تشروعة أو التعسف أو االستحواذ أو ا١تصادرة غَت ا١تشروعة 1،كما
نصا على أف الوظائف والعهدات ُب مؤسسات الدولة ال ٯتكن أف تكوف مصدر ثراء وال وسيلة ٠تدمة
ا١تصاّب ا٠تاصة 2،وأضاؼ التعديل الدستوري 2016وجوب التصريح با١تمتلكات للموظفُت السامُت ُب
الدولة وا١تنتخبُت احملليُت والوطنيُت ُب بداية العهدة أو الوظيفة وُب هنايتهما ،أما من ناحية القوانُت فيعترب
القانوف 01-06من أىم القوانُت ا١تتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،والذي تضمن التدابَت الوقائية
التالية:
3
أ .التدابير الوقائية في القطاع العام:
1
دستور ،2016ا١تادة .09دستور ،1996ا١تادة .09
2دستور ،2016ا١تادة .23دستور ،1996ا١تادة .21
3اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 22-26يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،14الصادرة
بتاريخ 08مارس ،2006ا١تواد من 03إٔب .12
328
-التوظيف :حيث ٬تب أف تراعى فيو معايَت النجاعة والشفافية واإلجراءات ا١تبلئمة ُب االختيار من
-التصريح با١تمتلكات :حيث يلزـ ا١توظفوف بالتصريح ٔتمتلكاهتم ،وحددت ا١تادة 06الفئة ا١تعنية
-مدونات قواعد سلوؾ ا١توظفُت العموميُت :من خبلؿ وضع قواعد ومدونات سلوكية ٖتدد اإلطار الذي
-إبراـ الصفقات العمومية :حيث ٬تب أف تراعى فيها قواعد الشفافية والنزاىة وا١تنافسة الشريفة.
-الشفافية ُب التعامل مع اٞتمهور :من خبلؿ إضفاء الشفافية على تسيَت الشؤوف العمومية مع التزاـ
ا١تؤسسات واإلدارات العمومية بتبسيط اإلجراءات اإلدارية والرد على شكاوى ا١تواطنُت.
1
ب .التدابير الوقائية في القطاع الخاص:
حيث تتخذ ٚتيع إجراءات منع ضلوع القطاع ا٠تاص ُب الفساد وذلك من خبلؿ تعزيز التعاوف بُت
األجهزة اليت تقوـ بالكشف وكيانات القطاع ا٠تاص ،وتعزيز الشفافية والتدقيق الداخلي ٟتسابات
ا١تؤسسات ا٠تاصة.
2
ج .مشاركة المجتمع المدني:
ويتم من خبلؿ اعتماد الشفافية وتعزيز مشاركة ا١تواطنُت ُب تسيَت الشؤوف العمومية وإعداد برامج
ٖتسيسية ٔتخاطر الفساد ،إضافة إٔب ٘تكُت وسائل اإلعبلـ واٞتمهور من اٟتصوؿ على ا١تعلومات ا١تتعلقة
بالفساد.
329
أ.الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحتو :أنشئت ٔتوجب ا١تادة 17قصد تنفيذ االسًتاتيجية
الوطنية ُب ٣تاؿ مكافحة الفساد ،وىي ىيئة إدارية مستقلة توضع لدى رئيس اٞتمهورية ،وتكلف باقًتاح
سياسة شاملة للوقاية من الفساد وكذا تقدًن توجيهات واقًتاح تدابَت ذات طابع تشريعي وتنظيمي للوقاية
من الفساد إضافة إٔب تلقي التصر٭تات ا٠تاصة با١تمتلكات والسهر على تعزيز التنسيق بُت القطاعات ،كما
ٯتكن للهيئة ا١تطالبة بوثائق أو معلومات تكشف عن الفساد من اإلدارات وا١تؤسسات العمومية وا٠تاصة
1
واألشخاص الطبيعيُت وا١تعنويُت .وترفع ىذه ا٢تيئة تقريرىا السنوي إٔب رئيس اٞتمهورية سنويا.
ب .الديوان المركزي لقمع الفساد :مهمة ىذا الديواف البحث والتحري عن جرائم الفساد ،وٮتضع
2
للسلطة ا١تباشرة لوزير العدؿ.
ج .مجلس المحاسبة :ىو مؤسسة للرقابة البعدية ألمواؿ الدولة واٞتماعات احمللية وا١ترافق العمومية،
ىدفو الشفافية ُب تسيَت ا١تاؿ العاـ والتدقيق ُب شروط استعماؿ ا٢تيئات للموارد والوسائل ا١تادية واألمواؿ
العامة ،والتأكد من مطابقة عمليات ىذه ا٢تيئات للقوانُت والتنظيمات ،ومن صبلحيات ىذا اجمللس رقابة
حسن استع ماؿ ا٢تيئات ا٠تاضعة لرقابتو للموارد واألمواؿ والقيم والوسائل ،رقابة مصاّب الدولة واٞتماعات
اإلقليمية وا١تؤسسات وا١ترافق العمومية وا١ترافق ذات الطابع الصناعي والتجاري ،إضافة إٔب الرقابة على
ا٢تيئات اليت تقوـ على التأمُت واٟتماية االجتماعية وعلى نتائج استعماؿ ا١تساعدات ا١تالية ا١تمنوحة من
الدولة واٞتماعات اإلقليمية أو ا١ترافق العمومية ،كما تتم استشارتو ُب ا١تشاريع التمهيدية لضبط ا١تيزانية
331
والنصوص القانونية ا١تتعلقة با١تالية العمومية ،كما ٯتكن أف تعرض عليو ا١تشاريع وا١تلفات من طرؽ اٟتكومة
1
والرب١تاف.
د .البرلمان :والذي ٯتتلك عدة آليات ٘تكنو من ٤تاسبة الوزراء والتحقيق ُب قضايا الفساد ،ومن ضمنها
أ .خلية معالجة االستعالم المالي اليت أنشئت كوحدة لبلستخبارات ا١تالية ُب 2002وبدأت العمل ُب
،2004وىي سلطة إدارية تابعة لوزارة ا١تالية متخصصة ُب مكافحة ٘تويل اإلرىاب وغسيل األمواؿ ،ومن
ب .المديرية العامة لألمن الوطني ،ودورىا مكافحة اٞترائم االقتصادية وا١تالية ،وىي جهاز مركزي
متخصص ومكلف بتتبع وتوجيو وتنسيق أنشطة شرطة ا١تباحث اٞتنائية العامة السيما ُب قضايا الفساد.
ج .المصلحة المركزية للشرطة القضائية للمصاّب العسكرية لؤلمن التابعة لوزارة الدفاع الوطٍت.
وُب األخَت ٯتكن القوؿ إف الدولة ُب اٞتزائر قد بذلت ٣تهودات معتربة ُب ٣تاؿ مكافحة الفساد سواء
من الناحية التشريعية أو من ناحية األجهزة وا١تؤسسات ا١تكلفة ٔتجاهبة الفساد ،غَت أف ىذه اجملهودات غَت
كافية والدليل تواصل انتشار الفساد بصفة رىيبة ُب اٞتزائر ،وعجز ىذه ا١تؤسسات والتشريعات يرتبط بعدة
أسباب أ٫تها:
331
-ضعف ا١تؤسسات ا١تسؤولة عن ٤تاربة الغش حيث أف سلطاهتا استشارية توجيهية وليست ردعية.
٤ -تورية السلطة التنفيذية واليت تتحكم ُب مؤسسات مكافحة الغش ،حيث أف غالبيتها ٖتت سلطة رئيس
اٞتمهورية.
-ضعف السلطة التشريعية ٦تا أضعف سلطة ا١تنتخبُت ،حيث أف اآلليات اليت ٯتتلكها الرب١تاف إتاه الوزراء
يقوؿ مونتسكيو " :أعطيٍت قوانُت قليلة لكنها حاكمة" ،ومن ىذا ا١تنطلق فإف تكريس فعالية القضاء
يعد من بُت أىم دعائم النظاـ الدٯتقراطي اليت ٖتقق مبدأ الشرعية للممارسة السياسية ،وتضمن احًتاـ
اٟتقوؽ واٟتريات العامة٢ ،تذا فالعبلقة بُت القضاء وا١تمارسة الدٯتقراطية عبلقة قوية ومتبادلة ْتيث تعزز
الدٯتقراطية من استقبللية القضاء من منطلق قيامها على مبدأ الفصل بُت السلطات ،ويعزز استقبلؿ
القضاء من ا١تمارسة الدٯتقراطية من حيث ترسيخو للعدالة وا١تساواة واليت تعد من الضمانات األساسية
ويكتسي استقبلؿ القضاء أ٫تية من حيث أف ٛتاية حقوؽ اإلنساف تعتمد ُب جزء منها على وجود
سلطة قضائية قوية وعادلة ومستقلة وقادرة على وضع البلعبُت السياسيُت واالجتماعيُت موضع احملاسبة،
كما أف القضاة يشكلوف جزءا من جهاز الدولة ومن آلية تضع الفاعلُت ُب الدولة موضع ا١تسؤولية
واحملاسبة ٦تا يتطلب منهم التمسك باالنضباط العاـ وتصحيح تصرفات السلطات العامة.
332
ضف إٔب ذلك فإف استقبلؿ القضاء يؤدي إٔب ٖتقيق االستقرار السياسي والعدالة ،ويعد عنصرا حاٝتا
ُب تنمية اقتصاديات قوية وسليمة ،فاالقتصاديات واجملتمعات اليت تزيد تعقيدا ٯتكن الستقبلؿ القضاء فيها
1
أف يساعد على ضماف سيادة القوانُت الضرورية لتفادي عدـ الفاعلية ُب األداء والظلم واٟتكم التعسفي.
ونظرا أل٫تية مبدأ استقبللية القضاء فقد أكدت عليو العديد من ا١تواثيق الدولية ،حيث اعًتفت اٞتمعية
العامة لؤلمم ا١تتحدة بأ٫تيتو كعنصر أساسي من عناصر الدٯتقراطية واعتربتو الضامن األساسي واألوؿ
ٟتقوؽ اإلنساف السيما منها اٟتقوؽ السياسية ،كما أنو الضامن لسيادة القانوف من خبلؿ التأكد من
٘تاشي ٦تارسة الفروع التنفيذية واإلدارية ُب اٟتكومة مع القوانُت الصادرة ومع حقوؽ اإلنساف ومع
2
الدستور.
ويعرب استقبل ؿ القضاء عن عدـ التدخل ُب مهاـ السلطة القضائية خاصة من طرؼ السلطة التنفيذية
مع عدـ وجود أي تأثَت على وظائفها وقضاهتا خاصة منو التأثَت السياسي ،وُب ىذا السياؽ اعترب العهد
الدوٕب ا٠تاص باٟتقوؽ ا١تدنية والسياسية ُب ا١تادة 14استقبلؿ القضاء على أنو تعبَت عن سواسية اٞتميع
أماـ القضاء وحق كل فرد أف تكوف قضيتو ٤تل نظر منصف وعلٍت من قبل ٤تكمة ٥تتصة ومستقلة
و٤تايدة ،وفسرت ٞتنة األمم ا١تتحدة ىذه ا١تادة ما أدى إٔب ٖتديد التعريف العملي الستقبلؿ القضاء
كالتإب:
1سفياف عبدٕب ،ضمانات استقاللية السلطة القضائية بين الجزائر وفرنسا .اٞتزائر :نور للنشر ،2011 ،ص ص .45-43
2ريشارد شاسي ،سوجيت شودري ،ا١تعايَت الدولية بشأف استقبلؿ القضاء ،مركز العمليات االنتقالية ُب كلية اٟتقوؽ ُب جامعة نيويورؾ،
www.democracyreporting.org مذكرة إعالميةعدد،42سبتمرب،2013صُ،02ب
333
-استقبللية احملاكم سياسيا ْتيث ال تدين بوالئها أو أف تتعرض للتبلعب أو للتأثَت من جانب الفروع
-تنفيذ احملاكم ١تهامها دوف خوؼ مواجهة العقاب مقابل أحكاـ تصدرىا ُب حق األطراؼ ا٠تاصة أو
1
اٟتكومية.
وألف اٞتزائر تعيش مرحلة بناء نظاـ دٯتقراطي فقد عمدت إٔب إجراء عدة إصبلحات ُب قطاع العدالة
كخطوة لتعزيز ا١تمارسة الدٯتقراطية وذلك ٖتت ضغط برنامج األمم ا١تتحدة إلصبلح العدالة الوطنية والذي
ٔتوجبو سارعت إٔب اإلفراج عن مشروع إصبلح العدالة والقضاء عاـ ،1999حيث إف الشروع ُب مسار
إصبلح العدالة يعود تارٮتو إٔب شهر أكتوبر 1999أين قاـ رئيس اٞتمهورية بتنصيب اللجنة الوطنية
إلصبلح العدالة اليت ٘تثلت مهامها ُب إعداد تشخيص دقيق للوضعية واقًتاح تدابَت إلرساء قواعد نظاـ
ف بعد تقدًن التوصيات ونتائج اللجنة ًب إعداد مشروع ُب برنامج اٟتكومة إلصبلح العدالة ،وًب اعتماد
طريقة تدر٬تية ُب اٗتاذ ٚتلة من التدابَت االستعجالية وبر٣تة مشاريع على ا١تديُت ا١تتوسط والطويل ،ومن
أىم اإلجراءات تكي يف التشريع الوطٍت مع ا١تضامُت العا١تية وتبٍت ا١تعايَت الدولية ُب ٣تاؿ حقوؽ اإلنساف
وُب ٣تاؿ ترقية القوانُت األساسية ١تستخدمي القطاع ًب إصدار قانونُت عضويُت بالنسبة للقضاة و٫تا
القانوف رقم 11-04ا١تتضمن القانوف األساسي للقضاء الذي يهدؼ إٔب تعزيز استقبللية القاضي وٛتايتو
من ٚتيع الضغوطات ،والقانوف 12-04ا١تتعلق بتشكيل اجمللس األعلى للقضاء الذي يعزز استقبللية
2
اجمللس من خبلؿ استبعاد تشكيل اإلدارة فيو.
334
كما أف كل من دستوري 1996و 2016نصا على مبدأ استقبلؿ القضاء ْتيث ًب اعتبار السلطة
القضائية مستقلة و٘تارس ُب إطار القانوف ورئيس اٞتمهورية ىو الضامن الستقبلليتها 1،مع عدـ خضوع
القاضي إال للقانوف وٛتايتو من كل أشكاؿ الضغوط والتدخبلت وا١تناورات اليت قد تضر بأداء مهامو أو
2
٘تس بنزاىة حكمو ،وحظر أي تدخل ُب سَت العدالة.
غَت أف ٤تورية السلطة التنفيذية ُب اٞتزائر أثر كثَتا على تطبيق مبدأ استقبللية القضاء رغم اإلجراءات
ا١تتخذة تشريعيا ومؤسساتيا ،فلرئيس اٞتمهورية حق تعيُت الرئيس األوؿ للمحكمة العليا ورئيس ٣تلس
الدولة وكذا القضاة ،إضافة إٔب امتبلكو حق إصدار العفو وٗتفيض العقوبات أو استبدا٢تا 3،مقابل امتبلؾ
4
اجمللس األعلى للقضاء رأيا استشاريا قبليا ُب ٦تارسة رئيس اٞتمهورية حق العفو.
وعليو فإف استقبللية القضاء ُب اٞتزائر من أىم اآلليات اليت ٬تب اٟترص على تكريسها خاصة ُب ظل
سعي اٞتزائر ٨تو ٕتسيد ا١تمارسة الدٯتقراطية ُب اٟتكم ،فنزاىة االنتخابات وتفعيل دور األحزاب السياسية
و٦تارسة ٚتيع اٟتريات الفردية واٞتماعية تستلزـ سلطة قضائية فاعلة ومستقلة ُب أدائها ،مع امتبلكها ٞتميع
وعلى رأي ا٠تبَت "عبد الرٛتن مبتوؿ" فإف الشيء األىم ىو االستقبلؿ العضوي والوظيفي للسلطة
القضائية ،غَت أف ذلك ال يبدو أنو ٖتسن ،فحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية ُب عاـ 2007أكد
على أف القضاة ا١تصنفوف ُب اٞتزائر ُب خانة مستقلوف أكثر ىم أكثر عرضة للنقل ُب األماكن البعيدة،
335
1
وعليو فإف إصبلح سلك القضاة وٖتقيق فعالية السلطة القضائية يتطلب:
-إعادة النظر ُب النظاـ األساسي للمجلس األعلى للقضاء ومراجعة تشكيلو بالصورة اليت ٖتميو من
-حق إعبلـ ا١تواطن وتنوير الرأي العاـ فيما اٗتذ من إجراءات ضد الفساد.
خالصة واستنتاجات:
تناولت الدراسة ُب ىذا الفصل أىم انعكاسات ا١تمارسات البَتوقراطية ُب النظاـ السياسي اٞتزائري على
العملية الدٯتقراطية ،وتوصلت إٔب أف التسيَت البَتوقراطي ا١تفرط للحياة السياسية قد انعكس سلبيا على بناء
نظاـ دٯتقراطي وذلك بسبب تكريس ىذا التسيَت ألزمة ا١تشاركة السياسية وأزمة الشرعية واللتاف تعداف من
1شهيدة قادة" ،التجربة اٞتزائرية ١تكافحة الفساد ومفارقاهتا :إطار قانوين ومؤسساٌب طموح يفتقد اآلليات إلنقاذه" ،مجلة مركز حكم
القانون ومكافحة الفساد ،عدد ،جويلية ،2019عدد ،01ص.08 .
336
فقد تكرست أزمة ا١تشاركة السياسية وبدت معا١تها من خبلؿ عزوؼ ا١تواطن اٞتزائري عن ا١تشاركة ُب
اٟتياة السياسية سواء عن طريق االنتخاب أو عن طريق التفاعل مع التنظيمات السياسية وا١تدنية بالًتشح
أو بالعضوية أو با١تتابعة ،كما تكرست أزمة الشرعية كنتيجة حتمية لغياب اٟتريات واستفحاؿ الفساد على
كل ا١تستويات ،وىو األمر الذي عمق من أزمة ا١تواطنة وجعل ا١تواطن ُب حالة مواجهة دائمة مع النظاـ
وُب ظل ىذه ا١تعطيات سعى النظاـ السياسي اٞتزائري إٔب إعادة الثقة بينو وبُت ا١تواطن من خبلؿ تبٍت
ٚتلة من السياسات اإلصبلحية خاصة منها ما تعلق بإصبلح اإلدارة وتفعيل منظومة حكم قائمة على
اٟتكم الراشد.
337
الخاتمة
لقد تناولت الدراسة موضوع البَتوقراطية ُب اٞتزائر وتأثَتىا على مسار التحوؿ الدٯتقراطي ،ومن خبلؿ
العناصر اليت ٘تت معاٞتتها ٘تكنت من اإلجابة على اإلشكالية ا١تطروحة باستخدامها ٚتلة من ا١تناىج
واالقًتابات وخطة قامت ببنائها ٔتا يتناسب وطبيعة ا١توضوع ،وتوصلت إٔب النتائج التالية:
338
-السلوك البيروقراطي ىو محصلة قيم مجتمعية تفرزىا السياقات التاريخية والخصائص السياسية
فالدور ا١تتنامي للبَتوقراطية ُب اٞتزائر ىو ٤تصلة لفًتات سابقة من تاريخ النظاـ السياسي واليت ال يزاؿ
اٞتهاز اإلداري ٭تمل آثارىا إٔب غاية اليوـ ،وتلخص ىذه الفًتات ُب ثبلث مراحل أساسية ىي العهد
العثماين واالستعمار الفرنسي وحكم اٟتزب الواحد ،حيث أسست مرحلة العهد العثماين لنفوذ البَتوقراطية
العسكرية وظاىرة التعفن اإلداري واالجتماعي ،أما مرحلة االستدمار الفرنسي فورثت منها الدولة اٞتزائرية
ا١تستقلة الًتسانة القانونية والنمط االستعماري ُب التنظيم اإلداري الذي كرس أسلوب اٟتكم القائم على
العبلقة العمومدية اليت قوامها ضبط اجملتمع وحركيتو بصورة فوقية ،أما مرحلة اٟتزب الواحد فعرؼ فيها
اٞتهاز البَتوقراطي تضخما ُب ظل التوجو االشًتاكي القائم على تعاظم دور الدولة ،وىي مرحلة أسست
لبسط نفوذ البَتوقراطية ُب كل ٣تاالت اٟتياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية ،وٖتو٢تا إؿ أداة ُب يد
النظاـ السياسي إلنتاج التسلط ،وعليو فإف السياقات التارٮتية اليت تطورت من خبل٢تا البَتوقراطية سا٫تت
ُب تعظيم دورىا وأسست لبَتوقراطية مشوىة ونافذة مقابل ضعف ا١تؤسسات التمثيلية.
وتلعب االعتبارات السياسية دور مهما البَتوقراطية ُب بلورة دور البَتوقراطية ُب اٞتزائر ،واليت تتلخص
عموما ُب طبيعة نظاـ اٟتكم ُب اٞتزائر الذي يتمحور حوؿ السلطة التنفيذية وا١تؤسسة العسكرية ،فالسلطة
التنفيذية ٦تثلة ُب رئيس اٞتمهورية تشكل عصب النظاـ السياسي مقابل ضعف السلطة التشريعية والسلطة
القضائية وعدـ استقبلليتهما ُب أداء وظائفهما ،كما أف ا١تؤسسة العسكرية تستحوذ على القرار السياسي
و٘تارس تأثَتا بارزا منذ االستقبلؿ على ا١تشهد السياسي اٞتزائري معتمدة ُب ذلك على البَتوقراطية ا١تدنية
كواجهة للحكم ،وىذه العوامل جعلت من البَتوقراطية أداة ُب يد السلطة السياسية إلعادة إنتاج نفسها
٦تا ساىم ُب عرقلة عملية التحوؿ الدٯتقراطي ُب ظل تنامي التضخم الوظيفي وا٢تيكلي وانتشار مظاىر
339
التسيب اإلداري اليت أثرت على أداء األجهزة اإلدارية وحادت هبا من شكلها التنظيمي القائم على الرشادة
كما تشكل العوامل ا القتصادية واالجتماعية والثقافية عامبل ٤توريا ُب بناء مكانة البَتوقراطية ُب اٞتزائر،
فاالقتصاد اٞتزائري القائم على الريع زاد من تعزيز سياسة االستهبلؾ والدعم واإلنفاؽ وبالتإب من دور
الدولة ،خاصة مع ارتفاع السكاف وما صاحبو من تغَت ُب ا١تؤشرات االجتماعية منها سوؽ العمل اليت ال
يزاؿ القطاع اإلداري يشغل حيزا معتربا منها ُب ظل عدـ تغَت العقلية اٞتزائرية ا١تقدسة للمنصب اٟتكومي
الذي يضمن الداخل الدائم واالستقرار ا١تهٍت ،أضف إٔب ذلك التحديات التعليمية والصحية ،أما ثقافيا
فقد سا٫تت عملية التعريب ُب تكريس الصراع الثقاُب ُب اٞتزائر والذي انعكس سلبا على أداء األجهزة
البَتوقراطية بانعداـ االنسجاـ والتكيف بينها وبُت الواقع االجتماعي ُب ظل ىيمنة النخب الفرنكوفونية
منها االقتصادية واإلدارية على مراكز القرار وتضاؤؿ استفادة اٞتمهور من خدمات اإلدارة ،دوف إغفاؿ
واقع اجملتمع عموما الذي عرؼ ٖتوالت عميقة صاحبت ا١ترحلة االنتقالية وما بعدىا واليت أفرزت ٦تارسات
معادية للعقبلنية والرشاد ة وذات نزعة جهوية كرست القطيعة بُت اجملتمع والدولة وصعبت عملية االنتقاؿ
من ٣تتمع قائم على ا١تمارسات والوالءات التقليدية إٔب ٣تتمع قائم على ا١تمارسات الدٯتقراطية.
وعليو فإف العوامل التارٮتية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية ٣تتمعة جعلت من عملية تغيَت
الذىنيات ا١تتحجرة ُب اإلدارة اٞتزائرية أمر صعب ا١تناؿ٦ ،تا جعل البَتوقراطية ا١تنغلقة على نفسها أكرب
مقاوـ ٞتل اٞتهود واإلصبلحات الرامية إٔب بناء نظاـ دٯتقراطي تعددي.
-التسيير البيروقراطي المفرط للحياة السياسية زاد من تقييد العملية الديمقراطية بكل عناصرىا من
341
فالدولة ُب اٞتزائر انتقلت إٔب الدٯتقراطية شكليا فقط من خبلؿ ا١تؤسسات وا١تنظومة القانونية وليس من
خبلؿ وعي وإدراؾ للممارسة الدٯتقراطية ،حيث إف فكرة قدسية الدولة من خبلؿ جهازىا اإلداري فرضت
ىيمنة عل ى اآلليات الدٯتقراطية من خبلؿ تقييد معظم أشكاؿ التعبَت عن الرأي وقنوات ا١تشاركة السياسية،
ومن مظاىر ا٢تيمنة الوصاية اإلدارية على قنوات وآليات ا١تشاركة السياسية ٦تثلة ُب وزير الداخلية والوإب،
إضافة إٔب السلطة التقديرية لئلدارة ُب تفسَت القوانُت ا١تنظمة لؤلفراد واٞتماعات ُب ٦تارستهم ٟتقوقهم
وحرياهتم واليت صيغت بعبارات واسعة وفضفاضة باسم ٛتاية ثوابت األمة وا٢توية الوطنية والنظاـ العاـ
واآلداب العامة وسبلمة الًتاب الوطٍت والطابع اٞتمهوري للدولة ،أضف إٔب ذلك التحكم ُب األحزاب
السياسية واٞتمعيات من خبلؿ ا١تقرات والربامج وشروط الًتخيص وإجراءات التأسيس واالعتماد واٟتل
كما تتحكم اإلدارة من خبلؿ السلطة ا١تركزية ُب العملية االنتخابية على عدة مستويات منها الًتشح
وٚتع التوقيعات واٟتملة االنتخابية ا١تقيدة بنظاـ االجتماعات وعملية تنظيم االقًتاع وفرز األصوات ،وىذا
التحكم راجع لعدـ استقبللية اإلدارة ا١تسؤولة عن تنظيم االنتخابات لكوهنا إدارة حكومية غَت مستقلة٦ ،تا
طرح دائما مشكل تزوير االنتخابات حيث اهتمت اإلدارة مرارا با٨تيازىا لصاّب مًتشح أو مًتشحي
السلطة ،وىو ما أفقد لبلنتخابات مصداقيتها وقوهتا ُب بناء شرعية النظاـ السياسي ُب اٞتزائر.
-التسيير البيروقراطي للعملية الديمقراطية كرس أزمة المشاركة والشرعية لدى النظام السياسي
الجزائري:
ف التحكم ُب قنوات ا١تشاركة السياسية وتقييدىا قد عزز من أزمات النظاـ السياسي اٞتزائري خصوصا
أزمة ا١تشاركة السياسية وأزمة الشرعية ،حيث كرس تزوير االنتخابات والتحكم البَتوقراطي ُب كل ٣تريات
العملية االنتخابية ظاىرة العزوؼ االنتخايب من خبلؿ تراجع نسب ا١تشاركة ُب االستحقاقات االنتخابية
341
خاصة منها التشريعية واحمللية ،إٯتانا من ا١تواطن أف النتائج ٤تسومة سلفا لصاّب مرشح أو مرشحي السلطة،
وذلك بالرغم من استحداث ا٢تيئة ا١تستقلة ١تراقبة االنتخابات ،كما أف التقييد البَتوقراطي للعمل اٟتزيب
واٞتمعوي أدى إٔب ضعف ىذه التنظيمات وسوء عبلقتها مع ا١تواطن وحو٢تا إٔب ٣ترد أدوات لتزيُت ا١تشهد
الدٯتقراطي ،وٝتح للدولة بالتفرد ٔتهمة تشكيل ا٠تريطة اٟتزبية واٞتمعوية من خبلؿ نظاـ الًتخيص
والتمويل ،وجعل منها أدوات ُب يد النظاـ الريعي إلدارة ا١تشهد الدٯتقراطي ٦تا كرس الوالءات التقليدية
كما أف بقرطة اٟتياة السياسية ومن ضمنها ا١تمارسات الدٯتقراطية ٓب يسهم فقط ُب إضعاؼ آليات
ا١تشاركة السياسية ولكن زاد من تعميق أزمة شرعية النظاـ السياسي اٞتزائري ،فاالعتماد الزائد على
البَتوقراطية أدى إٔب تضخم األجهزة اإلدارية وتعقد اإلجراءات ٦تا نتج عنو فساد إداري وسياسي أصبح
ينخر ُب جسد الدولة وأفقد النظاـ السياسي شرعيتو وقبولو لدى ا١تواطنُت رغم ما يبذؿ من ٣تهودات
للقضاء عليو ،وٕتلت مظاىره ُب الرشوة واالحتياؿ وهنب ا١تاؿ العاـ الذي عرؼ انتشارا رىيبا مع فضائح
القرف منها فضيحة ٣تمع ا٠تليفة وفضائح سوناطراؾ ،إضافة إٔب احملسوبية واٞتهوية وإساءة استعماؿ النفوذ
-نجاح إصالح البيروقراطية وعقلنتها بما يخدم التوجو الديمقراطي يحتاج إلى إصالح مجتمعي
وُب ىذا اإلطار تبنت اٞتزائر ٚتلة من اآلليات وا١تداخل اإلصبلحية هبدؼ التقليل من البَتوقراطية
وترشيد استعما٢تا ،وىي إصبلحات مست األجهزة اإلدارية وحىت البيئة ا٠تارجية ٢تذه األجهزة ،حيث
سعت إٔب العمل على االنتقاؿ من النموذج البَتوقراطي إٔب ٪توذج ما بعد البَتوقراطية وتكريس ما يسمى
التسيَت العمومي اٞتديد الذي ومن بُت أىم ٤تاوره إعطاء األولوية للشفافية والفصل بيت التدخل السياسي
342
واإلداري وتطوير نظاـ المركزية الرقابة ا١تالية ،واعتمدت ُب ذلك على إصبلح قطاع الوظيف العمومي
للتخفيف من التضخم والًتىل اإلداري والقضاء على أشكاؿ التسيب اإلداري وٖتسُت العبلقة بُت ا١تواطن
واإلدارة ،كما ًب الًتكيز على إصبلح اإلدارة احمللية من خبلؿ تعزيز مبدأ الدٯتقراطية التشاركية هبدؼ توسيع
قاعدة ا١تشاركة ُب اٟتياة السياسية وتعزيز دور اجملالس ا١تنتخبة ودور ا١تواطن والتوفيق بُت ا١تركزية الشديدة
والبلمركزية ُب اٟتقل اإلداري إل٧تاح ا١تشروع التنموي والذي ىو من أىم ٖتديات البناء الدٯتقراطي ُب
اٞتزائر.
وُب ٣تاؿ آخر سعت اٞتزائر إٔب تطبيق مبادئ اإلدارة اإللكًتونية هبدؼ التحوؿ من اإلدارة با١تفهوـ
البَتوقراطي إٔب اإلدارة با١تفهوـ اإللكًتوين بغية ٖتقيق القيادة عن طريق حكومة إلكًتونية ٦تا يساعد على
ٕتسيد فكرة الدٯتقراطية اإللكًتونية ،واٗتذت ُب سبيل ذلك عدة إجراءات أ٫تها مشروع اٞتزائر اإللكًتونية
وتطوير تكنولوجيا اإلعبلـ واالتصاؿ وا١تعلومات ،غَت أف التحديات اليت تواجو تطبيق ىذه اإلدارة خاصة
منها اٞتهاز البَتوقراطي ا١تقاوـ لعملية التغيَت جعل من ٖتقيق الدٯتقراطية اإللكًتونية أمرا بعيد ا١تناؿ.
وُب إطار تفعيل احملاسبة وٖتقيق الشفافية وسيادة القانوف عمدت اٞتزائر إٔب تفعيل آليات اٟتكم الراشد
هبدؼ القضاء على الفساد وٕتسيد دولة اٟتق والقانوف مركزة ُب ذلك على بناء منظومة قانونية ومؤسساتية
ٖتارب كل أشكاؿ الفساد وُب كل مستوياتو خاصة منها ا١تستوى اإلداري ،إضافة إٔب الًتكيز على إصبلح
قطاع العدالة لكوف السلطة القضائية الضامن األساسي الحًتاـ اٟتقوؽ واٟتريات الفردية واٞتماعية وسيادة
وانطبلقا من ىذه النتائج اليت توصلت إليها الدراسة نكوف قد أجبنا على إشكالية ْتثنا ا١تتمحورة حوؿ
طبيعة العبلقة بُت البَتوقراطية والتحوؿ الدٯتقراطي ُب اٞتزائر ،حيث توصلنا إٔب أف البَتوقراطية ُب اٞتزائر
تشكل أداة لتكريس قدسية الدولة والتحكم ُب كل مظاىر العملية الدٯتقراطية ٦تا أفضى إٔب ضعف
343
األجهزة ا١تنتخبة والتنظيمات السياسية وجعل من البَتوقراطية أداة معيقة للدٯتقراطية ،وعليو تقدـ الدراسة
ٚتلة من االقًتاحات اليت ٘تكن من تفعيل دور البَتوقراطية وعقلنتها ٔتا ٓتدـ ا١تسار الصحيح للتحوؿ
الدٯتقراطي ،وأ٫تها:
-إعادة النظر ُب طبيعة العبلقة بُت السلطات ُب النظاـ السياسي اٞتزائري ْتيث يعاد االعتبار للسلطة
التشريعية وتعزز بكفاءات من حيث التشكيل وبلليات مراقبة فعالة للسلطة التنفيذية ،إضافة إٔب الًتكيز
على ٖتقيق استقبلؿ فعلي للسلطة القضائية خاصة ُب عبلقتها مع رئيس اٞتمهورية.
-إعادة النظر ُب نظاـ الوظيف العمومي تدر٬تيا باالنتقاؿ من نظاـ الوظيف العمومي ا١تغلق إٔب النظاـ
-االعتماد على إدارة مستقلة ُب تنظيم وإدارة االنتخابات ،وتكوف عبارة عن ىيئة منفصلة ٘تاما
عن السلطة التنفيذية ؤتيزانية خاصة وال تتبع ألية جهة وغَت مسؤولة أماـ أي وزارة أو إدارة حكومية.
-اٟتد من الوصاية ا١تركزية الشديدة على كل مكونات العملية الدٯتقراطية من أحزاب وٚتعيات وتنظيمات
-ا٠تروج من دائرة االقتصاد الريعي الذي يكرس قدسية الدولة ومشوليتها ٞتميع ٣تاالت تنظيم اجملتمع،
وتنمية اقتصاد حقيقي ٯتكن من بناء قطاع اقتصادي خاص يلعب دورا ٤توريا ُب تشكيل ٣تتمع مدين
مستقل عن الدولة.
ويبقى أ٧تع أسلوب للرقي بالعملية الدٯتقراطية والقضاء على القيود البَتوقراطية وعلى فسادىا ىو
االىتماـ بالتعليم وتطويره لبناء مواطن صاّب يؤدي مهامو بقدر كبَت من الوعي سواء كموظف ُب األجهزة
344
345
قائمة المراجع:
346
.5اٟتسيٍت ،السيد ،علم االجتماع السياسي :المفاىيم والقضايا .اإلسكندرية :دار ا١تعرفة
اٞتامعية.1994 ،
.6السآب ،فيصل ،اإلدارة العامة والتنمية .الكويت :جامعة الكويت.1978 ،
.7الشطي ،إٝتاعيل ،الكويت وتجربة االنتقال إلى الديمقراطيةُ ،ب :برىاف غليوف وآخروف،
مداخل االنتقال إلى الديمقراطية في البدان العربية ،بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية،
.2005
.8ا١تيلي ،مبارؾ ،تاريخ الجزائر في القديم والحديث ،ج .3اٞتزائر :مكتبة النهضة اٞتزائرية،
.1964
.9األزرؽ ،مغنية ،نشوء الطبقات في الجزائر ،دراسة في االستعمار والتغيير االجتماعي –
السياسي ،ترٝ .تَت كرـ .بَتوت :دار األْتاث العربية.1980 ،
.10بن خدة ،بن يوسف ،اتفاقيات إيفيان نهاية حرب التحرير في الجزائر ،تعريب ٟتسن
زغدار و٤تل العُت جبائلي .اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية.1987 ،
.11أنتوين جيدنز ،ترٚتة أٛتد زايد وعدٕب السمري وآخروف ،مقدمة نقدية في علم
االجتماع .القاىرة :مركز البحوث والدراسات االجتماعية ،ط.2006 ،2
.12أنتوين جيدنز ،ترٚتة فايز الصياغ ،علم االجتماع .بَتوت :ا١تنظمة العربية للًتٚتة ،أكتوبر
.2005
.13السيد إٝتاعيلٜ ،تيس ،مرجع سابقٜ ،تيس السيد إٝتاعيل ،اإلدارة العامة والتنظيم
اإلداري في الجمهورية الجزائرية ،دراسة نظرية تطبيقية .اٞتزائر :جامعة اٞتزائر.1975 ،
.14الرياشي ،سليماف وآخروف ،األزمة الجزائرية الخلفيات السياسية واالجتماعية
واالقتصادية والثقافية .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية.1996 ،
.15اٟتمش ،منَت ،االقتصاد السياسي :الفساد ،اإلصالح ،التنمية .دمشق :اٖتاد الكتاب
العرب.2006 ،
.16فتحي إبراىيم عبد اهلل ،شادية ،االتجاىات المعاصرة في دراسة النظرية الديمقراطية.
عماف :ا١تركز العلمي للدراسات السياسية.2005 ،
.17اسحاؽ طانيوس بولس ،مينا ،التحول الديمقراطي في كوريا الجنوبية وأثره في تغيير
سياستها الخارجية اتجاه كوريا الشمالية .القاىرة :ا١تكتب العريب للمعارؼ.2014 ،
.18العنيب ،رضواف بن علي ،البيروقراطية اإلدارية ومسألة التقويم التنظيمي .اٞتزائر :الدار
اٞتزائرية.2015 ،
347
.19هبلوؿٛ ،تد بلقاسم ،الجزائر بين األزمة االقتصادية واألزمة السياسية ،تشريح
وضعية .اٞتزائر :مطبعة دحلب ،د.ت.ف.
.20بوالشعَت ،سعيد ،النظام السياسي الجزائري .اٞتزائر :دار ا٢تدى ،ط.1993 ،2
.21بوالشعَت ،سعيد ،النظاـ السياسي اٞتزائري ،دراسة تحليلية لطبيعة نظام الحكم في
ضوء دستور .2996السلطة التنفيذية ،ج .3.اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية،
.2013
.22بوزيدي ،عبد اجمليد ،تسعينيات االقتصاد الجزائري .اٞتزائر :موفم للنشر والتوزيع،
.1999
.23بوحوش ،عمار ،دور البيروقراطية في المجتمعات المعاصرة .عماف :ا١تنظمة العربية
للعلوـ اإلدارية.1983 ،
.24بوحوش ،عمار ،التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية .2962بَتوت :دار
الغرب اإلسبلمي.1997 ،
.25يب ٝتيث ،كيف نفهم سياسات العآب الثالث ،نظريات التغيير السياسي والتنمية ،تر.
خليل كلفت .القاىرة :ا١تركز القومي للًتٚتة.2011 ،
.26بسيوين ،عبد الغٍت عبد اهلل ،أصوؿ علم اإلدارة العامة :دراسة ألصول و مبادئ علم
اإلدارة وتطبيقاتها في اإلسالم و ال.م.ا و فرنسا مصر لبنان .بَتوت :الدار اٞتامعية،
.1983
.27بوليفة٤ ،تمد عمراف ،مجلس األمة الجزائري بعده التمثيلي ودوره في االستقرار
المؤسسي .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية.2018 ،
.28بوضياؼ ،عمار ،التنظيم اإلداري في الجزائر بين النظرية والتطبيق .اٞتزائر :جسور
للنشر والتوزيع.2010 ،
.29بوضياؼ ،عمار ،شرح قانون الوالية-القانون 27-22المؤرخ في 22فبراير
.2222اٞتزائر :جسور للنشر والتوزيع.2012 ،
.30بن أشنهو ،عبد اللطيف ،عصرنة الجزائر ،حصيلة وآفاق .2229-299اٞتزائر:
د.ـ.ف ،د.ت.ف.
.31بن دعيدة ،عبد اهلل ،التجربة اٞتزائرية ُب اإلصبلحات االقتصاديةُ ،ب :عبد العزيز شرايب
وآخروف ،اإلصالحات االقتصادية وسياسات الخصخصة في البلدان العربية ،بَتوت:
مركز دراسات الوحدة العربية.1999 ،
348
.32بكيس ،نور الدين ،الحركات االحتجاجية في الجزائر من المواجهة إلى االحتواء.
اٞتزائر :النشر اٞتامعي اٞتديد.2018 ،
.33بن خدة ،بن يوسف ،اتفاقيات إيفيان نهاية حرب التحرير في الجزائر ،تعريب ٟتسن
زغدار و٤تل العُت جبائلي .اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية.1987 ،
.34بولكعيبات ،أحبلـ المجتمع المدني والسلطة ،الحالة الجزائرية .اٞتزائر :ألفا
للوثائق.2019 ،
.35جيمس أندرسوف ،صنع السياسات العامة ،تر .عامر الكبيسي .األردف :دار ا١تسَتة،
.1999
.36جابريل أ١توند ،بنقهاـ باوؿ ،السياسة المقارنة ،تر.أٛتد عناين ،القاىرة :دار الطباعة
القومية.1980 ،
.37درويش ،عبد الكرًن ،تكبل ،ليلى ،اإلدارة العامة .القاىرة :مكتبة اال٧تلو مصرية،
.1974
.38ديداف ،مولود ،القانون الدستوري والنظم السياسية .اٞتزائر :دار بلقيس للنشر،
.2015
٫ .39تيسي ،مصطفى ،من بربروس إلى بوتفليقة ،كيف تحكم الجزائر .اٞتزائر :دار
ىومة ،ط.2013 ،2
.40ىويدي ،عبد الباسط ،نظام التعليم في الجزائر وعالقتو باالستراتيجيات التنموية.
األردف :دار اٟتامد للنشر والتوزيع ،ط.2016 ،1.
.41وىبة ،ربيع ،الحركات االحتجاجية في الوطن العربي (مصر ،المغرب ،لبنان،
البحرين ،الجزائر ،سورية ،األردن) .بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية.2014 ،
.42وإبٜ ،تيس حزاـ ،إشكالية الشرعية في األنظمة السياسية العربية .بَتوت :مركز
دراسات الوحدة العربية.2003 ،
.43واُب ،اٛتد ،النظرية العامة للدولة والنظام السياسي :الجزائر في ظل دستور.2989
اٞتزائر :ا١تؤسسة الوطنية للطباعة.1992 ،
.44زغدور ،علي ،اإلدارة المركزية في الجمهورية الجزائرية .اٞتزائر :الشركة الوطنية للنشر
والتوزيع.1977 ،
.45زماـ ،نور الدين ،السلطة الحاكمة والخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري -2962
.2998اٞتزائر :دار الكتاب العريب.2002 ،
349
.46حامد ،فداء ،اإلدارة اإللكترونية ،األسس النظرية والتطبيقية .األردف :دار مكتبة
الكندي للنشر والتوزيع.2015 ،
.47حباين ،رشيد ،دليل الموظف والوظيفة العمومية .اٞتزائر :دار النجاح.2012 ،
.48حجيج ،آماؿ وآخروف ،المغرب العربي ثقل المواريث ونداء المستقبل .بَتوت :مركز
دراسات الوحدة العربية.2013 ،
.49حسن ،عادؿ ،زىَت ،مصطفي ،اإلدارة العامة .بَتوت :دار النهضة العربية.1978 ،
.50طامشة ،بومدين ،البيروقراطية والتنمية السياسية في الجزائر .اإلسكندرية :مكتبة
الوفاء القانونية.2015 ،
.51ماركس فريتز مورستا ين ،دولة اإلدارة ،تر.إبراىيم علي .القاىرة :مكتبة اال٧تلو ا١تصرية،
.1963
٤ .52تمد ،علي ٤تمد ،البيروقراطية الحديثة .اإلسكندرية :دار الكتب اٞتامعية.1975 ،
.53مور بَتجر ،البيروقراطية والمجتمع في مصر الحديثة :دراسات عن موظفي
الحكومة ،تر٤ .تمد توفيق رمزي .القاىرة :مكتبة النهضة ا١تصرية.1969 ،
.54مغيش ،كنزة ،جدلية التحالف واالنقسام في اللعبة السياسية في الجزائر :مقاربة
سوسيولوجية سياسية .اٞتزائر :الدار اٞتزائرية للنشر والتوزيع.2017 ،
.55نواري ،نصر الدين ،الصحافة واإلرىاب في الجزائر .األردف :دار اليازوردي العلمية
للنشر والتوزيع.2015 ،
.56لعمَتي ،عبد اٟتق ،عشرية الفرصة األخيرة ،االقتصاد الجزائري االزدىار أو
االنهيار ? .اٞتزائر :منشورات الشهاب.2015 ،
١ .57تاـ٤ ،تمد حليم ؿ ،الفساد النسقي والدولة السلطوية ،حالة الجزائر منذ االستقالل.
بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية.2017 ،
.58لطاد بن ٤ترز ،ليندة ،المجتمع المدني ودوره في بناء الدولة والتحوالت السيسية
دراسة تطبيقية الجزائر أنموذجا .القاىرة :دار الكتاب اٟتديث.2016 ،
.59ليوف ترو تسكي ،الثورة المغدورة .نقد التجربة الستالينية ،تر.رفيق سليم ،ط.2.
بَتوت :دار الطليعة للطباعة والنشر.1980 ،
.60ماضي ،عبد الفتاح ،العنف والتحول الديمقراطي في مصر بعد الثورة .مصر :دار
البشَت للثقافة والعلوـ.2015 ،
351
.61مرار ،فيصل فخري ،البيروقراطية بين االستمرارية والزوال .القاىرة :ا١تنظمة العربية
للعلوـ اإلدارية.1978 ،
.62مقدـ ،سعيد ،الوظيفة العمومية بين التطور والتحول من مظور تسيير الموارد
البشرية وأخالقيات المهنة .اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية.2010 ،
.63نواري ،نصر الدين ،الصحافة واإلرىاب في الجزائر .األردف :دار اليازوردي العلمية
للنشر والتوزيع.2015 ،
.64نور اهلل ،كماؿ ،البيروقراطية والتغيير .دمشق :طبلس للًتٚتة والدراسات والنشر،
.1992
.65نصر ،عبد ا١تعز ،في النظريات والنظم السياسية .بَتوت :دار النهضة العربية،
.1981
.66سليماف ،عصاـ ،مدخل إلى علم السياسة ،ط .2.بَتوت :دار النضاؿ للنشر
والتوزيع.1989 ،
ٝ .67تارة ،نصَت ،ظاىرة التسيب إلداري في الجزائر .اٞتزائر :منشورات اجمللس األعلى
للغة العربية.2005 ،
.68سعداوي ،نبيل ،العنف السياسي وانعكاساتو على مسار التحول الديمقراطي في
المنطقة العربية .دراسة الحالة المصرية في ظل الحراك الشعبي :مركز الكتاب
األكادٯتي.2018 ،
.69سعد اهلل ،عمر ،المنظمات غير الحكومية في الجزائر بعد االستقالل ،اٞتزائر :دار
ىومة للطباعة والنشر والتوزيع.2014 ،
.72عاشور ،اٛتد صقر ،اإلدارة العامة مدخل بيئي مقارن ،ط .1.بَتوت :دار النهضة
العربية.1979 ،
.71عبد الرٛتن ،أسامة ،البيروقراطية النفطية ومعضلة التنمية :مدخل إلى دراسة إدارة
التنمية في دول الجزيرة العربية المنتجة للنفط .الكويت :اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف
واآلداب.1978 ،
.72عودة٤ ،تمود ،أسس علم االجتماع .بَتوت :دار النهضة العربية للطباعة والنشر
والتوزيع.1995 ،
.73عبد النور ،ناجي ،النظام السياسي الجزائري من األحادية إلى التعددية السياسية.
اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية.2006 ،
351
.74عوابدي ،عمار ،القانون اإلداري ،اٞتزائر :ا١تؤسسة الوطنية للكتاب.1990 ،
.75عبدٕب ،سفياف ،ضمانات استقاللية السلطة القضائية بين الجزائر وفرنسا .اٞتزائر:
نور للنشر.2011 ،
.76فاخوري ،جبلؿ زواد ،البيروقراطية والتنظيم اإلداري في األردن .عماف :مركز
الدراسات واالستشارات-جامعة العلوـ التطبيقية.1998 ،-
.77فَتيل ،ىيدي ،اإلدارة العامة منظور مقارن ،تر٤.تمد قاسم القريوٌب ،ط .2.اٞتزائر:
ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية.1979 ،
.78فتحي إبراىيم عبد اهلل ،شادية ،االتجاىات المعاصرة في دراسة النظرية الديمقراطية.
عماف :ا١تركز العلمي للدراسات السياسية.2005 ،
.79صامويل ىنتجتوف ،النظام السياسي لمجتمعات متغيرة ،ترٝ .تية فلو عبود .بَتوت:
دار الساقي.1993 ،1،
.80صبلح عبد الرزاؽ داود ،عماد ،الفساد واإلصالح .دمشق :اٖتاد الكتاب العرب،
.2003
.81قاسيمي ،آماؿ ٘ ،تغارت ،أٝتهاف ،الجزائر إشكالية الواقع ورؤى المستقبل .بَتوت:
مركز دراسات الوحدة العربية.2013 ،
.82قجإب ،آمنة ،اإلعالم والعنف السياسي .األردف :مركز الكتاب األكادٯتي.2015 ،
.83رخيلة ،عامر ،التطور السياسي والتنظيمي لحزب جبهة التحرير الوطني -2962
2982اٞتزائر :ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية.1993 ،
.84شريف ،علي ،اإلدارة العامة مدخل األنظمة .بَتوت :الدار اٞتامعية.1989 ،
.85توفيق إبراىيم ،حسنُت ،النظم السياسية العربية االتجاىات الحديثة في دراستها،
ط .2بَتوت ،مركز دراسات الوحدة العربية.2008 ،
.86توـ بوتومور ،الصفوة والمجتمع :دراسة في علم االجتماع السياسي ،ط ،2 .تر.
٤تمد اٞتوىري وآخروف .القاىرة :دار ا١تعارؼ.1978 ،
.87توفيق إبراىيم ،حسنُت ،النظم السياسية العربية ،االتجاىات الحديثة في دراستها.
بَتوت :مركز دراسات الوحدة العربية .ط.2008 ،2
.88خرُب ،ىامشي ،الوظيفة العمومية على ضوء التشريعات الجزائرية وبعض التجارب
األجنبية .اٞتزائر :دار ىومة.2010 ،
352
.89الكيإب ،عبد الوىاب ،وآخروف ،موسوعة السياسة ،ج .1 .بَتوت :ا١تؤسسة العربية
للدراسات والنشر ،1994 ،ص.644
ب .المقاالت:
.90الوحيشي ،علي مصباح ٤تمد" ،دراسة نظرية ُب التحوؿ الدٯتقراطي" ،مجلة كلية
االقتصاد للبحوث العلمية ،مج ،01ع ،02أكتوبر .2015
.91ا١تنوُب ،كماؿ " ،الثقافة السياسية وأزمة الدٯتقراطية ُب الوطن العريب" ،المستقبل
العربي،ع ،80 .أكتوبر .1985
.92بوكرا ،إدريس" ،نظاـ اعتماد األحزاب السياسية وفقا لؤلمر 09/97ا١تتضمن القانوف
العضوي لؤلحزاب السياسية بُت اٟترية والتقييد" ،مجلة إدارة ،مج ،08ع.1998 ،02.
.93بلعطاؿ ،عياش " أثر سياسة التوسع ُب اإلنفاؽ العاـ خبلؿ فًتة 2014-2001على
التنمية البشرية ُب اٞتزائر" ،مجلة اإلصالحات االقتصادية واالندماج في االقتصاد
العالمي ،مج ،13ع2019 ،01.
.94بن حسُت ،ناجي " ،التنمية ا١تستدامة ُب اٞتزائر :حتمية االنتقاؿ من االقتصاد الريعي
إٔب تنويع االقتصاد" ،مجلة االقتصاد والمجتمع ،ع .2008 ،05
.95بلغيث ،عبد اهلل ،تطور االنتخابات الرئاسية ُب اٞتزائر :ا١تضامُت السياسية والقانونية،
٣تلة العلوـ القانونية والسياسية ،مج ،10ع ،02سبتمرب .2019
.96بوسعيود ،سارة ،عقوف ،شراؼ" ،واقع الفساد ُب اٞتزائر وآليات مكافحتو" ،مجلة
البحوث االقتصادية والمالية ،مج ،05ع ،01جواف .2018
.97جيبلٕب ،عبد الرزاؽ ،بلعادي ،إبراىيم" ،اٟتركة اٞتمعوية ُب اٞتزائربُت ىيمنة الدولة
واالستقطاب اٟتزيب ،المستقبل العربي ،مج ،27ع ،314أفريل .2005
ٛ .98تدي ،عبد الرٛتن" ،ظاىرة التحوؿ الدٯتقراطي ُب إفريقيا :القضايا والنماذج وآفاؽ
ا١تستقبل" ،السياسة الدولية ،ع ،113جويلية .1993
ٛ .99تة غريب عبد اهلل ،كنعاف " ،أثر االقتصاد الريعي على النظاـ السياسي" ،مجلة جامعة
التنمية البشرية ،مج ،3ع ،3آب .2017
.100حاروش ،نور الدين" ،لسياسة الصحية ُب اٞتزائر بُت الرىانات والواقع" ،دراسات
استراتيجية ،ع ،07جواف .2009
353
.101بوطروة ،فضيلةٝ ،تايلي ،نوفل" ،تأثَت ظاىرة الفساد اإلداري على حقوؽ اإلنساف
والتنمية البشرية ُب اٞتزائر مع إشارة ألىم الوسائل القانونية ١تكافحتو" ،مجلة حكم القانون
ومكافحة الفساد ،ماي .2019
.102لوشُت ،حوسُت" ،مؤسسات التعليم والتكوين ُب اٞتزائر –رؤية لواقع تعليمي متغَت
واسًتاتيجية ٖتقيق توازنو ،"-مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ،مج ،05ع ،10أكتوبر
.2005
.103لعروسي ،رابح" ،عبلقة العسكري بالسياسي ُب تاريخ اٞتزائر ا١تعاصرة" ،المجلة العربية
للعلوم السياسية ،ع ،29شتاء .2011
٠ .104تضاري ،منصور ،اٞتيش وٕتربة االنتقاؿ الدٯتقراطي ُب اٞتزائر" ،"1992-1988
المستقبل العربي ،ع ،465نوفمرب .2017
.105مزارة ،زىَتة" ،اٟتراؾ الشعيب ما بعد الربيع العريب :بُت مطالب التغيَت اٞتذري للنظاـ
واستكماؿ عملية البناء الدٯتقراطي ( اٞتزائر ،السوداف أ٪توذجا)" ،مجلة الفكر القانوني
والسياسي ،مج ،04ع .2020 ،02
.106مهابة ،أٛتد" ،االنتخابات اٞتزائرية من الذي كسب الرىاف؟" ،السياسة الدولية،
ع ،129جويلية .1997
.107مصطفى ،ىالة" ،الدٯتقراطية بُت االنتخابات والقيم الليربالية" ،السياسة الدولية ،ع،
،140أبريل .2000
.108نزوانكو ،جاؾ ماريل" ،إفريقيا والدٯتقراطية" ،تر .فرحات توما ،المجلة الدولية للعلوم
االحتماعية ،ع ،128ماي .1991
.109سايح ،فاطيمة" ،دور الفساد ا١تإب واإلداري ُب انبثاؽ اٟتراؾ الشعيب ُب اٞتزائر ،دراسة
عينة من ا١تشاركُت ُب اٟتراؾ الشعيب" ،مجلة التكامل االقتصادي ،مج ،07ع ،03
سبتمرب .2019
.110سحوت ،جهيد" ،عن فتح قطاع اإلعبلـ السمعي البصري أماـ ا١تنافسة اٟترة" ،مجلة
العلوم القانونية والسياسية ،مج ،10ع ،01أفريل .2019
.111سبلمة ،حسن ٤تمد " ،أثر العو١تة على تطور النظاـ السياسي" ،مجلة الديمقراطية،
ع ،02ربيع .2001
.112عبدوس ،عبد اٟتميد "،الصراع اللغوي والتعريب ُب اٞتزائر ،مقابلة مع تركي رابح
عمارة" ،مجلة المستقبل العربي ،السنة ،21ع .138
354
.113عوابدي ،عمار " ،عبلقة التنمية اإلدارية بالتنمية االقتصادية" ،إدارة ،مج ،06ع،02
.1996
.114عيساوي ،نصر الدين" ،تقلبات أسعار احملروقات وآثارىا على االقتصاديات الريعية-
دراسة حالة االقتصاد اٞتزائري ،"-مجلة البحوث االقتصادية والمالية ،ع ،05جواف
.2016
.115عوُب ،مصطفى ،بلوصيف ،الطيب " ،اإلعبلـ والتحوؿ الدٯتقراطي" ،مجلة علوم
اإلنسان والمجتمع ،ع ،09 .مارس.2014
.116عماري ،عمار " ،االقتصاد اٞتزائري ،ا١تاضي القريب واستشراؼ ا١تستقبل" ،مجلة العلوم
اإلنسانية ،ع ،14ديسمرب .2000
.117عشور ،طارؽ ،مقاربة التسيَت العمومي اٞتديد كللية لتدعيم وتعزيز تنافسية وكفاءة
ا١تنظمات اٟتكومية ،مجلة أداء المؤسسات الجزائرية ،ع .2012-2011 ،01
.118فَتـ ،فاطمة الزىراء" ،اإلصبلح اإلداري ودوره ُب ٖتسُت األداء الوظيفي" ،مجلة
الحقوق والعلوم اإلنسانية ،مج ،11العدد .2013 ،01
.119قشنوبة ،عبد الرٛتن" ،الصحافة اٞتزائرية ا٠تاصة :رىانات وٖتديات" ،مجلة تاريخ
العلوم ،عدد ،10ديسمرب .2017
.120قاسي ،فوزية ،بومدين ،عريب " ،العبلقة بُت اٞتيش والسلطة السياسية ُب اٞتزائر :بُت
حكم الواقع وٖتديات نزع الطابع العسكري" ،سياسات عربية ،ع .2016 ،19
.121قوراح ،ٯتينة ،الشعويب ،فضيلة" ،االنتقاؿ الدٯتغراُب ُب اٞتزائر" ،مجلة العلوم
االجتماعية ،ع ،13جويلية .2015
.122قوقة ،وداد ،دور اٞتكومات اإللكًتونية ُب تفعيل الدٯتقراطية اإللكًتونية٣ ،تلة العلوـ
اإلنسانية ،ع ،46ديسمرب .2016
.123رفاع ،شريفة ،نظرية اإلدارة العامة اٟتديثة ودورىا ُب معاٞتة إشكالية إدماج مفهوـ األداء
ُب ا٠تدمة العمومية ،مجلة الباحث ،عدد .2008 ،06
.124شايب٤ ،تمد ،ـ مدى اٞتاىزية اإللكًتونية للحكومة اٞتزائرية ،مؤشر االستخداـ
التكونولوجي مثاال ( ،)2016 -2012المجلة الدولية للمعلوماتية ،مج ،05ع ،10
جويلية .2017
.125جيبلٕب ،عبد الرزاؽ ،بلعادي ،إبراىيم" ،اٟتركة اٞتمعوية ُب اٞتزائربُت ىيمنة الدولة
واالستقطاب اٟتزيب ،المستقبل العربي ،مج ،27ع ،314أفريل .2005
355
.126تريكي ،حساف" ،التنمية وٖتديات النمو السكاين السريع ُب اٞتزائر ،إ٧تازات
وإخفاقات" ،مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،ع ،40ديسمرب .2014
ت .النصوص القانونية:
.127اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 22-22المتعلق بنظام
االنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،01الصادرة بتاريخ 14يناير ،2012
.128اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 24-22المتعلق باألحزاب
السياسية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،02الصادرة بتاريخ 05جانفي .2012
.129اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 25-22المتعلق باإلعالم،
اٞتريدة الرٝتية رقم ،02الصادرة بتاريخ 15يناير .2012
.130اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 26-22المتعلق
بالجمعيات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،02الصادرة بتاريخ 15يناير .2012
.131اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 24-24المتعلق بالنشاط
السمعي البصري ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،16الصادرة ُب 23مارس .2014
.132اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون العضوي 22-26المتعلق
باالنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،50الصادرة بتاريخ 28أوت .2016
.133اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 22-78المتضمن القانون األساسي
العام للعامل ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،31الصادرة بتاريخ 08أوت .1978
.134اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 28-89المتعلق باالجتماعات
والمظاىرات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،04الصادرة بتاريخ 23جانفي .1990
.135اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 22-89المتعلق بالجمعيات ذات
الطابع السياسي ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،27الصادرة بتاريخ 05يوليو .1989
.136القانون 23-89المتضمن قانون االنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،32الصادرة
بتاريخ 07أوت ،1989ا١تادة 123
.137اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 32-92المتعلق بالجمعيات ،ا١تؤرخ
ُب 04ديسمرب ،1990اٞتريدة الرٝتية رقم ،53الصادرة بتاريخ 05ديسمرب .1990
.138اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 29-92المتعلق باالجتماعات
والمظاىرات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،62الصادرة بتاريخ 04ديسمرب .1991
356
.139اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 22-26يتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحتو ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،14الصادرة بتاريخ 08مارس .2006
.140اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 22-22المتعلق بالبلدية ،اٞتريدة
الرٝتية عدد ،37الصادرة بتاريخ 03جويلية .2011
.141اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،قانون رقم 27-22المتعلق بالوالية ،اٞتريدة
الرٝتية عدد ،12الصادرة بتاريخ 21فرباير .2012
.142اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،القانون 22-26المتضمن التعديل
الدستوري ،اٞتريدة الرٝتية عدد ،14الصادرة ُب 07مارس .2016
.143اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 233-66المتضمن القانون األساسي
العام للوظيفة العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،46الصادرة بتاريخ 08يونيو .1966
.144اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 63-75المتعلق باالجتماعات
العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،08الصادرة بتاريخ 07أكتوبر .1975
.145اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 26-77المتعلق باالجتماعات
العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،16الصادرة بتاريخ 23فرباير .1977
.146اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 27-97المتضمن القانون العضوي
لالنتخابات ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،12الصادرة بتاريخ 06مارس .1997
.147اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر 29-97المتعلق بنظام األحزاب
السياسية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،12الصادرة بتاريخ 06مارس .1997
.148اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،األمر رقم 23-26المتضمن القانون
األساسي العام للوظيفة العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،46الصادرة بتاريخ 17يوليو
.2006
.149اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم 59-85المتضمن القانون األساسي
النموذجي لعمال المؤسسات واإلدارات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،13الصادرة
بتاريخ 24مارس .1985
.150اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم الرئاسي 296-92المتضمن تقرير
حالة الحصار ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،29الصادرة بتاريخ 12يونيو ..1991
.151اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم الرئاسي المتضمن إعالن حالة
الطوارئ ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،10الصادرة بتاريخ 09فرباير .1992
357
.152اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم الرئاسي رقم 372-2222يتضمن
إحداث لجنة إصالح ىياكل الدولة ومهامها ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،71الصادرة ُب 26
نوفمرب .2000
.153اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم التنفيذي 226-92المحدد
للرواتب المطبقة على العمال الممارسين لوظائف عليا في الدولة ،اٞتريدة الرٝتية رقم
،31الصادرة بتاريخ 28يوليو .1990
.154اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم التنفيذي رقم 54-93المحدد
لبعض الواجبات الخاصة المطبقة على الموظفين واألعوان العموميين وعلى عمال
المؤسسات العمومية ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،11الصادرة بتاريخ 17فرباير .1993
.155اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،المرسوم التنفيذي 63-29يتضمن مهام
ديوان الوزير األول وتنظيمو ،اٞتريدة الرٝتية رقم ،10الصادرة بتاريخ 11فرباير .2009
.156اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،إعالن رقم 24مؤرخ في 22أفريل 2224
يتضمن نتائج انتخابات رئيس الجمهورية ،جريدة رٝتية عدد ُ 24ب 18أفريل .2004
.157اٞتمهورية اٞتزائرية الدٯتقراطية الشعبية ،إعالن رقم / 22أ م د 24 /المؤرخ في 22
أفريل 2224يتضمن نتائج انتخابات رئيس الجمهورية ،اٞتريدة الرٝتية رقم 23الصادرة
ُب 23أفريل .2014
ث .رسائل ومذكرات التخرج:
٤ .158تمد بلعسل ،تأثَت الذىنية البَتوقراطية التقليدية على السياسات االقتصادية ُب اٞتزائر
( ،)2009-1999أطروحة دكتوراه ،جامعة اٞتزائر :3كلية العلوـ السياسية واإلعبلـ،
قسم التنظيم السياسي واإلداري.2015-2014 ،
٤ .159تمد بوضياؼ ،مستقبل النظاـ السياسي اٞتزائري ،أطروحة دكتوراه .جامعة اٞتزائر:
كلية العلوـ السياسية واإلعبلـ ،قسم العلوـ السياسية والعبلقات الدولية.2008 ،
.160منصور بلرنب ،اإلصبلح اإلداري والبَتوقراطية ُب اٞتزائر بُت النظرية والتطبيق "وزارة
الدخلية واٞتماعات احمللية" ،رسالة ماجستير.جامعة اٞتزائر :معهد العلوـ السياسية
واإلعبلمية ،يناير .1983
.161ليلى حسيٍت ،بَتوقراطية اإلدارة ومشكلة بناء اٟتكم الراشد ُب اٞتزائر .رسالة ماجستير،
جامعة تلمساف :كلية اٟتقوؽ والعلوـ السياسية ،قسم العلوـ السياسية.2014-2013 ،
358
.162عبد اٟتكيم حطاطش ،دور تطبيق اٟتكومة اإللكًتونية ُب اٞتزائر ُب ٖتسُت إدارة العبلقة
مع ا١تواطن ،CRMأطروحة دكتوراه .جامعة سطيف :كلية العلوـ االقتصادية والتجارية
وعلوـ التسيَت.2018-2017 ،
.163عبد القادر عبافٖ ،تديات اإلدارة اإللكًتونية ُب اٞتزائر ،دراسة سوسيولوجية ببلدية
الكاليتوس بالعاصمة ،أطروحة دكتوراه .جامهة ٤تمد خيضر ببسكرة ،كلية العلوـ اإلنسانية
واالجتماعية ،قسم العلوـ االجتماعية.2016-2015 ،
د .مؤتمرات وملتقيات:.
.164آاالف ووؿ ،أندرو أليس وآخروف "،أشكاؿ اإلدارة االنتخابية ،تر .أمُت أيوب .دليل
ا١تؤسسة الدولية للدٯتقراطية واالنتخابات" ،سلسلة منشورات المؤسسة الدولية
للديمقراطية واالنتخابات .2007 ،International IDGA
.165طالب عوض" ،االنتخابات اٟترة وفق ا١تعايَت الدوليةُ ،ب :كرـ ٜتيس ،الدٯتقراطية
واالنتخابات ُب العآب العريب" ،أعمال المؤتمر الدولي حول الديمقراطية واالنتخابات في
العالم العربي ،ا١تنظمة العربية ٟتقوؽ اإلنساف.
٤ .166تمد راتوؿ ،العو١تة االقتصادية وٖتوالت االقتصاد اٞتزائري ،الملتقى الدولي األول حول
العولمة وانعكاساتها على البلدان العربية .جامعة سكيكدة 14-13 ،ماي .2001
.167عبد الناصر جايب ،االنتخابات التشريعية اٞتزائرية ......انتخابات استقرار أـ ركود.
مشروع دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية .اللقاء السنوي 27الديمقراطية
واالنتخابات في الدول .السبت 18أوت .2007اللجنة العربية ٟتقوؽ اإلنساف.
.168ا١تنتدى الدوٕب حوؿ مسارات التنمية والتحوؿ الدٯتقراطي .تقرير موجز حوؿ التجارب
الدولية والدروس ا١تستفادة والطريق قدما .برنامج األمم المتحدة اإلنمائي 06-05 .جواف
.2011
.169عبد الناصر جايب ،االنتخابات التشريعية اٞتزائرية....انتخابات استقرار أـ ركود ،مشروع
دراسات الدٯتقراطية ُب البلداف العربية ،اللقاء السنوي السابع عشر للديمقراطية
واالنتخابات في الدول العربية ( ا١تملكة ا١تتحدة :جامعة أكسفورد.) 2007/08/18 ،
.170رشيد تلمساين" ،اٞتزائر ُب عهد بوتفليقة :الفتنة األىلية وا١تصاٟتة الوطنية" ،أوراق
كارينغي .مؤسسة كارينغي للسبلـ الدوٕب :مركز كارينغي للشرؽ األوسط ،عدد ،07يناير
.2008
ث .الجرائد:
359
.171الخبر اليومي 18 ،جواف ،1997ا١توافق ؿ 13صفر ،1418ع.1994.
.172الخبر اليومي 28.ماي ،2002ا١توافق ؿ 15ربيع األوؿ .1423ع .3484
.173الخبر اليومي 09.ماي ،2002ا١توافق ؿ 26صفر .1423ع .3467
.174الخبر اليومي13.ماي ،2002ا١توافق ؿ 30صفر .1423ع .3471
.175الخبر اليومي 20 ،ماي ،2002ا١توافق ؿ 07ربيع االوؿ ،ع .3476
.176الخبر اليومي28.ماي 15 .2002ربيع األوؿ ،1423ع .3484
.177الخبر اليومي 20 ،جواف ،2002ا١توافق ؿ 09ربيع الثاين .1423
.178الخبر اليومي 16 ،ماي 03 .2002ربيع األوؿ .1423ع.3474
.179الخبر اليومي ،ع 20 ،5017.ماي 2007ا١توافق ؿٚ 03تادى األؤب .1428
.180الخبر اليومي 03 ،نوفمرب ،2007ا١توافق ؿ 22شواؿ .1428ع .5160
.181الخبر اليومي 25 ،نوفمرب ،2007ا١توافق ؿ 15ذي القعدة .1428ع .5177
.182الخبر اليومي 22 ،نوفمرب ،2007ا١توافق ؿ 12ذي القعدة .1428ع .5175
.183الخبر اليومي 30 ،ماي ،2007ا١توافق ؿٚ 13تادى األؤب ،1428ع .5026
ج .وثائق ومواقع إلكترونية:
-وثائق إلكترونية:
.184وىيبة سليماين " ،الناشط السياسي عمار خبابة ؿ الشروؽ :حق التظاىر السلمي ُب
دستور 2016مرىوف بقرار السلطات ا١تسؤولة" ،جريدة الشروقُ ،2016-01-08 ،ب:
-www.echoroukoline.com.
.185عبد الرزاؽ بوالقمح ،مسعود ىدنة ،وآخروف ،لعنة تطارد االنتخابات(ملف)ُ ،ب:
-https://www.echoroukonline.com
.186رئاسيات 2014تدخل موسوعة "غينس" لؤلرقاـ القياسيةُ ،بhttps :// :
- www.elkhabar.com
.187حكيم بوغرارة %50 ،نسبة ا١تشاركة ُب االستحقاؽ األخَت واحملليات رىاف قائم ،جريدة
ُب: ،2017 سبتمرب 20 األربعاء الشعب،
-https://www.ech-chaab.com
.188اٞتزائر ،قانوف اإلعبلـ ،مثالية ال تطبق على أرض الواقع ،ا١ترصد العريب للصحافةُ ،ب:
-https://www: Ajoar. Org.
361
.189ريشارد شاسي ،سوجيت شودري ،ا١تعايَت الدولية بشأف استقبلؿ القضاء ،مركز العمليات
االنتقالية ُب كلية اٟتقوؽ ُب جامعة نيويورؾ ،مذكرة إعالمية ،عدد ،42سبتمربُ، ،2013ب
www.democracyreporting.org :
.190عبد الناصر جايب ،اٟتركات االحتجاجية ُب اٞتزائر (يناير ،)2011تقييم حالة ،ا١تركز
،2011 فرباير الدوحة، السياسات، ودراسة لؤلْتاث العريب
ُب:
- https://www.dohainstitute.org
٤ .191تمود ٚتاؿ عبد العاؿ ،حراؾ اٞتزائر ،األطراؼ الفاعلة ومواقفها والسيناريوىات احملتملة،
ا١تركز العريب للبحوث والدراساتُ ،ب:
-https://www.acrseg.org .192
-مواقع إلكترونية:
-https://www.elmouradia.dz .193رئاسة اٞتمهورية:
ال .194وزارة العبلقات مع الرب١تاف :
- http://www.mrp.gov.
-http://www. Premier .195موقع الوزارة األؤب:
ministre.gov.dz
لئلحصاء: الوطٍت .196الديواف
.-http://www.ons.dz
العا١تية: الشفافية .197منظمة
-www.transparency.org
.198
اإل٧تازات واآلفاؽ ،قطاع العدالةُ ،ب:
-www.mjustice.dz .199
.222باللغات األجنبية:
–livres :
201. Abdelkader Yefsah, la question du pouvoir en
Algérie .Alger: ENAP, 1990.
202. Abderrahim Lamchichi, l'Algérie en crise, crise
économique et changement politique .Paris:
l'Harmattan, 1991.
361
203. Alfred Sauvy, Bureaux et Bureaucrates .Paris :
Presse universitaire de France, 1967.
204. Bernard Gournay, Introduction a la science
administrative .Paris : Presse de la fondation nationale
des sciences politiques, 1990.
205. Bertrand Badie, Pierre Birnbaum, Sociologie de l’état
.Paris : Edition Grassel et Fasquelle, 1979..
206. Bruno Rizzi, The Bureaucratisation of the World,
trad. Adam Buick (marxist.org, 2006.
207. Carl Friedrich, La démocratie constitutionnelle
.Paris : Presse universitaire de France, 1958.
208. Claude Collot, les institutions de l'Algérie durant la
période coloniale (1830-1962) .Alger: office des
publications universitaire, 1987.
209. Claude Lefort, Eléments d’une critique de la
bureaucratie .Suisse : Gallimard, 1979.
210. Cordellier, Serge, L'état du monde. Annuaire
économique géopolitique mondiale. Paris: la
découverte, 2004.
211. Francis Chauvin, Administration de l’état .Paris :
Dalloz, éd.4, 1994.
212. Georges. S. Vaches, institutions administratives et
économiques de l'Algérie, tome1 .Alger: SNED,
1973.Giovanni Busino, Les théories de le bureaucratie
.Paris : Presse universitaire de France, ed.1, 1993..
213. Gionani Merli, Adaptation of political bureaucracy
to economic and institutional change under socialism:
the Chinese family planning system .U. S. A: center of
demography and ecology and department of sociology,
2001.
214. Guy Braibant, L’administration publique et le
changement (Casablanca : Afrique orient, 1989).
215. Hegel Guillaume Frédéric, Philosophy of right, trad
.S.W.Dyde .Canada: Batoche books Kitchener, 2001.
216. Jacque Chevalier, Daniel Losak, Science
administrative: theories general de l’institution
administrative .Paris: L.G.D.J, 1978.
362
217. Jaque Rojot, Les théories des organisations .Paris :
ESKA, éd.2, 2005.
218. Joseph Laparambara (edit), Bureaucracy and
political development . New jersey: Princeton university
press, 1963.
219. karl Marx, Critique of Hegel philosophy of right,
trad.Joseph Omalley .New York: Oxford university
presse, 1970.
220. Lénine, L’état et la révolution, la doctrine de l’état
et les taches des prolétariats dans la révolution .Pékin :
édition en langues étrangères, ed.1, 1970.
221. Maurice Duverger, Sociologie politique (Paris : Presse
universitaire de France, Ed.1, 1966.
222. Michel Crozier, Le phénomène bureaucratique
(Paris : édition du Seuil, 1962.
223. Mohamed Tahar Bensaada, le régime politique
Algérien (Alger: entreprise nationale du livre, 1992.
224. Rachid Telemçani, Bazar et globalisation, l'aventure
de l'infitah en Algérie .Alger: les édition el Hikma,
1999.
225. Reinhard Bendix, Max Weber : an intellectuel
portrait .London : Methuen co.ltd.1959.
226. Robert K. Merton, Social Theory and Social
Structure .Glencoe: Free Press, 1957.
227. Robert Michels, Political parties: sociological study
of the oligarchical tendencies of modern democracy,
trad. Eden and Cedar Paul .Canada: Batoche books
Kitchener, 2001.
228. Remili Abderahmane, l'organisation administrative
de l'Algérie .Annaba: imprimerie centrale, 1973.
229. Sami Dassa, « L’ambivalence bureaucratique . le
rapport Eisenstadt), » dans Claude Fischler (édit), La
bureaucratie. Paris : Union général d’édition, 1976.
230. Seymour Martin Lipset, L’homme et la politique
.Paris : Seuil édition, 1960.
231. Taib Essaid , Droit de fonction publique (Alger:
Houma, 2005.
363
–Articles :
232. Abdelkader Yefsah, la question du pouvoir en
Algérie. Alger : ENAP, 1990.
233. Arnaud Sales," Intervention de l'état et position
idéologique des dirigeants des bureaucraties publique et
privés", Sociologie et société, V. 15, N01.
234. Etel Solingen, « Quandaries of the peace process,
Journal of democracy, vol.7, n.3, 1996.
235. N. Bouzidi, le rôle de l'état dans l'économie, IDARA,
V.05, N. 02, 1995.
236. Fred Riggs, « Introduction sematique du terme
bureaucratie, » Revue internationale des sciences
sociales, V.31, N. 04, 10-1979.
237. Renate Mayntz, « Les bureaucrates publiques et la
mise en œuvre des politique,» Revue internationale des
sciences sociales, v.31, n.04, 10-1979.
238. Shamsul Haque, « Incongruity between bureaucracy
and society developing nations: a critique », Peace.
Change, v.22, n.04, Octobre 1997.
239. Dictionnaires :
240. Académie Française, Dictionnaire de l’académie
Française, U.S.A. : University of Chicago, éd.5, 1798.
241. Auguste Ott, Dictionnaire des sciences politiques et
sociales, tom.1, V03. Paris: bibliothèque universal du
clergé, 1854, p905.
242. Le Petite Robert, Paris : Diccorober Inc, 1993.
364
365