Professional Documents
Culture Documents
تأثيره وعالجه
مقدمة
فى هذه الورقة البحثية نشرح تأثير القلق على صحة اإلنسان وحياته وقراراته ،وكيف يكون العالج
القلق وتأثيره
يعتبر القلق من أشهر اإلضطرابات النفسية فى العصر الحديث ،حتى أنهم أطلقوا عليه " إضطراب
العصر" .والقلق من أهم المؤثرات فى حياة الفرد والمجتمع .فالقلق قد يحول أبسط األمور إلى أعقدها ،فقد
أدعو بعض األقارب إلى حفل عيد ميالد فى أحد األندية ،ولكن الفكرة تعجبنى وأشعر أنها سوف تقربنى من
أقاربى وأحبائى فأحب أن أكرمهم ،فأقول لنفسى ما المانع أن نقوم بعمل عيد الميالد فى المنزل ؟! وبدالً من
أن نقدم مأكوالت بسيطة نصنع أنواعا ً وأصنافا ً من األطعمة حتى تعجب الحاضرين .وأقول أنه البد أن أدعو
أصدقائى أيضا ً ألنى أخشى إن عرفوا ولم أدعهم لعيد الميالد يأخذون منى موقفا ً .فيتحول عيد الميالد البسيط
إلى عيد ميالد معقد يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد فى اإلعداد .وهكذا نجد أن قلقى بسبب التحضير لعيد
الميالد ،وقلقى نحو رأى الناس فيما يقدم من أطعمة ،وقلقى من عدم دعوة األصدقاء إلى حفل عيد الميالد
حول الفكرة البسيطة إلى فكرة معقدة .وفى النهاية أقول ياليتنى ما أعددت لعيد الميالد أصالً بسبب ما أصابنا
كما أن القلق يهدر طاقات اإلنسان ،ففى الوقت الذى يحتاج فيه اإلنسان إلى التركيز والهدوء للتفكير
فى الطريقة المثلى للتعامل مع المواقف ،نجد أن القلق يسلب اإلنسان قدرته على التركيز والهدوء ؛ ألن
اإلنسان يكون مشحون بطاقات سلبية ومشاعر سلبية هى مشاعر القلق والتوتر .ويكون اإلنسان بكل كيانه
شديد التركيز على ما يحدث بداخله من أفكار القلق ومشاعر القلق .وبالتالى ال يستطيع التركيز على المواقف
وال يستطيع إطالق طاقاته الداخلية التى لها القدرة على التعامل مع كل مواقف الحياة بكفاءة عالية بسبب
ويقول دكتور /األزرق بن علو فى كتابه " كيف تتغلب على القلق وتنعم بالحياة " :
يظهر أن الحيوان أكثر حكمة من بعض بنى البشر فى هذا المجال ،فهو عندما يشعر بالخطر والقلق
،ينفق من طاقته ما يتناسب مع الموقف سواء فى القتال أو الفرار .وعندما يختفى الخطر يزول القلق
ويسترخى البدن والعضالت ،وينسى الحيوان ما حدث فيواصل حياته غير متحسر على ما فات ،
1
وهو ليس واع وال متطلع لما قد يحدث .
كما أ ن للقلق بعض التأثيرات الجسمية والنفسية والفكرية واإلجتماعية التى يشعر بها اإلنسان القلق ؛
فالقلق قد يؤدى إلى إضطرابات فى المعدة ،وإزدياد ضربات القلب ،والقولون العصبى ،وإضطرابات
البصر ،وبعض اإلضطرابات الجنسية مثل سرعة القذف عند الرجال وإضطرابات الدورة الشهرية عند
السيدات ،وغيرها من اإلضطرابات الجسمية .والجدير بالذكر أن ليس كل اإلضطرابات الجسمية تظهر
جميعا ً فى شخص واحد ،فقد تظهر بعضها فى شخص وبعضها اآلخر فى شخص آخر .ولكن من المؤكد أن
القلق ال يمر فى حياة الشخص دون أن يظهر تأثيره على جسم الشخص القلق .
وكما أن للقلق تأثيرات جسمية فله أيضا ً تأثيرات فكرية ،فاإلنسان القلق مضطرب التفكير ،ليس له
أفكار مرتبة ،مرتبك ألجل أمور كثيرة .كلما يركز فى أحد األمور يقلق بشأن أمر آخر فيترك األول دون أن
يقرر ماذا سيفعل ،ويفكر فى أمر آخر وهكذا .لذا فاإلنسان القلق ال يستطيع التحكم فى تفكيره .وهذه النقطة
جوهرية فى السبب وراء عدم قدرة اإلنسان على التحكم فى نفسه ومشاعره وهو أنه ال يستطيع أن يضبط
فكره ألنه فكر مضطرب ،فألنه ال يستطيع التحكم فى فكرة فهو ال يستطيع التحكم فى مشاعره وتصرفاته .
كما أن للقلق تأثيرات إجتماعية فى حياة اإلنسان ،فاإلنسان القلق – كما ذكرنا – يكون مضطرب
التفكير ويظهر هذا اإلضطراب على جسمه فيظل اإلنسان القلق طوال الوقت شديد التركيز على الداخل
فيصير الخارج بالنسبة له أمرا ً ثانويا ً ،فشدة اإلضطراب والقلق والتأثيرات الجسمية تصيب اإلنسان بحالة من
اإلنهاك والضعف حتى ألبسط مجهود .فأبسط مجهود لإلنسان مع القلق يصيبه باإلنهاك ألنه غير مستقر .
ونجد اإلنسان القلق بعد مرور الوقت وهو اليزال مضطربا ً يبدأ ينسحب من الحياة ؛ فهو يريد الهدوء وال
1دكتور األزرق بن علو ،كيف تتغلب على القلق وتنعم بالحياة ،القاهرة ،دار قباء للطباعة والنشر 124 . 2003 ،
3
يستطيع أن يحصل عليه .فقد نجد اإلنسان القلق قليل الحديث ألنه يحتاج إلى الهدوء ويرى أن الحديث سوف
يؤدى به إلى مزيد من التوتر .ولكن إن كان هذا اإلنسان غير قلق ومنضبط داخليا ً وهادئا ً فإنه يستطيع أن
يتبادل أطراف الحديث مع اآلخرين دون الشعور بالتوتر والقلق .وهنا نجد اإلنسان القلق يميل إلى العزلة
بسبب عدم قدرته على التواصل مع المجتمع المحيط به والتعامل معه ؛ ألنه كلما تواصل معه تزداد حالة
وقد نجد اإلنسان القلق سريع اإلحتداد والغضب ؛ ألنه إن مر على اإلنسان القلق أمرا ً ال يعجبه فى
منزله مثالً أو فى أبناءه أو فى عمله فإن هذا سيصطدم مع حالة التوتر والقلق التى يعيشها اإلنسان ،وبدالً من
أن يفكر اإلنسان المتوتر والقلق فى طريقة إصالح األمر ،يلجأ إلى سرعة اإلحتداد والغضب ألنه غير قادر
ومن التأثيرات اإلجتماعية أيضا ً فى حياة اإلنسان القلق هو عدم إقدامه على العمل ،فالعمل بالنسبة له
قد فقد جاذبيته وفقد هو إستمتاعه به بسبب حالة التوتر والقلق التى يعانى منها ،فإن صدر منه فى العمل أى
تصرف أو قول عن طيب نية ودون قصد ،يقلق ويتوتر بشأن ما قاله – الذى ليس فيه خطأ أصالً – ولكن
وقد يميل اإلنسان القلق إلى إلقاء المسؤوليات الخاصة به على عاتق اآلخرين ،حتى وإن كانوا ليسوا
أهالً لها .فاإلنسان القلق ال يريد أن يتحمل مسؤولية قراراته أو أخطاءه ؛ ألن فكرة تحمل المسؤولية بالنسبة
له تثير حالة التوتر التى يعيشها ،فيصاب بحالة من عدم اإلتزان وعدم القدرة على إتخاذ القرارات ،أو إتخاذ
قرارات غير مدروسة أو قرارات إنفعالية بسبب حالة التشوش الفكرى التى يعانى منها .لذا فهو يخشى هذه
وإن تحمل الشخص القلق إحدى المسؤوليات نجده دائم التبرير لكل خطأ يقع فيه ،ولكل قرار خطأ
إتخذه .فهو بذلك يحاول أن يدافع عن نفسه وعن قراراته ،ألنه غير قادر على الهدوء والتركيز إلتخاذ
4
لذلك نجد اإلنسان القلق يميل إلى اإلعتمادية ؛ ألنه يجد فى اإلعتمادية على اآلخرين حالة من األمان
واإلطمئنان بأن ليس أحدا ً سيلومه على أى قرار خطأ وقع فيه ،أو على أى نتائج سلبية حصل عيها بسبب
ومن هنا يتضح لنا أن اإلنسان القلق يحاول التهرب من الواقع أو تجميل الواقع ،فهو ال يميل إلى
د راسة الواقع كما هو ،بل يميل إلى رسم واقع إفتراضى غير موجود يتناسب مع حالة التوتر التى يعيشها .
فهو يرى أنه إن رسم صورة للواقع فى ذهنه كما هو سيثير هذا األمر حالة التوتر التى يعانى منها ؛ لذا فهو
يميل إلى التهرب من الواقع أو تجميل الواقع ،وقد يلجأ أحيانا ً إلى الكذب حتى ال يقع فى مواقف محرجة مع
لذا فاإلنسان القلق غالبا ً ما يكون سلبيا ً ؛ ألنه ال يستطيع أن يقرأ الواقع وال يملك القدرة على ضبط
إنفعاالته الداخلية وحالته النفسية بسبب تفكيره المضطرب .فاإلنسان القلق تكون طاقته الذهنية والنفسية
مهدرة ؛ وبالتالى فهو غير قادر على التعامل مع الواقع بما فيه من مشاكل .
ولهذا نجد اإلنسان القلق غالبا ً ما يكون غير واثق من نفسه بسبب سلبيته فى التعامل مع المجتمع
المحيط به وعدم قدرته على التعامل مع المشاكل ،وعدم قدرته على ضبط نفسه أو التعامل مع الواقع وغير
منجز فى عمله ،فكل هذا يصيبه بحالة من عدم الثقة فى النفس .
وإن حصل اإلنسان القلق على قدر من النجاح نجده يقلق بشأن كيفية المحافظة على هذا النجاح ،
وكيف يستمر فيه .وقد يقلق بشأن حسد اآلخرين له على نجاحه والمؤامرات التى قد يحيكونها ضده .لذا نجد
أن حالة القلق سيطرت عليه حتى فى نجاحه ،فأصبح ال يستطيع أن يستمتع بما حصل عليه من نجاح .
وقد يحاول اإلنسان القلق أن يخرج من الحالة التى هو فيها ويحاول أن يتعامل مع الواقع الذى يهرب
منه أو قل أن الواقع فرض نفسه عليه ،فنجد أن اإلنسان القلق بحالتة الفكرية المضطربة ونفسيتة السيئة يميل
5
إلى المخاطرة أحيانا ً أو الالمباالة أحيانا ً أخرى أو يستسلم لحالة العزلة التى وصل إليها فيبقى سلبيا ً .
والقلق يضعف من قدرة اإلنسان على التكيف مع اآلخرين ،ألن ذهن اإلنسان القلق المشوش ال
يستطيع أن يحدد صورا ً واضحة وصحيحة عن طبيعة عالقة اإلنسان مع اآلخرين من حوله .فقد يرسم
صورا ً مشوهة عن هذه العالقة تؤدى إلى إصطدام اإلنسان القلق مع اآلخرين ؛ فتزداد حالة التوتر التى
يعيشها ؛ فيفضل أن يبقى منعزالً .كما أن تكيف اإلنسان القلق مع اآلخرين يستلزم القيام ببعض األعمال
وترك بعض التصرفات وتعديل السلوكيات ،وكل هذه األمور تثقل كاهل اإلنسان القلق وتصيبه بمزيد من
ومما سبق نجد أن حالة القلق التى تسيطر على اإلنسان أصابت حياته بالشلل ،وحكمت على عالقاته
بالفشل ،وأصبح إنسانا ً سلبيا ً وغير منجز فى الحياة ،باإلضافة إلى اإلضطرابات النفسية والجسمية أصابت
يقول الكتاب المقدس " ألَنَّنَا نَحْ ُن ْال ُمؤْ ِمنِينَ نَ ْد ُخ ُل َّ
الرا َحةَ " 2وكلمة " المؤمنين " فى اآلية أى الذين
وضعوا ثقتهم وإتكالهم على الرب ،فاإليمان شرط أساسى للسالم والتحرر من القلق .عندما نؤمن ندخل إلى
ندخل هذا الستر ونسكن فيه من خالل الصالة ،فالصالة هى شركة مع هللا كلى القدرة وكلى الحب .ونحن
نستطيع أن نقرر أن تكون شركتنا مع هللا دائمة أو مؤقتة ،فكلمة " سكنى " فى اآلية تعنى اإلستقرار ؛ فهذا
يعنى أننا لكى نستقر فى " ظل القدير" البد أن نداوم على الصالة بإستمرار ،وهذا يعنى أنه ال يكفى أن نقوم
بزيارة هذا المكان من الحين لآلخر ،ولكن أن نستقر ونسكن هناك بصفة دائمة ويتم ذلك من خالل الصالة
صلُّوا بِالَ ا ْن ِق َ
طاع " 4لكى نكون فى شركة دائمة مع هللا القدير . الدائمة .يقول الكتاب المقدس " َ
فى ستر العلى نجد التعزية والسالم مهما كانت كمية المشاكل أو ضراوتها أو شدة تأثيرها ؛ فهو قد
ط ِربْ قُلُوبُ ُك ْم َوالَ ت َْرهَبْ " ْس َك َما يُ ْع ِطي ْالعَالَ ُم أُع ِ
ْطي ُك ْم أَنَا .الَ ت َ ْ سالَ ِمي أُع ِ
سالَ ًما أَتْ ُركُ لَ ُك ْمَ .
5
ض َ ْطي ُك ْم .لَي َ وعد " َ
،وعندما تشعر النفس بالسالم تتجدد طاقة اإلنسان الداخلية ويكون قادرا ً على التفكير .وفى هذا الستر يوحى
هللا لإلنسان بما يجب أن يفعل ،ويرشده فى كل أمور حياته .وإن لم يكن من هللا إرشادا ً مباشرا ً لإلنسان بما
يجب أن يفعل فعلى األقل حالة السالم والهدوء التى تسيطر على اإلنسان فى محضر الرب مع وجود المشكلة
قائمة تخرج من أعماق اإلنسان الحل المناسب للمشكلة أو على األقل الخطوات األولى للحل .
وهنا البد أن نشير إلى أن العالقة الشخصية مع هللا الزمة للدخول إلى ستره والتمتع بحمايته ،
والعالقة الشخصية تعنى أن يكون هللا شريك لإلنسان برضى ورغبة اإلنسان فى كل كبيرة وصغيرة من أمور
حياته .
ولكى ندخل " ستر العلى " البد أن نطيع وصاياه ونجاهد فى تنفيذها ،يقول الكتاب المقدس " ِإ ْن ث َ َبت ُّ ْم
وأذهاننا ونفوسنا البد أن نثبت فى وصايا الرب ؛ البد أن نجاهد من أجل تنفيذ جميع وصايا الرب ؛ ألنه
بحسب نص اآلية إن عشنا الوصية وثبتنا فيها نطلب ما نريد فيكون لنا .هنا نستطيع أن نقول أننا دخلنا ستر
العلى .ولكن بدون تنفيذ الوصية وجهاد فى التنفيذ فنحن نصبح خارج ستر العلى ؛ فال نتوقع أن ننعم بالسالم
والتعزية ،وال نطمح فى تنفيذ أى مطلب لنا ونحن بعيدين عن معايشة وصاياه .
ولكى ننفذ وصايا الرب البد أن نسأل الرب فى كل موقف من مواقف حياتنا فى منزلنا أو فى الشارع
أو فى العمل أو الكنيسة " ماذا ينبغى يارب أن أفعل فى هذا األمر ؟ ماهو األمر الذى إذا فعلته أكون قد نفذت
وصيتك .فوصية الرب قد أعطيت لنا من أجل نفعنا .فإن كنا نطرح وصايا الرب جانبا ً فال نأمل فى أى راحة
وهذا الستر نلجأ إليه عندما نتأذى من أحد أو نتعرض لمشكلة ما كبيرة كانت أو صغيرة ،فنضع
المشكلة أمام الرب ونؤمن بأنه قادر على حلها ،ونلقى بثقل المشكلة على الرب بحسب قول الكتاب " أ َ ْل ِ
ق
هامة جدا ً فى عالج القلق ؛ ألنه عندما ألقى همى على الرب أكون أكثر قدرة على التفاعل معه ومع وصاياه ،
ففى مثل الزارع 9هموم الحياة خنقت البذار فلم تثمر ،وهذا يعنى أن كلمة هللا ستثمر فينا إن القينا بثقل
همومنا عليه ،وإن أثمرت كلمة هللا فينا نكون أكثر قدرة على التواصل المستمر معه ؛ فندخل ستر العلى
واإلتحاد بالرب والتواصل المستمر معه هو شرط أساسى للحصول على البركات والنجاح ،فالرب
القلق .
إن المكان الذى نقف فيه هو نتيجة إختيار شخصى فإما ان نختار الظل ( الثقة فى هللا ) أو الشمس
11
( القلق واإلهتمام ) .
ولهذا إن إخترنا أن نثق فى الرب ونرفض األفكار التى تشكك فى أبوته ومحبته لنا ونقبل كل ما يأتى
علينا ؛ فإننا حتما ً سننتصر على القلق ألن ثقتنا فى الرب ستطرد الخوف والقلق إلى خارج .
وعلينا أال نقلق بشأن أمورنا المادية سواء فى تدبير المال أو األكل أو الملبس ،ولكن علينا أن نهتم
فالقلق بشأن أمور حياتنا المادية أمر غير مقبول ؛ ألن الرب يطلب منا فقط أن نطلب ملكوت هللا وبره أما
جميع األمور المادية فهو يقوم بتدبيرها دون أن نطلب .ولكن ماذا يحدث إن لم نطلب ملكوت هللا وبره ؟!
ستكون النتيجة الحتمية هى أن نقلق ونتوتر بشأن أمورنا المادية ؛ أوالً ألننا تركنا معية هللا ،وثانيا ً ألننا نسير
وراء شهواتنا التى ال تشبع أبدا ً ،وهنا تبدأ بذرة التوتر والقلق فى النمو .
يقول الكتاب المقدس " ِلذلِكَ أَقُو ُل لَ ُك ْم :الَ ت َ ْهت َ ُّموا ِل َحيَاتِ ُك ْم ِب َما ت َأ ْ ُكلُونَ َو ِب َما ت َ ْش َربُونَ َ ،والَ ألَجْ َ
سا ِد ُك ْم ِب َما
ُور
طي ِظ ُروا ِإلَى ُ
اس؟ " 13ويقول أيضا ً " ا ُ ْن ُ
اللبَ ِ
ض َل ِمنَ ِ الط َع ِامَ ،و ْال َج َ
سدُ أ َ ْف َ ت ْال َحيَاة ُ أ َ ْف َ
ض َل ِمنَ َّ س ِ ت َْلبَ ُ
سونَ .أَلَ ْي َ
ِم ْن َها؟ " ويذكرنا الكتاب المقدس بأن القلق ال فائدة منه فيقول " َو َم ْن ِم ْن ُك ْم ِإذَا ا ْهت َ َّم َي ْقد ُِر أ َ ْن َي ِزيدَ َ
14
علَى قَا َمتِ ِه
لذلك فاإلهتمام بأمور الرب وبالشركة معه هى الطريق للتخلص من القلق ،ففى شركتنا مع هللا نجد
فى أوقات كثيرة نصرف وقتا ً طويالً نطلب إستجابة من الرب أو حلوالً لمشاكلنا فى الوقت
16
الذى ينبغى فيه أن نطلب الرب نفسه
فطلب الرب هو عالمة وجودنا فى ستر العلى والتمتع بالسالم ،وقدرة ذراعه الرفيعة ويده الممدودة
وهنا يجب أن ننوه إلى أنه يجب أال نسعى لتحقيق شهوات نفوسنا بل نسعى لطلب الرب نفسه لنتمتع
لذلك فاإلهتمام األول الذى يجب أن نهتم به هو الصالة وطلب وجه هللا فقط ،يقول الكتاب المقدس
ب،
الر ِ ب ُك َّل أَي َِّام َحيَاتِيِ ،ل َك ْي أ َ ْن ُ
ظ َر ِإلَى َج َما ِل َّ الر ِ
ت َّ ب َوإِيَّاهَا أ َ ْلت َِم ُ
س :أ َ ْن أ َ ْس ُكنَ فِي بَ ْي ِ سأ َ ْلتُ ِمنَ َّ
الر ِ احدَة ً َ
" َو ِ
َوأَتَفَ َّر َ
س فِي َه ْي َك ِل ِه 17 " .وبيت الرب هنا يعنى " ستر الرب " أو " ستر العلى " .ويقول أيضا ً " الَ ت َ ْهت َ ُّموا
ع ْقل،
وق ُك َّل َ ش ْك ِرِ ،لت ُ ْعلَ ْم ِط ْلبَات ُ ُك ْم لَدَى هللاِ َ ،و َ
سالَ ُم هللاِ الَّذِي يَفُ ُ اء َم َع ال ُّ
ع ِصالَةِ َوالدُّ َ َيء ،بَ ْل فِي ُك ِل ش ْ
َيء ِبال َّ ِبش ْ
ع 18" .فيالها من وصفة سحرية للتخلص من القلق !! هى أن نهتم فقط ار ُك ْم فِي ْال َمسِيحِ يَ ُ
سو َ ظ قُلُوبَ ُك ْم َوأ َ ْف َك َ
يَحْ فَ ُ
بالصالة – الصالة الحقيقية وليست الظاهرية صالة من القلب وليست كلمات فقط – والشكر على ما أنعم هللا
به علينا .فإن صلينا من القلب وشكرنا الرب تعلم طلباتنا لدى هللا .ومن المالحظ هنا أن الرسول بولس لم يقل
" أطلبوا لتعلم طلباتكم " بل قال " صلوا من القلب وأشكروا فتعلم طلباتكم " أى بمجرد أن نصلى من القلب
ونشكر تكو ن طلباتنا قد وصلت إلى السماء ،وليس هذا فقط بل يحل علينا سالم هللا الذى يفوق كل عقل
ويحفظ أفكارنا وقلوبنا من القلق والتوتر ،ونصبح فى المسيح يسوع فى ملء السالم واليقظة وأكثر قدرة على
ط ْوا .ا ُ ْ
طلُبُوا ت َِجد ُوا. وهذا ال يمنع أن نعرض طلباتنا على هللا ،فالكتاب المقدس يقول " اِسْأَلُوا ت ُ ْع َ
اِ ْق َر ُ
عوا يُ ْفتَحْ لَ ُك ْم " ، 19ولكن الفكرة هنا أنه عندما نطلب ملكوت هللا وبره أوالً ونصلى ونشكره سنعرف ماذا
17مزمور 4 : 27
18فيلبى 7، 6 : 4
19متى 7 : 7
10
نطلب أو ما هى األمور الهامة التى يجب أن نطلب ألجلها .ولكن إن كنا ال نطلب أوالً ملكوت هللا وبره
سنطلب ما يغذى شهواتنا ،وهذا األمر يستحيل على الرب أن يقبله أو ينفذه ألوالده ،وهذا سيؤدى بنا حتما ً
فإن آمنا أن نطلب ملكوت هللا وبره أوالً سيكون لنا كل ما نريد ،وسنقبل ما يرفض هللا أن ينفذه لنا
ألننا نطلب أوالً مشيئته ورضاه وليست مشيئتنا نحن ؛ لذلك إن طلبنا ملكوت هللا وبره أوالً سيصير سالم لنا
فى أفكارنا وقلوبنا .وإذا طاردتنا أفكار الشك البد أن نطردها سريعا ً .تقول جويس ماير :
يضع إبليس مخاوف وهواجس فى أذهاننا وأحيانا ً يقذقنا بها بكل قوة على أمل أن نقبلها ثم نرددها
بأفواهنا ،فإن فعلنا ذلك وفرنا له الخامات الالزمة لصناعة األحداث التى سبق ومهد لها عن طريق
20
المخاوف والهواجس التى رمانا بها .
ومما سبق يتضح أن الصالة والعالقة الشخصية مع هللا وتنفيذ وصاياه ،واإليمان به وبأبوته هى
فهرس الحواشي
-1دكتور األزرق بن علو ،كيف تتغلب على القلق وتنعم بالحياة ،القاهرة ،دار قباء للطباعة
والنشر 124 . 2003 ،
-3مزمور 1 : 91
-6يوحنا 7 : 15
-9متى 8 – 1 : 13
-10يوحنا 5 : 15
-11جويس ماير ،ساعدنى أنا قلق ،خدمات جويس ماير 18 . 2008 ،
-17مزمور 4 : 27
-19متى 7 : 7
12
المراجع
بن علو األزرق ،كيف تتغلب على القلق وتنعم بالحياة ،القاهرة ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ،
2003
بيل نورمان فنسنت ،قوة التفكير اإليجابى ،القاهرة ،دار الثقافة 2000 ،
ماير جويس ،ساعدنى أنا قلق ،بدون ،خدمات جويس ماير 2008 ،
عارف أبو الفداء محمد عزت محمد ،عالج نفسك من القلق والتوتر ،القاهرة ،دار اإلعتصام 1958 ،