Professional Documents
Culture Documents
عقد الامتياز في القانون الجزائري
عقد الامتياز في القانون الجزائري
مقدمــة
إن سياسة التوجه نحو االقتصاد الحر التي باتت تنتهجها الغالبية العظمى
للدول ومنها الجزائر ،تقوم في مفهومها على منح القطاع الخاص حرية واسعة
ليكون شريكا في كل مناحي الحياة وذلك تماشيا مع خطط التنمية الشاملة في أي
دولة ،وبغية تكييف عملية التحول االقتصادي مع عملية اإلصالح اإلداري التي
تعرفها الجزائر ،كان لزاما تغيير النظرة حول الدور التقليدي للدولة من متدخلة إلى
حارسة ،نظ ار لما أفرزه الواقع المعاش من محدودية دورها في إدارة الجانب
االقتصادي لمرافقها العامة وحتى الجانب اإلداري ،وألنها لم تعد قادرة على النهوض
بأعباء التنمية مهما كان حجم اإلمكانيات المادية والبشرية المتاحة أمامها هذا األمر
كان مدعاة للتخلي عن الطرق المباشرة لتسيير المرافق العامة وتعويضها بطرق
فاالمتياز يعتبر أحد أساليب المحافظة على الدور االقتصادي للدولة والمصالح
العامة و كأحد أهداف المرفق العام من جهة ،وتفعيل دور القطاع الخاص في دفع
أ
مقدمـ ـة
العمومي ووجه لتفويض المرفق العام تحقيقا للخدمة العامة وتحسين آداء تقديمها ،
وبما أن العقد اإلداري يقوم على فكرة تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة
فإننا نجد أن اإلدارة تتمتع بجملة من االمتيازات والسلطات االستثنائية والغير مألوفة
واستخدم عقد االمتياز في الجزائر بعد اإلستقالل أوال مع التأميمات وذلك بربط
1
83ـ 17 في إدارة المرافق العامة ،وكان لزاما انتظار النص الخاص بقانون المياه
وقد تزايد إهتمام الدولة الجزائرية باإلتجاه نحو القطاع الخاص بشكل واضح في
حياتنا اليومية رغبة منها في البحث عن وسائل مادية ومصادر لتمويل المشروعات
والثقة في إمكانيات القطاع الخاص من هذه الناحية لقدراته الفنية وامكانياته المالية
-القانون ، 17/83المؤرخ في 16جويلية ،المتعلق بالمياه ،الجريدة الرسمية عدد 30الصادر بتاريخ 04يونيو . 1983 1
ب
مقدمـ ـة
ولعل أهمية دراسة موضوع عقد االمتياز تكمن في المكانة البالغة التي أضحى بها
عقد االمتياز كطريقة للتسيير كونه يعمل على التقليل من أعباء الدولة المالية ،من
خالل تحمل صاحب االمتياز إنشاء واستغالل المرفق العام ،كما أن له دور في
إدخال التقنيات المعلوماتية والتكنولوجية للقطاع العام وتزويده بالوسائل الالزمة لسيره
فهو طريقة لتفعيل المرفق العام ،وفي نفس الوقت تحسين الخدمة العمومية المقدمة
،وكذلك تزايد النصوص المنظمة لعقود االمتياز في عدة قطاعات وفي غياب نص
خاص ينظم عقد االمتياز ،وقلة الدراسات المتخصصة في هذا الموضوع .
أما الهدف من هذه الدراسة هو الوقوف على مختلف األحكام التي تنظم عقد
االمتياز في الجزائر و الوصول إلى مدى فعالية تلك األحكام والنصوص المنظمة
أما أسباب إختيارنا لهذا الموضوع راجع للرغبة النفسية في البحث في هذا
الموضوع وتوسيع المعارف العلمية في هذا المجال ،وكذا األهمية البالغة لعقد
اإلمتياز كطريقة بديلة للتسيير ،خاصة مع األزمات اإلقتصادية التي تعرفها البالد و
إنهيار سعر البترول ،مما يستدعي التعاون بين القطاع العام والخاص وتحرير
ج
مقدمـ ـة
وبالنسبة للدراسات السابقة التي تناولت موضوع عقد االمتياز نذكر منها
ـ بحث للدكتور عمار بوضياف بعنوان عقد االمتياز ودوره في تطوير العالقة
بين اإلدارة المحلية والقطاع الخاص ،والذي عالج فيه مدى مساهمة عقد االمتياز
في تطور عالقة الشراكة بين اإلدارة المحلية والقطاع الخاص .
ـ نضيف إليها الدراسة التي قامت بها الباحثة بن مبارك راضية تحت عنوان
. المحلية
كما أشير أنه واجهتنا بعض الصعوبات من خالل معالجتنا لهذا الموضوع
ما مدى فعالية تطبيق عقد االمتياز كأسلوب لتسيير المرفق العام في الجزائر بما
-التعليمة ، 842/03.94المتعلقة بامتياز وتأجير المرافق العمومية المحلية ،المؤرخة في 07ديسمبر ، 1994الصادر عن 1
د
مقدمـ ـة
ولإلجابة على هذه اإلشكالية إعتمدنا على المنتج التحليلي للنصوص المنظمة
البحث ،كما استعنا ببعض الدراسات الفقهية واإلجتهادات القضائية ،وعليه تناولنا
المشابـه له .
ه
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
تلجأ اإلدارة عادة في االضطالع باألعباء العامة بإنتهاج أسلوبين :القرار اإلداري والعقد
اإلداري ،وهذا األخير يعتبر تصرفا قانونيا أخضعه المشرع للقواعد العامة إلبرام العقود الواردة
بموجب القانون ،لكن ولكون أن األمر مرتبط بالمصلحة العامة فقد خول المشرع لإلدارة خالل
إبرامها لعقود إدارية تضمينها بشروط إستثنائية تتالءم وخصوصية هذه العقود ،ويعتبر عقد
االمتيا من أهم العقود اإلدارية الوثيقة بتسيير المرفق العمومي والذي يعتبر الصورة األكثر
شيوعا في تفويض المرفق العام في الج ائر ونظر لعدم تدخل المشرع لتنظيمه بنص خاص
المبحث الثاني :الطبيعة القانونية لعقد االمتيا وتميي ه عن بعض العقود المشابهة .
-8-
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
تبنت الج ائر نظام االمتيا بعد اإلستقالل ،لتتراجع في السبعينات وتعود في قانون
المياه 83ـ 17وتتسع النصوص القانونية المنظمة له في عدة مجاالت منذ سنة ، 1989ويعتبر
هذا النوع من العقود الطريقة الجديدة القديمة هدفها ال يادة في المردودية ونوعية الخدمة
العمومية المقدمة ،حيث أن إعتماده مؤخ ار تم على وجه مغاير لما كان عليه ،إذ بعد ما كان
أسلوبا إستثنائيا للتسيير أضحى من أساليب التسيير الليبرالي للمرفق العام وتماشيا مع سياسة
اإلصالح اإلقتصادي التي إنتهجتها الدولة منذ مطلع الثمانينات واإلصالح اإلداري على
ضرورة تغيير النظرة حول الدور التقليدي للدولة من متدخلة إلى حارسة مواكبة للتحول ، 1وعليه
سنتناول من خالل هذا المبحث تعريف عقد االمتيا في المطلب األول ثم خصائص وأركان
نتعرض من خالل هذا المطلب إلى التعريف الفقهي لعقد االمتيا ثم من خالل بعض
هناك عدة تعاريف فقهية تناولت عقد االمتيا فعرفه الدكتور سليمان الطماوي :
- 1نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،دار بلقيس ،الدار البيضاء ،الج ائر ،ص . 161
-9-
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
" هو عقد إداري يتولى الملتزم فردا أو شركة بمقتضاه وعلى مسؤوليته إدارة مرفق
إقتصادي واستغالله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين ،مع خضوعه للقواعد األساسية
و تطرق أيضا لتعريف هذا العقد الدكتور عمار بوضياف :بأنه اتفاق يجمع بين اإلدارة
المعنية والملتزم يتعهد بمقتضاه هذا األخير فردا كان أو شركة بإدارة مرفق إقتصادي
دون المرافق اإلدارية كما أنهما لم يشيار إلى مدة االمتيا التي تعتبر من العناصر المهمة في
،كذلك االمتيا حسب هذين التعريفين يمنح لألشخاص الخاصة من األفراد عقد االمتيا
ويعرف األستاذ أحمد محيو االمتيا " هو أسلوب تسير ،يتولى من خالله شخص
(شخص خاص بصورة عامة) يسمى صاحب االمتياز ،أعباء مرفق خالل فترة من الزمن ،
هذا التعريف يهمل الطابع التعاقدي لالمتيا ،وال يرك على طبيعة مهام مسير المرفق
1ـ سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،دار الفكر العربي ،الطبعة األولى سنة ، 1999مصر ،ص
. 108
2ـ عمار بوضياف ،شرح تنظيم الصفقات العمومية ،جسور للنشر والتو يع الطبعة الرابعة ،المحمدية ـ الج ائر ،ص 101
. 102 ،
3ـ أحمد محيو ( ،ترجمة محمد صاصيال) ،محاضرات في المؤسسات اإلدارية ،الطبعة الثالثة ،ديوان المطبوعات الجامعية
،الج ائر ، 1985 ،ص . 440
ـ نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 162 4
- 10 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
أما الدكتور ناصر لباد فقد عرفه :عقد أو اتفاق ،تكلف اإلدارة المانحة سواء كانت
الدولة أو الوالية أو البلدية بموجبه شخصا طبيعيا (فرد) أو شخصا معنويا من القانون
العمومي (بلدية مثال) أو من القانون الخاص يسمى صاحب االمتياز بتسيير و استغالل
مرفق عمومي لمدة محددة ،ويقوم صاحب االمتياز بإدارة هذا المرفق مستخدما عماله
وأمواله ومتحمال المسؤولية الناجمة عن ذلك وفي مقابل القيام بهذه الخدمة أي تسيير
المرفق العمومي يتقاضى صاحب االمتياز مقابل مبلغ مالي يحدد في العقد يدفعه المنتفعين
1
بخدمات المرفق .
أما من خالل هذا التعريف فنجد أنه قد تضمن كافة عناصر عقد االمتيا التي يمكن
أما في فرنسا فقد تناول األستاذ جوال كرباجو عقد االمتيا وعرفه بأنه " ذلك االتفاق
الذي يقوم بموجبه شخص عام يسمى مانح االمتياز ،بتفويض شخص طبيعي أو معنوي
خاص أو في بعض الحاالت شخص عام يدعى صاحب االمتياز ،ضمان تسيير مرفق عام
بكل مخاطره وتحت رقابة السلطة مانحة االمتياز ،ويتلقى أجره المتمثل أساسا في اإلتاوة
المقدمة من المرتفقين ،مقابل الخدمة التي استفادوا منها ،ويتكفل صاحب االمتياز كذلك
ـ ناصر لباد ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار المجد للنشر والتو يع ،الطبعة الرابعة ،سنة ، 2010الج ائر ،ص .220 1
2 - joel carbajo , droit des services publics , 3 eme édition , dalloz , paris , 1997 , p82 .
- 11 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
إن هذا التعريف يحمل أهم عناصر تعريف االمتيا باإلضافة أنه تناول فكرة مهمة وهي
إنجا المنشآت الضرورية أي مجموع االستثمارات التي تكلف صاحب االمتيا بها في إطار
هذا العقد.
تناول المشرع الج ائري عقد االمتيا في عدة نصوص قانونية وتنظيميـة نذكر منها :
في قانون المياه لسنة 1983عرفته المادة 21منه :يقصد باالمتيا في مفهوم هذا
القانون هو عقد من عقود القانون العام تكلف بموجبه اإلدارة شخصا إعتباريا قصد ضمان آداء
الخدمات للصالح العام ،وعلى هذا األساس ال يمكن أن يمنح االمتيا إلى لصالح الهيئات
من خالل هذا التعريف ال يمكن منح االمتيا إال لصالح الهيئات والمؤسسات العمومية
وهذا يعكس تصو ار إديولوجيا معينا ( اإلشتراكية ) وتقديس القطاع العام وهيمنته على المرافق
العمومية . 2
وقد تم تعديل هذا القانون بعد التحوالت التي عرفتها الج ائر من خالل األمر رقم 96ـ 13وذلك
بإشراك أطراف أخرى للمشاركة في تسيير الخدمات العمومية بعد الصعوبات التي عرفها القطاع
العام وعج ه في تسيير وذلك من خالل المادة 04المعدلة للمادة 21السالفة الذكر :عقد من
- 12 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
عقود القانون العام ،تكلف اإلدارة بموجبه شخصا إعتباريا عاما أو خاصا قصد ضمان أداء
المتعلق بالمياه ،ليكرس االمتيا بحي أكبر وتخصيص أكثر وحتى بمواد أكثر ،حيث تنص
المادة 71على أن اإلمتيا هو طريقة إلستعمال الموارد المائية ويعرف االمتيا ويجعله وسيلة
إلستعمال الموارد المائية التابعة ألمالك العمومية الطبيعية للمياه ،وهو عقد من عقود القانون
العام مع شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون العام أو خاص هدفه تسيير الموارد المائية
أما القانون 10ـ 03الذي يحدد شروط وكيفيات إستغالل األراضي الفالحية التابعة
لألمالك الخاصة بالدولة فقد عقد االمتيا :هو عقد الذي تمنح الدولة بموجبه شخصا طبيعيا
من جنسية ج ائرية يدعى في صلب النص المستثمر صاحب االمتيا حق إستغالل األراضي
الفالحية التابعة لألمالك الخاصة للدولة كذا األموال السطحية المتصلة بها ،بناءا على دفتر
شروط يحدد عن طريق التنظيم لمدة أقصاها ( )40سنة قابلة للتجديد مقابل دفع إتاوة سنوية ،
ـ األمر رقم ، 13/96المؤرخ في ، 1996/06/15يتضمن المياه ،جريدة رسمية عدد ، 37الصادرة بتاريخ ، 1996/06/15 1
ص . 04
ـ القانون ، 12/05المؤرخ في 04أوت ، 2005يتضمن قانون المياه ،الجريدة الرسمية عدد ، 60الصادرة في 04سبتمبر 1
، 2005ص . 12
ـ القانون رقم ، 03/10مؤرخ في 15أوت ، 2010يحدد شروط وكيفيات استغالل األراضي الفالحية التابعة لألمالك الخاصة 3
- 13 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
وكذلك عرف المرسوم التنفيذي رقم 96ـ 308المتعلق بمنح إمتيا ات الطرق السريعة من
خالل المواد : 4 ، 3 ، 2 ، 1يخضع إنجا الطرق السريعة وملحقاتها وتسييرها وصيانتها وأشغال
تهيئتها أو توسيعها لمنح اإلمتيا يمكن منح إمتيا الطريق السريع لكل شخص معنوي خاضع
للقانون العام والخاص الذي يقدم طلبا بذلك ،وفق شروط وتعليمات دفتر الشروط النموذجي
ويكون منح هذا اإلمتيا موضوع إتفاقية بين الو ير المكلف بالطرق السريعة الذي يتصرف
لحساب الدولة والملت م يصادق على إتفاقية منح اإلمتيا الخاص بالطرق السريعة بمرسوم يتخذ
ودفتر األعباء المتعلق بها في الجريدة من مجلس الحكومة ونشر إلتفاقية منح االمتيا
الرسمية.1
هذا المرسوم أعطى لالمتيا بعده الحقيقي ،انجا ،استثمارات وتسيير مرفق عام .2
المرافق العمومية المحلية وتأجيرها فقد أما التعليمة رقم 842/3.94المتعلقة بامتيا
تناولت موضوع اإلمتيا بمفهوم أدق .. :وهو عقد تكلف بمقتضاه الجهة اإلدارية المختصة
فردا أو شركة خاصة بإدارة مرفق عام واستغالله لمدة معينة من ال من بواسطة عمال وأموال
’‘الملتزم’’ على مسؤوليته مقابل رسوم يدفعاه المنتفعون من يقدمها صاحب حق االمتيا
3
خدماته ،وذلك في إطار النظام القانوني الذي يخضع له هذا المرفق .
ـ المرسوم التنفيذي رقم ، 308/96المؤرخ في 18سبتمبر ، 1996يتعلق بمنح امتيا الطرق السريعة ،جريدة رسمية عدد 1
- 14 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
وتعتبر هذه التعليمة هي األولى من نوعها التي وضعت نظام قانوني المتيا المرافق العمومية
المحلية وتأجيرها ولم يسبق في ذلك أي نص قانوني أخر ،والمالحظ أن صاحب االمتيا
بالنسبة للتعريف الذي وضعته هذه التعليمة يقتصر على الخواص وبذلك يختلف عن القوانين
والمراسيم السابقة ،أما بالنسبة لمدة االمتيا فقد حددتها التعليمة من بين 30إلى 50سنة
ونفس المالحظة بالنسبة لمدة اإليجار حيث جعلت مدتـه 12سنة كحد أقصى. 1
لعقد االمتيا نظام خاص يمي ه عن غير من العقود اإلدارية وطرق إدارة المرافق العامة
كما أنه يقوم على أركان موضوعية تشترك مع سائر العقود ،غير أن هذه األركان تتمي
جاء في قرار مجلس الدولة الج ائري 2الصادر في 9مارس 2004قضية رقم 11950
فهرس رقم 11952ما يلي " :أن عقد االمتياز التابع ألمالك الدولة هو عقد إداري تمنح
بموجبه السلطة االمتياز للمستغل ،باالستغالل المؤقت لعقار تابع لألمالك الوطنية بشكل
استثنائي وبهدف محدد ومتواصل مقابل دفع إتاوة لكنه مؤقت وقابل للرجوع فيه ".
ـ بن مبارك راضية ،التعليق على التعليمة 842/03.94المتعلقة بامتيا المرافق العمومية وتأجيرها ،مذكرة ماجستير ، 1
- 15 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
من هذا التعريف يتضح لنا أن مجلس الدولة اعترف صراحة بالطابع اإلداري والطابع
العام لعقد االمتيا بما يخوله من سلطات استثنائية لجهة اإلدارة تمارسها تجاه الطرف المتعهد
.
يتمي عقد االمتيا بجملة من الخصائص والممي ات التي نوج ها فيما يلي :
يعتبر عقد االمتيا عمل إداري ينتج عنه إلت امات متبادلة بالنسبة للشخص العام مانح
من ناحية أخرى ،فهذا األخير مل م ببناء من ناحية وبالنسبة لصاحب االمتيا االمتيا
واستغالل وتسيير المرفق العام طوال مدة االمتيا والسلطة المانحة مل مة بتمكينه من تشغيل
هذا المرفق العام ومن الحصول على مقابل مالي يتحصل عليه من المنتفعين ،وهذا يعني أن
امتيا المرفق العام هو عقد مل م للطرفين ،يتضمن إلت امات متبادلة ،وال ينفي صفة العقد
عن االمتيا تمتع السلطة المانحة بحق تعديل البنود التنظيمية ،ألن وجود إرادتين و إلت امات
متبادلة بين الطرفين يعني حتما وجود الصفة التعاقدية ،وما حق السلطة اإلدارية في تعديل
بعض بنود العقد من طرف واحد إال أحد االمتيا ات التي تملكها ،والتي تهدف إلى تحقيق
المصلحة العامة ، 1وذلك ضمن الضوابط والقيود التي تفرض المحافظة على التوا ن المالي
للعقد .
ـ مروان محي الدين القطب ،طرق خصخصة المرافق العامة ،االمتياز الشركات المختلطة ـ BOTـ تفويض المرفق العام 1
،دراسة مقارنة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،سنة ، 2009لبنان ،ص .81
- 16 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
ولقد إعتبر المشرع الج ائري عقد االمتيا عقد إداري وهذا مانصت عليه المادة 17من المرسوم
التنفيذي 09ـ : 152يكرس االمتيا الممنوح ...بعقد إداري تعهده إدارة أمالك الدولة مرفقا بدفتر
الشروط معد طبقا للنماذج الملحقة بهذا المرسوم و تحـدد بدقة برنامـج اإلستثمار وكذا بنود
وشروط منح االمتيا يجب أن يتضمن عقد االمتيا تحت طائلة البطالن منع التنا ل أو
كان االمتيا في السابق يقتصر على المرافق العامة الصناعية والتجارية إال أن تطور
المرافق العامة اإلدارية التي تدار من قبل األفراد ،أظهر إمكانية وجود إمتيا مرفق عام إداري
وصدر في فرنسا في عام ، 1970قانون يتعلق بإدارة المرافق العامة اإلستشفائية وفقا لعقود
لكن هناك الكثير من الفقهاء من يرى أن عقد االمتيا ال ينصب إال على مرفق عام صناعي
ـ القطاع الخاص يهدف إلى تحقيق الربح وهذا ما ال يتوفر في المرافق العامة اإلدارية وبالتالي
ـ اإلدارة ليست مهيأة بطبيعتها لممارسة األنشطة التجارية و الصناعية فالوسائل الفنية تنقصها
و ذلك بعكس المشروعات التي تستطيع أن تمارسها بكل اقتدار ،و عقد االمتيا كفيل بأن
ـ المرسوم التنفيذي 09ـ ، 152يحدد شروط وكيفيات منح االمتيا على األراضي التابعة لألمالك الخاصة للدولة والموجهة 1
- 17 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
يحفظ للنشاط صفته كمرفق عام و في نفس الوقت يمكن لإلدارة من أن تعهد إلى متعاقدين
أمام القوانين الج ائرية لم تحدد نوعية المرافق العمومية القابلة ألن تكون محل إمتيا
وبقيت عامة ،قابلة ألن تكون محل إمتيا كل من المرافق اإلدارية والصناعية والتجارية كما
و يعهد عقد االمتيا إلى شخص طبيعي أو معنوي بتسيير مرفق عام واستغالله وبناء
المنشآت الضرورية لتسيير المرفق وكذا التجهيزات الالزمة إلستغالله فصاحب االمتيا ال
يقتصر دوره على التسيير بل يتعداه إلى إنشاء المرفق في حد ذاته ثم إدارته واستغالله لتحصيل
وادارة صاحب االمتيا للمرفق العام ال تعني إمتالكه للمرفق أو السيطرة عليه وانما
تعني تشغيله واستثماره ،كما أن شروط وطبيعة عقد االمتيا تؤكد ذلك ،فهو عقد مؤقت
خاضع لرقابة السلطة اإلدارية ،ويخضع صاحب االمتيا عند تسيير واستغالله للمرفق العام
للمبادئ العامة المتعلقة بتشغيل وادارة المرافق العامة ومن أهم هذه المبادئ :تأمين إستم اررية
المرفق العام ،وتأمين المساواة بين المنتفعين من خدمات المرفق العام ،وكذا صالحية اإلدارة
1ـ حسين عثمان محمد ،أصول القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر ،سنة ، 2004ص . 469
- 2نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص 168
3ـ نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 168
- 18 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
المانحة لالمتيا حق تعديل أنظمة المرفق العامة من أجل تأمين المصلحة العامة وهذا المبدأ
يتعلق ببنود العقد التي تكون لها الطابع التنظيمي وعلى صاحب االمتيا الخضوع لها .1
يشكل حصول صاحب االمتيا على إيتاوات أو رسوم من المنتفعين أحد المعايير التي
تمي عقد االمتيا عن غيره من العقود ،فيهدف هذا األمر إلى تغطية أعباء تسيير واستغالل
واعتبر مجلس الدولة الفرنسي في أحد أحكامه المتعلق بعقد مبرم بين إحدى النقابات وشركة
تتولى إستثمار محطة تكرير حيث لم يتضمن وجود إتاوات أو رسوم تحصل عليها الشركة من
المستفدين ،وانما يوجد ثمن يدفع من قبل النقابة لذلك اعتبر مجلس الدولة أن العقد ليس عقد
امتيا .2
يتمي عقد االمتيا بطول المدة ال منية المحددة لتنفيذ العقد ويراعى في ذلك أن تكون
مدة االمتيا كافية لتغطية نفقات المشروع وذلك للسماح للملت م صاحب اإلمتيا بقدر معقول
ـ ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية والتحكيم ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية . 38 ، 2000 ، 3
- 19 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
فقد نصت التعليمة ، 842/03.94المتعلقة بامتيا وتأجير المرافق العمومية المحلية على
.1 أن مدة االمتيا بين ثالثون سنة إلى خمسون سنة
فتحديد المدة ال منية بالنسبة لالمتيا دليل على أنه ليس مؤبد وأن المرفق العام يرجع لإلدارة
وهذا ما يجعله ورغم طول مدة إستغالله من طرف الخواص يحتفظ المرفق العام ،ألنه الهدف
من االمتيا ليس التنا ل عن طريق المرفق العام فهو مجرد طريقة للتسيير المرفق يمكن لإلدارة
يقوم عقد االمتيا على مجموعة من األركان تثبت قيامه وتكوينه فبإعتباره رابطة قانونية
تنشأ عن طريق إتجاه إرادتين السلطة مانحة االمتيا والملت م صاحب االمتيا واتفاقهما نحو
إحداث أثر قانوني من خالل تبادل اإليجاب والقبول والذي ينصب على تسيير وادارة مرفق عام
ويفترض في كل إلت ام أن له سبب مشروعا ويتم كل ذلك بموجب وثيقة رسمية تتضمن جميع
األحكام المتعلقة بتسيير المرفق وضمان أداء خدمة وسنعرض ذلك فيما يلي :
أوال :الرضا
- 20 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
تناوله المشرع الج ائري في القانون المدني في المواد 59وما بعدها ،ويقصد به إتجاه
إرادتين واتفاقهما نحو إحداث أثر قانوني ، 1بحيث ال يكون هناك عقد إال إذا تالقى إيجاب
وقبول من اإلدارة والمتعاقد معها ،فذلك جوهر الرابطة ،وبمرور ال من لم ينحصر العقد في
توافق اإلرادتين بل هو إتفاق يلت م به المتعاقدان وهذا مانصت عليه المادة 54من القانون
المدني الج ائري على أنه العقد إتفاق يلت م بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرون
ويشترط لسالمة الرضا ،أن يكون صاد ار عن جهة إدارية مختصة بالتعاقد وضمن صالحياتها
المالية ،واذا اشترط القانون شكلية معينة لصور تلك اإل اردة فيجب أن تتوافر إبتداءا ،كأن
يكون التعبير عن اإلرادة صاد ار عن لجنة مختصة بالتعاقد ،أو هناك إجراءات تمهيدية إلبرام
العقد ،حتى ولو كانت تلك اإلجراءات بسيطة فيجب أن تتبعها اإلدارة ألنها في الحقيقة هي
التي تبعث على إتخاذ الطمأنينة فيما بعد على سالمة التعبير عن رضاها.
وعلى غرار عقود القانون الخاص ،فإن سالمة الرضا في عقد االمتيا تستل م ماتصح به
عقود القانون الخاص خلوها من عيوب الرضا المعروفة ،و قد عالج المشرع الج ائري في القانون
ثانيا :المحل
ـ األمر رقم 75ـ 58المؤرخ في 19سبتمبر ، 1975المتضمن القانون المدني ،المعدل والمتمم ،المؤرخة في 26سبتمبر 1
- 21 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
يعرف المحل في اإللت ام بأنه الشيء الذي يلت م المدين بالقيام به أو بعدم القيام به ويفهم
من ذلك أن محل العقد هو موضوعه والذي في الحقيقة موضوع اإللت ام الناشئ عن العقد ،
وفي عقد االمتيا ينصب المحل في إدارة مرفق عام ويراعى فيه أن يكون مرفقا قابال للتفويض
غير أنه إذا كان محل االلت ام مخالفا للنظام العام ،أو اآلداب العامة ،كان العقد باطال.
ثالثا :السبب
وهو الغرض المباشر الذي يقصد الملت م الوصول إليه من وراء إلت امه .2
وهو بذلك يتمي عن محل العقد حيث يقصد باألخير اإلجابة على التساؤل بماذا تعاقد ؟ ...أو
بماذا الت ام ؟ بينما السبب هو اإلجابة عن لماذا تعاقد ...أو لماذا إلت ام ؟ ،وهذا معناه أن
ـ أكلي نعيمة ،النظام القانوني لعقد اإلمتيا اإلداري في الج ائر ،مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في 1
القانون فرع :قانون العقود ،جامعة مولود معمري تي ي و و ،تاريخ المناقشة . 2013/12/12ص . 45
ـ عبد الر اق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الج ء السابع ،المجلد لألول ،منشأة المعارف اإلسكندرية سنة 2
، 2004ص . 413
- 22 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
السبب يعني الباعث أو الدافع إلى التعاقد بعد أن كان يقصد به أن الت ام كل طرف هو سبب
وفي عقد االمتيا فغرض اإلدارة مانحة االمتيا هو تحقيق المنفعة العامة واشباع حاجات
الجمهور ،في حين أن سبب الت ام الملت م هو تحقيق أقصى ربح ممكن .
رابعا :الشكل
إذا كانت القاعدة العامة في العقود أنها تقوم على مبدأ سلطان اإلرادة ،بمعنى أن
التراضي على شروط العقد وبنوده يعد كافيا لتقام الرابطة التعاقدية ،فإن هذا األصل العام ترد
عليه بعض القيود ،حيث أخضع المشرع بعض العقود لضرورة إفراغها في قالب رسمي نظ ار
لخطورتها على مصالح الطرفين ،ومن هذه العقود نجد عقد االمتيا ،حيث أن إدارة أحد
المرافق للقطاع الخاص أوجب في المشرع أن يتم بموجب وثيقة رسمية تشمل على كافة األحكام
المعلقة بتسيير المرافق ثم وضعها من قبل اإلدارة وهو ما يسمى بالشروط الالئحية أو دفاتر
2
الشروط مقابل إلت ام صاحب االمتيا بهذا الشرط دون حق تعديلها من قبل التعاقد مع اإلدارة
ـ أحمد سالمة بدر ،العقود اإلدارية و عقود البوت ، B-O-Tدار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 2003ص . 56 1
ـ عمار بوضياف ،عقد االمتياز ودوره في تطوير العالقة بين اإلدارة المحلية والقطاع الخاص ،األكادمية المفتوحة لكلية 1
- 23 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
المشابه له .
،يعني التفتيش ضمن أية فئة من إن التطرق إلى الطبيعة القانونية لعقد االمتيا
األعمال القانونية يمكن إدراجه ،فهل عقد االمتيا ذو طابع تنظيمي في يد الشخص العام
يخضع إلرادته المنفردة أم أنه ذو طابع تعاقدي يعتمد على إتفاق إرادتين يكونان عقدا باإلرادة
المشتركة بينهما.
و خاصة و أن عقد االمتيا يؤطر عالقة ثالثية ،اإلدارة مانحة االمتيا وصاحب االمتيا
المرتفقين ،و يؤطر المصلحة العامة التي يهدف لها المرفق العام والربح الذي يبحث عنه
كما أن تعدد أشكال مساهمة القطاع الخاص في المشاريع العمومية ،وبالتالي تعدد طرق
التسيير مما قد يؤدي إلى حدوث لبس بين عقد االمتيا والعقود المشابه له ،لذا ال بد من
تميي عقد االمتيا عن بعض العقود المشابه له وذلك بمحاولة إظهار مختلف الخصوصيات
ـ نادية ضريفي ،المرفق العام بين ضمان المصلحة العامة وهدف المردودية حالة عقود اإلمتيا ،أطروحة دكتوراه في 1
القانون ،قسم القانون العام ،كلية الحقوق بن عكنون ،جامعة الج ائر ، 1بن يوسف بن خدة ،سنة 2012ص . 177 ،
- 24 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
طرحت الطبيعة القانونية لعقد االمتيا جدال فقهيا حاول من خاللها العديد من الفقهاء
كل حسب وجهة نظره وتمحورت حول عدت تحديد وبدقة الطبيعة القانونية لعقد االمتيا
سادت هذه النظرية في الفقه األلماني و تأثر بها الفقه اإليطالي حتى أوائل القرن الحالي
ويرى أنصار هذا اإلتجاه أن عقد االمتيا عمل من أعمال اإلرادة المنفردة لإلدارة ،حيث
تصدره الجهة مانحة االمتيا ،نظ ار لما تتمتع به من امتيا ات ،وذلك بإختيار الملت م الذي
رضخ لشروطها ،لذلك تتمتع اإلدارة بسلطات واسعة تجاه هذا العقد بحق تغيير أو تعديل بنوده
،مما يجعله أقرب إلى عقود اإلذعان ،ومن هنا فاالمتيا ليس سوى عمل تنظيمي تستعمله
لكن هذه النظرية تعرضت للنقد ألنها تقوي مرك اإلدارة بينما ترهق مرك الملت م إرهاقا كبيرا،
إذ تخول لإلدارة التدخل في كل وقت لتعديل شروط االلت ام والغاؤه ،و في الوقت ذاته تغفل إلى
حد كبير نصيب الملت م في إبرام العقد إغفاال ال يتناسب مع الدور الذي يقوم به و النفقات التي
يبذلها في سبيل المرفق ، 1وقد يؤدي ذلك إلى تهرب الخواص من إبرام العقود ألنها غير نابعة
1ـ مصطفى أبو يد ،القانون اإلداري ،دار الفكر العربي ،مصر ،سنة ، 1993ص.341 ، 339
- 25 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
طغت الطبيعة التعاقدية لعقد االمتيا منذ بداية القرن العشرين ألن اإلتفاق الثنائي بين
ويعتبر عقد االمتيا بمفهوم هذه النظرية عملية تعاقدية بحتة ألنه يحضى بموافقة ورضا الملت م
،ما يجعله عقد إداريا مل ما لجانبين يحدد الحقوق واإللت امات المتبادلة بين اإلدارة المانحة
كما أن فكرة اإلشتراط لمصلحة الغير ذات المصدر المدني دورها األساسي في إضفاء
الطابع التعاقدي على االمتيا المرفقي ،بحيث تكون الجماعة العامة هي المشترط ،وصاحب
االمتيا هو الفريق الذي يقع عليه موجب تنفيذ الشرط ،أما الغير فهو المنتفع .
هذه النظرية المستوحاة من فكرة اإلشتراط لمصلحة الغير طبقها اإلجتهاد وأيدها جانب من الفقه
،فالعالمة Lafferriéreاعتبر أن امتيا المرفق العام هو عمل من أعمال السلطة العامة له
الطابع التعاقدي .كذلك العالمة Hauriouأن العملية هي بكاملها تعاقدية وهي تتألف من
عقدين متالصقين :عمل االمتيا الذي هو عقد بين الجماعة العامة والمتعاقد معها ،و
لكن هذه النظرية وجهت إليها إنتقادات من جانب الفقه ،كما أن اإلجتهاد عدل عنها
لعدم مجاراتها لمقتضيات المصلحة العامة ،واعتبر جانب من الفقهاء أن فكرة اإلشتراط
ـ وليد حيدر جابر ،التفويض في إدارة واستثمار المرافق العامة ،دراسة مقارنة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة 3
- 26 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
لمصلحة الغير كأساس قانوني للطابع التعاقدي لعقد االمتيا هي غير مقنعة ،باعتبار أن هذا
الشرط ال يحدد وقت إبرام العقد من هو المستفيد بصورة شخصية ومباشرة من آثارها .كما أن
هذه النظرية ال تتالءم مع حق المنتفعين والغير نت الطعن عن طريق اإلبطال لتجاو حد
اإلجتهاد أيضا وفي ميل منه لترك هذه النظرية إلفتقارها ألي أساس قانوني اعتبر أن
اإلشتراط لمصلحة الغير أو امتداد أثر العقد تجاه الغير هو في الواقع إحدى نتائج قانون
المرافق العامة أي مبادئ التي تسود األخيرة ،وبالتالي إن هذا األثر أو اإلمتداد للعقد هو ذات
ومن الحجج التي أثيرت في انتقاد الطابع التعاقدي لإلمتيا أن األخير بات يشكل
شريعة للمتعاقدين وبالتالي إن أي تعديل في العقد يجب أن يتم بموافقة أطرافه ،هذا األمر من
شأنه أن يشل يد الجماعة العامة كسلطة تتمتع بامتيا ات السلطة العامة ،في التدخل بأي وقت
وفقا للمص لحة العامة في سير وتنظيم المرفق العام .لهذا اإلعتبارات بدأ الحديث عن ظهور
ترك نظرية الطبيعة الم دوجة لعقد االمتيا على أساس أن لهذا األخير مظهرين :
مظهر تعاقدي يجسد العالقة بين الملت م واإلدارة المانحة لالمتيا ،ومظهر تنظيمي يحكم
العالقة بين الملت م والمنتفعين بخدمات المرفق محل العقد ،بالتالي يترجم االمتيا بعقد في
- 27 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
إطار العالقات بين اإلدارة المانحة لالمتيا والملت م ،وتنظم في إطار العالقات بين الملت م
والمنتفعين. 1
وينتج عن ذلك من الناحية القانونية وضعية معقدة بين األحكام التعاقدية والتنظيمية في
العالقات بين مختلف المصالح ( مانح االمتيا و صاحب اإلمتيا من جهة وبين المنتفعين
هذه النظرية لم تكن مقنعة كفاية إذ كيف يمكن أن يكون العمل القانوني الواحد ،في نفس
الوقت ذات طبيعة تنظيمية وتعاقدية ؟ فمن الصعب تصور عمل قانوني تختلف طبيعته
باختالف األشخاص الذين يتوجه إليهم .2كما أن اعتبار العالقة بين اإلدارة المانحة لإلمتيا
والملت م عالقة عقدية بحتة يعرقل إمكانية اإلدارة في التدخل لتعديل القواعد المتعلقة بتنظيم
المرفق العام بإرادتها المنفردة ،ما يؤدي إلى تجميد حسن سير المرفق العام .
هذه النظرية معتمدة في الوقت الحاضر .وتقوم على أن عقد االمتيا هو عمل مختلط
جانب منه تنظيمي ،والجانب اآلخر تعاقدي ويجب التفريق في العقد االمتيا بين البنود
التنظيمية من ناحية والبنود التعاقدية من ناحية أخرى .فاالمتيا من جانب يعد عقدا ومن
- 28 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
جانب آخر يعد نظاما ،وبالتالي فهو يتضمن نوعين من البنود األول تنظيمي والثاني تعاقدي
وال يوجد طبيعة م دوجة للبنود وانما مجموعتين لكل منهما تصنيفها الخاص بها . 1
أوال ـ البنود التنظيمية :وهي متعلقة بتنظيم وتشغيل المرفق العام ،ويمكن تعديلها بقرار منفرد
من قبل الشخص العام مانح االمتيا ،وهذه الق اررات قابلة للطعن لتجاو حد السلطة من قبل
المستفيدين من خدمات المرفق العام بخالف البنود التعاقدية التي ال يمكن الطعن بها لتجاو
ثانيا ـ البنود التعاقدية :وهي التي تتعلق بحقوق صاحب االمتيا وتقضي بحقه في التوا ن
المالي للعقد .كما تضمن لصاحب االمتيا إمكانية حمايته من الخسارة وتحقيق قدر معقول
من الربح .ومن األمثلة على هذه البنود حق صاحب االمتيا في تحصيل اإلتاوات ،ومدة
سريان العقد وحق صاحب االمتيا في الحصول على تعويض مالي في حال سبب له تعديل
البنود التنظيمية ضر ار ،وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يجو تعديل البنود التعاقدية من قبل السلطة
ومعيار التميي بين البنود التنظيمية والتعاقدية لعقد امتيا هو مدى إتصال هذه البنود
بتشغيل وتنظيم المرفق العام ،ففي حال كانت متصلة بالتنظيم والتشغيل كانت بنود تنظيمية
وفي حال كانت مستقلة عنها كانت تعاقدية .وهذا ما أكد عليه مجلس الدولة الفرنسي الذي
- 29 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
اعتبر أن البنود المتعلقة ببدل إشغال األمالك العامة مستقلة عن البنود التي يتضمنها ذات عقد
االمتيا والتي لها عالقة بتنظيم وتشغيل المرفق ،وبالتالي ال يكون لها طابع تنظيمي. 1
نظ ار للتشابه الموجود بين عقد االمتيا وبعض أنواع العقود األخرى التي تشترك مع عقد
االمتيا في بعض شروطه وتختلف عنه في البعض اآلخر ،فإن التميي بينهما أمر ضروري
لتبيان نقاط التطابق والفروق الموجودة بينهما وأهم هذه العقود هي عقد اإليجار وعقد البوت
عاما أو خاصا إستغالل مرفق عام ،مع استبعاد قيام المستأجر بإستثمارات ،ويتم دفع المقابل
المالي عن طريق إيتاوات يدفعها المرتفقون ،متعلقة مباشرة بإستغالل المرفق .2
إن كل من اإلمتيا واإليجار هما طريقان من طرق تسيير المرفق العام ،فرغم تشابههما
في نقاط إال أنهما يختلفان في نقاط أخرى وذلك من خالل العناصر التالية :
من حيث الموضوع :إن موضوع العالقة بين اإلدارة والملت م ومثله المستأجر هو تسيير المرفق
العام من خالل تكليف اإلدارة للملت م أو المستأجر بإدارة مرفق عام واستغالله .
ـ نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 156 ، 155 2
- 30 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
لكن في عقد االمتيا الحقيقة أن ما يتعهد به الملت م ال يقتصر فقط على إدارة واستغالل
المرفق العام بل يتعدى ذلك إلى إنشائها .أما بالنسبة لإليجار فالمستأجر ال يقوم بإنشاء
المرافق وال يتحمل عملية البناء ،فمنشآت المرفق العام تكون موجودة قبل العقد وهذه النقطة
إن كل من الملت م صاحب االمتيا أو المستأجر أثناء تسييره للمرفق العمومي يتلقى
المقابل المالي مباشرة من المنتفعين في شكل رسوم مقابل خدمات المرفق العمومي محل
اإلستغالل ،إن الثمن الذي يقوم المنتفعين بأدائه سواء للملت م أو المستأجر هو الرسم بالمعنى
الفني الصحيح ،و الفرق بينه و بين الضريبة في أن الضريبة هي مبلغ من المال يؤديه الفرد
دون أن يكون سببه خدمة خاصة قدمت له على عكس الرسم فهو يدفع في مقابل خدمة يتمتع
بها الفرد و هذا الثمن إنما يعد رسما و له طبيعة مالية و بالتالي فهو يخضع للنظام القانوني
طويلة نسبيا عنها في اإليجار وهذا الفرق الثاني بين اإلمتيا تكون مدة اإلمتيا
والتأجير فقد حددت التعليمة الو ارية رقم 842/3.94مدة االمتيا المتعلقة بالمرافق العمومية
المحلية وتأجيرها ما بين 30ـ 50سنة والهدف من هذه المدة هو أنها كافية ليسترد الملت م
ـ سماعين نادية ،عقد االمتيا في المرافق العمومية ،مذكـرة التـخرج لنيـل إجـا ة المدرسـة العليـا للقضـاء ،الدفعة السادسة 2
- 31 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
خاللها ما أنفقته في إنشاء المرفق العام بينما مدة اإليجار فقد حددتها بـ 12سنة كحد أقصى
يعتبر نظام البوت أحد أساليب التنمية التي تسمح بمشاركة القطاع الخاص في المشاريع
العمومية ،والتي تضمن للدولة السيطرة اإلستراتيجية على مشاريعها ،وقد ارتبط ظهور عقود
البوت كآلية إقتصادية بمشاريع البنية التحتية والتي تلعب دو ار مهما في تحقيق التنمية
اإلقتصادية ،والتي يرتبط مفهومها بوجود الدولة ،لتكون بذلك وسيلة لحل مشاكلها وتحقيق
اإلدارة السليمة لمشاريعها ،وذلك خالل فترة منية تكون محسوبة بطريقة تسمح للمستثمر من
فالبوت BOTليس اصطالحا قانونيا ،وليس له تعريفا قانونيا محددا ، 1فحروف البوت تعني
التشغيل ،نقل أو تحويل الملكية ، 2وهي تشكل المراحل الثالث لتنفيذ عقد البوت .
ـ سالم أحمد رشاد محمود ،عقد اإلنشاء واإلدارة والتحويل ( ، )BOTفي مجال العالقات الدولية الخاصة ،دار النهضة 1
الخاص هو الحيا ة القانونية ،فالملكية تكون للدولة مانحة اإلمتيا ،باعتبار أن المشروع يبنى لحسابها وان كان التمويل من
القطاع الخاص ،وما يتم نقله إليها عند انتهاء مدة العقد هو حيا ة المشروع وليس ملكيته ،أنظر :حامد ماهر محمد ،النظام
القانوني لعقود اإلنشاء والتشغيل واعادة المشروع ،دار النهضة العربية ، 2005 ،ص . 31
- 32 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
وقد عرفه بعض الفقه بأنه :عقد بين طرفين أحدهما مالك لمشروع معين ،قد يكون
الدولة أو أحمد وحداتها ،والثاني مستثمر من القطاع الخاص محلي أو أجنبي ،على أن يقوم
المالك بتقديم األرض الال مة الكائنة ضمن مشروعه ،بينما يقوم المستثمر بإنشاء المشروع
بتمويل من عنده ،ثم تشغيله وادارته فترة من ال من يتم اإلتفاق عليها ،يستغل فيها المستثمر
المشروع ليستعيد ما تكبده من نفقات ،ويحقق أرباحا مناسبة ،وفي نهاية المدة المتفق عليها ،
ومن خالل التعريف يمكن إستخالص عناصر نظام البوت التي يمكن إيجا ها فيما يلي
:
ـ تصميم وانشاء المشروع المتفق عليه ،بما يشمله من دراسات وتشييد وتجهي ،على
ـ تشغيل المشروع من قبل المستثمر واستغالله طوال المدة المتفق عليها ،بما يمكنه من
ـ نقل ملكية أصول المشروع الثابتة والمنقولة إلى الجهة الحكومية المتعاقدة المالكة له
أصال ،وذلك دون مقابل أو بمقابل متفق عليه ،عند نهاية الفترة التعاقدية .
ـ حامد ماهر محمد ،النظام القانوني لعقود اإلنشاء والتشغيل واعادة المشروع ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 2005 ، 1
ص .27
- 33 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
تتوافق عقود اإلمتيا مع عقود البوت في إسناد مسألة إدارة المرفق وتشغيله إلى القطاع
الخاص ،ليتحمل بذلك الملت م عبئ ومخاطر التشغيل طوال مدة العقد المحددة كما أن الملكية
تظل للجهة اإلدارية لكال العقدين ،مع وجود وعد مل م للمستثمر بنقل الملكية في عقود البوت
كما تتفق الطائفتان من العقود في ارتباط المقابل المالي الذي يتقاضاه المتعاقد بنتائج
االستغالل ،لتأخذه فكرة المخاطر المرتبطة بالتشغيل بمعناها الواسع ،إذ يحصل المتعاقد على
حقوقه المالية من المنتفعين بالخدمة ،مما يربط نتائج اإلستغالل بمستخدمي المرفق نتيجة
ويختلف عقد االمتيا على عقد البوت فيما يتعلق بمحل كل من العقدين ،في حين
ينحصر عقود البوت في المرافق العامة اإلقتصادية يتعداه عقد االمتيا إلى المرافق العامة
كما أن مدة العقد غالبا ما تكون طويلة في نظام البوت أكثر منه في عقد االمتيا ألن نظام البوت
وكذلك يختلف عقد االمتيا عن عقد البوت من ملكية المرفق ،فملكية المرفق العام في
عقد االمتيا تبقى في يد الدولة وال تنتقل إلى الملت م بل يكتفي هذا األخير بمجرد الحيا ة طيلة
1ـ حصايم سميرة ،عقود البوت B.O.Tإطار إلستقبال القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية ،مذكرة لنيل درجة
الماجيستير في القانون ،فرع قانون التعاون الدولي ،جامعة مولود معمري ،تي ي و و ،ص . 44
- 34 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
مدة العقد المحددة في دفتر الشروط ،على خالف عقود البوت التي تنتقل فيها الملكية إلى
المستثمر لمدة متفق عليها لتتحول في نهاية العقد إلى الدولة .
يعرف عقد مشاطرة اإلستغالل بأنه " عقد بمقتضاه تعهد اإلدارة إلى فرد أو شركة خاصة
بإدارة مرفق عام اقتصادي لحساب اإلدارة مقابل مكافأة مالية يتقاضاها المستغل من اإلدارة
كما يعرف بأنه " هو العقد الذي من خالله توكل السلطات العمومية ( التي أنشأت
المرفق العام ) تسيير وصيانة مرفق عام لشخص طبيعي أو معنوي من القانون الخاص يتولى
التسيير لحساب الجماعة العمومية المفوضة ،وال يتحصل على المقابل المالي من إتاوات
المرتفقين ،بل بأجر محدد بنسبة مئوية من رقم األعمال المحقق من إستغالل المرفـق ،
وكذلك يعرف بأنه طريقة من طرق تسيير المرفق العمومي يضمن فيه المسير استغالل
المرفق ،يكون له عالقة مباشرة بالمرتفقين ،ينفذ العمليات لحساب الهيئة المفوضة ويحصل
لحسابها اإلرادات وينفذ النفقات ،ويتلقى المقابل المالي من الهيئة العمومية وهو أجر يدخل
1ـ حماده عبد الر اق ،النظام القانوني لعقد اإلمتياز المرفق العام ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،مصر ، 2012ص
. 294
ـ نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 157 2
- 35 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
ومن خالل هذه التعاريف يمكن استخالص أن عقد مشاطرة االستغالل وان كان يتفق مع
عقد االمتيا في كون العقد يخول للمستغل تسيير و استغالل المرفق العمومي ،إال أنه يختلف
ـ من ناحية المقابل المالي :فصاحب االمتيا يتحصل على المقابل المالي من إتاوات يقدمها
المرتفقون أما بالنسبة للمستغل فالمقابل المالي محدد بالنسبة المئوية من رقم األعمال المحقق
ـ من ناحية أشغال البناء والصيانة والتجهيز :في عقد االمتيا الحقيقة أن ما يتعهد به الملت م
ال يقتصر فقط على إدارة واستغالل المرفق العام بل يتعدى ذلك إلى إنشائها وصيانتها
وتجهي ها .أما بالنسبة لمشاطرة اإلستغالل فالمستغل ال يقوم بإنشاء المرافق وال يتحمل عملية
ـ من ناحية سلطات اإلدارة :فالسلطات التي تتمتع بها اإلدارة قبل المستغل أكبر من السلطات
ـ من ناحية تحمل المخاطر :في عقد اإلمتيا يتحمل الملت م كل المخاطر مع مراعاة التوا ن
المالي للعقد ،في حين أن مخاطر اإلستغالل غي عقد مشاطرة اإلستغالل تتحملها اإلدارة ،
ويتحمل المستغل ج ءا منها ،ألن أجره مرتبط بنتيجة اإلستغالل ،ويمكن إضافة عالوات
- 36 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
متعلقة بالتسيير الفعال ومرتبط بالمردودية واإلنتاجية ،ولكن غي كل الحاالت ال يجب أن
تتعدى هذه العالوات نسبة محددة من رقم األعمال السقف المحدد في العقد . 1
تتعدد وتنوع طرق وكيفيات تسيير المرافق العامة بما ينسجم مع الظرف التي تحيط بمجال
تدخل الدولة ،ولما كان أسلوب االمتيا هو إحدى تلك الطرق ،كان يتعين علينا تميي هذه
وهو التسيير المضمون من طرف الجماعة العمومية (دولة ،جماعات محلية) بنفسها ،
بوسائلها الخاصة ،ال يملك المرفق العام استقاللية مالية ،وليس له جها تسيير خاص به ،
وال يملك شخصية معنوية مستقلة ،وفي حالة ن اع مع اآلخرين فان مسؤولية الجماعة العمومية
هي التي تثار . 2وهذه الطريقة هي هي أبسط طرق اإلدارة وأقدمها ،وتتبع في إدارة المرافق
العامة اإلدارية .وعليه يتضح الفرق بين طريقة اإلستغالل المباشر وطريقة االمتيا من خالل
:
من ناحية أداء الدولة :في طريقة االمتيا ال تتولى الدولة بنفسها إدارة المرفق بل تعهد به
شخص آخر ،خالفا لطريقة اإلستغالل المباشر حيث تتولى هي إدارة المرفق بأموالها
وموظفيها .
ـ نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 158 1
- 37 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
ـ من ناحية إضفاء صفة الموظف :ال يتمتع األجراء العاملون لحساب الملت م بصفة الموظفين
الطبيعيين بل عماال يحكمهم قانون العمل ،خالفا للعاملين في المرفق المسير عن طريق
ـ من ناحية التمويل :يتكفل الملت م بالتغطة المالية للمشروع ،بينما تتكفل الدولة ماليا في
المؤسسة العمومية هي أسلوب إلدارة المرافق العامة ،ويمكن تعريفها بأنها " شخص من
أشخاص القانون العام يتولى إدارة مرفق عام ضمن نظام قانوني خاص ينمحها شيئا من
اإلستقالل المالي واإلداري عن السلطة اإلدارية بصورة تكفي لتحقيق األهداف التي انشأ من
1
أجلها المرفق ".
وتعرف أيضا بأنها " شخص عمومي يقوم بنشاط متخصص وتعتبر كأداة الالمرك ية المرفقية .
2
"
ومن خالل ما سبق يتضح أن طريق المؤسسة العمومية تختلف عن طريقة االمتيا من خالل:
ـ التسيير بواسطة المؤسسة العمومية هو تسيير مباشر للمرفق العمومي ،في حين أن التسيير
ـ مصلح ممدوح الصرايرة ،القانون اإلداري ،الطبعة األولى ،دار الثقافة ،عمان ،األردن ،سنة ، 2012ص . 348، 1
- 38 -
ماهية عقد االمتياز الفصل األول
ـ والموظفين وفقا لطريق المؤسسة العمومية هم موظفون عموميين ( بالنسبة للمؤسسات العامة
اإلدارية أم المؤسسات العامة التجارية والصناعية فيكونون غير خاضعين لقانون الوظيف
- 39 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
يعتبر عقد االمتياز من العقود الملزمة للجانبين ،ينتج عنها حقوق والتزامات متقابلة في
ذمة كل من الطرفين مع ضرورة تزويد جهة اإلدارة باعتبارها سلطة عامة ببعض السلطات
لضمان سير المرفق العام بانتظام وباضطراد لتحقيق المصلحة العامة ،وتختلف مصالح كال
من المتعاقدين السلطة مانحة االمتياز وصاحب االمتياز ،فمصلحة هذا األخير هي مجرد
مصلحة مالية خاصة ،حيث يهدف من وراء إستغالله للمرفق الحصول على قدر معين من
الربح ،في حين مصلحة اإلدارة مانحة االمتياز هي مصلحة عامة ألنها ال تهدف من وراء
العقد إلى تحقيق مصلحة مالية مباشرة ،وانما تهدف إلى تسيير المرفق العام ،وعليه يخضع
عقد االمتياز لقواعد القانون العام التي تظهر جليا في فكرة التنظيم ،والتي تجعل منه عقدا
إداريا في جزء منه ،إال أنه في جزءه اآلخر يخضع لقواعد القانون الخاص التي تضفي عليه
الصفة المدنية ،وعدم توازي وتكافؤ هذه المصالح يجعل هناك تفوقا وعدم تساوي كامل بين
اإلرادتين وتفوق اإلدارة وسيطرتها على العقد نظ ار ألسبقية المصلحة التي تهدف إليها وسنحاول
من خالل هذا الفصل معرفة النظام القانوني لعقد االمتياز من خالل التطرق إلى :
- 41 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
إن نشأة االمتياز هي نقطة االنطالق لبناء النظام القانوني لعقد االمتياز ،ونظ ار ألن
االمتياز يستهدف إدارة واستثمار مرفق عام يرتبط وجوده وهدفه دائما بالمصلحة العامة ،فمن
الطبيعي أن يمر بمراحل تساهم جميعا مع مقتضياتها من إجراءات وضوابط في قيامه ،بداية
في كيفية إختيار صاحب االمتياز مرو ار بإبرام و تكوين عقد االمتياز وصوال إلى آثار عقد
االمتياز .
يتصف عقد اإلمتياز بالطابع الشخصي وينتج عن ذلك أن السلطة المانحة ال تتقيد
إختيار المتعاقد معها مراعاة لطبيعة مثل هذا النوع من العقود .
فاإلدارة المانحة لالمتياز ال تلتزم بإتباع األساليب المعتادة في العقود اإلدارية األخرى
كأسلوب المناقصة والمزايدة ،بل تتمتع بقدر كبير من الحرية في إختيار صاحب االمتياز ،
وذلك نظ ار ألهمية عقد االمتياز الذي يستهدف النفع العام ،ومن حق اإلدارة إختيار الملتزم
الذي تراه قاد ار ماليا وفنيا واداريا واقتصاديا على حسن إدارة المرفق العام واستثماره و ال يحد
من حق اإلدارة هذا إال القيد المبني على انحرافها في استعمال السلطة .
- 42 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
واذا كان اإلطار التقليدي لعقود االمتياز قد ظل خاضعا لفترة طويلة لفكرة اإلعتبار
الشخصي إال أن هذه الفكرة قد تبدلت ،ففي فرنسا ومع صدور القانون ، 122-93المؤرخ في
والمسمى بقانون SAPINخضعت عقود إدارة المرفق العام جميعها للعالنية والتنافسية التي
تسمح بتقديم أكثر من عرض ،والتي تقود بفحص العرض المقبولة من الناحية الفنية والمالية
وتجري بعد ذلك تفاوضا مباش ار بشأن العروض التي قبلتها في مرحلة نهائية لتختار األقدر على
أما في الجزائر فطريقة إختيار صاحب االمتياز تختلف بإختالف المرافق العامة موضوع
االمتياز ،وباستقراء جملة النصوص التي تضمنت شروط وكيفيات منح االمتياز ،نجد منها ما
يعطي لإلدارة السلطة التقديرية في إختيار صاحب االمتياز ،ومنها ما يفرض عليها إتباع
إجراءات لمنح االمتياز عن طريق المزايدات مثل المرسوم التنفيذي رقم 320/94المتعلق
بالمناطق الحرة والذي نص على منح امتياز تسيير المنطقة الحرة واستغاللها يكون عن طريق
ونفس األمر أكده المرسوم التنفيذي رقم ، 417/04الذي حدد الشروط المتعلقة بامتياز
انجاز المنشآت القاعدية الستقبال ومعاملة المسافرين عبر الطرقات الذي نص على ضرورة
- 43 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
إتباع إجراءات المزايدة في منح هذا االمتياز ،وعندما تكون المزايدة غير مثمرة يمنح االمتياز
1
بالتراضي .
أما التعليمة رقم 842/3.94المتعلقة بامتياز المرافق المحلية وتأجيرها اعتمدت إجراءات
وحسب ما جاءت به التعليمة إن اللجوء إلى طريقة المزايدة سيحقق أمرين هامين :
أوال :الشفافية :والتي تسمح للمرشحين بتسيير المرفق العام المحلي باالحتجاج
واإلعتراض الجدي في حالة وجود سبب لذلك ،وهذا سيفرض على اإلدارة التزام الموضوعية
في االختيار واالبتعاد عن المحاباة التي تعتبر السبب الرئيسي لسوء أداء الجماعات المحلية
للمهام المنوطة بها ،كما يسمح لإلدارة المركزية بممارسة نوع من الرقابة الخاصة إذا قدم لها
ثانيا :المنافسة :والتي تزيد من سعة مجال اختيار اإلدارة ،وتتماشى مع التوجه
اإلقتصادي الجديد الذي يدع ـو بتقديم عدة عروض أو طلبات حتى يتم اختيار المتعاقد مع
اإلدارة .2
- 1المادة 06من المرسوم التنفيذي رقم ، 417/04المؤرخ في 20ديسمبر ، 2004يحدد الشروط المتعلقة بامتياز انجاز
المنشآت القاعدية الستقبال ومعاملة المسافرين عبر الطرقات ،جريدة رسمية ،عدد ، 82ص . 30
- 2بن مبارك راضية ،المرجع السابق ،ص . 58
- 44 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
بعدما تتفرغ اإلدارة المعنية بإبرام العقد من أهم مرحلة في عقد االمتياز والمتمثلة في
اختيار المتعاقد معها تشرع في عملية إبرامه ،ويسبق إبرام العقد صدور إجازة من قبل السلطة
المختصة تسمح بإبرام العقد ،ويليه إجراء التصديق على العقد الذي يتضمن دفتر الشروط
واإلتفاقية في حد ذاتها ،تتضمن كافة شروط اإلستغالل ،األحكام المالية ،الرقابة ،الفسخ ...
بعد التوقيع والمصادقة المسبقة على العقد من طرف السلطات المكلفة بذلك يتم تحرير
فقد نصت المادة الثالثة من الرسوم التنفيذي رقم ، 308/96المتعلق بمنح امتياز الطرق
السريعة 1أنه " :يصادق على إتفاقية منح االمتياز الخاص بالطرق السريعة بمرسوم يتخذ من
مجلس الحكومة ،بناءا على تقرير مشترك بين الوزراء المكلفين على التوالي بالداخلية
كما أن منح امتياز المرافق العامة المحلية يكون بموجب مداولة مصادق عليها من
المجلس الشعبي البلدي أو الوالئي ،وال ينعقد إال بعد مصادقة الوالي المختص إقليميا على
العقد المبرم بعد التحقق من سالمة اإلجراءات المتخذة ،وهو مانصت عليه التعليمة الو ازرية
-1المادة 03من المرسوم التنفيذي رقم ، 308/96يتعلق بمنح امتياز الطرق السريعة ،المرجع السابق ،ص . 09
-2التعليمة ، 3 842/0.94المرجع السابق ،ص . 04
- 45 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
تثير فكرة المصادقة مسألة ما إذا تعتبر عنص ار في تكوين العقد ،أم أنها شرط ضروري يتوقف
عليه دخول العقد حيز التنفيذ ،بتفحص المادتين 42من قانون البلدية و 50من قانون الوالية ،
يتبين ربطهما لتنفيذ المداولة فقط بالمصادقة ،وعليه يمكن القول أن االمتياز موجود لكن تنفيذه
فقط هو المعلق على المصادقة المسبقة ،ويعتبر العقد موجود من تاريخ إبرامه ال من تاريخ
التصديق . 1
يتكون عقد االمتياز من وثيقتين تحتويان على عناصر متعدد ومعقدة تحدد حقوق
والتزامات طرفي عقد االمتياز وتبين قواعد وأسس تسيير واستغالل المرفق العام محل االمتياز
هو اإلتفاق الذي يبرم بين الجهة اإلدارية مانحة االمتياز والملتزم طبقا لما ينص عليه
دفتر الشروط ،حيث تشكل إتفاقية االمتياز الجزء األقصر في االمتياز في الغالب األعم موجزة
وم ختصرة تتضمن المبادئ العامة والخطوط العريضة التي اتفق عليها طرفي عقد االمتياز ،
فتقتصر على تحديد األطراف (اإلدارة مانحة االمتياز وصاحب االمتياز) بصفة دقيقة ضبط
مضمون االتفاق الذي يتمثل في التزام اإلدارة بمنح المرفق العام للملتزم لتسييره عن طريق
- 46 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
يعتبر دفتر الشروط وثيقة هامة تضعها اإلدارة لتحدد بموجبه شروط وقواعد
تسيير المرافق العامة ،ويمثل أساس التعاقد وهو جزء ال يتجزءا من عقد االمتياز ، 1حيث
يشكالن معا كيان واحد ،ويتضمن دفتر الشروط على جميع الشروط التنظيمية كالشروط
الخاصة بتنظيم األشغال وسيرها وتحديد الرسوم التي يجوز تحصيلها ،وبيان كيفية إدارة الخدمة
للمنتفعين وشروطها واإلجراءات الكفيلة بسالمتهم والشروط التعاقدية التي تهم طرفي عقد
االمتياز كذلك المتعلقة باألعباء المالية المتبادلة بين الجهة اإلدارية مانحة اإلمتياز وبين الملتزم
من جهة أخرى ،ومدة االمتياز وكذا المزايا المالية التي تتعهد اإلدارة بتقديمها للملتزم كتقديم
بعض اإلعانات حيث تندرج تحت هذه الشروط مسألة التوازن المالي للعقد .
إن هذه الوثيقة تعتبر جوهر االمتياز ،لذلك يتعين على الهيئات التنفيذية للجماعات
المحلية عند إعدادها لهذه الوثيقة أن تحرص على مطابقتها لدفاتر الشروط النموذجية المعدة
وهنا يجب توضيح الفرق بين دفتر الشروط النموذجي ودفتر الشروط :
فدفتر الشروط النموذجي هو نموذج ألعد لصنف أو نوع من عقود االمتياز الوارد على مرفق
عام محدد بذاته ،ومثال ذل ك دفتر الشروط النموذجي المتياز استغالل المياه المعدنية الطبيعية
ومياه المنبع ، 2دفتر شروط النموذجي المتياز الخدمات الجوية للنقل العمومي ، 3
-1نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 189
- 2المرسوم التنفيذي 196-04المؤرخ في 15يوليو ، 2004جريدة رسمية عدد ، 45مؤرخة في 18يوليو . 2004
- 3المرسوم التنفيذي 43-2000المؤرخ في 26فبراير ، 2000جريدة رسمية عدد ، 08مؤرخة في 01مارس . 2000
- 47 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
دفتر الشروط النموذجي لمنح امتياز استغالل الخدمات العمومية للتزويد بماء الشرب . 1
أما دفتر الشروط :فهو الوثيقة التي تدمج في عقد االمتياز وتكون القسم األكبر منه وهي
إن إلزام الجماعات المحلية دفاتر الشروط النموذجية يؤكد فكرة عدم ثقة الدولة في عمل
الجماعات المحلية ،وكذلك تدخلها المستمر في الشؤون المحلية وتقليص فكرة الديمقراطية أمام
هذه الممارسات التي تدل داللة واضحة على سيطرة األفكار الموروثة عن اإليديولوجية
االشتراكية ودور الدولة المتدخلة ،كما أن تقييد الجماعات المحلية والزامها بإتباع دفتر الشروط
النموذجية الصادرة عن طريق التنظيم ،دليل على ازدياد حدة الرقابة اإلدارة المركزية الوصية
على أعمال الجماعات المحلية ،وبالتالي ستحكم اإلدارة رقابتها عقد عقود واتفاقيات االمتياز
ويعود ذلك إلى ابتعاد الدولة عن الصفة االستثنائية لالمتياز واعتماده ليس كتقنية تسيير فقط
للمرافق العامة وانما كآلية تجسيد توجه اقتصادي وسياسي تفضل الدولة تنظيمها بنفسها .
وعلى العموم ،إن دفاتر الشروط تتوفر على فئتين من الشروط :
تختص بوضعها اإلدارة المعنية بالتعاقد دو أدنى مشاركة من المتعاقد معها ،ويلزم هذا
األخير إن رغب في التعاقد بالخضوع إليها ،وتتعلق الشروط التنظيمية بكيفية تنظيم وادارة
المرفق العام موضوع عقد االمتياز وعالقته بالمنتفعين والرسوم التي يجب تحصيلها من األفراد
- 1قرار وزاري مشترك مؤرخ في 18نوفمبر 1998جريدة رسمية العدد 21المؤرخة في 12أبريل . 1998
- 48 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
مقابل االنتفاع بخدمات المرفق ،وتنشئ مرك از قانونيا غير شخصي يقبل صاحب االمتياز
،ويحق لإلدارة تعديل البنود التنظيمية أثناء تنفيذ العقد إذا اقتضت المصلحة 1
العمل طبقا لها
العامة ذلك ،وال يستطيع صاحب االمتياز رفض هذا التعديل إنما له فقط المطالبة بالتعوض
وهي الشروط التي تتعلق بالعالقة بين الملتزم والسلطة مانحة االمتياز وتخضع لقاعدة "العقد
شريعة المتعاقدين" فهي ال تعدل إال باتفاق إرادة طرفي العقد وتتمثل تلك الشروط في :
المدة :يكون االمتياز عادة لمدة محددة ،ألنه ال يعني التنازل الكلي والدائم عن المرفق العام
وتكون المدة قابلة للتفاوض حسب األعباء التي يتحملها صاحب االمتياز ،والتي تسمح له
باسترجاع قيمة االستثمارات وكذلك األعباء الناتجة عن تسيير واستغالل المرفق ،مع تحقيق
االمتيازات الممنوحة لصاحب االمتياز :تتغير االمتيازات الممنوحة لصاحب االمتياز حسب كل
عقد ،وهي تتمثل في اإلعانات المالية التي قد تمنحا اإلدارة للملتزم بغرض تمكينه من إدارة
المرفق بكفاءة تمكن المنتفعين من اإلستفادة بخدمات هذا المرفـق وكذلك التسبيقـات
القابلة لالسترجاع ،والضمانات للقروض التي يلجأ إليها صاحب االمتياز .
- 1عمر بن أبو بكر باخشب ،النظام القانوني لعقود االمتياز ،مجلة القانون واالقتصاد للبحوث القانونية واالقتصادية عدد
، 64القاهرة 1994 ،ص . 04
- 2مروة هيام ،القانون اإلداري الخاص (المرافق العامة الكبرى وطرق إدارتها – االستمالك – األشغال العامة – التنظيم
المدني) ،الطبعة األولى ،مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ، 2003 ،ص . 104
-نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 183 3
- 49 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
شرط التوازن المالي للعقد :قد تكون شرطا صريحا أو ضمنيا في العقد ،فهو يحفظ التوازن
المالي لصاحب االمتياز ويضمن له حقه في حالة التقلبات والظروف االستثنائية وهي نفس
يعتبر عقد االمتياز ذو طبيعة إدارية ،وهو يقوم على ثالثة شركاء أساسين هم الجهة
اإلدارية مانحة االمتياز والملتزم صاحب االمتياز و أخي ار المنتفعين بالمرفق ،فتنفيذ هذا العقد
ينشئ عنه العديد من الحقوق وااللتزامات سواء بالنسبة للجهة اإلدارية مانحة االمتياز أو
بالنسبة للملتزم نفسه أو حتى بالنسبة للمنتفعين 2وهذا ما سيتم توضيحه كل على حدا .
إن جميع الحقوق التي تتمتع بها السلطة مانحة تنفيذ االمتياز والناتجة عن عقد االمتياز
هي حقوق مستمدة من طبيعة المرفق العام نفسه ،فالسلطة اإلدارية مسؤولة مسؤولية تامة
وكاملة عن تنفيذ المرفق العام ،وهو ما يخول لها مجموعة من الحقوق والتي تعتبر غير مألوفة
بالنسبة للقانون الخاص ،وفي المقابل هذه الحقوق يقع على عاتق اإلدارة إلتزامات ،والتي
تمثل في نفس الوقت حقوق للمتعاقد معها ،لذا سنتناول أوال حقوق اإلدارة مانحة االمتياز ثم
- 50 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
تتمثل حقوق السلطة مانحة االمتياز في حق الرقابة على إنشاء واعداد المرفق العام
وسيره ،وحق توقيع الجزاءات ،وحق تعديل النصوص التنظيمية الواردة في العقد دون توقف
على إرادة صاحب االمتياز ،وحق استرداد المرفق قبل نهاية المدة .
،فباعتبار 1
يقصد بسلطة الرقابة ،التحقق من أن المتعاقد يباشر تنفيذ العقد طبقا لشروطه
،التي 2
االمتياز شكل من أشكال الالمركزية المصلحية فإن الملتزم يخضع للرقابة الوصائية
وتأخذ الرقابة التي تمارسها اإلدارة عدة صور الرقابة التقنية والرقابة اإلدارة والرقابة
المالية .
وتتعلق بأشغال إنشاء واعداد المرفق ،كما أن اإلدارة تراقب احترام الملتزم لقواعد سير
المرفق العام ،وتحدد كيفيات ممارسة هذا النواع من الرقابة ضمن دفتر الشروط.
وفي هذا اإلطار تنص المادة 18من الرسوم التنفيذي رقم 308-96على أنه " :يتم ضمان
المراقبة في مرحلة االستغالل بما فيها المراقبة التقنية للمنشآت الكبرى من طرف السلطات
- 51 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
المعنية لهذا الغرض من طرف مانح االمتياز ،ويجب على صاحب االمتياز أن يقدم لهذه
السلطات والمصالح الوثائق والتقارير المحددة بتعليمة من مانح االمتياز . 1 " ...
وتضيف المادة 11من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 17مارس 1967المتضمن إنشاء
دفتر الشروط المتعلق بامتياز الممنوح من الدولة إلى البلديات الستغالل المحالت التجارية
للعرض السينمائي " :يمكن في كل وقت القيام برقابة المنشآت من قبل اإلدارة المختصة وتكون
مهمتها السهر على التنفيذ التام ألحكام دفتر الشروط هذا ،ولهذا الغرض يجب على صاحب
االمتياز المخول إلى أعوان هذه اإلدارة المكلفة بالرقابة كل التسهيالت الالزمة للقيام بمهمتهم ".
تنصب على الناحية اإلدارية للتأكد من كفاءة المرفق وفعاليته في تقديم الخدمات التي
تستهدفها . 2
رغم أن األموال التي يسير بها المرفق العام هي أموال الملتزم ،إال أن لإلدارة حق الرقابة
عليها ،خاصة أن محاصيل االمتيازات المتعلقة بالمصالح العامة تشكل جزءا من إيرادات
اإلدارة مانحة االمتياز ،وبالتالي يكون من حقها اإلطالع على كل الوثائق الضرورية لتحديد
التقديرات الخاصة بهذه اإلرادات ويلزم على صاحب االمتياز تقديم هذه الوثائق .
ص . 286
- 52 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
إن سلطة اإلدارة في الرقابة والتوجيه هي سلطة مقيدة بحدود تتمثل في عدم المساس
باستقاللية التسيير التي يتمتع بها الملتزم ،حيث أن هذا األخير سيد للمرفق وال يمكن للسلطة
مانحة االمتياز إلى تسيير مباشر ،بل تقتصر رقابتها على التحقق من أن المرفق يسير وفق
النصوص التشريعية والتنظمية وكذا العقد المتفق عليه ،وذلك بهدف تجنب أي نتائج سلبية قد
تملك اإلدارة سلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد معها إذا قصر في تنفيذ إلتزاماته سواء
امتنع عن التنفي ذ أو تأخر فيه أو نفذ االلتزام على غير الوجه المطلوب أو حل غيره محله في
وتعد سلطة فرض الجزاءات أخطر السلطات التي تتمتع بها اإلدارة في مواجهة المتعاقد
لكن سلطة اإلدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد عند إخالله بالتزاماته ليست مطلقة وانما
ـ خضوع سلطة اإلدارة في توقيع الجزاءات للرقابة القضائية والتي تشمل رقابة المشروعية ،
وتمتد إلى البواعث التي أدت باإلدارة توقيع الجزاء ،كما تشمل رقابة المالئمة وما إذا كان
- 53 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
ـ تطبيق ن صوص العقد ،إذا حدد العقد الجزاءات المالئمة لكل مخالفة يرتكبها المتعاقد ففي
1
هذه الحالة ال تستطيع اإلدارة سوى تطبيق توقيع الجزاء المنصوص عليه في العقد .
،وقد تكون نوعا من العقاب على المتعاقد بغض النظر عن صدور خطأ منه ،فالجزاءات
المالية في العقود اإلدارية ال تقتصر على تعويض الضرر بل تشمل الغرامات التأخيرية التي
تعد ضمانا إلن جاز المتعاقد مع اإلدارة عمله على أتم وجه ويشكل إرغاما للمتعاقد على الوفاء
بإلتزاماته التعاقدية 2ويمكننا اإلشارة إلى أهم هذه الجزاءا كالتالي :
* التعويضات :
يقصد بالتعويضات تلك المبالغ المالية التي يلتزم الملتزم بدفعها لإلدارة مقابل إخالله
بإلتزاماته دون أن تكون مقدرة في العقد ،والهدف منها تغطية الضرر الحقيقي الذي يلحق
- 1حماده عبد الرزاق حماده ،المرجع السابق ،ص ص . 604 ، 603 ،
- 2حماده عبد الرزاق حماده ،المرجع السابق ،ص . 605
- 3أكلي نعيمة ،المرجع السابق .ص . 107
- 54 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
تعرف الغرامة التأخيرة أنها تعويض جزائي من حق إاإلدارة توقيعه دون أن تلزم بإثبات
أن الضرر ما قد لحقها ،حيث أن هذا التأخير مفترض دائما عن مجرد التأخير ما ينجم عدم
اشتراط التناسب بين قيمة الغرامة والضرر الحاصل ،ولإلدارة توقيعها بقرار منها دون اللجوء
ـ إتفاقية :ألنها تحدد مقدما في العقد ،فإذا لم نص عليها في العقد ،فال يجوز لإلدارة
ـ تلقائية :تطبق بمجرد التأخير ،وحتى ولو لم يثبت أن التأخير قد ألحق ضر ار بجهة اإلدارة
المتعاقدة .
ـ تطبق بمقتضى قرار إداري دون الحاجة إلى االلتجاء إلى القضاء للحكم بتوقيـع هذا الجزاء .2
والقصد من توقيع اإلدارة لتلك الجزاءات كما يبدو من إسمها هو أن ترغم المتعاقد على تنفيذ
العقد بالوفاء بإلتزاماته . 3
ولإلدارة مباشرة تلك الجزاءات من تلقاء نفسها سواء نص عليها في العقد أو لم ينص وغالبا ما
- 1عبد الحميد الشواربي ،العقود اإلدارية في ضوء الفقه ،القضاء والتشريع ،منشأة المعارف ،القاهرة ،مصر ،ص
. 39
-2سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ( ،دراسة مقارنة) ،الطبعة الخامسة ،دار الفكر العربي ،القاهرة
مصر ، 1991 ،ص . 517
- 3عمار عوابدي ،قضاء التفسير في القانون اإلداري ،دار هومة ، 1999 ،ص .67
- 55 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
ولكل عقد من عقود اإلدارية صورة مناسبة للضغط أما بالنسبة لعقد االمتياز فتمارس اإلدارة
بالنسبة للمتعاقد وسيلة وضع المشروع تحت الحراسة كوسيلة للضغط .
وهذا اإلجراء ال يؤدي إلى فسخ عقد االمتياز وال إلى إسقاط حقوق الملتزم األصلي إنما كل ما
،ووضع 1 ترتب عليه يتمحور حول رفع يد الملتزم مؤقتا عن إدارة المرفق العام محل العقد
المشروع تحت الحراسة يفرض على اإلدارة المانحة لإلمتياز تولي إدارته بنفسها أو أن تعهد
واذا كانت الحراسة تقتضي رفع يد الملتزم عن إدارة المرفق ،فإنه من المتعين أن يفرق بين
أسباب وضع المرفق تحت الحراسة ،لتحديد نتائجها فيما يتعلق باإلدارة المالية فإذا أعلنت
الحراسة كجزاء لتقصير الملتزم ،فإنه يتحمل مخاطر اإلدارة ،أما إذا أعلنت الحراسة بغير خطأ
الملتزم ،ال سيما إذا كان سبب ذلك القوة القاهرة أو خطأ اإلدارة ،فإنه ال يتحمل مخاطر
2
اإلدارة المالية .
السلطة اإلدارية المناحة لالمتياز بإرادتها المنفردة على الملتزم ،نتيجة ألخطاء جسيمة اقترفها
في إدارته للمرفق ،أو الحظت تقصي ار من طرف صاحب االمتياز يكون كبي ار ولمدة طويلة ،
-1خالد خليل الظاهر ،القانون االداري (دراسة مقارنة) ،المرفق العام ،القرار اإلداري ،العقود اإلدارية ،األموال العامة
الطبعة األولى ،الكتاب الثاني ،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ،عمان ،ص .266
-2سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ( ،دراسة مقارنة) ،المرجع السابق ،ص ص . 530 ، 529
- 56 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
وبذلك تسقط اإلدارة حقه في تسيير المرفق العام .كما يمكن أن يكون منصوصا عليه في دفتر
1
الشروط ويسمى فسخا عقديا (متفق عليه).
5ـ حق تعديل النصوص التنظيمية الواردة في العقد دون إرادة صاحب االمتياز :
هذا الحق مستمد من طبيعة المرفق العـام الذي يجب أن يساير الظروف دائما ليـؤدي
خدماته على أحس وجه ،ولهذا فقد أقر مجلس الدولة الفرنسي هذه السلطة لإلدارة وهذا ألول
، "– LES ROUENحيث استفادت هذه الشركة بموجب عقد امتياز تأمين اإلضاءة بالغاز
لبلدية دفيل ،بعد حين انتشر التنوير الكهربائي فطلبت البلدية من الشركة تأمين اإلضاءة
بالكهرباء اثر رفضها تعاقدت مع شركة أخرى ،قرر مجلس الدولة أن العقد يتناول التنوير
وليس بالضرورة بالغاز ،واعتبر أن البلدية يحق لها أن تختار متعاقد آخر ،وبعد ذلك أكد
مجلس الدولة الفرنسي صراحة سلطة اإلدارة في تعديل العقد بشكل انفرادي ،إذا اقتضت
ـ يجب أن تأخذ التوازنات المالية للعقد بعين االعتبار حتى ال يتحمل صاحب االمتياز أعباء
- 57 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
ويقابل هذا الحق (حق اإلدارة في التعديل) حق صاحب االمتياز باللجوء إلى القضاء إما
لطلب تعويضات في اختالل التوازن المالي للعقد أو الفسخ إن كان التغيير جذري للعقد أو
1
التعديل يفوق وبصفة كبيرة قدرات الملتزم .
اإلدارة أن االمتياز لم يعد مناسبا لتسير المرفق فإنه يمكن لها أن تسترد المرفق لتسييره بطريقة
أخرى . 2
وان إجراءات االسترداد تحدد في دفتر الشروط ويجب احترامها من قبل اإلدارة ويجب
اإلشارة إلى أن هذا الفسخ لعقد االمتياز ال عالقة له بالفسخ كعقوبة ألن الملتزم هنا لم يخل
بااللتزامات .
كل هذه الحقوق المقررة للسلطة العمومية المانحة لالمتياز والتي تسمح بالسيطرة على
المرفق العام وضمان خدمة عمومية دائمة ،فهي المسؤولة سواء كان تسييرها مباش ار أو حتى
- 58 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
يقع على عاتق اإلدارة مانحة االمتياز بصفة خاصة في عقد االمتياز منح المرفق العام
لصاحب االمتياز لتسييره واستغالله وكذا السهر على تنفيذ حقوق صاحب االمتياز الموجودة في
1
العقد ،التعويضات المالية وكذا االمتيازات الفنية والمالية.
كما يقع على اإلدارة احترام ما تتضمنه شروط العقد الصريحة منها والضمنية من تعهدات
والتزامات وتنفيذها كلها وبدون تراخي ،فيجب عليها البدء في تنفيذ التزاماتها العقدية بعد
التصديقات الالزمة من السلطات المختصة ،كما يقع على اإلدارة كذلك احترام مدد التنفيذ ،
فالعقد غالبا ما يتضمن أنواع من مدد التنفيذ ،فهناك المدة اإلجمالية لتنفيذ العقد (عقد االمتياز)
،وهناك المدة المحددة لتنفيذ االلتزامات الجزئية ،فإذا كانت المدة المحددة واضحا فعلى اإلدارة
يتمتع صاحب االمتياز ببعض الحقوق تتمثل أساسا في المقابل المالي الذي يدفعها
المنتفعين بخدمات المرفق ،وكذا االمتيازات التي تمنحها له اإلدارة باإلضافة إلى ضمان
- 2حماده عبد الرزاق حماده ،المرجع السابق ،ص ص . 638 ، 637 ،
- 59 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
إن تحديد قيمة المقابل الذي يدفعه المنتفعون من خدمات المرفق يدخل في إطار قواعد
تنظيم المرفق وهذه المهمة هي من اختصاص اإلدارة مانحة االمتياز ،وبالتالي يدخل المقابل
في الجانب التنظيمي لالمتياز ،ليس التحديد وحده بل حتى مراجعته التي تستعمل اإلدارة
لتحقيقها سلطتها في التعديل ،مع اإلشارة أن دفتر الشروط يحدد إجراءات المراجعة بصفة
للمقابل اعتبار الربح المالي األساسي له والذي يهدف إليه من وراء التعاقد .
إن تحديد المقابل ومراجعته يخضعان في األساس إلى المصلحة العامة وليس لتحقيق
الربح الذي هو هدف صاحب االمتياز ولهذا تمارس اإلدارة الرقابة على صاحب االمتياز حتى
كثي ار ما تتعهد السلطة المانحة لالمتياز بامتيازات ومزايا لصاحب االمتياز ،وهي
تدخل ضمن األحكام التعاقدية التي يتفق عليها الطرفان كاإلعانات المالية ،اإلحتكار (بعدم
وجود منافسة وذلك بعدم منح امتيازات أخرى) ،القروض ،تقديم تسبيقات قابلة لالسترجاع
2
استعمال األمالك الوطنية ...
- 1في هذا اإلطار تنص المادة 05من المرسوم التنفيذي 308-96المتعلق بامتياز الطرق السريعة على أنه (يرخص للشركة
صاحبة االمتياز بتحصيل مرسوم المرور بالطريق السريع وأتاوى من التجهيزات الملحقة ضمن الشروط المحددة في دفتر
األعباء) ،جريدة رسمية عدد 55مؤرخة في 25سبتمبر . 1966
- 2نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،المرجع السابق ،ص . 195
- 60 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
واإل دارة ملزمة بتمكين صاحب االمتياز من الحصول على مثل هذه المزايا المتفق عليها في
العقد وذلك حتى ال تكون سببا في تعطيل سير المرفق العام وتعطيل تنفيذ صاحب االمتياز
لتعهداته .
المنفردة البد أن يقابلها من جانب أخر حق للمتعاقد يتمثل بمنحه من االمتيازات المالية ما
يساوي الزيادة في التزاماته ،فالعدالة تقتضي أن يكون من طبيعة العقود اإلدارية أن تحقق بقدر
اإلمكان توازناً بين األعباء التي يتحملها المتعاقد مع اإلدارة وبين المزايا التي ينتفع بها وأصطلح
على هذه الفكرة بفكرة التوازن المالي للعقد ،كما يمكن أن يتعلق األمر بظروف ال دخل لإلدارة
،هذا ما قد يؤثر على إلتزامات المتعاقد 1 فيها ولكنها تنكعس أيضا على التوازن المالي للعقد
ومن أهم تطبيقات مبدأ التوازن المالي للعقد نظرية فعل األمير ونظرية الظروف الطارئة
ونظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة ،ونجد أن من المناسب أن نتناولها تباعاً .
هذه النظرية من خلق مجلس الدولة الفرنسي وقد كان يطبقها بالنسبة لجميع األعمال اإلدارية
التي تصدر من السلطات العامة في الدولة وينتج عنها إخالل بالتوازن المالي للعقد ،إال أنه
ضيق من نطاق هذه األعمال وحصرها باألعمال الصادرة عن الجهة اإلدارية التي أبرمت العقد
- 1ناصر لباد ،القانون اإلداري ،النشاط اإلداري ،الجزء الثاني ،الطبعة األولى ،2004 ،ص . 444
- 61 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
،وقد اتبع القضاء اإلداري في مصر هذا االتجاه ،وطبقا لهذه النظرية يعاد التوازن للعقد إذا
نشأ الخلل نتيجة قيام السلطة مانحة االمتياز بتعديل تنظيم المرفق موضوع االمتياز أو اتخاذ
. 1
إجراء عام يمس عناصر العقد ويؤذي الملتزم بصورة خاصة
أن يتعلق عمل األمير بعقد إداري :ال تقوم نظرية األمير إال بخصوص تنفيذ عقد إداري أياً
كان نوعه ،وال مجال لتطبيق هذه النظرية على عقود القانون الخاص .
أن يكون الفعل الضار صاد اًر من جهة اإلدارة المتعاقدة :ومع ذلك فإذا صدر هذا الفعل
من جهة أخرى ال يمنع من تطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا توافرت شروطها ،ويستوي أن
أن ينتج عن هذا الفعل ضرر للمتعاقد :ويتمثل هذا الضرر في زيادة أعباء تنفيذ شروط
التعاقد إلى حد يخل بالتوازن المالي للعقد ،وال يشترط في هذا الضرر درجة معينة من
الجسامة ،فقد يكون جسمياً أو يسي اًر وبهذا تختلف نظرية فعل األمير عن نظرية الظروف
أن ال تكون اإلدارة المتعاقدة قد أخطأت بعملها الضار :يشترط لتطبيق هذه النظرية أن
تتصرف اإلدارة في حدود سلطتها المعترف بها وأن ال تكون اإلدارة قد أخطأت باتخاذ هذا
العمل .
- 1ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية ،دار الثقافة ،عمان ،األردن ، 2010 ،ص ص . 226 ، 225
- 62 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
أن يكون اإلجراء الذي أصدرته اإلدارة غير متوقع :يشترط لتطبيق هذه النظرية أن يكون
اإلجراء أو التشريع الجديد غير متوقع الصدور وقت التعاقد ،فإن المتعاقد مع اإلدارة يكون قد
أبرم العقد وهو مقدر لهذه الظروف األمر الذي يترتب عليه تعذر االستناد إليها.
نظرية الظروف الطارئة من خلق مجلس الدولة الفرنسي ،في قضية إنارة مدينة "بوردو"
وتتلخص وقائع القضية في أن الشركة الملتزمة بتوريد الغاز لمدينة بوردو ،أثناء تنفيذها للعقد،
وجدت أن األسعار التي تتقاضاها أبعد كثي اًر من أن تغطي النفقات بعد االرتفاع في أسعار
الفحم المستخرج منه الغاز ارتفاعاً كبي اًر عقب نشوب الحرب العالمية األولى ،بحيث ارتفع سعر
الفحم إلى أكثر من ثالثة أمثاله ،فقد كان ثمن طن الفحم عند إبرام العقد في عام 23" -1904
فرنكا" ،وارتفع في عام 1916إلى أكثر من " 73فرنكاً" ،مما أصبح معه تنفيذ الشركة اللتزاماتها
مرهقاً. 1
وقد طلبت الشركة من بلدية المدينة المتعاقد معها رفع األسعار المفروضة على
المنتفعين ،فرفضت البلدية ذلك ،وتمسكت بشروط العقد استناداً إلى قاعدة "العقد شريعة
وقد عرض النزاع على مجلس الدولة الذي أٌقر بدوره نظرية الظروف الطارئة كسبب
إلعادة التوازن المالي للعقد ،وفي ذلك ورد الحكم " ..من حيث أنه نتيجة الحتالل العدو
الجزء الكبير من مناطق إنتاج الفحم في أوربا القارة ،ولصعوبات النقل بالبحر التي تتزايد
- 63 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
خطورة أكثر فأكثر سواء بسبب االستيالء على البواخر أو بسبب طبيعة أعمال الحرب البحرية
ومدتها ،فإن االرتفاع الطارئ خالل الحرب العالمية الحالية في أسعار الفحم ،وهو المادة األولية
في صناعة الغاز بلغ نسبة ال توصف فقط بأنها ذات طبيعة استثنائية بالمعنى المعتاد لهذا
اللفظ ولكنه أدى كذلك إلى ارتفاع في تكلفة صناعة الغاز لدرجة أخلت بكل الحسابات ،وجاوز
أقصى حدود الزيادات التي كان يمكن للطرفين توقعها عند إبرام عقد االلتزام ،وأنه نتيجة
الجتماع كل الظروف السابق بيانها انقلب اقتصاد العقد بصورة مطلقة ،وأن الشركة إذن على
حق في التمسك بأنها ال تستطيع كفالة تشغيل المرفق بذات الشروط المتفق عليها أصالً طالما
استمر الموقف غير العادي المذكور أعاله "..وخلص المجلس من ذلك إلى قوله "بالتزام
الشركة بضمان المرفق محل االلتزام ،ومن ناحية أخرى بأن عليها أن تتحمل فقط خالل هذه
الفترة الوقتية جزًء من النتائج المبهضة لموقف القوة القاهرة ..الذي يسمح بالتفسير المتزن للعقد
ومن هذا يتضح أن نظرية الظروف الطارئة ال تجعل تنفيذ العقد مستحيالً مثلما هو الحال
بالنسبة للقوة القاهرة التي تعفي المتعاقد من التنفيذ ،فالتنفيذ في نظرية الظروف الطارئة يبقى
ممكناً ولكنه مرهق ،وعلى ذلك ال تعفى المتعاقد من تنفيذ العقد ،إال أنها تمنح المتعاقد الحق
في الطلب من اإلدارة أن تسهم في تحمل بعض الخسائر التي تلحق به ،ضماناً لحماية المرفق
- 64 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
وقوع حوادث استثنائية عامة غير متوقعة بعد إبرام العقد وأثناء تنفيذه و يشترط أال يمكن
دفعها أو تداركها من قبيل الظروف االقتصادية كارتفاع األسعار ارتفاعاً فاحشاً ،أو سياسياً
مثل إعالن الحرب ،أو طبيعياً كحدوث زلزال أو فيضان ،و يشترط في هذا الظرف أن ال
أن يكون الحادث الطارئ خارجاً عن إرادة المتعاقد ومستقالً عن إرادته :فال يستطيع المتعاقد
أن يستفيد من هذه النظرية ،إذا كان متسبباً بإحداث الظرف الذي جعل تنفيذ التزامه مرهقاً ،
كذلك يلزم أن ال تكون اإلدارة هي التي تسببت في إحداث هذا الظرف بخطئها أو بفعلها
فتكون ملزمة في هذه الحالة بتعويض المتعاقد عما لحقه من ضرر وفق قواعد المسؤولية أما
على أساس الخطأ أو استناداً إلى فكرة المسؤولية دون خطأ وفقاً لنظرية عمل األمير .1
أن يؤدي الظرف الطارئ إلى إلحاق خسائر غير مألوفة ومن شأن هذه الخسائر أن تؤدي
أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد :لكي يتمكن القاضي من رد االلتزام المرهق إلى الحد
المعقول يجب أن يكون االلتزام قائماً ولم يتم تنفيذه ،وهذا الشرط يستلزم أن يكون العقد من
- 65 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
تقوم هذه النظرية على أساس أنه إذا ما صادف المتعاقد مع اإلدارة أثناء تنفيذ إلتزاماته
العقدية صعوبات مادية استثنائية خالصة لم يكن بوسعه توقعها أثناء إبرام العقد ،تجعل من
تنفيذ العقد أكثر إرهاقا وتكلفة ،فإنه من حقه المطالبة بتعويض كامل لجبر ما أحدثته
ـ أن تكون الصعوبات مادية :وترجع هذه الصعوبات في الغالب إلى ظواهر طبيعية ترجع
إلى طبيعة طبقات التربة محل العقد كأن يكتشف المتعاقد أن األرض المراد تنفيذ العقد فيها
ذات طبيعة صخرية مما يقتضي زيادة مرهقة في النفقات و التكاليف ،أو يفاجأ المتعاقد
بوجود طبقات غزيرة من الـمياه تحتاج إلى نفقات غير عـاديه في سحبها وتجفيفها كما قد
ترجع الصعوبات إلى فعل الغير ،وليس إلى ظواهر طبيعية ،كوجود قناة مملوكة لشخص
أن تكون الصعوبات المادية استثنائية وغير عاديه :اشترط القضاء لتطبيق هذه النظرية
مثال إذا كانت الطبقة الصلبه من التربة لمساحة محدودة وانما يجب أن تكون بامتداد غير
- 1سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،المرجع السابق ،ص . 237
- 66 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
ويترك للقاضي مسألة ما إذا كانت الصعوبات المادية ذات طابع استثنائي من عدمه ويختلف
أن تكون الصعوبات المادية طارئة أو غير متوقعه :يشترط لتطبيق هذه النظرية أن تكون
الصعوبات المادية طارئة وغير متوقعه وقت التعاقد كأن يفاجأ المتعاقد بحاله لم يكن قد
توقعها ال بناء على دفتر الشروط وال فى دراساته األوليه المشروع أو على الرغم مما نبه إليه
أو ما اتخذه من حيطة ال تفوت على الشخص البصير باألمور قبل اإلقدام على المساهمة
أن يكون من شأن هذه الصعوبات أن تلحق اضطراب في التوازن المالي للعقـد :
وعلى ذلك فإذا كان من شأن الصعوبات أن تلحق بالمتعاقد خسائر بسيطة فانه ال يسمح
باالستفادة في هذه النظرية فمن الواجب أن يصل الضرر حدا يتجاوز الخسارة المألوفة ليقلب
اقتصاديات العقد ويتبين ،هذا من مقدار النفقات والتكاليف التي ينفقها المتعاقد زيادة على
أن تكون الصعوبات من غير عمل أحد طرفي العقد :يشترط لتطبيق هذه النظرية أن ال
يكون للمتعاقد دخل في أحداث الصعوبات أو زيادة آثارها خطورة وأن يثبت انه لم يكن في
وسعه توقى آثارها وانه لم يخرج على شروط العقد أثناء قيامه بتنفيذ التزاماته و يشترط من
جانب آخر أن ال يكون لالداره دخل في وجود تلك الصعوبات وأن كان يمكن االستفادة من
- 67 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
أن يستمر المتعاقد في تنفيذ العقد :لكي يستفيد المتعاقد من هذه النظرية يجب أن يستمر
يلتزم المتعاقد مع اإلدارة باعتباره طرفا في العقد بأن يوفي بإلتزاماته التعاقدية وفقا
للشروط المحددة في العقد وما تقتضيه المبادئ العامة التي تحكم سير المرافق العامة ،
ـ التزامه الشخصي للقيام بأعمال المرفق وتقديم خدماته للجمهور دون أن يكون له في هذا
الصدد حق التنازل عن آدائه تلك األعمال والخدمات كلها أو بعضها للغير ،ذلك أن إلتزامه
ذو طابع شخصي يعتمد الوفاء به على شخصية حامل االمتياز في المقام األول والتي كانت
ـ التزامه بالتشغيل والصيانة الدورية للمرفق ،حيث تمثل عملية التشغيل جوهر العقد بالنسبة
للملتزم ،إذ أن هذا التشغيل هو الذي يكفل له استرداد ما أنفقه وتحقيق قدر من الربح كما أن
لهذه العملية أهميتها بالنسبة للجهة مانحة االمتياز ،ويترتب على الملتزم بالتشغيل ،وأن يقوم
- 1نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الطبعة األولى ،دار الثقافة ،عمان ،األردن ، 2006 ،ص . 357
- 68 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
بدفع اإلتاوة المتفق عليها لمانح االمتياز ،كما يجب عليه أن يبدأ غي سداد القروض المستحقة
عليه ،وأن يقوم بعمل الصيانة الدورية للمرفق موضوع االمتياز . 1
2ـ واجبات صاحب اإلمتياز مصدرها المبادئ التي تحكم سير المرفق العام
يجب أن يعرف المتعاقد بـأنه يقوم بإدارة مرفق عمومي و هذا يقتضي و جوب مراعاة
القواعد األساسية في سير المرافق العامة و منها مبدأ المساواة أمام المرافق العامة بالمساواة بين
المنتفعين و مبدأ دوام سير المرفق بالسهر المتواصل عليه ليقدم خدماته للمنتفعين بانتظام
واطراد ،و مبدأ قابلية المرافق العامة للتغيير و التعديل في كل وقت وهذا يقتضي تنفيذ ما
وأنظمة الضبط اإلداري ...ألن في ذلك ضمان ألداء المرفق للخدمات الخاصة به بشكل
يستطيعون ممارستها ليس في مواجهة الملتزم فحسب بل في مواجهة اإلدارة أيضا ،فالمنتفعين
-حماده عبد الرزاق حماده ،المرجع السابق ،ص ص . 754 ، 753 ، 1
- 69 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
كثي ار ما يتلقون الخدمة عن طريق عقد خاص بينهم و بين الملتزم و أن هذا العقد وثيق الصلة
بعقد االمتياز ،ذلك أن الشروط التي ترد به يجب أن تكون في نطاق البنود التي يحتويها عقد
االمتياز.1
و هي إما تستند إلى عقد مبرم بينه و بين المنتفع حيث تتحدد حقوق كل طرف وفقا
لهذا العقد ،و إما ال يوجد عقد و من ثم يحق لكل من استوفى شروط االنتفاع بخدمات المرفق
أن يطلب من الملتزم تمكينه من االنتفاع و إال أجبر على ذلك عن طريق اإلدارة أو القضاء
،و عليه فان حقوق 2 استنادا إلى طبيعة عقد االمتياز و يتضمنه من نصوص تنظيمية
المستفيدين هي:
إن المنتفعين و في إطار انتفاعهم بخدمات المرفق يدخلون دائما في عالقة عقدية مع الملتزم
وأن تظهر بينهم عقود غير مكتوبة ،رغم أن الملتزم ال يستطيع أن يرفض تقديم خدماته لمن
تتوافر فيه شروط االنتفاع بالمرفق تنفيذا لعقد االمتياز الذي يربطه باإلدارة ،و ذلك ألن الملتزم
-2سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ( دراسة مقارنة ) ،المرجع السابق ،ص . 717
- 2سامي جمال الدين ،أصول القانون اإلداري ،دار الكتاب الحديث ،مصر ، 1993 ،ص . 206 ،
- 70 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
يحق لألفراد مطالبة اإلدارة بالتدخل و ذلك إلجبار الملتزم على تنفيذ التزاماته إذا ما
قصر في كيفية أداء الخدمة أو عدم تقديمها وفقا لشروط العقد ،وهذا الحق ثابت للمنتفع في
جميع العقود اإلدارية إال أنه أكثر وضوحا في عقد االمتياز ،فمن اجب الملتزم أن يقدم خدمات
المرفق على أحسن وجه للمنتفعين و بالرسوم التي تقررها اإلدارة ،فإذا ما أخل الملتزم بواجباته
جاز للمنتفعين أن يطلبوا من اإلدارة التدخل لحماية مصالحهم ،و لذلك يجب التمييز بين عقد
االمتياز و بقية العقود اإلدارية األخرى ،على أساس أن عقود االمتياز دائما تحتوي على شروط
تنظيمية تبين كيفية أداء الخدمة للمنتفعين ،وبالتالي فإن خروج أي من طرفي العقد عن تلك
الشروط ال يتضمن مجرد إخالل بالتزام شخصي مرجعه العقد و إنما ينطوي على مخالفة
لقاعدة تنظيمية عامة ،أما في العقود اإلدارية األخرى فان الطعون تكون محصورة بين اإلدارة
و المتعاقد معها حيث ينظر في هذه الطعون في نطاق القضاء الكامل كما سنرى و ليس قضاء
اإللغاء.
وهي كما سبقت اإلشارة إليها حقهم في مطالبة اإلدارة بإجبار الملتزم على تنفيذ أو احترام شروط
عقد االمتياز ،كتنفيذ التعريفات أو الرسوم المتفق عليها ومجال و مكان و مواعيد و شروط
أداء الخدمات ،و كذلك الحق في إجبار الملتزم على تقديم الخدمة لمن يطلبها ممن استوفت
- 71 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
ينتهي عقد االمتياز نهاية طبيعية بانتهاء مدته ،وقد ينتهي قبل ذلك نهاية غير
طبيعية ،وفي الحالتين تثار مشكلة تصفية االمتياز وما مصير األموال المادية المستخدمة في
بعدما تعرفنا على نشأة االمتياز وتنفيذه ،ننتقل اآلن إلى دراسة طرق نهايته ونتائج ذلك
حيث نتعرض على مصير األمالك المكونة للمرفق العام بعد نهاية االمتياز .
الفرع األول :نهاية عقد االمتياز وفقا للطرق العادية وغير العادية
ينتهي عقد االمتياز إما بطريقة عادية ،أو بطريقة غير عادية .
ينتمي عقد االمتياز إلى طائفة العقود الزمنية التي يعتبر الزمن فيها جوهريا ،ولهذا فإن
النهاية الطبيعية لهذا العقد تكون بانتهاء المدة المتفق عليها في العقد ،يبدأ احتساب هذه المدة
ابتداء من دخول العقد حيز النفاذ وذلك بتوقيع اتفاقية االمتياز . 1
تثير في العا دة النهاية الطبيعية لالمتياز مسألتين هما :مد مدة االمتياز
- 72 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
ال يثير تجديد العقد أي إشكال خاصة وأن العقد لم يعد يخضع إلى أي إجراءات شكلية
الختيار صاحب االمتياز ،ولكن يجب تقديمه قبل مدة محددة ،حيث تنص المادة 14من
على أنه " يجدد االمتياز حسب األشكال نفسها ،ويجب تقديم طلب 1
الرسوم التنفيذي 08ـ57
يالحظ أن هذا المرسوم لم يذكر حالة رفض التجديد من السلطة مانحة االمتياز ،وما
إذا كان لصاحب االمتياز حق تقديم طعن إن تم رفض طلب تجديد االمتياز ،ولكن وطبقا
للقواعد العامة ،فإن رفض تجديد العقد يعتبر قرار إداريا منفصال يجوز الطعن فيه باإللغاء
أما بالنسبة إلى مد مدة االمتياز ،فاألصل فيها عدم الجواز ألنها تتنافى مع فكرة تقييد
عقود االمتياز بمدة محددة ،إال أنا تبقى في نظر األستاذ سليمان الطماوي جائزة إذا منح
االمتياز ألقل من المدة المقررة لمنحه ولكن بشرط أن ال يزيد التمديد عن هذه المدة .
تكون نهاية عقد االمتياز وفقا للطريقة الغير العادية بثالثة أسباب و هي اإلسقاط و
1ـ المرسوم التنفيذي رقم 08ـ 57المؤرخ في 2008/02/13يحدد شروط منح االمتياز خدمات النقل البحري ،الجريدة الرسمية
عدد ، 09الصادرة في ، 2008/02/24ص . 11
- 73 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
ويقصد به فسخ العقد من طرف اإلدارة على حساب المتعاقد نتيجة لخطأه ،بل هو جـزاء
توقعــه الســلطة مانحــة االمتيــاز علــى صــاحب االمتيــاز ج ـراء أخطــاء جســيمة ارتكبهــا فــي إدارتــه
للمرفق بحيـث يصـبح مـن المتعـذر االطمئنـان إلـى اسـتم ارره فـي إدارة المرفـق و تسـييره وعـادة مـا
تتضمن عقود االمتياز شروطا مفصلة تبين الحاالت التي يكون لإلدارة فيها الحق في توقيـع هـذا
الج ـزاء ،كــذلك أن الــنص عليهــا فــي العقــد لــه أهميــة كبي ـرة ،إذ تســتطيع اإلدارة بمقتضــى الــنص
الص ـريح ممارسـ ـة هــذا الحــق بنفســها دون حاجــة لإللتجــاء إلــى قاضــي لفســخ العقــد ، 1و يكــون
* أن يكون الملتزم قد ثبت ارتكابه لخطأ جسـيم فـي إدارتـه للمرفـق و الـذي ال تجـدي نفعـا وسـائل
الضغط التي تسـتخدمها معـه اإلدارة و يكـون فـي حالـة اإلهمـال الفـادح مـن جانـب الملتـزم كعجـزه
ع ــن تس ــيير المرف ــق أو أدائ ــه للخ ــدمات المطلوب ــة أو ع ــدم و فائ ــه بالتزامات ــه المالي ــة قب ــل اإلدارة
مانحة االمتياز.
* إعذار الملتزم عند ارتكابـه للمخالفـات المنصـوص عليهـا فـي القـوانين المنظمـة لكيفيـة اسـتغالل
الم ارفــق العموميــة موضــوع عقــد االمتيــاز ،وهــذا اإلعــذار يجــب توجيهــه قبــل توقيــع جـزاء الفســخ و
2ـ االستـرداد
- 74 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
و يقصد به فسخ عقد االمتياز من جانب اإلدارة قبل نهايته الطبيعية دون خطأ من
جانب المتعاقد مقابل تعويضه تعويضا عادال ،و في الحقيقة فإن االسترداد ما هو إال مجرد
فسخ لعقد االمتياز استعماال من اإلدارة لحقها في إنهاء العقود اإلدارية و دون خطأ من المتعاقد
وذلك لدواعي المصلحة العامة .و يكون االسترداد منصوص عليه في العقد وقد يكون بموجب
اإلتفاق بين األطراف المتعاقدة ويتعين على اإلدارة احترامها كون أن النصوص الواردة
بخصوصه هي نصوص تعاقدية ،كما يمكن لإلدارة مانحة اإلمتياز استرداد االمتياز بإرادتها
المنفردة ودون رضى صاحب االمتياز متى اقتضت ضرورات المرفق العمومي .
1
3ـ الفسـخ ألسبـاب أخـرى
قد يفسخ عقد االمتياز قبل مدته الطبيعية ألسباب أخرى أهمها :
أ) -الفســخ االتفــاقي :وهــو الــذي يــتم باتفــاق بــين اإلدارة و صــاحب االمتيــاز قبــل نهايــة
المدة المحددة لالمتياز ،فالعقد اإلداري يسـتند فـي إب ارمـه إلـى رضـا الطـرفين وبالتـالي فإنـه يـزول
برضائهما أيضا وال صعوبة في هذا المجال إذ تطبق القواعد المدنية العامة .
ب) -الفســخ بقــوة القــانون :و أوضــح مثــال لهــذه الطريقــة حالــة القــوة القــاهرة التــي تــؤدي
إلى تدمير المرفق الذي يدار عن طريق االمتياز ،و يمكن اإلشارة إلى هذه الحالة فـي المـادة 27
مـن القــانون رقـم 13/83المتضــمن قــانون الميـاه علــى أنـه يغيــر االمتيــاز أو يخفـض أو يبطــل فــي
-1أحمد عثمان عياد ،مظاهر السلطة العامة في العقود اإلدارية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ، 1990 ،ص . 266
- 75 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
أي وقت بدون تعـويض و ذلـك إمـا لصـالح الصـحة العموميـة و إمـا التقـاء الفيضـانات أو إيقافهـا
ج) -الفسخ القضـائي بنـاء علـى طلـب صـاحب االمتيـاز :يلجـأ إليـه المتعاقـد فـي حالـة
إخــالل مــانح االمتيــاز بالتزاماتــه فــي الحفــاا علــى الت ـوازن المــالي للعقــد ،إذا عــدلت اإلدارة عقــد
االمتيــاز بمــا يخــل بتوازنــه االقتصــادي إخــالال جســيما يفــوق إمكانياتــه ،وهــو حــق ممنــوح للمتعاقــد
يمارس ــه م ــع حق ــه ف ــي تع ــويض ع ــادل ،ك ــذلك ل ــو تعل ــق األم ــر بظ ــرف ط ــارئ وثب ــت لص ــاحب
يثير نهاية عقد االمتياز سواء كانت طبيعية أو غير طبيعية موضوعا هاما يتعلق بتصفيته العقد
الحسابات بين اإلدارة وصاحب االمتياز ،وقد تناولت المادة 02من المرسوم التنفيذي 114/08
المحددة لكيفيات منح امتيازات توزيع الكهرباء والغاز وسحبها ودفتر الشروط المتعلق بحقوق
وقسمت تلك األموال إلى ثالثة أنواع أمالك لإلرجاع ،أمالك 2
صاحب االمتياز وواجباته
لالسترداد واألمالك الخاصة و سنتعرض لمصير هذه األموال ثم إلى تصفية الحسابات بين
- 1سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ( ،دراسة مقارنة ) ،المرجع السابق ،ص . 795
-المادة 02من الرسوم التنفيذي رقم 08ـ 114المؤرخ في 14أفريل ، 2008المحدد لكيفيات منح امتيازات توزيع الكهرباء 2
والغاز وسحبها ودفتر الشروط المتعلق بحقوق صاحب االمتياز وواجباته ،الجريدة الرسمية عدد ، 20مؤرخة في 13أبريل
، 2008ص ،
- 76 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
وهي تشمل األموال المستغلة كالمنشآت والتجهيزات والتي تمثل جزء ال يتج أز من
االمتياز كاألراضي و الطرق و العقارات بالتخصيص ، 1فإذا كان األصل أن تؤول هذه األموال
السابقة إلى الدولة بقوة القانون بمجرد انقضاء االلتزام فقد يتضمن العقد نصا على حق اإلدارة
االختياري في ترك بعض األدوات التي يتبين عند انقضاء العقد أنها أصبحت غير صالحة
الستغالل المرفق فتتركها للملتزم مجانا وبدون مقابل ويتم تحديد هذه األموال في دفتر الشروط
.
وهي المخصصة لالمتياز غير األمالك المعنية كأمالك اإلرجاع والمستخدمة في إطار
المرفق موضوع االمتياز والتي يملكها صاحب االمتياز طيلة مدة االمتياز .
ويمكن أن تسترد أمالك العودة من طرف الدولة بمحض إرادتها عند انتهاء مدة االمتياز
و هي التي يملكها صاحب االمتياز خارج أمالك اإلسترجاع وأمالك العودة ،حيث تبقى
ملك للملتزم وهي غير مشروطة بأي شرط للرجوع لمانح االمتياز ويبقى بذلك الملتزم حر في
التصرف فيها دون ترخيص من السلطة مانحة االمتياز وتبقى خاضعة للقانون الخاص ،وهي
-3سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ( ،دراسة مقارنة ) ،المرجع السابق ،ص .778
- 77 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
تثار مشكلة الحسابات في حالة انتهاء العقد نهاية غير طبيعية ،وهي تخضع لمبدأ هام
هو أن السلطة مانحة االمتياز عندما يؤول إليها المرفق في حالة إلغاء االمتياز أو استرداد ،
فإنه يؤول إليها بصفتها المسؤولة أصال عن تسيير هذا المرفق ،وليس بصفتها خلفا لصاحب
االمتياز ،وهي بذلك ال تتحمل التزاماته وديونه وهذا مذهب إليه القضاء اإلداري المصري في
تعتبر المدة التي ينفذ فيها عقد االمتياز مناخا خصبا لمجموعة كبيرة من النزاعات بين
أطراف العقد ،إال أن النظام القانوني المعقد لهذا العقد والذي يزداد تعقيدا إلى طرف ثالث هم
المنتفعين ،يؤثر على تحديد اإلختصاص القاضي للفصل في هذه المنازعات ،الذي سوف
يمكن رد اختصاص القضاء اإلداري بصفة عامة إلى نوعين رئيسيين هما القضاء
إن المسلم به أن قاضي اإللغاء يقف عند الحكم بإلغاء قرار المعيب دون أن يكون
للقاضي سلطة في توجيه أوامر محددة لإلدارة بالعمل أو اإلمتناع (كأصل عام) ،أما القضاء
الكامل فيعطي للقاضي سلطة في إلغاء القرار المعيب مع قدرته على ترتيب نتائج كاملة ومن
- 1ياسين حمدي عكاشة ،العقود اإلدارية في الواقع العملي ،منشاة العارف اإلسكندرية ،الطبعة ، 1998 ،ص . 593 ،
- 78 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
هنا جاءت تسميته بالقضاء الكامل ،وبصفة عامة فإن العقود اإلدارية تنتمي في مجملها إلى
القضاء الكامل ،إال أنها تثير بعض النواحي فيما يتعلق بقضاء اإللغاء ،ولما كان عقد
االمتياز هو أحمد هذه العقود ،سنعالج مجال خضوعه إلى القضاء الكامل ثم خضوعه لقضاء
اإللغاء .
لقد استقرت أحكام القضاء اإلداري ،على أن العقود اإلدارية تخضع لوالية القضاء
الكامل ،وأن اختصاصه في هذا الشأن اختصاص مطلق وشامل ألصل تلك المنازعات وما
يتفرع عنها ،ابتداءا من أول إجراء في تكوينها إلى آخر نتيجة في تصفية كافة العالقات
1ـ دعوى بطالن العقد :يقيمها أحد أطراف العقد للمطالبة بإبطاله لعيب في إجراءات
تكوينه أو شروط صحته أو أركانه ،إذ ليس للمتعاقد الذي يريد أن يتوصل إلى إلغاء العقد
لعيب في تكوينه إال سبيل القضاء الكامل ،ألن القاعدة المسلم بها أن دعوى اإللغاء ال توجه
2ـ دعوى الحصول على مبالغ مالية :وترمي هذه الدعوى إلى الحصول على مبالغ
مالية معينة نص عليها العقد اإلداري كثمن أو أجر متفق عليه ،أو تعويض عن أضرار تسبب
فيها أحد طرفيه أو ألي سبب آخر نص عليه فيه يؤدي إلى الحكم بمبلغ من المال.
-1قرار محكمة القضاء اإلداري المصرية الصادر في ، 1956/11/18أنظر محدي ياسيت عكاشة ،المرجع السابق ،ص
.99
- 2سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،المرجع السابق ،ص .171 ،
- 79 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
3ـ دعوى إبطال بعض التصرفات الصادرة من اإلدارة على خالف التزاماتها التعاقدية
للمتعاقد مع اإلدارة أن يقاضيها استنادا إلى دعوى القضاء الكامل بشأن التصرفات الصادرة
عنها خالفا اللتزاماتها التعاقدية كالق اررات الصادرة بفسخ العقد أو إنهائه أو إلغائه دون مبرر
لذلك .
4ـ دعوى فسخ العقد :للمتعاقد مع اإلدارة أن يطالب بفسخ العقد المبرم معه في
حاالت معينة كما في حالة القوى القاهرة أو في حالة صدور خطأ جسيم من اإلدارة … الخ ،
إذ تندرج دعواه بهذا الشأن في نطاق دعوى القضاء الكامل .1
إذا كانت القاعدة العامة تقضي بخضوع المنازعات المتعلقة بعقود االمتياز لوالية القضاء
الكامل باعتبارها من المنازعات الشخصية ،ولكن استثناءا قرر مجلس الدولة الفرنسي مجاال
لقضاء اإللغاء في العقود اإلدارية في حالتين تتميزان بخصائص ذاتيية هما :ـ حالة الق اررات
يمكن تعريف القرار المنفصل أنه قرار يساهم في تكوين العقد ويستهدف إتمامه ،إال أنه ينفصل
عن العقد ويختلف عنه في طبيعته ،ما يجعل الطعن فيه باإللغاء جائز ،فهو قرار يسبق إبرام
- 1انظر حسين درويش ،السلطات المخولة لجهة اإلدارة في العقد اإلداري ،القاهرة ،مصر ،سنة ، 1961ص . 93
- 80 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
العقد نظ ار ألنه يمهد لهذا اإلبرام ،فهو ال يدخل في نطاق الرابطة التعاقدية مما يجير الطعن
ومن أمثلة الق اررات المنفصلة التي يجوز الطعن فيها باإللغاء الق ار ار الممهدة إلبرام العقد كق اررات
اختيار طريقة اختيار المتعاقد والق اررات المتعلقة باختيار المتعاقد والق اررات النهائية منها كق اررات
ينشأ عقد االمتياز حقا لألفراد في الطعن باإللغاء في الق اررات الصادرة من السلطة
مانحة االمتياز في عالقتها من صاحب االمتياز ،وتتضمن اإلخالل بشروط عقد االمتياز التي
تبين كيفية أداء الخدمة للمنتفعين أي الشروط التنظيمية دون التعاقدية ،ويتم ذلك عن طريق
تقدم المنتفع إلى الجهة المختصة طالبا منها أن تتدخل بناءا على سلطتها لتجبر صاحب
االمتياز على احترام شروط العقد التنظيمية ،فإن رفضت اإلدارة بصراحة أو ضمنا يعتبر هذا
يختص القضاء العادي بالمنازعات التي تقع بين الملتزم و المنتفعين بخدمات المرفق
العام أو تلك التي تقع بينه وبين العاملين بالمرفق ،أو الغير المتعامل معه كمورديه ألنهـم
البحري والنشاطات المينائية ،جامعة وهران ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،بن عكنون ، 2013/2012ص 164
- 81 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
تخضع الدعاوي التي يقيمها المنتفعين ضد الملتزم عن عدم تقديم الخدمة أو سوء
تقديمها وغيرها إلى اختصاص القضاء العادي ،وهذا عندما يكون صاحب االمتياز من
أشخاص القانون الخاص على سبيل المثال ما أشار له القانون رقم ، 06/98المتعلق بالطيران
المدني في القسم الثالث منه عند تحديده لمسؤولية الناقل الجوي (صاحب االمتياز) إزاء
أما إذا كان صاحب االمتياز من أشخاص القانون العام ،ففي حالة نشوء نزاع
فاإلختصاص ينعقد للقضاء اإلداري لتوافر المعيار العضوي طبقا للمادة 800من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية على سبيل المثال االمتياز الممنوح من الدولة إلى البلديات
يتوقف موقف العاملين في المرافق العامة المسير عن طريق االمتياز على تحديد طبيعة
الشخص المسؤول عن تسيير واستغالل المرفق العامة ،فإذا كان شخصا من أشخاص القانون
- 82 -
النظام القانوين لعقد االمتياز الفصل الثاين
الخاص ففي هذه الحالة يكون األفراد العاملين تحت إشرافه ورقابته ويعتبرون عماال خاضعين
للقانون الخاص ،تجمعهم وصاحب االمتياز عالقة عقدة مدنية بحته ،وعليه يشغلون مرك از
قانونيا تعاقديا ،يختص القضاء العادي بالتحديد القسم اإلجتماعي بالنظر في منازعاتهم ،وفقا
لقواعد وأحكام قانون العمل باإلضافة إلى بعض التنظيمات المكملة المنظمة لبعض عالقات
العمل الخاصة ببعض القطاعات الحساسة ما لم تتعارض من أحكام عالقات العمل المعمول
،وقد يكون الملتزم من القانون العام ففي هذه الحالة فإن العاملين في هذه المرافق 1
بها
موظفون عموميين تربطهم بهذه الجهات عالقة الئحية تنظيمية ،وبالتالي يختص بتنظيم هذه
يتعامل الملتزم مع الغير عن طريق عالقات عقدية مدنية وتجارية وذلك من أجل تلبية
حاجات الجماعة وكذا الوفاء بإلتزاماته ،مما قد يؤدي إلى ظهور خالفات بين الطرفين ،ففي
هذه الحالة فيعتبر القضاء العادي هو المختص بالفصل في المنازعات القائمة بين الطرفين
كما يمكن أن تضاف لمنازعات الملتزم مع الغير المتضررين من اإلجراءات اإلدارية الصادرة أثناء
تنفيذ مهمة التسيير ،كما لو أصيب شخص من طرف عربة تابعة لمسير المرفق العام .
- 83 -
اخلامتـ ـة
الخاتمـة
الجديدة التي عرفتها الدولة منذ نهاية الثمانينيات والتي فرضت عليها البحث عن طرق
جديدة لتسيير مرافقها العامة لمواكبة التطور الحاصل في مختلف المجاالت لتحقيق تنمية
شاملة وتحرير المرافق العامة من التعقيدات واإلحتكار وفتح المجال للخواص والمنافسة
مع بقاء دور الدولة في الرقابة والتنظيم حتى ال يفقد المرفق العام هدفه العام في تحقيق
ومن خالل هذه الدراسة في موضوع عقد االمتياز اتضحت عندنا عدة نقاط
أن أسلوب االمتياز أصبح الطريقة المفضلة لتسيير المرفق العام في الجزائر خاصة
بعد 89واتساع المنظومة القانونية الجزائرية لعقد االمتياز من خالل مختلف النصوص
التي تنظمه ،إال أنه نجح في بعض المجاالت وفشل في مجالت أخرى وقد يعود عدم
عدم وجود إرادة صريحة لدى السلطات المعنية في تبني هذا األسلوب لتسيير
المرافق العامة وبرغبتها في التحكم دائما في المرافق العامة وتخوفها الدائم من تحرير
- 85 -
اخلامتـ ـة
أن المشرع حين أقر تقنية التشاركية بين القطاعين العام والخاص في إدارة المرافق
العامة اقتصر على اعتبارها استثناءا ال يمكن اللجوء إليه إال إذا تعذر اللجوء إلى
األساليب األخرى وذلك ضمن قوانين اإلدارة المحلية في صورة التعليمة الو ازرية رقم
وكذلك من بين أسباب عدم نجاح أسلوب االمتياز ضعف النظام القانوني الجزائري
الذي يؤطره حيث يالحظ أنه بقي يعالج بموجب نصوص متناثرة في عدة قطاعات وال
كما يالحظ أن القوانين التي تناولت موضوع االمتياز تناولته بنوع من القصور
حيث أنها لم تعطي تعريفا موحدا ودقيق لعقد االمتياز ولم تعطي مدة محددة له فضال عن
ذلك أنها لم تحدد المرافق العامة القابلة ألن تكون محل االمتياز وعليه فأسلوب االمتياز
ليس مزده ار في الجزائر مما يصعب تكوين فكرة عامة وصورة واضحة عنه ومن خالل
النقاط السابقة يمكن ذكر جملة من الحلول والمقترحات قد تساعد على تحسين هذا النوع
وضع قانون خاص يحكم عقد االمتياز ويحدد المبادئ العامة واألسس األساسية
التي يخضع لها وتحديد طرق منح االمتياز لتفادي التالعبات وضمان منافسة وشفافية ،
كما يجب أن يضبط هذا القانون المرافق التي تكون قابلة ألن تكون محل االمتياز .
- 86 -
اخلامتـ ـة
تشجيع الخواص ومنح امتيازات لهم بحثا عن خوصصة المرافق العامة والتسيير
التخفيف من أوجه الرقابة التي تمارسها الجهة اإلدارية على صاحب االمتياز حتى
يطمئن الخواص إلبرامه وبالتالي ضمان حسن سير المرافق العامة وتوفير خدماته
أما ما يمكن قوله أخي ار أن تنظيم عقد االمتياز ال يمكن أن يكون بشكل عشوائي و
دون دراسة مسبقة ألنه سيؤثر على نوعية الخدمة المقدمة وسير المرفق العام و أن الخدمة
- 87 -
قائمة املراجع
قائمة المراجع
أوال :النصوص القانونية
أ /النصوص التشريعية
-1األمر رقم 75ـ 58المؤرخ في 19سبتمبر ، 1975المتضمن القانون المدني ،الجريدة الرسمية ،
المؤرخة في 26سبتمبر سنة . 1975
-2القانون ، 17/83المؤرخ في 16جويلية ،المتعلق بالمياه ،الجريدة الرسمية عدد 30الصادر
بتاريخ 04يونيو . 1983
-3األمر رقم ، 13/96المؤرخ في ، 1996/06/15يتضمن المياه ،جريدة رسمية عدد ، 37الصادرة
بتاريخ . 1996/06/15
-4القانون ، 12/05المؤرخ في 04أوت ، 2005يتضمن قانون المياه ،الجريدة الرسمية عدد 60
ب /النصوص التنظيمية
ـ المراسيم
-1المرسوم التنفيذي رقم ، 320/94المؤرخ في 17أكتوبر 1994المتعلق بالمناطق الحرة ،جريدة
رسمية ،عدد . 68
-2المرسوم التنفيذي رقم ، 308/96المؤرخ في 18سبتمبر ، 1996يتعلق بمنح امتياز الطرق
السريعة ،جريدة رسمية عدد ، 55الصادرة في 25سبتمبر . 1996
-3المرسوم التنفيذي 09ـ ، 152يحدد شروط وكيفيات منح االمتياز على األراضي التابعة لألمالك
الخاصة للدولة والموجهة إلنجاز مشاريع إستثمارية ،الجريدة الرسمية العدد . 27
-4المرسوم التنفيذي رقم ، 417/04المؤرخ في 20ديسمبر ، 2004يحدد الشروط المتعلقة بامتياز
انجاز المنشآت القاعدية الستقبال ومعاملة المسافرين عبر الطرقات ،جريدة رسمية ،عدد . 82
-5المرسوم التنفيذي 196-04المؤرخ في 15يوليو ، 2004جريدة رسمية عدد ، 45مؤرخة في 18
يوليو . 2004
85
قائمة املراجع
التعليمات
-3التعليمة ، 842/03.94المتعلقة بامتياز وتأجير المرافق العمومية المحلية ،المؤرخة في 07
ديسمبر ، 1994الصادر عن وزير الداخلية .
ثانيا :المؤلفات
86
قائمة املراجع
-4حامد ماهر محمد ،النظام القانوني لعقود اإلنشاء والتشغيل واعادة المشروع ،دار النهضة العربية ،
القاهرة
-5حسين درويش ،السلطات المخولة لجهة اإلدارة في العقد اإلداري ،القاهرة ،مصر ،سنة . 1961
-6حسين عثمان محمد ،أصول القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر ،سنة 2004
-7حماده عبد الرزاق ،النظام القانوني لعقد اإلمتياز المرفق العام ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية
،مصر 2012
-8سامي جمال الدين ،أصول القانون اإلداري ،دار الكتاب الحديث ،مصر . 1993 ،
. -9سالم أحمد رشاد محمود ،عقد اإلنشاء واإلدارة والتحويل ( ، )BOTفي مجال العالقات الدولية
الخاصة ،دار النهضة العربية ،القاهرة 2004 ،
-10سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،دراسة مقارنة ،الطبعة الخامسة ،دار
. 1991 الفكر العربي ،القاهرة ،مصر ،
-11سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،دار الفكر العربي ،الطبعة األولى سنة
. 1999
-12عادل بوعمران ،النظرية العامة للق اررات والعقود اإلدارية ،دار الهدى ،عين مليلة ،الجزائر ،
. 2011
-13عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء السابع ،المجلد لألول ،منشأة
المعارف اإلسكندرية سنة . 2004
-14عبد الحميد الشواربي ،العقود اإلدارية في ضوء الفقه ،القضاء والتشريع ،منشأة المعارف ،القاهرة
،مصر .
-15عمار بوضياف ،عقد االمتياز ودوره في تطوير العالقة بين اإلدارة المحلية والقطاع الخاص ،
األكادمية المفتوحة لكلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الدراسات العليا
-16عمار بوضياف ،شرح تنظيم الصفقات العمومية ،جسور للنشر والتوزيع الطبعة الرابعة ،المحمدية
-17ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية والتحكيم ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية . 2000 ،
-18ماجد راغب الحلو ،العقود اإلدارية ،دار الثقافة ،عمان ،األردن . 2010 ،
-19مروان محي الدين القطب ،طرق خصخصة المرافق العامة ،االمتياز الشركات المختلطة ـ BOTـ
تفويض المرفق العام ،دراسة مقارنة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،سنة 2009
87
قائمة املراجع
-20مروة هيام ،القانون اإلداري الخاص (المرافق العامة الكبرى وطرق إدارتها – االستمالك – األشغال
العامة – التنظيم المدني) ،الطبعة األولى ،مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،
بيروت . 2003 ،
-21مصطفى أبو زيد ،القانون اإلداري ،دار الفكر العربي ،مصر ،سنة 1993
-22مصلح ممدوح الصرايرة ،القانون اإلداري ،الطبعة األولى ،دار الثقافة ،عمان ،األردن ،سنة
. 2012
-23ناصر لباد ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار المجد للنشر والتوزيع ،الطبعة الرابعة ،سنة 2010
.
-24نادية ضريفي ،تسيير المرفق العام والتحوالت الجديدة ،دار بلقيس ،الدار البيضاء ،الجزائر
-25وليد حيدر جابر ،التفويض في إدارة واستثمار المرافق العامة ،دراسة مقارنة ،منشورات الحلبي
الحقوقية ،الطبعة األولى ،سنة ، 2009بيروت ،لبنان .
-26ناصر لباد ،القانون اإلداري ،النشاط اإلداري ،الجزء الثاني ،الطبعة األولى ،2004 ،ص 444
.
-27نواف كنعان ،القانون اإلداري ،الطبعة األولى ،دار الثقافة ،عمان ،األردن 2006 ،
-28هاني علي الطهراوي ،القانون اإلداري ،الطبعة األولى ،الدار العلمية الدولية ومكتبة الثقافة ،
عمان ،األردن . 2001 ،
-29ياسين حمدي عكاشة ،العقود اإلدارية في الواقع العملي ،منشاة العارف اإلسكندرية ،الطبعة ،
. 1998
ب /باللغة الفرنسية :
1- joel carbajo , droit es services , 3 eme édition , dalloz , paris , 1997.
88
قائمة املراجع
-2بن مبارك راضية ،التعليق على التعليمة 842/03.94المتعلقة بامتياز المرافق العمومية وتأجيرها
،مذكرة ماجستير ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق ،بن عكنون . 2002/2001
-3أكلي نعيمة ،النظام القانوني لعقد اإلمتياز اإلداري في الجزائر ،مذكرة من أجل الحصول على
شهادة الماجستير في القانون فرع :قانون العقود ،جامعة مولود معمري تيزي وزو ،تاريخ المناقشة
. 2013/12/12
-4حصايم سميرة ،عقود البوت B.O.Tإطار إلستقبال القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية ،
مذكرة لنيل درجة الماجيستير في القانون ،فرع قانون التعاون الدولي ،جامعة مولود معمري ،تيزي
وزو .
-5حدوم كمال ،عقد امتياز خدمات النقل البحري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستر في القانون الخاص ،
تخصص القانون البحري والنشاطات المينائية ،جامعة وهران ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،بن
عكنون 2013/2012
-6سماعين نادية ،عقد االمتياز في المرافق العمومية ،مذكـرة التـخرج لنيـل إجـازة المدرسـة العليـا
للقضـاء ،الدفعة السادسة عشر 2005 ،ـ . 2008
رابعا :المجالت
-1عمر بن أبو بكر باخشب ،النظام القانوني لعقود االمتياز ،مجلة القانون واالقتصاد للبحوث
القانونية واالقتصادية عدد ، 64القاهرة . 1994 ،
خامسا :المواقع اإللكترونية
-2مازن ليلو راضي ،الوجيز في القانون اإلداري ،عن الموقع
، http://mentouri.ibda3.org/t10496-topicتم فحص الموقع في ، 2015/06/16
على الساعة . 22:45
89
الفهــرس
........................................................................................أ مقدمة
االمتياز05 ........................................................ الفصل األول :ماهية عقد
المبحث األول :مفهوم عقد االمتياز 06 ........................................................
المطلب األول :تعريف عقد االمتياز06 ........................................................
الفرع األول :التعريف الفقهي لعقد االمتياز06 ................................................
الفرع الثاني :التعريف القانوني لعقد اإلمتياز 09 .............................................
المطلب الثاني :خصائص وأركان عقد االمتياز12 ............................................
الفرع األول :خصائص عقد االمتياز 12 ......................................................
أوال :عقد االمتياز عقد إداري 12 ..............................................................
ثانيا :موضوع عقد االمتياز14 ..................................................................
ثالثا :حصول صاحب االمتياز على إيتاوات أو رسوم من المنتفعين16 .....................
رابعا :عقد االمتياز عقد زمني طويل المدة16 .................................................
الفرع الثاني :أركان عقد االمتياز 17 ..........................................................
أوال :الرضا 17 ..................................................................................
ثانيا :المحل 18 ...................................................................................
ثالثا :السبب 19 ...................................................................................
رابعا :الشكل 19 .................................................................................
المبحث الثانـي :الطبيعـة القانونية لعقد االمتياز وتمييزه عن غيره من العقـود المشابـه له .
20 .................................................................................
21 .......................................... المطلب األول :الطبيعة القانونية لعقد اإلمتياز
الفرع األول :الطبيعة التنظيمية لعقد االمتياز21 ...............................................
90
الفرع الرابع :الطبيعة المختلطة لعقد االمتياز25 ..............................................
أوال :البنود التنظيمية 25........................................................................
ثانيا :البنود التعاقدية 25 ........................................................................
المطلب الثاني :تمييز عقد االمتياز عن غيره من العقود المشابه له26......................
الفرع األول :تمييز عقد االمتياز عن عقد اإليجار26 ........................................
الفرع الثاني :تمييز عقد االمتياز عن عقد البوت 28.................................. BOT
الفرع الثالث :تمييز عقد االمتياز عن عقد مشاطرة اإلستغالل 31 ........................ .
الفرع الرابع :تمييز أسلوب االمتياز عن غيره من أساليب التسيير األخرى33............
أوال :تميز أسلوب االمتياز عن أسلوب اإلستغالل المباشر 33 .............................
ثانيا :تمييز أسلوب االمتياز عن أسلوب المؤسسة العمومية 33... .........................
91
أوال :للمنتفعيـن حقـوق في مواجهـة المتعاقد 67 .........................................
ثانيا :حقـوق المنتفعين في مواجهة اإلدارة 69 ...............................................
المبحث الثاني :نهاية عقد االمتياز وتسوية منازعاته 69 .....................................
المطلب األول :نهاية عقد االمتياز 69 .........................................................
الفرع األول :نهاية عقد االمتياز وفقا للطرق العادية وغير العادية69 .......................
أوال :نهاية عقد االمتياز وفقا للطريقة العادية69 ..............................................
ثانيا :نهاية عقد االمتياز وفقا للطريقة الغير العادية71 ........................................
الفرع الثاني :تصفية عقـد االمتياز 73 ........................................................
المطلب الثاني :تسوية منازعات عقد االمتياز75 ..............................................
الفرع األول اختصاص القضاء اإلداري بمنازعات عقد االمتياز76 ..........................
خضوع عقود االمتياز للقضاء الكامل 76 ............................................. أوال :
ثانيا :مجال قضاء اإللغاء في عقود االمتياز 77 ............................................ :
الفرع الثاني :مجال القضاء العادي في عقود االمتياز79 .....................................
أوال :النزاعات بين الملتزم والمرتفقين79 .....................................................
ثانيا :النزاعات بين الملتزم والعمال80 .........................................................
ثالثا :النزاعات بين الملتزم والغير81 ..........................................................
خاتمة 82 ....................................................................................... :
قائمة المراجع85.....................................................................................
الفهـــــــرس90......................................................................................
92