Professional Documents
Culture Documents
خطوات البحث
• مق ـ ـ ـ ــدمة عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامة
خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاتمة
المراجع
لقد انتهى العصــر الــذي يســتمتع فيــه المــرء براحــة البــال ,فنحن نعيش اآلن في زمن األزمــات ,و
عص ــر الك ــوارث .فعلى المس ــتوى الف ــردي أص ــبح ك ــل واح ــد مّن ا يلهث وراء الم ــادة ,وال رادع
للطموحـات الجامحـة الـتي يمكنهـا أن توردنـا مـوارد التهلكـة .أمـا على مسـتوى المنظمـات أصــبح
أص ــحاب رأس الم ــال والم ــديرون في س ــباق م ــع غ ــيرهم من المنافس ــين ,وك ـّل المنظم ــات تواج ــه
أوضاعا تنافسية حادة فالحكومة تفرض ضرائب وجمارك عالية ,والمستهلكون يطالبون بأسعار
منخفضـ ــة والمـ ــوردون يرفعـ ــون أسـ ــعار خامـ ــاتهم ,والعـ ــاملون يطـ ــالبون بـ ــأجور أعلى وفي هـ ــذه
األوضاع التنافسـية تّع رض الممارسـات السـّيئة اآلخـرين إلى كـوارث وعلى المسـتوى القـومي ال
تخل ــو وس ــائل اإلعالم من األزم ــات االقتص ــادية والسياس ــية واالجتماعي ــة ...وغيره ــا ,أّم ا على
المســتوى العــالمي فقــد أصــبحت الكيانــات الكبــيرة تقهــر األقّليــات وأضــحت الــدول تتصــارع بشـّد ة
فيمـ ــا بينهـ ــا ,وامت ـ ـّد األمـ ــر إلى صـ ــراع بين الحضـ ــارات وحّق ا لقـ ــد أصـ ــبح عصـ ــرنا هـ ــو عصـ ــر
األزمات من أشهرها أزمة الكساد العظيم إّبان فـترة( )1933-1929حيث ارتبطت أسـباب هـذه
األزم ــة ب ــالظروف العالمي ــة الس ــائدة بع ــد ح ع 1وب ــالفكر الكالس ــيكي الس ــائد آن ــذاك م ــا أدى إلى
انهيار البورصة األمريكية وولسـتريت وانهيـار العملـة إضـافة إلى أزمـة(15من سـبتمبر )2008
اّلتي استيقظ فيها العالم من جديد على أوتار أزمة مالية عاتيـة أتت من نفس منبـع الكسـاد الكبـير
فتســارعت خطاهــا و تع ـّد ت إلى كــل أنحــاء العــالم .من كــل مــا تقــدم تــبرز معــالم اإلشــكالية الــتي
يمكن صياغتها كالتالي:
تعريف األزمة:
تعبر األزمة عن موقــف وحالـة يواجههـا متخـذ القـرار في احـد الكيانـات اإلداريـة و تتالحـق فيهـا
األحداث ,تتشابك فيها األسباب مع النتائج ,ويفقد معها متخذ القـرار قدرتــه على الســيطرة عليهــا,
أو على اتجاهاتهــا المســتقبلية(, )1كمــا تعــبر عن تهديــد مباشــر لبقــاء النظــام الــذي يواجــه مصــيره
بالفنـ ـ ــاء أو االنهيـ ـ ــار ذلـ ـ ــك بسـ ـ ــبب الكارثـ ـ ــة الـ ـ ــتي ق ـ ـ ــد تـ ـ ــؤدي إلى انهيـ ـ ــار مقدماتـ ـ ــه و أسـ ـ ــباب
وج ــوده ,فحري ــق ش ــركة بالكام ــل ق ــد ينهي حياته ــا من الوج ــود وانفج ــار مجموع ــة أن ــابيب ش ــركة
ب ــترول يه ــدد بقاءه ــا ,و الح ــرب األهلي ــة في إح ــدى ال ــدول ق ــد تنهي الحكم فيه ــا و تنقل ــه إلى حكم
آخر(, )2مما سبق نستخلص أن األزمة تتمثل في مرحلة حرجة تواجهها المنظمــات فينتج عنهــا
خلــل أو توقــف بعض الوظــائف الحيويــة لهــذه المنظمــات ويصــاحبها تطــور ســريع في األحــداث
ينجم عنــه عــدم اســتقرار في النظــام األساســي لهــا ويــدفع ســلطة اتخــاذ القــرار فيهــا إلى ضــرورة
التدخل السريع لنجدتها وإ عادة التوازن لهذا النظام()3
-أسباب األزمة
-سوء الفهم
وه ــو يش ــير إلى خط ــأ في اس ــتقبال وفهم المعلوم ــات المتاح ــة عن األزم ــة ويرج ــع ذل ــك لألس ــباب
التالية
قلـ ــة المعلومـ ــات وإ شـ ــارات اإلنـ ــذار عن األزمـ ــة ،عـ ــدم القـ ــدرة على جمـ ــع المعلومـ ــات وربطهـ ــا
باألزمة..
-سوء التقدير
ويعني أن المعلومات تعطى لها قيمـة وتقـدير ومعـنى مخـالف للحقيقـة ,ومن أسـباب سـوء التقـدير
ما يلي:
الشـك في قيمـة المعلومـات والثقـة الزائـدة في النفس ،االسـتهانة باألزمـة و المعلومـات المرتبطـة
بها.
حينمــا يتــدهور النظــام اإلداري فعليــك أن تتوق ــع تــوالي الكــوارث واألزمــات ,ومن أســباب ســوء
اإلدارة ما يلي:
عدم وجود نظام للتخطيط و الرقابة ،االستبداد اإلداري والصراعات على المراكز .
حينم ــا تختل ــف وجه ــات النظ ــر أو تختل ــف المص ــالح واأله ــداف ينش ــأ ص ــراع بين األف ــراد أو بين
الم ــديرين أو بين األقس ــام ,األم ــر ال ــذي ق ــد ي ــؤدي إلى ك ــوارث وأزم ــات ,ومن أس ــباب تع ــارض
المصالح واألهداف ما يلي:
-اإلشاعات
وهي عبارة عن استخدام المعلومات الكاذبة والمضللة و إعالنهــا في تــوقيت ومنــاخ معين يــؤدي
إلى األزمة ومن األسباب التي تؤدي إلى اإلشاعات ما يلي:
-اليأس
هو فقدان األمل في حل المشاكل والكوارث ,أو هو اإلحباط وعدم الرغبة لدى متخذ القــرار في
مواجهة المشاكل .ويرجع ذلك لألسباب التالية:
هو تعريض متخذ القرار لضغوط نفسية ومادية و شخصية واســتغالل التصــرفات الخاطئــة الــتي
قــام بهــا إلجبــاره على المزيــد من التصــرفات األكــثر ضــررا,ويصــبح ذلــك مــرة أخــرى مصــدرا
لالبتزاز واإلجبار.ومن أسباب ابتزاز بعض الناس لآلخرين :
تعــارض المصــالح واستســالم البعض لالبــتزاز ،الرغبــة في تــدمير اآلخــرين أو تــدمير المنظمــات
األخرى.
-انعدام الثقة
وهو عدم اإليمان باآلخرين و وتنعــدم الثقـة في بعض النــاس أو ربمــا في نظــام كامــل كــأن تنعــدم
في اإلدارة العليا أو المنظمة .ويرجع سبب عدم الثقة إلى ما يلي:
-األزمات المتعمدة
هو افتعال المشاكل واألزمات للتمويه على أزمات أكــبر.وهــو محاولــة لصــرف النظــر عن أزمــة
حقيقة بافتعال أزمات جانبية أو وهمية.ويرجع ذلك إلى ما يلي:
محاولــة التمويــه والتغطيــة على األزمــات الحقيقــة ،محاولــة كســب أرضــية بصــورة غــير أخالقيــة
على حساب الغير.
-سوء اإلدراك
يعــد اإلدراك أحــد مراحــل الســلوك الرئيســية فاســتعماله بشــكل غــير ســليم يــؤدي إلى عــدم ســالمة
االتج ــاه ال ــذي اتخ ــذه القائ ــد اإلداري و انفص ــام العالق ــة بين األداء الحقيقي للكي ــان اإلداري وبين
القرارات التي يتخذها هذا القائد ومن هنا إذا تراكمت نتائج التصرفات السابقة بشكل معين فانــه
يوجد ضغطا مولدا لألزمة.
-أنواع األزمات
إن مفهوم األزمة و طريقة التعامل معهـا يعتمـد على درجـة معرفتنـا بنـوع و طبيعـة هـذه األزمـة
وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين أنواع مختلفة لالزمات كاألتي:
هي أزم ـ ــات ذات ط ـ ــابع اقتص ـ ــادي وم ـ ــادي و كمي ويمكن دراس ـ ــتها و التعام ـ ــل معه ـ ــا مادي ـ ــا و
بأدوات تتناسب مع طبيعة األزمة ،مثال:
وهي أزمات ذات طابع نفسي وشخصي وغير ملموس وال يمكن اإلمسـاك بأبعادهـا بسـهولة وال
يمكن رؤية أو سماع األزمة بل يمكن الشعور بها ،مثال:
أزمة الثقة-.
وهي األزمــات خفيفــة التــأثر و يســهل معالجتهــا بشــكل فــوري و ســريع ومن أمثــال هــذه األزمــات
البسيطة:
عمل تخريبي في بعض أجزاء الشركة ،إضراب عمال احد األقسام ،عطل في خط إنتاج .
وهي األزمات التي تتسم بالشدة و العنف و قهر الكيان اإلداري للمنظمة و تقــوض أركانــه ومن
أمثلة هذه األزمات الحادة:
حريق مخازن بها سلع جاهزة ،مظاهرات في كافة مدن الدولة ،اعتماد من دولة خارجية .
وهي أزمـ ــات تطـ ــول جـ ــزءا من كيـ ــان المنظمـ ــة أو النظـ ــام وليس كلـ ــه ويكـ ــون الخـ ــوف من أن
استمرار األزمة قد يتعدى إلى باقي أجزاء النظام ,مثال:
اعتصـ ــام لبعض العـ ــاملين في احـ ــد األقسـ ــام ،انخفـ ــاض الـ ــروح المعنويـ ــة في إحـ ــدى اإلدارات،
ظهور وباء في احد المدن الصغيرة.
وهي أزمــات لهــا تــأثير على كافــة أجــزاء النظــام (ســواء كــان شــركة أو منظمــة أو دولــة )و يــؤثر
كذلك على أشخاصه و منتجاته ،مثال:
حريـــق يـــأتي على الشـــركة بأكملهـــا ،تـــدهور حـــاد في إنتاجي ــة المص ــنع ،إض ــراب ع ــام لكافـــة
الموظفين و العاملين بالشركة.
وهي أزمات فجائية غير دورية وغير متكررة ويصعب التنبـؤ بوقوعهـا و عـادة مـا يكـون هنـاك
أسباب خارجية عن اإلدارة هي التي تؤدي إليها ،مثال:
أمطــار عنيفــة أو جفــاف يــؤدي إلى خســائر ،ســيول تــؤدي إلى هــدم المنشــات ،حــر شــديد يــؤدي
إلى حرائق ..
وهي أزمات تتسم بالدورية و التكرار و أنها تحدث في مواسم أو دورات اقتصادية يمكن التنبؤ
به ـ ــا و بالدراس ـ ــة و البحث يمكن تحدي ـ ــد م ـ ــتى س ـ ــتقع األزم ـ ــة و درج ـ ــة ح ـ ــدتها و بالت ـ ــالي يمكن
السيطرة عليها و يتم حـدوث هـذه األزمـات المتكـررة بسـبب وجـود ظـواهر المواسـم الزراعيـة و
المواسم الطبيعية كالصيف و الشتاء و المواسم االقتصادية كالرواج و الكسـاد و كلهـا تـؤدي إلى
األزمات التالية على سبيل المثال :
أزمــة عــدم تــوافر القــوى العاملــة في مواســم الحصــاد ،عــدم االحتيــاج للعــاملين في شــهور معينــة
دوريا ،أزمات الصقيع التي تهدد المزروعات.
كل أزمة دورة حياة تشبه دورة حياة اإلنسان .وأساليب التعامل مـع األزمـة يعتمـد على معرفتـك
بالمراحل التي تمر بها األزمة .و مراحل دورة الحياة األزمة تتجلى في ما يلي :
* مرحلة النشأة.
* مرحلة النمو.
يشعر المسئولين بإحساس مبهم بـأن ثمـة مشـكلة في الطريـق .وان اسـتطاع المـدير أن يتعـرف و
لو جزئيا على العوامـل األساسـية فيهـا اسـتطاع أن يقـوم بتنفيس األزمـة .أي تحويـل مسـارها من
خالل خلق اهتمامات جديدة أو امتصاص المحركين لها.
-مرحلة النمو
حينما يتم تغذية األزمة بمحركات و أسباب و أشخاص إضافية تبدأ في الكــبر و النمــو وفي هــذه
المرحلة يجب على المسئولين اسـتقطاب محركـات و عوامـل النمـو أو تحييـدها أو خلـق تعـارض
في المصالح بين األشخاص المحركين لها.
-مرحلة النضج
هن ــا تص ــبح األزم ــة في قمته ــا و تب ــدأ في إف ــراز خس ــائر فادح ــة للمنظم ــة وت ــدمر من حوله ــا من
مديرين أو أشخاص أو موجودات .وتصبح السيطرة على األزمة صــعبة مــا لم يقم متخــذ القــرار
بمواجهة جذرية مع مسببات األزمة و محركيهــا أو البحث عن كبش فــداء يتحمــل وزر الخســائر
و تنتهي عنده األزمة.
-مرحلة االنحسار
هنا تبدأ األزمة في األفول و االنتهاء و ذلك بسبب الصدام أو المواجهة معها فـإذا فقـدت األزمـة
أســبابها و أشخاص ــها بــدأت في االنحســار .وعلى المســئولين عــدم التفــاؤل فربمــا يلم األشــخاص
المسببون األزمـة شـتاتهم أو تبـدأ األزمـة في النهـوض مـرة أخـرى .وعلى المنظمـة أن تعيـد بنـاء
نفسها وأن تتعلم من أخطائها.
يشير ذلـك إلى الخسـائر الناجمـة عن وقـوع األزمـة و األضـرار الـتي تصـيب المنظمـة من جـراء
حدوت الخسائر ومن أمثلة نتائج و أضرار األزمات نذكر ما يلي:
وفيات ،تشريد أشخاص ،انهيار في البنية األساسية ،توقف المصانع واإلنتاج والمبيعات-
تدهور في األرباح وتحقيق خسائر ،إفالس وانهيار السمعة ،انهيار في الروح المعنوية..
هنــاك جــانب إيجــابي لألزمــة و ذلــك بالنســبة لمنــافس مــا بغيــة ربح مشــروع أو صــفقة ،ألن خلــق
أزمــة لمنافســه تــتيح لــه الفرصــة للــدخول في الســوق بقــوة دون عراقيــل أو الــربح بســهولة و ذلــك
بعــد وضــع خطــة محكمــة من خالل معرفــة نقــاط ضــعف المنــافس ،فالســوق أحيانــا يطبــق قــانون
الغابة و هو" :القوي يأكل الضعيف".
كما أن بعد حدوث أي أزمة يستفيد منها العالم من خالل النقاط التالية:
-انخفــاض أســعار الســلع في الســوق ،انخفــاض تكــاليف مــواد اإلنتــاج ،صــعود بعض دول العــالم
الثــالث (و الــتي ال تتضــرر كثــيرا باألزمــات العالميــة النعزالهــا )....ببضــعة درجــات على ســلم
التقدم....،الخ
-بعض المنظمات المستهدفة من طرف األزمات
-المدارس و الجامعات -شركات األسمدة الكيماوية -المنظمات التي بها تجمــع عمــالي كبــير
-األم ــاكن الس ــياحية و م ــدن المالهي -ش ــركات الكم ــبيوتر -البن ــوك -الفن ــادق -المؤسس ــات
الغذائية...
-أزمة 1929
ب ــدأت األزم ــة االقتص ــادية في ع ــام (1929ال ــتي ت ــذكر به ــا االض ــطرابات المالي ــة ال ــتي تش ــهدها
األسواق حاليا) ،بانهيار في البورصة ال سابق له في الواليات المتحدة أدت إلى عمليــات إفالس
وبطالة معممة عبر الدول الصناعية.
وانطلقت األزمة يوم الخميس في 24تشرين األول/أكتوبر 1929في بورصة نيويــورك بعــدما
طرح 13مليون سهم في السوق لكن األسعار انهارت بسبب غياب مشترين.
وانتشـ ــر الـ ــذعر وهـ ــرع المسـ ــتثمرون والفضـ ــوليون إلى البورصـ ــة في حين بـ ــدأ الوسـ ــطاء الـ ــبيع
بكثافة .وقرابة ظهر ذلك اليوم خسر مؤشر داوو جونز %22.6من قيمته .وبعد ســاعات قليلــة
وجد آالف المساهمين أنفسهم مفلسين .وتفيد الروايــات أن 11مضــاربا انتحــروا في نهايــة النهــار
بإلقاء أنفسهم من ناطحات سحاب في مانهاتن.
وق ــد تبخ ــر م ــا مجموع ــه س ــبعة إلى تس ــعة ملي ــارات دوالر في ي ــوم واح ــد .وانه ــارت البورص ــة
خاسرة %30من
14
قيمتهــا في تشــرين األول أكتــوبر و %50في تشــرين الثــاني نوفمــبر .وبلغت الخســائر اإلجماليــة
30ملي ــار دوالر أي عش ــرة م ــرات أك ــثر من الميزاني ــة الفدرالي ــة وأك ــثر من النفق ــات األمريكي ــة
خالل الحرب العالمية األولى.
وبقي "الخميس األسود" راسـخا في الـذاكرة الجماعيـة ويحضــر هـاجس العـام 1929إلى النفـوس
كلما حصلت اضطرابات في األسواق المالية.
وكـ ــانت هـ ــذه النكسـ ــة الماليـ ــة الكبـ ــيرة مقدمـ ــة لالزمـ ــة الكـ ــبرى الـ ــتي ضـ ــربت الواليـ ــات المتحـ ــدة
وأوروبا .واتى ذلك رغم أن الواليات المتحدة كانت تتمتع منـذ مطلـع عشـرينات القـرن الماضـي
بازدهار اقتصادي مدعوم بارتفاع في أرباح الشركات وفي أسعار أسهمها .وكان نحو %2من
الش ــعب األم ــريكي يمل ــك أس ــهما وس ــندات في البورص ــة اقتناع ــا منهم بإمكاني ــة تحقي ــق مكاس ــب
سريعة.
وبلغت بورصـ ـ ـ ــة وول سـ ـ ـ ــتريت أعلى مسـ ـ ـ ــتوى لهـ ـ ـ ــا في الثـ ـ ـ ــالث من أيلـ ـ ـ ــول سـ ـ ـ ــبتمبر 1929
والمضــاربون الــذين لم تكن تتــوافر لهم الوســائل كــانوا يجــرون تعــامالتهم معتمــدين على قــروض
أو من خالل إيداع سندات أخرى تشكل ضمانات.
ولم يكن احــد يــدرك أن أســعار األســهم في البورصــة كــانت تفــوق قيمتهــا الفعليــة ممــا جعــل وول
ستريت تفقد أي اتصال مع الواقع االقتصادي.
و"الخميس األســود" الــذي شــكل نهايــة لمرحلــة المضــاربة هــذه انعكس على كــل األســواق الماليــة
العالمية بدءا بلندن.
وفي ربي ــع الع ــام 1930دخلت الوالي ــات المتح ــدة مرحل ــة انكم ــاش م ــا أدى إلى تراج ــع اإلنت ــاج
وإ لى عمليات إفالس وكانت تداعياتها األخطر بطالة واسعة.
وتح ــول ح ــادث في البورص ــة س ــريعا إلى أزم ــة عالمي ــة ح ــادة للغاي ــة هي األخط ــر ال ــتي ش ــهدها
النظـ ــام الرأسـ ــمالي .وبسـ ــبب ثقـــل االقتصـ ــاد األمـ ــريكي ( %45من اإلنتـ ــاج الصـ ــناعي العـ ــالمي)
انتقلت عــدوى األزمــة االقتصــادية الكــبرى في الثالثينــات إلى الــدول الغربيــة .وبــدأ االنتعــاش في
الوالي ــات المتح ــدة الع ــام 1933م ــع سياس ــة "العه ــد الجدي ــد" (ني ــو دي ــل) ال ــتي وض ــعها ف ــرانكلين
روزفلت .وفي ألماني ـ ــا تس ـ ــببت األزم ـ ــة االقتص ـ ــادية واالجتماعي ـ ــة في انهي ـ ــار جمهوري ـ ــة فيم ـ ــار
واس ــتغلها الن ــازيون للوص ــول إلى الس ــلطة وعم ــدوا إلى تنش ــيط االقتص ــاد ع ــبر مش ــاريع ض ــخمة
وإ عادة تسليح عسكرية كثيفة.
اعتــاد العــالم الرأســمالي منــذ القــرن 19م على مواجهــة أزمــات دوريــة ،لكن أزمــة 1929كــانت
أكثرها حدة.
فتحت الح ــرب العالمي ــة األولى المج ــال أم ــام الص ــناعة األمريكي ــة لغ ــزو األس ــواق العالمي ــة بع ــد
تراجــع القــوة االقتصــادية ألوربــا ،فعــرف اقتصــادها فــترة من االزدهــار والرخــاء بفعــل اســتفادتها
من فعالي ــة التنظيم الص ــناعي وارتفــاع مردودي ــة الفالح ــة وك ــثرة االس ــتهالك بفع ــل تط ــور ال ــدخل
الف ــردي .لكن دخ ــل االقتص ــاد األم ــريكي س ــنة 1929في أزم ــة دوري ــة بفع ــل معانات ــه من نق ــط
ضعف عديدة كعدم مسايرة االستهالك لضخامة اإلنتـاج ،وانتشـار المضـاربات بالبورصـة ،حـتى
أصبحت أسعار األسهم ال تساير الزيادة الحقيقة في أرباح الشركات.
انطلقــت األزمـة االقتصـادية من بورصـة وول سـتريت بمدينـة نيويـورك يـوم 24أكتـوبر 1929
بعــد طــرح 19مليــون ســهم للــبيع دفعــة واحــدة فأصــبح العــرض أكــثر من الطلب فانهــارت قيمــة
األســهم ،فعجــز الرأســماليون عن تســديد ديــونهم فأفلســت البنــوك وأغلقت عـدة مؤسســات صــناعية
أبوابهـا ،كمـا عجـز الفالحـون عن تسـديد قروضــهم فاضــطروا للهجـرة نحـو المـدن.و لهـذا سـميت
هذه األزمة ب":أزمة الكساد األعظم"
ـ انتشار األزمة
اضــطرت الواليــات المتحــدة األمريكيــة إلى ســحب رؤوس أموالهــا المســتثمرة بالخــارج وأوقفت
إعاناتها لبعض
الدول ،فامتدت األزمة إلى البلـدان الصــناعية األوربيـة ،وبفعـل ارتباطهـا باالقتصــاد األوربي فقـد
امتدت األزمة لبلدان المستعمرات كما مست باقي دول العــالم بفعــل نهج سياســة الحمائيــة لحمايــة
االقتصاد الوطني.
لم يفلت من األزمـ ــة سـ ــوى االتحـ ــاد السـ ــوفيتي النعزالـ ــه عن العـ ــالم الرأسـ ــمالي بإتباعـ ــه نظامـ ــا
اشتراكيا.ذ†ذ†– تعددت نتائج األزمة واختلفت طرق معالجتها:
-1نتائج األزمة
تضررت المؤسسات البنكية وانهار اإلنتاج الفالحي والصناعي بفعل انخفاض األسعار وتراجــع
االستهالك
فت ــأزمت المب ــادالت العالمي ــة ،كم ــا انتش ــر الب ــؤس وتزاي ــدت أع ــداد الع ــاطلين وتك ــاثرت الهج ــرة
القروية.
أحيت األزم ــة الص ــراعات االس ــتعمارية ،كم ــا أدت إلى وص ــول أنظم ــة ديكتاتوري ــة لحكم بعض
الدول كالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا.
ـ مواجهة األزمة2
تم التخفيض من قيمة العملة لتشجيع الصادرات ،وتم تقليص ســاعات العمــل مــع تجميــد األســعار
والرفع من الضرائب وتطبيق سياسة االكتفاء الذاتي وتشجيع استهالك المنتجات الوطنية.
نهجت بعض ال ــدول أس ــلوب التوجي ــه عن طري ــق سياس ــتها الجبائي ــة وبتحدي ــد نس ــب الفائ ــدة ،كم ــا
اعتمدت أخرى على مستعمراتها وعلى الصناعات العسكرية والمشاريع العمومية الكبرى.
تبنى الرئيس األمريكي روزفلت «الخطة الجديدة» سنة 1933لمواجهة األزمة ،حيث تم تنظيم
البنـوك ومراقبـة المؤسسـات الماليـة ودعم الفالحين مـع إصــالح الصــناعة بـالتخفيف من المنافسـة
وتحديـ ــد الحـ ــد األدنى لألجـ ــور ،وفي الميـ ــدان االجتمـ ــاعي تم فتح ورشـ ــات كـ ــبرى للتخفيـ ــف من
البطالة مع تحسين األجور.
-خاتمـة
وضــعت األزمــة االقتصــادية حــدا الزدهــار االقتصــاد الرأســمالي الليــبرالي الســائد منــذ القــرن 19
وأحيت الصراعات الدولية ممهدة لحرب عالمية ثانية.
و هك ـ ــذا يمكن الق ـ ــول أن الص ـ ــورة ق ـ ــد اكتملت عن األزم ـ ــة االقتص ـ ــادية ال ـ ــتي يش ـ ــهدها الع ـ ــالم
االقتص ــادي من ــذ الق ــدم فاألزم ــة ول ــدت م ــع اإلنس ــان وال طالم ــا عاش ــت مع ــه إال أن ــه ال يعلم أنه ــا
تسمى باألزمة و أنها ستصبح مشكلة العصر في يوم من األيام.
.
قائمة المراجع
-2كت ــاب :األزم ــة المالي ــةو إص ــالح النظ ــام الم ــالي الع ــالمي – لل ــدكتور :إب ــراهيم عب ــد العزي ــز
النجار
-4كتـ ــاب :األزمـ ــات الماليـ ــة في األسـ ــواق الناشـ ــئة – ألحمـ ــد يوسـ ــف الشـ ــحات – دار النهضـ ــة
العربية ،القاهرة – .2005
-5كتــاب :عــدي األزمــات الماليــة ،العولمــة الماليــة و إمكانــات التحكم – لعبــد الحكيم مصــطفى
الشرقاوي -مطبعة التركي ،طنطا – .2002