You are on page 1of 7

‫كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‬

‫في مقياس‬ ‫محاضرات‬


‫في مقياس‬

‫مدخل إلى إدارة األعمال‬

‫دروس موجهة لطلبة السنة األولى ليسانس‪ -‬جذع مشترك‪-‬‬

‫منسق المقياس ‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬علي خالفي‬


‫إعداد‪ :‬الفرقة البيداغوجية لمقياس مدخل إلى إدارة األعمال‬

‫السنة الجامعية‪2021/2020 :‬‬


‫السنة األولى ليسانس‪ -‬جذع مشترك‬ ‫محاضرات في مقياس مدخل إلى إدارة األعمال‬
‫الجزء الثاني‪ :‬تطور الفكر اإلداري (مدارس الفكر التنظيمي)‬
‫المحور الرابع‪ :‬المدارس الحديثة‬
‫تميزت التنظيمات والمنشآت الصناعية بنوع من التطور واالنفتاح على البيئة‪ ،‬وكان ذلك أم ار حتميا للتماشي مع التطورات التكنولوجية‬
‫الحاصلة في الفترة الحديثة بداية من ستينيات القرن العشرين ‪ ،‬وتالفي االنتقادات والعيوب التي وجهت للتنظيمات التي طبقت فيها مبادئ‬
‫وأفكار الكالسيك والسلوكيين‪ ،‬التي ورغم ما جاءت به من نظريات ومبادئ وأسس إلدارة األعمال؛ إال أنها بقيت منعزلة عن محيطها‪ ،‬وقد‬
‫نتج عن ذلك مجموعة من المداخل الحديثة في علم اإلدارة تسمح باالنفتاح على البيئة واالستفادة منها والتكيف معها‪ ،‬ومواجهة متطلبات‬
‫التغيير‪ .‬ونذكر أهم نظريات الفكر الحديث في اإلدارة وروادها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النظرية الكمية (علم اإلدارة)‬
‫‪ .1‬التعريف بالنظرية‬
‫تسمى أيضا المدرسة الرياضية أو بحوث العمليات‪ ،‬من أهم روادها "مرغن سترن" (‪ ،)1977-1902( )Oskar Morgen - Stern‬وهو‬
‫عالم اقتصادي ألماني‪ ،‬اهتم بالدراسات الرياضية‪ ،‬مكتشف نظرية األلعاب وتطبيقها في االقتصاد‪ .‬وتنطوي نظريته على فكرة مؤداها أن‬
‫اإلدارة والتنظيم واتخاذ الق اررات هي عملية منطقية يمكن التعبير عنها من خالل الرموز والعالقات الرياضية باستخدام أسلوب النماذج في‬
‫تحليل وحل المشكالت اإلدارية‪ ،‬كبحوث العمليات والبرمجة الخطية وغيرها؛ أي االلتزام بالمنهج العلمي وانتشرت أفكارها في أربعينيات القرن‬
‫الماضي‪.‬‬
‫وفي مجال اتخاذ القرار‪ ،‬فإن التحليل الكمي يعتبر طريقة عملية التخاذ الق اررات‪ ،‬يتم من خاللها تحديد المشكلة وتحليلها ثم حلها بشكل‬
‫منطقي علمي‪ ،‬وبأسلوب عقالني منظم مبني على معلومات وحقائق ومعطيات‪.‬‬
‫يعتمد التحليل الكمي على مجموعة من الخطوات‪ ،‬تتمثل في التعريف بالمشكلة المراد إيجاد حل لها‪ ،‬ثم بناء النموذج الذي يمثل الهدف‬
‫المادي أو الحالة المعنية‪ ،‬وبعدها إعداد البيانات اإلحصائية الالزمة إليجاد الحلول للنموذج‪ ،‬القيام بحل النموذج واختيار الحل المناسب‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تحليل النتائج وتطبيقها‪.‬‬
‫كما أسهم التحليل الكمي في إدخال األتوماتية في عملية اتخاذ الق اررات وحل المشكالت‪ ،‬عن طريق وضع معادالت ونماذج لحل المشكالت‪،‬‬
‫واذا ما كانت هناك مشكلة مماثلة فإنه تستخدم تلك المعادالت والنماذج الرياضية عن طريق برمجتها وادخالها في الحاسب اإللكتروني‪ ،‬الذي‬
‫يقوم عن د إدخال المعلومات الالزمة المتعلقة بالمشكلة باتخاذ القرار المناسب‪.‬‬
‫‪ .2‬تقييم النظرية‬
‫إن أهم ما قدمته هذه النظرية لإلدارة‪ ،‬الوصول إلى حل المشكالت اإلدارية بأسلوب كمي‪ ،‬وتبسيط المشكالت المعقدة رياضيا‪ ،‬وحلها بطريقة‬
‫علمية‪ ،‬وتساعد هذه الطريقة على تحديد األهداف بدقة وقياس األداء‪ ،‬ومن المجاالت التي استفادت من استخدامها في المنشأة نجد طرق‬
‫تسيير المخزونات‪.‬‬
‫مما جعلها تفتقد إلى النظرة‬
‫أما عن عيوبها؛ فإن التحليل الكمي للمشكالت اإلدارية أهمل العوامل السلوكية والتنظيمية المتعلقة بالمشكلة ّ‬
‫الشمولية‪ ،‬وبالتالي ال يمكن االعت ماد عليها في دراسة السلوك اإلنساني والعالقات الجماعية في المنشأة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النظرية القرارية‬
‫‪ .1‬التعريف بالنظرية‬
‫يعتبر "هيربرت سايمون" )‪ (H. Simon‬اقتصادي أمريكي (‪ ،)2001-1916‬صاحب جائزة نوبل لالقتصاد سنة ‪ ،1978‬تركزت أعماله‬
‫على ميكانزمات اتخاذ القرار‪ ،‬اهتم بالعديد من العلوم أهمها‪:‬علم االقتصاد‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬والمعلوماتية من ناحية الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬يعد من أوائل الباحثين الذين ركزوا في دراساتهم اإلدارية على عملية اتخاذ الق اررات‪ ،‬منتقدا أفكار وآراء الكالسيكيين‪ ،‬وهو من‬
‫أنصار السلوكيين كذلك‪ ،‬إال أن نظريته تميزت بالحداثة العترافها بدور البيئة في التأثير على المنظمة واتخاذ الق اررات بها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫السنة األولى ليسانس‪ -‬جذع مشترك‬ ‫محاضرات في مقياس مدخل إلى إدارة األعمال‬
‫اقترح "سايمون" في بحوثه استبدال نموذج "الرجل االقتصادي" لدى الكالسيك الذي يسعى للحصول على الحد األقصى من المنافع عند اتخاذه‬
‫للقرار‪ ،‬بنموذج "الرجل اإلداري" الذي يهدف إلى الرضا والقبول بأقل من الحد األقصى من الحلول عند اتخاذه القرار‪ ،‬أي التوصل إلى حلول‬
‫مرضية للمشكالت التي تواجهه‪ .‬وقد درس "سايمون" بالتحليل صفة الرشد في الق اررات‪ ،‬فأوضح أن القرار اإلداري ال يكون رشيدا بصفة‬
‫مطلقة‪ ،‬ألنه ال يمكن أن تتوافر لدى متخذ القرار كل م قومات الرشد التي تتطلب معرفته بكل الحلول الممكنة‪ ،‬فعليه االكتفاء بالحلول المرضية‬
‫أو "المثالية النسبية" بدل الحل األمثل‪ .‬أي أن "سايمون" ينادي بالرشادة المحدودة للق اررات‪.‬‬
‫‪ .2‬تقييم النظرية‬
‫يمكن اعتبار" سايمون" رائد النظرية الق اررية‪ ،‬التي قدمت إضافات كبيرة لعملية اتخاذ القرار في المنظمات‪ ،‬دون إنكار إسهامات من سبقوه‬
‫في اتخاذ القرار‪ .‬إضافة إلى "سايمون" الذي فتح الطريق لباحثين آخرين للحديث عن القرار في المنظمة من وجهات نظر مختلفة‪ ،‬إال أن‬
‫أهم ما ميز هذه األفكار انتقادها للنهج الكالسيكي فيما يخص عملية اتخا ذ القرار‪ ،‬واعتبارها أن متخذ القرار ال يمكنه أن يتمتع بالرشد‬
‫المطلق‪ ،‬بل هناك عوامل محيطة تؤثر في هذا الرشد‪ ،‬من أهمها‪ :‬البيئة المحيطة‪ ،‬والمعلومات المتحصل عليها‪ ،‬واللتان تجعالن هذا الرشد‬
‫محدودا‪ ،‬مما ينتج عنه ق اررات مرضية وليست مثالية بالمطلق‪ .‬وبذلك فإنه أخذ ب عين االعتبار الظروف التي تحيط بالمدير والتي على إثرها‬
‫ينتهج السلوك المناسب حسبها‪.‬‬
‫إال أن ما يعاب على نظريته أنه ال يمكن اعتبارها نظرية شاملة في اإلدارة رغم أن الق اررات تعتبر لب العمل اإلداري وأساسه‪ ،‬ويعود ذلك‬
‫لتركيزه الكبير على الق اررات واهماله وظائف المدير األخرى‪ ،‬كذلك فإن نظرة "سايمون" للمدير متخذ القرار اإلنسانية التي تأخذ بعين االعتبار‬
‫السلوك الذ ي ينتهجه في اتخاذه للق اررات آخذا بعين االعتبار الظروف المحيطة‪ ،‬تجعل منه ال يبذل جهدا في البحث عن القرار األكثر كفاءة‬
‫وانما يكتفي بالق اررات التي ترضيه (القرار المرضي) فقط‪ ،‬مما يضفي على القرار الطابع الذاتي لتدخل الجوانب النفسية للمدير في اتخاذه‪،‬‬
‫ويجعله بذلك يبتعد عن الرشد والموضوعية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النظرية النظامية‬
‫‪ .1‬التعريف بالنظرية‬
‫يعتبر"لدوين فون برتلونفي "(‪ ) L. V. Bertalanffy‬من أ هم رواد النظرية النظامية‪ ،‬وتقوم هذه النظرية في اإلدارة على ربط المنشأة بكل‬
‫عرف "برتلونفي" النظام على أنه مجموعة العناصر المتفاعلة فيما بينها والموجهة نحو تحقيق هدف معين‪،‬‬
‫من البيئة الداخلية والخارجية‪ ،‬وقد ّ‬
‫عرفه أيضا بأنه مجموعة من األجزاء التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحقيق أهداف معينة وبطريقة تكون كال متكامال‪.‬‬ ‫كما ّ‬
‫ومن ثم فإن المنشأة عبارة عن نظام مكون من عدة أنظمة فرعية مترابطة فيما بينها وفي تفاعل ديناميكي‪ ،‬وتعمل هذه األنظمة الفرعية داخل‬
‫نظام مفتوح على البيئة يتفاعل معها باستمرار بهدف استغالل مواردها كمدخالت‪ ،‬ثم القيام بعمليات تحويلية لهذه المدخالت داخل األنظمة‬
‫الفرعية للمنشأة للحصول على مخرجات تطرح في البيئة من جديد‪ ،‬وتعاد هذه العملية بشكل مستمر عن طريق ما يسمى بالتغذية العكسية‪.‬‬
‫إن النظرة النظامية للمنشأة باعتبارها نظاما مفتوحا مشكال من عدة أنظمة فرعية تناقض في تحليلها النظرة الكالسيكية وحتى السلوكية‪ ،‬اللتان‬
‫اعتبرتا المنشأة نظاما مغلقا‪ ،‬وخاصة الكالسيك الذين انطلقوا من فكرة الرشادة المطلقة والعقالنية‪ ،‬ومن ثم إهمال العوامل الخارجية وعدم‬
‫التأكد من عالقة المحيط بالمنشأة‪.‬‬
‫إن النظريات التي سبقت النظرية النظامية ركزت اهتمامها على جانب معين من جوانب التنظيم‪ ،‬وقد ساعد ظهور أفكار النظاميين على‬
‫تحقيق التكامل بين األفكار السابقة والنظر إلى المنشأة كنظام اقتصادي واجتماعي ونفسي‪ ،‬يتكون من أنظمة فرعية تتفاعل فيما بينها ومع‬
‫البيئة الخارجية‪ .‬متمثلة في‪:‬‬
‫‪ ‬نظام العقائد والقيم؛ وهو مجموعة القيم والعقائد التي يحملها أعضاء المنشأة وخاصة المدير لما نكون بصدد اتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫‪ ‬نظام يتعلق بالهيكل التنظيمي الرسمي للمؤسسة؛ وهو مجموعة المهام والوظائف وعالقات السلطة والصالحيات والسياسات واإلجراءات‬
‫واالتصال‪.‬‬
‫‪ ‬النظام اإلنساني؛ ويتكون من القوى البشرية في المنشأة‪.‬‬
‫‪ ‬نظام العمل؛ ويتكون من التخطيط والقيادة واتخاذ الق اررات والرقابة على األعمال‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫السنة األولى ليسانس‪ -‬جذع مشترك‬ ‫محاضرات في مقياس مدخل إلى إدارة األعمال‬
‫‪ .2‬تقييم النظرية‬
‫قدمت نظرية النظم نظرة حديثة وجديدة للمنشأة تختلف عن النظرة القاصرة التي ميزت أفكار الكالسيك والسلوكيين؛ من خالل اعتبارها‬
‫المنشأة نظاما متكامال يتكون من أنظمة فرعية تمثل أجزاء للمنظمة‪ ،‬وتتداخل هذه األجزاء وتتشابك عالقاتها فيما بينها لتشكل كال متكامال‪،‬‬
‫وبذلك فإن ميزة نظرية النظم أنها نظرت إلى المنشأة بنظرة شمولية ولم تقتصر على أجزاء منها‪ ،‬مثل الكالسيك الذين اعتبروا المنظمة وحدة‬
‫اقتصادية فركزوا بذلك على النواحي المادية فيها‪ ،‬أو أنصار العالقات اإلنسانية والسلوكيون الذين ركزوا على العامل اإلنساني فاعتبروا‬
‫المنظمة وحدة اجتماعية‪ .‬إضافة إلى ذلك فإن نظرية النظم لم تعزل المنشأة عن محيطها وبيئتها الخارجية واعتبرتها نظاما مفتوحا على بيئته‪،‬‬
‫وهذا عكس المدارس والنظريات السابقة التي درست المنشأة كنظام مغلق ال يتأثر بالمحيط الخارجي‪.‬‬
‫مقابل هذه الميزات التي جاءت بها نظرية النظم يعاب عليها أنها باعتبارها المنظمة نظاما متكامال يتشكل من مجموعة أنظمة فرعية تتفاعل‬
‫وتترابط فيما بينها‪ ،‬بحيث يؤدي أي خلل في عملية التفاعل بين األنظمة الفرعية‪ ،‬أو نقص في أحد هذه األنظمة إلى التأثير سلبيا في النظام‬
‫ككل‪ .‬كما أن التركيز على فكرة النظام للمنشأة يؤدي إلى فقد روح العالقات اإلنسانية واأللفة داخل النظام‪ ،‬والذي قد يؤدي بدوره إلى ضعف‬
‫الكفاءة اإلنتاجية للعاملين‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النظرية الموقفية ( الظرفية)‬
‫‪ .1‬التعريف بالنظرية‬
‫يعتبر "إدوارد فيدلر" (‪ )F. E. Fiedler‬من أهم رواد هذه النظرية‪ ،‬وهي حديثة نسبيا مقارنة بالنظريات السابقة؛ حيث أنها حاولت إيجاد‬
‫تكامل بين نظريات الفكر اإلداري السابقة لها‪ ،‬فهي ترتكز على الموقف في تحليلها للعملية اإلدارية في المنشأة‪.‬‬
‫وحسبها فإن الموقف هو المحدد للسلوك أو التصرف اإلداري‪ ،‬أي تدخل العوامل البيئية في تحديد أسلوب التسيير؛ فالطرق والتصرفات‬
‫التسييرية التي تصلح في موقف معين قد ال تكون فعالة في موقف آخر‪ ،‬وعليه فإن النظرية الموقفية تنادي بضرورة االرتباط القوي بين‬
‫التصرفات التسييرية في المؤسسة وبين الخصائص المتعلقة بالموقف‪ ،‬ويمكن توضيح ذلك من خالل الشكل رقم (‪ )2‬كاآلتي‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ :)2‬العوامل الموقفية المحددة لنمط التنظيم وسلوك المدير‬

‫عوامل تختص بشخصية‬


‫وظروف المدير‬

‫عوامل تتعلق‬ ‫العوامل الموقفية‬ ‫عوامل تتعلق‬


‫بطبيعة العمل‬ ‫بالبيئة االجتماعية‬
‫المحيطة‬
‫عوامل تختص بظروف‬
‫وشخصيات العاملين‬

‫فهناك عالقة بين الق اررات والتصرفات التسييرية والبيئة وخصائص الموقف الذي تتخذ فيه هذه الق اررات‪ ،‬ومهمة المدير هنا تتمثل في تحديد‬
‫األساليب األكثر قدرة على تحقيق أهداف المنظمة في موقف معين‪ ،‬وفي ظروف بيئية وزمنية معينة‪.‬‬
‫وللتوضيح أكثر فإن موقف حاجة العاملين للتشجيع والتحفيز بهدف زيادة اإلنتاجية‪ ،‬الكالسيكيون يعتمدون فيه على نظام الحوافز المادية‬
‫بالرفع من األجور والمكافآت‪ ،‬بينما يتخذ السلوكيون أسلوبا دافعيا باالهتمام بتحقيق حاجات العاملين النفسية واالجتماعية وتقديرهم أكثر‬
‫ومنحهم فرص المبادرة‪ ،‬ويتوقف تطبيق أحد األسلوبين على عدة عوامل موقفية‪ ،‬فعلى سبيل المثال ال الحصر نأخذ عامل طبيعة ومستوى‬
‫العاملين؛ فإذا كانوا ال يتمتعون بالكفاءة والخبرة الالزمة في العمل وغير مدربين فإن األسلوب أو الق ار ار الكالسيكي أفضل لهذا الموقف‪ ،‬أما‬
‫إذا كانوا من ذوي الكفاءة العالية والتدريب والخبرة فإن التحفيز المعنوي وزيادة دافعيتهم يكون أكثر مالءمة وهو خيار السلوكيين‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫السنة األولى ليسانس‪ -‬جذع مشترك‬ ‫محاضرات في مقياس مدخل إلى إدارة األعمال‬
‫فيمكن القول أن هذه النظرية تعترف بأهمية جميع األفكار السابقة كمدخل لتطوير األداء اإلداري في المنظمة‪ ،‬لكنها ترى بأنه من الصعب‬
‫األخذ بأسلوب إداري محدد أو نظرية إدارية معينة بصفتها األسلوب األمثل للتعامل مع كافة الظروف وفي كافة األزمنة والبيئات‪.‬‬
‫‪ .2‬تقييم النظرية‬
‫من مزايا هذه النظرية أنها حاولت تكييف المدارس السابقة للوصول إلى التعامل مع المواقف والظروف‪ ،‬ولم تأت لتوحيد المدارس‪ ،‬كما أنها‬
‫تبني القرار أو الحل األفضل والمالئم للموقف أو الظرف الذي يكون فيه‪.‬‬
‫تتيح للمدير فرصة ّ‬
‫لكن رغم واقعية هذه النظرية إال أن البعض يرى بأن االعتماد عليها يعوق فكرة وضع نظرية متكاملة لإلدارة لها صفة القبول والعمومية‪ ،‬كما‬
‫أنها ترى بأن كل تصرف أو قرار من قبل المدير البد أن يقترن بالموقف‪ ،‬باإلضافة إلى أنها ال تعترف بوجود أسلوب إداري معين أو نظرية‬
‫محددة يمكن تطبيقها في اإلدارة بل األسلوب المطبق يخضع للظروف والمواقف التي تكون فيها المنشأة‪.‬‬
‫ويمكن القول أن المدرين يمكنهم تطبيق أسلوب إداري محدد‪ ،‬فقط عليهم مراعاة العوامل البيئية المختلفة التي قد تؤثر على تصرفاتهم وق ارراتهم‪،‬‬
‫إضافة إلى ضرورة تحليلهم لطبيعة الموقف والعوامل المتحكمة فيه قبل اتخاذ التصرف اإلداري المناسب‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬نظرية اإلدارة باألهداف‬
‫‪ .1‬التعريف بالنظرية‬
‫إن نظرية اإلدارة باألهداف وفقا لرائدها "بيتر دروكر" (‪ ،)P. Drucker‬استفادت من مختلف األفكار السابقة؛ إذ جمعت بين الجانب العلمي‬
‫في التسيير والجانب اإلنساني السلوكي والجانب الكمي‪ ،‬وترتكز على وضوح األهداف وتحديدها بحيث تكون قابلة للتطبيق‪ ،‬كما تقوم اإلدارة‬
‫باألهداف على أساس المشاركة في اتخاذ القرار ووضع وتحديد األهداف؛ فهي تعتمد على مبدأ الديمقراطية وتنمية روح المشاركة وتحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬وهي من األدوات المهمة والحديثة في التحفيز‪.‬‬
‫ويعرفها "دروكر" بأنها اإلدارة التي تتخذ األهداف منهجا لها في العمل‪ ،‬وهي العملية التي يتكامل فيها العمال داخل التنظيم فيما بينهم نحو‬
‫تحقيق أهداف المنشأة‪.‬‬
‫فهي بذلك نظام إ داري يهدف إلى زيادة فعالية كل من المنظمة والعاملين عن طريق مشاركة جميع أعضاء التنظيم في وضع األهداف‬
‫وتحقيقها‪.‬‬
‫وتكمن المبادئ األساسية لإلدارة باألهداف في ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ المشاركة بين المدير والعاملين في وضع األهداف‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ التعاون بين اإلدارة والعاملين على تحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ منح المبادرة للعاملين بهدف تنمية روحهم المعنوية وقدراتهم الذهنية‪.‬‬
‫وبهدف التطبيق الجيد لهذه المبادئ ونجاح اإلدارة باألهداف البد على المدير االلتزام بما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬اتباع نظام المركزي في اإلدارة عن طريق تفويض الصالحيات للمرؤوسين أكثر واالبتعاد قدر المستطاع عن المركزية‪.‬‬
‫‪ -‬منح أهمية أكبر للجوانب النفسية في العمل‪.‬‬
‫‪ -‬أخذ بعين االعتبار التنظيم غير الرسمي في العمل‪.‬‬
‫‪ -‬تطبيق األسلوب الديمقراطي في اإلدارة وتشجيع اإلبداع‪.‬‬
‫وتتمثل خطوات تطبيق أسلوب اإلدارة باألهداف حسب "دروكر" في ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد األهداف العامة بمشاركة بين اإلدارة والعاملين‪.‬‬
‫‪ -‬وضع األهداف اإلجرائية والبرامج والخطط التنفيذية‪.‬‬
‫‪ -‬المشاركة في تنفيذ األهداف وتحديد المهام والمسؤوليات المتعلقة بالهدف‪.‬‬
‫‪ -‬التقييم الدوري لمدى تنفيذ األهداف والبرامج والخطط التنفيذية‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم األداء على أساس النتائج المحققة؛ أي مدى تحقيق الهدف‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫السنة األولى ليسانس‪ -‬جذع مشترك‬ ‫محاضرات في مقياس مدخل إلى إدارة األعمال‬
‫‪ .2‬تقييم النظرية‬
‫‪ -‬أسهمت هذه النظرية كثي ار في تعزيز أفكار أنصار العالقات اإلنسانية والسلوكيين؛ حيث ركزت على منح العاملين الفرصة لمشاركة اإلدارة‬
‫في وضع األهداف واتخاذ الق اررات‪ ،‬وهو ما يدخل في إطار تعزيز العالقات اإلنسانية بين اإلدارة والعاملين وتحقيق حاجات العاملين النفسية‬
‫المتعلقة بالتقدير واالحترام وامكانية تحقيق الذات‪.‬‬
‫‪ -‬من مزايا هذه النظرية أنها تسعى لتنمية الروح المعنوية للعاملين من خالل االتصال المستمر مع الرؤساء في اإلدارة في جو من الحرية‬
‫والتعاون‪ .‬وكذلك تنمية روح اإلنتماء للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬تساعد في تنمية القدرات التخطيطية والق اررية للعاملين‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في زيادة اإلنتاجية للمنشأة نتيجة تحسين مناخ العمل‪.‬‬
‫ورغم هذه المزايا إال أنها تعرضت لبعض االنتقادات تمثلت في أن بعض الرؤساء والمديرين في المنشأة قد ينفرون من تطبيق هذا األسلوب‬
‫عملي‪ ،‬خاصة إذا تعرضت المنشأة لمصاعب مستعصية ال يمكن اتخاذ قرار حلّها سوى من المدير‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلداري ويعتبرونه مضيعة للوقت وغير‬
‫أو التعرض لمشاكل تحتاج إلى ق اررات مستعجلة لحلّها‪ .‬كما يمكن من خالل إشراك العاملين في وضع أهداف واستراتيجيات المنظمة من‬
‫كشفها لآلخرين وخاصة المتعاملين والمنافسين‪.‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬النظرية اليابانية "‪"Z‬‬
‫‪ .1‬التعريف بالنظرية‬
‫تعد النظرية اليابانية "‪ "Z‬لرائدها "ويليام أوشي" (‪ )W. Ouchi‬من أحدث النظريات؛ حيث سادت في ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬وقد بينت‬ ‫ّ‬
‫بأن هناك أساليب حديثة في التسيير أثبتت جدارتها وكفاءتها‪ ،‬واستوحتها من اإلدارة اليابانية في التسيير‪ ،‬وتعتمد أساسا على القيم االجتماعية‬
‫السائدة‪ ،‬ومن بين هذه القيم التركيز على الجماعة واعتبارها أساس العمل‪ ،‬عن طريق إشراكها في كل ما يتعلق بالمؤسسة‪ ،‬وخاصة فيما‬
‫ينمي ارتباط العامل بمؤسسته وشعوره باالنتماء المؤسسي مما يجعله مستعدا لتقديم المصلحة العامة‬
‫يتعلق بعملية اتخاذ القرار‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫للجماعة والمؤسسة على مصلحته الشخصية‪.‬‬
‫واستمدت هذه األساليب في التسيير من القيم االجتماعية السائدة في المجتمع الياباني‪ ،‬وتم تطبيقها في المؤسسات اليابانية ونقلها "أوشي"‬
‫إلى المؤسسات األمريكية وأثبت نجاعتها‪.‬‬
‫وانطلق "أوشي" من أ ن الكفاءة اإلنتاجية في المنظمات اليابانية أحسن من المنظمات األمريكية؛ حيث وصلت اإلنتاجية بها إلى ما نسبته‬
‫‪ ، %400‬وأن هذا المستوى من الكفاءة لم يصل إليه اليابانيون نتيجة السياسات االستثمارية الناجعة بل يرجع إلى نمط التسيير المعتمد والذي‬
‫يولي عناية خاصة بالعنصر البشري‪ .‬ولقد اعترف المسيرون األمريكيون أن نمط اإلدارة الياباني أحسن من النمط األمريكي‪ .‬وقام "أوشي"‬
‫بدراسة خصائص النمط وأسلوب اإلدارة الياباني باألسلوب األمريكي؛ حيث توصل إلى أن النموذجين مختلفين ومتناقضين‪ ،‬األمر الذي دفعه‬
‫سماها "‪ "Z‬بهدف تطبيق مبادئها الجديدة في المنظمات األمريكية‪.‬‬ ‫إلى وضع نظرية ّ‬
‫جدول رقم (‪ :)1‬مقارنة بين النموذج الياباني والنموذج األمريكي لإلدارة‬
‫النموذج األمريكي‬ ‫النموذج الياباني‬ ‫معايير التفرقة‬
‫قصيرة األجل‬ ‫مدى الحياة‬ ‫مدة التوظيف‬
‫سريعة‬ ‫بطيئة‬ ‫الترقية‬
‫الوظيفة‬ ‫في‬ ‫البقاء‬ ‫عدم التخصص‪ /‬تغيير الوظائف التخصص‪/‬‬ ‫المسار المهني‪/‬الوظائف المشغولة‬
‫المشغولة المتعلقة بالتخصص‬ ‫المشغولة‬
‫فردي‬ ‫جماعي‬ ‫اتخاذ القرار‬
‫فردية‬ ‫جماعية‬ ‫المسؤولية‬
‫علنية‬ ‫ضمنية‬ ‫الرقابة‬
‫جزئي‬ ‫شامل‬ ‫االهتمام بحاجيات العاملين‬
‫‪5‬‬
‫السنة األولى ليسانس‪ -‬جذع مشترك‬ ‫محاضرات في مقياس مدخل إلى إدارة األعمال‬
‫من خالل الجدول رقم (‪ )1‬أعاله فإننا نالحظ بأن النموذج الياباني يعتمد على مبادئ مناقضة تماما للنموذج األمريكي؛ حيث تتمثل فيما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬التوظيف مدى الحياة‪ :‬حيث يشعر العامل باألمن الوظيفي مما يقوي انتماءه للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬الترقية بطيئة‪ :‬لضمان التدريب والتعليم الكفء والمستمر‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التخصص في المسار المهني‪ :‬أي ترك المجال للعاملين بشغل وظائف مختلفة في المنظمة‪ ،‬بغرض كسب خبرة في شتى المجاالت‬
‫وتفادي الروتين المتعلق بشغل وظيفة واحدة مدة طويلة مما قد يضعف األداء الفردي للعامل بمرور الزمن‪.‬‬
‫‪ -‬صنع القرار التعاوني والمسؤولية التعاونية‪ :‬من خالل المشاركة في اتخاذ الق اررات‪ ،‬وتحمل المسؤولية بصفة جماعية وتعاونية في حالة‬
‫اإلخفاق‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة‪ :‬تكون الرقابة ضمنية؛ من خالل تشجيع الرقابة الذاتية )‪.(Autocontrôle‬‬
‫‪ -‬االهتمام بحاجيات العاملين‪ :‬يكون شامال لشخصه ولعائلته‪ ،‬من خالل توفير السكن والعناية الصحية واالجتماعية والنقل‪.‬‬
‫‪ -‬اإلدارة األبوية‪ :‬أي التعامل األبوي للمدير مع العاملين بالمنظمة‪ ،‬وهو مستمد من التعامل األبوي في العائلة اليابانية‪ ،‬من خالل المعاملة‬
‫الحسنة واالهتمام بحاجياتهم المادية والنفسية‪ ،‬ويشملهم بعطفه‪ ،‬والمساهمة في حل مشكالتهم العائلية‪.‬‬
‫وهذا على عكس النموذج األمريكي الذي يطبق النموذج الكالسيكي في اإلدارة‪ ،‬أو النظرية ‪ X‬حسب "ماك جريجور" في نظريته الفلسفة‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫وعلى إثر هذه الدراسة التي قام بها "أوشي" للمقارنة بين النموذجين‪ ،‬اقترح على المنظمات األمريكية أسلوبا جديدا في اإلدارة من خالل نظرية‬
‫أسماها "‪ ،"Z‬تتماشى وخصائص المجتمع األمريكي وتطبق أهم مبادئ النموذج الياباني‪ ،‬والتي تتمثل فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬التوظيف طويل األجل‪ :‬حتى يشعر العامل باألمن الوظيفي‪.‬‬
‫‪ -‬الترقية البطيئة للموظف‪ :‬لتعزيز التدريب المستمر والوصول للكفاءة‪.‬‬
‫‪ -‬مسار مهني متخصص وعام‪ :‬أي ترك الحرية للعامل في البقاء في تخصصه أو تغيير مجال التخصص‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ القرار جماعي والمسؤولية فردية‪ :‬منح العاملين فرص المشاركة في صنع القرار في المنظمة‪ ،‬مقابل تحمل المسؤولية الفردية عن‬
‫الق اررات المتخذة‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة ضمنية وفق إجراءات واضحة‪ :‬أي تكون الرقابة ذاتية للموظف مقابل وضع إجراءات واضحة لكيفية القيام بها لتحقيق نجاعتها‪.‬‬
‫‪ .2‬تقييم النظرية‪:‬‬
‫لقد أسهمت هذه النظرية "‪ " Z‬في إحداث تغيير كبير في طريقة تفكير المديرين بالمنظمات‪ ،‬من خالل اعتمادها على الدمج بين مزايا اإلدارة‬
‫العلمية واإلدارة باألهداف‪.‬‬
‫ومن أهم مزاياها أنها ركزت على اعتماد البساطة في التسيير من خالل توجيه العاملين وترك لهم الحرية وفرص المبادرة بهدف تحسين أدائهم‬
‫المستمرين للعاملين بهدف الرفع من كفاءتهم اإلنتاجية‪ ،‬واهتمامها الشامل بحاجيات العاملين‬
‫ّ‬ ‫الوظيفي‪ ،‬كما أنها تركز على التدريب والتعليم‬
‫المودة‬
‫ّ‬ ‫يم ّكن من تعزيز الشعور باالنتماء للمنظمة‪ ،‬إضافة إلى نمط اإلدارة األبوية الذي يشعر العاملين وكأنهم يعملون في جو عائلي تسوده‬
‫ومن دون ضغوط‪.‬‬
‫ورغم هذه المزايا إال أن بعض مبادئها ال يمكن أن يكتب له النجاح في كل المجتمعات نظ ار للخصائص السوسيولوجية والثقافية المختلفة عن‬
‫المجتمع الياباني؛ فضمان التوظيف طويل األ جل للعاملين يشعرهم باألمن الوظيفي‪ ،‬مقابل ذلك قد يؤدي إلى تقاعس بعض العاملين عن‬
‫تبني أسلوب‬
‫أداء واجباتهم الوظيفية على أكمل وجه نتيجة ضمان الوظيفة على المدى الطويل وعدم تسريحهم مقابل أدائهم الضعيف‪ ،‬كما أن ّ‬
‫الرقابة الذاتية قد ال يصلح لدى بعض المجتمعات التي يحتاج فيها الموظف إلى رقابة من قبل اإلدارة ألداء عمله كما يجب‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like