You are on page 1of 20

‫ملخص كتاب‬

‫‪ ‬من إنجاز‪ :‬مراد سعيدي طالب باحث بماستر المالية العامة سطات‬
‫‪ ‬عنوان الكتاب‪ :‬قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة‬
‫‪ ‬المؤلف‪ :‬الدكتور منصور عسو استاذ التعليم العالي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‬
‫بفاس‬
‫‪ ‬الطبعة‪ :‬األولى أكتوبر ‪2017‬‬
‫‪ ‬من تقديم‪ :‬األستاذ محمد القباج رئيس مجلس أمناء الجامعة األورو متوسطية بفاس وزير المالية‬
‫ووزير األشغال العمومية سابقا‬

‫‪ ‬نبذة عن صاحب الكتاب‪:‬‬


‫‪ ‬من مواليد ‪ 08‬دجنبر ‪ 1956‬بمدينة البهاليل_ إقليم صفرو‪.‬‬
‫‪ ‬حاصل على دكتوراه الدولة في القانون من جامعة العلوم االجتماعية بتولوز فرنسا سنة ‪.1984‬‬
‫‪ ‬مدير المجلة المغربية للمالية العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬مدير مختبر الدراسات الدستورية والمالية‪.‬‬
‫‪ ‬نائب عميد كلية الحقوق بوجدة (‪ .)1991_1987‬ونائب عميد كلية الحقوق بفاس ابتداء من ‪.2009‬‬
‫من مؤلفاته‪ _ :‬المالية العامة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪.1995 ،‬‬
‫_ قانون الميزانية العامة‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬سنة ‪.2005‬‬

‫‪1‬‬
‫التقديم‬
‫يفتتح األستاذ محمد القباج الكتاب‪ ،‬بتأكيده على أهمية ميزانية الدولة معتبرا إياها أداة ال بديل عنها في تنفيذ‬
‫وتنزيل السياسات العمومية واالستراتيجيات القطاعية و غيرها من البرامج الهادفة لتحقيق التنمية في مختلف‬
‫أبعادها‪.‬‬
‫ويؤكد على أن بلوغ هذه األهداف ليس رهينا بتوفر سيولة مالية كبيرة بيد الدولة‪ ،‬بقدر ما هو رهين بترشيد‬
‫التصرف في األموال الموجودة والتحكم في التدبير المالي والمحاسبي‪.‬‬
‫وألن هذا الرهان ال يمكن بلوغه دون توفر الدولة على تشريع مالي متطور‪ ،‬يحكم كافة العمليات الميزانياتية‬
‫والمحاسبية المرتبطة بدورة الميزانية‪ ،‬فإن مفتتح هذا الكتاب تحدث عن اإلطار القانوني المنظم لميزانية الدولة‪،‬‬
‫واصفا إياه باإلطار المرجعي العصري‪ ،‬مؤكدا على أن الطريقة التدرجية التراكمية في وضعه هي من ألبسته‬
‫هذه الصفة وجعلته مواكبا ومنسجما مع اإلصالحات البنيوية الكبرى الرامية إلى تكريس دولة الحق والقانون‪،‬‬
‫وتحديث الهياكل االقتصادية والمالية وتعزيز تنافسيتها وتحقيق حكامتها‪.‬‬
‫مع سرده ألهم التكييفات والتغييرات التي عرفتها المبادئ والمقاربات الميزانياتية الهادفة إلى االنتقال بالتدبير‬
‫المالي المغربي من أنماطه التقليدية إلى أنماطه الحديثة‪.‬‬
‫بدءا بمنشور الوزير األول سنة ‪ 2001‬الذي حث فيه القطاعات الحكومية بضرورة اعتماد مقاربة جديدة‬
‫للتدبير المالي للدولة أساسها ميزانية قائمة على النتائج شاملة اإلعتمادات‪ ،‬متمتعة برقابة قبلية متسمة بالتخفيف‬
‫وأخرى بعدية متسمة بالتشدد‪.‬‬
‫معتبرا أن هذا المنشور كان أساس اعتماد بعض المقاربات الميزانياتية الحديثة مثل شمولية اإلعتمادات‪ ،‬التدبير‬
‫المرتكز على النتائج بدل الوسائل‪ ،‬ميزانية النوع االجتماعي‪ ،‬التوزيع الجهوي لالستثمارات العمومية‪.‬‬
‫وبعض أنواع مراقبة نفقات الدولة‪ ،‬كمراقبة األداء و مراقبة االلتزام واصفا هذه اإلصالحات بالجزئية الفاقدة‬
‫للرؤية الشمولية والمندمجة‪ ،‬وغير المستندة على أساس دستوري أو تشريعي باعتبارها مستلهمة من التشريع‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫وهي النقائص التي صححها دستور ‪ 2011‬يقول مفتتح الكتاب »أتى دستور ‪ 2011‬فوضع حدا لهذه المقاربة‬
‫الجزيئية من خالل تكريسه للمبادئ و المرتكزات الرئيسية التي يجب أن تشكل قاعدة إصالح المالية العمومية«‪.‬‬
‫ملخصا هذه المبادئ والمرتكزات في مبدأ العدالة في تحمل التكاليف الذي حمله الفصل ‪ 39‬من الدستور‪ ،‬ومبدأ‬
‫التضامن في تحمل التكاليف غير المتوقعة المنصوص عليه في الفصل ‪ 40‬من الدستور ومبدأ قانونية الضريبة‬
‫والتكليف الذي حمله الفصالن ‪ 37‬و‪ ،71‬وكذا مبدأ الترخيص البرلماني الذي حمله الفصل ‪ 75‬من الدستور و‬
‫مبدأ التوازن المالي الذي حمله الفصل ‪ 77‬من الدستور‪ ،‬فضال عن أولوية مجلس النواب على مجلس‬
‫المستشارين في المادة المالية الفصلين ‪ 74‬و‪ 75‬من الدستور‪ ،‬باإلضافة إلى آليات ومبادئ الحكامة المالية‪،‬‬
‫ومبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬
‫مشيرا إلى أن تفعيل هذه المقتضيات تم من خال إصدار القانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬الذي حمل في طياته‬
‫أهداف تقوية دور قانون المالية كأداة لتنزيل السياسيات العمومية وتحقيق التوازن المالي‪ ،‬وتعزيز شفافية المالية‬
‫العمومية وتحقيق مصداقيته‪ ،‬وتيسير مقروئيته‪ ،‬وتدعيم دورالبرلمان في مجال مراقبة المالية العمومية وتقييمها‪.‬‬
‫مؤكدا في نهاية التقديم على آثار هذه اإلصالحات على دعم وتشجيع االستثمارات‪ ،‬من خالل تحسين المناخ‬
‫االستثماري‪ ،‬األمر الذي ينعكس باإليجاب على االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة عامة‬
‫المبحث األول‪ :‬نشأة وتطور الميزانية العامة‬
‫بعد تقديم الكتاب يفتتح منصورعسو كتابه بمقدمة عامة‪ ،‬استهلها بتعريف قانون الميزانية معرفا إياه‪ ،‬بذلك الفرع‬
‫من فروع القانون العام الداخلي‪ ،‬الذي يشكل حقال معرفيا مستقال وقائما بذاته‪ ،‬عمله دراسة وتحليل كافة مبادئ‬
‫وآليات ومساطر ميزانية الدولة في مختلف مراحلها‪.‬‬
‫مع وقوفه على اإلطار التاريخي للميزانية العامة على اعتبار أن الميزانية العامة نشأت في انجلترا وتطورت‬
‫في فرنسا‪ ،‬قبل أن تظهر في المغرب‪.‬‬
‫ففي إنجلترا‪ ،‬اقتضى مبدأ اإلذن أوالترخيص البرلماني الذي شكل محط صراع تاريخي بين الملك والبرلمانات‬
‫المتعاقبة في إنجلترا‪ ،‬قبل أن ينتزعه البرلمان سنة‪ ،1628‬من خالل إصدار وثيقة إعالن الحقوق التي أقرت‬
‫للبرلمان حق الموافقة المسبقة على فرض الضرائب‪ ،‬ثم بإصدار دستور الحقوق ‪ ،1688‬الذي وسع نطاق‬
‫الترخيص البرلماني بإعطاء البرلمان حق الموافقة المسبقة على كل أنواع اإليرادات والنفقات بشكل دوري‪،‬‬
‫اقتضى هذا المبدأ ضرورة أن تجمع جميع نفقات وإيرادات الدولة في شكل وثيقة تخضع ضرورة لترخيص‬
‫البرلمان‪.‬‬
‫كما ارتبط ظهور الميزانية بفرنسا‪ ،‬بامتالك البرلمان حق إجازة النفقات واإليرادات‪ ،‬على اعتبار أن هذا الحق‬
‫لم يخول للبرلمان الفرنسي دفعة واحدة‪ ،‬بل امتلكه بشكل مندرج شأنه شأن البرلمان اإلنجليزي‪ ،‬بدءا بامتالك‬
‫حق إجازة فرض الضرائب‪ ،‬وصوال إلى إجازة كل اإليرادات والنفقات‪ ،‬وبالتالي فإجازة البرلمان لإليرادات‬
‫والنفقات في وثيقة واحدة تتضمنهما معا وتكون لها صفة دورية متجددة‪ ،‬هو األمر الذي استدعى ظهور‬
‫الميزانية‪.‬‬
‫أما في المغرب فقد ظل التدبير المالي يرتكز على نظام األمناء إلى حدود بداية القرن العشرين‪ ،‬ولم تظهر‬
‫الميزانية كآلية للتدبير المالي و المحاسبي إال خالل فترة الحماية حيث استعملتها الدولة الحامية أي الفرنسية‬
‫كوسيلة لضبط والتحكم في األوضاع االقتصادية والمالية‪ ،‬وذلك بوضعها أول ميزانية سنة ‪ ،1914-1913‬من‬
‫طرف المديرية العامة لل مالية التي حلت محل أمين األمناء‪ ،‬وصدرت هذه الميزانية في شكل وثيقة مرقمنة‬
‫مكتوبة باليد ة مكونة من حوالي ‪ 60‬صفحة تتضمن تقديرات الموارد والنفقات‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تأصيل مفهوم الميزانية‬


‫بعد تناوله اإلطار التاريخي للميزانية‪ ،‬عرج كاتب المؤلف إلى تأصيل مفهوم الميزانية العامة من خالل تعريفها‬
‫وبيان خصائصها ثم تميزها عن غيرها من العلوم‪.‬‬
‫لكن قبل ذلك وضع الكاتب الفرق بين مصطلحي الموازنة والميزانية‪ ،‬مشيرا إلى أن هذا الفرق ينصب حول‬
‫الشكل فقط دون الجوهر‪ ،‬على اعتبار أن خبراء المالية العرب يفضلون استخدام مصطلح الموازنة العامة بدل‬
‫الميزانية العامة الذي يستخدم في نظرهم للتعبير عن الحساب الختامي للسنة المالية‪ ،‬وذلك ما دعوا إليه في‬
‫العديد من المناسبات ومن خالل مجموعة من المؤتمرات‪.‬‬
‫تعريف الميزانية العامة‬
‫عرفها منصور عسو بأنها ذلك البيان التقديري المفصل بالنفقات واإليرادات غير الواردة بميزانيات مرافق‬
‫الدولة المسيرة بصورة مستقلة أو بالحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬والتي يأذن البرلمان للحكومة بصرفها‬
‫وتحصيلها برسم سنة مالية مقبلة تنفيذا لسياسة الدولة العامة‪.‬‬
‫من‬ ‫مؤكدا على أنها تشمل جزأين‪ :‬أحدهما يتعلق بالموارد يتعلق األمر بقائمة الموارد الواردة في المادة ‪11‬‬
‫القانون التنظيمي لقانون المالية ‪ ،13.130‬وثانيهما يتعلق بالنفقات‪ ،‬التي تنقسم إلى ثالث أصناف هي نفقات‬
‫التسيير والتجهيز والنفقات المتعلقة بخدمة الدين العمومي‪.‬‬
‫ليتناول بعد ذلك خصائص الميزانية العامة ملخصا إياها في ‪ 4‬خصائص‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫أولها كونها بيان تقديري‪ ،‬بمعنى أن ذلك البيان المفصل بالنفقات واإليرادات هو مجرد تقدير لما تعتزم‬
‫الحكومة صرفه من اعتمادات وتحصيله من إيرادات‪ ،‬إال أن هذا التقدير يقول منصور عسو‪ ،‬ليس عملية‬
‫عشوائية بقدر ما هو عملية احتمالية ترتكز على تنبؤات اقتصادية ومالية وفق أساليب تقنية وعملية متقدمة‪.‬‬
‫وثانيها أنها ترخيص برلماني‪ ،‬بمعنى أن إخراج هذا البيان المفصل لحيز التطبيق ال يتوقف على مجرد إعداده‬
‫من طرف الحكومة بل البد من إجازته من طرف البرلمان‪.‬‬
‫ويفرق منصور عسو هنا بين إجازة االنفاق وإجازة الجباية من خالل نقطتين‪:‬‬
‫النقطة األولى تتمثل في كون إجازة اإلنفاق ال يمكن أن تكون إال في حدود االعتمادات التي صادقت عليها‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬في حين أن إجازة الجباية ال تقيدها أرقام اإليرادات المحتمل تحصيلها‪ ،‬بمعنى أنه للحكومة‬
‫أن تتجاوزها‪.‬‬
‫أ ما النقطة الثانية فتتمثل في كون عبارة اإلجازة أوالترخيص ينطبق على النفقات دون اإليرادات على اعتبار أن‬
‫الحكومة حرة في اإلنفاق أو عدم اإلنفاق حسب ما تقتضيه المصلحة العامة‪ .‬في حين أنها مجبرة على تحصيل‬
‫اإليرادات تحت طائلة العقاب بالنسبة للموظفين المسؤولين عن التحصيل‪.‬‬
‫وثالث الخصائص أنها توضع لمدة زمنية محدودة‪ ،‬تحدد في سنة‪ ،‬ويرجع عسو الغاية من ذلك إلى رغبة‬
‫المشرع في تمكين السلطة التشريعية من إجراء رقابة دورية منتظمة على السلطة التنفيذية من جهة‪ ،‬وإلى‬
‫صعوبة التنبؤ بنفقات وإيرادات الدولة لمدة زمنية تفوق السنة من جهة ثانية‪.‬‬
‫ورابع الخصائص كما أوردها الكاتب في الصفحة ‪ 26‬من كتابه هي أن الميزانية عمل تشريعي‪ ،‬مبينا أن‬
‫الطبيعة القانونية للميزانية العامة من حيث كونها عمال إداريا أم عمال تشريعيا‪ ،‬ظلت مثار جدال فقهي‪ ،‬إذ‬
‫يرى بعض الفقه أن الميزانية عمل إداري يتخذ شكل القانون‪ ،‬بسبب افتقادها لبعض خصائص القاعدة القانونية‬
‫كاإللزامية والديمومة‪ ،‬بينما يرى بعض آخر من الفقه أنها قانون شكال وموضوعا ‪ ،‬ولو كانت ال تخضع لنفس‬
‫الشكليات المطلوبة في سن القانون ‪ ،‬ألنها تتضمن أحكاما ال تختلف عن األحكام القانونية‪ ،‬وهذا االتجاه هو‬
‫االتجاه الراجح يقول الكاتب‪.‬‬
‫بعد ذلك أخذ الكاتب في التمييز بين الميزانية العامة وبعض المفاهيم األخرى المشابهة كقانون مالية السنة‪،‬‬
‫وقانون التصفية‪ ،‬والميزانية االقتصادية والمخطط االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫تمييز الميزانية العامة عن المفاهيم المشابهة‬
‫بخصوص الفرق بين الميزانية العامة وقانون مالية السنة يقول عسو بأن قانون مالية السنة وثيقة تصدر بشكل‬
‫سنوي‪ ،‬تشمل مجموع موارد وتكاليف الدولة المتعلقة بالميزانية العامة‪ ،‬وميزانيات مرافق الدولة المسيرة‬
‫بصورة مستقلة‪ ،‬والحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬
‫وبالتالي فما الميزانية العامة إال ذلك الشق الذي يتناوله قانون مالية السنة‪ ،‬والذي يتناول مدا خيل ونفقات الدولة‬
‫غير الواردة بميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية‪.‬‬
‫أما عن الفرق بين الميزانية العامة وقانون التصفية أو الحساب الختامي كما يسميه عسو في أحايين عديدة‪ ،‬فإن‬
‫هذا األخير حسب عسو يختلف عن الميزانية العامة في مسألتين‪ ،‬األولى أن األرقام المسجلة في الحساب‬
‫الختامي حقيقية‪ ،‬بينما تلك المسجلة في الميزانية العامة مجرد تقديرية‪ ،‬والثانية أن الحساب الختامي بيان عن‬
‫فترة مضت بينما الميزانية العامة تتعلق بفترة الحقة‪.‬‬
‫أما بالنسبة للفرق بين الميزانية العامة والميزانية االقتصادية فهذه األخيرة باعتبارها عمل تقديري لمجموع‬
‫النشاط االقتصادي العام والخاص لدولة ما خالل فترة زمنية مقبلة‪ ،‬تختلف عن الميزانية العامة كما يورد ذلك‬
‫عسو ‪ ،‬في كونها تشمل مختلف أوجه النشاط االقتصادي والمالي‪ ،‬العام والخاص‪ ،‬في الوقت الذي تقتصر فيه‬
‫الميزانية العامة على جزء فقط من النشاط المالي العام أال هو نشاط الدولة‪ ،‬وال تشمل النشاط المالي الخاص‪،‬‬
‫كما ال تشمل الجزء اآلخر من النشاط المالي العام المتمثل في المالية المحلية‪.‬‬
‫أما عن جوانب التباين واالختالف بين الميزانية العامة والمخطط االقتصادي أواالجتماعي فهي كما ذكرها عسو‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫‪ ‬الخطة االقتصادية تتميز بالشمول فهي تشمل مختلف األنشطة مهما كانت طبيعتها‪ ،‬بينما ال تشمل‬
‫الميزانية العامة للدولة إال النفقات والموارد العامة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ ‬الخطة االقتصادية تكون متوسطة أو طويلة األجل بينما ال تتجاوز مدة الميزانية العامة للدولة إطار‬
‫السنة‪.‬‬
‫‪ ‬الخطة االقتصادية تتسم بطابع المرونة‪ ،‬وتفتقد لطابع اإللزامية‪ ،‬بينما تتسم الميزانية بصفة اإللزام بحكم‬
‫أنها تخضع لمصادقة البرلمان‪.‬‬
‫‪ ‬األجهزة المتدخلة في إعداد الخطة ليست هي األجهزة المتدخلة في إعداد الميزانية العامة‪.‬‬
‫بعد ذلك خصص عسو مبحثا ثالثا بكامله لتناول مصادر قانون الميزانية العامة‪.‬‬
‫مصادر الميزانية العامة‬
‫لخص عسو هذه المصادر في ثالث مصادر أساسية هي الدستور المالي‪ ،‬والتشريع المالي ثم القضاء المالي‪.‬‬
‫بخصوص المصدر األول أي الدستور المالي‪ ،‬يقول عسو أنه يتشكل من كتلة دستورية متمثلة في أسس‬
‫ومرتكزات المالية العمومية المتضمنة في دستور ‪ ،2011‬باإلضافة إلى مقتضيات القانون التنظيمي ‪.13.130‬‬
‫ففيما يخص األسس والمرتكزات الدستورية للمالية العمومية فيوجزها في التالي‪:‬‬
‫قاعدة العدالة والتضامن في تحمل التكاليف واألعباء المنصوص عليها في الفصل ‪ 39‬و‪ 40‬على‬ ‫‪‬‬
‫التوالي‪.‬‬
‫قاعدة ال تكليف وال ضريبة إال بقانون‪ ،‬المنصوص عليها في الفصل ‪ 39‬من الدستور والفقرة ‪ 1‬من‬ ‫‪‬‬
‫الفصل ‪.71‬‬
‫مبدأ الترخيص البرلماني الوارد في الفقرة ‪ 1‬من الفصل ‪.75‬‬ ‫‪‬‬
‫مبدأ التوازن المالي الوارد في الفقرة األولى من الفصل ‪.77‬‬ ‫‪‬‬
‫مبدأ أولوية مجلس النواب على مجلس المستشارين في المادة المالية‪ ،‬الوارد في الفقرة ‪ 1‬من الفصل‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،75‬والفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪.84‬‬
‫مبادئ وآليات الحكامة‪ ،‬كدعم أدوار المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في مراقبة‬ ‫‪‬‬
‫المال العام‪.‬‬
‫قواعد الشفافية المالية المنصوص عليها في الفصول ‪.150 ،149 ،148 ،147‬‬ ‫‪‬‬
‫الفصل ‪ 167‬الذي أحدث بموجبه هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة الواردة في الفصل ‪ 1‬من الدستور‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قاعدة عدم اإلفالت من العقاب الفصل ‪ 36‬من الدستور‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الفصل ‪ 49‬الذي يعطي للمجلس الوزاري مهمة رسم التوجهات العامة لمشروع قانون المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الفصل ‪ 92‬الذي يلزم المجلس الحكومي باألخذ بتوجهات المجلس الوزاري أثناء تداوله في مشروع‬ ‫‪‬‬
‫قانون المالية‪...‬‬
‫أما عن مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية فيؤكد عسو على أنها بمثابة امتداد للمرتكزات الدستورية‬
‫للمالية العمومية‪ ،‬مشيرا إلى أن المغرب عرف ‪ 5‬قوانين تنظيمية لقوانين المالية‪:‬‬
‫األول بتاريخ ‪ 9‬نونبر ‪1963‬‬
‫الثاني بتاريخ ‪ 9‬أكتوبر ‪1970‬‬
‫الثالث بتاريخ ‪ 26‬نونبر ‪ 1998‬رقم ‪7.98‬‬
‫الرابع بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪ 2000‬رقم ‪14.00‬‬
‫الخامس بتاريخ ‪ 2‬يونيو ‪ 2015‬رقم ‪.13.130‬‬
‫مبرزا أهم األهداف التي يتوخى القانون التنظيمي األخير بلوغها والمتمثلة في‪:‬‬
‫مواكبة المقتضيات الدستورية الجديدة ذات العالقة بالمالية العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقوية دور قانون المالية كأداة لتنزيل السياسات العمومية والقطاعية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحقيق تناسق وانس جام والتقائية السياسات العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان تحقيق التوازن المالي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ ‬تحسين نجاعة التدبير العمومي‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز المبادئ والقواعد المالية‪ ،‬وتقوية شفافية المالية العمومية من خالل إقرار مبدأ الصدقية في‬
‫التوقعات والحسابات المالية‪ ،‬وإحداث نظام للمحاسبة المالية‪ ،‬ومنع إدراج نفقات التسيير أوالموظفين‬
‫بميزانيات االستثمار ومنح ترحيل اعتمادات ميزانية االستثمار‪.‬‬
‫‪ ‬تقوية الرقابة البرلمانية على المالية العمومية من خالل إشراك البرلمان في رسم التوجهات الكبرى‬
‫لمشروع قانون المالية‪ ،‬ومنحه حق تعديل الجدول الزمني للدراسة والمصادقة على قوانين المالية‪.‬‬
‫أما بخصوص المصدر الثاني من مصادر قانون الميزانية‪ ،‬فيتعلق األمر بالتشريع المالي الذي عرفه عسو بأنه‬
‫تلك الترسانة من النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة للمالية العمومية ملخصا إياها في‪:‬‬
‫القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫القانون رقم ‪ 15.97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديونالعمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫القانون رقم ‪ 61.99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الظهير رقم ‪ 1.59.264‬بشأن التفتيش العام للمالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قوانين مالية السنة‪ ،‬قانون المالية التعديلي قانون التصفية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المدونة العامة للضرائب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫النظامين الداخليين لمجلس النواب ومجلس المستشارين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المرسوم ‪ 2.15.426‬المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المرسوم ‪ 2.12.349‬المتعلق بالصفقات العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المرسوم ‪ 2.07.995‬المتعلق باختصاص وتنظيم وزارة المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أما بخصوص المصدر الثالث من مصادر قانون الميزانية فهو القضاء المالي المتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬المحكمة الدستورية أو المجلس الدستوري سابقا‪ ،‬على اعتبار أنها تعمل على مالءمة ومطابقة قواعد‬
‫قانون الميزانية مع الدستور‪ ،‬من خالل ممارسة اختصاصاتها في البث في مدى مطابقة القوانين‬
‫التنظيمية للدستور‪.‬‬
‫‪ ‬المحاكم المالية المتمثلة في المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬باعتبارها تمارس‬
‫الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية طبقا للفصل ‪ 177‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ ‬المحاكم اإلدارية من خالل البث في مختلف المنازعات المتعلقة بالضرائب‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مبادئ الميزانية العامة‬


‫بعد التقديم خصص عسو فصال كامال للحديث عن المبادئ التي تحكم وتنظم الميزانية العامة‪ ،‬مشيرا إلى أن‬
‫ظهورها كان مرتبطا بالمالية التقليدية إال أنها خضعت للتطور والتغير من حيث مضامينها واستثناءاتها بفعل‬
‫تطور تقنيات التدبير المالي العمومي‪ ،‬وتغير موازين القوى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مبدأ السنوية‬


‫استهل عسو مبادئ الميزانية العامة بمدأ السنوية الذي يقضي بأن تعد الميزانية لفترة زمنية ال تتجاوز السنة‪،‬‬
‫مبرزا االعتبارات التي فرضت تحديد هذه المدة في سنة مرتبا إياها كالتالي‪:‬‬
‫ضمان رقابة دورية منتظمة من طرف البرلمان على الحكومة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تغطية السنة للفصول األربعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السنة وحدة قياسية معتمدة في العديد من أوجه الحياة االقتصادية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫صعوبة التكهن والتنبؤ بميزانية لمدة أطول من سنة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مؤكدا على أن المغرب يأخذ بمبدأ السنوية بموجب الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ 75‬من الدستور‪ ،‬وبموجب المادة ‪ 1‬من‬
‫القانون التنظيمي ‪ ،13.130‬والمادة ‪ 3‬منه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ويورد عسو في كتابه أن المغرب بموجب دستور ‪ 1992‬كان يأخذ بالسنة بالميالدية كإطار للميزانية‪ ،‬ثم يأخذ‬
‫بالسنة الفالحية المبتدئة بفاتح يوليوز والمنتهية بآخر يونيو‪.‬‬
‫على اعتبار أن السنة الميالدية لم تراعي خصوصيات االقتصاد الوطني المبني على الفالحة‪ ،‬إال أن هذا اإلطار‬
‫لم يعمر إال سنة واحدة‪ ،‬ليعد المغرب لألخذ بال سنة الميالدية بعد ما تعالت األصوات منادية بضرورة العودة‬
‫إليها‪ ،‬بعد ما أبانت تقييمات هذه التجربة عن قصورها‪.‬‬
‫وألن لكل مبدأ استثناء فقد أورد عسو االستثناءات الواردة على مبدأ السنوية‪ ،‬ملخصا إياها في االتفاقيات المالية‬
‫والضمانات التي تمنحها الدولة‪ ،‬للترخيصات في االلتزام مقدما‪ ،‬اعتمادات االلتزام‪ ،‬البرامج المتعددة السنوات‪.‬‬
‫غير أننا نسجل عدم تطرق منصورعسو لمسألة ترحيل االعتمادات‪ ،‬باعتبارها من أهم االستثناءات الواردة على‬
‫مبدأ السنوية‪ ،‬حيث أنه استثناءا من قاعدة إرجاع االعتمادات المتبقية في آخر السنة للخزينة العامة‪ ،‬هناك‬
‫حاالت يسمح فيها باستعمال االعتمادات المالية غير المصروفة خالل السنة المالية الموالية‪ ،‬وبالتالي تعد هذه‬
‫اإلعتمادات مأذون بها ضمنيا لسنة أخرى‪.‬‬
‫كما تطرق في هذا السياق إلى لبعض التقنيات المالية التي اعتبرها مساعدة على االلتزام بمبدأ السنوية‪ ،‬من قبيل‬
‫إمكانية الحكومة في فتح االعتمادات ة الالزمة لسير المراف العامة والقيام بالمهام المنوطة بها‪ ،‬في‬ ‫‪‬‬
‫حالة عدم التصويت على قانون المالية طبقا للفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪.75‬‬
‫إمكانيتها في اللجوء إلى القانون المالي التعديلي خالل السنة المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إمكانيتها في فتح االعتمادات بمرسوم‪ ،‬وتحويل المالية الشاغرة سواء بقرار عن وزير المالية أو بمقرر‬ ‫‪‬‬
‫من اآلمر بالصرف المعني‪.‬‬
‫إمكانيتها في فتح اعتمادات جديدة بخصوص المداخيل المتأتية من استرجاع الحكومة لمبالغ تم أداؤها‬ ‫‪‬‬
‫بوجه غير قانوني من اعتمادات مالية‪.‬‬
‫ثم إمكانية وقف تنفيذ نفقات االستثمار خالل السنة المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وكل ذلك في حالة عدم مالءمة القانون المالي للمتطلبات واألعباء المالية غير المتوقعة التي تواجه الحكومة‬
‫خالل السنة المالية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مبدأ الوحدة‬
‫يتطرق بعد ذلك صاحب الكتاب لمبدأ الوحدة باعتباره قاعدة تقليدية مفادها إدراج جميع العمليات المالية‬
‫الخاصة بأجهزة الدولة ضمن ميزانية واحدة‪ ،‬في وثيقة مالية موحدة شاملة وعدم تجزئتها أو توزيعها على‬
‫وثائق متعددة‪.‬‬
‫ملخصا محاسن هذا المبدأ في‪:‬‬
‫‪ ‬جعل االطالع على الوضع المالي للدولة والوقوف على هذه تناسق وتكامل مكوناته أكثر يسرا‪.‬‬
‫‪ ‬تمكين السلطة التشريعية من االضطالع على صور بسيطة لمشروع الميزانية‪ ،‬وإجراء الرقابة عليها‬
‫بشكل كلي‪.‬‬
‫مؤكدا على أن تطور الفكر االقتصادي والمالي‪ ،‬واتساع نطاق تدخل الحكومات في الحياة االقتصادية‪ ،‬وتعدد‬
‫وظائف الدولة وتشعبها‪ ،‬أمور فرضت ظهور أنماط جديدة من الميزانيات‪ ،‬اعتبرها استثناءات على مبدأ‬
‫الوحدة‪ ،‬يتعلق األمر بميزانية مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة التي وصل عددها سنة ‪ ،2015‬إلى ‪205‬‬
‫مرفق مستقل‪ ،‬وكذا ميزانيات الحسابات الخصوصية باعتبارها تقنية محاسبية تمكن من عزل بعض العمليات‬
‫ذات الطابع الخاص أو المؤقت عن الميزانية العامة‪.‬‬
‫مؤكدا كذلك على أنه بالرغم من أهميتها البالغة‪ ،‬تكتسي خطورة بسبب انفالتها من ضوابط المراقبة‪ ،‬وعدم‬
‫خضوعها لقاعدتي الوحدة وعدم التخصيص‪.‬‬
‫مع تذكيره بأصناف هذه الحسابات الخمس المتمثلة في‪:‬‬
‫‪ ‬الحسابات المرصدة ألمور خصوصية باعتبارها حسابات ترصد فيها المداخيل المخصصة لتمويل‬
‫صنف معين من النفقات‪ ،‬بمعنى ذلك الصنف من النفقات الذي يغطى برسوم وموارد معينة‪ ،‬وعند‬
‫االقتضاء بمبالغ مدفوعة من الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ ‬حسابات االنخراط في الهيئات الدولية‬
‫‪ ‬حسابات العمليات النقدية‬
‫‪ ‬وحسابات التمويل المدفوع في شكل قروض تتجاوز مدتها سنتين‪ ،‬أو في شكل تسبيقات قابلة لإلرجاع‬
‫تقل مدتها أو تساوي سنتين‪ ،‬والممنوحة من طرف الدولة ألجل المصلحة العامة‪.‬‬
‫بخصوص هذه الحسابات الخصوصية يثيرعسو العديد من اإلشكاالت‪ ،‬تتمثل في تنامي عددها وبالتالي تنامي‬
‫المبالغ المالية التي تصرف فيها‪ ،‬والتي تبلغ حسب قوله ‪ 20%‬من حجم ميزانية الدولة‪ ،‬فضال عن الغموض‬
‫واللبس الذي يكتنف تدبيرها‪ ،‬سواء فيما يتعلق بحكامتها أو بحدواها‪ ،‬يقول عسو نقال عن الدكتور عبد اللطيف‬
‫برحو «إن وجود هذا العدد الضخم من الحسابات الخصوصية والصناديق المتعددة خارج الميزانية العامة‬
‫يتسبب في تشتيت الموارد المالية للدولة»‪.‬‬
‫فضال عن تنامي عدد الحسابات الخصوصية يذكر عسو بعض االختالالت المتعلقة بهذا النوع من الحسابات‪،‬‬
‫من قبيل قيام العديد من الوزارات بإدراج جزء من نفقات االستثمار والتسييرالمتعلق باختصاصاتها كحسابات‬
‫خصوصية مستفيدة من مرونة مساطر الحسابات الخصوصية‪.‬‬
‫هكذا يتبين لنا أن تنامي عدد الحسابات الخصوصية ناتج عن هذا المعطى األخير‪.‬‬
‫من االختالالت أيضا يذكر عسو توفر العديد من الحسابات على أرصدة مرتفعة متأتية بأساس من األرصدة‬
‫المرحلة من سنة إلى أخرى‪.‬‬
‫وهكذا يفسر لنا وجود حسابات خصوصية ذات طابع اجتماعي باألساس متوفرة على أرصدة مهمة غير‬
‫مستعملة‪ ،‬بالرغم من كم الحاجيات الملحة والمستعجلة في المجاالت االجتماعية التي تختص بها‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالنسبة لصندوق التماسك االجتماعي وصندوق التنمية القروية‪ ،‬وصندوق التنمية الصناعية واالستثمارات‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مبدأ توازن الميزانية‬


‫ينتقل عسو بعد ذلك للحديث عن مبدأ توازن الميزانية‪ ،‬مؤكدا على أن هذا المفهوم في المالية التقليدية ليس هو‬
‫نفسه في المالية الحديثة‪ ،‬إذ يعني في األولى التعادل الرقمي الدقيق بين النفقات العامة واإليرادات العامة‪ ،‬بشكل‬
‫ال تزيد معه النفقات العامة للدولة عن إيراداتها العامة العادية‪ ،‬فيحدث العجز‪ ،‬وال تزيد معه اإليرادات العامة‬
‫العادية للدولة على نفقاتها العامة فيحصل فائض‪.‬‬
‫وبالتالي فتوازن الميزانية في المالية التقليدية يرفض الفائض ويعتبره تعطيل لمبالغ مالية يمكن رصدها لتمويل‬
‫المشروعات اإلنتاجية التنموية‪ ،‬كما يرفض العجز ألنه يدفع لالقتراض وبالتالي يؤدي إلى تجسيم العبء‬
‫الضريبي‪.‬‬
‫ويذكر عسو أن الدولة ظلت حريصة على العمل بهذا المفهوم التقليدي للتوازن الميزانياتي إلى حدود الحرب‬
‫العالمية األولى ‪ ،‬حيث سيفقد التوازن الحسابي أهميته لفائدة التوازن االقتصادي الذي يقوم على التوازن‬
‫الميزانياتي‪ ،‬على مدار دورة الميزانية‪ ،‬التي تتطابق مع الدورة‪ ،‬وليس في إطار الميزانية السنوية‪.‬‬
‫وبالتالي فالمفهوم الحديث لتوازن الميزانية‪ ،‬يرى في الفائض الذي يحدث بعد حصول االنتعاش والرخاء ووفرة‬
‫الموارد‪ ،‬أمر ضروري لتقليص الطلب الكلي وضبط التضخم وارتفاع األسعار‪.‬‬
‫كما يرى في العجز الذي يحدث خالل فترات الكساد والركود أمر يستوجب التمويل بالعجز عن طريق‬
‫االقتراض أو اإلصدار النقدي كوسيلة لزيادة الطلب الكلي وتحقيق التشغيل الكامل‪.‬‬
‫في إطار هذا المبدأ دائما يتحدث عسو عن تطبيقاته بالمغرب مستحضرا المرجعية الدستورية والتنظيمية لهذا‬
‫المبدأ‪ ،‬إذ يجد المبدأ أساسه في الفصل ‪ 77‬من الدستور الذي يلزم الحكومة والبرلمان معا بضرورة الحفاظ على‬
‫توازن مالية الدولة‪ ،‬كما يجد أساسه في المادة األولى من القانون التنظيمي لقانون المالية التي تشمل كافة مبادئ‬
‫الميزانية‪ ،‬ومن بينها مبدأ التوازن الميزانياتي والمالي‪ ،‬وكذا المادة ‪ 220‬منه التي جاءت بضرورة عدم تجاوز‬
‫حصيلة االقتراضات لمجموع نفقات االستثمار وسداد أصول الدين برسم السنة المالية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وبخصوص االقتراضات يقول عسو‪ ،‬إن االقتراضات كوسيلة للتمويل بالعجز تعد من ثوابت السياسة المالية‬
‫بالمغرب‪ ،‬مشيرا إلى أن العجز بإمكانه خلق موارد مالية إلعادة تمويله نظرا ألنه يدعم الطلب خصوصا لدى‬
‫القطاع الخاص‪ ،‬كما يمكن المقاوالت من تنمية عائداتها ومدخراتها‪.‬‬
‫مشيرا كذلك إلى أن ما يعرفه االقتصاد الوطني اليوم من تفاقم لظاهرة البطالة واتساع في دائرة الفقر وهشاشة‬
‫في النمو االقتصادي‪ ،‬إنما ناتج عن السياسة الميزانياتية القائمة على تدبير الحسابات من خالل خفض النفقات‬
‫وتقليص مناصب الشغل في القطاع العام والتحكم في مخصصات الدعم والتقليل من نفقات االستثمار التي‬
‫اتبعتها السلطات خالل فترة التسعينات‪ ،‬والتي كان الهدف منها في العجز وحصره‪.‬‬
‫في هذا اإلطار دائما ينتقد عسو المنهجية المعتمدة في احتساب العجز‪ ،‬على اعتبار أنها ال تأخذ بعين االعتبار‬
‫معطيات الديون المستحقة على الدولة لفائدة المقاوالت برسم دين الضريبة على القيمة المضافة والديون‬
‫المترتبة عن فائض األداءات برسم الضريبة على الشركات والديون المتعلقة بالخدمات ذات الطبيعة التجارية‪.‬‬
‫مذكرا بأن الديون المستحقة لفائدة المقاوالت والمؤسسات العمومي بلغت ‪ 24.5‬مليار درهم نهاية سنة ‪2016‬‬
‫فقط برسم للضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬ما يتبين معه أن طريقة احتساب بنية العجز من قبل الحكومة ال‬
‫تنسجم مع مبدأ الصدقية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مبدأ عمومية الميزانية‬
‫بعد مبدأ التوازن يتناول الكاتب مبدأ عمومية الميزانية الذي يقضي بأن تدرج في الميزانية العامة كافة نفقات‬
‫وإيرادات الدولة دون إجراء مقاصة بينهما خالل تسجيل كافة اإليرادات والنفقات في الميزانية العامة‪ ،‬دون‬
‫خصم أو مقاصة‪ ،‬ودون تخصيص مورد معين لنفقة معينة‪ ،‬تطبيقا للفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 8‬من القانون التنظيمي‬
‫التي جاء فيها « يرصد مجموع المداخيل لتنفيذ مجموع النفقات»‪.‬‬
‫في هذا السياق يثير عسو إشكالية عدم تقيد الحكومة في كثير من األحيان بقاعدة عدم المقاصة‪ ،‬من خالل‬
‫رصد حصة من الضريبة على القيمة المضافة للجماعات الترابية ورصد حصة من الضريبة على الدخل‬
‫والضريبة على الشركات دون تسجيلها ضمن الميزانية العامة‪ ،‬لتشكل هذه االقتطاعات صورة أخرى‬
‫لالستثناءات الواردة على هذا المبدأ باإلضافة إلى ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات‬
‫الخصوصية‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬مبدأ تخصيص النفقات‬


‫كما يتطرق الكاتب لمبدأ تخصيص النفقات الذي يقضي بأن يرصد لكل وجه من أوجه اإلنفاق العام مبلغ مالي‬
‫محدد يطلق عليه اسم اعتماد‪ ،‬مع االلتزام بصرف وأداء النفقات في األوجه المخصصة لها وفي حدود‬
‫االعتمادات المفتوحة‪.‬‬
‫مع تأكيده على أهمية هذا المبدأ باعتبار ضمانة للمراقبة البرلمانية لإلنفاق الحكومي وتخصيصاته‪ ،‬إال أن هذا‬
‫المبدأ يقول عسو من شأنه أن يقيد حرية الحكومة في اإلنفاق ألن الرقابة البرلمانية تكون متشددة كلما صغرت‬
‫اإلعتمادات‪ ،‬األمرالذي يؤدي إلى إضعاف حرية الوزراء في اإلنفاق‪ ،‬ويفقد سير العمل المالي للحكومة المرونة‬
‫الالزمة‪.‬‬
‫عن هذه المرونة يقول عسو إن ضمانها هو ما حتم على المشرع إخضاع قاعدة تخصيص النفقات لبعض‬
‫االستثناءات المتمثلة في‪:‬‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫النفقات الطارئة والتحمالت المشتركة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إمكانية تجاوز االعتمادات ال سيما فيما يخص نفقات الدين العمومي والدين العمري واإلرجاعات‬ ‫‪‬‬
‫الضريبية‪.‬‬
‫إمكانية فتح االعتمادات اإلضافية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إمكانية تحويل المناصب المالية وإعادة إنشائها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقف تنفيذ بعض نفقات االستثمار‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ ‬إمكانية تحويل االعتمادات داخل نفس الفصل‪.‬‬
‫غير أن االستثناءات حسب رأينا وإن كانت الغاية من ورائها ضمان المرونة الالزمة لسير العمل المالي‬
‫للحكومة‪ ،‬وتمكينها من مالءمة نفقاتها العامة مع تطورالظرفية االقتصادية فإنها بالمقابل تشكل تجاوزا صارخا‬
‫لسلطات البرلمان من حيث أنها تفرغ الترخيص البرلماني من كل محتواه وتعطي للحكومة سلطات تقديرية‬
‫واسعة في إنفاق االعتمادات أوعدم إنفاقها دون األخذ بإذن البرلمان‪.‬‬
‫األمر الذي يشكل خرقا لمبدأ الصدقية الذي من مرتكزاته تمكين البرلمان من ممارسة سلطته المالية تشريعا‬
‫ومراقبة‪ ،‬والذي يتناوله عسو كنقطة موالية‪ ،‬معتبرا إياه ترجمة لمعاني الشفافية والنزاهة والوضوح‪ ،‬ذاكرا‬
‫إطاره المرجعي‪ ،‬إذ يجد أساسه في المادة ‪ 1‬والمادة ‪ 31‬والمادة ‪ 33‬من القانون التنظيمي لقانون المالية‪.‬‬
‫إذ يفهم من هذه النصوص القانونية أن الصدقية يجب أن تكون حاضرة سواء على مستوى توقعات الميزانية‬
‫إذ يجب أن تأتي المؤشرات والفرضيات سليمة صحيحة مطابقة لواقع‪ ،‬أوعلى مستوى الحسابات‪ ،‬إذ يجب أن‬
‫تكون حسابات الدولة صادقة مطابقة للقانون عاكسة لصور الحقيقية للوضعية المالية للدولة‪.‬‬
‫إن صدقية الميزانية في نظرنا تعتريها مجموعة من اإلشكاليات على المستوى العملي‪ ،‬فال واقع السلطة‬
‫للبرلمان وال المواد المؤطرة لها على مستوى القانون التنظيمي تسمح بتحقيقها‪.‬‬
‫ذلك أنه على الرغم من أن قانون التصفية يعد من الدعائم األساسية للشفافية المالية وصدقية الميزانية‪ ،‬إال أنه‬
‫ليس من بين الوثائق الواجب على الحكومة إرفاقها بمشروع قانون المالية‪ ،‬ما يفوت على البرلمان فرصة إلقاء‬
‫نظرة صادقة على الوضع المالي السابق والحالي‪ ،‬ومراقبة مدى إلتزام الحكومة باألرقام التي كانت قد أعلنت‬
‫عنها مسبقا‪.‬‬
‫هذا فضال عن إشكالية التقديم المتأخر لمشاريع قوانين التصفية وضيق الحيزالزمني المخصص لدراسة ومناقشة‬
‫الميزانية في ظل اتساع مقتضياتها وصعوبة مقروئيتها‪ ،‬وبالنظر للمستوى المتدني للنخب السياسية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫مايشوب بعض العمليات الميزانياتية كالحسابات الخصوصية من غموض وغيرها من‬
‫اإلشكاليات‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬وضع الميزانية العامة‬


‫يتناول الكاتب في الفصل الثاني من الكتاب وضع الميزانية العامة‪ ،‬واصفا هذه العملية بالمسلسل السنوي‬
‫المتجدد‪ ،‬الطويل والمعقد‪ ،‬بالنظر للمحطات التي يمر منها قبل الشروع في تنفيذه إعدادا وتحضيرا من طرف‬
‫الحكومة دراسة وتصويتا من قبل البرلمان‪ ،‬وكذلك بالنظر لكم المؤسسات والقطاعات الحكومية المتدخلة في‬
‫بلورته خالل كافة مراحل وضعه‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تحضير مشروع الميزانية‬


‫فيما يخص تحضير مشروع قانون المالية تناوله الكاتب من خالل محورين‪ ،‬خصص أولهما لألجهزة المختصة‬
‫باإلعداد والتحضير‪ ،‬وثانيهما لألساليب المتبعة في التحضير واإلعداد‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األجهزة المختصة باإلعداد والتحضير‬
‫فيما يخص األجهزة المنوط بها إعداد مشروع قانون المالية بالمغرب‪ ،‬فقد حصرها منصورعسو في المجلس‬
‫الوزاري وريس الحكومة‪ ،‬ثم الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬ثم البرلمان على اعتبار أن المشرع قد أضاف مرحلة‬
‫جديدة لمسطرة اإلعداد‪ ،‬عبر تمكين البرلمان من المشاركة في إعداد وتحضير القانون المالي‪.‬‬
‫ومن خالل سرد مسؤوليات كل من هذه األجهزة بخصوص إعداد مشروع قانون المالية‪ ،‬يقول منصورعسو بأن‬
‫المجلس الوزاري جهاز تتبلور في إطاره التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية‪ ،‬إذ أن الوزير المكلف‬
‫بالمالية ملزم بإعداد مشروع قانون المالية تحت إشراف سلطة رئيس الحكومة وطبقا للتوجهات العامة المتداول‬
‫بشأنها في المجلس الوزاري‪ ،‬كما تنص على ذلك المادة ‪ 46‬من القانون التنظيمي ‪.13.130‬‬
‫‪10‬‬
‫في هذا اإلطار يثير منصور عسو إشكالية في غاية األهمية‪ ،‬تتمثل على المستوى العملي في كون أن المجلس‬
‫الوزاري ال ينعقد إال بعد انتهاء الحكومة من تحضير مشروع القانون المالي للسنة‪ ،‬في الوقت الذي يفترض‬
‫ا نعقاده قبل انطالق مسلسل التحضير‪ ،‬ما دام أن الحكومة ترتكز في إعدادها وتحضيرها للقانون المالي السنوي‬
‫على توجهاته العامة‪ ،‬ومادام أنه ليس هناك ما يحول دون انعقاد المجلس أكثر من مرة‪.‬‬
‫كما يتحدث عن مسؤوليات رئيس الحكومة ملخصا إياها في التوجيه والتحكيم‪ ،‬فعلى مستوى التوجيه يتولى‬
‫رئيس الحكومة إعداد رسالة توجيهية‪ ،‬في شكل منشور يدعو من خالله جميع اآلمرين بالصرف إلعداد‬
‫مقترحاتهم المتعلقة بالمداخيل والنفقات عن السنة المالية‪.‬‬
‫تتضمن هذه الرسالة اإلنجازات المحققة‪ ،‬واألولويات المحددة والتوجهات الرئيسة‪ ،‬واألهداف المرجوة‪،‬‬
‫والمتطلبات الجوهرية‪ ،‬إال أنه يحق لنا التساؤل بهذا الخصوص حول ما إذا كان فعال رئيس الحكومة هو من‬
‫يعد هذه الرسالة التأطيربة‪ ،‬إذا ما نظرنا للمقتضيات التقنية التي تطغى عليها أم أن إعدادها يعود لوزير المالية‬
‫ويكتفي رئيس الحكومة بتوجيهها؟‬
‫أما فيما يخص التحكيم فرئيس الحكومة يمارس التحكيم في الخالفات التي تحدث بمناسبة إعداد وتحضير‬
‫القانون المالي‪ ،‬سواء بين وزير المالية وباقي الوزراء أو بين الوزراء فيما بينهم‪ ،‬وسواء حول االعتمادات‬
‫المخصصة لكل وزارة ‪ ،‬أو حول عدم احترام الوزارات للتوجهات الحكومية في مقترحاتها‪.‬‬
‫هذا فضال عن الدور الذي يلعبه رئيس الحكومة من خالل رئاسته للمجلس الحكومي الذي يتداول في مشروع‬
‫القانون المالي‪ ،‬من خالل المناقشة والتوفيق بين اآلراء المختلفة بغية الوصول إلى صياغة تحظى باإلجماع‪.‬‬
‫أما عن مسؤوليات الوزير المكلف بالمالية فاعتبرها عسو ذات أهمية بالغة بالنظر إلشرافه على مختلف‬
‫المصالح اإلدارية بالنظر لكونه المسؤول األول عن التوازنات العامة للميزانية إذ إليه يعود‪:‬‬
‫تحضير مشروع قانون المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إعداد تقريرالتوازن المالي واالقتصادي المرفق بمشروع قانون المالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان تحميل وأداء الموارد والنفقات العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مراقبة العمليات المتعلقة بالموارد والنفقات العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التأشير على مشاريع النصوص التي يمكن أن يترتب عليها أثر مالي مباشر أو غير مباشر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويساعد في تحضير مشروع قانون المالية بعض المصالح الال ممركزة التي تتكون منها وزارة المالية‪ ،‬بحيث‬
‫تتولى مديرية الميزانية‪:‬‬
‫تقديم االقتراحات والدراسات المساعدة للوزير في اختياراته‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحضير مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحضير مشاريع قوانين المالية وتتبع تنفيذها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحضير مشروع قانون التصفية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وتتولى مديرية الدراسات والتوقعات تقديم االقتراحات والدراسات لوزيرالمالية ليباشر اختصاصاته على‬
‫ضوئها‪.‬‬
‫ويدرج عسو أيضا البرلمان كجهاز فاعل في تحضير مشروع قانون المالية‪ ،‬مؤكدا على أن المشرع قد كرس‬
‫المشاركة البرلمانية في إعداد مشروع القانون التنظيمي لقانون المالية ‪ 13.130‬من خالل المادة التي تلزم‬
‫وزير المالية بتقديم عرض حول اإلطار العام إلعداد مشروع قانون المالية قبل ‪ 31‬يوليوز من كل سنة‪.‬‬
‫إال أن هذه المشاركة البرلمانية في إعداد مشروع قانون المالية على هذا النحو تبقى غير ذات جدوى لألسباب‬
‫التي ذكرها منصور عسو والمتمثلة في كون أن عرض وزير المالية ال يتضمن المؤشرات االقتصادية والمالية‬
‫التي يرتكز عليها المشروع‪ ،‬وأن عرض هذا المشروع ومناقشته يتم في إطار اللجنتين المكلفتين بالمالية‬
‫بالبرلمان وليس في إطار الجلسات العامة المتسمة بالعمومية والعلنية‪.‬‬
‫وكذا ألسباب أخرى لم يذكرها تتمثل في غياب ما يلزم الحكومة بأن تأخذ بعين االعتبار مالحظات ومقترحات‬
‫اللجان‪.‬‬
‫وبالتالي تظل هذه المرحلة مجرد آلية إلخبار وإطالع البرلمان عن الوضعية العامة للمالية العمومية وفي‬
‫الحدود التي ترتئيها الحكومة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫وألن المشاركة في إعداد وتحضير مشروع قانون المالية في ظل الديمقراطية التشاركية ال تقتصر على نواب‬
‫الشعب دون الشعب نفسه‪ ،‬إذ أن المواطن والمجتمع المدني يمكن أن يسهما في النقاش حول التدابير التي‬
‫يتضمنها قانون الميزانية‪ ،‬ولضمان ذلك يقول عسو دأبت وزارة المالية على نشر ميزانية المواطن خالل‬
‫السنوات األخيرة‪ ،‬إال أن هذا اإلجراء بدوره تعتريه جملة من من االختالالت‪ ،‬تتلخص في النشر المتأخر‬
‫لميزانية المواطن األمر الذي ال يسمح للمواطنين والمجتمع المدني بالمساهمة في بلورة توجهات وأولويات‬
‫الميزانية‪ ،‬مما يجعلها تكتسي طابعا اختياريا ال أقل وال أكثر‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن اآلليات التي جاء بها دستور ‪ 2011‬لضمان مشاركة المواطنين والمجتمع المدني في إعداد‬
‫السياسات العمومية عامة والمالية خاصة سواء هيئات التشاور التي لم تفعل بعد‪ ،‬أو آليات تقديم العرائض‪،‬‬
‫والمبادرة التشريعية التي تعتريها العديد من اإلشكاالت‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أساليب وضع الميزانية‬
‫عن أساليب وضع الميزانية يقول عسو أن عملية توقع المداخيل والنفقات المزمع تحصيلها وصرفها‪ ،‬ليست‬
‫عملية عشوائية ال تتم باتباع أساليب وتقنيات خاصة يقسمها إلى تقنيات خاصة بتقدير النفقات وأخرى خاصة‬
‫بتقدير اإليرادات‪.‬‬
‫فيما يخص األولى قسمها بدورها إلى أنماط تقليدية وأخرى حديثة‪ ،‬عالقة بأساليب التدير التقليدية للنفقات‪ ،‬يقول‬
‫عسو بأن االعتمادات نوعان إما ثابتة ال تثير صعوبة في تقديرها‪ ،‬بحيث يكفي الرجوع للسجالت المتعلقة بها‬
‫لمعرفة المبالغ الالزمة لتغطيتها‪ ،‬كما هو الشأن ألجور ومرتبات الموظفين‪.‬‬
‫وإما متغيرة يلزم تقديرها‪ ،‬تنقسم بدورها إلى اعتمادات متجددة تتكرر بشكل سنوي‪ ،‬كمستلزمات االدارات من‬
‫آالت استنساخ وطباعة وكتب ومداد وغيرها‪ ،‬وهي اعتمادات يتم تقديرها بناءا على االعتمادات المماثلة لها‬
‫التي صرفت السنة السابقة وأخرى غير متجددة ال تتكرر بصفة دورية كاعتمادات إقامة البنيات التحتية‪ ،‬تقدر‬
‫النفقات الخاصة بها بناء على الدراسات التقنية والمالية التي تقوم بها مكاتب الدراسات أو فرق البحت‬
‫المتخصصة‪.‬‬
‫أما األنماط الحديثة لتقدير النفقات فهي أنماط تقوم على البرمجة والتخطيط‪ ،‬وتحديد األهداف والوسائل‬
‫واألولويات وآليات التنفيذ والتتبع والتقييم والتحليل منها‪:‬‬
‫‪ ‬نظام تخطيط وبرمجة الميزانية‪ ،‬الذي يقوم على تحديد األهداف وسبل بلوغها وتقسيط األهداف‬
‫والوسائل إلى وحدات بتوظيف أساليب البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ ‬نظام التدبير باألهداف الذي يقوم عل رصد األهداف‪ ،‬ووضع جدول زمني لتنفيذها في إطار الميزانية‪.‬‬
‫‪ ‬نظام ميزانية قاعدة الصفر الذي يقوم على وضع األهداف والوسائل ومراجعتها بشكل مستمر‪.‬‬
‫أما فيما يخص أساليب تقدير اإليرادات فهي متعددة منها‪:‬‬
‫‪ ‬طريقة حسابات السنة األخيرة‪ ،‬ويتم من خاللها تقدير إيرادات السنة المالية المقبلة على أساس إيرادات‬
‫آخر سنة مالية حددت نتائج حساباتها‪.‬‬
‫‪ ‬طريقة الزيادات السنوية‪ ،‬ويتم من خاللها تقدير إيرادات السنة المالية المقبلة على أساس أرقام إيرادات‬
‫آخر سنة مالية ختم حسابها‪ ،‬ولكن مع إضافة متوسط الزيادات التي حصلت في حجم اإليرادات العامة‬
‫خالل السنوات الخمس السابقة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المصادقة على قانون المالية‬


‫يتناول عسو هنا الصيغة التي يتقدم بها مشروع قانون المالية‪ ،‬الذي يصدر في شكل قالب مقسم إلى جزأين‪،‬‬
‫يحصر في األول المعطيات العامة للتوازن المالي و األحكام المتعلقة بتكاليف الدولة وميزانيات مرافق الدولة‬
‫المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬وميزانيات الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬واألحكام المتعلقة بتحصيل الديون‬
‫العمومية‪ ،‬ومراقبة استعمال المال العام‪ ،‬واألحكام المتعلقة بالمسؤوليات المالية والشخصية لمديري مرافق‬
‫الدولة إن اقتضى الحال‪ ،‬باإلضافة إلى التقييم اإلجمالي لمدا خيل الميزانية العامة وميزانيات مرافق الدولة‬
‫المسيرة بصورة مستقلة وأصناف الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ويحصر في الجزء الثاني‪ ،‬نفقات الميزانية العامة عن كل فصل ونفقات ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة‬
‫مستقلة عن كل مرفق‪ ،‬ونفقات الحسابات الخصوصية للخزينة عن كل حساب‪،‬‬
‫علما أن الميزانية العامة تضم موارد ونفقات‪ ،‬تقدم الموارد في فصول منقسمة‪ ،‬والنفقات في ‪ 3‬أبواب نفقات‬
‫التسيير ونفقات االستثمار ونفقات خدمة الدين العمومي‪.‬‬
‫كما يتناول للجهة المختصة بالمصادقة على مشروع القانون المالي‪ ،‬متمثال في السلطة التشريعية باعتبارها‬
‫مؤسسة دستورية موكول لها إجازة تحصيل اإلرادات و اإلذن بصرف النفقات المقررة في قانون مالية السنة‬
‫بموجب الفصل ‪ 75‬من دستور ‪.2011‬‬
‫مؤكدا على أن اختصاص إقرار قوانين المالية ليس باالختصاص المطلق والحصري للبرلمان‪ ،‬بل يشاركه فيه‬
‫ملك البالد بصفته أميرا للمؤمنين ورئيسا للدولة‪ .‬منوط به ضمان دوام الدولة واستمرارها وتأمين حسن سير‬
‫مؤسساتها‪ ،‬بحيث يتدخل الملك‪ ،‬اعتماد قوانين المالية في حاالت عدة منها‪ :‬حالة االستثناء (الفصل ‪،)59‬‬
‫فبالرغم من حالة االستثناء لم يعد يترتب عنها حل البرلمان‪ ،‬إال أنها تؤدي إلى تركيز جميع السلط بيد الملك‪،‬‬
‫يتوالها بمفرده إلى حين زوال األسباب أدت إلى االعالن عنها‪ ،‬وبالتالي تصبح سلطة اعتماد مشاريع قوانين‬
‫المالية بيده‪.‬‬
‫وكذا في حالة النيابة (الفصل ‪ )51‬حيث أنه بالرغم من أن دستور ‪ 2011‬يعطي للملك حق حل مجلسي البرلمان‬
‫أو أحدهما دون إشارة واضحة وصريحة إلى ممارسة الملك للسلطة التشريعية في هذه الحالة‪ ،‬إال أن ذلك يعتبر‬
‫تنصيصا ضمنيا على أحقية الملك في ممارسة السلطة التشريعية ألن كل ماال يمنعه الدستور صراحة جائز‬
‫وممكن‪.‬‬
‫في هذا اإلطار يذكر عسو حالة ثالثة يتعلق األمر بحالة االنتقال أي المدة الفاصلة بين وضع دستور جديد‬
‫وانتخاب برلمان جديد‪ ،‬والحق أن الملك لم يعد يتمتع بحق اتخاذ اإلجراءات التشريعية الذي كان مخوال له‬
‫بموجب دساتير ماقبل ‪ ،1996‬حيث أنه في هذه الحالة يستمر البرلمان في ممارسة صالحياته إلى حين انتخاب‬
‫برلمان جديد طبقا للفصل ‪ 176‬من دستور ‪ ،2011‬وبالتالي ال جدوى من ذكر هذه الحالة‪.‬‬
‫دائما في هذا اإلطار يثير منصور عسو تساؤال مهما حول ما إذا كان الفصلين ‪ 41‬و‪ 42‬من دستور ‪2011‬‬
‫يعطيان للملك حق الحلول محل البرلمان في ممارسة السلطة التشريعية على اعتبارأن الفصل الذي يقابلهما في‬
‫الدستور السابق أي الفصل ‪ 19‬خول للملك هذا الحق‪.‬‬
‫وعن هذا السؤال يجيب بعد فحصف لمدلول الفصلين ‪ 41‬و‪ 42‬بأن هذين الفصلين يخوالن للملك كأمير‬
‫للمؤمنين وكرئيسا للدولة ممارسة االختصاصات المنصوص عليها حصريا وصراحة في الدستور‪ .‬والتي ليس‬
‫بينها اختصاص الحلول محل البرلمان ما يعني أن الملك لم يعد له سلطة الحلول محل البرلمان التي كانت‬
‫مخولة له بموجب الفصل ‪.19‬‬
‫ثم يتحدث عسو عن مسطرة دراسة مشروع قانون المالية والتصويت عليه‪ ،‬واصفا هذه المسطرة بالمعقدة‬
‫والطويلة وملخصا مراحلها في اإليداع والتقديم والمناقشة ثم التصويت‪.‬‬
‫بخصوص اإليداع يحيل عسو على الفصل ‪ 75‬من الدستور والمادة ‪ 48‬من القانون التنظيمي لقانون المالية‪،‬‬
‫اللذان ينصان على أن مشروع قانون المالية يودع باألسبقية لدى مجلس النواب قبل ‪ 20‬أكتوبر من السنة المالية‬
‫الجارية‪ ،‬مرفقا ب ‪ 13‬تقريرا إجباريا وتقرير اختياري حول الحسابات المجمعة للقطاع العمومي‪.‬‬
‫ونرى أن نذكر هنا بأن دستور ‪ 2011‬كرس أسبقية مجلس النواب على مجلس المستشارين في إيداع مشروع‬
‫قانون مالية السنة خالف الدساتير السابقة التي كانت تخير الحكومة بين اإليداع لدى المجلسين معا‪.‬‬
‫أما بخصوص التقديم فيحيلنا عسو على الفقرة ‪ 4‬من الفصل ‪ 64‬من الدستور التي تقول بضرورة تقديم مشروع‬
‫قانون المالية في إطار جلسة مشتركة بين مجلسي البرلمان يرأسها رئيس مجلس النواب‪ ،‬ويحضرها رئيس‬
‫مجلس المستشارين وأميني المجلسين‪ ،‬إضافة إلى النواب والمستشارين‪.‬‬
‫أما بخصوص المناقشة فمناقشة المشروع تتم داخل مجلسي البرلمان معا‪ ،‬فداخل مجلي النواب يدرس مشروع‬
‫قانون المالية ويناقش خالل مرحلتين‪ ،‬أولهما دراسته ومناقشته على صعيد اللجن النيابية الدائمة وثانيهما‬
‫دراسته على مستوى الجلسات العامة‪ .‬وعلى صعيد اللجان النيابية الدائمة تتكلف لجنة المالية والتنمية‬

‫‪13‬‬
‫االقتصادية بدراسة مشروع القانون المالي بأكمله بينما يقتصر دور باقي اللجان على النيابية على دراسة‬
‫الميزانيات الفرعية‪.‬‬
‫أما على صعيد الجلسات العامة‪ ،‬فمناقشة مشروع القانون المالي تبدأ بتقديم المقرر العام للجنة المالية والتنمية‬
‫االقتصادية تقريرا يضمنه حيثيات المناقشة العامة التي جرت داخل اللجان‪ ،‬بما فيها االقتراحات والتعديالت‬
‫ونتائج التصويت باإلضافة إلى المشروع برمته المعدل من طرف اللجنة‪.‬‬
‫أما داخل مجلس المستشارين فنفس العملية تتكرر‪ ،‬بحيث تتولى لجنة المالية والتخطيط والتنمية االقتصادية‬
‫دراسة المشروع فور التوصل به داخل األجل الذي تحدده‪ ،‬في الوقت الذي تتولى فيه اللجان القطاعية‪ ،‬وهذه‬
‫اللجان القطاعية هي‪:‬‬
‫لجنة الخارجية والحدود والدفاع الوطني والمناطق المغربية المحتلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات التحتية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة العدل والتشريع وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الفالحة والقطاعات اإلنتاجية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة التعليم والشؤون الثقافية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ليمر المشروع للمناقشة في إطار جلسة عامة‪ ،‬تناقش خاللها مواد الجزء األول مادة مادة‪ ،‬ويصوت عليها‪ ،‬ثم‬
‫يناقش الجزء الثاني بأكمله ويصوت عليه‪ ،‬ليصوت في األخير على المشروع برمته‪.‬‬
‫بخصوص مناقشة قانون المالية يثير عسو منصور إشكالية القيود المفروضة على هذه المناقشة ملخصا إياها في‬
‫قيدين دستوريين جاء بهما الفصل ‪ 77‬والفصل ‪ 83‬ثم قيد زمني جاء به القانون التنظيمي ‪.13.130‬‬
‫ذلك أن الفصل ‪ 77‬يخول الحكومة حق رفض التعديالت والمقترحات المقدمة من طرف أعضاء البرلمان‪ ،‬إذا‬
‫كان قبولها يؤدي إلى تخفيض الموارد أو إحداث أو الزيادة في تكاليف وهو األمر الذي يحد من مبادرة النواب‬
‫في تعديل مشروع القانون المالي‪.‬‬
‫أما الفصل ‪ 83‬فيعطي للحكومة وحدها حق تقيم تعديالت أثناء مناقشة مشروع قانون المالية للسنة أثناء‬
‫الجلسات العامة‪ ،‬أما بخصوص القيد الزمني فيؤكد عسو أن مدة ‪ 52‬يوما الممنوحة للبرلمان من أجل مناقشة‬
‫مشروع قانون المالي مدة قصيرة ال تمكن من السلطة التشريعية من دراسة مشروع قانون المالي والوقوف‬
‫على تفاصيله و جزئياته بالشكل المطلوب‪.‬‬
‫في هذا السياق دائما يشير عسو إلى اإلمكانية المخولة للحكومة في تجاوز مسطرة التصويت العادية واللجوء‬
‫إلى مساطر خاصة للتصويت على المشروع الذي قامت بإعداده‪ ،‬من خالل نظام التصويت اإلجمالي الذي‬
‫يخولها إياه الفصل ‪ 83‬في فقرته الثانية‪ ،‬والذي يعطيها الحق في أن تطلب من المجلس المعروض عليه مشروع‬
‫قانون المالية أن يبث فيه بتصويت واحد كليا أو جزئيا‪ ،‬علما أن المجلس ال يمكنه االعتراض على هذه‬
‫المسطرة إال بأغلبية أعضائه‪.‬‬
‫وكذا من خالل تقديم مشروع قانون المالية لمجلس النواب قصد التصويت عليه كليا كشرط واقف لمواصلة‬
‫الحكومة تحمل مسؤوليتها وهو ما يسمى التصويت بمنح الثقة‪ ،‬علما أن رفض المشروع في هذه الحالة ال يمكن‬
‫أن يتم إال بمعارضة األغلبية‪ ،‬وإن تم الرفض يعتبر ذلك بمثابة سحب الثقة من الحكومة يؤدي إلى استقالتها‬
‫استقالة جماعية‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 103‬من الدستور‪.‬‬
‫كما يشير عسو إلى إشكالية أخرى التقل أهمية عن سابقاتها‪ ،‬يتعلق األمر بإشكالية إفراغ الترخيص البرلماني‬
‫من محتواه‪ ،‬سواء من خالل استئثار الحكومة بالتشريع المالي‪ ،‬حيث لها أن تصدر مراسيم قوانين خالل‬
‫الفترات الفاصلة بين الدورات‪ ،‬األمر الذي يخولها إصدار مراسيم قوانين في المجال المالي وبالتالي تمر‬
‫مقتضيات دون إذن من البرلمان‪ ،‬كما لها أن تحصل على إذن البرلمان للتشيع مكانة بمقتضى مراسيم كما‬
‫يخولها ذلك الفصل ‪ ،70‬وفي إطار ما يسمى بقانون اإلذن‪ .‬أو من خالل إمكانية التدخل حالل السنة المالية للقيام‬
‫بالتصحيحات أو اتخاذ التدابير المالية من قبيل تحويل المناصب المالية وإعادة انتشارها‪ ،‬وترحيل اإلعتمادات‬
‫برسم نفقات االستثمار وتحويل اإلعتمادات‪.‬‬
‫وبالتالي فهذه المقتضيات تتجه نحو إفراغ الترخيص البرلماني من محتواه‪ ،‬والحد من السلطة المالية للبرلمان‬
‫لصالح المبادرة الحكومية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫في هذا الصدد دائما يثير عسو منصور إشكالية تتعلق بضعف آليات التتبع والرقابة البرلمانية في مختلف‬
‫أبعادها وصورها الثالث القبلية والموازية والبعدية‪.‬‬
‫ويرجع ذلك إلى تحكم الجهاز التنفيذي في مصادر المعرفة المالية والمحاسبية‪ ،‬وعدم توفر البرلمان على‬
‫الموارد البشرية المتخصصة والوسائل التقنية الالزمة إلجراء التحويالت والمعاينات‪ ،‬وكذا التقديم المتأخر‬
‫لمشاريع قوانين التصفية باعتبارها أهم وسيلة رقابية بيد البرلمان‪.‬‬
‫ويمكننا أن نضيف هنا القيود المفروضة على تشكيل لجان تقصي الحقائق‪ ،‬ذلك أن تشكيل لجان تقصي الحقائق‬
‫قصد التحقيق في مسألة ما تهم التدبير المالي مقيد بعدم فتح تحقيق قضائي أثناء ممارسة لجان تقصي الحقائق‬
‫لمهامها فهي ملزمة بإيقاف التحقيق‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تنفيذ الميزانية‬


‫يتحدث هنا عسو عن األجهزة المتدخلة في تنفيذ الميزانية العامة ومسطرة تنفيذها ويؤكد على أن تنفيذ العمليات‬
‫اإلدارية والمحاسبية التي يتطلبها استخالص الموارد المستحقة لفائدة الدولة‪ ،‬وأداء الديون المترتبة في ذمتها‪،‬‬
‫يتقاسمه اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون‪ ،‬وأن تنفيذ الميزانية يقتضي اتباع إجراءات مسطرية محددة‬
‫قانونا تنقسم إلى شقين‪ ،‬شق متعلق بصرف النفقات‪ ،‬وأخر متعلق بتحصيل الديون العمومية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األجهزة المتدخلة في تنفيذ الميزانية العامة‬
‫اآلمر بالصرف‬
‫يعرف عسو اآلمر بالصرف انطالقا من الفصل ‪ 3‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية الذي يعرفه‬
‫بأنه كل شخص مؤهل باسم منظمة عمومية لرصد أو إثبات أو تصفية أوامر باستخالص دين أو أدائه‪.‬‬
‫وبالتالي فاآلمر بالصرف شخص قد يكون معينا أو منتخبا‪ ،‬يشغل منصب وزير أو رئيس جماعة ترابية أو‬
‫مدير مؤسسة عمومية أو مصلحة‪ ،‬يمارس إلى جانب مهامه اإلدارية األساسية‪ ،‬اختصاصا ماليا يتعلق بتدبير‬
‫الموارد والنفقات التي تتصرف فيها المنظمة أو الهيأة التي يرأسها‪.‬‬
‫ويعد عسو اآلمرين بالصرف المؤهلين إلنجاز العمليات المتعلقة بتنفيذ مالية الدولة‪ ،‬كالتالي‪:‬‬
‫‪ ‬الوزراء‪ ،‬باعتبارهم آمرين بالصرف رئيسيين أي (بحكم القانون) ويمارسون هذه المسؤولية فيما يتعلق‬
‫بمداخيل ونفقات وزاراتهم وميزانيات مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية‬
‫الراجعة لهذه الوزارات‬
‫‪ ‬المديرون العامون والمديرون الذين تقتضي حاجيات المصلحة تعيينهم كآمرين بالصرف‪ ،‬علما أن تعيينهم‬
‫يتم بموجب مرسوم‬
‫ويخول القانون لآلمرين بالصرف‪ ،‬في إطار سياسة عدم التركيز اإلداري‪ ،‬إمكانية‪:‬‬
‫‪ ‬تفويض اإلمضاء‪ ،‬فنصبح أمام نوع أخر من األمرين بالصرف هم األمرين بالصرف المفوض إليهم وهذا‬
‫التفويض ال يشمل االختصاص والسلط‪ ،‬بل هو مجرد تفويض باإلمضاء‬
‫‪ ‬تعيين آمرين بالصرف ثانويين تحت مسؤوليتهم ومراقبتهم يفوضون إليهم في سلطاتهم ضمن الحدود‬
‫المالية والترابية واإلجرائية التي يبينونها‪ ،‬ويعتبر العمال ورؤساء المصالح الخارجية للوزارات آمرين‬
‫بالصرف ثانويين بخصوص االعتمادات المفوضة إليهم من طرف الوزارات المعنية‪.‬‬
‫علما أن القانون يوجب تعيين آمرين بالصرف ثانويين بالنسبة لكل مصلحة تسيرها الدولة بصفة مستقلة‬
‫ويوجزإمكانية تعيين آمرين بالصرف مساعدين من أجل الحلول محل اآلمرين بالصرف المفوضين واآلمرين‬
‫بالصرف الثانويين‪.‬‬
‫واختصاص االمرين بالصرف يتحدد في‪:‬‬
‫‪ ‬إنجاز العمليات ذات الطابع اإلداري التي يتطلبها استخالص المداخيل‬

‫‪15‬‬
‫‪ ‬صرف االعتمادات التي يأذن بها قانون مالية السنة‪ ،‬سواء بتحصيل المداخيل عن طريق تصفية‬
‫الموارد المالية التي للدولة حق استخالصها‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار األمر باستخالصها‪ ،‬أو بصرف االعتمادات‪ ،‬عن طريق اتخاذ قرار خلق النفقة وااللتزام بها‬
‫وتصفيتها‪.‬‬
‫‪ ‬ثم إصدار األمر بصرفها وأدائها‪.‬‬
‫وهو األمر الذي يبين أيضا أن اآلمر بالصرف يمتلك سلطة مالية حقيقية‪ ،‬باعتبارأنه هو من يأذن بصرف‬
‫النفقات وبالتالي ال يمكن صرف اي مبلغ مالي من ميزانية الدولة دون تدخله يحدد حاجيات الدولة من اإلنفاق‬
‫العام ‪ ،‬مما يدفع للقول بأن اآلمر بالصرف هو "المتحكم في ميزانية الدولة إذا ما أخذنا بعين االعتبارما لالنفاق‬
‫العام من أدوار في تنفيذ السياسات العمومية والمخططات القطاعية والبرامج االقتصادية‪.‬‬
‫المحاسبون العموميون‬
‫عرفهم عسو انطالقا من الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ 3‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية‪ ،‬بأنهم كل‬
‫موظف أو عون مؤهل للقيام باسم منظمة عمومية بعمليات المداخيل أو النفقات أو تناول السندات أما بواسطة‬
‫أموال وقيم معهود إليه بها وإما بتحويل داخلي لحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات‬
‫خارجية للمتوفرات التي يأمر بترويجها او مراقبتها"‪.‬‬
‫علما أن المحاسبين‪ ،‬في النظام المحاسبي المغربي‪ ،‬صنفان‪:‬‬
‫محاسبون عموميون ومحاسبون خصوصيون‪.‬‬
‫والمحاسبون العموميون هم‪:‬‬
‫محاسبي الخزينة المتمثلين في‪:‬‬
‫‪ ‬الخازن العام للمملكة‪ :‬باعتباره "المحاسب السامي للمملكة"‪ ،‬ومهمته‬
‫‪" ‬جمع التنفيذ الحسابي لميزانية الدولة والميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية وعمليات‬
‫الخزينة"‬
‫‪ ‬تقديم "حساب التسيير" الخاص بحساباته في كل سنة إلى المجلس العلى للحسابات‪.‬‬
‫‪ ‬الخزنة الجهويون وخزنة العماالت والخزنة اإلقليميون الذين يعملون تحت المسؤولية والمراقبة المباشرة‬
‫للخازن العام‪ ،‬وتتحدد مهامهم في‪:‬‬
‫‪ ‬اعتماد ميزانية اآلمرين بالصرف الثانويين‬
‫‪ ‬تقديم حسابات العمليات التي ينجزونها في كل سنة إلى المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫‪ ‬القباض‪ :‬وهم تابعين للخزينة العامة للمملكة‪ ،‬ويعملون تحت مسؤولية الخازن الجهوي او خازن العمالة أو‬
‫الخازن اإلقليمي في إطار دائرة نفوذه الترابي‪،‬و تتجلى مهامهم في‬
‫‪ ‬استخالص منتوج الضرائب المباشرة وأكثرية الرسوم والذعائر والغرامات وعائدات الملك العام‬
‫وغيرها‪،‬‬
‫‪ ‬دفع بعض النفقات المعهود إليهم بمهمة أدائها‪ ،‬وتقديم حساباتهم إلى المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬العون المحاسبي المركزي للتمثيليات الدبلوماسية والقنصلية ومهامه تتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬إنجاز عمليات المداخيل والنفقات بالخارج لفائدة الدولة‪ ،‬بمساعدة أعوان محاسبين يعملون‬
‫بالسفارات والقنصليات المغربية بالخارج‪،‬‬
‫‪ ‬تقديم حسابات العمليات التي ينجزونها في كل سنة للمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫أما النوع الثاني من المحاسبين أي المحاسبين الخصوصيين‪:‬‬
‫فمهامهم تتحدد في تدبير الميدان المسؤولين عنه مثل‪:‬‬
‫‪ ‬جباة الرسوم الجمركية‪،‬‬
‫‪ ‬جباة حقوق التسجيل‬

‫‪16‬‬
‫‪ ‬كتاب الضبط بالمحاكم‬
‫‪ ‬قباض بريد المغرب‪...‬‬
‫و إلى جانب هؤالء المحاسبن أي العموميين والخصوصيين يوجد محاسبون بحكم الواقع‪ ،‬أي األشخاص الذين‬
‫يقومون "دون موجب قانوني بعمليات المداخيل والنفقات"‬
‫علما أن هؤالء المحاسبون بحكم الواقع يخضعون لنفس االلتزامات والمراقبات الجارية على المحاسبين‬
‫العموميين كما يتحملون نفس المسؤوليات‬
‫أما عن اختصاصاتهم فتحدد في‪:‬‬
‫‪ ‬التكفل بأوامر المداخيل التي يسلمها اآلمرون بالصرف والديون المثبتة بعقدة أو رسم ملكية أو سند آخر‬
‫يكون محفوظا لديهم والقيام باستيفائها وكذا استخالص الحقوق نقدا‬
‫أداء النفقات إما بأمر صادر عن اآلمرين بالصرف المعتمدين أو بعد االطالع على السندات التي يقدمها‬ ‫‪‬‬
‫الدائنون أو من تلقاء أنفسهم‬
‫مسك محاسبة المنظمة العمومية المتعمد لديها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اإلجابة على التعرضات والتبليغات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ممارسة المراقبة القبلية على العمليات اإلدارية التي ينجزها اآلمر بالصرف‪ ،‬عن طريق تأكدهم من‬ ‫‪‬‬
‫التطبيق السليم للمساطر الواجب مسك محاسبة المنظمة العمومية المتعمد لديها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مسطرة تنفيذ الميزانية العامة‬


‫مسطرة تنفيذ الميزانية العامة تنقسم إلى شقين‪ ،‬شق متعلق بصرف النفقات‪ ،‬وأخر متعلق بتحصيل الديون‬
‫العمومية‪.‬‬
‫فيما يخص الشق األول‬
‫فصرف النفقات العامة يتطلب سلوك عدة إجراءات كالتالي‪:‬‬
‫‪ ‬االلتزام بالنفقة‬
‫وااللتزام بالنفقة‪ ،‬حسب الفصل ‪ 33‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية يعني إثبات التحمل الذي‬
‫في ذمة الدولة والذي يستوجب تخصيص اعتماد معين‪ ،‬كالقرار القاضي بتعيين موظف معين‪ ،...‬علما أن‬
‫االلتزام بالنفقة قرار إداري يتواله اآلمر بالصرف في حدود الترخيصات الواردة في القانون المالي ووفقا‬
‫للمقررات أو اإلعالنات أو التأشيرات المنصوص عليها في القوانين واألنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬تصفية النفقة أو تدقيق النفقة‬
‫بمعنى التأكد من حقيقة الدين وموعد استحقاقه وكذا حصر المبلغ الواجب أداؤه‪ ،‬علما أن األوراق والوثائق‬
‫المثبتة للنفقة تختلف باختالف أنواع النفقات‪.‬‬
‫‪ ‬األمر بدفع النفقة‬
‫وهو اختصاص لآلمر بالصرف الذي يتعين عليه بعد تصفية النفقة أن يصدر أمره إلى المحاسب لدفع دين‬
‫النفقة‪ ،‬علما أن هذا األمر بالدفع أو الصرف يتطلب صدوره في شكل سندات أو حواالت لألداء‪ ،‬تتضمن بعض‬
‫البيانات الضرورية كقرار تعيين اآلمر بالصر وبيان اإلدراج في الميزانية وتاريخ إصدار األمر بالصرف‬
‫ومجموعة من البيانات األخرى‪.‬‬
‫علما كذلك أن المشرع حدد تاريخ ‪ 20‬دجنبر من سنة تنفيذ الميزانية كأجل أقصى إلصدار األوامر بالصرف‬
‫بالنسبة للنفقات المتعلقة باألدوات‪ ،‬و‪ 5‬دجنبر من نفس السنة بالنسبة لنفقات الموظفين‪ ،‬و‪ 22‬من كل شهر‬
‫كموعد أقصى لألمر بأداء النفقات الخاصة بشهر معين‪.‬‬
‫‪ ‬أداء أو دفع النفقة‬

‫‪17‬‬
‫باعتبارها عمل محاسبي بموجبه يقوم المحاسب المكلف بالتسديد بتسليم مبلغ الدين المستحق للدائن وتبرئة ذمة‬
‫الدولة منه‪ ،‬مع العلم أنه قبل تسديد دين النفقة يتعين على المحاسب التأكد من عدة أمور منها صفة اآلمر‬
‫بالصرف أو مفوضه‪ ،‬ومدى توفر االعتمادات ومدى صحة اإلدراج في الميزانية ومدى صحة األوراق المدلى‬
‫بها‪.‬‬
‫واألداء أو تسديد دين النفقة يكون إما طريق بتسليم نقود أو شيكات أو بواسطة حواالت بريد أو تحويالت بنكية‬
‫أو بريدية‪ ،‬أوبتسليم قيم عمومية‪ ،‬كالسندات التجارية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالشق الثاني المتعلق بتحصيل الديون العمومية فيتم عبر ثالث مراحل‬
‫‪ ‬تصفية المدخول‬
‫باعتبارها عمل إداري يتواله عادة اآلمر بالصرف‪ ،‬يتأكد بموجبه من حقيقة الوقائع والعمليات التي تترتب عنها‬
‫مداخيل وحقوق لفائدة الدولة و على ضوء هذه التصفية يتحدد مبلغ الديون التي ينشأ للدولة حق استيفائها‪.‬‬
‫‪ ‬األمر باستخالص المورد‬
‫إذ يتولى اآلمر بالصرف‪ ،‬في حالة عدم وجود إجراء مخالف‪ ،‬إصدار األمر باستخالص بالمداخيل‬
‫‪ ‬تحصيل المداخيل‬
‫علما أن إجراءات تحصيل الديون العمومية تخضع لمقتضيات القانون رقم ‪ 15.97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية‪.‬‬
‫ويقصد بتحصيل أواستخالص الديون العمومية‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 1‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪" ،‬مجموع‬
‫العمليات واإل جراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية‬
‫على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل أو الناتجة عن أحكام وقرارات‬
‫القضاء أو عن االتفاقيات"‪.‬‬
‫وتشمل الديون العمومية‪ ،‬الموارد المنصوص عليها في المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي لقانون المالية ‪.130-13‬‬
‫والذي يتولى استيفاء هذه الديون هم المحاسبون التاليين‪:‬‬
‫‪ ‬الخازن العام للمملكة‪،‬‬
‫‪ ‬والخازن الرئيسي‪،‬‬
‫‪ ‬والمؤدي الرئيسي لألجور‪،‬‬
‫‪ ‬والخزنة الجهويون وخزنة العماالت والخزنة اإلقليميون‪ ،‬والخزنة الجماعيون‪ ،‬والقباض‪ ،‬والقباض‬
‫الجماعيون‪،‬‬
‫‪ ‬وقباض الجمارك والضرائب غير المباشرة‪،‬‬
‫ويباشر استخالص الديون العمومية في األصل‪ ،‬بالطرق الرضائية والحبية‪ ،‬وال يتم إعمال طرق التحصيل‬
‫اإلجباري إال عند الضرورة‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬الصفقات العمومية‬


‫ينطلق عسو في هذا الفصل بالتأكيد على أهمية الصفقات العمومية معتبرا إياها رافعة للتنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية على اعتبار أنها أداة لتنفيذ النفقات العمومية من خالل إنجاز الخدمات والتوريدات واألشغال التي‬
‫تمس حاجة الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية‪ ،‬مؤكدا على أنه بالرغم من أهميتها إال أنها تعد‬
‫مرتعا للفساد ومنفذا إلهدار المال العام كنتائج لغياب الشفافية والحكامة على مستواها‪.‬‬
‫فمنصور عسو لم يخصص في كتابه قانون الميزانية الدولة ورهان الحكامة المالية الجيدة‪ ،‬هذا الحيز الكبير‬
‫الذي خصصه للصفقات العمومية عبثا‪ ،‬بل حاول من خالله أن يستقصي مدى حكامة الصفقات العمومية‪،‬‬
‫مؤكدا من خالله على غياب الحكامة الجيدة في تدبير الصفقات الع مومية ‪ ،‬مستشهدا في هذا اإلطار ببحث‬
‫ميداني أجرته منظمة ترانسبرانسي المغرب‪ ،‬التي توصلت إلى أنه من أصل ‪ 400‬مقاولة شكلت عينة البحث‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ %10‬فقط منها هي من تشارك بانتظام في الصفقات العمومية وأن ما يقارب ‪ 60%‬من المقاوالت اعتبر أن‬
‫المساطر المتعلقة بها معقدة و مكلفة وتطبعها ممارسات الفساد‪.‬‬
‫ومستشهدا كذلك بتقرير المجلس األعلى لحسابات سنة ‪ 2015‬الذي حدد جملة من اإلختالالت يشكو منها تدبير‬
‫الصفقات العمومية منها‪:‬‬
‫أداء نفقات غير مبررة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اللجوء المتكرر لصفقات التسوية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تضمين ملفات الصفقات العمومية ملفات غير صحيحة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عدم ربط البنايات المنجزة بشبكة الماء والكهرباء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عدم تطبيق غرامات التأخير‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التباين في أثمان نفس السلعة أو الخدمة في صفقتين متتاليتين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التباين بين الكميات المفوترة والكميات المسلمة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬الرقابة المالية‬


‫ينطلق منصور عسو في هذا الفصل من فكرة أساسية مفادها أن ضمان حسن استعمال المال العام‪ ،‬وكفاية‬
‫فعاليته ونجاعة تدبيره‪ ،‬وحمايته من كافة مظاهر التالعب والفساد‪ ،‬ال يمكن أن يتم دون وجود منظومة رقابية‬
‫متطورة وشاملة بجميع العمليات اإلدارية والمحاسبية‪ ،‬وعلى كافة الفاعلين في تدبير المال العام‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الرقابة الداخلية‬
‫الرقابة الداخلية كما يوضح عسو هي الرقابة الذاتية التي تجريها اإلدارة على نفسها بوساطة أجهزة إدارية‬
‫تابعة للسلطة التنفيذية‪ ،‬كما هو الشأن لمراقبة نفقات الدولة ورقابة المفتشية العامة للمالية‪.‬‬
‫ففيما يخص األولى فتقوم وفقا لمرسوم نونبر ‪ ،2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ ،‬على أساس خضوع نفقات‬
‫الدولة لمراقبة مسبقة على االلتزام ومراقبة األداء ثم مراقبة تراتبية‪.‬‬
‫تتم األولى من خالل مراقبة اإللزام بالنفقة من طرف المحاسب العمومي‪ ،‬الذي يتولى في مرحلة أولى مراقبة‬
‫مشروعية النفقة وفي مرحلة ثانية المراقبة المالية من خالل التأكد من هدف توفر اإلعتمادات للنفقة‪.‬‬
‫وتتم الثانية من خالل المراقبة الترابية سواء منها المخففة التي يجريها المحاسب العمومي على نفقات المصالح‬
‫اآلمرة بالصرف المتوفرة على نظام االفتحاص والمراقبة الداخلية‪ ،‬إلى جانب تقييم الكفاءة التدبيرية لهذه‬
‫المصالح‪.‬‬
‫أما بخصوص رقابة المفتشية العامة للمالية فيؤكد عسو على أنها تنصب على التحقق من مدى مشروعية‬
‫العمليات المدرجة في حسابات المصالح الخاضعة للتحقيق ومطابقتها للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وكذا على إنجاز المادي للخدمات المقدمة واألشغال المنجزة والتوريدات المسلمة‪ ،‬وعلى تقييم النتائج المحققة‬
‫ومقارنتها باألهداف المرسومة والوسائل المستعملة‪.‬‬
‫إال أن حصيلة عمل المفتشية العامة للمالية يقول عسو تبقى ضئيلة ال ترقى لمستوى التطلعات لمجموعة من‬
‫األسباب يلخصها عسو في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬دورها بقي منحصرا في على بعض المصالح التسييرية لوزارة المالية كمديرية الضرائب‪ ،‬وإدارة‬
‫الجمارك والضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫‪ ‬ال تنصب رقابتها على إجراء التحريات على مستوى إبرام الصفقات العمومية وعروض األثمان‬
‫والعقود وما إليها من العمليات الملزمة لمالية الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬أن معظم تقارير ها ال تحظى بعناية متخذي القرار من المسؤولين الذين يقابلونها بالالمباالة واإلهمال‬
‫حتى ولو كانت تشتم منها روائح فضائح تضر مصالح الدولة وماليتها‪.‬‬
‫ويمكننا أن نضيف هنا الطابع المركزي المفرط لهذه المفتشيات وعدم وجودها في بنية مجموعة من الوزارات‪،‬‬
‫وكذا ضعف الوسائل البشرية الموضوعة تحت تصرفها‪ ،‬باإلضافة إلى انحصار دور المفتش في مجرد رفع‬
‫التقارير لرئيسه التسلسلي المفتش العام للمالية‪ ،‬الذي يبقى من صالحياته رفع التقرير للوزير أو االحتفاظ به‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الرقابة الخارجية‬
‫يؤكد عسو في هذا المبحث على أن الرقابة الداخلية قد يطغى عليها التحيز واإلهمال واالنحراف أحيانا‪ ،‬فضال‬
‫على أنها وحدها غير كافية للتصدي لكافة االختالالت التي يشكو منها تدبير مالية الدولة‪ ،‬وهذا هو ما يبرره‬
‫وجود رقابة خارجية‪ ،‬متحدثا عن أهم أوجهها المتمثلة في الرقابة القضائية أي رقابة المجلس األعلى‬
‫للحسابات باعتباره الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمغرب‪.‬‬
‫مع تأكيده على أم المجلس األعلى للحسابات يمارس ثالث أنواع من االختصاصات‪ ،‬اختصاصات قضائية تتمثل‬
‫في البت والتدقيق في الحسابات ألجل التأكد من سالمة عمليات المداخيل والنفقات ومطابقتهما للمقتضيات‬
‫القانونية والتنظيمية‪ ،‬باإلضافة إلى ممارسة التأديب المتعلقة بتنفيذ الموارد البشرية‪.‬‬
‫ثم اختصاصات إدارية تتمثل في ممارسة رقابة التسيير من خالل تقييم مناهج وطرق التدبير المتبعة من طرف‬
‫الهيئات العمومية ‪ ،‬وكذا التحقق من مدى بلوغ األهداف المسطرة وكذا في ممارسة الرقابة على استعمال المال‬
‫العام من خالل مراقبة كل األجهزة التي تستفيد منه المال العام‪ ،‬المقاوالت واألحزاب السياسية والجمعيات‬
‫ومراقبة األموال التي يتم جمعها عن طريق االلتماس العمومي‪.‬‬
‫ثم اختصاصات استشارية تتمثل في تقديم المساعدة للبرلمان من خالل الرد على الطلبات المعروضة عليه من‬
‫قبل رئيسي غرفتي البرلمان‪ ،‬وكذا من خالل اإلجابة على األسئلة واالستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في‬
‫التشريع والمراقبة والتقييم‪ ،‬وكذا بدل المساعدة للحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى اختصاصات إخ بارية من خالل نشره لتقرير سنوي‪ ،‬فضال عن نشر جميع أعماله‪.‬‬
‫أما الوجه الثاني للرقابة الخارجية فيتمثل في الرقابة السياسية أي رقابة البرلمان‪ ،‬التي تجد أساسها في الفصل‬
‫‪ 70‬الذي جاء فيه »يصوت البرلمان على القوانين ويراقب عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية»‪.‬‬
‫ويمارس البرلمان هذه الرقابة حسب عسو من خالل قانون التصفية‪ ،‬ولجنة مراقبة المالية العمومية وملتمس‬
‫الرقابة‪ .‬ولجان تقصي الحقائق‪ ،‬باإلضافة إلى ملتمس مساءلة الحكومة ثم األسئلة الشفهية والكتابية‪.‬‬
‫فبخصوص قانون التصفية باعتباره آلية دستورية يتم من خالله الوقوف على مدى التزام الحكومة بالترخيص‬
‫البرلماني‪ ،‬وباألرقام المتعلقة من قبل‪ ،‬فإنه تعتريه إشكاليات عويصة‪ ،‬تتشكل في التقديم المتأخر لقوانين‬
‫التصفية‪ ،‬ذلك أنه ال يتم تقديمها إال بعد مرور سنوات على األجل الذي يجب أن تودع فيه‪.‬‬
‫أما اآلليات األخرى فهي األخرى تعتريها إشكاالت عديدة‪.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like