You are on page 1of 20

‫‪1‬‬

‫الفصل األول‬
‫أوال‪ :‬تعريف علم اجتماع األدب‪:‬‬
‫تمهيد لإلجابة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ظهـــر علــــم اجتمــــاع األدب؛ ليــــدرسـ العالقة بين األدب والمجتمـع ويهـتم بتفسـير‬ ‫‪‬‬
‫األعمـال األدبيـة باعتبارهـا ظـاهرة اجتماعيـة ألن األدب يستقي موضوعاته وقضاياه من واقع‬
‫المجتمع المعايش وقـد نشـأ علم اجتماع األدب مثله مثل علم اإلجتماع في أوروبا في أوائل‬
‫القرن الماضي ودراسة علم اجتماع األدب ليس ترفا وليست مضيعة للوقت‪ ،‬فاألدب نظام‬
‫اجتماعي يمثل الحياة االجتماعية التـي هـي ذاتهـا حقيقـة اجتماعيـة‪ ،‬ويهـتم هـذا العلـم بـاألدب‬
‫بوصـفه ظـاهرة مـن ظـواهر المجتمـع وينطبـق عليـه مـا ينطبـق علـى علـم االجتمـاع مـن‬
‫منـاهج بحثيـة وأطـر فكريـة‪ .‬ويـذهب دانكـان أن األدب ألفـاظ ذات طبيعـة اسـتقاللية يقـدمها‬
‫فـــرد "الكاتـــب المبـــدع" ولكنـــه يعكـــس الظـــروفـ أو الوضع اإلجتماعي داخـــل المجتمع‪.‬‬
‫فاألدب هو مرآة المجتمع يعكس أحوال فترة زمنية معينة فعلى سبيل المثال لو ُكتب العمل‬
‫األدبي في فترة الخمسينات البد أن يكون هذا العمل األدبي يتحدث عن تلك الفترة حتى يكون‬
‫هناك مصداقية في العمل األدبي‪.‬‬
‫ومثلمــا يهــتم علــم اإلجتمــاع بفهــم مكانــة اإلنســان فــي المجتمع وعالقة اإلنســان‬ ‫‪‬‬
‫بــاآلخرين‪ ،‬ويــدرس ســلوك النــاس فــي المجتمــع‪ ،‬ويكشـف عــن التــزامهم بالمعـايير‬
‫اإلجتماعيـة أو انحـرافهم عـن هـذه المعـايير فإن علـم اجتمـاع األدب يحــاول أن يكشــف عــن‬
‫مــدى اإللتحام واإلتصال بــين علــم اإلجتمــاع واألدب‪.‬‬
‫هـذا و تكتـب الدراسـة السوسـيولوجية لألدب أهميتهـا مـن خـالل اهتمامهـا بــالواقع‬ ‫‪‬‬
‫االجتمــاعي في المجتمع وإذا كـان علـم االجتماع يهتم بدراســة الواقــع االجتماعي وتحوالته‬
‫واألساسات الفكرية التـي تقـوم عليهـا‪ ،‬فإن الدراسـة فـي علـم اإلجتماع األدب تسعى لمعرفة‬
‫الواقع اإلجتماعي من خالل األعمال األدبية‪ .‬ومـن ثـم فالباحـث فـي علـم اجتمـاع األدب عليـه‬
‫أن يختـار عنـد تحليلـه لألعمال األدبية نصوص معينة تكـون أكثـر تعبيرا عـن الواقـع‪ ،‬وينبغـي‬
‫أن يأخذ في حسبانه أنه ليس بالضرورة تماما أن يكـون الـنص األدبـي مطابق لمـا يحـدث في‬
‫الواقع اإلجتماعي ولكن هناك بعض السمات التي تتطابق مع هذا الواقع‪ .‬ولكن هذا ال يعني أن‬
‫العمل األدبي أو الفني يعد انعكاسا مباشـر للواقـع كمــا هــو‪ ،‬فاألديــب أو الفنـان يضـيف إلى‬
‫عملـه شـيئا مــن عنــده حــين يصــور الواقع يزيد من جمال هذا الواقع إن كان جميال ويزيد‬
‫من قبحه إن كان قبيحا فالكاتب يعبر عن تجربته ومفهومه لجوانب محددة من الحياة وليس كل‬
‫الحيـاة‪.‬‬
‫ويؤكد "جون هول" على اجتماعية الظاهرة األدبية وصعوبة بل استحالة فهمهـا بعيـدا عـن‬ ‫‪‬‬
‫السـياق التـاريخي والواقـع االجتماعي والحقبة التاريخية التي ظهــرت فيهـــا‪ ،‬فمـــن الصـــعب‬
‫‪2‬‬

‫تجريـــد األدب مـــن الطـــابع السياســـي واالقتصـــادي واالجتمـــاعي الســـائد خالل هـــذه‬
‫الحقبـــة ألن العمل األدبي يتأثر بكل األمور الموجودة داخل المجتمع يتأثر بالعوامل السياسية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية داخل المجتمع في الفترة التي كتب فيها العمل وال يمكـــن فهـــم‬
‫نشـــأة الظـــاهرة األدبيـــة وتطورها باالعتماد فقط على منطق التطور الداخلي لها وإنمـا‬
‫يتعـين ردهـا إلـى التغيرات اإلجتماعية والثقافية التي لحقت بالمجتمع في فترة تاريخية محددة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعريف علم اجتماع األدب‪:‬‬
‫‪ ‬هو ذلك الفرع من فروع المعرفة السوسيولوجية الذي يطبق مناهج وأدوات علم االجتماع‬
‫وأطره الفكرية وقضاياه النظرية على دراسة األدب بوصفه ظاهرة من ظواهر المجتمع‬
‫التي يتخصص هذا الفرع في دراسته‪ ،‬وهذه حقيقة هامة ينبغي إدراكها ذلك أنه يترتب‬
‫عليها التسليم بأن علم اجتماع األدب شأنه في ذلك شأن فروع علم االجتماع األخرى كما‬
‫أنه يتألف من جانبين متكاملين من الفكر والوقع أو النظرية واإلمبيريقية وهذان الجانبان‬
‫هما عماد المعرفة السوسيولوجية ولهذا فإن قضـية التحليـل اإلجتمـاعي لـألدب ‪ -‬محـور‬
‫البحـث فـى علـم اجتماع األدب‪ -‬إنما تعنى البحث النقدي الدقيق في الصـلة الحقيقيـة بـين‬
‫األدب والمجتمع والرابطة التى تـربط الظـاهرة األدبيـة بكافـة مكونـات البنـاء اإلجتمـاعي‬
‫والثقافي األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬هو حقل جديد من حقول علم االجتماع يختم بالطابع االجتماعي لألدب أي الصلة بين الواقع‬
‫االجتماعي المعاش واألدب كنتاج اجتماعي ويدرس العالقة بين األدب والمجتمع‪ ،‬ولوشئنا‬
‫الدقة فهو يدرس العالقة بين األدب والطبقة اإلجتماعية فاألديب في إنتاجه األدبي قد يعبر‬
‫عن الطبقة التي ينتمي إليها وقد يكشف عن رؤية هذه الطبقة للعالم وهذا اإلهتمام بالعالقة‬
‫بين األدب والمجتمع كان رد فعل التجاهات ومدارس أخرى كانت تؤكد على "الفن للفن"‬
‫و"التحليل النفسي لألدب" وعلم اجتماع األدب يؤكد على زيف ادعاءات هاتين المدرستين‬
‫إذ يرفض علم اجتماع األدب مدرسة التحليل النفسي لألدب التي تؤكد فردية الظاهرة‬
‫األدبية وعزلها عن جذورها اإلجتماعية كما يرفض القول بأن عملية اإلبداع الفني عملية‬
‫فردية بحتة‪.‬‬
‫‪ ‬فعلم اجتماع األدب مجال جديد تتداخل في تكوينه أبعاد لغوية وجمالية واجتماعية يحاول أن‬
‫يمزج ويركب بين الواقع والخيال والعلم والخيال ويحاول أن يؤكد أن األدب ظاهرة إنسانية‬
‫متطورة في حالة من التغير المستمر لتواكب المجتمع وقضاياه ومشاكله المستجدة إذ‬
‫تتضمن األعمال األدبية دوما تغيرات تطرأ على األسلوب وعلى طريقة الكتابة وعلى‬
‫المضمون واإلنتاج اإلجتماعي وتأثير القوة السياسية وتفاوت مكانة األعمال واألنواع‬
‫األدبية في المجتمع في فنرة تاريخية معينة‪.‬‬
‫‪ ‬الدراسة السوسيولوجية لألدب تهدف إلى استخالص أفكار المؤلفين واألدباء المتصلة‬
‫بالمجتمع أو ربــط األدب ببنــاء المجتمــع علــى طريــق علــم اجتمـــاع المعرفـــة هـــذا‬
‫ويمكننـــا األدب مـــن تعلـــم واكتســـاب بعض المعـــارف المتصــلةـ بــالمجتمع لإلفــادة‬
‫‪3‬‬

‫منهــا فــى التحليــل السوســيولوجىـ المقــارن وخاصــة بالنســـبة للمجتمعـــات التاريخيـــة‬


‫أو المعاصـــرة التــــىـ يصـــعب دراســـتها بطريقـــة شاملة إما لعدم وجود وثائق تاريخية‬
‫خاصة بها‪ ،‬أو ألسباب سياسية ويوضح هــذا التعريــف هــدف الدراســة السوســيولوجية‬
‫لألعمــال األدبيــة وهـــي اســـتخالص األفكــار المتصــلةـ ببنـــاء المجتمـــع علـــى‬
‫طريــق علـــم اجتمـــاع المعرفـة الـذى يهـتم بالعالقـة بـين أنسـاق الفكـر والوقـائع‬
‫الجتماعيـة‪ ،‬أو بتحليـل العالقات الوظيفية المتبادلة بين العمليات االجتماعية والبنـاءات‬
‫االجتماعيـة مـن جهة‪ ،‬والحياة الفكرية وطرائق المعرفة من جهة أخرى‪.‬‬
‫ومن هنا يمكن القول بأنه قد تعاظم اإلهتمام بعلم اجتمـاع األدب نتيجـة الحاجة المتزايدة‬ ‫‪‬‬
‫إلـى رصـد الظـاهرة األدبيـة رصـدا دقيقا وتقريـب المسـافات بـين علم اإلجتماع واألدب‬
‫وتأسيس مجال مشترك بينهما هو علم اجتماع األدب‪.‬‬
‫ويحقق علم اجتماع األدب هدفين أساسيين هما‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫اكتشاف الجذور االجتماعية للظاهرة األدبية وتطورها عبر المراحل التاريخية المختلفة‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫مواجهة اإلدعاءات التي تعلنها مذاهب مثل الفن للفن والتحليل النفسي لألدب‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يهتم علم اجتماع األدب باإلستهالك األدبي فالبد أن يعلم األديب من يخاطب في رواياته‬ ‫‪‬‬
‫فإذا كانت الموضوعاتـ التي سيكتبها سوف تلقي اهتمام من القراء أم ال؟ كما أن الكاتب‬
‫البد أن يخاطب عقلية القارئ بصورة تسمح للقارئ استيعاب لما قد كتب‪.‬‬
‫ويركــز اإلتجــاه اإلجتمــاعي فــي األدب علــى الــدور الــذي يضـطلع بــه المجتمــع فــي‬ ‫‪‬‬
‫عمليــة اإلبــداع فاإلبــداع يســتلزم التوجيــه والتنظــيم والقــدرة علــى الـــتحكم وهـــذا‬
‫يعنــي أن العمـــل األدبــي لـــيس ظـــاهرة فرديـــة تخضع النفعاالت الذات ولكن كل عمل‬
‫أدبي يعبر عن واقعـة حضـارية تمتـد جـذورها إلـى أعمـاق البيئة اإلجتماعية التي ينتمي‬
‫إليها األديب‪ ،‬فاإلبداع يرتبط بثالث مجاالت‪:‬‬
‫النص األدبي‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الكاتب‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫البيئة اإلجتماعية التي ينتمي إليها الكاتب‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫و العالقـة بـين األدب والواقـع اإلجتمـاعى ليسـت عالقـة مـن جانـب واحـد بل عالقة‬ ‫‪‬‬
‫جدلية‪ ،‬فاألديب يعكس ويصور الحياة اإلجتماعية في بيئته ولكنه ال يعكــس هــذه الحيــاة‬
‫اإلجتماعيـة آليا ولكــن يــتم ذلك بدرجة كبيرة مــن التعقيــد بحيث يصبن األدب بمثابة‬
‫ثمرة من ثمرات انعكاس الواقع اإلجتماعي في شعور األديـب وفكره مـن خالل خبرتـه‪،‬‬
‫وفـي حـدود ثقافتـه وموقفـه اإلجتمـاعي واألدب كذلك ثمرة اختيار األديب لعناصـر مـن‬
‫هـذا الواقـع ثـم هـو ثمـرة إعـادة بنـاء هـذه العناصر جميعها بلغة جديدة هي لغة التعبير‬
‫األدبي‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫األديب أو الكاتب‪:‬‬
‫له دور كبير أنه يدق ناقوس الخبر لوجود بعض القضايا والمشكالت داخل المجتمع كما أنه‬ ‫‪‬‬
‫يتميز بصفات تختلف عن أي شخص آخر داخل المجتمع‪:‬‬
‫‪ .1‬الحس المرهف‪ :‬حتى يستطيع أن يتأثر بالقضايا والمشكالت التي يراها داخل المجتمع‪.‬‬
‫‪ .2‬الذكاء الفائق‪ :‬حتى يستطيع عرض المشكلة وتحليلها سريعا‪.‬‬
‫‪ .3‬الخيال الخصب‪ :‬حتى يستطيع عرض المشكلة في شكل فني مشوق يمزجها بقدر من‬
‫الخيال فما يميز العمل األدبي هو ذلك الخيال الذي يضفي التشويق فيجذب انتباه القارئ‬
‫الستكمال ذلك العمل األدبي بعكس الكتاب العلمي الذي يضم وقائع وحقائق صماء ‪.‬‬
‫‪ .4‬الذاكرة القوية‪ :‬حتى عندما يأتي للتحدث عن مشكلة أو قضية معينة البد أن يكون لديه‬
‫ذاكرة قوية يستطيع من خاللها استرجاع كل المواقف التي يمر بها وخاصة بتلك القضية‬
‫حتى يستطيع أن يكتب فيها‪.‬‬

‫هل األدب انعكاس مرآوي لواقع المجتمع بالظبط؟‬


‫ال يمكن أن نقول هذا ألنها جملة غير دقيقة ألن األديب يمكن أن يقابله بعض المعوقات في‬ ‫‪‬‬
‫الحديث عن بعض المشكالت الموجودة داخل المجتمع بسبب الضغط السياسي عليه‪.‬‬
‫كما أن األديب قد يبالغ في إلقاء الضوء أو الحديث عن مشكلة معينة ليلفت انتباه المجتمع إليها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫باإلضافة إلى أن الحبكة الدرامية وأصول الكتابة الفنية فالكتابة األدبية البد أن يدخل فيها نوع‬ ‫‪‬‬
‫من التشويق والخيال لجذب القارئ‪.‬‬

‫ماهو الفرق بين تفسير علم اإلجتماع للعمل األدبي والتفسير اإلجتماعي لألدب؟‬
‫يهتم علم اجتماع األدب بفهم وتحديد العمل األدبي من رواية أو قصة في فترة زمنية معينة من‬ ‫‪‬‬
‫خالل قضايا ونظيات علم اإلجتماع‪.‬‬
‫التفسير اإلجتماعي لألدب هو محاولة لفهم العمل األدبي من زاوية المشكالت اإلجتماعية ومدى‬ ‫‪‬‬
‫واقعيتها ومحاكاتها للواقع والحلول التي يطرحها ومدى مالئمتها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نشأة علم اجتماع األدب وتطوره‬


‫ممـا ال شك فيـه أن العلـم لـيس وليـد لحظـة تاريخيـة محـددة‪ ،‬فالعلم حصـيلة خبـرات تراكمـت‬ ‫‪‬‬
‫عبـر التـاريخ ثـم تبلـورت فـي شـكل محـدد أضـفى عليها سمات معينة‪ ،‬فإذا كان جوهر البحث‬
‫في علم اجتماع األدب هو توضيح العالقة المتبادلـــة بـــين األدب والمجتمـــع ومن أبرز الذين‬
‫عالجوا قضية العالقة بين األدب والمجتمع في العصر الحديث مدام دي ستايل وجاءت أول‬
‫معالجة حقيقية للعالقة بين األدب والمجتمع على يد الفيلسوف والناقد الفرنسي هيبوليت تين ثم‬
‫أضفى جورج لوكاتش رائد النزعة الواقعية في التحليل اإلجتماعي لألدب على هذه القضية‬
‫أبعادا جديدة للمؤلفات أهمها نحو علم اجتماع الرواية‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ويستطيع المتتبع لتاريخ الفكر السوسيولوجي أن يلحظ فكرة العالقة بين األدب والمجتمع عند‬ ‫‪‬‬
‫رواد علم اإلجتماع األوائل أمثال أوجست كونت‪ ،‬ودوركايم‪ ،‬وهربرت سبنسر ومن بعدهم‬
‫كارل مانيهم ومن قبلهم عبد الرحمن بن خلدون اهتموا جميعهم بالبحث في عالقة األدب‬
‫بالمجتمع‪.‬‬

‫أهم الباحثين في مجال العالقة بين األدب والمجتمع‪:‬‬


‫‪.1‬ابن خلدون‪:‬‬
‫‪ ‬حيث ربط بين دور األدب ومكانته ومراحل التطور اإلجتماعي فكل مرحلة تاريخية في‬
‫المجتمع لها السمات الثقافية واإلجتماعية والسياسية التي بدورها تؤثر على األدب في المجتمع‬
‫في تلك المرحلة فمن الواضحـ أن ابن خلدون قد ربط بين مكانة األدب والكتابة ودورهما وبين‬
‫تطور المجتمع بصورة تبدو فيه العالقة لديه وكأنها عالقة وظيفية أكثر من كونها عالقة‬
‫انعكاس إذ يرى ابن خلدون أن األدب جزء من البناء االجتماعي يزدهر بازدهاره وينحط إلى‬
‫مرتبة ثانوية عندما ينتابه الهرم‪.‬‬
‫‪ .2‬مدام ديستيل‬
‫‪ ‬هي التي حولت دراسة الظاهرة األدبية بوصفها ظاهرة اجتماعية وخاصة في مؤلفها عن األدب‬
‫وعالقته بالنظم االجتماعية حيث عرضت في ذلك المؤلف تفسيرا اجتماعيا تاريخيا لبعض‬
‫األمم أكدت على أن أدب أي مجتمع من المجتمعات ينسجم مع المعتقدات اإلجتماعية‬
‫والسياسية السائدة في ذلك المجتمع فكل مجتمع له ظروفه وأحواله السياسية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية الخاصة به التي تساهم في إفراز نوع من األدب خاص بهذا المجتمع مالئم‬
‫لظروفه واتجاهاته ويختلف عن مجتمع آخر‪.‬‬

‫‪ .3‬الفيلسوف األلماني هيجل‬


‫‪ ‬أكد أن هذه اآلداب تعبر وبشكل كامل عن مجتمعاتها وإننا بإمكاننا فهم هذه المجتمعات من خالل‬
‫الدراسة الواعية آلدابها فلكل مجتمع روح مهيمنة تظهر وبشكل واضح في آدابه وفنونه‬
‫المختلفة كما أوضح هيجل في هذه المحاضرة التغيرات التي طرأت على األعمال األدبية‬
‫والتي كانت نتيجة التغيرات‪ :‬اإلجتماعية واإلقتصادية والسياسية التي شهدها المجتمع في ذلك‬
‫الوقت فتحول المجتمع من مجتمع تقليدي إلى مجتمع صناعي صحبه أيضا تحوال في األعمال‬
‫االدبية فظهرت الرواية لكي تعبر عن التفاوت الطبقي واإلجتماعي وتصوره بشكل واقعي‪.‬‬

‫‪ .4‬آدم سميث وآدم فرجسون‬


‫‪ ‬لقد جاءت تحليالت آدم سميث وآدم فرجسون قريبة الشبه فيما بينهما في عالقة األدب بالمجتمع‬
‫ففي الوقت الذي ناقش فيه آدم سميث الفنون المختلفة كالشعر والموسيقى وغيرها لكي يستدل‬
‫على روح المجتمع الذي نشأت فيه هذه الفنون أكد آدم فرجسون أن الشعر كان أداة أساسية في‬
‫‪6‬‬

‫العصور اليونانية األولى لنقل تعليمات النهضة ورجال الدولة والفالسفة ومن ثم حظي الشاعر‬
‫بمكانة مرموقة في تلك العصور‪.‬ـ‬

‫‪ .5‬أبسن‬
‫‪ ‬لقد اعتنق الشاعر النرويجي ابسن مذهب الواقعية في األدب فكرس نفسه لتشخيص أمراض‬
‫المجتمع وأداء النفس البشرية فبدأ يكتب مسرحيات شعرية باللغة التي يتحدث بها الناس‬
‫وسرعان ما أصبح أحد زعماء المدرسة الواقعية الجديدة‪ ،‬كتب أبسن المسرحية الشعرية‬
‫أعمدة المجتمع التي عالج فيها مشكلة النفاق اإلجتماعي ثم مسرحية بيت الدمية التي وجه فيها‬
‫نقده إلى وضع المرأة في المجتمع واعتبره البعض كاتبا اجتماعيا يهدف إلى اإلصالح‬
‫اإلجتماعي أما هو فكان يعتقد أن مهمته تقتصر على تشخيص األمراض اإلجتماعية‬
‫واألخالقية ووصفها دون أن يقترح لها عالج‪.‬‬

‫هيبوليت تين‬ ‫‪.6‬‬


‫‪ ‬إن أول معالجة حقيقية للعالقة بين األدب والمجتمع ترجع إلى الفيلسوف تين ولقد استفاد من‬
‫أفكار سابقيه في تطوير نظريته عن العالقة بين األدب والمجتمع ولذلك فهو يعتبر المؤسس‬
‫الحقيقي لعلم اجتماع األدب وعلى الرغم من أنه قد ناقش العالقة بين األدب والمجتمع إال أنه‬
‫لم يتعرض للمشكالت األساسية التي يمكن أن تواجه هذا الميدان الجديد من الدراسة‬
‫السوسيولوجية‪.‬‬
‫‪ ‬والجدير بالذكر أن تين قد أضفى على اجتماع األدب صيغة الوضعية أي العلمية وهي القابلة‬
‫للتجريب طالما أن المادة التي يقوم بتحليلها تتسم بالواقعية هذا من ناحية وطريقة معالجته لهذه‬
‫المادة تعتمد على المنهج العلمي المستخدم في أي علم وضعي من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ولقد تطورت الدراسة السوسيولوجية لألدب داخل المدرسة الفرنسية والمدرسة األلمانية بصفة‬ ‫‪‬‬
‫خاصة حيث كانت لكلتا المدرستين أفضلية السبق في هذا الميدان أما الدراسة السوسيولوجية‬
‫لألدب في إنجلترا لم تحظ باالهتمام قبل عام ‪ 1970‬ميالديا‪.‬‬
‫ولعل أهم األسباب التي أدت إلى تأخر ظهور علم اجتماع األدب في إنجلترا هو الحالة الجيدة التي‬ ‫‪‬‬
‫ظهرت عليها اتجاهات النقد األدبي اإلنجليزي التقليدية والتي اهتمت في الغالب بالجانب‬
‫االجتماعي في كثير من أوجه النقد األدبي فربما يعني ذلك أن فرصة علماء اإلجتماع أصبحت‬
‫محدودة للغاية للدخزل في هذا الميدان الي سبقهم فيه علماء النقد األدبي‪.‬‬
‫أخيرا قد ظهر اتجاه قوي نحو تحقيق االلتقاء بين كل من األدب وعلم االجتماع والدليل على ذلك‬ ‫‪‬‬
‫المؤتمرات العديدة التي عقدت حديثا وتناولت العالقة بين االدب والمجتمع وإمكانية قيام فرع جديد‬
‫من فروع المعرفة السوسيولوجية يدرس تلك العالقة وهو ما اصطلح على تسميته "علم اجتماع‬
‫األدب" ومن بين هذه المؤتمرات التي عقدت المؤتمر الذي عقد في جامعة أسكس وجامعة ليفربول‬
‫‪7‬‬

‫وجامعة ‪ East Anglia‬في نهاية السبعينات من هذا القرن ولقد ظهر خالل هذه المؤتمرات مدى‬
‫التعاون المتبادل بين المتخصصينـ في علم اإلجتماع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مجاالت اإلهتمام األساسية في علم اجتماع األدب‬


‫إن علم اجتماع األدب مثله مثل أي فرع من فروع المعرفة السوسيولوجية له مجاالت اهتمام‬ ‫‪‬‬
‫رئيسية ولكن لحداثة هذا الميـدان فلـيس هنـاك اتفاق عـام حـول المويضوعاتـ األساسـية التـي‬
‫يتناولهـا بالدراسـة والتحليـل إال أن الكثير مـن الدراسـات التـي صـدرت تحـت عنـوان "علـم‬
‫اجتمـاع األدب" قـد سـلمت بالحقيقة القائلة بأن هناك عالقة بين األدب والمجتمع وأنه ينبغي على‬
‫عالم اجتماع األدب أن يدرس هذه العالقة لبيان مدى التقارب بينهما ولكن بصفة عامة وضعنا‬
‫تصور ألهم مجاالت اإلهتمام التي يستطيع المتخصص في علم اجتماع األدب دراستها ومن‬
‫أمثلتها‪:‬‬
‫‪.1‬الثقافة‪:‬‬
‫‪ ‬إذ يستطيع عالم اجتماع األدب دراسة ثقافة مجتمع ما من خالل األدب الذي نشأ في هذا‬
‫المجتمع فاألدب يجسد هذه الثقافة وهذا فضال عن دراسة التغير الثقافي عبر الفترات‬
‫التاريخية واالختالف الثقافي بين المجتمعات بعضها البعض وداخل المجتمع الواحد بين‬
‫الريف والحضر وبين الطبقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬فالشك أن الدراسة السوسيولوجية للثقافة من خالل األعمال األدبية تعطي لعالم االجتماع‬
‫عمقا أكثر خاصة في الفترات أو العصور التاريخية الماضية فاألدب هنا كما يقول تين يعد‬
‫بحق أثرا تاريخيا داال على ثقافة عصره‪.‬‬
‫‪.2‬الضبط اإلجتماعي‪:‬‬
‫‪ ‬يشير مصطلح الضـبط اإلجتمـاعي إلـى‪ :‬مجموعـة القواعـد‪ ،‬أو المعـايير اإلجتماعية التي تحكم‬
‫سلوك األفراد في المجتمع‪ ،‬وهذه المعايير بالطبع متنوعـة ومختلفــة مثــل العــادات‬
‫والتقاليــد والعــرف‪ ،‬والــدين‪ ،‬والقــانون‪ ،‬ووســائل اإلعــالم‪ ..‬الخ ويعرف "كـوزر"‬
‫الضـبط اإلجتماعي بأنه المؤسسات النظامية التي تكفل تطابق السلوك الفردي مع متطلبات‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫‪ ‬هنـاك مجموعـة مـن األعمـال األدبيـة التـي يمكـن النظر إليهـا علـى أنهـا وسـيلة هامـة مـن‬
‫وسـائل الضبط اإلجتمـاعي أو بمعنـى آخـر يمكــن اســتخدام األدب كوســيلة مــن وســائل‬
‫الضبط الجتمــاعي‪ ،‬ويؤكـد علــى هــذه الفكرة اإلتجاه الماركسي فـــي األدب‪ ،‬فاألدبـــاء‬
‫مطالبون بخوض معركة الحزب الشــيوعيـ والدعوة إليــه ســواء فــي قصــائدهم‪ ،‬أو‬
‫مســرحياتهم أو روايــاتهم‪ ،‬فالحزب يطـالبهم بـأدب يعبـر عـن الواقـع‪ ،‬ويعمـل علـى تعبئـة‬
‫‪8‬‬

‫القاعـدة العرييضة مـن الشـعب وهي "طبقة البروليتاريا" لخوض المعركة ضد طبقـة‬
‫"البرجوازيـة"‪.‬‬
‫‪ ‬بناء على ذلك فإن األديب مسؤول مسؤولية في الدعوة إلى تنوير الرأي العام ولقد انتقى كوزر‬
‫مجموعة من الروائيين األمريكان المعاصرين الذين عبرت أعمالهم الروائية عن مجموعة‬
‫من القيم والتعاليم التي تعد بمثابة وسيلة للضبط االجتماعي من أهمهم جون ستين بك وقام‬
‫بتحليل بعض األعمال الروائية العالمية التي تعد بمثابة وسيلة الضبط االجتماعي منها على‬
‫سبيل المثال ال الحصر رواية ‪ An Other Directed Man‬لتولستوي ورواية مدينة‬
‫الشمس لتوماس كمبانلال‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪ :‬االتجاهات النظرية في علم اجتماع األدب‬


‫‪ .1‬النظرية التاريخية الحديثة‪:‬‬
‫‪ ‬ظهر اتجاه التاريخية الحديثة في مجال الدراسات التي تتعامل مع علم اجتماع األدب في ثمانينيات‬
‫القرن العشرين ويعد استيفن جرينبالط هو مؤسس التاريخية الحديثة ثم انتشرت بعد ذلك لدى‬
‫الدارسين اإلنجليز واألمريكيين ليردوا من خاللها على اتجاه الشكلية في األدب والذي كان‬
‫يركز على التعامل مع النص وحده حيث يرى أنصار التاريخية الحديثة أن النص األدبي وحده‬
‫ال يمكن أن يكون شيئا مكتفيا بذاته بعيدا عن اإلطار الذي ظهر بداخله وهو اإلطار الذي تشكله‬
‫الظروف االجتماعية والسياسية التي أحاطت بالعمل‪.‬‬
‫‪‬أكد ستيفن جرينبالط أن األدب انعكاسا للواقع اإلجتماعي ونتاجا له ألنه يستقي موضوعاته من‬
‫واقع المجتمع المعايش‪.‬‬
‫‪ ‬ينظر أنصار التاريخية الحديثة إلى األدب على أنه إحدى القوى اإلجتماعية التي تسهم في صناعة‬
‫األفراد وذلك من حيث أن النصوص األدبية تسهم بدور حقيقي في الضبط االجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬يقوم اتجاه التاريخية الحديثة بتفسير الرابطة بين البناء الفوقي (هو الفن واألدب) و التحتي(هو‬
‫العوامل االقتصادية والسياسية واالجتماعية وعوامل اإلنتاج وعوامل الصناعة فهو الذي يبني‬
‫المجتمع) على أساس من أربعة دفوع يقود كل منها الذي يليه‪:‬‬
‫‪.1‬الدافع األول‪:‬‬
‫‪ ‬أن األدب كيان مرتبط بتاريخ المجتمع أي أن الطريقة الوحيدة لفهم العمل األدبي هو‬
‫من خالل ثقافة المجتمع الذي أنتجه‪.‬‬
‫‪.2‬الدافع الثاني‪:‬‬
‫‪9‬‬

‫أنه مادام األدب ليس مجاال مستقال عن النشاط اإلنساني وإنما البد من استيعابه من‬ ‫‪‬‬
‫خالل التاريخ فإن هذا يستتبع رؤية تاريخية معينة فالعمل األدبي يظهر في عصر له‬
‫رؤية خاصة به‪.‬‬

‫‪.3‬الدافع الثالث‪:‬‬
‫‪ ‬أن العمل األدبي تكوين اجتماعي ألنه ناتج من قضايا المجتمع فالفرد المبدع هو كائن‬
‫اجتماعي أنتجته الظروف االجتماعية والسياسية ولذلك كل أديب يعبر عن الفترة‬
‫التاريخية المتواجد بها في العمل األدبي الذي يقوم بكتابته‪.‬‬
‫‪.4‬الدافع الرابع‪:‬‬
‫‪ ‬وفي ضوء ما سبق فإن ال أحد يستطيع أن ينفصل عن تكوينه االجتماعي أو عن تنشئته‬
‫األيديولوجية بحيث يتمكن من فهم الماضي من خالل المقاييس أو االعتبارات الخاصة‬
‫بذلك الماضي أي أن القارئ الحديث لن يستطيع أن يعيش النص األدبي الذي ينتمي‬
‫إلى عصر مضى كما عاشه المعاصرون له وإنما يحاول المهتم أن يستخدم النص‬
‫األدبي كوسيلة يحاول من خاللها أن يتوصل إلى إعادة تكوين أيدولوجية تنتمي إلى‬
‫العصر الذي ظهر فيه النص‪.‬‬
‫‪‬وفي نفس السياق يؤكد جون هول في سياق حديثه عن اجتماعية الظاهرة األدبية واستحالة فهمها‬
‫بعيدا عن السياق التاريخي والواقع االجتماعي والحقبة التاريخية التي ظهرت فيها إذ أنه من‬
‫الصعب تجريد األدب من الطابع السياسي واالقتصادي واالجتماعي السائد خالل هذه الفترة‬
‫ويجب ردها إلى التغيرات االجتماعية والثقافية التي لحقت بالمجتمع في فترة تاريخية محددة‪.‬‬

‫مستخلص النظرية الذي يفيد في تحليل المعطيات الميدانية للدراسة‪:‬‬


‫يعتبر األدب في كل عصر من العصور واقعة اإلجتماعي واالقتصادي كما هو تعبير عن‬ ‫‪‬‬
‫فلسفته وآدابه‪.‬‬
‫يؤكد التحليل التاريخي أن األدب والفن ال ينشأن من وعي فــردي فحسب وإنما هما تعبير عن‬ ‫‪‬‬
‫نظرة يحددها المجتمع تجاه العالم وبالتالي يخضع األدب إليدبولوجيات خاصة تقوم على أسس‬
‫اجتماعية وتكشـف عن رؤية معينة للمجتمع‪.‬‬
‫يؤكد التحليل االجتماعي لألديب أن هناك عالقة متبادلة بين األساليب األدبية وثقافة المجتمع‬ ‫‪‬‬
‫التي وجدت فيها هذه األعمال األدبية باعتبار أن األدب نتاج اجتماعي يتأثر بالظروف‬
‫والتحوالت االجتماعية التي يمر بها المجتمع‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫األدب يرتبط بالتطور التاريخي للواقع االجتماعي فلكل مرحلة تاريخية من المراحل التي‬ ‫‪‬‬
‫حددها لون أدبي خاص بها يتناسب مع طبيعة البناء االجتماعي‪.‬‬

‫‪ .2‬نظرية االتصال الجماهيري‪:‬‬


‫‪ ‬تختلف نظرية االتصال الجماهيري في نظرتها إلى الدراسة السوسيولوجية لألدب عن المدارس‬
‫السابقة فإذا كانت السمة العامة التي تجمع بين المدارسـ السابقة هو التأكيد على تحليل بنية‬
‫األعمال األدبية في ضوء معانيها االجتماعية فنظرية االتصال الجماهيري تنظر إلى األعمال‬
‫األدبية باعتبارها مادة أساسية أو وسيلة هامة من وسائل االتصال الجماهيري وال شك أن‬
‫األعمال األدبية قد حظيت بأهمية خاصة كوسيلة اتصالية هامة قبل ظهور الثورة التكنولوجية‬
‫ومع ظهور وسائل االتصال الجماهيري الحديثة انحصر دور األدب واقتصر على فئات معينة‬
‫في المجتمع إال أن مضمون هذه األعمال األدبية يعد بمثابة المادة األساسية التي تبثها وسائل‬
‫اإلعالم المختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬في الوقت الحاضر تتمتع وسائل االتصال الجماهيري بقدرتها على السيطرة والتحكم في أفكار‬
‫وأذواق الجماهير فضال عن تعبئتهم نحو أهداف محددة ومقصودة من قبل القائمين على هذه‬
‫الوسائل ولقد أكد رواد المدرسة على أهمية انتقاء األعمال األدبية التي تنقلها وسائل االتصال‬
‫المجتمعي وال شك أن هذه الفكرة قريبة من األفكار التي تنادي بها المدرسة الماركسية مثل تقييد‬
‫األعمال األدبية واستخدامها كوسياة من وسائل الضبط االجتماعي وباختصار لقد نوقشت فكرة‬
‫أن األدب يعد وسيلة أساسية من وسائل االتصال الجماهيري من قبل أنصار هذه النظرية‪.‬‬
‫‪ ‬ومما سبق يتضح مدى أهمية بل وخطورة األعمال األدبية في التعبير عن الظروف واألحوال‬
‫الكلية للمجتمع والتي من خاللها تلعب وسائل االتصال المجتمعي دورها في الهيمنة على أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫هناك نوعين من التحليل‪:‬‬


‫تحليل كمي‪ :‬هو استمارة استبيان أو استطالع رأي توزع على الجمهور ومن ثم البدأ في تحويل‬ ‫‪.1‬‬
‫البيانات إلى أرقام ونسب‪.‬‬
‫تحليل كيفي‪ :‬تحليل للكلمات والجمل واألفكار الموجودة داخل العمل األدبي‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬طرق الدراسة السوسيولوجية لألدب‪:‬‬


‫‪ .1‬تحليل المضمون‪:‬‬
‫‪ ‬هو على سبيل المثال‪ :‬سنعمل اآلن على قضية الفساد فسنبدأ بوضع يدنا على رواية معينة أو‬
‫عمل أدبي معين يتناول قضية الفساد ونبدأ بقرائته ونقوم باستخراج كافة الكلمات واإليماءات‬
‫والجمل والحوارات التي بين األبطال قي العمل األدبي التي تشير إلى القضية التي أعمل عليها‬
‫وأبدأ بتحليلها والنظر إلى مدى ارتباطها بالواقع‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪‬ويعتبر تحليل المضمون إحدى طرق جمع البيانات الخاصة بالتحليل الكيفي لألعمال األدبية ويعتبر‬
‫تحليل المضمونـ شكال مبسطا لعلم دالالت األلفاظ الكمي وهو يتناول األفكار المتضمنة في‬
‫النص أكثر من تناوله ألسلوب النص ويطبق تحليل المضمونـ عادة على النصوص المكتوبة‬
‫كالكتب والدوريات واألعمال األدبية كالرواية والقصة وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬كما يعرف كاوزكر بندروق تحليل المضمونـ بأنه أحد األساليب البحثية التي تستخدم في تحليل‬
‫المواد اإلعالمية بهدف الوصول إلى استدالالت واستجابات صحيحة يعتمد عليها في حالة إعادة‬
‫البحث والتحليل‪.‬‬
‫‪ ‬وتعد الوحدات األساسية لتحليل المضمونـ هي وحدات االتصال التي يمكن إخضاعها للتحليل‬
‫والقياس والعد والدراسة والوحدة قد تكون مقاال أو خطبة أو كتابا أو برنامجا إذاعيا‪:‬‬
‫‪ .1‬وحدة الكلمة أو وحدة الرمز أو وحدة الموضوع‪.‬ـ‬
‫‪ .2‬وحدة سياق الموضوع‪.‬‬
‫‪ .3‬وحدة التصنيف‪.‬ـ‬
‫‪ .4‬وحدة العد وهي تكرار وحداد التصنيف‪.‬‬
‫‪ ‬على سبيل المثال التحليل في رواية عمارة يعقوبان‪( :‬غير مطلوب ولكنه زائد)‬
‫الفساد وهجرة الشباب المصري‬
‫تتغرب وتفوتنا وحدنا‪.......‬؟!‬
‫سنا وال سنتين وأرجع بقرشين حلوين‪.‬‬
‫كل الناس تقول كده وعمرها ما بترجع‪.‬‬
‫يعني عاجبك الفقر‪....‬ـ إحنا عايشين يوم بيـوم‪ ...‬نفضـل طـول عمرنـا نستلف؟‬
‫واحده واحده الصغير بيكبر‪.‬‬
‫إال في بلدنا كل حاجة بالعكس عنـدنا الكبيـر يكبـر والصـغيرـ بيموت ‪...‬ـ‬
‫الفلوس تجيب فلوس والفقر يجيب فقر‬
‫ومن ثم فإن الفقـر وفقـدان الهويـة التـى عانـت منـه الطبقـات الـدنيا داخـل المجتمع قد فجرت‬
‫بداخلهم رغبة قوية في أن يتركوا هذا البلد ويسعوا إلى تحقيق أحالمهم في بلد آخر ‪ ،‬وذلك بعد‬
‫أن انهارت أحالمهم واستحال تحقيقها في ظل الفسـاد والطبقيـة التـي سـادت المجتمـع وتغلغلـت‬
‫فيـه‪ ،‬باإلضافة إلـى غيـاب مبـدأ تكافؤ الفرص وبالتالي انعدام العدالة اإلجتماعية داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪ .2‬دراسة الحالة‪:‬‬
‫‪‬تعتبر دراسة الحالة في مجال علم اجتماع األدب معالجة كلية للموضوع من خالل دراسة تفصيلية‬
‫لمجموعة معينة من البيانات المتعلقة بمجموعة من المواقف واألحداث فقد تكون الحالة موضوع‬
‫الدراسة مثل‪ :‬أسرة السيد عبد الجواد في الثالثية وقد تكون مكان مثل‪ :‬البانسيون في رواية‬
‫ميرامار‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫‪‬كما أنها تعتبر من الطرق الهامة التي استخدمت في دراسة األعمال األدبية ووحدة الدراسة هنا‬
‫تتمثل في العمل األدبي ذاته كالرواية أو القصة أو القصيدة الشعرية وهناك العديد من الدراسات‬
‫األدبية التي استخدمت دراسة الحالة كطريقة أساسية في تفسير وتحليل العمل األدبي ومن‬
‫األمثلة على هذه الدراسات دراسة جانيف وولف عن تفسير عالقة األدب بالمجتمع والتي‬
‫استعانت فيها ببعض األعمال األدبية لبعض الكتاب وراعت أن يكون هذا العمل المختار ممثال‬
‫أيضا لحقبة زمنية محددة وطبقت طريقة دراسة الحالة على هذه األعمال األدبية ثم قامت بتعميم‬
‫النتائج التي توصلت إليها على باقي األعمال األدبية المشابهة ومن أبرز النتائج التي توصلت‬
‫إليها جانيت وولف أن األدب مرآة صادقة في التعبير عن واقع الحياة االجتماعية بكافة أبعادها‬
‫على الرغم من اختالف وجهات النظر بين األدباء في تصوير أبعاد هذا الواقع‪.‬‬

‫‪ .3‬طريقة المسح األدبي‪:‬‬


‫‪ ‬في األعمال األدبية تهتم بالمسوح التي تحقق الهدف العلمي ويقصد بالمسح األدبي لظاهرة‬
‫اجتماعية‪ :‬التركيز على األعمال األدبية التي اهتمت بهذه الظاهرة في فترة معينة في مجتمع‬
‫محدد لدى مجموعة من األدباء سواء كانت رواية بكل أنواعها أو مسرحية وقد تكون هذه‬
‫الظاهرة اقتصادية أو سياسية أو تربوية أو أسرية‪.‬‬
‫‪ -2‬هدف عملي‬ ‫‪ ‬وللمسوح هدفان‪ -1 :‬هدف علمي‬
‫‪ ‬يسير المسح األدبي في خطوات منطقية متتابعة الواحدة تلو األخرى هذه الخطوات هي‪:‬‬
‫‪.1‬تحديد مشكلة البحث‪:‬‬
‫‪ ‬ولعل أول خطوة تواجه الباحث في علم اجتماع األدب تحديد مشكلة البحث ومن ثم‬
‫اإلجابة عن األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫‪‬متى حدثت الظاهرة ومدى انتشارها في األعمال األدبية؟‬
‫‪‬مالمناطق الجغرافية التي توجد فيها الظاهرة؟‬
‫‪ ‬ما المجموعة السكانية التي تتأثر بالظاهرة وما خصائصها السكانية السن والجنس‬
‫والمهنة والحالة الزواجية؟‬
‫‪ ‬وترتكز الدراسة األدبية عادة على ثالثة أبعاد يمكن في ضوئها تحديد مشكلة البحث‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪‬عالقة الكاتب بالعالم الفني‪.‬‬
‫‪‬عالقة الكاتب بالعالم الخارجي‪.‬‬
‫‪‬عالقة الكاتب الجمهور‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا كان الباحث واعيا بهذه األبعاد استطاع تحديد مشكلة البحث‪.‬‬
‫‪.2‬تحديد عينة المسح‪:‬‬
‫‪ ‬والمقصود بعينة البحث هنا‪ :‬هو العمل في مجموعة األعمال األدبية التي يقوم الباحث‬
‫بدراستها وإذن من الصعب دراسة كل أعمال يحيى حقي أو نجيب محفوظ أو غيرهم‬
‫‪13‬‬

‫نظرا لكثرتها ولذا يختار الباحث من بين تلك األعمال عينة أكثر تمثيال كذلك من نختار‬
‫من األدباء ليعبر عن جيل سواء أكان من جيل األدباء الشبان أو جيل العظماء‪.‬‬
‫‪.3‬تحديد أداة المسح‪:‬‬
‫‪ ‬بعد أن يفرغ الباحث من تحديد مشكلة البحث وهل المسح شامل أو بالعينة يقوم الباحث‬
‫بتصميم أداة جميع البيانات ابتداء من المقابلة أو االستبيان(استمارة البحث) ويعتمد‬
‫الباحث في دراسته على األعمال األدبية التي كتبها األديب سواء الرواية أو المسرحية‬
‫أو القصة القصيرة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مناهج الدراسة السوسيولوجية لألدب‪:‬‬
‫‪ .1‬المنهج التاريخي‪:‬‬
‫‪‬األدب يعكس الفترة التاريخية التي كتب فيها ونستطيع فهم العمل األدبي في ضوء الفترة التاريخية‬
‫التي يعبر عنها فهناك ارتباط وثيق بين الفترة الزمنية التي ظهر فيها العمل األدبي واألدب‪.‬‬
‫‪‬يعتبر من أهم أساليب البحث في العلوم االجتماعية فالتاريخ سلسلة متصلة الحلقات يرتبط فيها‬
‫الماضي بالحاضر والمستقبل وللتعرف على حقيقة أي ظاهرة اجتماعية البد من الرجوع إلى‬
‫الماضي لكي نصل إلى الجذور الحقيقية لهذه الظاهرة وترجع أهمية المنهج التاريخي في‬
‫الدراسة السوسيولوجية لألدب إلى العالقة الوثيقة بين التاريخ وسوسيولوجيا األدب وذلك من‬
‫خالل التسليم بأن األدب يعكس الواقع االجتماعي بأبعاده المختلفة وهو تعبير عن واقع الحياة‬
‫االجتماعية التي يعيشها أفراد المجتمع في فترة تاريخية محددة واألديب مؤرخ اجتماعي يضع‬
‫في اعتباره البعد التاريخي كأحد العناصر االساسية في اكتمال العمل األدبي‪.‬‬

‫‪ .2‬المنهج التحليلي‪:‬‬
‫‪‬ويستخدم المنهج التحليلي بصفة خاصة في ميدان سوسيولوجيا األدب بهدف تحليل وتنظيم وترتيب‬
‫وتصنيف البيانات بصورة علمية تساعد في الكشف عن العالقات واالرتباطات بين جوانب‬
‫الظاهرة األدبية حتى يمكن بعد ذلك التوصل إلى تفسير لها وأول خطوة في التحليل‪ :‬هي‬
‫تمحيص البيانات بدقة ومعنى ذلك أن الباحث في مجال سوسيولوجيا األدب عليه أن يتبنى‬
‫نظرة تحليلية دقيقة للعمل في موضوع الدراسة وعلى الباحث أن يتأكد أن العمل األدبي الذي‬
‫اختاره ذات داللة وأهمية ويتصل مباشرة بموضوع دراسته والخطوة الثانية في التحليل‪ :‬هي‬
‫البيانات التي يحصل عليها من العمل األدبي أي تقسيم هذه البيانات إلى مجموعة وفقا ألوجه‬
‫التشابه واالختالف بينها وتتوقف أهمية الدراسة والقدرة على التحليل على مدى شمول هذا‬
‫التصنيف واستيعابه لكل الوقائع المتبادلة بينها‪.‬‬

‫‪ .3‬المنهج المقارن‪:‬‬
‫‪‬يمكن أن ندرس أحوال األعمال األدبية في فترتين زمانيتين أو متعاقبتين كأن ندرس الحركة‬
‫األدبية في عصر عبد الناصر وعهد السادات ومعرفة أوجه االختالف والتشابه في المناخ‬
‫‪14‬‬

‫األدبي في الفترتين أو ندرس حركة انتشار وتوزيع الكتاب أيام عبد الناصر والسادات أو‬
‫الوضع االجتماعي للمؤلف في تلك الفترتين‪.‬ـ‬
‫‪‬وقد نعتمد في ذلك على البيانـات التـي تجمـع وتتـوفر عـن دراسـة األبنيـة اإلجتماعية والنظام‬
‫السياسي والـــنظمـ الثقافيـــة والشـــرائحـ اإلجتماعيـــة والمهـن واستغالل أوقـات الفـراغ‪،‬‬
‫ومـدى انتشـار األميـة ودعـم المنتجـات الثقافيـة‪.‬‬
‫‪ ‬أيضا إجــراء دراسات فــي األدب المقارن مثــل‪ :‬إجــراء المقارنة بـــين مجموعات لغوية‬
‫واحــدة‪ ،‬أو مجموعـــات لغويــة متعــددة‪ ،‬أو دراســـة الواقعيــة أو الرومانســـية فـــي آداب‬
‫مختلفـــة‪ ،‬أو فــي فتــرتين زمانيتين في مجتمع واحد أو الموضـوعاتـ األدبيـة المشـتركة بـين‬
‫أديبـين‪ ،‬كمـا تهـتم الدراسـات المقارنـة بحركـة تأثير اآلداب بعضها ببعض عن طريق حركة‬
‫الترجمة‪.‬‬

‫‪ .4‬منهج دراسة النص األدبي‪:‬‬


‫‪‬علم اجتماع النص األدبي وهو منهج نقدي يعتمد على المناهج األخرى المطبقة في العلوم‬
‫االجتماعية ومنهج علم اجتماع النص يبحث في محتوى شكل العمل األدبي وهو محتوى‬
‫اجتماعي يجمع بين فردية المبدع والقيم الجمالية للجماعة التي تساهم في إنتاج العمل وتتلقاه‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫أوال‪ :‬مفهوم األدب‬


‫يذكر روالن بارت في تعريفه لألدب بأنه نشاط لغوي متكامل ومستقل بذاته ويهدف الكاتب المبدع‬ ‫‪‬‬
‫من الكتابة إثارة مختلف األفكار في ذهن القارئ‪.‬‬
‫كما عرفه البعض بأنه إبداع وقدرة خاصة ومهارة القصد منه االتصال بين البشر ويعد األدب ناقال‬ ‫‪‬‬
‫لألفكار والمعارف واألدب كظاهرة إنسانية موجودة في كل المجتمعات فالمجتمع البدائي له أدب‬
‫خاص به معبر عنه والمعاصرونـ في المجتمعات المختلفة أبدعوا أدبا خاص بهم‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن العمل األدبي ‪ ،‬مرتبط بالوضع التاريخي واالجتماعي من ناحية ‪ ،‬وبحساسية الكاتب‬ ‫‪‬‬
‫وخبراته الجمالية من ناحية أخرى ‪ ،‬وإذا كان األدب نتاج لواقع معين بكافة جوانبه االقتصادية‬
‫والسياسية واأليديولوجية ‪ ،‬فإن ذلك ال يعني إلغاء الخصوصية المميزة لألدب في كونه تعبيرا عن‬
‫حساسية خاصة بمبدع معين‪.‬‬
‫أما " كرومبي " فإنه يعرف األدب في مؤلفه بأنه " صياغة فنية لتجربة بشرية يظهر فيها أسلوب‬ ‫‪‬‬
‫األديب ومعالجته لموضوع هو أحد التجارب الفنية ويتضمن األدب وفقا لهذا التعريف أمرين‬
‫األول‪ :‬الصورة الفنية أو الشكل الذي ظهر عليه العمل األدبي‪ ،‬والثاني‪ :‬المضمون وهو المادة التي‬
‫‪15‬‬

‫هذا العمل حيث يعطي األديب كل اإلهتمام للشكل والمضمونـ فهما وجهان لعملة‬ ‫يبرزها‬
‫واحدة والشكل في األدب يقصد به طريقة األديب في التعبير والصيغة التي يصوغ بها هذه الفكرة‬
‫وأنه ال شكل بال فكرة وال فكرة بمعزل عن الشكل والمقصود بالشكل تلك البنيه اللفظية التي هي‬
‫عماد العمل األدبي‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن لكل عمل مضمون وطابع جمالي خاص به ودافع ( لودج ) عن المضمون االجتماعي‬
‫لألدب وأكد أنه يمكن الحكم على العمل األدبي في إطار الكلمات ‪ ،‬ورفض فكرة فهم األدب بمعزل‬
‫عن فهم المجتمع والمتغيرات التي تطرأ على البناء االجتماعي‪.‬‬
‫‪ ‬وبصفة عامـة فقـد استخدم مصطلح األدب عند الغربيين لإلشارة إلى اآلداب الجميلة وتشمل‬
‫األغنية‪ ،‬القصيدة ثم شملت بعد ذلك أنواعا أخرى مثل القصة والرواية والمسرحية وغيرها ولقد‬
‫مر األدب ومفهومه بمراحل فكريه مختلفة وتغير بتغير العصور وفقا للتطورات الفكرية‬
‫واالجتماعية مرورا بالكالسيكية‪ ،‬فالرمزية‪ ،‬والواقعيـة‪ ،‬والمثالية‪ ،‬والطبيعية‪ ،‬والوجودية‪.‬‬
‫‪ ‬فاألدب عند الكالسيكيين ينبع من العقل غايته الحقيقية ينشدها لذاته ودعمه للمباديء الخلقية‬
‫المتوارثة وقد يكون ذلك ألنه صادر عن أدباء ارستقراطيين وألنه موجه إلى الفئة االرستقراطية‬
‫في المجتمع أما األدب عند الرومانسيين فهو قول ينبع من العاطفة بالفرد ومشاعره والواقعية في‬
‫األدب يقصـد بـهـا مالحظـة الواقـع وتسـجيله فاألدب يستقي مادتـه وموضوعاته من حياة عامة‬
‫الشعب ومشاكلهم وقد استخدم مفهوم الواقعية ليعارض مفهوم الرومانسية واألرستقراطية في‬
‫األدب وأحيانا ً أخرى ليشير إلى األدب الموضوعي أي األدب الذي يتناول مشاكل المجتمع‬
‫وسلبياته وذلك إليقاظ وعي الجماهير ودفعها لحل تلك المشاكل بطريقة أو بأخرى‪.‬‬
‫‪ ‬يكشف تحليل المنهج الذي اتبعه طه حسين وهو المنهج الوضعي الذي ساهم في تأسيسه دوركايم‬
‫عن عدة مفاهيم يمكن رصدها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن األدب صدى للحياة بكل ما فيها ومن ثم فإن دراسته يجب أن تتطرق إلى دراسة مختلف‬
‫جوانب هذه الحياة البيئية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية‪.‬‬
‫‪ .2‬إن تفسير الظواهر البشرية ينبغي أن يتم في ضوء محيطها فهي علة ومعلول وليس هناك‬
‫مجال للمصادفة‪.‬‬
‫‪ .3‬ومادام األدب مرتبط بالحياة والحياة تتطور فاألدب يتطور وكذلك اللغة‪.‬‬
‫‪ ‬ومن هنا ال يمكننا أن نغفل ما يعكسه األدب من عالقة نوعية بين اإلنسان وعالمه ولهذه العالقة‬
‫قوانينها الخاصة التي تميزها عن غيرها من العالقات الفكرية والعلمية واألدب آداته ( اللغة )‬
‫وهي أعظم أدوات اإلنسان في تعامله مع عالمه وفي السيطرة عليه فهي تقف وراء العمل‬
‫االجتماعي كله ووجودها شرط قيام المجتمع وهي ليست نتاجا طبيعيا بل هي نتاج اجتماعي من‬
‫إبداع المجتمع تمثل تطور صلة اإلنسان بعالمه االجتماعي وعالقاته ومن ثم تأتي محملة بالتراث‬
‫الثقافي واالجتماعي الذي نشأت من خالله ومن ثم فهناك تنوع لغوي وفقا لتنوع المجتمعات ليس‬
‫ذلك وحسب بل هناك تنوع في اللهجات اللغوية داخل المجتمع الواحد ‪ ،‬وفقا لتنوع األطر الثقافية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫طبيعة األدب ووظائفه‪:‬‬


‫‪ ‬يبني المجددون نظريتهم في طبيعة األدب على أن األدب تعبير عن نفس قائله‪ ،‬واألديب ذات‬
‫مستقلة وإنتاجه الفنـي يأتي من الخيال أو اإللهام المنبعث عن الواقع وربما يعلو على هذا الواقع‬
‫وأن األدب هو الذي يدلنا على نفس األديب وعلى المجتمع الذي يعيش فيـه مـن جميع نواحيـه‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬يطور المجددون كما يذكر أحد الباحثين‪ -‬مفهومهم لطبيعة األدب ويربطونه بالذوق األدبي‬
‫ومتطلبات العصر الحديث ويرون أن ما يأتي به األديب من إنتاج في أجمل صورة معبرة عن‬
‫النفوس ومالئمة في شكلها وصورتها للعصر الذي قيلت فيه فيكون األدب في هذه الحالة أدبا‬
‫ناضجاً‪.‬‬
‫‪ ‬يصور األدب واقع المجتمع فهو يصف الحياة ويسعى إلى توليد أثر وال يستهدف األدب‬
‫التصوير والنقد فقط ولكنه يعمل على تغيير المجتمع وتطويره ومن ثم فال يمكن فهم األدب‬
‫بمعزل عن السياق االجتماعي واالقتصادي والسياسي السائد في المجتمع العتبار األدب نشاطا‬
‫اجتماعيا وليس فرديا‪.‬‬
‫‪ ‬كما يرى أحد الباحثين فإن األدب يعبر عن المجتمع وكل مايسود فيه من ظواهر وتيارات ونظم‬
‫واألمثلة على ذلك كثيرة فنجد في األدب الفرنسي أعمال (موليير وموباسان) وفي األدب‬
‫اإلنجليزي أعمال (أولفرتويست)ـ وفي األدب المصري أعمال (نجيب محفوظ) و(طه حسين)‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫‪ ‬ومما سبق يمكن القول أنه حتى إذا ما اتفقنا على طبيعة محددة لألدب فهذه الطبيعة قابلة للتغيير‬
‫المستمر بفعل التغيراتـ االجتماعية و الثقافية واالقتصادية والسياسية التي يشهدها المجتمع من‬
‫عصر إلى آخر فال شك أن الثورة التكنولوجية الهائلة التي عاشتها كافة المجتماعات المتطورة‬
‫خالل القرون القليلة الماضية قد تركت بصماتها واضحة على اإلنتاج العقلي‪.‬‬
‫‪ ‬هناك اختالف واضح حول هذه الوظيفة وقد يرجع هذا الخالف في أحد جوانبه إلى تنوع‬
‫األعمال األدبية وبالتالي تنوع الهدف منها أو وظيفتها فضال عن التغيرات االجتماعية‬
‫واالقتصادية والثقافية التي شهدتها كافة المجتمعات عبر العصور‪.‬ـ‬
‫‪ ‬وظيفة األدب‪:‬‬
‫‪ .1‬ال يمكننا أن نغفل حقيقة أن األدب جزء من البناء االجتماعي للثقافة في المجتمعات الرأسمالية‬
‫وله وظيفة هامة في الحفاظ على توازن البناء الثقافي للمجتمع‪.‬‬
‫‪.2‬وهذا فضال عن وظيفته األساسية وهي‪ :‬الترفيه والتسلية‪.‬‬
‫‪ .3‬تنظر الماركسية لألدب باعتباره أداة أساسية من أدوات الضبط االجتماعي‪.‬‬
‫‪.4‬ورسالة األدب كما يقول جرامشي هي إصالح المجتمع في جميع جوانبه من أجل تقدم المجتمع‬
‫هذا وتجدر اإلشارة أن لكل نظام اجتماعي أنواعه األدبية التي تحقق هذه الرسالة وتعكس‬
‫عالقة اإلنسان بعالمه االجتماعي وهناك العديد من األعمال األدبية التي تظل خالدة بعد‬
‫انتهاء ذلك الوضع التاريخي أو االجتماعي الذي ساد فيه هذا النوع األدبي‬
‫‪17‬‬

‫يذهب رينيه ويلك في كتابة نظرية األدب إلى أن األدب ليس مجرد إعادة صنع الحياة وإنما‬ ‫‪‬‬
‫تكوين لها أيضا فاألدب قبل كل شيء محاكاة للحياة كما هي وللحياة االجتماعية بشكل خاص‬
‫ومن ثم يتضح من نظرة ويلك لألدب أنه أصبح مشاركا في صنع الحياة ولم يعد مجرد مرآة‬
‫صافية تعكس ما يحدث في المجتمع فقط كما يلعب األدب دورا في حياتنا كنوع رفيع وسام من‬
‫الترفيه وهو ترفيه من النوع الراقي‪.‬‬
‫والدارس لتاريخ األدب يمكنه أن يستشف دور وأهمية هذا األدب في المجتمع عامة وأن يرى‬ ‫‪‬‬
‫بوضوح الصلة الوثيقة بين الثورات والحركات التحررية ودور الكتاب واألدباء في تحريكها‬
‫فيرى الناقد ( عبد الحميد إبراهيم ) أن األدب قبل ثورة ‪ ٢٣‬يوليو ‪ ١٩٥٢‬كان مزدهرا ‪ ،‬وكان "‬
‫طه حسين " و " العقاد " و " المازني " وغيرهم نجوم المجتمع مهدت كتاباتهم لقيام الثورة‬
‫وبعد أن قامت الثورة حمل األدب المشعل محققا هدفين األول‪ :‬التركيز على جانب المقاومة‬
‫والنبرة الوطنية وتحريك الجماهير والثاني‪ :‬مسايرة التغيرات الثورية‪ ،‬إذ شارك األدباء بأقالمهم‬
‫في حرب ‪ 1956‬وفرحة الجالء وضمدوا الجراح بعد نكسة ‪ 1967‬وبعثوا األمل بعد نصرة‬
‫‪.1967‬‬
‫ومن ثم يمكن القول بأن كل حركة أدبية هي في حقيقة األمر نتاج للفترة التاريخية التي ظهرت‬ ‫‪‬‬
‫فيها وتفاعاًل عضويا مع الوسط االجتماعي والظروف السائدة في المجتمع‪.‬‬
‫كما يمكننا القول أيضا بأن األديب الذي يقدم أعماله األدبية يتأثر بما يقع في مجتمعه من أحداث‬ ‫‪‬‬
‫تمثل له المادة األولية التي يصوغ منها فنه وأدبه وهنا نجد أن الناقد ( محمد زكي العشماوي )‬
‫يذكر أن األدب تفسير للعالقة بين الذات والموضوعـ ‪ ،‬وعلى ذلك ال يخلو األدب مـن عنصرين‬
‫أساسيين‪ ،‬العنصر األول‪ :‬هو ذات الكاتب‪ ،‬والعنصر الثاني‪ :‬هو ما يوجد خارج هذه الذات من‬
‫الوجود اإلنساني حيث أن فهم الحياة والكشف عن حقيقتها ال يتحقق لألديب إال إذا تفاعل مع‬
‫مجتمعه وعلى ذلك فاألدب الذي ينتجه األديب ال يمكن أن يكن فرديا أو ذاتيا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرواية والمجتمع (تكلم بالشرح عن أهم مجاالت علم اجتماع األدب؟)‬
‫إن مجال دراسة الرواية بين الواقعية والعصريةـ كما يرى جون هول يعتبر من أهم مجاالت الدراسة‬ ‫‪‬‬
‫في علم اجتماع األدب‪.‬‬
‫ويذهب " جابر عصفور " إلى أن الزمن الحاضر هو زمن الرواية وربما يعود ذلك لكون الرواية‬ ‫‪‬‬
‫لها من المقومات الفنية ما يجعلها النوع األدبي المهيمن في هذا الزمن فقد استطاعت الرواية أن‬
‫تعبـر بصـدق عـن تناقضات وصراعات وأزمات العصر كما عبرت كذلك عن تلك العالقة التبادلية‬
‫القائمة بين اإلنسان وواقعه وتأثير كل منهما في اآلخر‪.‬‬
‫فالروايـة شـكل أدبي مميز له مالمحه الخاصة وقسماته الواضحة وهذا الشكل يتخذه بعض األدباء‬ ‫‪‬‬
‫وسيلة للتعبير عما يريدون التعبير عنه أو هيكال لتصوير ما يرغبون في تصويرهـ من أشخاص أو‬
‫أحداث‪ ،‬أو مواقف‪ ،‬أوعالقات اجتماعية‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫وترى إحدى الباحثات أن هناك فرق اضحا بين الرواية والقصة فالقصة فن من فنون األدب الغرض‬ ‫‪‬‬
‫منه الترويح عن النفس ‪ ،‬بما يتضمنه من لهو وما يحتويه من تثقيف للعقل وتهذيب للخلق والقصة‬
‫فن يعتمد على السرد ألحداث مثيرة وال يشترط إتقان الحبكة ولكن المطلوب نسبته إلى راو وتعتمد‬
‫القصة على حكاية األحداث وإثارة اهتمام القارئ وال تكشف عن خيابا النفس وال تتطلب البراعة في‬
‫رسم الشخصيات ومن الممكن أن تكون خيالية فقط كما أنها تكون صغيرة حجما فتحتاج لمهارة في‬
‫كتابة وسرد أحداثها وكاتبها يدعى قصصي وهناك مجموعة قصصية أدت إلى تخليد كاتبها وهي‬
‫(أرخص ليالي ليوسف إدريس)‪.‬‬
‫أما الرواية فهي جنس أدبـي حـديث نسبيا يعتمد على السرد النثري الخيالي وقد تغذت على أنواع‬ ‫‪‬‬
‫أدبية عدة وورثت دورها الثقافي وهذا ما يجعلها من أكثر الفنون األدبية قدرة على التعبير عن‬
‫أزمات اإلنسان وقضايا الواقع من خالل حساسية خاصة تجيد من خاللها طرح األسئلة وإثارة‬
‫االنتباه فضال عن أنها تجمع بين الواقع المعاش والخيال الممكن تحقيقه وكاتبها يطلق عليه روائي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن بعض الباحثين يظنون أن الرواية والقصـةـ جنس واحد ال فرق بينهما إال في‬ ‫‪‬‬
‫الكم إال أن الباحث المدقق يرى أنه مع اتفاقهما في الجنس إال أنهما مختلفان في الكيف فبينهما فروق‬
‫عديدة تتصل بأسلوب معالجة الشخصية واختيار نماذجهـا والمصدر الذي تستقي منـه األحداث بل‬
‫في التكوين النفسي والثقافي لكاتب كل منهما كما أن لهما هدف مشترك أال وهو‪ :‬تصوير التناقضات‬
‫والتغيرات التي نشأت في مرحلة من مراحل التغير االجتماعي في كليتها وشمولها وذلك في شكل‬
‫فني رفيع وتكون نقطة انطالقهما هي الحياة عند كل من الروائي والقصصي‪.‬‬
‫وتعد الرواية من أنواع األدبية التي لم يتفق المنظرون حول زمن نشأتها ولقد عاشت الرواية‬ ‫‪‬‬
‫عصرها الذهبي في القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين‪.‬‬
‫على الرغم من الغموض الذي يكتنف طبيعة الرواية إال أنها تعد أحد أشكال التعبير الفني فالرواية‬ ‫‪‬‬
‫هي الرسالة التي يوجهها األديب إلى المجتمع بهدف تصحيح األوضاع أو تعديل الفكرة في األذهان‬
‫أو مناقشة وضع مأزوم يعبر عنه األديب ويعلن عن رؤيته له في هذا العمل‪.‬‬
‫ومن هنا يمكن القول بأن الرواية تعد من أكثر الفنون األدبية التصاقا بالمجتمع ومشكالته وقضاياه‬ ‫‪‬‬
‫المتنوعة كما أنها تحاول أن تكون أكثر من مجرد مرآة تعكس مظاهر الواقع ألن الحرفية التي‬
‫يستخدمها األديب في التعبير عن الواقع يدخل فيها بعض الخيال والتشويق لشد انتباه القارئ ومن ثم‬
‫فالتعامل مع الرواية كنوع أدبي ينبغي أن يكون من منطلق المنظور القائل بوجود عالقة حميمية بين‬
‫النص الروائي والواقع الذي يظهر فيه أو اإلطار االجتماعي الذي تكون فيه فالروائي ليس بمعزل‬
‫عما يدور حوله كما أن الرواية ما هي إال استجابة ضرورية لطبيعة الواقع الحضاري الذي ينبثق‬
‫منه وهي بذلك تبلغ حدا يجعلهم يستندون إليها إذا أرادوا التعرف إلى مراحل تاريخية برمتها‬
‫فيرجعون إلى األعمال الروائية التي كتبت في تلك الفترة‪.‬ـ‬
‫ومن ثم يمكن القول بأن أمراض الرواية ليست سوى انعكاس ألمراض المجتمع وعندما تتدهور‬ ‫‪‬‬
‫حالة الرواية فإن معنى ذلك أن المجتمع ليس في حالة جيدة نظرا لكونها ملتصقة بروح الشعب‬
‫وبالخصاصئص النفسية والفكرية لألمة وبالتالي فإن وجودها في أدب أمة من األمم دليل على تقدم‬
‫‪19‬‬

‫وعي الجماعة فيها وألن الرواية تمكن كاتبها من رسم لوحة شبه كاملة للعالم الواقعي يجسد فيها‬
‫موقفه من هذا الواقع فإنه ليس هناك من هو أقدر من الروائي على تصوير الفترات الصعبة‬
‫والحرجة والمتناقضة في حياة الشعوب‪.‬‬
‫ومن ثم فالرواية تعبير عن رؤية للحياة أو مواقف منها ويتأتى ذلك عن طريق رسم عاطفة الروائي‬ ‫‪‬‬
‫ومعاناته بواسطة شخصية أو شخصيات تتحرك من خالل حدث أو أحداث في إطار زمان ومكان‬
‫فالروائي له له نظرة منفردة أو موقف استقاه من حواره مع المجتمع والحياة كلها من حوله ومن‬
‫تجارب اآلخرين وتنعكس هذه األلوان مع ظاللها وأبعادها‪.‬‬
‫ويأتي نجيب محفوظ كأبرز مثال لألديب المتعايش مع مجتمعه فقد عايش المجتمع المصريـ وتغلغل‬ ‫‪‬‬
‫داخل طبقاته وعايش أشخاص رواياته في حياته العامة في الحارة وعلى المقهى ومعايشة نجيب‬
‫محفوظ للحارة المصرية مكنته من الكتابة على مستوى المعرفة والقول على مستوى الحكمة حيث‬
‫يرى أحد الباحثين أن نجيب محفوظ امتأل بالناس وعايش الشخصيات المصرية في أعماله الروائية‬
‫واختزلها في داخله من تجارب وأحداث‪.‬‬

‫تعريف الرواية‪E:‬‬
‫‪ .1‬تعد أول محاولة لتعريف الرواية قام بها حبيب بنوت المحامي حيث يرى أن القصد من تأليف‬
‫الروايات تسلية الخواطر وتهذيب األخالق فهي آلة يبعث الكاتب بها العواطف والمبادئ الشريفة‬
‫وذريعة ينهي بها الكاتب عن ارتكاب الدنايا على اختالف ألوانها‪.‬‬
‫‪ .2‬بينما يعرف السعيد الورقي على أنها تشكيل للحياة في بناء عضوي يتفق مع روح الحياة ذاتها‬
‫ويعتمد هذا التشكيل على الحدث النامي الذي يتشكل داخل إطار وجهة نظر الروائي وذلك من‬
‫خالل شخصيات متفاعلة مع األحداث على نحو يجسد في النهاية صراعا دراميا ذا حياة داخلية‬
‫متفاعلة‪.‬‬
‫‪ .3‬في حين يرى " طه وادي " أن الرواية تجربة أدبية تصور بالنثر حياة مجموعة من الشخصيات‬
‫تتفاعل مجتمعه لتؤلف إطارا لعالم متخيل غير أن هذا العالم المتخيل الذي شكله الكاتب ينبغي أن‬
‫يكون قريبا ً مما يحدث في الواقع الذي يعيش فيه أي أن حياة الشخصيات في الرواية يجب أن‬
‫تكون ممكنة الحدوث في واقع الكاتب والحياة الروائية حياة ممتدة في الزمن وال شك أن هذا‬
‫االمتداد الزمني يؤدي إلى توسع في التصوير وبالتالي إلى اتساع حجم الرواية التي تعد أطول‬
‫األشكال القصصية حجما فهناك رواية تطول بسبب االمتداد الزمني للحدث وأخرى تطول‬
‫بسبب التعمق في سرد الحكاية وتحليلها وهذا االمتداد في الزمن نراه واضحا في أعمال نجيب‬
‫محفوظ مثل ‪ :‬الثالثية نجدها تمتد على مسافه ثالثة عقود‪.‬‬
‫‪ .4‬ومن ثم يمكن القول بأن الرواية من أوسع الفنون وأكثرها قدرة على تناول کل جوانب الحياة في‬
‫كل زمان ومكان فهي الشكل األدبي الذي يستطيع التغلغل في أعماق الحياة اإلنسانية بصورة‬
‫أفضل من سائر األشكال األدبية فالرواية بهذا المعنى هي " الفن القصصي الذي يتجه للواقع‬
‫ويحترم التجربة الذاتية‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫أنواع الرواية‪:‬‬
‫‪ ‬يذهب أحمد هيكل إلى أن الرواية تعد من أكثر أشكال التعبير األدبي انتشارا في العصر الحديث‬
‫وإذا أردنا تحديد وظيفة هذا النوع من األدب البد أن نأخذ في عين االعتبار تنوع األعمال‬
‫الروائية‪:‬‬
‫‪.1‬الرواية التحليلية‪ :‬هي التي تعتمد أساسا على التحليل النفسي للبطل من داخل بيئته‪.‬‬
‫‪.2‬الرواية االجتماعية‪ :‬هي التي تهتم بتحليل قضايا اجتماعية واقعية كقضية الصراع الطبقي أو‬
‫الثأر ومدى ارتباط هذه القضايا بقيم وعادات وتقاليد المجتمع‪.‬‬
‫‪.3‬الرواية الذهنية‪ :‬هي التي تدور حول إيديولوجية معينة يؤمن بها الكاتب ويتطلع إلى تبني‬
‫اآلخرين هذه األيديولوجية‪.‬‬
‫‪.4‬الرواية التاريخية‪ :‬هي الرواية التي تستمد مادتها األساسية من التاريخ وصبها في قالب فني‬
‫بهدف إحياء الماضي وتمجيده‪.‬‬
‫‪.5‬رواية التجربة الشخصية‪ :‬هي شكل آخر من أشكال الرواية يرتكز محورها األساسي على‬
‫تجربة عاناها المؤلف ومحور أحداثها تشكل جزءا من حياته في فترة زمنية محددة‪.‬‬

You might also like