You are on page 1of 10

‫الجهوية وأسباب فشل النموذج التنموي السابق‬

‫المصدر ‪ :‬طنجة ‪24‬‬


‫إعداد ‪ :‬البشير الحداد – طالب باحث‬

‫المغرب بمجرد حصوله على الاستقلال بادر إلى القضاء على التركة التي‬
‫خلفها المستعمر “المغرب النافع و المغرب غير النافع” وبالتالي نهج‬
‫سياسة المخططات التنموية‪ ،‬فالجهوية ظهرت في هذه المخططات‬
‫التنموية‪ ،‬و بالضبط في مخطط سنة ‪ 1972-1968‬كبعد مجالي في‬
‫التنمية الاقتصادية والاجتماعية و هذا لا يعني أن فكرة الجهوية كانت‬
‫غائبة في المخططات السابقة خصوصا مخطط ‪ 1964-1960‬و مخطط‬
‫‪ ،1967-1965‬لكن نلاحظ أن الإرهاصات الحقيقية لفكرة الجهوية انطلقت‬
‫منذ ظهير ‪ 16‬يونيو ‪ 1971‬المتعلق بإحداث سبع جهات اقتصادية‪ ،‬لكن‬
‫الجهة في تلك الفترة لم تحقق الدور الاقتصادي المنتظر منها‪ ،‬و تم تكرار‬
‫نفس تركة المستعمر بمعنى التفاوت المجالي بين الجهات‪ ،‬إذ لاحظنا أن‬
‫أغلب الأنشطة الاقتصادية تم تركيزها بوسط المغرب‪ ،‬كما يمكننا إرجاع‬
‫هذا الفشل إلى غياب التدبير الحر في تلك الفترة و أن الجهة لم تكن‬
‫جماعة محلية بمعنى لا تتمتع بالشخصية المعنوية و بالاستقلال المالي‬
‫والإداري‪ ،‬فكانت اختصاصاتها فقط استشارية و ليست تقريرية‪.‬‬

‫بعد صدور دستور ‪ )1( 1992‬تم الارتقاء بالجهة إلى مستوى جماعة‬
‫محلية‪ ،‬وتم تتويج هذا الارتقاء بإدماج الجهة في المجال السياسي عبر‬
‫نظام التمثيلية بمجلس المستشارين بموجب دستور ‪ ،)2( 1996‬وفي‬
‫سنة ‪ 1997‬صدر القانون المنظم للجهات ‪.)3( 47.96‬‬
‫يعتبر الخطاب الملكي السامي بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬الخر يطة الموجهة‬
‫للجهوية بالمغرب‪ ،‬وفي سنة ‪ 2011‬صدر دستور جديد (‪ ،)4‬جاء‬
‫بمستجدات مهمة تم تخصيص باب كامل للجهات و الجماعات الترابية‬
‫الأخرى و هو الباب التاسع وهذا لا يدل إلا على شيء واحد تدشين لمرحلة‬
‫جديدة لتدبير الشأن العام المحلي‪ .‬وفي سنة ‪ 2015‬صدرت القوانين‬
‫التنظيمية الجديدة للجماعات الترابية (‪ )5‬جاءت بمستجدات مهمة‬
‫وبمعطيات مختلفة تماما عن السابق‪.‬‬
‫إلا أننا لاحظنا أن ورش الجهوية المتقدمة بالمغرب لازال يعاني من‬
‫مشاكل و عراقيل و تم الإعلان عن فشله السنة الماضية من طرف أعلى‬
‫سلطة بالبلاد يوم الجمعة ‪ 13‬أكتوبر ‪ 2017‬بمناسبة افتتاح البرلمان‪،‬‬
‫وبالتالي فالسؤال المطروح أين يكمن الخلل؟ ما هي أسباب فشل‬
‫النموذج التنموي السابق؟‬

‫المبحث الأول ‪ :‬فشل الجهوية في ظل التجربة السابقة لسنة ‪1997‬‬


‫بعد الارتقاء بالجهة لمستوى جماعة محلية في ظل دستوري ‪1992‬‬
‫و‪ ،1996‬صدر القانون المنظم للجهات ‪ 47.96‬نص على اختصاصات‬
‫جديدة للجهات تتجلى فيما يلي ‪:‬‬

‫* ذاتية؛‬

‫* منقولة من طرف الدولة؛‬

‫* استشارية؛‬

‫وتم التنصيص أيضا على موارد مالية للجهات و هي ‪:‬‬

‫* الرسم البالغ نسبته ‪ %5‬إلى ‪ %10‬المضاف إلى رسم النظافة؛‬

‫* الرسم المضاف إلى الرسم المفروض على عقود التأمين؛‬

‫* الرسم على رخص الصيد البري؛‬

‫الرسم على استغلال المناجم؛‬

‫* الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ؛‬

‫* الرسم الإضافي إلى الرسم الجماعي المفروض على استخراج مواد‬


‫المقالع؛‬
‫بالإضافة إلى هذه الرسوم نجد أن الجهات تستفيد من موارد استثنائية‬
‫تتجلى في الهبات والوصايا والمساعدات والقروض‪ ،‬وهذه الأخيرة يمنحها‬
‫صندوق تجهيز الجماعات المحلية‪.‬‬
‫وهناك موارد مالية مرصودة من قبل الدولة تتجلى في الضريبة على‬
‫الدخل حيث تحول نسبة ‪ %1‬لفائدة الجهات‪ ،‬والضريبة على الشركات‬
‫كذلك نسبة ‪ %1‬لفائدة الجهات‪ ،‬بالإضافة إلى الضريبة الإضافية على‬
‫الضريبة السنوية الخاصة بالعربات ذات المحرك‪.‬‬

‫إلا أننا لاحظنا في ظل هذه الفترة أن الجهوية فشلت بسبب ضعف‬


‫الموارد المالية التي سبق أن ذكرناها‪ ،‬ثم ضعف الموارد البشرية‪،‬‬
‫وخصوصا فئة المنتخبين الذين يعانون من الأمية‪ ،‬كما أن المجلس‬
‫الجهوي تركيبته كانت تعرف نوعا من الفوضى فهو مكون من أعضاء‬
‫تختلف مصادر انتخابهم‪ ،‬إذ نجد أنه مكون من ممثلين منتخبين عن‬
‫الجماعات المحلية والغرف المهنية وأعضاء البرلمان و رؤساء العمالات‬
‫والأقاليم‪ ،‬وما يمكن ملاحظته أيضا في القانون ‪ 47.96‬أنه يتيح لأعضاء‬
‫المجلس الجهوي بإقالة الرئيس بعد سنة من انتخاب المجلس وهذا يجعل‬
‫المجلس غير مستقر ويعرف تذبذبات‪ ،‬ونجد أن الموظفين الجهويين لا‬
‫يخضعون لنظام خاص بهم و خاضعين فقط لمرسوم ‪ 1977‬و لظهير‬
‫الوظيفة العمومية ‪.1958‬‬

‫وما يمكن ملاحظته أيضا انه لكي تكون مداولات المجلس صحيحة‬
‫يشترط حضور نصف الأعضاء و إذا تعذر الحضور يشترط في الاجتماع‬
‫الثاني حضور الثلث و إذا تعذر الأمر في الاجتماع الثالث يتم حل المجلس‬
‫الجهوي‪،‬و هذا فيه تعقيد لسير أعمال المجلس‪.‬‬

‫وبالتالي كل ما لاحظناه كان يؤثر سلبا على إنجاح ورش الجهوية بالمغرب‬
‫في فترة ‪.1997‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آفاق الجهوية بعد سنة ‪2015‬‬


‫جاء الدستور الجديد بمستجدات مهمة من بينها التدبير الحر بموجب‬
‫الفصل ‪ 136‬من دستور ‪ ،2011‬فهذا المبدأ جد مهم و ركيزة أساسية في‬
‫تحقيق التنمية الجهوية و تنزيله مقترن بمبادئ أخرى من قبيل التعاون‬
‫والتعاضد‪ ،‬بالإضافة تم التنصيص على اختصاصات جديدة في إطار مبدأ‬
‫التفريع حسب الفصل ‪ 140‬من دستور ‪ 2011‬و هي ‪:‬‬

‫* اختصاصات ذاتية؛‬

‫* اختصاصات مشتركة؛‬
‫* اختصاصات منقولة‪.‬‬

‫وفي إطار الفصل ‪ 141‬من الدستور الجديد تم التنصيص على موارد‬


‫مالية ذاتية و محولة من طرف الدولة و أن كل اختصاص تنقله الدولة‬
‫يكون مقترنا بموارد مطابقة له‪ ،‬و بالرجوع للقانون (‪ 47.06 )6‬المتعلق‬
‫بالجبايات المحلية نجد أن الموارد المالية الذاتية للجهة هي ‪:‬‬

‫* الرسم على رخص الصيد؛‬


‫* الرسم على استغلال المناجم؛‬

‫* الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ؛‬

‫* تخصيص نسبة ‪ %5‬من الرسم على الخدمات الجماعية لفائدة الجهات؛‬

‫* تخصيص نسبة ‪ %10‬من الرسم على استخراج مواد المقالع لفائدة‬


‫الجهات‪.‬‬

‫بالإضافة نجد أن للجهات موارد ذاتية أخرى تتجلى في الأملاك العقارية‪.‬‬


‫وبالنسبة للموارد الاستثنائية للجهات تتجلى في الهبات و الوصايا‬
‫والمساعدات من طرف الدولة‪ ،‬والقروض إما من طرف صندوق تجهيز‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬أو من طرف مؤسسة أجنبية حسب المرسوم ‪2.17.294‬‬
‫(‪ )7‬الذي منح للجهات إمكانية اللجوء إلى اقتراضات أجنبية لكن كل هذا‬
‫يتم تحت المراقبة القبلية لوزارة الداخلية عبر سلطة التأشير المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 115‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪،‬‬
‫ثم إلى مراقبة بعدية من طرف وزارة الداخلية ووزارة المالية‪.‬‬

‫وبالنسبة للموارد المحولة من طرف الدولة لفائدة الجهات‪ ،‬نجد أنه حسب‬
‫المادة ‪ 188‬من القانون أعلاه‪ ،‬تم تخصيص نسبة ‪ %5‬من الضريبة على‬
‫الدخل لفائدة الجهات و ‪ %5‬من الضريبة على الشركات لفائدة الجهات‬
‫ونسبة ‪ %20‬من رسم على عقود التأمين لفائدة الجهات‪.‬‬

‫لكن ما يمكن ملاحظته أن الموارد الذاتية ضعيفة والسؤال هل كل‬


‫الجهات ‪ 12‬تستفيد من الرسم على رخص الصيد واستغلال المناجم‬
‫و الخدمات المقدمة بالموانئ بمعنى هل كل الجهات تتوفر على بحور‬
‫ومناجم و موانئ‪ ،‬كما أن الموارد المرصودة من قبل الدولة رغم انه تم‬
‫التنصيص على تلك النسب لكنها ليست ثابتة بمعنى أنها مرتبطة بقانون‬
‫مالية لكل سنة فمثلا إذا كانت السنة صعبة فلن يتم تخصيص نسبة ‪%5‬‬
‫من الضريبة على الدخل أو الشركات لفائدة الجهات‪ ،‬وهذا سيؤثر سلبا‬
‫على المشاريع التنموية الجهوية‪ .‬فالضريبة على الدخل كما يقول الأستاذ‬
‫أقصبي تهم بالأساس الاقتطاع من الأجور حوالي ‪ %94‬أما الفلاحة لا‬
‫تؤدي الضريبة و كما يسميها الأستاذ النهري بضريبة المهزلة‪ ،‬وبخصوص‬
‫الضريب ة على الشركات كما يقول الأستاذ النهري لا تمثل إلا القليل‬
‫بالنسبة للنظام الضريبي المغربي‪ ،‬و كما صرح الأستاذ أقصبي انه في‬
‫سنة ‪ 2016‬حوالي ‪ %67‬من الشركات صرحت بالعجز‪ ،‬إذن نلاحظ انه من‬
‫الصعب تخصيص تلك النسب لفائدة الجهات‪.‬‬

‫و بخصوص الموارد الاستثنائية التي تطرقنا إليها فإنها تمس بالاستقلال‬


‫المالي للجهات لأن القروض يمكن أن تسقط الجهة في المديونية‪.‬‬
‫و سنتطرق إلى جملة من الملاحظات التي تؤثر على إنجاح الجهوية‬
‫بالمغرب ‪:‬‬
‫* القانون التنظيمي ‪ 11.59‬المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات‬
‫الترابية الذي تم تعديله وتتميمه بالقانون التنظيمي ‪ 34.15‬لم يشترط أي‬
‫شهادة مدرسية للترشح للانتخابات‪ ،‬وبالتالي فالأميين سيتقلدون مناصب‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫* نجد أن المشرع المغربي لازال لا يعترف بأن المنتخبين يزاولون مهنة‬


‫و إنما مجرد هواية و هذا يتضح في استخدامه لمصطلح التعويض بدل‬
‫الأجر‪ ،‬وهذا شيء غير منطقي لأنه سيجعل المنتخبين بعيدين كل البعد‬
‫عن الاحترافية‪ ،‬ونعلم أن الدستور الجديد و القانون التنظيمي ‪111.14‬‬
‫أناط بالفاعل الجهوي اختصاصات مهمة‪ ،‬لهذا يجب تغيير مصطلح‬
‫التعويض لإعادة الاعتبار للمنتخبين و لأن مصطلح الأجر فيه تحفيز حتما‬
‫سيؤدي إلى الفعالية والمردودية‪.‬‬
‫* رغم انه انتقلنا من الاقتراع السري إلى الاقتراع العلني و من الاقتراع‬
‫الغير المباشر إلى الاقتراع المباشر‪ ،‬لاحظنا انه بخصوص انتخاب رئيس‬
‫مجلس الجهة نجد أن المشرع المغربي نص أن رئيس الجهة ينتخب من‬
‫بين أعضاء المجلس‪ ،‬و كان من الأجدر و من الأحسن أن ينص المشرع‬
‫المغربي على أن الشخص الوارد اسمه في رأس اللائحة التي تصدرت‬
‫الانتخابات هو الذي يكون رئيسا للجهة‪.‬‬

‫* الموظفين لازالوا خاضعين لمرسوم ‪ 1977‬و ظهير الوظيفة العمومية‬


‫‪ 1958‬رغم أن القانون التنظيمي ‪ 111.14‬نص في المادة ‪ 127‬سيصدر‬
‫نص خاص بنظام الوظيفة العمومية الترابية لكنه لم يخرج بعد‪.‬‬

‫وفي الختام بكل صدق وموضوعية‪ ،‬لكي نعيش جهوية متقدمة‬


‫بمفهومها الحقيقي ينبغي إعطاء الجهات سلطة جبائية تقريرية حتى‬
‫تتوسع في مواردها المالية لتحقق التنمية‪ ،‬وبخصوص المراقبة الإدارية‬
‫فهي ضرورية إذ لا تنمية بدون عدم التركيز الإداري‪ ،‬فالولاة و العمال‬
‫يتوفرون على كفاءات عالية خصوصا أن ميثاق اللاتمركز الإداري أعطى‬
‫دورا جوهريا للولاة في التنسيق وتحقيق التنمية الجهوية‪ ،‬بالإضافة إلى‬
‫تأهيل الموارد البشرية بمعنى ‪:‬‬

‫* الموظفين‪ ،‬حتى يستطيعوا مزاولة المهام بالمنطق الجديد القائم على‬


‫الأهداف و النتائج‪.‬‬

‫* المنتخبين‪ ،‬حتى يستطيعوا مزاولة الاختصاصات و خاصة الدبلوماسية‬


‫الترابية لجلب الاستثمارات وهذه المسؤولية تعود للأحزاب السياسية‬
‫بالدرجة الأولى‪ ،‬و سنستحضر العديد من الخطب الملكية السامية‬
‫لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره هللا ‪:‬‬

‫‪ +‬خطاب عيد العرش لسنة ‪…“ 2017‬إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما‬
‫صائبة‪ .‬إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير‪ ،‬وفي القدرة‬
‫على التنفيذ والإبداع…فعندما تكون النتائج إيجابية‪ ،‬تتسابق الأحزاب‬
‫والطبقة السياسية والمسؤولون‪ ،‬إلى الواجهة‪ ،‬للإستفادة سياسيا‬
‫وإعلاميا‪ ،‬من المكاسب المحققة‪.‬‬

‫عندما لا تسير الأمور كما ينبغي‪ ،‬يتم الإختباء وراء القصر الملكي‪ ،‬وإرجاع‬
‫كل الأمور إليه…‪.‬وأمام هذا الوضع‪ ،‬فمن حق المواطن أن يتساءل‪ :‬ما‬
‫الجدوى من وجود المؤسسات‪ ،‬وإجراء الانتخابات‪ ،‬وتعيين الحكومة‬
‫والوزراء‪ ،‬والولاة والعمال‪ ،‬والسفراء والقناصلة‪ ،‬إذا كانون هم في واد‪،‬‬
‫والشعب وهمومه في واد آخر؟‪ .‬فممارسات بعض المسؤولين‬
‫المنتخبين‪ ،‬تدفع عددا من المواطنين ‪ ،‬وخاصة الشباب‪ ،‬للعزوف عن‬
‫الانخراط في العمل السياسي‪ ،‬وعن المشاركة في الانتخابات‪ .‬لأنهم بكل‬
‫بساطة‪ ،‬لا يثقون في الطبقة السياسية‪ ،‬ولأن بعض الفاعلين أفسدوا‬
‫السياسة ‪ ،‬وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل‪.‬‬

‫وإذا أصبح ملك المغرب‪ ،‬غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة‪،‬‬
‫ولا يثق في عدد من السياسيين‪ ،‬فماذا بقي للشعب؟‬

‫لكل هؤلاء أقول ‪ ”:‬كفى‪ ،‬واتقوا هللا في وطنكم… إما أن تقوموا‬


‫بمهامكم كاملة ‪ ،‬وإما أن تنسحبوا‪.‬‬

‫فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون……‪.‬إن مسؤولية وشرف خدمة‬


‫المواطن‪ ،‬تمتد من الاستجابة لمطالبه البسيطة‪ ،‬إلى إنجاز المشاريع‪،‬‬
‫صغيرة كانت‪ ،‬أو متوسطة‪ ،‬أو كبرى‪.‬‬

‫وكما أقول دائما‪ ،‬ليس هناك فرق بين مشاريع صغيرة وأخرى كبيرة‪ ،‬وإنما‬
‫هناك مشاريع تهدف لتلبية حاجيات المواطنين‪.‬‬

‫فسواء كان المشروع في حي‪ ،‬أو دوار‪ ،‬أو مدينة أو جهة‪ ،‬أو يهم البلاد‬
‫كلها‪ ،‬فهو يتوخى نفس الهدف‪ ،‬وهو خدمة المواطن‪ .‬وبالنسبة لي‪ ،‬حفر‬
‫بئر‪ ،‬مثلا‪ ،‬وبناء سد‪ ،‬لهما نفس الأهمية بالنسبة للسكان‪.‬‬

‫وما معنى المسؤولية‪ ،‬إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها‪ ،‬وهو‬


‫الإنصات إلى انشغالات المواطنين؟…إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها‬
‫يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها‪ ،‬واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها‬
‫التنفيذية‪ ،‬أو خلال الحملات الانتخابية‪.‬‬

‫أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين‪ ،‬وحل مشاكلهم‪ ،‬فلا دور‬
‫ولا وجود لها‪ .‬وهذا شيء غير مقبول‪ ،‬من هيآت مهمتها تمثيل وتأطير‬
‫المواطنين‪ ،‬وخدمة مصالحهم‪.‬‬

‫ولم يخطر لي على البال‪ ،‬أن يصل الصراع الحزبي‪ ،‬وتصفية الحسابات‬
‫السياسوية‪ ،‬إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين‪.‬‬
‫فتدبير الشأن العام‪ ،‬ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية‬
‫والحزبية‪ ،‬وعن الخطابات الشعبوية‪ ،‬وعن استعمال بعض المصطلحات‬
‫الغريبة‪ ،‬التي تسيء للعمل السياسي‪.‬‬
‫إلا أننا لاحظنا تفضيل أغلب الفاعلين‪ ،‬لمنطق الربح والخسارة‪ ،‬للحفاظ‬
‫على رصيدهم السياسي أو تعزيزه على حساب الوطن‪ ،‬وتفاقم الأوضاع‪.‬‬

‫إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها‪ ،‬عن القيام بدورها‪ ،‬عن قصد وسبق‬
‫إصرار أحيانا‪ ،‬وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد‬
‫زاد من تأزيم الأوضاع‪"....‬‬

‫‪ +‬خطاب افتتاح البرلمان يوم الجمعة ‪ 13‬أكتوبر ‪.…”:2017‬إن الاختلالات‬


‫التي يعاني منها تدبير الشأن العام ليست قدرا محتوما‪ .‬كما أن تجاوزها‬
‫ليس أمرا مستحيلا‪ ،‬إذا ما توفرت الإرادة الصادقة وحسن استثمار‬
‫الوسائل المتاحة‪.‬‬

‫وهذا الأمر من اختصاصكم‪ ،‬برلمانا وحكومة ومنتخبين‪ .‬فأنتم مسؤولون‬


‫أمام هللا‪ ،‬وأمام الشعب وأمام الملك عن الوضع الذي تعرفه البلاد‪."...‬‬

‫‪ +‬الرسالة الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة يوم الثلاثاء إلى‬
‫المشاركين في المنتدى الوطني الثالث حول الوظيفة العمومية العليا إذ‬
‫شدد جلالته أن الجهوية المتقدمة بالمغرب لن تتحقق إذا لم تتغير‬
‫العقليات‪.‬‬

‫‪ +‬خطاب عيد العرش سنة ‪ 2018‬أكد جلالة الملك على أن الأحزاب‬


‫السياسية عليها تجديد أساليب عملها‪.‬‬

‫‪ +‬خطاب افتتاح البرلمان يوم الجمعة ‪ 12‬أكتوبر ‪…”:2018‬وإننا حريصون‬


‫على مواكبة الهيآت السياسية‪ ،‬وتحفيزها على تجديد أساليب عملها‪ ،‬بما‬
‫يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات‬
‫والسياسات العمومية‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬ندعو للرفع من الدعم العمومي للأحزاب‪ ،‬مع تخصيص جزء منه‬
‫لفائدة الكفاءات التي توظفها‪ ،‬في مجالات التفكير والتحليل والابتكار…إن‬
‫الرهانات والتحديات التي تواجه بلادنا‪ ،‬متعددة ومتداخلة‪ ،‬ولا تقبل‬
‫الانتظارية والحسابات الضيقة‪ .‬فالمغرب يجب أن يكون بلدا للفرص‪ ،‬لا‬
‫بلدا للانتهازيين‪ .‬وأي مواطن‪ ،‬كيفما كان‪ ،‬ينبغي أن توفر له نفس‬
‫الحظوظ‪ ،‬لخدمة بلاده‪ ،‬وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع‬
‫المغاربة‪ ،‬من خيراته‪ ،‬ومن فرص النمو والارتقاء‪.‬‬
‫والواقع أن المغرب يحتاج‪ ،‬اليوم‪ ،‬وأكثر من أي وقت مضى‪ ،‬إلى وطنيين‬
‫حقيقيين‪ ،‬دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين‪ ،‬وهمهم توحيد‬
‫المغاربة بدل تفريقهم؛ وإلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية‬
‫بكل التزام ونكران ذات‪."....‬‬

‫‪ +‬أكد جلالة الملك في الرسالة الملكية السامية التي وجهها إلى‬


‫المشاركين في أشغال الملتقى البرلماني الثالث حول الجهات يوم‬
‫الأربعاء ‪ 19‬دجنبر ‪ 2018‬على ضرورة التناسق بين المهام الموكولة‬
‫لمختلف الفاعلين الترابيين و خاصة الجماعات الترابية‪ ،‬و شدد جلالته أن‬
‫المغاربة لا يريدون مؤسسات جهوية تظل حبرا على ورق‪ ،‬وأن المغاربة‬
‫يتطلعون لجهات فاعلة تتجاوب مع انشغالاتهم الملحة و تساهم في‬
‫تحسين معيشهم اليومي‪.‬‬
‫فالمؤسسة الملكية تريد أحزابا قوية قادرة على تسيير الشأن العام‬
‫الوطني و المحلي‪ ،‬كما أن الرؤية الملكية لصاحب الجلالة الملك محمد‬
‫السادس نصره هللا هي تمكين المغرب من جهوية متقدمة ديمقراطية‬
‫الجوهر تحقق تنمية اقتصادية واجتماعية و ثقافية و بيئية‪.‬‬

‫وبالتالي ينبغي على الأحزاب السياسية التجاوب مع التوجيهات الملكية‬


‫السامية‪ ،‬لإنجاح النموذج التنموي الجديد‪،‬خصوصا أن هذا النموذج‬
‫التنموي الجديد جاء في ظرفية ممتازة ينبغي استغلالها و حسن‬
‫استثمارها فهي فرصة تاريخية أو إن صح التعبير فرصة ذهبية‪ ،‬وهذه‬
‫الظرفية هي صدور ميثاق اللاتمركز الإداري باعتباره محفزا للتنمية‬
‫الترابية‪ ،‬ثم إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار‪ ،‬بالإضافة إلى مسألة مهمة‬
‫النسخة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬فكل هذه العوامل‬
‫ستساهم في إنجاح النموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.92.155‬الصادر في ‪ 9‬أكتوبر ‪ 1992‬بتنفيذ –]‪[1‬‬


‫‪.‬دستور ‪،1992‬الجريدة الرسمية عدد ‪،4172‬الصفحة ‪1247‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.96.157‬الصادر في ‪ 7‬أكتوبر ‪ 1996‬بتنفيذ –]‪[2‬‬


‫‪.‬دستور ‪،1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪،4420‬الصفحة ‪2281‬‬
‫ظهير شريف ‪ 1.97.84‬الصادر في ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬بتنفيذ القانون –]‪[3‬‬
‫‪ 47.96.‬المتعلق بالجهات‪،‬الجريدة الرسمية عدد ‪،4470‬الصفحة ‪556‬‬

‫ظهير شريف ‪ 1.11.91‬الصادر في ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬بتنفيذ دستور –]‪[4‬‬


‫‪،2011.‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر‪،‬الصفحة ‪3600‬‬

‫ظهير شريف ‪ 1.15.83‬الصادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ 2015‬بتنفيذ القانون –]‪[5‬‬


‫التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪،‬الجريدة الرسمية عدد ‪،6380‬الصفحة‬
‫‪6585.‬‬

‫ظهير شريف ‪ 1.15.84‬الصادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ 2015‬بتنفيذ القانون *‬


‫التنظيمي ‪ 112.14‬المتعلق بالعمالات و الأقاليم‪،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪،6380.‬الصفحة ‪6625‬‬

‫ظهير شريف ‪ 1.15.85‬الصادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ 2015‬بتنفيذ القانون *‬


‫التنظيمي ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪،6380.‬الصفحة ‪6660‬‬

‫ظهير شريف ‪ 1.07.195‬الصادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬بتنفيذ القانون – ]‪[6‬‬


‫‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‪،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪،5583.‬الصفحة‪3734‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.17.294‬المتعلق بتحديد القواعد التي تخضع لها – ]‪[7‬‬


‫عمليات الاقتراضات التي تقوم بها الجهات الصادر في ‪ 9‬يونيو‬
‫‪،2017‬الجريدة الرسمية عدد ‪،6578‬الصفحة ‪.3613‬‬

You might also like