You are on page 1of 425

‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية‬ ‫سلسلة إصدارات‬

‫‪Center for the Gulf and Arabian Peninsula Studies‬‬


‫اإلستكتاب (‪)٧‬‬
‫تأسس عام ‪١٩٩٤‬م ـ جامعة الكويت‬ ‫‪Established in 1994 - Kuwait University‬‬

‫اإللكرتوين‬
‫ِّ‬ ‫إشكاليات التَّعليم‬
‫َّ‬ ‫‪E-learning problems and challenges‬‬
‫وحتدياته يف ضوء جائحة كورونا‬ ‫‪in light of Corona virus pandemic,‬‬
‫َّ‬ ‫إشكال َّيات‬
‫ال َّتعليم‬ ‫‪A sociological study in the dialectics of interplay and influence‬‬
‫قراءة سوسيولوج َّية يف جدليات التَّفاعل والتَّأثير‬ ‫اإللكتروني‬
‫ِّ‬
‫وحتد َّياته‬
‫يف ضوء‬
‫جائحة كورونا‬

‫تأليف‬ ‫‪Prepared‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عيل أسعد وطفة‬ ‫‪Dr Ali Asaad Watfa‬‬
‫جامعة الكويت ـ كلية الرتبية‬
‫‪Kuwait University- Faculty of Education‬‬

‫‪ISBN: 978-9921-749-22-9‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬علي أسعد‬


‫سلسلة إصدارات اإلستكتاب‬ ‫وطفة‬ ‫‪Series of Dictation Issues‬‬
‫العـــــــــــــدد‬
‫‪٧‬‬ ‫‪No. 7‬‬
‫الكــويـت ــ ‪ ٢٠٢١‬م‬ ‫‪Kuwait - 2021‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تأسس عام ‪١٩٩٤‬م ـ جامعة الكويت‬

‫سـلسـلة إصـدارات اإلسـتكتاب‬

‫اإللكتروني‬
‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات ال َّتعليم‬
‫وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬
‫قراءة سوسيولوج َّية يف جدليات التَّفاعل والتَّأثير‬

‫تأليف‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عيل أسعد وطفة‬
‫جامعة الكويت ـ كلية الرتبية‬

‫العـــــــــــــدد‬
‫‪٧‬‬

‫الكويت ـ ‪٢٠٢١‬‬
‫اآلراء الواردة يف هذه الدراسة ال تع ّبر بالضرورة عن‬
‫اجتاهات يتبناها مركز دراسات اخلليج واجلزيرة‬
‫العربية بجامعة الكويت‬

‫النـاشـر‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية‬
‫جامعة الكويت‬
‫ص‪.‬ب‪ 64986 :‬الشويخ (ب) الرمز البريدي‪ ، 70460 :‬الكويت‬
‫هاتف ‪ 24984639 :‬ـ ‪)+٩٦٥( 24984658‬‬
‫الربيد اإللكرتوين ‪Gulf_center@yahoo.com‬‬
‫املوقع اإللكرتوين ‪www.cgaps.ku.edu.kw‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫حقوق الطبع والنشر محفوظة للمركز‬


‫الطبعة األولى‬
‫الكويت ـ ‪٢٠٢١‬‬

‫‪3‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أعضاء مجلس إدارة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية‬

‫أ‮‪‬.‬د‮‪ .‬رشيد العنزي‬


‫نائب مدير جامعة الكويت لألبحاث‮ (‬رئيس مجلس اإلدارة‮)‬‬

‫‬د‮‪ .‬فيصل أبو صليب‬


‫مدير املركز ـ نائب رئيس مجلس اإلدارة‬

‫داخل جامعة الكويت‬

‫أ‪.‬د‪ .‬فايز منشر الظفيري‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬يوسف ذياب الصقر‬


‫قسم املناهج وطرق التدريس ـ كلية الرتبية‬ ‫قسم الفقه املقارن والسياسة الرشعية‬
‫جامعة الكويت‬ ‫كلية الرشيعة والدراسات اإلسالمية‬
‫جامعة الكويت‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبداهلل محمد الهاجري‬
‫العميد املساعد للشؤون األكاديمية‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬عبيد سرور العتيبي‬
‫واألبحاث والدراسات العليا ـ كلية اآلداب‬ ‫رئيس قسم اجلغرافيا ـ كلية العلوم االجتامعية‬
‫جامعة الكويت‬ ‫جامعة الكويت‬

‫خارج جامعة الكويت‬


‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫سعادة السفير‪ /‬جمال عبداهلل الغامن‬ ‫أ‪ .‬عبدالعزيز عبداهلل السالم‬


‫مساعد وزير اخلارجية للشؤون اإلدارية‬ ‫رئيس قطاع البحوث والدراسات االسرتاتيجية‬
‫وزارة اخلارجية ـ دولة الكويت‬ ‫جهاز األمن الوطني‬

‫أ‪ .‬غالب محمد العصيمي‬ ‫أ‮‪‬.‬عبد اإلله محمد رفيع معريف‬


‫وكيل وزارة اإلعالم املساعد لقطاع السياحة‬ ‫رئيس جملس اإلدارة والعضو املنتدب‬
‫دولة الكويت‬ ‫للرشكة األوىل للفنادق ـ دولة الكويت‬

‫‪5‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫فهرس الدراسة‬

‫رقم‬ ‫احملتـويـات‬
‫الصفحة‬
‫مقدّ مة الكتاب‪١٧ .........................................................‬‬
‫مراجع املقدمـة‪٢٧ .........................................................‬‬
‫الفصـل األول‪٢٩ ..........................................................‬‬
‫كورنا ‪ -‬من الصدمة إىل األزمة‪٣١ ...........................................‬‬
‫‪ -1‬مقدمة‪٣٢ ............................................................:‬‬
‫‪ -2‬إغالق املـدارس‪٣٦ ...................................................:‬‬
‫‪ -3‬رشارة اجلائحة‪٣٨ .....................................................:‬‬
‫‪-4‬موجات مسـتقبلية‪٣٩ .................................................:‬‬
‫‪ -5‬التعليم واجلائحة‪ :‬من صدمة اإلغالق إىل األزمة‪٣٩ ......................‬‬
‫‪ -1/5‬صدمة اإلغالق‪٣٩ ................................................:‬‬
‫املدريس عىل الطلبة‪٤٢ .........................‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2/5‬األزمة‪ :‬تأثري اإلغالق‬
‫‪ -3/5‬تفاقم نواتج التعليم‪٤٦ ............................................:‬‬
‫‪ -6‬اخلامتـة‪٥٠ ............................................................:‬‬
‫مراجـع الفصل األول ‪٥٢ .................................................:‬‬
‫الفصل الثاين‪٥٧ ...........................................................‬‬
‫يف مفهوم التعليم اإللكرتوين وإشكالياته‪٥٧ ................................:‬‬
‫مـن التعليم عن ُب ْع ٍد إىل التعليـم اإللكرتوين ‪٥٧ .............................‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -1‬مقدمة‪٥٩ ............................................................:‬‬
‫‪ -2‬إشكالية املفهوم‪٦٠ ...................................................:‬‬
‫‪ -3‬مفهوم التعليم اإللكرتوين‪٦٢ ..........................................:‬‬
‫‪ -4‬تعريف التعليم اإللكرتوين‪٦٤ .........................................:‬‬
‫‪ -5‬مفهـوم التعليم عـن بعـد‪٧٠ ...........................................:‬‬
‫‪ -6‬ما بني التعليم االفرتايض والرقمي واإللكرتوين‪٧٥ .....................:‬‬

‫‪7‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تابع فهرس الدراسة‬

‫رقم‬ ‫احملتـويـات‬
‫الصفحة‬
‫‪٨٠‬‬ ‫‪ -7‬ما بني التعلم عن ُب ْع ٍد والتعليم اإللكرتوين‪...........................:‬‬
‫‪٨٤‬‬ ‫‪ -8‬خامتة‪.............................................................:‬‬
‫‪٨٦‬‬ ‫مراجع الفصل الثاين ـ مفهوم التعليم اإللكرتوين‪..........................‬‬
‫‪٩١‬‬ ‫الفصل الثالـث‪.........................................................‬‬
‫‪٩١‬‬ ‫مهب كورونا‪.....................‬‬
‫األطفال يف مواجهة اإلعصار‪ ..‬جيل يف ّ‬
‫‪٩٣‬‬ ‫‪ -1‬مقدمة‪............................................................:‬‬
‫‪٩٧‬‬ ‫‪ -2‬التغذية وصحة األطفال‪...........................................:‬‬
‫‪١٠١‬‬ ‫‪ -3‬تأثري اإلغالق عىل الصحة العقلية والنفسية لألطفال‪.................:‬‬
‫‪١٠٥‬‬ ‫‪ -4‬تأثري إغالق املدارس يف مستوى رفاهية األطفال‪.....................:‬‬
‫‪١٠٦‬‬ ‫‪ -5‬االجتار باألطفال واستغالهلم‪.......................................:‬‬
‫‪١٠٩‬‬ ‫‪ -6‬عاملة األطفال‪.....................................................:‬‬
‫‪١١٠‬‬ ‫‪ -7‬زواج األطفال‪.....................................................:‬‬
‫‪١١٢‬‬ ‫‪ -8‬االستغالل اجلنيس لألطفال عرب اإلنرتنت‪...........................:‬‬
‫‪١١٣‬‬ ‫‪ -9‬الرصاع وجتنيد األطفال‪............................................:‬‬
‫‪١١٥‬‬ ‫‪ -10‬الفجوة بني األطفال‪..............................................:‬‬
‫‪١١٦‬‬ ‫‪ -11‬تعميـق الفجوة بني اجلنسين‪..................................... :‬‬
‫‪١٢٠‬‬ ‫َّ‬
‫‪-12‬اللمساواة يف التعليم‪.............................................:‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪١٢٥‬‬ ‫والترسب‪........................................:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -13‬الفاقد التعليمي‬
‫‪١٢٨‬‬ ‫‪ - 14‬خامتة الفصل‪....................................................:‬‬
‫‪١٣٣‬‬ ‫مراجع الفصل الثالث‪..................................................‬‬
‫‪١٣٣‬‬ ‫الفصل الرابـع‪..........................................................‬‬
‫‪١٣٣‬‬ ‫التعليم عن ُب ْع ٍد بوصفه خيارا اسرتاتيجيا‪............................... :‬‬
‫‪١٣٣‬‬ ‫جتارب عربية وعامليـة‪...................................................‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪8‬‬
‫تابع فهرس الدراسة‬

‫رقم‬ ‫احملتـويـات‬
‫الصفحة‬
‫‪١٣٥‬‬ ‫‪ -1‬مقدمة‪............................................................:‬‬
‫‪١٤٠‬‬ ‫‪ -2‬حتديات االنتقال إىل التعليم اإللكرتوين‪..............................:‬‬
‫‪١٤٥‬‬ ‫‪ -3‬التجربة الصينية يف االنتقال إىل التعليم اإللكرتوين‪....................:‬‬
‫‪١٤٨‬‬ ‫‪ -4‬جتارب عاملية ناجحة‪...............................................:‬‬
‫‪١٥٢‬‬ ‫‪ -5‬التجارب العربية يف جمال االنتقال إىل التعليم اإللكرتوين‪...............‬‬
‫‪١٥٤‬‬ ‫‪ -6‬وضع التعليم اإللكرتوين عربيا‪.....................................:‬‬
‫‪١٥٧‬‬ ‫‪ -7‬حلول عربية إلشكاليات التعليم اإللكرتوين‪.........................‬‬
‫‪١٥٩‬‬ ‫‪ -8‬جتـارب عربية يف التعليـم عن بعـد‪...................................‬‬
‫‪١٦٠‬‬ ‫‪ -1-8‬التجربة املغربية‪................................................:‬‬
‫‪١٦٢‬‬ ‫‪ -2-8‬التجربة األردنية‪...............................................:‬‬
‫‪١٦٣‬‬ ‫‪ -3-8‬التجربة الليبية‪.................................................:‬‬
‫‪١٦٤‬‬ ‫‪ -4-8‬التجربة املرصية‪................................................:‬‬
‫‪١٦٤‬‬ ‫‪ -5-8‬التجربة العراقية‪................................................:‬‬
‫‪١٦٥‬‬ ‫‪ - 6-8‬التجربة اجلزائرية‪...............................................:‬‬
‫‪١٦٦‬‬ ‫‪ -9‬خامتة‪.............................................................:‬‬
‫‪١٦٨‬‬ ‫هوامش الفصل ومراجعـه‪.............................................:‬‬
‫‪١٧٣‬‬ ‫الفصل اخلامس‪........................................................‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪١٧٣‬‬ ‫التجربة الرتبوية لدول اخلليج العريب يف مواجهة كورونا‪...................‬‬


‫‪١٧٥‬‬ ‫‪ -1‬مقدمة‪............................................................:‬‬
‫‪١٧٧‬‬ ‫‪ -2‬السامت العامة للتجربة اخلليجية يف مواجهة كورونا ‪.................:‬‬
‫‪١٨٢‬‬ ‫‪ -3‬التجربة السعودية‪.................................................:‬‬
‫‪١٨٨‬‬ ‫‪ -4‬جتربة الكويت‪.....................................................:‬‬
‫‪١٩٤‬‬ ‫‪ -5‬جتربة اإلمارات العربية املتحدة‪......................................‬‬

‫‪9‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تابع فهرس الدراسة‬

‫رقم‬ ‫احملتـويـات‬
‫الصفحة‬
‫‪١٩٨‬‬ ‫‪ -6‬جتربـة قطـر‪........................................................:‬‬
‫‪٢٠١‬‬ ‫‪ -7‬جتربة سلطنة ُعامن‪..................................................:‬‬
‫‪٢٠٥‬‬ ‫‪ -8‬جتربة البحرين‪.....................................................:‬‬
‫‪٢٠٨‬‬ ‫‪ -9‬خامتة‪.............................................................:‬‬
‫‪٢١٠‬‬ ‫مراجع الفصل اخلامس‪.................................................‬‬
‫‪٢١٥‬‬ ‫الفصل السـادس‪......................................................:‬‬
‫‪٢١٥‬‬ ‫اإللكرتوين‪.............................:‬‬
‫ّ‬ ‫ّقليدي إىل التّعليم‬
‫ّ‬ ‫من التّعليم الت‬
‫‪٢١٥‬‬ ‫األسايس يف مواجهة اجلائحة أنموذجا‪......................‬‬
‫ّ‬ ‫أنظمة التّعليم‬
‫‪٢١٧‬‬ ‫‪-1‬مقدمـة‪............................................................:‬‬
‫‪٢٢٢‬‬ ‫‪ -2‬أمهية املدرسة‪......................................................:‬‬
‫‪٢٢٦‬‬ ‫ّقليدي‪...............................................:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬نقد التّعليم الت‬
‫‪٢٣٠‬‬ ‫اإللكرتوين بوصفه رضورة حضارية‪..........................‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -4‬التّعليم‬
‫‪٢٣٧‬‬ ‫اإللكرتوين ومزاياه‪................................:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -5‬إجيابيات التّعليم‬
‫‪٢٥٠‬‬ ‫‪ -6‬خامتة‪.............................................................:‬‬
‫‪٢٥٤‬‬ ‫مراجع الفصل السادس‪................................................‬‬
‫‪٢٥٩‬‬ ‫الفصـل السـابع ‪.......................................................:‬‬
‫‪٢٥٩‬‬ ‫التعليم العايل واجلامعي يف مواجهة كورونا‪...............................‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪٢٥٩‬‬ ‫جتارب عاملية وعربيـة‪...................................................‬‬


‫‪٢٦١‬‬ ‫‪ - 1‬مقدمة‪............................................................:‬‬
‫‪٢٦٤‬‬ ‫‪ -2‬فوىض التقويم اجلامعي‪............................................:‬‬
‫‪٢٦٥‬‬ ‫‪ -3‬أساتذة اجلامعة يف مواجهة اجلائحة‪..................................:‬‬
‫‪٢٦٨‬‬ ‫‪ -4‬الطالب يف ظل الكارثة‪.............................................:‬‬
‫‪٢٧٠‬‬ ‫‪ -5‬أزمة امليزانيات اجلامعية‪............................................:‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪10‬‬
‫تابع فهرس الدراسة‬

‫رقم‬ ‫احملتـويـات‬
‫الصفحة‬
‫‪٢٧١‬‬ ‫‪ -6‬البحث العلمي‪....................................................:‬‬
‫‪٢٧٢‬‬ ‫‪ -7‬بين التعليم اإللكتروين والتعليم عن ُبعـد‪...........................‬‬
‫‪٢٧٤‬‬ ‫‪ -8‬جودة التعليم اجلامعي يف ظل الوباء‪.................................:‬‬
‫‪٢٧٥‬‬ ‫‪-9‬الفجوة الرقمية اجلديدة‪............................................:‬‬
‫‪٢٧٦‬‬ ‫‪ -10‬جتارب عاملية‪.....................................................‬‬
‫‪٢٧٨‬‬ ‫‪ -1-10‬التجربة الصينية‪..............................................:‬‬
‫‪٢٨٠‬‬ ‫‪ -2-10‬جتربة الواليات املتحدة األمريكية‪.............................:‬‬
‫‪٢٨٣‬‬ ‫‪ -11‬جتربة اجلامعات األفريقية‪.........................................:‬‬
‫‪٢٨٤‬‬ ‫‪ -12‬اجلامعات العربية يف مواجهة األزمة‪...............................:‬‬
‫‪٢٨٥‬‬ ‫‪ -1-12‬التجربة املرصية‪..............................................:‬‬
‫‪٢٨٧‬‬ ‫‪ -2-12‬التجربة الليبية‪................................................:‬‬
‫‪٢٩٠‬‬ ‫‪ -13‬جتربة الدول اخلليجية‪............................................:‬‬
‫‪٢٩١‬‬ ‫‪ -1-13‬التجربة القطرية‪..............................................:‬‬
‫‪٢٩٢‬‬ ‫‪ -2-13‬التجربة السعودية‪............................................:‬‬
‫‪ -14‬الصعوبـات والتحديـات التـي واجهت التعليم اجلامعـي عن ُب ْع ٍد يف‬
‫‪٢٩٦‬‬ ‫اخلليـج‪............................................................:‬‬
‫‪ -15‬اسـتطالع آراء املفكريـن واخلبراء يف جـدوى التعليـم اإللكتروين يف‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪٢٩٧‬‬ ‫اخلليـج‪............................................................:‬‬
‫‪٣٠١‬‬ ‫‪ - 16‬خامتة الفصل‪....................................................:‬‬
‫‪٣٠٤‬‬ ‫مراجع الفصل السـابع ‪................................................:‬‬
‫‪٣٠٩‬‬ ‫الفصل الثامن‪.........................................................:‬‬
‫‪٣٠٩‬‬ ‫مستقبل التعليم العايل واجلامعي يف ظل أزمة كورونا‪......................‬‬
‫‪٣١١‬‬ ‫‪ -1‬مقدمة‪.............................................................‬‬

‫‪11‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تابع فهرس الدراسة‬

‫رقم‬ ‫احملتـويـات‬
‫الصفحة‬
‫‪٣١٦‬‬ ‫‪ -2‬هل سيكون التعليم إلكرتونيا فيام بعد كورونا؟‪......................:‬‬
‫‪٣١٧‬‬ ‫‪ -3‬حوار إشكايل بني أنصار التعليم عن ُب ْع ٍد والتعليم التقليدي‪..........:‬‬
‫‪٣٢١‬‬ ‫‪ -4‬املناهج املستقبلية فيام بعد كورونا‪...................................:‬‬
‫‪٣٢٥‬‬ ‫‪ -5‬زراعة املواهب اإلبداعية‪...........................................:‬‬
‫‪٣٢٩‬‬ ‫‪ -6‬املنافسة األكاديمية‪ :‬الرشكات اإللكرتونية ضد اجلامعات‪.............‬‬
‫‪٣٣١‬‬ ‫‪ -7‬خامتة‪.............................................................:‬‬
‫‪٣٣٤‬‬ ‫مراجع الفصل الثامـن‪..................................................‬‬
‫‪٣٣٧‬‬ ‫الفصل التّاسـع‪........................................................:‬‬
‫‪٣٣٧‬‬ ‫مستقبل التّعليم العام فيام بعد أزمة كورونا ‪...............................‬‬
‫‪٣٣٩‬‬ ‫‪-1‬مقدمـة‪............................................................:‬‬
‫‪٣٤٤‬‬ ‫ّطور‪.....................................................:‬‬ ‫‪ -2‬حتمية الت ّ‬
‫‪٣٤٨‬‬ ‫‪ -3‬سيناريوهات متوقعة‪..............................................:‬‬
‫‪٣٥٣‬‬ ‫‪ -4‬سيناريوهات العودة إىل املدرسة‪....................................:‬‬
‫‪٣٥٧‬‬ ‫‪ -5‬خامتة‪.............................................................:‬‬
‫‪٣٦٢‬‬ ‫مراجع الفصل التاسع‪.................................................:‬‬
‫‪٣٦٥‬‬ ‫الفصل العارش‪........................................................:‬‬
‫كورونـا‪ :‬دروس وعبر ‪:‬هـل سـتؤدي الصدمـة الكورونية إىل يقظـة الرتبية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪٣٦٥‬‬ ‫العربيـة ؟‪...........................................................‬‬


‫‪٣٦٧‬‬ ‫‪ - 1‬مقدمة‪............................................................:‬‬
‫‪٣٧٢‬‬ ‫‪ - ٢‬دروس وعرب ‪......................................................:‬‬
‫‪٣٧٢‬‬ ‫‪ -١ - ٢‬تثوير التعليم يف زمن الثورة الرقمية‪..............................:‬‬
‫‪٣٧٣‬‬ ‫‪ -٢ - ٢‬تطوير املناهج الدراسية‪.........................................:‬‬
‫‪٣٧٤‬‬ ‫‪ -٣ - ٢‬أمهية األرسة‪...................................................:‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪12‬‬
‫تابع فهرس الدراسة‬

‫رقم‬ ‫احملتـويـات‬
‫الصفحة‬
‫‪٣٧٥‬‬ ‫‪ -4 - ٢‬أمهية املدرسة‪..................................................:‬‬
‫‪٣٧٦‬‬ ‫‪ -3 - ٢‬التعاون بني األرسة واملدرسة‪....................................:‬‬
‫‪٣٧٧‬‬ ‫‪ - 4 - ٢‬االستعداد التكنولوجي‪........................................:‬‬
‫‪٣٧٨‬‬ ‫‪ - 5 - ٢‬جاهزية املحتوى اإللكرتوين‪....................................:‬‬
‫‪٣٧٩‬‬ ‫‪ -6 - ٢‬الثقافة اإللكرتونية والرقمية‪....................................:‬‬
‫‪٣٨٠‬‬ ‫‪ -7 - ٢‬التخطيط الرتبوي للمستقبل‪....................................:‬‬
‫‪٣٨١‬‬ ‫‪ -8 - ٢‬مهارات جديدة قبل الشهادات‪.................................:‬‬
‫‪٣٨٢‬‬ ‫‪ - 9 - ٢‬أمهية البحث العلمي‪...........................................:‬‬
‫‪٣٨٢‬‬ ‫‪ 10 - ٢‬ـ االبتكار‪......................................................:‬‬
‫‪٣٨٣‬‬ ‫‪ - 11 - ٢‬التعاون الدويل‪...............................................:‬‬
‫‪٣٨٤‬‬ ‫‪ - ٣‬هل ستؤدي الصدمة الكورونية إىل يقظة الرتبية العربية؟‪...............‬‬
‫‪٣٩٧‬‬ ‫‪-٤‬خامتة‪..................................................................:‬‬
‫‪٣٩٨‬‬ ‫مراجع الفصـل ‪.......................................................:‬‬
‫‪٤٠١‬‬ ‫‪-٥‬اخلامتة‪.................................................................:‬‬
‫‪٤٠١‬‬ ‫نحول الكارثة إىل فرصة‪........................................‬‬ ‫‪ - ٦‬كيف ّ‬
‫‪٤١٣‬‬ ‫مراجع ‪...............................................................:‬‬
‫‪٤١٥‬‬ ‫مراجع الكتـاب‪........................................................‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪٤١٧‬‬ ‫مراجـع أجنبيـة‪.........................................................‬‬


‫‪٤٢٨‬‬ ‫مراجع عربيـة‪..........................................................‬‬
‫‪٤٤٥‬‬ ‫ملخص الكتـاب‪.......................................................‬‬

‫‪13‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫امللخص‪:‬‬
‫اإللكتروين وحتد َّياتـه يف ضـوء جائحـة‬
‫ِّ‬ ‫يتنـاول الكتـاب إشـكاليات التَّعليـم‬
‫كورونـا ويبحـث يف جدليـات التفاعـل والتأثير بين خمتلـف عوامـل هـذه القضيـة‬
‫ومتغرياهتـا‪ ،‬ويسـتقيص خمتلـف اجلوانـب اإلشـكالية التـي تتعلـق بالرتبيـة والتعليـم‬
‫يف زمـن كورونا‪.‬بداية يسـتعرض الفصل األول إشـكالية الصدمـة األوىل للفريوس‬
‫التـي أ َّدت إىل اإلغلاق الشـامل للمـدارس واملؤسسـات التعليميـة ومـا تَّرتـب عىل‬
‫هـذا األمـر مـن حتديـات فرضـت نفسـها على التعليـم ومؤسسـاته يف خمتلـف أنحـاء‬
‫العامل‪.‬‬
‫ويتنـاول الفصـل الثاين مفهوم التعليم اإللكرتوين وتداخالته مع خمتلف املفاهيم‬
‫املتامخـة لـه يف خمتلـف املسـتويات التعليميـة‪ .‬وقـد ك ُِّـر َس الفصـل الثالـث (األطفـال‬
‫مهـب كورونـا) ملعاجلـة التأثيرات التـي فرضتهـا‬ ‫ِّ‬ ‫يف مواجهـة اإلعصـار‪ ..‬جيـل يف‬
‫جائحـة كورونـا عىل أطفـال العامل وعىل حياهتم ونشـاطاهتم يف خمتلـف أنحاء العامل‪.‬‬
‫خيـارا استراتيج ًّيا؛ ملواجهة األزمة‬‫ً‬ ‫ويعالـج الفصـل الرابـع التعليم عـن ُب ْع ٍدبوصفه‬
‫يف خمتلـف التجـارب العربيـة والعامليـة‪ .‬أ َّمـا الفصـل اخلامـس فقد ك ُِّـر َس للبحث يف‬
‫معطيـات التجربـة الرتبويـة لـدول اخلليـج العـريب يف مواجهـة األزمـة‪ .‬ويسـتعرض‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكتروين‪ ،‬كما‬
‫ِّ‬ ‫الفصـل السـادس إشـكالية العالقـة بين التَّعليـم التَّقليد ِّيوالتَّعليـم‬
‫السمات واخلصائـص التـي مت ِّيـز كال منهما يف سـياقه التارخيـي‪ ،‬ومـن ثـم‬ ‫يتنـاول ِّ‬
‫يتـم فيهـا االنتقـال إىل التعليم اإللكرتوين عـن بعديف ظل‬ ‫يبحـث يف الكيفيـات التـي ّ‬
‫الكارثة‪.‬‬
‫وقـد ك ُِّـر َس الفصل السـابع ملناقشـة التحديات التي فرضت نفسـها على التعليم‬
‫العـايل واجلامعـي يف مواجهة كورونايف سـياق التجـارب العامليـة والعربيةكام يبحث‬

‫‪15‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الكيفيـات التـي اعتمدهتـا خمتلـف البلـدان يف التصـدي للكارثـة ومتابعـة التحصيل‬
‫العلمـي عـن بعـد يف ظـروف كورونـا وتعقيداهتـا‪ .‬وفيما بعـد تـم تنـاول مسـتقبل‬
‫التعليـم العـايل واجلامعـي يف ظـل أزمـة كورونـا يف الفصـل الثامن‪.‬وعلى األثـر متت‬
‫مناقشـة مسـتقبل التّعليم العام واألسـايس فيام بعد أزمة كورونا يف الفصل التّاسـع‪.‬‬
‫ويف الفصـل العـارش‪ ،‬يسـتعرض الكتـاب مسـألة الـدروس والعرب املسـتفادة من‬
‫أزمـة كورونـا‪ ،‬كما يبحـث يف الوضع العـريب املتأزموصيرورة االنتقـال الرتبوي إىل‬
‫عـامل الثـورة الرقميـة حتـت تأثير الصدمة‪ ،‬كام يبحـث يف الكيفيـات التـي يمكن فيها‬
‫حتـرض املدرسـة العربيـة على التفاعـل مـع معطيـات العصر وحتوالتـه‬ ‫لألزمـة أن ّ‬
‫الثوريـة يف مسـتقبل الثـورة الصناعية‪.‬‬

‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪16‬‬
‫املقدّ مة‪:‬‬
‫جمـرد مسـاحة بكترييـة أو فريوسـية عابـرة لألجسـام احليوانيـة‪ ،‬وليسـوا‬
‫«البشر َّ‬
‫صـورة إهل َّيـة مطبوعـة على صلصـال مقـدَّ س»‪ .‬فتحـي املسـكيني‬
‫وهـزت أوصاهلـا وصدمـت‬ ‫َّ‬ ‫كيـان احلضـارة اإلنسـانية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َصعقـت اجلائحـ ُة‬
‫اسـتقر مـن قيمهـا األخالق َّيـة‪ ،‬وفتحـت منافـذ جديـدة‬ ‫َّ‬ ‫وجداهنـا‪ ،‬وخلخلـت مـا‬
‫الكـوين األعمـق يف خمتلـف جمـاالت الفكـر والسياسـة والفلسـفة‪ .‬وجـاءت‬ ‫ِّ‬ ‫للوعـي‬
‫كثيرا مـن املسـلامت املعرفيـة اجلديـدة واألسـاطري الفكريـة القديمة‪،‬‬ ‫لتغير ً‬‫اجلائحـة ِّ‬
‫الضاربة بجذورها يف مسـتنقع االستسلام‬ ‫فأيقظـت اإلنسـانية مـن غفوهتـا العميقـة َّ‬
‫للطمأنينـة احلضاريـة الكسـولة‪ .‬وجـاءت هذه الصدمة لتسـقط عىل وجـه التَّحديد‪،‬‬
‫األطروحـات األسـطورية لنزعـة مـا بعـد اإلنسـانية التـي تـرى يف عـامل اإلنسـان‬
‫القـادم ومسـتقبله اجلديـد رصحـا للوجـود اإلنسـاين احلافـل باملعجـزات احلضاريـة‬
‫واملدهشـات التكنولوج َّيـة التـي تعتمـل يف قلـب احلضـارة املعرفية والثـورة الرقمية‬
‫املعـارصة‪ .‬وأصابـت صدمـة اجلائحـة رجـال املـال واألعمال‪ ،‬وهـا هـي الشركات‬
‫االقتصاديـة يف طريقهـا إىل اإلفلاس‪ ،‬وميزانيات الدُّ ول يف سـبيلها إىل االهنيار‪ ،‬وما‬
‫سـيأيت قـد يكـون ر َّبما أشـد وق ًعـا وأعظـم هـوال‪ .‬ويف معترك هـذه اجلائحـة مل ينفـع‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املؤسسـات‬
‫قوهتـم‪ ،‬وال َّ‬ ‫الساسـ َة حنكتَهـم‪ ،‬وال قـاد َة اجليـوش َّ‬ ‫األغنيـا َء ماهلـم وال َّ‬
‫فائضهـا املقـدَّ س‪ .‬ومـا زال العلم ‪ -‬وهو األمـل الوحيد املتب ِّقـي ‪-‬غري قادر‪،‬‬ ‫الدينيـة َ‬
‫األقـل حتـى اليـوم‪ ،‬عـن مواجهـة هـذا‬ ‫ِّ‬ ‫بـل يف وضـع أقـرب إىل العجـز التَّـا ِّم‪ ،‬على‬
‫املجـردة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الصغـر ال ُيـرى بالعين‬
‫التحـدي املرعـب لفيروس متناهـي ِّ‬
‫نعـم‪ .‬هـو فيروس صغير‪ ،‬لكنَّـه اسـتطاع أن يشـكِّل بتأثيره الكبير وعيـا ثقاف ًّيـا‬
‫جديـدً ا‪ ،‬يدعـو إىل التَّأسـيس لفكـر جديد يتَّصل هبو َّيـة اإلنسـان‪ ،‬وبمكانته املزعومة‬

‫‪17‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مركـزا لـه‪ ،‬وصان ًعـا للحضـارة فيـه‪ ،‬وبان ًيـا للقـوة واملجـد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يف هـذا الكـون بوصفـه‬
‫وليـس يف ن َّيتنـا أن نذهـب أبـدً ا إىل التقليـل مـن شـأن العلـم‪ ،‬بـل نحـن على العكس‬
‫بـأن العلـم سـيجد الـدواء املناسـب هلـذا الـداء عاجلا أم‬ ‫مـن ذلـك‪ ،‬على ثقـة تا َّمـة َّ‬
‫لينقـذ اإلنسـانية مـن هـذا املصير املخيـف‪ .‬ومـع ذلـك يبقـى علينـا أن نثير‬ ‫َ‬ ‫آجلا؛‬
‫السـؤال اخلطير‪ :‬مـا عـدد اجلائحـات التـي تنتظـر اإلنسـانية يف مسـتقبلها القريـب‬
‫والبعيـد؟ ومـا عـدد الفريوسـات الغافيـة اهلاجعة يف جـوف الغيب‪ ،‬والتـي تنتظر أن‬
‫وتنقض عىل بني آدم يف ال َّلحظة املناسـبة‪ ،‬وهي فريوسـات قد تكون أشـد‬ ‫ُّ‬ ‫تسـتيقظ‪،‬‬
‫كل اجلائحـات التي عرفتهـا اإلنسـانية عرب تارخيهـا املديد؟‬ ‫فتـكًا وأعظـم هـوال مـن ِّ‬
‫الرهيبـة الكامنـة يف تالفيـف‬ ‫فالعلماء يؤكِّـدون وجـود جحافـل مـن الفريوسـات َّ‬
‫أن طبقات السماء العليا‬ ‫املتجمـد‪ ،‬ويعتقدون أيضا َّ‬‫ِّ‬ ‫اجلبـال اجلليديـة للقطب الشمايل‬
‫قـد حتمـل إلينـا جائحـات فريوسـية أعظم وأشـدَّ مـن جائحـة (كوفيـد‪ )19-‬بآالف‬
‫احلـراري؛ فتسـقط عىل األرض وبـاال وكأهنا‬ ‫ُّ‬ ‫حيررهـا االحتباس‬‫املـرات‪ ،‬والتـي قـد ِّ‬‫َّ‬
‫الكثير مـن التَّحديـات اهلائلـة‬
‫ُ‬ ‫الصعيـد‬
‫حجـارة مـن سـجيل‪ .‬نعـم‪ ،‬هنـاك على هـذا َّ‬
‫التـي تواجـه املجتمـع اإلنسـاين‪ ،‬وهـو ما يسـتدعي بإحلـاح السـؤال التَّـايل‪ :‬ما مصري‬
‫احلضـارة اإلنسـانية؟ وأيـن هـي مركز َّيـة اإلنسـان يف هـذا الزمـن الرهيـب الـذي‬
‫تكاثفـت فيـه األزمـات االقتصادية وتضافرت مـع اندالع احلروب املد ِّمـرة‪ ،‬وزيادة‬
‫التلـوث‬
‫ُّ‬ ‫التطـرف والتعصـب والكراهيـة‪ ،‬وتفاقـم أزمـات البيئـة‪ ،‬وتعاظـم‬ ‫ُّ‬ ‫درجـة‬
‫يف األرض‪ ،‬والفسـاد يف املجتمعـات اإلنسـانية‪ ،‬تزامنًـا مـع احلـروب البيولوجيـة‬
‫أن رأت هلا‬‫واجلرثوميـة التـي نراهـا اليـوم‪ ،‬والتـي تنـذر بكوارث مل يسـبق لإلنسـانية ْ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫مثيلا‪ ،‬وكأهنـا بدايـة هنايـة اإلنسـان والتاريـخ اإلنسـاين مجل ًة‪.‬‬


‫إن اجلائحـة احلاليـة مت ِّثـل ظاهـر ًة عامليـ ًة كوكبيـة‪ ،‬وترتسـم مفصال تارخييـا ملرحلة‬ ‫َّ‬
‫االتاهات‬‫الصـارخ يف خمتلـف ِّ‬ ‫تأثريهـا َّ‬ ‫َّ‬
‫ويتجلى ُ‬ ‫جديـدة يف تاريـخ الفكـر اإلنسـاين‪،‬‬
‫العلميـة واملعرفيـة؛ يف جمـال الفـن والتاريـخ‪ ،‬كما يف جمـال األدب والفلسـفة‪ ،‬وعلـم‬
‫أن هـذه الكارثة اجلرثوميـة قد أحدثت‬ ‫االجتماع واالقتصـاد والرتبيـة‪ .‬ومـن املؤكـد َّ‬
‫رشخـا تارخي ًّيـا سـ ُيتَّخذ يف املسـتقبل عالمـة تارخي َّيـة فارقـة‪ ،‬تقسـم التاريـخ إىل‪« :‬مـا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪18‬‬
‫التحـوالت النوعية‬‫ُّ‬ ‫بعـد كورونـا (كوفيـد‪ )19-‬ومـا قبلهـا»‪ ،‬لإلشـارة إىل نمط مـن‬
‫أن مالمـح هـذه املرحلة بـدأت تفرض‬ ‫الفريـدة يف تاريـخ اإلنسـان َّية‪ .‬ومـن الواضـح َّ‬
‫نفسـها عبر عدد ضخم مـن الكتابات واملقاالت العلمية يف خمتلـف امليادين الفكرية‬
‫لتحليـل أبعـاد هـذه الظاهـرة وانعكاسـاهتا اخلطيرة يف خمتلـف جمـاالت‬ ‫ِ‬ ‫والعلميـة؛‬
‫أن اآلثار الفكرية واالجتامعية للظاهرة‬ ‫احليـاة‪ .‬ويعتقـد اليوم‪ ،‬بغري قليل مـن اليقني‪َّ ،‬‬
‫بأضعـاف مضاعفة‪ ،‬فالكارثـة ‪ -‬كام تنبئ‬‫ٍ‬ ‫الصحي‬ ‫سـتكون أكبر بكثير من حجمهـا‬
‫ِّ‬
‫الدراسـات ‪ -‬سـتؤدي إىل إعادة صوغ التشـكيالت االقتصادية االجتامعية السـائدة‬
‫ثـوري جديـد يفجـر خمتلـف األطـر الثقافيـة والفكريـة‪ ،‬وقد‬ ‫ٍّ‬ ‫تارخيـي‬
‫ٍّ‬ ‫حتـول‬
‫يف نسـق ُّ‬
‫التحـول إىل تغيير جوهـري يف تفاعـل اإلنسـان مـع مكونـات الوجـود‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫يـؤدي هـذا‬
‫وتفاصيـل املعيـش اليومـي‪ ،‬ضمـن أنسـاق التفاعـل االجتامعـي والتفاعل مـع البيئة‬
‫احلاضنـة للوجـود اإلنسـاين‪ .‬وهكـذا‪ ،‬فالكارثة اليـوم ال تتم َّثل جوهر ًّيـا يف األعداد‬
‫اهلائلـة للمصابين باجلائحـة‪ ،‬بـل يف مضاعفاهتـا اهلائلـة يف خمتلف جمـاالت احلياة‪.‬‬
‫لقـد أ َّدت اجلائحـة إىل توليـد أزمـات اجتامعيـة واقتصاديـة وسياسـية يف العـامل‪،‬‬
‫أن هـذا‬ ‫شـك َّ‬
‫ربما تكـون هـي األكثـر خطـورة يف تاريـخ احلضـارة اإلنسـانية‪ .‬وال َّ‬
‫سـينعكس فكر ًّيـا وفلسـف ًّيا يف خمتلـف جماالت املعرفـة اإلنسـانية‪ ،‬وال أحد يمكن أن‬
‫إنسـاين جديـد خمتلف‬ ‫ٍّ‬ ‫يتن َّبـأ بالنتائـج التـي قـد تفرضهـا هـذه األزمـة يف صـوغ وجود‬
‫حصار يداهـم الفضاء اإلنسـاين‬ ‫ٍ‬ ‫ك ِّل ًّيـا َّ‬
‫عما عرفنـاه يف املـايض‪ .‬فاألزمـة تأخـذ صـورة‬
‫مـرة يف تاريـخ اإلنسـانية‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ألول َّ‬
‫ومؤسسـات ومعـارف َّ‬ ‫َّ‬ ‫بما يشـتمل عليـه مـن دول‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وسـتظل موضو ًعـا للبحـث والتحليـل‪ ،‬ر َّبما على مـدى العقـود الثامنيـة املقبلـة مـن‬ ‫ُّ‬
‫جتسـد بأبعادهـا الكارثيـة صـورة ظاهـرة‬ ‫القـرن احلـادي والعرشيـن‪ .‬فاجلائحـة ِّ‬
‫فإنـا متتـدُّ لتأخـذ‬
‫اجتامعيـة عامليـة‪ ،‬وهـي ‪ -‬وإن كان أساسـها بيولوج ًّيـا جرثوم ًّيـا‪َّ -‬‬
‫أبعـا ًدا فكريـة ثقافيـة اقتصاد َّيـة وسياسـ َّية بالغـة األمهيـة‪ ،‬وهي يف الوقت نفسـه ‪-‬كام‬
‫يـرى كثير مـن اخلبراء‪ -‬نتـاج لفعاليـات سياسـية واقتصاديـة منشـؤها النيوليربال َّيـة‬
‫اجلديـدة التـي أمعنـت يف تدمير البيئـة‪ ،‬والثقافـة‪ ،‬والطبيعـة‪ ،‬واإلنسـان‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫كثير مـن الباحثين إىل سـنة ‪ 2020‬بوصفهـا زمنـا‬ ‫السـياق‪ ،‬ينظـر ٌ‬‫وضمـن هـذا ِّ‬
‫أن فيروس كورونـا املسـتجدَّ‬ ‫كارث ًّيـا بجميـع املقاييـس‪ .‬وقـد ثبـت باألدلـة القاطعـة َّ‬
‫هـو أخطـر فيروس أصـاب كوكـب األرض بعـد الكولريا‪ ،‬فقـد أثر بشـدة عىل مجيع‬
‫كبريا يف املفاهيم واملامرسـات والعادات‬ ‫تغيريا ً‬
‫قطاعات احلياة‪ ،‬واسـتطاع أن حيدث ً‬
‫السـائدة‪ ،‬وجعـل مـن اخلوف وهواجـس املوت والعـدم قل ًقا‬ ‫والتقاليـد ِّ‬
‫والذهنيـات َّ‬
‫مقيما‪ ،‬يصـول وجيـول بشـبحه املخيـف يف ثنايـا احليـاة اإلنسـانية املعارصة‪.‬‬ ‫وجود ًّيـا ً‬
‫التطـورات املحليـة والعاملية التـي تتع َّلق‬
‫ُّ‬ ‫واجلميـع اليـوم يرت َّقـب ويراقـب عن كثـب‬
‫الصحية‬ ‫يسـجلها الفريوس‪ ،‬عرب األخبـار ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫بعـدد اإلصابـات والوفيـات اليومية التي‬
‫كل يوم وسـاعة‪.‬‬ ‫واإلعالميـة التـي تفيـض بالتَّحذيـرات ال ِّطبيـة يف ِّ‬
‫أن دور اإلنسـان ومنزلته يف هـذا الكون‬ ‫ح َّلـت جائحـة كورونـا اليـوم بيننـا لتؤكِّـد َّ‬
‫كيـاين‪ :‬اإلنسـان‬
‫ِّ‬ ‫الصلـة بين‬
‫هامشـ َّية‪ .‬وإذا كانـت نظر َّيـة دارون قـد أكَّـدت عمـق ِّ‬
‫الصلات‬ ‫واحليـوان‪ ،‬فقـد جـاءت هـذه اجلائحـة؛ لتدفعنـا دف ًعـا إىل إعـادة التفكير يف ِّ‬
‫احليويـة بين اإلنسـان والفيروس‪ ،‬فاإلنسـان كينونـة حيويـة ح َّيـة‪ ،‬وكذلـك هـو حال‬
‫«جمرد‬‫جـذرا مشتركًا بين الدقائـق احليـة واإلنسـان‪ .‬فالبشر َّ‬ ‫ً‬ ‫الفيروس‪ ،‬أي أن هنـاك‬
‫مسـاحة بكترييـة أو فريوسـية عابرة لألجسـام احليوانية‪ ،‬وليسـوا صـورة إهلية مطبوعة‬
‫على صلصـال مقدَّ س (املسـكيني‪ .)2020 ،‬كذلك فإن «هو َّية أجسـادنا ال توجد بني‬
‫أيدينـا‪ ،‬يف مسـاحة أخالقيـة مرئ َّيـة‪ ،‬يمكننا أن نسـيطر عليها‪ ،‬بل أصبحت ارتسـامات‬
‫األخالقـي للبشر مـن أجـل أن تعيدهـم إىل الرتكيبـة اخللو َّية‬
‫َّ‬ ‫وراثيـة تتخطـى اال ِّدعـاء‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التـي يشتركون فيهـا مع النبـات واحليـوان «(املسـكيني‪.)2020 ،‬‬


‫تفوق اإلنسـان يف دورة االصطفـاء وغائيته ضمن‬ ‫وإذا كان دارويـن قـد أكَّد عىل ُّ‬
‫مملكـة احليـوان‪َّ ،‬‬
‫فـإن املعادلـة األكثـر أمه َّية واألشـدُّ وق ًعـا تكمن يف ثـورة الفريوس؛‬
‫السـياق دور الفاعـل‪ ،‬يف حين يقتصر دور اإلنسـان‬ ‫ألن الفيروس يأخـذ يف هـذا ِّ‬
‫على املفعول َّيـة‪ .‬وبعبـارة أخـرى تنعكـس املعادلـة بين ذاتيـة اإلنسـان وموضوعيـة‬
‫لتتحـول إىل موضوعية اإلنسـان وذاتية الفريوس‪ ،‬أي‪ :‬أن اإلنسـان أصبح‬ ‫ُّ‬ ‫احليـوان؛‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪20‬‬
‫جمـرد مـادة‬
‫وحيولنـا إىل ِّ‬
‫موضو ًعـا للفيروس‪ ،‬فالفيروس يلتهـم أجسـادنا‪ ،‬وهيامجنـا ِّ‬
‫ويغير مـن‬
‫ِّ‬ ‫يتلـون وجيتهـد‪،‬‬
‫دورا ذك ًّيـا‪ ،‬إذ َّ‬
‫وموضـوع لـه‪ ،‬ويف الوقـت نفسـه يـؤ ِّدي ً‬
‫هيئتـه‪ ،‬وخيـرج علينـا هبيئـات أكثـر ذكاء وقـدرة على التخ ِّفـي تتمثـل يف إعـادة نسـخ‬
‫نفسـه بأشـكال خف َّيـة تتميـز باملكر والدهـاء‪ .‬وإذا كان ذكاء الفريوس قـد تغ َّلب عىل‬
‫أن ذكاء هـذا الفريوس‬ ‫فـإن ال َّطا َّمـة الكُبرى تتم َّثل يف َّ‬
‫الـذكاء البيولوجـي لإلنسـان‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫الـذكاء العلمـي للبرش الذين مل يسـتطيعوا الكشـف‬ ‫مـا زال يتغ َّلـب حتـى اليـوم على ِّ‬
‫املرئي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الكائـن غير‬ ‫عـن املضـا َّدات احليويـة التـي قـد توقـف زحف هـذا‬
‫وحتَّـى إن اسـتطاع اإلنسـان يف القريـب العاجـل أن جيـد البلسـم َّ‬
‫الشـايف هلـذه‬
‫فـإن اخلطـر ُّ‬
‫يظـل ماثلا يف الوجـود‪ ،‬ويتم َّثـل يف أن الفيروس املسـبب هلـا‬ ‫اجلائحـة‪َّ ،‬‬
‫ليـس إال واحـدً ا مـن ماليين الفريوسـات الذكيـة التـي ترت َّبـص بأجسـاد البشر‪،‬‬
‫لتفتـك هبا! والسـؤال اجلاثم عىل صدر اإلنسـانية على الدوام هو‪:‬‬‫َ‬ ‫وتتحين الفـرص؛‬
‫َّ‬
‫كل مـرة هتامجـه فيهـا هـذه الكائنـات؟‬‫هـل سـيكون يف مقـدور اإلنسـان أن ينتصر يف ِّ‬
‫والسـؤال األخطـر‪ :‬مـاذا لـو خسر اإلنسـان حربـا واحـدة مـع فيروس مسـتجدٍّ ال‬
‫إن اخلسـارة الواحـدة قـد تعني فنـاء اجلنس البرشي من على األرض‪ ،‬وهذا‬ ‫يرحـم؟ َّ‬
‫ٌ‬
‫حمتمـل‪ ،‬والسـ َّيام يف أجـواء احلـروب احليويـة التـي تديرهـا الـدول والشركات‬ ‫أمـر‬
‫ٌ‬
‫أن البشر يشـكِّلون بأنفسـهم أدوات اإلفنـاء باصطنـاع احلـروب‪،‬‬ ‫الكُبرى‪ .‬ذلـك َّ‬
‫وهكـذا فاإلنسـان قـد يكـون عونًـا يسـاعد على هزيمـة اإلنسـان نفسـه‪ ،‬يف املركـز‬
‫ويف اهلامـش على حـدٍّ سـواء‪ .‬وليـس هـذا بغريب يف عـامل البشر وتارخيـه‪ ،‬إذ تبدَّ دت‬
‫حضـارات كحضـارة اهلـون يف رشقـي أوروبـا‪ ،‬واإلنـكا واملايـا يف املكسـيك ودول‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أمريـكا الالتينيـة‪ ،‬واختفـت فجـأ ًة دون سـابق إنـذار‪ ،‬حتـى َّ‬


‫إن الغـزاة الغرب ِّيين حني‬
‫وصلـوا إىل تلـك املناطق‪ ،‬مل جيـدوا إال أهراماهتم قائم ًة من غري برش أو حياة‪« .‬وهناك‬
‫دراسـات تشير إىل أن سـبب االنقـراض هـو البكترييـا التـي محلهـا الرجـل األبيـض‬
‫إىل أرض القـارة األمريكيـة‪ ،‬والتـي كانـت أرسع مـن حامليهـا يف غـزو أمـم ال متلـك‬
‫احلصانـة الكافيـة ضدَّ ها‪ ،‬ففنيـت وانتهت وذهبت يف خبر كان»‪( .‬املاجري‪،2020،‬‬
‫الصحبي املاجري‪« :‬إن انتشـار فيروس كورونا يعيد‬ ‫‪ .)15‬ويف هـذا السـياق‪ ،‬يقـول ّ‬

‫‪21‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫كل هـذه البشـارات حـول (األبوكاليبـس) أو هنايـة العـامل‪ ،‬ويرجع‬ ‫إىل أذهـان النـاس َّ‬
‫للواجهـة كل النبـوءات التـي تتحـدَّ ث عـن هنايـة احلضـارة املعـارصة عبر فيروس‬
‫قاتـل خيـرج مـن خمابـر األسـلحة البيولوجية وال يمكن السـيطرة عليـه إال عرب حرب‬
‫نوويـة بـإرادة اإلنسـان أو اآللـة التـي قـد ختطـئ يف التقديـر‪ ،‬فتتسـ َّبب يف التدمير»‬
‫(املاجـري‪ .)2020،‬إننـا أمـام وضـع جديـد «خيتلف عن األوبئـة القاتلـة التي عرفها‬
‫التاريـخ البشري‪ ،‬بـدءا بموجـات ال َّطاعون املريعـة يف العصور الوسـطى وصوال إىل‬
‫اإلنفلونـزا اإلسـبانية يف هنايـة احلـرب العامليـة األوىل‪ ،‬والتـي ذهب ضحيتها مخسـون‬
‫مليـون قتيـل مـن أشـهرهم عـامل االجتماع األملـاين «ماكـس فيبر» والشـاعر الفرنسي‬
‫«أبولينير» والكاتـب التشـيكي «فرانـز كافـكا « (ولـد أبـاه‪.)2020 ،‬‬
‫شـك فيه أن اجلائحة جاءت صدمة مفاجئة للمجتمع اإلنسـاين املعارص‪،‬‬ ‫مـما ال َّ‬
‫َّ‬
‫ويعود السـبب ‪ -‬يف رأينا‪ -‬إىل َّ‬
‫أن اإلنسـان املعارص اسـتكان كل ًّيا إىل القدرة العبقرية‬
‫امللمات واجلائحـات‪.‬‬
‫للعلـوم واملعـارف اإلنسـانية يف إجيـاد احللـول الرسيعـة لـكل َّ‬
‫عاجـزا عـن تقديـم العلاج املناسـب خلال‬ ‫ً‬ ‫وجـاءت الصدمـة عندمـا وقـف العلـم‬
‫الزمن‪ .‬وكانت األشـهر العرشة املاضية كافيـة لتدمري اقتصاديات‬ ‫ٍ‬
‫أشـهر متعاقبـة من َّ‬
‫الـدول والشركات‪ ،‬واألعامل‪ ،‬ومداخيل األفـراد‪ ،‬واألرس‪.‬‬
‫الصدمـة كانـت عنيفـة جـدًّ ا يف املجـال االجتامعـي والرتبوي عىل‬
‫أن َّ‬‫وال مـرا َء يف َّ‬
‫حـدٍّ سـواء؛ إذ ُت َعـدُّ هـذه هـي املـرة األوىل‪ ،‬منـذ اإلنفلونـزا اإلسـبانية عـام ‪،1918‬‬
‫التـي ُيكـره فيهـا النـاس أطفـاال وشـيوخا وشـبابا على مالزمـة منازهلـم يف احلجـر‬
‫الصحـي املقيـت لفترات زمن َّي ٍـة طويلـة‪ .‬وكان هـذا األمـر مفاجئـا لعلماء النفـس‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫والرتبيـة واملجتمـع‪ .‬ويف غمـرة هـذه الصدمـة وجـد هـؤالء العلماء أنفسـهم ضمـن‬
‫جديـد مل يألفـوه‪ ،‬وفضـاء جديـد مل جيـدوا الفرصـة للنظـر يف أبعـاده بعـد‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حقـل‬
‫كما تتم َّثـل َّ‬
‫الصدمـة يف اهتـزاز معظـم النظريـات الكالسـيكية التـي عرفناهـا يف‬
‫علـم االجتماع الرتبـوي حـول التنشـئة االجتامعيـة وأوجـه التفاعـل االجتامعـي يف‬
‫واملؤسسـات الرتبو َّيـة يف زمـن األزمـة‪ .‬ونحن اليوم على أبواب علم‬
‫َّ‬ ‫أعماق األُرسة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪22‬‬
‫اجتماع جديـد هـو علـم اجتماع األوبئـة أو علـم الرتبيـة يف زمـن األوبئة‪ ،‬وهـو علم‬
‫هـزت‬
‫بـدأت تُرسـم مالحمـه األوىل حتـت تأثير الصدمـة الكورون َّيـة اجلديـدة التـي َّ‬
‫أوصـال املجتمعـات اإلنسـانية وزلزلـت بنياهنـا‪.‬‬
‫هـذا مـن جهـة‪ ،‬ومـن جهة ُأخـرى‪َّ ،‬‬
‫فإن هـذه العلوم اجلديـدة بدأت تأخـذ طاب ًعا‬
‫مسـتقبل ًّيا توظـف يف جمـال االسـتعداد للجائحـات الوبائيـة واالهتـزازات الكارثيـة‬
‫املحتملـة يف جمـال البيئـة‪ ،‬كالكـوارث الطبيعـة مـن‪ :‬زالزل‪ ،‬وبراكين‪ ،‬وأمـراض‪،‬‬
‫وحـروب‪ .‬وذلـك بعـد الصدمـة التـي أيقظـت املجتمـع اإلنسـاين على حقيقـة‬
‫الصمـود أمام الكوارث‬ ‫جديـدة‪ ،‬هي َّ‬
‫أن اإلنسـانية بعلومها املتقدمة ربام ال تسـتطيع ُّ‬
‫القادمـة التـي قـد تدفـع اإلنسـان للبحـث عن مالجـئ يف الكهـوف‪ .‬فهنـاك كوارث‬
‫احلـراري وغمـر البحـار‬
‫ّ‬ ‫كثيرا مثـل االحتبـاس‬
‫كُبرى حمتملـة ال ينفـع فيهـا العلـم ً‬
‫والـزالزل العنيفـة والرباكين اهلـادرة‪.‬‬
‫والفيضانـات اهلائلـة َّ‬
‫التجمـع واالجتامع ووضع‬ ‫ُّ‬ ‫وإذا كان الفيروس قـد ح َّطـم االقتصاد وكرس دوائر‬
‫البرشيـة يف الكهـوف السـوداء للخـوف والعـدم‪ ،‬ومل يترك بقعـ ًة مضيئـ ًة يف حيـاة‬
‫كل مظاهـر احليـاة‪ ،‬فـإن تأثيره يف التعليم‬ ‫البشر ضار ًبـا بالعتمـة والظلمـة واخلـوف َّ‬
‫كان أشـدَ وق ًعـا وأكثـر هـوال؛ فلقـد أغلق األبواب‪ ،‬وحـارص العقـول الفت َّية وفرض‬
‫على األطفـال والشـباب عـودة قرسية إىل ِّ‬
‫ظـل احلياة بعيدً ا عـن أنوارهـا ومباهجها‪،‬‬
‫فبـدا ُّ‬
‫كل يشء قامتًـا بـار ًدا جليد ًّيـا وكأهنـا سـكرة املـوت حلقـت باملجتمـع الرتبـوي‬
‫يقـف‬
‫ُ‬ ‫يف مجيـع أنحـاء العـامل‪ .‬إهنـا حلظـات فريـدة يف تاريـخ التعليـم جعلـت العـامل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الصدمـة ويف دائـرة العتمة‪.‬‬


‫مذهـوال أمـام َّ‬
‫وانطلقـت الدِّ راسـات الرتبويـة واألبحـاث العلميـة يف حماولـة للكشـف عـن‬
‫اجلوانـب املظلمـة لألزمـة‪ ،‬وابتـكار وسـائل املواجهـة وطـرق الدِّ فـاع واحلاميـة‪،‬‬
‫ودراسـة التَّأثير البعيـد والقريـب هلـذه األزمـة يف املجتمـع ال ُّطلايب على مسـتوى‬
‫ثـم االنطلاق إىل مواجهـة‬ ‫الكوكـب‪ ،‬يف حماولـة جـا َّدة لفهـم مـا جيـري‪ ،‬ومـن َّ‬
‫الصعبـة التـي مل يشـهد هلـا التاريـخ مثيلا‪.‬‬
‫التَّحديـات َّ‬

‫‪23‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫املؤسسـات التعليم َّيـة يف خمتلـف‬‫ولقـد دفعـت جائحـة كورونـا (كوفيـد‪َّ )19-‬‬
‫دول العـامل إىل تطويـر بدائـل مناسـبة ومبتكـرة للتَّعامـل مـع الواقـع الـذي فرضتـه‬
‫مههـا االنتقـال إىل التع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد‪ ،‬وتدريـب أعضـاء هيئـة التدريـس‬
‫اجلائحـة‪ ،‬وأ ِّ‬
‫على اسـتخدام برامـج التَّعليـم ومـوا ِّده وأدواتـه عبر اإلنرتنـت‪ ،‬إضافـة إىل تدريـب‬
‫ال َّطلبـة على التَّعامـل مـع تلـك الربامـج وكيفية اسـتخدامها‪ .‬وهتـدف هذه الدِّ راسـة‬
‫إىل إ ْطلاع املسـؤولني عـن التَّعليـم والباحثني وصنَّاع القرار عىل اآلثـار التي خ َّلفتها‬
‫اجلائحـة عىل العمليـة التعليمية‪ ،‬والسياسـات والربامج وتدابري الطـوارئ التعليم َّية‬
‫التـي تسـهم يف احلـدِّ مـن تداعياهتا على تلك العملية‪ ،‬وكيف َّية االسـتفادة مـن التَّعليم‬
‫اإللكتروين باعتبـاره بديلا مناسـ ًبا يف ضـوء انتشـار اجلائحـة واسـتمرار تأثريها ر َّبام‬
‫ٍ‬
‫ألشـهر مقبلة‪.‬‬
‫وضمـن هـذه املحـاوالت اجلـا َّدة للكشـف عـن أبعـاد هـذه الظاهرة ومالبسـاهتا‬
‫ٍ‬
‫متواضعـة لتحليـل أبعـاد هـذه القضيـة وتفاعالهتـا‬ ‫ٍ‬
‫كمحاولـة‬ ‫تـأيت دراسـتنا احلاليـة‬
‫يف املسـتويات العربيـة والعامليـة‪ ،‬والسـ َّيام يف مسـتوى التأثير املد ِّمـر هلـذه اجلائحـة‬
‫على أطفـال املـدارس وشـباب اجلامعـات‪ ،‬كما على اآلبـاء واأل َّمهـات‪ .‬كما حتـاول‬
‫الكشـف عـن األبعـاد االقتصاديـة‪ ،‬وعالقتـه بإمكان َّية تدمير الثراء الفكـري للبرش‪،‬‬ ‫َ‬
‫املتم ِّثـل يف الرتبيـة املعن َّيـة بإعـداد العقـول وتكويـن األدمغـة وتشـكيل اخلبرات‬
‫وإعـداد املهـارات يف مواجهـة حتديـات املسـتقبل‪ ،‬الـذي نرجـو لـه أن يبـدِّ د العتمـة‪،‬‬
‫منيرا يضيء زمن البرشيـة‪ ،‬ويبهـج من جديـد طفولتها‬ ‫ويد ِّمـر ال ُّظلمـة وخيـرج فت ًّيـا ً‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الضائعـة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫يتنـاول الكتـاب خمتلـف مظاهـر التفاعـل بين األزمـة التـي أحدثهـا فيروس‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد‬
‫ِّ‬ ‫كورونـا املسـتجدَّ املسـ ِّبب ملـرض (كوفيـد‪ )19-‬والتعليـم‬
‫صـورة متكاملـةٍ‬
‫ٍ‬ ‫يف خمتلـف مسـتويات املراحـل التعليميـة‪ .‬وتسـعى إىل تقديـم‬
‫للتفاعلات القائمـة بين تلـك اجلائحـة والتحديـات التـي فرضتهـا على التعليـم‪،‬‬
‫تصـور شـمو ٍّيل لتأثريهـا يف العمليـة التعليمية وال سـ َّيام إغلاق املدارس‬
‫ُّ‬ ‫وإىل تقديـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪24‬‬
‫واملؤسسـات األكاديميـة يف خمتلـف أنحـاء العـامل‪ ،‬وتتطـرق إىل مناقشـة خمتلـف‬
‫َّ‬
‫والسـيكولوجية والرتبويـة التـي تواجـه‬
‫َّ‬ ‫اإلشـكاليات والتحديـات االجتامعيـة‬
‫املؤسسـات التعليميـة يف تعاملهـا مـع هـذه األزمـة‪.‬‬
‫َّ‬
‫وسـنحاول يف هـذا الكتـاب أن نقـدِّ م إجابـات موضوعيـة حـول أزمـة كورونـا‬
‫وتأثريهـا يف األنظمـة التَّعليميـة والرتبويـة‪ ،‬وسـنركِّز بشـكل حمـوري على العالقـة‬
‫بين اجلائحـة والتعليـم اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد وسـنبحث يف احلتميات التـي فرضتها‬
‫اجلائحـة على التعليـم اإللكتروين‪ ،‬وح ِّثـه على التفاعـل احلضـاري مـع معطيـات‬
‫الثـورة الصناعيـة الرابعـة ومنجزاهتـا الرقميـة اهلائلـة‪ .‬وسـنحاول يف هـذا العمـل أن‬
‫نقـدِّ م صـورة بانورام ًّيـة قائمـة على التَّحليـل العميـق لطبيعيـة هـذه العالقـة اجلدل َّيـة‬
‫الرابعـة‪ .‬وسـنحاول رسـم‬ ‫بين التعليـم اإللكتروين واجلائحـة والثـورة الصناعيـة َّ‬
‫نسـقي لبعض األسـئلة أبرزهـا‪ :‬البحث‬ ‫ٍّ‬ ‫هـذه الصـورة البانورام َّيـة مـن خلال طـرح‬
‫يف الكيفيـات التـي أ َّثـر فيهـا فيرس كورونـا على املنظومـات التعليميـة على امتـداد‬
‫املعمـورة‪ ،‬ومـا أهـم النتائـج الرتبويـة والتعليميـة التـي نجمـت عـن هـذه الكارثـة؟‬
‫ويتفـرع عـن هـذه اإلشـكالية جمموعـة مـن التسـاؤالت أمهها‪ :‬هـل اسـتطاع التعليم‬ ‫َّ‬
‫قـادرا على الوفـاء باالحتياجـات الرتبويـة والتعليميـة للطلبـة‬ ‫ٍ‬
‫عـن ُب ْعـد أن يكـون ً‬
‫ٍ‬
‫والتالمـذة؟ وهـل يمكـن للتعليـم اإللكتروين عن ُب ْعـد أن يكون بديال عـن التعليم‬
‫التقليـدي؟ وهـل اسـتطاع التعليـم عـن ُب ْع ٍـد أن يتجـاوب مـع متطلبـات األزمـة يف‬
‫خمتلـف املسـتويات التعليميـة؟ وهـل هناك مـن تبايـن يف مظاهر األزمة بين املراحل‬
‫الصعوبـات والتحدّ يـات التـي واجهـت األنظمـة‬ ‫التعليميـة ال ُعليـا والدُّ نيـا؟ ومـا ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التعليم َّيـة حـول العـامل يف تبنِّـي التعليـم عـن بعـد؟ وكيـف جت َّلـت هـذه التحديـات‬
‫يف مراحـل التَّعليـم املختلفـة ويف خمتلـف البلـدان الفقيرة والغنيـة؟ ومـا مـدى تو ُّفـر‬
‫تكنولوجيـا التَّعليـم اإللكتروين ووسـائله يف متنـاول ال َّطلبـة يف خمتلـف البلـدان‬
‫والـدُّ ول‪ ،‬ومنهـا دول اخلليـج العـريب؟ ومـا وضع َّيـة الرتسـانات الرقميـة ومـدى‬
‫قدرهتـا على التَّجـاوب مـع حمنـة كورونـا يف خمتلـف أنحـاء العـامل؟ ومـا املشـكالت‬
‫تعليما بديلا للتعليـم‬
‫ً‬ ‫احليويـة التـي يطرحهـا التَّعليـم اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد بوصفـه‬

‫‪25‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التقليـدي؟ وهـل يمكـن فعل ًّيـا للتعليـم اإللكتروين أن حيقـق الغايـة مـن الرتبيـة‬
‫ِّ‬
‫أهـم املشـكالت التـي يطرحهـا يف خمتلـف مسـتويات التعليـم العايل‬ ‫والتعليـم؟ ومـا ُّ‬
‫َّ‬
‫تتجلى مظاهـر الفجـوة الرقميـة‬ ‫واجلامعـي واالبتدائـي ومـا قبـل املـدريس؟ وكيـف‬
‫أهـم‬
‫الشمال واجلنـوب؟ ومـا ُّ‬ ‫بين الطبقـات االجتامعيـة الفقيرة والغنيـة وبين دول َّ‬
‫السمات التـي جت َّلـت هبـا بعـض التجـارب الرتبويـة العامليـة يف مواجهـة اجلائحـة يف‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫ظـل أزمـة كورونا؟‬
‫السمات األساسـية ملسـتقبل التعليـم والتعليم اإللكرتوين فيما بعد اجلائحة؟‬ ‫وما ِّ‬
‫ومـا الـدُّ روس املسـتفادة مـن جتربـة التعليـم اإللكتروين يف مواجهـة األزمـات‬
‫والتحديـات؟ ومـا السـيناريوهات املتو َّقعـة ملسـتقبل التعليـم يف مرحلـة مـا بعـد‬
‫الرابعـة؟ ومـا‬ ‫مصير التعليـم اإللكتروين يف ِّ‬
‫ظـل الثـورة الصناعيـة َّ‬ ‫ُ‬ ‫كورونـا؟ ومـا‬
‫احللـول املختلفـة التـي يمكـن اسـتخدامها للتغ ُّلـب على التحديـات التي قـد تواجه‬
‫التَّعليـم مـا بعـد جائحـة كورونـا؟‬
‫املوجهـات األساسـية هلـذا الكتـاب الـذي‬ ‫ِّ‬ ‫هـذه األسـئلة اإلشـكالية ستشـكِّل‬
‫نتنـاول فيـه خمتلـف التج ِّليات العا َّمة لألزمـة عرب ًّيا وعامل ًّيا يف جمال األُ ْسة واملدرسـة‬
‫على حدٍّ سـواء‪.‬‬

‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪26‬‬
‫املقدمة‬
‫مراجع ِّ‬
‫‪ -‬املسـكيني‪ ،‬فتحي (‪ .)2020‬الفلسـفة والكورونا‪ :‬من معارك اجلامعة إىل حروب‬
‫املناعـة‪ ،‬مؤمنون بال حـدود‪ 24 ،‬فرباير ‪.2020‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aukL‬شوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫‪ -‬املاجـري‪ ،‬الصحبـي (‪ .)2020‬كورونـا واألبوكاليبـس‪ ...‬هـل حانـت هنايـة‬
‫العـامل؟ مدونـات اجلزيـرة‪ 28 ،‬فربايـر ‪.2020‬‬
‫‪ .http://bitly.ws/aukM‬شوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫‪ -‬ولد أباه‪ ،‬السيد (‪ .)2020‬كورونا بعني فلسفية‪ ،‬االحتاد‪ 1 ،‬فرباير ‪.2020‬‬
‫‪ .http://bitly.ws/aukP‬شوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪27‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الفصل األول‬

‫كورنا ـ من الصدمة إلى األزمة‬


‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪29‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫«تسـببت جائحـة كورونـا يف أكرب انقطـاع للتَّعليم يف التَّاريخ شـمل مجيع الطلبة‪،‬‬
‫مـن مرحلـة مـا قبـل التعليـم االبتدائـي إىل مؤسسـات التدريـب التقنـي واملهنـي‪،‬‬
‫واجلامعـات» (اليونسـكو)‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ِّ -1‬‬
‫صدمـت جائحـة كورونـا األنظمـة الرتبوية يف العـامل‪ ،‬ورمتها بين خمالب أزمة مل‬
‫وتفجر أطرها‬ ‫ّ‬ ‫يسـبق هلـا مثيـل يف تاريـخ الرتبيـة والتعليم‪ ،‬وجاءت لتد ّمـر فاعل َّيتهـا‬
‫ظل هذه‬ ‫بالسـقوط والـزوال‪ .‬ويف ّ‬ ‫التَّقليديـة وتضعهـا أمـام حتديات جديدة هتدّ دها ُّ‬
‫كثيرا مـن ألقهـا املعهـود‪،‬‬ ‫الصدمـة العنيفـة فقـدت املـدارس واملؤسسـات الرتبويـة ً‬
‫ومـن قدرهتـا على مواكبـة املسـتجدات سـواء يف عـامل الكـوارث واألوبئـة‪ ،‬أو يف‬
‫إن هـذه اجلائحة‬ ‫عـامل الثـورة الصناعيـة الرابعـة‪ .‬وليس مـن املبالغـة يف يشء القول‪َّ :‬‬
‫لتـدق املسمار األخير يف نعـش املدرسـة التقليديـة‪ ،‬ولتعلـن موهتـا املؤكَّـد‬ ‫َّ‬ ‫جـاءت‬
‫يف خمتلـف أصقـاع العـامل‪ .‬فاجلائحـة فرضـت إغال ًقـا كاملا على املـدارس ورياض‬
‫األطفـال واجلامعـات واملؤسسـات التعليميـة يف خمتلـف أنحـاء العـامل (صالـح‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫موجهة بمعطيات الثـورة الصناعية‬ ‫‪ )2020‬وانتقلـت بالتعليـم إىل حالـة افرتاضيـة َّ‬
‫التحـول إىل هـذه احلالـة‬ ‫ُّ‬ ‫الرابعـة يف جمـال االتصـال واملعلوماتيـة‪ .‬وال ريـب َّ‬
‫أن‬
‫االفرتاضيـة قـد بـدأت تتح َّقـق بصـورة واضحـة وواقعيـة يف خمتلـف البلـدان‪ .‬وقد‬
‫ترتَّـب على األنظمـة التعليمية اليوم أن تـو ّدع التَّعليم التقليـدي بمكوناته املعهودة‪،‬‬
‫حيـث املدرسـة واملع ّلـم والطالـب والسـبورة واالختبـار الورقـي‪ ،‬ودا ًعـا بائنًـا ال‬
‫رجعـ َة فيه‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -2‬إغالق املدارس‪:‬‬
‫يتـم فيها إغالق املؤسسـات التعليمية‬ ‫املـرة األوىل يف التاريخ التي ُّ‬ ‫َّ‬
‫لعـل هـذه هـي َّ‬
‫وتبين‬
‫روادهـا على نحـو متزامـن وشـامل‪ّ .‬‬ ‫يف خمتلـف أنحـاء العـامل‪ ،‬وإفراغهـا مـن َّ‬
‫أن‪ 1.6‬مليـار طالـب يف أكثـر مـن ‪ 190‬دولـة يف مجيـع القـارات قـد‬ ‫اإلحصائيـات َّ‬
‫أصبحـوا خـارج املدارس واجلامعـات يف خمتلف أنحاء العامل‪ ،‬وشـمل هذا االنقطاع‬
‫‪ 63‬مليـون مع ّلـم يف مرحلتـي‪ :‬التَّعليـم االبتدائـي والثانـوي‪ .‬وأوصـدت املـدارس‬
‫أبواهبـا يف ‪ 191‬دولـة بنسـبة ‪ ٪82.2‬مـن الطلبـة املق ّيديـن فيهـا‪ ،‬إضافـة إىل أعـداد‬
‫ِ‬
‫الدائـرة رحاها‬ ‫املترسبين مـن التعليـم واملتو ّقفين عنـه بفعل احلـروب والرصاعـات‬ ‫َّ‬
‫يف كثير مـن أصقـاع العـامل‪ .‬وقـد أ َّثـرت عمليـات إغلاق املـدارس على ‪ %94‬مـن‬
‫الطلبـة يف العـامل‪ ،‬وهـي نسـبة ترتفـع؛ لتصـل إىل ‪ % 99‬يف البلـدان منخفضـة الدَّ خل‬
‫متوسـطة الدَّ خـل مـن الرشحيـة الدُّ نيا(األمم املتحـدة‪.)2020 ،‬‬‫والبلـدان ّ‬
‫الرهيــب مل يكــن لــه مثيــل يف تاريــخ املجتمعــات‬ ‫أن هــذا اإلغــاق َّ‬ ‫ريــب يف َّ‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫كل أزماهتــا التارخييــة‪ ،‬وهــو أكــر بكثــر مــن اإلغــاق الــذي‬ ‫بالرغــم مــن ّ‬
‫اإلنســانية َّ‬
‫ســببته جائحــة اإلنفلونــزا اإلســبانية عــام ‪ ،1918‬إذ أغلقــت ‪ 40‬مدينــة أمريكيــة‬
‫املــدارس‪ ،‬وهــو أوســع بكثــر مــن اإلغــاق الــذي شــهدناه إ َّبــان احلــرب العامليــة الثانية‬
‫التــي أدت إىل إخــراج مليــون طفــل يف اململكــة املتحــدة وحدهــا خــارج املدرســة‪.‬‬
‫ـأن املدرســة عــى مــدار اخلمســن عا ًمــا املاضيــة قــد‬ ‫وإن كان ذلــك يفـ ّـر‪ ،‬جزئ ًيــا‪ ،‬بـ َّ‬
‫أصبحــت حاضنــة مركزيــة للطفولــة ورعايــة األطفــال‪ ،‬حيــث تبــن التقاريــر أن ‪%90‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫مــن أطفــال العــامل يرتــادون املــدارس االبتدائيــة‪ ،‬مقارنــة بوضعيــة األطفــال يف عــام‬
‫‪ 1920‬حيــث كانــت هــذه النســبة أقــل مــن ‪ %40‬عامل ًّيــا (‪.)Winthrop. 2020‬‬
‫ٍ‬
‫شــكل مــن‬ ‫وبشــكل تفصيــي أكثــر قامــت كل دولــة يف العــامل تقري ًبــا باعتــاد‬ ‫ٍ‬
‫أشــكال إغــاق املــدارس الحتــواء الفــروس‪ .‬ويف أبريــل ‪ -2020‬أي‪ ،‬يف ذروة‬
‫الصدمــة‪ -‬عمــدت ‪ 184‬دولــة إىل إغــاق املــدارس عــى مســتوى البــاد‪ .‬وبحلول‬ ‫َّ‬
‫منتصــف أبريــل‪ ،‬تعطــل تعليــم ‪ ٪94‬مــن املتعلمــن يف مجيــع أنحــاء العــامل بســبب‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪32‬‬
‫الوبــاء‪ ،‬وهــو مــا يمثــل ‪ 1.58‬مليــار طالــب شــاب يف ‪ 200‬دولــة (‪.)UN. 2020‬‬
‫ومــن املحتمــل أن يكــون إغــاق املــدارس قــد أ َّثــر عــى مــا يصــل إىل ‪ ٪99‬مــن‬
‫الطــاب يف البلــدان منخفضــة الدخــل والبلــدان ذات الدخــل املتوســط​​املنخفــض‬
‫ـارا مــن ‪ 19‬أكتوبر‪ /‬ترشيــن األول ‪ ،2020‬ظلت‬ ‫بطريقــة مــا (‪ .)UN .2020‬واعتبـ ً‬
‫ـررا‬
‫املــدارس يف ‪ 110‬دولــة مغلقــة‪ ،‬وال يــزال أكثــر مــن ‪ 560‬مليــون متعلـ ًـا متـ ً‬
‫مــن الوبــاء‪ ،‬وكانــت أوىل الــدول التــي أغلقــت املــدارس يف منتصــف فربايــر ‪2020‬‬
‫هــي الصــن‪ ،‬بلــد املنشــأ‪ ،‬ومنغوليــا املجــاورة‪ .‬وبعــد فــرة قصــرة أغلقــت معظــم‬
‫املــدارس يف األمريكيتــن وآســيا وأوروبــا كل ًّيــا أو جزئ ًّيــا‪ ،‬وجــاء إغــاق املــدارس‬
‫يف أفريقيــا بعــد ذلــك بقليــل‪ ،‬ولكــن بحلــول هنايــة مــارس ‪ 2020‬قامــت مجيــع‬
‫البلــدان يف القــارة بإغــاق املــدارس بالكامــل‪ .‬وبحلــول أوائــل أبريــل‪ ،‬قامــت‬
‫ـي للمــدارس‪.‬‬ ‫كيل أو جزئـ ّ‬
‫مجيــع البلــدان تقري ًبــا بإغــاق ّ‬
‫تقريــر آخــر هليئــة األمــم املتحــدة أن وبــاء ‪ COVID-19‬قــد تســ َّبب‬
‫ٌ‬ ‫ويبــن‬
‫ّ‬
‫يف صدمــة غــر مســبوقة ألنظمــة التعليــم يف التاريــخ‪ ،‬إذ أدى إىل تعطيــل ‪٪99‬‬
‫مــن الطــاب يف البلــدان املنخفضــة واملتوســطة الدخــل مقابــل ‪ %94‬يف املســتوى‬
‫العاملــي (‪ .)Nations Unies. 2020.2‬وال توجــد حتــى اليــوم خطــط حمــدَّ دة لفتــح‬
‫املــدارس‪ ،‬ومــا يالحــظ هــو َّ‬
‫أن اجلــدل حــول أمه َّيــة الــدور الــذي لعبــه إغــاق‬
‫املــدارس يف احتــواء االنتشــار الشــامل للفــروس مــا يــزال حمتد ًمــا‪ .‬وقــد مــى أكثر‬
‫مــن ســنة عــى بــدء انتشــار الفــروس دون الوصــول إىل أي حتديــد لإلجــراءات‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املطلوبــة تربو ًّيــا نظــرا لضبابيــة الرؤيــة وعــدم القــدرة عــى حتديــد موعــد للســيطرة‬
‫عــى الفــروس (‪.)Robson. 2020‬‬
‫وجــاء يف تقريــر لليونيســكو أن جائحــة كورونــا تسـ َّببت يف أكــر انقطــاع للتعليم‬
‫يف التاريــخ‪ ،‬وأنــه شــمل مجيــع الطلبــة‪ ،‬بــدءا مــن مرحلــة مــا قبــل التعليــم االبتدائــي‬
‫إىل املــدارس الثانويــة‪ ،‬وصــوال إىل مؤسســات التعليــم والتدريــب التقنــي واملهنــي‪،‬‬
‫واجلامعات (‪.)UNESCO.2020‬‬

‫‪33‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫والالفــت أ َّنــه إىل غايــة بدايــات شــهر فربايــر‪ ،2021‬مل يســتطع القائمــون عــى‬
‫ـي أكثــر مــن‬
‫الشــأن الرتبــوي تقديــم خطــط حمــددة لفتــح املــدارس‪ ،‬وذلــك بعــد مـ ّ‬
‫ســنة عــى بــدء انتشــار الفــروس؛ نظــرا لضبابيــة الرؤيــة وعــدم القــدرة عــى حتديــد‬
‫موعــد للســيطرة عــى الفــروس‪.)Robson. 2020( .‬‬
‫وتعمــل احلكومــات اآلن عــى وضع اســراتيجياهتا الرتبويــة للتعامل مــع أزمة بالغة‬
‫اخلطــورة وبمقاييــس غــر مســبوقة‪ .‬ويتم َّثــل ذلــك يف التخطيــط إلعــادة فتــح املــدارس‬
‫يف ظــروف آمنــة‪ .‬وتــم اعتــاد عــدة طــرق يف بعض البلــدان‪ ،‬مثل أملانيــا أو فرنســا‪ ،‬إذ عاد‬
‫التالميــذ إىل املــدارس‪ ،‬يف حــن ظلــت املــدارس يف غريهــا مغلقــة‪ .‬وإىل جانــب اجلــداول‬
‫الزمنيــة املختلفــة إلعــادة فتــح املــدارس‪ ،‬التــي تعكــس الرغبــات الوطنيــة والســياقات‬
‫املحــددة‪ ،‬تتفـ ُـق مجيــع البلــدان عــى حقيقـ ٍـة مفادهــا أن مــن الــروري حتليـ ُـل وتقييـ ُـم‬
‫نتائــج إغــاق املــدارس‪.)Gouëdard and Viennet. 2020( .‬‬
‫إن األزمــة الصحيــة واالضطــراب غــر املســبوق يف أنظمــة التعليــم مل ينتــه بعــد‪،‬‬
‫ففــي مجيــع أنحــاء العــامل‪ ،‬تتســاءل الــدول والنقابــات واآلبــاء واألطفــال عــن موعــد‬
‫وكيفيــة بــدء العــام الــدرايس‪ .‬وقــد بــدأت بعــض البلــدان يف االســتعداد إلعــادة‬
‫فتــح املــدارس‪ ،‬مــع إعطــاء األولويــة للفصــول املدعـ َّـوة إىل إجــراء االمتحانــات‪،‬‬
‫أو إىل املناطــق التــي شــهدت حــاالت قليلــة مــن انتشــار الفــروس‪ .‬وعــى ســبيل‬
‫املثــال‪ ،‬فإنــه نظـ ًـرا الســتمرار اجلائحــة وقوهتــا‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـإن معظــم البلــدان مل حتــدّ د بعــد‬
‫نظــرا للعواقــب‬‫حتــى منتصــف عــام ‪ 2020‬موعــدً ا إلعــادة افتتــاح املــدارس؛ ً‬
‫االجتامعيــة واالقتصاديــة اهلائلــة املرتتبــة عــى ذلــك‪ ،‬وخشــي ًة مــن تأثــر فتــح‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املــدارس عــى املعلمــن واألطفــال والشــباب وآبائهــم ‪ -‬وخاصــة النســاء ـ وعــى‬


‫ككل عــى املــدى الطويــل (‪.)Nations Unies. 2020. 3‬‬ ‫املجتمــع ّ‬
‫ويف هـذا السـياق رصـدت منظمـة (اليونيسـكو) التأثير الـذي حيدثـه الفيروس‬
‫يف جمـال السياسـات التـي يتـم نرشهـا ملكافحتـه‪ ،‬مثـل إغلاق املـدارس‪ .‬وأنشـأت‪،‬‬
‫ٍ‬
‫معلومـات تفاعل َّيـة؛ لرصـد حركـة إغلاق املـدارس‪ ،‬كام هو‬ ‫مـن أجـل ذلـك لوحـ َة‬
‫موضـح يف الشـكل ‪.1‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪34‬‬
‫الشكل رقم (‪)1‬‬
‫لقطة شاشة للوحة القيادة التفاعل َّية التي أنشأتها اليونسكو‬

‫تصـور لوحـة القيـادة‪ ،‬منـذ فربايـر ‪ ،2020‬التطـور الـذي حـدث بمـرور الوقـت مـن‬ ‫ّ‬
‫مـرات إغالق‬ ‫حيـث عـدد املتعلمين واملتعلمين املتأثرين كنسـبة مئوية مـن اإلمجايل‪ ،‬وعدد َّ‬
‫مسـجلون‬
‫َّ‬ ‫املـدارس على الصعيـد الوطنـي‪ .‬والطلبـة الذيـن متثلهـم البيانـات هـم متعلمون‬
‫يف مسـتويات التعليـم قبـل االبتدائـي واالبتدائـي واإلعـدادي والثانـوي (التصنيف الدويل‬
‫املوحـد ملسـتويات التعليـم مـن ‪ 0‬إىل ‪ ،)3‬وكذلك يف مسـتويات التعليم العايل (املسـتويات‬
‫ويتـم حتديثهـا دور ًّيا ّ‬
‫كل أسـبوع‪.‬‬ ‫مـن ‪ 5‬إىل ‪ .)8‬والبيانـات متاحـة بشـكل مفتـوح ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن إغلاق املـدارس وصـل إىل ذروتـه يف خمتلـف أنحـاء‬ ‫ويتَّضـح مـن الشـكل َّ‬
‫تـم إغالقهـا كل ًّيـا أو جزئ ًّيـا يف خمتلف أنحـاء العامل‬
‫العـامل يف ‪ 14‬أبريـل ‪ .2020‬وقـد َّ‬
‫ويتبين مـن بيانـات الشـكل أن عـدد املتأثريـن مـن الطلبة‬ ‫َّ‬ ‫باسـتثناء تركيـا والسـويد‪.‬‬
‫وسـت مئـة ألـف طالـب‪ ،‬وهـذا العدد‬ ‫ّ‬ ‫بلـغ ‪ ،1.577.549.600‬أي نحـو مليـار‬
‫ويـدل هـذا ك َّلـه على هـول الصدمـة‬ ‫ُّ‬ ‫يغطـي ‪ 192‬دولـ ًة بنسـبة ‪ %90‬مـن الطلبـة‪،‬‬
‫وحجمهـا غير املسـبوق يف تاريـخ البرشيـة‪.‬‬

‫‪35‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫لقـد سـبق لإلنسـانية أن واجهـت جائحات قاتلة كثيرة ومد ّمرة حصـدت ماليني األرواح‬
‫يف خمتلـف أنحـاء الكوكـب‪ .‬و ُيشـار على وجـه اخلصـوص إىل الطاعـون األسـود الـذي أودى‬
‫بحيـاة ‪ 25‬مليـون إنسـان يف القـارة األوروبيـة‪ ،‬بما يعادل ثلث سـكاهنا‪ ،‬ما بين عامي‪1347 :‬‬
‫‪ .1348-‬لكـ َّن الصدمـة الفريوسـية األشـدَّ وق ًعـا كانت مع جائحـة اإلنفلونزا اإلسـبانية التي‬
‫رضبـت تلـك القـارة يف عـام ‪ ،1918‬فأزهقـت أرواح مـا بين ‪ 50‬و‪ 100‬مليـون نسـمة‪ ،‬وهو‬
‫مـا يقـارب ‪ % 5‬مـن سـكان املعمورة يف ذلـك الوقت»(حنين‪.)2020 ،‬‬
‫وكانــت اإلنســانية يف عــام ‪ 2020‬عــى موعــد مرعــب مــع جائحــة (كوفيــد‪)19-‬‬
‫التــي ســببها فــروس كورونــا املســتجد‪1‬الذي ُيعــرف بأنــه الفــروس األكثــر رضاوة‬
‫األول يف التاريــخ الــذي‬
‫وخطــورة مــن حيــث رسعــة انتشــاره عامل ًّيــا‪ ،‬وهــو الفــروس َّ‬
‫اســتطاع أن يغ ّطــي الكوكــب ك َّلــه برسعــة فائقــة‪ .‬وينتســب ذلــك الفــروس إىل عائلــة‬
‫الفريوســات التاجيــة التــي تصيــب اجلهــاز التنفــي بالتهابــات حــا َّدة‪ ،‬قــد تصــل‪ ،‬يف‬
‫حــاالت معينــة‪ ،‬إىل حــد املــوت‪ .‬وبســبب خطورتــه تلــك ورسعــة انتشــاره‪ ،‬فــرض‬
‫تأهــب كُــرى يف خمتلــف أنحــاء املعمــورة‪ .‬ويذهــب كثــر مــن‬ ‫الفــروس حالــة ُّ‬
‫علــاء الفريوســات إىل «وصفــه بأنــه مــن أرسع الفريوســات التــي عرفتهــا اإلنســانية‬
‫عــر التاريــخ عــى وجــه اإلطــاق» (بوســيس‪ .)33-21،20 ،2020،‬وقــد انتــر‬
‫توحــش‪ ،‬فأصبــح جائحــة(((‪.‬‬ ‫فــروس كورونــا بداي ـ ًة بوصفــه وبــا ًء ثــم مــا لبــث أن َّ‬
‫وصنّفتــه منظمــة الصحــة العامليــة عــى أنــه كذلــك‪ ،‬أي جائحــة عامليــة‪ ،‬يف مــارس‬
‫‪.)WHO .2020( 2020‬‬

‫‪ -3‬شرارة اجلائحة‪:‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫انطلقــت رشارة اجلائحــة مــن منطقــة ووهــان الصينيــة؛ ففــي ‪ 31‬ديســمرب ‪،2019‬‬
‫أبلغــت جلنــة الصحــة بمدينــة ووهــان عــن ‪ 27‬حالــة التهــاب رئــوي نامجــة عــن مســببات‬

‫‪- 1‬الوبــاء مــرض شــديد العــدوى ينتــر يف دولــة أو جمموعــة دول صغــرة متجــاورة‪ ،‬وينتــر بصــورة رسيعــة بــن النــاس‪.‬‬
‫أمــا اجلائحــة فهــو مــرض معــد ينتــر بوتائــر متســارعة جــدا يف خمتلــف أنحــاء العــامل ويتميــز بصعوبــة الســيطرة عليــه‬
‫وعالجــه‪ ،‬ويتطلــب إجــراء تدابــر طبيــة رسيعــة‪ ،‬وخططــا عاجلــة إلنقــاذ البــر‪ .‬وبحســب منظمــة الصحــة العامليــة‬
‫فبعــد أن بقــي فــروس كورونــا لشــهور مصن ًفــا عــى أنه «وبــاء»‪ ،‬صنفتــه منظمــة الصحــة العامليــة عــى أنه جائحــة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪36‬‬
‫غــر معروفــة‪ ،‬مــع مصــدر َّأويل يربــط بينهــا وبــن ســوق ووهــان هوانــان للمأكــوالت‬
‫البحريــة‪ .‬وتـ َّـم حتديــد هــذا الح ًقــا عــى أنه فــروس كورونا املســبب ملــرض (كوفيــد‪.)19-‬‬
‫وبحلــول ‪ 20‬ينايــر ‪ ،2020‬كان هنــاك ‪ 295‬حالــة مؤكــدة خمترب ًّيــا‪ ،‬منهــا ‪ 291‬حالــة مــن‬
‫ووهــان (‪ .)Crawford; Henderson;Rudolph; Glowatz; Burton .2020‬وعــى‬
‫األثــر بــدأ الوبــاء ينتــر برسعــة هائلــة يف خمتلــف أنحــاء العــامل‪ .‬وأظهــرت إحصائيــات‬
‫أن عــدد املصابــن بلــغ قبــل هنايــة عــام ‪ 2020‬نحــو مليــوين‬ ‫منظمــة الصحــة العامليــة َّ‬
‫شــخص‪ .‬وأعلنــت املنظمــة عــن الــدول العــر األوىل األكثــر إصابــة بالفــروس حســب‬
‫احلــاالت املب َّلــغ عنهــا‪ ،‬وهــي‪ :‬الصــن‪ ،‬إيطاليــا‪ ،‬الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬إســبانيا‪،‬‬
‫أملانيـ�ا‪ ،‬إيـ�ران‪ ،‬فرنسـ�ا‪ ،‬كوريـ�ا اجلنوبيـ�ة‪ ،‬سـ�ويرسا‪ ،‬واململكـ�ة املتحـ�دة( (�‪Crawford; Hen‬‬
‫‪.)derson;Rudolph; Glowatz; Burton .2020‬‬
‫أن اســترشى الفــروس يف عــدَّ ة مناطــق‪ ،‬بــدأت الــدول توصــد أبواهبــا‬ ‫وبعــد ْ‬
‫عــى نفســها‪ ،‬إىل أن أصبــح اإلغــاق شــامال يف خمتلــف أركان املعمــورة‪ ،‬فأصبحــت‬
‫ـباح خاليــة مــن ســكاهنا‪ .‬وســجلت دول‬‫والصغــرى وكأهنــا مــدن أشـ ٍ‬
‫املــدن ال ُكــرى ُّ‬
‫عديــدة إغال ًقــا كامــا قبــل وصــول الفــروس ُّ‬
‫حتس ـ ًبا مــن أخطــاره‪ ،‬يف حــن كان‬
‫هنــاك اســتثناء يف بريطانيــا والســويد اللتــن اعتمدتــا هنــج عــدم التدخــل عــى أمــل‬
‫أن يــؤ ّدي ذلــك إىل مناعــة القطيــع (‪.)Jandric. 2020‬‬
‫وقائما على نتائـج األبحـاث‬ ‫ً‬ ‫مدروسـا‬
‫ً‬ ‫ومل يكـن اإلغلاق العاملـي عبث ًّيـا‪ ،‬بـل كان‬
‫الطبيـة التـي اسـتطاعت بصـورة مبكـرة حتديـد سمات هـذا الفيروس وخصائصـه‬
‫الرهيبـة‪ ،‬التـي تتم َّثـل يف قدرتـه الفائقـة على االنتشـار بين البشر بالتنفـس‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واالختلاط‪ ،‬والتَّالمـس‪ ،‬والتفا ُعـل‪ .‬وشـكلت الطبيعـة اخلف َّيـة غير املرئيـة هلـذا‬
‫مصـدرا للخوف والرعـب الذين انتابا البشر‪ ،‬فالفريوس‬ ‫ً‬ ‫الفيروس وغير املعروفـة‬
‫خيترق جسـد اإلنسـان خفيـة‪ ،‬وينتقـل مـن جسـد إىل آخـر قبـل أن تظهـر أعراضـه‪،‬‬
‫وربما ال تظهـر أبـدً ا‪ .‬وقـد وصفـه أحـد الباحثين بقولـه‪« :‬إنـه أشـبه بعـدو خفـي‬
‫حـرب عصابـات تعتمـد أسـلوب االنتشـار واهلجوم ِخلسـة بني النـاس‪ ،‬إذ‬ ‫َ‬ ‫خيـوض‬
‫تشـب يف مكان‬
‫َّ‬ ‫متفرقـة‪ ،‬ومـا إن ختمـد رشارتـه يف مـكان حتى‬ ‫ويفـر بموجـات ّ‬ ‫يكـر ُّ‬
‫ُّ‬

‫‪37‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫آخـر‪ ،‬واحلـرب ضـدَّ ه غير متكافئـة‪ ،‬إذ يكشـف مكامـن ضعفنـا بد ّقـة متناهيـة أكثـر‬
‫ممَّـا نكشـفه نحـن‪ ،‬ويباغتنـا يف أبسـط أنشـطتنا كاملصافحـة والعنـاق وملـس األوجـه‬
‫التجمعـات العامـة والعائليـة واملسـاكن املكت َّظـة‪ ،‬فيتفشـى‬
‫ُّ‬ ‫واألسـطح‪ ،‬ويزدهـر يف‬
‫فيهـا بتسـارع يـزرع اهللـع يف نفـوس النـاس» (حسين‪.)2020 ،‬‬
‫كثيرا مـن األرواح‪ ،‬وصعـق العائلات‪ ،‬وأحلق الوجـع باأل َّمهات‬ ‫حصـد الوبـاء ً‬
‫أفواجا من األرواح البرشية‪ ،‬والسـ َّيام‬
‫ً‬ ‫واآلبـاء‪ ،‬إذ بعـد املوجة األوىل التـي حصدت‬
‫كبـار السـن واملصابين باألمـراض املزمنـة‪ ،‬وأفرغـت النـوادي وأخلـت الشـوارع‬
‫واملحـال التجاريـة مـن روادهـا‪ ،‬مل يطـل الزمـن حتـى هاجـم الفيروس املجتمعـات‬
‫اإلنسـانية يف موجـة ثانيـة أشـد عن ًفـا وفتـكًا مـن املوجـة األوىل‪ ،‬وبـدأت اإلصابـات‬
‫ترتفـع يوم ًّيـا لتقـدَّ ر بمئـات اآلالف يف رشق املعمـورة وغرهبـا‪ ،‬والسـ َّيام يف معترك‬
‫مناخـا حيو ًّيـا لذلـك الفريوس الـذي أصبح‬‫الطقـس الشـتوي البـارد الـذي يشـكل ً‬
‫وبخاصـة يف الفضـاءات املغلقـة‪:‬‬‫َّ‬ ‫مدمـرا يضرب التجمعـات البرشيـة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خطـرا‬
‫ً‬
‫كاملـدارس واملسـارح واألسـواق واجلامعـات‪.‬‬

‫‪-4‬موجات مستقبل َّية‪:‬‬


‫حذرت‬ ‫يف الوقـت الـذي كان العـامل يشـهد فيـه عـودة بطيئـة إىل احليـاة الطبيعيـة‪َّ ،‬‬
‫منظمـة الصحـة العامليـة وعـدد مـن العلماء يف الثـاين مـن شـهر يونيـو مـن خطـورة‬
‫أي دليل‬‫االنجـرار وراء تلـك النظريـات غير املؤكَّـدة بعد؛ والتـي مل يقم عليها بعـد ُّ‬
‫علمـي يؤ ّيـد القـول بـأن فيروس كورونـا قـد بـدأ يفقـد قوتـه‪ .‬ويف مقابلـة نرشهتـا‬
‫ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫صحيفـة نيويـورك‪ ،‬تو َّقعـت مؤلفـة كتـاب «الطاعون القـادم»‪ ،‬الصحفيـة األمريكية‬
‫لـوري غاريـت‪ ،‬أن يكـون تفشي الفيروس يف «موجـات»‪ ،‬وأنّه لن يكون يف شـكل‬
‫«تسـونامي» جيتـاح البلاد ثـم يرتاجـع؛ ومـن ثـم سـيطول أمـد اجلائحـة وستتسـبب‬
‫تداعياهتـا االقتصاديـة يف فقـدان املاليين مـن الوظائـف‪ ،‬ويف توسـيع اهلـوة بين‬
‫الفقـراء واألغنيـاء ممَّـا سيتسـ َّبب يف انـدالع اضطرابـات سياسـية وغضـب مجاهريي‬
‫(العلي‪.)2020 ،‬‬
‫ّ‬ ‫واسـع النّطـاق‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪38‬‬
‫املهمـة يف الفرتة املقبلة هـي ازدياد معـدالت الفقر واجلوع‬
‫ومـن أبـرز املتغيرات َّ‬
‫حذرت منظمـة الصحة العاملية مـن أن أزمة الوباء سـتدفع أكثر‬ ‫حـول العـامل‪ ،‬حيـث َّ‬
‫مـن ‪ 130‬مليـون شـخص إىل حافـة اجلـوع و‪ 265‬مليونًـا إىل الفقـر املدقـع‪ ،‬وهو ما‬
‫يعنـي ازديـاد الصراع بين مفهومـي‪ :‬العدالـة واملسـاواة مـن ناحيـة‪ ،‬ومفهـوم متكني‬
‫احلقـوق الفرديـة‪ ،‬مـن ناحية ُأخـرى‪ ،‬يف ضوء إطاحـة اجلائحة بمكتسـبات حتصلت‬
‫ٍ‬
‫عقـود‪ ،‬لصالـح الفئـات‬ ‫عليهـا الفئـات الوسـطى والدُّ نيـا مـن املجتمـع على مـدار‬
‫األغنـى ذات التوجـه الليربايل (حسـن‪.)2020 ،‬‬
‫ويف أواخـر عـام ‪ 2020‬اسـتبرش العامل ببـدء إنتاج لقاحات فاعلـة ضد الفريوس‬
‫عـدد مـن الشركات‪ ،‬لكنـه صـدم بظهـور سلالة جديـدة للفريوس نفسـه‬ ‫ٍ‬ ‫مـن ِق َب ِ‬
‫ـل‬
‫يف بريطانيـا خرجـت عـن السـيطرة‪ .‬وأعلـن رئيـس الـوزراء بوريس جونسـون قرار‬
‫ٍ‬
‫جديـد‪ .‬ودعـت منظمـة الصحـة العامليـة الـدول األوروبية إىل‬ ‫صحـي‬ ‫ٍ‬
‫حجـر ّ‬ ‫تطبيـق‬
‫«تعزيـز القيـود» على خلفية ظهور السلالة اجلديـدة‪ ،‬وحتدثت املنظمـة العاملية عن»‬
‫بأن عدوى السلالة اجلديدة قـد تكون أكبر «‪ ،‬فضال عن أهنا‬ ‫مـؤرشات أول َّيـة تفيـد َّ‬
‫السلالة اجلديدة‬
‫قـد تؤثـر يف فاعليـة بعـض أسـاليب التَّشـخيص‪ .‬وقد أربك تفشي ُّ‬
‫االقتصـاد العاملـي جمـد ًدا‪ ،‬كما أربـك االقتصـاد اخلليجـي‪ ،‬إذ عـادت سـوق النَّفـط‬
‫حتسـنًا ملحو ًظـا يف الفرتة السـابقة لظهـور اجلائحة (مركز‬
‫شـهدت ُّ‬‫للتاجـع بعـد أن ِ‬ ‫َّ‬
‫الفكر االستراتيجي للدراسـات‪.)2021 ،‬‬

‫‪ -5‬التعليم واجلائحة‪ :‬من صدمة اإلغالق إلى األزمة‬


‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -1/5‬صدمة اإلغالق‪:‬‬
‫كانـت معظـم دول العـامل تعيش أزمـة يف التعليم قبل معاناهتا من انتشـار فريوس‬
‫كورونـا املسـتجدّ ‪ ،‬فقـد أظهـرت دراسـات علم َّيـة أن التعليـم يف العـامل كان قبـل‬
‫نشـوب األزمـة بعيـدً ا عـن املسـار الصحيـح نحـو حتقيـق أهـداف التنميـة املسـتدامة‬

‫‪39‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تعليما جمان ًّيا‬
‫ً‬ ‫يف التعليـم النوعـي الشـامل والعـادل‪ ،‬الـذي يلزم َّ‬
‫كل البلـدان بأن توفر‬
‫نوع ًّيـا جلميـع األطفـال يف املراحـل االبتدائيـة واإلعداديـة والثانوية (البنـك الدويل‪،‬‬
‫‪.)5 ،2020‬‬
‫وازداد الوضـع سـو ًءا مـع بـدء ظهـور تداعياتـه على شـتى مناحي احليـاة‪ ،‬ومنها‬
‫جـراء تلـك األزمـة التـي مل‬
‫كبيرا مـن َّ‬
‫تأثـرا ً‬
‫التعليـم‪ ،‬فتأثـرت املؤسسـات التعليميـة ً‬
‫ثم عانى مئـات املاليني مـن الطلبة يف‬
‫تشـهد البرشيـة هلـا مثيال طـوال تارخيها‪ ،‬ومـن َّ‬
‫شـتى املراحـل التعليميـة بسـبب اإلغلاق الـذي واكب تلـك األزمة‪.‬‬
‫ُ‬
‫البلــدان العديــدة‬ ‫ِ‬
‫اتبعــت‬ ‫ومــن أجــل مواجهــة الفــروس ومنــع انتشــاره‪،‬‬
‫ِ‬
‫لتســهيل التباعــد‬ ‫بروتوكــوالت صارمــة‪ ،‬مثــل اإلغــاق الكامــل أو اللوائــح؛‬
‫فضلــت بعــض البلــدان مناعــة القطيــع‪ .‬وتضمنــت اجلهــود‬ ‫االجتامعــي‪ ،‬يف حــن َّ‬
‫املبذولــة لوقــف تفــي الفــروس العمــل مــن املنــزل‪ ،‬أو توفــر ســاعات عمــل مرنــة‪،‬‬
‫بعضــا‬
‫املؤسســات حيــث يمكــن لألشــخاص إصابــة بعضهــم ً‬ ‫أو إغــاق العديــد مــن َّ‬
‫ووضــع‬ ‫ٍ‬
‫املؤسســات التعليميــة عــى العمــل عــن ُب ْعــد‪ُ ،‬‬
‫بالفــروس‪ .‬وأجــر هــذا الوضــع َّ‬
‫التعليــم عــن ُب ْع ٍد يف حــاالت ال َّطوارئ موضــع التنفيــذ(‪.)Bozkurt. Sharma. 2020‬‬
‫وكان لقـدرة الفيروس على االنتشـار والتفشي برسعة هائلـة‪ ،‬وما يشـكّله ذلك‬
‫من خطر عىل املجتمع اإلنسـاين‪ ،‬دور يف اسـتنفار كل ال َّطاقات والقدرات ملواجهته‪.‬‬
‫نمـط مـن التعـاون والتنسـيق الشـاملني بين املؤسسـات‬ ‫ٍ‬ ‫وهـو مـا أ َّدى إىل خلـق‬
‫املهمة نذكر‪:‬‬
‫الدوليـة يف مواجهـة اخلطـر‪ ،‬ومن تلك املؤسسـات واملنظمات الدوليـة َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واالتـاد األورويب‪ ،‬والبنـوك الدوليـة‪ ،‬وخمتلـف املنظمات الصحية‬ ‫ّ‬ ‫األمـم املتحـدة‪،‬‬
‫واجلمعيـات اخلرييـة واملنظمات اإلنسـانية‪ .‬وأ َّدت منظمـة الصحـة العامليـة‪ ،‬مـن بني‬
‫كل املن َّظمات‪ً ،‬‬
‫دورا مركز ًّيـا وحيو ًّيـا يف مواجهـة اجلائحـة‪ ،‬السـ َّيام يف نشر الوعـي‬ ‫ّ‬
‫الصحـي حـول اجلائحـة وخماطرهـا‪ .‬وقد تضافرت جهـود املنظمة مـع منظمة األمم‬
‫املتحـدة للرتبيـة والعلـم والثقافـة (اليونيسـكو) التـي ك ََّرسـت جهودهـا للعمـل يف‬
‫األنسـاق الرتبويـة‪ :‬للطفولـة واملـرأة واحليـاة الصحيـة (بوسـيس‪.)21 ،2020،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪40‬‬
‫مل يكــن خاف ًيــا عــى عا َّمــة املتابعــن‪ ،‬فضــا عــن أهــل االختصــاص‪ ،‬أن التعليــم‬
‫يف العــامل كان قبــل حلــول اجلائحــة يواجــه صعوبــات وحتديــات كبــرة يف تعميــم‬
‫متاحــا مــن حقــوق اإلنســان لــكل األطفــال يف العــامل‬ ‫التعليــم وجعلــه ح ًّقــا أساسـ ًيا ً‬
‫ـزز هــذه املعانــاة‪ .‬ويف هــذا الســياق‪،‬‬‫مثلــا أســلفنا ســاب ًقا‪ ،‬ثــم أتــت اجلائحــة؛ لتعـ َ‬
‫تُظهــر تقاريــر (اليونيســكو) وجــود كارثــة يف التعليــم نتيجــ ًة للجائحــة‪ ،‬وذلــك‬
‫ـل خــارج جــدران املــدارس (‪.)ISU.2018‬‬ ‫مــن خــال وجــود ‪ 258‬مليــون طفـ ٍ‬
‫ـجلت إحصائ َّيــات (اليونيســكو) وجــود نحــو ‪ 800‬مليــون أمــي يف خمتلــف‬ ‫وقــد سـ َّ‬
‫ـى أحــوال‬ ‫أنحــاء العــامل ‪ .‬وتتّخــذ هــذه الصــورة أبعــا ًدا أكثــر مأســاوية عندمــا نتقـ َّ‬
‫(((‬

‫التعليــم يف مــدارس منهكــة تربو ًّيــا‪ ،‬ومتهالكــة يف خمتلــف مســتويات الرتبيــة‬


‫والتعليــم والســ َّيام يف مســتوى نتائجــه الكارثيــة؛ إذ تبــن هــذه اإلحصائ َّيــات َّ‬
‫أن‬
‫ـل يف ســن املدرســة االبتدائيــة (‪ )٪56‬يف مجيــع أنحــاء العــامل‬ ‫نحــو ‪ 387‬مليــون طفـ ٍ‬
‫مل يتقنــوا مهــارات القــراءة األساســية (‪ .)UNESCO. 2020‬وهــذا يعنــي أن أكثــر‬
‫مــن نصــف األطفــال يف العــامل الذيــن يبلغــون ‪ 10‬ســنوات ال يســتطيعون قــراءة‬
‫قصــة بســيطة تناســب أعامرهــم وفهمهــا (البنــك الــدويل‪.)2019 ،‬‬
‫ويتَّضــح مــن خــال هــذه التقاريــر َّ‬
‫أن األنظمــة التعليميــة يف البلــدان الناميــة‬
‫الرابــع مــن أهــداف التنميــة املســتدامة الــذي ينــص عــى‬ ‫مل تســتطع أن حتقــق املبــدأ َّ‬
‫حـ ّـق التعليــم اجل ّيــد واملجــاين والشــامل جلميــع األطفــال واملراهقــن يف خمتلــف أنحــاء‬
‫أن هــذه املعطيــات تشــر‬ ‫ـك َّ‬
‫العــامل بحلــول عــام ‪( 2030‬ســباركس‪ .)2020 ،‬وال شـ َّ‬
‫بوضــوح إىل أن الوضــع كان صع ًبــا جــدًّ ا قبــل اجلائحــة‪ ،‬فــا عجــب أن يكــون أكثــر‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫صعوبــة بعدهــا‪ .‬ويتَّضــح هــذا التقصــر بصــورة أكــر يف مســتوى اجلــودة‪ ،‬إذ تبـ ّـن‬
‫التقديــرات اإلحصائ َّيــة يف بدايــة العــام الــدرايس ‪ 2020‬أن االحتياجــات التمويليــة‬
‫الرابــع يف البلــدان ذات الدَّ خــل املنخفــض والبلــدان ذات الدخــل‬ ‫لتنفيــذ اهلــدف َّ‬
‫املتوســط​​األدنــى كانــت تعــاين مــن نقـ ٍ‬
‫ـص يف التمويــل بلــغ ‪ 148‬مليــار دوالر ســنو ًّيا‪.‬‬
‫وتفاوتــت القــدرة عــى االســتجابة إلغــاق املــدارس عقــب اجلائحــة اختال ًفــا كبـ ً‬
‫ـرا‬
‫‪2 - 773 millions selon les données les plus récentes de l’ISU : http://uis.unesco.org/en/topic/literacy.‬‬

‫‪41‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫حســب مســتوى التنميــة؛ فعــى ســبيل املثــال‪ ،‬كان ‪ %86‬مــن األطفــال خــارج املدارس‬
‫يف التعليــم االبتدائــي خــال الربــع الثــاين مــن عــام ‪ ،2020‬وذلــك يف البلــدان التــي‬
‫توجــد فيهــا مســتويات متدنيــة للتنميــة البرشيــة‪ ،‬مقابــل‪ %20‬فقــط يف البلــدان التــي‬
‫توجــد فيهــا مســتويات عاليــة جــدًّ ا للتنميــة البرشيــة (‪.)UNDP . 2020‬‬
‫ٍ‬
‫طفـل‬ ‫واسـتنا ًدا إىل بيانـات تلـك املنظمـة األمم َّيـة‪ ،‬فـإن أكثـر مـن ‪ 220‬مليـون‬
‫وأن أربعـ ًة مـن كل‬‫ومراهـق وشـاب لـن يلتحقـوا باملـدارس بحلـول عـام ‪َّ ،2030‬‬ ‫ٍ‬
‫عشرة ُشـ َّبان لـن يكملـوا املرحلة الثانوية‪ ،‬وسـيصل عـدد الكبار غير القادرين عىل‬
‫شـخص (سـباركس‪ .)2020 ،‬وأظهـرت التقاريـر املاليـة‬ ‫ٍ‬ ‫القـراءة إىل ‪ 750‬مليـون‬
‫املختصـة أن ‪ %25‬مـن الـدول مل تسـتطع الوفـاء باحلصص املالية املـويص هبا للتعليم‬ ‫َّ‬
‫هبـا (وهـي ‪ )%6-4‬مـن الناتـج املحلي اإلمجـايل‪ ،‬ومل تسـتطع حتقيـق النسـبة املطلوبـة‬
‫التـي تتراوح بين (‪ ) %20-15‬مـن اإلنفـاق العـام‪.‬‬
‫وتشـهد السـاحة الفكريـة موجـات متالحقـة مـن الدراسـات واألبحـاث التـي‬
‫تتنـاول أزمـة التعليـم يف البلـدان املتقدمـة والنَّاميـة‪ ،‬والتـي تظهـر أن التعليم السـائد‬
‫عامل ًّيـا قـد يتخلىَّ عـن دوره الرتبـوي حتـت سـطوة‪ :‬الرأسمال َّية والعوملـة اللتين بدأتا‬
‫تفرغـان املدرسـة مـن مضامينهـا‪ :‬اإلنسـانية واألخالقيـة‪ .‬وقـد بـادر املفكـرون‬
‫والباحثـون إىل نقـد األنظمـة الرتبويـة القائمـة والكشـف عـن مثالبهـا ومواطـن‬
‫ضعفهـا وقصورهـا يف مواجهـة حتديـات العصر الرأسمايل الـذي يتَّجـه إىل حتقيـق‬
‫الثـورة الرقم َّيـة يف خمتلـف املياديـن واالجتاهـات‪ ،‬وب َّينـت هـذه الدراسـات َّ‬
‫أن‬
‫املؤسسـات التعليميـة مل تسـتطع مواكبـة معطيـات الثـورة الصناع َّيـة الرابعـة يف جمال‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التكنولوجيـا اإلبداعيـة وطفراهتـا العبقريـة‪.‬‬

‫املدرسي على الطلبة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -2/5‬األزمة‪ :‬تأثير اإلغالق‬
‫جيـب يف البدايـة التمييـز مـا بين تأثير التعليـم عـن ُب ْع ٍـد وبين تأثير اإلغلاق‬
‫املـدريس‪ .‬وسـنتناول يف هـذا الفصـل تأثير اإلغلاق يف املجتمـع املـدريس بوصفـه‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪42‬‬
‫متغيرا مسـتقال ومنفصلا عـن تأثير التَّعليـم اإللكتروين‪ .‬وهـذا الفصـل ال خيلـو‬ ‫ً‬
‫مـن صعوبـة كبيرة نتيجـ َة التداخـل العميـق والشـامل بين املتغري ْين‪ .‬ومـن أجل أن‬
‫بأن اجلائحـة أ َّدت إىل إغالق املدارس‪،‬‬ ‫املنهجي ُيمكـن القول َّ‬
‫ّ‬ ‫نضـع األمـر يف نصابـه‬
‫وأ َّدى اإلغلاق إىل نتائـج كارثيـة اجتامعيـة وتربويـة يف املجتمـع املـدريس (أطفـال‪،‬‬
‫تالمـذة‪ ،‬طلبـة‪ ،‬آبـاء‪ ،‬معلمون)‪ .‬ويمثـل جلوء األنظمـة الرتبوية إىل التعليـم عن ُب ْع ٍد‬
‫آخـرا مسـتقال بتأثيره يف املجتمع املدريس بصـورة عامة‪ .‬وسـنحاول الفصل‬ ‫متغيرا ً‬ ‫ً‬
‫املتغييـن‪ ،‬ومعاجلـة آثارمهـا بصـورة منفصلـة ضمن منهجيـة التَّحليـل املعتمدة‬ ‫بين ّ‬
‫يف هـذه املسـألة اإلشـكالية‪ ،‬التي تتَّسـم بتداخـل عواملها ومتغرياهتا عىل نحو يتَّسـم‬
‫بالصعوبـة والتعقيـد‪ .‬وباختصـار ُيمكـن أن نطـرح هنا سـؤاال منهج ًّيا مفـاده‪ :‬كيف‬
‫أ ّثـر اإلغلاق يف حيـاة األطفـال‪ ،‬واألبنـاء واملعلمين واآلباء؟‬
‫فاملدرسـة‪ ،‬كما يعرف اجلميـع‪ ،‬متثل منظومة حيـاة اجتامعية متكاملـة للمتعلمني‬
‫ومرسحـا وجود ًّيا‬
‫ً‬ ‫مصـدرا لألمـن االجتامعـي‪،‬‬
‫ً‬ ‫واملعلمين واآلبـاء‪ ،‬كما َّأنـا تشـكل‬
‫ِ‬
‫لتحقيـق‬ ‫حليـاة األطفـال والناشـئة‪ ،‬وهـي إضافـة إىل ذلـك‪ ،‬متثـل املـكان األمثـل‬
‫السـلم كما يف أوقـات األزمـات‬ ‫التـوازن‪ :‬األخالقـي والنفسي لألطفـال يف أوقـات ّ‬
‫والكـوارث‪ .‬وبعبـارة ُأخـرى متثـل املدرسـة مكانًـا آمنًـا حليـاة األطفـال ووجودهـم‬
‫قبـل أن تكـون مكانًـا لتعليمهـم وتدريبهـم‪.‬‬
‫ليكشـف لنـا أمهيـة املدرسـة وخطورهتـا يف حيـاة البشر كبارهم‬
‫َ‬ ‫وجـاء اإلغلاق‬
‫احلقيقـي ملاليين‬ ‫أن املدرسـة كانـت امللا َذ‬
‫وليبين لنـا بشـكل قاطـع َّ‬ ‫وصغارهـم‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫َّ‬ ‫ّ‬
‫مههـا‪ :‬الفقر‪،‬‬
‫األطفـال الذيـن يعانـون مـن صدمات نفسـية حتـت تأثري عـدة عوامل أ ّ‬
‫األهلي‪ ،‬والعنرصيـة‪ ،‬واالسـتغالل اجلنسي‪ ،‬وغير ذلـك مـن‬ ‫ّ‬ ‫واجلريمـة‪ ،‬والعنـف‬
‫الظـروف اخلطـرة التـي حتيط هبـم‪ ،‬وتنال مـن طفولتهم‪ .‬لذا‪ ،‬اعتمـدت معظم بلدان‬
‫ٍ‬
‫صعوبـات‪:‬‬ ‫العـامل تقديـم خدمـات حيو َّيـة لألطفـال والطلبـة الذيـن يعانـون مـن‬
‫اجتامعيـة وتربويـة ونفسـية‪.‬‬

‫‪43‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫لقد أ َّدى إغالق املدارس إىل فوىض عارمة يف حياة البرش‪ ،‬وس َّبب عطالة ومجو ًدا‬
‫يف خمتلـف تفاصيـل احليـاة اليوم َّيـة‪ ،‬بما يف ذلـك البسـيطة منهـا‪ .‬وو َّلد أنام ًطـا جديدة‬
‫مـن املشـكالت االجتامعيـة واالضطرابـات النفسـية‪ .‬لقـد أطبـق اإلغلاق الشـامل‬
‫على ُسـكَّان املعمـورة‪ ،‬ووضـع الطلبـة يف حالـة مـن العزلـة اخلانقـة واالنقطـاع عـن‬
‫سهـم‪ ،‬ومنـع حركتهم‬ ‫العـامل اخلارجـي املحسـوس‪ ،‬فحارصهـم يف منازهلـم وبين ُأ َ ِ‬
‫ٍ‬
‫كامل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بشـكل‬ ‫احليويـة واالجتامعيـة‬
‫أن أزمــة إغــاق املدارس‪-‬حتــت التأثــر‬ ‫ويــرى كثــر مــن املراقبــن واخلــراء َّ‬
‫املشــرك للصدمــة االقتصاديــة العامليــة النامجــة عــن اجلائحــة وإغــاق املــدارس‪-‬‬
‫ـتتحول إىل كارثــة تــرب جيــا كامــا أو ربــا أجيــاال مــن األطفــال واملتعلمــن‬ ‫سـ َّ‬
‫املهتمــون واخلــراء الرتبويــون‪ ،‬يف‬ ‫ُّ‬ ‫(‪ .)Nations Unies. 2020.10‬ويالحــظ‬
‫ـرا عــى‬
‫ـرا كبـ ً‬ ‫أن إغــاق املــدارس بتأثــر اجلائحــة‪ ،‬قــد أثــر تأثـ ً‬ ‫هــذا اخلصــوص َّ‬
‫األنظمــة التعليميــة التقليديــة القائمــة‪ ،‬وفــرض عظيــم خطــره عــى رفاهيــة األطفال‬
‫ـض مضاجــع التالمــذة واألطفــال‬ ‫والناشــئة‪ ،‬وأ َّدى إىل توليــد أزمــة تربويــة عامليــة تقـ ُّ‬
‫واملراهقــن‪ ،‬وهتــدّ د حقوقهــم يف احلصــول عــى تعليــم ج ّيــد وآمــن وشــامل‪ .‬وهــذا‬
‫الرابــع للتنميــة املســتدامة املشــار إليــه آن ًفــا‪.‬‬ ‫التهديــد يالمــس بعمـ ٍـق اهلــدف َّ‬
‫فالتعليــم‪ ،‬كــا هــو معلــوم‪ُ ،‬ي َعــدُّ ركيــزة التنميــة والتنميــة املســتدامة يف خمتلــف‬
‫املجتمعــات اإلنســانية‪ .‬ومــن هــذا املنطلــق يمكــن القــول‪ ،‬بداهــة‪ ،‬بــأن إغــاق‬
‫املــدارس واجلامعــات للســيطرة عــى انتشــار اجلائحــة ش ـكَّل رضب ـ ًة موجع ـ ًة للتنميــة‬
‫االجتامعيــة واالقتصاديــة حــول العــامل‪ .‬ويــرى خــراء البنــك الــدويل أن إغــاق‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫مههــا‪:‬‬
‫املــدارس لفــرات طويلــة يعــرض األطفــال ملختلــف املخاطــر واالنتهــاكات‪ ،‬وأ ّ‬
‫القــر‪ ،‬وازديــاد حــاالت االغتصــاب واحلمــل‬ ‫َّ‬ ‫ختــان اإلنــاث‪ ،‬وزواج األطفــال‬
‫املب ّكــر‪ ،‬وتزايــد احتــال جتنيــد األطفــال يف اجلامعــات املســلحة‪ ،‬كــا يــزداد االســتغالل‬
‫اجلنــي‪ ،‬وتصبــح عاملــة األطفــال أكثــر شــيو ًعا‪ .‬وربــا يــؤدي إغــاق املــدارس إىل‬
‫ـب وخســارة ‪ 10‬تريليونــات دوالر مــن األربــاح‬ ‫ـرب مــا يصــل إىل ‪ 24‬مليــون طالـ ٍ‬ ‫تـ ُّ‬
‫املســتقبلية للمجموعــة احلاليــة مــن املتعلمــن (‪.)Banque Mondiale . 2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪44‬‬
‫ويمكـن يف هـذا السـياق التمييـز بين نمطين مـن التأثير الـذي يرتكـه اإلغلاق؛‬
‫األول يف اآلثـار املبـارشة التـي تتم َّثـل يف املشـكالت الغذائيـة والنفسـية‬ ‫َ‬ ‫يتجلىَّ‬
‫والصحيـة‪ ،‬يف حين يتمثـل اآلخـر يف اآلثـار البعيـدة املـدى‪ ،‬والسـ َّيام فيما يتعلـق‬
‫بالتسرب والفاقـد التعليمـي والفقـر ورأس املـال الثقـايف واملعـريف‪ .‬وقـد أ َّدى‬ ‫ُّ‬
‫إغلاق املؤسسـات التعليميـة فعل ًّيـا إىل عرقلـة تقديـم خدمـات أساسـية لألطفـال‬
‫واملجتمعـات املحليـة‪ ،‬بما يف ذلـك القدرة عىل احلصول عىل الغذاء املناسـب‪ّ ،‬‬
‫وشـل‬
‫قـدرة كثير مـن أولياء األمـور عىل العمل واإلنتـاج‪ ،‬فضال عن ازديـاد خماطر العنف‬
‫ضـد النسـاء والفتيـات (اليونسـكو‪.)2 ،2020 ،‬‬
‫أن اإلغلاق املـدريس واعتماد التعليـم عـن ُب ْع ٍـد قد‬‫ويـرى خبراء (اليونيسـكو) َّ‬
‫يؤثـر سـل ًبا على تعلـم الطلبـة مـن خالل أربـع قنوات رئيسـة‪ :‬وقـت أقـل يف التعلم‪،‬‬
‫وأعـراض اإلجهـاد‪ ،‬وتغيري يف طريقـة تفاعل الطلبة‪ ،‬وقلة التعلـم التحفيزي‪ .‬وعىل‬
‫أمـرا أساسـ ًّيا لضمان اسـتمرارية التعلم يف‬ ‫ٍ‬
‫الرغـم مـن ذلـك‪ُ ،‬ي َعـدُّ التعليـم عـن ُب ْعد ً‬
‫يتـم فيها تعليق الـدروس الشـخصية (اليونسـكو‪.)19 ،2020 ،‬‬ ‫املواقـف التـي ُّ‬
‫وتبين تقاريـر دوليـة وأمميـة كثيرة خطـورة إغلاق املـدارس وتأثرياهتـا السـلب َّية عىل‬
‫وترسهبـم‬
‫ُّ‬ ‫الشروط اإلنسـانية حليـاة األطفـال والناشـئة‪ ،‬وأعظمهـا عاملـة األطفـال‬
‫وترشدهـم‪ ،‬والسـ َّيام يف املناطـق الفقيرة التـي ال تتو َّفـر فيهـا رشوط احليـاة‬‫ُّ‬ ‫املـدريس‬
‫والوجـود الرضور َّيـة‪ .‬ويف هذا السـياق تظهـر اإلحصائيات األممية انخـراط قرابة ‪152‬‬
‫طفـل يف سـوق العمـل جمـدَّ ًدا إثـر انقطـاع املؤسسـات التعليميـة عـن العمـل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مليـون‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫خاصـة يف األشـهر األوىل مـن اجلائحـة‪ .‬وهـو رقـم يتو َّقـع أن يتعاظـم يف إحصـاءات‬ ‫َّ‬
‫تسرب نحـو ‪ %49‬مـن تالمـذة املـدارس‪ ،‬أي بما يعـادل‪67‬‬ ‫عـام ‪ 2021‬السـ َّيام مـع ُّ‬
‫التسرب‬ ‫وتلميـذة يف بلـدان رشق وجنـوب أفريقيـا‪ .‬وقـد بلغـت نسـبة‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تلميـذ‬ ‫مليـون‬
‫ُّ‬
‫‪ %48‬يف غـرب القـارة األفريقية ووسـطها‪ ،‬تليهام بنسـبة مرتفعة منطقة الرشق األوسـط‬
‫وشمال أفريقيـا‪ ،‬إذ تسرب ‪ %40‬مـن الطلبـة مـن التعليم‪ ،‬بسـبب كوهنم ال يسـتطيعون‬
‫االسـتفادة مـن وسـائط وآليـات التعليـم عـن ُب ْع ٍـد (حسـن‪.)2020 ،‬‬

‫‪45‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -3/5‬تفاقم نواجت التعليم‪:‬‬
‫يتو َّقـع بعـض اخلبراء أن يؤثـر اإلغالق املـدريس وتعطل األنشـطة التعليم َّية عىل‬
‫اخلدمـات‪ :‬الصحيـة والنفسـية واالجتامعيـة‪ ،‬ألن املؤسسـات التعليميـة والرتبويـة‬
‫كمنصـات للوقايـة والتشـخيص وتقديـم املشـورة‪ .‬ونتيجـة لذلـك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أيضـا‬
‫تعمـل ً‬
‫فـإن الفئـات االجتامعيـة املهيضـة سـتعاين بدرجـة كبيرة مـن فقـدان اخلدمـات‬ ‫َّ‬
‫األساسـية وغيـاب آليـات احلاميـة االجتامعيـة التـي كانـت توفرهـا املدرسـة‪ .‬وكما‬
‫أن إغلاق‬ ‫هـو احلـال بالنسـبة إىل اجلائحـات السـابقة‪ ،‬فقـد أثبتـت جائحـة كورونـا َّ‬
‫املؤسسـات التعليميـة يـؤدي إىل زيـادة املخاطـر التـي تتعرض هلـا النسـاء والفتيات‪،‬‬
‫ألهنـن أكثـر عرضـ ًة ألنـواع متعـدّ دة مـن سـوء املعاملـة‪ ،‬مـن قبيـل العنـف العائلي‪،‬‬
‫والقسري (األمـم املتحـدة‪ .)2020 ،‬و ُيمكن‬
‫ّ‬ ‫والـزواج املبكّـر‬
‫واملقايضـة باجلنـس‪َّ ،‬‬
‫الضر بمكاسـب أبنـاء األرس الفقرية‬ ‫القـول يف هـذا السـياق بـأن اإلغالق سـيلحق َّ‬
‫مـن التعليـم النظامـي األسـايس‪ ،‬حيـث يعتمـد أبنـاء الفقـراء على خدمـات الرعاية‬
‫الضرر‬
‫والوجبـات املقدَّ مـة يوم ًّيـا مـن إدارات املـدارس احلكوميـة‪ ،‬كما سـيلحق َّ‬
‫نظـرا لبقاء األطفـال يف املنـازل وحاجتهم‬‫بقـدرة أوليـاء األمـور على أداء وظائفهـم ً‬
‫إىل الرعايـة االجتامعيـة والرتبويـة‪ ،‬وهذا األمر يؤ ّثر بدرجـة أكرب ضمن نطاق األُرس‬
‫التـي تعتمـد على عمـل األمهـات يف معظـم دول العـامل (حسـن‪.)2020 ،‬‬
‫السـلبية‪ ،‬حيث تسـبب فعل ًّيا يف آثار‬
‫وهيـدد اإلغلاق املـدريس بتفاقم نواتـج التعليم َّ‬
‫عميقـة عليـه‪ ،‬األمـر الـذي شـكَّل أكرب صدمـة متزامنـة ترض بجميـع األنظمـة التعليمية‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يف خمتلـف أنحـاء العـامل (البنـك الـدَّ ويل‪ .)5 ،2020 ،‬ووف ًقـا (لليونيسـكو) َّ‬
‫فـإن هنـاك‬
‫مضرا جـدًّ ا (اليونسـكو‪ ،)2020 ،‬أمهها‪:‬‬
‫أمرا ً‬ ‫أسـبا ًبا جتعـل مـن إغلاق املـدارس ً‬
‫‪-‬توقـف التع ُّلـم‪ :‬تقـدم املـدارس التعليـم األسـايس‪ ،‬لكـن عنـد إغالقهـا ُيـرم‬
‫ٍ‬
‫فـرص للنّمـو والتطـور‪ .‬وتعترب مسـاوئ اإلغالق أشـدَّ‬ ‫األطفـال والشـباب مـن‬
‫أقل‬‫وطـأة على الدارسين مـن الفئـات املحرومة الذيـن حيظون بفـرص تعليميـة ّ‬
‫خـارج املدرسـة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪46‬‬
‫‪-‬التغذيـة‪ :‬يعتمـد الكثير مـن األطفـال والشـباب على الوجبـات املجانيـة أو‬
‫املنخفضـة التكلفـة التـي تقدمهـا املـدارس مـن أجـل حصوهلـم على ال َّطعـام‬
‫والتغذيـة السـليمة‪ ،‬وعندمـا تُغلـق املـدارس‪ ،‬تتأثـر تغذيتهـم سـل ًبا (اليونسـكو‪،‬‬
‫‪ .)2020‬وهكـذا فـإن تعطـل برامـج التغذية املدرسـية يعنـي أن ماليني األطفال‬
‫لـن يكـون بإمكاهنـم احلصـول على وجبـة منتظمـة ومغذيـة‪.‬‬
‫‪-‬عـدم اسـتعداد األهـل لتعليـم أوالدهـم عـن ُب ْع ٍـد أو يف املنـزل‪ :‬عندمـا تُغلـق‬
‫املـدارس‪ ،‬غال ًبـا مـا ُيطلـب مـن األهـل تيسير تعليـم األطفـال يف املنـزل‪ ،‬وقـد‬
‫يواجهـون صعوبـة يف أداء هـذه املهمـة‪ ،‬وال سـ َّيام بالنسـبة إىل األهـل حمـدودي‬
‫التعليـم واملـوارد‪.‬‬
‫بمنصـات التع ُّلم الرقمية‪ :‬يمثـل غياب االنتفاع‬ ‫‪-‬عـدم املسـاواة يف إمكانيـة االنتفاع َّ‬
‫املسـتمر‪ ،‬وال سـ َّيام‬
‫ّ‬ ‫الربـط باإلنرتنـت عائ ًقا أمام التع ُّلم‬
‫بالتكنولوجيـا أو ضعـف َّ‬
‫بالنسـبة إىل الطلبـة الذين ينتمـون إىل عائالت حمرومة (اليونسـكو‪.)2020 ،‬‬
‫‪-‬التفـاوت يف رعايـة األطفال‪ :‬غال ًبـا مـا يترك األهـل العاملـون األطفـال وحيديـن‬
‫عندمـا تُغلـق املـدارس يف حـال عدم توفـر خيارات بديلـة‪ ،‬ممَّا قد يـؤدي إىل اتباع‬
‫هـؤالء األطفـال سـلوكيات خطيرة‪ ،‬مثـل زيـادة تأثير ضغـط األقـران وتعاطـي‬
‫املخدّ رات‪.‬‬
‫رجـح أال يتمكَّـن األهـل العاملـون مـن تأديـة‬ ‫‪-‬التكلفـة االقتصاديـة الباهظـة‪ُ :‬ي َّ‬
‫تفرغهـم لرعايـة أطفاهلـم‪ ،‬ممـا يتسـ َّبب يف‬ ‫عملهـم عندمـا تُغلـق املـدارس بسـبب ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تراجـع الدخـل يف حـاالت كثيرة‪ ،‬ويؤ ّثـر سـل ًبا يف اإلنتاجيـة‪.‬‬


‫‪-‬الضغـط على نظـام الرعايـة الصحيـة‪ :‬غال ًبـا مـا يكـون معظـم العاملين يف جمـال‬
‫الرعايـة الصحيـة مـن النسـاء اللـوايت ال يتمكـ َّن مـن الذهـاب إىل العمـل بسـبب‬
‫التزامهـ َّن برعايـة األطفـال نتيجـ َة إغلاق املـدارس‪ ،‬ممَّـا يعنـي غيـاب العديد من‬
‫مقدّ مـي الرعايـة الصحيـة عـن أماكـن عملهـم التي هي يف أشـدّ احلاجـة إليهم يف‬
‫وقـت األزمـات الصحية‪.‬‬

‫‪47‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الضغـط على املـدارس التـي ال تـزال مفتوحـة‪ :‬يشـكّل إغالق املـدارس يف‬
‫‪-‬ازديـاد َّ‬
‫بعـض املناطـق ضغ ًطـا عىل املدارس بسـبب توجيه األهل واملديريـن األطفال إىل‬
‫املـدارس التي ال تـزال مفتوحة‪.‬‬
‫إن ضمان عـودة األطفـال‬ ‫‪-‬ميـل نسـب التوقـف عـن الدراسـة إىل االرتفـاع‪َّ :‬‬
‫والشـباب إىل املـدارس عنـد إعـادة افتتاحهـا واسـتمرارهم يف الدراسـة يمثـل‬
‫خصوصـا عندمـا يتع َّلـق األمـر بإغلاق املـدراس لفترة طويلـة‪.‬‬
‫ً‬ ‫حتد ًيـا‪،‬‬
‫‪-‬العزلـة االجتامعيـة‪ :‬تعتبر املدارس مراكز ملامرسـة األنشـطة االجتامعيـة والتفاعل‬
‫اإلنسـاين‪ .‬وعندمـا تغلـق أبواهبـا يفقـد الكثير مـن األطفـال والشـباب عالقاهتم‬
‫أسـايس يف التع ُّلم والتطـور (اليونسـكو‪.)2020 ،‬‬
‫ٌّ‬ ‫االجتامعيـة التـي هلـا دور‬
‫يعـرض فقـدان الوصـول إىل املدرسـة‪ ،‬كمسـاحة واقيـة‪ ،‬األطفـال‬ ‫‪ -‬سـوء املعاملـة‪ّ :‬‬
‫والصدمـات إذا كانـت منازهلـم غري آمنـة‪ ،‬ممَّا قد يـؤ ّدي إىل إحلاق‬
‫لسـوء املعاملـة َّ‬
‫بصحتهـم‪ :‬اجلسـدية والعقلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الضرر‬
‫‪-‬اخلدمات الصحية‪ :‬سـيفقد العديد من العائالت واألطفال اخلدمات واملعلومات‬
‫املهمة التي تتو َّفر عـادة يف املدارس وأماكن التع ُّلم األُخرى‪.‬‬
‫الصحيـة َّ‬
‫‪-‬الفقـر‪ :‬ربما يدفـع الوبـاء العديـد مـن األطفـال إىل الفقـر‪ ،‬ويزيـد مـن خماطـر سـوء‬
‫التغذيـة‪ ،‬واإلجهـاد‪ ،‬وانتهـاكات احلاميـة‪ ،‬وعاملـة األطفـال‪ .‬وهـذه كلهـا عوامل‬
‫تق ّيـد وصوهلـم املسـتقبيل إىل التع ُّلـم الف َّعـال‪.‬‬
‫و ُيمكننـا رصـد اآلثـار املرتتّبة عىل إغلاق املدارس واألزمـة االقتصادية بصورة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تقريب َّيـة موجزة‪ ،‬كام يف الشـكل رقم (‪.)2‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪48‬‬
‫الشكل رقم (‪)2‬‬
‫صدمة اإلغالق املدرسي‬

‫تـم تصميـم الشـكل (‪ )2‬مـن قبلنا بنا ًء على تصورات البنك الدويل يف منشـور له‬
‫حول‪ :‬صدمات التعليم واالسـتجابة (البنك الدويل‪.)2 ،2020 ،‬‬
‫الشـكل (‪ )2‬وجـود تداخـل عميـق ومع َّقـد بين تأثيرات‬ ‫يالحـظ مـن خلال ّ‬
‫اإلغلاق واألزمـة االقتصاديـة يف مسـتويات التأثير على التعليـم بأبعـاده املختلفـة‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫سـواء على املـدى القصير أو البعيـد‪.‬‬

‫وبعبـارة أخـرى أ َّدت الكارثـة الوبائيـة لكورونـا (كوفيـد‪ )19‬إىل إيقـاف عمـل‬
‫املؤسسـات التعليميـة املختلفـة‪ ،‬مثـل‪ :‬ريـاض األطفـال‪ ،‬واملـدارس‪( :‬العامـة‬
‫واخلاصـة)‪ ،‬واجلامعـات‪ ،‬والكل َّيـات‪ ،‬ومراكـز التعليـم اخلـاص‪ ،‬ودور الرعايـة‪،‬‬
‫يتـم‬
‫املـرة األوىل يف التاريـخ التـي ُّ‬ ‫َّ‬
‫ولعـل هـذه هـي َّ‬ ‫وغريهـا (صالـح‪.)2020 ،‬‬

‫‪49‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫يتـم فيهـا إفـراغ املـدارس‬
‫فيهـا إغلاق املـدارس يف خمتلـف أنحـاء العـامل‪ ،‬والتـي ُّ‬
‫أن ‪ 1.6‬مليـار‬ ‫وتبين اإلحصائيـات اجلاريـة َّ‬
‫واملؤسسـات التعليميـة مـن روادهـا‪ّ .‬‬ ‫َّ‬
‫طالـب يف أكثـر مـن ‪ 190‬دولـ ًة يف مجيـع القـارات قـد أصبحـوا خـارج املـدارس‬
‫واجلامعـات يف خمتلـف أنحـاء العـامل‪ ،‬وشـمل هـذا االنقطـاع ‪ 63‬مليـون مع ّلـم يف‬
‫مرحلتـي التَّعليـم‪ :‬االبتدائـي والثانـوي يف العـامل‪ .‬وقـد أوصدت املـدارس أبواهبا يف‬
‫‪ 191‬دولـ ًة بنسـبة ‪٪82.2‬مـن الطلاب املق ّيديـن يف املـدارس‪ ،‬باإلضافـة إىل أعداد‬
‫املترسبين مـن التعليـم واملتو ّقفين عنـه بفعل احلـروب والرصاعـات الدائـرة رحاها‬ ‫ّ‬
‫يف كثير مـن أصقـاع العـامل‪ .‬وقد أ َّثـرت عمليات إغلاق املدارس على ‪ %94‬يف املائة‬
‫مـن الطلاب يف العـامل‪ ،‬وهـي نسـبة ترتفـع لتصـل إىل ‪ % 99‬يف البلـدان املنخفضـة‬
‫املتوسـطة الدَّ خل من الرشحيـة الدُّ نيا» (األمـم املتحدة‪.)2020 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الدَّ خـل‪ ،‬والبلـدان‬

‫‪ -6‬اخلامتة‪:‬‬
‫أن البرش َّيـة قـد تعرضـت إىل أزمـة صح َّيـة مل يسـبق هلـا مثيـل‪،‬‬ ‫وصفـوة القـول َّ‬
‫لتشـمل املجـاالت‬ ‫َ‬ ‫الصحـة العا َّمـة‬
‫هـي أزمـة جائحـة كورونـا‪ ،‬التـي جتـاوزت جمـال ّ‬
‫االقتصاد َّيـة واالجتامع َّيـة والسياسـ َّية‪ ...‬وكان أن ُوضعـت التقاليـد والقيـم‬
‫ّ‬
‫املحـك‬ ‫اليومـي على‬
‫ّ‬ ‫واملؤسسـات‪ ،‬وسـائر معهـود النَّـاس ومعيشـهم‬‫ّ‬ ‫واملواضعـات‬
‫الصدمة‬ ‫دفعـ ًة واحـدةً‪ .‬وبـدت اإلنسـان َّية لبعـض الوقـت‪ ،‬يف حالة شـلل تا ّم‪ ،‬بفعـل َّ‬
‫واملفاجـأة‪ .‬وكان مـن أكثـر القطاعـات تأ ُّث ًـرا هـو جمـال الرتبيـة والتعليـم‪ .‬فقد فرض‬
‫اجلسـدي حماذير أصابـت العمل َّيـة التعليم َّية‬
‫ّ‬ ‫اخلـوف مـن العـدوى ورضورة التباعـد‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وتـم اللجـوء إىل إغلاق املؤسسـات التعليم َّيـة‪ ،‬واالسـتعاضة‬ ‫التقليد َّيـة يف مقتـل‪َّ .‬‬
‫مههـا التعليـم االفرتايض‪،‬‬ ‫عـن الـدّ رس التقليـدي احلضـوري ببعـض البدائـل‪ ،‬من أ ّ‬
‫أو التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪ .‬وهـو بديل صاحبته مشـكالت جديـدة‪ ،‬منها ما هـو ذو طبيعة‬
‫كتعـرض‬ ‫ُّ‬ ‫ماديـة‪ :‬كالفقـر ونقـص الغـذاء‪ ،‬وبعضهـا ذو طبيعـة نفسـية واجتامع ّيـة‬
‫الناشـئة للعنـف والشـعور بالعزلـة والعمـل املبكّـر‪ ،‬والـزواج القسري وختـان‬
‫اإلنـاث‪ .. .‬و ُأخـرى ذات طبيعـة تربو َّيـة ويف مقدّ متهـا انعدام تكافؤ الفرص بسـبب‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪50‬‬
‫عـدم تو ُّفـر إمكانـات التواصل عبر اإلنرتنت للجميـع عىل قدم املسـاواة‪ ...‬وغياب‬
‫والتسرب املـدريس‪ ،‬وتفاقـم األم َّيـة‪...‬‬
‫ُّ‬ ‫احلـي بين املعلـم واملتع ّلـم‬
‫ّ‬ ‫التَّفاعـل‬
‫فإن املشـكالت التي‬ ‫وحـد اخلـوف واهللع مـن جائحة كورونـا اإلنسـان َّية‪َّ ،‬‬ ‫ولئـن َّ‬
‫عمقـت الفـوارق بين الـدُّ ول النَّاميـة والـدَّ ول املتقدّ مـة‪،‬‬
‫أنتجتهـا هـذه اجلائحـة قـد َّ‬
‫عمقتهـا داخـل املجتمـع الواحـد بين‪ :‬الفقـراء واألغنياء‪.‬‬ ‫مثلما َّ‬
‫فـإن اخلبراء والباحثين واملنظمات الدَّ ول َّيـة يتو َّقعـون أن متتـدَّ آثـار جائحة‬
‫وهكـذا َّ‬
‫وأن البرش َّية سـتحتاج وقتًا طويلا ملعاجلة تلك‬ ‫كورونـا السـلب َّية إىل األجيـال القادمة‪َّ ،‬‬
‫وأن تاريـخ اإلنسـان مـا قبـل كورونـا عىل هـذا الكوكـب لن يكون كما بعده‪.‬‬ ‫اآلثـار‪َّ ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪51‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
:‫األول‬
َّ ‫مراجع الفصل‬
- Aras Bozkurt AND Ramesh C. Sharma (2020)Emergency remote
teaching in a time of global crisis due to CoronaVirus pandemic.
Asian Journal of Distance Education: 2020. Volume 15. Issue 1. i-vi..
- Banque mondiale. “Simulating the Potential Impacts of the
COVID-19 School Closures on Schooling and Learning Out-
comes: A set of Global Estimates”. 18 juin 2020: https://www.
worldbank.org/en/topic/education/publication/ simulating-poten-
tial-impacts-of-covid-19-school-closures-learning-outcomes-a-
set-of-global- 2020/12/9 ‫شــوهد يف‬.
- Crawford. Joseph ; Henderson . Kerryn Butler; Rudolph . Jürgen;
Glowatz . Matt; Burton . Rob(2020) COVID-19: 20 countries’
higher education intra-period digital pedagogy responses .Journal
of Applied Learning & Teaching .Vol.3 No.1 (2020) http://jour-
nals.sfu.ca/jalt/index.php/jalt/index. ACCESSED ON 18/12/2020.
- Gouëdard. P.. B. Pont et R. Viennet (2020). Education responses
to COVID-19: Implementing a wayfor-ward. Éditions OCDE.
Paris. https://dx.doi.org/10.1787/8e95f977-en.
- ISU (Institut de statistique de l’UNESCO) (2020). Out-of-School
Children and Youth: http://uis.unesco.org/en/topic/ out-school-
children-and-youth ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

- Nations Unies (2020). Note de synthèse: L’éducation en temps de


COVID-19 et après. AOÛT 2020. P3.
- PetarJandrić. Teaching in the Age of Covid-19. Postdigital Sci-
ence and Education (2020) 2:106 –1230. https://doi.org/10.1007/
s42438-020-00169-6 .Published online: 7August 2020.
- Robson. David (2920) How Covid-19 is changing the world’s
children. 4th June 2020. https://www.bbc.com/future/arti-

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 52
cle/20200603-how-covid-19-is-changing-the-worlds-children.
Accessedon 17/12/20220.
- UNESCO (2020) The impact of Covid-19 on the cost of achiev-
ing SDG 4. GEM Report Policy
- United Nation (2020) POLICY BRIEF: EDUCATION DURING COVID-19
AND BEYOND . 22 AUGUST 2020.sg_policy_brief_covid-19_and_
education_august_2020.pdf (un.org)accessed on 19/12/2020.
- United Nations Development Programme (UNDP). COVID-19
and human development: Assessing the crisis. envisioning the
recovery. 2020.. Human Development Perspectives. 2020. New
York: UNDP. available at http://hdr.undp.org/en/hdp-covid.
- WHO (2020). Coronavirus disease (COVID-19) Pandemic. World
health Organization. https://www.who.int/emergencies/diseases/
novel-coronavirus-2019
- Winthrop. Rebecca (2020). COVID-19 and schoolclosures:
What can countries learnfrompast emergencies. Rebecca Win-
thropTuesday. March 31. 2020. https://www.brookings.edu/re-
search/covid-19-and-school-closures-what-can-countries-learn-
from-past-emergencies/. Acceded On 18/12/2020.
19 - ‫ التعليــم أثنــاء جائحــة كوفيــد‬:‫ موجــز سياســايت‬.)2020( ‫ األمــم املتحــدة‬-
http://bitly.ws/aeqp .2020 ‫ أغســطس‬،‫وما بعـــدها‬
.‫ ما املطلوب؟ واشنطن‬:‫ تقرير إهناء فقر التعلم‬.)2019( ‫ البنك الدويل‬-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ صدمـات التعليـم واالسـتجابة على‬:‫ جائحـة كورونـا‬.)2020( ‫ البنـك الـدويل‬-


.‫ تقريـر مايـو‬،‫ واشـنطن‬،‫صعيـد السياسـات‬
،‫ املعلومــة‬،‫ الفــرص والتحديــات‬:‫ التعليــم يف غــار أزمــة كورونــا‬.)2020( ‫ وجيــه‬،‫ العــي‬-
./https://www.almaalomah.com/2020/06/14/479709 .2020 ‫ يونيــو‬14
.2020/12/12 ‫شوهد يف‬

53 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬اليونيسكو (‪ )2020/12/31‬اآلثار السلبية إلغالق املدارس‪،‬‬
‫‪https://ar.unesco.org/covid19/educationresponse/consequences‬‬
‫شوهد ‪.2020/12/31‬‬
‫‪ -‬بوسـيس‪ ،‬وسـيلة (‪ .)2020‬استراتيجية إغلاق املؤسسـات التعليميـة للحـد مـن‬
‫الرقمنة ورهان التعليم عـن ُب ْع ٍد‪ ،‬جملة التمكني‬
‫تفشي فيروس كوفيـد ‪ ..19‬حتدي َّ‬
‫االجتامعـي‪ ،‬املجلـد‪ ،2‬العدد ‪ ،3‬سـبتمرب ‪ .2020‬ص ‪ ،33-20‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -‬حســن‪ ،‬نــوران (‪ .)2020‬الثقافــة السياســية ونظــم التعليــم مــا بعــد كورونــا‪،‬‬
‫املعهــد املــري للدراســات‪ 16 ،‬ســبتمرب ‪ .2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/15‬‬
‫‪http://bitly.ws/aMVD‬‬
‫‪ -‬حسين‪ ،‬أيمـن (‪ .)2020‬يف زمـن كورونـا‪ ..‬التعليـم عن ُب ْع ٍد ليـس هدية‪ ،‬امليادين‬
‫نـت‪ 6 ،‬أبريل‪.2020‬‬
‫‪ -‬ســباركس‪ ،‬كيتلــن (‪ .)2020‬فــروس كوفيــد‪ 19-‬يف دول اخلليــج وخطــة‬
‫التعليــم لعــام ‪ :2030‬الــدروس املســتقاة مــن األزمــة‪ ،‬جامعــة جــورج تــاون‪،‬‬
‫‪ 19‬مايــو ‪ http://bitly.ws/aMUy .2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬صالـح‪ ،‬عامـر (‪ )2020‬كوفيـد ـ ‪ 19‬والتعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪ :‬بين ظـروف‬
‫االضطـرار ومسـتلزمات النهـوض‪ ،‬املعلومـة‪،‬‬
‫‪14:20 - 17/04/2020ttps://www.almaalomah.com/2020/04/17/469147/.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫شوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫‪ -‬مركـز الفكر االستراتيجي للدراسـات (‪ .)2021‬تفيش السلالة اجلديدة من‬
‫الرصـد والتحليل‪.‬‬
‫كورونـا وانعكاسـها على اجلانب االقتصـادي اخلليجـي‪ ،‬وحدة َّ‬
‫شوهد يف ‪.2021/1/8‬‬
‫‪https://fikercenter.com//assets/uploads/The-outbreak-of-the-new-strain-‬‬
‫‪of-Corona-and-its-reflection-on-the-Gulf-economic-side-.Ads.pdf‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪54‬‬
‫‪ -‬هيئـة األمـم املتحدة (‪/19‬أغسـطس ‪ )2020‬موجز سياسـايت‪ :‬التعــليم أثناء‬
‫جائحـة كوفيد ‪ 19 -‬وما بعــدها آب‪/‬أغسـطس ‪http://bitly.ws/aeqp.2020‬‬
‫‪-‬حنين‪ ،‬ماهـر (‪ .)2020‬سوسـيولوجيا اهلامـش يف زمـن الكورونـا‪ :‬اخلـوف‬
‫واهلشاشـة واالنتظـارات‪ ،‬تونـس‪ :‬املنتـدى التونسي للحقـوق االقتصاديـة‬
‫واالجتامعيـة‪.www.FTDES.net .‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪55‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الفصل َّ‬
‫الثاني‬

‫يف مفهوم التعليم اإللكتروني وإشكالياته‪:‬‬


‫من التعليم عن ُبع ٍْد إلى التعليم اإللكتروني‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪57‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫(املؤسـس والرئيـس التنفيـذي لـشركة أويكاديمـي)‪« :‬من‬‫ّ‬ ‫يقـول ريـا بدشهري‬
‫قبـل انتشـار الوبـاء‪ ،‬أحـاول أنـا وفريقي التشـديد على أن التطور بالتعليـم ال يكون‬
‫فقـط مـن خلال رفـع املحتـوى عبر اإلنرتنـت‪ ،‬بـل مـن خلال تعديـل املناهـج‬
‫وأيضـا كيفيـة تنظيـم الـدروس‬
‫وإعـادة تصميمهـا وابتـكار طـرق تدريـس جديـدة ً‬
‫واألنشـطة‪ .‬وهـذا مـا نحاول تطبيقـه يف «أويكاديمـي»‪ .‬نحن ال نبتكر عىل املسـتوى‬
‫التكنولوجـي فقـط‪ ،‬بـل أيضـا مـن حيـث تصميـم مناهـج وطـرق تقييـم بديلـة»‬
‫(يورونيـوز‪.)2021 ،‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ِّ -1‬‬
‫اعتـاد الفيلسـوف الفرنسي الشـهري فولتير أن يطلـب مـن حماوريـه حتديـد‬
‫مفاهيمهـم ومصطلحاهتـم قبـل اخلـوض يف احلـوار والنقـاش‪ ،‬ألن الوضـوح يف‬
‫املفاهيـم يبـدّ د األوهـام واملغالطـات يف احلـوار واملناقشـة‪ .‬وقد شـهر عنه قولـه‪« :‬إذا‬
‫أردت أن تتحدث معـي‬
‫فحدد مفاهيمـك»‪ .‬ومثـل هـذه املقولـة تنطـوي على حكمـة بليغـة جيـب علينـا‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫دائما يف احلـوار ويف البحـث العلمـي‪ .‬فالبحـث اجل ّيـد هـو البحـث‬ ‫اسـتحضارها ً‬
‫فالكثير مـن اخلالفـات والرصاعـات‬ ‫ُ‬ ‫الـذي يقـوم على ركائـز مفاهيميـة واضحـة‪.‬‬
‫األيديولوجيـة نامجـة عـن غمـوض يف املفاهيـم‪ ،‬وعـن غيـاب يف السـيطرة على‬
‫كثيرا مـن اجلـدل‬ ‫أن ً‬‫الـدالالت واملعـاين الكامنـة فيهـا‪ .‬وال خيفـى على العارفين َّ‬
‫ناجـم عـن غمـوض كبير يف مفاهيـم هـذا‬ ‫ٌ‬ ‫العنيـف الدائـر حـول التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‬
‫النـوع مـن التعليـم‪ ،‬ويف جتلياتـه املتنوعـة‪ ،‬ومـن هـذا املنطلـق يرتتـب علينـا منهج ًّيـا‬

‫‪59‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫العمـل على استكشـاف أبعـاد مفهـوم التعليـم اإللكتروين وتقاطعاتـه مـع ٍ‬
‫كثير من‬
‫املفاهيـم املجـاورة لـه‪ ،‬مثـل التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ والتعليـم الرقمـي‬
‫والتعليـم االفترايض‪.‬‬
‫وغنـي عـن البيـان أن بلـورة هـذه املفاهيـم والكشـف عـن دالالهتـا وتداخالهتـا‬
‫مهما جدًّ ا يف التأسـيس للبحث الـذي نقوم به حـول التعليم‬‫يشـكل مدخلا منهج ًّيـا ًّ‬
‫شـك لدينـا أن جائحة كورونـا قد أدخلت‬ ‫اإللكتروين يف ظـل جائحـة كورونا‪ .‬وال َّ‬
‫مزيـدً ا مـن التعقيـد يف السـيطرة عىل مفهـوم التعليم عند ُب ْع ٍـد بصورتـه اإللكرتونية‪،‬‬
‫وأن السـيطرة على هـذا املفهـوم بأبعـاده املختلفـة سيشـكل منطل ًقـا ُيؤسـس عليـه‬
‫كثيرا مـن الباحثين‬
‫ألن ً‬‫يف تناولنـا للتعليـم اإللكتروين يف ظـل اجلائحـة‪ ،‬وذلـك َّ‬
‫والرتبويين يأخـذون باملفهـوم الض ّيـق للتعليـم اإللكتروين دون الغـوص يف معانيـه‬
‫وتأسيسـا عىل ذلك تدور املناقشـات‪ ،‬وتبرز االجتاهات الرافضة‬ ‫ً‬ ‫ودالالتـه املتنوعة‪.‬‬
‫هلـذا النَّمـط مـن التعليم بنا ًء على وعي مشـوش وخاطئ بخصوص مفهـوم التعليم‬
‫اإللكتروين وتعيناتـه الفكر َّيـة‪ .‬وقبـل اخلـوض يف إشـكاليات التعليـم اإللكتروين‬
‫ودوره يف ختطـي األزمـة الكورون َّيـة‪ ،‬جيـب حتديـد مفهـوم التعليـم اإللكتروين‬
‫ودالالتـه املعرف َّيـة‪ ،‬وبيـان مـدى صلتـه الفعليـة بمنظومـة أنـواع التعليم‪.‬‬
‫تكـون تارخي ًّيـا؟ ومـا‬
‫فما التعليـم اإللكتروين؟ متـى نشـأ هـذا املفهـوم وكيـف َّ‬
‫العوامـل واملتغيرات التـي سـامهت يف تكوينـه؟ وكيـف انفصـل هـذا املفهـوم عـن‬
‫منظومـة املفاهيـم املتداخلـة معـه؟ مـا فلسـفة هـذا املفهـوم؟ مـا مكوناتـه؟ ومـا‬
‫تفاعالتـه وتوظيفاتـه يف ظـل األزمـة الكورون َّيـة؟‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -2‬إشكالية املفهوم‪:‬‬
‫تنسـج املصطلحـات بمجموعها منظومـة فكرية مع َّقدة مـن املفاهيم والدالالت‬
‫كل مصطلـح موض ًعـا معلو ًمـا ومرسـو ًما‬ ‫واألبعـاد‪ ،‬ويف عمـق هـذه املنظومـة يأخـذ ُّ‬
‫«يف ذلـك النسـيج سـواء أكان موض ًعـا مركز ًّيـا أم كان موض ًعـا جانب ًّيـا‪ ،‬وأن ألفـاظ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪60‬‬
‫اللغـة حين تُصنـع منهـا املصطلحـات إنما تنتخـب بدقـة وعنايـة» (متـل‪.)2021 ،‬‬
‫بـأن مفهـوم التعليم اإللكتروين ينتمـي إىل عائلة‬‫وضمـن هـذه الرؤيـة يمكـن القول َّ‬
‫مـن املفاهيـم املتداخلـة يف نسـيجها وطبيعتهـا ووظائفهـا‪ ،‬وذلـك إىل الدرجـة التـي‬
‫يصعـب معهـا الفصـل بينـه وبين املفاهيـم املتامخـة لـه واملوازيـة لصورتـه يف املعنـى‬
‫والداللة‪.‬‬
‫ـنتول فيــا يــي رســم خريطــة اعتباطيــة هلــذه املفاهيــم املتداخلــة املتشــابكة ضمــن‬ ‫وسـ َّ‬
‫منظومــة نســيج َّية شــديدة التامســك والتعقيــد‪ .‬فالباحثــون يســتخدمون اليــوم مفاهيــم‬
‫عديــدة للتعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد ال خيتلــف بعضهــا عــن بعــض كثــر اختــاف‪ ،‬مثــل‪ :‬التعليــم‬
‫الرقمــي (‪ ،)digital learning‬التعليــم االفــرايض (‪ ،)Virtual Learning‬التعليــم‬
‫اإللكــروين (‪ ،)E-Learning‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد (‪ ،)The Distance Learning‬التعليــم‬
‫عــر اإلنرتنــت (‪ ،)Online Learning‬التعليــم املفتــوح (‪ ،)Open Learning‬التعليــم‬
‫وأخــرا‬
‫ً‬ ‫الرقمــي (‪)Digital learning‬‬ ‫املدمــج (‪ ،)Blended Learning‬والتعليــم َّ‬
‫التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حالــة الطــوارئ (‪.)Distance Learning case of emergency‬‬
‫ـدل تقري ًبــا عــى معنــى واحـ ٍـد‪ٌّ ،‬‬
‫وكل منهــا حييــل‬ ‫أن أ ًّيــا مــن هــذه املفاهيــم يـ ُّ‬
‫وال اختــاف يف َّ‬
‫إىل اآلخــر أو إىل جمموعــة مــن املعطيــات ضمــن هــذه املجموعــة (;‪Hodges ; Moore ‬‬
‫‪.)2020( Lockee ; Trust and Bond‬‬
‫ومـع ذلـك َّ‬
‫فـإن القـارئ غال ًبـا مـا يقـع يف حيرة مـن أمـره عندمـا يقـف على هذا‬
‫ٍ‬
‫متقاربـة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫معـان‬ ‫ٍ‬
‫واحـد أو على‬ ‫التعـدُّ د يف املفاهيـم املتجانسـة الدالـة على معنـى‬
‫والسـؤال هـو‪ :‬كيـف يمكـن للكاتـب أن خيتـار املفهـوم املناسـب للحديـث عن هذا‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫النمـط مـن التعليـم غير التقليـدي الـذي يعتمـد الوسـائل واألجهـزة الرقميـة يف‬
‫التواصـل التعليمـي مـع الطالـب؟‬
‫أي مـن املفاهيـم املذكورة آن ًفـا عنوانًا‬
‫يف حالتنـا هـذه يمكننـا‪ ،‬حقيقـة‪ ،‬اسـتخدام ّ‬
‫لدراسـتنا دون أن يؤثـر ذلك على جوهرها ومضموهنا العلمـي‪ ،‬ويمكننا التنويع يف‬
‫أي مـن هـذه املفاهيم يف متن الدراسـة بما تقتضيه احلاجـة العلمية‪ .‬ونحن‬ ‫اسـتخدام ّ‬
‫كثير مـن حمطـات هـذه الدراسـة بـأن نسـتخدم خمتلـف هـذه املفاهيـم‬ ‫ملزمـون يف ٍ‬

‫‪61‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫كنتيجـة طبيعيـة للتنـوع يف اسـتخدامها مـن ِق َب ِل الباحثني والدارسين؛ َّ‬
‫ألن الدراسـة‬
‫تعتمـد على مرجعيـات كثيرة ملفكريـن مـن املشـارب خمتلفـة دأبـوا على توظيـف ما‬
‫يناسـبهم مـن مفاهيـم يف الداللـة على التعليم غير التقليـدي الذي يعتمد الوسـائط‬
‫اإللكرتونية‪.‬‬
‫فإن الد َّقة العلمية تقتيض اسـتخدام مصطلح واحد وتعريفه‬ ‫وبالرغم ممَّا أسـلفنا‪َّ ،‬‬
‫إجرائ ًّيـا وحتديـد دالالتـه مقارنـة بما جيـاوره مـن مفاهيـم مماثلة‪ .‬وقـد رأينـا عمل ًّيا أن‬
‫اسـتخدام مفهـوم التعليـم اإللكتروين هـو األمـر املناسـب؛ ألنَّه بالنسـبة إلينـا أقرب‬
‫إىل نمـط تفكرينـا الـذي ينطلـق مـن معطيـات التعليـم يف خضـم الثـورة الصناعيـة‬
‫الرابعـة التـي تشـكل مـدار اهتاممنـا العلمـي واملعـريف يف هـذه املرحلـة‪ .‬وسـنأيت على‬ ‫َّ‬
‫أي مـن املفاهيـم التـي‬ ‫مكونـات التفضيـل‪ْ ،‬‬
‫وإن ُكنَّـا ال نـرى مـا يمنـع مـن اسـتخدام ّ‬
‫كل نمـط مـن التعليـم يسـتخدم‬ ‫ذكرناهـا حـول التعليـم عـن ُب ْع ٍـد بوصفـه داال على ّ‬
‫أدوات تكنولوجيـة عـن ُب ْع ٍـد‪ .‬وسـنقدم التفاصيل والتوضيحات التـي يمكن أن متيز‬
‫جمانسـا لبعضهـا إىل حـد التطابق‪.‬‬ ‫التعليـم اإللكتروين عـن غيره‪ ،‬وتلـك التـي جتعله ً‬
‫فعلى سـبيل املثال قد تتطابق الداللـة يف مفاهيم التعليم الرقمـي والتعليم االفرتايض‬
‫والتعليـم اإللكتروين حيـث القرابـة شـديدة والداللـة واحـدة بمدلـوالت متعددة‪.‬‬
‫وقبـل أن نخـوض يف تعريـف املفهـوم والبحـث يف جوانبـه املختلفـة‪ ،‬حيسـن بنـا‬
‫ألن أغلـب الدراسـات التـي اطلعنـا عليهـا مل ترش قط‬‫أن نقـدم تعري ًفـا لإللكتروين‪َّ ،‬‬
‫ْ‬
‫ٍ‬
‫أي إشـارة تعـرف بنسـبة التعليم إىل‬
‫إىل أصـل التسـمية بالتعليـم اإللكتروين‪ ،‬ومل نـر َّ‬
‫التعليـم اإللكتروين‪ ،‬ورأينـا أن نسـدَّ هـذه الثغـرة بلمحـة موجـزة تعيـد الفـرع إىل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أصلـه واملنسـوب إىل نسـبه‪.‬‬

‫‪ -3‬مفهوم التعليم اإللكتروني‪:‬‬


‫ســمى‬
‫عمل ًّيــا يأخــذ التعليــم اإللكــروين صفتــه مــن االنتســاب إىل مــا ُي َّ‬
‫باإللكــرون الــذي يشــكل القانــون اجلوهــري للتعليــم اإللكــروين‪ .‬واإللكــرون‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪62‬‬
‫‪ The electron‬مصطلــح فيزيائــي (رمــزه‪ ،)e- :‬وهــو جســيم دون ذري كــروي‬
‫ـذرة‪ ،‬وحيمــل شــحنة كهربائيــة ســالبة قــادرة عــى متريــر‬ ‫الشــكل تقري ًبــا مكـ ّـون للـ َّ‬
‫ٍ‬
‫ماليــن اإلشــارات والصــور واألصــوات والرمــوز يف أقــل مــن جــزء مــن الثانيــة‬
‫جســيم أول ًّيــا مشــكال للــادة‪،‬‬
‫ً‬ ‫بمئــات األلــوف مــن املــرات‪ .‬ويعتــر اإللكــرون‬
‫وهــو ذرة متناهيــة الصغــر لديــه كتلــة تعــادل تقري ًبــا ‪ 1836/1‬مــن كتلــة الربوتــون‪.‬‬
‫ذري (‪ )subatomic particle‬يعتقــد أنــه‬ ‫وباختصــار اإللكــرون هــو جســيم دون ّ‬
‫يم ّكــن مــن تقديــم فهــم أويل للكـ ِ‬
‫ـون‪ .‬ومــن الناحيــة العمليــة يســتطيع العلــاء إنتــاج‬
‫الرقاقــة‪،‬‬
‫ماليــن املكونــات اإللكرتونيــة املجهريــة‪ ،‬عــى قطعــة مــن مــادة تُسـ َّـمى َّ‬
‫التــي يصعــب أحيانــا رؤيتهــا بالعــن املجــردة‪ .‬وقــد ش ـكَّل اكتشــاف اإللكــرون‬
‫وتــم توظيفــه يف إنتــاج األجهــزة اإللكرتونيــة ومــن‬ ‫ثــور ًة يف القــرن العرشيــن‪َّ ،‬‬
‫وتــم إنتــاج أجهــزة إلكرتونيــة صغــرة متناهيــة الصغــر‪،‬‬ ‫ثــم األجهــزة الرقميــة‪َّ .‬‬ ‫َّ‬
‫ولكنهــا متتلــك فعاليــة علميــة ومعرفيــة يف نقــل الصــوت والصــورة واإلشــارات‬
‫تفــوق تصـ ُّـور العقــل العــادي‪ .‬وتعتمــد اإللكرتونيــات عــى مكونــات مع َّينــة‪ ،‬فائقــة‬
‫َّخصــص‪ ،‬مثــل الرتانزســتور‪ ،‬والدوائــر املتكاملــة‪ ،‬التــي تشــكل جــز ًءا مــن كل‬ ‫الت ُّ‬
‫املعــدات اإللكرتونيــة تقري ًبــا (ناســا‪.)2020 ،‬‬
‫املكونـات (األجزاء) اإللكرتونية يف مدى واسـع مـن املنتجات‪ ،‬مثل‬
‫وتُسـتخدم ِّ‬
‫أجهزة الراديو والتلفاز واحلواسـيب واملسجالت والفيديو‬
‫واملع َّينـات السـمع َّية واألجهـزة الطبيـة‪ .‬وقـد ازداد االعتماد على املنتجـات‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن هـذا العصر يطلـق عليـه يف الكثير مـن‬‫اإللكرتونيـة يف عرصنـا احلـايل إىل درجـة َّ‬
‫األحيـان العصر اإللكتروين‪ .‬ومـن املعـروف أن مجيـع احلواسـيب العمالقـة تعتمد‬
‫ـت ممكن‪ِ .‬‬
‫وع ْل ُم‬ ‫أدق العمليات احلسـابية‪ ،‬وبأرسع و ْق ٍ‬
‫على مـادة اإللكرتون إلجراء ّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫َـم برتكيـب اإللكرتونيـات واسـتخدامها وتناسـلها‪ ،‬وهـو‬ ‫اإللكرتونيـات علـم َ ْيت ُّ‬
‫فـرع مـن الفيزياء‪ ،‬يتنـاول اإللكرتونـات وآثارها واسـتخدام األدوات اإللكرتونية‪.‬‬
‫وقـد شـكّل هـذا املصطلـح عالمـة على الثـورة الصناعيـة‪ ،‬فظهـرت القطاعـات‬

‫‪63‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التَّاليـة املنسـوبة إىل اإللكترون‪ :‬الربجمـة اإللكرتونيـة‪ ،‬الربيـد اإللكتروين‪ ،‬البطاقـة‬
‫اإللكرتونيـة‪ ،‬التقنيـات اإللكرتونيـة‪ ،‬احلضـارة اإللكرتونيـة‪ ،‬الفضـاء اإللكتروين‪،‬‬
‫تكنولوجيـا اإللكرتونيات‪ُ ،‬شـحنة إلكرتونية‪ ،‬عرص وسـائل التعبير اإللكرتونية‪...‬‬
‫وهكـذا‪ ،‬يتَّضـح ميلنـا إىل اسـتخدام التعليـم اإللكتروين‪ ،‬وهـو التعليـم الـذي‬
‫الرابعـة التـي ترتكـز كل ًّيـا على‬
‫ينتسـب إىل العصر اإللكتروين والثـورة الصناعيـة َّ‬
‫الثـورة الرقم َّيـة اإللكرتونيـة‪ .‬وممَّـا ال ريـب فيـه أن الثـورة اإللكرتونيـة هـي الثـورة‬
‫تقـرب البعيـد‪ ،‬فأغلـب االخرتاعـات مبنيـة يف جوهرهـا على نقـل الصـوت‬ ‫التـي ّ‬
‫والصـورة والكلمـة عـن ُب ْع ٍـد مثـل التلفزيـون والراديـو واإلنرتنـت‪.‬‬

‫‪ -4‬تعريف التَّعليم اإللكتروني‪:‬‬


‫يعتبر التعليـم اإللكتروين «أحـد أشـكال التعليـم والتعلـم عـن ُب ْع ٍـد‪ ،‬فهـو يعترب‬
‫بمثابـة طريقـة إبداعيـة لتقديـم بيئـة تفاعليـة متمركـزة حـول املتعلمين‪ ،‬ومصممـة‬
‫مسـ َّب ًقا لتتناسـب مـع أي مـكان وزمـان‪ ،‬باسـتعامل خصائـص ومصـادر اإلنرتنـت‬
‫والتقنيـات الرقميـة بالتطابـق مـع مبـادئ التَّصميـم التعليمـي املناسـبة لبيئـة التعلـم‬
‫املفتوحـة واملرنـة» (عطيـة‪.)39 ،2017 ،‬‬
‫يتم من خالهلـا التواصل‬‫أيضـا بأنَّـه طريقة مبتكـرة ُّ‬
‫ويعـرف التَّعليـم اإللكتروين ً‬
‫التَّعليمـي عـن ُب ْع ٍـد أو قـرب بين أركان العمليـة الرتبويـة‪ :‬املعلـم والطالـب واملـادة‬
‫التعليميـة‪ .‬ويتطلـب هـذا التعليـم رشوط التَّصميـم اجل ّيـد للمادة العلميـة واإلعداد‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املربمـج ملنهجيـة التواصـل والتفاعـل بين أطـراف العمليـة التعليميـة والرتبويـة‪.‬‬


‫ويقـوم هـذا النمـط مـن التعليـم على مبـدأ مركزيـة املتعلـم بوصفـه غايـة‪ ،‬ويتميـز‬
‫بقدرتـه على توصيـل املعلومـة بصورهتـا األوليـة أو التفاعليـة وذلـك بتوسـط‬
‫التقنيـات الرقميـة (إنرتنت‪ ،‬حاسـوب‪ ،‬هاتف لوحـي‪ ..‬إلخ)‪ .‬ويو ّظـف هذا النمط‬
‫مـن التعليـم غال ًبـا يف بيئـات التعليـم املفتـوح واملغلـق البعيـد والقريـب‪ .‬ويتَّضـح‬
‫مـن هـذا التَّعريـف الـذي قدمنـاه أن التعليـم اإللكتروين يقـوم عىل خمتلـف أصناف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪64‬‬
‫التكنولوجيـا الرقميـة ــسواء تلـك التـي ترتبـط باإلنرتنـت أو غريهـا ‪ -‬لتقديـم‬
‫خمصصـة هلـذا الغـرض‪ .‬و ُيمكـن القول‬ ‫املضامين املعرفيـة وعرضهـا عبر برجميـات َّ‬
‫بـأن التعليـم اإللكتروين يمثل طريقـ ًة ممنهجـ ًة للتعليم باسـتخدام تقنيات‬
‫باختصـار َّ‬
‫االتصـال اإللكرتونيـة احلديثة كاحلواسـيب وشـبكاته ووسـائطه املتعـددة من صور‬
‫ورسـومات وحمـركات بحث َّيـة‪ ،‬ومكتبـات إلكرتونيـة‪.‬‬
‫الســياق أن معظــم التعريفــات التــي أعطيــت هلــذا املفهــوم‬ ‫و ُيالحــظ يف هــذا ّ‬
‫قــد ركّــزت عــى الوســائل التــي يوظفهــا هــذا املفهــوم يف إيصالــه للمعلومــات‪.‬‬
‫ـف اليونيســكو للتعليــم اإللكــروين بأنــه «هــو التعليــم‬ ‫وعــى هــذا النحــو جــاء تعريـ ُ‬
‫الــذي يعتمــد عــى اســتخدام آل َّيــات االتّصــال احلديثــة واملعــارصة مــن كومبيوتــر‬
‫وشــبكاته ووســائطه املتعــدّ دة (صــوت وصــورة)‪ ،‬ورســومات‪ ،‬وآليــات بحــث‪،‬‬
‫ومكتبــات إلكرتونيــة‪ ،‬وكذلــك بوابــات اإلنرتنــت يف االتّصــال‪ ،‬واســتقبال‬
‫املعلومــات‪ ،‬واكتســاب املهــارات‪ ،‬والتفاعــل بــن املتع ّلــم واملع ّلــم‪ ،‬وبــن املتع ّلــم‬
‫واملدرســة‪ ،‬وأحيانًــا بــن املدرســة واملع ّلــم‪ .»)UNESCO .2020( .‬وال يتط ّلــب‬
‫هــذا النــوع مــن التعليــم وجــود منشــآت مدرســية‪ ،‬أو صفــوف دراســية‪ ،‬بــل إ ّنــه‬
‫يلغــي مجيــع املكونــات املاديــة للتعليــم (اليونســكو‪ .)18 ،2020 ،‬ويالحــظ يف‬
‫أن التعريــف ير ّكــز عــى الوســائط وال يركــز عــى مضمــون التعليــم‬ ‫هــذا الســياق َّ‬
‫اإللكــروين وفلســفته‪.‬‬
‫و ُيمكـن تعريـف التعليـم اإللكتروين عا َّمـة بأنـه «نظـام تفاعلي يعتمـد على بيئة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫إلكرتونيـة متكاملـة‪ ،‬ويسـتهدف بنـاء املقـررات الدراسـية بطريقة يسـهل توصيلها‪،‬‬


‫بواسـطة الشـبكات اإللكرتونيـة‪ ،‬وباالعتماد على الربامـج والتطبيقـات التـي توفـر‬
‫بيئـة مثاليـة لدمـج النـص بالصـورة والصـوت‪ ،‬وتقـدم إمكانيـة إثـراء املعلومـات‬
‫مـن خلال الروابـط إىل مصـادر املعلومـات يف مواقـع خمتلفـة‪ ،‬فضلا عـن إمكانيـة‬
‫اإلرشـاد والتوجيـه وتنظيـم االختبـارات وإدارة املصـادر والعمليـات وتقويمهـا»‬
‫(الزاحـي‪.)58 ،2012 ،‬‬

‫‪65‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أيضـا «بأنـه طريقـة تعليميـة حديثـة تُسـتخدم‬ ‫عـرف التعليـم اإللكتروين ً‬
‫و ُي ّ‬
‫فيهـا أدوات االتّصـال احلديثـة مـن حواسـب آل َّيـة وشـبكات الوسـائط املتعـددة‬
‫ورسـومات وآل َّيـات بحـث ومكتبـات إلكرتونيـة‪ ،‬سـواء قبـل احلصـة الدراسـية أو‬
‫أثنائهـا أو بعدهـا‪ ،‬ويتضمـن نمطين‪ ،‬مها نمـط التفاعـل املتزامن أثناء عـرض املادة‪،‬‬
‫ونمـط التفاعـل غير املتزامن خـارج وقت عرض املـادة التعليمية» (علي‪.)2020 ،‬‬
‫ويتَّضـح مـن خلال االطلاع على واقـع التعليـم والرتبيـة يف العـامل أن التعليـم‬
‫مصـدرا‬
‫ً‬ ‫رئيسـا سـائدً ا يف جمـال التعليـم‪ ،‬ويشـكل‬
‫اهـا ً‬‫اإللكتروين أصبـح يمثـل ّات ً‬
‫أن التعليـم اإللكرتوين يركز عىل‬ ‫استراتيج ًّيا للتَّعليـم عـن ُب ْع ٍد‪ .‬ومن الواضـح ً‬
‫أيضا َّ‬
‫مبـادئ الرتبيـة احلديثـة‪ ،‬والسـ َّيام التعلـم الـذايت واالعتامد على النفـس بدرجة كبرية‬
‫للوصـول إىل املعرفـة‪ .‬وبمعنـى آخـر «يتعاظـم دور املتعلـم ويتقلـص دور املعلـم‬
‫وتتحـدد األدوار وف ًقـا لطبيعـة بيئـة التعلـم ونوعيـة أوعيـة املعلومـات اإللكرتونية»‬
‫(الزاحـي‪ .)58 ،2012 ،‬وباختصـار‪ ،‬يمثـل التعليـم اإللكتروين نظامـا مرنًـا‬
‫وف َّعـاال «يسـمح بإمكانيـة نقـل وتوصيـل املـادة العلميـة عبر وسـائل متعـددة دون‬
‫حاجـة الطالـب للحضـور إىل قاعـات الـدرس بشـكل منتظـم‪ ،‬وهـو التَّعليـم الـذي‬
‫يقـدم املحتـوى التعليمـي بوسـائط إلكرتونيـة مثـل اإلنرتنـت أو األرشطة السـمع َّية‬
‫أيضا بأنه نوع مـن التعليم‬‫والبرصيـة أو التدريـس أو األقـراص الليزريـة‪ ،‬كما يعتبر ً‬
‫املعتمـد على احلاسـوب أو التعليـم االفترايض» (الزاحـي‪.)61 ،2012 ،‬‬
‫كبيرا مـن التعريفـات التـي حتـاول تقديـم‬‫وتتضمـن األدبيـات الرتبويـة عـد ًدا ً‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تصـور واضـح للتَّعليـم اإللكتروين‪ .‬و ُيمكـن اإلشـارة يف هـذا السـياق إىل تعريـف‬
‫فاطمـة البغـدادي التـي تعرفـه بأنـه «التعليـم الـذي جيمـع بين التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪،‬‬
‫والتعليـم داخـل الفصـل الـدرايس‪ ،‬وذلـك مـن ِخلال وسـائل وآليـات االتصـال‬
‫احلديثـة‪ ،‬مـن حاسـبات وشـبكات ووسـائط ُمتعدِّ دة‪ ،‬جتمـع بني الصـوت والصورة‬
‫والرسـومات‪ ،‬وآليـات البحـث‪ ،‬ومكتبـات رقم َّيـة‪ ،‬هبـدف الوصـول إىل الـدارس‬
‫بأقصر وقـت‪ ،‬وبأقـل جهـد‪ ،‬وأكبر فائـدة» (البغـدادي‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪66‬‬
‫وضمـن هـذا السـياق يقـدّ م لنـا تيسير األلـويس تعري ًفـا يركـز فيـه على منهجيـة‬
‫التعليـم اإللكتروين وقدرتـه على كسر اجلمـود يف جمـال التعليـم التقليـدي‪ ،‬إذ‬
‫يعرفـه بقولـه‪« :‬جيمـع التعليـم اإللكرتوين بني أشـكال التعليـم والتع ّلـم اإللكرتونية‬
‫كافـة‪ ،‬باعتماد أجهـزة الكومبيوتـر ووسـائط التخزيـن وشـبكاهتا بانفتـاح جسـورها‬
‫على كل أشـكال التَّحديـث يف التكنولوجيـا املتغيرة باسـتمرار»‪ .‬ويضيـف َّ‬
‫«أن‬
‫هـذا النظـام التعليمـي اشترط تفعيلا مبدئ ًّيـا جوهر ًّيـا للتحـول باملتع ِّلـم مـن جمـرد‬
‫خـزان معلومـايت للحفـظ والتلقين إىل ترسـيخ التعليـم الفـردي املسـتقل أو الـذايت‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ثم‬‫حيـث قـدرات الفعـل واإلدراك والتفاعـل وفـق القـدرة أو الطاقـة الفرديـة ومن ّ‬
‫يف حـدود اخلبرات واملهـارات وإمكانـات جتـاوز العقبـات» (األلـويس‪.)2020 ،‬‬
‫ويتَّضـح مـن هـذا التعريـف أن التعليـم اإللكتروين يركّـز على التعليـم اإلبداعـي‪،‬‬
‫مسـوغات الرتبيـة احلديثـة وقيمهـا‪ ،‬ويطـرح نفسـه بديلا ثور ًّيـا ملنهـج‬
‫وينطلـق مـن ّ‬
‫األصـم السـائد يف املدرسـة التقليديـة املعـارصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التلقين‬
‫ونجـد هـذا الرتكيـز على املضمـون ال َّثـوري للتعليـم اإللكتروين يف دراسـة‬
‫يعرفانـه‪« :‬بأنـه‬
‫عميقـة مشتركة بين صلاح الديـن توفيـق وهـاين حممـد يونـس‪ ،‬إذ ّ‬
‫كل إجـراءات املوقـف التعليمـي التع ُّلمـي‬ ‫تتـم فيـه ّ‬
‫ذلـك النّمـط مـن التعلـم الـذي ّ‬
‫إلكرتون ًّيـا‪ ،‬بحيـث يكـون فيـه املتعلم نشـ ًطا وإجياب ًيا وف َّعـاال‪ ،‬وبذلك فهـو جيمع بني‬
‫وينمـي املهـارات ال ُعليا‪ ،‬كام أنَّـه يراعي خصائص‬‫التع ُّلـم النشـط وتقنيـات التعليـم‪ّ ،‬‬
‫املتعلمين املختلفـة‪ ،‬مـن رسعـة تعلمهـم‪ ،‬واملـكان والوقـت املناسـبني لتعلمهـم‬
‫باإلضافـة إىل مراعـاة تفضيلات املتعلمين»‪( .‬توفيـق ويونـس‪.)2007 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تعليم‬
‫ونلحظ من خالل اسـتعراض هذه التعريفات أن التعليم اإللكرتوين ليس ً‬
‫أجـوف‪ ،‬بـل هو تعليـم استراتيجي بمضامين حديثة ومبـادئ تربوية‬ ‫َ‬ ‫جامـدً ا صل ًبـا‬
‫تركـز على الفكـر النَّقـدي واالسـتقالل والتـذوق واحلريـة والروابـط الديمقراطيـة‬
‫بين املتعلـم واملعلـم‪ .‬ومـا نريـد قولـه يف هـذا السـياق ّ‬
‫أن التعليـم اإللكتروين نظـا ٌم‬
‫وممنهـج يرتكـز على أحـدث مبـادئ علـم النفـس وأكثـر‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬
‫متكامـل‬ ‫تعليمـي‬
‫ٌّ‬ ‫تربـوي‬
‫ٌّ‬
‫القيـم الرتبويـة اجلديـدة حضـورا يف عـامل الرتبية‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ونجـد هـذا التأكيـد عىل املضمـون الرتبوي والسـيكولوجي للتعليـم اإللكرتوين‬
‫يف موسـوعة ويكيبيديـا التـي تعرفـه بأنـه‪« :‬وسـيلة من الوسـائل التي تدعـم العملية‬
‫التعليميـة وحتوهلـا مـن طـور التلقين إىل طـور اإلبـداع والتفاعـل وتنميـة املهـارات‪،‬‬
‫كل األشـكال اإللكرتونية للتعليـم والتعلم‪ ،‬حيث يسـتخدم أحدث الطرق‬ ‫وجيمـع َّ‬
‫يف جمـاالت جديـدة للتعلـم والتعليـم‪ ،‬ممـا زاد يف ترسـيخ مفهـوم التعليـم الفردي أو‬
‫الـذايت؛ حيـث يتابـع املتعلـم تعلمـه حسـب طاقتـه وقدرتـه ورسعـة تعلمـه ووفقـا‬
‫ملـا لديـه مـن خبرات ومهـارات سـابقة» (موسـوعة ويكيبيديـا‪ .)2020 ،‬وال مـراء‬
‫سـمى بالتعلـم عـن‬ ‫يف َّ‬
‫أن «التعليـم اإللكتروين أحـدُ هـذه األنماط املتطـورة ملـا ُي َّ‬
‫أساسـا على احلاسـوب والشـبكات يف نقـل‬ ‫ً‬ ‫ُب ْع ٍـد عامـة‪ ...‬حيـث يعتمـد التعليـم‬
‫املعـارف واملهـارات‪ .‬وتضـم تطبيقاتـه التعلـم عبر الويـب والتعلـم باحلاسـوب‬
‫وغـرف التدريـس االفرتاضيـة والتعـاون الرقمـي‪ .‬ويتـم تقديـم حمتـوى الـدُّ روس‬
‫عبر اإلنرتنـت واألرشطـة السـمعية والفيديـو واألقـراص املدجمـة»‪( .‬موسـوعة‬
‫ويكيبيديـا‪.)2020 ،‬‬
‫أن هـذا التعريـف املوسـوعي قـد أحـاط بأبعـاد التعليـم اإللكتروين‬ ‫و ُيالحـظ َّ‬
‫الرتبويـة والسـيكولوج َّية‪ ،‬وضمنهـا القيـم واملبـادئ الرتبويـة احلديثـة التـي متيـز‬
‫التعليـم اإللكتروين عـن خمتلـف أشـكال التعليـم األُخـرى‪ .‬وسـيكون هلـذه‬
‫التعريفـات بمضامينهـا االستراتيجية أثـر كبير يف الفصـل بين مفهـوم التعليـم‬
‫اإللكتروين واملفاهيـم املجـاورة لـه يف املعنـى والداللـة‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تؤسس رؤية جديدة متكاملة‪،‬‬ ‫أ ّما من جهة الوسائل واألساليب والتقنيات التي ّ‬
‫فـإن التعليـم اإللكتروين «يشـكل ثورة حديثـة يف أسـاليب وتقنيات التعليـم‪ ،‬والتي‬ ‫َّ‬
‫ّ‬
‫تسـخر أحـدث مـا تتوصـل إليـه التقنيـة مـن أجهـزة وبرامـج يف العمليـة التعليميـة‪،‬‬
‫بـد ًءا مـن اسـتخدام وسـائل العـرض اإللكرتونيـة إللقـاء الـدروس يف الفصـول‬
‫التقليديـة‪ ،‬وانتهـاء بإنشـاء الفصول االفرتاضيـة والبيئات التفاعليـة املختلفة‪ ،‬والتي‬
‫أثبتـت يف معظمهـا فاعليتهـا يف التعليـم»‪( .‬جماهـد‪ .)310 ،2020 ،‬وهـذا يعنـي َّ‬
‫أن‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪68‬‬
‫ومنهجا ومضمونًـا حدي ًثا‬
‫ً‬ ‫التعليـم اإللكتروين ليـس جمرد وسـيلة‪ ،‬بل يمثـل فلسـفة‬
‫للرتبيـة والتعليم‪.‬‬
‫ويف النهايـة يمكـن القـول‪ :‬إن التعلـم اإللكتروين يتصـف بدرجـة عاليـة مـن‬
‫التَّعقيـد يف تضاريـس تكوينـه‪ ،‬إذ ينطلـق مـن فلسـفة واستراتيجيات وأهـداف‪،‬‬
‫ويرتبـط ببيئـة رقميـة مع َّقـدة «وال ُيمكـن أن يكـون وليد أيـام وال حتى عدَّ ة شـهور‪،‬‬
‫ألنـه نظـام تعليمـي عرصي متطور ال يأيت إال نتيجة اسـتثامر طويل ومسـتمر يف جمال‬
‫تكنولوجيـا اإلعلام واالتصـال يف الرتبيـة» (تايـه‪ .)2020 ،‬ويمكـن استكشـاف‬
‫مكونـات التعليـم اإللكرتونيـة وبيئتـه الرقميـة عبر الشـكل رقـم (‪:)3‬‬

‫الشكل رقم (‪)٣‬‬


‫مكونات التعليم اإللكترونية وبيئته الرقم َّية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املصدر‪ :‬مع بعض التَّعديل ‪ -‬اليونيسكو‪ ،‬التعليم عن ُب ْع ٍد مفهومه‪ ،‬أدواتُه واسرتاتيج ّياتُه (اليونيسكو‪.)2020 ،‬‬

‫‪69‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -5‬مفهوم التعليم عن ُبع ٍْد‪:‬‬
‫ال ُيمكــن الفصــل بصــورة واضحــة بــن التعليــم اإللكــروين والتعليــم عــن‬
‫ألن املفهومــن يتشــابكان عــى نحــو مع َّقــد يف‬ ‫ــد (‪َّ ،)Distance Learning‬‬ ‫بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫كل منهــا‬ ‫املفهــوم والداللــة واالســتخدام‪ .‬وقــد دأب الباحثــون عــى اســتخدام ٍّ‬
‫مــكان اآلخــر دون متييــز واضــح‪ .‬ولئــن حاولنــا مــن جهتنــا الفصــل بــن املفهومــن‬
‫ـإن هــذا الفصــل بينهــا قــد بــدا لنــا غــر ممكــن عــى أرض الواقــع؛‬ ‫وف ًقــا ملنهجيتنــا‪ ،‬فـ ّ‬
‫فالتعليــم اإللكــروين وف ًقــا لالســتخدام الواقعــي ‪-‬أي كــا يســتخدمه الباحثــون‬
‫واملفكــرون‪ -‬ال خيتلــف عــن التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪ ،‬وهــذا يعنــي أن املفهومــن داالن‬
‫ـول واحـ ٍـد يف علــم اللغــة‪ ،‬أي‪ :‬كلمتــان تــدالن عــى معنــى واحـ ٍـد‪ .‬ومــع‬ ‫عــى مدلـ ٍ‬
‫ــد ‪ ،‬وأن نرســم حــدوده التارخييــة‬ ‫ذلــك جيــب علينــا أن نعــرف بالتعليــم عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬ ‫ِّ‬
‫وأبعــاده‪ ،‬كــي ُيتــاح لنــا الكشــف عــن أوجــه التوافــق والتبايــن بــن املفهومــن‪.‬‬
‫مل يبــدأ التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف العــر احلديــث‪ ،‬بــل يمتــدُّ ألكثــر مــن مئتــي عــام‪،‬‬
‫دروســا‬ ‫ـت البدايــة عــام ‪ 1729‬عــى يــد ‪ ،Caleb Philips‬حيــث كان يقــدم‬ ‫وكانـ ِ‬
‫ً‬
‫ُخدم الراديــو هلــذا الغــرض عــام‬‫أســبوعية عــر صحيفــة «بوســطن جازيــت»‪ ،‬واسـت ِ‬
‫املقــررات‬
‫‪ ،1922‬حيــث بــدأت جامعــة بنســلفانيا العريقــة يف تقديــم عــدد مــن ّ‬
‫ـم أجهــزة التلفــزة‪ .‬ثــم أطلقــت جامعــة ســتانفورد مبــادرة‬ ‫عــر جهــاز الراديــو‪ ،‬ثـ َّ‬
‫عــام ‪ 1968‬أســمتها (‪)The Stanford Instructional Television Network‬‬
‫لتقديــم مقـ َّـررات لطــاب اهلندســة عــر القنــوات التلفزيونيــة‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ومــن املؤكــد أن التَّعليــم عــن ُب ْع ٍد قد ُعرف منــذ زمن بعيد‪ ،‬واعت ُِمــد يف التواصل‬
‫بــن املــادة التعليميــة وطــاب العلــم‪ ،‬و ُأ ْط ِلـ َـق عليــه قديـ ًـا التعليــم باملراســلة‪ ،‬حيــث‬
‫كان الطالــب يتل َّقــى املــواد الدراســية املقــررة وتعليــات الدراســة بالربيــد‪ ،‬ويقــوم‬
‫باملطالعــة الذاتيــة هلــذه املــواد ويف هنايــة الفصــل حيــر لتقديــم االمتحــان‪ .‬وكانــت‬
‫ـرا مــن الطــاب غــر القادريــن‬ ‫هــذه الفكــرة اســتثنائية يف زمنهــا‪ ،‬وقــد مكنــت كثـ ً‬
‫للوصــول إىل اجلامعــات مــن الدراســة والتحصيــل األكاديمــي العــايل‪ .‬وكانــت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪70‬‬
‫املــازم والكتــب واألمــايل واملقــررات تصــل للمتعلمــن عــن طريــق الربيــد‪« ،‬وبعد‬
‫دراســتها وتعلمهــا ذات ًّيــا يقــوم املتعلمــون بإرســال الوظائــف ملعلميهــم لتصحيحهــا‬
‫تطــورت‬
‫بنفــس الطريقــة‪ ،‬وإعــادة إرســاهلا مــع التعديــات والعالمــات»‪« .‬ثــم َّ‬
‫طريقــة التعلــم لتشــمل التِّلفــاز الرتبــوي‪ )TeleCourses( .‬وأرشطــة الفيديــو‬
‫وغريهــا‪ ،‬ثــم تغــرت ألن حيــر الطلبــة يف هنايــة الفصــل لتقديــم االمتحانــات مــع‬
‫زمالئهــم الذيــن يتع َّلمــون يف احلــرم اجلامعــي»‪( .‬العيســى‪.)2020 ،‬‬
‫ولكن هذه الطريقة كان يشـوهبا كثري من السـلبيات‪ ،‬منها شعور الطالب بالعزلة‬
‫وعـدم االندمـاج مـع املادة واملدرسين‪ ،‬وبالتَّايل ضعف التحصيـل األكاديمي املبدع‬
‫املؤسسـات التـي تبنَّـت‬
‫واخللاق‪ .‬و ُت َعـدُّ اجلامعـات األمريكيـة واألوروبيـة أوىل َّ‬
‫تطبيـق فكـرة التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪« ،‬حيث كانت ترسـل املخرجات الدراسـية مسـجلة‬
‫على أرشطـة فيديـو مـع رشوحـات مفصلـة مدعومـة بواجبـات ممنهجـة إلكامهلـا‬
‫ٍ‬
‫مـادة» (أمحـد‪ .)2020 ،‬أ َّما‬ ‫وإرسـال األجوبـة عـن طريـق الربيـد اإللكتروين لـكل‬
‫االمتحانـات‪« ،‬فـكان ُيشترط على الطلاب احلضـور إىل مقـر اجلامعـة ألدائها‪ .‬ويف‬
‫لبث الدروس‬ ‫أواخـر الثامنين َّيـات‪ ،‬جـرى توظيف الكابلات والقنوات التلفزيونيـة ّ‬
‫ٍ‬
‫اتصـال‬ ‫التعليم َّيـة‪« .‬ويف أوائـل التسـعين َّيات ظهـر اإلنرتنـت‪ ،‬واسـتُعملت وسـيل َة‬
‫بديلـة رسيعـة وسـهلة‪ ،‬وأصبـح مصطلـح التعليـم عـن ُب ْع ٍـد مكاف ًئـا إىل حـدّ مـا‬
‫ملصطلـح التعليـم اإللكتروين» (ربـداوي‪.)2020 ،‬‬
‫وقــد اعتــرت أملانيــا أول دولــة تُع ّلــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪« ،‬عندمــا قــام الفرنــي شــارل‬
‫وأســس مدرســة للتعلــم‬ ‫توســان عــام ‪ 1856‬بتعليــم اللغــة الفرنســية يف برلــن‪ّ ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عــن ُب ْعـ ٍـد «مدرســة ال ُّلغــات باملراســلة»‪ ،‬ثــم بعــد ذلــك «ويف العــام ‪ 1874‬أخــذت‬
‫جامعــة ألينــوي احلكوميــة يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة بتأســيس مناهــج‬
‫للتَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪ ،‬فيــا اعتــرت جامعــة شــيكاغو َّأول جامعــة عــى مســتوى العــامل‬
‫تعتمــد التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد وكان ذلــك يف عــام ‪ ،1892‬ومنهــا انتقلــت الفكــرة إىل‬
‫أسســت جامعــة شــيكاغو َّأول إدارة مســتقلة للتعليــم‬ ‫بريطانيــا»‪ .‬ويف عــام ‪َّ 1892‬‬
‫باملراســلة‪ .‬وىف عــام ‪ 1956‬عمــدت كليــات املجتمــع بشــيكاغو إىل تقديــم خدمــة‬

‫‪71‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التليفزيــون يف التدريــس عــر القنــوات التعليميــة‪ ،‬وتعتــر جامعــة ‪َّ NYSES‬أول‬
‫جامعــة أمريك َّيــة مفتوحــة تأسســت تلبيــ ًة لرغبــات املتعلمــن يف جعــل التعليــم‬
‫متاحــا هلــم عــر الطــرق غــر التقليديــة‪ .‬وبالتــايل‪َّ ،‬‬
‫فــإن التوجــه نحــو‬ ‫العــايل ً‬
‫«التعليــم الرقمــي» مل يكــن شــي ًئا غري ًبــا‪ ،‬بــل كان متو َّق ًعــا‪ ،‬لكــن جائحــة «كوفيــد‪-‬‬
‫‪ »19‬عجلــت بظهــوره‪ ،‬ودفعــت بــه إىل الواجهــة (مرعــي‪.)2020 ،‬‬
‫وبــدأ مصطلــح التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يتشـكّل بصــوة جنينيــة يف عــام‪ 1979‬خــال‬
‫مؤمتــر دويل عقــد يف بريمنغهــام باجلامعــة املفتوحــة للمملكــة املتحــدة‪ ،‬وقــد بــدا‬
‫أن «املجلــس الــدويل للتعليــم باملراســلة»‪International Council for( .‬‬ ‫واضحــا َّ‬
‫ً‬
‫‪ )Open and Distance Education‬مل يعــد يتجــاوب مــع االحتياجــات اجلديــدة‬
‫مؤسســات التعليــم باملراســلة‪ ،‬وقــد بــدا رضور ًّيــا أن يعمــل هــذا‬ ‫واملتناميــة لبعــض ّ‬
‫املجلــس عــى تطويــر ممارســاته وفعالياتــه الرتبويــة بــا يفــي إىل التكيــف مــع‬
‫التوســع يف العمــل لتغطيــة جوانــب‬ ‫ُّ‬ ‫املســتجدات الرتبويــة‪ ،‬وأن يطـ ّـور قدرتــه عــى‬
‫تربويــة جديــدة‪ ،‬أي أن يمتــدَّ هــذا التوســع ليغطــي أنام ًطــا جديــدة ومتطــورة مــن‬
‫التعليــم يف خمتلــف املســتويات التعليميــة التــي ال ختضــع لــإرشاف مــن األســاتذة‬
‫عــى الطالــب‪ ،‬وتلــك التــي ال يوجــد فيهــا تفاعــل مبــارش بــن الطــاب واملعلمــن‬
‫أو بــن الطــاب فيــا بينهــم (عامــر ‪.)19 ،2007‬‬
‫وكانـت فكـرة التعليـم عـن ُب ْع ٍـد فكـرة رائـدة حينما بدأهتـا اجلامعـة الربيطانيـة‬
‫املفتوحـة يف منتصـف السـبعين َّيات مـن القـرن املـايض‪ ،‬وانتقلـت هـذه الفكـرة مـن‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫لنـدن إىل دول أخـرى ط َّبقتهـا حتـى أصبحـت عنوانًـا لنـوع جديـد وخمتلـف مـن‬
‫التوسـع يف اسـتخدام‬ ‫ُّ‬ ‫التعليـم‪« .‬وزاد مـن اإلقبـال على هـذا النـوع مـن التعليـم‬
‫قائما على التعليـم اإللكتروين‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫اإلنرتنـت حتـى أصبـح اعتماد التعليـم عـن ُب ْعـد ً‬
‫ومـع ذلـك بقـي هـذا النـوع مـن التعليـم وخاصـة ملـن حيتـاج إىل شـهادات دراسـية‬
‫تقـل عـن ‪ % 25‬ليسـتطيع احلصـول عىل شـهادة‬ ‫ملز ًمـا باحلضـور للطالـب بنسـبة ال ُّ‬
‫معتمـدة» (الـداود‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪72‬‬
‫وقــد تطــور التعلــم عــن ُب ْعـ ٍـد مــع تطــور التكنولوجيــا املتســارع‪ ،‬التــي أدت إىل انتقال‬
‫التَّع ّلــم إىل املتعلــم يف مــكان إقامتــه‪ ،‬أو عملــه بــدال مــن املدرســة أو املؤسســة التعليميــة‪.‬‬
‫ومــع دخــول عــام ‪ 1980‬وبــدء اســتخدام احلواســيب يف التعلــم‪ ،‬ح َّقــق التعلــم عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد تقد ًمــا ملحو ًظــا‪« ،‬حــن اســتطاعت التكنولوجيــا اإللكرتونيــة اختصــار املســافات‪،‬‬
‫ــد إىل تعليــم باســتخدام احلاســوب واإلنرتنــت والــذي‬ ‫حيــث حتــول التعليــم عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫اعتــر ثــورة يف التعليــم‪ ،‬فاململكــة املتحــدة ختــرج اليــوم مــن خــال برامــج التعلــم عــن‬
‫ـب جامعــي حيملــون درجــة البكالوريــوس‪ ،‬وأكثــر مــن‬ ‫ُب ْعـ ٍـد مــا يزيــد عــى ‪ 25‬ألــف طالـ ٍ‬
‫ألــف مــن محلــة الدراســات ال ُعليــا ســنو ًّيا (العيســى‪ .)2020 ،‬ويف عــام ‪1992‬‬ ‫‪ٍ 100‬‬
‫كان االنتشــار األوســع مــع ظهــور شــبكة اإلنرتنــت‪ ،‬حيــث بــدأ ظهــور أنظمــة إدارة‬
‫التع ُّلــم (‪ )LMS‬عــام ‪ 1999‬إال َّأنــا كانــت أنظمــة مغلقــة ال ختــدم مجيــع املتعلمــن‪.‬‬
‫وظـل التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يسير بالتـوازي مـع التعليـم اجلامعـي‪« ،‬وأصبـح‬ ‫َّ‬
‫املعلمـون يتجهـون نحـو إعطـاء بعـض املهـام التـي تقتضي البحـث عبر شـبكات‬
‫اإلنرتنـت للطلبـة‪ ،‬إضافـ ًة إىل مشـاركة الطلبة ببعـض الربامج والوسـائل والتقنيات‬
‫مهما‬
‫ليصبـح مكونًـا ًّ‬ ‫َ‬ ‫التكنولوجيـة‪ ،‬واليـوم تطـورت وسـائل التعليـم اإللكتروين؛‬
‫يف التعليـم والتعلـم والعمـل والتواصـل بشـكل عـام» (العيسـى‪ .)2020 ،‬وهكـذا‬
‫توحـد املفهومـان (التعليـم عـن ُب ْع ٍـد والتعليـم اإللكتروين)‪ ،‬ليعنيـا شـي ًئا واحـدً ا؛‬ ‫َّ‬
‫أي مـكان‪.‬‬‫وهـو توفير التعليـم ملـن يطلبـه ويف ّ‬
‫تــم تغيــر‬ ‫ٍ‬
‫ويعــود ظهــور مصطلــح التعليــم عــن ُب ْعــد إىل عــام ‪ 1982‬حــن َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اســم املجلــس الــدويل للتعليــم باملراســلة» إىل «املجلــس الــدويل للتعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد»‬
‫وذلــك خــال مؤمتــر بفانكوفــر يف كنــدا‪ .‬وتطــور مفهــوم وممارســة التعليــم عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد بتطــور التكنولوجيــا‪ ،‬فبلــغ التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد ذروتــه حــن اســتغنت عمليــة‬
‫التعليــم عــن الراديــو والتلفزيــون وباتــت تســتخدم اإلنرتنــت التــي جتمــع خمتلــف‬
‫الوســائل اإللكرتونيــة بجــودة عاليــة وأكثــر تعقيــدً ا‪ ،‬ويشــمل ذلــك تكنولوجيــا‬
‫التطبيقــات والوســائل املتعــددة‪( )Multimedia Learning( .‬أمحــد‪.)2020 ،‬‬

‫‪73‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تطـور التعليـم عـن ُب ْع ٍـد فيما يلي‪:‬‬
‫ويفنّـد أمحـد اخلطيـب العوامـل التـي أ َّدت إىل ُّ‬
‫(اخلطيـب‪.)16 ،2006 ،‬‬
‫‪ -1‬احلاجـة للتّنويـع يف أنظمـة التعليـم‪ ،‬وال سـ َّيام التعليـم اجلامعـي‪ ،‬والتفكير يف‬
‫بدائـل لألنظمـة التقليديـة‪ ،‬والتـي فرضتهـا متغيرات عـدَّ ة‪ ،‬مثـل‪ :‬تزايـد الطلب‬
‫على التعليـم العـايل يف الوقـت الـذي تعجز فيـه املؤسسـات بنظمها الكالسـيك َّية‬
‫عـن تلبيته‪.‬‬
‫‪ -2‬عـدم قـدرة مؤسسـات التَّعليـم العايل على تغطية كا َّفة مسـاحة الدولـة‪ ،‬مما خيلق‬
‫اختلاالت مع َّينة‪.‬‬
‫‪ -3‬االرتفـاع املسـتمر يف تكاليـف التعليـم العـايل‪ ،‬ممّـا يشـكل عب ًئـا على كل مـن‬
‫مؤسسـاته أو طلبتـه‪ ،‬والقصـور الواضـح يف حتقيـق مبـدأ تكافـؤ الفـرص التعليمية‪.‬‬
‫‪ -4‬التَّبايـن الواسـع بين املهـن التقليديـة التـي ألفهـا املجتمـع‪ ،‬وتلك التـي طرحتها‬
‫أشـكال التقـدُّ م التقني‪.‬‬
‫وتطورات كثيرة تفرض‬
‫ُّ‬ ‫حتـوالت‬
‫‪ -5‬إن خمتلـف جمـاالت العمـل تشـهد باسـتمرار ُّ‬
‫على العاملين اللحـاق هبـا حتـى يتطـور أداؤهـم وال ينقـص عـن مسـتويات‬
‫األداء املطلوبـة‪ ،‬وبالتَّـايل اتبـاع طـرق ُأخـرى ميسـورة للتع ُّلم يف ظروف تناسـب‬
‫عملهم ‪.‬‬
‫‪ -6‬لـ ََّما حتولـت االجتاهـات الرتبويـة احلديثـة نحـو التعلـم‪ ،‬وليـس التعليـم‪ ،‬كان‬
‫مـن أهـم الدَّ وافـع لتزايـد احلركـة نحـو التعلـم عـن ُب ْع ٍـد ظهـور مفاهيـم جديـدة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عـن التعلـم املسـتقل والتعلـم املوجـه ذات ًّيـا والتعلم من اخلبرة والتعلـم املفتوح‪.‬‬
‫(اخلطيـب‪.)16 ،2006 ،‬‬
‫وقــد درج العمــل عــى أن يكــون التَّعلــم عــن ُب ْعـ ٍـد تعليـ ًـا مكمــا‪ ،‬وأن يكــون‬
‫بعــد اســتكامل مرحلــة تعليم َّيــة مع َّينــة‪ ،‬مثــا بعــد االنتهــاء مــن الثانويــة العامــة‪.‬‬
‫ومــع تطــور وســائل االتصــال احلديثــة؛ تطــورت العمليــة التعليميــة بشــكل مذهــل‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪74‬‬
‫بعــد اســتخدام شــبكه اإلنرتنت‪ ،‬ومــن هنــا ظهــرت مصطلحــات‪ :‬عــامل بــا أوراق‬
‫(‪ ،)paper less world‬جامعــات بــا أســوار‪، )University without Walls( .‬‬
‫مؤسســات التعليــم للمســتقبل (‪ ، )Learning for the future‬املــدارس واجلامعات‬
‫اإللكرتونيــة (‪ ،)E-School and E-university‬اجلامعــات االفرتاضيــة ( ‪Virtual‬‬
‫‪ ،)Universities‬والفصــول الذك َّيــة (‪( )Smart Classes‬موســوعة ويكيبيديــا‪،‬‬
‫‪.)2021‬‬
‫ومـع دخـول أزمـة كورونـا ومـا اقتضتـه مـن حجـر منـزيل‪« ،‬وجـد املعلمـون‬
‫قرسا‬
‫واملتعلمـون أنفسـهم سـواء يف املـدارس أو اجلامعـات على حـد سـواء مبعدين ً‬
‫عن قاعات الدراسـة‪ ،‬ووسـائل التواصل املتاحة أمامهم ال تتعدّ ى اهلواتف الذكية‪،‬‬
‫واحلواسـيب وشـبكة اإلنرتنت‪ ،‬ممَّا اسـتدعى تطبيـق حلول رسيعة‪ ،‬ونماذج متعددة‬
‫ومتنوعـة للتع ُّلـم‪ ،‬األمـر الـذي اضطر طـريف املعادلـة التعليم َّيـة‪( :‬املعلـم والطالب)‬
‫إىل نـوع جديـد مـن التعليـم والتعلم مل يألفـه الطرفان مـن قبل» (العيسـى‪.)2020،‬‬
‫بعـد اسـتعراض حدود مفهـوم التعليم عن ُب ْع ٍد وأبعاده االصطالح َّية‪ ،‬نسـتطيع أن‬
‫نـرى احلـدَّ الفاصـل بين التعليـم اإللكتروين والتعليم عـن ُب ْع ٍـد‪ .‬فالتعليم عـن ُب ْع ٍد يف‬
‫ٍ‬
‫دالالت غري إلكرتون َّية‪ ،‬فقد كان عرب املراسـلة الورق َّية‪ ،‬وعرب كل‬ ‫جوهـره ينطـوي عىل‬
‫أشـكال التَّواصـل غري اإللكتروين‪ .‬وكان يف الوقت الذي مل يتم فيـه اخرتاع الكمبيوتر‬
‫الشـبكة العنكبوت َّيـة‪ ،‬وقبـل اكتشـاف الويـب بنسـخه املتعـددة‪ .‬وباملقارنة‪،‬‬ ‫أو اكتشـاف َّ‬
‫ٍ‬
‫بـأن التعليـم اإللكتروين هـو نمط مـن التعليم عن ُب ْعـد يف أعىل مراحـل تطوره‪،‬‬ ‫نقـول َّ‬
‫أيضـا‪ .‬وهكذا جيـوز القول‬ ‫مبـارشا عـن قـرب ً‬ ‫تعليما‬ ‫وأن هـذا التعليـم يقبـل أن يكـون‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫بـأن التعليـم االفترايض هـو‪ ،‬بمعنى ما‪ ،‬نمـط من التَّعليـم اإللكرتوين‪.‬‬ ‫َّ‬

‫والرقمي واإللكتروني‪:‬‬
‫‪ -6‬ما بني التعليم االفتراضي َّ‬
‫الرقمــي‬
‫يفــرض مفهو ًمــا التعليــم االفــرايض (‪ )Virtual Learning‬والتعليــم َّ‬
‫الســاحة الفكريــة الرتبويــة املعــارصة‪.‬‬
‫(‪ )Digital Learning‬نفســيهام بقــوة يف َّ‬

‫‪75‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وبعــد التمحيــص والتأ ُّمــل يف خمتلــف التعريفــات التــي قدمــت هلذيــن املفهومــن‬
‫وجدنــا أهنــا يــكادان يتطابقــان مــع مفهــوم التعليــم اإللكــروين (‪،)E-Learning‬‬
‫والرقمــي تتحـ َّـرك يف‬ ‫وهــذا يعنــي أن املفاهيــم الثالثــة‪ :‬اإللكــروين واالفــرايض َّ‬
‫فضــاء واحــد‪ ،‬ونشــأت يف رحــم واحــدة هــي عــر ال َّثــورة الصناعيــة‪ ،‬فالرقمــي‬
‫قــد يتطابــق مــع مفهــوم االفــرايض‪ ،‬وكذلــك مــع مفهــوم اإللكــروين‪ .‬وباختصــار‪،‬‬
‫ـدل عــى نمــط واحـ ٍـد مــن التعليــم بداللــة التعريفــات التــي‬ ‫ـإن هــذه املفاهيــم تـ ُّ‬
‫فـ َّ‬
‫سنســتعرض بعضهــا‪ .‬ومــن ظواهــر هــذا التَّداخــل اســتخدام الثــورة االفرتاضيــة‪،‬‬
‫الرقميــة‪ ،‬والثــورة اإللكرتونيــة‪ ،‬والثــورة الصناعيــة تقري ًبــا بمعنــى واحـ ٍـد‪.‬‬ ‫والثــورة َّ‬
‫أن هــذه املفاهيــم تــرادف وتتقاطــع وتتكامــل يف التعبــر عــن العــر‬ ‫وهــذا يعنــي َّ‬
‫ـأن تعــدد املصطلحــات الدَّ الــة‬ ‫احلديــث الــذي نعيــش فيــه‪ .‬ومــن البداهــة القــول بـ َّ‬
‫ـن املفكريــن والباحثــن‬ ‫ـول واحـ ٍـد يعـ ِّـر عــن غنــى املعرفــة وختصبهــا بـ َ‬ ‫عــى مدلـ ٍ‬
‫العاملــن يف هــذا املجــال‪ .‬ونجــد يف جوهــر هــذه املفاهيــم بعــض الظــال اخلف َّيــة‬
‫ـدل عــى بعــض التبايــن‪ .‬فاالفــرايض قائــم عــى‪ :‬الرقمــي واإللكــروين‪،‬‬ ‫التــي تـ ُّ‬
‫والرقمــي يعتمــد عــى‬ ‫لكنــه ير ّكــز عــى عــامل معــاش افرتاض ًّيــا وكأنــه ظـ ٌّـل للواقــع‪َّ .‬‬
‫معادلــة منتظمــة إلكرتون ًّيــا ضمــن معيــار الرقميــة املعرفــة بلغــة الصفــر والواحــد‬
‫(‪ ،)1/0‬وليــس هــذا هــو املقــام املناســب لــرح هــذه اللغــة اخلوارزم َّيــة املع َّقــدة‪.‬‬
‫ويعـرف إبراهيـم بن عبـد املحيسـن التعليم االفترايض بأنه عبارة عن اسـتخدام‬
‫كل مـن‪ :‬املعلـم واملتعلمين‪.‬‬‫الوسـائل اإللكرتونيـة التـي هتـدف إىل االتصـال بين ٍّ‬
‫ويعرفـه حسـن حسين زيتون بأنـه تقديم املعلـم ملحتـوى تعليمي بطريقـة إلكرتونية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫جمموعـة مـن الوسـائط التكنولوجيـة املتعـددة التـي تربـط بين‬‫ٍ‬ ‫حيـث يعتمـد على‬
‫املتع ّلـم والشـبكات التـي توجـد لديـه‪ ،‬وبين املحتـوى الـذي يوجـد لـدى املع ّلـم‪،‬‬
‫أن هـذا النـوع من التعليـم حي ّقق التع ُّلم النشـط الذي هيـدف إىل التفاعل‬
‫حيـث نجـد َّ‬
‫بين املعلـم واملتعلـم‪ ،‬أي ال يكـون دور املتعلـم سـلب ًّيا يف العملية التعليميـة‪ ،‬كام نجد‬
‫وقـت حمدَّ ٍد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أنـه نظـر إىل هـذا النـوع مـن التعليـم عىل أنـه ال يرتبط بمـكان معني وال‬
‫إنما ُيراعـي مـا يعرف بمبـدأ الفـروق الفرديـة (أمحـد‪.)30 ،2013،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪76‬‬
‫وتعرفـه سـاندرا حلـدو هـذا التعليـم بأنَّـه «طريقـة تعليـم تسـاعد املتع ِّلـم على‬
‫احلصـول على البيانـات‪ ،‬واملعلومـات‪ ،‬والتواصـل‪ ،‬والتدريـب مـن خلال شـبكة‬
‫اإلنرتنـت على شـكل صـوت‪ ،‬أو صـورة‪ ،‬أو فيديـو‪ ،‬أو كتـب إلكرتون ّيـة‪ ،‬حيـث‬
‫أصبـح التعليـم يف وقتنـا احلـارض يعتمـد على الوسـائل اإللكرتون ّيـة‪ :‬كاسـتخدام‬
‫احلاسـب اآليل وشـبكات اإلنرتنت‪ ،‬إىل جانب الطريقة التقليد ّية» (حلدو‪.)2021 ،‬‬
‫وجــاء يف تعريــف ســكولرس وسيمونســون (‪َّ )Schlosser & Simonson‬‬
‫أن‬
‫ـط مــن التع ُّلــم اإللكــروين عــن ُب ْعـ ٍـد الــذي حيــدث بكفــاءة‬
‫التعلــم االفــرايض «نمـ ٌ‬
‫يف غيــاب البيئــة التقليديــة للمؤسســة التعليميــة الواقعيــة؛ باســتخدام التكنولوجيــا‬
‫االفرتاض َّيــة‪ ،‬بــدال مــن تلقينــه املنهــج التعليمــي املقـ َّـرر‪ ،‬وتعــد املدرســة االفرتاضيــة‬
‫ـل الدولــة أو جهــة التعليــم املســتقلة لتقديــم برامــج تعليميــة عــن‬‫كيا ًنــا معتمــدً ا مــن ِق َبـ ِ‬
‫ُب ْعـ ٍـد‪ ،‬بشــكل متزامــن أو غــر متزامــن» (‪.)Schlosser & Simonson .2009. 7‬‬
‫وجاء يف املوسوعة العاملية ويكيبيديا أن الواقع االفرتاضـــي‪« :‬عامل ٌ ٌ‬
‫بديل يتشكَّل‬
‫يف ذاكـرة احلاسـبات‪ ،‬وخيلـق حالـة مـن التواجـد املكتمـل ويعطـي أف ًقا ً‬
‫آخـرا لتطور‬
‫البرشيـة‪ .‬وهـو مصطلـح ابتكـره العـامل (جـورن الينـر)‪ .‬ويعمـل الواقـع االفرتايض‬
‫يتـم تشـكيلها إلكرتون ًّيـا‪ ،‬مـن خلال‬‫على نقـل الوعـي اإلنسـاين إىل بيئـة افرتاض َّيـة ُّ‬
‫حتـرر العقـل للغـوص يف تنفيـذ اخليـال بعيـدً ا عـن مـكان اجلسـد‪ ،‬وهـو عـامل ليـس‬ ‫ُّ‬
‫يتـم تنفيـذ األحـداث يف‬ ‫ومه ًّيـا وليـس حقيق ًّيـا بدليـل حدوثـه ومعايشـة بيئتـه‪ ،‬ففيـه ُّ‬
‫الواقـع املفترض لكـن ليس يف احلقيقـة (ويكيبيديا‪ .)2021 ،‬وقد اسـتخدم التعليم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫مـرة يف منتصـف التسـعين َّيات وأصبـح أسـلو ًبا شـائ ًعا للتعليم عن‬ ‫ألول َّ‬
‫االفترايض َّ‬
‫ُب ْع ٍـد يسـتخدم يف الواليـات املتحـدة يف فئة التعليم األسـايس‪ .‬وقد بـات من الدَّ ارج‬
‫احلديـث عـن التعليـم االفترايض بعد انتشـار جائحـة كورونـا‪ ،‬وتعطل الدِّ راسـة يف‬
‫أغلـب البلدان (موسـوعة ويكيبيديـا‪.)2021 ،‬‬
‫ونالحـظ مـن خالل السـياق العام هلـذه التعريفات أهنـا تعرب عن مفهـوم التعليم‬
‫اإللكتروين كما ورد يف تعريفاتـه املختلفة التي قدمناهـا يف هذا املجال‪.‬‬

‫‪77‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وعندمــا نبحــث يف التعريفــات التــي ُأعطيــت ملفهــوم التعليــم الرقمــي‬
‫أن هــذه التعريفــات تــكاد تتطابــق مــع تعريفــات‬ ‫(‪ ،)Digital Learning‬نجــد َّ‬
‫التعليــم اإللكــروين مــن جهــة‪ ،‬والتعليــم االفرتايض مــن جهة ُأخــرى‪ .‬فالتعليم‬
‫الرقمــي كــا يعرفــه عبــد اهلل بدارنــة‪« :‬هــو تقديــم حمتــوى تعليمــي إلكــروين‬ ‫َّ‬
‫عــر الوســائط املعتمــدة عــى الكمبيوتــر‪ ،‬وشــبكاته‪ ،‬إىل املتعلــم بشـ ٍ‬
‫ـكل يتيــح‬
‫لــه إمكانيــة التَّفاعــل النشــط مــع هــذا املحتــوى‪ ،‬ومــع املعلــم‪ ،‬ومــع أقرانــه‪،‬‬
‫ســواء كان ذلــك بصــورة متزامنــة أم غــر متزامنــة‪ ،‬وكذلــك إمكانيــة إمتــام هــذا‬
‫التع ُّلــم يف الوقــت واملــكان وبالرسعــة التــي تناســب ظروفــه وقدراتــه‪ ،‬فضــا‬
‫أيضــا مــن خــال تلــك الوســائط» (بدارنــة‪،‬‬ ‫عــن إمكانيــة إدارة هــذا التعلــم ً‬
‫‪ .)2020‬ومــن الواضــح أن هــذا التعريــف ال خيتلــف عــن التعليــم اإللكــروين‬
‫الــذي ســقنا لــه تعريفــات عديــدة متجانســة‪.‬‬
‫ونجــد صــدى هــذا التَّعريــف يف التعريــف الــذي يقدمــه عــي كــرم‪ ،‬وقــد جــاء‬
‫الرقمــي مصطلــح شــامل يشــر إىل أي نــوع مــن التع ُّلــم املقــدم‬ ‫فيــه «أن التعليــم َّ‬
‫دروســا‬
‫ً‬ ‫باســتخدام التكنولوجيــا الرقم َّيــة‪ ،‬ويتضمــن الطــاب الذيــن يتلقــون‬
‫عــر اإلنرتنــت‪ ،‬ويتضمــن املدرســن الذيــن يســتخدمون األدوات الرقميــة مثــل‪:‬‬
‫اللوحــات الذك َّيــة واألجهــزة اللوحيــة يف ذلــك الوقــت‪ .‬ويتعلــق باســتخدام معظــم‬
‫الــدورات التدريب َّيــة عــر اإلنرتنــت؛ مــن خــال املنتديــات‪ ،‬واألدوات اإللكرتونيــة‬
‫وجهــا‬
‫املشــركة‪ ،‬والربيــد اإللكــروين‪ ،‬والدردشــة‪ ،‬ومــا إىل ذلــك‪ ،‬مــع التواصــل ً‬
‫لوجــه بــن الطــاب واملعلمــن» (كــرم‪ .)2021 ،‬وجــاء يف تعريفــات كثــرة‪ ،‬ال‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن التعليــم الرقمــي هــو طريقــة تعليميــة مبتكــرة‬‫رضورة لعرضهــا يف هــذا املقــام‪َّ ،‬‬
‫ُســمى طريقــة‬ ‫تســتخدم األدوات والتقنيــات الرقميــة يف عمليــة التع ُّلــم‪ ،‬وت َّ‬
‫التدريــس هــذه التع ُّلــم بمســاعدة التكنولوجيا (‪ )TEL‬أو التعلــم اإللكــروين‪،‬‬
‫الــذي يوفــر التَّواصــل الفــوري بــن الطــاب واملعلمــن إلكرتون ًّيــا عــر اإلنرتنــت‪،‬‬
‫مؤسســة للشــبكات‪ ،‬ويوفــر التع ُّلــم الرقمــي‬
‫بحيــث تصبــح مدرســة مــا أو كليــة مــا ّ‬
‫للمعلمــن فرصــة الستكشــاف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪78‬‬
‫الرقميـة باإلضافـة إىل فرصـة تطويـر أسـاليب تفاعليـة يف دورات‬
‫التكنولوجيا َّ‬
‫العلـوم‪ ،‬و ُيمكـن أن تأخـذ هـذه الدورات شـكل دورات وبرامج متكاملـة أو كاملة‬
‫علي كـرم هنـا يطابـق بين التعليـم‬
‫أن ّ‬‫عبر اإلنرتنـت (كـرم‪ .)2021 ،‬ونالحـظ َّ‬
‫الرقمـي والتعليـم اإللكتروين‪.‬‬
‫َّ‬
‫السـابقة‪ ،‬ورغـم هـذا التشـ ُّعب يف‬ ‫ومـن خلال اسـتعراض التعريفـات َّ‬
‫يظـل هنـاك توافـق كبير بين الباحثين يف هـذا املجال على أهنا تصب‬ ‫املصطلحـات‪ُّ ،‬‬
‫يف بوتقـة واحـدة‪ .‬ويتَّضـح لنـا أن أغلـب التعريفـات السـابقة التـي قدمـت للتعليم‪:‬‬
‫واحـد‪ ،‬وهـي صيغ مـن التعليم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مسـار‬ ‫تتنـزل يف‬
‫الرقمـي واإللكتروين واالفترايض َّ‬
‫متقاربـة ومتجانسـة إىل حـدِّ التطابـق املعـريف‪ ،‬وكأهنـا ثالثـة مفاتيـح لبـاب واحـد أو‬
‫واحـدة‪ .‬فعمليـة التعليـم عـن ُب ْع ٍـد بمختلـف أشـكاهلا جتـري‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حلقيقـة‬ ‫ثالثـة وجـوه‬
‫واملنصـات اإللكرتونية الرقم َّية‪ ،‬التي تشـكل بذاهتا‬ ‫َّ‬ ‫بمسـاعدة أو بواسـطة التقنيـات‬
‫أدوات تفاعليـة إليصـال املـواد التعليم َّيـة للمتعلمين‪ .‬وكما يقـول حسـن أمحـد‪ :‬إن‬
‫ٍ‬
‫بطريقة أكثر‬ ‫اهلـدف الرئيـس لظهـور التعليـم عـن ُب ْع ٍد هـو تلبية احتياجـات التعليـم‬
‫متعـددة‪ ،‬من أجل احلصول عىل شـهادات دراسـية من مؤسسـات‬ ‫ٍ‬ ‫مرونـة وبتقنيـات‬
‫تعليميـة رصينـة (أمحـد‪.)2020 ،‬‬
‫فـإن التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يشترك مـع هـذه املفاهيـم يف أعلى مسـتويات‬ ‫ومـع ذلـك ّ‬
‫قائما بين مفهـوم التعليـم عـن ُب ْع ٍـد وجمموعـة التعليـم‬ ‫ويظـل االختلاف ً‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫تطـوره‪،‬‬
‫األول أن التعليـم عـن ُب ْع ٍـد جيـب أن يكـون بالرضورة‬ ‫اإللكتروين يف أمريـن اثنين‪َّ :‬‬
‫عـن بع ٍـد‪ ،‬وال يسـمح بـأن يكـون بصـورة مبـارشة‪ ،‬واآلخـر‪ :‬أن التعليـم عـن بعـدٍ‬
‫ُْ‬ ‫ُْ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫متلفـزا أو‬
‫ً‬ ‫قـد يكـون غير إلكتروين أو رقمـي أو افترايض‪ ،‬وقـد يكـون ورق ًّيـا أو‬
‫مذا ًعـا‪ ،‬وهـذا يعنـي إمكانيـة أن يكـون خـارج تغطية الوسـائط اإللكرتون َّيـة احلديثة‬
‫مثـل‪ :‬اإلنرتنـت واحلواسـيب والسـحابات االفرتاضيـة‪ .‬وعلى خلاف التعليـم عن‬
‫ُب ْع ٍـد‪ ،‬يمكـن للتعليـم اإللكتروين أو االفترايض أو الرقمـي أن يتـم عـن ُب ْع ٍـد وعـن‬
‫قـرب‪ ،‬أي عـن ُب ْع ٍـد عبر الوسـائط اإللكرتونيـة وعـن قـرب بعـد توسـط األجهـزة‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫القاعات‪.‬‬ ‫اإللكرتونية‪ ،‬ومثال ذلك اسـتخدام الويب والسـحابة اإللكرتونية ضمن‬

‫‪79‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫واملشـكلة التـي تبقـى قائمـ ُة هـي يف االسـتخدام الفعلي هلـذه املفاهيـم مـن ِق َب ِ‬
‫ـل‬
‫فالكثير مـن األبحـاث تسـتخدم مصطلـح التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األدبيـات اجلاريـة‪،‬‬
‫وبعضهـا يسـتخدم التعليـم االفرتايض‪ ،‬وبعضها اآلخر يسـتخدم التعليم الرقمي أو‬
‫بـأن هذه‬ ‫أن نقول َّ‬‫االفترايض‪ .‬ويمكننـا مـن خلال التجربة املبـارشة يف هذا املجـال ْ‬
‫تغير مـن جوهـر املوضـوع شـي ًئا؛ بمعنـى أن مجيـع هـذه املفاهيـم‬ ‫االسـتخدامات ال ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تـدل على معنـى واحـد‪ ،‬وترمز إىل داللـة واحدة والسـ َّيام عند توظيفهـا يف ظل أزمة‬ ‫ُّ‬
‫كورونـا وحيثياهتـا‪ .‬وهـي التعليـم عن ُب ْع ٍد بالوسـائط اإللكرتونيـة‪ .‬ولكننا يف بحثنا‬
‫هـذا‪ ،‬قـد وقـع اختيارنـا على اسـتخدام مفهـوم التعليـم اإللكتروين‪ ،‬ألنـه يف رأينـا‬
‫ِ‬
‫خمتلـف‬ ‫األنسـب للداللـة على التعليـم الذكـي عـن ُب ْع ٍـد‪ .‬وسـنركز على توظيفـه يف‬
‫أن هـذا ال يمنعنـا مـن اسـتخدام املصطلحـات األخرى‬ ‫ِ‬
‫مفاصـل هـذه الدراسـة‪ ،‬إال َّ‬
‫جتاو ًبـا مـع واقـع احلـال الناجـم عـن اسـتخدام الباحثين للمفاهيـم واملصطلحـات‬
‫األُخـرى‪ ،‬وكما يقـول املثـل‪ُّ :‬‬
‫كل الـدُّ روب تـؤدي إىل رومـا»‪.‬‬
‫اسـتطعنا عبر التحليـل الـذي قدمنـاه للمفاهيـم األربعـة‪ :‬التعليـم اإللكتروين‪،‬‬
‫أن نرسـم خريطـة‬ ‫الرقمـي‪ ،‬والتعليـم االفترايض‪ ،‬والتعليـم عـن ُب ْع ٍـد ْ‬ ‫والتعليـم َّ‬
‫ٍ‬
‫التقاطـع والتبايـن بني هذه املفاهيم‪ ،‬لنؤكدَ أن التعليم عن ُب ْعد ولدَ ونشـأ يف مراحل‬
‫تم عرب املراسـلة‪ ،‬وفيام‬
‫تارخييـة قديمـة‪ ،‬ومل يكـن إلكرتون ًّيـا أو رقم ًّيـا أو افرتاض ًّيـا بل َّ‬
‫َ‬
‫ليأخـذ صـورة رقم َّيـة إلكرتون َّيـة افرتاضيـة يف العصر‬ ‫بعـد تطـور التعليـم عـن ُب ْع ٍـد؛‬
‫احلديـث ويف زمـن الثورة الصناعية الرابعة‪ .‬وقررنـا أن التعليم الرقمي واالفرتايض‬
‫واإللكتروين يشـكالن نم ًطـا واحدً ا مـن التعليم يعتمـد اإللكرتونيـات والرقم َّية يف‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عمليـة التعلـم ونشـاطاته املختلفة‪.‬‬

‫‪ -7‬ما بني التع ُّلم عن ُبع ٍْد والتع ُّلم اإللكتروني‪:‬‬


‫ِ‬
‫حتميـل حمتوى تعليمـي ووضعه عىل‬ ‫يتضمـن التعليـم اإللكتروين أكثر مـن ِ‬
‫جمرد‬
‫املنصـات اإللكرتونية‪ ،‬فالتعليم‬
‫شـبكة اإلنرتنـت أو إتاحته للطالب واملتعلمني عرب َّ‬
‫اإللكتروين ينطـوي على فلسـفة تعليم َّيـة متكاملـة وعلى استراتيجيات تربو َّيـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪80‬‬
‫متكاملـة توفـر للمتعلمني فرصـ ًة حقيقي ًة مرنـ ًة وف َّعالة للتعلم االستراتيجي املنظم‪.‬‬
‫نمـط من التعليـم الذي تعتمده اجلامعـات اإللكرتونية واملـدارس اإللكرتونية‬ ‫وهـو ٌ‬
‫واضح وفلسـفة مع َّينـة واستراتيجية تربوية‬ ‫ٌ‬ ‫منهـج‬
‫ٌ‬ ‫االفرتاضيـة‪ ،‬حيـث يكـون هنـاك‬
‫ف َّعالـة لتعليـم الطلاب وتأكيـد تفاعلهـم املعـريف مـع معلميهـم واملـادة التعليميـة‪.‬‬
‫وينطلـق التعليـم اإللكتروين مـن عمليـة تربويـة مع َّقـدة تتط ّلـب التخطيـط الدقيـق‬
‫والتصميـم وحتديـد األهـداف خللـق بيئـة تعليميـة ف َّعالة‪.‬‬
‫وعــى خــاف التعليــم اإللكــروين الــذي يقــوم عىل فلســفة تربويــة واضحــة وأهداف‬
‫تعليميــة حمــدَّ دة‪ ،‬ظهــر مفهــوم التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حالــة الطــوارئ مــع تد ُّفــق األزمــات‪،‬‬
‫ـكل واضــحٍ خــال أزمــة كورونــا‪ ،‬حيــث أكــره املجتمــع التعليمــي‬ ‫وازداد اســتخدامه بشـ ٍ‬
‫ٍ‬
‫عــى اعتــاد نمــط مــن التعليــم عــن ُب ْعــد دون اســراتيجيات واضحــة ودون إعــداد‬
‫مس ـ َّبق‪ .‬ويتَّضــح يف هنايــة التحليــل أن مــا نشــاهده مــن تعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد خــال أزمــة‬
‫كورونــا ال يعــدو أن يكــون تعليـ ًـا يعتمــد عــى نقــل املعلومــات عــر الشــبكة العنكبوتيــة‬
‫أن هــذا التعليــم‬ ‫ـداف مرســومة‪ .‬ويالحــظ يف هــذا الســياق ّ‬ ‫دون فلســفة واضحــة أو أهـ ٍ‬
‫الــذي نــراه اليــوم يتَّســم بالفــوىض‪ ،‬إذ هــو يقــوم عــى حمــاكاة التعليــم التقليــدي عــر‬
‫الوســائط اإللكرتونيــة بصــوة اعتباط َّيــة مل خيطــط هلــا مــن قبــل‪ .‬فالعــامل ينخــرط اليــوم يف‬
‫التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪ ،‬وهــو اختيــار مؤ َّقــت إىل حــد مــا‪ ،‬ولعـ َّـل التســمية املناســبة هلــذا النّمــط‬
‫أن التعليــم اإللكــروين‬ ‫مــن التعليــم هــي‪ :‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حــاالت الطــوارئ‪ .‬ذلــك ّ‬
‫أن التعليــم‬‫عــن ُب ْعـ ٍـد عـ َّـر يف مفهومــه الدّ قيــق يتمثــل يف فعاليــة تربويــة منهجيــة‪ ،‬يف حــن َّ‬
‫عــن ُب ْعـ ٍـد يف حــاالت الطــوارئ يقــوم عــى مبــدأ املفاجــأة وعــدم التخطيــط‪ ،‬وال يعتمــد‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بالشــأن‬‫واملهتمــن َّ‬
‫ِّ‬ ‫املتخصصــن‬
‫ّ‬ ‫فلســفة واضحــة كــا أســلفنا‪ .‬وهــو مــا أ ّكــده كثــر مــن‬
‫ٍ‬
‫الرتبــوي‪ ،‬الذيــن خلصــوا إىل أن التعليــم يف ظــل أزمــة كورونــا هــو تعليــم عــن ُب ْعــد يف‬
‫حــاالت الطــوارئ‪ ،‬وهــو ال يعــدو أن يكــون حــا مؤقتًــا ألزمــة عابــرة مهــا طالــت‬
‫ألن الدرجــة التــي يؤمــن هبــا املربــون يف‬ ‫مهــم‪َّ ،‬‬
‫ٌّ‬ ‫(‪ .)Golden. 2020‬وهــذا التمييــز‬
‫ٍ‬
‫دورا مهـ ًّـا يف ازدهــار التعليــم عــن ُب ْعــد يف عــامل‬ ‫ٍ‬
‫التعليــم عــن ُب ْعــد هــذه األيــام ســتؤدي ً‬
‫مــا بعــد األزمــة (‪.)Bozkurt et all. 2020‬‬

‫‪81‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫إن التعليــم اإللكــروين يقــوم عــى جمموعــة عنــارص متكاملــة أمههــا‪ :‬املــادة‬
‫التعليم َّيــة واملنهــج واملعلــم واملتعلــم ووســائل التواصــل التكنولوج َّيــة املبــارشة وغــر‬
‫تتــم عــر اإلنرتنــت‪ ،‬كــا يتضمــن اســراتيجية حمــدَّ دة وواضحــة‪،‬‬ ‫املبــارشة التــي ُّ‬
‫ويشــتمل عــى املهــارات واخلــرات التكنولوجيــة‪ .‬و ُي َعــدُّ التعليــم اإللكــروين بمثابــة‬
‫املظ َّلــة التــي تغطــي مجيــع فعاليــات التكنولوجيــا التَّعليميــة‪ :‬الكبــرة منهــا والصغــرة‪.‬‬
‫ـكل أكــر عــى التفاعــات‬ ‫وبعبــارة أوضــح‪ ،‬يركــز التعليــم اإللكــروين عــن ُب ْعـ ٍـد بشـ ٍ‬
‫ِ‬
‫باملشــاركة‬ ‫للســاح للمتعلمــن‬ ‫بــن األطــراف املختلفــة‪ ،‬وعــر القنــوات املختلفــة َّ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫ـإن التعليــم اإللكــروين عن ُب ْعــد عرب‬ ‫بشـ ٍ‬
‫ـكل أكــر يف عمليــة التع ُّلــم‪ .‬وهبــذا املعنــى‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـرا‪ .‬لــذا جيــب علينــا‬ ‫ٍ‬
‫اإلنرتنــت والتعليــم عــن ُب ْعــد يف حــاالت الطــوارئ خمتلفــان كثـ ً‬
‫أن نم ّيــز بــن التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حالـ ِـة الطــوارئ والتَّعليــم اإللكــروين‪،‬‬ ‫كباحثــن ْ‬
‫وأن نحــذر مــن اخللــط بــن النَّهجــن (‪.)Bozkurt . AND Sharma .2020‬‬
‫ـأن‪« :‬التعلم عن ُب ْعـ ٍـد يف حاالت‬ ‫ـول بـ َّ‬ ‫ومــن أجــل مزيـ ٍـد مــن اإليضاح يمكن القـ ُ‬
‫اآلن يف ظــل أزمــة كورونــا‪ ،‬إذ يعتمــدون‬ ‫الطــوارئ» يعــر عـ َّـا يقــوم بــه املعلمــون َ‬
‫طريقــة بديلــة وغــر خم َّططــة للتعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪ ،‬ألهنــم ببســاطة غــر قادريــن عــى‬
‫التَّواجــد فعل ًّيــا يف الفصــل الــدرايس مــع طالهبــم‪ .‬أ َّمــا التَّعليــم اإللكــروين‪ ،‬فإنــه‬
‫يقــوم عــى نمــوذج فلســفي ومفاهيمــي خمتلــف متا ًمــا ملــا نــراه اليــوم مـ ْن تعليــم عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد يف حالــة الطــوارئ‪ .‬وبمعنــى آخـ ٍـر‪ ،‬قــد حيــدث التعلــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حــاالت‬
‫ـارك يف مكونــات مماثلــة مثــل التعلــم عــر اإلنرتنت‪،‬‬ ‫الطــوارئ عــر اإلنرتنــت‪ ،‬ويشـ ُ‬
‫ٍ‬
‫ـف عــن التعليــم اإللكــروين عــن ُب ْعــد الــذي يقــو ُم عــى التَّنظيــم واخلــرة‬ ‫لكنَّــه خيتلـ ُ‬
‫والتَّصميــم واالســراتيجية التعليم َّيــة والفلســفة الرتبويــة (‪.)2020( ،)Shisley‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ــد يف حالــة الطــوارئ والتَّعليــم‬ ‫ويمكننــا أن نقــارن بــن التعليــم عــن بع ٍ‬


‫ُْ‬
‫ــد عــى النحــو التَّــايل (‪:)2020( ،)Shisley‬‬ ‫اإللكــروين عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫‪ -1‬ينظـر التعليـم اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد إىل اإلنرتنـت على أنـه الوسـيلة األساسـية‬
‫للتعليـم‪ ،‬أ َّمـا التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ فيعتمـدُ على اإلنرتنـت بديال‬
‫وعارضـا للتعليـم التقليـدي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مؤقتًـا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪82‬‬
‫‪ -2‬يتطلـب التَّعليـم اإللكرتوين درجـ ًة عالي ًة من التفاعـل التكنولوجي‪ ،‬ويقو ُم عىل‬
‫كبريا من الوقـت والتَّفكري‬ ‫تصميـم خمتلـف جوانـب التعليم‪ ،‬وهذا يتط َّلب ً‬
‫قـدرا ً‬
‫قبـل بـدء التعليـم‪ ،‬وعلى خلاف ذلـك يقـوم التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف‬ ‫والتحضير َ‬
‫ٍ‬
‫ونقـل لكميـات كبيرة مـن املـواد التعليميـة‬ ‫حالة الطوارئ عىل دمـج رسيـ ٍع‬
‫وينتـج عـن هـذا‬
‫ُ‬ ‫وجهـا لوجـه عبر شـبكة اإلنرتنـت‪.‬‬‫التقليد َّيـة املعـدة للتعليـم ً‬
‫ٍ‬
‫حلـول مرجتلـة؛ السـتيعاب الطريقـة اجلديـدة يف التعليـم‪.‬‬ ‫التحويـل االعتما َد على‬
‫‪ -3‬يعتمـد التعليـم اإللكتروين على عمليـة الدمـج املن َّظمـة واهلادفـة للتكنولوجيـا‬
‫ومشـوقة‬
‫ِّ‬ ‫جذابـة للمتعلمين‬ ‫يف العمل َّيـة التعليم َّيـة وذلـك لتوليـد جتربـة تفاعل َّيـة َّ‬
‫للمتعلمني‪ .‬وعلى خلاف ذلـك يقوم التعليـم عن ُب ْع ٍـد يف حالة الطـوارئ عىل‬
‫اعتماد تكنولوجيـة حمـدودة غير ف َّعالـة مـن حيـث التَّصميـم والقـدرة‪ ،‬وغال ًبا ما‬
‫ِ‬
‫اإلثـارة والتشـويق عنـدَ الطلاب‪.‬‬ ‫تفتقـر إىل‬
‫ِ‬
‫بمهـارات‬ ‫‪ -4‬غال ًبـا مـا يقـوم التعليـم اإللكتروين على تأهيـل كبير فيما يتع َّلـق‬
‫التدريـس ويقـوم بإعـداد املدرسين مهن ًّيـا بشـكل خم َّطط ومركَّـز‪ .‬وهذا مـا يفتقر‬
‫يتـم غال ًبـا تدريـب أعضـاء هيئـة‬ ‫ٍ‬
‫إليـه التعليـم عـن ُب ْعـد يف حالـة الطـوارئ‪ ،‬إذ ُّ‬
‫التَّدريـس يف أسـابيع وأيـام كما حـدث يف أزمـة كورونـا‪.‬‬
‫تصمـم يف التعليم اإللكرتوين‬ ‫فإن هذه الدروس َّ‬ ‫‪ -5‬فيما يتع َّلـق بتصميـم الدروس‪َّ ،‬‬
‫التطـورات العلم َّيـة واملبـادئ الرتبويـة احلديثـة‪ ،‬أ َّمـا يف حالـة‬‫ُّ‬ ‫وف ًقـا ألحـدث‬
‫مصممـة للتعليـم التقليـدي‬ ‫َّ‬ ‫فـإن الـدروس‬‫التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ َّ‬
‫ٍ‬
‫لوجـه‪ ،‬وهـذا مـا جيعلهـا مم َّلـة وغير ف َّعالـة يف ٍ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫كثير مـن األحيان‪.‬‬ ‫وجهـا‬


‫ً‬
‫متنوعـة تشـمل‬ ‫يتـم تصميـم املـواد التعليم َّيـة بطريقـة ِّ‬‫‪ -6‬يف التعليـم اإللكتروين ُّ‬
‫العديـد مـن املـواد التعليم َّيـة اإللكرتونيـة‪ ،‬مثـل‪ :‬البـود كاسـت ومقاطـع الفيديو‬
‫املعلـم والوسـائط‬
‫ُ‬ ‫والنُّصـوص واملواقـع اإللكرتونيـة واملـوارد التـي أنشـأها‬
‫املتعـددة‪ .‬أ َّمـا يف التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ َّ‬
‫فـإن املـواد التعليميـة غال ًبا‬
‫مـا تكـون عبـارة عـن نصـوص ونشرات ُت ْعت ََمـدُ يف التعليـم التَّقليـدي‪.‬‬

‫‪83‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫خمتلـف املتطلبـات الفن َّية واحلـدَّ املتطور مـن املهارات‬
‫َ‬ ‫‪ -7‬يل ّبـي التعليـم اإللكتروين‬
‫الفنيـة للمعلمين والطلاب‪ ،‬ويـدرك املتعلمـون أنـه جيـب عليهـم احلصـول عىل‬
‫املنصـات واحلاسـوب والوصول‬ ‫املهـارات التقن َّيـة والرقميـة مثـل‪ :‬التعامـل مـع َّ‬
‫أن يتلقوا‬ ‫إىل اإلنرتنـت مـن أجـل املشـاركة يف التعليـم والتع ُّلم‪ ،‬كما جيب عليهـم ْ‬
‫تأهيلا جيـدً ا فيما يتع َّلق بتصميم الدُّ روس وإنشـاء مسـتندات باسـتخدام معالج‬
‫النُّصـوص وغريهـا مـن املهـارات الرقم َّيـة املتقدمـة‪ .‬ومقارنـة بالتعليـم عـن ُب ْع ٍد‬
‫يف حالـة الطـوارئ‪ ،‬فقـد ال يتمكَّـن املتعلمون من الوصول إىل أجهـزة الكمبيوتر‬
‫أو حتقيـق هـذه املطالـب واملهارات الفن َّيـة املطلوبة؛ ألهنم مه ّيؤون عـاد ًة للتفاعل‬
‫ضمـن ُأطـر التَّعليـم التقليـدي الـذي ر َّبام ال حيتـاج إىل ِ‬
‫مثل هـذه املهارات‪.‬‬
‫يتـم تأهيـل الطلاب للوصـول إىل خدمـات الدَّ عـم‬ ‫‪ -8‬يف التَّعليـم اإللكتروين ُّ‬
‫ويتـم تزويدهـم هبـذه اخلبرات واالسـتفادة إىل حـدٍّ كبير مـن‬‫ُّ‬ ‫الفنـي والرقمـي‪،‬‬
‫تكنولوجيـا املعلومـات وموارد املكتبـات وخمتلف الربجم َّيـات الرضورية للتعليم‬
‫والبحـث العلمـي‪ .‬وخيتلـف األمـر يف جمـال التعليم عـن ُب ْع ٍد يف حالـة الطوارئ‪،‬‬
‫فالطلاب قـدْ تنقصهـم مثـل هذه املهـارات وتلك اخلبرات‪ ،‬ور َّبما ال تتو َّفر هذه‬
‫اخلدمـات واملهـارات اإللكرتونيـة يف مدارسـهم ومؤسسـاهتم األكاديم َّيـة‪.‬‬

‫‪ -8‬خامتة‪:‬‬
‫بـأن هـذه املقارنـة بين مفهومـي التعليـم اإللكتروين والتعليم‬ ‫ويف اخلتـام نقـول َّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عنـد ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ سـتمكّننا يف املسـتقبل مـن تع ُّقـب آثـار التعليـم يف حالة‬
‫الطـوارئ‪ ،‬وتأثريهـا يف الثقافـة الرتبو َّيـة العامـة‪ ،‬ويف الـرأي العـام حـول صالحيـة‬
‫التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف مسـتقبل الرتبيـة والتَّعليـم يف العـامل‪ .‬وستسـاعدنا املقارنـة بين‬
‫ِ‬
‫لفلسـفة التعليـم اإللكتروين ومضامينه‬ ‫هذيـن املفهومين على فهـم أعمـق وأشـمل‬
‫خمتلـف أشـكال‬
‫َ‬ ‫وتعـزز فهمنـا خلريطـة املفاهيـم وشـبكاهتا التـي تغطـي‬ ‫ِّ‬ ‫الرتبويـة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫التَّعليـم عـن ُب ْعـد وجتلياتـه اإللكرتونيـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪84‬‬
‫كل التصـورات السـائدة‪ ،‬التـي حتيـل التَّعليم اإللكتروين إىل جمرد‬ ‫وعلى خلاف ِّ‬
‫ممارسـة تكنولوج َّيـة لنقـل املعلومـات عـن ُب ْع ٍـد‪ ،‬يأخـذ التعليـم اإللكتروين صـورة‬
‫منظومـة معرفيـة ح َّيـة متكاملـة األبعـاد قوامهـا التفاعل احليوي بين الثـورة الرقم َّية‬
‫نلح على أمهية‬ ‫والفكـر الرتبـوي يف أكثـر جتل َّياتـه أنسـنة ومت ُّي ًـزا‪ .‬وهنـا جيـب علينـا أن َّ‬
‫الفصـل بين التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ التـي شـهدناها على مـدار السـنة‬
‫ٍ‬
‫وعاليـة من اإلعداد‬ ‫ٍ‬
‫كبرية‬ ‫حيتـاج إىل درجة‬ ‫املاضيـة‪ ،‬وبين التعليـم اإللكرتوين الذي‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫أن نطلـق عىل التعليم عـن ُب ْعد يف حالة الطوارئ تسـمية ُأخرى‬ ‫والتَّنظيـم‪ ،‬ويمكننـا ْ‬
‫ٍ‬
‫وضوحـا وهـي‪ :‬التعليـم التقليـدي عـن ُب ْعـد حيـث يكـون نقـل املعلومـات‬ ‫أكثـر‬
‫ً‬
‫بصـورة جامـدة وف ًقـا للمنهـج التقليـدي يف التَّعليـم‪ .‬وهكـذا‪ ،‬فالتعليـم اإللكرتوين‬
‫كثيرا يف املسـتوى والدرجـة والقيمـة‪ ،‬إذ‬ ‫ً‬ ‫خيتلـف عـن التعليـم التقليـدي عـن ُب ْع ٍـد‬
‫يتم َّثـل يف كونـه‪ ،‬ويف الوقـت نفسـه‪ ،‬ممارسـة إنسـان َّية ذكيـة‪ ،‬وتقانـة رقم َّيـة متطـورة‪،‬‬
‫ِ‬
‫لتحقيـق أفضـل‬ ‫مصممـة‬ ‫فلسـفة حمـدَّ دة وأهـداف‬ ‫ٍ‬ ‫وفكـر تربـوي متقـدم يقـوم على‬
‫َّ‬
‫مسـتويات التَّعليـم والرتبيـة عنـد األطفال والناشـئة‪ .‬وليـس ممكنًا أبدً ا تبنّـي التعليم‬
‫مـع تطـورات العصر يف أكثـر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اإللكتروين مـن دون فلسـفة جديـدة للتعليـم تتوافـق َ‬
‫وتطـورا‪ .‬والتعليـم اإللكتروين‪ ،‬يقوم يف فلسـفته‬ ‫ً‬ ‫حضـورا‬
‫ً‬ ‫مظاهـره الرقم َّيـة الذك َّيـة‬
‫والزمان حيـث ُيمكن‬ ‫األطفـال يف دائـريت‪ :‬املـكان َّ‬ ‫ِ‬ ‫الرتبويـة على إزالـة احلواجـز بين‬
‫حييـط هبـم وخيرجهـم مـن أقفـاص الفصـول‬ ‫ُ‬ ‫للمتعلمين االنفتـاح على العـامل الـذي‬
‫الدراسـ َّية الضيقـة إىل عـامل أرحـب فكر ًّيـا وثقاف ًّيـا ومعرف ًّيـا وإنسـان ًّيا بطريقـة ينفتـح‬
‫نـوع مـن‬ ‫ٍ‬ ‫فيهـا األطفـال على فضـاءات إنسـان َّية واسـعة َ‬
‫دون حـدود أو قيـود‪ .‬وهـو ٌ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫والتحجـر املعـريف الـذي متارسـه‬ ‫ُّ‬ ‫كل أشـكال التلقين‬ ‫يبشر بسـقوط ِّ‬ ‫التعليـم الـذي ِّ‬
‫ِ‬
‫املدرسـة التقليد َّيـة التـي مازالـت تعيـش يف عصر حشـو العقـول باملعلومـات‪ ،‬بينما‬
‫يأخذنـا التَّعليـم اإللكتروين إىل عصر اإلبـداع املعـريف واالبتـكار العلمـي‪ .‬ومـن‬
‫املؤكَّـد أن التعليـم اإللكتروين يشـكل نو ًعـا مـن ال َّثـورة اإلبسـتمولوج َّية يف الرتبيـة‬
‫السـمة‬ ‫تؤهـل الرتبيـة للمشـاركة الفاعلـة يف الثـورة املعرفيـة التـي تشـكل ِّ‬ ‫التـي ِّ‬
‫الرابعـة‪.‬‬ ‫األساسـ َّية للمجتمـع الصناعـي يف ثورتـه َّ‬

‫‪85‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مراجع الفصلِ ال َّثاني ـ مفهوم التَّعليم اإللكتروني‬
- Bozkurt . Aras AND Sharma . Ramesh C. (2020). Emergency remote
teaching in a time of global crisis due to CoronaVirus pandemic.
Asian Journal of Distance Education : 2020. Volume 15. Issue 1.
-vi..https://www.researchgate.net/publication/341043562_Emer-
gency_remote_teaching_in_a_time_of_global_crisis_due_to_
CoronaVirus_pandemic . Accessed ON 18/12/2020.
- Golden. C. (2020). Remote teaching: The glass half-full. EDU-
CAUSE Review. https://er.educause.edu/blogs/2020/3/remote-
teaching-the-glass-half-full
- Hodges. Charles; Moore. Stephanie ; Lockee. Barb ; Trust .Torrey
and Bond; Aaron (2020). The Difference Between Emergency
Remote Teaching and Online Learning. Educausreview .Friday.
March 27. 2020. https://er.educause.edu/articles/2020/3/the-dif-
ference-between-emergency-remote-teaching-and-online-learn-
ing. ACCESSED ON 18/12/2020.
- Schlosser. L. A. & Simonson. M. (2009). Distance Education :
Definition and Glossary of Terms. 3rd Edition U.S. : Information
Age Publishing. p 7.
- Shisley . Steven(2020) Emergency Remote Learning Compared
to Online Learning. May 20. 2020. https://learningsolutions-
mag.com/articles/emergency-remote-learning-compared-to-on-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

line-learning. ACCESSED ON 23. 12. 2020.


- UNESCO (2002). Teacher education guidelines : using open and dis-
tance learning; technology. curriculum. cost. evaluation (ara) – http://
www.unesco.org/new/en/communication-and-information/resourc-
es/publications-and-communication-materials/publications/full-
list/teacher-education-guidelines-using-open-and-distance-learn-
ing-technology-curriculum-cost-evaluation. Acceded on 4/1/2020.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 86
‫‪ -‬أمحــد‪ ،‬حســن (‪ .)2020‬التعليــم عــن ب ُب ْعـ ٍـد يف زمــن الكورونــا‪ :‬مميــزات وحتديــات ‪،2-1‬‬
‫املــدى‪ ،‬يف‪https://almadapaper.net/view.php?cat=225887 ،11/04/2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬أمحـد‪ ،‬شـاهيناز حممـود‪ .)2013( .‬أثـر توظيـف كائنـات التعلـم الرقميـة بربامـج‬
‫التعلـم اإللكتروين على حتصيل العلـوم لدى طالبات املرحلة املتوسـطة‪ .‬رسـالة‬
‫ماجسـتري‪ .‬كليـة الرتبيـة‪ .‬جامعـة الباحة‪ .‬السـعودية‪ .‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -‬اآللــويس‪ ،‬تيســر عبــد اجلبار (‪ .)2020‬التعليم اإللكرتوين ما قبل كورونا وما بعده‪ ،‬الســومريان‪،‬‬
‫‪ /9819/03/05/2020/ http://www.somerian-slates.com .2020/5/3‬شــوهد‬
‫يف‪.2020/12/13‬‬
‫حتــوالت التعليــم فـــي زمــن مــا بعــد كورونــا‪،‬‬
‫‪ -‬البغــدادي‪ ،‬فاطمــة (‪ُّ .)2020‬‬
‫القافلــة‪ ،‬ديســمرب ‪http://bitly.ws/aKzC ،2020‬‬
‫‪ -‬اخلطيـب‪ ،‬أمحـد‪ .‬اجلامعـات االفرتاضيـة‪ :‬نماذج حديثـة‪ .‬عمان‪ :‬جـدارا للكتـاب‬
‫العاملـي‪.2006 .‬‬
‫‪ -‬الزاحـي‪ ،‬حليمـة (‪ .)2012‬التعليـم اإللكتروين باجلامعـة اجلزائرية؛ مقومات التجسـيد‬
‫وعوائـق التطبيـق‪ :‬دراسـة ميدانيـة بجامعـة سـكيكدرة‪ ،‬أطروحـة دكتـوراه مقدمـة إىل‬
‫جامعـة قسـنطينة منتسـوري ـ كليـة العلـوم اإلنسـانية ـ السـنة اجلامعيـة ‪.2012/2011‬‬
‫‪ -‬العيســى‪ ،‬إينــاس عبــد الرمحــن (‪ .)2020‬بــن أزمــة التعلــم عــن ُب ْعـ ٍـد وأزمــة كورونــا‪،‬‬
‫قدســن‪ ،‬األحــد ‪ 12‬أبريــل ‪ ،http://bitly.ws/aMxs .2020‬شــوهد ‪.2020/12/11‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬اليونيسـكو (‪ .)2020‬التعليـم عـن ُب ْع ٍـد مفهومـه‪ ،‬أدواتُـه واستراتيج ّياتُه‪ :‬دليـل‬


‫لصانعـي السياسـات يف التعليـم األكاديمـي واملهنـي والتقنـي‪ .2020،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -‬بدارنــة‪ ،‬عبــد اهلل (‪ )2020‬دور التعليــم الرقمــي يف مواجهــة األزمــات‬
‫والتحديــات الراهنــة‪ ،‬ســفريبرس‪ .2020/6/10 ،‬شــوهد يف ‪:2021/1/5‬‬
‫‪.http://bitly.ws/aYUH‬‬

‫‪87‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬تايــه‪ ،‬فيصــل (‪ .)2020‬جدل ّيــة التحــول إىل التعلــم الرقمــي يف زمــن كورونــا‪،‬‬
‫عمــون‪https://www.ammonnews.net/article/566652 .2020/9/27 ،‬‬

‫‪ -‬متــل‪ ،‬يوســف (‪ .)2021‬هــوس العقــاب‪ ،‬جملــة نقــد وتنويــر‪ 3 ،‬ينايــر‪ 2021 ،‬ـ‬
‫شــوهد يف ‪https://tanwair.com/archives/9164 :2021/4/6‬‬

‫‪ -‬توفيـق‪ ،‬صلاح الديـن؛ ويونـس‪ ،‬هـاين حممـد (‪ .)2007‬دور التعلـم اإللكتروين‬


‫يف بنـاء جمتمـع املعرفـة العـريب «دراسـة اسـترشافية»‪ ،‬جملة كليـة الرتبيـة‪ ،‬العدد‪،3‬‬
‫جامعـة املنوفيـة‪ :‬مرص‪.‬‬
‫‪ -‬عامـر‪ ،‬طـارق عبد الـرؤوف (‪ .)2007‬التعليم عن ُب ْع ٍـد والتعليم املفتوح‪ .‬عامن‪:‬‬
‫دار اليازوري‪ ،.2007 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -‬عطيـة‪ ،‬رضـا عبـد البديـع السـيد (‪ .)2017‬تصـور مقترح لتطبيقـات التعليـم‬
‫اإللكتروين يف مؤسسـات التعليـم العـايل العربيـة يف ضـوء االجتاهـات العامليـة‪،‬‬
‫جملـة العلـوم االجتامعيـة‪ ،‬العـدد ‪ ،24‬يونيـو ‪ .2017‬ص ‪ .64-38‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -‬عــي‪ ،‬نريمــن (‪ .)2020‬أيــن يقــف التعليــم مــن العــامل الرقمــي يف الــدول العربيــة؟‬
‫إندبندنــت عــريب‪ ،‬األحــد ‪ 25‬أكتوبــر ‪ http://bitly.ws/aKNw .2020‬شــوهد‬
‫يف ‪2020/12/12‬‬
‫‪ -‬كــرم‪ ،‬عــى (‪ )20021‬مــا التعليــم الرقمــي وأمهيتــه ومميزاتــه؟ ســواح هوســت‪،‬‬
‫‪ 18‬ديســمرب‪ ،2020‬شــوهد يف ‪ .2021/1/5‬متــاح‪.http://bitly.ws/aYVq :‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬حلــدو‪ ،‬ســاندرا (‪ .)2021‬مفهــوم التعليــم االفــرايض‪ 14 ،‬أغســطس ‪.2016‬‬


‫شــوهد يف ‪2021/1/5‬عــى‪http://bitly.ws/aYQm :‬‬

‫‪ -‬جماهـد‪ ،‬فايـزة أمحـد احلسـيني (‪ .)2020‬التعليـم اإللكتروين يف زمـن كورونـا‪:‬‬


‫املـآل واآلمـال‪ ،‬املجلـة الدوليـة للبحـوث يف العلـوم الرتبويـة‪ ،‬املجلـد ‪ ،3‬العـدد‬
‫‪ .2020 ،4‬ص ‪ .235-305‬ص ‪.310‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪88‬‬
‫‪ -‬مرعــي‪ ،‬إيــان (‪ .)2020‬التعليــم يف ظــل جائحــة كورونــا‪ :‬اإلشــكاليات‬
‫واآلفــاق املســتقبلية‪ ،‬مركــز األهــرام للدراســات السياســية واالســراتيجية‪،‬‬
‫‪ http://acpss.ahram.org.eg/News/17004.aspx ،202/12/12‬شوهد‬
‫يف ‪.2020/12/15‬‬
‫‪ -‬موســوعة ويكيبيديــا (‪ .)2020‬التعليــم اإللكــروين‪http://bitly.ws/aNLH 2020/12/12 ،‬‬
‫شــوهد يف ‪. 2020/12/15‬‬
‫‪ -‬موســوعة ويكيبيديــا (‪ .)2021‬التعلــم االفــرايض‪ ،‬شــوهد يف ‪ 2021/1/5‬عــى‪:‬‬
‫‪.http://bitly.ws/aYRA‬‬
‫‪ -‬ناســا‪ .)2020( ،‬مــا اإللكــروين؟‪.http://bitly.ws/aX8Y .2016/8/17 ،‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/1/4‬‬
‫‪ -‬يورونيـوز (املحـرر) (‪ .)2021‬يف عـامل مـا بعـد كورونـا‪ ..‬هـل حيتـل التعليـم عن‬
‫ُب ْع ٍـد الصـدارة يف املـدارس؟ ‪.2020/10/23‬‬
‫‪https://arabic.euronews.com/2020/10/23/in-the-post-corona-world-‬‬
‫‪.‬شــوهد يف ‪is-distance-education-at-the-fore-in-schools 2021/2/9‬‬
‫‪-‬الــداود‪ ،‬عبــد املحســن (‪ .)2020‬التعليــم اإللكــروين يف زمــن كورونــا‪ ،‬صحيفــة‬
‫الريــاض‪ https://www.alriyadh.com/1813499.2020/9/15 ،‬شــوهد‬
‫يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪-‬ربـداوي‪ ،‬غيـداء (‪ .)2020‬التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪ ..‬ما له ومـا عليه‪ ،‬جملـة املعلوماتية‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫العـدد ‪ ،152‬أبريل ‪.2020‬‬

‫‪89‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الفصل َّ‬
‫الثالث‬

‫األطفال يف مواجهة اإلعصار‪..‬‬


‫مهب كورونا‬
‫جيل يف ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪91‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫«ق ّلـص الوبـاء دخـول األرس‪ ،‬ويف ضـوء الفقـر املتنامـي وغيـاب الدعـم يضطـر‬
‫الكثير مـن األطفـال للعمـل يف ظـروف غير إنسـان َّية» (غـاي رايـدر‪ ،‬املديـر العـام‬
‫ُ‬
‫ملنظمـة العمـل الدوليـة)‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ِّ -1‬‬
‫تشـكّل املـدارس الفضـاء احليوي لتنميـة األطفال واملراهقني‪ ،‬وحتقيـق رفاهيتهم‬
‫وتأسيسـا على ذلـك فـإن تعطيل املدارس سيشـكّل‬ ‫ً‬ ‫واألخالقـي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املعـريف‬
‫ّ‬ ‫‪،‬ونموهـم‬
‫ِّ‬
‫أزمـ ًة خانقـ ًة بالنسـبة إىل األطفـال‪ ،‬إذ تلحـق بالـغ األثـر باملجال احليـوي لوجودهم‬
‫ِ‬
‫املشـكالت‬ ‫طويلـة يظهـر عـد ٌد مـن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لفترات‬ ‫ونامئهـم‪ .‬وعنـدَ إغلاق املـدارس‬
‫والصعوبـات التـي تواجههـا هـذه الرشحيـة العمر َّيـة‪.‬‬
‫الصعوبـة بمـكان الفصـل‪ :‬منهج ًّيـا وواقع ًّيـا‪ ،‬بين إغلاق الـدَّ ارس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ومـن‬
‫األطفـال‪ ،‬حيـث تتداخـل‬‫ِ‬ ‫وجوانـب التأثير الـذي أحدثـه هـذا اإلغلاق يف جمتمـع‬
‫بين املدرسـة واألطفـال عالقـة‬ ‫بصـورة بالغـة جـدًّ ا‪ ،‬فالعالقـة َ‬ ‫ٍ‬ ‫العوامـل واملعطيـات‬
‫ٍ‬
‫بطريقـة عموديـة ودائر َّيـة‪،‬‬ ‫وجود َّيـة شـديدة التَّعقيـد‪ ،‬ترتابـط خيوطهـا وتتداخـل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بين هـذه‬ ‫سـنحاول الفصـل َ‬‫ُ‬ ‫وعلى صـورة شـبكة مع َّقـدة التكويـن‪ .‬ومـع ذلـك‬
‫بلغـت مـن الد ّقـة واإلحـكام‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫بطريقـة منهج َّيـة‪ ،‬لكنَّهـا ال تسـتطيع مهما‬ ‫املتغيرات‬
‫كاملـة‪ .‬فاألبعـاد الصح َّيـة والنفسـ َّية واالقتصاديـة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بصـورة‬ ‫تعالـج هـذا التداخـل‬ ‫ْ‬
‫أن‬
‫َ‬
‫والتعليميـة تتداخـل وترتابـط وتتشـابك ضمـن منظومـات تفاعليـة جـدًّ ا‪ ،‬آخـذة‬
‫املتحرك‪ .‬ومن املفارقـات التي تزيدُ‬ ‫ِ‬
‫للوجـود بام فيها البعدُ الزمنـي‬ ‫باألبعـاد األربعـة‬
‫ِّ‬
‫تعرضا لإلصابـة بالفريوس‬ ‫ً‬ ‫أقـل الفئـات اإلنسـان َّية‬ ‫األمـور تعقيـدً ا أن األطفـال هـم ُّ‬

‫‪93‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫املسـتجد (كوفيـد‪ ،)19-‬لكنهـم يسـتطيعون َ‬
‫نقـل العـدوى ملـ ْن خيالطهم مـن الكبار‬
‫كان تأثير اجلائحـة على التَّعليم هائال‪ ،‬كما ذكرنا آن ًفـا‪ ،‬حيث بلغت‬ ‫والبالغين‪ .‬لقـد َ‬
‫وطالـب يف ‪ 200‬دولـة‪ .‬وقد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طفـل‬ ‫نسـبة الطلبـة املنقطعين عـن العمـل ‪ 1.6‬مليـار‬
‫عبرت أودري أزوالي‪ ،‬املديـرة العا َّمـة (لليونسـكو) عـن هـذه الوضع َّيـة بقوهلا‪« :‬مل‬
‫نشـهد مـن قبـل قـط اضطرا ًبـا تعليم ًّيـا هبـذا احلجـم» (اليونيسـكو‪. )2020 ،‬‬
‫ـول ريتشــارد أرميتــاج‪ ،‬مديــر قســم الصحــة العا َّمــة وعلــم‬ ‫ويف هــذا الســياق يقـ ُ‬
‫أن اخلطــر عــى األطفــال ر َّبــا ال يكون‬ ‫الرغــم مــن َّ‬
‫األوبئــة بجامعــة نوتنغهــام‪« :‬عــى َّ‬
‫بنفــس مســتوى اخلطــر عــى البالغــن الذيــن يعلموهنــم‪ ،‬فقــد يصبــح األطفــال‬
‫حاملــن للفــروس وينقلونــ ُه إىل أفــراد املجتمــع املســنني‪ :‬كاآلبــاء واألجــداد»‪.‬‬
‫ـاة الطبيعيــة‬ ‫(‪ )Robson. 2020‬وهــذا مــن شــأنه أن جيعـ َـل العــودة الكاملــة إىل احليـ ِ‬
‫يعــرف متــى ينتهــي‬ ‫ُ‬ ‫مرجــح بالنســبة إىل معظــم األطفــال؛ إذ ال أحــد‬ ‫أمــرا غــر َّ‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫اإلغــاق‬ ‫زمــن الفــروس! ومتــى تكــون العــودة إىل املــدارس؟ وعندمــا يقــرن‬
‫ٍ‬
‫احلجــر الصحــي‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـإن‬ ‫بالضغــوط األُخــرى التــي يس ـ ّببها العيــش يف عزلــة حتــت ْ‬
‫ـر نموهــم‪:‬‬ ‫ـك وخيمــة‪ ،‬ويف مقدّ متهــا تأخـ ُ‬ ‫ـب عــى األطفــال تكــون بــا شـ ٍّ‬ ‫العواقـ َ‬
‫املعــريف والعاطفــي واالجتامعــي‪ .‬أ َّمــا بالنســبة إىل أولئــك الذيــن هــم يف فــرات‬
‫يصبــح أكــر‬
‫ُ‬ ‫فــإن خطــر إصابتهــم باألمــراض العقل َّيــة‬ ‫حرجــا‪َّ ،‬‬ ‫املراهقــة األكثــر ً‬
‫أن‬‫ـوز والفقــر‪ ،‬مــن ذلــك َّ‬ ‫(‪ ، )Robson. 2020‬فضــا ع ـ ْن خماطــر الوقــوع يف العـ ِ‬
‫أن اإلغــاق ســيؤدي إىل وقــوع مــا بــن ‪66-42‬‬ ‫بعــض املنظــات الدَّ ول َّيــة تتو َّقــع َّ‬
‫براثــن الفقــر نتيجــ ًة لألزمــة‪ ،‬يضافــون إىل ‪ 386‬مليــون‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫طفــل إضــايف يف‬ ‫مليــون‬


‫فقــر مدقــع قبلهــا(‪. )United nation. 2020‬‬ ‫طفــل يعيشــون يف ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أمـان بالنسـبة إىل األطفـال‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫و ّملـا كانـت العائلـة يف مطلـق األحـوال تشـكل صما َم‬
‫والضغـط عىل‬ ‫حتما إىل زيـادة األعبـاء على األُرسة َّ‬ ‫فـإن هـذا الوضـع اجلديـد سـيؤ ّدي ً‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫سـلبية على‬ ‫نواتـج‬ ‫مواردهـا‪ :‬النفسـية واالجتامعيـة‪ .‬وهـو مـا قـد يـؤدي بالتبع ّيـة إىل‬
‫َ‬
‫األطفـال ونموهـم‪ :‬النفسي واالجتامعـي‪ .‬وهكـذا‪ ،‬فقـد كانـت األرسة امللا َذ األكثر‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪94‬‬
‫محلـت األُرسة ما ال تسـتطيع ُه‬ ‫ِ‬
‫اجلائحـة‪ ،‬لكـن عطالـة املدرسـة َّ‬ ‫أمنًـا لألطفـال يف ضـوء‬
‫أن حتمل مشـا ًّقا إضاف َّية كانت املدرسـة‬‫توجب عليها ْ‬ ‫ٍ‬
‫مـن مسـؤوليات وأعبـاء‪ ،‬حيـث َّ‬
‫تقـو ُم هبـا‪ ،‬إضافـ ًة إىل وظائفهـا املضنية‪ .‬و ممَّـا أ َّدى إليـه الفقر والعزلة ال ّلـذان فرضتهام‬
‫ِ‬
‫واجلمود؛ فتع َّطلـت قدرهتا عىل‬ ‫ِ‬
‫أجـواء األرسة مشـحونة بال ُعطالـة‬ ‫اجلائحـة هـو جعل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االسـتجابة ملتطلبـات احليـاة‪ ،‬والسـ َّيام يف األُرس الفقيرة كثيرة األفـراد‪ ،‬وهكـذا سـا َء‬
‫ِ‬
‫الكبيرة يف‬ ‫ِ‬
‫للمخاطـر‬ ‫يعيـش فيـه األطفـال‪ ،‬وازدا َد احتمال تعرضهـم‬ ‫املحيـط الـذي ُ‬
‫وصغارهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كبارهـم‬
‫سـجن حقيقـي يكتظ فيه سـجنا ُء العائلة‪ُ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫حتول إىل‬‫املنـزل الـذي َّ‬
‫ظـل ثالثة فضاءات‬ ‫بأن األطفال والناشـئة يعيشـون يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫نافلـة القـول التَّذكري َّ‬ ‫مـن‬
‫حيو َّيـة للتنشـئة تتم َّثـل يف‪ :‬الفضـاء االجتامعـي‪ ،‬والفضـاء الطبيعـي‪ ،‬والفضـاء‬
‫الروحي والنفيس‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وتتكامـل هذه الفضـاءات ال َّثالثة يف عملية التَّشـكيل‪ُّ :‬‬ ‫املـدريس‪.‬‬
‫مـع األقران ويف‬‫واجلسـدي للطفـل‪ .‬وتُبنَـى شـخص َّيته من خالل تفاعله يف املدرسـة َ‬
‫ُ‬
‫الطفـل جناحي‬ ‫احلجـر الصحي فقدَ‬ ‫ِ‬
‫وبحلـول األزمـة وتطبيـق ْ‬ ‫النَّـوادي واملالهـي‪.‬‬
‫وجـوده‪ ،‬إذ ُح ِـر َم مـن الفضـاء االجتامعـي (املدرسـة) ومـن الفضـاء الطبيعـي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫وكينونته‬ ‫األمـر يشـكل نو ًعا مـن التَّدمري الكبري يف شـخص َّية الطفـل‬ ‫الطبيعـة‪ .‬وهـذا‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بصـورة‬ ‫التـأزم تؤ ِّثـر‬
‫شـديدة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫املحصلـة إىل وضعيـة‬ ‫االجتامع َّيـة‪ .‬وهـو مـا يفضي يف‬
‫ِّ‬
‫مبـارشة وأكيـدة يف تنميـة شـخصية الطفـل وتربيتـه‪ِ.‬‬

‫متخـم بمسـؤوليات كبيرة‬ ‫ٌ‬ ‫أ َّمـا الفضـاء ال َّثالـث‪ ،‬ونعنـي بـه اجلـو األُرسي‪ ،‬فهـو‬
‫الضغـط الكبير اهلائـل‬ ‫حتمـل هـذا َّ‬‫جـدًّ ا‪ ،‬حيـث يصعـب على أفـراد األُرسة مجي ًعـا ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يأخـذ أبعـا ًدا‪ :‬سـيكولوجية‪ ،‬وتربويـة‪ ،‬واجتامعيـة ضاغطـة‪ ،‬وخطيرة‪ .‬ويف‬ ‫ُ‬ ‫الـذي‬
‫الصدمـة التي تدعو‬ ‫اللحظـة التـي نعلـ ُن فيهـا عن أمه َّيـة التفاعل االجتامعـي تواجهنا َّ‬
‫ُ‬
‫تفصـل بين‬ ‫ٍ‬
‫أبعـاد اغرتاب َّيـة‬ ‫إىل التباعـد االجتامعـي بـكل مـا حيملـ ُه هـذا التَّباعـد مـن‬
‫وجتعـل مـن اآلخر خطـرا متفجرا هيـدد حياة الذيـن حييطون به‪ِ.‬‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسـان واإلنسـان‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫بوظائـف تربو َّيـة‬
‫َ‬ ‫أن املدرسـة واملؤسسـات االجتامع َّيـة تقـوم‬ ‫فمـن املعلـوم َّ‬
‫ٍ‬
‫كبير حـدود التع ُّلـم والتعليـم‪ ،‬إذ هـي معن َّيـة وفاعلـة يف ميـدان‬ ‫تتجـاوز إىل حـدٍّ‬

‫‪95‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الـروح واجلسـد والنَّفـس واهلو َّيـة االجتامعيـة‪.‬‬ ‫التنشـئة االجتامعيـة‪ ،‬أي تكويـن‪ُّ :‬‬
‫تتـم داخل املنـزل وحد ُه‪ .‬وهـذا يعني أنـه مهام يك ْن من تسـليمنا‬ ‫وهـي عمليـات لـ ْن َّ‬
‫حيـل جزئ ًّيا إشـكال َّية التع ُّلـم والتعليم‪،‬‬
‫بقـدرة التعليـم اإلليكتروين يف املنـزل عىل أن َّ‬
‫القصـد يف جمـال بناء الشـخصية‪ .‬وهنـا تكم ُن‬ ‫ِ‬ ‫فـإن هـذا التعليـم عـن ُب ْع ٍـد ينـأى عـن‬
‫َّ‬
‫إحـدى أكبر مشـكالت احلجـر الصحـي والتعليـم عـن بعـد‪ٍ.‬‬
‫ُْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫قائـم يـدور يف خلـد الكثرييـن‪،‬‬ ‫مهـم ٌ‬ ‫ٌ‬
‫سـؤال ٌّ‬ ‫كل الفـروض‪،‬‬‫ويظـل‪ ،‬بالرغـم مـن ِّ‬
‫ُّ‬
‫سيسـتمر زخـم التع ُّلم اإللكرتوين فيما بعد كورونا‪ ،‬أم أنه سـيختفي‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫أال وهـو‪ :‬هـل‬
‫السـابق؟ تتعـدد اآلرا ُء هنـا بين مـن يظـن ‪-‬أو ر َّبما‬ ‫وتعـود األمـور إىل مسـارها َّ‬
‫األمـور إىل مـا كانـت عليـه‪ ،‬ومـن يعتقـد أنَّـه ال رجعـة عـن التع ُّلم‬
‫ُ‬ ‫يتمنَّـى‪ -‬أن تعـود‬
‫ٍ‬
‫بشـكل أكبر‪.‬‬ ‫التحـول إليـه‬
‫ُّ‬ ‫طـال انتظـار‬‫اإللكتروين الـذي َ‬
‫إن ظـروف اإلغلاق القسري للمـدارس‪ ،‬قـد واكبتـه كما أسـلفنا مشـكالت‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اجتامع َّيـة وتربو َّيـة شـديدة الوطـأة على األُرسة التـي اسـتيقظت للقيـام بوظائفهـا‬
‫احلمـل ثقيلا عليهـا‪ ،‬يف سـياق هـذا العصر الـذي نعيشـه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫القديمـة املتجـدّ دة‪ ،‬فبـدا‬
‫بما يم ِّيـزه مـن تع ُّقـد احليـاة فيـه‪ ،‬وهكـذا بـرزت حتديـات تربو َّيـة كبيرة؛ جعلت من‬
‫جحيما يف داخـل احلصـار األُرسي‪ .‬وتبين املالحظـات اجلاريـة يف‬ ‫ِ‬
‫حيـاة األطفـال‬
‫ً‬
‫حلسـبان‪ ،‬ونذكـر منهـا‪:‬‬‫هـذا املسـار تنامـي مشـكالت جديـدة مل تكـ ْن يف ا ُ‬
‫ِ‬
‫اجلامعـات‪ ،‬وقـد‬ ‫ِ‬
‫صفـوف املعلمين وأسـاتذة‬ ‫ِ‬
‫حـاالت االنتحـار حتـى بين‬ ‫‪ -‬تزايـد‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أعلنـت وكاالت األنبـاء عـن انتحـار مخسـة أسـاتذة يف إحـدى الـدول العربيـة‬
‫أخيرا)‪.‬‬
‫ً‬ ‫(املغـرب‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ِ‬
‫اللعـب اإللكتروين‬ ‫‪ -‬تزايـد حـاالت اإلجـرام اإلليكتروين نتيجـ َة االسـتغراق يف‬
‫أن طفلا فرنسـ ًّيا قـام بقتـل مجيـع أفـراد‬ ‫أخيرا َّ‬
‫ً‬ ‫وقـد فاجأتنـا وسـائل اإلعلام‬
‫الشطة‬ ‫طريقـة اللعبـة التـي يؤدهيـا يف احلاسـوب وعندما جـاءت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫األُرسة بنفـس‬
‫كان يتابـع اللعبـة وطلـب منهـم إمهالـه حتَّـى ينتهـي مـن اللعبـة‪.‬‬
‫ِ‬
‫حاالت العنف األُرسي‪.‬‬ ‫‪ -‬تزايد حاالت طلب ال َّطالق بني األُرس‪ ،‬وتزايد‬
‫ِ‬
‫لألطفال‪ ،‬وتزايد املشكالت النَّفسية والصح َّية عند األطفال‪.‬‬ ‫‪ -‬تراجع املستوى التعليمي‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪96‬‬
‫احلجـر الصحـي الـذي أودى‬ ‫‪ -‬ارتفـاع مسـتوى معانـاة األُرس الفقيرة مـن ظـروف ْ‬
‫بأرزاقهـم ووظائفهـم‪.‬‬
‫الرقميـة واأللعـاب اإللكرتونيـة اخلطيرة التـي‬ ‫بعـض األطفـال لألجهـزة َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬إدمـان‬
‫ُ‬
‫يربـك حياهتـم الواقعيـة‪.‬‬ ‫تسـ ِّبب هلـم انفصا ًمـا سـيكولوج ًّيا‬
‫بالنسـبة لفئات واسـعة من األطفال لعـدم وجود البنية‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬اسـتحالة التع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد‬
‫الرقمية الرضوريـة لتعليمهم‪ .‬وقدْ أصبـح هؤالء األطفال‬ ‫التحتيـة والرتسـانات َّ‬
‫ِ‬
‫حتما إىل‬‫ضحيـ َة الوبـاء الـذي أ َّدى إىل إقصائهـم كل ًّيـا مـن املدرسـة‪ ،‬وسـيؤدي ً‬
‫فشـل مؤكـد يف العملية املدرسـ َّية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫السـنة املدرسـ َّية‬ ‫ُ‬
‫سـيكون هلـذا االنقطـاع يف‬ ‫ويف نظـم التَّعليـم األكثـر هشاشـة؛‬
‫متناسـب على التالميـذ األكثـر ضع ًفـا‪ ،‬الذيـن يواجهـون حمدودية‬ ‫ٍ‬ ‫سـلبي غير‬ ‫ٌّ‬ ‫تأثير‬
‫ٌ‬
‫تكفل اسـتمرارية التع ُّلـم يف املنزل‪ .‬ومن شـأن وجودهم يف املنزلِ‬ ‫يف الظـروف التـي ُ‬
‫يتعي عليهم‬ ‫أن يزيـد مـن تع ُّقد الوضـ ِع االقتصادي آلبائهـم وأمهاهتم الذيـن َّ‬ ‫أيضـا ْ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫إجيـاد حلـول لتوفير الرعايـة‪ ،‬أو لتعويـض خسـارة الوجبـات الغذائ َّية املدرسـ َّية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وثمـة قلـق متزايـد مـن أنّـه يف حالـة عـدم تقديـم الدَّ عم املالئـم هلـؤالء الطالب‪،‬‬
‫فإهنـم قـد ال يعـودون إىل املـدارس أبـدً ا‪ ،‬ومـن شـأن ذلـك أن يزيـد مـن مفاقمـة‬
‫الرابع‬
‫التفاوتـات القائمـة بالفعـل‪ ،‬وقـد يعكس مسـار التقـدُّ م املحرز بشـأن اهلـدف َّ‬
‫فضلا عـن مفاقمـة أزمـة التع ُّلـم القائمـة‬
‫ً‬ ‫وغيره مـن أهـداف التنميـة املسـتدامة‪،‬‬
‫بالفعـل‪ ،‬وهـو مـا يمكـن أن يـؤدي إىل تـآكل القـدرة االجتامعيـة واالقتصاديـة يف‬
‫ِ‬
‫باملـدارس يف العام املقبل‬ ‫االسـتمرار‪ ،‬فأغلـب األطفال قـد ال يسـتطيعون االلتحاق‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بسـبب التأثير االقتصـادي للجائحـة وحـده (اليونيسـكو‪. )2020 ،‬‬ ‫ِ‬

‫‪ -2‬التَّغذية وصحة األطفال‪:‬‬


‫أدت اجلائحــة إىل زلزلــة احليـ ِ‬
‫ـاة االجتامعيــة واالقتصاديــة يف خمتلــف أنحــاء العــامل‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وكان مــن نتائجهــا تدمــر االقتصــاد العاملــي وكســاده‪ ،‬وأ َّدى هــذا بــدوره إىل ظهــور‬
‫صحــة األطفــال ومســتويات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موجــة هائلــة مــن الفقــر والفاقــة واجلــوع انعكــس عــى َّ‬

‫‪97‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أن ‪ 270‬مليــون شـ ٍ‬
‫ـخص يف مجيــع أنحــاء العامل‬ ‫تغذيتهــم‪ .‬وتشــر التو ُّقعــات األمميــة إىل َّ‬
‫ســيواجهون انعــدام األمــن الغذائي بســبب اجلائحــة (‪.)Save the Children. 2020‬‬
‫ـر مــن األُرس غائلـ َة الفقــر واجلــوع يف مجيــع أنحــاء العــامل‬‫املرجــح أن تواجــه الكثـ ُ‬
‫ومــن َّ‬
‫نتيج ـ ًة لفقــدان الوظائــف وتقييــد احلركــة وانخفــاض التحويــات وفقــدان فــرص‬
‫ـل بســبب زيــادة أعبــاء الرعايــة وارتفــاع التَّكاليــف‪ .‬وتظهــر تلــك التَّقاريــر أن‬ ‫العمـ ِ‬
‫ظــل أطفاهلــم خــارج املدرســة ملــدة ‪ 20‬أســبو ًعا أو أكثــر‪،‬‬ ‫‪ ٪89‬مــن اآلبــاء الذيــن َّ‬
‫ـات كبــرة يف تأمــن ثمــن الطعــام‪َّ ،‬‬
‫وأن ثلــث اآلبــاء يتناولــون طعا ًمــا‬ ‫واجهــوا صعوبـ ٍ‬
‫أقــل منـ ُـذ بدايــة اجلائحــة (‪. )United nation. 2020‬‬
‫كثيرا مـن املـدارس حـول العـامل كانـت‬ ‫أن ً‬ ‫وجتـدر اإلشـارة يف هـذا السـياق‪ ،‬إال َّ‬
‫ُ‬
‫وتشرف على‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫تقـدم لألطفـال وجبـات غذائيـة غنَّيـة خلال الـدوام املـدريس‪،‬‬
‫صحتهـم‪ :‬اجلسـدية والنفسـية‪ .‬ويف ضـوء غيـاب الدَّ عـم والبنيـة اهليكليـة اللذيـن‬
‫كانـت توفرمهـا املـدارس‪ ،‬سـتتأ َّثر تغذيـة الطلبـة وصحتهم البدنيـة سـل ًبا‪ ،‬بالنظر إىل‬
‫َ‬
‫مليـون طفـل يف خمتلف أنحـاء العامل على برامج التَّغذية املدرسـية‬ ‫اعتماد نحـو ‪368‬‬
‫(البنـك الـدويل‪. )6 ،2020 ،‬‬
‫ـون طفــل يف ‪ 195‬بلــدً ا قــد تــرروا مــن‬ ‫أن ‪ 370‬مليـ َ‬ ‫وتبـ ِّـن التقاريــر اجلاريــة َّ‬
‫بالصحــة والتغذيــة يف‬ ‫ـدان الوجبــات املدرس ـ َّية وغريهــا مــن اخلدمــات املتعلقــة‬‫فقـ ِ‬
‫َّ‬
‫األشــهر األوىل مــن اجلائحــة‪ ،‬ممَّــا أدى إىل زيــادة معــدالت اجلــوع ونقــص التغذيــة‬
‫بــن أشــد الفئــات حرما ًنــا‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬متكَّنــت بعــض البلــدان مــن تكييــف برامــج‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التغذيــة املدرســية واحلفــاظ عليهــا (‪ )ECLAC. 2020‬ويؤثــر تع ُّطــل األنشــطة‬


‫أيضــا عــى اخلدمــات الصحيــة واخلدمــات النفســية ‪ -‬االجتامعيــة‪،‬‬ ‫التعليميــة ً‬
‫كمنصــات للوقايــة والتشــخيص وتقديــم‬ ‫َّ‬ ‫أيضــا‬
‫ألن املؤسســات التعليميــة تعمــل ً‬ ‫َّ‬
‫املشــورة‪.‬‬
‫رئيســا يف تغذيــة الطلبــة تغذيــة‬
‫دورا ً‬
‫وغنــي عــن البيــان أن املــدارس تــؤدي ً‬
‫ٌّ‬
‫صح َّيــة‪ .‬ففــي اململكــة املتحــدة حيظــى ‪ 1.3‬مليــون طفــل باحلصــول عــى وجبــات‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪98‬‬
‫مدرســية جمان َّيــة‪ .‬ويف الواليــات املتحــدة يوفــر الربنامــج الوطنــي للغــذاء املــدريس‬
‫ـداء جمان َّيــة أو منخفضــة التكلفــة لـــ ‪ 29.7‬مليــون طفــل‪ .‬وتظهــر العديد‬ ‫ـات غـ ٍ‬ ‫وجبـ ِ‬
‫ـال‪ ،‬مثلــا تظهــر‬ ‫مــن الدراســات وجــو َد عالقــة بــن التغذيــة واألداء املــدريس لألطفـ ِ‬
‫حتســن النتائــج التعليم َّيــة‪ ،‬وأن األنظمــة الغذائيــة‬‫أن الوجبــات املدرســية الصحيــة ِّ‬ ‫َّ‬
‫ـلبي عــى الدِّ مــاغ‪ ،‬ممــا‬
‫ـر سـ ٌّ‬
‫الغنيــة بالدُّ هــون املشــبعة وغــر املشــبعة قــد يكــون هلــا تأثـ ٌ‬
‫يؤثــر عــى التع ُّلــم والذاكــرة (‪. )Gómez-Pinilla. 2008‬‬
‫وتعتــر الوجبــات املدرســية مهمــة بشــكل خــاص لألطفــال الذيــن ينحــدرون‬
‫مــن أرس ذوات دخــل منخفــض‪ ،‬ألهنــم ال يســتطيعون دائـ ًـا احلصول عــى األطعمة‬
‫املغذيــة يف املنــزل‪ ،‬والسـ َّيام يف البلــدان املنخفضــة واملتوســطة الدخــل‪ ،‬حيــث يعــاين‬‫ِّ‬
‫الســكان مــن انعــدام األمــن الغذائــي ونقــص التغذيــة‪ .‬وتســهم هــذه الوجبــات‬
‫أيضــا كحوافــز إلبقــاء األطفــال يف املدرســة وتكــون بمثابــة إعفــا ًء مال ًّيــا للعائــات‪.‬‬‫ً‬
‫ويعــوق إغــاق املــدارس وغريهــا مــن املؤسســات التعليميــة توفــر اخلدمــات‬
‫األساســية لألطفــال واملجتمعــات املحليــة؛ فقــد تــرر ‪ 370‬مليــون طفــل يف ‪195‬‬
‫بلــدً ا مــن فقــدان الوجبــات املدرســية وغريهــا مــن اخلدمــات املتعلقــة بالصحــة‬
‫والتغذيــة يف األشــهر األوىل مــن اجلائحــة‪ ،‬ممــا أدى إىل زيــادة معــدالت اجلــوع‪،‬‬
‫ونقــص التغذيــة بــن الفئــات األشــدِّ حرما ًنــا‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬متكَّنــت بعــض البلــدان‬
‫مــن تكييــف برامــج التغذيــة املدرســية واحلفــاظ عليهــا (‪. )ECLAC. 2020‬‬
‫ويف البلـدان التـي ترتفـع فيهـا معـدالت الفقـر‪ ،‬تصـل نسـبة إحـدى الوجبـات‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ألرس‬‫التـي يقدمهـا برنامـج األغذيـة العاملـي إىل أكثـر مـن ‪ ٪10‬مـن الدخـل الشـهري ل ُ‬
‫فقـرا‪ .‬لذلـك‪ ،‬ربما هيـدِّ د فقـدان الوجبـات املدرسـية األمـن املـايل والغذائـي‬
‫األشـد ً‬
‫لأرس الضعيفـة اقتصاد ًّيـا‪ .‬وعلى الرغـم مـن قيـام أكثـر مـن ‪ 70‬دولة‪ ،‬بما يف ذلك ‪45‬‬‫ل ُ‬
‫دولـة منخفضـة الدخـل‪ ،‬بوضـع برامـج اسـتثنائية ملواصلـة دعـم وصـول األطفـال إىل‬
‫الوجبـات املدرسـية (بام يف ذلك الوجبـات املنزلية أو القسـائم أو التحويالت النَّقدية)‪،‬‬
‫املرجـح َّأل تتـم تغطيـة مجيـع الفئـات السـكانية املعرضـة للخطـر‪.‬‬
‫فإنـه مـن َّ‬

‫‪99‬‬ ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وقــد يكــون لــدى األطفــال الذيــن مل يعــد بإمكاهنــم الوصــول إىل الوجبــات‬
‫املدرســية مــوارد أقــل للوقايــة مــن نقــص املغذيــات الدقيقــة وانخفــاض مســتويات‬
‫الطاقــة‪ ،‬وقــد يواجهــون صعوبــة يف مواصلــة تعليمهــم إذا كان ذلــك هــو حافزهــم‬
‫األســايس للحضــور‪ .‬يف غــرب أفريقيــا وجنوهبــا‪ ،‬أبلغــت (اليونيســف) عــن زيــادة‬
‫معــدالت ســوء التغذيــة‪ ،‬ألن األطفــال يفقــدون وجبــات مدرســية‪ .‬ويف اهلنــد‪،‬‬
‫الدولــة التــي لدهيــا أكــر برنامــج للتغذيــة املدرســية يف العــامل‪ ،‬غابــت الوجبــات‬
‫املدرســية عــن نحــو ‪ 90‬مليــون طفــل (‪. )Save the Children. 2020‬‬
‫كل انخفــاض بنقطــة مئويــة يف الناتــج املحــي اإلمجــايل‪ ،‬قــد يواجــه‬ ‫ومــع ِّ‬
‫‪ 700.000‬طفــل إضــايف يف مجيــع أنحــاء العــامل ســوء تغذيــة مزمنًــا يــؤدي إىل‬
‫التقــزم‪ .‬ومــن املتو َّقــع أن تــزداد معــدالت ســوء التغذيــة احلــا ِّد‪ ،‬أو اهلــزال‪ ،‬يف‬
‫ُّ‬
‫الســياقات التــي تكــون فيهــا اآلثــار أكثــر حــدَّ ة‪ ،‬أو حيــث توجــد أزمــات موجــودة‬
‫مســب ًقا (‪. )Save the Children. 2020‬‬
‫وتو َّقعــت جملــة ‪ The Lancet‬أن يواجــه ‪ 6.7‬مليــون طفــل إضــايف دون ســن‬
‫اخلامســة اهلــزال بســبب اجلائحــة‪ ،‬يف حــن تو َّقــع برنامــج األغذيــة العاملــي زيــادة‬
‫بنســبة ‪ ٪20‬يف عــدد األطفــال دون ســن اخلامســة الذيــن ســيعانون مــن ســوء‬
‫التغذيــة احلــاد‪ ،‬أي مــا يعــادل ‪ 10‬ماليــن طفــل إضــايف (‪.Save the Children‬‬
‫املرجــح أن تواجــه الفتيــات ســوء التغذيــة يف مجيــع أنحــاء العــامل‬
‫‪ .)2020‬ومــن َّ‬
‫أكثــر مــن األوالد‪ ،‬بســبب مشــاكل بيولوجيــة (مثــل الــدورة الشــهرية واحلمــل‪ ،‬عىل‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ســبيل املثــال)‪ ،‬أو بســبب عــدم املســاواة بــن اجلنســن (مثــل التوزيــع غــر املتكافــئ‬
‫لألغذيــة وتقســيم العمــل)‪ ،‬يف بعــض البلــدان األُخــرى‪ ،‬والــذي حتتــاج الفتيــات‬
‫معــه إىل ســعرات حراريــة أكثــر ممــا حيصلــن عليــه‪ .‬وقــد يزيــد نقــص التغذيــة مــن‬
‫القابليــة لإلصابــة باألمــراض والعــدوى‪ ،‬وقــد يضعــف النمــو البــدين والعقــي‬
‫ـم قــد يصبحــون أكثــر عرضــة للتغ ُّيــب عــن املدرســة‪ ،‬ويواجهــون‬ ‫لدهيــم‪ ،‬مــن َثـ َّ‬
‫املزيــد مــن الصعوبــات يف التعلــم (‪.)Save the Children. 2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪100‬‬
‫وتقــوم املدرســة عمل ًّيــا بواجبــات اإلرشاف الصحــي عــى األطفــال‪ ،‬وهــذا‬
‫األمــر مهــم جــدًّ ا لألطفــال وعائالهتــم‪ .‬إذ تقــدم املــدارس معلومــات مهمــة عــن‬
‫القضايــا املتعلقــة بالصحــة‪ ،‬مثــل كيفيــة الوقايــة مــن األمــراض املعديــة والســيطرة‬
‫عليهــا‪ ،‬وتو ّفــر اإلرشــادات الطبيــة والصحيــة لألطفــال ولذوهيــم يف وقــت واحــد‪.‬‬
‫أن اإلغــاق املــدريس ع َّطــل وصــول األطفــال وذوهيــم إىل‬ ‫وممَّــا ال شــك فيــه َّ‬
‫املعلومــات الصحيــة الرضوريــة (‪ . )ACAPS. 2020‬ويصبــح هــذا األمــر معقــدً ا‬
‫وصع ًبــا عندمــا ال يســتطيع اآلبــاء تعويــض هــذه اخلدمــات اإلرشــادية املتوفــرة يف‬
‫املدرســة‪ .‬ويشــار إىل أن األطفــال تفوهتــم تعليــات ممارســة النظافــة التــي غال ًبــا‬
‫يتــم تعلمهــا يف املــدارس‪ ،‬بــا يف ذلــك غســل اليديــن بانتظــام‪ ،‬وهــو إجــراء‬ ‫مــا ُّ‬
‫حاســم لتقليــل خماطــر انتقــال الفــروس‪ .‬وقــد يلجــأ األطفــال األكــر س ـنًّا عــى‬
‫وجــه اخلصــوص إىل وســائل التواصــل االجتامعــي‪ ،‬ممــا يزيــد مــن خماطــر انتشــار‬
‫املعلومــات املض ِّللــة‪ .‬وقــد ال تتل َّقــى األُرس التــي ليــس لدهيــا إمكانيــة الوصــول‬
‫إىل اإلنرتنــت أي معلومــات بشــأن اجلائحــة‪ ،‬بــا يف ذلــك كيفيــة محايــة أنفســهم‪،‬‬
‫ومــكان احلصــول عــى الرعايــة الصحيــة واملشــورة (‪. )ACAPS. 2020‬‬

‫‪ -3‬تأثير اإلغالق على الصحة العقل َّية والنفس َّية لألطفال‪:‬‬


‫فــرض االنقطــاع عــن الدراســة وإغــاق املــدارس يف أنحــاء العــامل أخطــار كبرية‬
‫عــى صحــة األطفــال النفســية والعقليــة‪ .‬فاملدرســة ‪ -‬كــا يعــرف املر ُّبــون‪ -‬تشــكل‬
‫رشيــان الوجــود واحليــاة لألطفــال‪ ،‬وهــي جنَّــة وجودهــم‪ ،‬فيهــا ينشــؤون ويلعبــون‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وهيزجــون ويتشــكلون روح ًّيــا ونفســ ًّيا وأخالق ًّيــا‪ .‬ومــن ثــم‪ ،‬فــإن القطيعــة‬
‫ثقيــا تنــوء بــه عقوهلــم ومشــاعرهم وانفعاالهتــم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كابوســا‬
‫ً‬ ‫املدرســية تشــكل‬
‫وربــا يقودهــم إىل حالــة مــن االضطــراب العاطفــي والذهنــي واالنفعــايل‪ .‬وتلــك‬
‫هــي احلقيقــة التــي أثبتتهــا الدراســات التارخييــة حــول واقــع حيــاة األطفــال أثنــاء‬
‫األزمــات اخلانقــة واحلــروب التــي دفعتهــم خــارج جــدران مدارســهم‪ .‬وقــد‬
‫شـكَّل هــذا املوضــوع حمــور اهتــام الباحثــن والدارســن واملنظــات األمميــة املعنيــة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪101‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫باألطفــال والتحديــات التــي تواجههــم‪ .‬ومــن أجــل هــذه الغايــة أجــرت منظمــة‬
‫إنقــاذ الطفولــة (‪ )Save the Children‬دراســة اســتقصائية حــول انقطــاع األطفــال‬
‫عــن املدرســة ومقدِّ مــي الرعايــة يف مــدارس شــملت ‪ 37‬دول ـ ًة يف آســيا وأفريقيــا‬
‫وأمريــكا الالتينيــة ومنطقــة البحــر الكاريبــي والــرق األوســط وأوروبــا الرشقيــة‬
‫واملحيــط اهلــادئ وأمريــكا الشــالية‪ ،‬وذلــك لتقييــم أثــر االنقطــاع املــدريس عــى‬
‫الصحــة النفســية‪ ،‬والعقليــة لألطفــال ‪،‬ومســتويات تعليمهــم وترفيههــم‪ .‬وخرجت‬
‫الدراســة بنتائــج خطــرة ب َّينــت مــن خالهلــا أن ‪ ٪83‬مــن ‪ 8.000‬طفــل شــملهم‬
‫ـي‬ ‫االســتطالع‪ ،‬أفــادوا بســيطرة املشــاعر االنفعاليــة الســلبية كنتيجــة طبيعيــة لتفـ ِّ‬
‫الوبــاء واالنقطــاع عــن املدرســة‪ ،‬وبأنَّ ــم أصبحــوا ضح َّيــة مشــاعر القلــق واخلــوف‬
‫ســجل ‪ %96‬مــن األطفــال يف رشق أفريقيــا وجنوهبــا‬ ‫َّ‬ ‫املســتمر‪ .‬وقــد‬
‫ِّ‬ ‫والتوتُّــر‬
‫مشــاعرهم الســلبية إزاء اإلغــاق املــدريس املســتمر ملــدة تــراوح مــا بــن ‪19-17‬‬
‫أن أطفاهلــم يعانــون مــن القلــق‬ ‫أســبو ًعا‪ . )Edwards. 2020( .‬وقــد أ َّكــد اآلبــاء َّ‬
‫والتوتــر واخلــوف وانعــدام األمــن أثنــاء اإلغــاق‪ ،‬وأفــادوا بــأن أطفاهلــم بــدؤوا‬
‫يعانــون مــن قلــة النَّــوم وضعــف الشــهية‪ ،‬والســلوك العــدواين وضعــف القــدرة‬
‫أيضــا عــى ضبــط عواطفهــم ومشــاعرهم والســيطرة عــى ميوهلــم االنفعاليــة‪:‬‬ ‫ً‬
‫كالغضــب واحلــزن والعصبيــة ورسعــة البــكاء (‪. )Edwards. 2020‬‬
‫وقــد أقـ َّـرت منظمــة الصحــة العامليــة بالتأثــر الــذي يمكــن أن حتدثــه اجلائحــة عــى‬
‫الصحــة العقليــة لألطفــال‪ ،‬وأ َّكــدت أنَّ ــم ر َّبــا يواجهــون القلــق والتو ُّتــر واخلــوف‪.‬‬
‫الصــن وبنغالديــش‬ ‫وأظهــرت دراســات أجريــت عــى أطفــال املــدارس وآبائهــم يف ِّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وإيطاليــا وإســبانيا زيــادة درجــة االكتئــاب والقلــق بــن األطفــال أثنــاء عمليــات‬
‫اإلغــاق‪ ،‬وب َّينــت أن فــرات اإلغــاق الطويلــة أدت إىل شــعور األطفــال بالعزلــة‬
‫الصحــة العقليــة ووقوعهــم يف براثــن‬
‫َّ‬ ‫االجتامعيــة والوحــدة التــي قــد تــؤدي إىل تدهــور‬
‫االكتئــاب يف املســتقبل‪ ،‬وأكَّــدت أن وضعيــة اإلغــاق قــد تــؤدي عا َّمــة إىل تدهــور‬
‫الصحــة العقليــة لألطفــال وإىل زيــادة حــدة التوتــر لدهيــم‪ ،‬وقــد يؤثــر ذلــك ســل ًبا يف‬
‫عمليــة نموهــم العقــي وقدرهتــم عــى التعلــم يف مســتقبلهم املــدريس‪ .‬وبعبــارة أخــرى‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪102‬‬
‫فــإن اإلغــاق املســتمر والطويــل قــد يؤثــر عــى النتائــج التعليميــة لألطفــال وصحتهــم‬
‫حتــى بعــد عودهتــم إىل املدرســة (‪ . )ACAPS . 2020‬واتَّضــح مــن الدراســة أنــه ربــا‬
‫يكــون لســوء الصحــة العقليــة ومســتويات التوتــر املرتفعــة تأثــرات طويلــة املــدى عــى‬
‫رفاهيــة الطفــل وتع ُّلمــه ونمــوه العــام (‪ . )Banque Mondiale. 2020‬وهــذا يعنــي‬
‫أن تدهــور الصحــة العقليــة أثنــاء إغــاق املــدارس قــد يؤثــر عــى النتائــج التعليميــة‬
‫وصحتهــم حتــى بعــد عودهتــم إىل املدرســة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫لألطفــال‬
‫ويالحــظ اخلــراء يف هــذا الســياق أن االنقطــاع عــن املدرســة ارتبــط باالنقطــاع‬
‫دورا حيو ًّيــا يف عمليــة البنــاء النفــي للطفــل‪ .‬ومــن‬‫عــن مجاعــات األقــران التــي تــؤدي ً‬
‫املعــروف تربو ًّيــا َّ‬
‫أن هــذه اجلامعــات تشــكل املجــال احليــوي لنمــو الطفــل‪ :‬عقل ًّيــا ونفسـ ًّيا‬
‫وجســد ًّيا‪ .‬وهــذا يعنــي أن القطيعــة املدرســية واحلظــر املنــزيل حيــرم الطفــل مــن التفاعــل‬
‫مــع مجاعــات األقــران والتواصــل مــع الرفــاق‪ ،‬وهــذا بــدوره يــؤدي إىل نتائــج كارثيــة يف‬
‫جمــال تــوازن الطفــل نفسـ ًّيا وجســد ًّيا‪ ،‬وإىل زيــادة املشــاعر الســلبية مثــل التوتــر والقلــق‬
‫واالكتئــاب (‪ . )ACAPS. 2020‬وتبــن املالحظــات العلميــة أن املراهقــن الذيــن‬
‫حرجــا قــد يتعرضــون بدرجــة أكــر مــن غريهــم‬ ‫يعيشــون يف أشــد فــرات املراهقــة ً‬
‫لإلصابــة باألمــراض العقليــة والعقــد النفســية (‪ . )Save the Children. 2020‬وتبــن‬
‫أن األطفــال القاطنــن يف املناطــق احلرضيــة الذيــن انقطعــوا عــن مالقــاة أصدقائهــم‬
‫صــاروا أكثــر عرضــة للشــعور بالقلــق والتوتــر واإلجهــاد النفــي مقارنــة بنظرائهــم يف‬
‫املناطــق الريفيــة (‪. )Save the Children. 2020‬‬
‫وال بــدَّ لنــا‪ ،‬يف هــذا الســياق‪ ،‬مــن اإلشــارة إىل دور املدرســة يف استكشــاف‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫األمــراض النفســية والصعوبــات االنفعاليــة التــي يواجههــا األطفال والتالمــذة‪ ،‬وإىل‬


‫الــدور الكبــر الــذي تؤديــه يف معاجلتهــم‪ ،‬ووضعهــم حتــت الرعايــة النفســية وإرشاف‬
‫املتخصصــن يف التوجيــه واإلرشــاد النفــي‪ .‬وهــذا يعنــي أن اإلغــاق املــدريس قــد‬ ‫ِّ‬
‫يــؤدي إىل كارثــة كبــرة لألطفــال الذيــن يتلقــون العنايــة الصحيــة يف املــدارس‪،‬‬
‫مثلــا حيــرم اآلخريــن مــن عنــر الرقابــة الوظيفيــة الــذي متارســه املدرســة يف محايــة‬
‫األطفــال ورعايتهــم‪ .‬و ُيبنَــى عــى ذلــك أن التطــور النفــي للطفــل ســيتعرض‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪103‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫للكثــر مــن الــرر أثنــاء احلجــر املنــزيل واالنقطــاع عــن املدرســة‪ .‬وغال ًبــا مــا يكــون‬
‫املعلمــون هــم أول مــن يالحــظ تدهــور الصحــة العقليــة بــن طلبتهــم ويشــجعوهنم‬
‫عــى طلــب العــاج‪ .‬وتوفــر العديــد مــن املــدارس االستشــارة والعــاج النفــي‬
‫كوظيفــة أساســية مــن وظائفهــا‪ .‬فعــى ســبيل املثــال‪ ،‬يتلقــى نحــو ‪ ٪35‬مــن املراهقــن‬
‫األمريكيــن رعايــة صحيــة ونفســية يف مدارســهم حيــث تكــون املــدارس هــي املصدر‬
‫الوحيــد ملعاجلــة مشــكالهتم‪ :‬النفســية والعقليــة (‪. )Robson. 2020‬‬
‫احلجـر املنـزيل‪ ،‬التـي تـؤدي‪ ،‬كما أرشنـا آن ًفـا‪،‬‬
‫ومـا يزيـد األمـر تعقيـدً ا أن أجـواء ْ‬
‫إىل توليـد الصعوبـات‪ :‬النفسـية والعقليـة‪ ،‬ال متكِّن اآلباء واألمهات من استكشـاف‬
‫هـذه الصعوبـات‪ ،‬وهـم أصلا ليسـوا مؤهلين لعالجهـا‪ .‬ويـزداد األمـر حـدَّ ة يف‬
‫أوسـاط العائلات الفقيرة التـي يعـاين أرباهبا مـن األم َّيـة وضعف الثقافـة الصحية‪.‬‬
‫وتظهـر الدراسـات أن املخـاوف التـي يواجههـا األطفـال سـيكون هلـا تأثير سـلبي‬
‫جـدًّ ا على مـؤرشات أهـداف التنميـة املسـتدامة لألطفـال يف جمـاالت‪ :‬الصحـة‬
‫والتعليـم والرفاهيـة النفسـية واالجتامعيـة (النمـري‪. )2020 ،‬‬
‫املرجــح أن يكــون إلغــاق املــدارس تأثــر متفاقــم عــى الطلبــة الذيــن‬ ‫ومــن َّ‬
‫يعانــون مــن مشــكالت الصحــة العقليــة‪ ،‬كــا أظهــر اســتطالع ملنظمــة بحثيــة‬
‫بريطانيــة شــمل ‪ 2.036‬مشــاركًا لدهيــم تاريــخ مــن املــرض العقــي يف اململكــة‬
‫املتحــدة ممَّــن كانــت أعامرهــم تصــل إىل ‪ 25‬عا ًمــا‪. )YoungMinds. 2020( .‬‬
‫وقــد أعلــن ‪ %83‬مــن املســتفتيني َّ‬
‫بــأن إغــاق املــدارس أ َّدى إىل تفاقــم مرضهــم‬
‫العقــي‪ ،‬وأعلــن ‪ %26‬منهــم أهنــم صــاروا غــر قادريــن عــى احلصــول عــى الدعــم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الــازم‪ ،‬وذكــر ‪ ٪80‬أن اجلائحــة جعلــت صحتهــم العقليــة أســوأ بكثــر ممــا كانــت‬
‫عليــه‪ ،‬وغال ًبــا مــا كان هــذا مرتب ًطــا بزيــادة مشــاعر القلــق‪ ،‬أو العزلــة‪ ،‬أو فقــدان‬
‫آليــات التكيــف ‪،‬أو فقــدان دوافــع التكيــف مــع هــذه األوضــاع‪ ،‬وقــد أعلــن‬
‫‪ ٪87‬مــن املشــاركني أهنــم شــعروا بالوحــدة أو العزلــة خــال فــرة اإلغــاق‪،‬‬
‫عــى الرغــم مــن أن ‪ ٪71‬منهــم متكنــوا مــن البقــاء عــى اتصــال مــع األصدقــاء‪.‬‬
‫(‪. )YoungMinds. 2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪104‬‬
‫ِ‬
‫املدارس يف مستوى رفاهية األطفالِ ‪:‬‬ ‫‪ -4‬تأثير إغالق‬
‫مـن املعـروف يف الرتبيـة وعلـم النفـس أن الطفـل ينمـو يف مسـارح اللعـب ويف‬
‫يتم هذا النشـاط يف الطبيعـة واحلدائق واحلقول‪ .‬ويشـكل‬ ‫أجـواء الفـرح‪ ،‬وغال ًبـا مـا ُّ‬
‫أهـم أركان نمـوه‪ :‬األخالقـي والنفسي واإلنسـاين‪.‬‬
‫اللعـب والرتفيـه عنـد الطفـل َّ‬
‫ومـن هنـا تتأتَّـى أمه َّيـة السـؤال التَّـايل‪ :‬كيـف يمكـن أن يؤثـر فقـدان اللعـب يف حياة‬
‫األطفـال أثنـاء اشـتداد األزمة؟‬
‫لقــد أدت إجــراءات اإلغــاق الصارمــة يف ظــروف انتشــار الفــروس إىل فقــدان‬
‫األطفــال إمكانيــة الوصــول إىل مالعــب املــدارس واحلدائــق العا َّمــة‪ .‬وشــكلت‬
‫هــذه القضيــة مــدار اهتــام الباحثــن واملفكريــن‪ .‬ويمكــن اإلشــارة إىل االســتقصاء‬
‫الــذي أجرتــه منظمــة «محايــة األطفــال» عــى عينــة مــن اآلبــاء بلغــت ‪ 17.000‬يف‬
‫ســبتمرب ‪ 2020‬حــول تأثــر اإلغــاق املــدريس يف ترفيــه أطفاهلــم‪ .‬وقــد أفــاد أكثــر‬
‫مــن ثلــث الع ِّينــة مــن اآلبــاء (‪ )٪35‬بأ َّنــه ليــس لــدى أطفاهلــم إمكانيــة الوصــول إىل‬
‫املســاحات اخلارجيــة‪ ،‬وزادت هــذه النِّســبة إىل الثلثــن (‪ )٪63‬بــن األُرس يف املــدن‬
‫كل مخســة أطفــال إىل افتقادهــم الكبــر ل َّلعــب‪ ،‬وأفــاد‬
‫الكــرى‪ .‬وأشــار طفــان مــن ِّ‬
‫نصفهــم عــن قيامهــم بمزيــد مــن األعــال الروتينيــة‪ ،‬ورعايــة األشــقاء أكثــر ممــا كان‬
‫عليــه األمــر قبــل اجلائحــة‪. )Edwards. 2020( .‬‬

‫‪ -5‬االجتار باألطفالِ واستغاللهم‪:‬‬


‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تــؤدي الضغــوط املاليــة‪ ،‬جن ًبــا إىل جنــب مــع إغــاق املــدارس وفقــدان‪/‬أو‬
‫تقليــل رعايــة الوالديــن‪ ،‬وتقديــم املشــورة وخدمــات الصحــة العقليــة‪ ،‬إىل خطــر‬
‫االتــار باألطفــال يف معظــم احلــاالت‬ ‫االســتغالل اجلنــي لألطفــال‪ .‬ويتــم ّ‬
‫بغــرض العمــل أو االســتغالل اجلنــي التجــاري أو الــزواج القــري أو التَّجنيــد‬
‫ــل اجلامعــات املســلحة‪ . )ACAPS. 2020( .‬و ُت َعــدُّ الفتيــات بشــكل‬ ‫مــن ِق َب ِ‬
‫االتــار‪ .‬وقــد زادت جائحــة كورونــا مــن صعوبــة‬‫تعرضــا خلطــر ّ‬
‫ً‬ ‫خــاص أكثــر‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪105‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫االتــار هبــم واســتغالهلم‪ .‬وحتــى قبــل انتشــار‬ ‫ـم ّ‬ ‫حتديــد وإنقــاذ األطفــال الذيــن يتـ ُّ‬
‫ـم اســتغالهلم‬ ‫اجلائحــة‪ ،‬كان حتديــد ضحايــا ّ‬
‫االتــار أمـ ًـرا صع ًبــا أل َّنــه غال ًبــا مــا يتـ ُّ‬
‫بشــكل غــر قانــوين‪ .‬وقــد يكــون األطفــال املتجــر هبــم خائفــن مــن اإلبــاغ عــن‬
‫تعرضهــم لإليــذاء‪ ،‬أو ال يســتطيعون فعــل ذلــك‪ . )ACAPS. 2020( .‬ومــع‬ ‫ُّ‬
‫القيــود احلكوميــة العامليــة ملنــع انتشــار الفــروس‪ ،‬ونقــص منظــات املجتمــع املــدين‬
‫الناشــطة‪ ،‬وإغــاق املــدارس وأماكــن التعلــم حيــث يمكــن ملوظفــي املدرســة‬
‫ـم ّ‬
‫االتــار‬ ‫االتــار هبــم‪ ،‬ازداد عــدد األطفــال الذيــن يتـ ُّ‬ ‫ـم ّ‬ ‫اكتشــاف األطفــال الذيــن تـ َّ‬
‫هبــم واســتغالهلم‪. )ACAPS. 2020( .‬‬

‫ُ‬
‫عمالة األطفال‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫دفعـت األزمـة النَّامجـة عـن إغلاق املـدارس إىل تضخـم ظاهـرة العاملـة عنـد‬
‫األطفـال‪ ،‬والسـ َّيام يف البلـدان الفقيرة واألُرس ذات الدخـول املتواضعـة‪ .‬ومـن‬
‫املعـروف تارخي ًّيـا أن تواتـر هـذه الظاهـرة يكـون أكبر يف احلـروب واألزمـات‪،‬‬
‫ويـزداد بزيـادة مسـتوى الفقـر يف املـدن واألريـاف‪ .‬وقـد أ َّدت اجلائحـة إىل فقـدان‬
‫مصـدر رزقهـم‪ .‬وهـو مـا‬
‫َ‬ ‫الشركات‪ ،‬وفقـدان كثير مـن اآلبـاء‬ ‫الوظائـف وإفلاس َّ‬
‫دفعهـم إىل تشـغيل أبنائهـم‪ .‬فالعائلات منخفضـة الدخـل ال متلـك املدخـرات أو‬
‫الصدمات والنكسـات املاليـة مثل فقدان العمـل والدَّ خل‪ .‬وبدون‬ ‫االئتمان لتحمـل َّ‬
‫كل فـرد قـادر يف هـذه األُرس املسـامهة يف بقـاء‬
‫مسـاعدة حكوميـة كافيـة‪ُ ،‬يطلـب مـن ِّ‬
‫األُرسة‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫شـك َّ‬
‫أن عمليـات اإلغلاق الواسـعة النطـاق‪ ،‬وإغلاق املـدارس‪ ،‬وازديـاد‬ ‫وال َّ‬
‫عـدد الشركات التـي تعـاين من خسـائر هائلة يف الوظائـف والدخل تشـكل عوامل‬
‫مواتيـة لزيـادة أخطـار عاملـة األطفـال‪ ،‬والتـي يمكـن أن تشـمل األعمال َّ‬
‫الشـاقة‬
‫واخلطيرة‪ .‬وقـد تدفـع اجلائحـة واإلغلاق األطفـال إىل العمـل سـاعات أطـول‬
‫للحصـول على مزيـد مـن الدخل‪ ،‬ممـا يتسـبب يف رضر كبير لرفاهيتهم وسلامتهم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪106‬‬
‫الصحيـة واجلسـدية‪ .‬يضـاف إىل ذلـك ازديـاد الطلـب على العاملـة الرخيصـة‪ ،‬ممـا‬
‫الرهيـب‪.‬‬‫يعـرض األطفـال خلطـر االسـتغالل َّ‬
‫ألول‬
‫الســياق‪ ،‬توقعــت منظمــة العمــل الدوليــة ازديــاد عاملــة األطفــال َّ‬ ‫ويف هــذا ِّ‬
‫مــرة منــذ ‪ 20‬عا ًمــا‪ ،‬وذكــرت أ َّنــه مقابــل كل زيــادة بنســبة ‪ %1‬يف الفقــر‪ ،‬قــد تكــون‬
‫هنــاك زيــادة مقابلــة بنســبة ‪ ٪ 0.7‬يف عاملــة األطفــال‪ .‬وأظهــرت األدلــة املســتمدة‬
‫مــن وبــاء اإليبــوال أنــه كلــا طــال إغــاق املــدارس‪ ،‬زاد احتــال انضــام األطفــال‬
‫إىل القــوى العاملــة‪ ،‬وقــل احتــال عودهتــم إىل املدرســة‪. )ACAPS. 2020( .‬‬
‫وأظهــرت األبحــاث أن عاملــة األطفــال تعــوق نموهــم وفرصهــم يف املســتقبل‪،‬‬
‫إذ غال ًبــا مــا يكــون هــؤالء األطفــال أكثــر عرضــة للبطالــة أو انعــدام األمــن‬
‫كثــرا منهــم يعملــون يف ظــروف خطــرة‪ ،‬وأن اســتمرار دورة‬ ‫ً‬ ‫الوظيفــي‪ ،‬كــا َّ‬
‫أن‬
‫الفقــر وعاملــة األطفــال لفــرات طويلــة قــد تــؤدي إىل ترسهبــم وعــدم عودهتــم إىل‬
‫املدرســة مــع تقدمهــم يف الس ـ ّن‪ .‬يضــاف إىل ذلــك أن بعــض األرس الفقــرة التــي‬
‫تعــاين مــن ضغــوط ماليــة قــد متانــع كل ًّيــا يف عــودة األطفــال األكــر سـنًّا إىل املدرســة‬
‫بعــد فــرة طويلــة مــن االنقطــاع املــدريس (‪. )ACAPS. 2020‬‬
‫الســام الدوليــة يف مجهوريــة‬
‫وتشــر األبحــاث التــي أجرهتــا خدمــة معلومــات َّ‬
‫أفريقيــا الوســطى إىل زيــادة عــدد األطفــال دون ســن ‪ 15‬عا ًمــا الذيــن يعملــون يف‬
‫مناجــم الذهــب واملــاس‪ .‬وســجلت هــذه الظاهــرة نفســها يف نيجرييــا ومدغشــقر‪.‬‬
‫ويف اهلنــد الحظــت املؤسســات االجتامعيــة املعنيــة بحاميــة األطفــال (‪)DCPCR‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫زيــادة يف عاملــة األطفــال منــذ بدايــة اجلائحــة‪ ،‬وأهنــم يعملــون يف ظــروف غــر‬
‫آمنــة وال صح َّيــة (‪. )ACAPS. 2020‬‬
‫وأظهـرت دراسـة صـادرة عـن منظمـة العمـل الدوليـة ومنظمـة األمـم املتحـدة‬
‫للطفولـة (اليونيسـف) أن األطفـال العاملين يف األسـاس قـد يضطـرون إىل العمـل‬
‫سـاعات أطـول أو يف ظـروف أسـوأ يف ضـوء اجلائحـة واالنقطـاع‪ ،‬وهـذا يعنـي أن‬
‫االنقطـاع عـن املدرسـة يزيـد مـن الصعوبـات واملعانـاة لألطفـال الذيـن يعملون يف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪107‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫العـادة‪ ،‬وقـد تُر َغـم أعـداد متزايـدة منهـم عىل ممارسـة أسـوأ أشـكال عمـل األطفال‬
‫كثيرا بصحتهـم وسلامتهم (منظمـة العمـل الدوليـة‪ . )2020 ،‬ويف هـذا‬ ‫ممـا يضر ً‬
‫اخلصـوص يقـول غـاي رايـدر‪ ،‬املديـر العـام ملنظمـة العمـل الدوليـة‪ « :‬إن الوبـاء‬
‫ق َّلـص دخـول األُرس‪ ،‬ويف ضـوء الفقـر املتنامـي وغيـاب الدعـم يضطـر الكثير مـن‬
‫األطفـال للعمـل يف ظـروف غير إنسـانية»‪ ،‬ويطالـب بـأن تـدرج مشـكلة العاملـة‬
‫ضمـن سياسـات التعليـم وأن توفـر هلـم احلاميـة االجتامعيـة الدولية مـن أجل حتقيق‬
‫العدالـة ومحايـة حقوقهـم‪( .‬منظمـة العمـل الدوليـة‪. )2020 ،‬‬
‫وتقـول هنرييتـا فور‪ ،‬املديرة التنفيذية لليونيسـف يف هـذا اخلصوص‪« :‬يف أوقات‬
‫األزمـة‪ ،‬يصبـح عمل األطفال آلية للصمود لدى كثري مـن األُرس‪ .‬فمع تزايد الفقر‪،‬‬
‫تغلـق املـدارس أبواهبـا وتتناقص اخلدمـات االجتامعيـة ويضطر املزيد مـن األطفال‬
‫إىل العمـل‪ .‬وبينما نعيـد رسـم مالمـح العـامل بعـد كوفيـد‪ ،‬علينـا التأكُّـد مـن امتلاك‬
‫األطفـال و ُأرسهـم األدوات املطلوبة ملواجهـة العواصف املامثلة يف املسـتقبل‪ .‬وربام‬
‫يكـون التعليـم اجليـد‪ ،‬وخدمـات احلاميـة االجتامعية‪ ،‬وحتسين الفـرص االقتصادية‬
‫عوامـل مهمـة يف التغيير نحو األفضـل» (منظمة العمل الدوليـة‪.)2020 ،‬‬
‫وينتهـي تقريـر من َّظمـة العمـل الدوليـة إىل التأكيـد على تزايـد عاملـة األطفـال‬
‫ضمـن رشوط بائسـة وخطـرة‪ .‬وقـد تـزداد حـدة الالمسـاواة بين اجلنسين ألن‬
‫الفتيـات معرضـات بشـكل أكبر لالسـتغالل يف الزراعـة والعمـل املنـزيل‪ .‬وتقترح‬
‫الدراسـة عـد ًدا مـن التدابير ملواجهـة أخطـار زيـادة عمـل األطفـال‪ ،‬كتوفير محايـة‬
‫شـمول‪ ،‬وتسـهيل حصـول األُرس الفقيرة على القـروض‪ ،‬وتعزيـز‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ً‬ ‫اجتامعيـة أكثـر‬


‫اللئـق للبالغين‪ ،‬وتدابير إلعـادة األطفـال إىل املدرسـة‪ ،‬مثل إلغاء الرسـوم‬ ‫العمـل َّ‬
‫املدرسـية‪ ،‬وتوفير املزيـد من املـوارد ملراقبـة العمل وتطبيـق القانـون (منظمة العمل‬
‫الدوليـة‪. )2020 ،‬‬
‫وتفيـد بعـض التقاريـر أن ‪ 152‬مليـون طفـل وجـدوا أنفسـهم يف سـوق العمـل‬
‫جمـد ًدا إثـر انقطـاع املؤسسـات التعليميـة عن العمل‪ ،‬والسـ َّيام يف األشـهر األوىل من‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪108‬‬
‫اجلائحة‪ ،‬وهو رقم « يتوقع أن يتعاظم يف إحصاءات عام ‪ 2021‬السـ َّيام مع ترسب‬
‫نحـو ‪ %49‬مـن الطلبـة ‪ 67 -‬مليونًـا‪ -‬مـن التعليـم يف رشق وجنـوب أفريقيـا‪ ،‬و‬
‫‪ %48‬غـرب ووسـط القـارة األفريقيـة‪ ،‬تليهام بنسـبة مرتفعة منطقة الرشق األوسـط‬
‫وشمال أفريقيـا‪ ،‬حيـث ترسب ‪ %40‬مـن الطالب مـن التعليم كوهنم ال يسـتطيعون‬
‫االسـتفادة من وسـائط وآليـات التعليم عـن ُب ْع ٍد»(حسـن‪. )2020،‬‬
‫وباختصـار أ َّدى التعليـم عـن ُب ْع ٍـد إىل كارثـة كبيرة تتعلـق بعاملـة األطفـال‪،‬‬
‫فقـد تسـ َّبب إغلاق املـدارس‪ ،‬الناجـم عـن فيروس كورونـا املسـتجدّ ‪ ،‬يف خـروج‬
‫األطفـال مـن مقاعـد الدراسـة إىل الشـوارع للعمل يف أجـزاء كثرية من العـامل النامي‬
‫بسـبب حاجـة عوائلهـم إىل املـال‪ .‬ووفـق تقريـر لصحيفـة «نيويـورك تايمـز»‪َّ ،‬‬
‫فـإن‬
‫مئـات املاليين مـن األطفـال يف البلـدان الفقيرة‪ ،‬يفتقـرون إىل أجهزة احلاسـوب أو‬
‫اإلنرتنـت وقـد تو َّقفـوا عـن التَّعليـم بشـكل كامـل‪.‬‬
‫أيضـا‪ ،‬ومـن جديـد‪ ،‬فإنَّنـا نعتقـد بحضـور إشـكالية التَّفـاوت االجتامعـي‬ ‫وهنـا ً‬
‫بين األُرس الفقيرة وامليسـورة‪ ،‬ال سـ َّيام فيما يتع َّلق بثقافـة األبوين‪ ،‬ومسـاحة املنزل‪،‬‬
‫ودخـل األبويـن‪ ،‬وعـدد أفـراد األُرسة‪ .‬ويمكـن القـول بـأن األُرس امليسـورة ماد ًّيـا‪،‬‬
‫واملحظوظـة ثقاف ًّيـا هـي األُرس األقـل عرضـة للخطـر مـن األُرس الفقرية التـي تتميز‬
‫بتعـدُّ د األطفـال‪ ،‬وبصغـر املسـاحة يف السـكن وضعف ثقافـة الوالدين‪ .‬وقد سـاهم‬
‫إغلاق املـدارس الناجـم عـن فيروس كورونـا املسـتجدّ ‪ ،‬يف خـروج األطفـال مـن‬
‫مقاعـد الدراسـة إىل الشـوارع للعمـل‪ ،‬كام أسـلفنا‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -7‬زواجُ األطفال‪:‬‬
‫عملـت املن َّظمات الدوليـة واإلنسـانية منـذ عقـود على حماربـة ظاهـرة زواج‬
‫القصر التـي تشـكل ظاهـرة اجتامعيـة ضاربـة اجلـذور يف البلـدان الفقيرة‬ ‫األطفـال َّ‬
‫واملجتمعـات التقليديـة يف البلـدان الناميـة‪ .‬ويقـدّ ر اخلبراء وعلماء النفـس أن زواج‬
‫القص يشـكل واحدة من أخطر الكوارث التي تصيب األطفال وتد ّمر مسـتقبلهم‪.‬‬ ‫َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪109‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫و ُيالحـظ أن هـذه الظاهـرة تسـترشي وتشـتدُّ أوقـات األزمـات‪ .‬وقـد شـكلت أزمة‬
‫الزواج املبكّـر لألطفال‪.‬‬ ‫كورونـا واإلغلاق الناجـم عنها ً‬
‫مناخا مشـج ًعا عىل زيـادة َّ‬
‫ووف ًقـا لتقديـرات إحصائيـة َّ‬
‫فـإن العـامل يشـهد سـنويا​​‪ 12‬مليـون حالـة زواج مبكّر‪،‬‬
‫لكـن اجلائحـة واإلغلاق سـيؤديان إىل زيـادة خطرية يف أبعـاد هذه الظاهـرة‪ .‬ويقدَّ ر‬
‫الـزواج املبكّـر يف السـنوات‬
‫أن ‪ 2.5‬مليـون فتـاة إضافيـة سـيصبحن عرضـة خلطـر َّ‬
‫اخلمـس املقبلـة نتيجة لــلجائحة‪.‬‬
‫وكما يف األوبئة السـابقة‪ ،‬سـيؤدي إغلاق املـدارس إىل مضاعفة املخاطـر التي تثقل‬
‫لكل أشـكال العنف‬ ‫كاهـل األطفـال اإلناث‪ ،‬حيـث تكون الفتيـات الصغريات عرضة ِّ‬
‫يتعرضـون خلطـر‬ ‫والقسري‪ .‬فاألطفـال َّ‬
‫ّ‬ ‫املنـزيل‪ ،‬واالعتـداء اجلنسي ‪،‬والـزواج املبكّـر‬
‫متزايـد مـن الـزواج القسري عندمـا يكونـون خـارج املدرسـة‪ ،‬والفتيـات معرضـات‬
‫بشـكل خـاص خلطـر زواج األطفـال حيـث تواجـه األُرس تزايـدً ا يف انعـدام‪ :‬األمـن‬
‫االقتصـادي والغذائـي وتلجأ إىل تزويج بناهتا لتقليـل التكاليف املالية للحياة‪ ،‬والتقليل‬
‫مـن عـدد األفـواه التـي جيـب إطعا ُمهـا‪ .‬ومـع مثـل هـذا الـزواج يأمل اآلبـاء الفقـراء أن‬
‫تكـون بناهتـم الصغيرات يف وضـع أفضـل مـع الـزواج مـن أفـراد أرس تتمتع باسـتقرار‬
‫مـايل أكبر‪ .‬وقـد تلجـأ عائلات ُأخـرى إىل تزويـج بناهتـا مـن أجـل املهـر واملكاسـب‬
‫املاليـة‪ .‬وتشير الدالئـل املسـتمدَّ ة مـن أفريقيـا جنـوب الصحـراء وجنـوب آسـيا إىل أنـه‬
‫عندمـا تدفـع املـوارد املحدودة اآلباء إىل اختيار األطفال الذين سريسـلون إىل املدرسـة‪،‬‬
‫تعـرض الفتيـات النتهـاكات احلامية‪.‬‬ ‫يتـم عـاد ًة إعطـاء األولويـة للفتيـان‪ ،‬ممَّـا يزيـد مـن ُّ‬
‫ويف العديـد مـن البلـدان‪ ،‬وف ًقـا للبنـك الـدويل‪ ،‬قـد يقلـل التعليـم الثانـوي مـن احتمال‬
‫املرجـح أن يكمـل األطفـال يف‬ ‫زواج األطفـال كل عـام بنسـبة ‪ ٪5‬على األقـل‪ ،‬ومـن َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أقـل مـن التعليـم ويرتكـوا تعليمهـم مقارنـة بأقراهنم‪.‬‬ ‫حـاالت الـزواج املبكـر سـنوات ّ‬

‫ُ‬
‫االستغالل اجلنسي لألطفال عبر اإلنترنت‪:‬‬ ‫‪-8‬‬
‫تو ّفــر املدرســة لألطفــال مكا ًنــا آمنًــا مــن اآلثــار الســلبية للتواصــل االجتامعــي‬
‫ـي يف املنــزل وفقــدان‬
‫مــع أصدقائهــم وأقراهنــم‪ .‬لكــن مــع وجــود األطفــال اإللزامـ ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪110‬‬
‫اإلرشــاد الرتبــوي املعهــود يف املدرســة وغيــاب أوليــاء األمــور ووجــود مســاحة‬
‫فائضــا مــن الوقــت للتَّسـكُّع عــى‬
‫واســعة مــن الفــراغ القاتــل يف املنــزل‪ ،‬جيــد الطفــل ً‬
‫صفحــات اإلنرتنــت وإجــراء املزيــد مــن التواصــل االجتامعــي عربهــا‪ .‬يضــاف إىل‬
‫ذلــك زيــادة احتــال وقــوع الطفــل يف براثــن األفــام اإلباحيــة التــي تشــكل خطـ ًـرا‬
‫حقيق ًّيــا عــى حياتــه النفســية واألخالقيــة‪ ،‬وضمــن هــذا املســار يتعـ َّـرض الطفــل‬
‫اجلنــي (‪. )Human right Watch. 2020‬‬ ‫ّ‬ ‫خلطــر االســتغالل‬
‫ويف اســتطالع أجرتــه مؤسســة (محايــة األطفــال) أعــرب ‪ ٪77‬مــن األطفــال‬
‫الذيــن تــراوح أعامرهــم بــن ‪ 11‬و ‪ 17‬عا ًمــا عــن معرفتهــم بطــرق خمتلفــة للحفــاظ‬
‫عــى ســامتهم عــر اإلنرتنــت‪ ،‬بام يف ذلــك املعلومــات التي جيــب عليهم مشــاركتها‬
‫والتــي جيــب عليهــم عــدم مشــاركتها‪ ،‬ومــع مــن يشــاركون املعلومــات الشــخصية‪.‬‬
‫(‪ .)Edwards.2020‬ومــع ذلــك‪ ،‬ال يمتلــك مجيــع األطفــال املــوارد أو املعرفــة‬
‫اللزمــة للحفــاظ عــى ســامتهم عــر اإلنرتنــت‪ .‬إن اإلرساع يف‬ ‫أو املهــارات َّ‬
‫نقــل التعليــم عــر اإلنرتنــت يعــرض خصوصيــة الطفــل وبياناتــه للخطــر‪ ،‬وذلــك‬
‫املتحرشــن جنس ـ ًّيا باألطفــال‪ ،‬فمعظــم البلــدان ال متتلــك وســائل محايــة‬ ‫ّ‬ ‫مــن ِق َبـ ِ‬
‫ـل‬
‫لألطفــال‪ ،‬وال تقــدّ م وع ًيــا حقيق ًّيــا هلــم يتعلــق بحاميــة أنفســهم مــن التحـ ُّـرش‪ ،‬إذ ال‬
‫يوجــد لــدى الطفــل وعــي حقيقــي بوجــوب االمتنــاع عــن مشــاركة املعلومــات‪ ،‬مثــل‬
‫أي تفاصيــل شــخص َّية‬‫أســاء األطفــال‪ ،‬أو عناويــن املنــازل‪ ،‬أو معلومــات الســلوك ‪،‬أو ّ‬
‫ألن ترسيــب هــذه املعلومــات قــد يدفعهــم للوقــوع يف أيــدي املحتالــن‬ ‫ُأخــرى؛ َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ويعرضهــم لالســتغالل اجلنــي‪. )Human right Watch. 2020( .‬‬ ‫واملتحرشــن ّ‬


‫ّ‬
‫واملتحرشين يسـتغ ُّلون ظروف االنقطاع‬
‫ّ‬ ‫وتبي كثري من الدّ راسـات َّ‬
‫أن املحتالني‬ ‫ّ‬
‫وتبين هـذه‬
‫املـدريس لألطفـال‪ ،‬ويقومـون بمامرسـاهتم املضـا َّدة للقيـم واألخلاق‪ّ .‬‬
‫يتعـرض هلا األطفال‬
‫أن الشـعور بالوحـدة يـؤدي إىل زيادة املخاطر التي َّ‬ ‫الدراسـات َّ‬
‫يتـم االقتراب مـن األطفـال عبر‬
‫عبر اإلنرتنـت يف تواصلهـم مـع اآلخريـن‪ .‬وقـد ُّ‬
‫اإلنرتنـت مـن ِق َب ِ‬
‫ـل الغرباء أو كبار السـ ّن الذيـن يعرفوهنم‪ ،‬والذين قـد يكون لدهيم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪111‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ميـول جنسـ َّية منحرفـة‪ .‬وقـد يطلـب املحتالون عبر اإلنرتنت من األطفال مشـاركة‬
‫معلوماهتـم الشـخصية أو الصـور ومقاطـع الفيديو اجلنسـية‪ .‬ووف ًقـا لصندوق محاية‬
‫الطفـل اهلنـدي‪ ،‬كانـت هنـاك زيـادة كبيرة يف عمليـات البحـث عـن املـواد اإلباحية‬
‫املتعلقـة باألطفـال يف شـهر مـارس بعـد اإلعلان عـن عمليـات اإلغلاق على‬
‫مسـتوى البلاد يف اهلنـد‪ .‬علاوة على ذلـك‪ ،‬ارتفع اسـتهالك مواد االعتـداء اجلنيس‬
‫يتعـرض األطفال أنفسـهم‬‫على األطفـال يف اهلنـد بنسـبة ‪ ٪95‬أثنـاء اإلغلاق‪ .‬وقد َّ‬
‫ٍ‬
‫ضـار وعنيـف‪ ،‬أو يكونـون أهدا ًفـا ُّ‬
‫للتنمر عبر اإلنرتنت‪ .‬فغيـاب األطفال‬ ‫ّ‬ ‫ملحتـوى‬
‫عـن املدرسـة يقطـع صلتهم باملعلمين واملستشـارين املعنيني بحمياهتـم وتوجيههم‪،‬‬
‫الصعـب جـدًّ ا يف ضـوء هـذا االنقطـاع أن يبلـغ املع ّلمـون واملستشـارون عـن‬ ‫ومـن َّ‬
‫حـاالت إسـاءة املعاملـة املشـتبه فيها‪.‬‬

‫الصراع وجتنيد األطفال‪:‬‬


‫‪ِّ -9‬‬
‫تزدهـر عمليـات جتنيـد األطفـال يف ضـوء احلـروب والكـوارث الطبيعيـة‬
‫والبرشيـة‪ .‬وتشـكل هـذه الكـوارث أحـد العوامـل التي تـؤدي إىل انقطـاع األطفال‬
‫عـن مدارسـهم ومؤسسـاهتم التعليميـة‪ ،‬وتسـتقطبهم يف الرصاعـات واحلـروب‬
‫القائمـة‪ .‬وقـد شـهد العـامل بـروز هـذه الظاهـرة يف البلـدان التـي تـدور فيهـا حروب‬
‫أهليـة حال ًّيـا مثـل‪ :‬الصومـال وسـوريا ولبنـان‪ ،‬والعـراق واليمـن وليبيـا‪.‬‬
‫وكشـف تقريـر دويل لعـام ‪ 2018‬عـن تواصـل جتنيـد األطفـال واسـتغالهلم بلا‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الـزج بأكثـر مـن ‪ 7.000‬طفـل يف خطـوط القتـال‬ ‫تـم ُّ‬


‫هـوادة‪ ،‬فعلى مسـتوى العـامل َّ‬
‫ُّ‬
‫وتظل الصومـال الدولة التي حتتوي عىل‬ ‫األماميـة‪ ،‬أو وضعهـم يف أدوار داعمـة هلا‪.‬‬
‫أكبر عـدد مـن األطفـال املجندين أو الذيـن يتم اسـتغالهلم‪ ،‬تليها يف ذلـك نيجرييا‪،‬‬
‫ثـم سـوريا (أخبـار األمـم املتحدة‪ . )2019 ،‬وجـاءت أزمة إغالق املدارس بسـبب‬
‫لتعـزز ظاهـرة جعـل األطفـال عرضـة للتجنيـد واملشـاركة يف الرصاعـات‬ ‫اجلائحـة ّ‬
‫الدائـرة حـول العـامل‪ .‬وقـد تعاظمـت هـذه الظاهـرة مـع عمليـة اسـتيالء اجلامعـات‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪112‬‬
‫املسـلحة على املـدارس واملؤسسـات التعليميـة ألغـراض عسـكرية (أخبـار األمـم‬
‫املتحـدة‪. )2020 ،‬‬
‫وأعــرب أحــد املســؤولني يف (اليونيســكو) عــن خماوفهــم مــن أنــه بــدون مشــاركة‬
‫ــل اجلامعــات‬ ‫املــدارس ومحايتهــا‪ ،‬يكــون األطفــال أكثــر عرضــة للتجنيــد مــن ِق َب ِ‬
‫أن كولومبيــا قــد شــهدت ارتفا ًعــا يف جتنيــد‬ ‫املســلحة العاملــة يف العــامل‪ .‬وأشــار إىل َّ‬
‫األطفــال حيــث تســتغل اجلامعــات املســلحة غــر الرشعيــة اجلائحــة لتوســيع ســيطرهتا‬
‫والســكان املحليــن‪ ،‬وتقــوم تلــك اجلامعــات بإغــراء األطفــال بالطعــام‬ ‫عــى األرايض ُّ‬
‫واللفــت‬ ‫واملــال؛ لتجنيدهــم يف األعــال العســكرية يف ظــل إغــاق املــدارس‪َّ .‬‬
‫أن التقاريــر تظهــر أن العديــد مــن األطفــال قــد انضمــوا إىل اجلامعــات املســلحة يف‬ ‫َّ‬
‫كولومبيــا يف النصــف األول مــن عــام ‪ ،2020‬وأن األطفــال‪ ،‬وال س ـ َّيام مــن الســكان‬
‫األصليــن والكولومبيــن املتحدريــن مــن أصــل أفريقــي وأولئــك مــن املناطــق الريفية‪،‬‬
‫قــد كانــوا معزولــن بشــكل متزايــد خــال فــرة اإلغــاق يف كولومبيــا‪ .‬فاغتنمــت‬
‫اجلامعــات املســلحة الفرصــة خلــداع األطفــال واســتقطاهبم‪ ،‬أو إجبــار اآلبــاء عــى‬
‫الســاح ألطفاهلــم باالنضــام إىل اجلامعــات املســ َّلحة (‪. )ACAPS. 2020‬‬
‫ألن املــدارس كانــت شــاغرة‪ ،‬فقــد متَّــت إعــادة توظيفهــا مــن ِق َب ِ‬
‫ــل‬ ‫ونظــرا َّ‬
‫ً‬
‫اجلهــات الفاعلــة غــر التعليميــة مثــل اجلامعــات املســلحة غــر احلكوميــة واجليــش‪،‬‬
‫ممــا أ َّدى إىل مزيــد مــن تأخــر العــودة إىل الفصــول الدراســية‪ .‬وقــد حــدث هــذا‬
‫بالفعــل يف الســودان‪ ،‬حيــث احتلــت القــوات شــبه العســكرية مدرســة ابتدائيــة‬
‫للبنــات وبــدأت يف اســتخدامها كقاعــدة تدريــب عســكرية‪ ،‬ممَّــا حــال دون إعــادة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫فتحهــا لالمتحانــات (‪. )ACAPS. 2020‬‬

‫‪ -10‬الفجو ُة بني األطفال‪:‬‬


‫تشـكل مسـألة َّ‬
‫اللمسـاواة بين األطفـال والفجـوة بين عائالهتـم اقتصاد ًّيـا‬
‫واجتامع ًّيـا قضيـة القضايـا وإشـكالية اإلشـكاليات يف الدراسـات الرتبويـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪113‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫واالجتامعيـة‪ .‬وهـي معضلـة متتـدُّ بظالهلـا إىل خمتلـف مناحـي حيـاة األطفـال‬
‫ووجودهم‪ ،‬كام تتغلغل يف نسـيج هذه الدراسـة وغريها من الدراسـات التي تبحث‬
‫يف قضايـا التعليـم يف خمتلـف رشوط احليـاة والوجـود الطفـويل‪ .‬وتـكاد الدراسـات‬
‫جتمـع على حضـور الالمسـاواة االجتامعيـة والرتبويـة يف حيـاة املجتمـع‪ ،‬ويوشـك‬
‫تأثريهـا أن يكـون فار ًقـا يف التأثري على حياة األطفال ووجودهم‪ .‬إذ هم يعيشـون يف‬
‫كبريا‬
‫دورا ً‬ ‫أوسـاط اجتامعيـة متفاوتـة اقتصاد ًّيـا ومال ًّيـا وثقاف ًّيا‪ ،‬وهـو تفاوت يـؤ ّدي ً‬
‫يف خمتلـف مسـتويات وجودهـم وحياهتـم‪ ،‬والسـيام يف مسـتوى حتصيلهـم العلمي‪،‬‬
‫ونمـو ذكائهـم‪ ،‬وحتديـد موقعهـم يف النظـام االجتامعـي واالقتصـادي الح ًقـا‪.‬‬
‫وقــد أوردت‪ ،‬يف هــذا الســياق‪ ،‬صحيفــة اإليكونوميســت‪)Economist( .‬‬
‫تقريـ ًـرا جــاء فيــه أن إغــاق املــدارس ســيؤدي إىل زيــادة الفجــوة بــن الــدول الغنيــة‬
‫والــدول الفقــرة التــي ال تتوفــر فيهــا خدمــة اإلنرتنــت ملعظــم الطــاب واألطفــال‪،‬‬
‫وهــو مــا ســيؤدي بالــرورة إىل حرماهنــم مــن التع ُّلــم اجليــد‪ ،‬وجعلهــم يفقــدون‬
‫عــادات التعلــم‪ ،‬عــى نحــو ينعكــس ســل ًبا عــى حياهتــم العلميــة ومســتقبلهم‬
‫املــدريس‪ .‬وأشــارت املجلــة يف تقريرهــا إىل أن تســارع وتــرة تفــي جائحــة كورونــا‬
‫يف مطلــع أبريــل عــام ‪ 2020‬قــد أ َّدى إىل إغــاق املــدارس يف وجــه ‪ %90‬مــن‬
‫الطــاب حــول العــامل‪ ،‬وأن ذلــك العــدد تراجــع بنحــو الثلــث‪ ،‬حيــث أعيــد فتــح‬
‫العديــد مــن املــدارس يف أوروبــا ورشق آســيا‪ ،‬لكــن وتــرة إعــادة فتــح املــدارس يف‬
‫أماكــن ُأخــرى كثــرة مــا زالــت بطيئــة‪.)Economist. 2020( .‬‬
‫ويــرى املراقبــون أن األزمــة لــن تؤثــر عــى مجيــع العائــات بالتســاوي‪ ،‬لكنهــا‬
‫ٍ‬ ‫كبــرا لألطفــال املنتمــن إىل ُأ ٍ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫فقــرة ذات دخــول منخفضــة‬ ‫رس‬ ‫ً‬ ‫رضرا‬


‫ستســبب ً‬
‫وتعليــم متـ ٍّ‬
‫ـدن‪ .‬لقــد أدى االنتقــال املفاجــئ مــن الفصــل الــدرايس إىل التعلــم عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد عــر اإلنرتنــت‪ ،‬عنــد تفــي جائحــة الفــروس التاجــي‪ ،‬إىل توقــف التعلــم‬
‫لألطفــال القاطنــن يف املناطــق الفقــرة‪ ،‬أولئــك الذيــن تفتقــر ُأرسهــم إىل املــوارد‬
‫املاليــة لتحمــل تكاليــف احلواســيب والوصــول إىل اإلنرتنــت الالســلكي‪ ،‬وكان‬
‫عــى اآلبــاء‪ ،‬الذيــن يفتقــر أكثرهــم إىل املهــارات التعليميــة‪ ،‬أن يقومــوا بواجبــات‬
‫تعليــم أطفاهلــم يف املنــزل‪. )Bangani. 2020( .‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪114‬‬
‫جهـة ُأخـرى تبين الدراسـات اجلاريـة أن اإلغلاق املـدريس والتحـول إىل‬ ‫ٍ‬ ‫مـن‬
‫التعليـم عـن ُب ْع ٍد‪ ،‬قد أثرا سـلب ًّيا يف مسـتويات تعلـم األطفال‪ ،‬وأ َّديـا إىل احتامل كبري‬
‫لترسهبـم مـن التعليـم األسـايس‪ ،‬والسـ َّيام يف املناطـق التـي تفتقـر إىل البنـى التحتية‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫خاصـة الوسـائط اإللكرتونيـة املتاحـة لتلقـي التعليـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬أو تلك التي‬ ‫ومنهـا َّ‬
‫ال توفـر للطلاب البيئـات التعليميـة املناسـبة داخـل املنازل‪.‬‬

‫ُ‬
‫تعميق الفجوة بني اجلنسني‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫لقــد أخفــق مــا يقــدّ ر بنحو‪%40‬مــن أشــد البلــدان فقـ ًـرا يف دعــم طــاب العلــم‬
‫املعرضــن خلطــر أزمــة كورونــا‪ ،‬واتَّضــح أن ثمــة ميــا إىل إغفــال أوجــه التفــاوت‬
‫يف التعليــم وانعــدام املســاواة بــن اجلنســن يف جهــود التصــدّ ي لتفــي املــرض‪ ،‬إذ‬
‫يمكــن أن تــؤدي األعــال املنزليــة‪ ،‬وخاصــة تلــك التــي تقــوم هبــا الفتيــات‪ ،‬إىل‬
‫كاف للتعلــم(‪. )UNESCO . 2020‬‬ ‫احليلولــة دون حصــول األطفــال عــى وقــت ٍ‬

‫املرجــح َّ‬
‫أن العــدد اإلمجــايل لألطفــال الذيــن لن يعــودوا إىل دراســتهم بعــد انتهاء‬ ‫ومــن َّ‬
‫فــرة إغــاق املــدارس ســيكون أكــر حتــى مــن ذلــك‪ ،‬وأن يــؤدي إغــاق املــدارس إىل‬
‫جعــل الفتيــات أكثــر عرضــة لــزواج األطفــال‪ ،‬واحلمــل املب ّكــر والعنــف اجلنــي‪ ،‬وك ّلهــا‬
‫عوامــل تق ِّلــل مــن احتــال اســتمرارهن يف التعليــم‪ .‬ويف ظــل التأثــر املــزدوج للتداعيــات‬
‫تتحــول أزمــة التع ُّلــم إىل‬
‫ُّ‬ ‫االقتصاديــة العامليــة للجائحــة وإغــاق املــدارس‪ ،‬يمكــن أن‬
‫كارثــة عــى األجيــال (‪ . )Global Partnership for Education . 2020‬ويتَّضــح‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن إغــاق املؤسســات التعليميــة يــؤدي إىل زيــادة املخاطــر التــي تتعــرض هلــا النســاء‬ ‫َّ‬
‫والفتيــات‪ ،‬وذلــك ألهنــن أكثــر عرضــة ألنــواع متعــددة مــن ســوء املعاملــة‪ ،‬مــن قبيــل‬
‫العنــف العائــي‪ ،‬واملقايضــة باجلنــس‪ ،‬والــزواج املب ّكــر والقــري (اليونيســكو‪.)2020 ،‬‬
‫وقـد َّ‬
‫حـذرت منظمـة األمـم املتحـدة للرتبيـة والعلـم والثقافـة (اليونسـكو) مـن‬
‫أن إغلاق املـدارس على نطاق واسـع يف الـدول النامية قـد تنتج عنه خماطـر مد ّمرة‪،‬‬
‫اللايت تزيد احتامليـة خروجهن من املدرسـة عىل األرجح‬ ‫السـ َّيام بالنسـبة للفتيـات‪َّ ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪115‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أن إغلاق‬‫وتبين الدراسـات اجلاريـة َّ‬‫ّ‬ ‫بمعـدل مرتين ونصـف مقارنـة ُّ‬
‫بالذكـور‪،‬‬
‫املـدارس سـيكون لـه تأثير مد ّمـر ليس فقـط من ناحيـة التع ُّلـم‪ ،‬بل كذلـك عىل أمن‬
‫األطفال وسلامتهم‪.‬‬

‫‪-12‬الالمساواة يف التَّعليم‪:‬‬
‫تقــدم إلــن مارتينيــز‪ ،‬الباحثــة البــارزة يف قســم حقــوق األطفــال بمنظمــة هيومن‬
‫رايتــس ووتــش غــر احلكوميــة‪ ،‬صــورة قامتــة حــول الالمســاواة بــن األطفــال يف‬
‫الوصــول إىل التعليــم حتــى قبــل تفــي فــروس كورونــا‪ ،‬إذ تقــول‪ »:‬لقــد تــم‬
‫اســتبعاد واحــد مــن كل مخســة أطفــال وشــباب مــن املــدارس حتــى قبــل أن يــرب‬
‫كوفيــد ‪ . )Bangani. 2020( .»19-‬ويؤكــد اخلــراء مــن خمتلــف املشــارب عــى‬
‫ً‬
‫أصــا) يف التحصيــل التعليمــي بــن‬ ‫تضخــم الفجــوة (الكبــرة‬‫ُّ‬ ‫خماوفهــم مــن‬
‫العائــات الغنيــة والفقــرة (‪. )Robson. 2020‬‬
‫وبينــا حتــاول احلكومــات تشــجيع التعليــم يف املنــزل‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـإن مثــل هــذا االختيــار‬
‫يتطلــب توفــر احلواســيب وشــبكة إنرتنــت قويــة ومنتظمــة مــن أجــل الوصــول إىل‬
‫املنصــات التعليميــة واحلصــول عــى املــوارد املدرســية يف غــرف هادئــة للدراســة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫ويتطلــب التعليــم عــن ُب ْعــد يف املنــزل وجــود آبــاء متعلمــن بــا يكفــي‪ ،‬ولدهيــم‬
‫كاف ليتمكنــوا مــن مســاعدة أطفاهلــم يف فهــم الــدروس وحتضريهــا‪.‬‬ ‫وقــت ٍ‬
‫أي حــد تتوافــر هــذه األجــواء التعليميــة‬ ‫والســؤال الــذي يطــرح نفســه هــو‪ :‬إىل ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫حلســبان األطفــال يف البيئــات الفقــرة واملعدمــة؟ يقــول‬ ‫والس ـ َّيام عندمــا نأخــذ يف ا ُ‬
‫ريتشــارد أرميتــاج‪ ،‬مــن إدارة الصحــة العامــة وعلــم األوبئــة بجامعــة نوتنغهــام‪:‬‬
‫«يــا لألســف‪ ،‬ال يصــح هــذا االفــراض [دائـ ًـا]‪ ،‬ممــا يعنــي أن التطــور التعليمــي‬
‫لكثــر مــن األطفــال ســيتوقف مــع وأثنــاء إغــاق املــدارس‪ ،‬والسـ َّيام يف العائــات‬
‫الفقــرة‪ ،‬وهــذا ســيؤدي إىل زيــادة اتســاع فجــوة التحصيــل املــدريس بــن األُرس‬
‫الغنيــة والفقــرة «(روســون‪ .)2020 ،‬وهــذا مــا تؤكّــده كثــر مــن الدراســات‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪116‬‬
‫اجلاريــة يف هــذا املجــال‪ .‬وقــد وجــدت إحــدى الدراســات احلديثــة يف اململكــة‬
‫املتحــدة أن األطفــال مــن العائــات الغنيــة يقضــون نحــو ‪ ٪30‬مــن الوقــت يف‬
‫التعلــم املنــزيل أكثــر مــن أطفــال األُرس الفقــرة (‪ . )Robson. 2020‬ويؤكــد فــان‬
‫ـأن توفــر مــكان‬ ‫ويــم فــان النكــر‪ ،‬مــن جامعــة لوفــان يف بلجيــكا‪ ،‬رؤيــة أرميتــاج بـ َّ‬
‫هــادئ للدراســة‪ ،‬مــع اتصــال فعــال باإلنرتنــت‪ ،‬يمثــل مشــكلة كبــرة لكثــر مــن‬
‫«إن حتقيــق هــذه الــروط غــر ممكــن بالنســبة‬ ‫النــاس‪ .‬ويقــول يف هــذا الســياق‪َّ :‬‬
‫لألطفــال الذيــن يعيشــون يف عائــات فقــرة مكتظــة بعــدد كبــر مــن األطفــال»‪.‬‬
‫ويتابــع فــان قولــه‪« :‬نحـ ُن نواجــه فــرة صعبــة جــدًّ ا وقــد تكــون طويلــة جــدًّ ا جــدًّ ا‪،‬‬
‫وقــد متتــدُّ لعــدة أشــهر ربــا ال تتمكــن فيهــا جمموعــات األطفــال املحرومــن مــن‬
‫ـرا‪ ،‬وبالتــايل فــإن الفجــوة ستتســع عندمــا تبــدأ املدرســة مــرة أخــرى يف‬ ‫التع ُّلــم كثـ ً‬
‫الفصــل الــدرايس التــايل» (روبســون‪.)2020 ،‬‬
‫وتظهــر األبحــاث التــي أجرهتــا أليســون أنــدرو وســارة كاتــان ومونيــكا كوســتا‬
‫ديــاس يف معهــد الدراســات املاليــة‪ ،‬وهــو مركــز أبحــاث يف لنــدن باململكــة املتحدة‪،‬‬
‫أن األُرس الفقــرة أقــل اســتعدا ًدا للســاح ألطفاهلــا بالعــودة إىل التعليــم‪ .‬تقــول‬
‫ـررا‬
‫أليســون أنــدرو‪« :‬نعلــم مــن األدلــة التــي تظهــر بشــأن األشــخاص األكثــر تـ ً‬
‫مــن الناحيــة الصحيــة مــن فــروس كورونــا (كوفيــد‪َّ ،)19‬‬
‫أن األفــراد مــن خلفيــات‬
‫َّــرب‪ .‬وقــد يكــون هــذا مصــدر قلــق متزايــد بــن‬ ‫فقــرة هــم أكثــر عرضــة للت ُّ‬
‫األفــراد يف األُرس الفقــرة»‪. )Robson. 2020( .‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ومـن أجـل تقديـم أدلـة قو َّيـة حـول تأثير االنقطـاع املـدريس يف مسـتوى تعليـم‬
‫انخفاضـا‬
‫ً‬ ‫األطفـال تشير بعـض الدراسـات إىل أن العطلـة الصيفيـة ال تسـبب فقـط‬
‫أيضـا إىل تفاقم عدم املسـاواة يف التعليـم‪ .‬وتقدم املدارس‬
‫يف التعلـم‪ ،‬ولكنهـا تـؤدي ً‬
‫كل خلفيـة اقتصادية‪ .‬ومع ذلـك‪ ،‬خالل الوقت‬ ‫مزايـا متسـاوية تقري ًبـا لألطفال من ِّ‬
‫الـذي ال توجـد فيـه املدرسـة (مثـل اإلجـازات الصيفيـة)‪ ،‬وبينما يسـتمر األداء بين‬
‫أي‬
‫األطفـال مـن الوضـع االجتامعـي واالقتصـادي العاليين يف التطـور‪ ،‬مل ُيالحـظ ُّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪117‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫نمـو مماثـل يف األطفـال من الوضع االجتامعـي واالقتصادي املنخفـض‪ .‬وهذا يعني‬
‫كبيرا يف مسـتويات‬
‫أن االنقطـاع املـدريس ضمـن ظـروف كورونـا سـيكون تأثيره ً‬
‫تعليـم األطفـال مـن الفئـات االجتامعيـة الفقرية‪.‬‬
‫أثنـاء اإلغلاق‪ ،‬يميـل األطفـال مـن اخللفيـات األكثـر ح ًّظـا إىل املشـاركة يف‬
‫أنشـطة التعلـم خـارج املدرسـة أكثـر مـن األطفـال مـن اخللفيـات األقل ح ًّظـا‪ .‬وقد‬
‫تكمل‬
‫تـؤدي مثـل هـذه األنشـطة إىل حتسين حتصيـل الطالب بشـكل كبير ألهنا قـد ِّ‬
‫مـوارد التعلـم اإللكتروين التـي توفرها املـدارس‪ .‬ومن املرجح أن يـدرس األطفال‬
‫مـن اخللفيـات امليسـورة يف املـدارس املجهـزة جيـدً ا مـن حيـث مـوارد التكنولوجيـا‬
‫الرقميـة‪ ،‬وهـذا سيسـهل عليهـم التكيـف مـع التعلـم عبر اإلنرتنـت بعـد اجلائحة‪.‬‬
‫كبــرا يف إمكانيــة وصــول الطــاب إىل التقنيــات‬ ‫ً‬ ‫وهكــذا‪َّ ،‬‬
‫فــإن هنــاك تفاوتًــا‬
‫املرجــح أن يكــون لــدى الطــاب ذوي الوضــع االجتامعي‬ ‫الرقميــة يف املنــزل‪ .‬ومــن َّ‬
‫واالقتصــادي امليســور مــا حيتاجونــه مــن األجهــزة الرقميــة وذلــك بدرجــة أكــر‬
‫مــن الطــاب ذوي الوضــع االجتامعــي واالقتصــادي املنخفــض‪ .‬وتُظهــر عــى‬
‫ســبيل املثــال‪ ،‬البيانــات مــن ‪ - Teacher Tapp‬وهــو تطبيــق يطــرح أســئلة يوم َّيــة‬
‫األول مــن اإلغــاق‬ ‫عــى أكثــر مــن ‪ 6000‬معلــم بريطــاين ‪ -‬أنــه يف هنايــة األســبوع َّ‬
‫بعــد اجلائحــة‪ ،‬مل يكــن لــدى نحــو ‪ ٪10‬مــن الطــاب إمكانيــة الوصــول إىل أي‬
‫مــن األجهــزة أو اإلنرتنــت‪ .‬ويف الواليــات املتحــدة‪ ،‬وف ًقــا لتحليــل أجرتــه وكالــة‬
‫ـإن النســبة املئويــة للطــاب الذيــن ليــس لدهيــم‬ ‫أسوشــييتدبرس لعــام ‪ ،2019‬فـ َّ‬
‫حاســوب يف املنــزل وأولئــك الذيــن يفتقــرون إىل الوصــول إىل اإلنرتنــت عريــض‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫النطــاق‪ ،‬إذ تراوحــت بــن‪ ٪17‬و‪ .٪18‬وأظهــر مســح أمريكــي أجــراه مركــز‬
‫أن هنــاك اختالفــات ملحوظــة يف الوصــول‬ ‫أيضــا يف عــام ‪َّ 2019‬‬ ‫(بيــو) لألبحــاث ً‬
‫إىل اإلنرتنــت عــى نطــاق واســع يف املنــزل بــن العائــات ذات الدخــل املنخفــض‬
‫الســواء‪ .‬وتُظهــر البيانــات َّ‬
‫أن هنــاك يف أوروبــا تفاوتًــا اجتامع ًّيــا‬ ‫واملرتفــع عــى َّ‬
‫كبــرا‪ ،‬وأن الوصــول إىل اإلنرتنــت غال ًبــا مــا يرتبــط بدخــل األُرسة‬ ‫ً‬ ‫واقتصاد ًّيــا‬
‫فيهــا‪ .‬وإضافــة إىل الوصــول إىل املــوارد الرقميــة املناســبة‪ ،‬جيــب أن يكــون الطــاب‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪118‬‬
‫يف بيئــة منزليــة تســاعد عــى التع ُّلــم‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬ربــا ال يكــون هــذا هــو احلــال‬
‫بالنســبة إىل عــدد كبــر مــن الطــاب مــن العائــات األقــل ح ًّظــا والذيــن يتعـ َّـن‬
‫عليهــم غال ًبــا أداء عملهــم يف مســاحة صغــرة مشــركة مــع أفــراد األُرسة اآلخريــن‪.‬‬
‫أيضـا‪ ،‬ومـن جديـد‪ ،‬فإننـا نعتقـد بحضـور إشـكالية التفـاوت االجتامعـي‬ ‫وهنـا ً‬
‫بين األُرس الفقرية وامليسـورة وال سـ َّيام فيما يتع َّلق بالدخل وثقافة األبوين ومسـاحة‬
‫املنـزل ودخـل األبويـن وعـدد أفـراد األُرسة‪ .‬ويمكـن القـول بـأن األُرس امليسـورة‬
‫ثقاف ًّيـا وماد ًّيـا هـي أقل عرضـة للخطر مـن األُرس الفقرية التي تتميز بتعـدُّ د األطفال‬
‫وض ْعـف ثقافـة الوالدين‪.‬‬
‫وقلـة املسـاحة يف السـكن َ‬
‫وقــد ب َّينــت صحيفة إيكونيميســت (‪ )Economist‬األمريكيــة َّ‬
‫أن املخاطــر‬
‫املرتتبــة عــى إغــاق املــدارس يف العديــد مــن دول العــامل كبــرة‪ ،‬خاصــة يف الــدول‬
‫الفقــرة التــي ال تتو َّفــر فيهــا خدمــة اإلنرتنــت للغالبيــة ال ُعظمــى مــن الطــاب‪ ،‬وهو‬
‫مــا جيعــل تكلفــة حرمــان األطفــال مــن الدراســة باهظــة‪ ،‬إذ تــؤدي إىل حرماهنــم‬
‫مــن العلــم وفقــدان عــادات التعلــم‪ ،‬وتعتــر التطبيقــات اإللكرتونيــة املســتخدمة يف‬
‫التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪ ،‬مثــل تطبيــق زووم‪ ،‬بديـ ًـا ســي ًئا‪.‬‬
‫وأشـارت املجلـة إىل أن تسـارع وتيرة تفشي جائحـة كورونـا يف مطلـع أبريـل‪/‬‬
‫نيسـان املـايض أدى إىل إغلاق املـدارس يف وجـه ‪ %90‬مـن الطلاب حـول العـامل‪،‬‬
‫وأن ذلـك العـدد تراجـع بحـوايل الثلـث‪ ،‬حيـث أعيـد فتـح العديـد من املـدارس يف‬‫َّ‬
‫أوروبـا ورشق آسـيا‪ ،‬ولكـن إعـادة فتـح املـدارس يف أماكـن ُأخـرى كثيرة مـا زال‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بطي ًئا ‪.‬‬


‫ربر‬
‫ومـن الالفـت أن إيكونوميسـت قـد أشـارت إىل أنه عىل الرغم مـن اخلوف امل َّ‬
‫جـراء فيروس كورونـا املسـتجد الـذي مـا زال‬ ‫الـذي ينتـاب أوليـاء أمـور الطلاب َّ‬
‫عص ًّيـا على الفهـم‪ ،‬وازدحـام املـدارس‪ ،‬وصعوبـة التـزام الطلاب بارتـداء الكاممـة‬
‫وإجـراءات التباعـد االجتامعـي‪ ،‬فـإن فوائـد إعـادة فتـح املـدارس تفـوق األرضار‬
‫املرتتبـة على إبقائهـا مغلقـة يف وجـه الطلاب‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪119‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫سـيئ يف البلـدان الغنيـة‪ ،‬ولكـ َّن الضرر الذي‬
‫أن إغلاق املـدارس ٌ‬ ‫ورأت املجلـة َّ‬
‫بكثير‪ ،‬وأن ما ال يقل عـن ‪ 465‬مليـون ٍ‬
‫طفل لن‬ ‫ٍ‬ ‫يلحقـه بالـدول الفقيرة يعـد أسـوأ‬
‫ٍ‬
‫يتمكنـوا مـن متابعـة الدراسـة عـن ُب ْعـد ألنه ال تتوفـر لدهيم خدمـة اإلنرتنت‪.‬‬
‫أن العديــد مــن العائــات يف أفريقيــا وجنــوب آســيا نتيجــ ًة هلــذا‬
‫وأضافــت َّ‬
‫الوضــع؛ قــد باتــت تشــجع أطفاهلــا عــى التخــي عــن الدراســة ودخــول معــرك‬
‫العمــل أو الــزواج بســبب الصعوبــات االقتصاديــة‪ .‬وقــد حــذرت منظمــة «أنقــذوا‬
‫ٍ‬
‫طفــل‬ ‫األطفــال» (‪ )Save the Children‬اخلرييــة مــن أن حــوايل ‪ 10‬ماليــن‬
‫التــرب املــدريس‪ ،‬ومعظمهــم مــن الفتيــات‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫يواجهــون خطــر‬

‫والتسرب‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ -13‬الفاقدُ التعليمي‬
‫التسرب املـدريس نتيجـة آل َّيـة جلائحـة كورونـا‪ ،‬وهـو غال ًبـا مـا يكـون‬‫ُّ‬ ‫يشـكل‬
‫حصـا ًدا ملختلـف مظاهـر التأثري التي يامرسـها إغالق البالد بصـورة عامة واملدارس‬
‫بصـورة خاصـة‪ ،‬فالعاملـة والـزواج املبكـر واحلمـل املبكـر والعنـف ضـد األطفـال‬
‫وتدهـور الصحـة النفسـية والغذائيـة وكل منتجـات اإلغلاق تـؤدي يف هنايـة األمر‬
‫التسرب قـد يكـون هـو‬‫ُّ‬ ‫التسرب املـدريس‪ .‬وبنـا ًء على هـذه احلقيقـة َّ‬
‫فـإن خطـر‬ ‫ُّ‬ ‫إىل‬
‫وشـمول‪ ،‬وقـد يشـكل احلصـاد األسـايس لتأثير اإلغلاق‬ ‫ً‬ ‫اخلطـر واألكثـر عم ًقـا‬
‫املـدريس الناتـج عـن اجلائحـة‪.‬‬
‫يف الواليـات املتحـدة مثلا‪ ،‬عـاد ًة ما تتوقف املـدارس ملدة ثالثة أشـهر يف العطلة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الصيفيـة‪ .‬وتشير األبحـاث إىل أن هـذا الفاصل يؤدي إىل انخفـاض درجات الطلبة‬
‫واحـد مـن التعلـم داخـل املدرسـة‪ .‬وبتأثير جائحـة (كوفيـد‪)19-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شـهر‬ ‫ِ‬
‫بقيمـة‬
‫انقطـع املتعلمـون عـن مدارسـهم فرت ًة تراوحت بني سـبعة أشـهر إىل سـنة يف خمتلف‬
‫أنحـاء العـامل‪ ،‬وبنـا ًء على التقديـرات الرتبويـة للتأثير املمكـن فـإن الفاقـد التعليمي‬
‫سـيكون أكثـر مـن أربعة أشـهر عىل األقـل‪ .‬وهذا الفاقد سـيكون أكثر ً‬
‫هول بالنسـبة‬
‫لألطفـال الـذي ينتمـون إىل الطبقـات والفئـات االجتامعيـة ذات الدخـل املنخفـض‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪120‬‬
‫واملحـدود‪ ،‬وهـذا يشـمل األطفـال الذيـن يعيشـون يف البلـدان الناميـة الفقيرة ألن‬
‫ظـروف تعلمهـم‪ ،‬أثنـاء االنقطـاع تكـون صعبة جـدًّ ا‪ .‬إضافـ ًة إىل ذلك‪ ،‬فـإن العديد‬
‫مـن األطفـال ذوي الدخـل املنخفـض لدهيـم آبـاء غير موجوديـن ملسـاعدهتم على‬
‫ألنـم يعملـون خـارج املنزل‪.‬‬‫التعلـم؛ َّ‬
‫تــرب‬‫ومــن املؤكــد أن الفاقــد التعليمــي يشــمل مــن مجلــة مــا يشــمله ظاهــرة ُّ‬
‫الطــاب مــن املدرســة‪ ،‬وهــي الظاهــرة التــي يشــتد أوارهــا يف البلــدان األكثــر فقـ ًـرا يف‬
‫العــامل‪ ،‬ويشــمل ذلــك البلــدان منخفضــة ومتوســطة الدخــل‪ .‬وتظهــر اإلحصائيــات أنــه‬
‫قبــل انتشــار اجلائحــة فــإن ‪ ٪53‬مــن األطفــال يف البلــدان منخفضــة ومتوســطة الدخــل‬
‫ـص فضــا‬ ‫منخفضــا يف املــدارس‪ ،‬لدرجــة أهنــم مل يتمكنــوا مــن قــراءة نـ ٍّ‬
‫ً‬ ‫ســجلوا حتصيـ ًـا‬
‫عــن فهمــه (‪ . )The world bank. 2020‬وهــذه الوضعيــة تدفعهــم ليكونــوا عــى‬
‫اهلامــش يف مســتقبل احليــاة‪ .‬إضاف ـ ًة إىل ذلــك‪ ،‬فــإن معظــم هــؤالء األطفــال ينتمــون‬
‫إىل العائــات األكثــر فقـ ًـرا يف بلداهنــم (‪ . )SAVE OUR FUTURE. 2020‬ويقــدر‬
‫البنــك الــدويل أن مخســة أشــهر مــن إغــاق املــدارس قــد تــؤدي إىل خســارة فوريــة‬
‫قدرهــا ثامنيــة أشــهر يف املتوســط‪ .‬وهــذه النســبة تتذبــذب حســب مســتوى التعليــم‬
‫وجــودة التَّدريــس (‪ .)2020 .The world bank‬وتشــر هــذه املعادلــة إىل أن نتائــج‬
‫اإلغــاق تــؤدي إىل تع ُّلــم ضائــع ال يمكــن أن يعــوض مــا مل تتـ ُّـم معاجلــة الفجــوات‬
‫التعليميــة عــى الفــور‪ ،‬وهــذا مــن شــأنه أن يعمــق الفجــوة القائمــة بــن األطفــال يف‬
‫املســتقبل‪ ،‬ويــؤدي إىل زيــادة الفقــر والفاقــة واهلامشــية الح ًقــا‪.‬‬
‫وتشــر تقديــرات (اليونســكو) إىل أن اإلغــاق املــدريس الطويــل بســبب اجلائحــة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تــرب ‪ 23.8‬مليــون‬ ‫والتداعيــات االقتصاديــة الســلبية املرافقــة هلــا ســيؤدي إىل ُّ‬
‫طفــل وشــاب إضافيــن يف خمتلــف مراحــل الدراســة‪ ،‬وذلــك مــع بدايــة العــام‬
‫املرجــح أن العــدد‬
‫الــدرايس املقبــل ‪ . )UNESCO. 2020( 2021 /2020‬ومــن َّ‬
‫اإلمجــايل لألطفــال الذيــن لــن يعــودوا إىل دراســتهم بعــد انتهــاء فــرة إغــاق املدارس‬
‫ســيكون أكــر بكثــر مــن التو ُّقعــات اجلاريــة يف هذا امليــدان‪ .‬وتبــن التو ُّقعــات اجلارية‬
‫ـرب مــن الدراســة ســرتفع بدرجــة كبــرة لــدى الطلبــة الذيــن هــم‬ ‫أن معــدل التـ ُّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪121‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫يف املراحــل األوىل مــن التعليــم‪ ،‬وبــن أبنــاء الفئــات االجتامعيــة املحرومــة‪ .‬فعندمــا‬
‫أعيــد فتــح املــدارس يف أعقــاب أزمــة إيبــوال‪ ،‬التــي تســببت يف ضيــاع عــام درايس‬
‫كامــل تقري ًبــا يف ســراليون‪ ،‬كانــت احتــاالت عــودة الفتيــات للمــدارس أقــل بنحــو‬
‫ـرب مصحو ًبــا بزيــادة‬‫‪ 16‬نقطــة مئويــة‪ .‬ومــن املرجــح أن يكــون ارتفــاع معــدل التـ ُّ‬
‫يف عاملــة األطفــال وزواج األطفــال بــن األطفــال واملراهقــن‪.‬‬
‫وبسـبب هـذه الظـروف املأسـاوية لإلغلاق تبين الدراسـات اجلاريـة أن حالـة اإلرباك‬
‫تسرب نحو‪ 40‬مليـون طفل يف مجيع أنحـاء العامل‪،‬‬ ‫التـي سـببها اإلغلاق املـدريس أدت إىل ُّ‬
‫وال سـ َّيام األطفـال الـذي فاتتهـم فرص التعليـم يف مرحلة الطفولة املبكرة يف السـنة احلرجة‬
‫السـابقة للتعليـم املـدريس؛ ألهنـم فقـدوا التواجـد يف بيئـة حمفـزة وثريـة‪ ،‬وفاتتهـم فـرص‬
‫للتع ُّلـم‪ ،‬والتفاعـل االجتامعـي‪ ،‬بـل واحلصـول على القـدر الـكايف مـن التغذيـة يف بعـض‬
‫املرجـح أن يـؤدي ذلـك إىل اإلرضار بنامئهـم الصحـي يف األجـل الطويل‪،‬‬
‫احلـاالت‪ .‬ومـن َّ‬
‫وال سـ َّيام األطفـال الذيـن ينتمـون إىل أرس فقيرة أو حمرومـة (اليونيسـكو‪.)2020 ،‬‬
‫أن نحــو ‪ %70‬مــن األطفــال امللتحقــن بالتعليــم مــا قبــل‬ ‫وأظهــر مســح أممــي َّ‬
‫املــدريس (ريــاض األطفــال واحلضانــات) ال فرصــة هلــم يف التعلــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪ ،‬ســواء‬
‫الرقمــي منــه أو اإلذاعــي‪ .‬وبــن املســح الــذي نفذتــه (اليونيســف) بالرشاكــة مــع‬
‫(اليونســكو) والبنــك الــدويل أن نحــو ‪ %50‬مــن الــدول املشــاركة يف املســح أغلقــت‬
‫برامــج التعليــم مــا قبــل املدرســة دون حتديــد موعــد إلعــادة فتحهــا‪ .‬وأفــادت‬
‫اختصاصيــة محايــة الطفــل وتنميــة الطفولــة املبكــرة يف (اليونيســف) ســاجدة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن اجلائحــة‬ ‫عطــاري يف نــدوة عــن أثــر جائحــة كورونــا عــى الطفولــة املبكــرة َّ‬
‫شـكَّلت أزمــة حــادة وطويلــة األمــد بالنســبة للرعايــة والتعلــم يف مرحلــة الطفولــة‬
‫املبكــرة (‪. )Banque mondiale. 2020‬‬
‫ٍ‬
‫طفــل خــارج أســوار‬ ‫وتشــر التقديــرات اإلحصائيــة إىل وجــود ‪ 258‬مليــون‬
‫املدرســة يف مجيــع أنحــاء العــامل يف عــام ‪ ،2018‬منهــم ‪ 59‬مليــون طفــل يف ســ ّن‬
‫املدرســة االبتدائيــة‪ ،‬وأكثــر مــن ‪ 61‬مليونًــا يف ســن التعليــم املتوســط‪ ،‬و‪138‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪122‬‬
‫مليــون طفــل يف ســن املرحلــة الثانويــة (‪ . )ACAPS . 2020‬وتبــن التقاريــر َّ‬
‫أن‬
‫املهمشــة األُخــرى هــم األكثــر عرضــة‬
‫الفتيــات واألطفــال ذوي اإلعاقــة والفئــات َّ‬
‫خلطــر التــرب‪ ،‬ألهنــم أكثــر عرضــة ملواجهــة حتديــات التعليــم أو التعلــم قبــل‬
‫اجلائحــة (‪ . )Save the Children. 2020‬وتشــر بعــض اإلحصائيــات إىل نســبة‬
‫تــرب عاليــة عنــد اإلنــاث‪ ،‬وقــد بلــغ عــدد املترسبــن منه ـ َّن ‪ 130‬مليــون فتــاة‬
‫خــارج املدرســة بالفعــل قبــل اجلائحــة‪ . )Edwards. 2020( .‬وتشــر الدراســات‬
‫يف هــذا الســياق إىل أن األطفــال الذيــن ينقطعــون عــن املدرســة لفــرات أطــول‬
‫أثنــاء الوبــاء هــم أكثــر عرضــة للتــرب‪ ،‬والسـ َّيام أولئــك الذيــن يمــرون بمرحلــة‬
‫انتقاليــة حرجــة بــن املســتويات التعليميــة (‪. )Save the Children. 2020‬‬
‫أن األثـر االقتصـادي للجائحـة وحـده قد يؤدي‬ ‫وتظهـر تقديـرات (اليونسـكو) َّ‬
‫إىل تسرب ‪ 23.8‬مليون طفل وشـاب إضافيني من الدراسـة) ابتـداء من مرحلة ما‬
‫قبـل التعليـم االبتدائـي وحتـى مرحلـة التعليم العـايل (أو عـدم التحاقهم بالدراسـة‬
‫يف عـام ‪ .2021‬وهـذا مـا أكدتـه سـاب ًقا إحصائيـات األمـم املتحدة‪ .‬ويف املسـتويات‬
‫ال ُعليـا اجلامعيـة يصعـب تقديـر عـدد املترسبين املحتملين يف الوقـت احلـايل‪ ،‬ومـع‬
‫تسرب الطلاب اجلامعيني سـتكون مرتفعـة جدًّ ا‪.‬‬ ‫ذلـك يقـدر اخلبراء أن احتامليـة ُّ‬
‫إن مـن أكبر املشـكالت التـي فرضتهـا كورونا اسـتحالة التع ُّلم عن ُب ْع ٍد بالنسـبة‬
‫إىل فئـات واسـعة مـن األطفـال‪ ،‬وذلـك لغيـاب البنيـة التحت َّيـة الـذي مـن شـأنه أن‬
‫يـؤدي إىل إقصائهـم كل ًّيا من املدرسـة‪ .‬وقد أشـارت البيانات اإلحصائية إىل تسـارع‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وتيرة تفشي جائحـة كورونـا يف مطلـع أبريل‪/‬نيسـان ‪ ،2020‬وهـو مـا أ َّدى إىل‬
‫أن ذلـك العـدد قـد‬ ‫إغلاق املـدارس يف وجـه ‪ %90‬مـن ال ّطلاب حـول العـامل‪ ،‬غير َّ‬
‫تراجـع بحـوايل الثلـث‪ ،‬حيـث أعيـد فتـح عدد كبير مـن املـدارس يف أوروبا ورشق‬
‫آسـيا‪ ،‬ولكـن إعـادة فتـح املـدارس يف أماكـن ُأخـرى كثيرة مـا زال بطيئا‪.‬‬
‫وتبــن الدراســات اجلاريــة َّ‬
‫أن نســبة كبــرة جــدًّ ا مــن العائــات يف أفريقيــا‬ ‫ّ‬
‫ـجع أطفاهلــا عــى التخـ ّـي عــن الدراســة‪ ،‬ودخــول‬ ‫وجنــوب آســيا قــد باتــت تشـ ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪123‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫معــرك العمــل‪ ،‬أو الــزواج بســبب الصعوبــات االقتصاديــة‪ .‬وقــد َّ‬
‫حــذرت‬
‫من َّظمــة «أنقــذوا األطفــال» (‪ )Save the Children‬اخلرييــة مــن َّ‬
‫أن حــوايل ‪10‬‬
‫التــرب املــدريس‪ ،‬ومعظمهــم مــن الفتيــات‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫طفــل يواجهــون خطــر‬‫ٍ‬ ‫ماليــن‬
‫أن متتــدَّ اخلســائر يف التع ُّلــم إىل مــا يتجــاوز هــذا اجليــل‪ ،‬وأن‬
‫وثمــة خــوف مــن ْ‬
‫متحــى عقــود مــن التقــدُّ م يف جمــاالت ليــس أقلهــا دعــم فــرص الفتيــات َّ‬
‫والشــابات‬
‫ـرب مــن التعليــم نحــو ‪23.8‬مليون‬ ‫يف االلتحــاق بالتعليــم والبقــاء فيــه‪ .‬وقــد يتـ َّ‬
‫طفــل‪.‬‬
‫السـاحل‪ ،‬جـاءت حـاالت إغلاق املـدارس‬ ‫ويف أفريقيـا‪ ،‬والسـ َّيام يف منطقـة َّ‬
‫على الصعيـد الوطنـي يف وقـت كان فيـه عـدد كبري جـدًّ ا من املـدارس مغل ًقـا بالفعل‬
‫لعـدة أشـهر‪ ،‬إ َّمـا بسـبب االنعـدام البالغ لألمـن‪ ،‬أو بسـبب اإلرضابـات أو املخاطر‬
‫املناخيـة‪ .‬وقـد تفاقـم وضـع التعليـم عـن ُب ْع ٍـد بعـد اجلائحـة يف أفريقيـا جنـوب‬
‫الصحـراء الكبرى حيـث عـاش قبـل اجلائحـة‪ %47 ،‬مـن أطفـال العـامل املوجوديـن‬
‫طفـل بسـبب النزاعـات وحـاالت‬ ‫ٍ‬ ‫خـارج املـدارس البالـغ عددهـم ‪258‬مليـون‬
‫الطوارئ((اليونسـكو‪. )2020 ،‬‬
‫ٍ‬
‫نقـص يتع َّلـق‬ ‫وممـا يزيـد الوضـع سـو ًءا مـا أشـارت إليـه من َّظمـة اليونسـكو إىل‬
‫بتأهيـل املعلمين على مهـارات التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪ ،‬ويبـدو َّ‬
‫أن قـدرة البلـدان الفقيرة‬
‫على تقديـم هـذا الدعـم حمـدودة للغايـة‪ .‬ففـي أفريقيـا جنـوب الصحـراء الكُبرى‪،‬‬
‫يتلـق سـوى ‪ %64‬مـن مع ّلمـي املرحلـة االبتدائيـة‪ ،‬و‪ %50‬مـن معلمـي املرحلـة‬ ‫مل َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الثانويـة احلـدّ األدنـى مـن التَّدريـب‪ ،‬الـذي غال ًبـا مـا ال يشـمل املهـارات الرقميـة‬
‫األساسـية‪ ،‬وذلـك حتـى يف السـياقات التـي تتوفـر فيهـا الوسـائل الرقميـة الكافيـة‪،‬‬
‫أن أغلبيـة املعلمين حيتاجـون اليـوم إىل أبسـط مهـارات تكنولوجيـا‬ ‫وهـذا يعنـي َّ‬
‫أن تأهيـل املعلمين بحاجـة‬ ‫املعلومـات واالتصـاالت‪ ،‬وقـد أبـرزت أزمـة كورونـا َّ‬
‫إىل جهـود جبـارة لتدريبهـم بشـكل أفضـل على اسـتخدام أسـاليب جديـدة يف جمال‬
‫التعليـم عـن ُب ْع ٍـد (اليونسـكو‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪124‬‬
‫‪ - 14‬خامتة الفصل‪:‬‬
‫األول مـن القـرن املـايض كان التفكير السوسـيولوجي يـدور حـول‬ ‫يف النصـف َّ‬
‫تضـاؤل دور األُرسة لصالـح املدرسـة‪ ،‬وجـرى احلديـث عـن مـوت األُرسة مـع تصاعـد‬
‫دور املؤسسـات الرتبويـة اجلديـدة وتعاظـم أمهيتها‪ .‬وقـد اضطـرت األُرسة إىل التخيل عن‬
‫معظـم وظائفهـا خلال العقـود املاضية حتـى أصبحت أشـبه بمـكان للنـوم والراحة يلجأ‬
‫إليـه األطفـال بعـد يـوم متعـب مـن احليـاة يف املؤسسـات اخلارجيـة‪ .‬وكانـت املدرسـة ‪-‬‬
‫دورا حيو ًّيـا يف رعايـة األطفـال ومحايتهـم وتنظيم‬‫حتـى خلال العطـل الرسـمية ‪ -‬تـؤدي ً‬
‫الرحلات الرتفيه َّيـة هلـم بعيـدً ا عـن األُرسة‪ .‬وقـد ظهـرت كتابـات كثيرة بعنـوان مـوت‬
‫األُرسة وموت العائلة بعد أن اشـتد عود املدرسـة ومؤسسـات التنشئة االجتامعية املساندة‬
‫هلـا مـن ريـاض لألطفال ودور للحضانـة ونوادي ومؤسسـات عديدة جـدًّ ا إىل احلد الذي‬
‫اقتصر فيهـا دور األرسة على وظائـف حمـدودة للغايـة تتم َّثـل يف الرعايـة األُرسيـة‪.‬‬
‫واآلن‪ ،‬وحتـت هـول الصدمـة الفريوسـية‪ ،‬تعـود األرسة مـن جديـد؛ لتقـوم‬
‫بدورهـا التقليـدي‪ ،‬بـل ولتقـوم بـدور املدرسـة واملؤسسـات الرتبويـة واالجتامعيـة‬
‫األُخـرى‪ .‬وأصبحـت اليـوم يف ظل اجلائحـة حاضنًا ُّ‬
‫يضم فعاليـة خمتلف الفضاءات‬
‫االجتامعيـة والرتبويـة والطبيعيـة‪ ،‬وهـو محـل شـديد الوطـأة يثقـل كاهـل األُرسة‬
‫وحيملهـا مسـؤوليات تفـوق طاقتهـا‪.‬‬
‫لتدق املسمار األخير يف نعش املدرسـة التقليديـة وتعلن موهتا‬ ‫وجـاءت كورنـا َّ‬
‫رسير ًّيـا‪ ،‬وذلـك إذا أخذنـا بعين االعتبـار أن هـذه املـدارس يف جمملهـا مـن رياض‬
‫األطفـال واجلامعـات واملؤسسـات التعليميـة قـد أغلقـت أبواهبـا حـول العـامل‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وأن ثمـة تغيرات جوهريـة سـتنال منها يف خمتلـف مكوناهتـا ووظائفهـا التقليدية‪.‬‬
‫حتـول التعليـم إىل تعليم‬
‫وأصبحـت هـذه املدرسـة بين املطرقـة والسـندان‪ .‬وفجأ ًة َّ‬
‫توجهـه معطيـات الثـورة الصناعيـة الرابعـة يف جمـال االتصـال‬ ‫افترايض رقمـي ّ‬
‫التحـول املـدريس إىل عـامل افرتايض تتحقـق بصورة‬ ‫ُّ‬ ‫واملعلوماتيـة‪ .‬وبـدأت فرضيـة‬
‫حيويـة‪ .‬وبـدأ العامل يو ّدع التعليم التقليدي بمكوناته الكالسـيكية‪ ،‬حيث املدرسـة‬
‫واملعلـم والطالـب والسـبورة واالختبـار الورقـي‪ ،‬ودا ًعـا بائنًـا ال رجعـة فيه‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪125‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫سـمى‬
‫لقـد دفعـت الثـورة الصناعيـة الرابعـة املجتمـع اإلنسـاين برمتـه إىل مـا ُي َّ‬
‫باملجتمـع االفترايض إذ يقـوم فيـه كل يشء على منجـزات الثـورة الصناعيـة التـي‬
‫انفجـارا أسـطور ًّيا يف عـامل املعرفـة والثقافـة والفكـر‪ .‬فاملجتمـع بـدأ يف‬
‫ً‬ ‫تشـكل‬
‫التحـول إىل جمتمـع افترايض رقمـي حتركِّـه مقومات الثـورة الرقميـة واالتصاالت‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫ثـورة اإلنرتنيـت‪ ،‬اجليـل اخلامـس‪ ،‬إنرتنيـت األشـياء‪ ،‬الـذكاء االصطناعـي‪ ،‬والنانو‬
‫تكنولوجـي‪ ،‬والروبوتـات‪ .‬وسـتحدث الثـورة الصناعيـة الرابعـة القائمـة على‬
‫منجـزات الثـورة الرقميـة يف اجليـل اخلامس ثورة عارمـة يف قلب األنظمـة الرتبوية‪،‬‬
‫إذ تنحـو املدرسـة إىل أن تكـون مدرسـة افرتاضيـة بتأثير الثـورة الرقميـة اهلائلـة يف‬
‫جمـال التواصـل االجتامعـي‪ .‬وقد أفرغت املدرسـة التقليديـة من مضامينهـا الرتبوية‬
‫حتـت تأثير الثـورة الصناعية التي اسـتطاعت أن تغير جذر ًّيا يف التكوينـات اهليكلية‬
‫والبنيويـة للرتبيـة التعليـم‪.‬‬
‫ومـع مـوت املدرسـة وتق ُّلـص دورهـا مـع أزمـة كورونـا ومطـارق الثـورة‬
‫الصناعيـة الرابعـة فـرض على األُرسة اليـوم أن تسترجع دورهـا القديـم اجلديـد يف‬
‫تربيـة األطفـال وتنشـئتهم والعناية هبـم‪ ،‬فاألطفال والناشـئة اليوم يلـوذون باألُرسة‬
‫فـإن األُرسة لن تتخىل‬
‫ويعيشـون يف أحضاهنـا‪ .‬ومهما تكـن حدود هـذه األزمة زمن ًّيا َّ‬
‫عـن دورهـا احليـوي مـع تنامـي مظاهـر الرقميـة يف املجتمعـات االفرتاضيـة‪ ،‬ومـع‬
‫احتماالت متجـددة النتشـار األوبئـة والكـوارث مسـتقبال‪.‬‬
‫وال يعنـي الرتحيـب بـدور األُرسة وعودهتـا املظ َّفرة للقيـام بأدوارهـا احليوية أننا‬
‫نقلـب ظهـر املجـن للمدرسـة‪ ،‬فاملدرسـة ومؤسسـات التنشـئة االجتامعية سـتكون‪،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫َّ‬
‫يتخلى عـن أدوارهـا احليو َّيـة‬ ‫وسـتبقى‪ ،‬املؤسسـة التـي ال يمكـن للمجتمـع أن‬
‫واحلضار َّيـة يف املجتمـع‪ .‬وال بـدَّ لنـا مـن التأكيـد على موقـع املدرسـة األسـايس يف‬
‫املجتمـع احلديـث‪ .‬فاملدرسـة تشـكل نسـ ًقا حيو ًّيـا يف البنيـة املجتمعية‪ .‬وهلـا أدوار ال‬
‫لأرسة أن تقـوم هبـا‪ ،‬وال يمكـن االعتامد اليـوم كل ًّيا عىل األبويـن واألجداد‬ ‫يمكـن ل ُ‬
‫دائما املسـاحات احليويـة‬
‫واألقـارب يف تربيـة األطفـال ورعايتهـم‪ ،‬إذ ال تتوفـر ً‬
‫للطفـل اجتامع ًّيـا وطبيع ًّيـا مثـل احلقـول أو احلدائـق واملالعـب اآلمنـة التـي متكِّـن‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪126‬‬
‫األطفـال مـن ترصيـف طاقاهتـم‪ ،‬وتعلم املهـارات احلركيـة واالجتامعية األساسـية‪،‬‬
‫تتحـول املدرسـة مـن‬
‫َّ‬ ‫واالختلاط مـع أطفـال آخريـن‪ .‬ولكـ َّن َّ‬
‫جـل مـا نتمنـاه أن‬
‫صيغتهـا الكالسـيكية القديمـة التـي تعتمـد أكثـر املناهـج والطرائـق والفلسـفات‬
‫القـادرة على اسـتالب عقـول األطفـال وذكائهـم‪ ،‬أي املدرسـة التقليديـة الغارقة يف‬
‫مسـتنقعات التلقين والضبـط‪ ،‬وتكريس ثقافـة الذاكرة وحمورية املعلم‪ ،‬إىل املدرسـة‬
‫احلديثـة اإللكرتونيـة التـي تتوافـق مـع مرتكـزات الـذكاء االصطناعـي ومـع الثـورة‬
‫الرقميـة والتي تناشـد يف األطفـال ذكاءهم وإبداعهـم وقدراهتـم االبتكارية َّ‬
‫اخللقة‬
‫يف زمـن ال يكـون فيـه أمهيـة لغير اإلبـداع واالختراع‪ ،‬واالبتـكار‪ ،‬واالسـتقصاء‪،‬‬
‫واالستكشـاف‪.‬‬
‫فالتحديـات التـي فرضهـا فيرس كورونـا حيتـاج منـا اليـوم إىل جهـود كبيرة‬
‫يف جمـال العلـوم اإلنسـانية‪ ،‬ويمكـن القـول‪ :‬إنـه ال توجـد حتـى اليـوم إجابـات‬
‫جاهـزة عـن طبيعـة هـذه التحديـات التي تواجـه األطفـال والناشـئة واألُرس يف هذه‬
‫املرحلـة‪ .‬فتدمير الفضـاء املـدريس وحتولـه إىل عامل افترايض أو االنتقـال إىل التعليم‬
‫كثيرا من املشـكالت الذهنيـة والعقلية عند األطفـال‪ .‬وهنا جيب‬ ‫االفترايض يطـرح ً‬
‫علينـا القـول بـأن تغييـب الواقـع االجتامعـي للطفل يبقـى كارث ًّيـا إذ ال يشء يعوض‬
‫القطيعـة بين الطفـل والطبيعيـة أو بين الطفـل ومؤسسـاته االجتامعيـة‪.‬‬
‫أمس احلاجـة إىل تعاون كبري بين املفكرين‬
‫ومـن هنـا‪ ،‬نعتقـد ومـن جديد أنَّنـا يف ِّ‬
‫يف جمـال علـم النفـس والرتبية واملجتمع لدراسـة هـذه الوضعية‪ .‬كام حيتـاج األمر إىل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تضافـر كبير بني املؤسسـات الرتبوية واالجتامعيـة لوضع األُسـس العملية للتفاعل‬
‫بين أفـراد األُرسة ووقايـة األطفال مـن وضعية العزلة واالنقطـاع االجتامعي‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪127‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مراجع الفصل ال َّثالث‬
- Save the Children International (2020) . The HIDDEN impact of
COVID-19 ON CHILD POVERTY . A GLOBAL RESEARCH
SERIES. Op.Cit.
- ACAPS (2020) GLOBAL ANALYSIS COVID-19: Impact on
education. COVID-19: Thematic series on education. Novem-
ber 2020. available at: https://reliefweb.int/sites/reliefweb.
int/files/resources/20201102_acaps_thematic_series_review_
of_covid-19_impacts_on_global_education.pdf. accessed on
19/12/2020.
- Bangani . Zandile (2020). The impact of COVID-19 on ed-uca-
tion. September 03. 2020. peoplesdispatch.org. https://peoples-
dispatch.org/2020/09/03/the-impact-of-covid-19-on-education/.
Accessed on 19/12/2020.
- Banque mondiale(2020). Simulating the Potential Impacts of the
COVID-19 School Closures on Schooling and Learning Out-
comes: A set of Global Estimates”. 18 juin 2020: https://www.
worldbank.org/en/topic/education/publication/ simulating-
potential-impacts-of-covid-19-school-closures-learning-out-
comes-a-set-of-global-estimates.
- ECLAC . Economic Commission for Latin America (2020)
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

“The social challenge in times of COVID-19”. available at


https://repositorio.cepal. org/bitstream/. han-dle/11362/45544/1/
S2000324_en.pdf
- Economist (2020). he risks of keeping schools closed far out-
weigh the benefits. 18/Jully/2020. https://www.economist.com/
leaders/2020/07/18/the-risks-of-keeping-schools-closed-far-
outweigh-the-benefits . showed at 16/12/2020.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 128
- Edwards. Jess (2020) The impact of COVID-19 on children’s
lives. Save the Children International. Protect a Generation: The
impact of COVID-19 on children’s lives. 19/9/2020 | Re-source
Centre (savethechildren.net). accessed on 18/12/2020.
- Global Partnership for Education (GPE). “Opinion: Don’t let girls’
education be another casualty of the coronavirus”. 1 May 2020.
available at https://. www.globalpartnership.org/news/opin-
ion-dont-let-girls-education-be-another-casualty-coronavirus.
- Gómez-Pinilla. F.(2008). Brain foods: the effects of nutrients on
brain function. Nat Rev Neurosci 9. 568–578 (2008). https://doi.
org/10.1038/nrn2421.
- Human right Watch (2020). COVID-19 and Children’s Rights .
APRIL 9. 2020. COVID-19 and Children’s Rights.pdf (re-lief-
web.int). accessed on 19/12/2020.
- Robson . David (2020). How Covid-19 is changing the world’s
children. 4th June 2020. https://www.bbc.com/future/arti-
cle/20200603-how-covid-19-is-changing-the-worlds-children.
Accessedon 17/12/20220.
- SAVE OUR FUTURE(2020). Averting an Education Catastro-phe
for the World’s Children. White-Paper-FINAL.pdf (re-liefweb.
int). accessed on 19/12/2020.
- Save the Children (2020)2 . SAVE OUR EDUCATION. Save Our
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

Education: Protect every child’s right to learn in the CO-VID-19


response and recovery | Resource Centre (savethechildren.net).
accessed on 19/12/2020.
- The world bank(2020). Simulating the Potential Impacts of the
COVID-19 School Closures on Schooling and Learning Out-
comes: A set of Global Estimates.18/6/2020. Simulating the Po-
tential Impacts of the COVID-19 School Closures on Schooling

129 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
and Learning Outcomes: A set of Global Estimates (worldbank.
org). accessed on 19/12/2020.
- UNESCO (2020).”COVID-19 Education Response: How many students
are at risk of not returning to school?” advocacy pa-per. June 2020.
- UNESCO. Global Education Monitoring (GEM) Report. 2020:
Inclusion and education: all means all. 2020. available at https://
unesdoc.unesco.org/ .ark:/48223/pf0000373718.
- United nation (2020). Policy Brief: The Impact of COVID-19 on
children 15 APRIL 2020. policy-brief-on-covid-impact-on-chil-
dren-16-april-2020.pdf (who.int) accessed on 19/12/2020.
- YoungMinds (2020). Reports: Coronavirus: Impact on Young
People with Mental Health Needs. Coronavirus: Impact on
Young People with Mental Health Needs. Accessed on 1/1/2021.
‫ صدمـات التَّعليـم واالسـتجابة على‬:‫ جائحـة كورونـا‬.)2020( ‫ البنـك الـدويل‬-
.6 ‫ ص‬،‫ واشـنطن‬،‫ تقريـر مايـو‬،‫صعيـد السياسـات‬
‫ «كورونـا» تلقـي بظلال سـلبية على مـؤرش تنميـة‬.)2020( ‫ ناديـن‬،‫ النمـري‬-
http://bitly.ws/aMps .‫ سـبتمرب‬23 ،‫ جريـدة الغـد‬،‫الطلاب الصغـار‬
‫ ومـا‬19 ‫ التعليـم أثنـاء جائحـة كوفيـد ـ‬:‫ موجـز سياسـايت‬.)2020( ‫ اليونيسـكو‬-
.6‫ ص‬،‫ أغسـطس‬،‫بعدهـا‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ املعهد‬،‫ الثقافة السياسـية ونظـم التعليم ما بعـد كورونا‬.)2020( ‫ نـوران‬،‫ حسـن‬-


.2020/12/15 ‫ شوهد يف‬.2020 ‫ سـبتمرب‬16 ،‫املرصي للدراسـات‬
http://bitly.ws/aMVD
‫ كيـف يؤ ِّثـر الوبـاء على حيـاة األطفـال‬:‫ فيروس كورونـا‬.)2020( ‫ ديفيـد‬،‫ روبسـون‬-
53014381-https://www.bbc.com/arabic/vert-fut .‫ يونيـو‬12‫ومسـتقبلهم؟‬
.2021/1/2 ‫شـوهد يف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 130
‫‪ -‬منظمـة العمـل الدوليـة (‪ .)2020‬كوفيـد‪ 19-‬قـد يرغـم ماليين ُأخـرى مـن‬
‫األطفـال على العمـل‪ 12 ،‬يونيـو‪.‬‬
‫‪https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/‬‬
‫‪WCMS_747771/lang--ar/index.htm‬‬
‫‪ -‬منظمـة العمـل الدوليـة (‪ .)2020‬كوفيـد‪ 19-‬قـد يرغـم ماليين ُأخـرى مـن‬
‫األطفـال على العمـل‪.‬‬
‫‪ -‬هيئـة األمـم املتحـدة (‪ .)2020‬موجـز سياسـايت‪ :‬التعــليم أثناء جائحـة كوفيد ‪-‬‬
‫‪ 19‬وما بعــدها‪.‬‬
‫‪-‬أخبــار األمــم املتحــدة (‪ .)2019‬تقريــر أممــي يشــر إىل أن عــام ‪ 2018‬شــهد‬
‫أعــى مســتويات مســجلة ألعــداد األطفــال القتــى أو اجلرحــى يف الرصاعــات‬
‫املســلحة‪https://news.un.org/ar/story/2019/07/1037561 ،‬‬
‫‪-‬أخبار األمم املتحدة‪ 20 ،‬سبتمرب (‪ .)2020‬جتنيد األطفال‬
‫‪https://news.un.org/ar/story/20‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪131‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الرابع‬
‫الفصل َّ‬

‫خيارا استراتيج ًّيا‪:‬‬


‫التعليم عن ُبع ٍْد بوصفه ً‬
‫جتارب عربية وعاملية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪133‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫«عقـب اجلائحـة جلـأت معظم أنظمة التعليم يف العامل إىل تدابير تتع َّلق بالتعلم عن ُب ْع ٍد‬
‫وبدأت رحلة التعليم اإللكرتوين بشـكل عام عرب منصات رقمية متنوعة» اليونسـكو‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ِّ -1‬‬
‫أثـرت األزمـة النامجـة عن ظهـور جائحة كورونا يف مسـتقبل احليـاة ونوعيتها جلميع‬
‫ظل هذا املشـهد املأسـاوي أصيب‬ ‫سـكان الكوكـب‪ ،‬والسـ َّيام األطفـال والشـباب‪ .‬ويف ِّ‬
‫ماليين البشر بالذعـر واخلـوف وتع َّطلـت مصاحلهم‪ ،‬وأصيبـوا بحالة مـن االضطراب‬
‫صحـي شـامل يف معظـم‬
‫ٌّ‬ ‫حجـر‬
‫ٌ‬ ‫والفـوىض املد ّمرتين للحيـاة‪ .‬فقـد ُف ِـرض على اجلميـع‬
‫دول العـامل ملنـع انتشـار العـدوى وتقليـل معـدالت الوفيـات‪ .‬وترتَّـب عىل املؤسسـات‬
‫التعليميـة أن تتك َّيـف برسعـة مـع هـذا الوضـع اجلديـد‪ ،‬وأن تعمـل على تبنّـي نمـوذج‬
‫التعليم اإللكرتوين عن ُب ْع ٍد كوسـيلة حيوية حلامية األطفال والناشـئة وضامن تع ُّلمهم‪.‬‬
‫وقــد كشــفت اجلائحــة عــن األزمــة اخلفيــة ألنظمــة التعليــم يف العــامل‪ ،‬وأظهــرت‬
‫عجزهــا وضعفهــا البالــغ أمــام األزمــات والصدمــات التــي يمكــن أن تواجههــا يف‬
‫ـإن التعليــم كان األكثــر‬ ‫املســتقبل‪ .‬ولئــن المســت اجلائحــة مجيــع وجــوه احليــاة‪ ،‬فـ َّ‬
‫تأثــرا‪ .‬إذ فرضــت اجلائحــة عــى املــدارس واحلضانــات واجلامعــات أن تغلــق‬ ‫ً‬
‫أبواهبــا‪ ،‬وانقطــع أكثــر مــن ‪ 1.6‬مليــار طفــل وشــاب عــن التعليــم‪ ،‬كــا ذكرنــا آن ًفــا‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ووجــد الطلبــة أنفســهم فجــأة يف أكثــر مــن ‪ 200‬دولــة جمربيــن عــى التعلــم يف املنــزل‬
‫بواســطة التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‪ .‬وبعــد أن كانــت املؤسســات التعليميــة تنظــر إىل التعليــم‬
‫اإللكــروين كنــوع مــن الــرف‪ ،‬أصبحــت تنظــر إليــه باعتبــاره رضورة حيويــة‪،‬‬
‫ووســيلة ال بــدَّ منهــا لتمكــن مئــات املاليــن مــن الطــاب واألطفــال يف العــامل مــن‬
‫التعلــم‪ ،‬بعــد العطالــة التــي رضبــت مدارســهم ومؤسســاهتم التعليميــة‪ .‬وعــى الرغم‬
‫مــن تعــرض العديــد مــن البلــدان يف الســابق لكــوارث طبيعيــة وبرشيــة‪ ،‬فإهنــا مل تلجــأ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪135‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫إىل اســتخدام التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد كحــل لتلــك األزمــات بالطريقــة الشــاملة نفســها‬
‫ـم هبــا تطبيقهــا يف أعقــاب أزمــة فــروس كورونــا (‪.)Al Lily. et all.2020‬‬ ‫التــي تـ َّ‬
‫وإزاء هـذا اإلغلاق املـدريس واالنقطـاع الشـامل للتعليـم الـذي امتـدَّ إىل كامل‬
‫املعمـورة‪ ،‬جلـأت الـدول إىل التعليـم اإللكتروين لتعويـض الطلبـة عـن قطيعتهـم‬
‫الرتبويـة عـن مؤسسـاهتم التعليميـة‪ .‬وجلـأت األنظمـة التعليميـة إىل موجـة التعليـم‬
‫عـن ُب ْع ٍـد عبر الراديـو واإلنرتنـت والتلفزيـون وغريهـا مـن الوسـائل والوسـائط‬
‫اإللكرتونيـة املمكنـة‪ .‬لكـن املشـكلة كمنت يف قـدرة األنظمـة التعليمية على مواكبة‬
‫التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالة الطـوارئ بام لدهيا من إمكانات وخربات وبِنَى لوجسـتية‬
‫تم فيها هـذا االعتامد‬
‫حتت َّيـة‪ .‬وهنـا تثـور أسـئلة إشـكال َّية مهمة حـول الكيفيات التـي َّ‬
‫ضمـن متغريات تتعلـق بالتطور التعليمي والتهيؤ التكنولوجي اللوجسـتي ملواجهة‬
‫حتـدي االنقطـاع واإلغالق‪.‬‬
‫اسـتدعى هـذا الوضـع اجلديد مـن املفكرين الرتبويين إعادة التفكير يف منظومة‬
‫التعليم من حيث فلسـفته وأهدافه ومناهجه ووسـائله‪ ،‬ودراسـة كل السيناريوهات‬
‫املسـتقبلية واملتو َّقعـة‪ .‬وأحـدث هذا النمط مـن التعليم ً‬
‫خلل واقع ًّيا ونفسـ ًّيا وتربو ًّيا‬
‫بديل مؤقتًا‬ ‫مت َّثـل يف عـدم قدرة املؤسسـات التعليمية على ركوب أمواجه‪ ،‬وتوظيفـه ً‬
‫ثقيلا على كاهـل‬ ‫دائما للتعليـم التقليـدي‪ .‬وهكـذا فرضـت أزمـة كورونـا عب ًئـا ً‬ ‫أو ً‬
‫قطـاع التعليـم‪ ،‬فأربكـت خططـه املرحليـة‪ ،‬وفرضـت تعديلات جذر َّية على أدائه‪.‬‬
‫انتقـال فجائ ًّيـا ورسي ًعـا مـن التعليـم التقليـدي إىل التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪،‬‬
‫ً‬ ‫وقـد «شـهدنا‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يف خضـم رسعـة تفشي جائحـة كورونـا‪ ،‬ومل يكـن فيـه لـدى املؤسسـات واملـدارس‬
‫الوقـت الـكايف إلجـراء انتقـال مرحيل سـلس ويتسـم باملرونة» (عـودة‪.)2020 ،‬‬
‫ويـرى العديـد مـن األكاديميين واملتخصصين‪ ،‬ومنهـم اخلبير يف البنـك الدويل‬
‫أن «التحـدي األول واملبـارش الـذي يواجـه مؤسسـات التعليـم‬ ‫خايمـي سـافيدرا َّ‬
‫يكمـن يف كيفيـة التصـدي هلذه اجلائحة واحلدِّ من آثارها السـلبية على عملية التعليم‬
‫والتع ُّلـم‪ ،‬وكذلـك يف كيفيـة االسـتفادة مـن هـذه التجربة لتطويـر الربامـج واملناهج‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪136‬‬
‫وتأمين العـودة اآلمنـة والرسيعـة إىل مسـار التحسين املتواصـل للعمليـة الرتبويـة‬
‫والتعليميـة»‪ .‬ويؤكـد هـؤالء اخلبراء املتمرسـون «على رضورة عـدم الوقـوف عنـد‬
‫مرحلـة التفكير يف كيفيـة التصدي هلـذه األزمة اخلانقـة‪ ،‬إذ البد للقائمين عىل إدارة‬
‫أيضا وبمهنية عاليـة يف كيفية اخلروج منها‬
‫وتسـيري املؤسسـات التعليميـة أن يفكـروا ً‬
‫وهـم أقـوى من ذي قبـل» (العلي‪.)2020 ،‬‬
‫وسـع ًيا منهـا إىل احلـدِّ مـن آثار هـذا الوضع اخلطير‪ ،‬اعتمـدت احلكومات يف كل‬
‫مـكان مـن العـامل شـمله اإلغلاق املـدريس التدخـل الرسيـع والتواصـل املبـارش مع‬
‫العائلات والتالميـذ عبر اإلعلام ووسـائل التواصـل االجتامعـي‪ ،‬الختـاذ التدابري‬
‫املناسـبة ملواجهـة االنقطـاع الرتبـوي وحتقيق اسـتمرارية التعليـم وتعويض الطالب‬
‫تم االعتامد على التعليم اإللكرتوين‬
‫عما فاهتـم مـن دروس وحمارضات‪ .‬ورسعان ما َّ‬ ‫َّ‬
‫لعلاج اآلثـار السـلبية النامجة عـن اإلغالق‪ .‬وتبين أن التعليم الرقمـي اإللكرتوين‪،‬‬
‫قـد أظهـر‪ -‬مهما تكـن عيوبـه ونواقصـه‪ -‬مرونـة كبيرة ونجاعـة واسـعة يف البلـدان‬
‫املتطـورة تكنولوج ًّيـا واقتصاد ًّيـا وتربو ًّيا (بوسـيس‪.)28 ،2020 ،‬‬
‫وهكذا اسـتجابت أنظمة التعليم يف مجيع أنحاء العامل برسعة للتكيف مع الواقع‬
‫اجلديـد عبر التعليـم عـن ُب ْع ٍد‪ ،‬فحشـدت طاقاهتا وقدراهتـا اللوجسـتية حلامية صحة‬
‫الطلاب واملعلمين وضمان تعليهـم‪ .‬ويمكـن القـول يف هـذا السـياق‪ :‬إن األنظمـة‬
‫التعليميـة العامليـة اسـتبدلت التعليـم التقليـدي عـن قـرب بالتعليـم اإللكتروين عن‬
‫مفـر منهـا يف مواجهة اإلغلاق املدريس‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ُب ْعـد كأداة دفاعيـة‪ ،‬واعتمدتـه وسـيلة ال َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وتفيــد التقاريــر األمميــة أن ‪%90‬مــن مجيــع البلــدان اعتمــدت التعلــم عــن بع ٍ‬


‫ــد‬ ‫ُْ‬
‫املنصــات‬
‫ـم اســتخدام َّ‬ ‫منهجــا أساسـ ًّيا يف التع ُّلــم والتعليــم‪ ،‬وبموجــب هــذه السياســة تـ َّ‬
‫ً‬
‫اإللكرتونيــة واإلنرتنــت أو التلفزيــون أو البــث يف الراديــو يف عمليــة التعليــم والتعلــم‬
‫بديـ ًـا للتعليــم التقليــدي‪ .‬وخلصــت دراســة اســتقصائية أجرهتــا (اليونســكو‪)2020 ،‬‬
‫إىل أن معظــم أنظمــة التعليــم يف‪ 61‬دولــة تــم ســؤاهلا‪ ،‬قــد نفــذت تدابــر تتعلــق‬
‫منصــات رقميــة متنوعــة يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بالتعلــم عــن ُب ْعــد‪ .‬حيــث يتــم التعليــم عــن ُب ْعــد وعــى َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪137‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مجيــع أنحــاء العــامل‪ .‬والبــدَّ مــن اإلشــارة يف هــذا الســياق إىل اســتثناء الســويد التــي مل‬
‫تغلــق مدارســها االبتدائيــة‪ .‬إضاف ـ ًة إىل ذلــك‪ ،‬تســتخدم احلكومــات يف مجيــع أنحــاء‬
‫ــد للطــاب‬ ‫العــامل املنصــات والتقنيــات اإللكرتونيــة لتوفــر فــرص التعلــم عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫أثنــاء إغــاق املــدارس‪ ،‬يدعمهــا يف ذلــك البنــك الــدويل (‪.)UNESCO. 2020‬‬
‫وجتــدر اإلشــارة يف الســياق نفســه إىل الفجــوة الرقميــة التــي ســتؤدي إىل توليــد‬
‫تفاوتــات طويلــة األمــد يف املســتقبل‪ .‬إذ كانــت القــدرة عــى التعامــل مــع إغــاق‬
‫املــدارس‪ ،‬تزيــد وتنقــص اعتــا ًدا عــى مســتوى التطــور‪ ،‬مــع وجــود تباينــات قويــة‬
‫جــدًّ ا‪ ،‬مــن ذلــك أنّــه خــال الربــع الثــاين مــن عــام ‪ ،2020‬توقــف ‪ ٪86‬مــن‬
‫طــاب املــدارس االبتدائيــة عــن الدراســة يف البلــدان ذات مــؤرش التنميــة البرشيــة‬
‫املنخفــض‪ ،‬يف مقابــل نســبة ‪ ٪20‬فقــط يف البلــدان ذات مــؤرش التنميــة البرشيــة‬
‫ـم التأقلــم رسي ًعــا‬
‫املرتفــع جــدًّ ا‪ .)Programme des Nations unies. 2020( .‬وتـ َّ‬
‫مــع هــذا النــوع مــن التعليــم‪ ،‬ووضــع مــا أمكــن مــن املــواد واملحتويــات التعليميــة‬
‫الرقميــة يف متنــاول التالميــذ‪ ،‬والسـ َّيام الدروس املعـ ّـززة بمقاطع الفيديــو والبيانات‬
‫والرســوم التفاعليــة والربامــج الذكيــة‪ ،‬وذلــك عــن طريــق املنصــات التعليميــة‪.‬‬
‫وعــى خــاف ذلــك وجــدت البلــدان الناميــة والفقــرة نفســها يف وضعيــة ال حتســد‬
‫عليهــا مــن حيــث غيــاب البنيــة اللوجســتية للتعليــم اإللكــروين‪ ،‬والسـ َّيام الشــبكة‬
‫العنكبوتيــة (اإلنرتنــت)‪ ،‬التــي ال تتو َّفــر غال ًبــا‪ ،‬وإن توفــرت‪ ،‬كانــت بطيئــة‪ ،‬وال‬
‫تفــي بأغــراض التعليــم‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ونظــرا الســتمرار اجلائحــة وتعاظــم تأثريهــا‪ ،‬كان عــى األنظمــة التعليميــة أن‬
‫ً‬
‫ـتمر يف تناوبــات اإلغــاق‪ ،‬وإعــادة الفتــح عــى إيقــاع تقــدم الفــروس أو تراجعه‪.‬‬‫تسـ َّ‬
‫ـر مــن الــدول عــى رفــع القيــود واحلظــر العــام مــن أجــل املحافظــة‬
‫وقــد عمــل الكثـ ُ‬
‫عــى االســتقرار االقتصــادي وشــمل ذلــك إعــادة فتــح املــدارس والسـ َّيام مــع البوادر‬
‫األوىل ملظاهــر االســتقرار يف منحنيــات اخلطــر الناجــم عــن اجلائحــة‪ .‬لكــن بعــض‬
‫حــذرا وخو ًفــا مــن «موجــة ثانيــة» للفــروس‪ .‬ويف منتصــف‬ ‫ً‬ ‫الــدول كانــت أكثــر‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪138‬‬
‫يوليــو ‪ ،2020‬التحــق أكثــر مــن مليــار طالــب‪ ،‬أي مــا يعــادل ‪ ٪61‬مــن إمجــايل عــدد‬
‫املتعلمــن يف العــامل بمدارســهم ومؤسســاهتم التعليميــة (‪.)Nations Unies. 2020‬‬
‫وتبين الوقائـع أن بعـض البلـدان أعـادت فتـح مدارسـها وجامعاهتـا قبـل‬ ‫ّ‬
‫تضطـر إىل إغالقهـا مـرة أخـرى بعـد انتعـاش الوبـاء مـن جديـد يف موجتـه‬ ‫َّ‬ ‫أن‬
‫الثانيـة‪ .‬وقـد تأرجحـت أوضـاع اإلغلاق مـا بين مـدٍّ وجـزر‪ ،‬وإقـدام وإحجـام‬
‫وف ًقـا ملعطيـات احلالـة الصحيـة ومـدى انتشـار الفيروس‪ .‬وأ َّدى ذلـك إىل فوىض‬
‫عارمـة يف جمـال التعليـم وفـرض عىل األنظمـة التعليمية حتديات لوجسـتية كبرية‪.‬‬
‫وضمـن هـذه الدوامـة مـن اإلقبـال واإلدبـار‪ ،‬ومـن املـدِّ واجلـزر بلغـت الصعوبة‬
‫مداهـا‪ ،‬وجعلـت مـن العسير تطبيـق التقويـم املـدريس وتنظيـم االختبـارات‬
‫توجـب على الـدول واملنظمات أن‬ ‫وإقامـة برامـج تنشـيطية‪ .‬ومـع ذلـك كلـه؛ َّ‬
‫تسـتمر يف ضمان رفاهية الطلاب ومحايتهم وتوفير الوجبات املدرسـية‪ ،‬واحلامية‬
‫مـن سـوء املعاملـة والعنـف‪ ،‬واالسـتجابة ملخـاوف املعلمين مـن حيـث الرفاهية‬
‫وضمان الصحـة‪ ،‬واملسـاعدة عـن بعـد‪ ،‬بما يف ذلـك التدريـب الرتبـوي يف التعلـم‬
‫اإللكتروين‪.‬‬
‫كل دولــة باختــاذ‬‫ومــن أجــل التكيــف مــع وضعيــة التذبــذب هــذه‪ ،‬قامــت ُّ‬
‫إجــراءات تناســب حركــة الفــروس عــى أراضيهــا‪ .‬ومــن مجلــة التدابري جلــوء بعض‬
‫الــدول إىل إنشــاء نمــوذج «هجــن» جيمــع بــن خمتلــف أشــكال التعليــم‪ ،‬يف حــن‬
‫عملــت دول أخــرى عــى تقليــل أحجــام الفصــول الدراســية بشــكل كبــر أو تنظيــم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫فصــول دراســية يف اهلــواء الطلــق‪ .‬واملشــرك بــن خمتلــف هــذه التجــارب هــو إلــزام‬
‫الطــاب واملعلمــن بارتــداء األقنعــة واملحافظــة عــى النظــام واخلضــوع ملقاييــس‬
‫احلــرارة‪ .‬ويف مســح شــامل مشــرك أجــري بالتعــاون بــن اليونســكو واليونيســف‬
‫والبنــك الــدويل‪ ،‬أشــارت البلــدان املشــاركة يف املســح إىل نيتهــا يف اختــاذ تدابــر‬
‫أن ‪ ٪23‬منهــا ختطــط لتوظيــف املزيــد مــن‬ ‫خمتلفــة عنــد إعــادة فتــح املــدارس‪ ،‬منهــا َّ‬
‫املعلمــن؛ و‪ ٪23‬ختطــط لزيــادة وقــت الدراســة؛ و‪ ٪64‬ختطــط إلعــداد برامــج‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪139‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ترقيــة؛ و‪ ٪32‬ختطــط إلعــداد برامــج التع ُّلــم الرسيــع؛ و‪ ٪62‬خت ّطــط لتغيــر حمتــوى‬
‫الربامــج التعليميــة‪.)UNESCO-UNICEF-Banque mondiale.2020( .‬‬

‫‪ -2‬حتديات االنتقال إلى التَّعليم اإللكتروني‪:‬‬


‫كان اســتخدام املحتــوى الرقمــي يف التعليــم يف مجيــع أنحــاء العــامل غــر شــائع‬
‫نســب ًّيا قبــل بــدء األزمــة‪ .‬وكان لــدى ‪ ٪20‬فقــط مــن دول العــامل مــوارد تعليميــة‬
‫رقميــة يف التدريــس‪ ،‬ولكــن يف عــدد حمــدود مــن املــدارس‪ .‬وهنــاك ‪ %10‬مــن الــدول‬
‫كان لدهيــا قــدرات تع ُّلــم رقميــة أكــر تقــدم بعــض املــواد التعليميــة املتاحــة خــارج‬
‫املدرســة‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬ووف ًقــا للبنــك الــدويل‪ ،‬ال يوجــد بلــد لديــه منهــج رقمــي عاملي‬
‫للتعليــم والتع ُّلــم‪ .‬وترســم هــذه األرقــام صــورة للجهــود التــي كان عــى احلكومــات‬
‫واملــدارس بذهلــا لالنتقــال برسعــة إىل التعلــم عــن ُب ْعـ ٍـد لضــان اســتمرارية التعلــم‪،‬‬
‫يف ضــوء مــا يســتدعيه االنتقــال إىل التعلــم اإللكــروين مــن رشوط‪ ،‬وهــي كــا‬
‫تراهــا بعــض الدّ راســات ثالثــة‪ :‬الوصــول إىل اإلنرتنــت‪ ،‬والتكنولوجيــا املناســبة‪،‬‬
‫ومهــارات اســتخدام التكنولوجيــا (‪.)Eropeen Datas portal. 2020‬‬
‫دورا مهـ ًّـا‪،‬‬
‫أن تكنولوجيــا املعلومــات واالتصــاالت تــؤ ّدي ً‬‫وال خيتلــف اثنــان يف َّ‬
‫حيــث تتيــح نــر الفصــول الدراســية االفرتاضيــة‪ ،‬والوصــول املســتند إىل البنيــة‬
‫التحتيــة للحاســوب يف املختــرات واملناقشــات االفرتاضيــة‪ ،‬وأشــكال أخــرى مــن‬
‫التفاعــل بــن املعلــم والطالــب (‪ .)Saba. 2000‬والتســاؤل الــذي يفــرض نفســه‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫هنــا هــو‪ :‬هــل تتو َّفــر هــذه الــروط الثالثــة يف خمتلــف البلــدان؟ ومــا تأثــر الفجــوة‬
‫الرقميــة يف عمليــة التعليــم اإللكــروين؟‬
‫سـيتعي عليهم‬
‫ّ‬ ‫مل يتوقـع القائمـون على العمليـة الرتبوية يف مجيـع أنحاء العامل أنه‬
‫تبنّـي التعليـم اإللكتروين على نحو خاطف ورسيع دون اسـتعداد مسـبق‪ ،‬فكان أن‬
‫شـكل هـذا االنتقـال مفاجـأة صادمـة للطلاب واملعلمني واملربين وأوليـاء األمور‪،‬‬
‫ذلـك أنَّـه مل تكـن لدهيـم القـدرة على املواجهـة‪ ،‬إذ تنقصهـم اخلبرة واألدوات‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪140‬‬
‫واملناهـج يف جمـال التعليـم والتع ُّلـم عن ُب ْع ٍـد يف حاالت الطـوارئ‪ .‬وكان الوضع يف‬
‫ً‬
‫ومشوشـا جدًّ ا‪ ،‬لذلك شـاب هـذه املرحلة اخلـوف والقلق‬ ‫غامضـا وضباب ًّيـا‬
‫ً‬ ‫البدايـة‬
‫ثـم مـا لبـث أن بـدأ الغمـوض الح ًقا‬
‫والتوتـر والتردد وإحسـاس بانسـداد اآلفـاق‪َّ .‬‬
‫ينقشـع تدرجي ًّيـا‪ ،‬وطفـق املجتمـع التعليمـي (طلاب وتالمـذة ومعلمـون وأوليـاء‬
‫أمـور وإداريـون ومرشفـون) يألـف هـذه التجربـة‪ ،‬وينتظـم يف سـلكها ضمـن نسـق‬
‫واملؤسسـات املعنية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫مـن التفاعلات املمكنـة التـي تدخلـت فيهـا الدولـة‬
‫و ُيالحـظ يف هـذا السـياق أن تركيـز الـرأي العـام كان على التجـارب املحبطـة‬
‫والسـلب ّية للتعلـم عـن ُب ْع ٍـد يف حاالت الطـوارئ‪ .‬وكان عىل املعلمين الذين ُأجربوا‬
‫على التعليـم عـن ُب ْع ٍد يف حاالت الطـوارئ أن يبذلوا قصارى جهدهـم وبإمكانات‬
‫حمـدودة؛ ملواجهـة املوقف املسـتجدِّ إزاء ذلك التعليم الذي يمثـل جتربة نادرة خمتلفة‬
‫كل ًّيـا عـن التعليـم التقليـدي‪ ،‬وهـو مـا تطلـب درجـة عاليـة مـن الشـجاعة واملهارة‪،‬‬
‫والسـ َّيام فيما يتعلـق بتصميـم املـادة التعليميـة إلكرتون ًّيـا‪ ،‬وامتلاك املهـارة الرقميـة‬
‫للتواصـل مـع الطلاب والتفاعـل معهـم على أكمـل وجـه‪ .‬وكانـت هـذه التجربـة‬
‫اجلديـدة مع َّقـدة وحتتـاج إىل عـدد كبير مـن الشروط الصعبـة لتنفيذهـا‪ .‬ومـن هـذا‬
‫املنطلـق نـرى أن هـذه التجربـة كانـت ومـا زالـت حماطـة بعدد كبير مـن الصعوبات‬
‫‪،‬والتقصي والتحليل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والتحديـات التـي بادرهـا الباحثـون‪ ،‬والدارسـون بالبحـث‬
‫وقبـل أن نتحـدث عـن التجـارب العامليـة يف االسـتجابة ملوجبـات الوبـاء‪ ،‬جيـب‬
‫أن نحـدِّ د أهـم املشـكالت التـي واجهـت األنظمـة الرتبويـة‪ ،‬وأهم التحديـات التي‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تعرقـل املسيرة الطبيعيـة هلذا النمـط اجلديد من التعليـم‪ ،‬والتي يمكـن إجياز بعضها‬
‫فيما ييل‪:‬‬
‫نقـص الكفـاءة واخلبرات اإللكرتونيـة عنـد املعلمين‪ :‬يتمثـل هـذا النقـص يف‬
‫الفعلي لـدى املع ِّلمين هلـذه املرحلـة االنتقاليـة املفاجئـة إىل التعليم‬
‫ِّ‬ ‫عـدم االسـتعداد‬
‫أن نسـبة كبيرة مـن املع ِّلمني ليـس لدهيم الوسـائل الالزمة‬ ‫ٍ‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْعـد‪ ،‬إذ َّ‬
‫ٍ‬
‫التـي متكِّنهـم مـن دعـم التعليـم عـن ُب ْعد‪ .‬وبعـض املع ِّلمين ال يملك خبرة كافية يف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪141‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التعليمي املالئم‬
‫ِّ‬ ‫اجلانـب التقنـي الذي يسـمح بإدارة عمليـة التع ُّلم وهتيئـة املحتـوى‬
‫على أكمـل وجـه‪ .‬ويالحـظ اخلبراء أن التعليـم اإللكتروين زاد مـن أعبـاء املعلمني‬
‫ومسـؤولياهتم؛ ألنـه توجـب عليهـم التواصـل املسـتمر مـع الطلبة بصـورة فردية أو‬
‫مجاعيـة لإلجابـة عـن تسـاؤالهتم ومتابعـة استفسـاراهتم أو مناقشـاهتم إضافـ ًة إىل‬
‫متابعـة األنشـطة والتامريـن وتصحيحهـا بصـورة مبارشة‪ ،‬ومـن ثم فـإن املعلمني قد‬
‫وجـدوا أنفسـهم معنيين بإعـداد املحتـوى اإللكتروين وتأهيل أنفسـهم السـتخدام‬
‫املنصـات اإللكرتونيـة املتعـددة‪ ،‬والتعـرف على ميزاهتـا وطـرق اسـتخدامها‪ .‬ومثل‬ ‫َّ‬
‫هـذا األمـر حيتـاج إىل جهـد كبير ووقـت طويـل‪ .‬كما أهنـم قـد وجـدوا أنفسـهم‬
‫جمربيـن على متابعـة الطلبـة املشـكلني والعنايـة هبـم‪ .‬وهذا كلـه يثقل كامـل املعلمني‬
‫فعلا أن يكونـوا صادقين يف توظيـف التعليـم اإللكتروين‬ ‫واملربين الذيـن يريـدون ً‬
‫كثريا مـن املعلمني‬
‫بصـورة صحيحـة وف َّعالـة‪ .‬فلا عجـب أن جتعل هـذه التحديـات ً‬
‫يسـتصعبون هـذا النمـط مـن التعليـم‪ ،‬ويتذمـرون من اسـتخدامه‪.‬‬
‫وتأسيسـا على مـا سـبق يمكـن القول بأن هـذا النوع مـن التعليم حيتـاج إىل إعادة‬ ‫ً‬
‫إعـداد وتأهيـل املعلمين إلكرتون ًّيـا بمهـارات التواصل عبر املنصـات اإللكرتونية‪،‬‬
‫ومتكينهـم مـن إعـداد املحتـوى اإللكتروين وكيفيـة التعامـل مـع هـذا النـوع مـن‬
‫التعليـم الرقمـي عـن ُب ْع ٍـد‪ ،‬كما حيتاجـون إىل التمكـن مـن إعـداد االستراتيجيات‬
‫التعليميـة قصيرة املـدى وبعيـدة األجـل‪ ،‬وهـي االستراتيجيات التـي يمكنهـا أن‬
‫تل ّبـي االحتياجـات املتناميـة للتعليـم عـن ُب ْع ٍـد (اليونيسـكو‪.)2000 ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عـدم اسـتعداد املتع ِّلمين وأولياء األمـور ملبدأ التع ُّلـم عن ُب ْع ٍد‪ :‬يقال إن اإلنسـان‬
‫عـدو مـا جيهـل‪ .‬ونتيج ًة النعدام اخلبرة اإللكرتونية لآلباء يف جمـال التعليم عن ُب ْع ٍد‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫حيـظ هـذا التعليـم بقبوهلـم ورضاهـم‪ ،‬وذهـب كثير منهـم إىل رفضـه مـن منطلـق‬ ‫مل َ‬
‫الشـك فيـه أن أولياء األمـور يؤدون‬ ‫َّ‬ ‫عـدم قدرهتـم على التكيـف مع متطلباتـه‪ .‬وممَّا‬
‫مهما يف متابعـة أوالدهـم يف التعليـم ومسـاعدهتم يف التحصيل الـدرايس‪ ،‬لك َّن‬ ‫دورا ًّ‬ ‫ً‬
‫كثيرا منهـم مل يألفـوا هـذا النـوع مـن التعليـم‪ .‬وأدى هـذا األمـر إىل توليـد مشـاعر‬ ‫ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪142‬‬
‫القلـق والتوتـر‪ ،‬وهـو ما يسـتدعي احلاجـة إىل التأهيـل اإللكرتوين الذي يسـاعدهم‬
‫على تعليـم أبنائهـم واإلرشاف عليهم داخـل املنزل‪.‬‬
‫عـدم جاهزيـة البنـى التحتيـة الرقميـة‪ :‬تفتقـر البنـى التحتيـة يف كثير مـن الـدول‬
‫واألنظمـة التعليميـة إىل اجلاهزيـة اللوجسـتية العتماد التعليـم اإللكرتوين‪ ،‬ويشـمل‬
‫كبير جيعلهـا غير‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ضعـف‬ ‫ذلـك بنيـة شـبكات االتصـال املتاحـة التـي تعـاين مـن‬
‫قـادرة على النقـل الرسيـع والتواصـل املبـارش لعـرض الـدروس واألفلام التعليمية‬
‫وتقديمهـا إىل املتعلمين بفاعليـة‪ ،‬كما تفتقـر كثير مـن األنظمـة التعليميـة إىل وجـود‬
‫املنصـات اإللكرتونية للتعليم عن ُب ْع ٍد‪ ،‬وهي الوسـائط األساسـية للتفاعل التعليمي‬
‫بين الطلاب ومعلميهـم‪ .‬يضـاف إىل ذلـك عـدم تو ُّفـر األجهـزة اإللكرتونيـة أحيانا‬
‫كل مـن املعلمين واملتعلمين‪ ،‬ووجود نقص كبير يف خمتلف التجهيـزات الفنية‬ ‫لـدى ٍّ‬
‫واملسـاندة الرقميـة التـي حيتـاج إليهـا هـذا النـوع مـن التعليم‪ .‬ويمكن القـول بصورة‬
‫إن التحديـات التقنيـة البنيويـة التـي تواجـه التعليـم اإللكتروين تتمثـل يف‬‫موجـزة‪َّ :‬‬
‫ضعـف شـبكات االتّصـال‪ ،‬والضغـط املتزامـن على شـبكات اإلنرتنـت‪ ،‬ومشـكلة‬
‫واضحـا يف البلـدان‬
‫ً‬ ‫الوصـول إىل املنصـات اإللكرتونيـة‪ .‬ومثـل هـذا النقـص نجـده‬
‫الناميـة حيث تعاين من هشاشـة البنية الرقمية‪ ،‬وارتفـاع كلفة الوصول إىل اإلنرتنت‪.‬‬
‫اضطرابـات ناجتـة عـن الفجـوة االجتامعيـة الرقميـة‪ :‬يتضـح هـذا األمـر يف‬
‫تفـاوت اجتامعـي طبقي يف مسـتوى الدخول‬ ‫ٌ‬ ‫خمتلـف األنظمـة العامليـة حيـث يوجـد‬
‫لأرس‪ ،‬ويف درجـة قدرهتـا على متلـك األجهـزة والوسـائط املطلوبـة للتعليم‬ ‫املاديـة ل ُ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكتروين‪ ،‬والسـ َّيام فيما يتعلـق بعـدد أفـراد األُرسة‪ ،‬والفسـحة املكانيـة املمكنـة‪.‬‬
‫فالتعليـم اإللكتروين حيتـاج إىل األجهـزة اإللكرتونيـة‪ ،‬وأمههـا وجـود حاسـوب أو‬
‫جمهـزا بالربامج واملواصفـات املطلوبة‪ .‬يضـاف إىل ذلك تأهيل‬ ‫هاتـف لوحـي يكون ً‬
‫الطلبـة السـتخدام هـذا النـوع مـن التعلـم‪ .‬وهـذا األمـر يشـكل حتد ًيـا لـدى بعـض‬
‫العائلات مـن ذوي الدَّ خـل املحـدود‪ ،‬والسـ َّيام العائلات التـي تعـاين مـن أوضـاع‬
‫ً‬
‫اسـتفحال يف ظـل انتشـار جائحـة كورونـا‪.‬‬ ‫ماد َّيـة صعبـة‪ ،‬وازدادت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪143‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ـي عــى التع ُّلم االفــرايض‪ :‬يواجه‬ ‫عــدم قــدرة املتع ِّلمــن يف التعليــم املهنـ ّ‬
‫ـي والتقنـ ّ‬
‫واملقــررات‬
‫َّ‬ ‫األكاديميــون واملعلمــون مشــكلة تنــوع التخصصــات األكاديميــة‬
‫املدرســية التــي ال تنســجم مــع طبيعــة التعليــم اإللكــروين‪ ،‬مثــل املقـ َّـررات العلميــة‬
‫والفنيــة‪ :‬كاملوســيقى واملــرح واملختــرات العلميــة والرســم والتصويــر وغــر‬
‫خاصــة بعــض‬
‫ذلــك مــن االختصاصــات التــي ال تقبــل وضع َّيــة الصفــوف‪ ،‬ومنهــا َّ‬
‫ـال تطبيقيــة وتدريبــات وتقييــات مبــارشة يف ورش‬ ‫التخصصــات التــي تتط َّلــب أعـ ً‬
‫ّ‬
‫العمــل (‪.)OECD. 2020‬‬
‫املنصـات التعليميـة املع َّقـدة يف بنيتهـا ووظائفها إىل‬
‫ضعـف الدعـم الفنـي‪ :‬حتتـاج َّ‬
‫كثير مـن املهارات ودرجـة عالية من اإلتقان والفاعلية‪ .‬وتظهر املامرسـة احليوية هلذه‬ ‫ٍ‬
‫املنصـات وجـود عـدد مـن الثغـرات والصعوبـات التـي ال يمكـن للمعلـم أو املتعلم‬ ‫َّ‬
‫أن جيـد احللـول املناسـبة هلا يف الوقت املناسـب‪ ،‬وغال ًبـا ما حيتاج املعلمـون إىل الدَّ عم‬
‫الفنـي مـن أجـل االسـتخدام األمثـل هلـا‪ .‬ويبـن واقـع احلـال غيـاب مثل هـذا الدعم‬
‫واملؤسسـات التعليميـة‪ .‬وقـد أعـرب كثير مـن املعلمين‬ ‫َّ‬ ‫حتـى يف أفضـل اجلامعـات‬
‫كل‬ ‫حلـل املشـكالت‪ ،‬ودعـم ٍّ‬‫واملسـتمر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫املاسـة إىل الدعـم الفنـي املبـارش‬
‫عـن احلاجـة َّ‬
‫مـن‪ :‬املعلـم والطالـب وأولياء األمور أثناء اسـتخدام هـذا النوع من التعليـم‪ .‬وغال ًبا‬
‫مـا يطالـب املعلمـون بوجـود مكتب للمسـاعدة الفنيـة الفوريـة أثناء الدراسـة يكون‬
‫بإمكانـه أن «جييـب عـن مجيع التسـاؤالت ويسـاعد عىل حـل كل املشـكالت التي قد‬
‫تعترض كل مـن يسـتخدم هـذا النوع مـن التعليـم» (بو قحـوص‪.)2020 ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ضعـف البيئـة الترشيعيـة للتعليـم االفترايض‪ :‬ب َّينـت التجربـة وجـود نقص كبري‬
‫يف القوانين والترشيعـات والسياسـات الناظمـة لعمليـة التعليـم اإللكتروين‪ .‬وقـد‬
‫كثيرا مـن املؤسسـات العلميـة والسـ َّيام اجلامعـات‪ ،‬مل تسـتطع ّاتـاذ‬
‫ً‬ ‫الحظنـا أن‬
‫نظـرا لغيـاب القوانين‬
‫القـرارات املناسـبة العتماد التعليـم اإللكتروين؛ وذلـك ً‬
‫والترشيعـات التـي تسـمح بذلـك‪ .‬وكان على جامعـة الكويـت على سـبيل املثـال‪،‬‬
‫ً‬
‫طويلا القـرارات السياسـية والترشيعـات اجلديـدة لكـي تتَّخـذ قـرارات‬ ‫أن تنتظـر‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪144‬‬
‫يتـم يف ضـوء‬ ‫االنتقـال إىل التعليـم اإللكتروين؛ ألن ّاتـاذ أي قـرار جيـب أن َّ‬
‫الترشيعـات القانونيـة الناظمـة للتعليـم يف الدولـة على أعلى املسـتويات‪ .‬والحظنـا‬
‫أيضـا‪ ،‬أن املؤسسـات اخلاصة مـن جامعات ومدارس كانت سـ َّباقة‬ ‫السـياق ً‬
‫يف هـذا ّ‬
‫نظـرا للحريـة التـي تتمتَّـع هبـا يف وضـع الترشيعـات‬
‫يف اعتماد التعليـم اإللكتروين ً‬
‫أن أغلـب الـدول مل تعـرف مثل هذه‬ ‫وغنـي عـن التَّذكير َّ‬
‫ٌّ‬ ‫القانون َّيـة ألنظمـة عملهـا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫الترشيعـات مـن قبـل لضبـط التعليـم اإللكتروين أو حتـى التعليـم عـن ُب ْعـد‪« ،‬فلا‬
‫توجـد سياسـات أو قوانين تنظـم اسـتخدام هـذا النـوع مـن التعليم‪ ،‬مثـل‪ :‬ضوابط‬
‫احلضـور وااللتـزام هبـذا النـوع مـن التعليـم‪ ،‬وحـل األنشـطة والتامريـن التعليميـة‪،‬‬
‫وإدارة االمتحانـات‪ ،‬ودرجـة التـزام املعلمين بالتفاعـل املبارش مع الطلبـة‪ ،‬وتوزيع‬
‫الدرجـات»( بـو قحـوص‪.)2020 ،‬‬
‫إشـكالية التقويم وأسـاليبه‪ :‬برزت إشـكالية التقويم بوصفها إحدى الصعوبات‬
‫املنصـات‬
‫التـي واجهـت هـذا النـوع مـن التعليـم منـذ البدايـة‪ ،‬لكننـا الحظنـا أن َّ‬
‫كثريا يف ضبط االختبارات‪ .‬ويمكن القول ‪-‬من وجهة نظرنا‪َّ -‬‬
‫أن‬ ‫التعليمية تسـاعد ً‬
‫االختبـارات اإللكرتونيـة قد تكـون أفضل بكثري مـن االختبـارات التقليدية املعتادة‬
‫عندمـا يمتلـك املعلمـون اخلبرات اإللكرتونيـة للتعامـل معهـا‪ .‬ومـع ذلـك ُّ‬
‫يظـل‬
‫قائما‪ :‬هـل يمكـن اعتماد االختبـارات التقليديـة التـي اعتـاد عليهـا الطالب‬ ‫السـؤال ً‬
‫واملعلـم‪ ،‬والسـ َّيام تلـك التي يتم فيها التقويـم النقدي البنائـي أو التكويني؟ وجوا ًبا‬
‫عـن هـذا السـؤال‪ ،‬نعتقـد أن مـا هـو متـاح مـن منصـات ومهـارات تقنيـة ومضامني‬
‫ِ‬
‫لتحقيق أفضل‬ ‫إلكرتونيـة تسـمح لنـا يف املسـتقبل بتطويـر آليات التقويـم ومهاراتـه؛‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املسـتويات يف تقييـم الطالـب علم ًّيـا ومعرف ًّيـا» (بو قحـوص‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -3‬التجربة الصين َّية يف االنتقال إلى التعليم اإللكتروني‪:‬‬


‫حافـزا على اإلبداع واالبتـكار يف قطـاع التعليـم والتعليم‬
‫ً‬ ‫شـكلت أزمـة كورونـا‬
‫خلقـة على مسـتوى الـدول‬ ‫وجتلى ذلـك يف ظهـور مبـادرات إبداعيـة َّ‬
‫َّ‬ ‫اإللكتروين‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪145‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تم تطوير أشـكال التعليم عن‬ ‫واملؤسسـات العلميـة‪ .‬مـن ذلك ً‬
‫مثل نشير إىل أنَّه قـد َّ‬ ‫َّ‬
‫التدخـل الرسيـع للـدول واملؤسسـات التعليميـة يف مجيـع أنحـاء العـامل‬ ‫ُّ‬ ‫ُب ْع ٍـد بفضـل‬
‫لضمان اسـتمرارية التعليـم واملحافظـة على جودتـه‪ .‬وقـد أبدعـت بعـض الـدول‬
‫اخللقـة للتعليـم اإللكتروين‪ ،‬واسـتطاعت أن تقـدّ م‬ ‫واحلكومـات يف االسـتجابة َّ‬
‫لإلنسـانية جتار ًبـا مميـزة يف هـذا املجـال يمكـن االسـتفادة منهـا يف مراحـل تارخييـة‬
‫مسـتقبل َّية‪ .‬ويمكـن اإلشـارة يف هـذا السـياق‪ ،‬على وجـه اخلصـوص‪ ،‬إىل التجربـة‬
‫التحـول إىل التعليـم اإللكتروين‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الصينيـة املتميـزة يف ميـدان‬
‫احلجـر‬
‫املتضررة مـن الفيروس‪ ،‬فقـد جلـأت إىل ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّملـا كانـت ّ‬
‫الصين أوىل الـدول‬
‫منصات‬‫ثـم جلـأت إىل َّ‬
‫وتـم إغلاق مجيـع املؤسسـات التعليميـة‪َّ ،‬‬‫الصحـي الشـامل‪َّ ،‬‬
‫التعليـم اإللكتروين لضمان اسـتمرارية التعليم‪ .‬وبـدأ مـا يقـرب من ‪ 200‬مليـون‬
‫طالـب يف املرحلتين‪ :‬االبتدائيـة والثانويـة يف الصين فصوهلـم الدراسـية اجلديد عن‬
‫املنصـات اإللكرتونيـة يف التاسـع مـن شـهر فربايـر ‪ ،2020‬وجلـأت الصين‬ ‫طريـق َّ‬
‫إىل التع ّلـم املتزامـن لتكـون جتربتهـا أهـم جتربـة تربويـة يف تاريـخ البرشيـة يف هـذا‬
‫املجـال‪ .‬وطلبـت وزارة التعليـم الصينيـة مـن مجيـع الطلاب يف مجيع املراحـل البقاء‬
‫يف منازهلـم ومواصلـة تعليمهـم عبر اإلنرتنـت‪ ،‬وشـمل ذلـك يف املسـتوى اجلامعي‬
‫طالـب يف ‪ 3.000‬مؤسسـة علميـة (ربـداوي‪.)2020 ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نحـو ‪ 30‬مليـون‬
‫خضـم هـذه التجربـة أطلقـت وزارة الرتبيـة يف الصين مبـادر ًة بعنـوان‬ ‫ّ‬ ‫ويف‬
‫«ضمان انتظـام التع ُّلـم رغم تع ُّطـل العملية الدراسـية»‪ ،‬ومتكَّنت الـوزارة يف غضون‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫شـخيص‪ ،‬من تنظيم سلسـلة مـن املؤمترات‬ ‫ّ‬ ‫أسـبوعني‪ ،‬ورغـم حظـر عقد أي اجتامع‬
‫عبر اإلنرتنـت مـع عـدد مـن الـوكاالت املعنية بـاإلدارة املدرسـية واجلهـات املن ِّظمة‬
‫للمنصـات اإللكرتونيـة وخدمـات االتصـاالت وغريهـا مـن‬ ‫َّ‬ ‫واملـزودة‬
‫ِّ‬ ‫للـدورات‬
‫اجلهـات املعنيـة‪ ،‬مـن أجـل التخطيـط لإلقلاع هبـذه املبـادرة وتنفيذهـا‪.‬‬
‫وتعتمــد هــذه املبــادرة عــى فكــرة االســتفادة مــن التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد لتحقيــق‬
‫تعليــم يقــوم عــى‬
‫ٌ‬ ‫ســمى «التعليــم املــرن» ‪Flexible education‬؛ وهــو‬ ‫مــا ُي َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪146‬‬
‫اســراتيجية تربويــة حمورهــا املتع ِّلــم‪ ،‬وعــى توفــر خيــارات متعــدِّ دة تتيــح للمتع ِّلــم‬
‫املرونــة يف التع ُّلــم مــن جهــة الزمــان واملــكان‪ ،‬واملــوارد املتاحــة للمع ِّلــم واملتع ِّلــم‪،‬‬
‫واملقاربــات التعليميــة‪ ،‬وأنشــطة التع ُّلــم‪ ،‬والدَّ عــم املتــاح للمع ِّلــم واملتع ِّلــم‪،‬‬
‫للوصــول إىل تع ُّلــم ســهل وف َّعــال وملتــزم‪ .‬وقــد مت َّثــل التحــدي األكــر الــذي واجــه‬
‫املعنيــن هبــذه املبــادرة يف ضــان انتفــاع مجيــع الطلبــة بفــرص التع ُّلــم الرقمــي‪ ،‬ويف‬
‫حــث وزارة‬ ‫َّ‬ ‫اســتعداد املع ِّلمــن إلعــداد الــدروس ووضعهــا يف اإلنرتنــت‪ ،‬ممــا‬
‫الرتبيــة عــى التكاتــف مــع وزارة الصناعــة وتكنولوجيــا املعلومــات لتحقيــق‬
‫األهــداف التَّالية‪(:‬ربــداوي‪:)2020 ،‬‬
‫مزودي خدمات االتصال هبدف تعزيـز رسعة االتصال باإلنرتنت‬ ‫‪ -‬حشـد إمكانـات أبـرز ِّ‬
‫لتيسير التعليـم عن ُب ْع ٍد‪ ،‬السـ َّيام يف املناطق التي تفتقـر إىل اخلدمات الكافية‪.‬‬
‫‪ -‬رفـع رسعـة منصـات خدمـة التعليـم اإللكتروين الرئيسـة‪ ،‬واالرتقـاء بإمكانـات‬
‫«املنصـة السـحابية الوطنيـة للمـوارد التعليميـة واخلدمـات العامـة» لتتمكـن من‬
‫سـدِّ احتياجـات ماليين املتص ّفحين الذيـن يزوروهنـا يف مواعيـد متزامنـة‪.‬‬
‫املقـررات واملـوارد التعليميـة يف اإلنرتنـت‪ .‬وقـد‬
‫‪ -‬حشـد املـوارد املجتمعيـة لتوفير َّ‬
‫أ َّدى هـذا احلشـد إىل توفير مـا يزيـد على ‪ 24‬ألـف مقـرر يف اإلنرتنـت لطلبـة‬
‫معتمـدة يف اإلنرتنـت‪ُ ،‬يـدار معظمهـا‬
‫منصـة تعليميـة َ‬ ‫اجلامعـات‪ ،‬وإطلاق ‪َّ 22‬‬
‫االصطناعـي‪ ،‬هبـدف توفري الـدروس املجانية لطلبـة املرحلتني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫بتقنيـات الـذكاء‬
‫االبتدائيـة والثانو َّيـة‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬توجيـه املدرسين نحـو منهجيـات التعليـم اإللكتروين‪ ،‬إضافـ ًة إىل اعتماد‬


‫منهجيات مالئمـة تتناسـب مـع الظـروف واجلاهزيـة اإللكرتونيـة عىل املسـتوى‬
‫املحلي لتيسير عمليـة التع ُّلـم‪ ،‬سـواء باسـتعامل املنصـات اإللكرتونيـة أو البـث‬
‫التلفزيـوين الرقمـي أو تطبيقـات اهلواتـف املحمولـة‪.‬‬
‫والسلامة يف اإلنرتنـت (أمـن املعلومـات) بالتَّعـاون مـع قطـاع‬
‫‪ -‬تعزيـز األمـن َّ‬
‫ومـزودي اإلنرتنـت‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫االتصـاالت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪147‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬تقديـم الدعـم النَّفسي واالجتامعـي والـدُّ روس الالزمـة يف هـذا الصـدد من أجل‬
‫رفـع مسـتوى الوعي هبـذا الفيروس وكيفيـة الوقايـة منه‪.‬‬
‫الضـوء على أمهيـة إقامـة رشاكات جتمع بين اهليئات‬ ‫سـ َّلط نجـاح هـذه التَّجربـة َّ‬
‫احلكوميـة على الصعيديـن‪ :‬الوطنـي واملحلي والقطـاع اخلـاص واملجتمـع املـدين‪،‬‬
‫لتوفير تسـهيالت للتع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد‪« .‬وقـد تع َّلمنـا مـن التجربـة الصينيـة أن نجـاح‬
‫ٌ‬
‫منوط‬ ‫جتربـة التع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد يف املجتمعـات الراغبـة باعتامد هـذا النوع مـن التعليم‬
‫بتوفير‪ :‬بنيـة حتتيـة موثوقـة لالتصـاالت‪ ،‬ومـوارد تعليمية رقميـة مناسـبة‪ ،‬وأدوات‬
‫تعليميـة مرحيـة وسـهلة‪ ،‬ومنهجيـات تعليم ف َّعالة‪ ،‬ومؤسسـات تعليميـة‪ ،‬وخدمات‬
‫ف َّعالـة لدعـم املدرسين واملتع ِّلمين‪ ،‬وتعـاون وثيـق بين احلكومـات والشركات‬
‫واملـدارس» (ربـداوي‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -4‬جتارب عاملية ناجحة‪:‬‬


‫مـع انتشـار فيروس كورونا يف خمتلف دول العامل‪ ،‬وانتشـار األخبـار عن التجربة‬
‫الصينيـة يف التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‪ ،‬أخـذ العديـد مـن اجلامعـات واملـدارس يف معظـم‬
‫الـدول بدراسـة إمـكان حتويـل طالهبـا خالل هـذه املرحلـة إىل التعليـم اإللكرتوين‪.‬‬
‫ً‬
‫حلـول تقنيـة مفيدة هلـذا النوع‬ ‫وقامـت معظـم املؤسسـات والشركات التـي متتلـك‬
‫تصرف األهل‬ ‫مـن التعليـم بوضـع هـذه احللـول ‪ -‬جمانًـا يف غالب األحـوال‪ -‬حتت ُّ‬
‫واملعلمين واملـدارس ملسـاعدهتم عىل تيسير عمليـة تع ُّلم الطلاب وتقديـم الرعاية‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫االجتامعيـة والتفاعـل االجتامعـي هلـم أثنـاء فترة إغلاق املـدارس‪ .‬وثمـة جتـارب‬
‫دوليـة عديـدة نجحـت يف هـذا املجـال‪ ،‬نذكـر منها‪:‬‬
‫يف تشــييل‪ ،‬تشــكلت هيئــة تعليميــة جديــدة لتطويــر سلســلة مــن الــدروس‬
‫اإلذاعيــة ملــدة ‪ 30‬دقيقــة لطــاب املرحلــة الثانويــة الذيــن ليــس لدهيــم إمكانيــة‬
‫الوصــول إىل التعلــم عــر اإلنرتنــت‪ .‬وتلــك املبــادرة‪ ،‬التــي أطلــق عليهــا املعلمــون‬
‫اســم ‪ ،La Radio Enseña‬تدعمهــا منظمــة املجتمــع املــدين ‪.Enseña Chile‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪148‬‬
‫ـل عــدد قليـ ٍ‬
‫ـل مــن‬ ‫حتولــت الــدروس اإلذاعيــة مــن توزيعهــا مــن ِق َبـ ِ‬ ‫ورسعــان مــا َّ‬
‫ـهر واحـ ٍـد فقــط مــن‬
‫املحطــات اإلذاعيــة إىل ب ّثهــا عــر أكثــر مــن ‪ 240‬حم َّطــة بعــد شـ ٍ‬
‫إغــاق املــدارس‪.‬‬
‫وعــى املنــوال نفســه تشــكَّل يف بريطانيــا ّاتــاد مــن املعلمــن القلقــن بشــأن‬
‫اســتمرارية التعلــم لطالهبــم عندمــا كانــت املــدارس عــى وشــك اإلغالق‪ ،‬وطـ ُّـوروا يف‬
‫وأسســوا مركـ ًـزا للدعــم اللوجســتي‬ ‫غضــون أســبوعني فصــا دراســيا عــر اإلنرتنــت‪َّ ،‬‬
‫ملســاعدة املعلمــن وأوليــاء األمــور عــى مســاندة أطفاهلــم يف عمليــة التع ُّلــم‪ .‬وكانــت‬
‫هــذه املبــادرة املســاَّ ة «أكاديميــة أوك الوطنيــة»‪ ،‬خطــوة مهمــة يف رســم مالمــح‬
‫اســراتيجية احلكومــة الربيطانيــة للتَّعليــم اإللكــروين (‪.)Vegas. et all. 2020‬‬
‫ورشعــت وزارة التعليــم يف البــرو اســتجاب ًة إلغــاق املــدارس‪ ،‬يف العمــل‬
‫عــى بنــاء اســراتيجية طموحــة للتع ُّلــم عــن ُب ْعـ ٍـد عــى املســتوى الوطنــي تُسـ َّـمى‬
‫‪ Aprendo en Casa‬باســتخدام قنــوات متعــددة (التلفزيــون والراديــو واملــوارد‬
‫ـم تســجيل الــدروس املتوافقــة مــع املناهــج الدراســية‪ ،‬جلعــل‬ ‫عــر اإلنرتنــت)‪ .‬وتـ َّ‬
‫املحتــوى التعليمــي اإللكــروين للربنامــج ممت ًعــا‪ .‬واســتعانت الــوزارة بجهــات‬
‫املنصــات وبنــاء املحتــوى‬ ‫فاعلــة مــن اخلــراء والفنيــن واملبدعــن يف جمــال َّ‬
‫اإللكــروين‪ .‬وبعــد بدايــة التنفيــذ األول للخ ّطــة‪ ،‬طلبــت احلكومــة مــن قــادة‬
‫املــدارس واملعلمــن وأوليــاء األمــور تقديــم رأهيــم وتعليقاهتــم ونصائحهــم يف‬
‫مــدى تلبيــة اخلطــة لألهــداف التعليميــة مــن أجــل تطويرهــا وصقلهــا يف ضــوء‬
‫التَّجربــة احل َّيــة‪ .‬وبعــد فــرة قصــرة ارتفعــت نســبة املســتخدمني للخطــة إىل ‪%74‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بــن الطـ َّـاب‪ .‬وقــد عـ ّـر ‪ %59‬مــن أوليــاء األمــور عــن رضاهــم عــن الربنامــج‪،‬‬
‫وأعلــن أكثــر مــن ‪ % 90‬مــن املعلمــن أنَّ ــم كانــوا عــى اتّصــال منتظــم مــع مديــري‬
‫أن إحســاس املعلمــن بالنجــاح كان‬ ‫املــدارس والطــاب‪ .‬وأظهــرت دراســة حديثــة َّ‬
‫ٍ‬
‫أعــى يف أنظمــة املــدارس التــي كانــت تتم َّتــع بظــروف عمــل عــن ُب ْعــد قو َّيــة‪ ،‬بــا يف‬
‫ذلــك التواصــل‪ ،‬والتدريــب والتعــاون والتوقعــات العادلــة واالعــراف بجهودهــم‬
‫(‪.)Vegas. et all. 2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪149‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ومـن التجـارب اجلديـرة بالتأ ُّمـل يف إعـادة فتـح مـدارس التعليـم األسـايس‪،‬‬
‫فمنذ شـهر مايـو ‪َّ ،2020‬قررت‬ ‫بعـد انحسـار اجلائحـة‪ ،‬نذكـر التجربـة الدنامركيـة‪ُ .‬‬
‫احلكومـة فتـح املـدارس االبتدائيـة أمـام التالميـذ‪ ،‬ووضعـت نظا ًمـا جديـدً ا للـدَّ وام‬
‫الـدرايس‪ ،‬يقـوم على قواعـد رئيسـة‪ ،‬أبرزهـا‪:‬‬
‫‪ -‬تقسيم التالميذ إىل جمموعات صغرية‪ ،‬عىل َّأل حيتكُّوا بغريهم قدر ا ُملستطاع‪.‬‬
‫‪ -‬قضـاء التالميـذ وقتهم يف املدرسـة‪ ،‬فيام ُيشـبه الرشانق االفرتاضيـة أو ال ُّطوق‪ ،‬من‬
‫دون أن يكونـوا عرضة لآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬وصـول التالميـذ يف شـكل جمموعـات صغيرة إىل مدارسـهم يف أوقـات ُمتلفـة‬
‫مـن الصبـاح‪ .‬ويتناول التالميـذ الغداء ُمنفصلين‪ ،‬وال ُيفارقون املناطـق ا ُملحدَّ دة‬
‫كل جمموعـة دروسـها على يـد ُمعلـم واحد‪.‬‬ ‫ملجموعتهـم‪ .‬وتتل َّقـى ُّ‬
‫ً‬
‫تلميـذا‪ ،‬وهـو العـدد‬ ‫‪-‬االلتـزام َّ‬
‫بـأل يزيـد عـدد التالميـذ يف ك ُِّل جمموعـة عـن ‪12‬‬
‫ا ُملناسـب ملسـاحة ُحجـرة الدراسـة‪ ،‬يف إطـار اشتراطات وقواعـد التباعـد‬
‫االجتامعـي‪.‬‬
‫‪ّ -‬اتـاه بعـض املـدارس‪ ،‬التـي ليـس لدهيـا فصـول كافيـة‪ ،‬إىل تنفيـذ نظـام الفرتتني‪:‬‬
‫صباحيـة‪ ،‬وبعـد الظهر‪.‬‬
‫‪ -‬ختصيص ُفسحة من الوقت‪ ،‬ك ُِّل فرتة من أجل غسل األيدي‪.‬‬
‫ويالحـظ أنـه‪ ،‬باإلضافـة إىل ذلـك ك ِّلـه‪ ،‬قـد تـم متكين ا ُملع ِّلم الـذي لديه ُمشـكلة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫صح َّيـة‪ ،‬أو لـدى أحـد مـن أفـراد أرستـه‪ ،‬مواصلـة التدريـس باسـتخدام اإلنرتنـت‬
‫مـن البيـت (البغـدادي‪ .)2020 ،‬وتقـول دويت النـغ‪ ،‬نائبـة رئيـس نقابـة املعلمين‬
‫يف الدنمارك‪ « :‬إن املشـورة الطب َّيـة‪ ،‬تُركِّـز على استراتيجية ِحفـظ املسـافات بين‬
‫نعزلـة‪ ،‬مع االهتامم الشـديد بالنظافة‪ ،‬ونحن ُسـعداء‪ ،‬ألن‬ ‫التالميـذ‪ ،‬يف جمموعـات ُم ِ‬
‫إعـادة فتـح املـدارس حتـى اآلن كانـت جتربـة ناجحـة» (البغـدادي‪.)2020 ،‬‬
‫ويف التجربـة األملانيـة‪ُ ،‬فتِ َحـت يف بـادئ األمـر قاعـات االمتحانـات‪ ،‬لتكـون‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪150‬‬
‫أماكـن لتطبيـق التباعـد االجتامعـي‪ ،‬ثم ُفتحـت الفصول‪ ،‬مـع األخـذ باالحتياطات‬
‫املمـرات يف املـدارس بنظـام االجتـاه الواحـد‪ ،‬للحـدِّ مـن‬
‫َّ‬ ‫الالزمـة‪ .‬وقـد ُج ِعلـت‬
‫ويتوزع وقت الراحـة‪ ،‬بطريقة التنـاوب‪ ،‬بني املجموعات‬ ‫َّ‬ ‫االحتـكاك بين الطلاب‪.‬‬
‫أن الـدروس خليـط مـن احلصـص‬ ‫صر‪ .‬كما َّ‬ ‫ِ‬
‫الطلبيـة‪ .‬ويتَّسـم اليـوم الـدرايس بالق َ ِ‬
‫َّ‬
‫تتـم يف الفصـول التقليديـة‪ ،‬وعبر اإلنرتنـت‪ ،‬وك ُِّل جمموعة دراسـية تتألف من‬ ‫التـي ُّ‬
‫سـمح بأكثـر مـن ذلـك (البغـدادي‪.)2020 ،‬‬ ‫‪ 10‬طلاب‪ ،‬وال ُي َ‬
‫يف مقاطعـة أونتاريـو بكنـدا‪ -‬على سـبيل املثال‪ -‬يتوقـع أن تفتح املـدارس أبواهبا‬
‫وأن تعتمـد الدمـج بين نظـام احلضـور الفعلي إىل املدرسـة‪ ،‬وبين التعليم عـن ُب ْعد‪،‬‬
‫بعدمـا حـددت احلكومـة الكنديـة حـدًّ ا أقصى لعـدد الطلاب بالصـف الواحـد‪،‬‬
‫وهـو ‪ 15‬طال ًبـا‪ ،‬وأتاحـت إلدارات املـدارس املختلفـة انتهـاج واحـد مـن ثالثـة‬
‫مسـارات‪ :‬الفتـح التـام للحضـور الفعلي داخـل مؤسسـات التعليـم مـع االلتـزام‬
‫بكافـة توصيـات الصحـة العامة؛ أو االسـتمرار يف توفري التعليم عن ُب ْع ٍـد والتوجيه‬
‫الشـخيص للطلاب؛ أو اخللـط بين املسـارين باحلضـور الفعلي يف سـاعات‪/‬أو أيام‬
‫حمـدَّ دة واسـتكامل التعليـم عـن ُب ْع ٍـد (حسـن‪.)2020،‬‬
‫أمـا يف الواليـات املتحـدة األمريكيـة‪ ،‬حيث يرتك القـرار للواليات‪ ،‬فـإن املتوقع‬
‫أن يتخـذ معظـم أوليـاء األمـور قـرار إدراج األبنـاء يف التعليـم النظامـي احلكومـي‬
‫أو اخلـاص بحسـب خطـط «إعـادة الفتـح» التـي يف حالـة مـا إذا مل تكـن موافقـة‬
‫للمخرجـات التعليميـة التي يسـتهدفوهنا من إرسـال أبنائهم إىل املـدارس أو مل تكن‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بالكثافـة مـن حيـث عـدد السـاعات املطلوبـة إلتاحـة أوقـات عمـل الفئـات الدُّ نيا‪،‬‬
‫فسـتكون بدائلهـا هـي التعليـم املنـزيل أو األهلي (اجلامعـي) املعتمـد على األنشـطة‬
‫واجلمعيـات اخلرييـة‪( .‬حسـن‪.)2020 ،‬‬
‫ويف األشـهر املاضيـة‪ ،‬وبينما بلـغ عـدد املتعلمين منزل ًّيـا يف الواليـات املتحـدة‬
‫‪ 1.7‬مليـون طالـب (نحـو ‪ %3‬مـن إمجـايل الطالب املدرجين يف التعليم)‪ .‬بحسـب‬
‫إحصـاء عـام ‪ ،2012-2011‬أبـرزت نتائـج اسـتطالع للـرأي يف مايـو لنحـو‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪151‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ 2100‬مـن أوليـاء األمـور أن نسـبة ‪ %40‬منهـم على اسـتعداد لتحويـل أبنائهـم‬
‫للتعليـم املنـزيل أو التعليـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬يف حين ازداد عـدد األوليـاء الذيـن يرغبون يف‬
‫تسـجيل أبنائهـم ضمـن التعليـم املنـزيل يف إحـدى الواليـات بفـارق ‪ %21‬مـن العام‬
‫املـايض‪ ،‬وهـو الضغط الـذي أ َّدى الهنيار املوقع احلكومي لتسـجيل الطلاب منزل ًّيا‬
‫(حسـن‪.)2020،‬‬
‫ويف اهلنــد‪ ،‬ســاعدت اهلواتــف املحمولــة اآلبــاء عــى تســهيل تعلــم أطفاهلــم‪.‬‬
‫وعــى ســبيل املثــال‪ ،‬ففــي واليــة هيامشــال راديــش‪ ،‬التــي يبلــغ عــدد ســكاهنا نحــو‬
‫هنجــا متعــدد املســتويات للتعليــم اإللكــروين‬
‫‪ 7‬ماليــن نســمة‪ ،‬تســتخدم احلكومــة ً‬
‫يــرك اآلبــاء بطريقــة جديــدة‪ .‬واســتجابة إلغــاق املــدارس بســبب الوبــاء‪ ،‬أطلقت‬
‫احلكومــة يف أبريــل مبــادرة «هــار غــار باتشــاال» التــي طـ َّـورت اآلالف مــن مقاطــع‬
‫الفيديــو والــدروس الرقميــة‪ ،‬ثــم نــرت ‪ 48‬ألــف معلــم للتواصــل مــع مجيــع‬
‫أوليــاء األمــور يف الواليــة مــن خــال تطبيــق الواتســاب‪ .‬كان اهلــدف هــو تطويــر‬
‫فهــم واضــح بــن أوليــاء األمــور للمــواد التــي جيــب أن يصــل إليهــا األطفــال‪ ،‬بــا‬
‫يف ذلــك إجــراء تقييــم أســبوعي‪ .‬وشــارك أكثــر مــن ‪ % 92‬مــن أوليــاء األمــور مــع‬
‫املعلمــن مــن خــال برنامــج «‪ ،»ePTMs‬الــذي يتم َّثــل يف اجتامعــات إلكرتونيــة‬
‫ألوليــاء األمــور‪ ،‬ويف النهايــة شــارك مــا بــن ‪ % 80-70‬مــن الطــاب يف الواليــة‬
‫يف املــواد الرقميــة‪ ،‬ونــال ‪ % 50‬مــن الطــاب تقييــات (‪.)Vegas. Et. All. 2020‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -5‬التَّجارب العربية يف مجال االنتقال إلى التعليم اإللكتروني‪:‬‬


‫تتفـاوت البلـدان العربيـة اليـوم يف مسـتويات تطورهـا الرتبـوي والتعليمـي‪ ،‬كام‬
‫كثيرا فيما يتعلـق باإلمكانـات اللوجسـتية والرقميـة التـي يتطلبهـا التعليم‬
‫تتفـاوت ً‬
‫اإللكتروين‪ .‬وقـد فقـد عـدد كبري منهـا‪ ،‬أي من الـدول العربية‪ ،‬إمكانيـة حضوره يف‬
‫هـذا املجـال كنتيجـة طبيعـة لألحـداث الدامية التي تشـهدها من حـروب وتوترات‬
‫وكـوارث مثـل‪ :‬سـوريا واليمـن وليبيـا‪ .‬وقـد أصبحـت نتيجـة لذلـك دوال تفتقـر‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪152‬‬
‫إىل أبسـط رشوط احليـاة والوجـود‪ ،‬حيـث تع َّطلـت املرافـق العامـة والبنـى التحتيـة‬
‫مـن مـاء وكهربـاء وشـبكات وإنرتنـت‪ ،‬وارتفعـت مسـتويات الفقـر إىل حدودهـا‬
‫القصـوى‪ .‬وهنـاك بلـدان عربيـة تعـاين مـن صعوبـات كبرية يف هـذا امليدان والسـ َّيام‬
‫يف لبنـان والعـراق والسـودان‪ .‬والفجـوة الرقميـة كبيرة جـدًّ ا بين الـدول املذكورة‪،‬‬
‫ودول اخلليـج العـريب التـي تتوفـر فيهـا خمتلـف اخلدمـات وتقـوم على أسـاس بنيـة‬
‫لوجسـتية وخدميـة عاليـة املسـتوى وباقـي الـدول العربيـة‪.‬‬
‫فـإن احلديـث عـن التعليـم اإللكتروين العـريب يف ظل‬ ‫وبالنّظـر إىل هـذه الفجـوة َّ‬
‫كبيرا فيما بين الـدُّ ول العرب َّيـة التي يمكـن تصنيفهـا اليوم‬
‫اجلائحـة خيتلـف اختالفـا ً‬
‫وفـق ثالثـة مسـتويات لوجسـتية وحياتية‪ .‬تتمثـل الفئة األوىل يف الـدول التي دمرهتا‬
‫احلـروب واألزمـات مثـل‪ :‬سـوريا واليمـن وليبيـا ولبنـان والعـراق والسـودان‪،‬‬
‫وهـي فئـة تتم َّيـز بأوضاعهـا اللوجسـتية املتدنية جدًّ ا‪ ،‬وبمسـتويات عيش مأسـاوية‪.‬‬
‫وتتمثـل الفئـة الثانيـة يف الـدول العربيـة األفريقيـة وهـي اجلزائـر ومصر واملغـرب‬
‫وتونـس‪ ،‬وهـي بلـدان تعـاين ‪ -‬شـأهنا شـأن دول العـامل الثالـث‪ -‬فيما يتعلـق ببنيتهـا‬
‫التحتيـة ومسـتويات وتطورهـا‪ .‬أمـا الفئـة الثالثة فهي الـدول العربيـة اخلليجية التي‬
‫تتمتـع بمزايـا لوجسـتية‪ ،‬وبنيـة حتتيـة متميـزة ومسـتوى معيشـة ودخـول مرتفعة‪.‬‬
‫وختتلـف‪ ،‬مـن هـذا املنظـور‪ ،‬جتربـة االنتقـال إىل التعليـم اإللكتروين باختلاف‬
‫هـذه املسـتويات الثالثـة‪ .‬ويمكـن القول َّ‬
‫بأن البلـدان التي تعاين مـن نزيف احلروب‬
‫قـط أن حت ِّقـق َّ‬
‫أي تقـدم يف عمليـة االنتقـال إىل التعليم اإللكتروين‪ ،‬وذلك‬ ‫مل تسـتطع ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واملنصـات التعليميـة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫لغيـاب رشوط احليـاة والكهربـاء والشـبكات العنكبوتيـة‬
‫والتعليـم اإللكتروين شـبه معـدوم يف هـذه البلـدان‪ ،‬وقـد بقـي الطلاب منقطعين‬
‫اسـتمر التعليـم التقليدي فيهـا بدرجات‬
‫َّ‬ ‫عـن دراسـتهم طـوال أيام األزمـة‪ ،‬أو لنقل‬
‫متفاوتـة‪ ،‬وحتـت حماذيـر اخلطـر واإلصابـة بالفيروس كام هـو احلال يف سـوريا مثال‪.‬‬
‫ويف بلـدان اخلليـج العـريب خيتلـف الوضـع مـن حيـث توفـر الشروط املاديـة‬
‫واللوجسـتية التـي أسـهمت يف تقديـم جتربـة ناجحـة إىل حـد كبير يف مواجهـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪153‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التحـدي واالنتقـال إىل التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالة الطـوارئ‪ ،‬مع بعـض الصعوبات‬
‫التـي تتعلـق بمسـتوى التأهيـل العلمـي للمعلمين والطلبـة يف االنتقـال إىل هـذا‬
‫املسـتوى مـن التعليـم‪ ،‬كما ب َّينـا ذلـك آن ًفـا‪.‬‬

‫‪ -6‬وضع التعليم اإللكتروني عرب ًّيا‪:‬‬


‫سـنتناول يف هـذا املبحـث بعـض جتارب الـدول العربية‪ ،‬وسـنركز يف فصل مقبل‬
‫على التجربـة اخلليجيـة كنمـوذج لالسـتجابة العربيـة لتحـدي اجلائحة‪ .‬وسـنعرض‬
‫نماذج مـن بعـض الـدول العربية يف هذا املسـار‪.‬‬
‫مـن نافلـة القـول أن وضـع التعليـم العريب قبـل كورونا قـد كان مأسـاو ًّيا يف كثري‬
‫مـن البلـدان‪ ،‬وجـاءت كورونـا لتدمر ما بقـي من أمـل وإمكانات يف تطويـر التعليم‬
‫والنهـوض بـه‪ .‬وقد أشـار تقرير حديـث ملنظمة األمـم املتحدة للطفولة «يونيسـف»‬
‫إىل أن ‪ %63‬مـن األطفـال يف الشرق األوسـط ال يسـتطيعون قـراءة وكتابـة نـص‬
‫أساسـا التعليم‬‫بسـيط يف سـن العـارشة‪ ،‬وال يتلقـى طفـل مـن بني كل مخسـة أطفـال ً‬
‫يف الشرق األوسـط وشمال أفريقيـا‪ .‬ولفتَت «اليونيسـف» إىل أن نحـو ثالثة ماليني‬
‫طفـل حمرومـون مـن املدرسـة بفعـل األزمـات‪ ،‬وقـد د َّمـرت أكثـر مـن ‪8.850‬‬
‫مؤسسـة تعليميـة خلال السـنوات األخيرة‪ ،‬يف سـوريا والعـراق وليبيـا واليمـن‬
‫(تقريـر عـرب‪.)2020 ،‬‬
‫وقـد واجهـت الـدول العربيـة صعوبـات مجـة يف عمليـة االنتقـال إىل التعليـم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ‪ ،‬وجيـب أن نعترف منـذ البدايـة أن التعليـم عـن ُب ْع ٍـد‬
‫الـذي نشـاهده ليـس تعليما إلكرتون ًّيـا‪ ،‬بـل هـو نمـط مـن التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالة‬
‫فـإن بعـض الـدول العربيـة التـي كانـت تتباهـى بتقدُّ مهـا يف‬ ‫الطـوارئ‪ .‬ومـع ذلـك َّ‬
‫جمـال تكنولوجيـا التعليـم‪ ،‬وتفاخـر بما حققتـه من إنجـازات كبرية يف جمـال توظيف‬
‫التكنولوجيـا الرقميـة يف العمليـة التعليميـة يف خمتلـف املسـتويات التعليميـة‪،‬‬
‫يف املـدارس واجلامعـات ومؤسسـات التعليـم‪ ،‬قـد تلـكأت يف مواجهـة األزمـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪154‬‬
‫واضطربـت موازينها‪ .‬وانكشـفت مواطن ضعف األنظمـة الرتبوية العربية ومظاهر‬
‫القصـور والتردي‪ ،‬والسـ َّيام يف قدرهتا عىل متثل التقنيات احلديثـة وتوظيفها يف جمال‬
‫التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ‪.‬‬
‫إن الـدول العربيـة‪،‬‬ ‫ويعبر خالـد أمحـد بـو قحـوص عـن هـذا اإلخفـاق بقولـه‪َّ :‬‬
‫ِّ‬
‫وحتـت هـول املفاجـأة وصدمتهـا «مل تتمكـن مـن توظيـف التعليـم اإللكتروين‬
‫األوليـة‪ ،‬املتمثلـة يف‬ ‫ٍ‬
‫مبـارشة‪ ،‬بـل جلـأت إىل اسـتخدام التعلـم عـن ُب ْعـد يف صورتـه َّ‬
‫بـث أو إيصـال الـدروس املتلفزة واملواد املرسـلة عبر األدوات التقليديـة‪ ،‬بعيدً ا عن‬
‫التفاعـل املبـارش‪ ،‬وربما اسـتمر هـذا الوضـع فترة مـن الزمن حتـى اسـتوعبت تلك‬
‫األنظمـة الصدمـة وبـدأت الرجـوع إىل توظيـف التعليـم اإللكتروين وغريهـا مـن‬
‫األدوات احلديثـة» (بوقحـوص‪.)2020 ،‬‬
‫وال يتردد ميلاد السـبعيل (مؤسـس اجلامعـة االفرتاضيـة السـورية‪ ،‬وأحـد رواد‬
‫الدعـوة إىل التحـول الرقمـي يف العـامل العـريب منذ عـام ‪ )1998‬يف اإلعلان عن هول‬
‫الصدمـة مـن عجـز األنظمـة العربيـة الرتبويـة عن حتقيـق االنتقـال الفاعـل إىل التعليم‬
‫َّ‬
‫اإللكتروين والرقمـي‪ ،‬إذ يقول‪« :‬الطالب واألسـتاذ العريب مل يكونـا ُمه َّيأين للدخول‬
‫يف هـذا املجال‪ ،‬وكذلك اجلامعات واملدارس واملؤسسـات التعليميـة والبنى التحتية‪،‬‬
‫مل تكـن جاهـزة لالنتقـال إىل التعلـم اإللكتروين‪ ،‬أو التعلـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬وذلـك ألن‬
‫التعلـم اإللكتروين ال حيصـل بين ليلـة وضحاهـا»‪ .‬ثـم يتابـع القـول‪« :‬منـذ عرشيـن‬
‫سـنة ونحـن نطالـب بإدخـال التعليـم اإللكتروين يف منظوماتنـا الرتبويـة العربيـة‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وختصيبـه بالتكنولوجيـا ملواكبـة التطـور العاملـي يف هـذا امليـدان‪ ...‬ولنضمـن سـهولة‬


‫االنتقـال إىل هـذا التعليـم عنـد احلاجـة‪ ،‬والسـ َّيام يف أوقـات األزمـات والصدمـات‪.‬‬
‫مفاجئـة للمجتمـع التعليمـي‬ ‫ِ‬ ‫وقـد جـاء عصـف الوبـاء على شـكل نقلـة جذريـة‬
‫(علي‪.)2020 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ولألنظمـة الرتبويـة العربيـة على حـد سـواء»‬
‫وال يتعـارض مـا ذكـره ال ُكتَّـاب والباحثـون مـع جمريـات واقـع االنتقـال إىل‬
‫التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ يف البلـدان العربيـة‪ ،‬فالتعليـم الـذي نـراه يف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪155‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أقصى مسـتويات اجلـودة التـي يظهـر عليهـا ال يقدم جتربـة تعليم إلكتروين حقيقية‪،‬‬
‫وهـو ال يعـدو أن يكـون يف جوهـره أكثـر مـن إضافـة مصـادر تعليميـة إىل شـبكة‬
‫اإلنرتنـت‪ ،‬وال يمكـن تصنيفـه‪ ،‬بـأي حـال مـن األحـوال‪ ،‬على أنـه تعليـم إلكرتوين‬
‫حقيقـي‪ .‬ونحـن اليـوم يف مسـيس احلاجـة إىل التعليـم اإللكتروين الـذي يعتمد عىل‬
‫عمليـة متكاملـة مـن العنـارص اللوجسـتية واملعرفيـة التـي يتطلبهـا هذا املسـتوى من‬
‫التعليـم‪.‬‬
‫إن التعليـم اإللكتروين عمليـة تعليميـة وتربويـة مع َّقـدة ومتكاملـة العنـارص‪،‬‬ ‫َّ‬
‫املنصات‬
‫تتـم من خلال اسـتخدام َّ‬ ‫وليسـت جمـرد فعاليـة تقـوم على ممارسـة تقليدية ُّ‬
‫التعليميـة كأداة لوضـع املحارضات وإيصاهلـا إىل الطلبة‪ ،‬أو لنقـل التعليم التقليدي‬
‫عبر الوسـائط اإللكرتونيـة بصـورة جامـدة وغير جمديـة‪ .‬ومثـل هـذه الطريقـة غير‬
‫جمديـة‪ ،‬ولـن تكـون جمديـة يف املسـتقبل الـذي ينبئنـا بـأن التعليـم اإللكتروين الف َّعال‬
‫أي‬
‫أمـرا حتم ًّيـا خلال السـنوات والعقـود القادمـة‪ ،‬ولـن يكـون هنـاك ُّ‬ ‫سـيكون ً‬
‫خيـار آخـر غير التعليـم اإللكتروين كوسـيلة للتعليـم والرتبيـة‪ ،‬وهـذا يعنـي أن‬
‫لرتتقي‬
‫َ‬ ‫على األنظمـة الرتبويـة العربيـة أن تبـادر إىل تعميـق هـذه التجربـة وتأصيلهـا‬
‫إىل مسـتوى التعليـم اإللكتروين الف َّعـال‪ ،‬وسـيكون ملثـل هـذا التأصيـل والتمكين‬
‫مجـة يف املسـتقبل القريب؛ إذ سـيمكن الدول العربيـة من تقليص‬ ‫اإللكتروين فوائـد َّ‬
‫نفقـات التعليـم التقليـدي والتعليـم العـايل يف آن واحـد‪ .‬ومـن هذا املنطلق سـيكون‬
‫التطويـر يف هـذا املجـال ‪-‬بنـاء على التجربـة احلاليـة‪ -‬منطل ًقـا للتطويـر يف التعليـم‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وتوفيره إلكرتون ًّيـا للرشائـح املجتمعيـة كافـة يف املسـتقبل القريـب‪.‬‬


‫لقـد أكـره الوبـاء األنظمـة الرتبويـة العربيـة على االنتقـال الصـادم واملفاجـئ إىل‬
‫التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ‪ .‬وعملـت األجهـزة الرتبويـة والوزاريـة على‬
‫توفير مسـتلزمات هـذا التحـول وعنارصه اللوجسـتية لتسـهيل عملية انتقال سـلس‪،‬‬
‫املنصات اإللكرتونية‬
‫وقامـت أغلب احلكومـات‪ ،‬وضمن اإلمكانات املتاحة‪ ،‬بتوفير َّ‬
‫ومتكين الطلاب مـن الدخـول املجـاين إليهـا‪ ،‬وذلـك يف ضـوء الفجـوة الرقميـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪156‬‬
‫القائمـة بين خمتلـف الفئـات والطبقـات االجتامعيـة امليسـورة والفقيرة‪ ،‬وتتم َّثل هذه‬
‫الفجـوة يف درجـة الوصـول إىل التجهيـزات اإللكرتونيـة املطلوبـة (غنايـم‪،2020 ،‬‬
‫‪ .)81‬ويف ضـوء هـذا التبايـن اللوجسـتي تباينـت الـدول العربيـة يف تطبيـق التعليـم‬
‫اإللكتروين سـواء مـن حيث اجلاهزيـة التقنية‪ ،‬أو مـن خالل اإليامن بضرورة التعليم‬
‫اإللكتروين مـن حيـث املبـدأ‪ .‬ويتفـق اجلميـع‪ ،‬مـن خبراء ومعلمين‪ ،‬على أن تطبيـق‬
‫التعليـم اإللكتروين (التعليـم اإللكتروين يف حالـة الطـوارئ) كان مفاج ًئـا وصاع ًقا‪،‬‬
‫وأن درجـة الصدمـة كانـت أكبر عنـد أوليـاء األمـور على األقـل‪ ،‬الذين يعتبرون هم‬
‫وأبناؤهـم الفئـة املسـتهدفة يف عمليـة التعليـم ٍّ‬
‫ككل (عبـد اهلل‪.)2020 ،‬‬
‫وقـد أقـرت اليونيسـكو بوجـود ‪ 83‬مليـون طالـب يف الـدول العربيـة انقطعـوا‬
‫تعليما عـن ُب ْع ٍد غير مكتمل‬
‫ً‬ ‫عـن املدرسـة يف ظـل األزمـة‪ ،‬وتفيـد أن بعضهـم تل َّقـى‬
‫تعليما مطل ًقـا خلال تلـك‬
‫ً‬ ‫باسـتخدام بعـض األدوات التقنيـة‪ ،‬وبعضهـم مل يتلـق‬
‫الفترة‪ .‬وهـذا األمـر يتأرجـح بين الـدول العربيـة وف ًقـا إلمكاناهتا‪ .‬ومما ال شـك فيه‬
‫تتـم كما كانت األمـور يف سـابق عهدها‪،‬‬ ‫أن عـودة الطلاب إىل مقاعـد الدراسـة لـن َّ‬
‫إذ ُيتو َّقـع أن يكـون لـدى الـدول ضوابـط ومعايري صحية للطلاب وآلية اختالطهم‬
‫املسـتقبيل مـع أقراهنـم (املوسـى‪.)2020،‬‬

‫‪ -7‬حلول عربية إلشكاليات التَّعليم اإللكتروني‬


‫حاولـت الـدول العربيـة إجيـاد بدائـل لتعليـم ماليين التالميـذ املحرومين‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫مـن املـدارس كتدبير وقائـي مـن فيروس كورونـا املسـتجد‪ .‬وقـد تنوعـت طـرق‬
‫االسـتجابة وإمكاناهتـا‪« ،‬ففـي ليبيا عىل سـبيل املثـال يواصل التالميذ دروسـهم عرب‬
‫التلفزيـون‪ ،‬بينما يتابـع األطفـال يف دول اخلليـج التعليـم عبر األلـواح الذكية‪ ،‬ومع‬
‫يظـل كثير مـن الطلاب حمرومين مـن الـدروس‪ .‬وجيهـد املعلمـون واألهـل‬ ‫ذلـك ُّ‬
‫مـرورا بقطـر واألردن‪ ،‬ملتابعـة الـدروس وتفـادي خسـارة‬
‫ً‬ ‫والتالميـذ‪ ،‬مـن املغـرب‬
‫كثيرا مـن بلـد‬
‫العـام الـدرايس‪ ،‬لكـن القـدرة على الوصـول إىل اإلنرتنـت تتفـاوت ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪157‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫إىل آخـر‪ .‬ففـي الـدول التـي تعـاين مـن النزاعـات وعـدم االسـتقرار‪ ،‬مثـل ليبيـا أو‬
‫العـراق‪ ،‬تعتبر املهمـة أصعـب بكثري يف ظـل غياب وسـائل مناسـبة للتواصل‪ ،‬وهو‬
‫مـا يزيـد مـن خطر أن حيـرم املزيد مـن التالميذ مـن التعليم (تقرير عـرب‪.)2020 ،‬‬
‫ويقـول الباحـث عامـر صالـح يف هـذا السـياق‪« :‬يف الـدول العربيـة تتراوح وختتلـف‬
‫الطريقـة ا ُملتَّبعـة يف التعليـم عـن ُب ْعد‪ ،‬حسـب إمكانيـات كل دولة عىل حـدة‪ ،‬ويف داخل كل‬
‫نظـرا الفتقار‬
‫دولـة‪ ،‬حيـث فجـوات رقمية قومية ووطنيـة‪ ،‬وجاهزية بنيتهـا التقنية التحتية‪ً ،‬‬
‫الكثير مـن هـذه الـدول للمسـتلزمات‪ ،‬والتجهيـزات املتعلقـة بالتعليـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬مع عدم‬
‫توفـر جتـارب مسـبقة لقيـاس مـدى نجاحهـا يف حـال تطبيقهـا‪ ،‬كإجـراء احترازي ملواجهـة‬
‫فيروس كورونـا‪ .‬يف هـذه املرحلـة‪ ،‬أصبحـت اسـتمرارية التعليـم أكثـر حتد ًيـا للطلاب‬
‫واملعلمين واملؤسسـات الرتبويـة‪ ،‬أعنـي َّأل أحـد يعـرف ح ًّقـا مـا سـيحدث غـدً ا‪ ،‬وكيـف‬
‫سـتكون األمـور يف األسـبوع القـادم أو األسـبوع الـذي يليـه‪ ،‬هـذه جتربـة نحـاول مجي ًعـا‬
‫التك ُّيـف معهـا‪ ،‬علينـا فقـط تكريـس الكثري مـن اجلهـود لتعزيز أسـاليب العمـل والتواصل‬
‫بين الطلاب واملعلمين هبـدف اسـتمرارية العمليـة التعليميـة»‪( .‬صالـح‪.)2020،‬‬
‫أن التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ يرتافـق‬ ‫يسـتحق التنبيـه عليـه َّ‬
‫ُّ‬ ‫وممَّـا‬
‫غال ًبـا مـع عـدد مـن السـلبيات‪ ،‬وليـس باإلمـكان أن نتوقـع نتائـج مثاليـة مـن هـذه‬
‫«نظـرا للرسعـة الفائقـة التـي اضطـرت فيهـا املـدارس إىل االنتقـال إىل هذه‬ ‫ً‬ ‫التجربـة‬
‫االستراتيجية للحفـاظ على اسـتمرارية تعليـم الطلبـة باعتبـاره أولويـة قصـوى يف‬
‫أي حتضير أو‬ ‫شـل املنطقـة‪ ،‬دون أن يكـون هنـاك ُّ‬ ‫خضـم تفشي الفيروس الـذي َّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تدريـب ُمسـبق‪ ،‬سـواء أكان لإلدارة املدرسـية‪ ،‬أو للمعلمني‪ ،‬أو ألوليـاء األمور ‪،‬أو‬
‫للطلبـة على وجـه التحديـد»‪( .‬صالـح‪.)2020،‬‬
‫وتعـدُّ خدمـات اإلنرتنـت يف عاملنـا العـريب مشـكلة عويصـة أمـام تقـدم التعليـم‬
‫وتطوره‪ .‬فالشـبكات املوجودة ضعيفة يف أغلبهـا‪ ،‬هذا إذا كانت متوفرة‬ ‫ّ‬ ‫اإللكتروين‬
‫فـإن تد ُّفـق اإلنرتنـت ضعيـف ورسعاتـه بطيئـة جـدًّ ا‪ ،‬وهذا يشـكل‬ ‫أصلا‪ ،‬وبالتـايل َّ‬
‫ٍ‬
‫عقبـة كبيرة يف مسـار االنتقـال إىل التعليـم اإللكتروين أو التعليـم عـن ُب ْعـد يف حالة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪158‬‬
‫الطـوارئ يف احلـدود الدنيـا‪ .‬فضلا عن مشـكالت كبيرة تتعلق بمدى توفـر أجهزة‬
‫واملنصـات‬
‫َّ‬ ‫احلاسـوب للمتعلمين‪ ،‬إضافـة إىل صعوبـة توفير خدمـات اإلنرتنـت‬
‫اإللكرتونيـة‪ .‬وعلى الرغم من االسـتثامرات الضخمـة التي ُو ِّظ َفـت يف جمال صناعة‬
‫كثيرا من املشـاكل التي‬
‫احلاسـبات والشـبكات‪ ،‬فـإن البنيـة التحتيـة مـا زالـت تعاين ً‬
‫تعـوق عمـل التعليـم اإللكتروين واملرتبطـة بأجهزة احلاسـب وبوسـائط وجتهيزات‬
‫التعليـم اإللكتروين‪ ،‬مثـل‪ :‬املكتبـات اإللكرتونيـة‪ ،‬واملعامـل اإللكرتونيـة والكتـب‬
‫اإللكرتونيـة‪ ،‬فالتغيير الرسيع احلاصل يف تكنولوجيا املعلومات و املناهج التعليمية‬
‫أوجـد مشـكلة للعاملين يف املؤسسـات التعليميـة‪ ،‬وذلـك مـن خلال عـدم قدرهتم‬
‫على متابعـة هـذا التغيير الرسيـع عبر تطويـر تلـك املناهـج التعليميـة والتفاعـل مع‬
‫التطـور احلـادث يف جمـال تكنولوجيـا املعلومـات (عطيـة‪.)41 ،2017 ،‬‬
‫بقـوة‪ ،‬يف ظـل األزمـة‪ ،‬هـو‪« :‬كيـف يمكـن للتعليـم‬ ‫والسـؤال الـذي يطـرح َّ‬
‫اإللكتروين ‪ -‬كجـزء مـن منظومـة التعليـم عـن ُب ْعـد‪ -‬أن ينجـح يف العـامل العـريب‬
‫وحيقـق أهـداف السياسـات التعليميـة يف خمتلـف املسـتويات) التعليـم األسـايس‪-‬‬
‫الثانـوي‪ ،‬التعليـم اجلامعـي(‪ ،‬يف ظـل رواسـب ومشـكالت عالقـة على الصعيـد‬
‫اللوجسـتي واالجتامعـي؟» (عيشـور‪.)67 ،2020،‬‬
‫تـم تسـجيله آن ًفـا‪ ،‬أنَّـه مـع وجـود حتديات‬ ‫بالرغـم مـن ٍّ‬
‫كل مـا َّ‬ ‫وينبغـي اإلقـرار‪َّ ،‬‬
‫متمثلـة يف حمدوديـة الوصـول إىل اإلنرتنـت والكهرباء وأجهـزة الكمبيوتـر ‪...‬إلخ»‬
‫حتافـظ البلـدان على التعلـم بنشـاط مـن خلال أسـاليب التعلـم عـن ُب ْع ٍـد املختلفـة‬
‫مثـل الربامـج اإلذاعية والتلفزيونيـة‪ ،‬باإلضافة إىل املنصات عرب اإلنرتنت ووسـائل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التواصـل االجتامعـي»‪( .‬عيشـور‪.)67 ،2020،‬‬

‫‪ -8‬جتارب عربية يف التعليم عن ُبعْد‬


‫على الرغـم مـن النَّقلـة الرسيعـة نحـو التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ‪،‬‬
‫األويل‬
‫فقـد اسـتطاعت بعـض الـدول واملؤسسـات التعليميـة أن جتتـاز االمتحـان َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪159‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫بنجـاح‪ ،‬يف حين كانـت هنـاك إخفاقات يف غريهـا‪ .‬ويف هذا املعنى يـرى مجال جماهد‬
‫(املسـؤول عـن قسـم اإلعلام يف جامعـة بيروت العربيـة) أن اسـتجابة األنظمـة‬
‫التعليميـة للتَّحـدي الـذي فرضتـه جائحـة كورونـا كان إجياب ًّيـا عىل العمـوم‪ .‬ويقول‬
‫جماهـد‪« :‬سـجلت هـذه األنظمـة حتـركًا رسي ًعـا يف هـذا االجتـاه‪ ،‬فبـادرت إىل تبنّـي‬
‫تقنيـات التعليـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬واسـتطاع اجلسـم التعليمـي أن يتك َّيف مع املسـتجدات‪،‬‬
‫وكذلـك فعـل معظـم الطلاب»‪ .‬لكـن جماهـد يالحـظ أن ذلـك ال يلغـي حقيقـة أن‬
‫حتديـات عـدة مـا زالـت تقـف عائ ًقـا أمام هـذه التجربـة‪ ،‬ومـن أبرزها «عـدم وجود‬
‫أيضا‪،‬‬
‫ثقافـة التعليـم عـن ُب ْعد‪ ،‬فهي غائبـة عند األغلبيـة‪ ،‬وتغيريها حيتـاج إىل وقت‪ً .‬‬
‫وقـد تبرز حتديـات أخـرى ذات صلـة باملـواد التـي تعتمـد على التدريـب العملي‪،‬‬
‫فضلا عـن التحديـات املرتبطـة بالبنيـة التحتيـة» (عـودة‪.)2020 ،‬‬ ‫ً‬
‫ونحـن نـرى أنـه ال يمكـن أن نطلـق أحكامـا عامـة على مسـتوى الوطـن العـريب‬
‫دون التمييـز بين مسـتويات التأهيل يف البنية اللوجسـتية التحتيـة ويف البيئة الرقمية‪،‬‬
‫فبعضهـا يتميـز بقدرتـه اهلائلـة‪ ،‬وبعضهـا اآلخـر يعـاين إىل حـدٍّ كبير من غياب شـبه‬
‫تـا ٍّم ملختلـف رشوط احليـاة اإلنسـانية‪ ،‬ومنها اللوجسـتية والرقمية‪ ،‬كما هو احلال يف‬
‫سـوريا وليبيـا واليمـن وبعض الـدول األخرى‪.‬‬

‫‪ -1-8‬التجربة املغربية‪:‬‬
‫الرغـم مـن اإلصالحـات التـي أطلقهـا املغـرب‪ ،‬منـذ سـنوات‪ ،‬ملواجهـة‬ ‫على َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الصادمـة‬
‫فـإن املعطيـات َّ‬‫اختلاالت املنظومـة الرتبويـة ومواجهـة اهلـدر املـدريس؛ َّ‬
‫التـي كشـفها سـعيد أمـزازي‪ ،‬وزيـر الرتبيـة الوطنيـة والتكويـن املهنـي والتعليـم‬
‫العـايل والبحـث العلمـي الناطق الرسـمي باسـم احلكومـة‪ ،‬يف الربملان‪ ،‬تشير إىل َّ‬
‫أن‬
‫أكثـر مـن ‪ 300‬ألـف تلميـذ مغـريب غـادروا أسـوار املـدراس خلال أزمـة كورونـا‬
‫وتـدل عىل حجـم تأثير األزمة التي‬ ‫ُّ‬ ‫(هسبريس‪ .)2021،‬وهـذه املعلومـة صادمـة‪،‬‬
‫التطـور والتقـدُّ م‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫بلغـت حـدَّ الكارثـة يف نظـام تربـوي كثيرا مـا ا َّدعـى‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪160‬‬
‫وتواجـه املغـرب حتديـات كبيرة يف االنتقـال إىل التعليـم اإللكتروين‪ ،‬أو مـا يمكـن أن‬
‫كثيرا عـن‬ ‫ٍ‬
‫نسـميه التعليـم عـن ُب ْعـد يف حالـة الطـوارئ‪ .‬وال تـكاد جتربـة املغـرب ختتلـف ً‬
‫املدريس‪ .‬يقـول أحد‬
‫ّ‬ ‫جتـارب الـدول الناميـة يف مواجهـة غوائـل اجلائحـة وأزمـة اإلغلاق‬
‫الباحثين املغاربـة يف وصـف األزمـة وما قبلهـا‪« :‬مل تكن املدرسـة املغربيـة يف حاجة إىل من‬
‫يعطبهـا وأن يضيـف إىل إعطاهبـا وأمراضهـا تداعيـات فيروس كورونـا اخلانقـة‪ ،‬بعـد أن‬
‫كنـا نعمـل جاهديـن على مقاومـة وجماهبـة واقع املدرسـة املريـض الذي يـزداد حاله سـو ًءا‬
‫عا ًمـا بعـد عـام‪ ،‬مـن خلال مواجهـة جمموعـة مـن األعطـاب على عـدة مسـتويات‪ ،‬أمههـا‬
‫أزمـة فقـدان املعنـى‪ ،‬وأزمـة انتقـاء املعـارف املدرسـية الناجعـة والفعالـة‪ ،‬ثـم أزمـة القيـم‬
‫التـي أصبحـت باديـة للعيـان يف كل مكان بفعل سـيادة وهيمنة أشـكال التفاهة والسـفاهة‬
‫على عمـوم احليـاة العامة وليسـت احلياة املدرسـية يف مأمـن عنها‪ ،‬حيث بالـكاد كانت هذه‬
‫احليـاة تتنفـس يف ظـل واقـع مـأزوم» (اخلالفـة‪ .)2020 ،‬ويتابـع الكاتب قولـه‪« :‬بعد هذه‬
‫األزمـات تـأيت جائحة كورونا لترضب كل جوانب احلياة ومعها احلياة املدرسـية يف مقتل‪،‬‬
‫وإذا كان مـن شـأن األطبـاء تشـخيص الواقـع الصحـي هلـذه الكارثـة‪ ،‬ومـن اختصـاص‬
‫فـإن مهمـة الرتبويني هي فهـم وحتليل واقع‬ ‫تضرر االقتصاد بسـببها‪َّ ،‬‬ ‫االقتصاديين حتليـل ُّ‬
‫الشـأن الرتبـوي يف جمريـات هـذه األحـداث وتداعيـات ذلك عليـه» (اخلالفـة‪.)2020 ،‬‬
‫وبعـد هـذا الوصـف املـؤمل لواقـع الرتبيـة والتعليـم يف املغـرب‪ ،‬ينتقـل الكاتـب‬
‫ليصـف لنـا وضعيـة اإلغالق وحالته املأسـاوية فيقـول‪« :‬بعد البالغ الـوزاري الذي‬
‫أعلـن عـن توقـف الدراسـة يف األقسـام واسـتمرارها عن ُب ْعـد‪ ،‬تبين وبامللموس أن‬
‫متأخـرا جـدًّ ا‪ ،‬بـل متخل ًفـا جـدًّ ا‬
‫ً‬ ‫خصوصـا العموميـة يعيـش وض ًعـا‬
‫ً‬ ‫واقـع مدرسـتنا‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫جـدًّ ا‪ ،‬وكالعـادة ظهـرت كل أشـكال االرجتـال والتخ ُّبـط‪ ،‬واالسـتنجاد مـن هنـا‬
‫ومـن هنـاك والتمسـك بحبـال هي أشـبه بحبـال بيـت العنكبوت للخـروج من عنق‬
‫الزجاجـة والنجـاة مـن غـرق حتمـي‪ .‬فقـد تعطلـت املاكينة مـن كل النواحـي لتظهر‬
‫خرافـة التعليـم عـن ُب ْع ٍـد كعفريـت خيـرج مـن الفانـوس فجـأة! نحن لسـنا يف عطلة‬
‫سـنتابع الدراسـة عـن ُب ْعـد‪ ،‬هكـذا جاء األمـر‪ .‬كيف؟ بـأي كلفة؟ وبـأي طريقة؟ ال‬
‫هيـم‪ ،‬املهـم أن خيـرج البلاغ» (اخلالفـة‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪161‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ويتطـرق الكاتـب إىل وضعيـة التخبـط التـي واجههـا النظـام التعليمـي يف املغـرب‬
‫عماذا سـنفعل أمـام هـذا الوضـع وليـد تفكير‬ ‫بقولـه‪« :‬يف احلقيقـة مل يكـن اجلـواب َّ‬
‫ومتحيـص مـن أنـاس خمتصين يدركون الواقـع ويعرفـون خباياه وحيسـنون تشـخيصه‪،‬‬
‫بـل كان نـص البلاغ ترمجة لبالغ وزارة الرتبية الفرنسـية‪ .‬وإذا كانـت الرتمجة يف األصل‬
‫خيانـة للمعنـى وللداللـة‪ ،‬فـإن الرتمجـة هـذه املـرة خانـت احلـارض واملايض واملسـتقبل‪،‬‬
‫بـل خانـت نفسـها» (اخلالفـة‪ .)2020 ،‬ثم يتابع القـول‪ :‬أمل يكن يعلم هـذا املرتجم أننا‬
‫أمـام جيـل مـن التالميـذ ال يـكاد ينضبـط للتعليـم مـن داخـل احلجـرات إال قلـة قليلة‪،‬‬
‫وملـن توفـرت فيهـم الرصامة والسـلطة والضبـط من املدرسين‪ .‬فكيف سـيتحولون إىل‬
‫كائنـات افرتاضيـة تتابـع دراسـتها عـن ُب ْع ٍـد ومـن تلقـاء ذواهتـم‪ ،‬هـل نحـن يف احللم أم‬
‫أن احللـم قـد دامهنـا على حين غفلة منـا؛ ليصبـح واقعـا؟! (اخلالفـة‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -2-8‬التجربة األردنية‪:‬‬
‫يصـف األب عماد الطـوال جتربـة األردن بقولـه‪ :‬يف هـذا الوقـت العصيـب وغير‬
‫املسـبوق مـن انتشـار فيروس كورونا حـول العامل وإغلاق املـدارس وف ًقا للتدابير الوقائية‬
‫واالحتياطيـة للسـيطرة عليه‪ ،‬حتتضـن األردن جتربة «التعليم عن ُب ْعـد» حيث أعلنت وزارة‬
‫منصتهـا اإللكرتونية‬‫الرتبيـة والتعليـم عـن تفعيـل منظومـة «التعليـم عـن ُب ْعـد» مـن خلال َّ‬
‫املجانيـة «درسـك»‪ ،‬وذلـك مـن خلال بـث املـواد التعليميـة تلفزيون ًّيـا‪ .‬كما بـادر العديـد‬
‫مـن املـدارس اخلاصـة لتفعيـل هـذه االستراتيجية وتوفير املحتـوى التعليمـي إلكرتون ًّيـا‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أيضـا‪ ،‬حيـث شـدد امللـك عبـد اهلل الثـاين بـن احلسين خلال األيـام املاضيـة على‬
‫للطلاب ً‬
‫أن آليـة «التعليـم عـن ُب ْعـد» جيـب أن تُطبـق وفـق أفضـل املعايير‪ ،‬وأكـد عىل أمهيـة مواصلة‬
‫العمـل على تطويرهـا وتقييمهـا لضمان اسـتمرارية العمليـة التعليميـة (الطـوال‪.)2021 ،‬‬
‫ويضيـف إن وزارة الرتبيـة والتعليـم تتعامـل مـع هـذا التحـدي غير املتوقـع‬
‫واملتمثـل يف تفعيـل «التعليـم عـن ُب ْعـد» باعتباره وسـيلة التعليم األساسـية ألسـابيع‬
‫ور ّبما أكثـر‪ ،‬واجبنـا كمؤسسـات تعليميـة‪ ،‬معلمني‪ ،‬أوليـاء أمور وطلبـة‪ ،‬أن نكافح‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪162‬‬
‫م ًعـا وأن نحـاول جتـاوز التحديـات املتأصلـة يف «التعليم عـن ُب ْعد»‪ .‬يف هـذه املرحلة‬
‫الصعبـة‪ ،‬مجيعنـا يـدرك أن التحديـات كبيرة‪ ،‬وأن األمـر لـن يكـون هبـذه السـهولة‪.‬‬
‫لكـن هـذا وقـت اسـتثنائي ونحـن بحاجـة ألن نتكاتـف م ًعـا‪ ،‬وأن نركـز على أمهيـة‬
‫التشـاركية يف هـذه املرحلـة على الرغـم مـن نقـص مصـادر التعليـم املتكاملـة‪ .‬علينا‬
‫أال نـدع سـعينا يف الوصـول إىل الكامل يعوق مسيرتنا‪ ،‬وعلينا أن نقـوم بأفضل ما يف‬
‫وسـعنا ملسـاعدة أبنائنـا عىل مواصلـة عملية التعليم رغـم هذه األزمـة‪ ،‬وعلينا مجي ًعا‬
‫التعـاون بما يضمـن عدم توقـف العمليـة التعليميـة (الطـوال‪.)2021 ،‬‬
‫ثـم يتابـع األب عماد الطـوال وصفـه للتجربة قائلا‪« :‬يف هذه املرحلـة‪ ،‬أصبحت‬
‫اسـتمرارية التعليـم أكثـر حتد ًيا للطلاب واملعلمني واملؤسسـات الرتبويـة‪ ،‬أعني أال‬
‫أحـد يعـرف ح ًّقـا مـا سـيحدث غـدً ا‪ ،‬وكيف سـتكون األمور يف األسـبوع القـادم أو‬
‫األسـبوع الـذي يليـه‪ ،‬هـذه جتربـة نحـاول مجي ًعا التك ُّيـف معهـا‪ ،‬علينا فقـط تكريس‬
‫الكثير مـن اجلهـود لتعزيـز أسـاليب العمـل والتواصـل بين الطلاب واملعلمين‬
‫هبـدف اسـتمرارية العمليـة التعليميـة» (الطـوال‪.)2021 ،‬‬

‫‪ -3-8‬التجربة الليبية‪:‬‬
‫قـررت وزارة التعليـم الليبيـة يف منتصـف شـهر مـارس ‪ 2020‬إيقـاف الدراسـة‬
‫بجميـع مراحـل التعليم حفا ًظـا عىل الطالب واألسـاتذة واإلداريني بقطـاع التعليم‬
‫واملجتمـع‪ .‬وقـررت الـوزارة اللجـوء إىل التعليم عـن ُب ْع ٍد عندما تتوفـر اإلمكانات‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ظـل إغلاق املـدارس على خلفيـة انتشـار جائحـة كورونـا على‬ ‫وتعمـل ليبيـا يف ِّ‬
‫إجيـاد سـبل للحـدِّ مـن تدهـور إضـايف لوضـع سـيئ أصلا على مسـتوى التعليـم‪.‬‬
‫وانطال ًقـا مـن ذلـك‪ ،‬توصلـت وزارة التعليـم وقنـوات تلفزيونيـة حمليـة إىل اتفـاق‬
‫يتـم بموجبـه بـث دروس للغـة اإلنجليزيـة يوم ًّيـا‪ ،‬فضلا عـن دروس يف اإلحصـاء‬ ‫ُّ‬
‫وأقرت الوزارة أن تسـجيل هذه‬ ‫والعلـوم لتالميذ الشـهادتني‪ :‬املتوسـطة والثانويـة‪َّ .‬‬
‫الـدروس سـيكون إلزام ًّيـا لـكل التالميـذ وكل املراحـل التعليميـة‪ .‬ويـرى وزيـر‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪163‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التعليـم يف حكومـة الوفـاق الوطنـي الليبيـة حممـد عماري زايـد أن «متابعـة هـذه‬
‫منصـات عـدة مشـابه لتواجـد‬
‫الـدروس املسـجلة التـي يمكـن الوصـول إليهـا عبر َّ‬
‫التلميـذ يف الصـف مـع زمالئـه ومعلمه»(عـرب ‪ 48‬أ ف ب‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -4-8‬التجربة املصرية‪:‬‬
‫اختـذت وزارة الرتبيـة والتعليـم املرصيـة جمموعـة مـن اإلجـراءات الرتبويـة املتتاليـة‬
‫مـرة إضافيـة‪.‬‬ ‫ملواجهـة اجلائحـة‪ ،‬كان أوهلـا تأجيـل الدراسـة ملـدة أسـبوعني‪ ،‬ثـم تأجيلهـا َّ‬
‫املنصـات اإللكرتونيـة‪ ،‬واعتمـدت خطـة التعليـم عـن ُب ْعـد‪،‬‬ ‫ثـم قامـت الـوزارة بتفعيـل َّ‬
‫واضحا يف تطبيق هذه التجربة اجلديدة‬‫ً‬ ‫واستطاعت املؤسسات التعليمية أن حت ّقق تسار ًعا‬
‫قـرارا بإلغاء االمتحانـات للفصول‬ ‫(زكـي‪ .)2020 ،‬ويف مرحلـة الحقـة َّاتـذت الـوزارة ً‬
‫االنتقاليـة‪ ،‬واإلبقـاء على امتحانـات الشـهادات‪ ،‬واجلامعـات‪ .‬ويف ظـل هـذه اإلجراءات‬
‫قـام عـدد كبير مـن املعلمين باسـتخدام وسـائل التواصـل االجتامعـي والصفحـات‬
‫الشـخصية واعتماد قنـوات اليوتيـوب للتواصـل مع طالهبـم ومتابعة تعليمهم للمسـاعدة‬
‫يف مواجهـة األزمـة ومسـاندة اإلجـراءات الوزاريـة (الطـوال‪.)2021 ،‬‬
‫كبيرا مـن التحديـات التـي تتمثل يف عـدم قدرة‬
‫وقـد واجهـت التجربـة املرصيـة عـد ًدا ً‬
‫النسـاء العاملات واملعيالت ألرسهـن وأطفاهلن عىل اجلمع بني الوظيفـة وإعالة األطفال‬
‫يف آن واحـد‪ .‬يضـاف إىل ذلـك فقـدان ‪11‬مليـون طالب وجباهتـم الغذائية املدرسـية‪ ،‬التي‬
‫تعـدُّ مـن أهـم أركان احلاميـة االجتامعيـة يف مصر‪ ،‬وذلـك يف الوقت الذي يعـاين فيه حوايل‬
‫التقـزم الناتـج عـن سـوء التغذيـة‪ .‬وينبنـي على اإلغلاق أيضـا تغييب‬
‫ثلـث األطفـال مـن ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫العنايـة الصحيـة التـي تنفذ يف املـدارس‪ ،‬بالرغم مـن حمدوديتها (صبحـي‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -5-8‬التجربة العراقية‪:‬‬
‫اضطـر املسـؤولون يف الـوزارة واجلامعـات إىل قبـول التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة‬
‫الطـوارئ كجـزء مـن عمليـات التعليـم والتعلم‪ ،‬وبـدأت التجربـة العراقيـة بالرغم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪164‬‬
‫مـن معارضـة كثير مـن الطلبة هلذا النـوع من التعليـم‪ ،‬وبالرغم مـن ضعف معارف‬
‫املع ّلمين واملدرسين يف جمـال التعليـم الرقمـي واسـتخدام الوسـائط اإللكرتونيـة‪،‬‬
‫وانعـدام خربهتـم بالتدريـس عرب اإلنرتنـت‪« .‬وألن احلاجة أم االختراع‪ ،‬فقد بدأت‬
‫ملنصـات التعليـم عـن ُب ْع ٍـد تغـرق مواقـع التواصـل‬
‫إعالنـات الـدورات التدريبيـة َّ‬
‫االجتامعـي داعيـة التدريسـيني للمشـاركة‪ ،‬وتع ّلـم هـذه التكنولوجيـا اجلديـدة‪،‬‬
‫وطب ًعـا كالعـادة تكـون املكافـأة مضمونـة تطبي ًقـا لشـعار «ال مشـاركة بـدون شـهادة‬
‫اشتراك»‪( .‬الربيعـي‪.)2020 ،‬‬

‫‪ - 6-8‬التجربة اجلزائرية‪:‬‬
‫جلـأت اجلزائـر إىل نشر التعليـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬كغريهـا من الـدول عرب العـامل‪ ،‬وذلك‬
‫بعـد تأثـر ماليين األطفـال بإغلاق املـدارس عقـب فـرض احلكومـات تدابير‬
‫التباعـد االجتامعـي وإجـراءات العـزل العـام مـن أجـل احتـواء انتشـار الفيروس‪.‬‬
‫وبعـد صـدور قـرار اإلغلاق يف ‪ 12‬مـارس ‪ 2020‬أعلنـت وزارة الرتبيـة الوطنيـة‬
‫يف اجلزائـر يف بيـان نشر يف موقعهـا الرسـمي إطلاق خطـة تعليـم عـن ُب ْع ٍـد ملتابعـة‬
‫الدراسـة يف املـدارس يف خمتلـف املسـتويات التعليميـة باسـتخدام املنصـات‬
‫اإللكرتونيـة‪ .‬وطلبـت مـن اإلدارات الرتبويـة تعويض الفصول الدراسـية التقليدية‬
‫خيارا حتم ًّيـا ومفاج ًئا ملواجهة حتـدي اإلغالق املدريس‬‫بربامـج رقميـة‪« ،‬ويعـدُّ هذا ً‬
‫الـذي فرضتـه أزمـة فيروس كورونـا يف خمتلـف أركان الكوكـب‪ ،‬وذلـك رغـم مـا‬
‫أساسـا بمدى اسـتعداد األنظمة التعليميـة التقليدية ملواكبة‬ ‫يعرتيـه من أسـئلة تتعلق ً‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املتدن هلذه‬
‫ّ‬ ‫احللـول التـي يقرتحهـا التعليـم الرقمي ومدى فعاليتهـا يف ّ‬
‫ظل املسـتوى‬
‫األنظمـة الـذي تكشـف عنـه رتبتها يف سـلم مـؤرشات التعليـم الدولية» (بوسـيس‪،‬‬
‫يـرق نظـام التعليـم عـن ُب ْع ٍـد إىل تطلعـات الطلبـة الذيـن انتقـدوا‬
‫‪ .)29 ،2020‬ومل َ‬
‫ظـل ضعـف املنظومـة التكنولوجيـة وغيـاب الرقمنـة يف قطـاع‬ ‫جتربـة العمـل بـه‪ ،‬يف ِّ‬
‫التعليـم العـايل‪ ،‬ناهيـك عن رداءة شـبكة اإلنرتنـت التي حتتكرها الدّ ولة يف مؤسسـة‬
‫اتّصـاالت اجلزائـر» (بيـزاز‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪165‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -9‬خامتة‪:‬‬
‫تأخـذ إشـكالية التعليـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬يف ظـل جائحـة كورونا‪ ،‬صـورة أزمة شـاملة‪،‬‬
‫ويشـكل هـذا النّمـط مـن التعليـم‪ ،‬يف ظـل هـذه الظـروف الوبائيـة‪ ،‬كارثـة إنسـانية‬
‫بما هلـا مـن أبعـاد اقتصاديـة واجتامعيـة‪ .‬فاملشـكلة ليسـت يف التعليـم والتعليـم عـن‬
‫ُب ْع ٍـد ذاتـه‪ ،‬وإنما يف دوامـة العالقـات املع َّقـدة التـي تفرضهـا خمتلـف متغيرات هـذه‬
‫الظاهـرة وال سـ َّيام يف البلـدان الفقيرة أو الناميـة التـي يصطلـح عىل تسـميتها ببلدان‬
‫اجلنـوب‪ .‬فالتعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف هـذه البلـدان جـاء بصـورة كارثيـة‪ .‬وهـو يف الوقت‬
‫نفسـه حيمـل يف ذاتـه نتائـج كارثيـة تربو ًّيـا واجتامع ًّيـا واقتصاد ًّيـا‪.‬‬
‫فالبلـدان املتقدمـة اسـتطاعت أن تعتمد التعليم عن ُب ْع ٍـد ‪-‬وإن كان بصعوبة إىل‬
‫حـدٍّ مـا‪ -‬وذلـك كنتيجـة طبيعيـة لتو ُّفر البيئـة التعليميـة املناسـبة والبنيـة التحتية من‬
‫التحـول كان صع ًبا‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫أجهـزة ووسـائل‪ ،‬ومعـدات ومهـارات وخبرات‪ .‬ولكـن هـذا‬
‫وكارث ًّيـا يف خمتلـف أنحـاء العـامل الثالـث والسـ َّيام يف دول اجلنـوب ومنهـا الـدول‬
‫العربيـة الفقرية‪.‬‬
‫أن التَّفاعـل بين كورونـا والتَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يـؤدي إىل نتائـج‬ ‫ويتَّضـح بجلاء َّ‬
‫فقـرا يف املسـتويات االقتصاديـة‬ ‫مع َّقـدة‪ ،‬والسـ َّيام يف البلـدان الناميـة واألكثـر ً‬
‫وتتجسـد الكارثـة يف‬‫َّ‬ ‫السـواء‪.‬‬
‫واالجتامعيـة والتعليميـة للأرسة واملجتمـع على َّ‬
‫التسرب املـدريس‪ ،‬وعاملـة األطفـال‪ ،‬والتّمييـز بين‬ ‫ّ‬ ‫ظواهـر عديـدة نذكـر منهـا‪:‬‬
‫اجلنسين‪ ،‬والبطالـة بين اآلبـاء العاملين‪ ،‬وزيـادة حـدّ ة النقـص يف التغذيـة‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫لقـد اسـتجابت الـدول الغن ّيـة‪ ،‬التـي متتلـك شـبكات إنرتنـت عاليـة الرسعـة‬
‫تم حتويـل املناهج‬
‫وإمكانيـة الوصـول إىل األجهـزة الرقميـة‪ ،‬رسيعـة وفعالـة‪ ،‬حيث ّ‬
‫الدراسـية بكاملهـا إىل الدراسـة عـن ُب ْع ٍـد عبر اإلنرتنـت والوسـائط اإلعالميـة‬
‫األخـرى‪ .‬ولكـن هـذا األمـر كان مع ّقـدا ومؤملـا جـدا بالنّسـبة إىل الـدول الناميـة‬
‫والفقيرة التـي كانـت تعـاين مـن ضعـف شـديد يف أنظمتهـا الصحيـة واالقتصاديـة‬
‫واالجتامعيـة قبـل أزمـة اجلائحـة وبعدهـا‪ ،‬حيث تسـ ّببت جائحة كورونـا يف حرمان‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪166‬‬
‫رشائـح هائلـة مـن الطلاب مـن الوصـول إىل أي نـوع مـن أنـواع التعليـم بسـبب‬
‫ظـروف الفقـر املدقـع‪ ،‬وغيـاب إمكانيـة الوصـول إىل التقنيـات الرقميـة‪ .‬فأغلـب‬
‫التالمـذة والطلاب يف البلـدان الفقيرة ال يملكـون أجهـزة االتصـال واحلواسـيب‬
‫والكتـب والربجميـات واملهـارات‪ ،‬فض ً‬
‫لا عـن صعوبـة اتصاهلـم باإلنرتنـت أو عـدم‬
‫امتالكهـم للحواسـيب املحمولـة‪.‬‬
‫وفيما يتعلـق بالـدول العربية فقـد الحظنا أن هـذه التجربة كانـت صعبة ومعقدة‬
‫والسـيام يف الـدول العربيـة املنكوبـة باحلـروب واألزمـات مثـل ليبيـا وسـوريا‬
‫والصومـال واليمـن حيـث ال تتوفر أدنى مسـتويات البنيـة التحتية من مـاء وكهرباء‬
‫وشـبكات وهـي التـي تعاين أيضا من أزمـات اقتصادية خانقة كام هـو احلال يف لبنان‬
‫على سـبيل املثـال وليـس احلصر‪ .‬وسـنتحدث يف الفصـل القـادم عـن جتربـة الـدول‬
‫اخلليجيـة بوصفهـا جمموعـة على درجـة عاليـة مـن االسـتقرار املـايل واالقتصـادي‬
‫وتتوفـر فيهـا البنـى اللوجسـتية الرضوريـة لعملية االنتقـال إىل التعليـم اإللكرتوين‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪167‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
:‫هوامش الفصل ومراجعه‬
- ACAPS (2020) GLOBAL ANALYSIS COVID-19: Impact on
education. COVID-19: Thematic series on education. Novem-
ber 2020. Available at: https://reliefweb.int/sites/reliefweb.
int/files/resources/20201102_acaps_thematic_series_review_
of_covid-19_impacts_on_global_education.pdf. accessed on
19/12/2020.
- Al Lily . Abdulrahman Essa ; Ismail . Abdelrahim Fathy ; Abunass-
er . Fathi Mohammed ; and Alqahtani .Rafdan Hassan Alhajhoj
(2020).Distance education as a response to pandemics: Corona-
virus and Arab culture. Technology in Society 63 (2020) 101317.
http://www.elsevier.com/locate/techsoc. Accessed on 24/12/2020.
- Eropeen Datas portal (2020). Education during COVID-19; mov-
ing towards e-learning. 22/06/2020. https://www.europeandat-
aportal.eu/en/impact-studies/covid-19/education-during-covid-
19-moving-towards-e-learning. accssed on 20/12/2020.
- Nations Unies(2020). Note de synthèse: L’impact de la COVID-19
sur les enfants »: https://unsdg.un.org/sites/default/files/2020-
04/160420_Covid_Children_Policy_Brief.pdf
- OECD. (Organization for Economic Cooperation and Develop-
ment) (2020) Vocational education and training (VET) in a time
of crisis: Building foundations for resilient vocational education ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

and training systems -OECD. 2020.


- Programme des Nations unies (2020) pour le développement
(PNUD). COVID-19 and Human Development: Assessing the
Crisis. Envisioning the Recovery. 2020 Human Development
Perspectives. 2020. New York: http://hdr.undp.org/en/hdp-covid.
- Saba. F. (2000) Research in distance education: A status report.
Int. Rev. Res. Open Distrib. Learn. 1 (2000). 1–9.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 168
- UNESCO(2020) survey highlights measures taken by countries to
limit impact of COVID-19 school closures. 28/04/2020. https://
en.unesco.org/news/unesco-survey-highlights-measures-tak-
en-countries-limit-impact-covid-19-school-closures. Accessed
on 20/12/2020.
- UNESCO-UNICEF-Banque mondiale (2020). Base de données
commune UNESCO-UNICEF-Banque mondiale. mai-juin 2020:
http://tcg.uis.unesco.org/ survey-education-covid-school-closures.
- Vegas . Emiliana and Winthrop . Rebecca . Beyond (2020). re-
opening schools: How education can emerge stronger than before
COVID-19.Tuesday. September 8. 2020. https://www.brookings.
edu/research/beyond-reopening-schools-how-education-can-
emerge-stronger-than-before-covid-19/. Accessed on 20/12/2020.
،‫ حتـ ُّـوالت التعليــم فـــي زمــن مــا بعــد الكورونــا‬.)2020( ‫ فاطمــة‬،‫ البغــدادي‬-
http://bitly.ws/aKzC ،2020 ‫ ديســمرب‬،‫القافلــة‬
‫ أزمــة املدرســة يف زمــن الكورونــا وخرافــة التعليــم‬.)2020( ‫ عليــوي‬،‫ اخلالفــة‬-
‫ شــوهد‬http://bitly.ws/aMWt .2020 ‫أبريــل‬19 ،PhiloClub ،‫عــن بعــد‬
.2020/12/12 ‫بتاريــخ‬
،‫ شــفق‬،‫ التعليــم العــايل مــا بعــد جائحــة الكورونــا‬.)2020( ‫ حممــد‬،‫ الربيعــي‬-
.2020/12/12 ‫ شــوهد يف‬.http://bitly.ws/aMUZ
،‫ التعليم عن ُب ْع ٍد يف مواجهة أزمة كورونا‬.)2021( ‫ عامد‬،‫ الطوال‬-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/03/21/516616.html
.2020/12/11 ‫شــوهد يف‬
،‫ الفــرص والتحديــات‬:‫ التعليــم يف غــار أزمــة كورونــا‬.)2020( ‫ وجيــه‬،‫ العــي‬-
.2020/6/14 ،‫املعلومــة‬
.2020/12/12 ‫ شوهد يف‬/https://www.almaalomah.com/2020/06/14/479709

169 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬املوســى‪ ،‬عبــداهلل بــن عبدالعزيــز (‪ .)2020‬التعليــم مــا بعــد كورونــا‪..‬‬
‫ســيناريوهات متو َّقعــة‪ ،‬اجلزيــرة ‪ 5‬يونيــو ‪،2020‬‬
‫‪https://www.al-jazirah.com/2020/20200605/en1.htm‬‬
‫‪ -‬اليونيســكو (‪ .)2020‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد مفهومــه‪ ،‬أدوا ُتــه واســراتيج ّياتُه‪ :‬دليــل‬
‫لصانعــي السياســات يف التعليــم األكاديمــي واملهنــي والتقني‪.2020،‬‬
‫‪ -‬بوســيس‪ ،‬وســيلة (‪ .)2020‬اســراتيجية إغــاق املؤسســات التعليميــة للحــد‬
‫مــن تفــي فــروس كوفيــد‪ :19-‬حتــدي الرقمنــة ورهــان التعليــم عــن بعــد‪،‬‬
‫جملــة التمكــن االجتامعــي‪ ،‬املجلــد ‪ ،2‬العــدد ‪ ،3‬ســبتمرب ‪ .2020‬ص ‪.33-20‬‬
‫‪ -‬بوقحــوص‪ ،‬خالــد أمحــد (‪ .)2020‬مـستقـبـــل الـتـعـلـــيم فـــي ظل وبعــد جائحة‬
‫كورونــا (‪ ،)1‬أخبــار اخلليــج‪ 5 ،‬مايــو ‪- 2020‬‬
‫‪ http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1217814‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬بيــزاز‪ ،‬حممــد األمــن (‪ .)2020‬انطالق الســنة الدراســية يف ظــل كورونا‪...‬كيف‬
‫جــاء أداء الــدول العربيــة مــع التعليــم عــن ُبعــد؟ أورونيــوز‪.2020/09/06 ،‬‬
‫شوهد يف ‪:2021/1/10‬‬
‫‪https://arabic.euronews.com/2020/09/06/how-did-the-arab-coun-‬‬
‫‪try-perform-with-the-online-education-coronavirus-pandemic‬‬
‫‪ -‬تقريــر عــرب ‪ 48‬أ ف ب (‪ .)2020‬مــا هــو حــال التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف العــامل‬
‫العــريب إثــر كورونــا؟ عــرب ‪http://bitly.ws/aMDy ،2020/03/48،24‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬حســن‪ ،‬نــوران (‪ .)2020‬الثقافــة السياســية ونظــم التعليــم مــا بعــد كورونــا‪،‬‬
‫املعهد املرصي للدراســات‪ 16 ،‬ســبتمرب‪ .2020 ،‬شــوهد يف ‪.2020/12/15‬‬
‫‪http://bitly.ws/aMVD‬‬
‫‪ -‬ربــداوي‪ ،‬غيــداء‪ ،‬التعليــم عــن بعــد‪ .‬مــا لــه ومــا عليــه‪ ،‬جملــة املعلوماتيــة‪ ،‬العــدد‬
‫‪ 152‬أبريــل‪.2020،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪170‬‬
‫‪ -‬زكــي‪ ،‬وليــد رشــاد (‪ .)2020‬هــل ينجــح كورونــا يف تطويــر التعليــم‬
‫أوناليــن؟ أصــوات‪4 ،‬أبريــل ‪ http://bitly.ws/aMHP ،2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020 /12 /11‬‬
‫‪ -‬صالــح‪ ،‬عامــر (‪ .)2020‬كوفيــد ـ ‪ 19‬والتعليــم عــن بعــد‪ :‬بــن ظــروف‬
‫االضطــرار ومســتلزمات النهــوض‪ ،‬املعلومــة‪،‬‬
‫‪14:20 - 17/04/20200 https://www.almaalomah.com/2020/04/17/469147/‬‬
‫‪ -‬صبحــي‪ ،‬هانيــة (‪ .)2020‬الكورونــا والتعلــم عــن بعــد‪ :‬هــل يمكــن أن نعيــش‬
‫بــدون مــدارس؟ الــروق‪ 23 ،‬مــارس ‪.2020‬‬
‫‪h t t p s : / / w w w. s h o r o u k n e w s . c o m / c o l u m n s / v i e w. a s p x ? c -‬‬
‫‪date=23032020&id=84a5ce94-965d-459c-ae2c-c06b0d6310b0‬‬
‫شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل‪ ،‬أمحــد (‪ .)2020‬نجحنــا يف التعليــم عــن بعــد‪ ..‬فأيــن الرتبيــة؟ اجلزيــرة‪،‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aME4 .2020/4/4‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬عــرب ‪ 48‬أ ف ب (‪ .)2020‬مــا هــو حــال التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف العــامل العريب إثر‬
‫كورونــا؟ عــرب ‪ http://bitly.ws/aMDy ،2020/03/48،24‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬عطيــة‪ ،‬رضــا عبــد البديــع الســيد (‪ .)2017‬تصــور مقــرح لتطبيقــات التعليــم‬
‫اإللكــروين يف مؤسســات التعليــم العــايل العربيــة يف ضــوء االجتاهــات العامليــة‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫جملــة العلــوم االجتامعيــة العــدد ‪ ،24‬يونيــو ‪ .2017‬ص ‪.64-38‬‬


‫‪ -‬عــي‪ ،‬نريمــن (‪ )2020‬أيــن يقــف التعليــم مــن العــامل الرقمــي يف الــدول العربيــة؟‬
‫أندبندنــت عــريب‪ ،‬األحــد ‪ 25‬أكتوبــر ‪http://bitly.ws/aKNw .2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬عــودة‪ ،‬ســليامن (‪ .)2020‬األســتاذ «كورونــا» يعيــد صياغــة مســتقبل التعليــم‪،‬‬
‫أوالكــم‪ .http://bitly.ws/aMAe ،2020/4/24 ،‬شــوهد ‪.2020/12/11‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪171‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬عيشـور‪ ،‬ناديـة (‪ .)2020‬التعليـم اإللكتروين يف مواجهـة رزايا جائحـة كورونا؛‬
‫االستراتيجيات االبتكاريـة وحتديـات التنميـة العربيـة‪ -‬جملـة العلوم اإلنسـانية‪،‬‬
‫املجلـد ‪ ،8‬العـدد‪ ،2020 ،3‬ص ‪.88-66‬‬
‫‪ -‬غنايـم‪ ،‬مهنـي حممـد إبراهيـم (‪ .)2020‬التعليـم العـريب وأزمـة كورونـا‪:‬‬
‫سـيناريوهات للمسـتقبل‪ ،‬املجلـة الدوليـة للبحـوث يف العلـوم الرتبويـة‪ ،‬املجلد‬
‫‪ 3‬العـدد ‪ .2020 - 4‬ص ‪.104-75‬‬
‫ٍ‬
‫تلميــذ يفارقــون املــدارس‬ ‫‪ -‬هســريس (‪ .)2021‬بيانــات رســمية‪ 300 :‬ألــف‬
‫املغربيــة يف ســنة واحــدة‪ ،‬هســريس‪ ،‬األربعــاء‪ 6 ،‬ينايــر ‪ .2021‬شــوهد يف‬
‫‪http://bitly.ws/b4xL - 2021/1/9‬‬
‫‪-‬ربـداوي‪ ،‬غيـداء (‪ .)2020‬التعليـم عـن ُبعـد‪ ..‬ما له ومـا عليه‪ ،‬جملـة املعلوماتية‪،‬‬
‫العـدد ‪ 152‬أبريل‪.2020،‬‬

‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪172‬‬
‫اخلامس‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الفصل‬

‫التجربة التربوية لدول‬


‫اخلليج العربي يف مواجهة كورونا‪:‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪173‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مجـة‪ ،‬إال أهنـا متثـل فرصـة‬
‫« بقـدر مـا انطـوت عليـه هـذه اجلائحـة مـن صعوبـات َّ‬
‫سـانحة يف حد ذاهتا لالسـتفادة منها‪ ،‬ولدى دول اخلليج القدرة عىل حتقيق إنجازات‬
‫تتجـاوز جمرد اسـتعادة األمور إىل سـابق عهدهـا « (كيتلني سـباركس‪.)2020 ،‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ِّ -1‬‬
‫تشـكّل جتربـة الـدُّ ول العربيـة اخلليج َّية يف مواجهـة أزمة كورونا جتربـة فريدة من‬
‫نوعهـا‪ .‬وتقـوم هـذه الفرادة على خصوص َّية هذه الـدول بوصفها دوال نفطية تتَّسـم‬
‫بالغنـى والثـراء االقتصـادي واللوجسـتي‪ .‬وتتشـكّل هـذه املجموعـة اإلقليميـة من‬
‫سـت دول‪ ،‬هي‪ :‬السـعودية والكويـت واإلمارات العربية املتحـدة وقطر والبحرين‬ ‫ِّ‬
‫وسـلطنة ُعمان‪ .‬وتنضـوي هذه الـدول حتـت املظ ّلـة السياسـية واالقتصادية ملجلس‬
‫السـت سياسـ ًّيا‬
‫ّ‬ ‫التعـاون اخلليجـي‪ ،‬وهـو ِّاتـاد شـبه فيـدرايل جيمـع هـذه الـدول‬
‫واقتصاد ًّيـا‪ ،‬ويطلـق على هـذه البلـدان دول جملـس التعـاون اخلليجي‪.‬‬
‫تتم ّيـز دول اخلليـج بقدراهتا املاليـة الكبرية وبدرجة عالية مـن النمو االقتصادي‬
‫َّعليمـي يف خمتلـف مظاهـر وجوانـب احليـاة االجتامعيـة‬ ‫ِّ‬ ‫والتقـدم العمـراين والت‬
‫واالقتصاديـة‪ .‬ومـن هـذا املنطلـق ُينتظـر أن تكـون جتربتهـا يف مواجهـة األزمـة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وتبعـات اجلائحـة ف َّعالـة وناجحـة ومم ّيـزة باملقارنـة مـع البلـدان الناميـة‪ ،‬والسـ َّيام‬
‫شـك فيـه أن التعريـف هبـذه التجربـة ومـا‬ ‫البلـدان العربيـة غير النفط َّيـة‪ ،‬وممَّـا ال َّ‬
‫شـاهبها يعـدُّ رضورة علميـة تنطـوي على خبرة تارخييـة يف كيفيـة مواجهـة األوبئـة‬
‫واحلـاالت الطارئـة يمكـن االسـتفادة منهـا يف املسـتقبل‪ ،‬والعمـل على تطويرهـا‪،‬‬
‫وتطويـر األنظمـة الرتبويـة يف اخلليـج والعـامل العـريب؛ لتكـون أكثـر قـدرة على‬
‫مواجهـة التحديـات واألوبئـة واجلوائح‪ .‬وعلى الرغم من القوة املاليـة واالقتصادية‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪175‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التـي تتمتـع هبـا دول اخلليـج‪ ،‬فـإن األزمـة التـي هـزت أركان العـامل اسـتطاعت يف‬
‫الوقـت نفسـه أن تزلـزل األوضـاع االقتصاديـة يف دول اخلليـج العـريب‪ ،‬وأن تسـ ِّبب‬
‫مثيلا مـن قبـل‪ .‬فقـد أ َّدت الصدمـة إىل‬ ‫أزمـة اقتصاديـة كبيرة مل يشـهد هلـا اخلليـج ً‬
‫ِّ‬
‫مشـط يف امليزانيـات واهنيار بالغ‬ ‫انخفـاض كبير جـدًّ ا يف أسـعار النفـط‪ ،‬وإىل تراجع‬
‫بأن اخلليج العـريب يعاين اليوم‬ ‫لألسـهم يف السـواق اخلليجيـة‪ .‬وقـد ال نبالـغ إذا قلنا َّ‬
‫اقتصـادي مؤ ّثـر وخطير جـدًّ ا إذا امتـدَّ زمـن األزمـة‪ .‬وقـد الحظنـا‬
‫ّ‬ ‫مـن شـبه كسـاد‬
‫ذلـك يف سياسـات هـذه الـدول التـي بـدأت تق ّلـص اإلنفـاق إىل مسـتوياته الدُّ نيـا‪،‬‬
‫«املتورمـة» باألجانـب والوافدين‪ .‬وقـد أ َّثرت هذه‬ ‫ّ‬ ‫وتعيـد النظـر يف البنيـة السـكانية‬
‫اإلجـراءات يف خمتلـف مظاهـر احليـاة االقتصاديـة واالجتامعيـة‪ .‬ومـن أبـرز النتائـج‬
‫اخلطيرة يف جمـال التَّعليـم الـذي يعنينـا يف هـذا املقـام‪ ،‬تقليـص ميزانيـات وزارات‬
‫التَّعليـم والتَّعليـم العـايل واجلامعـات وتقليـص النشـاط يف جمال البحـث العلمي يف‬
‫إن بعض هذه املؤسسـات اجلامعية‬ ‫خمتلـف اجلامعـات واملؤسسـات التَّعليميـة حتَّـى َّ‬
‫قـد أعلـن عـن عجـز يف موازناتـه املاليـة يف العـام ‪.2020‬‬
‫ويف هـذا املقـام يقـول عبـد اخلالـق عبـد اهلل‪« :‬اجلميـع مـن دون اسـتثناء تأثـر‬
‫كثيرا مـن صدمـة كورونـا‪ .‬مل تترك أحـدً ا‪ :‬األفـراد والـدول‪ ،‬واملجتمعات‬ ‫قليلا أو ً‬‫ً‬
‫واالقتصاديـات‪ ،‬أمريـكا والصني‪ ،‬روسـيا ودول االحتـاد األورويب‪ ،‬وكذلك منطقة‬
‫الشرق األوسـط ومنـه دول اخلليـج العـريب التـي تأثـرت كغريهـا بسـبب كورونـا‪،‬‬
‫جـراء صدمـة ثانيـة ال ُّ‬
‫تقـل عن ًفـا هـي صدمـة اهنيـار أسـعار النَّفـط‪ .‬ورغـم أن‬ ‫ومـن َّ‬
‫معركـة كورونـا مل ِ‬
‫تنتـه بعـد‪ ،‬وقـد تكـون يف املراحـل األوىل منهـا‪ ،‬ومـن االسـتحالة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ليروج ملقولـة‪َّ :‬‬


‫إن‬ ‫َ‬ ‫التكهـن بمسـاراهتا النهائيـة‪ ،‬فـإن هنـاك مـن اسـتبق النهايـات‬
‫ُّ‬
‫عما قبلها‪َّ ،‬‬
‫وإن عـامل ما قبـل كورونا ليـس كعامل ما‬ ‫احليـاة مـا بعـد كورونـا سـتختلف َّ‬
‫وإن خليـج مـا بعـد كورونـا ليـس كخليج ما قبل انتشـار هـذا الوبـاء الفتاك‬‫بعدهـا‪َّ ،‬‬
‫« (عبـد اهلل‪. )2021 ،‬‬
‫وعلى الرغـم مـن هـذه التحديـات والصعوبـات‪َّ ،‬‬
‫فـإن دول اخلليـج العـريب‬
‫سـجلت نو ًعـا مـن النجـاح يف املواجهـة‪ ،‬ووضعت استراتيجيات تربويـة واضحة‪،‬‬
‫َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪176‬‬
‫واسـتفادت مـن خمتلـف امليـزات اللوجسـتية الرقميـة املتوفـرة بصـورة جيـدة‬
‫لالسـتمرار يف العمليـة التَّعليميـة‪ .‬وقـد صنَّفـت جتـارب دول اخلليـج العـريب ضمن‬
‫التجـارب الناجحـة نسـب ًّيا يف هـذا امليـدان‪.‬‬
‫وسـنعمل يف هـذا املبحـث على توصيـف هـذه التجربـة‪ ،‬وحتديـد مسـتويات‬
‫نجاحهـا والصعوبـات التـي واجهتهـا‪ .‬وسـنعمل يف البدايـة‪ ،‬على إبـراز السمات‬
‫العامـة هلـذه التجربـة يف دول اخلليـج جمتمعـة‪ ،‬ثـم نبحـث بعـد ذلـك يف تفاصيـل‬
‫جتربـة كل دولـة مـن الـدول السـت؛ لتقديـم صـورة جمهريـة ميكروسـكوب َّية تـارة‪،‬‬
‫وميكروسـكوبية إمجاليـة تـارة أخـرى‪ .‬وسـنعتمد يف عـرض هـذه التجربـة عىل عدد‬
‫كبير مـن التقاريـر والدراسـات والشـهادات الرتبويـة التـي مـن شـأهنا أن تتيـح لنـا‬
‫الكشـف عـن مفاصـل هـذه التجربـة‪ ،‬واسـترشاف آفاقهـا‪ ،‬واسـتحضار مظاهرهـا‬
‫وخفاياهـا ومضامينهـا‪.‬‬

‫ُ‬
‫السمات العامة للتجربة اخلليج َّية يف مواجهة كورونا‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اسـتجابت دول اخلليـج كغريهـا مـن الـدول يف العـامل‪ ،‬فعملـت على إغلاق‬
‫مدارسـها‪ ،‬ومن ثم صدرت قرارات االنتقال إىل التَّعليم عن ُب ْع ٍد يف حالة الطوارئ‬
‫بصـور خمتلفـة بين دولـة وأخـرى ضمـن جمموعـة جملـس التعـاون اخلليجـي‪ .‬ومـع‬
‫وجـود بعـض االختالفـات يف منهجيـة التصـدي للوبـاء «فقد تعاملـت دول اخلليج‬
‫بنجاعـة مـع حتميـة إغالق املـدارس‪ ،‬وبذلت جهـو ًدا حثيثة لضامن اسـتمرار عملية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التَّع ُّلـم مـن خلال االسـتعانة بالوسـائل البديلـة» ‪ .‬وتبين اإلحصائيـات اجلاريـة َّ‬
‫أن‬
‫مـا يزيـد عـن ‪ 10‬ماليين مـن التالمـذة والطلاب يف دول اخلليـج العـريب قـد تأثروا‬
‫باجلائحـة‪ ،‬وقـد أغلقـت مدارسـهم يف خمتلـف املسـتويات التَّعليمية بـد ًءا من رياض‬
‫ً‬
‫وصـول إىل املسـتويات اجلامعيـة ال ُعليا‪.‬‬ ‫األطفـال‪،‬‬
‫وأدركـت دول اخلليـج العـريب خطـورة املوقـف‪ ،‬وهـول التحديـات منـذ الوهلة‬
‫األوىل للجائحـة‪ ،‬فبـادرت على الفـور‪ ،‬بإعـداد اخلطـط واالستراتيجيات الشـاملة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪177‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وتضمنـت هـذه اخلطـط حتقيـق التعـاون الف َّعـال بين‬ ‫َّ‬ ‫ملواجهـة املوقـف الرتبـوي‪.‬‬
‫السـياق شـهدت‬ ‫املؤسسـات والـوزارات يف التحضير ملواجهـة األزمـة‪ .‬ويف هـذا ّ‬
‫مؤسسـات املجتمع املدين والـوزارات واإلدارات يف‬ ‫هـذه الـدول تعاونًا بني خمتلف َّ‬
‫جمـال االسـتجابة ملتطلبـات اإلغالق واالسـتمرار يف العملية التَّعليميـة‪ .‬وقد لوحظ‬
‫هـذا التعـاون بين وزارات الصحـة والرتبية والتَّعليـم العايل واإلعالم واملؤسسـات‬
‫الرقميـة ورشكات االتصـاالت واجلهات الترشيعية التـي أدخلت تعديالت قانونية‬
‫حاسـمة لصالـح الطلبـة يف كل مـن دولـة الكويـت ودولـة قطـر‪ ،‬تتعلـق باالعتراف‬
‫بمؤهلات التَّع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد كل ًّيـا أو جزئ ًّيـا‪ .‬ولئـن كانـت اخلطـط الشـاملة عـادة‬
‫فـإن أصحـاب القـرار يف دول املجلـس حرصـوا‬ ‫تتعـاىل عـن التفاصيـل والدقائـق‪َّ ،‬‬
‫على اتّبـاع مقاربـات تـوازن بني شـمولية النطاق ود َّقـة التفاصيل‪ ،‬حتَّى َّ‬
‫تعـم الفائدة‬
‫توجه‬
‫مثلا ُّ‬‫مجيـع الرشائـح الطالبيـة مهما صغـر حجمهـا‪ .‬فهـا هـي دولـة اإلمـارات ً‬
‫الربـط اإللكتروين لطلبـة املناطـق النائيـة‪ ،‬وهـا هـي‬ ‫رشكات االتصـاالت لتأمين َّ‬
‫دولـة الكويـت ودولـة قطـر تسـنَّان ترشيعات جديـدة لفائـدة الطلبة الذيـن فرضت‬
‫عليهـم الظـروف االنتقـال مـن التَّع ُّلـم النظامي إىل التَّع ُّلـم عن ُب ْع ٍد (مكتب الشـبكة‬
‫اخلليج َّيـة لضمان جـودة التَّعليـم‪ .)2020 ،‬لقـد تعاونـت احلكومـات مـع مقدّ مـي‬
‫خدمـات اإلنرتنـت بغيـة تسـهيل التُّع ُّلـم اإللكتروين‪ ،‬ويمكـن اإلشـارة يف هـذا‬
‫السـياق إىل التعـاون الناجـع بين رشكـة اتصـاالت قطـر «أوريـدو» ووزارة التَّعليـم‬
‫والتَّعليـم العـايل مـن خلال «رشاكـة التحـول الرقمـي»؛ أ َّمـا يف ُعمان فقـد بـادرت‬
‫«أوريـدو» إىل ترقيـة باقـات اشتراكات اإلنرتنـت للمؤسسـات التَّعليميـة‪ ،‬وتعزيـز‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫رسعتهـا مـن أجـل مسـاعدة أوليـاء األمـور والطلاب يف عمليـة التَّع ُّلـم مـن املنازل‬
‫(سـباركس‪.)2020 ،‬‬
‫الريـب فيـه أن قطاعـات التَّعليـم العـام ذات املـوارد اجليدة قد أسـهمت يف‬
‫َ‬ ‫وممـا‬
‫ختفيـف حـدّ ة اآلثـار السـ ّيئة النامجـة عـن حتديـات األزمـة‪ .‬لكـن‪ ،‬وعلى الرغـم مـن‬
‫التجربـة املميـزة لألنظمـة الرتبويـة اخلليجيـة يف جمـال اسـتخدام األجهـزة الرقميـة‬
‫املنصـات‬
‫يف العمليـة التَّعليميـة‪ ،‬ومـن سـنوات اخلبرة العريقـة يف جمـال اسـتخدام َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪178‬‬
‫اإللكرتونيـة‪َّ ،‬‬
‫فـإن أ ًّيـا منهـا مل تكـن «مسـتعدة متا ًمـا إلدارة هـذا االنتقـال الكامـل‬
‫منصـات التَّع ُّلـم اإللكرتونيـة‬
‫واخلاطـف مـن ُغـرف الصفـوف الدراسـية إىل فضـاء َّ‬
‫والقنـوات املرئيـة واملسـموعة؛ وكذلـك وجد املعلمون أنفسـهم يف موقـف مل يألفوه‬
‫مـن قبـل‪ ،‬إذ ُطلـب منهـم فجـأة تعديـل طـرق التدريـس ومـواد التَّع ُّلـم وتكييفهـا‬
‫الصعوبـة‪ ،‬دون حصوهلم عىل‬ ‫لتتناسـب مـع بيئـة جديـدة تنطوي عىل ٍ‬
‫قـدر كبري مـن ُّ‬
‫التدريـب والدعـم الكافيين إلنجـاز هـذه املهمـة» (سـباركس‪ .)2020 ،‬ومل يكـن‬
‫حال يف هـذا الوضع‪ ،‬فقد ُفـرض عليهم إىل‬ ‫أوليـاء األمـور ومقدّ مـو الرعايـة أفضـل ً‬
‫جانـب عملهـم وواجباهتـم األخـرى‪ ،‬قضـاء عـدد كبري مـن السـاعات يف اإلرشاف‬
‫تفاقما بسـبب خمـاوف‬ ‫ً‬ ‫على تع ُّلـم أبنائهـم مـن املنـزل‪ .‬وازدادت هـذه املشـكالت‬
‫الصحـة العامـة وتناقـص فـرص الرفاهيـة لـكل فئـة مـن الفئـات املذكـورة‬ ‫َّ‬ ‫تدهـور‬
‫الضغوطـات بالغـة الصعوبة‬ ‫يف غمار هـذه الظـروف املبهمـة املنطويـة على مجلة مـن ُّ‬
‫(سـباركس‪.)2020 ،‬‬
‫فـإن ثمة حتديات‬ ‫ومـع أمهيـة التطـور الـذي ح َّققته بلدان اخلليـج يف جمال الرتبية‪َّ ،‬‬
‫ومصاعـب تواجـه هـذه البلـدان يف املسـتويات االجتامعيـة والرتبويـة‪ ،‬ومـا هـو‬
‫تغص بأعـداد كبرية من الوافدين‪ ،‬والسـ َّيام يف بعض‬ ‫معـروف عـن دول اخلليـج أهنا ُّ‬
‫الـدول اخلليجيـة‪ ،‬مثـل‪ :‬قطـر واإلمـارات والكويـت‪ ،‬وهـي الـدول التـي غال ًبـا مـا‬
‫تبلـغ فيهـا أعـداد الوافدين أضعـاف عدد السـكان املواطنين الذين حيتـاج أبناؤهم‪،‬‬
‫أسـوة بأبنـاء املواطنين‪ ،‬إىل رعايـة تربويـة موازية‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وهنـاك إشـكالية تتعلـق بالفجـوة القائمـة بين املـدارس واحلكوميـة واملـدارس‬


‫اخلاصة التي تتقاىض الرسـوم الدراسـية من أولياء األمور‪ ،‬وال حتصل عىل املسـتوى‬
‫نفسـه مـن الدعـم احلكومـي‪ ،‬أضـف إىل ذلـك أن املـدارس اخلاصـة واألجنبيـة التي‬
‫تقـدم خدماهتـا التَّعليميـة إىل األطفال الوافدين من البلـدان ذات الدَّ خل املنخفض‪،‬‬
‫والسـ َّيام لألطفـال املنحدريـن مـن دول جنـوب آسـيا وأفريقيا‪ .‬وبوجه عـام‪ ،‬تُركت‬
‫هـذه املـدارس لالعتماد على مـا لدهيا مـن مـوارد يف أثناء فترة اإلغالق‪ ،‬مـع األخذ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪179‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أن أكثريـة األُرس والطلاب املحرومين يف هـذه املـدارس غير مؤهلين‬
‫يف االعتبـار َّ‬
‫للحصـول على الدعـم التَّعليمي مـن احلكومة (سـباركس‪.)2020 ،‬‬
‫ويف دولـة قطـر‪ ،‬أطلقت إدارة املدارس اخلاصـة يف وزارة التَّعليم والتَّعليم العايل‬
‫مبـادرة كريمـة لدعـم عـدد مـن الطلاب املحرومني يف املـدارس اخلاصـة من خالل‬
‫لـكل ُأرسة‪ ،‬إال أنَّـه ال يمكـن اجلـزم بوجـود دعـم حكومي‬ ‫توزيـع جهـاز حاسـوب ّ‬
‫مـن هـذا النـوع عىل نطاق واسـع يف باقـي دول اخلليـج (سـباركس ‪ .)2020،‬وتبني‬
‫املترسبني مـن التَّعليم بصورة ملموسـة‬ ‫ّ‬ ‫التقديـرات اإلحصائيـة احتمال ازديـاد عـدد‬
‫لتعـذر الوصـول إىل التكنولوجيـا‪ ،‬وتوقـف عمليـة التَّع ُّلـم بسـبب إغلاق‬ ‫ُّ‬ ‫نتيجـة‬
‫املـدارس لفترات طويلـة والسـ َّيام بين أطفـال الوافديـن‪« .‬وعلى الرغم مـن ارتفاع‬
‫مسـتوى اإلملـام باسـتخدام التكنولوجيـا يف أوسـاط املعلمين والرتبويني‪ ،‬والسـعي‬
‫لسـنوات عـدَّ ة نحـو التحـول إىل االقتصـاد القائم على املعرفـة والشـمولية الرقمية‪،‬‬
‫تكشـف للحكومـات يف دول اخلليـج وجـود فجـوات كبيرة يف القـدرات بين‬ ‫فقـد َّ‬
‫املعلمين مـن املواطنين والوافديـن عىل حـدٍّ سواء»(سـباركس‪.)2020 ،‬‬
‫وأثبتـت الـدول اخلليجيـة فعل ًّيـا َّأنـا أكثـر اسـتعدا ًدا ملواجهـة اجلائحـة مـن بقيـة‬
‫الـدول العربيـة‪ ،‬والسـ َّيام فيام يتعلـق باالنتقـال إىل التَّعليم اإللكتروين‪ ،‬حيث متتلك‬
‫دول اخلليـج البنيـة التحتيـة الرقمية املتقدمة يف جمال األجهزة والشـبكات واخلربات‬
‫التكنولوجيـة‪ ،‬وهـو مـا تفتقـر إليـه أغلب الـدول العربية‪ ،‬والسـ َّيام تلـك التي تعيش‬
‫يف وسـط األزمـات االقتصاديـة واحلـروب األهليـة‪ .‬وحتظـى التكنولوجيـا الرقميـة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫برعايـة جيـدة وراسـخة يف خمتلـف دول اخلليـج العـريب وال سـ َّيام يف جمـال التَّعليـم‬
‫العـايل واجلامعـي‪ ،‬حيـث قامـت هـذه الـدول باسـترياد أحـدث التقنيـات الرقميـة‬
‫وتوظيفهـا يف العمليـة الرتبويـة ويف خمتلـف مناشـط احليـاة‪.‬‬
‫وكان هلــذا التطــور دور كبــر يف تلبيــة خطــة الطــوارئ الرتبويــة عندمــا ُفــرض‬
‫إغــاق املــدارس حتــت صدمــة فــروس كورونــا‪ ،‬واســتجاب القطــاع التَّعليمــي يف‬
‫هــذه البلــدان للتَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حالــة الطــوارئ‪ ،‬وكانــت االســتجابة مقنعــة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪180‬‬
‫ومرضيــة إىل حــد كبــر خــال العــام املنــرم (; ‪Al Lily ; Ismail ; ohammed‬‬
‫‪. )and Alqahtani . 2020‬‬
‫ويـرى كثير مـن اخلبراء أن اسـتجابة دول اخلليـج للتعليـم اإللكتروين يف ظـل‬
‫أزمـة كورونـا كانـت جيـدة ومتنوعـة‪ ،‬وقد تباينـت اإلجـراءات التي اختذهتـا الدول‬
‫يف مواجهـة اجلائحـة‪« .‬وترتقـي العديـد مـن التدابير التـي اختذهتـا دول املجلـس‬
‫إىل ممارسـات جيـدة يمكـن االسـتفادة منهـا يف وضـع مبـادئ عامـة يسرتشـد هبـا يف‬
‫التعامـل مـع مثـل هـذه الكـوارث‪ .‬وهـي بمثابـة الشروط الواجـب توفرهـا لنجـاح‬
‫متسـك‬‫أي جتربـة مسـتقبلية» (مكتـب الشـبكة العربيـة‪ .)2020 ،‬ومـن أمثلـة ذلـك ُّ‬ ‫ّ‬
‫دولـة الكويـت بضرورة وضـع السلامة اجلسـدية للطلبة (حفـظ النَّفس) فـوق ّ‬
‫كل‬
‫أي خطـط ملواجهـة جيـب أن تبنـى على‬‫اعتبـار‪ ،‬وقـرار دولـة اإلمـارات العربيـة بـأن َّ‬
‫أسـاس عـدم إيقـاف خدمات التَّعليـم العايل‪ .‬ومن مميـزات هذا املبدأ رغم بسـاطته‪،‬‬
‫قدرتـه على توحيـد اجلهـود ودفعهـا يف وجهة موحـدة‪ ،‬مما يزيـد من فـرص التَّكامل‬
‫بين اخلطـط واتّسـاقها يف مقاربـة شـاملة ومتجانسـة خلدمـة اهلـدف العـام (مكتـب‬
‫الشـبكة اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم العـايل‪.)2020 ،‬‬
‫إن التحـول املفاجـئ والصـادم إىل التَّعليـم اإللكتروين قـد أ َّدى إىل تضخـم‬
‫الفجـوة الرقميـة واالجتامعيـة بين الفئـات االجتامعيـة املختلفـة يف دول اخلليـج‬
‫العـريب‪ ،‬وهـذا يعنـي أنَّـه رغـم التقـدم اهلائل يف جمـال التطـور الرقمي مل يسـتطع هذه‬
‫التطـور اإللكتروين أن يغطـي الفجـوات االجتامعيـة بين أفـراد املجتمـع وطبقاتـه‬
‫املختلفـة (منتـدى اخلليـج العـريب‪.)2020 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وبالرغـم مـن النجـاح النسـبي لـدول جملـس التعـاون اخلليجـي يف االنتقـال إىل‬
‫َّ‬
‫كثيرا مـن اخلبراء يـرى َّ‬
‫أن‬ ‫ظـل اجلائحـة‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫التَّعليـم اإللكتروين عـن ُب ْعـد يف ّ‬
‫فـإن ً‬
‫التَّعليـم يف دول اخلليـج يف ظـل األزمـة الراهنـة يواجـه حتدّ يين اثنين‪:‬‬
‫يتم َّثـل التحـدّ ي األول يف العمـل على إجيـاد األسـس الترشيعيـة التـي متهـد‬
‫للتَّعليـم اإللكتروين‪« ،‬فبعـض الـدول ال تعترف بمؤهلات التَّع ُّلـم غير النظامـي‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪181‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫(التقليـدي)‪ ،‬وبعضهـا ال يعترف بمخرجـات التَّعليـم املدمـج‪ ،‬والبعـض اآلخـر‬
‫يعترف بأنـواع حمـددة مـن التَّع ُّلـم اإللكتروين‪ .‬وقـد أثبتـت جتربـة جماهبـة كورونـا‬
‫أن هـذه القوانين بحاجـة إىل مراجعـة وتطويـر حتـى تواكـب تطـورات املامرسـات‬ ‫َّ‬
‫التَّعليميـة »‪ .‬وتتفـرع عـن هـذا التحـدي مسـألة ال تقـل عنـه أمهيـة‪ ،‬تتعلـق بتطويـر‬
‫مفهـوم واضـح للتعلـم اإللكرتوين‪ .‬فقـد تم اسـتخدام مصطلحات عديدة مـن ِق َب ِل‬
‫املعنيين مثـل التَّع ُّلـم اإللكتروين‪ ،‬والتُّع ُّلـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬والتَّع ُّلم االفترايض‪ ،‬وهي يف‬
‫واقـع األمـر أنظمـة تعليميـة قائمـة بذاهتـا (مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان جـودة‬
‫التَّعليـم العـايل‪. )6 ،2020‬‬
‫أمـا التحـدي ال َّثـاين فهو توفير البنـى التحتية اإللكرتونيـة القادرة عىل اسـتيعاب‬
‫الطلبـات املتعـددة واملتنوعـة واملتزامنة للمتعلمين‪ .‬فاألعداد الكبرية لطلبـة التَّعليم‬
‫العـايل يف دول املجلـس‪ ،‬واختلاف ظـروف حياهتـم سـيجعل مـن ضمان متابعتهـم‬
‫مهمة وطنية يف غاية األمه َّية لنجاح‬
‫لدروسـهم من منازهلم بشـكل انسـيايب وموثوق َّ‬
‫العمليـة التَّعليميـة وضمان وصوهلا إىل مجيع مسـتح ّقيها دون اسـتثناء أو إقصاء‪.‬‬
‫والبـدَّ لنـا‪ ،‬كـي تتَّضـح الصـورة املوضوعيـة للتجربـة اخلليجيـة يف مواجهـة‬
‫كورونـا تربو ًّيـا‪ ،‬مـن اسـتعراض بعـض املالمح األساسـية هلذه التجربـة يف كل دولة‬
‫مـن الدول السـت‪ :‬السـعودية‪ ،‬الكويت‪ ،‬قطر‪ ،‬اإلمـارات‪ ،‬البحرين‪ ،‬سـلطنة ُعامن‪.‬‬
‫ونبـدأ باسـتعراض جتربـة السـعودية باعتبارهـا الدولـة األكبر يف جملـس التعـاون‬
‫اخلليجـي‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫السعودية‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -3‬التجربة‬
‫يبـدو أن السـعودية كانـت سـباقة إىل اختـاذ اإلجـراءات الوقائيـة والتدابير‬
‫االحرتازيـة يف مواجهـة كورونـا والسـ َّيام يف جمـال األنسـاق الرتبويـة‪ .‬وبنـا ًء على‬
‫حماذيـر انتشـار الوبـاء علقـت وزارة التَّعليـم يف السـعودية الدراسـة مؤقتًـا يف مجيـع‬
‫اعتبـارا مـن يـوم االثنين يف ‪ 9‬مـارس ‪ ،2020‬حتـى‬ ‫ً‬ ‫مناطـق وحمافظـات اململكـة‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪182‬‬
‫وقائـي للتَّصـدي لفيروس كوفيـد‪ ،19-‬وبـدأت على إثـر‬ ‫ّ‬ ‫إشـعار آخـر‪ ،‬يف إجـراء‬
‫ذلـك مـدارس ومؤسسـات التَّعليـم العـام واألهلي واجلامعـي واملؤسسـة العامـة‬
‫للتدريـب التقنـي واملهنـي احلكوميـة واألهليـة باالنتقـال إىل التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف‬
‫حالـة الطـوارئ يف خمتلـف مسـتويات التَّعليـم‪ .‬وقـد جـاء هـذا القـرار يف ترصيـح‬
‫وزيـر التَّعليـم السـعودي الدكتـور محـد آل الشـيخ‪ ،‬أدىل بـه أثنـاء كلمتـه يف اجتماع‬
‫قائلا‪« :‬قررنا إقفال املدارس يف السـعودية خالل (كورونا)‬ ‫دول جمموعـة العرشيـن ً‬
‫ألن أولويتنـا كانـت سلامة اإلنسـان»(الرشق األوسـط‪ .)2020 ،‬وقـال وزيـر‬
‫التَّعليـم السـعودي‪« :‬نقلنـا التَّعليـم يف أثنـاء أزمـة (كورونـا) ليكـون عبر قنـوات‬
‫مشيرا إىل أن الوزارة مل تواجه مشـكلة يف اسـتمرار اجلامعات‬ ‫ً‬ ‫فضائية وإلكرتونية»‪،‬‬
‫بالتَّعليـم يف أثنـاء اجلائحة‪ ،‬وأن بالده اسـتطاعت أن هتيئ البنيـة اإللكرتونية للتعليم‬
‫عـن ُب ْعـد‪ ،‬وأوضح أن ماليني الطالب اسـتفادوا من تطبيق «مدرسـتي» اإللكرتوين‬
‫تغيرا اآلن‬‫السـتمرار التَّعليـم يف السـعودية‪ .‬وأضـاف أن شـكل التَّعليـم ومفهومـه ّ‬
‫أن التَّعليم‬ ‫أيضا بعد األزمة‪ ،‬مؤ ّكـدً ا َّ‬
‫بسـبب اجلائحـة‪ ،‬واقتصاديـات التَّعليم سـتتغري ً‬
‫عـن ُب ْع ٍـد والتَّعليـم اإللكتروين سيسـتمران يف اململكـة حتى بعد جائحـة كورونا يف‬
‫كل مدرسـة‪ ،‬ألنـه يمثـل رافـدً ا مـن روافـد التَّعليم ودعـم منظومة التَّعليـم‪( .‬الرشق‬
‫األوسـط‪.)2020 ،‬‬
‫وانطال ًقـا مـن هـذه الرؤيـة احلكوميـة‪ ،‬فـإن اجلهـات املعنيـة تقـوم حال ًّيـا بدراسـة‬
‫أمـور التَّعليـم يف زمـن كورونـا‪ ،‬والتفكير يف األمـر بام يسـتحقه مـن رعايـة واهتامم‪،‬‬
‫وحفا ًظـا على سير العملية التَّعليميـة‪ .‬وتعمل تلك اجلهات عىل وضع خطة شـاملة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫للعـودة إىل املـدارس يف العـام الـدرايس اجلديـد ‪ 2021-2020‬وف ًقـا ملجموعـة من‬
‫الضوابـط واإلجـراءات االحرتازيـة‪ ،‬وعبر ثالث نطاقـات خمتلفة‪ .‬فبحسـب اخلطة‬
‫فـإن نطاقـات العـودة الثالثـة التـي سـتحكم طبيعـة العـودة إىل املـدارس‬ ‫املوضوعـة َّ‬
‫ٍ‬
‫هـي‪( :‬النطـاق األمحـر) ويعنـي املناطـق التـي سـتتم فيهـا الدراسـة عـن ُب ْعـد بشـكل‬
‫موزعة بين احلضور‬ ‫إلكتروين كامـل‪ ،‬و(النطـاق الربتقـايل) وفيه سـتكون الدراسـة َّ‬
‫إىل املـدارس وبين الدراسـة عـن ُب ْعـد‪ ،‬أ َّمـا (النطـاق األخضر) فهـو النطـاق الـذي‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪183‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫سيسـمح فيـه باحلضـور الـكيل إىل املـدارس يف األماكـن اآلمنـة‪ ،‬وسـيتم ذلـك وف ًقـا‬
‫لعـدة قواعـد وإجـراءات احرتازيـة لضامن سلامة اجلميـع (عسـيالن ‪.)2020 ،‬‬
‫إضافـ ًة إىل ذلـك‪ ،‬وضعـت وزار ُة التَّعليـم نظـا َم درجـات معـدًّ ا جلميـع اجلامعـات‬
‫املخصصـة يف‬
‫َّ‬ ‫العامـة واخلاصـة‪ ،‬فبالنسـبة للطلاب الذيـن أهنَ ْـوا دوراهتـم الدراسـية‬
‫نصـف السـنة الدراسـية لربيـع عـام ‪ُ ،2020‬طلـب مـن مرافـق التَّعليـم العـايل تقييـم‬
‫السـابق‪ ،‬ثـم حصـل‬ ‫الطلاب بنـا ًء على متوسـط درجاهتـم احلاليـة أو على درجـة العـام َّ‬
‫الطلاب على تقييامت النجاح أو الرسـوب بنا ًء عىل هذه النتائج (طومسـون‪.)2020 ،‬‬
‫أن معظـم أعضاء هيئـة التدريس قـد متكّنوا‬ ‫وقـد الحـظ املستشـارون الرتبو ُّيـون َّ‬
‫مـن التعامـل مـع اإلجـراءات اجلديـدة‪ ،‬يف حين ال يـزال اآلخـرون حياولـون إجيـا َد‬
‫صممـة باألسـاس للفصـول الدراسـية‬ ‫طريقـة ملعرفـة كيفيـة تدريـس الـدورات ا ُمل َّ‬
‫منصـات عبر اإلنرتنت ربما مل يصلوا إىل إتقـان اسـتخدامها بعدُ ‪.‬‬ ‫املاديـة مـن خلال َّ‬
‫ـض النظـر عـن مـدى فعاليـة احللـول املقدمـة عبر اإلنرتنـت‪ ،‬فقـد‬ ‫ومـع ذلـك‪ ،‬وبِ َغ ِّ‬
‫ـــــلاب هـذه العمليـ َة مرهقـ ًة ألسـباب مفهومة‪.‬‬ ‫وجـد العديـدُ مـن املدرسين وال ُط َّ‬
‫ويف احلقيقـة‪ ،‬فيما يتعلـق بالطلاب السـعوديني يف مرحلـة التَّعليـم العـايل‪ ،‬وال سـ َّيام‬
‫الطلاب حديثـي التخـرج‪ ،‬وأولئـك الذيـن هـم على أعتـاب الدخـول إىل سـوق‬
‫العمـل‪ ،‬فقـد أ َّدى الوبـاء إىل تعطيـل العمليـة التَّعليميـة العاديـة‪ ،‬وتسـ َّبب يف بعـض‬
‫األحيـان إىل إيقـاف اخلطـط املسـتقبلية‪ ،‬ومـن بينهـا الدراسـات ال ُعليـا‪ .‬وبعبـارة‬
‫مسـؤول عن مسـتقبل غير معروف‪ ،‬وخطط غير واضحة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أخـرى‪ ،‬أضحـى الوبا ُء‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واسـع النطـاق بين الشـباب السـعودي مـن التأثري‬ ‫َ‬ ‫ُيضـاف إىل ذلـك» أن هنـاك قل ًقـا‬
‫الفعلي لألزمـة غير املسـبوقة على املعايير التَّعليمية»(طومسـون‪.)2020 ،‬‬
‫أن نسـبة انتشـار اإلنرتنـت يف اململكـة العربيـة السـعودية تبلـغ ‪%90‬‬ ‫ونظـرا إال َّ‬
‫ً‬
‫أن معظـم الشـباب السـعودي يمتلـك هواتـف ذكيـة أو ما شـابه ذلك‪،‬‬ ‫تقري ًبـا‪ ،‬وإال َّ‬
‫ٍ‬
‫فقـد كانـت هنـاك إمكانيـة كبيرة لالنتقـال السـلس إىل التَّعليـم عـن ُب ْعـد يف حالـة‬
‫الطـوارئ ‪ .‬كما أن التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف اجلامعـات السـعودية «تتوافـر لـه منظومات‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪184‬‬
‫إلكرتونيـة تفاعليـة وأدوات تعليمية حديثة‪ ،‬وبرجميـات متخصصة مرتبطة بمحافظ‬
‫تعليمية مزودة بكفاءات عالية املسـتوى حتى ترتفع برامج هذا التَّعليم إىل مسـتوى‬
‫االقتنـاع عنـد رشائـح عريضة مـن طالب العلـم واملعرفـة»‪( .‬سـاعايت‪.)2020 ،‬‬
‫َّ‬
‫الشـك فيـه أن للتطبيـق املفاجـئ للتعليـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬يف ظـروف االنقطـاع‬ ‫وممـا‬
‫آثـارا سـلبية كبيرة‬
‫املـدريس واإلغلاق غير املتوقـع دون لوائـح وال إعـداد مسـبق ً‬
‫على النظـام التَّعليمـي يف خمتلـف أنحـاء البلاد‪ ،‬ألن تطبيـق هـذا النمـط مـن التَّعليم‬
‫على عجـل مـن أجـل إنقـاذ الفصـل الـدرايس وتسـهيل اسـتمرار التَّعليـم يف وقـت‬
‫األزمـة كان صاد ًمـا‪ .‬ولذلـك فـإن هـذا التَّعليـم َّاتـذ يف بعـض املؤسسـات صـورة‬
‫سـلبية ال تتجـاوز حـدود تسـجيل املحـارضات وتقديمهـا عبر اإلنرتنـت؛ أي إنـه‬
‫حتـول مؤقـت يف توصيـل املعلومات املعتـادة إىل طريقة توصيل بديلة بسـبب‬ ‫حـدث ُّ‬
‫ظـروف األزمـة‪( .‬طومسـون‪.)2020 ،‬‬
‫فرضـت تداعيـات اجلائحـة االهتمام بالتَّعليـم الرقمـي يف املؤسسـات التَّعليميـة‬
‫يف السـعودية مـن أجـل مواصلـة سير العمليـة الرتبويـة ومـن أجـل توفير متطلبات‬
‫األمـن واحلاميـة للطلاب‪ .‬ولتحقيـق ذلـك ك ّلـه أطلقـت اململكـة عـد ًدا ً‬
‫كبيرا مـن‬
‫مههـا‪ :‬قنـوات عين للـدروس التَّعليميـة التـي تـم تطويرهـا‬ ‫املنصـات التَّعليميـة وأ َّ‬
‫َّ‬
‫لتواكـب مسـتجدات العصر‪ ،‬ومـا فرضـه الواقـع مـن حتديـات‪ .‬و ُد ِّشـنت َّ‬
‫منصـة‬
‫تضمنـت منـذ انطالقتهـا األوىل أكثـر من‬ ‫«منصـة مدرسـتي» التـي َّ‬ ‫التَّعليـم التَّفاعلي َّ‬
‫متنـوع‪ ،‬وأكثـر مـن ‪ 450‬ألـف خطـة درس إلكتروين‬ ‫‪ 45‬ألـف حمتـوى تعليمـي ِّ‬
‫املنصـة التفاعليـة ‪-‬التـي هتـدف إىل رفـع كفـاءة‬ ‫بمشـاركة املعلمين‪ِ .‬‬
‫وجعلـت هـذه َّ‬ ‫ُ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫العمـل يف التَّعليـم عـن ُب ْعـد‪ -‬حمـاكا ًة افرتاضيـة للواقـع التَّعليمـي‪ ،‬حيـث يبـدأ اليوم‬
‫عصرا‪ ،‬ولطلاَّ ب‬
‫ً‬ ‫الـدرايس لتالميـذ املرحلـة االبتدائيـة عنـد متـام السـاعة الثالثـة‬
‫توجه‬
‫أن ُّ‬ ‫صباحا ويتَّضـح َّ‬
‫ً‬ ‫املتوسـطة والثانويـة عنـد متام السـاعة التاسـعة‬
‫ِّ‬ ‫املرحلتين‪:‬‬
‫اململكـة نحـو مزيـد مـن الرقمنة يشـكّل رضورة حتميـة ملواجهة تداعيـات اجلائحة‪،‬‬
‫الصناعيـة الرابعـة‪،‬‬
‫وبنـاء جيـل جديـد قـادر على االسـتفادة مـن ُمعطيـات الثـورة ّ‬
‫يمتلـك مـن املعـارف واملهـارات التـي متكّنـه مـن االنخـراط يف وظائـف الغـد‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪185‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫واسـت ِ‬
‫ُحدثت إدار ٌة عا َّمـ ٌة للتعليـم اإللكتروين‪ ،‬لتكـون املظ َّلـة الرسـمية ملنظومـة‬
‫املوحـد الذي سيسـتفيد منـه املع ِّلم‪ ،‬ويتصاعـد دوره يف التوجيه‬ ‫التَّعليـم اإللكتروين َّ‬
‫واإلرشاف على تع ُّلـم الطلاب‪ ،‬مـن خلال َخلـق مواقـف تعليميـة‪ ،‬وأسـاليب‬
‫ٍ‬
‫مشـارك‬ ‫متلـق فقـط‪ ،‬بـل‬‫أن الطالـب ال يبقـى ُم َّـرد مسـتمع أو ٍّ‬ ‫تع ُّلـم حديثـة‪ .‬كما َّ‬
‫ٍ‬
‫وقـادر على تنميـة‬ ‫ومعتمـد على ذاتـه يف احلصـول على املعلومـات‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بفاعليـة أكبر‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مواهبـه‪ ،‬مسـتفيد مـن األنشـطة التَّعليميـة ا ُملختلفة التـي تُراعي الفـروق الفردية بني‬
‫ا ُملتعلمين‪( .‬البغـدادي‪.)2020 ،‬‬
‫يقـول عبـد املحسـن الـداود يف هـذا السـياق‪« :‬بـادرت اململكة يف وقـت مبكر إىل‬
‫تعليـق الدراسـة منـذ ظهـور بـوادر هـذا الوباء‪ ،‬رأينـا منازلنـا تتحول إىل مـدارس أو‬
‫قاعات حمارضات بشـكل أو بآخر‪ ،‬فصارت مسـميات مثل «زووم»‪ ،‬و»كالسيريا»‪،‬‬
‫مسـميات‬
‫َّ‬ ‫و»وبلاك بـورد»‪ ،‬وقنـاة عين‪ ،‬وبوابـة عين اإلثرائيـة‪ ،‬وبوابـة املسـتقبل‪،‬‬
‫مألوفـة لـدى أعضـاء هيئـة التدريـس واملعلمين والطلاب وأوليـاء أمورهـم‪،‬‬
‫رئيسـا يف عملية‬
‫يتعرفـون عليهـا بشـكل أكبر يو ًما بعد يـوم‪ ،‬وأصبح املنزل مشـاركًا ً‬
‫التَّع ُّلـم‪ ،‬وربما الح ًقا التقويـم»‪( .‬الـداود‪.)2020،‬‬
‫وممّـا سـاعد وزارة التّعليـم على التأقلـم برسعة مـع املعطيات اجلديـدة هو وجود‬
‫بنيـة حتتيـة جيـدة يف نظام التَّعليـم اإللكرتوين يف اململكة‪ ،‬فبوابة املسـتقبل عىل سـبيل‬
‫املثـال تغطـي ثلـث املـدارس تقري ًبا‪ ،‬ومركـز إنتاج حمتـوى املدرسـة االفرتاضية خيدم‬
‫سـتة ماليين طالـب وطالبـة يف التَّعليـم العـام‪ ،‬ونحو مليون وسـت مئـة ألف طالب‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وطالبـة يف التَّعليـم اجلامعـي‪ ،‬وقنـوات عين متوفـرة منـذ سـنوات‪ ،‬كما أن تعـاون‬
‫وزارة االتصـاالت وتفاعـل رشكات االتصـاالت قـد رفـع مـن الطاقـة االسـتيعاب َّية‬
‫لشـبكة اإلنرتنـت حتى ال حتدث مشـكالت بسـبب اكتظاظ الطلاب والطالبات يف‬
‫وقـت واحد‪.‬‬
‫التحـول الرسيـع إىل التَّعليـم‬
‫ُّ‬ ‫ويمكـن القـول بكثير مـن االطمئنـان‪َّ :‬‬
‫إن هـذا‬
‫مههـا قـدرة النَّظـام التَّعليمـي‬ ‫اإللكتروين قـد ح َّقـق الكثير مـن اإلجيابيـات‪َّ ،‬‬
‫لعـل أ َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪186‬‬
‫يف اململكـة على التأقلـم مـع الظـروف واملتغيرات املسـتجدة‪ ،‬مثـل أزمـة كورونـا‪،‬‬
‫وتفعيل مواقع اجلامعات واملدارس بشـكل أوسـع لتشـمل الـدُّ روس واملحارضات‬
‫وحتقيـق التَّفاعـل بين الطالـب واملعلـم‪ ،‬إضافـة إىل تنميـة مهـارات الطلاب التقنيـة‬
‫بصـورة أكثـر فاعليـة‪ ،‬فما مل يكـن مفهومـا قبـل أسـابيع‪ ،‬أو كان جمـرد مصطلحـات‬
‫تقنيـة غير مفهومـة بـات اليـوم جـز ًءا مـن حيـاة األرسة اليوميـة‪ .‬وجتدر اإلشـارة يف‬
‫السـياق إىل أن اململكـة أطلقـت نظا ًمـا تعليم ًيـا شـامال يضـم ‪ 20‬قنـاة متلفـزة‪،‬‬
‫هـذا ّ‬
‫منصـة يوتيـوب‪ ،‬وبوابـة (عين) بوابـة التَّعليـم الوطنيـة‪ ،‬من بين أدوات‬ ‫وقنـاة على َّ‬
‫حرصـا منهـا على تيسير العمليـة‬
‫ً‬ ‫التَّعليـم األخـرى التـي أصبحـت متاحـة اليـوم‬
‫التَّعليميـة‪( .‬العميـان‪.)2020،‬‬
‫ودشـنت اململكـة قـرار إهنـاء العـام الـدرايس يف اخلليـج‪ ،‬بعدمـا قـررت وزارة‬ ‫َّ‬
‫التَّعليـم‪ ،‬يف أبريـل املـايض‪ ،‬إهنـاء العـام الـدرايس بعـد اعتماد نفـس درجـات الفصـل‬
‫األول للفصـل الثـاين‪ ،‬ونقـل مجيع الطلاب للصفوف الدراسـية التاليـة‪ .‬ونقلت صحيفة‬
‫السـعودية عـن وزيـر التَّعليـم محـد آل الشـيخ قولـه‪َّ »:‬‬
‫إن القـرار يـأيت يف إطـار‬ ‫«عـكاظ» ُّ‬
‫جهـود احلكومـة للتعامـل مـع الظـروف االسـتثنائية جلائحـة كورونـا (اخلليـج أوناليـن‪،‬‬
‫‪ .)2020‬ولفـت إىل أنَّـه سـيمنح الطلاب نفـس الدرجـات التـي حصلـوا عليهـا خلال‬
‫الفصـل الـدرايس األول للفصـل الثاين‪ ،‬مع اسـتكامل املناهج الدراسـية عـن ُب ْعد‪ .‬وكانت‬
‫قـررت تعليـق الدراسـة باملـدارس واجلامعـات‪ ،‬بـد ًءا مـن ‪ 9‬مارس‬ ‫السـلطات السـعودية َّ‬
‫ٍ‬
‫املـايض وحتـى إشـعار آخـر‪ ،‬مـع تطبيـق نظـام التُّع ُّلـم عـن ُب ْعـد لضمان اسـتمرار العملية‬
‫التَّعليميـة‪ .‬كما أعلنـت وزارة التَّعليـم السـعودية دخـول أكثـر مـن ثالثـة ماليين طالـب‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املنصـات التفاعليـة للتعليم عـن ُب ْع ٍد (اخلليـج أونالين‪،‬‬


‫وطالبـة للتقويمات التـي أجرهتـا َّ‬
‫‪ .)2020‬وبحسـب الوكالـة الرسـمية سـجلت إحصـاءات وزارة التَّعليـم دخـول مليوين‬
‫املنصـات التَّفاعليـة يف املرحلـة النهائيـة للتعليـم‬
‫طالـب وطالبـة للتقويمات التـي أجرهتـا َّ‬
‫عـن ُب ْعـد‪ ،‬إضافـة إىل دخـول أكثـر مـن مليـون طالـب وطالبـة يف مـدارس التَّعليـم األهيل‬
‫والعاملـي‪ ،‬خلال فرتة تعليق الدراسـة حضور ًّيا‪ .‬وأشـارت إىل اسـتمرار عمليات التقويم‬
‫عـن ُب ْع ٍـد إىل هنايـة العـام الـدرايس يف ‪ 14‬مايـو ‪( 2020‬اخلليـج أوناليـن‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪187‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫بالسعـة واإلنجاز‪ ،‬ويبـدو أن اإلجراءات‬ ‫وباختصـار تتم ّيـز التجربة السـعودية ُّ‬
‫احلكوميـة كانـت ف َّعالـة ومنظمـة كما كانـت االسـتجابة الطالبيـة واسـعة وعريضة‪.‬‬
‫ويف حقيقـة األمـر مل نتمكـن مـن احلصـول على مصـادر تتنـاول سـلب َّية هـذه التجربة‬
‫والصعوبـات الكبيرة التـي واجهتها‪ ،‬والسـ َّيام فيام يتعلـق بالفجـوة اإللكرتونية بني‬
‫الفئـات االجتامعيـة املختلفة‪.‬‬

‫‪ -4‬جتربة الكويت‪:‬‬
‫متثـل الكويـت دولـة ديمقراطيـة يف حميـط جغـرايف يأنـف الديمقراطيـة‪ ،‬وينـزع‬
‫إىل تبجيـل قـوة الدولـة‪ .‬ومـا تتميـز بـه دولـة الكويـت عـن أقراهنـا يف دول اخلليـج‬
‫والـدول املحيطـة هبـا هـو اهلامـش الكبير للحريـات الصحافيـة التي تشـكل سـلطة‬
‫أن كورونا‬ ‫نقديـة كاشـفة يرهبهـا أهـل السـلطة والنفـوذ‪ .‬وقد تبـدَّ ى لنا منـذ البدايـة َّ‬
‫كانـت مثـار جـدل هائـل وكبير بين خمتلـف مكونـات املجتمـع على تعـدد فئاتـه‬
‫واجتاهاتـه وأحزابـه‪ .‬لـذا سـنجد أنفسـنا يف معترك جـدل كبير حـول االسـتجابة‬
‫الكويتيـة لتحديـات اإلغلاق املـدريس واالنتقـال إىل التَّعليـم اإللكتروين بين مـدٍّ‬
‫وجـزر‪ ،‬وضمـن أنسـاق مـن الـرؤى النقديـة التـي أربكـت وزاريت الرتبيـة والتَّعليم‬
‫العـايل‪ ،‬كما أربكـت صنَّـاع القـرار يف الدولـة إىل حـدٍّ كبير‪.‬‬
‫وقـد قدمـت دولـة الكويـت أنموذجـا ُيتـذى بـه‪ ،‬إذ قامـت مجيـع املؤسسـات‬
‫بتقديـم العـون والدَّ عـم واملسـاندة‪ ،‬ونذكـر منهـا على سـبيل املثـال‪ :‬تقديـم البنـوك‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ربع املؤسسـات الثقافيـة بكميات‬ ‫قروضـا ميسرة من غير فوائد للأرس املنكوبة‪ ،‬وت ّ‬ ‫ً‬
‫كبيرة مـن الكتـب‪ ،‬أ َّمـا النقابـات فقدَّ مـت مـا تسـتطيعه‪ ،‬فضلا عـن اجلمعيـات‬
‫املؤسسـات‬
‫كل يف جمالـه‪ .‬وسـارعت مجيع َّ‬ ‫اخلرييـة التـي قدمـت الدعـم للمواطنين‪ّ ،‬‬
‫املدنيـة واحلكوميـة إىل تقديـم الدعم‪ :‬العيني واملايل واإلنسـاين للجامعـات والفئات‬
‫املتضررة‪ ،‬ومنهـا كذلـك عىل سـبيل املثال أن املزارعين الكويتيني قدَّ مـوا حماصيلهم‬
‫ّ‬
‫جمانًـا للمواطنين يف إطـار هـذه األزمـة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪188‬‬
‫وقـد وضعـت وزارة الرتبيـة يف الكويـت على قائمـة أولوياهتـا احلفـاظ على سلامة‬
‫الطلبـة داخـل الكويـت وخارجهـا‪( .‬مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم‬
‫العـايل‪ . )6 ،2020 ،‬وقـررت احلكومـة الكويتيـة إغلاق املـدارس يف بدايـة مـارس‬
‫‪ ،2020‬حتـى الثالـث من أغسـطس ‪ ،2020‬عىل أن تسـتأنف يف الرابع من الشـهر ذاته‪.‬‬
‫ونقلـت صحيفـة «اجلريـدة» املحلية عن مصدر قيـادي يف وزارة الرتبيـة الكويتية‬
‫قولـه‪ :‬إن الـوزارة وضعـت عـدَّ ة سـيناريوهات يقضي اثنـان منهـا بمواصلـة العـام‬
‫الـدرايس يف حـال التغلـب على األزمـة الصحيـة قبـل أغسـطس املقبـل‪ .‬وأضـاف‬
‫أن «الرتبيـة» توصلـت إىل وضـع ثلاث خطـط سـتحدد مصير العـام‬ ‫املصـدر َّ‬
‫الـدرايس‪ ،‬حيـث ترتكـز اخلطـة األوىل‪ ،‬يف حـال انقشـاع أزمـة كورونـا يف يوليـو‬
‫تتـم العـودة إىل اسـتئناف الدراسـة لطلبـة الصـف الثـاين عشر يف مطلع‬ ‫املقبـل‪ ،‬بـأن َّ‬
‫أغسـطس‪ ،‬وتسـتأنف لبقيـة الصفـوف يف مطلـع أكتوبـر‪ ،‬على أن يسـتكمل الطلبـة‬
‫مـا تب َّقـى مـن العـام الـدرايس املخ َّفـف‪ .‬أ َّمـا االحتمال الثـاين الـذي تضعـه الـوزارة‬
‫يف حسـباهنا‪ ،‬فهـو أن تسـتمر أزمـة «كورونـا» إىل مـا بعـد التواريـخ املعلـن عنهـا يف‬
‫الصف‬
‫ّ‬ ‫يتـم ترحيل موعد بـدء الدراسـة لطلبة‬ ‫أغسـطس‪ ،‬وهنـا قـررت «الرتبيـة» أن َّ‬
‫الثـاين عشر إىل مطلـع أكتوبر‪ ،‬وأن تنطلق الدراسـة جلميع الصفـوف يف هذه احلالة‪،‬‬
‫ليسـتكمل العـام الـدرايس يف غضـون ‪ 6‬أسـابيع‪ ،‬وتعلـن النتائـج‪ ،‬ويبـارش الطلبـة‬
‫العـام الـدرايس اجلديـد يف مطلـع ديسـمرب‪.‬‬
‫أخيرا وضعتـه الـوزارة كآخـر احللـول‪ ،‬يعتمـد على‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫احتمال‬ ‫ولفـت إىل أن هنـاك‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أنـه يف حـال اسـتمرار األزمـة الصحية وحتذيـرات السـلطات الصحية من اسـتئناف‬


‫أي بـوادر أمـل يف إجيـاد لقاحـات أو أدويـة هلـذا الفيروس‬ ‫الدراسـة‪ ،‬وعـدم ظهـور ّ‬
‫مضطـرة حينهـا إىل أن تعلـن انتهـاء العـام‬
‫َّ‬ ‫حتـى منتصـف سـبتمرب‪َّ ،‬‬
‫فـإن «الرتبيـة»‬
‫أن ذلك يشـمل الطلبة من الصف‬ ‫الدرايس احلايل جلميع الطلبة‪ .‬وأوضح املسـؤول َّ‬
‫األول وحتـى احلـادي عشر‪ ،‬والبحـث عـن حلـول لطلبـة الصـف الثاين عشر‪ ،‬بأن‬ ‫َّ‬
‫تعتمـد نتيجـة الفصـل الـدرايس األول كنتيجة هنائيـة‪ ،‬أو أن تُع َقد اختبـارات خاصة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪189‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫هلـم يف أماكـن تضمـن تباعدهـم وسلامتهم‪ ،‬حيـث َّ‬
‫إن هـذه اخليـارات ال تـزال قيد‬
‫سـيتم حتديـد مواعيـد بـدء العام الـدرايس اجلديـد كام هو‬
‫ُّ‬ ‫الدراسـة‪ ،‬ويف هـذه احلالـة‬
‫مقـرر مطلع ديسـمرب (اخلليـج أوناليـن‪. )2020 ،‬‬ ‫َّ‬
‫مناصـا مـن خـوض االختيـار الصعـب‪ ،‬وهـو «التَّعليـم عـن‬ ‫ومل جتـد الكويـت ًّ‬
‫ُبعـد»‪ ،‬والح ًقـا‪ ،‬ويف ضـوء التطـورات اجلديدة وتسـارع انتشـار الفيروس‪ّ ،‬اتذت‬
‫قـرارا باعتماد «التَّعليـم عـن ُب ْعـد» يف العـام الـدرايس اجلديد‬
‫وزارة الرتبيـة الكويتيـة ً‬
‫جلميـع املراحـل‪ ،‬والـذي يبـدأ يف ‪ 4‬أكتوبـر‪ /‬ترشيـن األول ‪ ،2020‬بسـبب أزمـة‬
‫كورونا‪.‬‬
‫أن إجـراءات الـوزارة يف مواجهـة األزمـة مل تسـلم مـن النَّقـد‪ ،‬بـل‬ ‫واملالحـظ َّ‬
‫ـل املفكريـن والباحثين يف الكويـت‪ ،‬ويف‬ ‫كانـت مرمـى واسـ ًعا لسـهام النَّقـد مـن ِق َب ِ‬
‫هـذا السـياق النقـدي تقـول الباحثـة الكويتيـة أميرة بـن طـرف‪َّ :‬‬
‫«إن إدارة التَّعليـم‬
‫خلال جائحـة «كورونـا» مل تكـن مو َّفقـة‪ ،‬بـد ًءا من إيقـاف التَّعليـم ألشـهر متتابعة‪،‬‬
‫أن املنظومـة التَّعليميـة شـهدت يف السـابق‬ ‫كل الطلبـة‪ ،‬الفتـة إال َّ‬ ‫وانتهـاء بإنجـاح ّ‬
‫ارتفا ًعـا يف معـدالت النَّجـاح نتيجـة النتشـار ّ‬
‫الغـش‪ ،‬إال أنـه‪ ،‬ورغـم ذلـك‪ ،‬مل تبلـغ‬
‫هـذه املعـدالت‪ ،‬بـل إن الـوزارة عدلـت املسـار خلال العامين املاضيين بمحاربـة‬
‫الغشاشين واجتثـاث الظاهـرة‪ ،‬وحتقيق نسـب نجاح بالكاد تصـل إىل ‪ ،%70‬إال َّأنا‬
‫عـادت هـذا العـام وأهـدرت جهودهـا» (بـن طـرف‪.)2020 ،‬‬
‫وتتضمـن دراسـة الدكتـورة مزنـة العازمـي حـول إدارة األزمـة التَّعليميـة يف دولـة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الكويـت يف ظـل كورونـا املسـتجد‪ ،‬وص ًفـا نقد ًّيـا واف ًيـا لتجربـة الكويـت يف مواجهـة‬
‫كورونـا تربو ًّيـا‪ .‬تقـول الدكتـورة العازمـي‪« :‬إن دولـة الكويـت كانـت أكثـر الـدول‬
‫تضررا مـن ناحيـة تعاملهـا مـع األزمـة التَّعليميـة‪ ،‬إذ أن التر ُّدد يف ّاتـاذ القـرارات قد‬
‫ً‬
‫أدى إىل إغلاق املـدارس احلكومية واملعاهد التطبيقيـة وجامعة الكويت ملدة جتاوزت‬
‫سـبعة أشـهر ممـا أ َّدى إىل تأخـر إجـراءات إهنـاء العـام الـدرايس ‪ 2020 /2019‬يف‬
‫تعان املدارس واجلامعـات اخلاصة من ذلك‪،‬‬ ‫املؤسسـات التَّعليميـة احلكومية‪ ،‬بينما مل ِ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪190‬‬
‫إذ صـدر قانـون خـاص هبـذه الفئـة باعتماد التَّعليـم عن ُب ْعـد‪ ،‬ممَّا أسـهم يف إهنـاء العام‬
‫الـدرايس يف وقتـه املحـدَّ د‪ ،‬وقـد أ َّدى ذلـك إىل انتفاء تكافـؤ الفرص بني طلبـة التَّعليم‬
‫املختصين يف امليـدان الرتبوي‬
‫ّ‬ ‫احلكومـي والتَّعليـم اخلـاص ممَّـا أثـار حفيظـة عـدد مـن‬
‫تم‬
‫وأوليـاء األمـور والطلبة أنفسـهم‪ ،‬ما بني معـارض ومؤيد لتلك اإلجـراءات ‪ .‬لقد َّ‬
‫مفتوحـا؛ ألنَّه كان‬
‫ً‬ ‫ظل القطـاع اخلاص‬ ‫جتميـد العـام الـدرايس للقطـاع العـام‪ ،‬يف حني َّ‬
‫قـادرا على احلفـاظ على املسـار التَّعليمي عـن ُب ْعد‪ .‬وأثـارت هـذه الفجوة ً‬
‫نقاشـا عا ًّما‬ ‫ً‬
‫منصـات التَّواصـل االجتامعي الكويتية؛ حيـث كان الطالب يطالبون باسـتئناف‬ ‫عبر َّ‬
‫ٍ‬
‫دراسـتهم عـن ُب ْعـد (منتـدى اخلليج الـدويل‪.)2020 ،‬‬
‫مـن جهتـه أكَّـد أسـتاذ علـم االجتماع بجامعـة الكويـت الدكتـور مجيل املـري َّ‬
‫أن‬
‫بقـاء الطلبـة يف منازهلـم فترات طويلـة تصـل إىل ‪ 7‬أشـهر سـيخلق لدهيـم وأرسهـم‬
‫حتما‬
‫التجـول اجلزئـي‪ ،‬ممَّـا سـيكون لـه ً‬
‫ُّ‬ ‫فرا ًغـا ً‬
‫كبيرا‪ ،‬ال سـ َّيام يف ظـل قـرار حظـر‬
‫انعكاسـات وتأثيرات سـلب َّية على املتعلمين بجميـع مراحلهـم التَّعليميـة‪ ،‬مـع‬
‫ورجـح أن تتأثـر ‪%90‬مـن األرس الكويتيـة‬
‫صحـة اإلنسـان أولويـة‪َّ .‬‬ ‫التأكيـد على أن َّ‬
‫سـل ًبا بسـبب تواجدهـا لفترات طويلـة مـع أبنائهـم داخـل املنـزل‪ ،‬خاصـة يف ظـل‬
‫الفـراغ وعـدم وجـود ما يشـغل األبنـاء‪ ،‬عىل خلاف املعتاد مـن حياهتـم‪ ،‬ومكوثهم‬
‫أغلـب الوقـت خـارج ديارهـم (احلمادي‪.)2020 ،‬‬
‫قـرارا بإهنـاء العـام‬ ‫وتوضـح العازمـي َّ‬
‫أن وزارة الرتبيـة قـد اختـذت يف النهايـة ً‬
‫الـدرايس جلميـع الفصـول بمختلـف مراحـل التَّعليـم مـن الصـف األول حتـى‬
‫الصـف احلـادي عشر‪ ،‬واعتماد التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد لطلاب الصـف الثـاين عشر‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وطلاب املرحلـة اجلامعيـة بعـد سـبعة أشـهر مـن التوقـف‪ ،‬على الرغـم مـن رفـض‬
‫هـذا اإلجـراء يف بدايـة األزمـة التَّعليميـة (العازمـي‪.)2020 ،‬‬
‫وعلى الرغـم مـن َّ‬
‫أن دولـة الكويت قـد تصـدرت دول العامل بإجراءاهتـا احلازمة‬
‫يف مواجهـة «فيروس كورونا املسـتجد»‪ ،‬كام ترى العازمي بـأن وزارة الرتبية وقفت‬
‫تفـردت بتعطيل‬ ‫عاجـز ًة عـن مواكبـة تطـورات العصر‪ ،‬ومـن املؤسـف أن الكويـت َّ‬
‫الدراسـة ملدة سـبعة أشـهر بين دول جملس التعـاون اخلليجي (العازمـي‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪191‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ومـن جانبهـا سـجلت الدكتورة معصومة أمحـد إبراهيم مالحظاهتـا النَّقدية حول‬
‫النظـام الرتبـوي يف الكويـت‪ ،‬وقدَّ مـت لنا صـورة وافيـة ملظاهر التفاعـل الرتبوي مع‬
‫َّعليمي الكويتي‬
‫ّ‬ ‫األزمة يف الكويت‪ .‬ويف إشـارة منها إىل مظاهر الضعف يف النظام الت‬
‫قبـل اجلائحـة‪ ،‬تقـول‪ »:‬لنا أن نتخيل إذا كان التَّعليـم التقليدي مرتاج ًعا إىل هذا احلد‪،‬‬
‫مـع وجـود الطلبة وأسـتاذهم يف حجرة دراسـية واحدة‪ ،‬فما با ُلنا حني يكـون التَّعليم‬
‫إلكرتون ًّيـا حيـث يتواصـل الطالـب مع أسـتاذه عبر املسـافات الشاسـعة؟! وبالطبع‪،‬‬
‫عجـل ملواجهـة الوضـع االسـتثنائي‪ ،‬أصبـح لزا ًمـا خضـوع اجلميـع مـن طلبـة‬ ‫ٍ‬ ‫وعلى‬
‫وأسـاتذة ومعلمين للتجربـة والتدريـب‪ ،‬لتحقيـق أعلى فائـدة ممكنـة للدارسين‪،‬‬
‫عبر تقنيـات التَّعليـم الرقمـي‪ ...‬ومـع األسـف مل تكـن األجهـزة ُم َعـد ًة جيـدً ا‪ ،‬وال‬
‫ْ‬
‫التدريـب كان كاف ًيـا!! ولكـن التجربـة العمليـة كشـفت ما هـو أخطر‪ ،‬وهـو االفتقار‬
‫والسـلوكي‪ .‬فقد فضحـت التجربة التَّعليمية «عـن ُب ْعد»‪ ،‬يف‬ ‫إىل التدريـب األخالقـي ُّ‬
‫ظـل فيروس كورونـا فسـا ًدا مـن نـوع آخـر هـو فيروس «فقـدان املناعـة األخالقية»‬
‫عنـد كثير مـن طلبتنـا‪ ،‬ليضـاف إىل مـا كشـفته كورونـا مـن مفاسـد أخـرى يعرفهـا‬
‫اجلميـع‪ ،‬وال يتَّسـع املجـال هنا لذكرهـا!! « (إبراهيـم‪.)2020 ،‬‬
‫ووصفـت وزيـرة الرتبيـة وزيـرة التَّعليـم العـايل السـابقة‪ ،‬الدكتـورة مـويض‬
‫احلمـود‪ ،‬يف مقاهلـا «سـنة الزحـف» املنشـور يف القبـس ‪ 23‬سـبتمرب‪ ،‬بلـوغ نسـبة‬
‫النجـاح ‪% 99.7‬بالكارثيـة‪ ،‬وذكـرت أهنـا مل تتح َّقق عىل ّ‬
‫مر التاريـخ ال يف الكويت‪،‬‬
‫وال حتـى يف أكثـر الـدول تقدُّ ًمـا يف نظـم تعليمهـا كفنلنـدا وسـنغافورة وغريمها (بن‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫طـرف‪.)2020 ،‬‬
‫وقالـت احلمـود‪ ،‬يف ترصيـح خـاص لــ «القبـس»‪ :‬إن «الرتبيـة وهبـذه األعـداد‬
‫الكبيرة للناجحين التـي بلغـت ‪ 35‬ألـف طالـب‪ ،‬ستتسـ ّبب يف أزمـة مقبلـة ملنظومة‬
‫التَّعليـم العـايل‪ ،‬سـواء للجامعـة أو اهليئـة العامـة للتعليـم التطبيقـي والتدريـب أو‬
‫البعثـات اخلارجيـة والداخلية املحـدودة يف مقاعدها أصال‪ ،‬حيـث ح َّقق الناجحون‬
‫الصعب معه إجياد مقاعد‬ ‫معـدالت مرتفعـة مل ينزل أقلها عن ‪ ،%70‬مما سـيكون مـن َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪192‬‬
‫هلـم مجي ًعـا»‪ .‬وأشـارت إىل خطـورة «خلط القـرار السـيايس بالقرار الرتبـوي املهني‪،‬‬
‫حيـث سـاوى هـذا القـرار بين الضعيـف علم ًّيـا واملجتهـد املتفـوق»‪ ،‬مشيرة إىل َّ‬
‫أن‬
‫«سـببه األسـايس إزاحـة الضغـط النيايب والشـعبي عـن كاهل الـوزارة ومسـؤوليها‪،‬‬
‫رغـم آثـاره اخلطيرة على املنظومـة التَّعليميـة وبنائها املسـتقبيل‪ ،‬علما َّ‬
‫بأن هـذا القرار‬
‫تسرب عاليـة‪ ،‬من مؤسسـات التَّعليـم العايل‪ ،‬ممَّا سـيكون له‬ ‫سيتسـ َّبب يف معـدالت ُّ‬
‫املترسبني أنفسـهم وعلى املؤسسـات التَّعليمية‪ ،‬كام سـيؤ ّثر عىل‬‫ّ‬ ‫أثـر كبير عىل نفسـية‬
‫جـودة التَّعليـم بشـكل عـام» (بن طـرف‪. )2020 ،‬‬
‫مؤسسـات التَّعليـم العـايل سـتكون مضطـرة إىل قبـول أعداد‬
‫أن َّ‬‫وب َّينـت املصـادر َّ‬
‫تسـاوي أضعـاف طاقتهـا من الطلبة املسـتجدين‪ ،‬رغـم خفض ميزانيتها‪ ،‬ممَّا سـتنتج‬
‫عنـه‪ ،‬عىل األرجح‪ ،‬سـلبيات عـدَّ ة‪ ،‬منها إضعاف جودة التَّعليم بسـبب كثرة الطلبة‪،‬‬
‫والتأثير على إمكانـات البحث العلمي‪ ،‬بسـبب انشـغال األسـاتذة بالتدريس فقط‪،‬‬
‫تفوق ومه َّية بسـبب سياسـة‬‫والتع ُّثـر الـدرايس للطلبـة الذيـن حصلوا على معدالت ُّ‬
‫إلغـاء االختبـارات يف الثانويـة العامة (بن طـرف‪. )2020 ،‬‬
‫وقـد ترتَّـب على عمليـة اإلغلاق املـدريس العمـل على ترتيـب إجـراءات عودة‬
‫بمؤهلات التَّع ُّلـم عـن‬
‫ّ‬ ‫الطلبـة املبتعثين‪ .‬ورغـم أن حكومـة الكويـت ال تعترف‬
‫يب مع االحتياجات املسـتجدة للطلبـة املبتعثني‬ ‫ُب ْعـد‪ ،‬فإنَّ ـا مل تتر َّدد يف التفاعـل اإلجيا ّ‬
‫الذيـن فرضـت عليهـم ال ُّظروف واإلجراءات يف بلـدان بعثاهتم إ َّما تأجيل الدراسـة‬
‫أو الدراسـة عـن ُب ْعـد‪ .‬ومـن هـذا املنطلـق تبنَّـت الـوزارة تعديلا ترشيع ًّيـا يسـمح‬
‫يتـم إجلاء مـن اختـار منهم العـودة‪ ،‬ومن‬ ‫ٍ‬
‫هلـؤالء الطلبـة بالدراسـة عـن ُب ْعـد حتـى َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املحلي‪ ،‬ورغم عدم‬ ‫ّ‬ ‫ثـم مواصلـة التَّع ُّلـم اإللكرتوين بعـد عودهتم‪ .‬أ َّما عىل املسـتوى‬ ‫َّ‬
‫مؤسسـات التَّعليـم العايل‬ ‫َّ‬
‫منصـة للتعليـم اإللكتروين يف دولـة الكويـت‪ ،‬فـإن َّ‬ ‫توفـر َّ‬
‫بـادرت بتطويـر هذه البنـى وتطبيقها يف عمليات التَّسـجيل والتَّدريـس‪ ،‬حفا ًظا عىل‬
‫مقـررات الفصل الثاين مـن العـام األكاديمي املايض‬ ‫سلامة الطلبـة‪ .‬وقـد ن َّفذهتـا يف َّ‬
‫املؤسسـات (مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان‬ ‫وحتـى الفصـل الصيفـي يف بعـض َّ‬
‫جـودة التَّعليـم العـايل‪.)6 ،2020،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪193‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ويف هنايـة حتليلهـا تقـول الدكتـورة مزنـة العازمـي‪« :‬إن جائحـة فيروس كورونـا‬
‫كشـفت العديـد مـن الثغـرات يف النظـام التَّعليمـي يف دولـة الكويـت‪ ،‬وأظهـرت خبايـا‬
‫وعيـوب وزارة الرتبيـة الرتاكميـة على مـدى عقـود مـن الزمـان وتعاقـب العديـد مـن‬
‫شـك فيـه أن التجربة الكويتيـة خت َّللها عدد كبري‬
‫الـوزراء» (العازمـي‪ . )2020 ،‬وممـا ال َّ‬
‫مـن الثغـرات‪ ،‬وهـي يف رأينـا ال ختتلـف عـن دول اخلليج األخـرى‪ ،‬لك َّن إمكانيـة النَّقد‬
‫املتاحـة يف الكويـت هي التي كشـفت مواطن الضعف والقصـور يف التجربة‪ ،‬وأمهلت‪،‬‬
‫إىل حـد كبير‪ ،‬مظاهـر النجـاح التـي ح َّققهـا النظـام التَّعليمـي يف مواجهـة اجلائحة‪.‬‬
‫الرغـم مـن كل اجلهود التي بذلت يف جمال احتواء األزمة وخفض تأثرياهتا‬ ‫وعلى َّ‬
‫السـلبية‪ ،‬فإنَّـه جيـب علينـا أن نعترف بـأن ثمـة صعوبـات كبيرة وحتديـات جسـيمة‬ ‫َّ‬
‫قـد واجهـت املجتمـع الكويتـي‪ ،‬وعلى اخلصـوص األرسة الكويتيـة يف املسـتويات‬
‫الرتبويـة‪ ،‬ويمكننـا أن نسـوق يف هـذا البـاب‪ ،‬على سـبيل املثـال وليس احلصر‪ ،‬هذا‬
‫النـداء الـذي رفعته بعـض األ َّمهات إىل وزيـري الرتبية والصحة عبر جريدة القبس‬
‫الكويتيـة يقلـن فيـه‪« :‬لدينـا أطفـال يف املدارس اخلاصـة‪ ،‬وبدأنا الدراسـة يوم األحد‬
‫‪ 6‬سـبتمرب ‪ 2020‬وقـد مضـت هـذه األيـام اخلمسـة كأهنـا دهـر فقـد اهنرنـا عصب ًّيـا‬
‫ونفسـ ًّيا « (‪ )...‬ختيلوا أ ًّما لدهيا ‪ 3‬أو ‪ 4‬أطفال عليها أن تسـاعدهم يف توقيت واحد‬
‫ليتعرفـوا على روابـط احلصـص ومتابعة الـدروس! ‪ ...‬فهل يرى وزيـر الرتبية حلالة‬
‫العصبيـة والنفسـية التـي نمـر هبـا؟»‪( .‬احلمادي‪ . )2020،‬وهـذا كلـه يـدل على أن‬
‫املجتمـع الكويتـي‪ ،‬كغيره مـن املجتمعـات‪ ،‬مل يكـن مه َّي ًـأ نفسـ ًّيا أو ثقاف ًّيـا ملواجهـة‬
‫مثـل هـذا التحـدي الكبير لفيروس كورونا الـذي رضب البلاد والعبـاد‪ ،‬وعىل أن‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التجربـة يف مواجهـة اجلائحـة كانـت مؤملـة وكارثيـة يف كثري مـن األحيان‪.‬‬

‫‪ -5‬جتربة اإلمارات العربية املتحدة‪:‬‬


‫شـكَّل التَّعليـم اإللكتروين يف دولـة اإلمـارات العربيـة املتَّحدة جتربـة ناجحة كام‬
‫أن التَّع ُّلـم اإللكتروين بـدأ يف عـام‬
‫تفيـد تقاريـر اليونيسـكو‪ .‬و ُيشـار يف هـذا السـياق َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪194‬‬
‫‪ 2012‬مـع انطلاق مشروع حممـد بن راشـد للتع ُّلـم الذكـي‪ ،‬وأسـهمت اخلطوات‬
‫التطويريـة التـي تلـت ذلـك يف التَّأسـيس ملنظومـة تعليميـة رقميـة أثبتـت جاهز َّيتهـا‬
‫وفعاليتهـا يف توفير التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد واسـتمراريته يف ظـل األزمـة الكورونيـة‪.‬‬
‫تـم تفعيـل منظومـة التَّعليـم اإللكتروين الذكـي لنحـو ‪1.2‬‬ ‫وبرهنـت الوقائـع أنـه َّ‬
‫مليـون متع ّلـم مـن خمتلـف املـدارس واجلامعـات‪ ،‬ويف خمتلـف مناطـق اإلمـارات‪.‬‬
‫وبلغـت نسـبة االلتحـاق بالتَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد نحـو ‪ %100‬ملختلف رشائـح املتع ّلمني‬
‫بما يف ذلـك أطفـال الريـاض (اليونيسـكو‪ .)2020 ،‬وكانت وزارة الرتبيـة والتَّعليم‬
‫منصـة تعليميـة عامليـة تعتمـد على تقنيات‬ ‫أدخلـت على بوابتهـا للتع ُّلـم الذكـي ‪َّ 13‬‬
‫الـذكاء االصطناعـي‪ ،‬وذلـك إلتاحـة خيـارات تعليميـة متعـدّ دة أمـام املتع ّلمين‬
‫خلال عمليـة التَّع ُّلـم عن ُب ْع ٍد واسـتطاعت الـوزارة أن تو ّفر للمتعلمني عـد ًدا واف ًيا‬
‫وسـهل‬‫َّ‬ ‫مـن مقاطـع فيديو آمنـة دون تعريضهم لإلعالنـات أو املحتوى غري َّ‬
‫اللئق‪،‬‬
‫ذلـك على املعلمين فرصة احلصول على الـدروس والنصـوص والفيديوهات التي‬
‫احلقيقي إىل الفصل الدرايس‪ ،‬وذلك‬ ‫ّ‬ ‫حيتاجـون إليهـا لتقديم حمارضاهتم‪ ،‬ونقل العامل‬
‫الضخمة التـي تتو َّفر عىل اآلالف مـن مقاطع الفيديـو التَّعليمية‬ ‫مـن خلال مكتبتهـا ُّ‬
‫العاليـة اجلـودة إلثـراء العمليـة الرتبوية بأمـان وسـهولة‪( .‬اليونيسـكو‪.)2020،‬‬
‫وقدمــت وزارة الرتبيــة والتَّعليــم يف اإلمــارات وجامعــة محــدان بــن حممــد الذكيــة دورة‬
‫تدريبيــة إلكرتونيــة ألكثــر مــن ‪ 42.000‬معلــم وأكاديمــي حــول كيفيــة إدارة الفصــول‬
‫الدراســية عــر اإلنرتنــت واســتخدام التكنولوجيــا (‪.)Arabian Business .2020‬‬
‫وقـد تكـون اإلمـارات التجربة األنجـح عرب ًّيا يف جمال تطبيقهـا للتعليم عن ُبعد‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫كما يقـول حممـد األمني بيزاز‪« :‬إذ قطعت هذه الدولة أشـوا ًطا كبيرة يف االعتامد عىل‬
‫الـذكاء االصطناعـي والتكنولوجيـا احلديثـة يف خمتلـف القطاعـات باعتامدهـا على‬
‫الرقمـي منـذ سـنوات‪ .‬وكانـت جائحـة كورونـا بمثابـة االختبـار احلقيقـي‬
‫ّ‬ ‫التحـول‬
‫ُّ‬
‫الرقمـي الـذي تتبنَّـاه اإلمـارات فتمكَّنـت‬
‫ّ‬ ‫التحـول‬
‫ُّ‬ ‫الـذي كشـف عـن مـدى نجاعـة‬
‫مـن تصـدُّ ر قائمـة الـدول العشر األوىل يف مكافحـة كورونـا وفـق مـا كشـفت عنـه‬
‫اهليئـة ّ‬
‫االتاديـة للتنافسـية واإلحصـاء يف يونيـو املـايض (بيـزاز‪ . )2020 ،‬ويف هـذا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪195‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫السـياق‪ ،‬يقـول وزيـر الرتبيـة والتَّعليـم اإلمـارايت حسين بـن إبراهيم احلمادي‪َّ »:‬‬
‫إن‬
‫اإلمـارات اسـتثمرت «منـذ وقت طويـل يف كل متطلبـات البنية التحتيـة التي مكنتنا‬
‫مـن ضمان توفير خدمـات التَّعليـم وفق أعلى املعايير العامليـة ويف كافـة الظروف»‪،‬‬
‫منصـة تعليميـة تتَّسـم بالـذكاء واملرونـة وتفـي‬
‫ويضيـف «اسـتطعنا بنـاء أفضـل َّ‬
‫باملتطلبـات احلديثـة‪ .‬كما زودنـا املعلمين والطلاب باألجهزة املناسـبة التـي متكنهم‬
‫مـن الدخـول إىل الشـبكة وتوفـر هلـم اإلمكانـات السـتخدام التطبيقـات والربامـج‬
‫املتقدمـة التـي تـم تضمينهـا يف نظـام التَّعليـم األسـايس»(بيزاز‪. )2020 ،‬‬
‫وتقـدم الدكتـورة سـمرية عبـد الرمحـن امللا وص ًفـا شـامال لتجربـة اإلمـارات يف‬
‫نـدوة أقامهـا مكتب الشـبكة اخلليجية لضامن جودة التَّعليـم العايل‪ ،‬حتت عنوان «أثر‬
‫جائحـة فيروس كورونـا يف التَّعليم العايل يف دول جملـس التعاون اخلليجي»(مكتب‬
‫الشـبكة اخلليجيـة لضامن جـودة التَّعليم العـايل‪ .)3 ،2020 ،‬وقـد أفادت املال‪:‬‬
‫«بـأن دولـة اإلمـارات وضعـت خطـة مـن عـدة مراحـل إلدارة هـذه األزمـة‪،‬‬
‫حيـث شـملت املرحلـة األوىل تفعيـل نظـام التَّع ُّلـم الذكـي يف مؤسسـات التَّعليـم‬
‫العـايل‪ ،‬وتوجيـه اجلامعـات بإعـادة جدولـة الفصـول الدراسـية بما يضمـن اسـتمرار‬
‫تقديـم خدماهتـا التَّعليميـة مـع مواصلـة اسـتيفاء مؤسسـات التَّعليـم العـايل للمعايير‬
‫اخلـاص بمعايير خدمـات التَّعليـم عـن ُب ْعـد»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األكاديميـة الوطنيـة‪ ،‬وال سـيام البـاب‬
‫ومتثلـت املرحلـة الثانيـة «يف إجـراء تقييـم َّأويل هيـدف إىل اسـتطالع مـدى جاهزيـة‬
‫مؤسسـات القطـاع لتقديـم خدماهتـا التَّعليميـة عـن ُب ْع ٍـد يف نفـس مسـتوى جـودة‬
‫التَّعليـم النظامـي‪ ،‬ومـدى تق ُّبـل املتعلمين لطـرق التدريـس وقيـاس التحصيـل‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اجلديـدة‪ .‬كما شـهدت هـذه املرحلـة تواصلا مكث ًفـا مـع مؤسسـات القطـاع للوقوف‬
‫على التحديـات التـي تواجهها (مكتب الشـبكة اخلليجية لضامن جـودة التَّعليم العايل‬
‫(‪ ( )2020‬مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم العـايل‪. )3 ،2020 ،‬‬
‫ويف ضـوء نتائـج تقييـم اجلاهزية‪ ،‬اختـذت اجلهات املعنية يف املرحلـة الثالثة حزمة‬
‫املقـررات العملية‪،‬‬
‫مههـا رضورة مواصلـة العـام اجلامعـي‪ ،‬بام فيهـا َّ‬ ‫مـن القـرارات‪ ،‬أ َّ‬
‫واسـتخدام أدوات مالئمـة لقيـاس خمرجـات التَّع ُّلـم الذكـي‪ .‬أ َّما يف املرحلـة الرابعة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪196‬‬
‫فقـد تركَّـزت اجلهـود حـول متابعـة الطلبـة املبتعثين للدراسـة يف اخلـارج‪ ،‬و ّملـا كان‬
‫قطـاع التَّعليـم العـايل وثيـق الصلـة بسـائر القطاعـات‪ ،‬فقـد سـعت دولـة اإلمـارات‬
‫يف املرحلـة اخلامسـة مـن خطتهـا إىل مواءمـة اإلجـراءات اخلاصـة بالتَّعليـم العـايل‬
‫مـع اإلجـراءات الوطنيـة‪ ،‬لضمان اسـتمرار هـذا القطـاع يف خدمـة سـائر القطاعات‬
‫تـم اختاذهـا يف هـذا الشـأن‬
‫والرشائـح املسـتفيدة منـه‪ .‬ومـن أمثلـة اإلجـراءات التـي َّ‬
‫التحـول إىل أنظمـة إلكرتونيـة للتسـجيل واالمتحانـات وقياس التحصيـل‪ ،‬وتطبيق‬
‫نظـم املحـاكاة يف املقـررات العمليـة‪ ،‬وتوفير املزيـد مـن الوقـت خلرجيـي الثانويـة‬
‫العامـة للتَّسـجيل‪ ،‬ورفـد (دعـم أفضـل الرجـاء الرجـوع إىل املؤلـف) املستشـفيات‬
‫بكـوادر طبيـة‪ .‬ويف معـرض تقييمهـا للتجربـة‪ ،‬خلصـت املتحدثـة إىل أن دولـة‬
‫اإلمـارات رفعـت منـذ الوهلـة األوىل شـعار‪« :‬إذا توقفت املـدارس واجلامعات فإن‬
‫التَّعليـم لـن يتوقـف»‪ ،‬مؤكّـدة أن املقولـة حت َّققـت كل ًّيـا‪ ،‬ومل يتوقـف التَّعليـم بجميـع‬
‫مسـتوياته وفصولـه واسـتمر عـن بعـد‪ ،‬لتتك َّلـل جهـود دولـة اإلمـارات بالنجاح يف‬
‫حتويـل جائحـة كورونـا إىل فرصـة لتطبيـق التَّع ُّلـم الذكـي‪ .‬ومـن املامرسـات اجليـدة‬
‫التـي أشـارت إليهـا املتحدثـة‪ ،‬تبادل اخلبرات بني أكثر مـن ‪ 100‬مؤسسـة‪ ،‬وتعاون‬
‫رشكات االتصـاالت يف توفير خدمـات الربـط املجـاين إىل رشائح حمـددة من الطلبة‬
‫(مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم العـايل‪. )3 ،2020 ،‬‬
‫وأكـد ذلـك وزيـر الرتبيـة والتَّعليـم يف اإلمـارات بقولـه‪َّ :‬‬
‫«إن اإلمـارات كانـت‬
‫سـباقة؛ فمنـذ سـنوات وبفضل توجيهـات ودعم القيـادة الرشـيدة اعتمدت اخلطط‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تعلما ذك ًّيا وف َّعـاال حما ًطا باملمكنـات الرتبوية‬


‫والسـيناريوهات التَّعليميـة التـي حتقـق ً‬
‫واملـوارد التَّعليميـة متعـددة األمهيـة والقدرات‪ ،‬وهو مـا سـاعدها يف تفعيل منظومة‬
‫التَّع ُّلـم الذكـي لنحـو ‪ 1.2‬مليـون مـن طلبـة املـدارس اإلماراتيـة‪ ،‬وبنسـبة ‪%100‬‬
‫أيضـا مـن االسـتجابة الرسيعـة لتداعيـات‬ ‫دون معوقـات بـارزة‪ ،‬وهـو مـا مكَّنهـا ً‬
‫جائحـة كورونـا‪ ،‬يف الوقـت الـذي واجهـت دول أخـرى صعوبـات بالغـة‪ ،‬أدت إىل‬
‫عرقلـة مسيرة التَّع ُّلـم لدهيـا»‪( .‬احلمادي‪.)2020( ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪197‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وعـن مسـتقبل التَّعليـم يف اإلمـارات بعـد جائحـة كورونـا‪ ،‬حـدد الوزيـر أربعـة‬
‫عوامـل أساسـية لتطويـر التَّعليـم مـا بعـد جائحـة كورونـا مـن حيـث القـدرة على‬
‫اسـتيعاب التحديثـات الراهنـة‪ ،‬وهـي البنيـة التحتيـة والسياسـات واألطـر املنظمـة‬
‫مشيرا إىل تطويـر خمرجـات التَّعليـم يرتكز‬
‫ً‬ ‫واملناهـج املطـورة والتأهيـل والتدريـب‪،‬‬
‫تتلخـص يف التَّع ُّلـم الذكـي ومنظومـة الرعايـة واألنشـطة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫مهمـة‪،‬‬
‫على قواعـد َّ‬
‫ومهـارات الطلبـة‪ ،‬وتعزيـز منظومـة التَّعليـم العـايل‪ ،‬وأكَّـد رضورة قيـاس خمرجات‬
‫مههـا بناء إطـار متابعة ورقابـة متكامل لتقييم‬
‫أي منظومـة تعليميـة وفـق أساسـيات أ َّ‬ ‫ّ‬
‫األداء‪ ،‬وتوفير منظومـة قيـاس ذكية‪ ،‬وقيـاس األثر‪ً ،‬‬
‫فضل عن أمهيـة العمل يف اجتاه‬
‫آخـر‪ ،‬وهـو حتقيـق رشاكات مـن أجـل التَّعليم‪ ،‬مـن خلال التَّعليم التشـاركي الذي‬
‫يسـتند إىل تبـادل اخلبرات‪ ،‬واالسـتثامر يف التَّعليم عىل مسـتوى الـدول»‪( .‬احلامدي‪،‬‬
‫(‪. )2020‬‬

‫‪ -6‬جتربة قطر‪:‬‬
‫ال ختتلــف اإلجــراءات التــي اختذهتــا وزارة الرتبيــة والتَّعليــم العــايل يف قطــر عــن‬
‫مثيالهتــا يف دول اخلليــج العــريب‪ .‬وضمــن هــذا الســياق مــن اإلجــراءات الرتبويــة‪،‬‬
‫واخلاصــة‬
‫َّ‬ ‫قــررت وزارة الرتبيــة إغــاق مجيــع املــدارس واجلامعــات احلكومية‬
‫ـي وبــاء كورونــا يف العــارش مــن مــارس ‪ ،2020‬وقامــت عــى إثــر ذلــك‬ ‫بســبب تفـ ّ‬
‫بوضــع اخلطــط واالســراتيجيات الف َّعالــة لضــان اســتمرار العمليــة التَّعليميــة يف‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫خمتلــف املســتويات والفصــول الدراســية‪ .‬ثــم أطلقــت الــوزارة بوابــة التَّع ُّلــم عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد «‪»Qlearning‬‬
‫لتسـهيل ودعـم مجيـع خدمـات التَّع ُّلـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬ومتكين الطلبـة مـن التَّدريـب‬
‫على حلـول أسـئلة نموذجيـة متَّصلـة ببنـك أسـئلة مد َّقـق‪ ،‬وإرسـال االستفسـارات‬
‫مبـارشة للمعلمين واسـتقبال اإلجابـات‪ ،‬إضافـة اىل إمكان َّيـة تقديـم رشح تفصيلي‬
‫للمـواد الدراسـية‪( :‬وزارة الرتبيـة القطريـة ‪. )2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪198‬‬
‫املنصـة التَّعليميـة « مزيـد» عبر اإلنرتنـت التي تتيـح للطلبة‬‫كما و َّفـرت الـوزارة َّ‬
‫سـهولة ورسعـة الوصـول ملصـادر التَّع ُّلـم مثـل الكتـاب املـدريس والفيديوهـات‬
‫التَّعليمية واملزيد من املحتوى املتنوع واملحدث باسـتمرار‪ .‬ويف إطار تيسير وصول‬
‫املعلومـة إىل خمتلـف الطلاب ورفـع مجيـع القيـود والعراقيـل التـي ربما تواجههـم‪،‬‬
‫قامـت وزارة التَّعليـم والتَّعليـم العـايل بتوفير أجهـزة حاسـوب (عاديـة ولوحيـة‬
‫وحممولـة)‪ .‬إضافـ ًة إىل توفير املئـات مـن أجهـزة موديـم للوصـول إىل اإلنرتنـت‪،‬‬
‫وذلـك للطلاب الذيـن ال يملكوهنـا وحيتاجـون إليها خالل عمليـة التَّع ُّلم عـن ُب ْع ٍد‬
‫(وزارة الرتبيـة القطريـة ‪. )2020‬‬
‫ووضعـت الـوزارة خطـة للعـودة إىل املـدارس احلكوميـة واخلاصـة قسـمتها إىل‬
‫ثلاث مراحـل‪ ،‬حيـث التحـق ‪ % 30‬مـن الطلاب بمقاعـد الدراسـة بين األول‬
‫والثالـث مـن شـهر سـبتمرب‪ ،‬على أن يلتحـق ‪ %50‬مـن الطلبـة يف الفترة مـا بين‬
‫السـادس والسـابع عشر مـن سـبتمرب بمدارسـهم لتصـل إىل نسـبة ‪ % 100‬يف ‪20‬‬
‫سـبتمرب‪ .‬وسـعت احلكومـة إىل تطبيـق كل اإلجـراءات والتدابير الالزمـة لفـرض‬
‫التباعـد االجتامعـي بين التالميـذ خلال الفصـول الدراسـية‪( .‬بيـزاز‪. )2020 ،‬‬
‫وعملـت وزارة الرتبيـة على نشر ‪ 336‬فيديـو تعليم ًّيـا وذلك بعـد تطبيقها لنظام‬
‫(التَّع ُّلـم عـن ُب ْعـد) يف األسـبوع األول مـن تبنـي منهجية الدراسـة عن ُب ْع ٍـد يف حالة‬
‫الطـوارئ‪ ،‬وقامـت بتسـهيل خمتلـف اإلجـراءات السـتكامل العمليـة التَّعليميـة‪.‬‬
‫الصـادر عـن وزارة التَّعليـم‪ ،‬بلـغ إمجـا ّيل عـدد الـدروس املصـورة‬ ‫ووف ًقـا للتَّقريـر َّ‬
‫مصورا يف‬
‫ً‬ ‫درسـا‬
‫مصورا‪ ،‬منهـا ‪ً 19.908‬‬ ‫ً‬ ‫درسـا‬
‫تـم إنتاجهـا نحـو ‪ً 23.533‬‬ ‫التـي َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اخلاصـة و‪ 2.456‬يف مـدارس التَّعليـم العـام‪ ،‬و‪ 1.169‬يف املدارس‬ ‫َّ‬ ‫جمـال الرتبيـة‬
‫وتـم إطلاق ‪ 19‬قنـاة يوتيـوب تعليميـة للمراحـل مـن الروضـة إىل‬ ‫املتخصصـة‪َّ .‬‬
‫الصـف الثـاين عشر وتعليـم الكبار‪ ،‬وبلـغ إمجايل عـدد املشـاهدات ‪8.410.862‬‬
‫مشـاهدة (مهـدي‪ . )2020 ،‬وتعمـل ‪ %90‬مـن املـدارس اخلاصـة يف دولـة قطـر‬
‫على تطبيـق التَّع ُّلـم عـن ُب ْعـد‪ ،‬وبأنظمـة خمتلفـة يف األصـل‪ ،‬ومل يكـن هـذا النـوع من‬
‫التَّعليـم عائ ًقـا بالنسـبة إليهـا‪ ،‬كما بـارش العديـد منهـا االنتقـال إىل نظـام التَّع ُّلـم عـن‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪199‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ُب ْع ٍـد فـور صـدور قرار تعليق الدراسـة يف املـدارس واجلامعـات احلكومية واخلاصة‬
‫جلميـع الطلاب يف دولـة قطـر (مهـدي‪ . )2020 ،‬ويؤكّـد اخلبراء الرتبويـون يف‬
‫أن نظـام التَّعليـم يف قطـر اسـتجاب بشـكل رسيـع وف َّعـال ألزمـة‬ ‫قطـاع التَّعليـم َّ‬
‫انتشـار فيروس كورونـا املسـتجدّ ‪ ،‬مسـتفيدً ا من البنيـة التحتيـة التكنولوجيـة القوية‬
‫املؤهلـة باملـدارس ومؤسسـات التَّعليـم العـايل‪ .‬وطبقت وزارة‬ ‫والكـوادر التَّعليميـة َّ‬
‫ٍ‬
‫التَّعليـم والتَّعليـم العـايل نظـام التَّع ُّلـم عـن ُب ْعـد يف ‪ 22‬مـارس يف أكثـر مـن ‪334‬‬
‫مؤسسـات التَّعليـم العايل الوطنيـة واخلاصة‬ ‫مدرسـة حكوم َّيـة وخاصـة‪ ،‬إضافـة إىل َّ‬
‫مؤسسـة قطـر (مهـدي‪. )2020 ،‬‬ ‫بما فيهـا َّ‬
‫ومـع بدايـة العـام الـدرايس اجلديـد ‪ ،2021 -2020‬أعلنـت وزارة التَّعليـم‬
‫والتَّعليـم العـايل تطبيـق نظـام التَّع ُّلـم املدمـج يف مجيـع املراحـل التَّعليميـة للمدارس‬
‫وتـم دمـج‬‫ومؤسسـات التَّعليـم العـايل‪َّ .‬‬ ‫َّ‬ ‫احلكوميـة واخلاصـة وريـاض األطفـال‬
‫التَّع ُّلـم اإللكتروين مـع التَّع ُّلـم الص ّفي يف إطار واحـد‪ .‬ووف ًقا لنظـام التَّع ُّلم املدمج‪،‬‬
‫جيـب على الطلبـة احلضـور مـن مـرة واحـدة إىل ثلاث مـرات يف األسـبوع للمبنـى‬
‫املـدريس‪ ،‬مـع احلفـاظ على نسـبة حضـور نحـو ‪ %30‬مـن إمجـايل عـدد الطلاب يف‬
‫املدرسـة يف اليـوم الواحـد‪ ،‬وذلـك هبـدف حضـور بعـض حصـص املواد األساسـية‬
‫والقيـام بالتجـارب العمليـة يف املختبرات وتأديـة االختبـارات (مهـدي‪، )2020 ،‬‬
‫على أن يتـم تطبيـق نظـام «التَّع ُّلـم عـن ُب ْعـد» يف األيـام التي ال حيضر فيهـا الطلبة إىل‬
‫ويتضمن نظـام التَّعليم‬
‫َّ‬ ‫املبنـى املـدريس وفـق اجلـدول املخطط له مـن ِق َبـل الـوزارة‪.‬‬
‫املدمـج إجـراء الطلاب الختبـارات منتصـف الفصـل الـدرايس واختبـارات هنايـة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الفصـل الـدرايس يف املبنـى املـدريس مـن خلال جـدول تن ّظمـه املـدارس ويضمـن‬
‫التباعـد االجتامعـي بين الطلبـة (مهـدي‪. )2020 ،‬‬
‫املؤسسـات العامـة واخلاصـة يف‬
‫وعلى عكـس الكويـت‪ ،‬كان لـدى العديـد مـن َّ‬
‫منصـات تعليم تدعـم احتياجات التَّعليم عـن ُبعد‪ .‬واسـتطاع مقدمو خدمات‬
‫قطـر َّ‬
‫منصـات عبر اإلنرتنـت للربـط بين املعلمين والطلاب‪،‬‬ ‫التَّعليـم رشاء أو إنشـاء َّ‬
‫وبالتـايل االسـتفادة مـن خدمـة اإلنرتنـت القويـة والدعـم احلكومـي واملجتمعـي‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪200‬‬
‫ويـرى الباحـث شـوقي مهـدي أن «هـذه االسـتجابة الرسيعـة للجائحـة يف قطـاع‬
‫التَّعليـم تعـود لعـدَّ ة أسـباب مـن بينها توفير البنية التحتيـة التكنولوجيـة التي نفذهتا‬
‫قطـر خلال السـنوات املاضيـة‪ ،‬حيـث حصلـت قطـر على املرتبـة األوىل عرب ًّيـا والــ‬
‫‪ 26‬عامل ًّيـا يف مـؤرش القـوة التكنولوجية الصادر عن جملة «غلوبـال فاينانس العاملية»‬
‫والـذي يقيـس أكثـر الـدول تقدُّ ًمـا يف قطـاع االتّصـاالت والتكنولوجيـا والبالـغ‬
‫ومتفوقة على ‪ 41‬دولة كربى‬ ‫ّ‬ ‫عددهـا ‪ 67‬دولـة حـول العـامل‪ ،‬مسـجل ًة ‪ 3.21‬نقطـة‬
‫حـول العـامل ممَّـا يؤكـد نجـاح دولـة قطـر يف تطورهـا التكنولوجـي وتعزيـز قطـاع‬
‫االتصـاالت وتكنولوجيـا املعلومـات» (مهـدي‪. )2020 ،‬‬
‫جتسـده‬
‫وبالرغـم مـن هـذه االسـتجابة الرسيعـة‪ ،‬ال يـزال هنـاك توتُّـر وقلـق ّ‬
‫املنصـات االجتامعيـة فيما يتعلـق بوضـع الطلاب‪ ،‬وتطويـر‬ ‫َّ‬ ‫املنشـورات عبر‬
‫املهـارات‪ ،‬والتقييـم‪ ،‬والعـام الـدرايس املقبـل (منتـدى اخلليـج الـدويل ‪. )2020 ،‬‬
‫وبالرغـم مـن عـدم قـدرة التَّعليم عـن ُب ْع ٍد على تعويض التَّعليـم التقليـدي‪ ،‬فإنَّه قد‬
‫املهمـة بشـكل ج ّيـد إىل حـد مـا يف حالـة الطـوارئ‪ ،‬ولكـن فقط حيـث ُوجدت‬ ‫أ َّدى َّ‬
‫األدوات واملـوارد (منتـدى اخلليـج الـدويل‪. )2020 ،‬‬
‫لقـد عانـى الطلاب وأوليـاء األمور مـن صعوبة الدخـول إىل نظـام إدارة التَّع ُّلم‬
‫ملشـاهدة الـدروس التَّعليميـة‪ ،‬ومل يتمكـن النظـام مـن اسـتيعاب هـذه األعـداد‪،‬‬
‫منصـة‬‫وعلى الفـور َّاتـذت وزارة التَّعليـم والتَّعليـم العـايل قرارهـا بالتحـول إىل َّ‬
‫«مايكروسـوفت تيمـز» التـي اسـتوعبت دخـول مـا يصـل إىل ‪ 300‬ألـف مسـتخدم‬
‫يف وقـت واحـد‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -7‬جتربة سلطنة ُعمان‪:‬‬


‫أعلنـت سـلطنة ُعمان يف ‪ 14‬مـارس املـايض تعليـق الدراسـة يف ّ‬
‫كل املؤسسـات‬
‫التَّعليميـة ضمـن اإلجراءات الوقائيـة ملواجهة فريوس كورونا‪ ،‬ثـم قررت احلكومة‬
‫إهنـاء العـام الـدرايس جلميـع طلبـة املـدارس احلكوميـة واخلاصة يف ‪ 5‬مايـو ‪.2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪201‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وفوضـت اللجنـة العليـا وزارة الرتبيـة والتَّعليـم ال ُعامنيـة باعتماد البديـل املناسـب‬
‫َّ‬
‫الحتسـاب نتائـج الطلبـة‪ ،‬وآليـة تقييمهـم وانتقاهلـم مـن األول وحتـى الثـاين عشر‬
‫وما يف مسـتواها‪.‬‬
‫وقـد أعلنـت ال َّلجنـة العليـا املك َّلفـة بالتعامـل مـع فيروس كورونـا املسـتجدّ يف‬
‫لـكل الطلاب والطالبات إىل يـوم األحد‬ ‫الـدرايس ّ‬
‫ّ‬ ‫سـلطنة عمان تأجيـل بـدء العـام‬
‫لـكل املـدارس‪،‬‬ ‫وقـررت اعتماد منهـج التَّعليـم املدمـج ّ‬‫األول مـن نوفمبر ‪َّ .2020‬‬
‫وذلـك بانتظـام الطلبـة يف بعـض احلصـص يف مدارسـهم‪ ،‬وتفعيـل التَّعليم عـن ُب ْع ٍد‬
‫يف حصـص دراسـ َّية أخـرى‪ ،‬وفـق ضوابـط وأسـس حمـدَّ دة‪.‬‬
‫وبعـد تو ُّقـف احليـاة يف معظـم جماالهتـا منـذ مطلع عـام ‪2020‬؛ اسـتجابة للواقع‬
‫املؤسسـات التَّعليمية بالسـلطنة العمل ليل‬
‫الـذي فرضـه فريوس كورونـا‪ ،‬واصلت َّ‬
‫هنـار لدراسـة سـيناريوهات متعـددة لكيفيـة بـدء العـام الـدرايس ‪،2021-2020‬‬
‫ثـم اختيـار أنجعهـا وأفضلهـا ليوضـع موضـع التنفيـذ؛ بما يكفـل اسـتمرار حتقيـق‬
‫األهـداف التَّعليميـة والرتبويـة التي تضمنتهـا خطط املؤسسـات التَّعليمية والرتبوية‬
‫بالسـلطنة (البـادي‪. )2020 ،‬‬
‫السـلطنة ومـا نتـج عنهـا مـن تعليق للدراسـة‬
‫ونتيجـة ألزمـة جائحـة كورونـا يف َّ‬
‫بدايـة‪ ،‬ثـم إيقافهـا كل ًّيـا بعـد ذلـك‪ ،‬فقـد «اختـذت بعـض املـدارس والكليـات‬
‫واجلامعـات خطـوات إجيابيـة نحـو تفعيـل قنـوات الدراسـة عـن بعـد‪ ،‬متخـذة مـن‬
‫أنموذجـا‬
‫ً‬ ‫بعـض األسـاليب التـي تـم العمـل هبـا يف جامعـات ومؤسسـات عامليـة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يمكـن تطويعـه والعمـل به يف السـلطنة‪ ،‬بالرغم مـن حداثة التجربة يف ُعامن بالنسـبة‬
‫وأيضـا على اجلهـات املرشفـة على التَّعليـم‬
‫للطلبـة وللمؤسسـات التَّعليميـة ذاهتـا ً‬
‫بشـ َّقيه‪ :‬األسـايس والعـايل»‪( .‬املعـويل‪. )2020 ،‬‬
‫الصعوبات التـي واجهت هـذه التجربة والتي‬ ‫ويشير الباحـث حممـد البـادي إىل ُّ‬
‫متثلـت يف «أن العديـد مـن الطلاب يفتقـرون يف منازهلـم للبيئـة امله َّيـأة واملحفـزة‬
‫فضلا عـن صعوبـة اتصاهلـم باإلنرتنت بسـبب الطبيعـة اجلغرافية للقرى‬ ‫ً‬ ‫للدراسـة‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪202‬‬
‫التـي يقطنـون فيهـا‪ ،‬أو عـدم امتالكهـم لألجهـزة املعينـة على التَّع ُّلـم عن ُبعـد‪ ،‬وإن‬
‫فـإن غالبيتهـم ال يمتلـك إال مهـارات ضئيلـة للتعامـل‬ ‫وجـدت هـذه األجهـزة‪َّ ،‬‬
‫الصحيحـة‪ ،‬وآخـرون ال جيـدون أي مسـاندة مـن آبائهم على النَّحو‬ ‫معهـا بالصـورة َّ‬
‫بـكل ما سـبق؛ وينخرطون يف الدراسـة بدون أدنى‬ ‫املأمـول‪ ،‬يف حين حيظـى آخرون ّ‬
‫عائـق‪ ،‬وجينـون ثامرهـا دون غريهـم؛ لـذا يتعين علينـا النظـر بعين االعتبـار هلـذه‬
‫النقـاط وغريهـا مـن الصعوبـات؛ مـن أجـل تفادي اتّسـاع الفـوارق يف الفـرص؛ أو‬
‫مـن أجـل تضييـق الفجـوة قـدر املسـتطاع؛ وجتنـب ازديـاد اآلثار السـلبية على تع ُّلم‬
‫أبنـاء األرس ذوات القـدرات واإلمكانـات املحـدودة»‪( .‬البـادي‪. )2020 ،‬‬
‫أن بعـض التجـارب واملبـادرات‪ ،‬بالرغـم مـن املعوقـات التـي واجهتهـا‪،‬‬ ‫غير َّ‬
‫ومشـجعة‪ ،‬ومتكَّنـت بعض هذه املؤسسـات‬ ‫ّ‬ ‫اسـتطاعت الوصـول إىل نتائـج مقبولـة‬
‫املنصـات التَّعليميـة وبعـض النوافـذ‬
‫التَّعليميـة مـن الوصـول إىل طالهبـا مـن خلال َّ‬
‫والربامـج األخـرى التـي طبقتهـا ولـو بشـكل َّأويل‪ ،‬وأ َّدى ذلـك إىل حتقيـق بعـض‬
‫األهـداف التـي تصبـو إليها هذه املؤسسـات بربط الطلاب بمؤسسـاهتم التَّعليمية‪،‬‬
‫ونقـل التَّعليـم مـن النَّمـوذج النمطـي إىل التَّع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد (املعـويل ‪. )2020‬‬
‫ويصـف أمحـد بـن مجعـة الريامـي جتربة سـلطنة ُعمان الرتبويـة يف مواجهـة الوباء‬
‫قائلا‪« :‬انطلقـت وزارة التَّعليـم العـايل مـن مبـدأ اسـتمرار العمليـة التَّعليميـة وأن‬
‫التَّعليـم اإللكتروين سـيكون الركيـزة األساسـية يف خطـط وإجـراءات تعاملهـا مـع‬
‫اجلائحـة‪ .‬وقـد انقسـمت اخلطـة إىل ثلاث مراحـل وف ًقـا لتطـور احلالـة‪ ،‬ومتاشـيا‬
‫مـع التَّعليمات الصـادرة عـن وزارة الصحـة ثـم اللجنـة الوطنية»(مكتـب الشـبكة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليم العـايل ‪ . )4 ،2020 ،‬ويذكر الريامـي أن التَّعليامت‬


‫التـي أصدرهتـا الـوزارة ملؤسسـات التَّعليـم العـايل خلال املرحلـة األوىل‪ ،‬التـي‬
‫سـبقت تعليـق الـدروس‪ ،‬تتمثـل يف تأجيل الفعاليـات التي تتَّسـم باحلضور البرشي‬
‫املك َّثـف واحلـدّ مـن املشـاركات يف الفعاليـات‪ .‬أمـا املرحلـة الثانيـة التـي تزامنت مع‬
‫قـرار تعليـق الدراسـة ملـدَّ ة شـهر‪ ،‬فقـد شـهد فيها القطـاع اسـتجابة مزدوجـة‪ ،‬حيث‬
‫فضلـت بعـض املؤسسـات التحـول إىل التَّعليـم اإللكتروين‪ ،‬يف حين آثـر البعـض‬ ‫َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪203‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫اآلخـر إعـادة جدولـة مـا تبقـى مـن العـام األكاديمـي‪ .‬ومـع تو ُّفـر املـؤرشات على‬
‫اسـتمرار احلالـة الطارئـة‪ ،‬صدرت التُّعليمات بتمديد التعليق‪ ،‬وشـهدت هذه الفرتة‬
‫صـدور قـرار وزاري بتحديـد ضوابط تقييم املقررات الدراسـية خلال فرتة التعليق‬
‫للمؤسسـات اخلاصة (مكتب الشـبكة‬ ‫َّ‬ ‫يف كليـات العلـوم التطبيقيـة‪ ،‬وضوابط مماثلة‬
‫اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم العـايل‪. )4 ،2020،‬‬
‫أن مـن أهـم العوامـل التـي سـهلت انتقـال الكليـات إىل التَّعليـم‬ ‫ويـرى الريامـي َّ‬
‫وأن كليـات‬ ‫اإللكتروين هـو أن الـوزارة و َّفـرت مسـب ًقا ضوابـط التَّع ُّلـم املدمـج‪َّ ،‬‬
‫العلـوم التطبيقيـة قـد ترمجتهـا إىل نظـام قابـل للتطبيـق مـن خلال وضع السياسـات‬
‫وأن حمصلـة جتربـة التَّع ُّلـم اإللكتروين إجيابيـة عمو ًمـا‪،‬‬ ‫واإلجـراءات املالئمـة لـه‪َّ ،‬‬
‫وال سـ َّيام يف كليـات العلـوم التطبيقيـة‪ ،‬حيـث تشير اإلحصـاءات إىل ارتفـاع نسـب‬
‫تفاعـل الطلبـة مـع التَّعليـم اإللكرتوين‪ ،‬وانخفـاض أعداد املنسـحبني واملؤجلني إىل‬
‫املؤسسـات‬ ‫مسـتويات أقـل ممَّـا تشـهده الكليـات يف النَّظام التقليدي‪ .‬فيام اسـتفادت َّ‬
‫اخلاصـة مـن اتفاقيـات االرتبـاط األكاديمـي مـع مؤسسـات دوليـة‪ ،‬والتـي تتوفـر‬
‫ـم فإن تطبيق‬ ‫منصـات إلكرتونية‪ .‬ومن َث َّ‬‫بموجبهـا املـواد التدريسـية للمقررات عىل َّ‬
‫مؤسسـات التَّعليـم العـايل كان مـن عنـارص القـوة يف جتربة‬ ‫التَّع ُّلـم املدمـج يف غالبيـة َّ‬
‫مههـا‬ ‫السـلطنة يف إدارة أزمـة كورونـا‪ .‬لكـ َّن املشـهد ال خيلـو مـن حتديـات‪َّ ،‬‬
‫لعـل أ َّ‬
‫رضورة إعـادة النظـر يف الترشيعـات املنظمـة للتَّع ُّلـم اإللكتروين‪ ،‬وتعزيـز معايير‬
‫اعتماده (مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم العـايل‪. )4 ،2020،‬‬
‫«أن أزمة كورونا قد برهنـت لنا [عن] مدى‬ ‫ويـرى حممـد املعـويل يف هذا السـياق َّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أمهيـة التَّع ُّلـم عـن ُبعـد‪ ،‬إذ إنـه ليس بالضرورة أن يكـون هذا النظـام ً‬
‫خيارا أساسـ ًّيا‬
‫حل‬ ‫للتعليـم‪ ،‬ولكنـه كرديـف للنظام املتبع وخاصة يف مثل هـذه األزمات‪ ،‬وليكون ًّ‬
‫أساسـ ًّيا السـتمرارية الدراسـة دون تعليقهـا أو تو ُّقفها‪ .‬إضافة إىل ذلـك‪ ،‬يمكننا من‬
‫تتعرض‬ ‫خلال هـذا النظـام وخاصة يف الظـروف املناخية واألنـواء االسـتثنائية التي َّ‬
‫هلـا السـلطنة مـن وقـت إىل آخـر‪ ،‬مواصلـة الدراسـة عـن ُب ْع ٍـد بـدون توقـف مهما‬
‫إن هـذا النظـام يمكّـن الطلاب يف ظـروف قاهـرة‬ ‫اسـتمرت تلـك الظـروف‪ ،‬بـل َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪204‬‬
‫املنصـات التَّعليميـة ومواصلـة دراسـتهم‬
‫كاملـرض وغيره مـن االسـتفادة مـن هـذه َّ‬
‫بـدون أن تتأثـر مسيرهتم الدراسـية» (املعـويل‪. )2020 ،‬‬
‫وعليـه «أصبـح لزا ًمـا على هـذه املؤسسـات التَّعليميـة باختلاف مسـتوياهتا‬
‫االسـتثامر يف هـذا اجلانـب ووضع خطة استراتيجية لتطوير التَّعليم عـن ُبعد‪ ،‬تكون‬
‫خاص ضمن‬ ‫موازيـة لباقـي خططهـا التطويريـة للربامج الدراسـية هبـا‪ ،‬ووضع بنـد ّ‬
‫موازناهتـا السـنوية بما يكفـل تطويـر هـذه الربامـج واسـتمراريتها‪ ،‬إضافـ ًة إىل عمـل‬
‫مواءمـة لرباجمهـا الدراسـية بحيث تكون مرنة وقابلة للتدريس سـواء بنظـام التَّعليم‬
‫النمطـي أو التَّعليـم عـن ُبعـد» (املعـويل ‪. )2020‬‬
‫كذلـك جيـب على املؤسسـات املسـؤولة على قطـاع التَّعليـم األسـايس والتَّعليـم‬
‫العـايل تقديـم الدعـم اللازم «ومـدّ هـذه املؤسسـات باخلبرات املتخصصـة يف هـذا‬
‫املجـال‪ ،‬بما يسـهل عليهـا القيـام بتطويـر هـذه املنظومـة التَّعليميـة وجعلهـا ميسرة‬
‫ومرنـة‪ .‬هـذا ومـن جانب آخر على احلكومة هتيئة البنيـة التحتية لقطـاع االتصاالت‬
‫إن تصل‬ ‫واإلنرتنـت وإيصـال هـذه اخلدمات ليس عىل مسـتوى املدن فحسـب‪ ،‬بـل ْ‬
‫هـذه اخلدمـات كل قريـة وبيـت» (املعـويل‪. )2020 ،‬‬
‫وممـا «أثلـج الصـدر أن السـلطنة ومـن خلال اجلهـات املعنيـة واجلهـة املختصـة‬
‫مولت خطة تغطيـة القـرى والتجمعات الريفيـة التي تنعدم‬ ‫بقطـاع االتصـاالت قـد َّ‬
‫فيهـا خدمـات االتصـاالت واإلنرتنـت‪ ،‬وذلك من أجل توسـعة قطـاع االتّصاالت‬
‫ونقـل البيانـات يف خمتلـف املناطـق خلدمـة قطاعات أكرب‪ ،‬وحتسين جـودة اخلدمات‬
‫احلاليـة واملسـتقبلية بحيـث تضمـن وصـول هـذه اخلدمة ّ‬
‫لـكل أفراد املجتمـع‪ ،‬بام يف‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ذلـك الوصـول إىل األشـخاص ذوي اإلعاقـة ومتكينهم من اسـتخدام االتصاالت‪،‬‬


‫بما فيهـا شـبكة اإلنرتنت» (املعـويل‪. )2020 ،‬‬

‫‪ -8‬جتربة البحرين‪:‬‬
‫كثيرا عـن‬
‫ال تـكاد ختتلـف التجربـة الرتبويـة‪ ،‬يف البحريـن يف مواجهـة الوبـاء‪ً ،‬‬
‫مثيالهتـا يف دول جملـس التعـاون اخلليجـي‪ ،‬إذ رسعـان مـا اختـذت وزارة الرتبيـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪205‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫والتَّعليـم قرارهـا بتفعيـل التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف مـارس ‪ ،2020‬فأصبـح التَّعليـم‬
‫املضي ُقدُ ًمـا يف سير العمليـة‬
‫ّ‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ مطل ًبـا إلزام ًّيـا مـن أجـل‬
‫التَّعليميـة ونجاحهـا‪ .‬ومـن هـذا املنطلـق قامـت وزارة الرتبيـة والتَّعليـم بالتعـاون‬
‫والتنسـيق مـع خمتلـف اهليئـات احلكوميـة بتقديـم الدعـم اللوجسـتي جلميـع‬
‫مؤسسـات التَّعليـم العـايل احلكوميـة واخلاصـة (مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان‬
‫جـودة التَّعليـم العـايل‪ .)2020،‬وقـد «سـارعت السـلطات البحرينيـة‪ ،‬يف مـارس‬
‫وأقـرت نظـام التَّعليـم عـن‬
‫َّ‬ ‫املـايض‪ ،‬إىل تعليـق الدراسـة يف مجيـع أنحـاء اململكـة‪،‬‬
‫املنصـات التَّعليميـة‪ ،‬لتشـمل الفيديوهـات التَّعليميـة مجيـع املراحـل‬ ‫ُبعـد‪ ،‬وتطويـر َّ‬
‫الدراسـية املختلفـة عـن ُبعـد‪ ،‬وذلـك يف إطـار حرصهـا على مصلحـة الطلاب‬
‫وعائالهتـم» (اخلليـج أوناليـن‪ .)2020 ،‬وبدورهـا بـدأت هيئـة جـودة التَّعليـم‬
‫والتدريـب عمليـة تقييـم التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف املـدارس احلكوميـة واخلاصـة يف‬
‫البلاد‪ .‬واسـته َّلت املرحلـة العمليـة األوىل يف ‪ 28‬أبريـل ‪ ،2020‬مـن خلال تقييم‬
‫للصفـوف مـن التاسـع حتـى الثـاين‬ ‫احلصـص االفرتاضيـة يف املـدارس احلكوميـة ّ‬
‫للصفـوف األخـرى خلال الفترة القادمـة (اخلليـج‬ ‫عشر‪ ،‬على أن يط َّبـق التَّقييـم ُّ‬
‫أوناليـن‪.)2020 ،‬‬
‫ويف ظـل هـذه التوجهـات «قامـت مؤسسـات التَّعليـم بتوظيـف كل اإلمكانات‬
‫واملنصـات التَّعليميـة املتاحـة يف خدمـة الطلاب واملتعلمين يف‬
‫َّ‬ ‫اللوجسـتية الرقميـة‬
‫خمتلـف املسـتويات واملراحـل‪ ،‬مـن أجـل املحافظـة على سلامة العمليـة الرتبوية يف‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ظـل االنقطاع املدريس‪ .‬وعىل اإلثر قامت املؤسسـات الرتبويـة بتدريب املحارضين‬
‫املنصـات على اهلواتـف الذكيـة؛ لضمان وصوهلـا إىل‬ ‫والطلبـة‪ ،‬وتوفير خدمـات َّ‬
‫مؤسسـات القطـاع العـام نسـ ًقا‬‫أوسـع رشحيـة ممكنـة مـن املتعلمين‪ .‬كما ن َّظمـت َّ‬
‫ٍ‬
‫من َّظ ًما مـن الفعاليـات اإللكرتونيـة لتطويـر جتربـة التَّعليـم عن ُب ْعـد ومنحهـا الزخم‬
‫أن املؤسسـات‬ ‫املطلـوب يف وقـت اإلقفـال املـدريس‪ .‬ويشـار يف هـذا السـياق‪ ،‬إال َّ‬
‫التَّعليميـة اسـتفادت إىل حـد كبير مـن توفـر البنـى التحتيـة اإللكرتونيـة املتطـورة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪206‬‬
‫يف تطبيـق التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ» (مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان‬
‫جـودة التَّعليـم العـايل‪.)3 ،2020،‬‬
‫مؤشات‬ ‫وغال ًبـا مـا يشـار إىل نجاح التجربـة البحرينية يف مواجهة األزمـة‪ .‬ومن ّ‬
‫هـذا النجـاح‪ ،‬كما يـرى بعـض اخلبراء‪ ،‬ارتفـاع نسـب حضـور الطلبـة للـدُّ روس‬
‫تـم تنفيذهـا إلكرتون ًّيـا؛ إذ‬
‫املصممـة عـن ُبعـد‪ ،‬وارتفـاع أعـداد املحـارضات التـي َّ‬
‫تظهـر اإلحصائيـات أن هذه املحارضات بلغت قرابة ‪ 7500‬حمارضة يف مؤسسـات‬
‫نسـخا حمفوظة من هـذه املحارضات‬ ‫ً‬ ‫املنصات التَّعليمية‬
‫التَّعليـم العـايل‪ ،‬فيما وفـرت َّ‬
‫حتـى يتسـنى االسـتفادة منهـا يف أي وقـت الحـق (مكتـب الشـبكة اخلليجية لضامن‬
‫جـودة التَّعليـم العـايل‪. )3 ،2020‬‬
‫وانسـجا ًما مـع هـذه الرؤيـة‪ ،‬تقـول الباحثـة عائشـة الطهمازي‪« :‬لقـد مثلـت‬
‫الربامـج اإللكرتونيـة طـوق النجاة ملواصلـة تقديم خدمـات التَّعليم العـايل وتفادي‬
‫الكارثـة التَّعليميـة التـي حـذرت منهـا منظمـة اليونسـكو‪ .‬ويظـل التَّعليـم التقليدي‬
‫نظـرا لطبيعتـه التعاونية ودوره يف صقل شـخصية‬ ‫اخليـار األنسـب للمراحـل األوىل ً‬
‫فإن اجلهات املسـؤولة‬‫املتعلـم‪ ،‬والبـدَّ مـن توفري خيـار التَّع ُّلم عـن ُبعد‪ .‬ومع ذلـك‪َّ ،‬‬
‫لتوخـي املرونـة يف تصـور مسـتقبل أنظمـة التَّعليـم وف ًقـا للظـروف املتغيرة‪،‬‬‫مدعـوة ّ‬
‫ألن املسـتقبل ربما شـهد صيغـة مدجمـة ختلـط بين نوعـي التَّعليـم (مكتـب الشـبكة‬ ‫َّ‬
‫اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم العـايل‪. )3 ،2020‬‬
‫وقد«انعكـس هـذا الشـعور يف تعميـم الـوزارة بتحويـل الدراسـة مـن صيغتهـا‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫منصـات التَّع ُّلـم‬


‫الص ّفيـة احلضوريـة إىل التَّع ُّلـم اإللكتروين مـن خلال خمتلـف َّ‬
‫اإللكتروين املتاحـة‪ ،‬وإصدارهـا إرشـادات تتع َّلـق بتحديـد آليـة تقييـم التحصيـل‬
‫العلمـي يف نظـام التَّع ُّلـم عـن ُبعد‪ ،‬وتوجيـه األمانة العامـة مؤسسـات التَّعليم العايل‬
‫بالعمـل على تطبيـق التَّع ُّلم عن ُب ْع ٍد يف مسـتوى يسـتويف معايري االعتماد األكاديمي‬
‫املؤسسي ودعوهتـا إىل تقديـم خطـط تسـتجيب ملختلـف السـيناريوهات املحتملـة»‬
‫(مكتـب الشـبكة اخلليجيـة لضمان جـودة التَّعليـم العـايل (‪. )3 ،2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪207‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -9‬خامتة‪:‬‬
‫غال ًبـا مـا وصفـت جتربـة اخلليـج يف مواجهـة كورونـا بالتجربة الناجحـة واملميزة‬
‫باملقارنـة مـع الـدول العربيـة‪ .‬فقـد سـارعت دول اخلليـج العـريب إىل احتـواء اآلثـار‬
‫السـلبية هلـذه األزمـة‪ ،‬ومتَّت إدارهتـا بدرجة عالية مـن املهنية والقدرة على التكيف‪،‬‬
‫السـلس إىل التَّعليـم عن ُب ْع ٍد‬
‫واسـتطاعت أغلـب األنظمـة التَّعليميـة حتقيق االنتقال َّ‬
‫يف حالـة الطـوارئ ملتابعـة الدراسـة والتحصيـل العلمي للطلبـة والتالميذ يف خمتلف‬
‫املراحـل التَّعليميـة السـتكامل ما تب َّقى مـن العام الـدرايس ‪ ،2020/2019‬ومن َث َّم‬
‫ملتابعـة العـام الـدرايس اجلديـد ‪ 2021/2020‬عىل نحـو يتم َّيز بالكفـاءة والقدرة‪.‬‬
‫مهمـة يف جمـال تطويـر التَّعليـم يف‬‫وتنطـوي التجربـة اخلليجيـة على دروس َّ‬
‫مواجهـة األزمـات والكوارث‪ ،‬وسـيكون هلذه األزمة تأثري كبري يف مسـتقبل التَّعليم‬
‫والتَّعليـم العـايل يف اخلليـج العـريب‪ ،‬ويف غريهـا مـن البلـدان والـدول حـول العـامل‪،‬‬
‫وحافـزا يدفـع دول اخلليج العريب إىل إعـادة هيكلة‬
‫ً‬ ‫وستشـكل أزمـة كورونـا منطل ًقا‬
‫التَّعليـم بأنظمتـه وفلسـفاته وتوجهاتـه‪ ،‬وإىل إحـداث حتـوالت جذريـة يف مسيرة‬
‫الضعـف والقصـور‬ ‫كثيرا مـن مظاهـر َّ‬
‫بنـاء اهلويـة التَّعليميـة‪ .‬لقـد كشـف اجلائحـة ً‬
‫يف بنيـة النظـام التَّعليمـي اخلليجـي ووظائفـه‪ ،‬وقـد حـان الوقـت ملبـارشة عمليـة‬
‫إصلاح ثوريـة يف بنيتـه ووظائفـه لتمكينه مـن مواكبة العصر بثورته الرقميـة اهلائلة‬
‫وإنجازاتـه اإلعجازيـة يف جمـال العلـم والتكنولوجيـا‪« ،‬وهـذا يوجـب على (كـذا!)‬
‫هـدم احلواجـز القائمـة بني التَّعليـم اخلليجي واحليـاة‪ ،‬أو بني الواقـع والتَّعليم‪ ،‬ومن‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ـم التغلـب على خمتلف جوانـب الضعف والقصـور يف بنيـة التَّعليـم‪ ،‬والرتكيز عىل‬ ‫َث َّ‬
‫أولويـات التطويـر والتغيير واإلصلاح اجلـذري» (العـويس‪.)2020 ،‬‬
‫أن الصدمـة االقتصاديـة التـي فرضتهـا كورونـا‬ ‫واضحـا للخبراء اليـوم َّ‬
‫ً‬ ‫ويبـدو‬
‫على خمتلـف االقتصاديـات العامليـة قـد أ َّدت وسـتؤدي يف حـال اسـتمرار األزمـة‪،‬‬
‫األسـايس لـدول اخلليـج‬
‫ّ‬ ‫إىل انخفـاض كبير يف أسـعار النَّفـط الـذي يشـكّل املـورد‬
‫العـريب‪ ،‬وسـيؤدي هـذا بدوره إىل عجـز كبري يف ميزانيـات الدول العربيـة اخلليجية‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪208‬‬
‫واضحـا يف ميزانيـات وزارات الرتبيـة والتَّعليم‪،‬‬
‫ً‬ ‫وقـد بـدا تأثير األزمـة االقتصاديـة‬
‫ويمكـن اإلشـارة يف هـذا السـياق إىل ختفيـض إنفـاق الـوزارات واهليئـات التابعـة‬
‫هلـا يف أغلـب البلـدان اخلليجيـة‪ .‬وقـد بلغـت نسـبة هـذه اخلفـض إىل ‪ %30‬يف دولـة‬
‫البحريـن ملسـاعدة البلاد على اجتيـاز تداعيـات تفيش فيروس كورونـا‪ ،‬وتبع ذلك‬
‫إن خفـض هـذه املوازنـات‬ ‫ّاتـاذ إجـراءات مماثلـة مـن جانـب السـعودية و ُعمان‪َّ ،‬‬
‫شـك‪ .‬ومـن غير الواضـح مـا إذا كانـت وزارات التَّعليم سـتتأثر‬‫كثيرا‪ ،‬بلا ّ‬‫سـيؤثر ً‬
‫بسـبب هـذه التخفيضـات وكيفيـة هـذا التأثـر وأبعـاده‪« ،‬إال أن الواقـع يشير إىل أن‬
‫دول اخلليـج لدهيـا القـدرة واملـوارد الالزمـة إلجـراء التغييرات املهمـة يف نُظمهـا‬
‫التَّعليميـة التـي باتـت حتميـة لتعـايف هـذه األنظمـة وتعزيـز قدرهتـا على املرونـة‬
‫والتكيـف مـع األوضـاع املسـتقبلية»‪ .‬ومهما يكـن مـن أمـر‪ ،‬فإنّـه» بقـدر مـا انطوت‬
‫مجـة‪ ،‬إال أهنـا متثـل فرصـة سـانحة يف حـد ذاهتـا‬
‫عليـه هـذه اجلائحـة مـن صعوبـات َّ‬
‫لالسـتفادة منهـا‪ ،‬ولـدى دول اخلليـج القـدرة على حتقيـق إنجـازات تتجـاوز جمـرد‬
‫اسـتعادة األمـور إىل سـابق عهدهـا «(سـباركس‪.. )2020 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪209‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مراجعُ الفصل اخلامس‬
‫; ‪- Al Lily . Abdulrahman ; Ismail. Abdelrahim Fathy . ohammed‬‬
‫‪and Alqahtani . Rafdan Hassan Alhajhoj (2020). Distance edu-‬‬
‫‪ca-tion as a response to pandemics: Coronavirus and Arab cul-‬‬
‫‪ture. Technology in Society 63 (2020) 101317 . http://www.else-‬‬
‫‪vier.com/locate/techsoc. Accessed on 24/12/2020.‬‬
‫‪- Arabian Business (2020). “Ministry says 22.000 teachers now‬‬
‫‪qualified to give e-training courses”. in Arabian Business. 16‬‬
‫‪Mar. 2020.‬‬
‫ٌ‬
‫فشــل عــن ُقــرب!!‬ ‫‪ -‬إبراهيــم‪ ،‬معصومــة أمحــد (‪ .)2020‬التَّعليــم عــن ُبعــد‪..‬‬
‫صحيفــة القبــس‪ 6 ،‬أكتوبــر ‪ http://bitly.ws/aMDH -2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬البــادي‪ ،‬حممــد (‪ .)2020‬التَّعليــم يف زمــن كورونــا‪ ،‬الرؤيــة‪ 19 ،‬يوليــو ‪،2020‬‬
‫شــوهد يف ‪https://alroya.om/p/266346 .2021/1/11‬‬

‫حتــوالت التَّعليــم فـــي زمــن مــا بعــد كورونــا‪،‬‬


‫‪ -‬البغــدادي‪ ،‬فاطمــة (‪ُّ .)2020‬‬
‫القافلــة‪ ،‬ديســمرب ‪http://bitly.ws/aKzC ،2020‬‬

‫‪ -‬احلــادي‪ ،‬حســن (‪ .)2020‬مســتقبل التَّعليــم بعــد جائحــة كورونــا خــال نــدوة‬


‫إقليميــة عــر اإلنرتنــت‪ ،‬وقايــة‪ 20 ،‬يونيــو ‪.2020‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪https://www.weqaya.ae/ar/posts/hsyn-alhmady-yodh-mstkbl-alta-‬‬
‫‪alym-baad-gayh-korona-khlal-ndo-aklymy-aabr-alantrnt-2‬‬

‫شوهد يف ‪2020/12/12‬‬
‫‪ -‬احلــادي‪ ،‬هــاين (‪ )2020‬أمهــات ُمنهــارات بســبب التَّعليــم عــن ُبعــد‪ ،‬القبــس‬
‫‪ 14‬ســبتمرب ‪ .https://alqabas.com/article/5800630 .2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/12‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪210‬‬
‫‪ -‬احلــادي‪ ،‬هــاين (‪ .)2020‬غيــاب «التَّعليــم اإللكــروين» والدراســة عــن ُب ْعـ ٍـد‬
‫يكشــف فشــل ختطيــط «الرتبيــة» عــى مدى عقــود‪ ،‬القبــس‪ 26 ،‬مــارس ‪،2020‬‬
‫شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b4Y6 .2021/1/10‬‬
‫‪ -‬اخلليــج أوناليــن (‪ .)2020‬تقريــر‪ :‬يف ظــل «كورونــا»‪ ..‬مــا مســتقبل العــام‬
‫الــدرايس يف اخلليــج؟ ‪http://khaleej.online/87ay4M .2020/5/3‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬الــداود‪ ،‬عبــد املحســن (‪ .)2020‬التَّعليــم اإللكــروين يف زمــن كورونا‪ ،‬صحيفة‬
‫الريــاض‪https://www.alriyadh.com/1813499 .2020/9/15 ،‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬الــرق األوســط (‪ .)2020‬وزيــر التَّعليــم الســعودي‪ :‬اقتصاديــات التَّعليــم‬
‫ســتتغري بعــد أزمــة «كورونــا‪ 22 ،‬نوفمــر ‪ .2020‬شــوهد يف ‪.2020/1/10‬‬
‫‪http://bitly.ws/b4PC‬‬
‫‪ -‬العازمــي‪ ،‬مزنــة ســعد (‪ .)2020‬إدارة األزمــة التَّعليميــة يف دولــة الكويــت يف ظــل‬
‫كورونــا املســتجد‪ ،‬شــؤون تربويــة‪http://bitly.ws/aPAD .2020/12/10 ،‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/17‬‬
‫‪ -‬العميــان‪ ،‬خلــود (‪ .)2020‬كيــف ســيتغري قطــاع التَّعليــم يف الــرق األوســط‬
‫بعــد كورونــا؟ فوريس(الصــواب فوربــس ـ الرجــوع إىل املؤلــف) الــرق‬
‫األوســط‪ 9 ،‬مايــو‪/https://economyplusme.com/35147 2020 .‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬العويــي‪ ،‬رجــب (‪ .)2020‬هويــة التَّعليــم ملــا بعــد كورونــا‪ ،‬أثري كــوم‪ ،‬الثالثاء‪،‬‬
‫‪ 2‬يونيو ‪ http://bitly.ws/aMVt .2020‬شــوهد يف ‪.12،12،2020‬‬
‫‪ -‬املعــويل‪ ،‬حممــد بــن محــد (‪ .)2020‬اســراتيجية التَّعليــم األســايس والتَّعليــم‬
‫العــايل مــا بعــد جائحــة كورونــا‪ ،‬النبــأ‪ ،‬كوفيــد‪ 09/05/19.2020‬شــوهد يف‬
‫‪https://alnaba.news/?p=38113 .2021/1/11‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪211‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬اليونيسـكو (‪ .)2020‬التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد مفهومـه‪ ،‬أدواتُـه واستراتيج َّياتُه‪ :‬دليـل‬
‫لصانعـي السياسـات يف التَّعليـم األكاديمـي واملهنـي والتقنـي‪ .2020،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -‬بــن طــرف‪ ،‬أمــرة (‪« .)2020‬الرتبيــة» فشــلت‪ ..‬فأنجحــت الراســبني‪،‬‬
‫صحيفــة القبــس‪ 6،‬أكتوبــر ‪ http://bitly.ws/aMTM .2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020 /12 /12‬‬
‫‪ -‬بيـزاز‪ ،‬حممـد األمين (‪ .)2020‬انطلاق السـنة الدراسـية يف ظـل كورونـا‪...‬‬
‫كيـف جـاء أداء الـدول العربية مع التّعليـم عن ُبعد؟ أورونيـوز‪.2020/09/06 ،‬‬
‫شـوهد يف ‪:2021/1/10‬‬
‫‪https://arabic.euronews.com/2020/09/06/how-did-the-arab-coun-‬‬
‫‪try-perform-with-the-online-education-coronavirus-pandemic‬‬
‫‪ -‬سـاعايت‪ ،‬أمين (‪ .)2020‬التَّعليـم عن ُب ْع ٍد وأزمة كورونـا‪ ،‬االقتصادية‪ 5 ،‬أبريل‬
‫‪https://www.aleqt.com/2020/04/05/article_1797576.html ،2020‬‬
‫شوهد يف ‪.2020/12/15‬‬
‫‪ -‬ســباركس‪ ،‬كيتلــن (‪ )2020‬فــروس كوفيــد‪ 19-‬يف دول اخلليــج وخطــة‬
‫التَّعليــم لعــام ‪ : 2030‬الــدروس املســتقاة مــن األزمــة‪ ،‬جامعــة جــورج تــاون‪،‬‬
‫‪ 19‬مايــو ‪ http://bitly.ws/aMUy .2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬طومســون‪ ،‬مــارك يس (‪ )2020‬تداعيــات أزمــة كورونــا عــى التَّعليم يف الســعودية‪:‬‬
‫مهوم الطالب‪ ،‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/bQEW .2021/1/10‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬عبـد اهلل‪ ،‬عبداخلالـق (‪ .)2021‬حلظـة اخلليـج العـريب يف عـامل مـا بعـد كورونـا‪،‬‬
‫إيلاف‪ 21 ،‬مايـو ‪ ،2020‬شـوهد يف ‪.2021/1/14‬‬
‫ذ‪https://elaph.com/Web/opinion/2020/05/1293036.html‬‬
‫‪ -‬عســيالن‪ ،‬غســان بــن حممــد (‪ .)20202‬اململكــة والتَّعليــم يف زمــن كورونــا‪،‬‬
‫البــاد‪ 23 ،‬يوليــو ‪ .2020‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b4PL .2021/1/10‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪212‬‬
‫‪ -‬مكتــب الشــبكة اخلليجيــة لضــان جــودة التَّعليــم العــايل (‪ .)2020‬أثــر جائحــة‬
‫فــروس كورونــا يف التَّعليــم العــايل يف دول جملــس التعــاون‪ ،‬احللقــة النقاشــية رقــم ‪،1‬‬
‫مســقط‪ ،‬يوليــو ‪ .2020‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b4AE .2020/1/9‬‬
‫‪ -‬منتــدى اخلليــج الــدويل (‪ .)2020‬كورونــا يكشــف نقــاط ضعــف أنظمــة التَّعليــم يف‬
‫اخلليــج‪ ،‬ترمجــة وحتريــر اخلليــج اجلديــد‪ 27 ،‬يونيــو ‪http://bitly.ws/aNfj 2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬مهــدي‪ ،‬شــوقي (‪ .)2020‬خــراء وتربويــون لـ«لوســيل‪ :‬بنيــة حتتيــة تكنولوجيــة‬
‫قويــة عــززت التَّعليــم عــن ُبعــد‪ ،‬لوســيل‪ 10 ،‬ســبتمرب ‪ .2020‬شــوهد يف‬
‫‪http://bitly.ws/b4YQ :2021/1/10‬‬
‫‪ -‬وزارة الرتبيـة القطريـة (‪ .)2020‬كوفيـد‪ :19-‬التحديـات والتوجهات‪ ،‬شـوهد يف‬
‫‪https://www.edu.gov.qa/ar/Pages/Corona.aspx :2020/1/10‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪213‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫السادس‬ ‫ُ‬
‫الفصل َّ‬

‫اإللكتروني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َّقليدي إلى التَّعليم‬
‫من التَّعليم الت‬
‫األساسي يف مواجهة اجلائحة أمنوذجً ا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أنظمة التَّعليم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪215‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ـروين عــن بعــد‪»:‬‬ ‫ّ‬ ‫يقــول دوغ ليدرمــان‪ ،‬يف إشــارة منــه إىل أمهيــة التَّعليــم اإللكـ‬
‫مــاذا لــو حدثــت هــذه الوضعيــة قبــل عقديــن مــن الزمــن؟ ثــم يتابــع قولــه‪« :‬لــو‬
‫حدثــت هــذه األزمــة قبــل عقــد مــن الزمــان‪ ،‬لكانــت األنظمــة التَّعليم َّيــة قــد‬
‫أصيبــت بالشــلل يف خمتلــف العــامل ولكانــت الكارثــة ســتكون أعظــم هــوال وأشــد‬
‫إيالمــا» (‪. )Lederman‬‬‫ً‬

‫‪-1‬مقدمة‪:‬‬
‫ِّ‬
‫فيضـا مـن املشـكالت والتّحدّ يـات يف خمتلـف جوانب‬ ‫طرحـت جائحـة كورونـا ً‬
‫الصراع القائـم واجلـدل املحتـدم حـول‬ ‫احليـاة االجتامع َّيـة والثقافيـة‪ ،‬ومـن أبرزهـا ّ‬
‫َّقليـدي‪ .‬وتـدور اليـوم معـارك‬
‫ّ‬ ‫مرشوعيـة التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف مواجهـة التَّعليـم الت‬
‫َّقليـدي وبين‬
‫ّ‬ ‫فكريـة شـديدة الوطـأة يف جـدل العالقـة مـا بين أنصـار التَّعليـم الت‬
‫وكل فريـق منهام يـديل بدلوه‬ ‫أنصـار التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف ظـل اجلائحـة ومـا بعدهـا‪ُّ ،‬‬
‫يف االنتصـار هلـذا اجلانـب أو ذاك‪ .‬وضمـن هـذه اجلدليـة الفكر َّية‪ ،‬هنـاك من يرفض‬
‫بكل معانيهـا ودالالهتا‪،‬‬‫اإللكتروين كل َّيـ ًة‪ ،‬ويرفع شـعار املدرسـة التَّقليد َّية ّ‬
‫َّ‬ ‫التَّعليـم‬
‫وعلى اجلانـب اآلخـر هنـاك مـن يرفـع شـعار التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد ويرفـض خمتلـف‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التطـورات التكنولوجيـة‬
‫ُّ‬ ‫تعليما ال يصمـد أمـام‬‫ً‬ ‫َّقليـدي بوصفـه‬
‫ّ‬ ‫مظاهـر التَّعليـم الت‬
‫والرقميـة املذهلـة‪ .‬ويف تضاريـس هـذا الرصاع الفكـري تكمن طبقـات من احلقائق‬ ‫َّ‬
‫واملتغيرات التـي جيـب أن نأخذهـا بعين االعتبـار‪.‬‬
‫جيـب علينـا‪ ،‬ونحن نتنـاول هذه املسـألة أن ننظر يف خمتلف جوانبهـا‪ ،‬وأن نبحث‬
‫معارضـا أو مواز ًيا‪ ،‬جيب أن‬
‫ً‬ ‫يف خمتلـف زواياهـا‪ُّ .‬‬
‫فـكل رأي من اآلراء مؤيدً ا كان أو‬
‫املتغيرات التـي يظهر فيهـا‪ .‬وضمن‬
‫ّ‬ ‫ينظـر إليـه يف اإلطـار الـذي انبثـق فيـه‪ ،‬وضمـن‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪217‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫السـياق يمكـن القول‪ :‬إن املشـكلة األوىل تتعلق بطبيعة املامرسـة التَّعليم ّية التي‬ ‫هـذا ّ‬
‫شـهدناها ومـا زلنـا يف مواجهـة اجلائحـة‪ .‬فاالنتقال الرسيـع املفاجـئ إىل التَّعليم عن‬
‫اإللكرتوين‬
‫ّ‬ ‫ُب ْع ٍـد دون حتضير مسـ َّبق شـكَّل منطل ًقـا للفهـم اخلاطـئ لطبيعـة التَّعليـم‬
‫ظل الثـورة الصناعيـة الرابعة‪.‬‬ ‫عـن ُبعـد‪ ،‬ومدى أمهيتـه املسـتقبل َّية قي ّ‬
‫مـرارا يف هـذا العمـل التَّمييـز مـا بين التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة‬ ‫ً‬ ‫وقـد حاولنـا‬
‫ال َّطـوارئ والتَّعليـم عنـد ُبعـد بصورتـه النَّموذج َّيـة اإللكرتون َّيـة‪ ،‬ووقفنا على ما بني‬
‫األمرين من اختالف ّبي‪ .‬فاملامرسـة التي نشـاهدها اليوم ‪ -‬وعىل األقل يف أغلبها‪-‬‬
‫ٍ‬
‫حمملة بكثري‬ ‫سـمى بالتَّعليـم عن ُب ْعـد يف حالة ال َّطوارئ‪ ،‬وهـي جتربة َّ‬ ‫تنتسـب إىل مـا ُي َّ‬
‫والصعوبـات والتَّحدّ يات التـي تتمثل بضعف اخلبرات واملهارات‪،‬‬ ‫السـلبيات ُّ‬ ‫مـن َّ‬
‫وضآلـة املحتـوى الرقمـي‪ ،‬وضعـف التَّخطيـط‪ ،‬وتواتـر املفاجـآت‪ ،‬وضعـف البنيـة‬
‫التحتيـة الرقميـة‪ ،‬وعـدم قـدرة املع ّلمين واملتعلمين على التكيـف الف َّعـال مـع هـذا‬
‫النَّمـط مـن هـذا التَّعليـم املفاجـئ‪ ،‬وهـو تعليـم جديـد مل يعرفـوه سـاب ًقا‪ ،‬ومل يألفـوه‬
‫خلال جتربتهـم الرتبويـة احلال َّية‪.‬‬
‫وقــد انعكســت حتدّ يــات التجربــة احلاليــة يف التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حالــة ال َّطوارئ‬
‫ـرا بصــورة ســلب َّية عــى بنيــة الرأي العــام حول صالحيــة التَّعليــم عن ُب ْعـ ٍـد ومدى‬ ‫كثـ ً‬
‫قدرتــه عــى التَّجــاوب مــع احتياجــات التَّعليــم ومتط َّلباتــه احلضار َّيــة‪ ،‬حيــث يقــوم‬
‫الشــبكة بصــورة جامــدة ال حيــا َة فيهــا‪،‬‬ ‫املع ّلمــون بنقــل املحتــوى اجلامــد عــن طريــق َّ‬
‫ـدي الــذي‬ ‫ويمكــن وصــف هــذا األســلوب بأ َّنــه صــورة ســلب َّية مــن التَّعليــم التَّقليـ ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد الــذي نشــاهده اليــوم هــو‬ ‫ُينقــل عــر اإلنرتنــت‪ .‬وهــذا يعنــي َّ‬
‫ـدي عينــه مل يتغـ ّـر إال يف طريقــة النقــل‪ ،‬حيــث يــؤدي املع ّلــم والطالب‬ ‫التَّعليــم التَّقليـ ّ‬
‫أدوارهــم وكأنَّ ــم داخــل الفصــل‪ ،‬ولكـ ْن عــن طريــق الشــبكة العنكبوت َّيــة‪ .‬لــذا فـ َّ‬
‫ـإن‬
‫أن التَّعليــم‬ ‫اآلبــاء واملع ّلمــن والطــاب‪ُ ،‬صدمــوا بســلب َّيات هــذا التَّعليــم‪ ،‬وتوهَّ ــوا َّ‬
‫وجيربونــه‬
‫َّموذجــي ال خيتلــف عــن هــذا الــذي يشــاهدونه اليــوم ّ‬ ‫َّ‬ ‫اإللكــروين الن‬
‫َّ‬
‫ـروين‬
‫ّ‬ ‫ـي اإللكـ‬ ‫بصــورة اعتباطيــة‪ ،‬وهــم بالطبــع ال يعرفــون مزايــا التَّعليــم النَّموذجـ ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪218‬‬
‫والســات واخلصائــص املتكاملــة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫عــن ُب ْعــد الــذي يمتلــك منظومــة مــن املعايــر ّ‬
‫وهــو نمــوذج حيتــاج إعــداد املقــرر الواحــد فيــه‪ ،‬وف ًقــا هلــذه املنهجيــة‪ ،‬إىل التحضــر‬
‫ـدل بعــض الدراســات اجلاريــة يف هــذا‬ ‫املسـ َّبق ملــدة ســبعة أشــهر عــى األقــل‪ ،‬كــا تـ ُّ‬
‫ـي‬ ‫ـروين النَّموذجـ َّ‬
‫َّ‬ ‫أن التَّعليــم اإللكـ‬‫أيضــا املع ّلمــون واآلبــاء َّ‬
‫امليــدان‪ .‬وممَّــا ال يعرفــه ً‬
‫يمتلــك ســحره اخلــاص‪ ،‬وفعاليتــه املتميــزة‪ ،‬وفوائــده الكبــرة جــدًّ ا‪ ،‬وهــذا يعنــي‬
‫كثــرا مــن اآلراء الســلب َّية بنيــت عــى جتربــة النــوع الســلبي مــن التَّعليــم عــن‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ـروين‬
‫وأن أصحــاب هــذا الــراي مل خيتــروا التَّعليــم اإللكـ َّ‬ ‫ُب ْعـ ٍـد يف حالــة ال َّطــوارئ‪َّ ،‬‬
‫كثــرا مــن‬ ‫ــد بصورتــه النَّموذج َّيــة‪ ،‬وهــو النمــوذج املثــايل الــذي يمتلــك‬ ‫عــن بع ٍ‬
‫ً‬ ‫ُْ‬
‫الســائد‪ ،‬وعــن التَّعليــم‬ ‫َّقليــدي َّ‬
‫ّ‬ ‫والســات التــي يتميــز هبــا عــن التَّعليــم الت‬‫املزايــا ّ‬
‫ٍ‬
‫الســياق تقــول الباحثــة‬ ‫عــن ُب ْعــد يف حالــة ال َّطــوارئ قيــد التَّجربــة اليــوم‪ .‬ويف هــذا ّ‬
‫ـم إلقــاء النــاس فجــأة يف التَّع ُّلــم‬‫مــاري كيالنتــز (‪ « :)Mary Kalantzis‬عندمــا تـ َّ‬
‫عــر اإلنرتنــت بســبب أزمــة كوفيــد‪ ،19-‬اضطــروا إىل اســتخدام أنظمــة معيبــة مــع‬
‫تدريــب حمــدود‪ ،‬ممَّــا يؤ ّكــد أســوأ خماوفهــم بشــأن جــودة التدريــس عــر اإلنرتنــت‬
‫وجتربــة التَّع ُّلــم عــن ُب ْعـ ٍـد (‪. )Kalantzis and cope. 2020‬‬
‫وهنـا جيـب علينـا أن نم ّيـز بين مسـتويني يف التَّعليـم يتاميـزان يف مـدى التكيـف‬
‫كبيرا بين املدارس‬‫أن هنـاك فر ًقـا ً‬ ‫اإللكتروين اجلديـد‪ ،‬فمـن املعـروف َّ‬
‫ّ‬ ‫مـع التَّعليـم‬
‫االبتدائيـة وبين اجلامعـات ومؤسسـات التَّعليـم العـايل بصـورة عامـة‪ ،‬فاألطفال ‪-‬‬
‫واملؤسسـات‬
‫َّ‬ ‫االجتامعـي يف املـدارس‬
‫ّ‬ ‫على عكـس الكبـار‪ -‬حيتاجـون إىل التفاعـل‬
‫الرتبويـة بدرجـة أكبر مـن الطلاب الكبـار يف املسـتويات التَّعليم َّيـة اجلامعيـة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واالجتامعـي داخـل املدرسـة يشـكّل رش ًطـا الز ًمـا‬


‫َّ‬ ‫والعاليـة‪ ،‬فالتَّفاعـل الرتبـوي‬
‫لنمـو األطفـال والنَّاشـئة‪ ،‬واألطفـال حيتاجـون بالضرورة إىل املدرسـة بصيغتهـا‬ ‫ّ‬
‫الرتبـوي‬
‫ّ‬ ‫يتكـون اجتامع ًّيـا ونفسـ ًّيا مـن خلال التفاعـل‬
‫َّ‬ ‫املتطـورة‪ ،‬فالطفـل‬
‫ّ‬ ‫احلديثـة‬
‫ضمـن هـذه املـدارس ويف داخلهـا‪ ،‬وتلـك حقيقـة تربويـة علميـة متفـق عليهـا بين‬
‫أي نقـص يتَّصـل هبـذا‬ ‫املفكريـن وخبراء التَّعليـم‪ .‬وال يمكـن تعويـض الطفـل عـن ّ‬
‫يتـم يف املدرسـة بأ َّية صيغة أو وسـيلة ممكنـة‪ .‬فالطفل حيتاج‬‫التَّفاعـل الرتبـوي الـذي ُّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪219‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫واالجتامعـي‪ .‬ومـن هنـا‪َّ ،‬‬
‫فـإن‬ ‫ّ‬ ‫لنمـوه النفسي‬
‫إىل املدرسـة بوصفهـا بوتقـة وجوديـة ّ‬
‫يعـوض احلضـور الفيزيائـي‬ ‫ٍ‬
‫بـأي صيغـة مـن الصيـغ ال يمكنـه أن ّ‬
‫التَّعليـم عـن ُب ْعـد ّ‬
‫للطفـل إىل املدرسـة‪ .‬وهنـا تكمـن إحـدى كربيات املشـكالت يف مواجهـة اإلغالق‬
‫الوبائـي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حتـت اإلكـراه‬
‫جيا للثورة الصناعية‬ ‫أن التكنولوجيا الرقمية احلديثة جـاءت تتو ً‬ ‫شـك فيـه َّ‬
‫وممـا ال َّ‬
‫التغيرات يف حيـاة النـاس‬ ‫ّ‬ ‫الرابعـة واسـتطاعت أن ُتـدث موجـات متتابعـة مـن‬
‫ومصريهـم وفـق إيقاعـات رسيعـة متسـارعة‪ ،‬بصـورة خفيـة أحيانًا ورصحيـة أحيانًا‬
‫خضـم هـذه‬
‫ّ‬ ‫أخـرى‪ ،‬ووفـق تأثيرات مبـارشة حينًـا ومتباعـدة يف حين آخـر‪ .‬ويف‬
‫التموجـات الرقميـة املتسـارعة وجـد الباحثـون واملفكرون أنفسـهم يف خضم جدل‬ ‫ُّ‬
‫الرفـض والقبـول للتُّكنولوجيـا اجلديـدة بأبعـاد أيديولوج َّيـة‬ ‫متنافـر بين ّاتاهـات‪َّ :‬‬
‫حيـذر فيـه الرتبو ُّيـون وعلماء النفـس مـن خماطـر‬ ‫وعلم َّيـة‪ .‬ففـي الوقـت الـذي ّ‬
‫االسـتغراق يف تدفقـات التكنولوجيـا الرقميـة واإلفـراط يف اسـتخدامها وتوظيفهـا‬
‫التوجهـات الرقميـة‬
‫ُّ‬ ‫املتخصصـون يف التقانـة والتُّكنولوجيـا إىل تبنـي‬
‫ّ‬ ‫تربو ًّيـا‪ ،‬يدعـو‬
‫مصيرا‬
‫ً‬ ‫وتعميـق اسـتخدامها بشـكل شـامل يف جمـال الرتبيـة والتَّعليـم بوصفهـا‬
‫حضار ًّيـا ال يمكـن املراهنـة عليـه (حسـن‪. )2020 ،‬‬
‫ـدي والتَّعليــم عــن‬‫لقــد ب َّينــت أزمــة كورونــا األمهيــة املزدوجــة للتعليــم التَّقليـ ّ‬
‫بــأن التكنولوجيــا الرقميــة التــي‬ ‫ــد يف آن واحــد‪ ،‬وال يســتطيع أحــد أن ينكــر َّ‬ ‫بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫ٍ‬
‫َّاتــذت صــورة التَّعليــم عــن ُب ْعــد قــد م َّثلــت قــارب نجــاة للتَّعليــم يف خمتلــف صيغه‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أثنــاء األزمــة‪ ،‬وتلــك حقيقيــة واضحــة كالشــمس يف وضــح النهــار‪ ،‬ويف هــذا‬
‫األمــر يقــول دوغ ليدرمــان (‪ ،)Doug Lederman‬يف إشــارة منــه إىل أمهيــة التَّعليــم‬
‫ـروين عــن ُبعــد‪« :‬مــاذا لــو حدثــت هــذه الوضعيــة قبــل عقديــن مــن الزمــن؟‬ ‫اإللكـ ّ‬
‫ثــم يتابــع قولــه‪« :‬لــو حدثــت هــذه األزمــة قبــل عقــد مــن الزمــان‪ ،‬لكانــت األنظمــة‬
‫بالشــلل يف خمتلــف أنحــاء العــامل‪ ،‬ولكانــت الكارثــة ســتكون‬ ‫التَّعليم َّيــة قــد أصيبــت َّ‬
‫أعظــم هــوال وأشــدّ إيال ًمــا» (‪. )Lederman. 2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪220‬‬
‫ويف اجلانـب اآلخـر‪ ،‬أبرزت األزمة أمه َّية املدرسـة‪ ،‬والسـ َّيام يف مدارس األطفال‬
‫َّقليـدي وتأكيدنـا على أمهيـة ترسـيخ‬ ‫ّ‬ ‫والناشـئة ‪-‬مـع حتفظنـا على مناهـج التَّعليـم الت‬
‫توصـل املربـون واآلبـاء وأوليـاء األمـور‬ ‫املناهـج البنائيـة الرتبويـة احلديثـة‪ -‬وقـد َّ‬
‫إىل احلقيقـة السـاطعة التـي تؤكّـد أنَّـه ال يمكـن االسـتغناء عـن املدرسـة والتفاعـل‬
‫الرتبـوي بين املع ّلمين والتالمـذة يف داخلهـا‪ ،‬وهـذا يعنـي أنَّـه ال يمكـن االسـتغناء‬
‫مهمـة املدرسـة تتجـاوز‬ ‫ألن َّ‬ ‫عـن املـدارس بمنشـآهتا ومبانيهـا وفعالياهتـا التَّ بويـة؛ َّ‬
‫حـدود التَّعليـم ونقـل املعرفـة إىل عمل َّيـة صـوغ الطفـل نفسـ ًّيا واجتامع ًّيـا وروح ًّيـا‪،‬‬
‫فالعالقـات الرتبويـة النشـطة بين األطفـال فيما بينهـم مـن جهـة‪ ،‬وبين األطفـال‬
‫ومع ّلميهـم مـن جهـة ثانيـة‪ ،‬رضوريـة لتكويـن شـخصية الطفـل‪« ،‬وهـذا مـا يفتقده‬
‫اإللكتروين‪ ،‬وال يسـتطيع توفيره للطالـب‪ ،‬فلا يشء يضاهـي التَّع ُّلـم‬ ‫ّ‬ ‫التَّعليـم‬
‫وجهـا لوجه‪ ،‬وسـتبقى املدرسـة التَّقليد َّية‬ ‫احلقيقـي يف املدرسـة‪ ،‬مـن حيـث التَّفاعـل ً‬
‫تطـورت التقنيـات املتوفـرة للتعليـم»‪،‬‬ ‫هـي َّ‬
‫الشـكل األمثـل للعمليـة التَّعليم َّيـة مهما ُّ‬
‫كما يقـول عبـد املحسـن الـداود ( الـداود‪. )2020 ،‬‬
‫ويف رأينـا‪ ،‬فـإن التَّعليـم بصورتـه التَّقليد َّيـة يف املدرسـة ال يتعـارض كل ًّيـا مـع‬
‫يتم يف داخـل املدرسـة التَّقليد َّية‪ .‬فقد‬ ‫ٍ‬ ‫التَّع ُّلـم‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْعـد الـذي يمكـن أن َّ‬
‫ّ‬
‫أن اسـتخدام األسـاليب ا ُمل َسـ ِّلية يف تعليم األطفـال‪ ،‬وتلقينهم املعارف‬ ‫ثبـت علم ًّيا َّ‬
‫« َ‬
‫مسـل بـراق‪ ،‬أجـدى يف تأثيره مـن وسـائل‬ ‫ٍّ‬ ‫واملهـارات املختلفـة ُم َغ َّلفـة ب ُغلاف‬
‫التّعليـم والتّلقين التّقليد ّيـة‪ ،‬التـي جتعـل مـن عمليـة التَّع ُّلم َّ‬
‫مهمـ ًة ثقيلـة الوطأة عىل‬
‫ٍ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بحامسـة على األلعـاب التَّعليم َّيـة‪ .‬فاألطفـال عىل سـبيل املثال‬ ‫األطفـال‪ ،‬بينما ُيقبِـل‬
‫االجتامعي واإلعالمي بشـكل أكرب‬‫ّ‬ ‫حيفظـون أغانيهـم ا ُمل َسـ ِّلية عرب وسـائل التواصل‬
‫مـن قدرهتـم عىل حفـظ األناشـيد املوجودة يف الكتب املدرسـية (حسـن‪. )2020 ،‬‬
‫وهنـا جيـب القـول َّ‬
‫بـأن التَّعليـم املدمـج يبلـغ أمهيتـه القصـوى يف املدرسـة‪:‬‬
‫اإللكرتوين الذي‬
‫ّ‬ ‫االبتدائيـة واملتوسـطة‪ ،‬وهـو التَّعليـم الذي يأخذ بأسـباب التَّعليـم‬
‫اإللكتروين اليـوم ال‬
‫ُّ‬ ‫يشـكّل منطلـق مواجهـة األزمـات واالختناقـات‪ .‬فالتَّعليـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪221‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫يقتصر على إيصـال املعرفـة مـن املع ّلم إىل ال َّطالـب عن ُبعد‪ ،‬بـل يكفل لنا ما ُي َّ‬
‫سـمى‬
‫االفترايض الـذي ينقل الواقع إىل املدرسـة ويأخذ املدرسـة‬
‫ّ‬ ‫املعـزز بالواقـع‬
‫بالتَّعليـم ّ‬
‫االصطناعـي أصبـح رضبـة‬
‫ُّ‬ ‫السـابقة‪ .‬فالـذكاء‬
‫إىل الواقـع كما أسـلفنا يف الفصـول َّ‬
‫الزب يف الرتبيـة‪ ،‬وال يمكـن للمدرسـة اليـوم أن ختطـو إىل املسـتقبل دون مواكبتـه‬
‫مسـتمرة يف خمتلـف جمـاالت احليـاة والوجـود‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫باعتبـاره يشـكّل ثـورة صامتـة‬

‫‪ -2‬أهم َّية املدرسة‪:‬‬


‫مصدرا لألمـان وال ُّطمأنينة‬
‫ً‬ ‫ّظامـي بصورتـه التَّقليد َّية‬
‫ُّ‬ ‫يشـكّل التَّعليـم املدريس الن‬
‫مهـم جـدًّ ا ملاليين الطلاب‬ ‫ٌّ‬ ‫لألطفـال يف حالتـي‪ :‬االسـتقرار والكـوارث‪ ،‬وهـو‬
‫الذيـن يعانـون مـن األوضاع االجتامع َّيـة املزرية‪ :‬كالفقـر واحلرمـان والعنف األهيل‬
‫كثريا مـن اخلدمات‬ ‫واالسـتغالل اجلنسي‪ ،‬وضمـن هـذه الوضع َّيات تو ّفر املـدارس ً‬
‫الصحـة والتَّعليـم والتَّغذيـة للطلاب واألطفـال الذيـن ينحـدرون مـن الطبقـات‬
‫االجتامع َّيـة الفقيرة‪ ،‬والسـ َّيام أولئـك الذيـن ال جيـدون مـا يقيـم َأو َدهـم‪ ،‬أو مـا بـه‬
‫فصلنـا هـذه القضيـة يف الفصـول السـابقة)‪.‬‬ ‫يسـدُّ ون رمقهـم (وقـد َّ‬
‫مؤسسـة للرعايـة‬ ‫لقـد ب َّينـت الدّ راسـات َّ‬
‫أن املدرسـة بصورهتـا التَّقليد َّيـة تشـكل َّ‬
‫والصحيـة والنفسـ َّية‪ ،‬وهـي رضوريـة جـدًّ ا لنمـو األطفـال وحتقيـق‬ ‫ّ‬ ‫االجتامع َّيـة‬
‫أي دعـوة إىل إلغـاء املدرسـة بصورهتـا التَّقليد َّيـة تعدُّ‬ ‫االجتامعـي‪ .‬لـذا َّ‬
‫فـإن َّ‬ ‫ّ‬ ‫توازهنـم‬
‫ٍ‬
‫أن التَّعليـم عـن ُب ْعـد لـن يكـون‬ ‫انتهـاكًا حلقـوق اإلنسـان واألطفـال‪ .‬وهـذا يعنـي َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اخللاق الذي‬ ‫الصغـار مـا مل يتخ َّللـه هـذا التَّفاعـل الرتبوي َّ‬‫جمد ًيـا بالنسـبة لألطفـال ّ‬
‫ال يمكـن أن يتح َّقـق َّإل داخـل املدرسـة‪ ،‬وضمـن أطـر التفاعـل فيهـا‪ .‬ومهما بلغت‬
‫اإللكتروين يف جمـال التَّعليم‪ ،‬فإنَّه لن يسـتطيع أن يسـدَّ الفراغ النَّاجم‬
‫ّ‬ ‫أدوات الـذكاء‬
‫عـن غيـاب التَّفاعـل الرتبوي بصورتـه التَّقليد َّية‪ .‬وللسـائل أن يسـأل‪ ،‬يف هذا املقام‪:‬‬
‫كيـف نسـتطيع أن نح ّقـق مثـل هـذا اهلدف يف ظـل اجلوائـح والكوارث والسـ َّيام فيام‬
‫أن التَّعليم يف املراحل‬ ‫شـك فيـه َّ‬
‫شـاهدناه مـن ويالت فريوس كورونا القاتل؟ ممَّا ال َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪222‬‬
‫االجتامعـي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الدراسـية األوىل يمكنـه أن جيمـع بين األطفـال ضمـن رشوط التَّباعـد‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد والتَّعليـم عـن طريـق‬
‫ّ‬ ‫ويمكـن أن نح ّقـق الدَّ مـج بين التَّعليـم‬
‫التفاعـل الرتبـوي بين األطفـال ضمـن رشوط حمـددة‪ .‬وهذا مـا نالحظـه يف خمتلف‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْع ٍد‬
‫ّ‬ ‫يتـم الدَّ مـج بين التَّعليـم‬
‫املـدارس يف البلـدان املتقدمـة‪ ،‬حيـث ُّ‬
‫الصحيـة املطلوبـة لتجنُّـب عـدوى الفريوس‪.‬‬ ‫الشروط ّ‬ ‫َّقليـدي ضمـن ُّ‬
‫ّ‬ ‫والتَّعليـم الت‬
‫ـروين حتــى داخل املدرســة‪ ،‬قــد أصبح‬ ‫ـإن التَّعليــم اإللكـ َّ‬ ‫لكــن مهــا يكــن األمــر‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـي نفســه يف خمتلف جماالت‬ ‫اليــوم رضورة حضار َّيــة يفرضهــا تطــور الـ َّـذكاء االصطناعـ ّ‬
‫ـتمرة‬
‫تؤهــل األطفــال بصــورة مسـ ّ‬ ‫أن املدرســة جيــب أن ّ‬ ‫الوجــود واحليــاة‪ .‬وهــذا يعنــي َّ‬
‫ـي الــذي يقــوم يف جوهــره عــى مبــدأ‬ ‫الصيــغ املتقدّ مــة للــذكاء االصطناعـ ّ‬ ‫عــى خمتلــف ّ‬
‫ومؤسســاته يمتلك الفضــاء احليوي‬ ‫َّ‬ ‫ـي بمدارســه‬‫التواصــل عــن ُبعــد‪ .‬فالتَّعليــم النَّظامـ ُّ‬
‫لنشــاط األطفــال وألعاهبــم‪ ،‬وهــو الفضــاء الــذي يشــتمل عــى خمتلــف العنــارص‬
‫الرتبو َّيــة الفاعلــة واملؤ ّثــرة يف البيئــة التَّعليم َّيــة املحيطــة بال ّطفــل‪ .‬ومثــل هــذا الفضــاء‬
‫والضبــط‬‫ـدريس يشـكّل املنطقــة األكثــر أمنًــا لألطفــال مــن حيــث العنايــة واملراقبــة َّ‬ ‫ّ‬ ‫املـ‬
‫والتَّوجيــه واإلرشــاد‪ ،‬وهــو الفضــاء الــذي جيعــل األطفــال يف منــأى عــن العنــف‬
‫الســلبيات االجتامع َّيــة‪ .‬ومــن هــذا املنطلــق ذاتــه‬ ‫واجلريمــة واالســتغالل وغريهــا مــن َّ‬
‫والشــباب عــى أمهيــة التَّعليــم‬ ‫تر ّكــز اهليئــات واملنظــات الدوليــة الراعيــة للطفولــة َّ‬
‫ـدريس‪ ،‬والسـ َّيام يف املناطــق التــي تتعـ َّـرض للحــروب األهليــة والنزاعــات املسـ َّلحة‬ ‫ّ‬ ‫املـ‬
‫والكــوارث الطبيعيــة واجلائحــات الوبائيــة التــي هتــدّ د العــامل بأمجعــه‪ ،‬وأخطرهــا مــا‬
‫نعانيــه اآلن مــن انتشــار جائحــة كورونــا يف خمتلــف أنحــاء العــامل بطريقــة مل يشــهد هلــا‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التاريــخ مثيـ ًـا‪ .‬وهــذا مــا يــراه اخلــراء والباحثــون الرتبو ُّيــون الذيــن يؤ ّكــدون عــى‬
‫ألن اخلطــر املاثل يف‬‫الصحيــة‪َّ ،‬‬ ‫مهيــة افتتــاح املــدارس يف ظــل كورونــا ضمــن الـرُّ وط ّ‬ ‫أ ّ‬
‫اإلغــاق قــد يكــون أشــدَّ وطــأة عــى األطفــال مــن الوبــاء ذاتــه‪ .‬وقــد أ َّكــدت صحيفــة‬
‫ـرا مــن الرتبويــن‬ ‫اإليكونوميســت (‪ )Economist‬يف اســتفتاء للـ َّـرأي شــمل عــد ًدا كبـ ً‬
‫الرغــم مــن اخلــوف الكبــر واملـرَّ ر‬ ‫مهيــة اســتمرار املــدارس بوظيفتهــا الرتبويــة عــى َّ‬ ‫أ ّ‬
‫جــراء فــروس كورونــا املســتجدّ ‪ .‬وبــرف‬ ‫الــذي ينتــاب أوليــاء أمــور الطــاب‪َّ ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪223‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫النَّظــر مــن ازدحــام املــدارس‪ ،‬وصعوبــة التــزام الطــاب بارتــداء الكاممــة وااللتــزام‬
‫ـي‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـإن فوائــد إعــادة فتــح املــدارس ‪-‬كــا يــرى هــؤالء‬ ‫بإجــراءات التباعــد االجتامعـ ّ‬
‫الرتبويــون‪ -‬تفــوق األرضار املرتتّبــة عــى إبقائهــا مغلقــة يف وجــه التالميــذ واألطفــال‬
‫والطــاب (‪. )Economist report. 2020‬‬
‫َّقليـدي‪ ،‬اسـتحضار التمييـز مـا‬ ‫ّ‬ ‫جيـب علينـا يف البدايـة‪ ،‬عندمـا نتنـاول التَّعليـم الت‬
‫َّقليـدي الـذي يقوم عىل فلسـفات تقليديـة يف التَّعليـم والتَّع ُّلم‬ ‫ّ‬ ‫بين مفهـوم التَّعليـم الت‬
‫َّقليـدي الذي يشير إىل التفاعل‬ ‫ّ‬ ‫(التلقين واإللقـاء وحمور َّيـة املع ّلـم) وبين التَّعليـم الت‬
‫املبارش يف املدرسـة أو احلضور الطاليب إىل املدرسـة‪ ،‬وهو املفهوم ذاته الذي ُيسـتخدم‬
‫َّقليدي‬ ‫وجها لوجه‪ .‬فالتَّعليم الت‬ ‫ٍ‬
‫ُّ‬ ‫للتمييـز مـا بني التَّعليم عن ُب ْعد والتَّعليم يف املدرسـة ً‬
‫َّطـور احلادثـة يف مناهـج‬ ‫يتطـور مـع موجـة الت ُّ‬‫ُّ‬ ‫يف جوهـره يتم َّثـل يف التَّعليـم الـذي مل‬
‫أهـم معطيات الرتبيـة احلديثة ونظرياهتـا يف القرن‬ ‫التَّعليـم احلداثـي الـذي يعتمد عىل ّ‬
‫َّقليـدي غال ًبا‬
‫َّ‬ ‫العرشيـن‪ .‬لكـ ْن‪ ،‬مـع أزمـة كورونـا بدأ اخلبراء يسـتخدمون التَّعليـم الت‬
‫باملعنـى الـذي يدل على التَّعليم يف املدرسـة الذي يكـون باجتامع التالميـذ وتفاعلهم‬
‫يف الصفـوف والقاعـات‪ ،‬وهـذا هـو املعنى الذي سنسـتخدمه غال ًبا عندمـا نقارن بني‬
‫َّقليـدي؛ أي ذاك الـذي يعتمـد التفاعـل املبـارش بين‬ ‫ّ‬ ‫التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد والتَّعليـم الت‬
‫التالميـذ دون النظـر إىل معطياتـه احلداثية الفلسـفية‪.‬‬
‫يؤكّـد علماء الرتبيـة والتَّعليـم على أمه َّيـة التَّفاعـل املـدريس يف تنميـة شـخصية‬
‫الطفـل نفسـ ًّيا وأخالق ًّيـا واجتامع ًّيـا ومعرف ًّيـا‪ ،‬ويعتقـدون َّ‬
‫أن مثـل هـذا التَّفاعـل ال‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عـوض أبـدً ا‪ ،‬مهما بلغـت وسـائل التواصـل مـن التطـور والقـدرة على‬ ‫يمكـن أن ُي َّ‬
‫إثـارة تشـويق الطفـل واالسـتئثار بـه‪ ،‬وحضـه على التَّع ُّلـم‪ .‬فالتَّعليم التفاعلي الذي‬
‫نعرفـه يف املدرسـة التَّقليد َّيـة يشـكل رضورة قصوى البـدَّ من اللجـوء إليها لتحقيق‬
‫التنميـة النفسـية والروحيـة واإلنسـانية للطفـل‪.‬‬
‫الســياق‪ ،‬إىل َّ‬
‫أن األطفــال يقضــون مــا يصــل إىل ‪20‬‬ ‫ويشــر اخلــراء‪ ،‬يف هــذا ّ‬
‫‪ %‬فقــط مــن ســاعات اســتيقاظهم يف املدرســة منــذ الــوالدة وحتــى ســن ‪18‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪224‬‬
‫وأن املدرســة تش ـكّل البوتقــة األساس ـ َّية لنمـ ّـو األطفــال وتش ـكّلهم نفس ـ ًّيا‬ ‫عا ًمــا‪َّ ،‬‬
‫واجتامع ًّيــا (‪ . ) .2020Vegas.and Winthrop‬وتبـ ّـن دراســات كثــرة يف خمتلــف‬
‫أن األنشــطة الكالســيكية الالمنهجيــة ‪ -‬مثــل دروس املوســيقى‬ ‫بلــدان العــامل َّ‬
‫الرســمية ‪ -‬يمكــن أن تكــون مفيــدة جــدًّ ا يف تعزيــز املهــارات‬ ‫وبرامــج التَّعليــم غــر َّ‬
‫املهمشــن (‪. ) 2020Vegas and Winthrop‬‬ ‫والكفــاءات األكاديميــة لألطفــال َّ‬
‫رئيســا يف‬
‫دورا ً‬‫أن أنشــطة الفصــل الــدرايس الكالســيكي تــؤدي ً‬ ‫ويضــاف إىل ذلــك َّ‬
‫ـخيص‬
‫نموهــم الشـ ّ‬ ‫مســاعدة الطــاب عــى اكتســاب املهــارات االجتامع َّيــة املؤثــرة يف ّ‬
‫واملهنــي يف املســتقبل (‪. )Goodman; Joshi.; Nasim.; and Tyler. 2020‬‬ ‫ّ‬
‫رضوري‬
‫ٌّ‬ ‫أن التفاعــل بــن املع ّلمــن والطــاب‬ ‫أيضــا َّ‬
‫وخلصــت هــذه الدراســات ً‬
‫لتنميــة احــرام الــذات والثقــة بالنفــس ُّ‬
‫والشــعور باهلو َّيــة عنــد األطفــال والناشــئة‪،‬‬
‫حيســن قــدرة الطــاب عــى العمــل يف جمموعــات بطــرق تعاونيــة ومنتجــة‪.‬‬ ‫كــا ّ‬
‫يب باملهارات‬ ‫مهمــة تُظهــر َّ‬
‫أن املهــارات االجتامع َّيــة مرتبطــة بشــكل إجيــا ّ‬ ‫وهنــاك أد ّلــة َّ‬
‫مهيــة املدرســة ورضورهتــا‬ ‫ـدريس‪ .‬ويف ســياق التأكيــد عــى أ ّ‬
‫ّ‬ ‫املعرفيــة والتحصيــل املـ‬
‫أن املع ّلمــن أبطــال‬ ‫الوجوديــة‪ ،‬يقــول غابرييــل زينــي‪« :‬يــدرك النــاس اليــوم َّ‬
‫وأن املــدارس هــي املــكان الــذي ال نتعلــم فيــه ونتقــدم ونحقــق آمالنــا‬ ‫حقيقيــون‪َّ ،‬‬
‫أيضــا املــكان الــذي نتعلــم فيــه احليــاة يف املجتمــع»‬ ‫وأحالمنــا فحســب‪ ،‬بــل هــي ً‬
‫(‪. )Reimers . and Schleicher . 2020. 7‬‬
‫ـدي يف املدرســة ورضورهتــا احليو َّية‪.‬‬ ‫مهيــة التَّعليــم التَّقليـ ّ‬
‫ويشــدّ د كثــر مــن اخلــراء عــى أ ّ‬
‫الشــهادات العلميــة واألكاديميــة هبــذا الصــدد‪ .‬مــن‬ ‫ـرا مــن َّ‬‫ويمكننــا أن نســتعرض عــد ًدا كبـ ً‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن لينــو كوزيــا رئيــس جامعــة زويــرخ يؤ ّكــد أن التفاعــل بــن الطــاب واملرشفــن‬ ‫ذلــك َّ‬
‫واملع ّلمــن يشــكل البوتقــة احلقيقــة لبنــاء اإلنســان والبيئــة الف َّعالــة للعمليــة الرتبويــة القائمــة‬
‫عــى الفهــم العميــق للمعرفــة العلميــة (‪. )Lau and Dasgupta. Bin . 2020‬‬
‫وجهــا‬
‫إن «التفاعــل ً‬ ‫الســياق‪َّ :‬‬
‫ويقــول نائــب رئيــس اجلامعــة األســرالية يف هــذا ّ‬
‫لوجــه يتفـ َّـوق عــى كل أشــكال التَّعليــم مــن حيــث الوصــول إىل أعــى مســتويات‬
‫اجلــودة يف التَّعليــم‪ ،‬وهــو الطريقــة األفضــل عمل ًّيــا مــن أي تواصــل آخــر ال يقــوم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪225‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫عــى التَّفاعــل املبــارش»‪ .‬وين ّبــه يف الوقــت ذاتــه إىل معادلــة تغيــر التــوازن نحــو‬
‫اإللكــروين (‪. )Features. 2020‬‬ ‫ــد والتفاعــل‬‫التفاعــل عــن بع ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُْ‬
‫أن «الفــرق بــن التَّع ُّلــم املبــارش والتَّع ُّلــم عــر اإلنرتنــت‬ ‫وتــرى جــن جاتــوود َّ‬
‫كالفــرق بــن زيــارة مــكان جديــد وجمــرد مشــاهدة مقطــع فيديــو منــه» (‪Features.‬‬
‫‪ . )2020‬وأغلــب هــذه الــرؤى والتصــورات تُعــي مــن شــأن احلكمــة التَّقليد َّيــة‬
‫ـدي املبــارش املعيــار الذهبــي للعمليــة الرتبويــة بر َّمتهــا‪،‬‬ ‫التــي تــرى يف التَّعليــم التَّقليـ ّ‬
‫ـم نتائــج‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫وأن التَّعليــم عــن ُب ْعــد عــر اإلنرتنــت قــد يــأيت يف املرتبــة الثانيــة‪ .‬ومــن أهـ ّ‬
‫ـروين بســبب أزمــة كورونــا‪ ،‬وصــول املربــن وأوليــاء‬ ‫التطبيــق الواســع للتعليــم اإللكـ ّ‬
‫األمــور إىل قناعــة مؤ َّكــدة مفادهــا أ َّنــه ال غنــى عــن املع ّلــم بالطريقــة التَّقليد َّيــة‪ ،‬وال‬
‫غنــى عــن املؤسســة التَّعليم َّيــة بمنشــآهتا ومبانيهــا (الــداود‪. )2020 ،‬‬

‫ّ‬
‫َّقليدي‪:‬‬
‫‪ -3‬نقد التَّعليم الت‬
‫شـك فيـه َّ‬
‫أن الرتبيـة التَّقليد َّيـة السـائدة والسـ َّيام يف املجتمعـات الناميـة‬ ‫ممَّـا ال َّ‬
‫تعرضـت ومـا تـزال تتعـرض ألنسـاق مـن النقـد املنظـم الـذي يسـتهدف بنيتهـا‬ ‫َّ‬
‫َّقليـدي‬
‫ّ‬ ‫وكثيرا مـا تركـز هـذه االنتقـادات على الطابـع الت‬ ‫ً‬ ‫ووظيفتهـا وأهدافهـا‪.‬‬
‫للتعليـم البنكـي الـذي يعتمـد على اجترار املعلومـات وتلقينهـا وحفظهـا وإعـادة‬
‫إنتاجهـا للواقـع يف أكثـر مظاهـره ختل ًفـا واختنا ًقـا‪ .‬ويعبر فيليـب كومـز عـن هـذه‬
‫الوضعيـة بقولـه‪« :‬تكمـن أزمة الرتبية يف البلدان النامية يف اسـتمرار هـذه البلدان يف‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫مواجهـة مشـكالهتا الرتبوية بالذهنية القديمة واألسـاليب الباليـة (كومز‪.)1971 ،‬‬


‫ومهما تكـن الوضعيات التي تأخذها املدرسـة يف عاملنا املعـارص‪َّ ،‬‬
‫فإن واقع حاهلا‬
‫تتغير تقري ًبـا منـذ أربعـة قـرون‪ .‬وتتم َّثـل هـذه الوضعيـة يف تقاسـيمها‬
‫يقـول‪ :‬إنَّ ـا مل َّ‬
‫وطـرق العمـل فيهـا‪ ،‬والسـ َّيام عندمـا يتع َّلـق األمـر بقاعـات التدريـس وانتظـام‬
‫ٍ‬
‫وجمموعـات‪ .‬فاملدرسـة ‪ -‬مدرسـة‬ ‫ٍ‬
‫وقاعـات‬ ‫ٍ‬
‫صفـوف‬ ‫الطلاب املنتسـبني إليهـا يف‬
‫مقسـمة إىل صفـوف مغلقـة‪ ،‬يأخـذ العمـل‬ ‫اليـوم ‪ -‬كما هـو حـال مدرسـة األمـس‪َّ ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪226‬‬
‫فيهـا صـورة مجـود يف املنهـج والفلسـفة واألهـداف‪« ،‬ففـي كل فصـل درايس يوجـد‬
‫معلـم يقـود جمموعـة مـن التالميـذ‪ ،‬وجيـري العمـل يف القاعـة بصـورة مسـتق ّلة عـن‬
‫بقيـة الصفـوف يف املدرسـة‪ .‬واملع ّلـم يمتلـك سـلطات واسـعة ومطلقـة يف القاعـة‪،‬‬
‫اللحمـدودة على‬ ‫ويمارس نشـاطه الرتبـوي وف ًقـا ملبـدأ التسـ ُّلط املبـارش واهليمنـة َّ‬
‫الطلاب واألطفـال والتالميـذ فيزيائ ًّيـا وعقل ًّيـا» (وطفـة‪. )109 ،2020 ،‬‬
‫وإذا كانــت املدرســة التَّقليد َّيــة رضورة فرضتهــا الثــورة الصناعيــة األوىل‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـإن‬
‫ـرا عــن املجتمــع الصناعــي‬ ‫مدرســة اليــوم مــا تــزال تشــكل بوظائفهــا وبنيتهــا‪ ،‬تعبـ ً‬
‫أو عــن الثــورة الصناعيــة التــي شــهدهتا اإلنســانية يف بدايــة القــرن ال َّثامــن عــر مــع‬
‫بدايــة الثــورة الصناعيــة اجل َّبــارة‪ .‬وتتجـ َّـى هــذه الصــورة النَّقديــة للنظــام الرتبــوي‬
‫صــور لنــا املشــهد‬
‫القائــم يف روايــة «األوقــات العصيبــة» لتشــارلز ديكنــز الــذي َّ‬
‫الرتبــوي عــى نحــو يقــف فيــه املع ّلــم يف قاعــة الصــف وكأنــه فوهــة مدفــع يقــذف‬
‫باملعلومــات كالقنابــل عــى صفــوف الطلبــة الذيــن يقومــون بتل ّقــي هــذه املقذوفــات‬
‫الزمــن إىل‬
‫فيتحولــون مــع َّ‬
‫َّ‬ ‫املعلوماتيــة بد ّقــة حلفظهــا وتكرارهــا يف االختبــارات‪،‬‬
‫كائنــات تضمحــل فيهــم‪َ :‬م َلــكَات اخليــال وقيــم الــروح‪ ،‬وترتاجــع قيمتهــم‬
‫اإلنســانية مــن أجــل احلفــظ والتلقــن واالســتظهار (‪. )Dickens. 1983. 1-7‬‬
‫فاملدرسـة اليـوم تتجـاوب مع ماضيها العتيـق‪ ،‬أي مع معطيات الثـورة الصناعية‬
‫يف القـرن الثامـن عشر‪ ،‬وهـي بذلـك تنفصـل متا ًمـا عـن معطيـات ال َّثـورة الصناعيـة‬
‫فـكل مـا فيهـا جيري وكأنَّـه جيري يف املصنـع‪ ،‬حيث تكـون العالقة‬‫الثالثـة والرابعـة‪ُّ ،‬‬
‫بين الطلاب واملدرسين واملديريـن كالعالقـة بين العمال واملرشفين واملديريـن‪،‬‬
‫املؤهلني إىل سـوق العمل وفـق معايري حتدّ دها‬‫وهد ُفهـا أن تدفـع بعـدد من املوظفني َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫احتياجـات املجتمـع الرأسمايل (وطفـة‪ . )2011 ،‬ومن هذا املنطلـق يمكن القول‪:‬‬
‫رفضـا ّ‬
‫لـكل‬ ‫السـحيق ً‬ ‫َّ‬
‫إن املدرسـة احلاليـة تتجلىَّ يف بنيـة تربويـة تعيـش يف ماضيهـا َّ‬
‫اخللاق الـذي تشـهده اإلنسـانية املعـارصة اليـوم‪ .‬وهـذا يعنـي َّ‬
‫أن‬ ‫التطـور َّ‬
‫ُّ‬ ‫أشـكال‬
‫متوجات الثـورة الصناعية‬ ‫مدرسـة اليـوم ال تتجاوب مـع معطيات احلداثـة‪ ،‬وال مع ُّ‬
‫الرابعـة التـي تلتهم خمتلف مظاهر احلياة عىل سـطح الكوكـب بالتكنولوجيا الرقمية‬
‫والثـورات املعرفيـة ومنجـزات الثـورة الصناعية‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪227‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫السـائدة مل تتجاوب مع نواميس التطـور وقوانني البقاء‪،‬‬ ‫أن املـدارس التَّقليد َّية َّ‬‫ويبـدو َّ‬
‫وهـي القوانين التـي تع ّلمنـا أنَّـه ليـس لشيء أن يبقـى ويسـتمر يف الوجـود مـا مل ِ‬
‫ينطـو يف‬
‫وتطـوره‪ ،‬فـدوام احلـال مـن املحـال كما تقـول احلكمـة القديمـة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ذاتـه على أسـباب نامئـه‬
‫ويسـتمر يف مسـار نامئـه وتطـوره‬
‫َّ‬ ‫وينـم ويتقـدَّ م‬
‫يتطـور ُ‬
‫وكل يشء يـزول ويتالشـى مـا مل َّ‬ ‫ُّ‬
‫وتقدمـه‪ ،‬وال يوجـد هناك اسـتثناء يتجاوز حـدود هذه القاعدة‪ .‬واملدرسـة وف ًقا لذلك ال‬
‫القوة احلقيقية‬
‫تسـتمر يف الوجـود على صورهتا التَّقليد َّيـة ما مل تتلمس يف ذاهتـا َّ‬ ‫َّ‬ ‫يمكنهـا أن‬
‫والتطـور بأبعـاد مسـتقبل َّية‪ .‬و ُيبنـى على‬
‫ُّ‬ ‫والتغير‬
‫َّ‬ ‫على االسـتمرار يف الوجـود عبر التقـدم‬
‫أن على املدرسـة‪ ،‬كـي حتظـى بفرصـة االسـتمرار يف الوجـود‪ ،‬أن متاحـك وتعـارك‬ ‫ذلـك َّ‬
‫وتصـادم مـن أجـل احلضور يف عـامل املتغيرات وال َّطفـرات والثـورات الرقميـة املتجدّ دة‪،‬‬
‫والتحول والتغري يف خمتلف امليادين وشـتى‬ ‫ُّ‬ ‫التطـور‬
‫ُّ‬ ‫فعـامل اليـوم يشـهد طفرات مذهلة من‬
‫ويغيهـا‬
‫التحـول بقدرتـه اهلائلـة يصـدم الواقـع واألفـكار واألشـياء ّ‬ ‫ُّ‬ ‫االجتاهـات‪ ،‬وهـذا‬
‫التغير‪ ،‬وهنـا جيـب على املدرسـة‪ ،‬بداهـ ًة أن تواكـب حركـة التَّغير‬ ‫ويضعهـا يف مواجهـة ّ‬
‫تغير يف مالمـح‬ ‫والتحـول‪ .‬فعـامل الرتبيـة يشـهد مسـتجدَّ ات فكريـة وواقعيـة أفضـت إىل ُّ‬ ‫ُّ‬
‫العلـوم الرتبويـة ويف وظائفهـا وبنيتهـا وكينونتهـا (وطفـة‪. )1990 ،‬‬
‫أن الرتبيـة العربيـة تعيـش أزمتهـا الفكريـة كجـزء مـن أزمـة‬ ‫ال خيفـى على أحـد َّ‬
‫تقـض مضاجـع املجتمعـات العربيـة املعـارصة بر َّمتهـا‪ .‬وليـس مـن‬ ‫حضاريـة عامـة ُّ‬
‫والشـمول؛‬‫الشـطط القـول‪ :‬إن األزمـة التـي تعيشـها الرتبيـة العربيـة تتم َّيـز بالعمـق ُّ‬
‫َّ‬
‫لتأخـذ صـورة مجـود يف املضامين‪ ،‬وركـود يف املناهـج‪ ،‬وانغالق يف الـرؤى وتص ُّلب‬ ‫َ‬
‫يف التصـورات‪ .‬وإذا كانـت الرتبيـة العربيـة تعـاين ح ًّقـا مـن االنغلاق والتز ُّمـت‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫َّ‬
‫يتجلى يف أكثـر حاالتـه‬ ‫فـإن ذاك اجلمـود وهـذا االنقطـاع‬ ‫واالنقطـاع واجلمـود‪َّ ،‬‬
‫ويتقصـف‬
‫َّ‬ ‫وبؤسـا يف الفكـر الرتبـوي الـذي خيتنـق يف رشانـق التك ُّلـس‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مأسـاوية‬
‫حتـت مطـارق العدميـة والتصلـب‪.‬‬
‫ولنقـل‪ ،‬يف غير قليـل مـن ال َّثقـة واليقين‪َّ :‬‬
‫إن تقـدم املجتمعـات العربيـة مرهـون‬
‫بتقـدم أنظمتهـا الرتبويـة‪ ،‬وإن تقـدم األنظمـة الرتبويـة ال يكـون إال بومضـة روح‬
‫نقديـة تسـتطيع اختراق احلجـب وكسر اجلمـود للخـروج بالرتبيـة‪ ،‬ومـن َث َّ‬
‫ـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪228‬‬
‫باملجتمـع مـن عـامل الضيـاع واالختنـاق إىل فضـاءات تنويرية حضاريـة جديدة‪ .‬وال‬
‫نبالـغ إذا قلنـا َّ‬
‫بـأن الرتبيـة العربيـة حتتاج اليوم إىل فكر مسـتنري وممارسـة فكرية نقد َّية‬
‫الضيـاء والعطاء‬ ‫أي وقـت مضى للخـروج مـن الدهاليـز املظلمـة إىل عـامل َّ‬ ‫أكثـر مـن ّ‬
‫واملشـاركة يف هنضـة األمـة وبنـاء حضارهتـا املأمولـة‪.‬‬
‫فالرتبيـة العربيـة كنمـوذج للرتبيـة يف العـامل الثالـث ختتنـق بعنـارص مجودهـا‬
‫وتتكسر حتت مطـارق التخ ُّلف الكُربى التي تعـاين منها مجيع األوطان‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وعطالتهـا‪،‬‬
‫َّعليمـي العـريب‬
‫ّ‬ ‫وهنـا تبرز إحـدى أهـم وأخطـر اإلشـكاليات يف قـدرة النظـام الت‬
‫يفسر لنا‬‫والعاملـي على مواكبـة الثـورة الصناعيـة اجلديـدة يف األلفيـة الثالثـة‪ .‬وهـذا ّ‬
‫الفعلي يف أول مواجهة حقيقية مع اجلائحـة الكورون َّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عـدم قدرهتـا على التَّجاوب‬
‫َّقليـدي يف خمتلـف أنحـاء العـامل املحافظـة‬
‫ّ‬ ‫َّعليمـي الت‬
‫ّ‬ ‫لقـد حـاول سـدنة النّظـام الت‬
‫التطور وضـدَّ ّ‬
‫كل أشـكال التقدُّ م‬ ‫ُّ‬ ‫وحصنـوه ضـدَّ‬ ‫َّ‬ ‫َّقليـدي للمدرسـة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫على النظـام الت‬
‫يف جمـال املناهـج والتكنولوجيـا‪ ،‬وجعلـوه مط َّيـ ًة لرتسـخ األيديولوجيـات املتص ّلبـة‬
‫واملحافظـة على األوضـاع القائمـة‪ ،‬وذلـك يف حماولـة يائسـة لإلبقـاء على املناهـج‬
‫السـاكنة اآلبـدة‪ ،‬لتعطيـل حركـة التَّجديـد ووأدهـا يف مهدهـا‪.‬‬ ‫واملقـررات َّ‬
‫َّ‬ ‫اجلامـدة‬
‫تطـوره‬
‫اإللكتروين ومهامجـة ُّ‬
‫ّ‬ ‫وكان مـن أبـرز النَّتائـج التـي ح َّققوهـا إقصـاء التَّعليـم‬
‫بوصفـه ومقاومتـه مـن أجـل املحافظـة على وضع َّيـة اجلمـود والتخ ُّلـف (اآللويس‪،‬‬
‫‪ .)2020‬هـذا وتبين الدّ راسـات اجلاريـة «أن أغلـب أنظمـة التَّعليم العـريب وأنامطه‬
‫ال تـزال متخلفـة؛ بانتهاجهـا الطـرق التَّقليد َّيـة التـي ال ختـرج عـن نطـاق أسـلويب‪:‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللقـاء والتلقين‪ ...‬واعتماد معيـار احلفـظ واالسترجاع يف االمتحانـات بصفـة‬


‫أساسـية‪ ،‬كما ال يـزال القطـاع الرتبـوي يعـاين مشـكالت كبيرة متعلقـة باكتظـاظ‬
‫القاعـات والفصـول الدراسـية مقابـل قلة اإلطـارات واملـوارد البرشيـة القائمة عىل‬
‫العمليـة الرتبويـة واملشـتغلة يف إطارها»(عيشـور‪. )83 ،2020 ،‬‬
‫الســياق وجــود كــم هائــل مــن االنتقــادات للمدرســة التَّقليد َّيــة‬
‫ويالحــظ يف هــذا ّ‬
‫تلــح عــى اعتــاد مناهــج مغايــرة لــروح العــر‪ ،‬مثــل اجللــوس الطويــل يف‬ ‫التــي ُّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪229‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الفصــول واالســتامع إىل املحــارضات والتَّسـ ُّـمر يف املقاعــد‪ ،‬وهــي أمــور تشـكّل ضغ ًطا‬
‫ـرا عــى الطــاب الذيــن يســأمون عمليــة التَّع ُّلــم بر َّمتهــا‪ ،‬والس ـ َّيام طــاب اليــوم‬ ‫كبـ ً‬
‫الذيــن اعتــادوا عــى اســتخدام أجهزهتــم اإللكرتون َّيــة وهواتفهــم ال َّلوحيــة‪ .‬وهنــاك‬
‫اإللكــروين كان رضور ًّيــا حتَّــى قبــل مباغتــة‬
‫ّ‬ ‫بــأن االنتقــال إىل التَّع ُّلــم‬
‫مــن يقــدّ ر َّ‬
‫َّعليمــي‪ .‬وحســنًا فعــل فــروس كورونــا الــذي أجــر األنظمــة‬ ‫ّ‬ ‫اجلائحــة لنظامنــا الت‬
‫ٍ‬
‫التَّعليم َّيــة عــى ممارســة التَّعليــم عــن ُب ْعــد بشــكل مب ّكــر أكثــر (‪. )Kalantzis. 2020‬‬
‫َّقليـدي أنه يركـز على الشـهادات والدبلومات‬‫ّ‬ ‫وكثيرا مـا يؤخـذ على التَّعليـم الت‬
‫ً‬
‫بدرجـة أكبر مـن املهـارات‪ ،‬ويعطـي اهتام ًمـا أكبر ملسـألة الضبـط الرتبـوي ضمـن‬
‫أطـر احلفـظ والتلقين والرتويـض والسـيطرة دون مشـاركة ف َّعالـة من ِق َبـل التالميذ‬
‫واملتع ّلمين‪( .‬الدهشـان‪. )111 ،2020 ،‬‬

‫اإللكتروني بوصفه ضرورة حضارية‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪ -4‬التَّعليم‬


‫ظـل اجلائحة موجة واسـعة مـن االنتقادات هلـذا النَّمط‬ ‫أثـار التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف ّ‬
‫بالصعوبات التـي واجهها‬ ‫املسـتحدث مـن التَّعليـم‪ .‬وقـد ارتبطـت هـذه االنتقـادات ُّ‬
‫املجتمـع التَّع ُّلمـي يف التَّفاعـل مـع هـذا النَّمـط اجلديـد مـن التَّعليـم‪ .‬ونعتقـد يف هـذا‬
‫اخلصـوص‪ ،‬أنـه يمكـن تصنيـف هذه االنتقـادات إىل صنفين‪ :‬يتم َّثـل الصنف األول‬
‫يف صعوبـات ليسـت مـن أصـل التَّعليـم عـن ُبعد‪ ،‬بـل يف الظـروف املحيطة بـه‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫عـدم وجـود شـبكات التواصـل أو انقطاعهـا‪ ،‬أو نقـص اخلبرات‪ ،‬وعـدم وجـود‬
‫اإللكتروين‪ ،‬ويتم َّثـل الصنـف الثـاين يف رداءة التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد بوصفـه‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ّ‬ ‫املحتـوى‬
‫نقلا جامـدً ا للمعلومـات‪ ،‬وهـو ما أطلقنـا عليه التَّعليم عـن ُب ْع ٍد يف حالـة ال َّطوارئ‪.‬‬ ‫ً‬
‫اإللكتروين اجليـد مل ُيمارس حتـى اآلن؛ لـذا َّ‬
‫فـإن أغلـب‬ ‫َّ‬ ‫ومـؤ َّدى قولنـا َّ‬
‫أن التَّعليـم‬
‫االنتقـادات أمهلـت ظرفيـة العمل هبذا النوع من التَّعليم عن ُب ْع ٍـد يف حالة ال َّطوارئ‪.‬‬
‫أن التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة ال َّطـوارئ يفتقـد‬ ‫كثير مـن الرتبو ّيين َّ‬
‫و ُيالحـظ ٌ‬
‫إىل عنصر التَّفاعـل واملشـاركة احليـة للطلاب يف الـدروس واملحـارضات‪ ،‬وهـذا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪230‬‬
‫يعـود ‪ -‬يف رأينـا ‪ -‬إىل اتّبـاع الطريقـة التَّقليد َّيـة يف النقـل اجلامـد للمعلومـات عبر‬
‫الشاشـة‪ .‬ومثـل هـذه املالحظة حمكومـة بعنرص التأهيل الـذي يتم َّيز بـه أعضاء اهليئة‬
‫الصماء يف املدرسـة ال تثير انتبـاه‬
‫َّ‬ ‫التدريسـية؛ فمـن املعـروف َّ‬
‫أن الـدُّ روس التَّقليد َّيـة‬
‫الطلاب وفاعل َّيتهـم‪ .‬ويـرى بعـض الن َّقـاد أن أكبر التَّحدّ يـات التي تواجـه التحول‬
‫نحـو الرقمـي يف التَّعليـم‪ ،‬تكمـن يف «أن بعـض الطلاب املستهرتين يسـخرون‬
‫مـن املع ّلمين أثنـاء إلقـاء الـدروس أو املحـارضات‪ ،‬والدخـول هبو َّيـات مزيفـة مـن‬
‫حولـوا فيـه بعـض اجلهـود اجلـادة مـن‬ ‫أجـل التسـلية أو السـخرية‪ ،‬إىل حـدّ مزعـج َّ‬
‫للسـخرية‪ ،‬وهـو مـا أ َّثـر بشـكل كبير‬
‫واملنصـات اإللكرتون َّيـة إىل موضـوع ُّ‬ ‫َّ‬ ‫املع ّلمين‬
‫تبـث عبر‬‫وخصوصـا تلـك التـي ُّ‬
‫ً‬ ‫على جـدوى بعـض قنـوات التَّعليـم عـن ُبعـد‪،‬‬
‫الصفحـات الشـخصية للمعلمين وأعضـاء هيئة التدريس» زكـي‪ . )2020 ،‬ومثل‬
‫السـلوك ال ينبـع مـن طبيعـة التَّعليـم عـن ُبعـد‪ ،‬بـل ُيعـزى إىل ثقافـة الطلاب‬ ‫هـذا ُّ‬
‫كثيرا‬
‫إن ً‬ ‫املتدنّيـة يف بعـض املناطـق واملجتمعـات التَّقليد ُّيـة‪ .‬وجتـدر اإلشـارة‪ ،‬إىل َّ‬
‫احلـظ‪ ،‬متتلـك خصائـص إلكرتونيـة متنـع غير الطلاب مـن‬ ‫ّ‬ ‫املنصـات‪ ،‬حلسـن‬
‫مـن َّ‬
‫املنصـات باملطلـق‪.‬‬
‫الدخـول إىل هـذه َّ‬
‫مهم للتَّعليم‬
‫يقـول سـايمون هربرت مدير مدرسـة جيمس الدولية‪« :‬هنـاك دور ٌّ‬
‫كثريا منـه‪ .‬ولك ْن ثمة نقطة جيـب التنبه إليها وهـي َّ‬
‫أن التَّعليم‬ ‫عـن ُبعـد‪ ،‬وقـد تعلمنـا ً‬
‫يتم تناوله وكأنَّـه أفضل ما حـدث‪ ،‬وأنَّه قادر‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد ليـس ًّ‬
‫حل سـحر ًّيا‪ .‬غال ًبا مـا ُّ‬
‫على حلحلـة كا َّفـة املشـاكل‪ .‬طب ًعـا هذا غري صحيـح‪ .‬وهـو يف كل األحـوال يتط َّلب‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املنصـات واخلبرات واملضامين واملنهـاج املناسـبة»‬ ‫كثيرا مـن الشروط مثـل توفير َّ‬ ‫ً‬
‫(يورونيوز‪. )2020 ،‬‬
‫اإللكتروين يف قصـوره عـن حتقيـق األهـداف‬
‫ّ‬ ‫أهـم سـلبيات التَّعليـم‬
‫وتتمحـور ُّ‬
‫ٍ‬
‫التنمويـة للتنشـئة االجتامع َّيـة التـي يصعـب أن جتـري عبر التواصـل عـن ُب ْعـد أو‬
‫اإللكتروين‪ ،‬ومثـل هـذه األهـداف التنمويـة حتتـاج إىل أجـواء‬
‫ّ‬ ‫مـن خلال التَّعليـم‬
‫احليـاة املدرسـية التـي تتـم يف داخـل القاعـات والصفـوف وباحـات املـدارس‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪231‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫واجلامعـات‪ ،‬ويف أحضـان األرسة واملنتديـات الرياضيـة والرتفيهيـة‪ .‬وكما هـو‬
‫فـإن التَّعليـم املـدريس يف داخـل املدرسـة يمكّـن األطفـال والناشـئة مـن‬ ‫معـروف‪َّ ،‬‬
‫ـيكولوجي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والس‬
‫واالجتامعـي َّ‬
‫ّ‬ ‫لنموهـم األخالقـي‬ ‫التَّواصـل والتفاعـل الضروري ّ‬
‫فـإن هـذا التفاعـل يمكـن األطفـال مـن متثـل معلومـات ومهـارات وقيـم‬ ‫وبالتـايل َّ‬
‫ثقافيـة اجتامعيـة رضوريـة للحيـاة االجتامع َّيـة والثقافيـة‪ .‬وهـذا غال ًبـا غير متو ّفر يف‬
‫التَّعليـم عـن ُبعـد‪.‬‬
‫االجتامعـي‪ ،‬كما يـرى كثير مـن‬ ‫ّ‬ ‫اإللكتروين غال ًبـا‪ ،‬إىل التباعـد‬
‫َّ‬ ‫يـؤ ّدي التَّعليـم‬
‫ويعـزز ميـول العزلـة‪ ،‬كنتيجـة طبيعيـة لإلدمان على االسـتخدام املتواصل‬ ‫ّ‬ ‫اخلبراء‪.‬‬
‫للتقنيـات والتطبيقـات اإللكرتون َّيـة املتاحـة عبر الشـبكة‪ ،‬والسـ َّيام تلـك التـي‬
‫الشـغف سـل ًبا يف دافعيـة األطفـال‬ ‫تتعلـق بالتسـلية واللهـو واملتعـة‪ .‬وقـد يؤ ّثـر هـذا َّ‬
‫نحـو التَّع ُّلـم‪ ،‬والسـ َّيام إذا كانـت املـادة التَّعليم َّيـة جامـدة وال تسـتخدم املؤ ّثـرات‬
‫اإللكتروين‬
‫َّ‬ ‫السـياق َّ‬
‫أن التَّعليـم‬ ‫املحفـزة (اجلربـاوي‪ . )2020 ،‬و ُيالحـظ يف هـذا ّ‬
‫الصعوبة‪ ،‬من حيـث توفري البيئـة اإللكرتون َّية‬ ‫حيتـاج ملتطلبـات عاليـة الكلفة وبالغـة ُّ‬
‫واملنصـات التَّعليم َّيـة واخلبرات التَّعليم َّيـة التـي حتتـاج إىل تدريـب املع ّلمين‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وإعـداد املناهـج اإللكرتون َّيـة يتط َّلـب‪ ،‬ليـس فقـط الكثير من اجلهـد واملثابـرة‪ ،‬وإنَّام‬
‫ختصيـص الكثير مـن املـوارد املاليـة الالزمة‪ .‬وقد يـؤ ّدي عـدم تو ُّفر مجيـع املتط َّلبات‬
‫بكفـاءة ومسـاواة إىل تعميـق الفجـوة يف تلقـي هـذا النَّـوع مـن اخلدمـات التَّعليم َّيـة‬
‫بين األريـاف واملـدن داخـل حـدود الدَّ ولـة‪ ،‬وكـذا بين بلـدان العـامل غير املتكافئـة‬
‫(اجلربـاوي‪. )2020 ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ومــن املشــكالت العويصــة التــي يواجههــا هــذا التَّعليــم طبيعــة املــواد العلميــة‬
‫مثــل املوســيقى‪ ،‬عــى ســبيل املثــال وليــس احلرص‪ ،‬وهــذا ما تقولــه إحدى السـ ّيدات‬
‫يف مقابلــة معهــا‪« :‬اســمع‪ ،‬إنــه ال يعمــل‪ ،‬هــذا التَّع ُّلــم عــن ُبعــد‪ ...‬عــى حممــل اجلــد‬
‫‪ -‬إنــه مســتحيل‪ ...‬أرســل مــدرس املوســيقى ألصغــر أوالدي مقطوعــة موســيقية‬
‫هــذا الصبــاح‪ .‬مــاذا ســأفعل هبــذه املعلومــات؟ مــاذا؟ هــل لــدي بعــض أدوات‬
‫موســيقية يف املنــزل؟ ال أســتطيع قــراءة املوســيقى لثانيــة واحــدة فقــط! كيــف يل‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪232‬‬
‫أن أســاعد أبنائــي مجيعهــم يف املنــزل؟ ‪ ...‬إننــي أنتقــل مــن طفــل إىل آخــر‪ .‬وهنــا يف‬
‫مــادة الرياضيــات‪ ،‬كيــف يل أن أعاجلهــا وأنــا ال أعــرف شــي ًئا يف الرياضيــات؟ ‪...‬‬
‫ثــم تتابــع القــول‪ :‬إذا مل نمــت بســبب فــروس كورونــا‪ ،‬فســنموت مــن التَّع ُّلــم عــن‬
‫صارخــا عــن‬‫ً‬ ‫تعبــرا‬ ‫ــد « (‪ . )ACAPS. 2020‬ونحــن نجــد يف هــذه املقابلــة‬ ‫بع ٍ‬
‫ً‬ ‫ُْ‬
‫ٍ‬
‫الصعوبــات والتَّحدّ يــات التــي تواجــه التَّعليــم عــن ُب ْعــد يف كثــر مــن املجتمعــات‬
‫الفقــرة‪ .‬ويضــاف إىل ذلــك غال ًبــا عوامــل اإلهلــاء‪ ،‬مثــل الــكالب‪ ،‬وأفــراد األرسة‪،‬‬
‫السيــر والــراخ يف املنــزل‪ ،‬ومثــل هــذه‬ ‫والطــاب الذيــن حيــرون الفصــل مــن َّ‬
‫املشــكالت والتَّحدّ يــات التــي تواجــه هــذا التَّعليــم يف املنــازل كثــرة ال حتــى‪.‬‬
‫ـحا عــى‬ ‫أجــرى مركــز «إيــكار» (‪ )ECAR‬األمريكــي للبحــوث والتحليــل مسـ ً‬
‫عينــة مــن أعضــاء هيئــة التدريــس بلغــت نحــو ‪ 13‬أل ًفــا حــول التَّعليــم عــن بعــدٍ‬
‫ُْ‬
‫يفضلــون‬‫وتوصــل هــذا املســح إىل أن ‪ %9‬فقــط مــن األكاديميــن ّ‬ ‫َّ‬ ‫يف ســنة ‪،2017‬‬
‫يفضلــون التدريــس يف أي‬ ‫التَّدريــس يف «بيئــة إلكرتونيــة»‪ ،‬وهــذا يعنــي أن ‪ّ %91‬‬
‫أن مــا يقــرب مــن نصــف‬ ‫أيضــا عــن َّ‬
‫مــكان آخــر غــر اإلنرتنــت‪ .‬وكشــف املســح ً‬
‫الع ّينــة مــن أعضــاء هيئــة التدريــس (عددهــم ‪ 13‬أل ًفــا و‪ )451‬ال يوافقــون عــى َّ‬
‫أن‬
‫أيضــا أن ‪ % 45‬منهــم يــرون أن الطــاب‬ ‫التَّع ُّلــم عــر اإلنرتنــت ف َّعــال‪ ،‬وبـ َّـن املســح ً‬
‫ال يتع َّلمــون ج ّيــدً ا عــر اإلنرتنــت كــا يتعلمــون شــخص ًّيا (‪. )ACAPS. 2020‬‬
‫ويـرى كثير مـن الباحثين أن التَّع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد يسـلب عمليـة التَّع ُّلـم طابعهـا‬
‫يتـم مـن خلال التفاعـل الفيزيائـي اجلسـدي والنفسي‬ ‫اإلنسـاين والروحـي الـذي ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واملـكاين املبـارش بين املتعلـم واملتعلم من جهـة‪ ،‬وبني املتعلـم واملع ّلم مـن جهة ثانية‬
‫وخلقة‪ ،‬وهذا يعني أن التَّعليم عـن ُب ْع ٍد يفرغ العملية‬ ‫ضمـن بيئـة مدرسـية متوازنة َّ‬
‫يتحـول فيهـا املتعلـم إىل‬
‫َّ‬ ‫وحيوهلـا إىل فعاليـة شـكلية‬
‫الرتبويـة مـن قيمتهـا اإلنسـانية ّ‬
‫احلس اإلنسـاين‪ .‬ويضاف‬ ‫ٍ‬
‫يتلمس شاشـته عن ُب ْعـد يف أجواء تفتقر إىل ّ‬ ‫كيـان جمهـول َّ‬
‫الصعوبـات والتعقيـدات الفنيـة والرقميـة التـي تعترض تعلـم التالمـذة‪،‬‬ ‫إىل ذلـك ُّ‬
‫الصغرى‪.‬‬ ‫والسـ َّيام يف املراحـل العمر َّيـة ُّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪233‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫السـياق يقـول الباحـث حسـن محـود‪« :‬مـن غير املنطقـي القـول‪ :‬إن‬ ‫ويف هـذا ّ‬
‫األهـداف التَّع ُّلميـة املحـددة يف مناهجنـا العاديـة يمكـن حتقيقهـا بالفعاليـة نفسـها‬
‫عنـد االنتقـال إىل التَّع ُّلـم عـن بعـد‪ .‬لذلـك جيـب العمـل على تعديـل بعـض املناهج‬
‫لتتناسـب مـع الوضـع الراهـن «(محـود‪ . )2020 ،‬ويتابـع محـود‬ ‫َ‬ ‫وإعـادة هيكلتهـا؛‬
‫ملمين بالعديد من‬ ‫تبين أننا‪ ،‬كطالب وأسـاتذة عىل حدٍّ سـواء‪ ،‬لسـنا ّ‬‫القـول‪« :‬لقـد َّ‬
‫نتبجـح‪ .‬ورغـم تو ُّفـر العديد مـن َّ‬
‫املنصات‬ ‫بدهييـات التكنولوجيـا احلديثـة‪ ،‬كما كنـا َّ‬
‫واملصممـة بالتَّحديـد مـن أجـل تسـهيل عمليـة التَّع ُّلـم عـن ُبعـد‪،‬‬
‫َّ‬ ‫العامليـة املجانيـة‪،‬‬
‫فـإن الكثرييـن مـن الطلاب واألسـاتذة حيتاجـون إىل دورات تدريبيـة ملعرفـة كيفيـة‬ ‫َّ‬
‫اسـتعامهلا»‪( .‬محـود‪. )2020 ،‬‬
‫اإللكتروين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يتطرفـون يف نظرهتـم إىل التَّعليـم‬
‫وهنـاك بعـض املفكريـن الذيـن ّ‬
‫ومـن هـؤالء يانـغ هـاي ويـن‪ ،‬نائب رئيـس جامعـة سـاوثرن ميديكال يف قوانغتشـو‬
‫«إن التَّعليـم عبر اإلنرتنـت سـيخلق املزيـد مـن اخلرجيني غري‬ ‫بالصين الـذي يقـول‪َّ :‬‬
‫االجتامعـي» (خنفـر‪.)2020 ،‬‬‫ّ‬ ‫األصحـاء‪ ،‬واملزيـد مـن اإلحبـاط لفكـرة التواصـل‬
‫ّ‬
‫ظل املامرسـة الشـكل َّية للتَّعليم عن‬‫املتطرفـة قد تكون صحيحة يف ّ‬
‫ّ‬ ‫ومثـل هـذه اآلراء‬
‫ُب ْع ٍـد ضمـن ظروفـه احلاليـة التـي مل تكتمـل بعـد‪ .‬ويشير الباحـث هاين احلمادي إىل‬
‫السـلبيات التي تنجم عـن التَّعليم عن ُب ْع ٍـد وأمهها‪ :‬ضعـف التَّفاعل‬
‫عـدد كبير مـن َّ‬
‫املبـارش بين املع ّلـم وال َّطالـب‪ ،‬والرتكيز على نقل املعلومـة‪ ،‬ومن ثم ضعـف إمكانية‬
‫الشاشـات‬ ‫الشـعور بامللـل نتيجـة اجللـوس أمـام َّ‬ ‫ً‬
‫فضلا عـن ُّ‬ ‫تقييـم أداء ال َّطالـب‪،‬‬
‫لفترات طويلـة‪ ،‬وغيـاب الـروح االجتامع َّيـة‪ ،‬وفقـدان القـدرة على بنـاء صداقـات‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التعـرض‬
‫ُّ‬ ‫جديـدة وحتقيـق التواصـل مـع األقـران‪ ،‬و ضعـف النظـر بسـبب كثـرة‬
‫لألشـعة الكهرومغناطيسـية لفترات طويلـة (احلمادي‪.)2020 ،‬‬
‫السـلبيات‪ ،‬سـنجد أهنـا موجـودة ـ بـل وأكثـر منهـا ـ يف التَّعليـم‬ ‫وإذا نظرنـا إىل هـذه َّ‬
‫أن هذه العيوب‬ ‫نلـح عىل َّ‬
‫َّقليـدي يف املدرسـة مثـل‪ :‬امللل واجللوس الطويل‪ .‬وما زلنا ُّ‬
‫ّ‬ ‫الت‬
‫ٍ‬
‫ليسـت نامجـة عـن التَّعليـم عن ُب ْعد يف حد ذاتـه بقدر ما هي نامجة عـن ال ُّظروف املحيطة‬
‫َّعليمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هبـذا التَّعليـم وضعف الثقافـة اإللكرتون َّية والرقميـة لدى أفراد املجتمـع الت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪234‬‬
‫ويتم َّثـل جـذر األزمة ‪-‬يف رأينـا‪ -‬يف كيفية التعامل مع املحتـوى الدرايس‪ ،‬فغال ًبا‬
‫املنصـات‬‫مـا يقـوم املع ّلمـون واملدرسـون بنقـل جامـد ملضامين املـا َّدة العلم َّيـة عبر َّ‬
‫املوجـه إىل التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد ال يتع َّلـق بطبيعة هـذا التَّعليم‪،‬‬
‫التَّعليم َّيـة‪ ،‬وهـذا النَّقـد َّ‬
‫بـل بشروط ممارسـته وبالظـروف املحيطـة بـه‪ .‬ونعتقـد أنَّـه يمكـن للمع ّلمين‪ ،‬إذا‬
‫تو َّفـرت هلـم اخلبرة والكفاءة‪ ،‬أن يقومـوا بإذكاء العمليـة الرتبوية باحلوار واملناقشـة‬
‫والرصـد واإلثـارة والتَّشـجيع‪ ،‬واسـتخدام مناهـج العصـف الذهنـي واالسـتمطار‬
‫الذهـن وإعمال الفكر‪.‬‬ ‫املعـريف عبر طـرح األسـئلة ومنازلـة اإلشـكاليات وقـدح ّ‬
‫كثيرا مـن السـلبيات التـي تذكـر حـول التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد ال تصمـد‬ ‫أن ً‬ ‫ونعتقـد َّ‬
‫اإللكتروين اجليد‬
‫َّ‬ ‫الرصينـة‪ .‬وبقـي أن نقـول بـأن التَّعليم‬ ‫يف وجـه املحاكمـة العقليـة َّ‬
‫َّموذجـي مل خيتبر بعـد‪ .‬ومـا زلنـا بحاجـة إىل وقـت كبير مـن أجـل التعـرف عىل‬ ‫َّ‬ ‫والن‬
‫ومقومات‬ ‫ّ‬ ‫اإللكتروين عن ُبعد‪ ،‬والذي حيتاج إىل رشوط‬‫ّ‬ ‫النمـوذج احلقيقي للتعليم‬
‫نموذجـي متكامل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ليتح َّقـق على نحـو‬
‫تفشي الوباء‬
‫اإللكتروين قد بـات رضورة حضار َّية‪ ،‬فقبل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهكـذا‪َّ ،‬‬
‫فـإن التَّعليـم‬
‫اإللكتروين‬
‫َّ‬ ‫بصورتـه املخيفـة كان التَّعليـم يواجـه ضغو ًطـا كبيرة العتماد التَّعليـم‬
‫املتغيات‬
‫الضغوط يف نسـق متكامل مـن ّ‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد وعـن قـرب ً‬
‫أيضـا‪ .‬وتتم َّثل هـذه ُّ‬
‫مفـر منهـا‪ ،‬ويف تنامـي‬ ‫الفاعلـة التـي تتم َّثـل يف معطيـات الثـورة الرقميـة التـي ال َّ‬
‫االحتياجـات اجلديـدة للمجتمـع يف عـامل تتكاثـف فيـه القـدرات اهلائلـة ّ‬
‫للـذكاء‬
‫االصطناعـي مطلـع الثـورة الصناعيـة الرابعـة‪ .‬فالعـامل يتأمتت‪ ،‬ويسير ذات ًّيـا بمعايري‬‫ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تتحول إىل ترسـانة رقميـة إلكرتونية‪،‬‬ ‫االصطناعـي وقوتـه املتناميـة‪ ،‬واحليـاة َّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫الـذكاء‬
‫يتحـرك ويـدار ويتفاعـل ضمـن‬ ‫َّ‬ ‫كل يشء يف العـامل الـذي نعيـش فيـه‪،‬‬ ‫وقـد أصبـح ُّ‬
‫افترايض‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االصطناعـي وسـطوته الالمتناهيـة يف عـامل رقمـي‬
‫ّ‬ ‫هيمنـة الـذكاء‬
‫ـم عــى صــورة افرتاضيــة رقميــة‪،‬‬ ‫وإذا كانــت طــرق عيــش البــر وتفاعلهــم تتـ ُّ‬
‫ـروين‬
‫ّ‬ ‫فمـ َّـا ال يقبــل َّ‬
‫الشــك أن التَّعليــم ال يمكنــه أن ينفصــل عــن هــذا املــدار اإللكـ‬
‫ـرايض القائــم عــى منجــزات الثــورة الصناعيــة الرابعــة يف جمــال الــذكاء‬
‫ّ‬ ‫للعــامل االفـ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪235‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تؤهــل األطفال والناشــئة بالرضورة‬ ‫ـي اخلــارق‪ .‬إذ جيــب عــى املدرســة أن ّ‬ ‫االصطناعـ ّ‬
‫للعيــش يف هــذا الفضــاء اجلديــد القائــم عــى الثــورة الرقميــة‪ ،‬وال يمكنهــا أن تنفصل‬
‫بدورهــا ووظيفتهــا عــن التقــدُّ م التكنولوجــي اهلائــل يف هــذا العــامل الــذي يتحـ َّـرك‬
‫عــى مفاعــات التَّســيري الــذايت للحيــاة عــن ُبعــد‪ :‬الســيارات تســر عــن ُبعــد‪،‬‬
‫االجتامعــي‪ ،‬والتواصــل اإلداري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والطائــرات‪ ،‬واملعامــل واملصانــع‪ ،‬والتواصــل‬
‫ـم عــن ُب ْعـ ٍـد ضمــن ما ُيسـ َّـمى إنرتنت األشــياء‪،‬‬ ‫ويبــدو اليــوم َّ‬
‫أن كل مظاهــر احليــاة تتـ ُّ‬
‫ويف كنــف هــذه الوضعيــة احلضاريــة املتقدّ مــة‪ ،‬ال يمكــن للمدرســة أن تنفصــل عــن‬
‫احلضــارة التــي تكتنفهــا‪ ،‬وقــد أصبــح التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد حقيقــة وممارســة وفعاليــة‬
‫ـتقبل بالنســبة إىل التَّعليــم يف خمتلــف مســتوياته وتع ّيناتــه‪ ،‬ويضــاف إىل ذلــك أن‬ ‫ومسـ ً‬
‫التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد نفســه قــد حتــول إىل ســوق رأســالية ضاربــة احلضــور واجلــذور‪،‬‬
‫وهــو ســوق يغــري أصحــاب االســتثامرات ورعــاة رؤوس األمــوال الضخمــة الذين‬
‫أرباحــا ضخمــة جــدًّ ا مــن خــال التَّوظيــف الرأســايل يف تقنيــات‬ ‫ً‬ ‫حي ّققــون اليــوم‬
‫املنصــات التَّعليم َّيــة‬
‫ـروين عــن ُبعــد‪ ،‬ويتَّضــح ذلــك مــن خــال تكاثــر َّ‬ ‫التَّعليــم اإللكـ ّ‬
‫وتنافســها يف هــذا امليــدان (‪. )FNEEQ . 2020. 6‬‬
‫وإىل كل مـا سـبق‪ ،‬تضاف الضغوط االقتصاديـة أو األيديولوجية والتكنولوجية‬
‫بقـوة‪ ،‬ويبـدو أن املسـؤولني الرتبو ّيين‬‫والضغـوط الصحيـة التـي فرضهـا كورونـا ّ‬
‫السـحري‪ ،‬مـن خلال االعتقـاد‬ ‫وبعـض مديـري املـدارس قـد استسـلموا للتَّفكير ّ‬
‫أنَّـه سـيكون مـن املمكـن تبنّـي التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد على الفـور‪ ،‬ودون االسـتعداد‬
‫املعين مـن التَّدريـس يمكـن القيـام بـه دون تغيير‬‫املسـ َّبق‪ ،‬كما لـو كان هـذا النَّمـط َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫العالقـات التَّعليم َّيـة والعمـل بشـكل جـذري عىل االرتقـاء هبا‪ ،‬وهنـا تكمن إحدى‬
‫أن هـذه الوضعية‬ ‫اإللكتروين عـن ُبعـد‪ .‬وممَّا ال جـدال فيه َّ‬
‫ّ‬ ‫أكبر إشـكاليات التَّعليـم‬
‫غير املسـبوقة جتبر املجتمعات اإلنسـانية على بناء سـفينة اإلنقـاذ يف ذروة الطوفان‪،‬‬
‫أيضا عىل اإلبحار يف هذه السـفينة املتهالكة يف امليـاه العالية األمواج‪ .‬ومثل‬ ‫وجتربهـا ً‬
‫فـوري دون سـابق إنـذار تقـوم على معـادالت‬ ‫ّ‬ ‫هـذه التجربـة املفروضـة على نحـو‬
‫اخلطـأ والتعثـر والنجـاح والصواب‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪236‬‬
‫إن جتربـة التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد تتضمـن‪ ،‬بلا ريـب جمموعـة مـن اإلجيابيـات‬ ‫َّ‬
‫والسـلبيات‪ ،‬وبالتـايل فإنـه ال يمكننـا أن نرفع سـقف توقعاتنا اإلجيابيـة هلذه التجربة‬
‫تـم فيهـا االنتقـال إىل هـذا النمـط اجلديـد مـن التَّعليـم‬
‫نظـرا للرسعـة الفائقـة التـي َّ‬
‫ً‬
‫للمحافظـة على اسـتمرارية التَّعليـم بوصفـه أولويـة كُبرى تفـرض نفسـها يف احلياة‬
‫شـل مجيـع وجـوه احليـاة على امتـداد‬‫االجتامع َّيـة يف خضـم تفشي الفيروس الـذي َّ‬
‫العـامل‪ ،‬دون أن يكـون هنـاك أي حتضير أو تدريـب ُمسـبق سـواء أكان‪ :‬للإدارة‬
‫املدرسـية‪ ،‬للمعلمين‪ ،‬ألوليـاء األمـور أم للطلبـة على وجـه التحديـد‪.‬‬
‫وتأسيسـا على مـا تقـدم يمكننـا اعتبـار اخللاف بين املفكريـن والباحثين يف‬ ‫ً‬
‫وجهـا مـن‬ ‫ٍ‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْعـد‬ ‫َّقليـدي ومزايـا التَّعليـم‬
‫تلمـس مزايـا التَّعليـم الت‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصـدام بين التقليـد واحلداثـة‪ .‬وهنـا جيـب علينـا أن نأخـذ بعين االعتبـار‬ ‫وجـوه ّ‬
‫كبيرا مـن املتغيرات والعوامـل املؤ ّثـرة يف تباين وجهـات النظر ما بين أنصار‬ ‫عـد ًدا ً‬
‫النزعـة التَّقليد َّيـة يف التَّعليـم وأنصـار النزعـة الرقميـة الذيـن يعتقـدون أن التَّعليـم‬
‫يعب عن‬‫سـيكون إلكرتون ًّيـا وعـن ُبعـد يف املسـتقبل ألمريـن‪ :‬األول أن هذا التَّعليـم ّ‬
‫أن هذا التَّعليـم هو األجدى يف‬ ‫صيغـة احليـاة يف املجتمـع مـا بعد الصناعي‪ ،‬واآلخـر َّ‬
‫ويعبر عـن تطـور احليـاة والتَّعليـم يف آن واحـد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خمتلـف املسـتويات‪،‬‬

‫اإللكتروني ومزاياه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -5‬إيجابيات التَّعليم‬
‫قدمنـا آن ًفـا منظومـة مـن االنتقـادات املن َّظمـة التـي وجهـت للتعليـم عـن ُب ْع ٍـد‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫نلـح على التَّمييـز مـا بين‬


‫أيضـا نذكـر ـ مـن جديـد ـ بأنَّنـا ُّ‬‫يف حالـة ال َّطـوارئ‪ ،‬وهنـا ً‬
‫التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالة ال َّطـوارئ ‪ -‬وهو نموذج يعاين فعل ًّيا من سـلبيات كثرية‪-‬‬
‫َّموذجـي عـن ُبعـد‪ ،‬وشـتان مـا بينهما‪ .‬ونميـل إىل االعتقـاد‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروين الن‬
‫ّ‬ ‫والتَّعليـم‬
‫ٍ‬
‫وجهـت ملنهـج التَّعليـم عـن ُب ْعـد يف حالة‬ ‫َّ‬
‫السـابقة كانـت قـد ّ‬
‫أن أغلـب االنتقـادات َّ‬
‫َّموذجـي الـذي مل يمارس بصورتـه‬‫ّ‬ ‫اإللكتروين الن‬
‫ّ‬ ‫ال َّطـوارئ‪ ،‬وليـس ملنهـج التَّعليـم‬
‫السـلبيات التـي ناقشـناها تُعـزى إىل بيئـة هـذا‬ ‫احلقيقـة بعـد‪ .‬ومـع ذلـك َّ‬
‫فـإن أغلـب َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪237‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التَّعليـم الطـارئ وليـس هلـا عالقة بالتَّعليم عـن ُب ْع ٍد نفسـه يف حالة ال َّطـوارئ‪ .‬فعىل‬
‫أن التَّعليـم عن ُب ْع ٍـد يف حالة ال َّطـوارئ جاء بصورة مباغتـة مفاجئة دون‬
‫الرغـم مـن َّ‬
‫قـادرا‬
‫فـإن ذلـك ال يمنـع مـن أن يكـون هـذا النَّمـط مـن التَّعليـم ً‬ ‫إعـداد أو حتضير‪َّ ،‬‬
‫على التجـاوب إىل حـدٍّ كبير مع احتياجـات املتعلم ضمـن حالة ال َّطـوارئ‪ ،‬وضمن‬
‫رشوط معينـة‪ ،‬مثـل كفـاءة املع ّلـم ومهارتـه ومـدى قدرته على تنمية الفكـر واملعرفة‬
‫عنـد طالبه‪.‬‬
‫َّقليـدي‬
‫ّ‬ ‫بـأن املع ّلمين املميزيـن يف التَّعليـم املـدريس الت‬ ‫ويمكننـا القـول باختصـار َّ‬
‫ٍ‬
‫كبريا يف التَّعليم عن ُب ْعـد يف حالة ال َّطوارئ‪ .‬ويف املقابل‪،‬‬ ‫يمكنهـم أن حي ّققـوا‬
‫نجاحـا ً‬
‫ً‬
‫َّقليـدي الذي يعتمد أسـاليب التَّلقين واحلفظ ونقـل املعلومة اجلامدة‬ ‫ّ‬ ‫فـإن املع ّلـم الت‬
‫َّ‬
‫إن املع ّلمين‬ ‫كثيرا مـع أدوات التَّعليـم عـن ُبعـد‪ .‬ونقـول إمجـاال‪َّ :‬‬ ‫لـن خيتلـف أداؤه ً‬
‫الـذي يتم َّيـزون باعتامدهـم املناهج النَّقدية احلديثـة ‪-‬التي تركز على املعرفة واحلوار‬
‫كبريا يف عمليـة التَّعليم عن‬ ‫نجاحـا ً‬ ‫ً‬ ‫والنقـد واالسـتبصار ‪ -‬قـد اسـتطاعوا أن حي ّققوا‬
‫أن ال ّطــــلاب‬ ‫ُب ْع ٍـد يف حالـة ال َّطـوارئ‪ .‬وقد ع َّلمتنـي التَّجربة‪ ،‬خالل العام املنرصم َّ‬
‫كانـوا يتفاعلـون بطريقـة ف َّعالـة نقد َّيـة حوار َّية نشـطة خلال العام الـدرايس املنرصم‬
‫ألن تشـجيع الطلاب والتفاعل معهم‬ ‫والفصـل األول مـن العـام الـدرايس اجلديد‪َّ ،‬‬
‫والتبصر والفهـم‬ ‫ُّ‬ ‫واحلريـة يضاعـف مـدى قدرهتـم على التَّع ُّلـم‬ ‫ّ‬ ‫ومنحهـم ال ّثقـة‬
‫والتطـور خلال الـدروس التـي قدمهـا بعـض الزملاء خلال العـام املـايض‪ .‬مـا‬ ‫ُّ‬
‫أن مسـألة اإلخفـاق والفشـل تتشـكل عىل مبـدأ املسـافة الفاصلة من‬ ‫أريـد قولـه هـو َّ‬
‫َّقليـدي باالسـتبصار والفهم‪ .‬ونسـتنتج بناء‬ ‫ّ‬ ‫َّقليـدي بالتلقين والتَّعليـم الت‬
‫ّ‬ ‫التَّعليـم الت‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫هنجـا حداث ًّيـا غير‬ ‫أن أغلـب املدرسين الـذي هنجـوا ً‬ ‫على خربتنـا وخبرة زمالئنـا َّ‬
‫أن التَّعليـم عـن بعـدٍ‬ ‫تقليـدي يف طـرق التَّعليـم والتفاعـل مـع الطلاب قـد وجـدوا َّ‬
‫ُْ‬
‫الصفـوف‬ ‫حتـى يف حالـة ال َّطـوارئ أكثـر جـدوى وأمه َّيـة مقارنـة بالتَّعليـم داخـل َّ‬
‫فـإن املع ّلمين التَّقليد ّيني قد‬ ‫َّقليـدي‪ .‬وعلى خلاف ذلـك َّ‬ ‫ّ‬ ‫والقاعـات باألسـلوب الت‬
‫ٍ‬
‫أخفقـوا يف التَّعليـم عـن ُب ْعـد بدرجـة أكرب من إخفاقهـم يف التَّعليـم داخل الصفوف‬
‫والقاعات‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪238‬‬
‫َّموذجـي سـواء أكان عـن‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروين الن‬
‫ّ‬ ‫ونحـ ُن اآلن سـنبحث يف مزايـا التَّعليـم‬
‫ُب ْع ٍـد أم عـن قـرب‪ ،‬وعن جدواه من خالل شـهادات علميـة وآراء حقيقية‪ ،‬دون أن‬
‫مهية وخطـورة وخصوصية‪ .‬وسـنعالج‬ ‫نتجاهـل مـا للتَّعليـم يف داخـل املدرسـة من أ ّ‬
‫هـذه املسـألة وفق مبـدأ التَّمييز ما بني املسـتويات ال ُعليا واألولية للتعليم يف املدرسـة‬
‫َّعليمـي‬
‫ّ‬ ‫التَّقليد َّيـة‪ .‬وعلينـا أن نأخـذ بالقاعـدة التـي تقـول ك ّلما صعدنـا يف ُّ‬
‫السـلم الت‬
‫اإللكتروين عـن ُبعـد‪ .‬وعلى خلاف ذلـك‪ ،‬ك ّلما َّ‬
‫تدرجنـا‬ ‫ّ‬ ‫زادت ميـزات التَّعليـم‬
‫مهيـة التَّعليـم التفاعلي يف املدرسـة‪ ،‬ورجحت‬ ‫َّعليمـي ازدادت أ ّ‬
‫ّ‬ ‫السـلك الت‬‫نـزوال يف ّ‬
‫اإللكتروين‪ .‬فاألطفال والناشـئة حيتاجـون إىل التفاعل الرتبوي‬ ‫ّ‬ ‫ك َّفتهـا على التَّعليـم‬
‫يف مدارسـهم وصفوفهـم العتبـارات تتع َّلـق بالتنشـئة االجتامع َّيـة‪ .‬أ َّمـا الشـباب من‬
‫تقـل درجة تأثري هـذا التَّعليـم يف تكوينهم؛ ألهنم تشـ َّبعوا باجلرعات‬ ‫الطلاب‪ ،‬فقـد ُّ‬
‫مهية النَّموذجني‬
‫الرتبو َّية للتنشـئة االجتامع َّية‪ .‬ويف كل األحوال ال نسـتطيع أن ننكر أ ّ‬
‫يف خمتلـف املسـتويات التَّعليم َّية‪.‬‬
‫اإللكتروين حيمـل يف ذاتـه‬
‫َّ‬ ‫أيضـا جيـب أن نأخـذ بعين االعتبـار َّ‬
‫أن التَّعليـم‬ ‫وهنـا ً‬
‫كثيرا إمكانـات التَّعليـم التفاعلي يف‬‫مزايـا فائقـة يف خصائصـه وإمكاناتـه تفـوق ً‬
‫اإللكتروين يمكن أن‬
‫َّ‬ ‫املدرسـة‪ ،‬ومنهـا على سـبيل املثـال وليـس احلصر َّ‬
‫أن التَّعليـم‬
‫يكـون عـن ُب ْع ٍـد وعـن قـرب‪ ،‬ويمكـن أن يكـون متزامنًـا وغير متزامـن‪ ،‬ويمكـن‬
‫أن يكـون مدجمًـا وغير مدمـج‪ ،‬كما أنـه يمكـن أن يأخـذ ّاتاهـات متعـددة‪ ،‬ونقصد‬
‫بذلـك أنـه يمكـن لألطفـال واملتعلمين التواصـل مـن داخل املدرسـة مـع خارجها‪،‬‬
‫ومـن خـارج املدرسـة مـع داخلهـا‪ ،‬ومـن املدرسـة مـع مـدارس أخـرى عبر قانونية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكتروين يف حلتـه‬
‫َّ‬ ‫أيضـا أننـا مل نـر التَّعليـم‬
‫إنرتنـت األشـياء‪ .‬وجيـب أن نعلـم ً‬
‫املنصات‬
‫احلقيقيـة وضمـن رشوطـه املثاليـة والسـ َّيام اإلنجازات الكبرى يف مياديـن َّ‬
‫والتقانـات التـي تسـتخدم بشـكل عـا ّم حتَّـى اآلن‪ ،‬وال يمكنـا أن نغفـل عـن َّ‬
‫أن‬
‫اإلنجـازات املذهلـة يف هـذا امليـدان سـتؤدي إىل منافسـة املدرسـة بتقانـات التنشـئة‬
‫االفترايض املثمـر بين التالميـذ يف أي‬
‫ّ‬ ‫االجتامع َّيـة عبر الصـورة واللـون والتفاعـل‬
‫حـال مـن األحـوال‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪239‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ويمكننـا اآلن أن نسـتعرض بعـض اآلراء والتصـورات التـي تـرى األمـل‬
‫اإللكتروين عـن ُبعـد‪ ،‬كما سـنرى بعـض التفنيـدات العلميـة‬
‫ّ‬ ‫واملسـتقبل يف التَّعليـم‬
‫كثيرا مـن‬ ‫لفعاليـة هـذا املنهـج وأولويتـه بوصفـه منهجيـة َّ‬
‫خلقـة حتمـل يف ثناياهـا ً‬
‫الوعـود الكبرى للتَّعليـم‪ ،‬والسـ َّيام يف حالـة األزمـات والكـوارث‪.‬‬
‫واألمــر الــذي ُيمــع عليــه اخلــراء كا َّفــة هــو َّ‬
‫أن التَّعليــم عــن ُبعــد‪ ،‬ح َّتــى يف أدنى‬
‫مســتوياته‪ ،‬قــد شــكَّل طــوق نجــاة للتعليــم يف ظــل اجلائحــة الكورونيــة‪ ،‬وجــاء‬
‫ليمنــع حــدوث كارثــة شــاملة بعيــدة األغــوار يف جمــال الرتبيــة والتَّعليــم‪ ،‬ومــن دون‬
‫التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد بوســائله االتصاليــة‪ ،‬كان مــن املســتحيل عــى الطــاب متابعــة‬
‫مهيــة الــدور الــذي أ َّداه‬
‫دراســتهم وتعليمهــم يف خمتلــف أنحــاء الكوكــب‪ .‬ومــع أ ّ‬
‫فــإن هــذه الكارثــة مل تو ّفــر مــا يقــرب مــن‬ ‫املتطــورة‪َّ ،‬‬ ‫التَّعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد بتقاناتــه‬
‫ّ‬ ‫ُْ‬
‫‪ ٪ 72‬مــن الطــاب الذيــن مــا زالــوا جيلســون مكتــويف األيــدي يف املنــزل يف ‪186‬‬
‫ـل يعانــون‬ ‫دولــة‪ -‬وف ًقــا لإلحصــاءات العامليــة ‪ -‬وهــذا يعنــي أن ‪ 1.2‬مليــار طفـ ٍ‬
‫بشــكل مــن االنقطــاع املــدريس الكامــل (دون تعليــم يذكــر) حتــت تأثــر الوبــاء‪،‬‬
‫َّ‬
‫تنفــك تناشــد البلــدان املنكوبــة‬ ‫ونظــرا خلطــورة األمــر فــإن اليونســكو لطاملــا مل‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫باعتــاد نظــام التَّع ُّلــم عــن ُب ْعــد بوصفــه الوســيلة األنجــع يف مواجهــة اإلغــاق‬
‫الشــامل‪ ،‬وبوصفــه امللجــأ األوحــد للمحافظــة عــى مســرة التَّعليــم يف‬ ‫ـوي َّ‬
‫الرتبـ ّ‬
‫هــذه البلــدان (‪. )Nelson. 2020‬‬
‫َّقليـدي‪ ،‬تُشير بعـض‬ ‫ّ‬ ‫اإللكتروين والتَّعليـم الت‬
‫ّ‬ ‫وباملقارنـة مـا بين التَّعليـم‬
‫ومتيزا‪ .‬وقد‬
‫َّقليدي كفاء ًة ً‬
‫َّ‬ ‫اإللكتروين قد يفوق التَّعليـم الت‬
‫َّ‬ ‫الدراسـات إىل َّ‬
‫أن التَّعليـم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ب َّينـت إحـدى الدّ راسـات أن الطلاب الـذي يعتمـدون التَّعليم عن ُب ْع ٍد يسـتطيعون‬


‫بنسـبة تتراوح بين ‪ %25‬و‪ %60‬مقارنـ ًة بنسـبة ‪ %8‬إىل‬ ‫ٍ‬ ‫اسـتيعاب املـواد التَّعليم َّيـة‬
‫‪ %10‬للطلاب الذيـن يتع ّلمـون داخـل الفصـول الدّ راسـية‪ .‬ويضـاف إىل ذلـك َّ‬
‫أن‬
‫التَّع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد يتطلـب وقتًـا أقـل بنسـبة ‪ %60-40‬مـن ال ُّطـرق التَّقليد َّيـة يف‬
‫كل طالـب تنظيـم عمليـة التَّع ُّلم وف ًقـا الحتياجاته‬ ‫ألن باسـتطاعة ّ‬ ‫الفصـول‪ ،‬وذلـك َّ‬
‫اخلاصـة وإعـادة االسـتامع والقـراءة بقـدر احتياجاتـه‪ .‬ونحـن هنـا جيـب علينـا عـدم‬ ‫َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪240‬‬
‫املتنوعـة‪ .‬فالفعالية‬
‫ومتغياتـه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن هـذه املعطيـات ترتبـط بظـروف التَّعليـم‬ ‫التَّعميـم َّ‬
‫التـي يتم ّيـز هبـا التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد ختتلـف باختلاف املجموعـات العمريـة والبيئـة‬
‫دائم‬
‫وسـنكرر ً‬
‫ّ‬ ‫الرقميـة واملهـارات التكنولوجيـة املتو ّفـرة عنـد املع ّلمين واملتعلمني‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أن األطفال األصغر سـنًّا حيتاجـون إىل بيئة أكثر مدرسـ َّية‬ ‫ونلـح يف هـذا العمـل على َّ‬
‫ُّ‬
‫بديلا لألطفـال يف املراحـل‬‫ً‬ ‫ٍ‬
‫وأن التَّعليـم عـن ُب ْعـد ال يمكنـه أن يكـون‬ ‫حقيقيـة‪َّ ،‬‬
‫األوليـة واألساسـية مـن التَّعليـم‪.‬‬
‫َّ‬
‫اإللكتروين‪ ،‬أو ربما ال يدركـون احلـدود الفاصلـة‬‫ّ‬ ‫كثيرا مـا يتجاهـل ن َّقـاد التَّعليـم‬‫ً‬
‫ٍ‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْعـد يف صورتـه‬ ‫ٍ‬
‫بين التَّعليـم عـن ُب ْعـد يف حالـة ال َّطـوارئ والتَّعليـم‬
‫ّ‬
‫اإللكتروين‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروين اال ّطلاع على التَّعليـم‬
‫ّ‬ ‫النَّموذج َّيـة‪ .‬ولـو أتيـح لن َّقـاد التَّعليـم‬
‫أي معنـى‬ ‫أن أغلـب انتقاداهتـم لـن يكـون هلـا َّ‬ ‫َّموذجـي؛ ألدركـوا بصـورة واضحـة َّ‬ ‫ّ‬ ‫الن‬
‫ٍ‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْعـد يتم َّثـل يف نسـق مـن العلـوم الذكيـة املتقدّ مـة‪،‬‬ ‫أو داللـة‪ .‬فالتَّعليـم‬
‫ُّ‬
‫نتاجـا طبيع ًّيـا لثـورة املعرفـة وامليديـا يف األلفيـة اجلديـدة‪ ،‬ويمكـن توظيفـه يف رفع‬ ‫ويعـدُّ ً‬
‫ٍ‬
‫والعلمـي ألفـراد املجتمـع اإلنسـاين‪ « .‬لقـد حقـق التَّعليـم عـن ُب ْعـد يف‬ ‫املسـتوى ال َّثقـايف‬
‫ّ‬
‫ونجاحا‬
‫ً‬ ‫انتشـارا‬
‫ً‬ ‫كل دول العـامل املتقـدم‬‫كُربيـات اجلامعـات األمريكيـة واألوروبيـة ويف ّ‬
‫منقطـع النظير‪ ،‬وأثبـت لإلنسـان الـذي يبحـث عـن املعرفـة والعلـوم أنَّـه يف أيـد أمينـة‪،‬‬
‫َّظامي «(سـاعايت‪.)2020 ،‬‬ ‫وأنه سـيح ّقق مكاسـب علم َّية يصعب حتقي ُقها يف التَّعليم الن ّ‬
‫ومـن إجيابيـات التَّعليـم الرقمـي ومزايـاه أنَّـه سـيمكّن الطلاب األكبر سـنًّا مـن‬
‫التحكُّـم يف تع ّلمهـم‪ ،‬وفهـم مـا يريـدون تع ّلمـه‪ ،‬ومـا الـذي حي ُّبونـه‪ ،‬وحتديـد نـوع‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أيضا هلؤالء‬
‫املنصـات التَّعليم َّية عبر اإلنرتنـت ً‬ ‫الدعـم الـذي حيتاجـون إليـه‪ .‬وتتيـح َّ‬
‫الطلاب التَّع ُّلـم بالرسعـة التي تناسـبهم‪ ،‬وهذا يمنحهـم مزيدً ا من املرونـة والقدرة‬
‫أن هـذه املزايـا قـد تتضـاءل فيما‬ ‫على التَّع ُّلـم‪ ،‬وهنـا جيـب أن نأخـذ بعين االعتبـار َّ‬
‫يتع َّلـق باملتعلمين ّ‬
‫الصغـار الذيـن حيتاجـون إىل أجـواء املدرسـة التَّقليد َّيـة‪.‬‬
‫توجــه إىل التَّعليــم عــن‬
‫وممَّــا ريــب فيــه أن االنتقــادات األكثــر خطــورة التــي ّ‬
‫ُب ْعـ ٍـد هــي َّ‬
‫أن هــذا التَّعليــم يق ّلــل مــن فــرص التَّفاعــل االجتامعـ ّ‬
‫ـي‪ .‬ومــع التَّســليم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪241‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫املنصــات‬‫ـرا مــن َّ‬ ‫أن كثـ ً‬‫الرؤيــة‪ ،‬فإ َّنــه ال يمكننــا أن نتجاهــل حقيقــة مفادهــا َّ‬ ‫هبــذه ُّ‬
‫االجتامعي‬
‫ّ‬ ‫متنوعــة يف تأكيــد ال َّطابــع‬
‫ـرا وآليــات ّ‬ ‫التَّعليم َّيــة املتطــورة تو ّفــر ً‬
‫فرصــا كثـ ً‬
‫للعالقــة بــن الطــاب فيــا بينهــم‪ ،‬وبــن الطــاب ومعلميهــم‪ ،‬وهــي غال ًبــا مــا تو ّفر‬
‫ـدرايس‪ ،‬ومــن ذلــك عــى ســبيل املثــال‪ :‬النــوادي‬ ‫ّ‬ ‫أيضــا أنشــطة خــارج املنهــج الـ‬ ‫ً‬
‫عــر اإلنرتنــت والفعاليــات الذهنيــة النشــطة‪ .‬وتتمثــل إحــدى ميــزات التَّنشــئة‬
‫االجتامع ّيــة عــر اإلنرتنــت يف أهنــا تق ّلــل بشــكل كبــر مــن احلواجــز االجتامع َّيــة‬
‫والنَّفســية القائمــة بــن الطــاب (‪ . )Watson and Gemin 2008‬وبعــض‬
‫ـم‬
‫ـري بــن التنشــئة االجتامع َّيــة التــي تتـ ُّ‬ ‫النُّقــاد جيادلــون بأ َّنــه ال يوجــد فــرق جوهـ ّ‬
‫ـي‪ ،‬لكنَّنــا نتح َّفــظ عــى هــذا‬ ‫ـم عــر التواصــل االجتامعـ ّ‬ ‫يف املدرســة‪ ،‬وتلــك التــي تتـ ُّ‬
‫األمــر فيــا يتع َّلــق باملســتويات التَّعليم َّيــة األساســية‪ .‬وهــذا مــا يؤ ّكــده أعضــاء مجعية‬
‫ـأن أطفــال املــدارس االبتدائيــة حيتاجــون إىل‬ ‫التَّعليــم الوطنيــة األمريكيــة‪ ،‬إذ يــرون بـ َّ‬
‫ألنــم يتواصلــون بشــكل أفضــل مــع أقراهنــم ولداهتــم يف‬ ‫جتربــة الفصــل الــدرايس‪َّ ،‬‬
‫أفنيــة الفصــول الدراســية (‪.)Watson and Gemin. 2008‬‬
‫ـروين بوصفــه تعليـ ًـا‬ ‫ّ‬ ‫وجــه للتعليــم اإللكـ‬‫ـرا مــن النَّقــد قــد ّ‬
‫أن كثـ ً‬‫وقــد الحظنــا َّ‬
‫يؤ ّكــد العزلــة االجتامع َّيــة‪ ،‬ويق ّلــل مــن فــرص التَّنشــئة االجتامع َّيــة‪ ،‬ولكنَّنــا عندمــا‬
‫ـدي بصورتــه اجلامــدة‪ ،‬وبــن التَّعليــم‬ ‫نقــارن يف حقيقــة األمــر بــن التَّعليــم التَّقليـ ّ‬
‫ـدي ‪ -‬ونقصــد بــه التَّعليــم الــذي‬ ‫ـروين حيـ ُّـق لنــا أن نقــول بــأن التَّعليــم التَّقليـ ّ‬
‫ّ‬ ‫اإللكـ‬
‫االجتامعي‪ ،‬ففي قاعــة املحارضات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ـرا عــى التَّفاعــل‬
‫ـجع كثـ ً‬ ‫يعتمــد التلقــن ‪ -‬ال يشـ ّ‬
‫عــى ســبيل املثــال جيــب عــى الطــاب اجللــوس بصمــت وخشــية أمــام املع ّلــم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الســياق الرتبــوي وأثنــاء‬ ‫الــذي يتحــدَّ ث بجربوتــه وســلطته املتعاليــة‪ ،‬وضمــن هــذا ّ‬
‫املناقشــة الصفيــة‪ ،‬يمكــن لشــخص واحــد فقــط التحــدُّ ث يف كل مـ َّـرة‪ .‬وهــذا يعنــي‬
‫ـي‪ .‬وقــد تعـ ّـزز‬ ‫أن القاعــات الدّ راســية قــد تكــون ممارســة مضــا َّدة للتَّفاعــل االجتامعـ ّ‬ ‫َّ‬
‫ـروين‬
‫ّ‬ ‫الســيكولوجي بــن الطــاب‪ .‬وباملقارنــة مــع التَّعليــم اإللكـ‬ ‫العزلــة والتَّباعــد َّ‬
‫ـث‬‫ـرا مــن اجلوانــب اإلجيابيــة‪ :‬فاملع ّلــم قــد يبـ ُّ‬ ‫عــن ُبعــد‪ ،‬فإنَّنــا نســتطيع أن نلمــس كثـ ً‬
‫ومتهــد لعمليــة االســتيعاب‪ ،‬وهــي‬ ‫مقاطــع الفيديــو اجلميلــة التــي تسـ ّـهل الفهــم‪ّ ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪242‬‬
‫ـث عــى املناقشــة واســتنباط مســامهات مــن الطــاب يف اخلالصــة أســفل‬ ‫طريقــة حتـ ُّ‬
‫الفيديــو‪ .‬ويمكــن للطالــب التو ُّقــف‪ ،‬والبــدء‪ ،‬أو املراجعــة أو التخطــي وإبطــاء‬
‫السعــة أو مضاعفتهــا هلــذه الفيديوهــات والوســائط التَّعليم َّيــة بصــورة متزامنــة‬ ‫ُّ‬
‫ـإن ال َّطالــب يتم َّكــن مــن التَّواصــل مــع مجيــع الطــاب‬
‫أو غــر متزامنــة‪ ،‬وبالتــايل فـ َّ‬
‫بالصــوت والصــورة والكتابــة‪.‬‬ ‫املنصــة أو وســائل االتّصــال َّ‬
‫يف القاعــة مــن خــال َّ‬
‫ـرايض ال يمكــن معاقبــة الطــاب أو ممارســة التسـ ُّلط عليهــم‪ ،‬كــا‬ ‫ّ‬ ‫ويف الفصــل االفـ‬
‫أن الطــاب خلــف الشاشــات‪ ،‬ال يته َّيبــون ســلطة مع ّلميهــم‪ ،‬ويمكــن أن ُيطلــب‬ ‫َّ‬
‫مــن اجلميــع االســتجابة والتجــاوب والتَّفاعــل‪ ،‬ومكافأهتــم عــى ذلــك بدرجــات‬
‫منصــة لزيــادة‬ ‫ٍ‬ ‫قابلــة للقيــاس‪ ،‬وهــذا يعنــي َّ‬
‫أن التَّعليــم عــن ُب ْعــد يمكــن أن يش ـكّل َّ‬
‫والص ّفــي (‪.)Kalantzis and cope. 2020‬‬ ‫االجتامعــي َّ‬
‫ّ‬ ‫التَّفاعــل‬
‫مهيـة‬ ‫وثمـة جمموعـة واسـعة مـن األبحـاث التَّجريبيـة تقـدّ م أد َّلـة َّ‬
‫مفصلـة عـن أ ّ‬ ‫َّ‬
‫تعليمـي حديث يتَّخذ أشـكاال‬ ‫ٍ‬
‫وجـدوى اسـتخدام التَّعليـم عـن ُب ْعـد على أنَّه نمـط‬
‫ٌّ‬
‫كثير مـن اجلامعـات‬‫ٌ‬ ‫وثمـة‬‫وطرائـق متنوعـة يمكـن توظيفهـا ألغـراض خمتلفـة‪َّ .‬‬
‫الرصينـة التـي اعتمـدت نظـام التَّع ُّلم عن ُب ْع ٍد لتوسـيع املشـاركة والوصـول للكثري‬ ‫َّ‬
‫َّقليـدي داخل‬
‫ّ‬ ‫مـن الطلاب الذيـن ال تسـمح هلـم ظروفهم للمشـاركة يف التَّعليـم الت‬
‫وصممت لظـروف ختتلف عن‬ ‫ّ‬ ‫أروقـة اجلامعـات‪ ،‬لكـ َّن هـذه التَّجـارب ُخ ّطـط هلـا‪،‬‬
‫ظرفنـا احلـايل (حسـن‪.)2020 ،‬‬
‫أن « التفاعـل املمنهـج الـذي توفره‬‫السـياق يـرى الباحـث حسـن أمحـد َّ‬ ‫ويف هـذا ّ‬
‫يشـجع املتعلم‬ ‫ٍ‬
‫منصـات التَّع ُّلـم عـن ُب ْعـد ال يسـاعد على إيصـال املعلومة فقـط‪ ،‬بل‬
‫ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫متعلما وباح ًثـا عـن احلقيقة يف‬


‫ً‬ ‫على بنـاء قدراتـه الذاتيـة لالعتماد على نفسـه ليصبـح‬
‫اإللكتروين‪« ،‬يمكـن للمتعلم بضغطة‬
‫ّ‬ ‫الوقـت نفسـه»‪ .‬ويف هـذا النَّمـط مـن التَّعليم‬
‫زر واحـدة أن يلـج إىل فيـض متد ّفـق هائـل مـن املعلومـات‪ ،‬وهنـا يـأيت دور املتعلـم‬ ‫ّ‬
‫باختيـار املعلومـة الدقيقـة واإلجابـة الشـافية التـي يبحث عنهـا‪ ،‬وممَّا ال َّ‬
‫شـك فيه أن‬
‫تطـور منهجيـات متقدّ مة للمشـاركة والتَّفاعل‬‫التكنولوجيـا الرقميـة اسـتطاعت أن ّ‬
‫يف التَّعليـم» (أمحـد‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪243‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫احلــر‬
‫ّ‬ ‫تنــاول ناثــان إيســلبارجر ‪ -‬الرئيــس التنفيــذي ملجموعــة التَّعليــم‬
‫(‪ ،)Freedom Learning Group‬وهــي رشكــة رائــدة يف جمــال خدمــات‬
‫ـي ‪ -‬مســألة التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد عــر اإلنرتنــت وحتــدَّ ث عــن‬ ‫التَّصميــم التَّعليمـ ّ‬
‫املصمــم بصــورة متقنــة وجيــدة حمــدّ ًدا ســاته اإلجيابيــة‬ ‫َّ‬ ‫اإللكــروين‬
‫ّ‬ ‫التَّعليــم‬
‫ـروين عــن ُب ْعـ ٍـد األولو َّيــة للمشــاركة‬
‫ّ‬ ‫عــى النحــو التــايل‪ :‬يعطــي التَّعليــم اإللكـ‬
‫ـرايض يف آن واحــد‪ ،‬ويطــرح‬ ‫ّ‬ ‫ـي واالفـ‬ ‫مــن خــال االســتفادة مــن العــامل الواقعـ ّ‬
‫املوضوعــات احلديثــة والقضايــا اجلديــدة‪ ،‬ويمكنــه أن يو ّفــر أجــواء املناقشــة‬
‫العلميــة وحيـ ّـرض عليهــا‪ ،‬كــا أ َّنــه يمتلــك القــدرة عــى إثــارة املشــاعر‪ ،‬وتفعيــل‬
‫املشــاركة الفوريــة القابلــة للقيــاس والتَّقويــم‪ ،‬ويســاعد عــى التفكــر والنَّقــد‬
‫بــدال مــن احلفــظ واالســتظهار‪ ،‬وجييــب دائـ ًـا عــى ســؤال‪ :‬مــاذا يوجــد يف هــذا‬
‫املوجــه عــادة للطــاب واملتعلمــن‪ ،‬ويعمــل يف‬ ‫األمــر بالنســبة يل؟ وهــو الســؤال َّ‬
‫ـي للطــاب إىل بنــاء خــرات التَّع ُّلــم املقصــودة‬ ‫التوجــه التَّعليمـ ّ‬
‫ُّ‬ ‫النهايــة عــى تعزيــز‬
‫َّصــورات‪.‬‬‫والوصــول مبــارشة إىل الغايــات املحــدّ دة لألفــكار والت ُّ‬
‫احلرية القصـوى للمع ّلمني‬ ‫ٍ‬
‫وبعبـارة أخـرى‪ ،‬يسـاعد التَّع ُّلـم عـن ُب ْعد عىل توفير ّ‬
‫واملتع ّلمين‪ ،‬ويمكّنهـم من الوصول إىل إجابات إبداعية وخالصات ملهمة‪ّ ،‬‬
‫ويعزز‬
‫النقـدي‪ ،‬ويركـز على إجيـاد أفضـل الوسـائل لتشـجيع ال ُّطلاب وحتفيزهـم‬ ‫َّ‬ ‫التَّفكير‬
‫على املشـاركة يف نشـاط أكبر يف عمليـة التدريـس ومتكينهـم مـن اكتسـاب املعرفـة‬
‫املهمة جـدًّ ا يف التَّعليم عن‬ ‫اخللقـة بصـورة أفضـل وأعمـق وأرسع‪ .‬ومـن املم ّيـزات َّ‬ ‫َّ‬
‫أي‬ ‫ُب ْعـد أنَّـه يو ّفـر للطالـب وبصـورة‬‫ٍ‬
‫مسـتمرة إمكانيـة الوصـول إىل املعلومـات يف ّ‬ ‫ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫زمـان ومـكان يف العـامل‪ ،‬ويسـمح لـه بتحميـل املعلومـات والبيانـات واملحتويـات‬


‫شـك فيـه أن املنصـات‬ ‫بمجـرد دخـول املتعلـم إىل املنصـة الرقميـة املعتمـدة‪ .‬وممـا ال َّ‬
‫املسـجلة صوت ًّيـا أو على صـورة فيديوهـات‬ ‫َّ‬ ‫التَّعليم َّيـة حتتفـظ بنسـخ مـن الـدروس‬
‫خاصيـة التَّواصل مبارشة‬ ‫املنصات توفـر للطالب ّ‬ ‫أيضـا أن هـذه َّ‬ ‫تعليميـة‪ .‬و ُيالحـظ ً‬
‫مـع زمالئـه‪ ،‬ومـع معلميـه أثنـاء املحـارضة وبعدهـا‪ ،‬وهـذا مـا ال يمكـن حتقيقـه يف‬
‫الفصـول التَّقليد َّيـة يف املدرسـة (القاطـوين‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪244‬‬
‫اإللكتروين أنَّـه يفتـح آفا ًقـا واسـعة أمـام الطلاب لالهتمام‬
‫ّ‬ ‫ومـن مزايـا التَّعليـم‬
‫اخللاق مـع الربجميـات الذك َّيـة‪ ،‬ومـن َث َّ‬
‫ـم فهمهـا‬ ‫بالتكنولوجيـا الرقم َّيـة والتَّفاعـل َّ‬
‫وتوظيفهـا‪ ،‬كما ُيتـاح نسـق مـن احلريـات التـي تتع َّلـق بالتَّعليـم والتَّع ُّلـم والوصـول‬
‫رتسـانات الرقميـة اجلبـارة التي متكّنـه من فهم العـامل اجلديد‬ ‫إىل بنـوك املعلومـات وال ّ‬
‫والسـيطرة على معطياتـه العبقريـة (القاطـوين‪.)2020 ،‬‬ ‫لل َّثـورة الصناعيـة الرابعـة َّ‬
‫وغال ًبـا مـا يشـار إىل مزايـا انخفـاض رسـوم التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد مقارنـة بالرسـوم‬
‫املدرسـ َّية‪ ،‬وتوفير وقت التن ُّقل من وإىل املدرسـة‪ ،‬وتوفري كلفـة املواصالت‪ ،‬وتقليل‬
‫االنبعاثـات الكربونيـة‪ ،‬وهـذه األمـور ك ّلها تشـكل منطل ًقا العتامد هـذا التَّعليم لدى‬
‫املتعلمين «وسيشـجع مؤسسـات التَّعليـم احلكومـات على تبنّـي هـذا التَّعليـم عـن‬
‫ُبعـد‪ ،‬وسـيفرض على احلكومـات ومؤسسـات التَّعليـم العـام واخلـاص توفير هـذا‬
‫اخليـار يف الظـروف الطبيعيـة ملـن يرغـب مـن الطلاب» (الظاهـري‪. )2020 ،‬‬
‫بعضـا مـن مزايـا التَّعليـم عـن ُبعـد‪ ،‬إذ‬ ‫أيضـا ً‬ ‫لقـد ب َّينـت بعـض االسـتقصاءات ً‬
‫غال ًبـا مـا أشـاد الطالب وال َّطالبات هبـذا النَّمط من التَّعليم‪ ،‬إذ مكَّنهم من املشـاركة‬
‫بحريـة أكبر يف الفصـول الدراسـية بالتَّواصـل الكتـايب عبر املنصـات اإللكرتون َّيـة‬
‫املنصـات من التغ ُّلب على التوتُّر واخلجـل واإلرهاق‬ ‫التَّعليم َّيـة‪ .‬وقـد مكَّنتهـم هـذه َّ‬
‫والتَّعـب‪ ،‬وقـد أعلـن كثير من الطالب املسـتفتيني عـن سـعادهتم الكبيرة لتمكّنهم‬
‫السـياق حيدد الباحـث عبد اهلل‬ ‫مـن التَّع ُّلـم دون احلاجـة إىل مغـادرة املنـزل‪ .‬ويف هذا ّ‬
‫اإللكرتوين عـن ُبعـد‪ :‬فالتَّعليم‬
‫ّ‬ ‫السمات التـي يتم َّيز هبـا التَّعليـم‬
‫بكـري جمموعـة مـن ّ‬
‫اإللكتروين يوفـر بيئـة تفاعليـة بين املع ّلم واملتعلـم وبين املتعلم وزمالئه‪ ،‬ويسـاعد‬‫ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ال َّطالـب على االسـتقاللية واالعتامد عىل النفـس (تعليم ذايت)‪ ،‬ويتميز باسـتمراريته‬
‫ليشـمل أكبر رشحيـة طالبية‬ ‫َ‬ ‫عبر الزمـان واملـكان‪ ،‬ويعتمـد توسـيع نطـاق التَّعليـم؛‬
‫َّقليـدي‬
‫ّ‬ ‫ممكنـة على مسـتوى املعمـورة‪ ،‬ويتميـز َّ‬
‫بـأن كلفتـه أقـل مقارنـة بالتَّعليـم الت‬
‫أن مفهـوم‬ ‫(بكـري‪ .)2020 ،‬ويف هـذا املسـار‪ ،‬يـرى الباحـث سـعيد الظاهـري َّ‬
‫التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد ليـس بجديـد‪ ،‬إذ مضـت عليـه عقـود مـن الزمـن‪ ،‬ولكـن مـع‬
‫التطـورات التقنيـة املتسـارعة واملتوجهـة لتحسين جـودة التَّعليـم عن ُبعد‪ ،‬سنشـهد‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪245‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫كبيرا يف هـذا املجـال من خلال االبتعاد عن تكـرار جتربة التَّع ُّلم السـلب َّية التي‬ ‫تغيرا ً‬
‫ً‬
‫كملقـن للمعلومـات إىل جتربـة تع ُّلم ذاتية عـن ُبعد‪ ،‬يقودهـا ال َّطالب‬ ‫يقودهـا املع ّلـم ُ‬
‫نفسـه‪ ،‬ويتفاعـل فيهـا مـع منظومـة تعلـم مرتابطـة‪ .‬وحيـدّ د الظاهـري مزايـا التَّعليـم‬
‫اإللكتروين على النحـو التـايل‪ :‬يمكّـن ال َّطالـب مـن خلق روابـط وعالقـات متميزة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مـع زمالئـه‪ ،‬ويوفـر نو ًعـا مـن التَّـوازن بين التَّعليـم التزامنـي املبـارش (يف وجـود‬
‫املع ّلـم والطلبـة اآلخريـن)‪ ،‬والتَّعليـم غير املتزامن أو الـذايت الذي يقوم بـه ال َّطالب‬
‫بنفسـه حسـب وقتـه‪ ،‬كما أنَّـه يو ّفـر طر ًقـا أفضـل وأرسع لتقييـم ال َّطالـب‪ ،‬ليـس بناء‬
‫على االختبـارات التـي تقيـس مـدى قدرتـه على استرجاع احلقائـق واملعلومـات‪،‬‬
‫فحسـب بـل على مقدرته على تطبيق وعـرض وممارسـة املفاهيـم التـي تع َّلمها‪ ،‬ويف‬
‫النهايـة يسـمح هـذا التَّعليـم للطالـب بتوفير الوقـت لقضائـه مـع العائلـة وممارسـة‬
‫وأخيرا وليـس آخـرا « يسـاهم‬ ‫ً‬ ‫مـا يرغـب فيـه مـن هوايات(الظاهـري‪.)2020 ،‬‬
‫اإللكتروين يف احلفـاظ على البيئـة‪ ،‬فلكونـه ال يعتمـد عىل اسـتخدام الورق‬‫ُّ‬ ‫التَّعليـم‬
‫املصنـوع مـن حلـاء الشـجر‪ ،‬فـإن هـذا النـوع مـن التَّعليـم يسـاعد يف التخفيـف مـن‬
‫التصحـر‪ ،‬األمـر الـذي خيفـض درجـة انبعاث ثـاين أكسـيد الكربـون واملواد‬ ‫ُّ‬ ‫ظاهـرة‬
‫تلـوث اهلـواء واحلفـاظ عىل‬ ‫الكيامويـة املصاحبـة لـه‪ ،‬وبالتـايل التخفيـف مـن درجـة ُّ‬
‫البيئة»(اجلربـاوي‪. )2020 ،‬‬
‫أهم سمات التَّعليم عـن ُب ْع ٍد يف زمن األزمـة الكورونية‬ ‫ويمكننـا أن نعـدّ د بعـض ّ‬
‫عىل النحـو التَّايل‪:‬‬
‫َّعليمـي‪ :‬سـاعد التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد الطلاب‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬سـهولة الوصـول إىل املحتـوى الت‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ومكنهـم‪ ،‬يف وقـت اجلائحـة الكورونيـة‪ ،‬مـن الوصـول إىل مجيع املوا ّد الدراسـية‬
‫املنصـات التَّعليم َّيـة الرقم َّية الرسـم َّية‪ .‬وباسـتخدام وسـائل‬
‫بسـهولة مـن خلال َّ‬
‫االجتامعـي وخمتلـف الوسـائل واألدوات التكنولوجيـة املتاحـة هلـم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التَّواصـل‬
‫اسـتطاع الطلاب الوصـول إىل الـدورات واملحـارضات والـدروس والبيانـات‬
‫التـي حيتاجـون إليهـا بسـهولة ويسر وبمرونة ليـس هلا نظير يف التَّعليـم املدريس‬
‫الـذي يعتمـد الكتـاب الـدرايس‪ ،‬كما أنَّـه مكَّنهـم مـن املشـاركة يف حمارضاهتـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪246‬‬
‫املنصـة يف الوقـت املناسـب‪ ،‬وهـذا األمـر ينسـحب على‬
‫برسعـة ويسر عبر َّ‬
‫الطلاب واملع ّلمين على َّ‬
‫السـواء (الطـوال‪. )2020 ،‬‬
‫‪ -2‬توفير الوقـت وانخفـاض التكاليـف‪ :‬مـن ضمن املزايـا العديدة التـي نجدها يف‬
‫التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف ظـل انتشـار جائحـة كورونـا‪ ،‬توفير الوقـت للتع ُّلـم بنسـبة‬
‫كبيرة جـدًّ ا‪ ،‬وذلك بسـبب االسـتغناء عـن االنتقـال إىل املؤسسـة التَّعليم َّية الذي‬
‫قـد يسـتغرق وقتًـا طويلا يف األوقـات العاديـة‪ .‬ومـن ميـزات التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد‬
‫أيضـا أنـه ّيوفـر األمـوال والنفقـات اإلضافيـة‪ ،‬إذ يمكـن للطالـب أن حيصل عىل‬ ‫ً‬
‫املـادة التَّعليم َّيـة وحمتوياهتـا عبر اإلنرتنـت‪ ،‬ومن غير أن تفـرض أي تكلفة تذكر‬
‫(الطـوال‪ .)2020 ،‬ويوفـر هـذا التَّعليـم الوصول الفـوري للمصـادر التَّعليم َّية‬
‫والبيانـات واملعلومـات بأشـكاهلا املقـروءة واملسـموعة واملرئ َّيـة‪ .‬كما يو ّفـر على‬
‫السـفر واإلقامـة يف أماكـن‬ ‫الطلاب النَّفقـات املاليـة التـي تتم َّثـل يف تكاليـف َّ‬
‫التَّع ُّلـم‪« ،‬ويرفـع عـن كاهلهـم القلـق والضغـوط النفسـية املرتبطـة بضرورة‬
‫االلتـزام بأوقـات دوام املكتبـات واملختبرات‪ ،‬وخي ّفـف من الشـعور بالفروقات‬
‫ويقوي اإلحسـاس باملسـاواة؛ ما يشـجع املتعلمني عىل احلـوار واإلدالء‬ ‫الطبق َّيـة ّ‬
‫بآرائهـم مـن دون خجـل‪ .‬ويسـمح هـذا األسـلوب باسـتقبال التَّغذيـة الراجعـة‬
‫الفوريـة مـن املع ّلمين حـول االختبـارات وأنشـطة التقييـم اإللكرتون َّيـة التـي‬
‫يتقـدم هلـا املتعلمـون ويوفـر املجـال لتصحيـح األخطـاء‪ ،‬مـا يؤثـر إجياب ًّيـا على‬
‫مسـتويات إدراكهـم وحتصيلهـم»‪( .‬اجلربـاوي‪. )2020 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -3‬زيـادة عمليـة الفهـم واالسـتيعاب‪ :‬يسـاعد التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد على تعزيـز‬
‫اإللكتروين يقـدّ م‬
‫َّ‬ ‫َّعليمـي‬
‫َّ‬ ‫عمليـة الفهـم واالسـتيعاب‪ ،‬وذلـك َّ‬
‫ألن املحتـوى الت‬
‫ومشـوق‪ ،‬وهـذا خيتلـف‬ ‫ّ‬ ‫املعلومـات الدراسـية التَّعليم َّيـة بشـكل رائـع وجديـد‬
‫تقليـدي يف الكتـب الدراسـية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫متا ًمـا عـن املعلومـات التـي كانـت تقـدَّ م بشـكل‬
‫فهنـاك العديـد مـن املـواد يمكـن تقديمها بشـكل جديـد بعـد اعتماد التَّعليم عن‬
‫ُب ْع ٍـد (الطـوال‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪247‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ـدي القائــم عــى التلقني يأخــذ املتعلمون‬ ‫‪ -4‬التجديــد واالبتــكار‪ :‬يف النمــوذج التَّقليـ ّ‬
‫وضع َّيــة املســتهلكني للمعرفــة‪ .‬وتقتــر معرفتهــم عــى اســتظهار حمتــوى‬
‫املحــارضات والكتــب املدرســية املقــررة؛ وعــى خــاف ذلــك تفتــح بيئــة التَّع ُّلــم‬
‫ـروين إمكانــات جديــدة يف جمــال اإلبــداع املعــريف‪ ،‬إذ يمكــن للمتعلمــن‬ ‫ّ‬ ‫اإللكـ‬
‫ممارســة دورهــم كمنتجــن للمعرفــة وقادريــن عــى اإلســهام يف تشــكيل جمتمــع‬
‫املعرفــة‪ .‬وتتمثــل إحــدى طــرق القيــام بذلــك يف متكــن الطــاب مــن عمليــة‬
‫البحــث والنَّــر يف جمــال اختصاصاهتــم‪ ،‬ومــن خــال املوضوعــات التــي يطلبهــا‬
‫ـم هــذه العمليــة عــر مشــاركة الطــاب يف‬ ‫املع ّلمــون واملرشفــون‪ .‬وغال ًبــا مــا تتـ ُّ‬
‫املشــاريع العلميــة ومناقشــتها مــن ِق َبــل زمالئهــم وأســاتذهتم‪ .‬وبعــد التأ ُّكــد مــن‬
‫للمــدرس نــر املرشوعــات املنتجــة ومشــاركتها‬ ‫ّ‬ ‫ســامتها ونضجهــا‪ ،‬يمكــن‬
‫يف احليــاة العلميــة والثقاف َّيــة يف املجتمــع‪ .‬ويتم َّثــل دور األســاتذة واملع ّلمــن يف‬
‫ـروين‪ ،‬واالســتفادة مــن خمتلــف التقانــات الرقم َّيــة‬‫تصميــم بيئــات التَّع ُّلــم اإللكـ ّ‬
‫ـي لبنــاء احلالــة اإلبداعيــة يف‬ ‫والبنــوك املعلوماتيــة ووســائل التواصــل االجتامعـ ّ‬
‫جمــال التَّعليــم ونــر املعرفــة (‪. )Cope; Kalantzis; Searsmith. 2020‬‬
‫ـدي ذاكــرة ال َّطالــب‪،‬‬
‫املعمــق يف أعــى مســتوياته‪ :‬خياطــب التَّعليــم التَّقليـ ُّ‬ ‫‪ -٥‬التفكــر ّ‬
‫الذاكــرة املقنَّنــة‪ .‬وعــى خــاف مــا‬ ‫وخيتــر حتصيلــه املعلومــايت عــر اختبــارات َّ‬
‫ـروين يتفاعــل مــع األجهــزة‬
‫ـإن التَّعليــم اإللكـ ّ‬ ‫ـدي‪ ،‬فـ َّ‬
‫جيــري يف جمــال التَّعليــم التَّقليـ ّ‬
‫وكأنــا اســتطاالت حس ـ َّية للطالــب‬ ‫الرقم َّيــة بوصفهــا أدوات استشــعار برش َّيــة‪َّ ،‬‬
‫الضوريــة‪،‬‬ ‫يو ّظفهــا يف عمليــة تذ ُّكــر املعلومــات واالحتفــاظ بالبيانــات واملعــارف َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫فــإن ال َّطالــب يســتطيع أن يقتصــد يف ال َّطاقــة الذهنيــة‬ ‫ووف ًقــا هلــذه املنهج َّيــة‪َّ ،‬‬
‫املخصصــة للذاكــرة؛ أي ال َّطاقــة الذهنيــة التــي هتــدر يف املحافظــة عــى املعلومــات‬ ‫َّ‬
‫ــم يو ّظفهــا يف حتليــل املعرفــة‪ ،‬وتفكيــك بنيتهــا‪ ،‬والغــوص‬ ‫الذاكــرة‪ ،‬ومــن َث َّ‬ ‫يف َّ‬
‫والتبحــر يف دالالهتــا وصــوال إىل بنــاء املعرفــة َّ‬
‫اخللقــة التــي يمكــن‬ ‫ُّ‬ ‫عــى معانيهــا‪،‬‬
‫توظيفهــا بطريقــة إبداعيــة مبتكــرة‪ .‬فــاآلالت الرقميــة‪ ،‬مثــل‪ :‬اهلاتــف واحلاســوب‬
‫والربجميــات‪ ،‬تســاعد الطــاب اليــوم ‪ -‬طب ًعــا إذا أحســنوا اســتخدامها ‪ -‬عــى‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪248‬‬
‫والسعــة يف اإلنجــاز والوصــول إىل أعــى مســتويات التحليــل‬ ‫االرتقــاء بالتفكــر ُّ‬
‫والتفكيــك واإلبــداع (‪ .)Kalantzis and cope 2020‬وجتــدر اإلشــارة يف هــذا‬
‫الســياق إىل أن الوســائل اإللكرتون َّيــة توفــر الطاقــة الذهنيــة للذاكــرة وتقتصدهــا؛‬ ‫ّ‬
‫ليتم َّك ـ َن الطــاب مــن توظيفهــا يف عمليــة التفكــر القائــم عــى درجــة عاليــة مــن‬
‫ألن التفكري املطلوب‬ ‫ـي اخلــارق‪َّ ،‬‬ ‫الـ َّـذكاء‪ ،‬وذلــك يف عــامل حيكمــه الذكاء االصطناعـ ّ‬
‫اليــوم يقــوم عــى معاجلــة احلجــج واألد ّلــة والرباهــن والبحــث عــن مســارات‬
‫إبداعيــة يف التَّفكــر والتحليــل‪ ،‬وهــي املهــارات املطلوبــة يف زمــن الثــورة الرقميــة‬
‫بمنصاهتــا‬
‫أن البيئــة الرقميــة تش ـكّل اليــوم َّ‬ ‫املتفجــرة‪ .‬وهــذا يعنــي يف هنايــة األمــر َّ‬
‫ّ‬
‫وحمتوياهتــا الذكيــة القائمــة عــى أقــى معطيــات تطـ ُّـور العبقر َّيــة البرش َّيــة ً‬
‫مناخــا‬
‫حقيق ًّيــا لتنميــة الــذكاء والقــدرات الذهن َّيــة عنــد الطــاب واملع ّلمــن‪ ،‬و ُيضــاف‬
‫املنصــات الــذي يــؤ ّدي إىل الرتكيــز عــى‬ ‫إىل ذلــك ال َّطابــع التَّعــاوين للتَّفكــر عــر َّ‬
‫العقــل اجلمعــي الف َّعــال يف عمليــة إنتــاج املعرفــة واملســامهة يف تطويرهــا‪ ،‬إذ يمكــن‬
‫ـي تنميــة «األداء املعــريف املع َّقــد» الــذي يتــم بفضــل التــآزر بــن‬ ‫للــذكاء االصطناعـ ّ‬
‫اجلامعــات املعرفيــة والعلميــة (‪. )Cope; Kalantzis; Searsmith. 2020‬‬
‫اإللكــروين عــن‬
‫ُّ‬ ‫املســتمر مــدى احليــاة‪ :‬يتيــح التَّعليــم‬
‫ُّ‬ ‫‪ -5‬التَّع ُّلــم الــذايت‬
‫يتحــول هــذا التَّع ُّلــم عــادة‬ ‫املســتمر عــى مــدى احليــاة‪ ،‬إذ‬ ‫بع ٍ‬
‫ــد فرصــة التَّع ُّلــم‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُْ‬
‫تتأصــل يف الفــرد مــع الزمــن‪ ،‬ويصبــح ال َّطالــب مــع الزمــن رهــن هــذه‬ ‫صميميــة َّ‬
‫ـتمرة لتطويــر إمكاناتــه العقليــة والذهن َّيــة‬ ‫العــادة اخلالقــة التــي متنحــه فرصــة مسـ ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واحلصــول عــى مهــارات جديــدة ومعطيــات معرفيــة متجــدّ دة‪ .‬وغال ًبــا مــا يالحــظ‬
‫واملدرســون أن الطــاب والتالمــذة يقدمــون معــارف جديــدة‬ ‫ّ‬ ‫األســاتذة يف اجلامعــة‬
‫يف املحــارضات حيصلــون عليهــا مــن خــال متابعاهتــم املســتمرة عــر اإلنرتنــت‬
‫أن الطــاب يتمكَّنــون بعــد‬ ‫واملنصــات والبنــوك املعلوماتيــة‪ ،‬ويضــاف إىل ذلــك َّ‬
‫خترجهــم مــن مواصلــة تعليهــم املســتمر للحصــول عــى شــهادات جديــدة وخربات‬ ‫ُّ‬
‫متجــددة ( ‪. Kalantzis and cope (2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪249‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -6‬خامتة‪:‬‬
‫العـامل يتطـور رقم ًّيـا‪ ،‬ويأخـذ مـداه إلكرتون ًّيـا‪ ،‬ويطـوف على أمـواج الـذكاء‬
‫تغيرت‪ ،‬وكل‬ ‫كل األشـياء َّ‬ ‫االصطناعـي بعـد أن غـرق يف بحـر الثـورة الصناعيـة‪ُّ .‬‬
‫ّ‬
‫مظاهـر الوجـود تبدَّ لـت‪ ،‬ويعيـش العـامل اليـوم يف املـاء الدافـئ للثـورة الصناعيـة‪،‬‬
‫وترتفـع حرارتـه تدرجي ًّيـا دون أن نشـعر هبـا‪ ،‬وسترتفع بخفـة ورشـاقة إىل الدَّ رجـة‬
‫حتولـه إىل موميـاء أبديـة‬
‫التـي تـؤدي إىل مـوت العـامل القديـم‪ ،‬وتبخـره‪ ،‬ومـن ثـم ّ‬
‫منسـ َّية‪ .‬فالعـامل بمظاهـره احلضارية يتالشـى ويزول‪ ،‬ومـا عىل اإلنسـان َّإل أن يلقي‬
‫أن التغير الـذي اجتـاح العـامل يف سـنوات وصـل إىل حد‬ ‫ليالحـظ َّ‬
‫َ‬ ‫نظـرة مـن حولـه؛‬
‫االصطناعي‬
‫ّ‬ ‫يفـوق حـدود التصديـق‪ .‬لقـد أحـدث اإلنرتنت نقلـة ثوريـة‪َّ ،‬‬
‫والـذكاء‬
‫الزحـف اجلـارف لثـورة اإلعالم‬ ‫يـدق األبـواب ويتغلغـل يف أعامقنـا‪ .‬ويف ّ‬
‫ظـل هـذا َّ‬ ‫ُّ‬
‫ويغيرون أنماط حياهتم‬ ‫ّ‬ ‫بقـوة وعـزم واقتـدار‪ ،‬يتغير الناس‬
‫يتغير العـامل َّ‬
‫واالتّصـال َّ‬
‫القـوة واإلكـراه‪ ،‬بصـورة حتم َّيـة ال خيـار هلـم فيهـا‪،‬‬
‫ووجودهـم حتـت مطـارق َّ‬
‫مـن أبسـط اآلالت واأللعـاب إىل أكثـر األشـياء تعقيـدً ا يف الوجـود‪ ،‬مثـل النانـو‬
‫تكنولوجـي والطباعـة ثالثيـة األبعـاد وعـامل الروبوتـات‪.‬‬
‫وال يمكـن ألنظمـة التَّعليـم التـي تزحـف باسـتحياء يف األرضيـة السـفل َّية لعـامل‬
‫الصخر‪ ،‬وتنحت‬ ‫االصطناعـي أن تصمـد أمام العواصف اهلائلة التـي تفتّت َّ‬
‫ّ‬ ‫الـذكاء‬
‫يف رساديـب الزمـان واملـكان‪ ،‬فالزحـف وااللتصـاق بـأرض ال ُقدامـى لـن جيدهيـا‬
‫الصمـود‬‫ألن العصـف يعرهيـا‪ ،‬وهيـز األرض حتـت كامئنهـا‪ .‬ولـن تسـتطيع ُّ‬ ‫نفعهـا‪َّ ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تتـذرى يف الفضاء مـا مل تركب أمواج‬ ‫طويلا أمـام هـذا العصف اجلبـار‪ ،‬وقدرها أن َّ‬
‫التغيير‪ ،‬وتعلـو مـع مدهـا وجزرها‪.‬‬
‫يسير اليـوم رقم ًّيـا عـن ُبعد‪َّ ،‬‬
‫فإن األنظمـة التَّعليم َّية ال يمكنها‬ ‫كل يشء َّ‬ ‫وإذا كان ُّ‬
‫كل املسـتويات‪ .‬وهذا التَّسـيري‬ ‫أن تكون اسـتثناء؛ فالتَّسـيري عن ُب ْع ٍد قادم وجامح يف ّ‬
‫سـيتطور إىل الدرجـة التـي ال يمكـن معهـا التَّمييـز بين مفهومـي‬ ‫َّ‬ ‫الرقمـي عـن ُب ْع ٍـد‬
‫ُّ‬
‫البعـد والقـرب‪ ،‬فاملسـتقبل التكنولوجـي سـيكون بإزالـة احلـدود واألبعـاد مـا بين‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪250‬‬
‫القريـب والبعيـد‪ ،‬ويف العالقـة االفرتاض َّيـة سـيكون البعيـد هـو األقـرب‪ ،‬والقريب‬
‫هـو األبعـد نتيجـة تقدم التقانـات الرقميـة االفرتاض َّيـة املذهلة‪.‬‬
‫فإن مسـتقبل املدرسـة سـيكون بالرضورة افرتاض ًّيا يف عامل افرتايض‪.‬‬ ‫وباختصار‪َّ ،‬‬
‫أن التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد سـيكون حقيقـة مدو َّيـة يف عـامل َّ‬
‫التبيـة والتَّعليـم‪.‬‬ ‫وهـذا يعنـي َّ‬
‫ً‬
‫مدهشـا يف‬ ‫تتطـور إىل مسـتويات مذهلـة‪ ،‬والقـادم سـيكون‬ ‫َّ‬ ‫فاملنصـات االفرتاض َّيـة‬
‫َّ‬
‫وواقعـي يف‬
‫ّ‬ ‫افترايض‬
‫ّ‬ ‫املنصـات املعنيـة بتدمير احلواجـز بين مـا هـو‬ ‫مسيرة هـذه َّ‬
‫االفترايض‬
‫ّ‬ ‫أن التَّعليـم بالواقـع‬ ‫شـك فيـه َّ‬
‫املدرسـة يف املسـتقبل القريـب‪ .‬وممَّـا ال َّ‬
‫حـارضا يف كل مناحـي التَّعليـم‪ ،‬وهـو ما يشـبه‬ ‫ً‬ ‫املعـزز سـيكون نم َطـا ذهن ًّيـا وفكر ًّيـا‬ ‫ّ‬
‫السـيارة بـدال مـن احلصـان‪ ،‬واعتيـاد النـاس على‬ ‫إىل حـدٍّ كبير اعتيـاد النـاس على َّ‬
‫اجل َمال‪.‬‬‫السـفر‪ ،‬بـدال مـن ِ‬ ‫الطائـرة يف َّ‬
‫وسـتتغي‬
‫َّ‬ ‫وسـتتحول مناهـج التَّع ُّلـم إىل رقميـة تفاعليـة‪ ،‬وسـتكون أكثـر مرونة‪،‬‬
‫َّ‬
‫وتتفاعـل مـع املتغيرات العامليـة‪ ،‬وستراعي الفـروق الفرد َّيـة بين الطلاب‪،‬‬
‫تقييما للطالـب‬ ‫ً‬ ‫وسـتتك َّيف بحسـب قـدرات واحتياجـات ال َّطالـب‪ ،‬وسـتو ّفر‬
‫الصعوبـات التـي يواجههـا يف‬ ‫َّعليمـي‪ ،‬وسـتوجهه؛ لتجـاوز ُّ‬ ‫ّ‬ ‫حـول مسـتواه الت‬
‫«تطـورا وزيـادة يف اسـتخدام تقنيـة الواقـع‬ ‫ً‬ ‫التَّع ُّلـم‪ .‬ويف املسـتقبل القريـب سنشـاهد‬
‫املعـزز خلال تفاعل ال َّطالب مـع املا َّدة لتحسين وتعزيز عملية‬ ‫االفترايض والواقـع ّ‬
‫ّ‬
‫االسـتيعاب يف التَّع ُّلـم‪ ،‬وستسـمح هـذه التّقنيات بتطوير خمتبرات افرتاض َّية تفاعل َّية‬
‫الرياض َّيـة وحتليـل‬ ‫إلجـراء التَّجـارب العلميـة الفيزيائ َّيـة والكيميائ َّيـة والنَّمذجـة ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وإظهـار النتائـج يف صـور جرافيكـي مبـارشة مـن جهاز احلاسـب ومـن دون احلاجة‬
‫للمختبرات املدرسـية» (الظاهـري‪. )2020 ،‬‬
‫وال َّثابـت أن التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف املسـتقبل سيركز على متكين الطلاب مـن‬
‫املهـارات احلياتيـة املطلوبـة للمسـتقبل‪ ،‬والسـ َّيام تلـك التـي متكّنهـم مـن مواجهـة‬
‫األزمات‪ ،‬والتَّحدّ يـات والكـوارث واألوبئة‪ .‬وقـد ُصنّفـت هـذه املهـارات مـن‬
‫االجتامعـي والعاطفي التـي‬
‫ّ‬ ‫ِق َبل املنتـدى االقتصـادي العاملي بمهـارات التَّع ُّلـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪251‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫متكّـن األطفـال مـن اكتسـاب» املعرفـة واملهـارات الالزمـة لفهـم وإدارة العواطـف‬
‫وحتديـد وحتقيـق األهـداف اإلجيابيـة وإظهـار التعاطـف مـع اآلخريـن‪ ،‬وإنشـاء‬
‫واتـاذ قـرارات مسـؤولة‪ .‬وهـذه املهـارات‬ ‫العالقـات اإلجيابيـة واحلفـاظ عليهـا‪ّ ،‬‬
‫حل املشـكالت َّ‬
‫والـذكاء العاطفي‬ ‫تتم َّثـل يف اإلبـداع والتفكير النَّقدي والقدرة عىل ّ‬
‫الضروري أن نضـع خ َّطة‬
‫ّ‬ ‫النمـو والتَّع ُّلـم مـدى احليـاة‪ .‬ومـن‬
‫ّ‬ ‫واالجتامعـي وعقل َّيـة‬
‫ّ‬
‫املتوسـطة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إلدمـاج تعلـم هـذه املهـارات ضمـن مناهـج التَّعليـم ابتـدا ًء مـن املرحلـة‬
‫ونعمـل على تنفيذها ونقيس مـدى حتصيلها لدى الطلاب»‪( .‬الظاهري‪.)2020 ،‬‬
‫السـياق تقـول الباحثـة الرتبويـة هـدى الدحيـاين‪« :‬إن العـامل بأكملـه‬ ‫ويف هـذا ّ‬
‫ٍ‬
‫يتحـول نحـو التَّعليـم الرقمـي‪ ،‬ولذلـك فالغلبـة سـتكون للتعليـم عـن ُب ْعد شـئنا أم‬
‫أبينـا‪ ،‬اتفقنـا أم اختلفنـا‪ ،‬ولكـ ْن هنـاك مجلة حتديات هلـذا النوع من التَّعليـم مل جتد هلا‬
‫حلا جذر ًّيا حتـى هذه اللحظـة‪ ،‬يف مقدمتها عـدم توافر‬ ‫األنظمـة التَّعليم َّيـة الرائـدة ًّ‬
‫تقنيـة ذات مصداقيـة وموثوقيـة عالية يمكـن االعتامد عليها يف االختبـارات وقياس‬
‫حتصيـل ال َّطالـب بشـكل رسـمي ونظامـي يقطـع الشـك باليقين»‪( .‬الظاهـري‪،‬‬
‫‪ . )2020‬ونحـن بلا حت ُّفـظ‪ ،‬على اتفـاق كامـل مـع الباحثـة الدحيـاين يف رؤيتها هلذه‬
‫مفـر منهـا يف التَّعليـم يف خمتلـف‬
‫اإللكتروين سـيكون رضورة ال َّ‬ ‫ُّ‬ ‫املسـألة‪ ،‬فالتَّعليـم‬
‫االفترايض‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التطـور اهلائـل للعـامل‬
‫ُّ‬ ‫تعيذناتـه وجتلياتـه وذلـك حتـت تأثير‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد سـيكون‬
‫ّ‬ ‫أن النجـاح يف تكريـس التَّعليـم‬ ‫الشـك فيـه َّ‬
‫َّ‬ ‫وممـا‬
‫بمـدى مـا يتحقـق من نجـاح يف جمـال اسـتخدام التكنولوجيـا الرقمية‪ .‬وهناك نسـق‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫مـن املتغيرات والعوامـل األساسـية التـي جيـب أن تتحقـق أبرزهـا‪( :‬أبـو سـارة‪،‬‬
‫اإللكتروين املناسـب وتوفير‬
‫ّ‬ ‫‪ .)2020‬توفير البنيـة التحتيـة وهتيئـة املحتـوى‬
‫اخلبرات واملهـارات التَّعليم َّيـة للمعلمين واملتعلمين يف آن واحـد‪ ،‬ومـن ثـم توفير‬
‫الرغبـة‬
‫اإللكتروين‪ ،‬وتوفـر َّ‬
‫ّ‬ ‫خمتلـف الشروط األخـرى التـي تتع َّلـق بثقافـة التَّعليـم‬
‫مهيـة هـذا النَّمـط ودوره يف تطويـر‬ ‫َّعليمـي بأ ّ‬
‫ّ‬ ‫احلقيق َّيـة لـدى املسـؤولني واملجتمـع الت‬
‫العلـم واملعرفـة والتَّعليـم‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪252‬‬
‫ويمكــن لنــا أن نختتــم هــذا الفصــل بواحــد مــن أعظــم تعاليــم الفيلســوف‬
‫أن تربيــة األطفــال ـ وف ًقــا للمفهــوم‬
‫األملــاين عامنويــل كانــط ‪ Kant‬الــذي يــرى َّ‬
‫ـتق‪ ،‬ليــس مــن مقتضيــات أحواهلــم الراهنــة‪ ،‬ولك ـ ْن مــن‬‫اإلنســاين‪ -‬جيــب أن تُشـ ُّ‬
‫مســتلزمات األحــوال املســتقبلية املتطــورة للجنــس البــري»‪ .‬وبعبــارة أخــرى‬
‫يريــد كانــط أن يبـ ّـن َّ‬
‫أن منهــج الرتبيــة ترســمه حركــة التاريــخ العــام‪ ،‬وليــس جتارب‬
‫املــايض البائســة‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪253‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫السادس‬
َّ ‫مراجع الفصل‬
- ACAPS (2020) GLOBAL ANALYSIS COVID-19: Impact on
education. COVID-19: Thematic series on education. November
2020. available at: https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/re-
sources/20201102_acaps_thematic_series_review_of_covid-19_
impacts_on_global_education.pdf. accessed on 19/12/2020.
- Cope. B.. & Kalantzis. M. (2019). Education 2.0: Artificial intel-
ligence and the end of the test. Beijing Interna-tional Review of
Education. 1(2-3). 528-543. https://doi.org/10.1163/25902539-
00102009. Accessed on 24/12/2010.
- Cope. B.. Kalantzis. M.. & Searsmith. D. (2020). Artificial intel-
ligence for education: Knowledge and its as-sessment in AI-en-
abled learning ecologies. Educational Philosophy and Theory.
52(16). 1-17. http://doi.org/10.1080/00131857.2020.1728732.
Accessed on 24/12/2020.
- Dickens . Charles(1983). Hard Times (Houndmills: Macmillan
Education Ltd.. 1983 ). pp. 1-7.
- Economist report (2020). the risks of keeping schools closed far
outweigh the benefits. 18/Jully/2020. https://www. economist.
com/leaders/2020/07/18/the-risks-of-keeping-schools-closed-
far-outweigh-the-benefits . showed at 16/12/2020. ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

- Features(2020). How will technology reshape the university by


2030 . Features. 27 September 2018 How will technology re-
shape the university by 2030”. Accessed on 18/12/2020.
- FNEEQ . ( Federation Nationale Des Enseignantes Et Des Ensei-
gnants Du Quebecet CSN (comité école et socié-té)(2020). L’en-
seignement au temps du coronavirus. Balises pour l’automne.
Paris . CSN. Mai 2020. P 6.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 254
- Goodman. A.; Joshi. H.; . Nasim. B.; and Tyler. C. (2015) Social
and emotional skills in childhood and their long-term effects on
adult life. https://www.eif.org.uk/report/social-and-emotional-
skills-in-childhood-and-their-long-term-effects-on-adult-life
- Kalantzis . Mary and Cope . Bill (2020). After the COVID-19
crisis: Why higher education may (and perhaps should) never be
the same. access: contemporary issues in education 2020. VOL.
40. NO. 1. 51–55. https://doi.org/10.46786/ac20.9496. Accessed
on 24/12/2020.
- Lau. Joyce and Dasgupta. Bin Yang Rudrani (2020). Will the
coronavirus make online education go viral? March 12. 2020.
https://www.timeshighereducation.com/features/will-coro-
navirus-make-online-education-go-viral. ACCESSED ON
18/12/2020.
- Lederman . Doug (2020). Will Shift to Remote Teaching Be Boon
or Bane for Online Learning? Because of COVID-19. March 18.
2020. https://www. insidehighered. com/digital-learning/arti-
cle/2020/03/18/most-teaching-going-remote-will-help-or-hurt-
online-learning. Accessed on 23/12/2020.
- Nelson. Eric (2020). Understanding the Impact of Covid-19 on
Education Sector. Fri. 07-08-2020. https://www. marstransla-
tion. com/blog/understanding-the-impact-of-covid-19-on-edu-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

cation-sector. ac-cessed on 20/12/2020


- Reimers . Fernando M. and Schleicher . Andrews(2020). School-
ing disrupted. schooling rethought: How the Covid-19 pandemic
is changing education. OECD. 2020. p.7.
- Vegas . Emiliana and Winthrop . Rebecca (2020). Beyond re-
opening schools: How education can emerge stronger than before
COVID-19. Tuesday. September 8. 2020. https://www.brookings.

255 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪edu/research/beyond-reopening-schools-how-education-can-‬‬
‫‪emerge-stronger-than-before-covid-19/. Accessed on 20/12/2020.‬‬
‫‪- Watson. J.. and Gemin. B. (2008) Socialization in online pro-‬‬
‫‪grams. Promising practices in online learning. North American‬‬
‫‪council for online learning (ERIC Document Reproduction Ser-‬‬
‫‪vice ED509631).‬‬
‫‪ -‬أبــو ســارة ‪ ،‬عبــد الرمحــن حممــد صــادق (‪ .)2020‬توظيــف التكنولوجيــا‬
‫أنموذجــا‪ ،‬تعليــم جديد‪،‬‬
‫ً‬ ‫الرقميــة يف التَّعليــم يف وقــت األزمــة‪ :‬فــروس كورونــا‬
‫‪ http://bitly.ws/aMYZ .2020/3/12‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬أمحــد‪ ،‬حســن (‪ .)2020‬التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف زمــن كورونــا‪ :‬مميــزات وحتديــات‬
‫‪ ،2-1‬املــدى‪ ،‬يف ‪2020/11/4‬‬
‫‪ ttps://almadapaper.net/view.php?cat=225887‬شوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫ـروين مــا قبــل كورونــا‬
‫ُّ‬ ‫‪ -‬اآللــويس‪ ،‬تيســر عبــد اجلبــار (‪ .)2020‬التَّعليــم اإللكـ‬
‫ومــا بعــده‪ ،‬الســومريان‪.2020/5/3 ،‬‬
‫‪ /http://www.somerian-slates.com/2020/05/03/9819‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫اإللكرتوين‪ :‬مزايا وسلبيات‪ ،‬األيام‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ -‬اجلرباوي‪ ،‬تفيدة (‪ .)2020‬التَّعليم‬
‫‪ http://bitly.ws/aN9V ،2020 15-4-‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬احلــادي‪ ،‬هــاين (‪ .)2020‬أمهــات ُمنهــارات بســبب التَّعليم عن ُبعد‪ ،‬القبس ‪ 14‬ســبتمرب‬
‫‪ https://alqabas.com/article/5800630 .2020‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكــروين يف زمــن كورونــا‪ ،‬صحيفــة الريــاض‪،‬‬


‫ُّ‬ ‫‪ -‬الــداود‪ ،‬عبداملحســن (‪ .)2020‬التَّعليــم‬
‫‪ https://www. alriyadh. com/1813499 .2020/9/15‬شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬الدهشــان‪ ،‬مجــال عــى خليــل (‪ .)2020‬مســتقبل التَّعليــم ُبعــد جائحــة كورونــا‪:‬‬
‫ســيناريوهات اســترشافية‪ ،‬املجلــة الدوليــة للبحــوث يف العلــوم الرتبويــة‪،‬‬
‫املجلــد ‪ ،3‬العــدد ‪ ،2020 ،4‬ص ‪.111‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪256‬‬
‫‪ -‬الطــوال ‪ ،‬عــاد (‪ .)2020‬التّعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد يف مواجهــة أزمــة كورونــا‪ ،‬دنيــا‬ ‫ُْ‬
‫الوطــن‪.2020-3-21- ،‬‬
‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/03/21/516616.html‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬الظاهــري‪ ،‬ســعيد (‪ .)2020‬اســترشاف مســتقبل التّعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد يف دول‬ ‫ُْ‬
‫اخلليــج واملنطقــة العربيــة‪ ،‬هارفــارد بيزنــس‪ ،‬األحــد‪ 21 ،‬يونيــو ‪.2020‬‬
‫‪ .https://bit.ly/2YjVxxt‬شــوهد يف ‪.2020/12/9‬‬
‫‪ -‬القاطــوين‪ ،‬فــؤاد (‪ .)2020‬التّعليــم العــايل عــن ُب ْعـ ٍـد زمــن كورونــا‪ :‬اإلجيابيــات‬
‫والســلبيات‪ ،‬القــدس العــريب‪ - 19‬ســبتمرب ‪http://bitly.ws/aMGu .2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫اإللكــروين رضورة تفرضهــا جائحــة‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬بكــري‪ ،‬عبــد اهلل (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫كورونــا‪ ،‬شــبكة النبــأ‪-2020/10/23 ،‬‬
‫‪ https://annabaa.org/arabic/education/23921‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬تقريــر حكومــة ‪ .)2020( 1‬جائحــة كورونــا فرصــة إلعــادة ابتــكار مســتقبل‬
‫التّعليــم‪ ،‬حكومــة ‪.2020/5/20 ،1‬‬
‫‪ /https://01gov.com/corona-reinventing-education-future‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬حســن‪ ،‬نــوران (‪ .)2020‬الثقافــة السياســية ونظــم التّعليــم مــا بعــد كورونــا‪،‬‬
‫‪ 16‬ســبتمرب‪ .2020 ،‬املعهــد املــري للدراســات‪http://bitly. ws/aMVD ،‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬محــود‪ ،‬حســن (‪ .)2020‬التّع ّلــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف عرص كورونا‪ ..‬بدعــة جتارية أو رضورة‬
‫أكاديم ّيــة؟‪ ،‬امليادين نت ‪ http://bitly.ws/aMLQ‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬خنفــر‪ ،‬هنــاد (‪ .)2020‬مســتقبل التّعليــم بعــد كورونــا‪ ،‬مركــز التقــدم العــريب‬
‫للسياســات‪1 ،‬يونيــو ‪ .2020‬متوفــر عــى الرابطــة‪http://bitly.ws/aMxI :‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪257‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬زكــي‪ ،‬وليــد رشــاد (‪ .)2020‬هــل ينجــح كورونــا يف تطويــر التّعليــم أوناليــن؟‬
‫أصــوات‪4 ،‬أبريــل ‪ http://bitly.ws/aMHP ،2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬ســاعايت‪ ،‬أمــن (‪ .)2020‬تعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد وأزمــة كورونــا‪ ،‬االقتصاديــة‪ ،‬األحد‬
‫‪ 5‬أبريل ‪،2020‬‬
‫‪ https://www.aleqt.com/2020/04/05/article_1797576.html‬شوهد يف ‪.2020/12/15‬‬
‫اإللكــروين يف مواجهــة رزايــا جائحــة‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬عيشــور‪ ،‬ناديــة (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫كورونــا؛ االســراتيجيات االبتكاريــة وحتديــات التنميــة العربيــة‪ -‬جملــة العلــوم‬
‫اإلنســانية‪ ،‬املجلــد ‪ ،8‬العــدد‪ ،2020 ،3‬ص ‪ ،88-66‬ص‪.83‬‬
‫‪ -‬كومــز‪ ،‬فيليــب (‪ .)1971‬أزمــة التّعليــم يف عاملنــا املعــارص‪ ،‬ترمجــة أمحــد خــري‬
‫كاظــم وخالــد عبــد احلميــد‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬دار النهضــة‪.1971 ،‬‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ )1990‬الواقــع املــأزوم للمدرســة العربيــة‪ ،‬جملــة دراســات‬
‫عربيــة الصــادرة يف باريــس‪ ،‬جملــة ثقافيــة فصليــة حمكمــة تصــدر عــن مركــز‬
‫دراســات عربيــة‪ ،‬عــدد ‪ 6/5‬مارس‪-‬إبريــل‪ ،‬الســنة الثانيــة والثالثــون‪.1990 ،‬‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2011‬رأســالية املدرســة يف عــامل متغري‪ :‬الوظيفة االســتالبية‬
‫للعنــف الرمــزي واملناهج اخلفية‪ ،‬دمشــق‪ :‬احتــاد الكتاب العــرب‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2020‬أصــول الرتبيــة‪ :‬إضــاءات نقديــة معــارصة‪ ،‬جلنــة‬
‫التأليــف والتعريــب والنــر‪ ،‬جملــس النــر العلمــي‪ ،‬جامعــة الكويــت‪.2011 ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2020‬املدرســة املدججــة بالتكنولوجيــا‪ :‬أيــن هــو‬


‫اجلانــب اإلنســاين؟‪ ،‬جملــة الطفولــة العربيــة‪ ،‬املجلــد العــارش‪ ،‬العــدد ‪ ،39‬يونيــو‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪ .123-109‬ص ‪.109‬‬
‫‪ -‬يورونيــوز (‪ .)2020‬تقريــر‪ :‬يف عــامل مــا بعــد كورونــا‪ ..‬هــل حيتــل التّعليــم‬
‫ــد الصــدارة يف املــدارس؟ يورونيــوز‪ ،2020/10/23،‬متوفــر عــى‬ ‫عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫الرابطــة‪ http://bitly.ws/aMxm :‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪258‬‬
‫السابع‪:‬‬
‫الفصل َّ‬

‫التعليم العالي واجلامعي يف مواجهة كورونا‬


‫جتارب عاملية وعربية‪:‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪259‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫«فرضـت جائحـة كورونـا على مؤسسـات التعليـم العـايل واجلامعـات أن تعمل‬
‫على تطويـر براجمهـا ومناهجهـا املسـتقبلية كـي تصبـح أكثـر قـوة وقـدرة واسـتعدا ًدا‬
‫ملواجهـة الكـوارث الطبيعيـة واجلائحـات التـي قـد تفاجئهـا املسـتقبل‪ .‬وقـد بينـت‬
‫أن اجلامعـات التـي مل يكـن لدهيـا مثـل هـذه اخلطـط املسـتقبلية ومل‬
‫التجربـة احلاليـة َّ‬
‫تسـتعد جيـدً ا ملواجهـة مثـل هـذه احلـاالت الوبائيـة مل تسـتطع االسـتمرار يف التعليـم‬
‫عـن ُب ْع ٍـد أثنـاء جائحـة كورونـا فأصيبـت بالعطالـة واجلمـود وتوقـف التعليـم فيهـا‬
‫على نحـو مأسـاوي»(دوغ ليدرمـان‪. )2020 ،‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫‪ِّ - 1‬‬
‫صـدم الوبـاء بتأثيره اخلطير أنظمـة التعليـم العـايل‪ ،‬كما هـو احلـال يف أنظمـة‬
‫التعليـم األسـايس‪ ،‬فأغلقـت اجلامعـات أبواهبـا‪ ،‬وخلـت مـن طالهبـا‪ ،‬وتعطلـت‬
‫ألول مـرة يف تاريـخ التعليـم العـايل‬
‫أنشـطتها األكاديميـة يف خمتلـف أنحـاء العـامل َّ‬
‫واجلامعـي‪ .‬وكانـت اجلامعـات ‪ -‬على خالف املـدارس يف املراحل ما قبـل اجلامعية‬
‫‪ -‬أكثـر قـدرة ورسعـة على تبني التعليم عن ُب ْع ٍـد يف حالة الطوارئ؛ ملـا تتمتع به من‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تأهيـل إلكتروين وترسـانات رقميـة وخربات علميـة يف هذا املجال‪ .‬ومـع ذلك َّ‬
‫فإن‬
‫اإلغلاق كان خاط ًفـا وكارث ًّيـا يف بتأثيره يف حيـاة الطلاب‪ ،‬ويف مسـتوى تعليمهم‪،‬‬
‫ليشـمل وضعيـة التقييـم اجلامعـي واالمتحانـات والوضـع‬ ‫َ‬ ‫وامتـد تأثيره الكبير؛‬
‫القانـوين للطلاب الدوليين يف البلـد املضيـف‪ .‬وال جـدال يف أن قـرار اإلغلاق‬
‫املؤقـت ملؤسسـات التعليـم العـايل‪ ،‬قـد جـاء اسـتجابة رسيعة حلاميـة الصحـة العامة‬
‫أثنـاء الوباء‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪261‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وقــد وقــع هــذا اإلغــاق بداي ـ ًة‪ ،‬يف مؤسســات التعليــم العــايل يف الصــن موطــن‬
‫ليشــمل‪ :‬أوروبــا وأمريــكا وآســيا وأفريقيــا‪ .‬ففــي الواليــات‬ ‫َ‬ ‫الوبــاء األول‪ ،‬وامتــد‬
‫املتحــدة عــى ســبيل املثــال أمــرت ســلطات الواليــات باإلغــاق‪ ،‬لكــن معظــم‬
‫اجلامعــات كانــت قــد أغلقــت بالفعــل‪ ،‬والسـ َّيام اجلامعــات العامــة واخلاصــة الكبــرة‬
‫التــي أغلقــت قبــل أســابيع مــن تدخــل احلكومــة (‪. )UNESCO IESALC. 2020‬‬
‫وخاصــة‬‫َّ‬ ‫وقــد عصــف الوبــاء بمؤسســات التعليــم العــايل وأصــاب بعضهــا يف مقتــل‪،‬‬
‫تلــك التــي مل يكــن لدهيــا اســتعداد مســ َّبق‪ ،‬أو خطــة طــوارئ ملواجهــة األزمــة‪ .‬ومل‬
‫يكــن أمــام تلــك اجلامعــات َّإل خيــار واحــد يتم َّثــل يف االنتقــال إىل التعليــم عــن‬
‫ــد يف حالــة الطــوارئ‪ .‬وقــد شــمل هــذا اإلجــراء خمتلــف مؤسســات التعليــم‬ ‫بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫العــايل يف العــامل (‪ . )UNESCO IESALC. 2020‬وأ َّدت جتربــة اإلغــاق إىل‬
‫اختبــار أنظمــة التعليــم اجلامعيــة مــن حيــث قدرهتــا عــى مواكبــة التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‬
‫يف حالــة الطــوارئ‪ ،‬وكشــفت أبعــاد الفجــوة الكبــرة بــن مؤسســات التعليــم العــايل‬
‫أفق ًّيــا وعمود ًّيــا‪ ،‬يف مســتوى الــدول وفيــا بينهــا‪ .‬كــا أظهــرت التفــاوت الكبــر بــن‬
‫الطبقــات والفئــات االجتامعيــة «وقســمت التجربــة العــامل إىل دول «متقدمــة» تعليم ًّيا‪،‬‬
‫الشــال املتقدمــة مشــكل ًة يف «التعليــم عن‬ ‫وأخــرى «متخلفــة»‪ .‬وبالطبــع مل تواجــه دول َّ‬
‫ـود عــى دمــج التعليــم اإللكــروين بنظــره التقليــدي‪،‬‬ ‫بعــد» ألنــا تعــودت منــذ عقـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ولــذا انســابت جتربــة املواجهــة بــا عوائــق تُذ َكــر» (مبــارك‪ .)2020 ،‬وعــى خــاف‬
‫ذلــك عانــت اجلامعــات يف الــدول الفقــرة والناميــة مــن مشــكالت وحتدّ يــات ُكــرى‬
‫تتعلــق بقدرهتــا عــى مواكبــة التعليــم عــن ُبعــد‪ ،‬وعــدم توفــر اإلمكانيــات اللوجســتية‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الرضوريــة ملثــل هــذه املواجهــة‪ .‬ويف كل األحــوال بــدأت مؤسســات التعليــم العــايل‬
‫واجلامعــات يف العــامل بتغيــر اســراتيجياهتا ومناهجهــا لتلبيـ ِـة احتياجــات الطــاب‬
‫الربيــع‪،‬‬ ‫وموظفــي التعليــم واملهنيــن‪ .‬وقامــت بعــض اجلامعــات بإلغــاء إجــازات َّ‬
‫ون ُِصــح الطـ َّـاب الدوليــن بالعــودة إىل بلداهنــم األصليــة (‪. )Muftahu, 2020 ,418‬‬
‫فإن بعض‬ ‫وعلى الرغـم مـن وجـود إمكانية التعليم عن ُب ْع ٍـد يف حالة ال َّطـوارئ‪َّ ،‬‬
‫اجلامعـات أوقفـت التعلـم والتدريـس حتـى إشـعار آخـر‪ ،‬بسـبب النَّقـص يف البنـى‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪262‬‬
‫التحتيـة لتكنولوجيـا املعلومـات اللَّ زمـة ّ‬
‫لـكل مـن‪ :‬الطلاب واملعلمين‪ .‬وال تـزال‬
‫هنـاك تسـاؤالت حـول كيفيـة املواءمـة بين الفصـول الدراسـية واجلـداول الزمنيـة‬
‫األكاديميـة‪ ،‬حيـث تـم بنجـاح تنفيـذ بعـض الربامـج على اإلنرتنـت‪ ،‬يف حين َّ‬
‫تعذر‬
‫تنفيـذ البعـض اآلخـر (اليونيسـكو‪)6 ،2020 ،‬‬
‫وقــد فــرض الطابــع األممــي للوبــاء عــى اجلامعــات يف مجيــع أنحــاء العــامل أن‬
‫تعمــل عــى توحيــد اجلهــود مــع املنظــات املحليــة واإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬مثــل‬
‫منظمــة الصحــة العامليــة ومعاهــد البحــوث واحلكومــات الوطنيــة‪ ،‬مــن أجــل حتقيق‬
‫أن متكّنهــم مــن املســامهة يف منــع انتشــار‬ ‫أفضــل االســتجابات التــي مــن شــأهنا ْ‬
‫الوبــاء‪ ،‬مــع ضــان اســتمرارية تعلــم الطــاب (‪ .)Muftahu, 2020 ,418‬ومــع‬
‫اســتمرار الوبــاء يف االنتشــار‪ ،‬مــازال املرشعــون ومســؤولو التعليــم العــايل يعملــون‬
‫م ًعــا مــن أجــل معاجلــة اآلثــار القصــرة املــدى والطويلــة األجــل للوبــاء عــى قطــاع‬
‫التعليــم العــايل‪ ،‬وذلــك ملواجهــة التحديــات اآلن َّيــة والبعيــدة‪ ،‬والسـ َّيام يف جمــاالت‬
‫اإلدارة والتمويــل األكاديمــي والبنيــة التحتيــة وفــرص التعلــم (‪.)Smalley. 2020‬‬
‫مؤسســات التعليــم العــايل إجــراءات نموذج َّيــة ف َّعالــة منــذ‬ ‫واختــذت معظــم َّ‬
‫البدايــة حلاميــة الطــاب يف احلــرم اجلامعــي صح ًّيــا‪ .‬وغ ّطيــت هــذه اإلجــراءات‬
‫الشــديد عنــد التنقــل واحلركــة‬ ‫بحمــات إعالميــة تدعــو الطــاب إىل احلــذر َّ‬
‫ـم بــدأت‬‫ـتمر‪ ،‬ومــن َثـ َّ‬ ‫واســتخدام التعليــات الطبيــة اخلاصــة بالتباعــد والتَّعقيــم املسـ ّ‬
‫والتجمعــات الطالبيــة‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫التدرجيــي‪ :‬للفعاليــات واالجتامعــات‬
‫ّ‬ ‫إجــراءات اخلفــض‬
‫ـإن فاعل َّيــة هــذه التدابــر رسعــان مــا جتاوزهتــا األحــداث التــي أجــرت‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬فـ َّ‬
‫وجهــا لوجــه‬
‫ـم ً‬ ‫مؤسســات التَّعليــم العــايل عــى تعليــق مجيــع األنشــطة التــي تتـ ُّ‬ ‫كل َّ‬ ‫ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عمــي بعــد الكشــف عــن خطــورة املوقــف وعدوان َّيــة الفــروس‪ .‬وكانــت‬ ‫ّ‬ ‫بشــكل‬
‫هنــاك بعــض االســتثناءات‪ ،‬الس ـ َّيام بالنســبة إىل اإلداريــن والعاملــن الذيــن تعتــر‬
‫أنشــطتهم حاســمة للتَّشــغيل األســايس ملؤسســات التعليــم العــايل والتــي ال يمكــن أن‬
‫أن ك ّليــات ال ّطــب والتَّمريض‬ ‫الســياق إىل َّ‬
‫ـم دائـ ًـا عــن ُبعــد‪ .‬وجيــب اإلشــارة يف هــذا ّ‬
‫تتـ َّ‬
‫والصيدلــة املرتبطــة يف نشــاطاهتا بعيــادات اجلامعــة واملستشــفيات قــد وضعــت نفســها‬
‫يف خدمــة الســلطات الصح َّيــة يف معظــم البلــدان (‪.)UNESCO IESALC. 2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪263‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ولئـن تناولنـا يف الفصول السـابقة املواجهة املصريية بني كورونـا والتعليم العام‪،‬‬
‫كثيرا مـن التأثيرات التـي تركتهـا اجلائحـة يف جمـال التعليم العـام ويف جمال‬
‫وعاجلنـا ً‬
‫احليـاة االجتامعيـة بصـورة عامـة‪ .‬فإنَّنـا سـنفرد هـذا الفصل بمعاجلـة قضايـا التعليم‬
‫أهـم التحديات التـي فرضها الفريوس‬ ‫اجلامعـي والعـايل حـول العامل‪ ،‬واستكشـاف ّ‬
‫يف منظومـة ذلـك التعليم‪.‬‬

‫‪ -2‬فوضى التَّقومي اجلامعي‪:‬‬


‫بقـوة يف خمتلـف أنحـاء العـامل‪ ،‬ومل يكـن‬ ‫صـدم اإلغلاق املؤسسـات اجلامعيـة َّ‬
‫تصـور واضـح للكيف َّيات‬ ‫ُّ‬ ‫السياسـات الرتبويـة واملديرين واملدرسين‬‫لـدى صانعـي ّ‬
‫التـي يمكـن اعتامدهـا إلجـراء االختبـارات الفصليـة النهائيـة‪ .‬وحدث ارتبـاك كبري‬
‫وجها لوجه‬
‫بعـض اخلبراء بإجـراء االختبـارات النهائيـة ً‬ ‫يف هـذا املسـتوى‪ .‬وأوىص ُ‬
‫على الطريقـة التقليديـة مـع املحافظـة على املسـافة األمنيـة املطلوبـة‪ ،‬أي أن جيلـس‬
‫بعضـا‪ .‬ودعـا آخـرون‬ ‫األقـل مـن بعضهـم ً‬ ‫ّ‬ ‫املمتحنـون على مسـافة متر واحـد على‬
‫املنصـات اإللكرتونيـة‪ ،‬واقترح آخـرون‬ ‫ٍ‬
‫إىل إجـراء االختبـارات عـن ُب ْعـد بتوسـط َّ‬
‫الرسـوب‪ .‬وأوىص‬ ‫تبسـيط نظـام الدَّ رجـات بمنـح مجيـع الطلاب حالـة النَّجـاح أو ُّ‬
‫السـابق إىل الفصـل‬‫بعـض اخلبراء بنقـل درجـات الطلاب مـن الفصـل الـدرايس َّ‬
‫الـدرايس اجلـاري‪ ،‬ممَّـا يعنـي أن الطلاب لدهيـم نفـس درجـات الفصـل الـدرايس‬
‫أي اختبـارات‪.‬‬
‫السـابق دون إجـراء ّ‬
‫َّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ويتَّضــح مــن كثــرة هــذه التصــورات االفتقــار إىل رؤيــة واضحــة آلليــات االمتحــان‬
‫الــذي يمثــل مصــدر قلــق لــدى الطــاب واملدرســن‪ ،‬والسـ َّيام أولئــك الذين يســتعدّ ون‬
‫المتحانــات الشــهادات العلميــة لنهايــة املراحــل ( ‪. )UNESCO IESALC. 2020‬‬
‫وقـد زاد األمـر تعقيـدً ا أنه ال يوجد حتى اليوم أي تصور عـن بداية هناية األزمة‪،‬‬
‫تصـور واضح عن‬ ‫ُّ‬ ‫فالفيروس ينتشر رغـم ال ّلقاحـات املكتشـفة حدي ًثـا‪ ،‬وال يوجـد‬
‫موعـد عـودة الـدروس التقليديـة إىل اجلامعـات‪ .‬وأدى هـذا األمـر إىل اضطرابـات‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪264‬‬
‫كبيرة يف جانـب االختبـارات والتقييـم وإجـراءات التسـجيل‪ .‬وتعتمـد اجلامعـات‬
‫واحلجـر الصحـي التـي‬
‫ْ‬ ‫املتميـزة أسـلوب املنـاورة للتك ُّيـف مـع أوضـاع اإلغلاق‬
‫وضعتهـا احلكومـات املعنيـة‪ .‬ويبـدو مـن الواضـح أن عـودة اجلامعـات إىل احلالـة‬
‫الطبيع َّيـة سـتكون تدرجييـة‪ .‬وتواجه اجلامعـات أخطار ترسب الطالب بشـكل كبري‬
‫فإنـم بحاجـة إىل إعـادة النَّظـر يف ممارسـات القبـول‬
‫يف العـام الـدرايس القـادم‪ ،‬لـذا َّ‬
‫ومعاييره‪ ،‬وعمليـة التوظيف الشـاملة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كواحـد مـن‬ ‫أن عمليـة تقييـم الطلاب تطـرح نفسـها‬ ‫بالذكـر َّ‬
‫ومـن اجلديـر ّ‬
‫فكثيرا مـن الـدول‬
‫ً‬ ‫ظـل كورونـا ومـا بعدهـا‪،‬‬ ‫التحديـات التـي تواجـه التعليـم يف ّ‬
‫ألغـت االمتحانـات النهائيـة يف اجلامعـات‪ ،‬وعلى «الرغـم مـن التطـور الواضـح يف‬
‫التقييـم اإللكتروين ومكننـة التقويـم ووجـود برجم َّيات عديـدة تتعلـق باالمتحانات‬
‫فـإن تقييـم اجلانـب العملي اليـزال يشـكل حتدّ ًيـا‬ ‫اإللكرتونيـة وبنـوك األسـئلة‪َّ ،‬‬
‫كثيرا مـن الـدول إىل تأجيـل‬ ‫املؤسسـات اجلامعيـة‪ ،‬وهـو األمـر الـذي دعـا ً‬ ‫يواجـه َّ‬
‫أملا يف حتسـن الظـروف يف مواجهـة تلـك‬ ‫االمتحانـات إىل هنايـة العـام الـدرايس ً‬
‫إن تقييـم املسـتوى التعليمـي للطلاب أصبـح‬ ‫اجلائحـة‪ .‬وباختصـار يمكـن القـول‪ّ :‬‬
‫أهـم التحدّ يـات التـي يواجههـا أعضـاء اهليئـة التدريسـ َّية يف مجيـع أنحـاء العامل‪.‬‬
‫مـن ّ‬
‫(الدهشـان‪.)139 ،2020 ،‬‬

‫‪ -3‬أساتذة اجلامعة يف مواجهة اجلائحة‪:‬‬


‫تأهـب واسـتعداد ملواجهـة‬ ‫ُوضعـت اجلامعـات يف خمتلـف أنحـاء العـامل يف حالـة ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الفريوس املدمر وقد ترتب عىل املدرسين واألسـاتذة حتمل جزء كبري من مسـؤولية‬
‫املواجهـة واملجاهبـة بوصفهـم األكثـر قدرة عىل محايـة مصالح الطلاب والدفاع عن‬
‫حقوقهـم يف متابعـة تعليمهـم وحتصيلهـم العلمـي‪ .‬لقـد اسـتن ُِفر أسـاتذة اجلامعـات‬
‫الصعبـة لالجتيـاح الفيرويس مـن أجـل هتيئـة‬ ‫للعمـل املن َّظـم يف ظـل الظـروف َّ‬
‫الصعبـة‪ ،‬فقامـوا بتدريـب أنفسـهم‪ ،‬وانخرطـوا‬ ‫أنفسـهم وإعدادهـا هلـذه املواجهـة َّ‬
‫يف دورات تدريبيـة وإرشـادية للعمـل والتدريـس بتوسـط التقانـات اإللكرتونيـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪265‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫املنصـات االفرتاضيـة التـي مكنتهـم مـن التواصل مـع طالهبم‬ ‫اجلديـدة واسـتخدام َّ‬
‫بفعاليـة‪ ،‬ومتابعـة جهودهـم التعليميـة بقـدر مـا اكتسـبوا مـن املهـارة‪ ،‬ومل يتر َّددوا‬
‫واملنصـات‬
‫َّ‬ ‫يف اسـتخدام خمتلـف وسـائل التواصـل االجتامعـي وحمـركات البحـث‬
‫َّ‬
‫الشـك فيـه أن‬ ‫اجلديـدة واسـتخدامها يف عمليـة التَّعليـم والتدريـس عـن ُبعـد‪ .‬وممَّـا‬
‫البدايـات كانـت صعبـة ومع َّقدة ومؤملة‪ ،‬ولكـن وبصورة تدرجيية اسـتطاع املعلمون‬
‫تطـورت مهاراهتـم‬ ‫ـم َّ‬ ‫واملنصـات‪ ،‬ومـن َث َّ‬
‫َّ‬ ‫التك ُّيـف بدايـة مـع وسـائل االتصـال‬
‫وخرباهتـم لالنتقـال إىل املرحلـة الثانيـة التـي مت َّيـزت بمزيـد اإلتقـان واعتماد طـرق‬
‫التدريـس اإلبداعيـة بشـكل كبير‪ .‬وهو ما سـاعدهم على أن تكون أنشـطتهم مفيدة‬
‫وف َّعالـة يف عمليـة التدريـس والتواصـل مـع الطلاب‪.‬‬
‫إن انتقــال أعضــاء هيئــة التدريــس الفــوري إىل التعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد كان صع ًبــا‬ ‫َّ‬
‫ُْ‬
‫مؤهــا هلــذا االنتقــال‪ ،‬وال توجــد لدهيــم خــرات‬ ‫ً‬ ‫جــدًّ ا ألن معظمهــم مل يكــن‬
‫بــن أحــد التقاريــر العامليــة أن‬ ‫حقيقيــة يف هــذا امليــدان (‪ . )Nelson. 2020‬وقــد َّ‬
‫ـال ليــس لدهيــم خــرة ســابقة‬ ‫ثلثــي األشــخاص احلاصلــن عــى مســتوى تعليمــي عـ ٍ‬
‫يف العمــل عــن ُبعــد‪ ،‬فقــط حــوايل ثلــث األفــراد الذيــن تــراوح أعامرهــم بــن ‪25‬‬
‫و‪ 64‬عا ًمــا احلاصلــن عــى تعليــم رســمي أعــى عملــوا مــن املنــزل مــرة واحــدة‬
‫وخســهم فقــط اســتخدموا اإلنرتنــت للعمــل مــن‬ ‫عــى األقــل يف عــام ‪ُ ،2018‬‬
‫املنــزل (‪.)Experts’ Opinions. 2020‬‬
‫ومـع ذلـك فقد اسـتطاع معظـم أسـاتذة اجلامعات التك ُّيـف رسي ًعا مـع تداعيات‬
‫تفشي اجلائحـة‪ ،‬وذلـك باسـتخدام األلواح االفرتاضية للكتابـة‪ ،‬وتقديـم الدُّ روس‬ ‫ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واملنصـات العلميـة‬
‫َّ‬ ‫واملحارضات عبر الفيديـو‪ ،‬والواتسـاب واملحادثـات احل َّيـة‬
‫السـياق كتـب فيجـاي جوفينداراجـان وأنـوب‬ ‫الشـخصية‪ .‬ويف هـذا ّ‬ ‫واملواقـع َّ‬
‫رسيفاسـتافا يف جملـة هارفـارد بزنـس ريفيو يقـوالن يف وصف هـذه الوضعية‪« :‬كان‬
‫رد فعـل إدارة اجلامعـة وأعضـاء هيئـة التدريـس على صدمـة كوفيـد‪ 19-‬جيـدً ا‪،‬‬
‫املنصـات الرقميـة يف وقت قصير ال يتجاوز أسـبو ًعا‪ ،‬وهذه فرصة‬ ‫حين انتقلـوا إىل َّ‬
‫عظيمـة لالسـتفادة مـن زخـم هـذه التجربة وحتويـل التعليـم العايل إىل نمـوذج قابل‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪266‬‬
‫للتطبيـق وفـق احتياجـات كل متعلـم وتوفيره بتكاليـف اقتصاديـة تناسـب أغلـب‬
‫البشر‪ .‬لقـد حـان وقـت العمـل!» (دهيـان‪.)2020 ،‬‬
‫ونظـ ًـرا لعــدم مت ُّكــن أعضــاء هيئــة التدريــس مــن ممارســة التدريــس بفعاليــة عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد عــر اإلنرتنــت‪ ،‬فقــد ترتــب عــى اجلامعــات العمــل عــى تأهيــل أعضــاء هيئــة‬
‫التدريــس عــر دورات وورش عمــل تعليميــة (‪ .)Kauffman. 2020‬وهــذا مــا‬
‫شــهدناه خــال العــام املــايض مــن نشــاطات أكاديميــة ف َّعالــة ودورات تدريبيــة‬
‫لتأهيــل أســاتذة اجلامعــة واملحارضيــن يف جمــال التعامــل والتفاعــل مــع التعليــم‬
‫عــن ُبعــد‪ .‬ويتمثــل التحــدّ ي الكبــر أمــام املحارضيــن وأعضــاء اهليئــة التدريســية‬
‫الســلبي إىل التعلــم النشــط الف َّعــال‪،‬‬
‫يف عمليــة االنتقــال مــن اســراتيجيات التعلــم َّ‬
‫ٍ‬
‫ويصبــح هــذا التحــدي أكثــر أمهيــة يف ســياق االنتقــال مــن التعليم عــن ُب ْعــد يف حالة‬
‫ال َّطــوارئ إىل التعليــم اإللكــروين عــن ُب ْعـ ٍـد الــذي يتم َّيــز بأبعــاده االســراتيجية‬
‫تربو ًّيــا وعلم ًّيــا ومنهج ًّيــا‪.‬‬
‫ويف هــذا يقــول جــورج فيلتســيانوس‪ ،‬أســتاذ ورئيــس قســم األبحــاث يف التعلم‬
‫والتكنولوجيــا املبتكــرة مــن جامعــة رويــال رودز‪« ،‬نحــن يف أزمــة عامليــة تتط َّلــب‬
‫مــن الطــاب وأعضــاء هيئــة التدريــس ليــس فقــط التحــول إىل بيئــات تعليميــة‬
‫أيضــا جتربهــم عــى التعامــل مــع مســؤوليات وحقائــق جديــدة أو‬ ‫جديــدة‪ ،‬ولكــن ً‬
‫خمتلفــة»(‪.)Lederman. 2020‬‬
‫فاملعلمـون‪ ،‬ومـن أجـل حتقيـق النجـاح يف عملهـم مطالبـون بتصميـم أنشـطة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تعليميـة جديـدة‪ ،‬ومسـاعدة الطلاب على اكتسـاب معرفـة حمـدَّ دة وعميقـة مـن‬
‫خلال اعتماد أدوات وتقنيـات التعلـم عن ُب ْع ٍـد ودجمها بأفضل طريقـة‪ .‬وهذا يعني‬
‫اخلاصـة بالطلاب‬ ‫َّ‬ ‫متمحـورا حـول السمات‬
‫ً‬ ‫أن التَّع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد جيـب أن يكـون‬
‫واعتماد أفضـل املناهـج اإللكرتونيـة لتحفيـز الطلاب والنهـوض علم ًّيـا يف سـياق‬
‫تواصلي يتـم بين املعلمين والطلاب ضمن استراتيجية ف َّعالـة للتعليـم اإللكرتوين‬
‫أن على املعلمني امتالك مهـارات تربوية رقمية‬ ‫عـن ُبعـد‪ .‬وهـذا يعنـي يف هناية األمر َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪267‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫كثيرة‪ ،‬وأن يكونـوا مسـتعدين لتغيري عمليـة التدريس اخلاصة هبم فيما يتعلق بتغيري‬
‫منهجيـة التعلم‪.‬‬

‫‪ُّ -4‬‬
‫الطالب يف ظل الكارثة‪:‬‬
‫ـال خص ًبــا للدراســات والبحــوث التــي بــارشت‬ ‫شــكل موضــوع اإلغــاق جمـ ً‬
‫دراســة تأثــر اإلغــاق الوبائــي للجامعــات يف احليــاة‪ :‬األكاديميــة والصحيــة‬
‫والنفســية واالجتامعيــة واالقتصاديــة للطــاب اجلامعيــن وأرسهــم‪ .‬فاإلغــاق‬
‫تــرك الطــاب‪ ،‬والســ َّيام الطــاب اجلامعيــن وأولئــك الذيــن هــم عــى وشــك‬
‫إهنــاء املرحلــة الثانويــة ويطمحــون لبــدء التعليــم العــايل‪ ،‬يف وضــع مــن االرتبــاك‬
‫أي فكــرة عــن مــدَّ ة اإلغــاق‪،‬‬ ‫والفــوىض والقلــق والتوتــر؛ إذ مل يكــن لدهيــم ُّ‬
‫ـتمر فيهــا التأثــر البعيــد والتأثــر الفــوري يف دراســتهم‬ ‫وال الكيفيــات التــي سيسـ ُّ‬
‫ويف حياهتــم اليوميــة‪ ،‬والســ َّيام فيــا يتع َّلــق بالتكاليــف واألعبــاء املاليــة املتعلقــة‬
‫أوجــه لــدى طــاب اجلامعــات الذيــن يعيشــون أصـ ًـا‬ ‫بالدراســة‪ .‬وبلــغ هــذا القلــق ُّ‬
‫أوضا ًعــا مال َّيــة واجتامع َّيــة صعبــة‪ .‬لقــد ترتــب عــى ذلــك رشاء أجهــزة مثــل أجهــزة‬
‫الكمبيوتــر املحمولــة واهلواتــف الذك َّيــة واألجهــزة اللوح َّيــة‪ ،‬وهــذا ك ّلــه يشــكل‬
‫محـ ًـا ثقيـ ًـا عــى كاهــل عائالهتــم التــي عانــت حالــة إفقــار كنتيجــة طبيعيــة لتأثــر‬
‫كورونــا االقتصــادي‪ .)Nelson. 2020( .‬ويمكــن لوضعيــة االنقطــاع أن تــؤدي‬
‫التــرب مــن الدراســة‪ ،‬وممَّــا‬
‫ُّ‬ ‫إىل تفاقــم أحواهلــم االجتامعيــة وإجبارهــم عــى‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ـك فيــه أن هــذه الوضعيــة ســتؤ ّدي إىل تعميــق فجــوة الالمســاواة االجتامعيــة‬ ‫الشـ َّ‬
‫ـرب بــن طــاب اجلامعــات والتعليــم‬ ‫بــن الطــاب‪ ،‬وإىل ارتفــاع معــدالت التـ ُّ‬
‫العــايل‪.‬‬
‫اضطــر معظــم الطــاب إىل تعديــل حياهتــم االجتامعيــة للتك ُّيــف مــع‬‫َّ‬ ‫وقــد‬
‫وضعيــة احلظــر واإلغــاق‪ ،‬ومــن َثـ َّ‬
‫ـم عــاد معظــم الطــاب الذيــن يدرســون بعيــدً ا‬
‫عــن عائالهتــم إىل ديارهــم‪ ،‬ســواء يف داخــل البلــد أو يف خارجــه‪ .‬وتق َّطعــت الســبل‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪268‬‬
‫ـدرايس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بعــرات اآلالف مــن الطــاب يف بلــدان اإليفــاد بانتظــار اســتئناف العــام الـ‬
‫ألنــم غــر قادريــن عــى العــودة إىل بلداهنــم بســبب إغــاق املطــارات واحلــدود‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ـجلت الوقائــع اختـ ًـاال يف ال َّتــوازن االجتامعــي والعاطفــي للطــاب‪ ،‬والس ـ َّيام‬ ‫وسـ َّ‬
‫هــؤالء الذيــن يعانــون مــن مشــاكل اقتصاديــة ونفســية موجــودة مســ ّب ًقا‪ .‬وأظهــر‬
‫اســتطالع أجــري خــال األســبوع األخــر مــن شــهر مــارس عــام ‪ 2020‬عــى ع ّينــة‬
‫مــن طــاب التعليــم العــايل يف الواليــات املتحــدة أن ‪ ٪75‬مــن أفــراد الع ّينــة ذكــروا‬
‫أنَّ ــم عانــوا مــن القلــق واالكتئــاب نتيجــة لألزمــة‪ ،‬وهــم يعانون مــن التكاليــف املالية‬
‫ـررة مــن احلجــر‪ ،‬والتــي ال تســتطيع االســتمرار‬ ‫واألعبــاء الكبــرة عــى أرسهــم املتـ ّ‬
‫يف حتمــل التكاليــف املرتبطــة بتعليمهــم العــايل (‪ .)UNESCO IESALC‬و ُيشــار‬
‫الســياق إىل أنَّــه جيــب عــى الطــاب االســتمرار يف مواجهــة التكاليــف‬ ‫يف هــذا ّ‬
‫املرتبطــة بتعليمهــم‪ ،‬ومتابعــة حتصيلهــم األكاديمــي‪ ،‬والســ َّيام الطــاب القادمــن‬
‫مــن اخلــارج الذيــن يرتتــب عليهــم دفــع تكاليــف ماليــة وأقســاط جامعيــة‪ ،‬حتــى لــو‬
‫قــرروا العــودة إىل أوطاهنــم‪.)UNESCO IESALC. 2020( .‬‬
‫وبشــكل عــام‪ ،‬ســعت احلكومــات التــي لدهيــا القــدرة عــى القيــام بذلــك‪ ،‬إىل اختــاذ‬
‫إجــراءات إداريــة حلاميــة عمــل النظــام‪ ،‬مثــل تعديــل تقويــات القبــول أو االمتحانات‪،‬‬
‫وتســهيل إعــادة برجمــة إجــراءات االعتــاد اجلاريــة أو ضــان اجلــودة‪ .‬وأثــر اإلغــاق‬
‫ـم إلغــاء‬
‫بشــكل كبــر يف التقييــات واالختبــارات األكاديميــة يف مجيــع أنحــاء العــامل‪ ،‬فتـ َّ‬
‫ـم إلغــاء‬ ‫ألول مـ َّـرة يف التاريــخ يف كثــر مــن الــدول‪ ،‬وتـ َّ‬
‫امتحانــات املرحلــة الثانويــة َّ‬
‫اختبــارات القبــول اجلامعــي يف مؤسســات التعليــم العــايل يف الواليــات املتحــدة‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وتأجلــت يف معظــم بلــدان العــامل‪ ،‬ومنهــا‬ ‫الصــن منظومــة االختبــارات‪َّ ،‬‬ ‫وألغــت ّ‬
‫ـب يف الصــن وكوريا‬ ‫البلــدان اآلســيوية التــي شــمل التأثــر فيهــا نحــو ‪ 11‬مليــون طالـ ٍ‬
‫اجلنوبيــة وإندونيســيا وهونــغ كونــغ‪. )UNESCO IESALC. 2020( .‬‬
‫ويمكـن للتع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد أن يسـهم يف جتـاوز حتديـات معينـة للطلاب مثـل‬
‫املشـكالت املتعلقـة بالتكنولوجيـا (أي ضعـف االتصـال باإلنرتنـت أو عـدم‬
‫وجـوده)‪ ،‬ونقـص املعرفـة بمهـارات احلاسـوب األساسـية‪ ،‬والواجبـات اهلائلة عرب‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪269‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫اإلنرتنـت‪ ،‬والـدورات الدراسـية ورفـض قبـول تصميـم التعلـم عـن ُب ْع ٍـد بسـبب‬
‫اسـتخدامها يف التعلـم التقليـدي يف الفصـول الدراسـية‪.‬‬
‫لتحقيـق النجـاح‪ ،‬حيتـاج املعلمـون إىل الرتكيـز على تصميـم أنشـطة تعليميـة‬
‫جديـدة ومسـاعدة الطلاب على اكتسـاب معرفـة حمـدَّ دة مـن خلال اعتماد ودمـج‬
‫أن التعلم‬ ‫املهم التأكيد على َّ‬ ‫ٍ‬
‫أدوات وتقنيـات التعلـم عـن ُب ْعـد بأفضل طريقـة‪ .‬ومن ّ‬
‫متمحـورا حـول ال َّطالـب ومعرفـة خصائـص الطلاب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد جيـب أن يكـون‬
‫ولتحديـد العوائـق املحتملـة أمـام التع ُّلـم‪ ،‬مثـل التَّحفيـز والتَّكاليـف وردود الفعـل‬
‫والشـعور بالعزلة‬ ‫على التعلـم والتواصـل مع املعلمني ودعـم الطلاب‪ ،‬واخلدمات ُّ‬
‫للمدرسين إنشـاء استراتيجية تزيـل‬ ‫ّ‬ ‫والتدريـب‪ .‬ومـن خلال فهـم ذلـك‪ ،‬يمكـن‬
‫لتعمـل على تنميـة دوافـع الطلاب للتع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد‬
‫َ‬ ‫أو تق ّلـل مـن هـذه احلواجـز؛‬
‫بصورتـه اإللكرتونيـة‪ ،‬ومـن أجـل هـذه الغايـة جيـب أن يمتلـك املع ّلمـون معرفـة‬
‫متطـورة‪ ،‬وأن يكونـوا مسـتعدّ ين لتغيير عمليـة التدريس اخلاصة‬ ‫ّ‬ ‫ومهـارات تربويـة‬
‫هبـم فيما يتع َّلـق بتغيير منهجيـة التع ُّلـم‪.‬‬

‫‪ -5‬أزمة امليزانيات اجلامع َّية‪:‬‬


‫يتو َّقــع معظــم اخلــراء حــدوث ركــود اقتصــادي كامل يــؤ ّدي بــدوره إىل تراجــع كبري يف‬
‫مســتويات االســتثامر االقتصــادي يف التعليــم‪ ،‬وهــذه الوضعيــة تشــبه إىل حــد كبــر األزمــة‬
‫بالرهــن العقــاري التــي رضبــت العــامل عــام ‪ .2008‬وهنــاك تو ُّقعــات تنبــئ‬
‫املاليــة املتعلقــة ّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اخلاصــة ســتغلق أبواهبــا حتــت تأثــر األزمــة‬


‫َّ‬ ‫ـرا مــن مؤسســات التعليــم العــايل‬ ‫بـ َّ‬
‫ـأن كثـ ً‬
‫االقتصاديــة النامجــة عــن تفــي كورونــا‪. )UNESCO IESALC. 2020( .‬‬
‫ويواجـه التعليـم العـايل يف الـدول املتقدمـة‪ ،‬حيـث ال يـدرس طلاب مـن هـذه‬
‫أيضـا طلاب مـن نخـب العـامل بأمجعه‪ ،‬أزمـة ماليـة خانقة‪ ،‬بسـبب‬
‫البلاد فقـط‪ ،‬بـل ً‬
‫الرسـوم التي يدفعهـا الطلبـة (عويدات‬ ‫اعتماد كثير مـن جامعـات هـذه الدول على ُّ‬
‫‪ .)2020‬والطلاب الذيـن جربـوا الدراسـة مـن البيت يف الفصـل املايض‪ ،‬وكذلك‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪270‬‬
‫أهاليهـم‪ ،‬لـن يقبلـوا أن يدفعـوا مبل ًغـا ً‬
‫كبريا‪( ،‬نحـو عرشين ألف دوالر يف السـنة يف‬
‫أقل بكثير من ذلك‪،‬‬ ‫الواليـات املتحـدة)‪ ،‬على تعليـم يعتقدون أنـه جيب أن يك ّلـف ّ‬
‫السـفر من البلـدان األصلية هلؤالء‬
‫ألن جتربـة التعليـم اجلامعـي التـي كانت تتضمن َّ‬‫َّ‬
‫الطلبـة إىل حـرم اجلامعـة يف بلـد االغتراب إضافـ ًة إىل االختلاط بطلاب وأسـاتذة‬
‫وإداريين وزوار‪ ،‬وخـوض جتـارب جديـدة‪ ،‬تق َّلصـت وانحصرت اليـوم يف عمليـة‬
‫التعلـم مـن البيت (عويـدات ‪.)2020‬‬
‫وعلى سـبيل املثـال‪ ،‬تواجـه ‪ 13‬جامعـة بريطانيـة «احتامليـة حقيقيـة» لإلفلاس‬
‫تتلـق مسـاعدة حكوميـة‪ ،‬حسـبام أفـاد تقريـر صـدر‬ ‫بسـبب تداعيـات الوبـاء مـا مل َّ‬
‫حدي ًثـا عـن معهـد الدّ راسـات املاليـة‪ .‬وكشـف التَّقريـر أن املراكـز األكاديميـة التـي‬
‫تضـم أكبر عـدد مـن الطلاب الدوليين تواجـه أكبر انخفـاض يف عوائدهـا‪ ،‬مـع‬ ‫ُّ‬
‫أن بعضهـا ُيعـدُّ مـن أفضـل املؤسسـات التعليميـة يف تصنيـف التَّعليـم اجلامعـي يف‬ ‫َّ‬
‫كبيرا» للتعليـم‬
‫أن كورونـا يشـكّل «هتديـدً ا مال ًّيـا ً‬‫اململكـة املتحـدة‪ .‬وذكـر التَّقريـر َّ‬
‫وبين َّ‬
‫أن اخلسـائر اإلمجاليـة لقطـاع التعليـم العـايل «غير‬ ‫العـايل يف اململكـة املتَّحـدة‪َّ ،‬‬
‫مؤكـدة»‪ ،‬لكـن ربام تتراوح ما بني ‪ 3‬و‪ 19‬مليـار جنيه استرليني‪ .‬ويرجع انخفاض‬
‫الدَّ خـل إىل تراجـع عـدد الطالب األجانـب امللتحقني باجلامعات‪ .‬ويسـتنتج التقرير‬
‫أن ‪ 13‬مـن أصـل ‪ 165‬جامعـة ربما ال متتلـك احتياطيـات كافيـة ملواجهـة الوضـع‬
‫الراهـن؛ لذلـك لـن تنجـح يف جتـاوز األزمة بدون مسـاعدة مـن احلكومـة الربيطانية‬ ‫َّ‬
‫(الوطـن‪.)2021 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ُ‬
‫البحث العلمي‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫غال ًبـا مـا تتجاهـل األبحـاث اجلاريـة يف جمـال أزمـة كورونـا مسـألة البحـث‬
‫العلمـي يف اجلامعـات‪ ،‬إذ تو َّقفت املختبرات العلمية ومراكز البحـوث عن العمل‪.‬‬
‫وهـذا األمـر يشـكل طا َّمـة كربى تنـال من اجلامعـات وقدرهتـا الوظيفية على املبادأة‬
‫العلمـي الـذي يعـدُّ الوظيفة األساسـية للجامعـات‪ .‬وقد‬
‫ّ‬ ‫واملبـادرة يف جمـال البحـث‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪271‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫خفـض اإلغلاق مـن إمكان َّيـة االتّصـال بين الباحثني والدارسين‪ .‬وجتب اإلشـارة‬
‫متـول نفسـها مال ًّيا عـن طريق البحـث العلمي‬‫هنـا إىل أن أغلـب اجلامعـات العريقـة ّ‬
‫مـن خلال أبحـاث التطويـر يف خمتلـف املجـاالت العلميـة‪ .‬لذلـك َّ‬
‫فـإن اجلامعـات‬
‫العريقـة مل تنقطـع فيهـا حركـة البحـث العلمـي‪ ،‬التـي تتبايـن هبـا اجلامعـات على‬
‫مجيـع األصعـدة بما فيهـا مسـتوى مـوارد البحـث والتطويـر‪ .‬وقـد جلـأت بعـض‬
‫اجلامعـات ومؤسسـات البحـوث يف التعليـم العـايل إىل التعـاون العلمـي ملواجهـة‬
‫الوبـاء مـع احلكومـات يف جمـال املراقبـة الوبائيـة‪ ،‬وإجـراء االختبـارات الرسيريـة‬
‫تم دمج‬‫للعقاقير‪ ،‬واختبـارات الكشـف الرسيع عن الفريوسـات‪ ...‬إلخ‪ .‬وباملثـل‪َّ ،‬‬
‫الصناعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املجموعـات البحثيـة إلنتاج املعدات الطبيـة احليوية مثل أجهـزة التن َّفس‬

‫‪ -7‬بني التعليم اإللكتروني والتعليم عن ُبع ٍْد‬


‫تناولنــا ســاب ًقا احلــدود الفاصلــة بــن التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد والتعليــم اإللكــروين‬
‫عــن ُب ْعـ ٍـد الــذي يتميــز بدرجــة عاليــة مــن التصميــم ويقــوم عــى فلســفة تربويــة‬
‫واضحــة‪ .‬وســبقت اإلشــارة إىل أن التعليــم اإللكــروين حيتــاج إىل التخطيــط‬
‫واإلعــداد والتطويــر ويســتغرق ذلــك مــن ســتة إىل تســعة أشــهر قبــل بــدء الــدَّ ورة‪،‬‬
‫ارتياحــا للتعليــم عــر‬
‫ً‬ ‫أيضــا وق ًتــا حتــى يصبــح املعلمــون أكثـ َـر‬ ‫كــا يســتغرق األمــر ً‬
‫اإلنرتنــت‪ .‬وجيــب أن ُنــدرك أنــه حتــى مــع تو ُّفــر أفضــل النوايــا‪ ،‬فإ ّنــه يســتحيل عــى‬
‫ـرا فور ًّيــا «يف التعليــم والتع ُّلــم عــر اإلنرتنــت‪ ،‬بغــض‬ ‫كل معلــم أن ُيصبــح «خبـ ً‬ ‫ِّ‬
‫النّظــر عــن الوضــع احلــايل (‪ .)Hodge.2020‬وهــذا يعنــي وجــود اختــاف كبــر‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بــن مــا نــراه اآلن مــن تعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف حالــة الطــوارئ والتعليــم اإللكــروين عن‬
‫ـم فـ َّ‬ ‫ٍ‬
‫ـإن التعليــم الــذي نــراه اليــوم ليــس‬ ‫ُب ْعــد اســتجابة لألزمــة أو الكارثــة‪ .‬ومــن َثـ َّ‬
‫والصدمــة‬ ‫ٍ‬
‫ممنهجــا بــل هــو تعليــم عــن ُب ْعــد فرضتــه الــرورة َّ‬ ‫ً‬ ‫تعليـ ًـا إلكرتون ًّيــا‬
‫التــي تعـ َّـرض هلــا التَّعليــم اجلامعــي اســتجاب ًة ألزمــة كورونــا‪ .‬وجيــب عــى الك ّليــات‬
‫واجلامعــات أن تفهــم هــذه االختالفــات عنــد تقييــم هــذا التدريــس عــن ُب ْعـ ٍـد يف‬
‫حــاالت الطــوارئ‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪272‬‬
‫بســبب هتديــد كورونــا تواجــه الكليــات واجلامعــات قــرارات حــول كيفيــة مواصلة‬
‫التدريــس والتعلــم مــع احلفــاظ عــى أعضــاء هيئــة التدريــس واملوظفــن والطــاب‬
‫يف مأمــن مــن عــوارض صحيــة طارئــة تتحــرك برسعــة وبصــورة غــر مفهومــة وال‬
‫متو َّقعــة‪ .‬وقــد اختــارت معظــم املؤسســات اجلامعيــة إلغــاء مجيــع الفصــول الدراســية‬
‫وجهــا لوجــه‪ ،‬بــا يف ذلــك املختــرات وخــرات التع ُّلــم األخــرى‪ ،‬وفرضــت‬ ‫التقليديــة ً‬
‫عــى أعضــاء هيئــة التدريــس نقــل دوراهتــم عــر اإلنرتنــت للمســاعدة يف منــع انتشــار‬
‫مؤسســات التعليــم العــايل التــي تتخــذ هــذا القــرار كل يــوم‪.‬‬ ‫الفــروس‪ .‬وتتزايــد قائمــة َّ‬
‫ونقلــت كل املؤسســات العلميــة فصوهلــا الدراســية عــر اإلنرتنــت‪ ،‬أي إىل التعليــم‬
‫ــد يف حالــة الطــوارئ (‪ .)Wexner Medical Center. 2020‬وقــد حــدث‬ ‫عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫هــذا برسعــة هائلــة مل يســبق هلــا مثيــل أو نظــر‪ .‬وعــى الرغــم مــن أن مو ّظفــي وفــرق‬
‫دعــم احلــرم اجلامعــي متاحــة عــادة ملســاعدة أعضــاء هيئــة التدريــس يف التعــرف عــى‬
‫ـإن هــذه الفــرق تدعــم عــاد ًة جمموعــة صغــرة مــن‬ ‫التعلــم عــر اإلنرتنــت وتطبيقــه‪ ،‬فـ َّ‬
‫أعضــاء هيئــة التدريــس املهتمــن بالتدريــس عــر اإلنرتنــت‪ ،‬ولــن يتمكــن هــؤالء‬
‫األفــراد والفــرق مــن تقديــم املســتوى نفســه مــن الدعــم جلميــع أعضــاء هيئــة التدريــس‬
‫يف فــرة اإلعــداد الضيقــة هــذه‪ .‬وقــد يشــعر أعضــاء هيئــة التدريــس بأ َّنــه يتعـ َّـن عليهــم‬
‫ـض النظــر عــن مــدى‬ ‫ارجتــال حلــول رسيعــة يف ظــروف أبعــد مــا يكــون مــن املثاليــة‪ ،‬بغـ ّ‬
‫ذكاء احلــل‪ ،‬وســيجد العديــد مــن املعلمــن وأســاتذة اجلامعــة هــذا االنتقــال مره ًقــا‬
‫ومؤ ًملــا‪.)Hodges; Moore; Stephanie ; Torrey. and Bond 2020( .‬‬
‫وري‪ ،‬يف هذا السـياق إحـداث تغيريات عميقـة يف العملية التَّعليمية‪،‬‬ ‫الض ّ‬ ‫ومـن َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ٍ‬
‫واالنتقـال التدرجيـي مـن التعليم عن ُب ْعـد يف حالة الطـوارئ إىل التعليم اإللكرتوين‬
‫املصمـم جيـدً ا مـع احللـول الذكيـة التـي تسـاعد‬
‫َّ‬ ‫الـذي يعتمـد النَّمـوذج التَّعليمـي‬
‫الطلاب على مواجهـة مواقـف اخلـوف‪ ،‬والتوتـر‪ ،‬والقلـق والعنف‪ .‬ومـن الطبيعي‬
‫يتطـور نمـوذج التعلـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة ال َّطـوارئ ضمـن سـياق‬
‫َّ‬ ‫‪-‬يف رأينـا‪ -‬أن‬
‫املتطورة‬
‫ّ‬ ‫تعليمـي وتكنولوجـي واجتامعي واقتصـادي حمدّ د إىل صورتـه اإللكرتونية‬
‫فـإن االنتقـال مـن نمـوذج‬‫السـبب‪َّ ،‬‬
‫كبيرا‪ .‬هلـذا َّ‬
‫التحـول حتدّ ًيـا ً‬
‫ُّ‬ ‫جـدًّ ا‪ ،‬ويشـكّل هـذا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪273‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مهمـة صعبـة وشـائكة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫التعلـم التقليـدي إىل نمـوذج التَّعلـم اإللكتروين عـن ُب ْعـد َّ‬
‫وحتتـاج إىل كثير مـن العمـل واجلهـد والوقـت‪ .‬وخلال فترة األزمـة قامـت بعـض‬
‫اجلامعـات بالفعـل بإصلاح العمليـة التعليميـة التقليد َّيـة‪ ،‬و ُط َّبقـت طريقـة التع ُّلـم‬
‫عـن ُب ْع ٍـد يف أفضـل صورهـا‪ .‬وقـد أدخلـت معظم اجلامعـات تغييرات تدرجيية من‬
‫خلال هنـج التعلـم املدمـج يف التعليـم‪ ،‬واجلمـع بين املـواد التعليمية عبر اإلنرتنت‬
‫الـدرايس التقليديـة القائمـة‬
‫ّ‬ ‫وفـرص التَّفاعـل عبر اإلنرتنـت مـع أسـاليب الفصـل‬
‫على املـكان‪ .‬ولسـوء احلـظ اليـزال هنـاك عـدد كبري مـن اجلامعـات التي مل تبـدأ بعد‬
‫أي عمليـة للتك ُّيـف مـع التَّعلـم عـن ُب ْع ٍـد بصورتـه احلقيقية‪.‬‬

‫‪ -8‬جودة التعليم اجلامعي يف ظل الوباء‪:‬‬


‫ُيطـرح سـؤال جـودة التعليم نفسـه يف ظـل التعليم عـن ُب ْع ٍد بقوة خلال األزمة‪.‬‬
‫ظـل الفـوىض‬‫الشـك فيـه أن جـودة التعليـم انخفضـت إىل أدنـى مسـتوياهتا يف ّ‬ ‫َّ‬ ‫وممَّـا‬
‫ٍ‬
‫العارمـة حتـت تأثير اإلغلاق واالنتقـال املفاجـئ إىل التعليـم عـن ُب ْعـد يف حالـة‬
‫أن املجتمـع األكاديمـي يعـاين مـن انخفـاض مسـألة‬ ‫الطـوارئ‪ .‬وليـس خف ًّيـا أبـدً ا َّ‬
‫جـودة التعليـم‪ ،‬وهنـاك سـعي حثيـث لتطويـر التعليـم العـايل وجتويـده مـن خلال‬
‫تطويـر التعليـم‪ ،‬مـن التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ إىل التعليـم اإللكتروين‬
‫عـن ُبعد‪.‬‬
‫عندمــا أجــرت جملــة ‪ Times Higher Education‬اســتطال ًعا لقــادة اجلامعــات العاملية‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يتوزعــون عــى ســت قــارات‬ ‫البــارزة يف عــام ‪ ،2018‬أ ّكــد ‪ 200‬مشــارك ‪ -‬مــن ‪ 45‬دولــة َّ‬
‫‪ -‬عــى نقطــة واحــدة‪ :‬لــن يضاهــي التعليــم العــايل عــر اإلنرتنــت أبــدً ا التعليــم التقليــدي‬
‫القائــم عــى التفاعــل احلقيقــي يف األجــواء املدرســية (‪.)Lau and Dasgupta. 2020‬‬
‫ويعمــل أســاتذة اجلامعــات يف خمتلــف أنحــاء العــامل عــى تطويــر أدائهــم إىل‬
‫مســتوى التعليــم اإللكــروين مــن خــال اإلعــداد والتحضــر ملثــل هــذا التعليــم‪،‬‬
‫وفــق األصــول احلقيقيــة للتعليــم اإللكــروين املتطــور والناجــح‪ .‬وعــى هــذا النحــو‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪274‬‬
‫ـم دمــج الربامــج التعليميــة اجلاهــزة العاليــة اجلــودة عــر اإلنرتنــت‪ ،‬وحتضريهــا‬ ‫يتـ ُّ‬
‫يتحســن األداء‬ ‫َّ‬ ‫ضمــن املناهــج الدراســية اإللكرتونيــة املتطــورة‪ .‬ويتو َّقــع أن‬
‫الزمــن ويصبــح التعليــم اإللكــروين يف أفضــل حاالتــه ومســتوياته‪،‬‬ ‫التعليمــي مــع َّ‬
‫وذلــك مــن أجــل الوصــول إىل أعىل مســتويات اجلــودة التَّعليميــة املطلوبــة يف التعليم‬
‫اجلامعــي عــن ُب ْعـ ٍـد وفــق األصــول اإللكرتونيــة املدروســة‪ .‬ويمكــن للجامعــات مــع‬
‫الزمــن‪ ،‬البــدء يف تأليــف املحتــوى الرقمــي وتشــكيله باســتخدام أدوات ف َّعالــة عــى‬
‫نطــاق واســع مــن حيــث التَّكلفــة‪ ،‬وعــى هــذا األســاس يمكنهــم دمــج املحــارضات‬
‫احل َّيــة الف َّعالــة واملدروســة للمحافظــة عــى جــودة التَّعليــم يف املســارات األكاديميــة‬
‫(‪ .)Lederman. 2020‬وتارخي ًّيــا كان ُينظــر إىل النظــام البيئــي للتعليــم العــايل عــى‬
‫إحلاحــا غري مســبوق‪ ،‬لدهيم‬‫ً‬ ‫أ َّنــه بطــيء يف التك ُّيــف‪ .‬لكـ َّن املعلمــن الذيــن يواجهــون‬
‫اآلن القــدرة عــى تقديــم تعليــم وتعلــم عــايل اجلــودة عــر اإلنرتنــت‪ .‬وتستكشــف‬
‫مؤسســة يف العــامل اآلن الكيفيــة التــي ســتقدّ م هبــا التعلــم عــر اإلنرتنــت كتدبــر‬
‫كل َّ‬ ‫ُّ‬
‫لســدّ الفجــوة‪ .‬وحلســن احلــظ تتو َّفــر التكنولوجيــا واملحتــوى ملســاعدهتم عــى القيــام‬
‫بذلــك برسعــة وبجــودة عاليــة‪ .‬ومــع تطويــر اجلامعــات للكفــاءات الرقميــة اخلاصــة‬
‫املرجــح أن يصبــح حتــوال‬
‫ـإن مــا بــدأ كاســتجابة قصــرة األجــل لألزمــة‪ ،‬مــن َّ‬ ‫هبــا‪ ،‬فـ َّ‬
‫رقم ًّيــا دائـ ًـا للتعليــم العــايل (‪.)Lederman. 2020‬‬

‫‪-9‬الفجوة الرقمية اجلديدة‪:‬‬


‫تطـرح مسـألة َّ‬
‫اللمسـاواة يف التعليـم نفسـها بوصفهـا أكثـر القضايـا الرتبو َّيـة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫خطـورة يف التعليـم بصـورة عامـة ويف التعليـم العـايل بصـورة خاصـة‪ .‬واليـوم يـأيت‬
‫ليطـرح نفسـه بقـوة وبزخـم جديـد‪ .‬وممَّا ال جـدال فيه أن‬
‫َ‬ ‫موضـوع الفجـوة الرقميـة‬
‫الفجـوة الرقميـة تقـوم على أسـاس التفـاوت االجتامعـي بين الفئـات االجتامعيـة‬
‫امليسـورة والفقيرة‪ ،‬ويتمثـل الوجـه الثـاين هلـذا التفـاوت الرقمـي االجتامعـي بين‬
‫نقـل بين دول الشمال ودول اجلنـوب‪ ،‬أو بين‬ ‫الـدول الغنيـة والـدول الفقيرة‪ ،‬و ْل ْ‬
‫الـدول املتقدّ مـة والـدول الناميـة‪ .‬ويضـاف إىل ذلـك تلـك الفجوة التـي ظهرت بني‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪275‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫اجلامعـات املتقدّ مـة برتسـاناهتا الرقميـة‪ ،‬وتلـك التي تفتقـر إىل أبسـط رشوط التقدُّ م‬
‫التكنولوجـي والرقمـي‪ .‬وجت َّلـت هـذه الفجـوة بوضـوح كبير يف مسـتويات التعليم‬
‫العـايل يف خمتلـف أنحاء العامل‪ .‬وتشـكّل هذه القضية اليوم ً‬
‫حقل واسـ ًعا للدّ راسـات‬
‫والبحـوث العلم َّيـة يف خمتلـف البلـدان‪.‬‬
‫املرجــح أن األســابيع واألشــهر القادمــة ســتكون صعبــة عــى اجلميــع‪،‬‬
‫ومــن َّ‬
‫املؤسســات‬
‫وســيتم اكتشــاف تفاقــم عــدم املســاواة اهلائــل الــذي ابتليــت بــه َّ‬
‫ُّ‬
‫األكاديميــة والســ َّيام فيــا يتعلــق بالفجــوة الرقميــة بــن الطــاب واجلامعــات‬
‫والــدول‪ .‬ومــن املهــم أن نــدرك اآلن أن التكنولوجيــا بمفردهــا لــن تصحــح هــذا‬
‫األمــر‪ ،‬إذ ال يمكــن جلميــع الطــاب الوصــول إىل حاســوب حممــول أو اتصــال‬
‫املنصــات اإللكرتونيــة‪.)Lederman. 2020( .‬‬ ‫واســع النطــاق يف املنــزل أو إىل َّ‬

‫‪ -10‬جتارب عاملية‬
‫البـدَّ لنـا مـن أجـل فهم مسـألة التعليم العـايل واسـتيعاهبا يف ظل جائحـة كورونا‬
‫واضحـا حول مدى‬
‫ً‬ ‫تصـورا‬
‫ً‬ ‫أن نسـتعرض بعـض التجـارب العامليـة‪ ،‬ومـن َث َّم نقدم‬
‫نجـاح التجـارب العربيـة واخلليجيـة يف مواجهـة األزمـة التاجيـة‪ ،‬واالسـتمرار يف‬
‫التعليـم اجلامعـي والتوجه إىل السـيطرة عىل خمتلف جوانب هـذه التجربة وتطويرها‬
‫نحو أفضـل املسـتويات املمكنة‪.‬‬
‫البــدَّ يف البدايــة مــن اإلشــارة إىل الصعوبــات التــي تواجــه قطــاع التعليــم العــايل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫فيــا يتعلــق بتطويــر السياســات العامــة‪ ،‬إذ مــن املعــروف أن مؤسســات التعليــم‬
‫العــايل تتم َّتــع بمســتويات عاليــة مــن االســتقاللية واحلريــات األكاديميــة‪ ،‬والس ـ َّيام‬
‫يف أغلــب البلــدان املتقدّ مــة‪ ،‬وهــذه احلريــات ملموســة يف الدســاتري الديمقراطيــة‬
‫التوجهــات الديمقراطيــة مــع اســتثناءات قليلــة‪ .‬ويف مثــل هــذه البلــدان‬
‫ُّ‬ ‫للبلــدان ذات‬
‫الســبب‪ ،‬قـ َّـرر برملــان‬
‫توجــه السياســيات األكاديميــة‪ .‬هلــذا َّ‬
‫ال يمكــن للحكومــات أن ّ‬
‫نيوزيلنــدا مــن أجــل مكافحــة أزمــة كورونــا‪ ،‬تقليــد احلكومــة إمكانيــة ّاتــاذ القــرار‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪276‬‬
‫يف مجيــع املــدارس واجلامعــات يف البــاد‪ ،‬وذلــك لتســهيل اختــاذ القــرار العاجــل يف‬
‫ـيتحمل وزيــر الرتبيــة والتعليــم‬
‫الســياق اجلديــد سـ َّ‬‫مواجهــة الطــوارئ‪ .‬وضمــن هــذا ّ‬
‫مســؤولياته كاملــة ملواجهــة احلــاالت الطارئــة‪ .‬وعليــه أن يقــوم بإصــدار التعليــات‬
‫وس ـ ّن قوانــن الطــوارئ يف مواجهــة األزمــة‪ .‬ويشــمل هــذا تغيــر طرائــق التدريــس‬
‫واملناهــج‪ ،‬وحتديــد بدايــة اإلغــاق وهنايتــه‪ .‬ويف كثــر مــن البلــدان‪ ،‬ومنهــا البلــدان‬
‫واضحــا‪ ،‬حيــث ختضــع إلرادة احلكومــات‬ ‫ً‬ ‫العربيــة ال متتلــك اجلامعــات اسـ ً‬
‫ـتقالل‬
‫ـإن قــرارات املواجهــة جــاءت مــن أعــى قمــة حكوميــة‬ ‫والــوزارات املعن َّيــة‪ ،‬ولذلــك فـ َّ‬
‫املوجهــة بــإدارة حكوميــة مركز َّيــة‪،‬‬
‫يف كثــر مــن احلــاالت‪ .‬وتعــدُّ الصــن مــن الــدُّ ول ّ‬
‫الســلطات احلكوميــة ّاتــاذ القــرارات يف خمتلــف األوضــاع االســتثنائية‬ ‫ـول ُّ‬‫حيــث تتـ َّ‬
‫والعاديــة‪ ،‬وقــد جت َّلــت هــذه املركز َّيــة يف القــرار يف دولــة الصــن يف مواجهــة األزمــة‪،‬‬
‫ـرا مــن اخلــراء يعــزون نجــاح الصــن يف الســيطرة عىل اجلائحــة إىل تلــك املركزية‬ ‫وكثـ ً‬
‫ـأن القــرارات احلكوميــة يف ميــدان‬‫يف ّاتــاذ القــرارات احلكوميــة‪ .‬وجيــب االعــراف بـ َّ‬
‫كبــرا مــن ِق َبــل جمالــس اجلامعــات وجمالــس‬ ‫ً‬ ‫التعليــم العــايل لقيــت استحســانًا‬
‫ـاص‪ .‬وقــد شــارك كالمهــا‬ ‫مؤسســات التعليــم العــايل‪ ،‬عــى الصعيديــن‪ :‬العــام واخلـ ّ‬ ‫َّ‬
‫بنشــاط يف تشــكيل جلــان التَّنســيق للمســاعدة يف حتديــد احتياجــات مؤسســات‬
‫لتكــون قــادرة عــى ضــان االتّســاق يف التَّدريــس ومشــاركة‬ ‫َ‬ ‫التعليــم العــايل؛‬
‫املعلومــات‪ ،‬وحتديثهــا والتوصــل إىل توافــق يف اآلراء بشــأن اســتجابات السياســة‬
‫مــن خــال التَّشــاور املســتمر‪.)UNESCO IESALC. 2020( .‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وأصــدرت مجيــع احلكومــات يف مجيــع البلــدان تقري ًبــا توصيــات وإرشــادات‬


‫ـايس لدعــم االنتقــال إىل‬‫موجهــا بشــكل أسـ ّ‬ ‫ملؤسســات التعليــم العــايل‪ ،‬وكان بعضهــا َّ‬
‫صحــة الطــاب‬ ‫الوضــع االفــرايض‪ ،‬وتطبيــق البيداغوجيــا املطلوبــة للمحافظــة عــى ّ‬
‫ـم تعزيــز هــذا األمــر بتقديــم الدَّ عــم املــايل‬
‫واســتمرارية التعليــم عــن ُبعــد‪ .‬وقــد تـ َّ‬
‫للجامعــات وتقديــم املنــح الدراســية للطــاب الــذي عانــوا مــن ضائقــة التأثــر الــذي‬
‫فرضتــه كورونــا عــى أوضاعهــم االقتصاديــة‪. )UNESCO IESALC. 2020( .‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪277‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -1-10‬التجربة الصينية‪:‬‬
‫نموذجــا‬
‫ً‬ ‫ســتبقى التجربــة الرتبويــة الصينيــة يف مواجهــة فــروس كوفيــد ‪19‬‬
‫تارخي ًّيــا للفعاليــة الرتبويــة يف مواجهــة األزمــات والكــوارث‪ .‬وتبـ ّـن اإلحصائيــات‬
‫أن الفــروس أصــاب مــا يزيــد عــن ‪ 100.000‬مريــض‪ ،‬وقتــل نحــو‬ ‫اجلاريــة َّ‬
‫ـم‬ ‫ـخص يف أوائــل مــارس ‪ ،2020‬وأ َّدى تفــي الفــروس إىل َّ‬
‫الشــلل‪ ،‬فتـ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 4.000‬شـ‬
‫نقــل أكــر نظــام للتعليــم العــايل يف العــامل إىل جتربــة التع ُّلــم اإللكــروين بطريقــة غــر‬
‫مســبوقة‪ .)Lau and Dasgupta . 2020( .‬وقــد ُطلــب عــى اإلثــر مــن مجيــع‬
‫مرشــحي‬ ‫الطــاب يف الصــن القاريــة وهونــغ كونــغ ‪ -‬مــن ريــاض األطفــال إىل ّ‬
‫الدكتــوراه ‪ -‬البقــاء يف املنــزل‪ ،‬ومتابعــة تعليمهــم عــر اإلنرتنــت بعد انتهــاء عطلة رأس‬
‫الســنة اجلديــدة يف أوائــل ينايــر مــن عــام ‪ .2020‬ويتضــح مــن خــال اإلحصائيــات‬
‫مؤسســات‬ ‫أن اإلغــاق أثــر يف ‪ 30‬مليــون متعلــم يف ‪ 3.000‬مؤسســة وجامعــة مــن َّ‬ ‫َّ‬
‫ـول‬ ‫املؤسســات؛ فأطلقــت فصـ ً‬
‫التعليــم العــايل‪ ،‬ورسعــان مــا اســتجابت معظــم هــذه َّ‬
‫إلزاميــة عــر اإلنرتنــت ملــلء الفــراغ‪. )Lau and Dasgupta . 2020( .‬‬
‫وقــد اضطـ َّـر معظــم الطــاب األجانــب الذيــن يدرســون يف اجلامعــات الصينيــة‬
‫البالــغ عددهــم نصــف مليــون شــخص إىل مواصلــة تعليمهــم اجلامعــي مــن‬
‫أيضــا عــن حلــول‬
‫أوطاهنــم عــر اإلنرتنــت‪ .‬ويف الوقــت نفســه‪ ،‬تبحــث أســراليا ً‬
‫عــر اإلنرتنــت ملــا يقــدر بنحــو ‪ 100.000‬طالــب صينــي عــادوا إىل ديارهــم‪ ،‬ثــم‬
‫تــم منعهــم يف الصــن مــن العــودة إىل جامعاهتــم حتــت تأثــر احلظــر الشــامل يف‬ ‫َّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الصــن‪ .‬وتعــدُّ هــذه القض َّيــة أحــد أكــر التحديــات التــي واجهتهــا الصــن‪ ،‬حيــث‬‫ّ‬
‫ينتــر الطــاب الصينيــون بأعــداد هائلــة يف الواليــات املتحــدة واململكــة املتحــدة‬
‫وكنــدا‪ ،‬وهــم يواجهــون مصــر زمالئهــم الدارســن يف أســراليا‪ ،‬حيــث تق َّطعــت‬
‫الســبل يف أوطــان االغــراب‪.)Lau and Dasgupta . 2020( .‬‬ ‫هبــم ُّ‬
‫وأصبحــت دول رشق آســيا رائــدة يف جمــال التَّدريــس اجلامعــي عــر اإلنرتنــت‪،‬‬
‫كل مــن‪ :‬اليابــان وكوريــا اجلنوبيــة وهونــغ كونــغ وســنغافورة‬ ‫حيــث تتمتَّــع ُّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪278‬‬
‫بمعــدالت انتشــار كبــر الســتخدام اإلنرتنــت تــراوح بــن ‪ %85‬و‪ .%95‬وتـ ُّ‬
‫ـدل‬
‫هــذه النســبة عــى وجــود ‪ 840‬مليــون مســتخدم لإلنرتنــت تقري ًبــا‪ ،‬وهــذا الرقــم‬
‫يشــكّل أكــر جمموعــة وطنيــة يف العــامل‪.)Lau and Dasgupta . 2020( .‬‬
‫الســبق يف االنتقــال إىل التعليــم عــر اإلنرتنــت عندمــا‬
‫حــازت هونــغ كونــغ قصــب َّ‬
‫اســتبدلت جامعاهتــا العامــة الفصــول الشــخصية والتقييــات بالبدائــل الرقميــة‬
‫يف نوفمــر عــام ‪ .2020‬ويف هــذا األمــر يقــول ينــغ يــو يــن‪ ،‬اخلبــر يف تكنولوجيــا‬
‫املعلومــات وتعليــم العلــوم يف جامعــة هونــغ كونــغ التعليميــة‪)EdUHK( .‬‬
‫واألســتاذ يف جامعــة ‪« :Sichuan Normal‬إن األجهــزة والربجميــات واألنظمــة‬
‫كاف حتــى اآلن‪ ،‬ولكــن‬‫كلهــا موجــودة ومــع ذلــك ال يوجــد لدينــا نطــاق تــرددي ٍ‬
‫ّ‬
‫ـم حـ ُّـل ذلــك باســتخدام (‪.)5G» (Lau and Dasgupta . 2020‬‬ ‫املرجــح أن يتـ َّ‬
‫مــن َّ‬
‫وهــذه ليســت صفقــة كبــرة‪ .‬لقــد فعلــت جامعــات هونــغ كونــغ ذلــك يف غضــون‬
‫أســبوعني‪« .‬وكان مجيــع طــاب اجلامعــات متَّصلــن باإلنرتنــت بالفعــل‪ ،‬ويمكــن‬
‫فعــل كل يشء تقري ًبا باســتخدام اهلاتــف املحمول» (‪.)Lau and Dasgupta . 2020‬‬
‫وأ َّدى التحـ ُّـول الرقمــي فجــأة إىل دفــع أقســام تكنولوجيا املعلومــات باجلامعات‬
‫أن جامعــة هونــغ كونــغ اليــوم تعتمــد‬ ‫إىل صــدارة االهتــام اإلداري‪ .‬مــن ذلــك َّ‬
‫ـم إدارة هــذه‬
‫مبــادرة جديــدة يف جمــال التعليــم املعـ ّـزز بالتكنولوجيــا يف اجلامعــة‪ .‬وتتـ ُّ‬
‫واملتخصصــن يف تكنولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫املصممــن واملطوريــن‬
‫ّ‬ ‫الربنامــج مــن ِق َبــل عرشين مــن‬
‫املعلومــات‪ ،‬وير ّكــز يف ذلــك عــى تســهيل الفصــول الدراســية املعكوســة (‪)Moocs‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ـأن التعلــم عــر‬‫وغريهــا مــن االبتــكارات الرقميــة‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬فــإن االفــراض بـ َّ‬
‫خيــارا واقع ًّيــا للمع ّلمــن البارعــن يف التكنولوجيــا قــد َّ‬
‫تــم‬ ‫ً‬ ‫اإلنرتنــت كان فقــط‬
‫التخ ُّلــص منــه‪ ،‬وهــذا يعنــي متكــن مجيــع املدرســن مــن الوصــول إىل اجلميــع يف‬
‫نفــس الوقــت‪.)Lau and Dasgupta . 2020( .‬‬
‫يقــول الربوفســور إيــان هوليــداي نائــب رئيــس جامعــة هونــغ كونــغ‪« :‬أصبــح‬
‫التعلــم عــر اإلنرتنــت أمـ ًـرا أساسـ ًّيا يف نموذجنــا التعليمــي»‪ .‬ويضيــف أ َّنــه يتو َّقــع‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪279‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ـم تعديــل اجلــدول الزمنــي‬ ‫أن يكــون هــذا هــو احلــال بشــكل مؤقــت فقــط‪ .‬وقــد تـ َّ‬
‫للتدريــس‪ ،‬بحيــث «تــأيت املــواد التــي يمكــن [بســهولة] تدريســها عــر اإلنرتنــت‬
‫أيضــا «إعــادة التفكــر يف املناطــق الزمنيــة لوجــود‬ ‫أول»‪ ،‬وكان عــى اجلامعــة ً‬ ‫ً‬
‫ـرا للطالب الذين يعيشــون‬ ‫الطــاب إذ متثــل لوجســتيات العمــل اجلامعــي حتدّ ًيا كبـ ً‬
‫أيضــا‪،‬‬
‫غال ًبــا يف مناطــق زمنيــة خمتلفــة جــدًّ ا‪ ،‬وهــذا قــد يــؤ ّدي إىل تغــر يف التقييــات ً‬
‫ممَّــا يمنــح وز ًنــا أكــر للواجبــات األســبوعية‪ ،‬ووز ًنــا أقـ ّـل لالمتحانــات النهائيــة‬
‫اجلامعيــة‪ ،‬والســ َّيام تلــك التــي يصعــب إجــراء امتحاناهتــا عــر اإلنرتنــت‪ ،‬مثــل‬
‫الفصــول املخربيــة يف الطــب والعلــوم»‪. )Lau and Dasgupta . 2020( .‬‬
‫الســياق إىل الكيفيــة التــي اســتجابت هبــا جامعــة هونــغ‬ ‫وجتــدر اإلشــارة يف هــذا ّ‬
‫كونــغ الصينيــة لـــ ‪( SARS‬متالزمــة اجلهــاز التنفــي احلــا ّد) يف ربيــع ‪ .2003‬فعــى‬
‫الرغــم مــن تعليــق الفصــول يف ذلــك الوقــت‪ ،‬مت َّكــن العديــد مــن األســاتذة مــن‬
‫تقديــم التدريــس عــر اإلنرتنــت‪ .‬وعــى الرغــم مــن أن معظــم األســاتذة كانــوا عــى‬
‫شــجعهم‬
‫درايــة بمنصــات التدريــس عــر اإلنرتنــت قبــل أزمــة الســارس‪ ،‬فقــد َّ‬
‫هــذا املوقــف عــى اكتشــاف كيفيــة اســتخدام وظائــف أكثــر تعقيــدً ا (مثــل إجــراء‬
‫اختبــارات عــر اإلنرتنــت)‪ .‬وممَّــا ال خيتلــف فيــه اثنــان هــو أن التقنيــات الرقميــة‬
‫ســامهت يف دعــم اســتمرارية التعليــم أثنــاء إغــاق املــدارس عــى املــدى القصــر‪.‬‬
‫وهــذه التجــارب تشــدّ د يف جمموعهــا عــى أمهيــة وجــود اتّصــال موثــوق باإلنرتنــت‬
‫يف املنــزل للمســاعدة يف توصيــل املــواد التعليميــة‪ .‬والبــدَّ مــن اإلشــارة يف هــذا‬
‫الســياق إىل أمهيــة مشــاركة الوالديــن يف حتقيــق نجــاح بيئــة التعليــم عــر اإلنرتنــت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -2-10‬جتربة الواليات املتحدة األمريكية‪:‬‬


‫كانـت الـدورات عبر اإلنرتنـت هـي األداة األكثـر فاعليـة يف احلفـاظ على‬
‫اسـتمرارية التعليـم يف الواليـات املتحـدة األمريكيـة‪ .‬وقـد عدلـت اجلامعـات يف‬
‫مجيـع أنحـاء الواليـات املتحـدة‪ ،‬على وجـه اخلصـوص براجمهـا اسـتجاب ًة النتشـار‬
‫أن جامعـة سـتانفورد‬ ‫الصـدد‪ ،‬على سـبيل املثـال َّ‬
‫فيروس كورونـا‪ .‬ونذكـر يف هـذا َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪280‬‬
‫قـد ألغـت األسـبوعني املتبقيين مـن املحـارضات داخـل الفصـل‪ ،‬وح َّثت أسـاتذهتا‬
‫أي دروس متب ّقيـة عبر اإلنرتنـت‪ .‬وأعلنـت جامعـة واشـنطن عـن حظـر‬ ‫على نقـل ّ‬
‫الفصـول داخـل احلـرم اجلامعـي إىل مـا بعـد عطلة الربيـع‪ .‬وبدأت جامعـات أخرى‬
‫يف االنتقـال إىل الفصـول االفرتاضيـة‪.‬‬
‫وقـد بـدأ العديـد مـن اجلامعـات األمريكيـة بتدريـب طاقمهـا األكاديمـي لدعـم‬
‫انتقاهلـا إىل التعلـم عبر اإلنرتنـت‪ .‬ورغـم اجلهـود املبذولـة‪ ،‬مـا زالـت حتديـات‬
‫خطيرا جلـودة‬
‫ً‬ ‫الوصـول إىل التكنولوجيـا املطلوبـة كبيرة جـدًّ ا‪ ،‬ممَّـا يشـكّل هتديـدً ا‬
‫التعليـم العـايل عبر اإلنرتنـت‪ .‬وتعمـل اجلامعـات األمريكيـة على تطويـر تقنيـات‬
‫الواقـع االفترايض واالرتقـاء بجـودة التَّعليـم اإللكتروين‪ ،‬ومـن َث َّ‬
‫ـم تقـوم بتزويـد‬
‫الطلاب باملعـدات واألجهـزة املطلوبـة لالسـتمرار يف عمليـة التعلـم دون انقطـاع‪.‬‬
‫وعلى سـبيل املثـال قدمـت جامعتـا‪ :‬متبـل وفوردهـام للطلاب سماعات للواقـع‬
‫االفترايض؛ لتمكين الطلاب مـن احلضـور يف قاعة املحـارضات‪ ،‬مع رؤية وسماع‬
‫األسـاتذة وزمالئهـم يف املحـارضة‪ .‬ومتكَّـن طلاب جامعـة نـورث كارولينـا مـن‬
‫اسـتخدام سماعات مشـاهبة إلجـراء تدريبـات مجاعيـة يف قاعـة افرتاضيـة‪ ،‬وأتاحت‬
‫التجول‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫كل جمموعـة عىل حدة‪ .‬ويشـجع األسـاتذة طالهبم على‬ ‫ألسـاتذهتم زيـارة ّ‬
‫الصـف‪ ،‬واسـتخدام األدوات االفرتاضيـة يف الغرفـة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومقابلـة زملاء آخريـن يف‬
‫واجللـوس على األرائـك أثنـاء حمارضاهتـم‪( .‬دهيـان‪. )2020 ،‬‬
‫وبينما ختتبر اجلامعـات الرائـدة مسـتقبل تقنيات التعلـم باالعتامد على الدورات‬
‫الضخمـة املفتوحـة على شـبكة اإلنرتنـت‪ ،‬يعمـل آخـرون على تطويـر الشـبكة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن الـدورات الضخمة‬ ‫التوجـه‪ .‬وتـرى اليونسـكو َّ‬


‫ُّ‬ ‫نمـو هـذا‬
‫لتسـتوعب َّ‬
‫َ‬ ‫األساسـية؛‬
‫ِ‬
‫لتحقيـق أهدافهـا التعليميـة‬ ‫املفتوحـة على شـبكة اإلنرتنـت تشـكل أداة حمورية؛‬
‫العامليـة للعـام‪ .2030‬وليـس بمقـدور معظـم البشر حال ًّيـا احلصـول عـل تعليـم‬
‫عـال ألسـباب ماليـة وجغرافيـة‪ ،‬إذ ال يتوفـر ذلـك إال لنحـو ‪ 207‬ماليين شـخص‬ ‫ٍ‬
‫فقـط يف مجيـع أنحـاء العـامل‪ .‬وهتيمن البلـدان الناطقة باللغـة اإلنجليزية بشـكل كبري‬
‫على قطـاع تطبيقـات الـدَّ ورات التَّعليميـة على اإلنرتنـت‪ ،‬إذ تنتمـي إليها نصـف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪281‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫املؤسسـات التعليمية املتاحـة على اإلنرتنـت‪ .‬و ُيتو َّقـع أن ينمـو ّ‬
‫االتـاه نحـو التعلـم‬
‫أن منصـة «إدراك» سـتكون وجهـة رقميـة‬ ‫االفترايض يف البلـدان العربيـة‪ ،‬ويبـدو َّ‬
‫مسـتقبلية لتعليم الطلاب يف املنطقـة (دهيـان‪.)2020 ،‬‬
‫ويبـدو إمجـاال أن التقنيـات التـي تعالـج البيانـات الضخمـة املفتوحـة على‬
‫كثيرا إىل درجـة اإلدهـاش العلمـي‪ ،‬ونحـن ندخـل حال ًّيـا عرص‬‫اإلنرتنـت تطـورت ً‬
‫املعـزز الـذي يشـكّل أسـطورة التعليم املسـتقبيل‪ ،‬ومثل‬
‫التعليـم بالواقـع االفترايض ّ‬
‫هـذه التقنيـات تُسـتخدم وتُو َّظـف يف اجلامعـات األمريكيـة العريقـة‪.‬‬
‫ويف هــذا الســياق يقــول تيــو نيكــوالس‪ ،‬األســتاذ يف جامعــة هارفــارد‪ ،‬لصحيفــة‬
‫«كولــورادو صــن «‪ :)Colorado Sun Newspaper( .‬يــرى املعلمــون عىل اإلنرتنت‬
‫ـرا مــن النوابــغ مثــل مــاري كــوري أو فريدريــك دوجــاس أو ألــرت‬ ‫أننــا فقدنــا كثـ ً‬
‫أينشــتاين ألهنــم مل حيصلــوا عــى نوعيــة التعليــم الــذي يطلــق العنــان إلمكاناهتــم‬
‫أي‬
‫(دهيــان ‪ .)2020 ،‬وكــي تتمكــن اجلامعــات فعل ًّيــا مــن إتاحــة الوصــول إليهــا مــن ّ‬
‫مــكان يف العــامل‪ ،‬جيــب أن تعمــل عــى تطويــر بعــض التقنيــات غــر االفرتاضيــة‪ ،‬وأن‬
‫تو ّفــر أدوات الواقــع املعـ ّـزز والواقــع االفــرايض بأســعار مناســبة‪ ،‬وأن تقــدّ م للطــاب‬
‫الدَّ عــم التّقني عــى نطــاق واســع‪ ،‬واالتّصال الالســلكي املحـ ّـي‪ .‬واملــردود مــن ذلــك‬
‫ـكل مــن الطــاب واملســتثمرين عىل حــدّ ســواء (دهيــان‪.)2020 ،‬‬ ‫ضخــم جــدًّ ا لـ ّ‬
‫ومــن املؤ َّكــد أ َّنــه يصعــب اليــوم الوصــول إىل البيانــات التــي تعطــي فكــرة عــن‬
‫اســتجابات متعــددة ملؤسســات التعليــم العــايل يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة أو‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫غريهــا‪ .‬وقــد ب َّينــت دراســة أمريكيــة ضخمــة أجريــت يف مــارس ‪ 2020‬عــى عينــة‬
‫مــن ‪ 172‬مــن رؤســاء جامعــات وأعضــاء جمالــس إدارة يف اجلامعــات األمريكيــة‬
‫أهــم اآلثــار التــي كابدهتــا اجلامعــة األمريكيــة بســبب الوبــاء‪ ،‬وهــي عــى النحــو‬
‫التَّــايل‪: )Inside Higher Ed .2020( :‬‬
‫‪ %90 -‬مـن اجلامعـات األمريكيـة ومؤسسـات التعليـم العـايل شـغلت هباجـس‬
‫الصحـة والصحـة النفسـية لطالهبـا‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪282‬‬
‫‪ %80 -‬مـن املدرسين اجلامعيين أفـادوا بأهنـم نفـذوا تدابير صحيـة واجتامعيـة‬
‫للوقايـة مـن كورونـا‪.‬‬
‫‪ %80 -‬مـن املسـؤولني مقتنعـون بـأن االحتفـاظ بالطلاب ملتابعـة الـدورات عبر‬
‫ترسب الطلاب الذين‬‫اإلنرتنـت أمـر بالـغ األمهيـة‪ ،‬ولكنَّـه قد يـؤ ّدي الح ًقـا إىل ُّ‬
‫لـن يعـودوا إىل مؤسسـات التعليـم العـايل عنـد إعـادة فتحها‪.‬‬
‫‪ )٪76(-‬يعرتفـون بضعف القدرة احلقيقية للمؤسسـات‪ ،‬مـن الناحية التكنولوجية‬
‫والرتبوية‪.‬‬
‫‪ )٪75(-‬مـن العمـداء والرؤسـاء يعرتفـون بأن االنتقـال إىل التغيير يف الطريقة كان‬
‫نتيجـة حلالـة طـوارئ غير متوقعة‪ ،‬وأنـه ينبغي البـدء يف التخطيـط للتدريس عرب‬
‫اإلنرتنـت يف الفصـل الـدرايس التَّـايل بدعـم تربوي أكبر وموارد أكثـر‪ ،‬متو ّقعني‬
‫أن متتـد األزمة مـدة طويلة‪.‬‬

‫‪ -11‬جتربة اجلامعات األفريقية‪:‬‬


‫صدمـت اجلامعـات يف البلـدان األفريقيـة بالتأثير املد ّمر للجائحـة التاجية‪ .‬ومن‬
‫واملؤسسـات اجلامعيـة األفريقيـة‬
‫َّ‬ ‫أجـل منـع انتشـار الوبـاء‪ُ ،‬طلـب مـن اجلامعـات‬
‫تـم إطلاق بعـض املبـادرات يف عـدد مـن البلـدان األفريقيـة‬ ‫اإلغلاق‪ .‬وعلى اإلثـر َّ‬
‫تـم يف الكاميرون ُّ‬
‫حـث‬ ‫للتَّعامـل مـع تأثيره‪ .‬ومـن ذلـك على سـبيل املثـال‪ ،‬أنَّـه قـد َّ‬
‫ومؤسسـات التعليـم العـايل على االسـتفادة مـن مجيع‬ ‫َّ‬ ‫رؤسـاء اجلامعـات احلكوميـة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫لتمكين الطالب مـن مواصلة‬‫ِ‬ ‫األدوات واملـوارد املتاحـة إلنشـاء آليـة تع ُّلـم رقميـة؛‬
‫الرغم من ذلك‪ ،‬بـدأت غالبية الدول‬ ‫الدراسـة والتَّع ُّلـم أثنـاء البقاء يف املنـزل‪ .‬وعىل َّ‬
‫سـمى لعدم وجـود األدوات‬ ‫األفريقيـة يف إلغـاء الفصـول الدراسـية إىل أجـل غير ُم َّ‬
‫والوسـائل التـي متكنهـم مـن مواصلـة التَّعليـم عـن ُبعد‪.‬‬
‫ال خلاف يف َّ‬
‫أن اجلامعـات يف البلـدان األفريقيـة الناميـة أكثـر عرضـة لعواقـب‬
‫اجلائحـة‪ .‬ففـي الوقـت الـذي عملـت فيه اجلامعـات األفريقيـة عىل تطويـر إمكاناهتا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪283‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫كل الطموحـات التي بنـت عليها‬ ‫وحتسين قدراهتـا املحـدودة؛ أتـت اجلائحـة لتبـدّ د ّ‬
‫االتـاد الـدويل للجامعـات الـذي يـرى‬ ‫خلال عقـود فائتـة‪ .‬وشـغلت هـذه احلالـة ّ‬
‫أن اجلائحـة هتـدّ د اسـتقرار قطـاع التَّعليـم العـايل يف هـذه البلـدان‪ ،‬وتنـذر بعواقـب‬ ‫َّ‬
‫ومؤسسـات التعليـم العـايل يف بعـض الـدول‬ ‫َّ‬ ‫وخيمـة‪ .‬وقـد ُطلـب مـن اجلامعـات‬
‫األفريقيـة االسـتفادة مـن مجيـع األدوات واملـوارد املتاحـة إلنشـاء آليـة تع ُّلـم رقميـة‬
‫لتمكين الطلاب مـن مواصلـة الدراسـة والتع ُّلـم عـن ُب ْع ٍـد أثنـاء البقـاء يف املنـازل‪،‬‬
‫ـم قامت بتبنّـي التعليم‬ ‫واسـتجابت معظـم اجلامعـات األفريقيـة هلـذا النّـداء‪ ،‬ومن َث َّ‬
‫عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ ضمـن اإلمكانـات املتاحـة‪ ،‬وهـي ‪-‬مـع األسـف‪-‬‬
‫إمكانـات حمـدودة جـدًّ ا ضمـن أوضـاع اقتصاديـة واجتامعيـة وخدميـة متدهـورة يف‬
‫معظـم احلـاالت‪.‬‬
‫وبسـبب إغلاق اجلامعات وانتشـار الوبـاء؛ تواجـه اجلامعـات األفريقية خماوف‬
‫ماليـة كبيرة تتم َّثل يف انقطـاع التمويل احلكومي‪ ،‬كام يواجـه األكاديم ُّيون والطالب‬
‫حتدّ يـات تتعلـق بمدى قبوهلم وتك ّيفهم مع النَّمـط اجلديد للتعليم‪ ،‬حيث جيد معظم‬
‫كثيرا من األكاديميني‬‫أن ً‬ ‫الطلاب بيئـة التع ُّلـم عن ُب ْع ٍد صعبـة ومع َّقدة‪ ،‬وهذا يعني َّ‬
‫والطلاب ال يسـتطيعون مواكبـة التكنولوجيـا االتّصاليـة احلديثـة لتسـهيل التع ُّلـم‬
‫عـن ُب ْع ٍـد بسـبب عـدم القـدرة على حيـازة التُّكنولوجيـا االتّصاليـة‪ .‬وقـد سـادت‬
‫الصمـود واالسـتمرار‪ ،‬ألن‬ ‫املخـاوف الكبيرة بشـأن قـدرة التَّعليـم اجلامعـي على ُّ‬
‫الظـروف االقتصاديـة واالجتامعيـة قـد تدهـورت يف خمتلف القطاعـات‪ ،‬وبدأت يف‬
‫هتديـد اسـتدامة التعليـم اجلامعي‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -12‬اجلامعات العربية يف مواجهة األزمة‪:‬‬


‫تواجـه معظـم الدول العربية حتديات اقتصادية وسياسـية غري مسـبوقة يف العرص‬
‫احلديـث‪ .‬فاألزمـات االقتصادية املتواترة واحلروب األهليـة الدائرة واالضطرابات‬
‫السياسـية املسـتمرة جعلـت مـن الصعوبـة بمـكان عىل هـذه الـدول مواكبـة التَّدابري‬
‫العامليـة يف مواجهـة حتديـات كورونـا‪ .‬فالعـامل العريب بصـورة عامة يعاين مـن انقطاع‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪284‬‬
‫الكهربـاء وضعـف شـبكة اإلنرتنـت التـي متثـل جوهـر عمليـة التعليـم عـن ُبعـد‪.‬‬
‫يتـم التعليـم يف‪ :‬سـوريا وليبيا ولبنـان واليمن‬
‫يتصـور كيـف ُّ‬
‫ُّ‬ ‫ويصعـب على املـرء أن‬
‫السياسـية‪ ،‬وتد ّمرهـا احلروب الداخليـة‪ ،‬حيث ال‬ ‫والصومـال التـي تتقاذفهـا املحن ّ‬
‫كهربـاء وال مـاء وال إنرتنـت وال طعام‪.‬‬
‫وبين الـدول العربيـة املنكوبـة (القطـاع الثالـث) والـدول العربيـة اخلليجيـة‬
‫امليسـورة (القطـاع األول) تقـع البلـدان العربيـة األخـرى التـي يمكن أن نطلـق عليها‬
‫مصطلـح (القطـاع الثـاين)‪ ،‬وهـي الـدول التـي ينطبـق عليهـا مـا جيـري يف دول العـامل‬
‫الثالـث‪ ،‬وهـي‪ :‬املغـرب واجلزائـر ومصر والسـودان وتونـس التـي حت َّقـق فيهـا بعض‬
‫االسـتقرار‪ ،‬رغـم األحـداث الدامية التي شـهدهتا بعضها كمرص وتونس والسـودان‪.‬‬
‫وسـنحاول يف هـذا املسـار عـرض جتربـة القطـاع العـريب الثـاين مم َّثلا يف التَّجربـة‬
‫املرصيـة‪ ،‬والقطـاع الثالـث ممثلا يف التجربـة الليبيـة‪ ،‬والقطـاع األول مم ّثلا يف دول‬
‫جملـس التعـاون اخلليجـي‪ ،‬إلعطـاء فكـرة عـن املواجهـة التـي فرضهـا فيروس‬
‫كورونـا على اجلامعـات العربيـة‪.‬‬

‫‪ -1-12‬التجربة املصرية‪:‬‬
‫يمكـن الوقـوف‪ ،‬فيما يتعلـق باسـتقراء حالـة التّعليـم العـايل يف مصر‪ ،‬على‬
‫اخلطـوات التاليـة كمحـكَّات رئيسـة يف إدارة أزمـة اجلائحـة يف الواقـع اجلامعـي‪،‬‬
‫وهـذه اخلطـوات هـي (حسـان‪:)2020 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -1‬إيقـاف الدراسـة يف اجلامعـات؛ حيـث صـدر قـرار وزاري بوقـف الدراسـة يف‬
‫يتـم اسـتئنافها يف الواقع الفعيل حتـى هناية العام‬
‫اجلامعـات منـذ أول مـارس‪ ،‬ومل ّ‬
‫اجلامعـي ‪ .2020/2019‬وهنـا بـدأ التفكير يف طـرق بديلـة السـتكامل العـام‬
‫اجلامعـي وإجـراء االختبـارات النهائيـة لسـنوات النَّقـل والسـنة النهائيـة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الـدرايس‬
‫ّ‬
‫قـرارا بضرورة‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬أصـدر املجلـس األعلى للجامعـات يف ‪ 18‬أبريـل ‪،2020‬‬
‫التطـرق‬
‫ُّ‬ ‫اسـتكامل املقـررات الدراسـية حتـى ‪ 30‬أبريـل‪ .‬صـدر هـذا القـرار دون‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪285‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫إىل بيـان الكيفيـة التـي يمكـن مـن خالهلـا لعضـو هيئـة التدريـس القيـام هبـذا‬
‫االسـتكامل‪ ،‬وال بـأي طريقـة أو وسـيلة تضمـن التواصـل الكامـل والف َّعـال‬
‫لـكل مـن‪ :‬األسـتاذ والطالـب‪ ،‬وتُـرك األمـر الجتهـاد األسـتاذ وتوفيقـه‬ ‫وامليسر ّ‬
‫ـم خضـع التواصل بين الطالب واألسـتاذ إىل ما‬ ‫يف التواصـل مـع طالبـه‪ ،‬ومـن َث َّ‬
‫الشـخيص»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يمكـن تسـميته بــ «التَّواصـل‬
‫‪ -3‬وفيما يتعلـق بالتقويـم‪ ،‬أصـدر املجلـس األعلى للجامعـات‪ ،‬يف ‪ 7‬مايو ‪،2020‬‬
‫قـرارا بإلغـاء االمتحانـات التحريريـة والشـفوية لطلاب اجلامعـات‪ ،‬واسـتبدل‬ ‫ً‬
‫هبـا نظـام األبحـاث (مقالة بحثيـة‪ ،‬بحث مرجعـي‪ ،‬مرشوع بحثـي)‪ ،‬وترك لكل‬
‫جامعـة أن تن ّظـم مـا يناسـبها مـن اختيـارات‪ ،‬وأن تعلن عنهـا لل ّطالب‪.‬‬
‫تلخيصـا واف ًيـا‬
‫ً‬ ‫الشروط اخلاصـة هبـذا النّظـام (األبحـاث)‪ ،‬فلـم يتعـدَّ كونـه‬
‫أمـا ُّ‬
‫تـم وضـع جمموعـة مـن العنـارص هلـذا‬ ‫للمقـرر الـدرايس يف صـورة مقولبـة؛ حيـث َّ‬
‫ّ‬
‫تـم اختـزال أكثـر مـن نصفـه يف أسـبوعني مـن خلال التَّواصـل‬ ‫التَّلخيـص الـذي َّ‬
‫الشـخيص بين األسـتاذ والطالـب‪.‬‬
‫ّ‬
‫وترتَّـب على ذلـك أن َّ‬
‫ظـل الكتاب الورقي مركز ًّيـا يف ظل التَّعامـل مع اجلائحة؛‬
‫حيـث كان البـدَّ أن يلجـأ الطلاب إليـه مـن أجـل القيـام بإعـداد األبحـاث‪ ،‬أو‬
‫باألحـرى َّ‬
‫امللخصـات‪.‬‬
‫مـن ناحيـة أخـرى‪ ،‬أتـاح ذلـك ‪ -‬نظـام األبحـاث‪ -‬جلـوء عـدد مـن الطلاب إىل‬
‫طـرق خمتلفـة للحصـول على هـذه البحـوث؛ حيـث وصلـت ألثمان باهظـة‪ ،‬كما‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تناقلـت ذلـك بعـض وسـائل اإلعالم ووسـائل التواصـل االجتامعي‪ ،‬وكما ظهر يف‬
‫البحـوث املرسـلة مـن الطلاب (حسـان‪.)2020 ،‬‬
‫كل طالـب بإرسـال بحثـه‬ ‫أمـا طريقـة اإلرسـال فكانـت أكثـر ذاتيـة؛ حيـث قـام ُّ‬
‫للتقويـم مـن خالل بريده اإللكتروين اخلاص به‪ ،‬أو اللجوء إىل «السـيربات» للقيام‬
‫موحـدة ضامنة‪ ،‬وذلـك من خلال «الكنرتول»‬ ‫هبـذا اإلرسـال‪ ،‬دون وجـود طريقـة َّ‬
‫التقليـدي باسـتقبال هـذه البحـوث‪ ،‬وإعـادة إرسـاهلا بطـرق خمتلفـة إىل أسـتاذ املـادة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪286‬‬
‫بغـرض تصحيحهـا‪ ،‬وإعـادة الكشـوف اخلاصـة هبـا إىل «الكنترول» مـرة أخـرى‬
‫(حسـان ‪. )2021‬‬
‫اخلاصـة بالعـام اجلامعـي‬
‫َّ‬ ‫الصحـف خ َّطـة وزارة التعليـم العـايل‬ ‫وقـد تناقلـت ُّ‬
‫سـيتم تقسـيم الطلاب باجلامعـات املرصيـة إىل‬ ‫ُّ‬ ‫‪ ،2021/2020‬التـي تشير إىل أنَّـه‬
‫كل‬ ‫جمموعـات صغيرة ملنـع التزاحـم وحتقيـق التَّباعـد االجتامعـي‪ ،‬وأنَّـه سـيكون ُّ‬
‫يتم‬
‫مسـؤول عن عـدد مـن املجموعات‪ ،‬على أن َّ‬ ‫ً‬ ‫عضـو مـن أعضـاء هيئـة التدريـس‬
‫تطبيـق النّظـام «اهلجين» الـذي جيمـع بين تنفيـذ التعليـم املبـارش والتعليـم عـن بعدٍ‬
‫ُْ‬
‫(اإللكتروين) م ًعـا‪ ،‬أي بنسـبة ‪ %60‬مبـارش و‪ %40‬إلكتروين بالكليـات العمليـة‪،‬‬
‫و‪ %50‬تعليـم مبـارش و‪ %50‬تعليـم عـن ُب ْع ٍـد للكليـات النظرية‪ ،‬على أن يكون هذا‬
‫دائما‪ ،‬وليس إجرا ًء مؤ َّقتًا بسـبب فريوس «كورونا»‪ ،‬مـع مراعاة اإلجراءات‬ ‫النظـام ً‬
‫االحرتازيـة مـع بدايـة العـام الـدرايس اجلديـد للجامعـات‪( .‬حسـان‪.)2020 ،‬‬
‫وكذلـك سـتكون نسـبة احلضـور باجلامعـات مـع العـام الـدرايس اجلديـد‪ :‬يومين‬
‫يتـم مواصلـة‬
‫لطلاب الكليـات النظريـة‪ ،‬و‪ 3‬أيـام لطلاب الكليـات العلميـة‪ ،‬على أن َّ‬
‫األيـام الباقيـة مـن خلال التعليـم عـن ُب ْع ٍـد إلكرتون ًّيـا مـع عقـد األنشـطة واحللقـات‬
‫كل عضو هيئـة تدريس عدة جمموعات (حسـان‪.)2020 ،‬‬ ‫النقاشـية إلكرتون ًّيـا‪ ،‬ويديـر ُّ‬
‫التصـور مل تصاحبـه إعـادة نظـر يف البنيـة التحتيـة‬ ‫ُّ‬ ‫أن هـذا‬‫وجتـدر املالحظـة َّ‬
‫للتكنولوجيـا الرقميـة يف اجلامعـات‪ ،‬وال اإلعـداد إلجياد برامـج للتَّواصل املضمون‬
‫والف َّعـال بين‪ :‬األسـتاذ والطالـب‪ ،‬أو بين مكونـات املنظومـة التعليميـة باجلامعـة‪،‬‬
‫وال كيـف سـتكون طريقـة التقويـم؟‪ ،‬وهـل ستسـتمر بالنّظـام الـذي كانـت عليـه‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫(األبحـاث) رغـم سـلبياته العديـدة أم ال؟ كذلـك مل توضـح اجلامعات ألعضائهـا‬


‫مـا يتع َّلـق بشـكل العـام اجلديـد بعـد (حسـان‪.)49 ،‬‬

‫‪ -2-12‬التجربة الليبية‪:‬‬
‫يقـول الدكتـور حممـد الطبويل أسـتاذ علـم االجتماع يف جامعة بنغـازي والرئيس‬
‫األسـبق للجامعـة‪« :‬هنـاك عـدة حتديدات تواجـه التَّعليم اجلامعي عن ُب ْع ٍـد يف ليبيا‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪287‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مههـا‪ :‬افتقـاد هـذه املجتمعـات للبنيـة التحيـة آلليـات التعليـم عن ُبعـد‪ ،‬وعدم‬
‫مـن أ ّ‬
‫فإنـا ضعيفة‪.‬‬ ‫لـكل أفراد املجتمـع‪ ،‬وإن وجـدت يف بعضها‪َّ ،‬‬ ‫تو ُّفـر شـبكة اإلنرتنـت ّ‬
‫كذلـك ضعـف رسعـة اإلنرتنـت يف بعـض املناطق خاصـة تلك التـي يسـكنها أفراد‬
‫املتوسـطة والكادحـة‪ .‬وباإلضافـة ملـا سـبق هناك غيـاب لشرط التَّفاعلية‬‫ّ‬ ‫الطبقتين‪:‬‬
‫املدرسين‪ ،‬وحتـى بعض أسـاتذة اجلامعة‪،‬‬ ‫يف التعليـم اجلامعـي وعـدم اقتنـاع بعض ّ‬
‫ٍ‬
‫أيضـا أن التعليـم اجلامعـي عـن ُب ْعـد سـاهم يف تعميق‬‫بالتعليـم عـن ُبعـد»‪ .‬ويتَّضـح ً‬
‫التفـاوت الطبقـي بين السـكَّان حيـث يتوفـر ألبناء الطبقـة الغن َّيـة مجيـع التجهيزات‬
‫املطلوبـة ويمكنهـم االسـتفادة مـن الـدروس اخلصوصيـة يف املنـازل حتـى يف زمـن‬
‫كورونـا‪ ،‬بينما يعـاين أبنـاء الطبقـة الكادحة من غياب هـذه املزايـا وصعوبة احلصول‬
‫عليها (الطبـويل‪.)2020 ،‬‬
‫وهـذه التحديـات جتعـل اجلامعـات يف موقـف صعـب مـن القيـام بمسـؤولياهتا‬
‫االجتامعيـة نحـو املجتمـع والقيـام بوظيفتهـا الثالثـة‪ ،‬وهـي خدمة املجتمع‪ ،‬والسـ َّيام‬
‫يمـر بظـروف صعبـة منـذ انـدالع ثورة‬‫يف جمتمـع مـأزوم مثـل املجتمـع الليبـي الـذي ُّ‬
‫السـابع عشر مـن فربايـر ‪ .2011‬وعندمـا قـررت وزارة التعليـم يف منتصـف شـهر‬
‫مـارس ‪ 2020‬إيقـاف الدراسـة بجميـع مراحـل التعليـم حفا ًظـا على الطلاب‬
‫واألسـاتذة واإلداريين بقطـاع التعليم واملجتمـع من جائحة كورونـا‪ ،‬امتثلت بعض‬
‫اجلامعـات‪ ،‬ومنهـا جامعـة بنغـازي هلذا القـرار‪ ،‬ولك َّن الدراسـة مل تتوقـف باجلامعة‪،‬‬
‫ألن اجلامعـة اعتمـدت منـذ نشـأهتا عىل التعليـم النَّشـط‪ ،‬وذلك من خالل اسـتخدام‬
‫بعـض التقنيـات التعليميـة مثـل التعليـم بواسـطة األجهـزة الشـخصية‪ ،‬حيـث‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫كل طالـب جهـاز كمبيوتـر وهاتفـا ذك ًّيـا‪ .‬ونتيجـة لإلغلاق التـا ّم للمدارس‬ ‫يمتلـك ُّ‬
‫واجلامعـات قامـت اجلامعـة باالنتقـال مـن التعليـم اإللكتروين القائـم باجلامعـة قبل‬
‫هـذه اجلائحـة إىل التعليـم عـن ُب ْع ٍـد واسـتخدام استراتيجيات خمتلفـة‪ .‬ومل تتوقـف‬
‫مسـؤوليتها االجتامعيـة‪ .‬ون َّفـذت اجلامعـة عـدة فعاليـات منهـا‪( :‬الطبـويل‪)2020 ،‬‬
‫‪ -1‬قــام مركــز البحــوث واالستشــارات باجلامعــة بافتتــاح حســاب جلامعــة بنغــازي‬
‫يف منصــة (‪ )Coursera‬للتعليــم والتدريــب عــن ُبعــد‪ ،‬للوصــول إىل عــدد‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪288‬‬
‫كبــر مــن الربامــج والــدورات التعليميــة عــى مســتوى التعليــم العــايل‪ ،‬املتاحــة‬
‫التخصصــات‪.‬‬‫ُّ‬ ‫ببعــض اجلامعــات الدوليــة‪ ،‬ويف عــدد كبــر مــن‬
‫‪ -2‬قامــت اجلامعــة بتنزيــل املحــارضات واملراجــع العلميــة إلكرتون ًّيــا‪ ،‬ثــم بعــد‬
‫الصوتيــة وتســجيالت الفيديــو للمحــارضات‬ ‫ذلــك وضعــت التســجيالت َّ‬
‫ســجلت بعــض املقابــات احليــة واملناظــرات التَّفاعليــة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫والــدُّ روس‪ ،‬كــا‬
‫ـم إنشــاء حجــرات مناقشــة ونــدوات ومنتديــات داخــل «املــودل» ‪.Model‬‬ ‫وتـ َّ‬
‫وإجــراء امتحانــات كجــزء مــن عمليــة التَّقويــم املســتمر (الطبــويل‪.)2020 ،‬‬
‫‪ -3‬اعتمـدت اجلامعـة على التقييـم املسـتمر للطلاب خلال مسيرهتم الدراسـية‪.‬‬
‫وأثنـاء فترة جائحـة كورونـا زادت اجلامعـة نسـبة الدرجـات املخصصـة للتقييم‬
‫بأنم جمبرون عىل احلضور‬
‫املسـتمر‪ ،‬حتَّـى يشـعر الطالب‪ ،‬بطريقـة غري مبارشة‪َّ ،‬‬
‫ّ‬
‫واملشـاركة يف جلسـات تع ُّلـم متزامنـة أو غير متزامنة‪.‬‬
‫مهمـة السـ َّيام أن بعـض الطلاب يسـكنون يف‬ ‫وكانـت تغطيـة اإلنرتنـت قضيـة َّ‬
‫مسـتقرة‪ .‬و ُط ِلـب مـن هـؤالء احلضـور إىل مقـر‬ ‫ّ‬ ‫مناطـق تكـون التغطيـة فيهـا غير‬
‫اجلامعـة واسـتخدام أجهزهتـا‪ .‬وقـد و َّفـرت هلـم اجلامعـة مجيـع سـبل احلاميـة مـن‬
‫وتـم تدريب‬ ‫الفيروس‪ .‬كما عملـت اجلامعـة عىل زيـادة قـدرة اإلنرتنـت ورسعتها‪َّ .‬‬
‫واملنصـات التـي اعتمدهتـا‬ ‫َّ‬ ‫ال ّطلاب واألسـاتذة على اسـتخدام الربجميـات اجلديـدة‬
‫اجلامعـة‪.‬‬
‫ونظــرا للتَّحـ ُّـول مــن التَّعليــم اإللكــروين املتبــع باجلامعــة إىل التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الصعبــة‬ ‫وتأثرياتــه النفســية واالجتامعيــة واملاليــة عــى الطــاب‪ ،‬ونتيج ـ ًة للظــروف َّ‬
‫التــي يمــر هبــا املجتمــع الليبــي‪ُ ،‬أعطــي ال َّطالــب ثــاث خيــارات‪ :‬أن حيصــل عــى‬
‫درجــة ناجــح أو راســب دون تقديــرات مئويــة‪ ،‬أو أن حيصــل عــى درجــة غــر مكمــل‬
‫‪ ،Incomplete‬واخليــار األخــر أن جيــري االمتحــان املطلــوب وتعتمــد درجتــه‪.‬‬
‫وأجـري اسـتفتاء للطلاب ملعرفـة مـدى رضاهـم عـن جتربـة التع ُّلـم عـن‬
‫أن حضـور الطلاب‬ ‫وبين االسـتفتاء َّ‬
‫ُبعـد‪ ،‬فأجـاب ‪ %82‬منهـم بالرضـا عنهـا‪َّ .‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪289‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫للمحـارضات عـن ُب ْع ٍـد كان ‪ %75‬يف البدايـة‪ ،‬ثـم أصبـح ‪ ،%100‬يف حين كانـت‬
‫ملمحـا خاط ًفـا إىل جمريـات التعليـم عـن‬
‫ً‬ ‫نسـبة الغـش حمـدودة‪ .‬ومـا قدَّ منـاه يشـكّل‬
‫نموذجـا للتَّعليم عن‬
‫ً‬ ‫ُب ْع ٍـد يف إحـدى أهـم اجلامعـات الليبيـة التـي يمكـن أن تعتمـد‬
‫ُب ْع ٍـد يف ظـل اجلائحـة‪.‬‬

‫‪ -13‬جتربة الدول اخلليجية‪:‬‬


‫كانـت دول اخلليـج سـ َّباقة إىل خـوض جتربـة التعليـم اإللكتروين والتعليـم عـن‬
‫ُبعـد‪ ،‬واالنغماس يف معطياهتـا‪ ،‬بام متتلكه من ترسـانات رقمية‪ ،‬وشـبكات تواصلية‪،‬‬
‫وأجهـزة حديثـة‪ ،‬وبنيـة حتتيـة إلكرتونية تضاهـي إىل حدّ ما الـدول املتقدّ مة‪ ،‬لذا كان‬
‫وسـجلت معظم‬‫َّ‬ ‫ً‬
‫سـهل ومستسـا ًغا ورسي ًعـا‪.‬‬ ‫االنتقـال إىل الفضـاء الرقمـي اجلديـد‬
‫الصعـود على أمواج‬ ‫دول اخلليـج جتـارب مميـزة عامل ًّيـا يف خـوض هـذه التجربـة ويف ُّ‬
‫األزمـة التاجية‪.‬‬
‫املؤسسـات اجلامعيـة يف دول اخلليـج بشـكل عـا ّم استراتيجيات‬ ‫واعتمـدت َّ‬
‫السـت اعتمدت‬
‫َّ‬ ‫أن الدول‬‫وتبين املالحظـات َّ‬
‫متقاربـة يف مواجهـة األزمـة التاجيـة‪ّ .‬‬
‫نظـام التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ كما اعتمـدت التعليم املدمـج اجلامع بني‬
‫النظامين‪ :‬التقليـدي الواقعـي والتعليـم اإللكرتوين‪ ،‬باسـتثناء السـعودية والكويت‬
‫اللتين اعتمدتـا نظـام التعليـم عـن ُب ْع ٍـد فقـط مـن دون العـودة إىل املقاعد الدراسـية‬
‫(القبـس‪.)2020 ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وقـد أفضنـا سـاب ًقا يف تفصيـل معطيـات التجربـة اخلليجيـة يف ميـدان التعليـم‬
‫العـام األسـايس‪ ،‬وهـو تفصيـل يشـمل اإلجـراءات التـي اختـذت يف ميـدان التعليـم‬
‫العـايل‪ ،‬إذ غال ًبـا مـا تكـون اإلجـراءات واحـدة بالنسـبة جلميـع املؤسسـات التعلمية‬
‫األساسـية واجلامعيـة‪ .‬ومـع ذلـك يبـدو لنـا رضور ًّيـا ختصيـص ح ّيز يف هـذا املبحث‬
‫للحديـث بصـورة رسيعة عن جتربة بعـض دول اخلليج العريب يف جمال التعليم العايل‬
‫كل مـن دولتي‪ :‬قطر‬ ‫عرضا لإلجـراءات التـي اختذهتا ٌّ‬
‫واجلامعـي‪ .‬وسـنقدّ م فيما يلي ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪290‬‬
‫معبيـن عـن جتـارب الـدُّ ول األربـع األخـرى التـي ختتلف‬
‫والسـعودية كنموذجين ّ‬
‫يف بعـض تفاصيـل األزمـة‪ ،‬أسـوة بام قدمناه عـن بعض التجـارب العربيـة والعاملية‪.‬‬

‫‪ -1-13‬التجربة القطرية‪:‬‬
‫تعــدُّ التجربــة اجلامعيــة القطريــة مــن التجــارب املميــزة يف مواجهــة األزمــة التاجية‪،‬‬
‫«وكانــت قطــر مــن بــن الــدول األوىل يف اخلليــج العــريب التــي ط َّبقــت نظــام التعليــم‬
‫عــن ُبعــد‪ ،‬يف مــارس ‪2020‬؛ لتعويــض الطــاب عـ َّـا فاهتــم بعيــد إغــاق املــدارس؛‬
‫ـكل مــن‪ :‬الطالــب‬ ‫عــر توفــر نظــام متطـ ّـور يتيــح التَّفاعــل والتواصــل مــع املعلــم لـ ّ‬
‫وو ّيل األمــر‪ ،‬باإلضافــة إىل الــدروس اليوميــة املصــورة بأحــدث التقنيــات؛ مــع‬
‫اســتمرار التطويــر عــى النظــام لتفــادي األخطــاء وحتســن املســرة التعليميــة» (زيــن‪،‬‬
‫كبــرا خــال الفــرة املاضيــة يف جمــال‬‫ً‬ ‫‪ .)2020‬وقــد ح َّققــت جامعــة قطــر تقد ًمــا‬
‫التعليــم عــن ُبعــد‪ ،‬واعتمــدت اجلامعــة عــد ًدا مــن املنصــات التعليميــة املهمــة مثــل‪:‬‬
‫«بــاك بــورد» و»مايكروســوفت تيمــز» و»ويبكــس ‪( »Webex‬مهــدي‪.)2020 ،‬‬
‫وبعـد نجـاح ‪ %95‬مـن الطلاب واجتيازهـم للعـام الـدرايس عبر نظـام التعليم‬
‫عـن ُب ْع ٍـد والفحـص املبـارش لطلبـة الثانويـة العا َّمـة يف يونيـو ‪ ،2020‬عملـت وزارة‬
‫التعليـم والتعليـم العـايل القطرية‪ ،‬خلال يوليو وأغسـطس ‪ ،2020‬عىل جتهيز خطة‬
‫العـام األكاديمـي القـادم (‪ ،)2021 - 2020‬وسـبل التَّعامـل مـع اسـتمرار تفشي‬
‫الفريوس (زيـن‪.)2020 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وطرحـت الـوزارة يف ‪ 19‬أغسـطس ‪ ،2020‬آخـر تعديالهتـا خلطـة العـودة‬


‫املدرسـية‪ ،‬مـع تطبيـق نظـام «التعليـم املدمـج» خالل الفصـل الـدرايس األول للعام‬
‫األكاديمـي املقبـل‪ ،‬يف مجيـع املراحـل التعليميـة للمـدارس احلكوميـة واخلاصـة‬
‫وريـاض األطفـال ومؤسسـات التعليـم العـايل (زيـن‪ .)2020 ،‬ويعـرف التعليـم‬
‫املدمـج بأنَّـه شـكل جديـد لربامـج التدريـب والتعلـم يمـزج بصـورة مناسـبة بين‬
‫التعلـم الص ّفـي واإللكتروين وفـق متطلبـات املوقـف التعليمـي؛ هبـدف حتسين‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪291‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وقررت الـوزارة أن يكون االنتظام‬ ‫ّ‬
‫وبأقل تكلفة ممكنـة‪َّ .‬‬ ‫حتقيـق األهـداف التعليميـة‬
‫تدرجي ًّيـا يف اجلامعـات‪ ،‬بحيث يكون الدوام خالل األشـهر الثالثة األوىل (من شـهر‬
‫سـبتمرب إىل هنايـة نوفمبر)‪ ،‬وبنسـبة حضور ‪%30‬؛ مع اسـتمرار التَّعلـم املدمج‪ ،‬عىل‬
‫ـدرج حضـور الطلاب لالمتحانـات ضمـن درجـات تقييمهـم بقـدر اإلمـكان‬ ‫أن ُي َ‬
‫اخلاصـة باجلائحة» (زين‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وحسـب احلاجـة‪ ،‬مـع ّاتاذ مجيـع اإلجـراءات االحرتازية‬
‫‪. )2020‬‬
‫وعـن دور اجلامعـات خلال الفترة السـابقة مـن كورونـا‪ ،‬يقـول الدكتـور أمحـد‬
‫علـوي األسـتاذ املشـارك يف كليـة العلـوم اإلنسـانية واالجتامعيـة بجامعـة محـد‬
‫بـن خليفـة‪« :‬عملـت إدارة الكليـة على توجيـه املوظفين واألسـاتذة بخصـوص‬
‫االشتراطات واإلجـراءات االحرتازيـة الواجـب اتباعهـا يف مجيـــع املنشـــآت‬
‫التعليميـــة التابعة للكلية مـــن أجــل العمل يف إطار بيئـــة تعليميــة آمنــة وصحيــة‬
‫وحمفـــزة للتعلـــم‪ .‬ومنهـا احلضـور إىل املنشـآت التعليميـة عنـد الضرورة فقـط‪،‬‬
‫واحلـرص على ارتـداء كاممـات الوجـه» (مهـدي‪.)2020 ،‬‬
‫ومنـذ اإلعلان عـن اسـتئناف الدراسـة‪« ،‬عملـت كليـة العلـوم اإلنسـانية‬
‫واالجتامعيـة على وضـع اخلطـط والبدائـل الف َّعالـة لضمان مواصلـة مجيـع الطلاب‬
‫ال ُقدامـى لتعليمهـم وعـدم خت ُّلـف الطلاب اجلـدد عـن االلتحـاق بالربامـج التـي‬
‫مفصـل لكافـة املـواد الدراسـية وحتديـد كيفيـة‬
‫تصـور َّ‬ ‫ُّ‬ ‫تـم وضـع‬‫سـجلوا فيهـا‪ .‬كما َّ‬
‫تدريسـها عبر اسـتخدام أسـلوب التع ُّلـم عـن ُبعـد‪ ،‬والـذي َّ‬
‫يسرت لـه إدارة الكلية‬
‫كافـة الرتتيبـات لتمكين املدرسين مـن تطويـر مهاراهتـم مـن أجـل أداء مهامهـم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الرتبويـة يف أفضـل الظروف»(مهـدي‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -2-13‬التجربة السعودية‪:‬‬
‫تشـكل جتربـة اململكة العربية السـعودية جتربة رائدة يف جمـال التصدي للجائحة‪.‬‬
‫وكانـت القـرارات التـي ّاتـذت واالستراتيجيات التـي اعتمـدت يف جمـال التعليـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪292‬‬
‫العـام واجلامعـي موضـوع احترام وتقديـر مـن قبـل اخلبراء والرتبويين‪ .‬وقـد‬
‫بالسعـة والد َّقـة واحلـزم مـع بداية األزمة حيـث َّاتذت‬‫السـعودية ُّ‬‫مت َّيـزت التَّجربـة ُّ‬
‫اإلجـراءات احليويـة املناسـبة حلاميـة الطلاب وحتقيـق اسـتمرارية التعليـم بالتعليـم‬
‫أن اجلامعات السـعودية أوصـدت أبواهبا أمام‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ‪ ،‬و ُيذكـر َّ‬
‫لتفشي فيروس «كورونـا»‪ ،‬وأظهـرت إحصـاءات التعليم‬ ‫طالهبـا وطالباهتـا تفاد ًيـا ّ‬
‫إطلاق أكثـر مـن ‪ 1.2‬مليـون فصـل افرتايض‬‫َ‬ ‫السـعودية‬ ‫اإللكتروين يف اجلامعـات ُّ‬
‫ألكثـر مـن ‪ 1.2‬مليـون مـن طلبـة اجلامعـات (يوسـف‪.)2020 ،‬‬
‫اتَّسـمت احلالـة السـعودية بتوافـر البنيـة التحتيـة للتَّواصـل اجلامـع بني‪ :‬األسـتاذ‬
‫والطالـب‪ ،‬وكذلـك بين عنـارص املنظومـة التعليميـة باجلامعـة بعضهـا ببعـض مـن‬
‫ناحيـة‪ ،‬وبينهـا وبين الطالب مـن ناحية أخـرى‪ ،‬ولعل ذلك يرجـع إىل جهوزية هذه‬
‫البنيـة قبـل اجلائحة‪.‬‬
‫يرتبــط النظــام التعليمــي يف اجلامعــات الســعودية بنظــام تكنولوجــي تعليمــي‬
‫يتضمــن أدوات متعــددة‬‫َّ‬ ‫هــو نظــام «البــاك بــورد» (‪ ،)Blakboard‬وهــذا النظــام‬
‫تدعــم املعلــم واملتعلــم‪ ،‬وكذلــك املنظومــة اإلداريــة التــي ترتبــط بعمليــة التعليــم‪،‬‬
‫«كــا أنــه يتيــح وســائل متعــدّ دة اخليــارات يمكــن مــن خالهلــا التَّنويــع يف وســائل‬
‫أيضــا يتيــح إجــراء االختبــارات اخلاصــة‬ ‫االتصــال بــن األســتاذ والطالــب‪ ،‬كــا أ َّنــه ً‬
‫الراجعــة الفوريــة للطالــب‪ ،‬وتتـ َّ‬
‫ـول عــادة‬ ‫باملقـ َّـررات الدّ راســية وتقديــم التغذيــة َّ‬
‫التعليــم اإللكــروين والتعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد متابعــة اســتخدام هــذا النّظــام لعنــارص‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫العمليــة التعليميــة يف اجلامعــة الســعودية» (حســان‪.)2020 ،‬‬


‫السـعودية مبـادرة‬ ‫وقـد أطلقـت جامعـة امللـك عبـد العزيـز كبرى اجلامعـات ُّ‬
‫الفصـول االفرتاضيـة ملواجهـة تداعيـات فيروس كورونـا ولضمان عـدم تأ ُّثـر‬
‫املتخصصـة‪ .‬ومتَّـت هـذه املبـادرة‬
‫ّ‬ ‫العمليـة التعليميـة يف كليـات ومراكـز اجلامعـة‬
‫التحـول االفرتايض‬
‫ُّ‬ ‫بفضـل البنيـة التحيـة التقنيـة القوية للجامعـة والتـي مكنتها من‬
‫قيـايس السـتئناف العمليـة التعليميـة عـن ُب ْع ٍـد وترتيـب عمليـة التواصـل‬
‫ّ‬ ‫يف وقـت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪293‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫بين أسـاتذة اجلامعـة وطالهبـا‪ ،‬وحتديـد مواعيـد وآليـات االختبـارات االفرتاضيـة‬
‫مـن خلال بلاك بـورد لتقديـم املحـارضات حسـب جـدول معلـن للطلاب‪ .‬ويف‬
‫هـذا املعنـى‪ ،‬يقـول الدكتـور عبـد اهلل الوليـدي‪ ،‬املشرف العام على «املركـز الوطني‬
‫إن عـدد الطلاب والطالبات الذين اسـتفادوا من‬ ‫السـعودي للتعليـم اإللكتروين»‪َّ :‬‬
‫منصـة التعليـم اإللكتروين يف اجلامعـات باململكـة بلـغ نحـو ‪ 1.2‬مليـون طالـب‬ ‫َّ‬
‫املقررات‬
‫وطالبـة‪ .‬وأن عـدد األسـاتذة يبلـغ ‪ 70‬ألف مدرس‪ ،‬يف حني يتجـاوز عدد َّ‬
‫مقرر (يوسـف‪ .)2020 ،‬ويتابع الوليدي حديثه بالقول‪َّ :‬‬
‫«إن‬ ‫الدراسـية ‪ 265‬ألف َّ‬
‫أن التعليـم اإللكتروين خيار استراتيجي لضامن اسـتمرارية التعليم‪،‬‬ ‫األرقـام تثبـت َّ‬
‫ً‬
‫مسـتقبل فقط‬ ‫وكذلـك لتطويـر التعليـم‪ .‬ونالحظ هنـا تغيُّ األدوار‪ ،‬فلـم يعد الطالب‬
‫ملحـارضة تلقـى عليـه من خبير يف حمتوى املادة‪ ،‬بـل أصبح يدخل عىل مصـادر متعددة‬
‫أن املعلـم‬‫خمتلـف عـن غيره مـن الطلاب‪ ،‬باإلضافـة إىل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مسـار يناسـبه‪،‬‬ ‫ويتعلـم وفـق‬
‫حتـول إىل مرشـد وداعـم للطالـب‪ ،‬وأصبـح‬ ‫مل يعـد مصـدر املعلومـات واملعرفـة‪ ،‬بـل َّ‬
‫الطالـب يتفاعـل مـع بقيـة الطلاب واملحتـوى بمختلـف مصـادره مـع املعلـم كذلك‪.‬‬
‫ويف الظـروف الطبيعيـة‪ ،‬يقـدم نمـط التعليـم اإللكتروين الـذي يدمـج بين التعليـم‬
‫اإللكتروين الكامـل غير املتزامـن والتعليـم اإللكرتوين املتزامـن أو التقليـدي املبارش‪،‬‬
‫نتائـج مثاليـة‪ ،‬تضـاف إىل ذلـك أنماط التعليـم اإللكتروين املفتوحـة‪ ،‬مثـل منصـات‬
‫الـ(مـووك)((( العامليـة التـي أصبـح هلـا أثر كبير يف تطويـر التعليم»(يوسـف‪.)2020 ،‬‬
‫وعـن إمكانـات نجـاح هـذا النـوع مـن التعليـم‪ ،‬قـال الوليـدي‪« :‬هنـاك كثير مـن‬
‫مههـا لنجاح التعليـم اإللكرتوين‪ ،‬ومن‬ ‫العنـارص‪ ،‬وقـد يكـون التصميـم واإلدارة من أ ّ‬
‫أن توفـر التقنية واملحتوى كفيالن بنجـاح التعليم اإللكرتوين‪ ،‬وهذا‬ ‫املفاهيـم اخلاطئـة َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫غير دقيـق؛ إذ َّإنما ال ينبغـي أن يكونـا حمـور الرتكيـز‪ ،‬بـل إن يكـون التصميـم جتربـة‬
‫املتعلـم‪ .‬تضـاف إىل ذلـك أمهيـة االنفـكاك مـن حمـدّ دات التعليـم التقليـدي؛ إذ ينظـر‬
‫البعـض للتعليـم اإللكتروين على أنَّـه جمـرد حتـول ملـا حيـدث يف القاعـة الدراسـية إىل‬
‫‪« - 3‬مــوك» ( ‪ : )MOOC‬اختصــار للعبــارة اإلنجليزيــة‪ )Massive Open Online Courses( :‬التــي يمكــن ترمجتهــا عربيــا‬
‫إىل ‪ :‬الدروس اجلامعيــة اإللكرتونيــة املفتوحــة عــر الشــبكة ‪،‬وهــي طريقــة جديــدة متكــن آالف الطــاب مــن الدراســة عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد و باملجــان يف أفضــل اجلامعــات العامليــة‪ ،‬عــر اإلمكانــات اهلائلــة التــي توفرهــا شــبكة اإلنرتنــت‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪294‬‬
‫الفصـل االفترايض‪ ،‬وذلـك ال يعطـي األثر املطلـوب؛ إذ َّ‬
‫إن التَّعليـم اإللكرتوين نمط‬
‫حتـويل حيتـاج كـي ينجـح إىل تغيير جـذري يف التَّعليـم والتَّعلـم» (يوسـف‪.)2020 ،‬‬
‫ُّ‬
‫وقـد مكنـت البنيـة التحتيـة والرقميـة اجليـدة للجامعـات السـعودية الطلاب‬
‫مـن التواصـل الفعـال بينهـم وبين أعضـاء اهليئـة التدريسـية‪ ،‬ومـن بـث املحارضات‬
‫إلكرتون ًّيـا وبصـورة جيـدة‪ ،‬ووظفـت بشـكل جيـد يف عمليـة التقييـم االمتحـان‬
‫للطلاب وذلـك مـن خلال مـا يوفـره برنامـج «البلاك بـورد» مـن طاقـة رقميـة‬
‫خمصصـة هلـذا النـوع من االختبـارات اإللكرتونيـة‪ .‬ومع توفر هـذا البنية اللوجسـتية‬
‫واخلبرات الرقميـة تم التغ ُّلب عىل إشـكالية إلغاء العام الدرايس (حسـان‪.)2020 ،‬‬
‫وجتـدر اإلشـارة يف هـذا السـياق إىل أن وزارة التعليـم العـايل متنـح االسـتقاللية‬
‫العاليـة للجامعـات السـعودية يف إدارة منظومتهـا التعليميـة‪ ،‬وال تقـوم الـوزارة‬
‫إال بـدور املشرف واملن ّظـم يف ذلـك‪ ،‬وهلـذا فاملالحـظ وجـود تبايـن يف خطـة العـام‬
‫الـدرايس القـادم‪ ،‬فبعـض اجلامعـات ‪ -‬مثل جامعـة أم القرى‪ -‬أعلنت أهنا سـتعتمد‬
‫نظـام التعليـم عـن ُبعد‪ ،‬يف حين جتري جامعات أخـرى جتهيزات ميدانية السـتقبال‬
‫الطلاب دون أي إشـارة إىل طبيعـة ذلـك االسـتقبال‪ ،‬وجامعـات أخـرى مل تأخـذ‬
‫قرارهـا حتَّـى اآلن (حسـان‪.)2020 ،‬‬
‫يقـر اخلبراء بنجـاح جتربـة دول جملـس التعـاون يف املواجهـة الرتبويـة للجائحـة‬‫ُّ‬
‫التاجيـة‪ .‬ويـرى كثير منهـم أن هـذا النجـاح يعـود إىل تكامـل جمموعـة مـن العوامل‬
‫اللوجسـتية التـي كان هلـا أكبر األثـر يف نجـاح التجربـة ويف التصـدي املتقـن لوبـاء‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫كورونـا ومتابعـة التحصيـل العلمـي يف اجلامعـات وخمتلـف املؤسسـات الرتبويـة‪.‬‬


‫ومـن بين أبـرز هـذه العوامـل يشـار إىل الشـفافية التـي اعتمـدت يف مواجهـة الوبـاء‬
‫والتصـدّ ي لـه بوضـوح‪ ،‬وذلـك ألنـه ال يوجـد لدهيـا « أي سـبب إلخفـاء حجـم‬
‫انتشـاره كما فعلـت الصين وإيـران حسـب الكثير مـن التقاريـر االسـتخباراتية‬
‫والصحفيـة‪ ،‬كما أن مسـتوى اخلدمـات الطبيـة يف دول اخلليـج ج ّيـد ويضاهـي أكثـر‬
‫تطـورا‪ .‬وقـد سـمحت هـذه الشـفافية بمتابعـة سير الوبـاء مـع مـا حيدثـه من‬
‫ً‬ ‫الـدول‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪295‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مضاعفـات ووفيـات يو ًمـا بيـوم‪ ،‬ممَّـا أنتـج قاعـدة بيانـات ومعلومـات إحصائيـة‬
‫واسـعة متاحـة أمـام اجلميـع وهلـا درجـة كبيرة مـن املصداقيـة (بوظـو‪.)2020 ،‬‬
‫وبصـورة عامـة يمكـن القـول بـأن التجربـة اخلليجيـة كانـت مـن أكثـر التجـارب‬
‫نجاحـا يف تبنّـي التوجهـات احلديثـة للتعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة‬
‫ً‬ ‫العربيـة والعامليـة‬
‫الطـوارئ‪ .‬وهـي جتربـة يمكـن االسـتفادة مـن وقائعها وخالصاهتـا لتطويـر التعليم‬
‫العـايل يف جمـال التعليـم الرقمـي واإللكتروين يف املسـتقبل‪.‬‬

‫‪ -14‬الصعوبات والتحديات التي واجهت التعليم اجلامعي عن ُبع ٍْد يف اخلليج‪:‬‬


‫دائما يف دراسـتنا‪ ،‬ويف خمتلـف املسـتويات‪،‬‬ ‫السـؤال األول الـذي يطـرح نفسـه ً‬
‫هـو‪ :‬هـل ارتقـى التعليـم العـايل اخلليجي يف جتربتـه يف التعليـم عن ُب ْع ٍد إىل مسـتوى‬
‫التعليـم اإللكتروين الـذي يسـتويف الشروط الرتبويـة املطلوبـة ملثـل هـذا التعليـم؟‬
‫َ‬
‫لتنتقل‬ ‫وبعبـارة أخـرى هـل اسـتطاعت التجربـة اخلليجية اجلامعيـة أن تطور نفسـها‬
‫مـن التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ إىل حالـة التعليـم اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد‬
‫الـذي يقـوم على ركائـز فلسـفية ومهنيـة وتربويـة متميـزة؟‬
‫واجلـواب نجـده عنـد الدكتـورة يسرى موزوجـي‪ -‬نائبـة رئيـس جامعة مسـقط‬
‫تعليم‬
‫يف ُعمان‪ -‬التـي تقـول‪« :‬إن مـا رأينـاه يف كثري من احلـاالت‪ ،‬مل يكن بالضرورة ً‬
‫تسـليم لـذات املـواد (التقليديـة) عبر منصـة افرتاضيـة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إلكرتون ًّيـا أكثـر مـن كونـه‬
‫للتعلـم اإللكتروين قاعـدة تربويـة خمتلفة‪ .‬سـتتم خدمـة اجلامعات بشـكل أفضل يف‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫األشـهر القادمـة مـن خلال وضع هـذا التحذيـر يف االعتبـار‪ ،‬والتفكري يف أسـاليب‬
‫لتكـون أكثـر مالءمـة وفعاليـة يف وضـع‬ ‫َ‬ ‫التدريـس والتوصيـل والتقييـم وحتسـينها؛‬
‫التعلـم اإللكتروين»( ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪ . )2020 ،‬ونحـن بدورنا ومـن خالل جتربتنا‬
‫الطويلـة يف جامعـة الكويـت‪ ،‬ومـن خلال متابعتنـا لكثير مـن التجـارب‪ ،‬نـرى َّ‬
‫أن‬
‫التَّعليـم الـذي خربتـه اجلامعـات اخلليجيـة مل يكـن غير التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة‬
‫الطـوارئ يف خمتلـف املسـتويات‪ .‬فهنـاك عـدد كبير مـن املدرسين وأعضـاء اهليئـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪296‬‬
‫التدريسـية الذيـن ال يمتلكـون أي خبرة يف هـذا املجـال‪ ،‬وبعضهـم ال يملـك أي‬
‫خبرة يف جمـال املعلوماتيـة‪ ،‬والسـ َّيام التطبيقـات احلاسـوبية التي أصبحـت رضورية‬
‫صماء للتعليـم التقليـدي‬ ‫كل مـا نـراه حتـى اليـوم هـو عمليـة نقـل َّ‬ ‫إن َّ‬
‫لـكل متع ّلـم‪َّ .‬‬
‫بتوسـط اإلنرتنـت‪ ،‬وق َّلما نجـد جتربـة فعلية تعرب عـن تعليـم إلكرتوين عن‬ ‫ودروسـه ُّ‬
‫ُب ْع ٍـد وف ًقـا للمتطلبـات احلقيقيـة‪ .‬وهـذا يعنـي أننـا مجي ًعـا ‪ -‬وأقصـد أعضـاء اهليئـة‬
‫مهنـي جديـد يمكّـن من اكتسـاب املهـارات املطلوبة‬ ‫ّ‬ ‫التدريسـية‪ -‬نحتـاج إىل إعـداد‬
‫مهن ًّيـا يف جمـال التعليـم اإللكتروين‪ ،‬وهـو املسـار الصحيـح الـذي يتع َّلم فيـه أعضاء‬
‫اهليئـة التدريسـية تصميـم املحتوى اإللكتروين للتعليم اإللكرتوين عـن ُب ْع ٍد بطريقة‬
‫منهجيـة وف َّعالـة تتناسـب مـع معطيـات هـذا التعليـم وفلسـفته احليويـة‪ .‬وكما ذكرنا‬
‫ملقـرر واحـد قـد حيتـاج إىل مـدة‬ ‫يف فصـول سـابقة‪ ،‬فـإن إعـداد املـادة اإللكرتونيـة ّ‬
‫للمتخصصين يف هـذا النـوع مـن التعليم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تتراوح بين سـتة أو سـبعة أشـهر‪ ،‬وهـذا‬
‫نفسر انتقـال مجيـع أعضـاء اهليئـة التدريسـية إىل هـذا‬ ‫وضمـن هـذا املنظـور‪ ،‬كيـف ّ‬
‫أن ما نـراه‪ ،‬ومـا خربناه يف‬ ‫الشـك فيـه َّ‬
‫َّ‬ ‫النـوع مـن التعليـم بين عشـية وضحاهـا؟ ممَّا‬
‫أصـم لـدروس التعليم التقليدي عرب الشـبكة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التجربـة اخلليجيـة وغريهـا‪ ،‬هو نقل‬
‫وهـذا يعنـي نو ًعـا مـن املامرسـة التقليديـة للتعليـم منقولـة عبر النـت‪ ،‬وهـي جتربـة‬
‫أن هـذا التعليم‬ ‫غير ناجحـة على اإلطلاق؛ إذ جيـب علينـا أن نأخـذ بعين االعتبـار َّ‬
‫فاشلا‪ ،‬ألن التعليـم التقليدي ال ينجح أبدً ا هبـذه الطريقة وليس‬ ‫ً‬ ‫التقليـدي سـيكون‬
‫أي فرصـة لتحقيـق غاياتـه الرتبوية‪.‬‬ ‫لديـه ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -15‬استطالع آراء املفكرين واخلبراء يف جدوى التعليم اإللكتروني يف اخلليج‪:‬‬


‫كبيرا مـن اخلبراء واملسـؤولني يف دول اخلليـج العـريب متفائلـون‬
‫يبـدو أن عـد ًدا ً‬
‫ومؤسسـات التعليـم العـايل‪ ،‬لكنَّهـم يف‬
‫َّ‬ ‫بنتائـج التعلـم اإللكتروين يف اجلامعـات‬
‫أيضـا عـن عـدد مـن املشـكالت الواجـب‬ ‫أن التجربـة كشـفت ً‬ ‫الوقـت نفسـه يـرون َّ‬
‫معاجلتهـا هبـدف االسـتفادة مـن التَّعليـم اإللكتروين بشـكل ف َّعـال‪ .‬ومـن أجـل‬
‫مهمة‬
‫استكشـاف أبعـد هلـذه القضيـة قام سـينثيل ناثـان‪ ،‬بإجراء دراسـة اسـتطالعية َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪297‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫جـدًّ ا حـول مسـتقبل التعليـم العـايل خلال أزمة فيروس كورونـا وبعدها‪ ،‬اسـتفتى‬
‫فيهـا آراء عـدد كبير مـن املسـؤولني األكاديميين يف الشرق األوسـط‪ .‬ونتائـج هـذه‬
‫الدراسـة تل ّبـي حاجتنـا إىل التَّعـرف على مالبسـات هـذه القضيـة‪ ،‬والكشـف عـن‬
‫سـلبيات وإجيابيـات جتربـة التعليـم العـايل عـن ُب ْع ٍـد يف حالـة الطـوارئ يف بلـدان‬
‫اخلليـج العـريب (ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪.)2020 ،‬‬
‫وأبـدى الدكتـور خالـد الصالـح‪ ،‬نائـب مديـر جامعـة عجمان‪ ،‬يف اإلمـارات‬
‫العربيـة املتحـدة‪ ،‬رضـاه عـن الرسعـة التـي تبنَّـى فيهـا أعضـاء هيئـة التدريـس‬
‫سـارة‪ ،‬وسـارت‬‫والطلاب التع ُّلـم عبر اإلنرتنـت‪ ،‬قائلا‪« :‬كانـت مفاجـأة إجيابيـة َّ‬
‫األمـور على نحـو أفضـل ممـا تو َّقعته معظـم اجلامعـات من حيـث تقديم الـدَّ ورات‪،‬‬
‫واسـتجابة الطلاب‪ ،‬وتك ُّيـف أعضـاء هيئـة التدريـس مـع هـذا النمـط مـن التعليم‪،‬‬
‫حتـى حضـور الطلاب كان أفضـل مـن واقـع احلضـور يف فصـول احلـرم اجلامعي»‬
‫(ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪. )2020 ،‬‬
‫ويف الوقــت نفســه أشــار تومــاس ج‪ .‬هوشــتيتلر‪ ،‬عضــو هيئــة االعتــاد‬
‫األكاديمــي (‪ )CAA‬بــوزارة الرتبيــة والتعليــم باإلمــارات‪ ،‬إىل أن «مؤسســات‬
‫أول وبشــكل عــام‪ :‬اســتوعبت عــى الفــور حتديــات التحــول إىل‬ ‫التعليــم العــايل‪ً ،‬‬
‫التعلــم اإللكــروين‪ ،‬يف منتصــف الفصــل الــدرايس وكـ َّـرس أعضــاء هيئــة التدريــس‬
‫واإلداريــون عــى حــدٍّ ســواء أنفســهم بالكامــل ألداء هــذه املهمــة الشــاقة‪ .‬ثان ًيــا‪:‬‬
‫أصبــح العديــد مــن املؤسســات يف طــور تكويــن مؤسســات تعليــم إلكــروين»‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫(ناثــان‪ ،‬ســينثيل‪. )2020 ،‬‬


‫وأبـدى الدكتـور عمار كاكا‪ ،‬وكيـل ونائب مديـر جامعة هرييـوت‪-‬وات يف ديب‪،‬‬
‫رأيـه قائلا‪ »:‬أعتقـد أن يف إمكاننـا القيـام بالكثري وبشـكل ف َّعال عبر اإلنرتنت‪ ،‬وقد‬
‫أظهـرت األسـابيع املاضيـة تفاعـل كادرنـا وطالبنـا مـع األمـر بشـكل جيـد جـدا»‬
‫(ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪ .)2020 ،‬ولئـن أبـدى أحـد املسـؤولني يف إحـدى األكاديميـات‬
‫العاملـة يف ديب عـدم رضـاه عـن اعتماد التعليـم اإللكتروين بالكامـل يف مؤسسـته‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪298‬‬
‫ً‬
‫متفائل بشـأن‬ ‫فإنَّـه قـد بـدا مـع ذلك‪ ،‬شـأنه شـأن العديـد مـن املشـاركني اآلخريـن‪،‬‬
‫حصـول « تغيير كبير على املـدى الطويـل ‪ -‬يف مسـتوى قبـول املنظمين للتعلم عن‬
‫ُبعـد»‪ .‬وع َّقـب قائلا إنـه‪« :‬سـيكون هلـذا التطـور عواقـب كبيرة عىل منطقـة الرشق‬
‫واملرشعني بشـكل‬
‫ّ‬ ‫األوسـط وشمال أفريقيـا‪ ،‬حيـث ال يعتمـد العديـد مـن املنظمين‬
‫عـام برامـج التعلـم عبر اإلنرتنـت أو التعلـم عـن ُب ْع ٍـد بشـكل كامـل»‪( .‬ناثـان‪،‬‬
‫سـينثيل‪. )2020 ،‬‬
‫أن تقييـم تعلـم الطلاب يشـكّل أحـد التحدّ يـات التـي‬ ‫ورأى بعـض املشـاركني َّ‬
‫السـياق أشـار الدكتور عبـد الرحيم صابـوين‪ ،‬عميد كلية‬ ‫جتـب مواجهتهـا‪ .‬ويف هذا ّ‬
‫اإلمـارات للتكنولوجيـا يف أبـو ظبـي‪ ،‬إىل أن « التحـدي األكبر مت َّثـل يف التقييـم‪،‬‬
‫السـ َّيام مـن خلال امتحانات الكاميرا املتزامنـة‪ ،‬حيث ُينظـر إليها عىل أهنـا تطفلية»‬
‫(ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪.)2020 ،‬‬
‫وعلى خلاف مـا سـبق مـن آراء ومواقـف‪ ،‬أكَّـد الدكتـور غسـان عـواد‪ ،‬رئيـس‬
‫جامعـة العلـوم التطبيقيـة يف البحريـن‪ ،‬جـدوى االمتحانـات عبر اإلنرتنـت‪ .‬قائال‪:‬‬
‫تـم تصميمـه بشـكل صحيـح‪ - .‬نحـن‬ ‫يمكـن أن يكـون ذلـك أكثـر فائـدة إذا مـا َّ‬
‫بحاجـة إىل عقليـة خمتلفـة فحسـب‪ - .‬وجيـري اآلن تطويـر العديـد مـن التقنيـات‬
‫ملعاجلـة مسـألة األصالـة مـن خلال التعـرف على الصـورة والصـوت»‪( .‬ناثـان‪،‬‬
‫سـينثيل‪ .)2020 ،‬ومـن هنـا يمكـن النظر إىل حتـدّ ي التقييم بوصفـه» فرصة لتطوير‬
‫طـرق جديـدة لتقييـم نجـاح الطلاب ‪-‬وحتقيـق القفـزة الكميـة من منصـات التعلم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكتروين األساسـية إىل التعلم الذكي بشـكل مبـارش»‪ ،‬وهذا ما يؤكده هوشـتيتلر‬
‫الـذي يقـول‪ :‬على املعلم الذكـي أن يتعلم ضبـط الطالب وهندسـة التقييامت بطرق‬
‫تركّـز على إبـداع الطلاب (ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪. )2020 ،‬‬
‫تسرب الطلاب‪ ،‬واالنخفـاض املحتمـل يف تسـجيل‬ ‫وفيما يتعلـق بمسـألة ُّ‬
‫الطلاب اجلـدد‪ ،‬والكيفيـة التـي تعتمدهـا اجلامعـات للتعامـل مـع هـذا االحتمال‪،‬‬
‫التكهـن بصـورة واضحـة حـول هـذا‬
‫ُّ‬ ‫وافـق معظـم املسـتفتيني على أنَّـه ال يمكـن‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪299‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫كبيرا سـواء يف‬ ‫املوضـوع‪ ،‬ومـع ذلـك َّ‬
‫فـإن املـوارد املاليـة للجامعـات تواجـه حتدّ ًيـا ً‬
‫اجلامعـات احلكوميـة‪ ،‬أو يف اجلامعـات اخلاصـة‪ .‬ووصـف الدكتور موسـى حمسـن‪،‬‬
‫رئيـس الكليـة األمريكية الدولية يف الكويت هذه املسـألة بد ّقـة‪ ،‬إذ يقول‪ :‬لن يتمكن‬
‫تـم ترسحيهم من وظائفهـم‪ ،‬من توفري‬ ‫األجانـب املقيمـون يف منطقـة اخلليـج‪ ،‬الذين َّ‬
‫األمـوال الالزمـة لتعليـم أطفاهلم يف اجلامعـات املحلية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬سـيعود‬
‫معظـم الطلاب الذيـن يدرسـون حال ًّيـا يف اخلـارج إىل بلداهنـم األصليـة إلكمال‬
‫شـهاداهتم يف اجلامعـات املحليـة‪ .‬على سـبيل املثـال‪ ،‬سـيعود ‪ 35.000‬طالـب‬
‫كويتـي يدرسـون يف اخلـارج إىل الكويـت يف األسـابيع القليلـة القادمـة‪ ،‬ولسـنا على‬
‫درايـة بإمكانيـة عودهتـم إىل اخلـارج مـن جديـد» (ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪. )2020،‬‬
‫أن تسـجيل الطلاب الدوليين ومتابعـة‬ ‫وهنـاك إمجـاع بين املسـتفتيني على َّ‬
‫دراسـتهم سـيتأثر سـل ًبا بالضرورة‪ .‬ويف هـذا يقـول الدكتـور عبـد الرحيـم صابوين‪:‬‬
‫«إن دول اإليفـاد سـتفقد بريقهـا مـع األزمة»‪ .‬ويعتقد الدكتور غسـان عـواد أن هذه‬
‫فرصا للجامعـات املحليـة واإلقليمية»(ناثان‪ ،‬سـينثيل‪،‬‬
‫قائلا‪« :‬إهنـا سـتخلق ً‬‫ميـزة‪ً ،‬‬
‫‪ .)2020‬أمـا بالنسـبة للجامعـات التـي تعتمد بشـكل كبير عىل الطلاب الدوليني‪،‬‬
‫فهنـاك اقتراح يسـمح للطلاب األجانـب باحلصـول على مسـاعدة ماليـة بحسـب‬
‫الشروط اخلاصـة باملتقدمين املحليين نفسـها‪ .‬وتـرى الدكتـورة يسرى موزوجـي‬
‫رضورة إعـادة النظـر يف الشراكات الدوليـة‪ ،‬والنظـر يف كيفية االسـتفادة من التعلم‬
‫املدمج كأداة للحفاظ عىل اسـتمرارية األسـواق الدولية (ناثان‪ ،‬سـينثيل‪. )2020 ،‬‬
‫اخلرجيين اجلـدد‬ ‫ويـرى العديـد مـن املسـؤولني اجلامع ّيين‪ ،‬يف هـذا السـياق‪َّ ،‬‬
‫أن ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الذيـن يفتقـرون إىل اخلربة يف عام ‪ 2020‬سـيواجهون بالتَّأكيد مشـكالت وحتدّ يات‬
‫ّ‬
‫احلـظ حتدّ يـات‬ ‫املرجـح أن تواجـه مثـل هـذه األجيـال سـ ّيئة‬
‫صعبـة جـدًّ ا‪ ،‬ومـن َّ‬
‫مسـتمرة يف حياهتـا املهنيـة على مـدى العقـد املقبـل‪ .‬ويف هـذا يقـول صابـوين‪:‬‬‫َّ‬
‫«سـيواجه اخلرجيـون اجلـدد حتديـات جديـدة يف العثـور على عمـل‪ ،‬وقـد حياولـون‬
‫االلتحـاق بالدراسـات ال ُعليـا أو احلصـول على املزيـد مـن التدريب عبر اإلنرتنت‪،‬‬
‫تتـم إعـادة فتـح األعمال مـرة أخـرى» (ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪.)2020 ،‬‬‫حتـى َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪300‬‬
‫أقـر عـدد مـن قـادة اجلامعـات بحاجـة مؤسسـاهتم لبـذل جهـود إضافيـة‬ ‫كما َّ‬
‫لتوظيـف طالهبـم‪ .‬ومـع ذلـك‪ ،‬شـعر عـدد منهـم َّ‬
‫أن هـؤالء اخلرجيين قـد حيتاجون‬
‫إىل التفكير يف مهاراهتـم‪ ،‬والبـدء يف إعـادة تصـور أنفسـهم كأعضـاء يف قـوة عاملـة‬
‫التغير‪ .‬ويـرى املسـتفتيون أنـه سـتكون هنـاك زيـادة يف الطلـب على خرجيي‬
‫ّ‬ ‫رسيعـة‬
‫التخصصـات الصحيـة‪- .‬وستشـهد تطبيقات الـذكاء االصطناعـي‪ /‬الروبوتات يف‬ ‫ُّ‬
‫والطـب املزيـد مـن الطلـب‪ .‬باإلضافـة إىل ذلك‪ ،‬سـيكون هنـاك طلب عىل‬‫ّ‬ ‫الصحـة‬
‫َّ‬
‫الصحة وإدارة سلسـلة التوريد‬
‫َّ‬ ‫ختصصـات مثـل التجـارة اإللكرتونية واقتصاد َّيـات‬ ‫ُّ‬
‫العاملية»(ناثـان‪ ،‬سـينثيل‪.)2020 ،‬‬

‫‪ - 16‬خامتة الفصل‪:‬‬
‫على الرغـم مـن أن معظـم مؤسسـات التعليـم العـايل مل تسـتثمر تقليد ًّيـا يف‬
‫التعليـم اإللكتروين والتعليـم عـن ُب ْع ٍـد بوصفهما ركيزتين أساسـيتني يف جتربـة‬
‫لتسرع إيقـاع التغيير القائـم على‬‫َ‬ ‫التعليـم اجلامعـي‪َّ ،‬‬
‫فـإن أزمـة كورونـا جـاءت‬
‫الـذكاء االصطناعـي الـذي بـدأ حيـدث تغيرات جوهريـة يف بنيـة التعليـم العـايل‬
‫واستراتيجياته‪ ،‬واسـتطاعت كورونـا يف النّهايـة أن تدخـل حرك َّيـة على التعليـم‬
‫العـايل‪ ،‬وأن تدفـع بـه لالنتقـال إىل التعليـم اإللكتروين بأبعـاده االفرتاضيـة‪ .‬وبدت‬
‫حتـث اخلطـى يف ّاتاه‬‫تأثيرا يف اجلامعـات العريقـة التـي انطلقـت ُّ‬
‫هـذه املوجـة أكثـر ً‬
‫اعتماد التعليـم اإللكتروين بصـورة كاملـة‪ ،‬بما يف ذلـك بلـورة اخلبرات األكاديميـة‬
‫بالصـورة الرقميـة الذكيـة على نحـو كامل وشـامل‪ .‬ومن املؤكَّـد َّ‬
‫بأن األزمـة احلالية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عاجلا إىل ترسيـع هـذا ّ‬


‫االتـاه الرقمـي يف التعليـم يف خمتلـف اجلامعات يف‬ ‫ً‬ ‫سـتؤ ّدي‬
‫ٍ‬
‫العـامل‪ ،‬وربما سـتؤ ّدي جتارب التعليم عـن ُب ْعد التي فرضتهـا كورونا عىل اجلامعات‬
‫واملؤسسـات األكاديميـة إىل تعزيـز التوجهـات املسـتقبلية وإىل حتديـث التعليـم‬
‫اجلامعـي‪ ،‬وترويضـه على معطيـات الثـورة الرقميـة يف جمـال التعليـم اإللكتروين‪.‬‬
‫أن مـا بـدأ كاسـتجابة قصيرة األجـل لألزمـة‪ ،‬سـيغدو على األرجـح‪،‬‬ ‫ويبـدو لنـا َّ‬
‫دائما للتعليـم العـايل‪.‬‬ ‫ً‬
‫حتـول رقم ًّيـا ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪301‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫لقـد ّاتـذت معظـم مؤسسـات التعليـم العـايل واجلامعـي إجـراءات نموذجيـة‬
‫منـذ البدايـة حلاميـة الصحـة يف احلرم اجلامعـي ويف املبـاين والقاعات‪ .‬وشـملت هذه‬
‫لتثقيـف الطلاب بمخاطـر الفيروس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫التدابير تنظيـم محلات إعالميـة واسـعة؛‬
‫ثـم القيـام باإللغـاء‬
‫وتقليـص حركـة التنقـل داخـل اجلامعـة وخارجهـا‪ ،‬ومـن َّ‬
‫التدرجيـي للفعاليـات األكاديميـة واالجتامعيـة احلضوريـة‪ .‬ومـع ذلـك‪َّ ،‬‬
‫فـإن فاعلية‬
‫مؤسسـات‬‫هـذه التدابير رسعـان مـا جتاوزهتـا األحـداث التـي أجبرت خمتلـف َّ‬
‫وجهـا لوجه بشـكل عملي بعد‬‫تتـم ً‬
‫التعليـم العـايل على تعليـق مجيـع األنشـطة التـي ُّ‬
‫انتشـار الفيروس املتسـارع‪.‬‬
‫يفضلـون اليـوم التع ُّلـم‬
‫ومـن املؤكـد أن معظـم الطلاب واملدرسين واإلدار ّيين ّ‬
‫جربـوه‪ ،‬وعرفـوا مزايـاه‬ ‫املعـزز بالواقـع االفترايض بعـد أن َّ‬
‫ّ‬ ‫الرقمـي عـن ُب ْع ٍـد‬
‫وكثيرا مـن اخلبراء يـرون أنـه سـيكون األفضـل يف املسـتقبل‪ ،‬والسـ َّيام‬
‫ً‬ ‫وسـلبياته‪،‬‬
‫فـإن االنتقال إىل هذا املسـتوى‬ ‫أثنـاء األزمـات والكـوارث واجلائحـات‪ .‬ومـع ذلك َّ‬
‫سلسـا ولـن تكـون دروبـه مفروشـة بالـورد‪ ،‬بل‬ ‫مـن التعليـم اإللكتروين لـن يكـون ً‬
‫سـيحتاج إىل درجـة عاليـة من التأهيل والتحضري والعمل واالسـتعداد املهني القائم‬
‫املنصات التعليمية والرتسـانات الرقميـة بصورة وافيـة ومتكاملة‪ ،‬ومثل‬ ‫على توفير َّ‬
‫كبريا أمام اجلامعات واملؤسسـات األكاديميـة ال ُعليا‪ ،‬وال‬
‫هـذا األمـر سيشـكّل حتد ًيا ً‬
‫يمكـن هلـذه اجلامعـات أن تتقاعـس عـن املواجهـة‪ ،‬فاملواجهـة حتم َّية ألنَّ ـا مواجهة‬
‫َّطـور الـذي يفرضـه منطـق العصر وحركتـه التارخيية‪.‬‬
‫مـع حتم َّيـات الت ُّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ومـع التسـليم بأمهية االنتقـال إىل التعليم اإللكرتوين‪ ،‬فإنَّـه ال يمكن التَّغافل عن‬
‫وجـود إشـكاليات وصعوبـات كثرية تواجه هـذه العملية‪ ،‬أبرزهـا صعوبة احلصول‬
‫على التجهيـزات األساسـية للتعليـم اإللكتروين الـذي يتط َّلـب بنيـة حتتيـة مناسـبة‪،‬‬
‫وترسـانة رقميـة مؤهلـة‪ ،‬كما يتط َّلـب تطوير اخلبرات واملهـارات التـي حيتاجها هذا‬
‫أيضا إشـكالية الفجـوة التَّعليميـة بني الفئـات االجتامعية‬
‫النـوع مـن التَّعليـم‪ ،‬وتبرز ً‬
‫تسرب الطالب‪.‬‬ ‫والـدول‪ ،‬ويف مشـكالت ُّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪302‬‬
‫لقـد تب َّينـا بوضـوح يف هـذا الفصـل وجـود فـروق كبيرة يف عمليـة االنتقـال بين‬
‫اجلامعـات يف الـدول املتقدمـة تكنولوجيـا وبين اجلامعـات يف الـدول الفقيرة‪،‬‬
‫سلسـا‬
‫واتَّضـح لنـا أن االنتقـال إىل التعليـم اإللكتروين يف اجلامعـات املتقدمـة كان ً‬
‫وميسـورا‪ ،‬ولكنـه كان شـديد الوطـأة يف جامعـات الـدول الفقيرة‪ .‬وقـد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وسـهل‬
‫أن هـذه الفـروق كبيرة داخـل البلـدان‪ ،‬بين اجلامعـات املعروفـة‬ ‫أيضـا َّ‬
‫الحظنـا ً‬
‫واجلامعـات الناشـئة التـي تعـاين مـن صعوبـات ماديـة ولوجسـتية ومـن نقـص يف‬
‫اخلبرات واملهـارات‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪303‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
:‫السابع‬
َّ ‫مراجع الفصل‬
- Experts’ Opinions (2020). The impact of Covid-19 on Educa-
tion. Consequences and Solutions. 17 July 2020. https://www.
developmentaid. Org/#!/news-stream/post/68932/experts-opin-
ions-the-impact-of-covid-19-on-education-consequences-and-
solutions accessed on20/12/2020
- Hodge. C. (2020). “The Difference Between Emergency Remote
Teaching and Online Learn-ing”. EDUCAUSE Review. 27
March 2020: https://er.educause.edu/articles/2020/3/the-differ-
ence-between-emergency-remote-teaching-and-online-learning
- Hodges . Charles ; Moore. Stephanie ; Torrey . Barb Lockee.
and Bond . Aaron (2020). The Difference Between Emergency
Remote Teaching and Online Learning . Educausreview . Fri-
day. March 27. 2020. https://er. educause. edu/articles/2020/3/
the-difference-between-emergency-remote-teaching-and-on-
line-learning. ACCESSED ON 18/12/2020.
- Inside Higher Ed (2020). Responding to the COVID-19 Crisis: A
Survey of College and Univer-sity Presidents. A study by Inside
Higher Ed and Hanover Research . March 2020. https://www.
insidehighered. Com/system/files/media/IHE_COVID-19_Sur-
veyofPresidents_20200327. pdf. Accessed on 20/12/2020.
- Kauffman . H.(2015). A review of predictive factors of student
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

success in and satisfaction with online learning. Res. Learn.


Technol. 23 (2015).
- Lau . Joyce ; Dasgupta . Bin Yang Rudrani (2020). Will the
coronavirus make online education go viral? March 12. 2020.
https://www.timeshighereducation.com/features/will-coro-
navirus-make-online-education-go-viral. ACCESSED ON
18/12/2020.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 304
- Lederman. Doug (2020). Will Shift to Remote Teaching Be Boon
or Bane for Online Learning? Because of COVID-19. March 18.
2020. https://www. insidehighered. com/digital-learning/arti-
cle/2020/03/18/most-teaching-going-remote-will-help-or-hurt-
online-learning. Accessed on 23/12/2020.
- Muftahu. M. (2020). Higher Education and Covid-19 Pandemic:
Matters arising and the chal-lenges of sustaining academic pro-
grams in developing African universities: International Journal
of Educational Research Review.5(4).417-423. P 418.
- Nelson . Eric(2020). Understanding the Impact of Covid-19 on
Education Sector. Fri. 07-08-2020. https://www. marstransla-
tion. com/blog/understanding-the-impact-of-covid-19-on-edu-
cation-sector. accessed on 20/12/2020
- Smalley. A. (2020). Higher education responses to Coronavirus
(COVID-19). https://www.ncsl.org/research/education/higher-educa-
tion-responses-to-coronavirus-covid-19.aspx. accessed 21 April. 2020.
- UNESCO IESALC. Report (2020). COVID-19 and higher ed-
ucation: today and tomorrow. Im-pact analysis. policy respons-
es and recommendations» . April 9. 2020. https://translate.
google.com.kw/?hl=ar&sl=en&tl=ar&text=UNESCO%20IE-
SALC&op=translate. accessed on 20/12/2020.
- Wexner Medical Center (2020). Information for Ohio State Uni-
versity Students. Faculty and Staff.» The Ohio State University.
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

Wexner Medical Center; «President Eisgruber Updates Univer-


sity on Next Steps Regarding COVID-19 to Ensure Health and
Well-Being of the Entire Community. Princeton University; and
Everett Community College.
:‫ مســتقبل التعليــم بعــد جائحــة كورونــا‬.)2020( ‫ مجــال عــى خليــل‬،‫ الدهشــان‬-
‫ املجلــة الدوليــة للبحــوث يف العلــوم الرتبويــة املجلــد‬،‫ســيناريوهات اســترشافية‬
.139 ‫ ص‬،2020 ،4 ‫ العــدد‬،3

305 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬الطبــويل‪ ،‬حممــد عبــد احلميــد (‪ .)2020‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف جمتمــع مــأزوم‪،‬‬
‫مشــاركة يف منتــدى التعليــم والتعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد أثنــاء الطــوارئ واألزمــات‪:‬‬
‫التعامــل مــع جائحــة كورونــا (أنموذجــا) ‪ 10-9‬أغســطس ‪ 2020‬برعايــة‬
‫املنظمــة العربيــة للرتبيــة والثقافــة والعلــوم واجلامعــة العربيــة املفتوحــة‪.‬‬
‫‪ -‬الوطــن (‪ 13 .)2021‬جامعــة بريطانيــة تواجــه خطــر اإلفــاس بســبب كورونا‪،‬‬
‫‪ 6‬يوليو ‪ ،2020‬شوهد يف ‪http://bitly.ws/b7R2 .2021/1/14‬‬
‫‪ -‬اليونيســكو (‪ .)2020‬موجــز سياســايت‪ :‬التعليــم أثنــاء جائحــة كوفيــد ـ ‪ 19‬ومــا‬
‫بعدها‪ ،‬أغســطس ‪ ،2020‬ص‪.6‬‬
‫‪ -‬بوظــو‪ ،‬عــاد (‪ .)2020‬ملــاذا كان أداء دول اخلليــج مم ّيــزا يف مواجهــة كورونــا؟‬
‫احلــرة‪ 22 ،‬يوليــو ‪ .2020‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b8jS . 2921/1/14‬‬
‫‪ -‬جريــدة القبــس‪« ،‬القبــس» تنــر أبــرز مالمــح اخلطــط الدراســية يف دول جملــس‬
‫التعــاون‪ 3 ،‬ســبتمرب ‪ .2020‬شــوهد يف ‪.2021/1/14‬‬
‫‪https://alqabas.com/article/5798238‬‬
‫‪ -‬حســان‪ ،‬عبد اهلل حســان (‪ .)2020‬مســتقبل التعليم العايل عن ُب ْع ٍد يف ظل «كورونا»‪..‬‬
‫نامذج عربية‪ ،‬املجتمع‪ 11 ،‬أغسطس ‪ .2020‬شوهد يف ‪.2021/1/14‬‬
‫‪https://mugtama.com/ntellectual/item/109424-2020-08-11-08-08-10.html‬‬
‫‪ -‬دهيــان ‪ ،‬باتريــك (‪ .)2020‬جائحــة كوفيــد‪ 19-‬تعــزز فــرص حتصيــل التعليــم‬
‫العــايل عــن ُب ْعـ ٍـد التعليــم والتدريــب العــايل مــن خــال اإلنرتنــت‪ ،‬مؤسســة ديب‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫للمســتقبل‪21 ،‬ســبتمرب‪.2020 ،‬‬


‫‪https://mostaqbal.ae/covid-19-pandemic-enhances-access-to-higher-edu-‬‬
‫‪.‬شــوهد يف ‪cation-via-distance-learning/ 2020/12/14‬‬
‫‪ -‬عويــدات‪ ،‬ناديــة (‪ .)2020‬التعليــم اجلامعــي يف زمــن كورونــا‪ :‬فــرص جديــدة‪،‬‬
‫ناس نيــوز‪.2020-6-1،‬‬
‫‪ ttps://www. nasnews. com/view. php?cat=32057‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪306‬‬
‫‪ -‬مبــارك‪ ،‬معصومــة إبراهيــم (‪ .)2020‬التعليــم عــن ُبعــد‪ ..‬فشـ ٌـل عــن ُقــرب!!‪،‬‬
‫صحيفــة القبــس‪ 6 ،‬أكتوبــر ‪ http://bitly.ws/aMDH .2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬مهــدي‪ ،‬شــوقي (‪ .)2020‬خــراء وتربويــون لـ«لوســيل‪ :‬بنيــة حتتيــة تكنولوجيــة‬
‫قويــة عــززت التعليــم عــن بعــد‪ ،‬لوســيل‪ 10 ،‬ســبتمرب ‪ .2020‬شــوهد يف‬
‫‪http://bitly.ws/b4YQ :2021/1/10‬‬
‫‪ -‬ناثــان‪ ،‬ســينثيل (‪ .)2020‬مــا مســتقبل التعليــم العــايل بعــد أزمــة فــروس‬
‫كورونــا؟ الفنــار لإلعــام‪ .2020-05-11 ،‬شــوهد يف ‪.2021/1/14‬‬
‫‪http://bitly.ws/aNaH‬‬
‫‪ -‬يوســف‪ ،‬فتــح الرمحــن (‪ .)2020‬التعليــم يف اجلامعــات الســعودية يتحــدّ ى‬
‫اجلائحــة‪ ،‬الــرق األوســط‪ ،‬العــدد ‪ 13 ،15112‬أبريــل ‪.2020‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪307‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الفصل َّ‬
‫الثامن‬

‫مستقبل التعليم العالي‬


‫واجلامعي يف ظل أزمة كورونا‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪309‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫«نظامنــا التعليمــي أشــبه بســرة كبــرة قديمــة مرحيــة رثــة»‪ .‬لقــد طــال َأ َمدهــا‪،‬‬
‫ـن عندمــا تســحب منهــا خي ًطــا ســائ ًبا‪ ،‬أي بوضــع‬ ‫وتبــدو غــر قابلــة للتدمــر‪ ،‬لكـ ْ‬
‫الســرة بالكامــل يف االنحــال أنكا ًثــا» ديفيــد‬‫املحــارضات عــى اإلنرتنــت‪ ،‬تبــدأ ُّ‬
‫شــيفر (‪. )David Scheffer‬‬

‫مقدمة‬
‫‪ِّ -1‬‬
‫مل يكـن التَّعليـم اإللكتروين طفـرة عابـرة فرضتهـا ظـروف األزمـة التَّاج َّيـة‬
‫يعبر‬
‫اخلانقـة‪ ،‬ومل يكـن رصخـة عابـرة يف ظلمـة ليـل سـاكن‪ .‬فالتَّعليـم اإللكتروين ّ‬
‫ذروي ملعطيـات الثـورة الصناع َّيـة الرابعـة اجل َّبـارة التـي جتتـاح معـامل‬ ‫ّ‬ ‫تطـور‬
‫عـن ُّ‬
‫َّ‬
‫يتجـذر‬ ‫احلضـارة اإلنسـانية املعـارصة‪ .‬فمنـذ زمـن بعيـد كان التَّعليـم اإللكتروين‬
‫احلقيقي‬
‫ّ‬ ‫تطـوره‬
‫جتل ُّ‬ ‫وينمـو ويزدهـر يف عمـق املؤسسـات العلمية واملدرسـ َّية‪ ،‬وقـد َّ‬
‫متجسـدً ا يف‬ ‫ّ‬ ‫يف نشـوء اجلامعـات اإللكرتونيـة واالفرتاضيـة‪ ،‬وفـرض نفسـه بقـوة‬
‫املقـررات اجلامعيـة واملدرسـ َّية بصـورة عا َّمـة‪ ،‬وفـق أصـول ومناهـج وفلسـفات‬ ‫َّ‬
‫ومقـررات‬‫َّ‬ ‫تربويـة ضاربـة اجلـذور‪ .‬وقـد تشـكَّل هـذا التعليـم يف أقسـام وفـروع‬
‫جامعيـة مهيبـة‪ ،‬وذلـك يف أروقـة اجلامعـات واملـدارس يف خمتلـف أنحـاء العـامل‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وكانـت اجلامعـات تنحـو إىل تعميـم هذا التعليم اخللاق وتتَّخذه عالمـة عىل درجة‬
‫السـبورة السـوداء إىل السـبورة‬ ‫تطورها وتقدُّ مها‪ ،‬فانتقل التعليم داخل القاعات من ُّ‬ ‫ُّ‬
‫اإللكرتونيـة البيضـاء‪ ،‬وأصبـح اسـتخدام اإلنرتنـت ووسـائل التَّواصـل االجتامعي‬
‫يتجـزأ مـن‬ ‫َّ‬ ‫واهلواتـف ال َّلوحيـة املحمولـة واملواقـع الشـخصية والتعليم ًّيـة جـز ًءا ال‬
‫واملؤسسـات اجلامعيـة‪ .‬واعتدنـا منـذ فترة‬ ‫َّ‬ ‫الثقافـة الرتبويـة والتَّعليميـة يف املـدارس‬
‫على مشـاهدة أسـاتذة اجلامعـة واملع ّلمين وهـم حيملـون احلواسـيب جيئـة وذها ًبـا‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪311‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ويـدل هـذا ك ّلـه على أن‬
‫ُّ‬ ‫ويسـتخدموهنا يف املحـارضات بشـغف واهتمام وفعاليـة‪.‬‬
‫صميما يف‬
‫ً‬ ‫أصـم‪ ،‬بـل بـات جـز ًءا‬
‫ّ‬ ‫التعليـم اإللكتروين مل يكـن رصخـة عابـرة يف واد‬
‫ويتجل تـارة يف ح َّلة إدارية‬
‫َّ‬ ‫األكاديمـي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مناهجنـا وأسـلوب حياتنـا العلميـة وعملنا‬
‫مثـل أقسـام التعليـم اإللكرتوين يف اجلامعـات والوزارات واملـدارس‪ ،‬وتارة يف ح َّلة‬
‫ويعمـم على الطلاب الـذي كانـوا وما‬ ‫يـدرس يف اجلامعـات َّ‬ ‫مقـر ًرا َّ‬
‫علميـة بوصفـه ّ‬
‫دائما باسـتخدام أدوات هـذا التَّعليـم يف حياهتم العلميـة واملعرفية‪.‬‬
‫زالـوا‪ ،‬يطالبـون ً‬
‫اإلنسـاين أن يواجه أزمة‬
‫ُّ‬ ‫ولـو مل يكـن األمـر على هذا النحـو ملا اسـتطاع املجتمـع‬
‫الزخم احلضـاري الذي انتقل باملجتمـع الرتبوي مبارشة إىل‬ ‫املـدريس هبذا َّ‬
‫ّ‬ ‫اإلغلاق‬
‫شـتوي عميـق‪ ،‬حيث ال‬
‫ّ‬ ‫التعليـم عـن ُبعـد‪ ،‬ولـكان املجتمع الرتبوي ُّ‬
‫يغط يف سـبات‬
‫الشاشـات‪ ،‬وال تواصل عرب األثري ينبـض باحلياة‪.‬‬ ‫ضـوء فيـه وال اسـتنارة تومضهـا َّ‬
‫أن املجتمـع اإلنسـاين كان على اسـتعداد‬ ‫السـياق‪ ،‬هـو َّ‬
‫ومـا نريـد قولـه يف هـذا ّ‬
‫كبير ملواجهـة هـذا اإلغلاق الرهيـب‪ ،‬وكان على موعـد مـع هـذه التَّجربـة النـادرة‬
‫يف تاريـخ التعليـم يف املجتمـع اإلنسـاين‪ .‬فالعـامل الـذي نعيـش فيـه قبـل كورونـا كان‬
‫والضوء واإلشـارة والرقـم اخلوارزمي‬ ‫قـد اسـتحرض نفسـه وهيـأ أدواته عبر الرمـز َّ‬
‫الصدمـات املحتملة مع مسـتقبل‬ ‫والومـض اإللكتروين هلـذه املواجهـة وغريها مـن َّ‬
‫َّ‬
‫ومفخـخ باملفاجـآت اخلف َّيـة على دروب احلضـارة اإلنسـانية‪.‬‬ ‫غامـض‬
‫يتحضر ملثل هذه‬‫َّ‬ ‫أن املجتمع العلمي اإلنسـاين كان‬‫الصدفـة يف يشء َّ‬
‫وليـس مـن ُّ‬
‫عروضـا مذهلـة ملثـل هـذه املفاجـآت غير املنتظـرة يف عامل‬
‫ً‬ ‫املفاجـآت‪ ،‬وقـد شـاهدنا‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫جتسـد كثير منـه يف أعمال سـينامئية وقصـص رائـدة‬ ‫األدب واخليـال العلمـي‪ .‬وقـد َّ‬
‫السـيد املطاع الـذي ينترص يف هنايـات آرسة‬‫يكـون فيهـا اإلنسـان هـو الغالـب‪ ،‬وهـو َّ‬
‫دائما نشـ ًطا‪ ،‬والتو ُّقعات كانت‬
‫بعـد خـراب ودمـار كبريين‪ .‬فعلـم املسـتقبليات كان ً‬
‫بقـوة احلـدس والـذكاء‪ ،‬ومـا زالـت هـذه التوقعـات تتمـدَّ د يف فضـاء‬‫دائما تتَّصـف َّ‬
‫دائم عىل‬ ‫َ‬
‫ليكـون اإلنسـان ً‬ ‫اخليـال العلمـي‪ ،‬وترتامـى ضمـن أبعـاد الزمن اخلاطـف؛‬
‫أهبـة االسـتعداد ملواجهـة مصائـر قـد تكـون مد ّمـرة ومهلكـة يف آن واحد‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪312‬‬
‫وضمـن هـذه الـدورة مـن االسـتعداد للمواجهـة احلضاريـة جـاء التعليـم‬
‫تربـوي مـع طفـرات ال َّثـورة‬
‫ّ‬ ‫تعبيرا عـن جتـاوب‬
‫ً‬ ‫اإللكتروين الرقمـي عـن ُب ْع ٍـد‬
‫بقوة إىل مفـازات الثـورة الرقمية‬‫الرقميـة‪ .‬وهكـذا كانـت املدرسـة ومـا زالت تنحـو َّ‬ ‫َّ‬
‫يعبر عـن حضـارة‬ ‫ألن التعليـم التَّقليـدي يف عـامل الـذكاء االصطناعـي ّ‬ ‫والصناعيـة‪َّ ،‬‬
‫تبخرت يف عامل النّسـيان‪ ،‬وذابت‬‫الصناعيـة الثانية التـي َّ‬
‫بائـدة رسـمتها سـنان الثورة ّ‬
‫شـموع ضوئها‪ ،‬وتالشـت قدرهتـا عىل احلضور يف احليـاة املعارصة‪ .‬فاملدرسـة اليوم‬
‫الرابعـة التـي تتد َّفـق باإلنجـازات‬ ‫إنسـاين للثـورة الصناعيـة َّ‬
‫ّ‬ ‫تأخـذ طابـع حتضير‬
‫سـتتحول إىل‬
‫َّ‬ ‫الشـك فيـه أن املدرسـة مـع كورونـا ومـن دوهنـا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫واملعجـزات‪ .‬وممَّـا‬
‫والـذكاء االصطناعـي‪ .‬بـل يمكـن‬ ‫قلعـة رقميـة حتركهـا الومضـات واخلوارزميـات َّ‬
‫إن صـورة املدرسـة لـن تكـون على هـذا النحـو املتخ ّلـف مـن التعليـم‬ ‫القـول‪َّ :‬‬
‫اإللكتروين الـذي حتكمـه أبعـاد الزمـان واملـكان‪ ،‬بـل سـتكون املـكان الـذي حتكمه‬
‫األبعـاد اخلامسـية التـي يضـاف إليهـا عنصرا الزمان والشـعور اإلنسـاين‪ .‬ومسـتوى‬
‫املعزز‬
‫تطـور املدرسـة سـيكون بمعيـار قدرهتـا على ممارسـة التعليم الثالثـي األبعـاد ّ‬ ‫ُّ‬
‫بالواقـع االفترايض‪ ،‬حيـث جيـول الطالـب يف أرجـاء الزمـان واملـكان واحلركـة‬
‫والشـعور اإلنسـاين بحريـة ختترق‪ :‬املـايض واحلـارض واملسـتقبل‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫التحـول يف بنية املدرسـة ويف وظائفهـا غال ًبا ما يرمز إليـه يف األدبيات‬
‫ُّ‬ ‫ومثـل هـذا‬
‫السوسـيولوجية املعـارصة بمفاهيـم مـن قبيـل‪« :‬موت املدرسـة» و»مـوت اجلامعة»‬ ‫ّ‬
‫أو مثـل‪« :‬مـا بعـد املدرسـة» أو «مـا بعـد اجلامعـة»‪ .‬وليـس بغريـب علينـا اليـوم َّ‬
‫أن‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املدرسـة تواجـه فعلا موهتـا البطـيء على إيقاعـات الثـورة الصناعيـة الرابعـة‪ .‬وقـد‬
‫مـؤشات املوت‬ ‫كشـفت كورونـا الغطـاء عـن الغمـوض يف هذه املفاهيـم؛ إذ بدأت ّ‬
‫تظهـر بوضـوح يف كثير مـن الظواهـر االجتامعيـة التـي مل تعـد خافية على أحد‪.‬‬
‫وتسـتند هـذه الرؤيـة إىل تغير طبيعـة املجتمعـات واحتياجاهتـا؛ فقـد تناسـب‬
‫نظـام التعليـم التقليـدي الـذي نشـأ يف القـرن التاسـع عرش مـع طبيعة عمـل املصانع‬
‫واملعامـل وأنظمـة اإلنتـاج الصناعـي الرأسمايل‪ .‬ومع التطـور يتَّضح اليـوم أن تطور‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪313‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التطـور اهلائـل يف الـذكاء االصطناعـي اسـتطاع أن‬ ‫ُّ‬ ‫الرقميـة واألمتتـة القائمـة على‬
‫يتجـاوز معطيـات الثـورة الصناعيـة الثالثـة‪ ،‬وأن هذا التطـور يتطلب نظا ًمـا تعليم ًّيا‬
‫يقـوم على الـذكاء االصطناعـي‪ ،‬ويتوافـق يف اآلن الواحـد مـع احتياجـات الطالب‬
‫بارزا‬
‫دورا ً‬
‫ومتطلبات عيشـهم يف جمتمع الروبوتات‪ .‬وسـيؤدي الذكاء االصطناعي ً‬
‫يف تطويـر األنظمـة التعليميـة يف خمتلـف أنحـاء العـامل (احلكومة الرقميـة‪. )2020 ،‬‬
‫مسـتمرة‬
‫َّ‬ ‫فاملدرسـة كانـت ومازالـت تعيـش حالـة ثور َّيـة رقميـة صامتـة‪ ،‬ولكـ ْن‬
‫بـأن املدرسـة غير الرقميـة‪ ،‬أو تلـك التـي ال‬‫بـكل املعايير واملقاييـس‪ ،‬وجيـري التن ُّبـؤ َّ‬
‫تطـور نفسـها رقم ًّيـا يف املسـتقبل سـتفقد وجودهـا وحضورهـا‪ ،‬وختتفـي‬ ‫تسـتطيع أن ُّ‬
‫أثرا‪.‬‬‫رسما وال ً‬
‫مـن الوجـود حتـت بريق الومضـات اإللكرتونية التي لـن تبقي للتَّقليد ً‬
‫وقد سـبق لعامل املسـتقبليات الربفسـور كاليتون كريستنسن((( من جامعة هارفاد‬
‫أن توقـع إفلاس ‪%50‬‬ ‫وصاحـب نظريـة االبتـكار ا ُملزعـزع أو الفـوىض اخلالقـة‪ْ ،‬‬
‫مـن اجلامعـات والكليـات األمريكيـة يف ا ُملسـتقبل القريـب كنتيجـة طبيعيـة للتقـدُّ م‬
‫احلـادث يف جمـال الرقميـة والتقانـة‪ .‬وجـاءت جائحـة كورونـا لتؤكـدَ مصداقية هذه‬
‫النبـوءة‪ ،‬إذ بـدأ الكثير مـن اجلامعـات تشرف على اإلفلاس والوصـول إىل حافـة‬
‫االهنيـار بسـبب تراجـع عوائدهـا واسـتثامراهتا‪ .‬ويف ظـل هـذا الواقع اجلديـد اآلخذ‬
‫يف التشـكل‪ُ « ،‬يتو َّقـع أن تنجـح املؤسسـات التـي جتمـع بين الـذكاء االصطناعـي‬
‫ُالئـم التعلـم يف القرن احلـادي والعرشين»‬‫صيغـة جديـدة ت ِ‬
‫ٍ‬ ‫واجلانـب االجتامعـي يف‬
‫(احلكومـة الرقميـة‪.)2020 ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ـرا مــن املفكريــن يف اإلعــان عــن مــوت وشــيك للمؤسســات‬ ‫وقــد ســبق كاليتــون كثـ ً‬
‫إن نظريــات مــوت املدرســة ومــوت‬ ‫التعليميــة يف ظــل التطــورات احلضاريــة احلادثــة‪َّ .‬‬
‫اجلامعــة كانــت يقظــة قبــل ثالثــة عقــود مــن الزمــن‪ ،‬وكثــر مــن املفكّريــن املعروفــن‬
‫كثــرا مــن الدراســات التــي تنبــئ بمــوت املدرســة الكالســيكية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كانــوا قــد قدَّ مــوا‬
‫‪ - 4‬كاليتــون كريستنســن (‪ :)Clayton M. Christensen‬أحــد أبــرز الشــخصيات امللهمــة يف العــامل بمجــال االبتــكار‬
‫والتنميــة االقتصاديــة‪ ،‬وأســتاذ إدارة األعــال يف كليــة هارفــارد لألعــال‪ .‬ويعتــر مــن أكثــر املفكريــن تأثــرا يف جمــال‬
‫األعــال حــول العــامل وهــو مبتكــر مصطلــح االبتــكار املزعــزع (‪ )Disruptive Innovation‬يف عــامل األعــال‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪314‬‬
‫ويمكــن اإلشــارة يف هــذا الســياق إىل آفلــن توفلــر يف كتابيــه‪« :‬املوجــة الثالثــة» و»صدمــة‬
‫املســتقبل» (توفلــر‪ .)1990 ،‬وهنــاك نظريــة آالن تــوران (‪ )Alain Touraine‬يف مــوت‬
‫اجلامعــات (‪ ،)Death or change of the universities) (Touraine. 1973‬ونظريــة‬
‫نعــوم تشومســكي (‪ )Noam Chomsky‬يف مــوت اجلامعــات األمريكيــة (‪The Death‬‬
‫‪ .)of American Universities) (Chomsky. 2021‬ويتَّضــح باالطــاع عــى هــذه‬
‫أن املــوت يعنــي التَّغيــر اجلوهــري يف وظائف املؤسســات التعليميــة ومناهجها‬ ‫النظريــات َّ‬
‫الرابــع‪.‬‬
‫الصناعــي َّ‬
‫حتــت وقــع الثــورات الرقميــة والتطــورات احلادثــة يف معــرك الفضــاء ّ‬
‫وعلى هـذا النَّحـو جـاء فيرس كورونـا التاجـي يف نسـخته الكوفيديـة التاسـعة‬
‫عشرة رضبـة مهامز قوية لدفع التعليم إىل مشـارفه املسـتقبلية‪ ،‬على النَّحو الذي كان‬
‫ليسرع عمليـة االنتقـال إىل املوجـة الرابعة من‬
‫َ‬ ‫يصبـو إليـه‪ ،‬كما جـاء فيرس كورونـا‬
‫الثـورة الصناعيـة‪ ،‬ولين ّبـه اإلنسـانية إىل رضورة جتـاوز سـلب َّيات التعليـم التقليـدي‪،‬‬
‫واالنتقـال بالتعليـم كليـ ًة إىل أرقـى مسـتوياته االفرتاضيـة يف عرص الثـورة الصناعية‬
‫الرابعة‪.‬‬
‫السـائد يف املدارس واملؤسسـات‬ ‫التقليدي َّ‬
‫َّ‬ ‫وهنا جيب علينا أن نقول‪ :‬إن التعليم‬
‫التعليميـة قـد فقد دوره يف معترك احلضارة الصناعية الرابعة‪ ،‬وأصبح يشـكّل عائ ًقا‬
‫كبيرا على دروب التطور احلضـاري‪ ،‬ألن احلضارة اجلديدة حتتـاج إىل نمط آخر من‬ ‫ً‬
‫التطور اهلائل يف الذكاء اإلنسـاين والذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫التعليـم يتناسـب ودرجة‬
‫والسـؤال الرئيـس الـذي يتبـادر إىل األذهـان يف مقدمـة هـذا الفصـل هـو‪ :‬كيـف‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫سـيكون حـال التعليـم‪ ،‬والسـ َّيام التعليـم العـايل واجلامعـي فيما بعـد كورونـا؟ هـل‬
‫سـيكون التعليـم إلكرتون ًّيـا عـن بعـد؟ هـل سـيكون نو ًعـا مـن التعليـم املدمـج بين‬
‫التعليـم اإللكتروين والتعليـم التقليـدي؟ كيـف سـيكون حـال املناهـج ومسـتوى‬
‫تأهيـل املع ّلـم والوسـائل والفلسـفات والوظائـف األساسـ ّية هلـذا التّعليـم؟‬
‫وهنـا جيـب علينـا أن ننطلـق مـن بداهـة حضارية َل َّ‬
‫ــمحنا إليهـا؛ وهـي أن التَّعليم‬
‫القـادم كان قبـل كورونـا‪ ،‬وسـيكون بعدهـا افرتاض ًّيـا رقم ًّيـا‪ ،‬يعتمـد على الـذكاء‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪315‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫السـبب يف ذلـك إىل طبيعـة التطـور احلـادث يف فضـاء الثـورة‬‫االصطناعـي‪ .‬ويعـود َّ‬
‫الصناعيـة الرابعـة‪ ،‬ومـا تنطـوي عليـه مـن تغيير شـامل يف أنماط الوجـود واحليـاة‪.‬‬
‫التطـور املسـتقبيل‬
‫ُّ‬ ‫رسع يف عمليـة‬ ‫وسـننطلق مـن مسـ َّلمة أخـرى مفادهـا َّ‬
‫أن كورونـا َّ‬
‫للتعليـم اإللكتروين‪ ،‬وشـكَّل رضبـة مهماز قويـة زعزعـت التَّعليـم التَّقليـدي‬
‫رواده‪ ،‬وهيأتـه لنقلـة جديـدة نحـو التعليم اإللكتروين بصيغتيـه‪ :‬البعدية‬ ‫وأربكـت َّ‬
‫واحلضوريـة‪ ،‬ودفعـت اإلنسـانية إىل نمـط آخـر مـن التعليـم القائـم على الثـورة‬
‫الرقميـة اهلائلـة يف زمـن الثـورة الصناعيـة الرابعـة التـي ترتسـم على صـورة َّ‬
‫الـذكاء‬
‫االجتامعـي واالصطناعـي اخلـارق‪.‬‬

‫‪ -2‬هل سيكون التعليم إلكترونيا فيما بعد كورونا؟‪:‬‬


‫جيـب منـذ البدايـة أن نذكّر القارئ بـأن مفهومنا عن التعليـم اإللكرتوين يتضمن‬
‫اإلشـارة إليـه بوصفـه منظومـة متكاملـة مـن العنـارص التي تتمثـل يف فلسـفة التعليم‬
‫واملحتـوى واألهـداف والسيرورة واخلبرات والوسـائل التكنولوجيـة واخلبرات‬
‫لتنتـج هـذا النمـط مـن التعليـم الـذي‬‫َ‬ ‫التعليميـة‪ ،‬التـي تنصهـر يف بوتقـة واحـدة‪،‬‬
‫الرابعـة للثـورة الرقميـة املتجـدّ دة‪ .‬ونلفـت االنتبـاه إىل َّ‬
‫أن‬ ‫يواكـب معطيـات املوجـة َّ‬
‫احلضوري فيه‬
‫ُّ‬ ‫التعليـم اإللكتروين يمكن أن يكـون حضور ًّيا أو عن ُبعـد‪ .‬واجلانب‬
‫يتمثـل يف توظيـف التقانـات الذكيـة املتقدمة يف جمـال التعليم‪ ،‬ومن ثـم التواصل مع‬
‫خمتلـف أوجـه اخلبرات اإلنسـانية عبر الشـبكات والسـحب الرقميـة‪ .‬وقـد يشـمل‬
‫يتـم‬
‫سـمى بالطريقـة االندماجيـة (حيـث ُّ‬ ‫التعليـم اإللكتروين الطريقتين‪ ،‬وهـو مـا ُي َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التعليـم عـن قـرب وعـن ُبعـد إلكرتون ًّيـا)‪ .‬فعلى سـبيل املثـال يمكـن للطلاب يف‬
‫القاعـة الواحـدة أن يتواصلـوا مـع قاعـات دراسـية يف الـدول األخـرى‪ ،‬حيـث يتـم‬
‫التَّفاعـل بينهـم وبين زمالئهم يف الصني واهلند مثال‪ .‬وقد تتيـح األجهزة الذكية عرب‬
‫املعـزز بالواقـع االفترايض أن ينقـل الطلاب مجي ًعـا يف رحلـة إىل‬‫سـمى التعليـم ّ‬
‫مـا ُي َّ‬
‫اليابـان أو يف رحلـة يف جزئ َّيـات اجلسـم البرشي‪ .‬وهذا يعنـي أن التَّعليم اإللكرتوين‬
‫ال يمتـاز بالقـدرة التواصليـة عـن ُب ْع ٍـد فحسـب‪ ،‬بل باسـتخدام أكثر تقنيـات ّ‬
‫الذكاء‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪316‬‬
‫االصطناعـي تقدُّ ًمـا يف جمـال العلـم والتعليـم‪ .‬واحلديـث يف هـذا يطـول وحيتـاج إىل‬
‫سـنوجه اهتاممنـا إىل مسـتقبل التَّعليـم والتعليـم العـايل يف ظـل‬
‫ّ‬ ‫كتـب وفصـول‪ ،‬لـذا‬
‫كورونـا‪ .‬وسـنحاول اإلجابـة عـن األسـئلة املحـدّ دة التـي طرحناهـا يف بدايـة هـذا‬
‫الفصـل‪ ،‬وأبرزهـا‪ :‬هـل سـيتحول التعليـم إلكرتون ًّيا فيما بعد كورونـا؟ وكيف يبدو‬
‫هـذا التَّعليـم؟ ومـا مالحمـه؟ مـا مصير التعليـم عـن ُبعـد‪ ،‬بعـدَ األزمـة‪ ،‬هل سـيبقى‬
‫تقليد ًّيـا أم يغايـر استراتيجياته التقليديـة؟‬

‫‪ -3‬حوار إشكالي بني أنصار التعليم عن ُبع ٍْد والتعليم التقليدي‪:‬‬


‫جيـري اليـوم‪ ،‬كما هـو معلـوم‪ ،‬حـوار إشـكا ٌّيل حـا ٌّد شـائك بين أنصـار جتربـة‬
‫جـل اآلراء‬‫وجهـا لوجـه‪ .‬ونعتقد أن َّ‬ ‫التعليـم عـن بعـد‪ ،‬وأنصـار التعليـم التقليـدي ً‬
‫ٍ‬
‫وجهـت ضـد التعليـم اإللكتروين عـن ُب ْعـد نامجـة عـن جتربـة سـلبية‬ ‫السـلبية التـي ّ‬
‫ٍ‬
‫تعليما عن ُب ْعـد يف حالة الطـوارئ‪ ،‬وليس تعليام‬ ‫هلـذا التعليـم الـذي م َّيزنـاه بأنَّه كان‬
‫ً‬
‫نموذج ًّيـا عـن بعـد‪ ،‬وهـو التعليـم الـذي يعتمـد استراتيجية فلسـفية تقنيـة رقميـة‬
‫السـلبي على التعليـم اإللكتروين من‬ ‫َّ‬ ‫مع َّقـدة يف مسـار العمليـة الرتبويـة‪َّ .‬‬
‫إن احلكـم‬
‫موضوعـي‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ّ‬ ‫خلال جتربـة التعليـم عـن ُب ْع ٍـد يف احلـاالت الطارئـة هـو أمـر غير‬
‫مـا نشـاهده اليـوم‪ ،‬كما أرشنـا يف أكثر مـن موضع يف هـذا الكتاب‪ ،‬هـو انتقال فوري‬
‫السعـة واالرجتـال‬ ‫غير من ّظـم إىل التعليـم عـن بعـد‪ ،‬حكمتـه مفاجـآت تتم َّثـل يف ُّ‬
‫واخلـوف وعنصر املفاجـأة‪ ،‬وهـو بذلـك يفتقـر إىل الشرُّ وط املوضوعيـة للتَّعليـم‬
‫النَّموذجـي عـن ُب ْع ٍـد الـذي يرتكـز على منظومة منهج َّيـة وفكريـة وفلسـف َّية ومهن َّية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن التَّحضير لفصل من‬ ‫إلكرتون َّيـة عاليـة املسـتوى‪ .‬وقـد ذكرنـا يف مسـارات سـابقة َّ‬
‫التعليـم اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد حيتـاج إىل سـتة أو سـبعة أشـهر مـن اجلهـد العلمـي‬
‫والرتبـوي‪ ،‬وهـذا يعنـي أن مـا جيـري اليـوم هـو أمـر خمتلـف متا ًمـا عـن التَّعليـم‬
‫النَّموذجـي للتَّعليـم اإللكتروين عـن بعـد‪ .‬ويمكن القـول يف هذا السـياق‪ :‬إن تقييم‬
‫فعاليـة التعليـم اإللكتروين عبر اإلنرتنـت غري مناسـب يف هـذا الوقـت‪ ،‬وأعتقد أن‬
‫السـبب هـو أننـا مل نعايـن حتـى اليـوم التعليـم اإللكتروين احلقيقـي أو النَّموذجـي‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪317‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫لقـد أ َّدت التطـورات الرسيعـة يف تكنولوجيـا التعليـم إىل حتسين جـودة التعليـم‬
‫عبر اإلنرتنـت بشـكل كبير‪ .‬ومـن ثـم أسـهمت حالـة الطـوارئ يف تعزيـز هـذا‬
‫َّوجـه‪ ،‬وأ َّدت إىل توليـد أشـكال جديـدة مـن التعلـم عـن بعـد‪ .‬ومـع ذلـك‪ ،‬فقـد‬ ‫الت ُّ‬
‫ٍ‬
‫أن ال ُّلجـوء إىل التَّعليـم عـن ُب ْعـد جـاء كوسـيلة إلدارة األزمـة‬
‫ب َّينـت األزمـة احلاليـة َّ‬
‫وليـس كجهـاز منظومـي حيـوي ملواجهتهـا‪ .‬وكشـفت هـذه األزمـة فشـل صانعـي‬
‫املؤسسـات التعليمية يف التحضري ملثـل هذه األزمات‬ ‫السياسـات الرتبويـة وإخفـاق َّ‬ ‫ّ‬
‫والكـوارث‪ ،‬على مسـتوى بنـاء القـدرات وهتيئـة املـوارد الالزمـة لتطويـر مهـارات‬
‫املعلمين والطلاب الرقم َّيـة بصـورة ف َّعالـة ومنصفـة‪.‬‬
‫واملؤسســات‬ ‫َّ‬ ‫أن اســتجابة اجلامعــات‬ ‫وهنــاك كثــر مــن اخلــراء الذيــن يعتقــدون َّ‬
‫التَّعليميــة اجلامع َّيــة باالنتقــال إىل التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد بشــكله البســيط بدايــة أ َّدت جوهر ًّيا‬
‫إىل تطويــر الكفــاءات الرقميــة واملهــارات اإللكرتونيــة بدرجــة كبــرة‪ .‬وعــى هــذا‬
‫املرجــح أن يصبــح حتــوال‬ ‫ـإن مــا بــدأ كاســتجابة قصــرة األجــل لألزمــة‪ ،‬مــن َّ‬ ‫النَّحــو فـ َّ‬
‫واضحــا َّ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫دائــا يف جمــال التعليــم العــايل‪ . )Ledeman. 2020( .‬ويبــدو لنــا‬ ‫رقم ًّيــا ً‬
‫املؤسســات اجلامعيــة تتَّجــه إىل اعتــاد التعلــم املدمــج كمنهــج عــا ّم يف املســتقبل القريــب‬
‫ـدي ضمــن‬ ‫ـي والتعليــم التقليـ ّ‬ ‫والبعيــد‪ ،‬حيــث يتـ ُّـم اعتــاد التعليــم اإللكــروين النموذجـ ّ‬
‫ـدرايس‪ .‬وهــذا هــو النَّمــط الــذي اعتمدتــه‬ ‫ّ‬ ‫حلقــات متناوبــة بــن النَّمطــن يف الفصــل الـ‬
‫األول مــن العــام الــدرايس‪ ،‬وهــو النمــوذج الــذي تعتمــده‬ ‫اإلمــارات وقطــر يف الفصــل َّ‬
‫ـرع أزمــة كورونــا‬ ‫املرجــح أن تـ ُّ‬
‫كثــر مــن البلــدان يف أنحــاء متفرقــة مــن العــامل‪ .‬فمــن َّ‬
‫هــذا التَّحـ ُّـول وتعمــق هــذه التجربــة احل َّيــة لنمطــن تعليم ّيــن ممكنــن يف آن واحــد‪ .‬أ َّمــا‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن هــذا ســيتطلب‬ ‫ـي‪ ،‬فنعتقــد َّ‬ ‫بالنســبة ألعضــاء هيئــة التدريــس وقــادة احلــرم اجلامعـ ّ‬
‫لــكل مــن أساســيات التدريــس اجل ّيــد‬ ‫مزيــدً ا مــن االهتــام عــى مســتوى املؤسســة ّ‬
‫والتعلــم‪ ،‬إضافــة إىل مزيــد مــن اإلعــداد للتدريــس عــن ُب ْعـ ٍـد (‪.)Ledeman. 2020‬‬
‫ويســتند بعــض اخلــراء يف هــذا املســتوى إىل نظريــة «البجعــة الســوداء» للقــول‬
‫بــأن التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد ســيصبح أمـ ًـرا عاد ًّيــا ومألو ًفــا‪ .‬وتســتند هــذه النظريــة إىل‬
‫فكــرة مفادهــا أنــه «بمجــرد أن تطــور الكليــات اجلامعيــة قدرهتــا عــى التعليــم عــن‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪318‬‬
‫ُب ْعـ ٍـد إلكرتون ًّيــا وتعتــاد عليــه‪ ،‬فإنــه لــن يكــون هنــاك مــرر يدفعهــا للتخـ ّـي عــن‬
‫هــذا النمــط مــن التعليــم‪ .)Ledeman. 2020( .‬وتلــك هــي الفكــرة التــي يتبنَّاهــا‬
‫ـيرسع مــن‬ ‫أن التبنّــي والتجريــب يف حــاالت الطــوارئ سـ ّ‬ ‫دوغ ليدرمــان‪ ،‬إذ يعتقــد َّ‬
‫تبنّــي التعلــم اإللكــروين عــر اإلنرتنــت وغــره مــن أشــكال التعلــم املدعــوم‬
‫بالتكنولوجيــا‪.)Ledeman. 2020( .‬‬
‫عجلـت‬‫وتقـول يف هـذا السـياق للباحثـة حنـان عنقـاوي‪« :‬إن أزمـة كورونـا َّ‬
‫بالنقلـة احلضاريـة التـي تن َّبـأ هبا العلماء يف أبحاثهم منـذ عدد من السـنني‪ ،‬وكان هذا‬
‫يتم يف عـام ‪ 2050‬أو ‪،2060‬‬‫الـكل للتعليـم نحـو اإللكتروين متو ّق ًعـا أن َّ‬
‫االنتقـال ّ‬
‫فـإن حدوثـه يف عـام ‪ 2020‬شـكَّل صدمـة إجيابية»(عنقـاوي‪.)2020 ،‬‬ ‫ثـم َّ‬
‫ومـن َّ‬
‫يــرى املفكــر األمريكــي جيمــس إن بــراديل‪ ،‬كبــر مســؤويل املعلومــات يف رشكــة‬
‫‪ Trinity‬بجامعــة تكســاس «أن جتربــة التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف ظـ ّـل اجلائحــة‪ ،‬التــي‬
‫أجــرت مئــات األلــوف مــن األســاتذة والطــاب واملعلمــن عــى اخلــوض يف‬
‫ألول مــرة‪ ،‬ســتؤدي إىل تغيــر جوهــري يف‬ ‫جتربــة الفضــاء الرتبــوي اإللكــروين َّ‬
‫املشــهد التعليمــي اجلامعــي عــى املــدى الطويــل‪ .‬ومــع الزمــن فـ َّ‬
‫ـإن أعضــاء اهليئــة‬
‫التدريســية ســيدمنون عــى هــذا النمــط اجلديــد مــن التعليــم عــن بعــد‪ ،‬وســتختفي‬
‫األوليــة لــه‪ ،‬بــل ســيذهبون إىل االنتصــار لــه الح ًقــا بعــد التعـ ُّـرف عــى‬
‫مقاومتهــم َّ‬
‫ميزاتــه اإلجيابيــة» (‪.)Bradley. 2021‬‬
‫ً‬
‫كاملا‪ ،‬إذ يقول‪« :‬أظهر‬ ‫تغير األزمة الراهنة مشـهد التعليم‬‫ويتوقـع جايمـس أن ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫قطـاع التعليـم أنـه مـن القطاعـات القليلة القـادرة على التكيف مع التحـوالت التي‬
‫فرضهـا كورونـا‪ ،‬وذلـك باسـتخدام التقنيـات احلديثـة‪ ،‬لـذا فالعـودة إىل التعليـم‬
‫ً‬
‫مسـتقبل يف ظل توافـر القدرة عىل نقـل املحتوى‬ ‫التقليـدي لـن تكـون خطـوة مقنعـة‬
‫التعليمـي إىل الطلبـة عـن ُب ْع ٍـد مـن دون إلزامهـم بالقـدوم إىل املدرسـة‪ .‬كذلـك‬
‫أدوارا أكثـر فاعليـة يف جممـل العمليـة‬
‫ً‬ ‫فرضـت األزمـة على ذوي ال َّطلبـة أن يـؤدوا‬
‫التحول ماثلة يف املسـتقبل» (عودة‪.)2020 ،‬‬‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫وسـتظل تأثيرات مثل هذا‬ ‫التعليم َّيـة‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪319‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الصعوبـة بمـكان‪ ،‬بعـد أن عرفنـا فوائـد التَّعليـم الرقمـي وقدرتـه على‬ ‫ومـن ُّ‬
‫اسـتيعاب عـدد هائـل مـن الطلاب اجلامعيين‪ ،‬وبعـد متكُّـن األسـتاذ اجلامعـي‬
‫َّ‬
‫نتخلى عـن هـذه التجربـة اخلالقـة‪.‬‬ ‫مـن التَّفاعـل مـع عـدد كبير مـن الطلاب‪ ،‬أن‬
‫«وأتوقـع أن املسـتقبل لـن يكـون حـول االنتقـال وكيـف يتـم‪ ،‬ألن الواقـع أثبـت‬
‫أن االنتقـال ليـس صع ًبـا يف ظـل توفـر بنيـة حتتيـة مـن نظـام إلكتروين تقنـي وطالب‬
‫مؤهـل للفكـر اإللكتروين وأسـتاذ لديـه أدوات معرفـة بالتعامـل اإللكتروين‪ ،‬وإنام‬
‫سـيكون حـول واقـع تفاصيـل احليـاة اليوميـة يف ظـل تعليـم إلكتروين ال يتطلـب‬
‫مـن الشـخص أن ينتقـل مـن بيتـه حتـى يتعلـم وسـيصبح لديـه وقـت أكبر ملامرسـة‬
‫أمـور أخرى»(عنقـاوي‪ .)2020 ،‬فالتجربـة الرتبويـة مـع كورونا كانـت « (بروفة)‬
‫للتحـول الرقمـي الـكيل‪ ،‬جيعلنـا نقتنـع بأنـه البـدَّ مـن تغيير جـذري ملفهـوم التعليم‬
‫وإعـادة النظـر يف التعليـم بطريقتـه التقليديـة‪ ،‬بعـد أن أجربتنـا أزمـة كورونـا على‬
‫التحـول للمسـتقبل ونعيـش فيـه» (عنقـاوي‪.)2020 ،‬‬
‫دائــا‬
‫ً‬ ‫يقــول دوغ ليدرمــان (‪ )Lederman Doug‬يف هــذا الســياق «هنــاك‬
‫فرصــة مفادهــا أن بعــض أعضــاء هيئــة التدريــس الذيــن قاومــوا اســتخدام‬
‫ميــا إىل تبنــي ممارســاهتم‬ ‫التكنولوجيــا؛ لتســهيل التدريــس ســيكونون أكثــر ً‬
‫التعليميــة اجلديــدة بمــرور الوقــت»‪ .)Lederman. 2020( .‬وســيكون احتــال‬
‫ـرا‪ ،‬إذا اســتطاعت الكليــات‬ ‫ٍ‬
‫األوليــة يف التعليــم عــن ُب ْعــد كبـ ً‬
‫نجــاح هــذه التجربــة َّ‬
‫واجلامعــات العمــل بقـ َّـوة عــى تدريــب أعضــاء هيئــة التدريــس وتأهيلهــم رقم ًّيــا‬
‫عــى اســتخدام التكنولوجيــا التعليميــة املتاحــة وتوظيفهــا بفعاليــة يف دروســهم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫للمؤسســات التَّعليميــة واجلامع َّيــة أن‬


‫َّ‬ ‫ـم‬
‫ونشــاطاهتم الرتبو َّيــة‪ .‬وســيكون مــن املهـ ّ‬
‫تشــجع الطــاب عــى املشــاركة والتفاعــل وتكويــن اخلــرات اجلديــدة يف جمــال‬ ‫ّ‬
‫التَّع ُّلــم اإللكــروين عــن بعــد‪« .‬وعندمــا يتمكــن أعضــاء هيئــة التدريــس مــن‬
‫تنحيــة غرورهــم األكاديمــي واالهتــام بمالحظــات الطــاب الســلبية لتحســن‬
‫ممارســات التدريــس عــن ُبعــد‪ ،‬فســيؤدي ذلــك إىل تطويــر التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد بصفتــه‬
‫النموذجيــة واالســتفادة منــه بطريقــة مثاليــة‪ ،‬والســ َّيام عندمــا يســتجيب أعضــاء‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪320‬‬
‫اهليئــة التدريســية ألهنــم ســيتعلمون أفضــل الســبل لتلبيــة احتياجــات التعلــم‬
‫لطالهبــم»‪.)Lederman. 2020( .‬‬
‫وســتحتاج املؤسســات اجلامعيــة ‪ -‬إىل جانــب تعديــل أعضــاء هيئــة التدريــس‬
‫ألســلوهبم يف التدريــس‪ -‬إىل وضــع خطــط واضحــة واســراتيجيات متينــة حــول‬
‫الرقمــي يف الفضــاء االفــرايض للطــاب واملدرســن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كيفيــة تعزيــز التَّعليــم‬
‫للمؤسســات اجلامع َّيــة تقييــم اســراتيجيات التدريــس‬
‫َّ‬ ‫أيضــا‬
‫ـم ً‬‫وســيكون مــن املهـ ّ‬
‫املؤسســات‬ ‫ٍ‬
‫عــن ُب ْعــد بعنايــة يف مجيــع املســتويات بعــد انحســار األزمــة‪ .‬وســتحتاج َّ‬
‫إىل اســتخدام مالحظــات الطــاب وأعضــاء هيئــة التدريــس واالســتفادة منهــا‬
‫يف تطويــر خطــط الطــوارئ وتنميــة مهــارات الطــاب وأعضــاء اهليئــة التدريســية‬
‫للمشــاركة يف التعلــم والتعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف أفضــل صــوره اإللكرتونيــة‪ ،‬وســيكون‬
‫أيضــا للمؤسســات واجلامعــات حتديــث اخلطــط الرتبويــة فصل ًّيــا‬ ‫مــن املهــم ً‬
‫وســنو ًّيا‪ ،‬ومناقشــة كيفيــة حتســن هــذه اخلطــط بنــا ًء عــى األبحــاث املتاحــة حــول‬
‫أفضــل الســبل الســتخدام التكنولوجيــا للتأثــر بشــكل إجيــايب عــى تع ُّلــم الطــاب‬
‫(‪.)Lederman. 2020‬‬

‫‪ -4‬املناهج املستقبلية فيما بعد كورونا‪:‬‬


‫ويسـجل‬
‫ّ‬ ‫بقـوة يف موجته الثالثة‪،‬‬
‫مـا زال كورونـا املسـتجد املتجـدّ د يرضب العامل َّ‬
‫أعلى درجـات الشـلل االقتصـادي يف شـتاء أوروبـا وأمريـكا اللتين تواجهـان حالة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املتكـرر‪ ،‬ومـا زال أغلـب الطلاب يف‬


‫ّ‬ ‫مـن الرعـب واهللـع العـا ّم يف ظـل اإلغلاق‬
‫خمتلـف أنحـاء العـامل سـجناء العـامل االفترايض در ًءا للخطـر وتفاد ًيـا ملوجـات‬
‫الفيروس املسـتجدّ ‪ .‬وقـد أصبحـت اإلنسـانية جمربة على التَّعايش معـه‪ ،‬واحلذر من‬
‫خطورتـه وانتشـاره‪ ».‬وتعـد السـنة اجلامعيـة اجلديـدة ‪ 2021 /2020‬سـنة حرجـة‬
‫يف أغلـب دول العـامل‪ ،‬والسـ َّيام تلـك التـي مـا تـزال تسير على هـدي التعليـم «‪.‬‬
‫(الصبـاغ‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪321‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أن كورونـا الـذي فـرض حالـة االنتقـال إىل التعلـم عن ُب ْع ٍد سـيؤثر‬
‫وال مـراء يف َّ‬
‫طـورت‬‫على الطريقـة التـي تعيـد هبـا اجلامعـات تشـكيل أنظمتهـا التعليميـة‪ ،‬فلقـد َّ‬
‫حلـول تعليميـة جديـدة يمكـن أن جتلب االبتـكارات التي تشـتد احلاجة‬ ‫ً‬ ‫اجلامعـات‬
‫تغـذي ّ‬
‫االتـاه املسـتقبيل للجامعـات يف مجيع أنحـاء العامل‪.‬‬ ‫إليهـا‪ ،‬والتـي يمكـن أن ّ‬
‫سـننطلق مـن البداهـة التـي أرشنـا إليهـا منـذ قليـل؛ وهـي َّ‬
‫أن التغيير يف املناهـج‬
‫والفلسـفات الرتبويـة سـيكون حتم ًّيـا مـع كورونـا أو مـن دوهنـا‪ .‬وهـذا املوضـوع‬
‫الشـغل الشـاغل لعلماء املسـتقبليات قبـل الصدمـة الكورونيـة‪ ،‬فاجلامعـات‬ ‫كان ُّ‬
‫حتـول كبيرة‬
‫متـر بمرحلـة ُّ‬
‫واملؤسسـات التعليميـة على أبـواب عصر جديـد‪ ،‬وهـي ُّ‬ ‫َّ‬
‫وبغـض النَّظـر عـن وضعيـة االنتقـال‬
‫ّ‬ ‫مل يشـهد هلـا تاريـخ اإلنسـانية مثيلا مـن قبـل‪.‬‬
‫أيضـا‬
‫السَّ يـع إىل التعليـم عبر اإلنرتنـت حتـت تأثير كورونـا‪ ،‬ستشـهد اجلامعـات ً‬
‫تغييرات يف أسـاليب التَّدريـس ومناهجـه وسـلوكيات التَّعلـم للطلاب‪.‬‬
‫تفاعلا مـع الثـورة الصناعيـة الرابعـة‬ ‫ً‬ ‫فالتعليـم العـايل يشـكل املنطقـة األكثـر‬
‫يتوجـب على التعليم أن حيتضـن معطيات هذه الثـورة األكثر‬ ‫بأبعادهـا املختلفـة‪ ،‬إذ َّ‬
‫تقد ًمـا‪ ،‬وأن يتفاعـل معهـا بجدل َّيـات إنتاجهـا‪ ،‬وأن يتجـاوب مـع معطياهتـا التقنية‪.‬‬
‫فالتعليـم العـايل ليـس جمـرد مـكان حيتضـن الثـورة الصناعيـة ويتأ َّثر هبا‪ ،‬بـل هو نتاج‬
‫أن التَّعليـم العايل يسـاهم يف إنتاجها‬ ‫هلـذه الثـورة يف سـياق التَّفاعـل واالنفعـال‪ .‬كما َّ‬
‫فكل التَّغيرات التي حتدثهـا الثورة‬ ‫ويتجـاوب عمل ًّيـا مـع معطياهتـا الرقمية اهلائلـة‪ُّ .‬‬
‫الرابعـة سـتجد صداهـا يف التعليـم العـايل‪ ،‬وهـو يشـكّل يف هنايـة املطاف‪،‬‬ ‫الصناعيـة َّ‬
‫احلاضـن الطبيعـي لل َّثـورات الرقمية والعلمية املسـتجدة واملسـتمرة‪ .‬و ُيعـدُّ التفاعل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫السـمة املميـزة هلـذا التَّفاعـل العميـق والشـامل مـع احلضـارة‬ ‫مـع شـبكة اإلنرتنـت ّ‬
‫أن التعليـم العـايل ‪-‬وأشـدد على‬ ‫الرقميـة اجلديـدة‪ .‬ومـن يراقـب عـن كثـب سـيجد َّ‬
‫التعليـم يف البلـدان املتقدّ مـة‪ -‬قـد انغمـس بشـكل كبير يف الثـورة الصناعيـة الثالثة‪،‬‬
‫وقـد بـدأ رحلتـه يف احتضان وتوظيف معطيـات الثورة الصناعيـة الرابعة‪ .‬والوعود‬
‫سـيتحول التعليـم العـايل إىل بوتقـة تنصهـر فيهـا معطيـات‬ ‫ُّ‬ ‫القادمـة كبيرة‪ ،‬حيـث‬
‫ال َّثـورة التكنولوجيـة العاصفـة بـكل أبعادهـا املعرفيـة (وطفـة‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪322‬‬
‫ـم فيهــا توظيــف اإلنرتنــت والتعليــم عــن‬ ‫وقــد أدركنــا اليــوم الفعاليــة التــي تـ َّ‬
‫املنصات‬ ‫ٍ‬
‫تم اســتخدام َّ‬ ‫أي حــدّ َّ‬
‫ُب ْعــد يف التعليــم العــايل خــال األزمــة‪ ،‬وشــاهدنا إىل ّ‬
‫التعليميــة وتوظيــف التَّطبيقــات اإللكرتونيــة عــى أوســع نطــاق‪ .‬واملســتقبل‬
‫التطــورات اهلائلــة يف هــذا امليــدان‪ ،‬والســ َّيام مــع طفــرات‬ ‫ُّ‬ ‫يبرشنــا بالكثــر مــن‬
‫ّ‬
‫الســياق‬ ‫ال َّثــورة الصناع َّيــة بحموالهتــا‪ :‬اإللكرتونيــة والرقم َّيــة‪ .‬ويمكــن‪ ،‬يف هــذا ّ‬
‫اإلشــارة إىل عمليــة توظيــف األجهــزة اإللكرتونيــة القابلــة لالرتــداء يف عمل َّيــة‬
‫ســمى‬ ‫واملؤسســات العلميــة ضمــن نطــاق مــا ُي َّ‬ ‫َّ‬ ‫التع ُّلــم والتَّعليــم يف اجلامعــات‬
‫ـتتحول يف القريــب العاجــل إىل وســائل‬ ‫بإنرتنــت األشــياء‪ ،‬فمالبــس الطــاب سـ َّ‬
‫تربويــة علميــة‪ ،‬متكــن الطــاب مــن االندمــاج كل ًّيــا يف عــامل افــرايض يبتلــع األحيــاء‬
‫واألمــوات عــى حــدّ ســواء‪ .‬فالتعليــم والتدريــب ســيعتمدان قريبــا جــدًّ ا عــى‬
‫أجهــزة يمكــن ارتداؤهــا‪ ،‬وهــذا يشــكل طفــرة جديــدة يف جمــال جدليــة العالقــة بــن‬
‫الرابعــة والتعليــم العــايل‪ .‬وهــذا اجلــدل اخلـ َّـاق ســيؤ ّدي إىل ثــورة‬ ‫الثــورة الصناعيــة َّ‬
‫حقيقــة يف عــامل الرتبيــة والتعليــم‪ ،‬وهــي ثــورة ليــس هلــا مثيــل يف تاريــخ اإلنســانية‬
‫القديــم أو احلديــث (‪. )Xing and Tshilidzi. 2017‬‬
‫السـياق‪ ،‬إىل التَّوظيـف املهـول لوسـائط حمـاكاة الواقع‬ ‫ويمكـن اإلشـارة يف هـذا ّ‬
‫االفترايض‪ ،‬الـذي أحـدث فعل ًّيـا ثـورة ج َّبارة يف ميـدان التع ُّلـم والتَّعليـم يف خمتلف‬
‫مسـتوياته واجتاهاتـه‪ .‬وتو ّظف هـذه املنظومة الرقمية اجلديدة يف حتليـل النُّظم املا ّدية‬
‫احلقيقـي بطـرق تفـوق إمكانـات التخ ُّيـل مـن حيـث السُّ عـة‬ ‫ّ‬ ‫والفيزيائ َّيـة يف العـامل‬
‫والقـدرة على تفكيـك ال َّظواهـر واألشـياء‪ .‬وعلى سـبيل املثال يمكـن اليـوم للتلميذ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الشـعريات الدمو َّيـة للجسـد‪ ،‬عرب ما يسـمى بالنانـو تكنولوجي يف‬ ‫أن يرحتـل داخـل ّ‬
‫يتجول بين النُّجوم‪،‬‬ ‫أيضـا أن يـزور قيعان البحـار‪ ،‬وأن َّ‬ ‫العـامل االفترايض‪ ،‬ويمكنـه ً‬
‫ويتعـرف عليهـا بحيويـة العـامل ثالثـي األبعـاد‬ ‫َّ‬ ‫وأن يتو َّغـل يف العصـور القديمـة‪،‬‬
‫املعزز‪.‬‬
‫واحلضـور يف الواقـع االفترايض ّ‬
‫حتولـت إىل تطبيقـات‬
‫ومثـل هـذه املناهـج اجلديـدة ليسـت رض ًبـا مـن اخليـال‪ ،‬إذ َّ‬
‫ح َّيـة وإىل وقائـع تربو َّيـة وعلم َّيـة‪ ،‬ومنهـا مـا حيـدث مـن معجـزات افرتاضيـة يف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪323‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الصين أثنـاء كورونـا‪ ،‬فاألخبـار اليوم َّيـة تؤكّـد حصـول هـذه املدهشـات يف العـامل‬
‫االفترايض الـذي ينـزع إىل أن يكـون اليـوم حقيقـة سـاطعة‪ .‬لقـد كشـفت صحيفـة‬
‫(ديلي ميـل) الربيطانيـة عـن صور مدهشـة ملتنـزه الواقـع االفرتايض املعروف باسـم‬
‫تم بناؤه يف جنوب غـرب الصني‪ ،‬وهو أحد‬ ‫«وادي الشرق للعلـوم واخليـال» الذي َّ‬
‫لـزوار هـذا الـوادي عيش جتارب‬ ‫أهـم املعـامل اخلياليـة السـياح َّية يف العـامل‪ ،‬إذ يمكـن ّ‬
‫السـفر إىل املسـتقبل‪ ،‬وخوض معركة مـع الديناصـورات والتنانني التي‬ ‫خياليـة مثل َّ‬
‫السـحيقة‪ ،‬أو الطيران عبر الفضـاء‪ ،‬أو العيـش مـع الكائنـات‬ ‫عاشـت يف العصـور َّ‬
‫الفضائيـة‪ ،‬وذلـك يف جتـارب افرتاضيـة ممكنـة‪ .‬وهـذه التَّجربـة اإلنسـانية الفريـدة‬
‫تسـلط الضوء عىل ما ينتظر املجتمع اإلنسـاين يف املسـتقبل من عجائب ومدهشـات‬
‫تتعلـق بالتعليـم االفترايض وتعطـي صـورة مبتكـرة عما سـيكون عليه شـكل احلياة‬
‫يف املسـتقبل (وطفـة‪.)2020 ،‬‬
‫الرابعــة يف التعليــم توظيــف منهــج‬ ‫ومــن أبــرز معطيــات الثــورة الصناعيــة َّ‬
‫حتليــل العنــارص املحــددة [‪ (((] )Finite Elements Analysis (FEA‬ويعــدُّ‬
‫هــذا املنهــج التحليــي (‪ )FEA‬تقنيــة متعــدّ دة االســتخدامات متَّــت ممارســتها يف‬
‫العديــد مــن املجــاالت اهلندس ـ َّية مثــل حتليــل املبــاين واهلندســيات املع َّقــدة‪ .‬ويتـ ُّ‬
‫ـم‬
‫اســتخدام هــذه املنهج َّيــة احلديثــة بمســاعدة برامــج الواقــع االفــرايض عــر أجهــزة‬
‫احلاســوب‪ .‬وباعتــاد هــذه املنهجيــة اجلديــدة يمكــن للطــاب فهــم القضايــا املعقدة‬
‫الســهولة‪ ،‬كــا ُيم ّكــن‬‫وإدراك املفاهيــم األساس ـ َّية بشــكل رسيــع جــدًّ ا‪ ،‬وبمنتهــى ُّ‬
‫املهندســن مــن إجــراء النمذجــة املع َّقــدة‪ ،‬وتفســر النتائــج بســهولة‪ .‬ومــع تقــدُّ م‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫بعــض التقانــات القابلــة لالرتــداء وتوظيفهــا ضمــن إطــار الواقــع املعـ ّـزز يمكــن‬
‫املتخصصــة‬
‫ّ‬ ‫تطويــر إحســاس املســتخدم وتفاعلــه مــع العــامل املــا ّدي عــر املختــرات‬
‫يف توليــد الواقــع االفــرايض (‪.)Xing and Tshilidzi. 2017‬‬
‫ألي ظاهــرة فيزيائيــة معينــة باســتخدام التقنيــة العدديــة التــي تسـ ّـمى‬
‫‪ - 5‬منهــج حتليــل العنــارص املحــددة (‪ )FEA‬هــو حمــاكاة ّ‬
‫طريقــة العنــارص املحــددة (‪ .)FEM‬يســتخدمه املهندســون لتقليــل عــدد النــاذج األوليــة والتجــارب املاديــة وحتســن‬
‫املكونــات يف مرحلــة التصميــم لتطويــر منتجــات أفضــل وأرسع‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪324‬‬
‫‪ -5‬زراعة املواهب اإلبداعية‪:‬‬
‫تشــكل زراعــة املواهــب اإلبداعيــة إحــدى ال َّطفــرات الكبــرة يف جمــال املناهــج يف‬
‫اجلامعــي يؤكّــد أمه َّيــة بنــاء املواهــب اإلبداع َّيــة املبتكــرة‬
‫ُّ‬ ‫التَّعليــم العــايل‪ .‬فاملســتقبل‬
‫إلجيــاد نُخبــة مــن العلــاء والتقنيــن املبدعــن‪ .‬لــذا ومــن أجــل هــذه الغايــة‪ ،‬جيــب تدريب‬
‫َّخصصــات تشــمل العلــوم اإلنســان َّية والتَّطبيق َّيــة عــى‬ ‫هــؤالء العلــاء يف بيئــة متعــدّ دة الت ُّ‬
‫الشــمويل هلــؤالء العلــاء يف خمتلــف جوانــب‬ ‫حــدّ ســواء‪ ،‬مــن أجــل تنميــة الوعــي ُّ‬
‫االتاهــات‬ ‫املعرفــة وجت ّلياهتــا اإلنســانية والعلم َّيــة‪ .‬وهــذا النَّــوع مــن التَّعليــم املتعــدّ د ّ‬
‫الرابــع عــى نحــو شــمو ّيل‬ ‫الصناعــي َّ‬
‫َّخصصــات يمثــل مرشو ًعــا حيو ًّيــا يف التَّعليــم ّ‬ ‫والت ُّ‬
‫ـح هــذا‬‫يتجــاوز فيــه املتع ّلــم جزئيــات التَّعليــم؛ لينتقـ َـل إىل إدراك شــامل لك ّلياتــه‪ .‬ويلـ ُّ‬
‫الشــمولية التَّكامل َّيــة للمعرفــة العلميــة‪ ،‬حيــث يتمحــور هــدف‬ ‫الســمة ُّ‬ ‫املنهــج عــى ّ‬
‫ـريف واحــد‬ ‫مكونــات املعرفــة ووظائفهــا يف نظــام معـ ّ‬ ‫التَّعليــم عــى حت ُّقــق التَّكامــل بــن ّ‬
‫الشــمول والتَّكامــل يف خمتلــف املياديــن املعرف َّيــة‪ .‬وهنــا يــأيت دور البيئــات‬ ‫يتَّســم بطابــع ُّ‬
‫االفرتاض َّيــة واملناهــج اإللكرتونيــة التــي مت ّكــن املتع ّلــم مــن اإلحاطــة الشــمولية التكاملية‬
‫بعنــارص املعرفــة املختلفــة للقضايــا املعرفيــة‪. )Xing and Tshilidzi. 2017( .‬‬
‫يف مثل هذا النَّمط من التَّعليم يمكن اسـتخدام عملية التَّدريس والتَّقييم بشـكل‬
‫حـل املشـكالت املتع ّلقـة باملسـائل‬
‫مبـارش لتطويـر القـدرات التَّحليليـة وقـدرات ّ‬
‫الرياضيـة‪ .‬ويمكـن أن تتح َّقـق عمل َّيـة التَّفاعـل بين املدرسين والطلاب من خالل‬
‫التصـورات واآلراء حـول فعالية املعـارف واملعلومات املـراد تأصيلها‪ .‬وهذا‬ ‫ُّ‬ ‫تبـادل‬
‫أيضـا بتقييـم وتعزيـز فهم املشـكالت واملفاهيـم املحدّ دة من خلال متثيالت‬ ‫يسـمح ً‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الرسـوم البيانيـة عبر اإلنرتنـت وأسـئلة االختبـارات املتعـدّ دة الفوريـة التي تسـمح‬ ‫ُّ‬
‫للطلاب بمراجعـة نتائجهـم على الفـور‪ .‬ومـن هنـا جيـب على اجلامعات تبنّـي هذه‬
‫بـدل مـن حماربتهـا‪ ،‬حيـث حتتـاج‬‫التقانـات اجلديـدة وأنماط التدريـس املرتبطـة هبـا ً‬
‫أنظمـة التعليـم العـايل إىل استكشـاف الكيف َّيـات التـي يمكـن من خالهلـا حتويل بيئة‬
‫واملدرسين‬
‫ّ‬ ‫اخللاق بني الطالب‬ ‫ِ‬
‫لتحقيـق التفاعـل َّ‬ ‫التَّعليـم والتعلـم إىل بيئـة ف َّعالـة؛‬
‫األكاديمـي (وطفـة‪.)2020 ،‬‬
‫ّ‬ ‫والعاملين يف املجـال‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪325‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫يصــف آلفــن توفلــر مســتقبل احليــاة املســتقبلية القادمــة‪ ،‬أي مرحلــة مــا بعــد‬
‫ـأن اإلنســان ســينرصف فيهــا إىل معاجلــة األفــكار‪ ،‬ويتزايــد بالتــايل أداء‬ ‫التَّصنيــع‪ ،‬بـ َّ‬
‫الرجــال‬‫إن تكنولوجيــا الغــد ال حتتــاج إىل ماليــن ّ‬ ‫املاكينــات للمهــا ّم الروتينيــة‪َّ .‬‬
‫ســطح ّيي التَّعليــم املســتعدّ ين للعمــل املتســاوق يف أعــال ال هنائيــة التَّكــرار‪ ،‬وال‬
‫تتطلــب رجــاال يتلقــون األوامــر دون طرفــة عــن (…) بــل تتطلــب رجــاال‬
‫قادريــن عــى إصــدار أحــكام حاســمة‪ ،‬رجــاال يســتطيعون أن يشــقوا طريقهــم‬
‫وســط البيئــات اجلديــدة‪ ،‬ويســتطيعوا أن حيــددوا موقــع العالقــات اجلديــدة يف‬
‫الواقــع رسيــع التغــر‪ ،‬إهنــا تتطلــب رجــاال مــن ذلــك النــوع الــذي وصفــه س‪.‬ب‪.‬‬
‫ســنو بأنَّ ــم حيملــون املســتقبل يف عظامهــم (توفلــر‪ .)423 ،1990 ،‬ويبنــى عــى‬
‫ذلــك أن اهلــدف األول للتعليــم ينبغــي أن يكــون رفــع قــدرة التكيــف لــدى الفــرد‪،‬‬
‫أي حتقيــق الرسعــة واالقتصــاد يف القــوى التــي يســتطيع هبــا أن يتكيــف مــع التغــر‬
‫املســتمر (توفلــر‪.)424 ،1990 ،‬‬
‫أن التعليـم اإللكرتوين‬ ‫وضمـن هـذه التَّصـورات يصعـب علينـا اليـوم أن نـدرك َّ‬
‫سـيكون جوهر ًّيـا حيو ًّيا مصري ًّيا يف خمتلف مسـتويات التعليـم حضور ًّيا أو عن بعد‪.‬‬
‫افترايض بعيد املدى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وهنـا جيـب اإلشـارة إىل أن التعليم اإللكتروين يقوم عىل مبدأ‬
‫افترايض يقـارب احلقيقة‪ :‬يسـتطيع هذا‬ ‫ّ‬ ‫بمعنـى أنَّـه يف داخـل املنهـج يضعنـا يف عـامل‬
‫تعليما يتجـاوز‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ليكـون‬ ‫التَّعليـم نقلنـا إىل العصـور القديمـة وإىل املسـتقبل املفترض؛‬
‫كل املجـاالت احليو َّيـة‪ .‬وعلى هـذا النَّحو يصبـح التعليم‬ ‫الزمـان واملـكان يف ّ‬ ‫حـدود َّ‬
‫املعـزز بالواقع االفرتايض‬‫جمـرد موجـة يف بحر متالطم األمـواج‪ .‬فالتَّعليم ّ‬ ‫ٍ‬
‫عـن ُب ْعـد َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ال يكتفـي بنقـل املتعلـم إىل املعلومـة ونقـل املعلومـة إىل املتع ّلـم‪ ،‬بـل هـو كفيـل بنقل‬
‫أيضا لن‬
‫أي مـكان وزمـان‪ .‬وعلى هـذا النَّحـو ً‬ ‫اخلارجـي ك ّليـة إىل املتع ّلـم يف ّ‬
‫ّ‬ ‫الواقـع‬
‫جمرد نقطـة يف عـامل التَّفاعل بني‬ ‫ٍ‬
‫يكـون التَّعليـم عـن ُب ْعـد بالصيغـة التـي نعرفهـا‪ ،‬إال َّ‬
‫بـأن التعليم يسير نحو مسـتقبل ُمشـبع‬ ‫ومكونـات املعرفـة‪ .‬ومـن هنـا نقـول َّ‬ ‫ّ‬ ‫املتع ّلـم‬
‫ٍ‬ ‫الواقعـي‪َّ ،‬‬
‫وأن التعليـم عـن ُب ْعـد ليس إال‬ ‫االفترايض واالفتراض‬ ‫بطفـرات الواقـع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطورات اهلائلة يف ميـدان الرتيبة والتعليـم واحلياة‪ .‬فالواقع‬ ‫ُّ‬ ‫طي ًفـا مـن أطياف هـذه‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪326‬‬
‫ختصصيـة إلكرتونيـة مثـل‪ :‬تكنولوجيـا النانـو‪ ،‬الذكاء‬
‫الرتبـوي ينبئنـا بـوالدة فـروع ُّ‬
‫ُّ‬
‫االصطناعـي‪ ،‬الشـبكات العصبيـة‪ ،‬والتقنية احليوية (سـعد‪.)2018 ،‬‬
‫وقــد ح َّقــق التعليــم اإللكــروين أنشــطة تعليميــة متميــزة مــن خــال مــا ُيسـ َّـمى‬
‫خمتــر العلــوم املفتــوح ‪ Open Science Laboratory‬يف بعــض اجلامعــات‬
‫األمريكيــة‪ ،‬حيــث يســتطيع الطــاب مجــع بيانــات حقيقيــة مــن اآلالت واألدوات‬
‫التــي جيــري التحكــم فيهــا عــن بعــد‪ ،‬ومــن بينهــا مطياف أشــعة جامــا‪ ،‬وتليســكوب‬
‫بمقيــاس ‪ 0.43‬مــر يف مايــوركا بإســبانيا‪ .‬ويســتطيع الطــاب استكشــاف بيانــات‬
‫حقيقيــة باســتخدام أدوات حمــاكاة‪ ،‬كاملجهــر االفــرايض‪ ،‬حيــث ُي َمكِّنهــم مــن‬
‫مشــاهدة صــور عاليــة االســتبانة (الكثافــة النقطيــة) بـ ً‬
‫ـدل مــن ع ّينــات حقيق َّيــة‪ .‬ويف‬
‫هــذا يقــول أحــد الباحثــن‪« :‬يســتطيع الطــاب التقريــب وضبــط الرتكيــز والتحكم‬
‫يف موضــع العينــة التــي يفحصوهنــا‪ ،‬مثلــا يفعلــون مــع األدوات احلقيقيــة متا ًمــا»‬
‫(ولــدروب‪.)2013 ،‬‬
‫ويمضي باولـو بليكسـتاين مديـر خمتبر تقنيات تطويـر التعليـم بجامعة سـتانفورد‬
‫مقـررات املختبرات الرقميـة‪.‬‬ ‫يف كاليفورنيـا إىل أبعـد مـن ذلـك مـع جيـل جديـد مـن َّ‬
‫وأحـد هـذه املقـررات يسـتخدم آالت جيـري التَّحكُّـم فيهـا عـن ُب ْع ٍـد بمختبر أحيـاء‬
‫يطوره بالتَّعاون مـع إنجامر ريدل كروز‪ ،‬الباحث يف اهلندسـة‬ ‫مركـزي‪ ،‬وهـو مشروع ّ‬
‫ّ‬
‫احليو َّيـة بجامعـة سـتانفورد‪ .‬يقـول بليكسـتاين‪« :‬الفكـرة هـي غرفـة حتـوي ‪ 10‬آالف‬
‫طبـق بتري‪ ،‬عـرض أحدهـا بضعة مليمترات‪ ،‬وروبوت يعمـل كطابعـة نافثة للحرب‪،‬‬
‫ثـم يقـول ال َّطالـب للروبوت‪« :‬اذهـب إىل طبقي‪ ،‬وأضف كذا مـن القطرات»‪ ،‬بحيث‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تكـون هنـاك كاميرا تراقـب ما حيـدث» (ولـدروب‪ .)2013 ،‬ويف هذا السـياق يقول‬
‫مايـكل شـاتز ‪ -‬فيزيائـي بمعهـد تكنولوجيا جورجيـا بأتالنتا َّ‬
‫إن املختبرات التقليد َّية‬
‫قـد تكـون ُمنْ َبتَّـة الصلـة بالواقـع‪ ..‬فـ«الطلاب يتصـورون أن املختبر ليـس إال غرفـة‬
‫متخصصـة مليئـة بمعـدات متخصصـة‪ ،‬ثـم خيرجـون مـن املختبر إىل العـامل احلقيقي‪،‬‬
‫حيث ال ينطبق عليه يشء مما تعلموه»(ولدروب‪ .)2013 ،‬وهلذا السبب‪ ،‬أ َّلف شاتز‬
‫متاحـا عبر اإلنرتنـت بعنـوان‪« :‬الفيزيـاء التمهيدية مع املختبر»‪ ،‬وهو‬
‫مقـررا جامع ًّيـا ً‬
‫ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪327‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مكـرس بالكامـل ملبـادئ علـوم احلركـة‪ .‬وهـو مـن َّأول مقـررات اإلنرتنـت املفتوحـة‬ ‫َّ‬
‫املكثفـة التـي تدمـج التعلـم باملامرسـة العملية املبارشة بشـكل تـام‪ .‬ويعتمد هـذا املقرر‬
‫أن كل طالـب يف هـذه األيام يسـتخدم هات ًفا ذك ًّيا مـزو ًدا بكامريا‪.‬‬
‫على حقيقـة مفادهـا َّ‬
‫يقـول شـاتز‪« :‬بدأنـا املقـرر بأن نطلـب من كل طالـب التقاط فيديـو ألي يشء يف بيئته‬
‫يتحـرك يف اجتـاه ثابـت برسعـة ثابتـة»‪( .‬املختبرات الالحقـة تتضمـن أنوا ًعـا أكثر من‬
‫احلركـة املع َّقـدة‪ ،‬كحركـة كـرة السـلة القوسـية نحو طوق السـلة)‪ .‬ثم «حيلـل الطالب‬
‫فيديوهاهتـم باسـتخدام برجميـات مفتوحـة املصدر‪ ،‬تسـتخلص موضع اجلسـم بمرور‬
‫الوقـت‪ ،‬ثـم يصوغـون نظرية لتفسير بياناهتـم‪ ،‬وبناء نماذج لوضعها موضـع التنفيذ‪.‬‬
‫ويف النهايـة‪ ،‬يقومـون بشرح نتائجهـم ونموذجهـم يف تقريـر خمبري مصـور‪ ،‬مدتـه ‪5‬‬
‫يتـم حتميلـه على موقـع «يوتيـوب»؛ لكـي يناقشـه طلاب آخـرون‪ ،‬وينقدونه‬ ‫دقائـق‪ُّ ،‬‬
‫عبر اإلنرتنت»‪( .‬ولـدروب‪.)2013 ،‬‬
‫واضحـا كيـف سيسـتفيد آالف الطلاب مـن هـذا‬ ‫ً‬ ‫ويعترف شـاتز بأنـه ليـس‬
‫الربنامـج‪ ،‬ولكـ ْن إذا ثبتـت فعاليـة هذا النَّهج يف مسـاعدة الطالب على إتقان املادة‪،‬‬
‫نموذجا ّ‬
‫لكل مقررات العلـوم عىل اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فـإن شـاتز وزملاءه يأملون أن يكـون‬
‫أيضــا االســتخدامات التعليم َّيــة لألجهــزة‬ ‫وتستكشــف اجلامعــة املفتوحــة ً‬
‫املحمولــة‪ .‬ففــي ‪ ،2008‬أطلقــت اجلامعــة خدمــة ‪ ،iSpot‬التــي يســتطيع هبــا األفــراد‬
‫الذيــن يتجولــون يف املناطــق املفتوحــة رفــع صــور رقميــة لنباتــات وطيــور وحــرات‬
‫وفطريــات وأحيــاء أخــرى‪ ،‬بجانــب أفضــل ختمــن هلــم ملاهيــة هــذه الكائنــات‪ .‬هــذا‬
‫الربنامــج املســتخدَ م يف بعــض مقــررات األحيــاء باجلامعــة ـــومتاح‪ -‬لغــر الطــاب ـ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يســتقطب أكثــر مــن ‪ 30‬ألــف مشــارك يف اململكــة املتحــدة وجنــوب أفريقيــا‪ُّ .‬‬
‫وكل‬
‫ـم حتميلهــا عــى اإلنرتنــت تشــعل مناقشــات حيو َّيــة حــول هو َّيــة الكائــن‪،‬‬ ‫صــورة يتـ ُّ‬
‫مهيــة وجــوده لســامة املنظومــة البيئيــة‪ ،‬ومنهــا تعليقــات مــن علــاء‬ ‫ومــدى أ ّ‬
‫اخلاصــة‪ .‬يقــول شــاربلز‪« :‬إهنــا أصبحــت‬ ‫َّ‬ ‫يســتخدمون بيانــات ‪ iSpot‬يف دراســاهتم‬
‫طريقــة ملامرســة العلــوم العمليــة باألماكــن املفتوحــة‪ ،‬لك ـ ْن بطريقــة مجاعيــة تعاونيــة‪.‬‬
‫ويف الواقــع يصبــح املشــاركون علــاء بيولوجيــا حتــت التمريــن» (ولــدروب‪.)2013 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪328‬‬
‫‪ -6‬املنافسة األكادميية‪ :‬الشركات اإللكترونية ضد اجلامعات‬
‫مـع اجتياح التكنولوجيا الرقمية للفضـاء األكاديمي وهيمنة التَّعليم اإللكرتوين‬
‫الشركات الرقم َّيـة الكبرى تقتحـم جمـال التَّعليـم‬
‫ظـل اجلائحـة بـدأت َّ‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد يف َّ‬
‫اجلامعـي وتكتسـح فضاءاتـه العلمية واإللكرتونيـة‪ .‬وهذا ما يراه سـكوت غاالوي‬ ‫ّ‬
‫يف مقابلـة لـه مـع جملـة نيويـورك تايمـز‪ ،‬إذ يتو َّقـع أن تنافـس رشكات التكنولوجيـا‬
‫الكبرى مثـل غوغـل وفيسـبوك وآبـل وميكروسـوفت اجلامعـات املرموقـة يف‬
‫تقديمهـا لربامـج دراسـية متقدّ مة عبر الفضاء اإللكرتوين وشـهادات علميـة مو َّثقة‬
‫ومعتمـدة عامل ًّيـا‪ ،‬وسـتعمل هـذه الشركات على زيـادة عـدد الطلاب املنتسـبني‪،‬‬
‫ومتكينهـم مـن احلصـول على تعليـم عـايل اجلـودة عـن ُب ْع ٍـد عبر اإلنرتنـت‪ .‬ويف‬
‫املؤسسـات اإللكرتونية رشاكة مع اجلامعات‪ ،‬وسـتعمل‬ ‫احلدود الدنيا سـتعقد هذه َّ‬
‫متطـورة عاليـة اجلودة عبر اإلنرتنت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫على مسـاعدهتا يف جمـال تقديـم برامـج علمية‬
‫أقـل كلفة للمسـتهلك‪ .‬وقد بـدأ ذلك باحلـدوث فعال حيث‬ ‫وسـيكون هـذا التَّعليـم َّ‬
‫ُعقـدت رشاكـة مثلا بين غوغـل وإم أي يت وأخـرى بين آبـل وسـتانفورد وغريهـا‬
‫(عويـدات‪ . )2020 ،‬وهبـذا‪ ،‬وبـدل أن تقبـل هـذه اجلامعـات ألف طالب يف السـنة‬
‫يتـم قبـول اثنين‬
‫مثلا‪ ،‬تسـتطيع أن تقبـل عشرات اآلالف حـول العـامل‪ .‬وبينما كان ُّ‬
‫مـن كل عشرة طلاب يقدّ مـون طلبـات هلـذا اجلامعـات‪ ،‬سـتصبح نسـبة القبـول يف‬
‫هـذه اجلامعـات أكبر بكثير (عويـدات‪. )2020 ،‬‬
‫سـيعوض‬ ‫ّ‬ ‫فـإن ازديـاد أعدادهـم‬ ‫أقـل على الطلاب‪َّ ،‬‬ ‫ورغـم أن الكلفـة سـتكون َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫هـذه اجلامعـات‪ .‬وهبـذا سـتفقد اجلامعـات األقـل ح ًّظـا جاذب َّيتهـا ور َّبما تغلـق متا ًمـا‪.‬‬
‫ويقـول غـاالوي‪« :‬إن أكبر ماركـة جاذبـة هنـا ليسـت هـي الشركات مثـل أبـل أو‬
‫مايكروسـوفت‪ ،‬بـل هـي اجلامعـات مثـل أوكسـفورد وسـتانفورد وإم آي يت‪َّ ،‬‬
‫ألن‬
‫خرجيـي هـذه اجلامعـات‪ ،‬كما تشير الدّ راسـات حيصـل أغلبهـم عىل وظائـف أفضل‬ ‫ّ‬
‫ورواتـب أفضل»(عويـدات‪ .)2020 ،‬هذه اجلامعات سـتتمكَّن بذلك من مضاعفة‬
‫أعـداد طالهبـا دون التَّضحيـة باجلودة بسـبب رشاكتها مـع رشكات التكنولوجيا‪ .‬أ َّما‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪329‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫عـن طبيعة الطالب أنفسـهم‪ ،‬فأقسـام القبـول يف اجلامعات املرموقـة معروفة بقدرهتا‬
‫على غربلـة طلبات القبـول وتدقيقها الختيـار أفضل الطالب (عويـدات‪.)2020 ،‬‬
‫املؤسسـات اجلامعية ستشـهد‬ ‫وقـد ب َّينـت كثير من الدراسـات والبحوث اجلارية َّ‬
‫أن َّ‬
‫املتخصصة‬
‫ّ‬ ‫املؤسسـات التكنولوجية الكبرى‬ ‫حالـة متوتّـرة من التَّشـارك والتَّنافـس مع َّ‬
‫والشـبكات‪.‬‬ ‫املنصات َّ‬ ‫ٍ‬
‫يف جمـال اإللكرتونيـات التعليميـة والتَّواصل عن ُب ْعد عن طريق َّ‬
‫املنصـات التَّكنولوجية وأخطر التقنيـات احلديثة التي ما‬ ‫الشركات متتلك أفضـل َّ‬ ‫فهـذه ّ‬
‫تطـو ًرا غري مسـبوق بني الشركات العاملية‪.‬‬ ‫السيـة والكتمان‪ ،‬والتي تشـهد ّ‬ ‫طـي ّ ّ‬
‫زالـت َّ‬
‫واملؤسسـات اجلامعيـة سـتكون اخلـارس األكبر يف وضعيـة املشـاركة أو التَّنافـس‪ ،‬وهي‬ ‫َّ‬
‫مـر‪ .‬ويضـاف إىل ذلـك تو ُّقد منافسـة جديـدة بين اجلامعات عىل‬ ‫بين خياريـن أحالمهـا ٌّ‬
‫كل أنحاء العامل؛ ألن التعليم اإللكرتوين اجلديد‬ ‫اسـتقطاب الطلاب من عامل مفتـوح يف ّ‬
‫يقـوم على مبـدأ حتطيـم حـدود الزمـان واملـكان‪ ،‬إذ يعتمـد على املهـارات واإلنجـاز‪،‬‬
‫الزمكانية‪.‬‬
‫اجلامعـي التقليدي يف دورتيـه َّ‬
‫ّ‬ ‫وخيترق اجلـدران التَّقليديـة للتَّعليم‬
‫فاملنافسـة سـتكون رشسـة بين اجلامعـات يف العـامل يف حـال االعتماد الكامـل عىل‬
‫التَّعليـم عـن ُبعـد‪ ،‬وهـو أمـر مفـروغ منـه‪ .‬وهـذا يـؤ ّدي إىل إلغـاء رشوط اإلقامـة‬
‫مقـرا رسـم ًّيا للجامعـات‬ ‫والسـكن يف البلـدان املقصـودة للدّ راسـة التـي تشـكّل ًّ‬ ‫َّ‬
‫بالضرورة‬ ‫املرغوبـة واملطلوبـة للطلاب القادمين مـن أطـراف العـامل‪ .‬وهـذا يعنـي َّ‬
‫كثيرا مـن التحديـات التـي تتعلـق باإليـرادات والتَّوظيـف‬ ‫أن اجلامعـات سـتواجه ً‬
‫«فرصـا ُميسرة إىل‬ ‫ٍ‬
‫واالسـتثامر‪ ،‬إذ جيـد الطلاب مـع التعليـم اإللكتروين عـن ُب ْعـد‬
‫ً‬
‫حـدٍّ مـا للحصـول عىل قبول مـن اجلامعات‪ ،‬بحيث ال تعـدُّ تكاليف اإلقامة والسـفر‬
‫عائ ًقا للدراسـة يف تلك اجلامعات»(قناوي‪ .)2020،241 ،‬وسـيكون أمام الطالب‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الذيـن يدرسـون يف جامعـات داخـل بلداهنـم نفـس اخليـارات للتعلـم عـن ُب ْع ٍـد يف‬
‫السـفر واإلقامـة‪،‬‬ ‫جامعـات مرموقـة عامل ًّيـا وخـارج بلداهنـم‪ ،‬ودون اعتبـار تكاليـف َّ‬
‫كما لـو كان احلـال باشتراط اإلقامـة يف مـكان الدراسـة‪« .‬وهـذا سـيق ّلل مـن عـدد‬
‫الطلاب الذيـن يلتحقـون باجلامعـات اخلاصـة املحلية بشـكل ملحوظ‪ ،‬والسـ َّيام إذا‬
‫قامـت اجلامعـات العامليـة بتخفيـض رسـوم الدراسـة فيهـا تب ًعـا النخفـاض تكاليـف‬
‫املرافـق وبعـض النَّفقـات التشـغيلية يف موازناهتـا»‪( .‬قنـاوي‪.)241 ،2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪330‬‬
‫‪ -7‬خامتة‪:‬‬
‫ِ‬
‫ويسكونسـن ـ‬ ‫يقـول ديفيـد شـيفر‪ ،‬أسـتاذ علـم النفـس التعليمـي يف جامعـة‬
‫ماديسـون‪« :‬إن نسـيج النظـام التعليمـي يعـاد غز ُله اآلن جمـد ًدا‪ ،‬وبنتائج ال يسـتطيع‬
‫أحـد التن ُّبـؤ هبـا‪ ..‬وذلـك مـا جيعـل هـذه اللحظـة مثيرة‪ .‬إننـا يف موقـف نسـتطيع أن‬
‫نبـدأ فيـه التَّفكير يف التعليـم بطريقـة جديـدة متا ًمـا»‪( .‬ولـدروب‪.)2020 ،‬‬
‫ونحـن ال نعـرف حتـى اليـوم متـى ينتهـي زمـن الفيروس الـذي مـا زال يتجـدد‬
‫ويتطـور ويتمـدَّ د يف كل حين‪ .‬ونحـن اليـوم على مشـارف الفصـل الثـاين مـن العام‬
‫الـدرايس ‪ ،2021/2020‬ومـا زال اإلغلاق على أشـدَّ ه يف أغلـب بلـدان العـامل‪.‬‬
‫وبالرغـم مـن اكتشـاف اللقاحـات‪ ،‬مـا يـزال اجلـدل األيديولوجـي والطبـي يـدور‬ ‫َّ‬
‫حـول فعاليتهـا وغاياهتـا األيديولوجيـة‪ .‬ومـع ذلـك ك ّلـه فإنَّـه حيدونـا األمـل بنهايـة‬
‫ممكنـة وقريبـة هلـذا الفيروس الذي هـدم كيـان احليـاة االقتصادية يف العـامل‪ ،‬وأدخله‬
‫الركـود االقتصـادي املـؤمل‪ ،‬والكسـاد املـايل املحـزن‪ .‬فالعامل يئ ُّن بسـبب‬
‫يف حالـة مـن ُّ‬
‫ذلـك الـدَّ اء‪ ،‬ويناضـل مـن أجـل االسـتمرار يف الوجـود ومكافحـة تداعياتـه‪.‬‬
‫والصعبـة عىل املجتمعات اإلنسـانية أن تعدَّ العدّ ة‪،‬‬ ‫وتفـرض هـذه التَّجربة املؤملة َّ‬
‫وتو ّفـر الطاقـات واإلمكانـات املتاحـة لضمان مسـتقبل آمـن لألطفـال والطلاب‬
‫والنَّاشـئة يف جمـال الرتبيـة والتعليـم‪ .‬ويف الوقـت الـذي تتك َّيـف فيـه األنظمـة‬
‫أيضا إلدارة املسـتقبل‪ ،‬والسـ َّيام‬
‫التعليميـة مـع كارثـة اإلغالق‪ ،‬جيـب عليها أن تته َّيأ ً‬
‫عندمـا تسـنح الفرصـة للمـدارس واجلامعـات بإعـادة فتـح أبواهبـا‪ ،‬واالنطالق من‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫جديـد نحـو عـامل أفضـل‪ .‬وهـذا ك ّلـه يتط َّلـب اجتراح املبـادرات العلم َّيـة الذكيـة يف‬
‫للمؤسسـات‬ ‫َّ‬ ‫مواجهـة األزمـات والتغ ُّلـب على أشـدّ التحدّ يات واألزمـات‪ .‬والبدَّ‬
‫التعليميـة مـن أن تتبنَّـى االبتـكارات العلميـة واإللكرتونيـة اجلديـدة‪ ،‬وأن تعمـل‬
‫على استكشـاف احللـول اإلبداعيـة ملختلـف املشـكالت التـي يمكن أن تواجه سير‬
‫املسـتمر لتطويـر إمكاناهتا‬
‫ُّ‬ ‫أيضا العمل‬‫العمليـة الرتبويـة يف مسـتقبل األيـام‪ .‬وعليها ً‬
‫وزيـادة فعالياهتـا اإلبداع َّيـة يف جمـال تبنّـي التكنولوجيـا احلديثـة الذكيـة املتطـورة يف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪331‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الصمـود يف وجـه األزمـات‬
‫الفضـاء اإللكتروين‪ ،‬مـن أجـل مسـتقبل آمـن قوامـه ُّ‬
‫ومواجهـة التحديـات (البنـك الـدويل‪.)8 ،2020 ،‬‬
‫فالتَّجربـة التي نعيشـها اليـوم كانت وما زالت جتربة صعبة يلفهـا التعقيد الكبري‪،‬‬
‫وحتكمهـا تضاريـس اخلـوف ونقـص التجربة يف ميدان االسـتعداد للكـوارث‪ .‬ومع‬
‫غصـة فرصـة‪ ،‬وسـيعلمنا التاريـخ أن مصيبـة كورونا ال‬ ‫ذلـك يمكـن القـول‪ :‬يف كل َّ‬
‫ختلـو مـن إجيابيـات التحريـض على الفعـل والنشـاط واإلبـداع البشري يف خمتلـف‬
‫املجـاالت‪ ،‬والسـ َّيام يف جمـاالت الصحـة والتعليم‪ .‬وكام قيل سـاب ًقا إن هـذه التجربة‬
‫مـا هـي يف هنايـة األمـر غير جتربـة قصيرة مـن أجـل التَّحضير ملا هـو أعظـم وأخطر‬
‫وأشـدُّ وق ًعـا يف املسـتقبل القريـب أو البعيـد‪ .‬فالعامل الـذي نعيش فيـه والزمن القادم‬
‫الصعبـة والكـوارث املحتملـة بيئ ًّيـا وعسـكر ًّيا وجرثوم ًّيـا‪ .‬ومـن‬
‫حممـل باملفاجـآت َّ‬‫َّ‬
‫إنـذارا مبك ًّرا عىل الـدروب املحفوفة باخلطر واملسـارات‬ ‫ً‬ ‫هنـا كان كورونا وسـيكون‬
‫التطور اإلنسـاين‪.‬‬‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫املفخخـة باملفاجـآت الكثيرة يف دورة‬
‫الصاعـق الـذي صـدم أكثـر مـن ‪400‬‬ ‫الشـامل واحلصـار َّ‬ ‫املـدريس َّ‬
‫ُّ‬ ‫فاإلغلاق‬
‫مليـون طالـب جامعـي على سـطح الكوكـب يشـكّل حلظـة تارخي َّيـة فاصلـة يف جمال‬
‫الصدمـة الوبائية احلاجة‬ ‫تطـور التعليـم اجلامعي يف مجيع أنحـاء العامل‪ .‬وأبرزت هذه َّ‬ ‫ُّ‬
‫مؤسسـات‬‫الرقميـة وتكنولوجيـا التعليـم يف خمتلـف َّ‬ ‫التسـانة َّ‬ ‫الكُبرى إىل تطويـر ّ‬
‫التعليـم العـايل‪ ،‬كما أبـرزت األمهيـة القصـوى لبنـاء اخلبرات والكفـاءات الرقميـة‬
‫ـم الدخول يف عرص‬ ‫لـدى املجتمـع التعليمـي للتغ ُّلـب عىل هذه األزمـة بداية‪ ،‬ومن َث َّ‬
‫جديـد يتخاصـب مع معطيات الثـورة الصناعية الرابعة يف جمـا ّيل‪ :‬التدريس والتعلم‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ليكـون على أهبـة االسـتعداد ملواجهـة التحديات املسـتقبلية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫رقمـي؛‬


‫ّ‬ ‫يف عـامل‬
‫ومــع أن معظــم املؤسســات التعليميــة مل تســتثمر تقليد ًّيــا يف التعليــم الرقمــي عــر‬
‫اإلنرتنــت باعتبــاره جان ًبــا أساس ـ ًّيا مــن جتربــة املتعلــم‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـإن املــدَّ بــدأ يتغـ َّـر منــذ بضــع‬
‫ســنوات مــع التــزام اجلامعــات الكــرى ببنــاء خــرات أكاديميــة رقميــة بالكامــل‪ .‬وممــا‬
‫أن األزمــة احلاليــة ســتؤ ّدي إىل ترسيــع هــذا االجتــاه وسنشــهد الح ًقــا فــرة‬ ‫ـك فيــه َّ‬
‫الشـ َّ‬
‫الصعبــة للجامعــات ومؤسســات التعليــم يف ميــدان التعليــم اإللكرتوين‬ ‫مــن التجــارب َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪332‬‬
‫عــن ُب ْعـ ٍـد يف مجيــع أنحــاء العــامل‪ ،‬عــى غــرار مــا شــهدناه خــال أزمــة عــام ‪ 2000‬التــي‬
‫أجــرت املؤسســات عــى حتديــث بنيتهــا التحتيــة التقنيــة‪.)Lederman. 2020( .‬‬
‫إن تطـ ُّـور التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد مــن هيئتــه القائمة عــى النَّقــل إىل صورتــه اإللكرتونية‬
‫واقتصــادي‬
‫ّ‬ ‫واجتامعــي‬
‫ّ‬ ‫النموذج َّيــة ال يمكــن أن حيــدث َّإل يف ســياق تكنولوجــي‬
‫كبريا‬
‫الصــورة البســيطة إىل الصــورة النموذجية حتدّ ًيــا ً‬ ‫حمــدَّ د‪ ،‬ويعــدُّ هــذا االنتقــال مــن ُّ‬
‫أن االنتقــال‬ ‫أيضــا َّ‬
‫يواجــه األنظمــة التعليميــة يف خمتلــف أنحــاء العــامل‪ .‬وهــذا يعنــي ً‬
‫مهمــة‬ ‫ٍ‬
‫ـدي إىل نمــوذج التعلــم اإللكــروين عــن ُب ْعــد ليــس َّ‬ ‫مــن نمــوذج التعلــم التقليـ ّ‬
‫مهمــة مع َّقــدة تنطــوي عــى ممارســات اســراتيجية ف َّعالــة‪ .‬ويف‬ ‫بســيطة‪ ،‬بــل هــي َّ‬
‫هــذا الســياق‪ ،‬قامــت بعــض اجلامعــات يف ظــل األزمــة بمحــاوالت جــا َّدة لالنتقــال‬
‫بالتعليــم مــن صورتــه التقليديــة إىل هيئتــه اإللكرتونيــة‪ ،‬فأدخلــت منظومــة مــن‬
‫التَّغيــرات التدرجي َّيــة‪ ،‬ور َّكــزت عــى هنــج التَّعلــم املدمــج‪ ،‬وعـ َّـززت فــرص التَّفاعــل‬
‫احلقيقيــة بــن الطــاب واملعلمــن عــر اإلنرتنــت‪ ،‬وو ّظفــت عــد ًدا مــن املنهجيــات‬
‫أخــرا رضورة‬ ‫ً‬ ‫والتقانــات املتجــدّ دة‪ .‬وقــد أدركــت اجلامعــات الرائــدة عامل ًّيــا‬
‫االســتعداد للمســتقبل‪ ،‬وبــدأت تــدرس كيف َّيــة تقديــم التعليــم والتَّدريــب العــايل مــن‬
‫خــال اإلنرتنــت‪ ،‬مــع النَّظــر إىل جــدوى االســتثامر يف الواقــع االفرتايض والواقــع‬
‫مهيــة هــذه‬ ‫املعـ ّـزز وإتاحتــه للطــاب يف مجيــع أنحــاء العــامل (دهيــان‪ .)2020 ،‬ومــع أ ّ‬
‫ـإن معظــم اجلامعــات مل تبــدأ بعــد أي عمليــة للتك ُّيــف مــع التع ُّلــم عــن‬ ‫املبــادرات‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـرا‬ ‫ٍ‬
‫ُب ْعــد بصورتــه النموذج َّيــة‪ .)Lederman. 2020( .‬وممــا يؤســف لــه أن عــد ًدا كبـ ً‬
‫مــن اجلامعــات والس ـ َّيام يف البلــدان الفقــرة ليــس لدهيــا بنيــة حتتيــة أو مــوارد كبــرة‬
‫لتأصيــل هــذا التعليــم القائــم عــى أرقــى إنجــازات الثــورة يف ميــدان اإللكرتونيــات‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫والربجميــات الرقميــة املتقدمــة يف جمــال التعلــم عــن بعــد‪.)Lederman. 2020( .‬‬


‫إن هنـاك جامعـات متقدّ مـة تقـوم بالتع ُّلـم‬
‫وبعـد هـذا ك ّلـه يمكـن القـول‪َّ :‬‬
‫النَّموذجـي عـن ُب ْع ٍـد يف أفضـل املسـتويات‪ ،‬وعندمـا تضـع اجلامعـات خط ًطـا أكثـر‬
‫فإنـا سـتكون قـادرة على حتسين قدراهتـا‬ ‫للتأهـب للكـوارث يف املسـتقبل‪َّ ،‬‬‫ُّ‬ ‫قـوة‬
‫َّ‬
‫وإمكاناهتـا الرقميـة‪ ،‬وصـوال إىل حتقيـق أرقـى مسـتويات هـذا التعليـم يف ح ّلتـه‬
‫املعـزز بالواقـع االفترايض والنانـو تكنولوجـي‪.‬‬‫املتطـورة على صـورة التَّعليـم ّ‬
‫ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪333‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مراجع الفصل ال َّثامن‬
- Bradley . James N. (2021) Strategic Transformative Technology Ex-
ecutive. In linkedin . Accessed on 22/1/2021. James N. Bradley on
LinkedIn: #pandemic #newpossibilities #models | 27 comments.
- Chomsky . Noam (2021). The Death of American Universities .
Jacobin. 3/3/2014. Accessed on 18/1/2021. https://www.jacobin-
mag.com/2014/03/the-death-of-american-universities/
- Lederman . Doug (2020). Will Shift to Remote Teaching Be Boon
or Bane for Online Learning? Because of COVID-19. March 18.
2020. https://www. insidehighered. com/digital-learning/arti-
cle/2020/03/18/most-teaching-going-remote-will-help-or-hurt-
online-learning. Accessed on 23/12/2020.
- Lederman. Doug (2020). Will Shift to Remote Teaching Be Boon
or Bane for Online Learning ? Because of COVID-19. March
18. 2020. https://www. insidehighered. com/digital-learning/ar-
ticle/2020/03/18/most-teaching-going-remote-will-help-or-hurt-
online-learning. Accessed on
- Lederman. Doug (2020). Will Shift to Remote Teaching Be Boon
or Bane for Online Learning? Because of COVID-19. March 18.
2020. https://www. insidehighered. com/digital-learning/arti-
cle/2020/03/18/most-teaching-going-remote-will-help-or-hurt-
online-learning. Accessed on 23/12/2020.
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

- Touraine . Alain(1973). Death or change of the universities? Pros-


pects. Vol. III. No. 4. Winter 1973.
- Xing . Bo and Marwala . Tshilidzi ( 2017). Implications of the
Fourth Industrial Age for Higher Education. SCIENCE AND
TECHNOLOGY . V o l u m e 7 3 . 2 0 1 7. Electronic copy
available at: https://ssrn.com/abstract=3225331

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 334
‫‪ -‬البنـك الـدويل (‪ .)2020‬جائحـة كورونـا‪ :‬صدمات التعليم واالسـتجابة عىل‬
‫صعيـد السياسـات‪ ،‬تقرير مايو‪ ،‬واشـنطن‪.2020 ،‬‬
‫‪ -‬احلكومــة الرقميــة (‪ .)2020‬تقريــر‪ ،‬كيــف يبــدو مســتقبل التعليــم يف عــر مــا بعــد‬
‫كورونــا؟ احلكومــة الرقميــة‪ 25 ،‬أكتوبــر ‪https://digitalgov.sa/?p=3461 .2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬الصبــاغ‪ ،‬فــؤاد (‪ .)2020‬التعليــم العــايل عــن ُب ْعـ ٍـد زمــن كورونــا‪ :‬اإلجيابيــات‬
‫والســلبيات‪ ،‬القــدس العــريب‪ - 19‬ســبتمرب ‪http://bitly. ws/aMGu .2020 -‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬توفلـر‪ ،‬آلفين (‪ .)1990‬صدمـة املسـتقبل أو املتغيرات يف عـامل الغـد‪ ،‬ترمجـة‬
‫حممـد علي ناصيـف‪ ،‬هنضـة مصر‪ ،‬القاهـرة ‪.1990‬‬
‫‪ -‬دهيــان‪ ،‬باتريــك (‪ )2020‬جائحــة كوفيــد‪ 19-‬تعــزز فــرص حتصيــل التعليــم‬
‫العــايل عــن ُب ْعـ ٍـد التعليــم والتدريــب العــايل مــن خــال اإلنرتنــت‪ ،‬مؤسســة ديب‬
‫للمســتقبل‪21 ،‬ســبتمرب‪.2020 ،‬‬
‫‪https://mostaqbal. ae/covid-19-pandemic-enhances-access-to-higher-ed-‬‬
‫‪ /ucation-via-distance-learning‬شــوهد يف ‪.2020/12/14‬‬
‫‪ -‬سعد‪ ،‬فواز (‪ .)2018‬اجلامعات والثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬صحيفة مكة‪ 7 ،‬يونيو‪،‬‬
‫‪https://twitter.com/makkahnp/status/1004988977600966657.2018‬‬
‫‪ -‬عنقـاوي‪ ،‬حنـان عبـد اهلل (‪ .)2020‬التعليم الرقمـي‪ ..‬الصدمة اإلجيابية‪ 30 ،‬أبريل‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ ،2020‬عكاظ‪https://www.okaz.com.sa/articles/people-voice/2021937،‬‬
‫‪ -‬عـودة‪ ،‬سـليامن (‪ .)2020‬األسـتاذ «كورونـا» يعيـد صياغـة مسـتقبل التعليم‪،‬‬
‫أوال كـم‪ .http://bitly.ws/aMAe ،2020/4/24 ،‬شـوهد ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬عويـدات‪ ،‬ناديـة (‪ .)2020‬التعليم اجلامعي يف زمـن كورونا‪ :‬فرص جديدة‪،‬‬
‫ناس نيوز‪.2020.06.01 ،‬‬
‫‪ https://www.nasnews.com/view.php?cat=32057‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪335‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬قنــاوي‪ ،‬شــاكر عبــد العظيــم حممــد (‪ .)2020‬جائحــة كورونــا والتعليــم عــن‬
‫بعــد‪ :‬مالمــح األزمــة وآثارهــا بــن الواقــع واملســتقبل‪ ،‬والتحديــات والفــرص‪،‬‬
‫املجلــة الدوليــة للبحــوث يف العلــوم الرتبويــة‪ ،‬املجلــد ‪ 3‬العــدد ‪ 4‬ـ ‪ .2020‬ص‬
‫‪.260-225‬‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2020‬مســتقبل التعليــم العــايل اخلليجــي يف ضــوء الثــورة‬
‫الصناعيــة الرابعــة‪ :‬قــراءة نقديــة يف إشــكالية الصــرورة واملصــر‪ ،‬الكويــت‪:‬‬
‫مركــز دراســات اخلليــج واجلزيــرة العربيــة‪.2020 ،‬‬
‫‪ -‬ولــدروب‪ ،‬ميتشــيل (‪ .)2013‬التعليــم عــر اإلنرتنــت‪ :‬املختــر االفــرايض‪،‬‬
‫‪ 28 ،Nature‬أغســطس ‪.2013‬‬
‫‪ https://arabicedition.nature.com/journal/2013/08/499268a‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/13‬‬

‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪336‬‬
‫الفصل التّ اسع‬

‫مستقبل ال ّتعليم العام‬


‫فيما بعد أزمة كورونا‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪337‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫متامــا‬
‫« لقــد فرضــت األزمــة الكورونيــة عــى التَّعليــم صــورة مســتقبل خمتلــف ً‬
‫عـ َّـا عرفنــاه يف املــايض‪ ،‬وإنَّنــا نقــف اليــوم عــى أعتــاب أكــر تغيــر للتَّعليــم شــهدته‬
‫العصــور اإلنســانية احلديثــة»‪)Mary Kalantzis( .‬‬

‫‪-1‬مقدمة‪:‬‬
‫ِّ‬
‫السـاعة يمعـن يف االنتشـار والتَّدمير‪ ،‬ومـا زال يضرب‬‫مـا زال كورونـا حتَّـى َّ‬
‫أركان الكوكـب‪ ،‬ويسـحق اقتصـاده‪ ،‬ويع ّطـل احليـاة يف خمتلـف مظاهرهـا‪ ،‬ويترك‬
‫النـاس يف حالـة مـن اهللـع واليـأس‪ ،‬فيع ّطـل عيشـهم‪ ،‬ويد ّمـر أرزاقهـم‪ ،‬ويغلـق‬
‫ومؤسسـاهتم‪ .‬وقـد يكـون هـذا الفيروس مـن أخطـر الفريوسـات التـي‬ ‫َّ‬ ‫مدارسـهم‬
‫رضبـت املجتمعـات اإلنسـانية يف التاريـخ‪ ،‬ومـع ذلـك سـيكون القـادم ربَّما أشـد‬
‫نصر على‬
‫خيرا‪ ،‬وأن َّ‬ ‫مفـر مـن أن نتفـاءل ً‬
‫هـول وأصعـب وق ًعـا‪ .‬ومـع ذلـك‪ ،‬ال َّ‬ ‫ً‬
‫تفاؤلنـا‪ ،‬ففـي كل سـواد بيـاض‪ ،‬ويف ثنايـا كل كارثـة بعـض األمـل‪.‬‬
‫يف عــام ‪ ،1665‬أغلقــت جامعــة كامربيــدج أبواهبــا بســبب وباء ال َّطاعون األســود‬
‫الــذي رضب إنجلــرا‪ .‬واضطـ َّـر إســحاق نيوتــن (‪)Isaac Newton. 1642 - 1727‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫إىل مغــادرة اجلامعــة واالســتقرار يف منزلــه يف وولشــتورب مانــور‪ .‬ويف أحــد األيــام‪،‬‬
‫جالســا للتأ ُّمــل يف حديقــة منزلــه‪ ،‬فالحــظ ســقوط التُّفاحــة املشــهورة التــي‬ ‫ً‬ ‫كان‬
‫ـم االكتشــافات العلم َّيــة يف‬
‫ـف عــن قانــون اجلاذبيــة الــذي ُيعــدُّ مــن أهـ ّ‬
‫أهلمتــه الكشـ َ‬
‫تاريــخ احلضــارة‪ .‬هــذا مــا أدرجــه ويليــام ســتوكيل (‪ )Stukeley‬يف ســرة نيوتــن‬
‫بعــد وفاتــه عــام ‪ . )UNESCO IESALC . 2020( 1752‬نعــم‪ ،‬كان ال َّطاعــون‬
‫األســود ســب ًبا يف تطـ ُّـور العلــم واملعرفــة عــى يــد نيوتــن وغــره مــن أربــاب املعرفــة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪339‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ـرا مــا تــؤ ّدي‬ ‫وكــا يقــول املثــل‪« :‬رب ضــارة نافعــة»‪ُّ ،‬‬
‫وكل حمنــة وراءهــا منحــة‪ ،‬فكثـ ً‬
‫األزمــات والويــات والكــوارث إىل نتائــج يف صالــح البرشيــة يف صــورة اكتشــافات‬
‫علميــة واخرتاعــات رائــدة‪.‬‬
‫خت ّلـف احلـروب واألوبئـة والكـوارث والنَّـوازل ال َّطبيعيـة نتائـج كارثيـة مد ّمـرة‬
‫آثـارا إجياب َّيـة تـؤ ّدي إىل ازدهـار‬ ‫يف حيـاة البشر‪ ،‬ومـع ذلـك فهـي حتمـل يف ط َّياهتـا ً‬
‫احليـاة اإلنسـانية‪ .‬وتتجلىَّ هـذه اآلثـار اإلجيابيـة يف تطـور املعرفـة اإلنسـانية عبر‬
‫االكتشـافات العلميـة واالخرتاعـات املتم ّيـزة‪ .‬لقـد أودت اإلنفلونـزا اإلسـبانية‬
‫بين عامـي‪ 1920-1918 :‬بحيـاة نحـو ‪ 100‬مليـون شـخص يف مجيـع أنحـاء‬
‫العـامل‪ ،‬لكنَّهـا يف الوقـت نفسـه أ َّدت إىل تطـور العلـم واملعرفـة باكتشـاف اللقاحـات‬
‫الطب والتَّمريـض‪ ،‬وع َّلمتنا‬ ‫ّ‬ ‫وتوظيـف األقنعـة ومتكين املرأة من العمل يف جمـاالت‬
‫الكثير يف جمـال علـوم األوبئـة والكـوارث‪« .‬وأ َّدت احلـرب العامليـة األوىل والثانيـة‬ ‫َ‬
‫للصـدأ‪ ،‬وسـاعات املعصـم‪،‬‬ ‫إىل اختراع اجلراحـة التَّجميليـة‪ ،‬والفـوالذ املقـاوم َّ‬
‫الرؤيـة ال َّليل َّيـة‪ ،‬والرشيـط‬ ‫اللسـلكية‪ ،‬وأجهـزة ُّ‬ ‫والـرادارات‪ ،‬وأجهـزة االتصـال َّ‬ ‫َّ‬
‫والصواريـخ‪ ،‬والتكنولوجيـا النووية» (الربيعـي‪ .)2020 ،‬ومما ال جدال‬ ‫اللصـق‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫تطـور هائـل يف علـم اجلراثيـم واألوبئـة‪ ،‬ويف‬ ‫حتما إىل ُّ‬
‫أن وبـاء كورونـا سـيؤ ّدي ً‬ ‫فيـه َّ‬
‫االصطناعـي يف العالجـات الوبائ َّيـة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جمـال التُّكنولوجيـا الوبائ َّيـة وتوظيـف َّ‬
‫الـذكاء‬
‫تطـور العلـوم الدَّ قيقـة التي‬
‫وباملثـل قـد يكـون هلـذا الفيروس نتائـج إجياب َّيـة يف جمال ُّ‬
‫هت ّيـئ اإلنسـان َّية ملواجهـات رشسـة يف املسـتقبل ضـدّ األوبئـة والكـوارث الطبيعيـة‪.‬‬
‫لقـد الحظنـا‪ ،‬عىل سـبيل املثال‪ ،‬بعض اآلثار اإلجياب َّية يف جمـال البيئة؛ إذ انخفض‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التلـوث البيئـي النَّاجـم عـن عـوادم الطائـرات واملصانـع‪ ،‬وازداد اهتمام‬ ‫ُّ‬ ‫مسـتوى‬
‫والسياسـيني بقضايـا العلـوم احلياتيـة والبيئـة‪ ،‬وتراجعت الواليـات املتحدة‬ ‫العلماء ّ‬
‫الص ّحية والبيئ َّيـة‪ ،‬وزاد اإلنفاق عىل‬ ‫األمريكيـة عن انسـحاهبا مـن املن َّظامت الدَّ وليـة ّ‬
‫وتطـورت وسـائل االتّصـال‬ ‫َّ‬ ‫الطـب واهلندسـة الوراث َّيـة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫البحـوث العلم َّيـة يف جمـال‬
‫متخصصـة يف جمـال األوبئـة‪ .‬وال يمكـن‬ ‫ّ‬ ‫اإللكتروين‪ ،‬وظهـرت صناعـات جديـدة‬ ‫ّ‬
‫مههـا على اإلطلاق‬ ‫أن نحصي اإلجياب َّيـات التـي ترتتـب على هـذا الوبـاء‪ ،‬لكـن أ َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪340‬‬
‫التأهب لعامل الكـوارث القادمـة‪ ،‬والتَّحضري ملواجهات إنسـانية‬
‫‪-‬كما يبـدو يل‪ -‬هـو ُّ‬
‫متجـدّ دة مـع الفريوسـات واألوبئة‪.‬‬
‫أن الكوارث والنوازل تضرب دون إنذار‪ ،‬وتـؤ ّدي إىل كوارث‬ ‫الشـك فيـه َّ‬
‫َّ‬ ‫وممـا‬
‫ماديـة وبرش َّيـة هائلـة ومؤملـة للبرش‪ .‬ويف معترك هذه املصائـب والكـوارث غال ًبا ما‬
‫يكـون هنـاك ومـض ضوء يف هنايـة النفق؛ يعقبـه هنار مرشق قد حيمـل يف أصبوحاته‬
‫فيضـا مـن الفـرص واملنافـع‪ .‬ويف هذا املعنـى يقول وجيـه العيل‪« :‬صحيـح أننا اليوم‬ ‫ً‬
‫أيضا‬‫نعـاين مـن تداعيـات أزمـة كورونـا الكارثيـة؛ لكـ َّن هـذه األزمـة جلبـت معهـا ً‬
‫السـياق‪ ،‬يشير العيل إىل‬ ‫االستراتيجي»‪ .‬ويف هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫فرصـا للتَّفكير اإلبداعي والتغيري‬
‫ً‬
‫أن «األزمات مهام‬ ‫مقالـة نرشهتـا جملـة هارفارد بيزنـس ريفيو العربيـة‪ ،‬وذكرت فيهـا َّ‬
‫كانـت مأسـاوية‪ ،‬فـإن هلـا جوانـب إجيابيـة‪ ،‬فهـي توقـظ البشر مـن غفالهتـم‪ ،‬وتو ّلد‬
‫نماذج عمـل جديـدة مـا كان البشر؛ لينتقلـوا إليهـا لـو اسـتمروا بمامرسـة حياهتـم‬
‫بالروتين املعتـاد»‪ .‬ويضيـف حمـرر املقالـة «مـا مـن شـك بـأن (وبـاء) كورونـا‪ ،‬مثلـه‬ ‫ُّ‬
‫سـيهز العـامل‪ ،‬وسـ ُيخرج ابتـكارات ويغير عقليـات مـا‬ ‫ُّ‬ ‫أي أزمـة أو حـرب‪،‬‬ ‫مثـل ّ‬
‫كانـت سـتنتقل مـن مرحلـة إىل أخـرى لـوال رضورة األزمـة»‪ .‬وتتابـع املقالـة وف ًقـا‬
‫اخلـاص مـا كانـت‬ ‫ّ‬ ‫للعلي القـول‪« :‬إن حكومـات العـامل وحتـى رشكات القطـاع‬
‫سـتخرج مـن عنـق الزجاجـة جتـاه تبنـي معطيـات التكنولوجيـا للعمـل عـن ُبعـد‪،‬‬
‫والتَّعليـم عـن ُبعـد‪ ،‬وتقديـم خدماهتا للناس عـن ُبعد‪ ،‬ومعاجلة القضايـا يف املحاكم‬
‫عـن ُب ْع ٍـد لـوال كورونـا» (العلي‪.)2020 ،‬‬
‫ويتابـع العلي قولـه‪« :‬إن جائحـة كورونـا أضفـت تغييرات جذريـة على أنماط‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الضعف‬ ‫السـتار عـن الكثري مـن مواطـن َّ‬ ‫وسـلوك حياتنـا اليوم َّيـة‪ .‬كما أنَّ ـا أزاحـت ّ‬
‫واخللـل التـي الزمـت املنظومـة االقتصاد َّيـة واملال َّيـة العامل َّيـة منـذ أزمة عـام ‪،2008‬‬
‫الصحـة‬
‫ّ‬ ‫فضلا عـن أنَّ ـا كشـفت هشاشـة البنـى التَّحتيـة‪ ،‬السـ َّيام يف قطاعـات‬ ‫ً‬
‫والتَّعليـم والرعايـة االجتامعيـة‪ ،‬وفرضـت على احلكومـات املختلفـة اتّبـاع مناهـج‬
‫أكثـر عقالنيـة وفاعل َّيـة للتَّعاطـي مـع األزمـات العامليـة والتَّحدّ يـات املصرييـة‪.‬‬
‫آخـرا؛ أيقظتنـا هـذه اجلائحـة مـن غفوتنـا وأجربتنـا على مراجعـة‬ ‫وأخيرا وليـس ً‬‫ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪341‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫نظرتنـا التَّقليد َّيـة نحـو املسـتقبل‪ ،‬والبحـث عـن حلـول ابتكار َّيـة واستراتيج َّيات‬
‫والشـمول ملواجهة األزمـات وجعلها حمطـات انطالق نحو‬ ‫مغايـرة تتسـم باحلكمـة ُّ‬
‫والصحة‬‫مسـتقبل أفضـل وعـامل يسـوده التَّعـاون والسلام وتنعـم جمتمعاتـه بالرفـاه ّ‬
‫واألمـان»‪( .‬العلي‪.)2020 ،‬‬
‫ويقـول مجال الدهشـان يف هـذا اخلصوص‪« :‬لقد دفعتنا اجلائحـة إىل القفز خطوة‬
‫لألمـام‪ ،‬وجعلتنـا نتبنَّـى صي ًغـا جديـدة مـن التَّعليـم والتعلم كنـا ال نعرتف هبـا‪ ،‬وما‬
‫زلنـا نتشـكَّك يف قيمتهـا وجدواهـا‪ ،‬وننظـر إليهـا نظـرة دونيـة يف أفضـل األحـوال‪.‬‬
‫َّقليـدي‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬ ‫رسع وتيرة عـدم االعتامد على نمـوذج التَّعليم الت‬
‫إن وبـاء كورونـا قـد َّ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫لتلقين املعلومات‬ ‫التَّعليـم املصريف أو البنكـي الـذي منـح ملـدة طويلة‪ ،‬أمهية كبيرة؛‬
‫وختزينهـا‪ ،‬وهـو نمـط التَّعليـم الـذي مل يعـد ُيالئـم طبيعـة العصر وحاجاتـه‪ ،‬إنـه‬
‫مؤسسـاتنا التَّعليمية‪،‬‬‫نمـوذج التَّعليـم الـذي مازال ُيعشـعش (كـذا!) يف العديد مـن َّ‬
‫الصناعيـة األوىل‪ ،‬والعـامل يعيـش الثـورة الصناعيـة الرابعـة‪ ،‬وهي‬ ‫فهـو وليـد الثـورة ّ‬
‫تدخلـت فيهـا التكنولوجيـا يف جمـال التَّعليم‪ ،‬وستسـتمر يف القيـام بدور رئيس‬ ‫ثـورة َّ‬
‫يف تعليـم األجيـال القادمـة»‪( .‬الدهشـان‪.)130 ،2020،‬‬
‫والتبيـة يف مواجهة األوبئة‬ ‫ونحـن نميـل اليـوم إىل االعتقـاد َّ‬
‫بـأن معركة التَّعليـم َّ‬
‫واألزمـات والكـوارث سـتكون املعركـة األكثـر أمهيـة ورضاوة ورشاسـة يف العقود‬
‫متخصصين يف جمـال السوسـيولوجيا التَّ بو َّيـة‬ ‫ّ‬ ‫القادمـة‪ .‬وجيـب علينـا ‪ -‬كرتبو ّيين‬
‫املؤسسـات االجتامعيـة‬ ‫التبو َّيـة هـي أكثـر َّ‬
‫أن األنظمـة َّ‬ ‫‪ -‬أن نأخـذ بعين االعتبـار َّ‬
‫ومتسـكا بتقاليدها القديمة وتشـب ًثا بالقيـم التَّقليد َّية املاضويـة‪ .‬ويذهب كثري‬ ‫حمافظـة ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أيضـا أن املدرسـة بأنظمتهـا التَّقليد َّيـة كانـت وماتـزال أكثـر‬ ‫مـن الن َّقـاد إىل االعتقـاد ً‬
‫الرابعة‪.‬‬ ‫املؤسسـات االجتامعيـة خت ّل ًفـا عن ركـب الثـورة َّ‬
‫الرقم َّية والثـورة الصناعيـة َّ‬
‫مؤسسـة حمافظـة بطبيعتهـا ووظيفتها‪ ،‬وهنا تكمـن وظيفتها‬ ‫وهـذا يعني َّ‬
‫أن املدرسـة َّ‬
‫األساسـية بوصفهـا مسـؤولة ك ّليـا عـن إنتـاج وإعـادة إنتـاج املجتمـع بصورتـه‬
‫فإن التغري االجتامعي واالنقالبات الثورية يف احلياة سـتؤدي‬ ‫التَّقليد َّيـة‪ .‬ومـع ذلك‪َّ ،‬‬
‫األول يف مـوت املدرسـة وذلـك يف احلالـة التـي‬ ‫يف هنايـة املطـاف إىل أمريـن‪ :‬يتم َّثـل َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪342‬‬
‫التغير‪ ،‬ويتمثـل اآلخـر يف تطويـر املدرسـة إىل الدرجة التي‬ ‫ّ‬ ‫ال تسـتطيع فيهـا مواكبـة‬
‫َّطـور اهلائـل يف مياديـن احليـاة العلم َّيـة واملعرف َّية‪.‬‬
‫تكـون فيهـا قـادرة على مواكبـة الت ُّ‬
‫وليهـز عـرش‬ ‫َّ‬ ‫جـاء كورونـا اليـوم لريبـك البنيـة التَّقليد َّيـة للتعليـم وأنظمتـه‪،‬‬
‫َّقليدي بمؤسسـاته وفلسـفاته ونظرياته‬ ‫ّ‬ ‫املدارس التَّقليد َّية‪ ،‬ويزلزل ركائز التَّعليم الت‬
‫ليكشـف لنا بـؤس املدرسـة التَّقليد َّية‬
‫َ‬ ‫الكالسـيكية‪ .‬جـاء كورونـا صدمـة وجوديـة؛‬
‫وليكشـف عورة املدرسـة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والتديد؛‬
‫وعقـم التَّعليـم القائـم على مرتكـزات التَّقليـد َّ‬
‫وترهلهـا‪ .‬جـاء الوبـاء ليشـك َّل منطلـق ثـورة حقيقيـة يف جمـال‬ ‫وسـلب َّياهتا‪ ،‬وضعفهـا ُّ‬
‫أن املدرسـة‬ ‫الصعـد واملسـتويات‪ .‬وسـنرى بـأ ّم العني َّ‬ ‫التبيـة والتَّعليـم على خمتلـف ُّ‬‫َّ‬
‫القادمـة سترتدي ح َّلـة تكنولوجيـة رقم َّية تتناسـب طر ًدا مـع التقدُّ م يف جمـال ال َّثورة‬
‫الصناعيـة الرابعة‪.‬‬
‫ســيتغي بعــد جائحــة كورونــا‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫َّ‬ ‫هناك إمجــاع بــن العلــاء عــى َّ‬
‫أن العــامل‬
‫ـارا ملــدى قــدرة احلكومــات وجاهز َّيتهــا ومرونتهــا لالســتجابة‬ ‫«كورونــا جــاء اختبـ ً‬
‫احلضاري‬
‫ّ‬ ‫الســياق‬‫ملثــل هــذه األزمــات‪ ،‬كــا يقول ســعيد الظاهــري»‪ .‬وضمــن هــذا ّ‬
‫كبــرا خــال هــذه‬ ‫ً‬ ‫تغــرا‬
‫يشــكّل «التَّعليــم أحــد أهــم القطاعــات التــي شــهدت ُّ ً‬
‫رسعــت يف االنتقــال لنمــط التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد أو مــا يعــرف بالتَّعليــم‬ ‫اجلائحــة التــي َّ‬
‫االفــرايض‪ )Virtual learning( .‬كاســتجابة رضوريــة الســتمرار العمليــة‬
‫التَّعليميــة خــال هــذه األزمــة‪ .‬التَّغيــر لــن يقتــر عــى التَّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد لكــن‬
‫مســتقبل» (الظاهــري‪.)2020 ،‬‬ ‫ً‬ ‫ســيطال نمــوذج وشــكل العمليــة التدريســية‬
‫«غــرت جائحــة كورونــا طرائــق التَّعليــم والتع ُّلــم ملاليــن الطــاب حــول‬ ‫لقــد َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫العــامل‪ ،‬وأصبــح املاليــن مــن الطــاب يســتعملون اهلواتــف الذكيــة والتَّطبيقــات‬


‫ُبــث مبــارش ًة عــى التّلفزيــون‪.‬‬ ‫ويــرون الــدروس التــي ت َّ‬ ‫التفاعل َّيــة للتع ُّلــم َ‬
‫أن هــذه احللــول اجلديــدة يف التَّعليــم ســتفتح املجــال أمــام املزيــد مــن‬ ‫ـك يف َّ‬
‫والشـ َّ‬
‫االبتكارات»(ربــداوي‪ .)2020 ،‬ومــع «االنتشــار الواســع لتقنيــات اجليل اخلامس‬
‫ســيتمكَّن الطــاب مــن التعلــم يف كل مــكان ويف أي وقــت‪ ،‬وســتدعم أنــاط‬
‫ـدي يف الصفــوف‪ ،‬ممــا يزيــد مــن مهــارات الطــاب‬ ‫التع ُّلــم اجلديــدة التَّعليــم التَّقليـ ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪343‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وانفتــاح أذهاهنــم‪ .‬وســتمكِّن الــراكات بــن القطاعــن‪ :‬العــام واخلــاص وبــن‬
‫الــركات واملؤسســات يف جمــاالت خمتلفــة ‪-‬كــا حصــل يف الصــن‪ -‬مــن احلصــول‬
‫الســحابية‪ ،‬وتوفــر‬ ‫ٍ‬ ‫منصــات للبـ ّ‬
‫ـث والتَّعليــم عــن ُب ْعــد معتمــدة عــى التقانــات َّ‬ ‫عــى َّ‬
‫التبيــة والتَّعليــم العــايل ووزارة‬
‫متطــورة للتعليــم تديرهــا وزارات َّ‬ ‫ُّ‬ ‫بنيــة حتتيــة‬
‫االتصاالت»(ربــداوي‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -2‬حتمية ال ّتطوّ ر‪:‬‬


‫بـأن أزمـة كورونـا سـتضع أطفالنـا يف عـامل مـن‬ ‫يتن َّبـأ الباحـث هنـاد خنيفـر َّ‬
‫عـدم اليقين مل نشـهد مثلـه مـن قبـل‪« .‬فمـدارس املـايض ليسـت كفيلـة بإعدادهـم‬
‫للمسـتقبل الـذي ينتظرهـم‪ .‬ويف الوقـت احلـايل مـن الصعـب تو ُّقـع الصـورة التـي‬
‫سـيبدو عليهـا الغـد‪ ،‬بما يف ذلـك الفـرص املهنيـة املسـتقبلية» (خنفـر‪.)2020 ،‬‬
‫فـإن «التع ُّلـم يف القرن احلـادي والعرشيـن يتطلب إعـادة تصميم‬ ‫ومهما يكـن األمـر َّ‬
‫نموذجنـا األسـايس واهلـدف مـن التَّعليم‪ ،‬بحيث ننتقـل من نموذج ُيعطـي األولوية‬
‫الكتسـاب املعرفـة إىل نمـوذج يركـز على تطويـر املهـارات األكاديميـة واملهـارات‬
‫تـدل « على أن أزمـة وبـاء فيروس‬ ‫املـؤشات ُّ‬‫ّ‬ ‫الشـخصية بصـورة متسـاوية»‪ّ ،‬‬
‫وكل‬
‫التبو َّيـة‬
‫كورونـا سـتأيت بالتغيير يف خمتلـف جوانـب احليـاة‪ ،‬ويف مقدمتهـا األنسـاق َّ‬
‫َّقليـدي القديم‪ ،‬حتى‬
‫ّ‬ ‫والتَّعليميـة‪ ،‬ومـن املسـتبعد أن يعـود العـامل إىل دورة التَّعليم الت‬
‫بعـد زوال األزمـة الوبائيـة‪ .‬فالعـزل والتباعـد االجتامعـي أجرب اخلرباء على التحول‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫االفترايض يف التَّعليـم حفا ًظـا على اسـتمرار العمليـة التَّعليميـة يف كافـة مراحلهـا»‬
‫(خنفـر‪.)2020 ،‬‬
‫حتم إىل تغيير يف النظر َّيات‬
‫أن أزمة كورونا سـتؤ ّدي ً‬ ‫شـك هـو َّ‬ ‫وممـا ال يرقـى إليه ٌّ‬
‫التَّ بو َّيـة‪ ،‬ويف تغيير النظـر إىل فلسـفات التَّعليـم بمنظـور يركـز على التع ُّلـم َّ‬
‫الـذايت‬
‫مركـزا‬
‫ً‬ ‫واملسـتمر‪ ،‬وليـس على التَّعليـم الكالسـيكي‪ ،‬بمنظـور يكـون فيـه املتع ّلـم‬
‫ّ‬
‫منتظـرا‪ ،‬وإىل التعليـم كذلـك‪ ،‬هيـدف إىل اصطفـاء‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هامشـا حيو ًّيـا‬ ‫وحمـورا‪ ،‬واملعلـم‬
‫ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪344‬‬
‫اإللكرتوين بوصفـه ً‬
‫بديل حقيق ًّيا‬ ‫ّ‬ ‫املبدعين وتنميـة ذكائهـم وخرباهتم‪ ،‬وهو التَّعليـم‬
‫َّقليـدي‪« ،‬وقـد أبـرز هـذا التَّعليم الكثري من املسـاوئ التَّعليميـة التي كان‬
‫ّ‬ ‫للتعليـم الت‬
‫النـاس قـد ألفوهـا وتعايشـوا معها‪ ،‬كتصنيف من ال يسـاير تقليدية هـذا التَّعليم عىل‬
‫أهنـم فاشـلون‪ ،‬وتركيـزه عىل نظريـة االمتحانـات الكتابيـة والنظرية‪ ،‬وعـدم اهتاممه‬
‫بالدافعيـة والوظيفيـة‪ ،‬وبإنجـازات ال ُّطلاب الفرديـة واإلبداعية وغري ذلـك‪ ،‬ممَّا قد‬
‫يدفـع النـاس إىل التفكير فيهـا بعمـق بعد اجلائحـة» (قنـاوي‪.)2020 ،‬‬
‫أن كورونـا يشـكل اليوم الرافعـة الثورية التي اسـتطاعت‬ ‫وممَّـا نميـل إىل اعتقـاده َّ‬
‫َّقليـدي بمرتكزاتـه املاضويـة‪ ،‬وأن تضعـه يف مواجهـة‬ ‫ّ‬ ‫هتـز أركان التَّعليـم الت‬ ‫أن َّ‬
‫َّقليـدي أصبـح‬
‫َّ‬ ‫َّطـور والتَّطويـر‪ .‬لقـد كشـفت اجلائحـة َّ‬
‫أن التَّعليـم الت‬ ‫اسـتحقاق الت ُّ‬
‫خـارج العصر‪ ،‬وال يمكـن االعتماد عليـه يف مسـار التَّحديـث‪ ،‬وأصبـح لزا ًمـا عليه‬
‫أن ينطلـق يف مسـارات التَّطويـر والتحديـث بما يواكـب موجـة الثـورات املعلوماتية‬
‫أن األسـس واملرتكـزات التـي يقـوم‬ ‫املتفجـرة‪ .‬وقـد ب َّينـت أزمـة كورونـا َّ‬ ‫ّ‬ ‫والرقم َّيـة‬
‫َّ‬
‫َّقليـدي منافيـة لـروح العصر ومتطلباتـه‪َّ ،‬‬
‫وأن هـذا التَّعليـم ببنيتـه‬ ‫ُّ‬ ‫عليهـا التَّعليـم الت‬
‫املتهالكـة يدفـع أطفالنـا إىل عـامل التَّهميش الوجـودي؛ الذي ر َّبام ال يكـون هلم مكان‬
‫َّقليـدي مـن‬
‫ّ‬ ‫فيـه وال وجـود‪ .‬وبعبـارة أخـرى سـيؤ ّدي الوبـاء إىل انتـزاع التَّعليـم الت‬
‫أقفاصـه املظلمـة ويدفـع بـه إىل عـامل النُّـور حيـث تكـون املعرفـة القائمـة على أكثـر‬
‫تطـورا عبقر ًّيا وإتقانًا‪ .‬نقـول هذا ونحن نـدرك أن التَّعليم‬ ‫ً‬ ‫منتجـات العقـل البشري‬
‫والصعوبـات واالنتقادات‪ ،‬وهذا ك ّله‬ ‫كثريا من التَّحدّ يات ُّ‬ ‫أيضـا ً‬ ‫اإللكتروين يواجه ً‬
‫َّ‬
‫اإللكرتوين‬
‫ّ‬ ‫َّطـور والتَّطويـر‪ ،‬فالتَّعليـم‬
‫يؤخـذ بعين االعتبـار‪ ،‬ولك ْن ضمن مسـار الت ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الذكـي هـو مصير وصيرورة حضاريـة‪ ،‬مهما كانـت صعوباتـه وحتدّ ياته وسـلبياته‪.‬‬
‫تبين لنا حجم‬ ‫َّقليدي ّ‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروين وبين سـلبيات الت‬
‫ّ‬ ‫واملقارنـة بين سـلب َّيات التَّعليـم‬
‫توجه إىل التخ ُّلف‪ .‬ويمكن‬ ‫توجه إىل التقدم وتلك التي ّ‬ ‫السـلب َّيات التي ّ‬ ‫املسـافة بني َّ‬
‫فلكل سـلبياته‬ ‫والسـفر عىل اجلامل واخليول‪ّ ،‬‬ ‫السـفر بالطائرة َّ‬ ‫مقارنة ذلك بسـلبيات َّ‬
‫السـلب َّيات واإلجياب َّيات‪ .‬وإذا كان‬ ‫وإجيابياتـه‪ ،‬ولكن شـتَّان بني هذه وتلـك يف ميزان َّ‬
‫السـلب ّيات واإلجياب َّيات‬ ‫لنـا اخليـار فلـن نختـار إال التقـدم بسـلبياته وإجيابياته‪ ،‬وهـي َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪345‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التـي ترافـق حركـة التقـدُّ م نفسـها‪ ،‬ولكـن ضمـن مصائـر املسـافة احلضاريـة بين‬
‫القديـم واجلديـد‪ .‬وجيـوز أن نتسـاءل كما فعـل تيسير عبـد اجلبـار اآللـويس بقولـه‪:‬‬
‫«لقـد خـاض حتديـث التَّعليـم معـارك رشسـة ضـد العقليـة املحافظـة املتز ّمتـة‪ ،‬وهو‬
‫تظـل بحاجة لقرار شـجاع ينسـجم واملتغريات‬ ‫اليـوم جيابـه معـارك اسـتثنائية أخرى ُّ‬
‫اإللكرتوين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التـي فرضتهـا كورونا‪ .‬لعل خري إجابة حاسـمة هلا سـنجدها يف التَّعليم‬
‫فهـل نتخـذ القرار؟» (اآللويس‪ . .)2020 ،‬نعم‪ ،‬علينـا أن نختار التقدُّ م واالنطالق‬
‫اإللكتروين بوصفـه الباعـث على االندفاع احلضـاري للرتبيـة والتَّعليم يف‬
‫ّ‬ ‫والتَّعليـم‬
‫القـرن احلـادي والعرشيـن‪ ،‬وال جمـال هنـا للتر ُّدد يف اختيـار احللـول احلضاريـة التي‬
‫تدفعنـا نحـو املسـتقبل واحليـاة بأبعادهـا املرشقـة‪ ،‬فسـلب َّيات املسـتقبل أفضـل قط ًعـا‬
‫ألن املسـتقبل يمثـل حركة املجتمـع اإلنسـاين إىل األمام‪ ،‬وال‬ ‫مـن إجيابيـات املـايض؛ َّ‬
‫يمكـن أبـدً ا االنغلاق والعـودة إىل اخللف‪.‬‬
‫خطرا وفتـكًا (حلظة كتابة‬ ‫ونحـن اليـوم إذ نواجه أرشس مراحل الوباء وأشـدَّ ها ً‬
‫ليغلـق أبوابـه الكاملـة‬‫َ‬ ‫هـذه املخطوطـة يف فربايـر مـن عـام ‪ )2021‬يسـتيقظ العـامل؛‬
‫مـن جديـد حتـت تأثير املوجـة الثانيـة التـي تـزداد خطـورة وفتـكًا مـع والدة نسـخ‬
‫بـأن التكنولوجيا‬ ‫فتَّاكـة وأجيـال جديـدة من الفيروس املد ّمر‪ ،‬تزداد اإلنسـانية إيامنًا َّ‬
‫للمؤسسـات‬ ‫َّ‬ ‫احلـل وامللاذ األخير‬‫اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد هـو ُّ‬
‫ّ‬ ‫التَّعليميـة والتَّعليـم‬
‫الرقم َّيـة بـدأت تتغلغـل يف‬ ‫التَّعليميـة‪ ،‬وتـزداد القناعـة يومـا بعـد يـوم َّ‬
‫بـأن الثـورة َّ‬
‫أعماق املدرسـة ويف مسـامات وجودهـا‪ .‬فاحللـول النهائيـة للوبـاء ليسـت مطروحة‬
‫بشـكل جـدّ ي‪ ،‬وال ّلقاحـات مـا زالت قيـد التَّجريـب والنَّقـد أحيانًا‪ .‬وهـي مع ذلك‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫منصـة إقلاع جديـد‪ .‬لإليمان‬ ‫أيضـا يشـكّل َّ‬‫حتتـاج إىل مراحـل زمن َّيـة طويلـة‪ ،‬وهـذا ً‬
‫مـدو للنّظام‬ ‫يبش بسـقوط ّ‬ ‫بـأن مسـتقبل التَّعليـم لـن يكـون إال رقم ًّيا‪ ،‬وهو ّ‬ ‫الراسـخ َّ‬
‫وجتذراتـه املاضويـة ضمـن مسـتنقع العـادات‬ ‫َّعليمـي القديـم بآلياتـه وفلسـفاته ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت‬
‫التبو َّيـة‪ ،‬التـي مل تعـد تنفـع يف عـامل ال َّثـورة الصناعيـة اجلديـدة التـي تتم ّيز‬‫والتقاليـد َّ‬
‫االصطناعـي وهـول االخرتاعـات التكنولوجيـة املتج ّليـة تربو ًّيـا‬
‫ّ‬ ‫بجبروت ّ‬
‫الـذكاء‬
‫االصطناعي‬
‫ّ‬ ‫املنصـات العلميـة اإللكرتون َّيـة وتكنولوجيـا التَّعليم‪َّ .‬‬
‫فالـذكاء‬ ‫يف جمـال َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪346‬‬
‫َّقليدي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الـذكاء البرشي تقدر بــ ‪ %70‬من َّ‬
‫الـذكاء الت‬ ‫اخلـارق يتط َّلـب اليـوم زيـادة يف َّ‬
‫الذكاء اإلنسـاين إىل احلدود القصوى بوسـائط‬ ‫يفجر َّ‬ ‫وهـذا يعنـي َّ‬
‫أن على التَّعليم أن ّ‬
‫التع ُّلـم وبوسـائله اإللكرتون َّيـة العبقريـة‪ .‬وهنـاك الكثير مـن القـول حـول ضعـف‬
‫اجلوانـب اإلنسـانية يف التَّعليـم‪ ،‬وهـذا صحيح نسـب ًّيا‪ ،‬ولكن يمكن للتقدُّ م نفسـه أن‬
‫جيـد الوسـائل واألسـاليب التـي جتعـل التَّعليم أكثـر أنسـنة و»وجدنـ ًة» وخت ُّل ًقا‪ ،‬أي‪:‬‬
‫هـذه التـي يمكـن أن تعمـل على زيـادة الفاعليـة اإلنسـانية الوجدانيـة االنفعاليـة يف‬
‫بالسمات اجلميلـة اخلالقـة لإلنسـان بوصفه‬ ‫املضمـخ ّ‬‫َّ‬ ‫التَّعليـم؛ لتمنحـ ُه هـذا الطابـع‬
‫إنسا نًا‪.‬‬
‫السـيطرة‬ ‫اإللكتروين يمكّـن الطلاب مـن َّ‬
‫ّ‬ ‫اليشـك فيـه عاقـل َّ‬
‫أن التَّعليـم‬ ‫ُّ‬ ‫وممـا‬
‫على ينابيـع املعرفـة ومصادرهـا برسعـات ومضيـة خاطفـة‪ ،‬ومـن استكشـاف‬
‫األبعـاد الفكر َّيـة واملعرف َّيـة اجلديـدة للمناهـج الدراسـية التـي تضـع الطالـب يف‬
‫يطـور نفسـه مـع وجـود‬ ‫ألن الطالـب هنـا يمكنـه أن ّ‬ ‫منافسـة حقيق َّيـة مـع املع ّلمين‪َّ ،‬‬
‫هـذه املصـادر بطريقـة مذهلـة‪ ،‬ويسـتطيع يف الكثير مـن األحيـان‪ ،‬وكنتيجـة طبيعية‬
‫ليصـل يف النهايـة إىل مسـتويات متقدّ مـة معرف ًّيا‪ ،‬قد‬‫َ‬ ‫للتَّواصـل مـع مصـادر املعرفـة؛‬
‫تضاهـي مع ّلميـه وأسـاتذته‪ .‬وهـذا أمـر خربنـاه مـن خلال جتربتنـا يف التَّعليـم لعـام‬
‫كامـل‪ ،‬فال َّطالـب يغـوص بعيـدً ا يف عمـق املعلومـات واملصـادر‪ ،‬ويطـرح أسـئلة قـد‬
‫تفـوق إمكانيـة املعلمين واملدرسين يف اإلجابـة عنهـا‪ .‬وربَّما وجب علينـا أن نقول‪:‬‬
‫إن الطالـب يسـتطيع الوصـول إىل ينابيـع املعلومـات‪ ،‬وإن واألجهزة تتيـح له عملية‬
‫التصنيـف والبحـث‪ ،‬ويف هـذا احلـال يبقـى على الطالـب أن ُيعمـل العقـل‪ ،‬ويكـدُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الذهـن يف البحـث عـن املعرفـة وبنائها وتشـكيلها وتوليدها بدال مـن أن يكون تاب ًعا‬
‫الذهنـي يف املناهـج التَّقليد َّيـة‪ .‬وهنـا جيـدر القـول مـع‬
‫ّ‬ ‫يعتمـد على التَّلقين واجلمـود‬
‫الباحـث هنـاد خنفـر بـأن «العديـد مـن اخلرباء يعتقـدون بأن هـذه الفترة الطارئة من‬
‫سـترسع يف اعتامد‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروين‬
‫ّ‬ ‫اعتماد وجتريـب طـرق ومنهجيـات خمتلفـة يف التَّعليم‬
‫وتبنّـي التع ُّلـم عبر اإلنرتنـت وغيره مـن أشـكال التع ُّلـم القائـم على التكنولوجيـا‬
‫بعـد انتهـاء األزمـة‪ ،‬لكوهنـا فرصـة حاسـمة يف جتـاوز عقبـات تقنيـة وعمليـة هلـا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪347‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫عالقـة بثقافـة أطـراف العمليـة التَّعليميـة»‪( .‬خنفـر‪ .)2020 ،‬ونحـن نعتقـد َّ‬
‫أن‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد سـتجد‬
‫ّ‬ ‫أغلـب اإلشـكاليات التـي طرحـت يف بدايـة التَّعليـم‬
‫وأن العـام الـدرايس املنصرم شـكّل منطل ًقـا لتطويـر جتربـة التَّعليـم‬ ‫حلوهلـا رسي ًعـا‪َّ ،‬‬
‫عـن ُب ْع ٍـد بصـورة مذهلـة‪ ،‬حتّـى أصبـح هـذا التَّعليـم اعتياد ًّيـا‪ ،‬ونو ًعـا من املامرسـة‬
‫الشراء واملـأكل وامللبـس‪.‬‬ ‫اليوميـة التـي ال ختتلـف عـن عاداتنـا يف ّ‬
‫ويـرى كثير مـن اخلبراء أن حضـور تكنولوجيـا التَّعليـم يف العمليـة التَّعليميـة‬
‫عنصرا جوهر ًّيـا يف عمليـات التَّعليـم‬
‫ً‬ ‫اإللكتروين بالضرورة‬
‫ّ‬ ‫سـيجعل مـن التَّعليـم‬
‫والتعلم يف املؤسسـات املدرسـية والتَّعليمية يف خمتلف املسـتويات واملراحل‪( .‬تقرير‬
‫ٍ‬
‫أن التع ُّلـم عـن ُب ْعـد أصبـح ً‬
‫أمـرا‬ ‫حكومـة‪ )2020 ،1‬وتؤكّـد الدراسـات اجلاريـة َّ‬
‫مفر من اعتامد هـذا التَّعليم‬‫واقع ًّيـا فـرض نفسـه بقـوة يف األنظمـة التَّعليمية‪ ،‬وأنُّـه ال َّ‬
‫يف املسـتقبل القريـب أو البعيـد‪ .‬وهـذا يعنـي «أن التغييرات التـي فرضهـا الفريوس‬
‫والتحـول إىل نمط سـائد يف عمليـة التعلم‬ ‫ُّ‬ ‫التاجـي على هـذا القطـاع مرشـحة للبقاء‬
‫والتَّعليـم (خنفـر‪.)2020 ،‬‬

‫‪ -3‬سيناريوهات متوقعة‪:‬‬
‫التغــرات املتو َّقعــة يف قطــاع َّ‬
‫التبيــة والتَّعليــم يف عــامل مــا‬ ‫ّ‬ ‫واضحــا أن‬
‫ً‬ ‫يبــدو‬
‫وتوجهاتــه‬
‫ُّ‬ ‫بعــد كورونــا ســتكون هيكليــة وجذريــة يف أنــاط التَّعليــم وأســاليبه‬
‫وسياســاته ونظمــه ومكوناتــه وفلســفاته‪ ،‬ســواء عــى صعيــد التَّعليــم العــام أو‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التَّعليــم اجلامعــي‪ .‬فالعــامل يتغــرَّ ‪ ،‬وأســباب االنقطــاع عــن التَّعليــم ال تقتــر‬


‫عــى األوبئــة واألمــراض البيولوجيــة‪ ،‬فاحلــروب والنزاعــات املحليــة والكــوارث‬
‫مســتمرا للمجتمعــات اإلنســانية ولألنظمــة التَّعليميــة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الطبيعيــة تشــكل هتديــدً ا‬
‫وتأسيســا عــى هــذه الصــورة‪ ،‬جيــب عــى الــدول واملجتمعــات اإلنســانية أن تضــع‬ ‫ً‬
‫هــذه العوامــل واملتغــرات كمصــادر حمتملــة لالنقطــاع عــن التَّعليــم لفــرات‬
‫زمنيــة قــد تطــول وقــد تقــر‪ ،‬وجيــب عــى القائمــن واملســؤولني الرتبويــن وضــع‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪348‬‬
‫صيــغ جديــدة للتَّعــاون اســتعدا ًدا ملثــل هــذه احلــاالت‪ ،‬وجيــب عــى علــاء النفــس‬
‫واالجتــاع واألطبــاء والعلــاء التعــاون لتقديــم حلــول أفضــل يف الوقــت املناســب‬
‫(‪.)Bozkurt AND Sharma.2020‬‬
‫وليسـت هنـاك دالئـل حتّـى اليوم عىل قرب انتهـاء األزمة‪ .‬فام زالـت احلكومات‬
‫ووزارات التَّعليـم يف مجيـع أنحاء العـامل تواجه معضلة التَّذبذب والتق ُّلب يف التَّقويم‬
‫وانحسـارا‪ ،‬وهـذا يـؤ ّدي إىل‬
‫ً‬ ‫انتشـارا‬
‫ً‬ ‫الوبائـي‬
‫ّ‬ ‫الزمنـي للتعليـم‪ ،‬يف ضـوء الوضـع‬ ‫َّ‬
‫إربـاك شـديد يف كيفيـة التَّعامـل مع املرحلة املقبلة (اليونيسـكو‪ ،‬أغسـطس‪،2020 ،‬‬
‫‪ .)2‬وقـد بـدأت بعـض البلـدان ختطـط إلعادة فتـح املـدارس أو إغالقها مـن جديد‬
‫وأهـم‬
‫ّ‬ ‫الصعـد واملسـتويات التَّعليميـة‪،‬‬‫على إيقـاع متوجـات الفيروس يف خمتلـف ُّ‬
‫مؤسسـات التَّعليـم األساسـية‬ ‫للشـهادات ويف َّ‬ ‫املشـكالت تتع َّلـق باملراحـل النَّهائيـة َّ‬
‫دورا حيو ًّيـا‪ .‬غير أنَّـه يف ضـوء اسـتمرار‬ ‫التـي يلعـب فيهـا التَّعليـم احلضـوري ً‬
‫فـإن غالب َّيـة البلـدان ال يمكنهـا حتى اليـوم (فربايـر ‪ّ )2021‬اتاذ‬‫تفشي الفيروس‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألن هذه القرارات تسـتدعي‬ ‫القـرارات النهائيـة املتعلقـة بفتح املـدارس أو إغالقها‪َّ ،‬‬
‫مسـؤوليات اجتامعيـة واقتصاديـة هائلـة‪ ،‬وسـتكون هلـا آثـار دائمـة على املعلمين‬
‫والشـباب‪ ،‬وأولياء أمورهم ـ ال سـ َّيام النسـاء ـ بل وعىل املجتمعات ّ‬
‫ككل‬ ‫واألطفال َّ‬
‫(اليونيسـكو‪ ،‬أغسـطس‪. )3 ،2020 ،‬‬
‫ً‬
‫مثقلا‬ ‫ً‬
‫مسـتقبل ملحم ًّيـا‬ ‫أن مسـتقبل التَّعليـم سـيكون بعـد الكارثـة‬ ‫ال مـراء يف َّ‬
‫حتوالت عميقـة جوهرية‬ ‫الصعبة احلاسـمة‪ ،‬فهنـاك ُّ‬ ‫باألحـداث اجلسـام والقـرارات َّ‬
‫حيـا‬ ‫الشـك فيـه أن كورونـا جـاء ر ً‬ ‫َّ‬ ‫َّقليـدي‪ .‬وممَّـا‬
‫ّ‬ ‫سـتقلب ظهـر املجـن للتعليـم الت‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫َّقليـدي‪ .‬ومـع‬
‫ّ‬ ‫رصرصا‪ ،‬أوقـد نـار التَّغيير وعواصـف التجديـد يف بنيـة التَّعليـم الت‬ ‫ً‬
‫والضباب َّية‬
‫كثريا من الغمـوض َّ‬ ‫َّ‬
‫أمهيـة إدراكنـا اليـوم ألمر التَّغيري يف بنيـة التَّعليم‪ ،‬فإن ً‬
‫أن تطويـر التَّعليم يف ّاتاه‬ ‫واتاهاته‪ .‬ومـن املؤكد َّ‬ ‫تلـف طبيعة هـذا التَّغيري ّ‬
‫مـا زالـت ُّ‬
‫حممـول على متغرياتـه االقتصاد َّيـة واالجتامع َّيـة والبنيو َّية‬ ‫ً‬ ‫الرقمـي سـيكون‬
‫ّ‬ ‫التَّعليـم‬
‫سـيتغي أسـوة بقطـاع التجـارة‬ ‫ّ‬ ‫كل دولـة وجمتمـع‪ .‬ومـن املؤكَّـد َّ‬
‫«أن التَّعليـم‬ ‫يف ّ‬
‫اإللكرتون َّيـة وقطـاع األعمال واخلدمـات‪ ،‬لكـ َّن هـذا التَّغيير مرهـون بوجـود رؤيـة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪349‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مدربة؛ لكي حت ّقـق النَّمط‬
‫واضحـة‪ ،‬وخ ّطـة استراتيج َّية‪ ،‬وإمكانـات ما ّد َّيـة وبرش َّيـة َّ‬
‫كل دولـة مناسـ ًبا هلا وفـق إمكاناهتـا‪ ،‬واحتياجاهتـا» (املوسـى‪.)2020 ،‬‬ ‫الـذي تـراه ُّ‬
‫التحـول‬
‫ُّ‬ ‫السـاعة‪ ،‬أن التَّعليـم قطـع أشـوا ًطا يف جمـال‬ ‫ويبـدو لنـا‪ ،‬حتـى هـذه َّ‬
‫اإللكتروين يف ظـل األزمـة‪ ،‬وأن هـذه األزمـة سـحقت اخلـوف‬ ‫ّ‬ ‫احلاسـم إىل التَّعليـم‬
‫مـن تسـنُّم أمـواج هـذا التَّعليم اجلديد‪ ،‬واسـتطاعت أن تدفع بالتَّعليم إىل مسـتويات‬
‫فإن أسـئلة‬ ‫اإللكرتوين‪ .‬ومع ذلك َّ‬‫ّ‬ ‫متقدّ مـة جـدًّ ا يف جمـال التَّعليـم عن ُب ْع ٍـد والتَّعليـم‬
‫كثيرة تـدور حـول طبيعـة التغيير املنتظـر يف جمـال رقمنـة التَّعليـم واعتماد املنصـات‬
‫الرقم َّيـة‪ ،‬ووضـع االستراتيج َّيات املناسـبة الحتـواء‬ ‫التَّعليميـة‪ ،‬وبنـاء املحتويـات َّ‬
‫هـذه املوجـة اهلائلـة مـن التغيير املحتمـل‪ .‬ويتصـدر هـذه األسـئلة سـؤال حيـوي‬
‫ويتفـرع‬
‫َّ‬ ‫سيسـتمر التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد عقـب أزمـة كورونـا؟‬ ‫ُّ‬ ‫ومركـزي مفـاده‪ :‬هـل‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫سـيتحول التَّعليـم مـن التَّعليـم عن ُب ْعـد يف حالـة الطوارئ‬ ‫ثانـوي‪ :‬هـل‬ ‫عنـه سـؤال‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫النموذجـي بمحتوياته‬ ‫ّ‬ ‫اإللكتروين‬
‫ّ‬ ‫نسـميه التَّعليـم‬
‫ليأخـذ بعـدً ا نموذج ًّيـا اعتدنـا أن ّ‬ ‫َ‬
‫َّقليـدي أو‬ ‫ّ‬ ‫حمـل التَّعليـم الت‬ ‫اإللكتروين َّ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫سـيحل التَّعليـم‬ ‫وفلسـفاته املتكاملـة؟ هـل‬
‫يصبـح حمور ًّيـا بعـد أن كان يشـكّل صـدى أجـوف لـه؟ هـل سـيحدث التَّـزاوج‬
‫اإللكتروين حتـت عنـوان التَّعليـم‬ ‫ّ‬ ‫َّقليـدي احلضـوري والتَّعليـم‬ ‫ّ‬ ‫مـا بين التَّعليـم الت‬
‫املدمـج؟ مـا الـذي سـيجري يف املسـتويات التَّعليميـة األوليـة (املـدارس االبتدائيـة‬
‫وريـاض األطفـال)‪ ،‬هـل سـيحدث التغيرُّ وف ًقـا للمعايير احلديثـة يف التَّعليـم؟‬
‫مـا االستراتيج َّيات والسـيناريوهات املسـتقبلية التـي سـتعتمد مـن ِق َبـل الـدُّ ول‬
‫أن االنتقـال الفعلي إىل التَّعليـم‬ ‫واحلكومـات والـوزرات التَّعليميـة؟ ال جـدال يف َّ‬
‫اإللكتروين عـن ُب ْع ٍـد وعـن قـرب يرهتن إىل الظـروف واملعطيـات‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واملتغيرات التي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫التحول‬ ‫ُّ‬ ‫لعملية‬ ‫ـة‬‫ي‬‫َّ‬ ‫ور‬ ‫الض‬ ‫َّ‬ ‫التكنولوجية‬ ‫باإلمكانـات‬ ‫د‬ ‫وسـيتحدَّ‬ ‫جمتمع‪،‬‬ ‫حتيـط ّ‬
‫بـكل‬
‫اإللكتروين بأبعـاده املختلفـة (زكـي‪.)2020 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجلـذري إىل التَّعليـم‬
‫ّ‬
‫ويف معـرض اإلجابـة عـن االجتـاه العـا ّم حلركـة املسـتقبل‪ ،‬نعتقـد َّ‬
‫أن االنتقـال‬
‫املتنوعـة‪:‬‬
‫اإللكتروين سـيكون حتم ًّيـا على مراحـل وضمـن مسـاراته ّ‬ ‫ّ‬ ‫إىل التَّعليـم‬
‫اإللكتروين‬
‫ّ‬ ‫احلضوريـة منهـا والقائمـة على أسـاس التَّعليـم عـن بعـد‪ ،‬التَّعليـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪350‬‬
‫االفترايض‪ ،‬والتَّعليـم املتزامـن وغير املتزامـن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املعـزز بالواقـع‬
‫املدمـج‪ ،‬والتَّعليـم ّ‬
‫الصيـغ سمات التَّعليم‬ ‫االصطناعـي‪ .‬وستشـكّل هـذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتَّعليـم القائـم على ّ‬
‫الـذكاء‬
‫اإللكتروين بمضامينـه ومحوالتـه‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ووصـول إىل التَّعليـم‬ ‫املسـتقبيل العا َّمـة بدايـة‪،‬‬
‫َّطور‪،‬‬ ‫الصيـغ‪ ،‬ومهما كانـت طبيعـة الت ُّ‬ ‫الفلسـفية وبأبعـاده احلضار َّيـة‪ .‬وكيفما كانـت ّ‬
‫يتحـول رقم ًّيـا‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّموذجـي سـيكون رضور ًّيـا؛ َّ‬
‫ألن العـامل‬ ‫ّ‬ ‫اإللكتروين الن‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫فـإن التَّعليـم‬
‫مهيـة التسـاؤالت التـي طرحناهـا‪،‬‬ ‫وال يمكـن للمدرسـة أن تكـون اسـتثناء‪ .‬ومـع أ ّ‬
‫فإن علينـا أن نخوض يف بعـض تفاصيل‬ ‫َّطـوري الـذي رسـمناه للتعليـم‪َّ ،‬‬ ‫واخلـط الت ّ‬
‫االستراتيجي للمسـتقبل يف جمـال التَّعليـم‪ ،‬واإلشـارة إىل اسـتطالعات‬ ‫ّ‬ ‫االنتقـال‬
‫الصـورة‪.‬‬ ‫َ‬
‫لتكتمـل ُّ‬ ‫الـرأي وآراء اخلبراء يف هـذا امليـدان؛‬
‫ربــا كان التَّعليــم يف خمتلــف مســتوياته عــى‪ ،‬حتــى قبــل فــروس كورونــا‪ ،‬يعــاين‬
‫أزمــة هيكليــة عميقــة‪ .‬ويتم َّثــل أحــد أبعــاد األزمــة يف خمتلــف مظاهــر التَّعليــم‬
‫ـدي الــذي يفقــد تدرجي ًّيــا صلتــه بالواقــع مــن جهــة‪ ،‬وبالتَّطـ ُّـور احلــادث يف‬ ‫التَّقليـ ّ‬
‫ميــدان احليــاة اإلنســانية برمتهــا مــن جهــة أخــرى‪ .‬فالقاعــات الفاخــرة واملــروج‬
‫الســخرية والتهكــم مــن ِق َبــل‬ ‫املشــذبة باهظــة ال َّثمــن أصبحــت اليــوم باع ًثــا عــى ُّ‬
‫ـي للتعليــم يف أجــزاء‬ ‫املتخصصــن الرتبو ّيــن يف جمــال التطويــر التكنولوجــي والرقمـ ّ‬ ‫ّ‬
‫ـرون أ َّنــه كان مــن األجــدر هبــذه املؤسســات أن تنفــق عــى‬ ‫كثــرة مــن العــامل‪ ،‬إذ يـ ْ‬
‫ـروين وتكنولوجيــا‬ ‫ّ‬ ‫الرقم َّيــة ووســائل التَّعليــم اإللكـ‬
‫املضامــن اإلبداعيــة للتقانــة َّ‬
‫الضخمــة‬ ‫بــدل مــن االســتثامر يف املبــاين َّ‬ ‫التواصــل الرتبــوي‪ ،‬وتركّــز عليهــا‪ً ،‬‬
‫ـروين املتواضــع يمثــل‬
‫ّ‬ ‫والســاحات املهيبــة والقاعــات الفخمــة‪َّ ،‬‬
‫ألن التَّعليــم اإللكـ‬ ‫َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التوجــه املســتقبيل احلضــاري الــذي تراهــن عليــه األمــم والتجــارب العامليــة املتقدّ مة‬ ‫ُّ‬
‫يف ميــدان الرتيبــة والتَّعليــم (‪. )Kalantzis and Cope. 2020‬‬
‫الســياق‪َّ ،‬‬
‫أن التَّعليــم كان يتَّجــه بصــورة طبيعيــة إىل‬ ‫ويالحــظ اخلــراء‪ ،‬يف هــذا ّ‬
‫ـروين عــن بعــد‪ ،‬حتــى قبــل أن يــرب فــروس‬ ‫ّ‬ ‫التَّطـ ُّـور يف ّاتــاه التَّعليــم اإللكـ‬
‫ـم اســتثامر ‪ 18.66‬مليــار دوالر يف جمــال تطويــر‬ ‫كورونــا‪ ،‬وأ َّنــه قبــل كورونــا تـ َّ‬
‫اإللكــروين يف عــام ‪ .2019‬وهــذا يثبــت اهتــام املجتمعــات األمم َّيــة‬
‫ّ‬ ‫التَّعليــم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪351‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫اإللكــروين‬
‫ّ‬ ‫التبو َّيــة يف العــامل املتقــدّ م هبــذا النَّــوع مــن التَّعليــم‬
‫والقيــادات َّ‬
‫ـروين عــن‬‫ّ‬ ‫بمختلــف صيغــه‪ .‬وبعــد انتشــار الوبــاء شــهد قطــاع التَّعليــم اإللكـ‬
‫ُب ْعـ ٍـد قفــزة كبــرة‪ ،‬وأصبــح ســائدً ا يف خمتلــف التَّفاعــات العلميــة والتَّ بو َّيــة يف‬
‫خمتلــف أنحــاء العــامل‪ .‬وقــد جتـ َّـى هــذا االســتخدام يف جمــال املؤمتــرات العلم َّيــة‬
‫وال ّلقــاءات واالجتامعــات والــدُّ روس التَّعليميــة يف خمتلــف مســتويات التَّعليــم‬
‫يف شــتّى أنحــاء الكوكــب‪ .‬وقــد أعلــن مديــر رشكــة بــاي جــوس ‪- ،Byju’s‬‬
‫وهــي أشــهر رشكــة يف جمــال التكنولوجيــا التَّعليميــة‪ ،‬والتــي توفــر التع ُّلــم‬
‫ومقرهــا بنغالــور ‪ -‬عــن‬ ‫َّ‬ ‫ـاين عــر اإلنرتنــت منــذ إنشــائها يف عــام ‪،2011‬‬ ‫املجـ ّ‬
‫زيــادة بنســبة ‪ ٪200‬يف عــدد خدماهتــا التعلميــة عــر اإلنرتنــت للطــاب يف‬
‫خمتلــف أنحــاء العــامل (‪ . )Nelson . 2020‬وقــد تشــكّل اليــوم اقتصــاد ج َّبــار‬
‫املنصــات التَّعليميــة وصناعــة الربامــج التَّعليميــة يف‬ ‫للــركات املعنيــة بإنتــاج َّ‬
‫خمتلــف أنحــاء العــامل‪.‬‬
‫اإللكتروين َّ‬
‫بـأن االسـتثامرات العامليـة القادمـة‬ ‫ّ‬ ‫ويتن َّبـأ اخلبراء يف جمـال التَّعليـم‬
‫يف جمـال تكنولوجيـا التَّعليـم سـتقفز مـن ‪ 18.66‬مليـار دوالر أمريكـي يف عـام‬
‫‪ 2019‬إىل مـا يقـارب ‪ 350‬مليـار دوالر بحلـول عـام ‪ .2025‬وهـذا يشـمل‬
‫التَّطبيقـات التَّعليميـة اإللكرتون َّيـة يف جمـال تعليـم اللغـات والتطبيقـات اخلاصـة‬
‫املتخصصـة يف إحيـاء املؤمتـرات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بالـدُّ روس اخلصوص َّيـة‪ ،‬واألجهـزة اإللكرتون َّيـة‬
‫الشـبكة التـي شـهدت‬ ‫ويف خمتلـف الوسـائل التقانـة التـي يمكـن توظيفهـا عبر َّ‬
‫أن « هـذه‬ ‫طفـرة كبيرة يف االسـتخدام منـذ بدايـة األزمـة‪ .‬ومـا يلفـت االنتبـاه هـو َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تغييرا يف التَّعليم عبر اإلنرتنت عىل املدى الطويل‪ ،‬وسـيعمل‬ ‫ً‬ ‫الفترة ربما ستشـهد‬
‫التحـول‪ ،‬سـواء يف‬
‫ُّ‬ ‫حتما على إزالـة كثير مـن العقبـات العمليـة التـي تقـاوم‬ ‫ذلـك ً‬
‫املدرسين على حدّ سـواء (خنفـر‪ .)2020 ،‬وهـذه املعطيات‬ ‫أوسـاط الطلاب أو ّ‬
‫الصيغة األمثل ملسـتقبل التَّعليم‬ ‫اإللكرتوين سـيكون ّ‬
‫ّ‬ ‫تبين يف جمموعهـا َّ‬
‫أن التَّعليـم‬ ‫ّ‬
‫الرابعـة باقتصاداهتا‬‫الصناعيـة ّ‬ ‫َّطـور الـذي تفرضـه ال َّثـورة ّ‬ ‫بقـوة التّقانـة ومنطـق الت ُّ‬‫َّ‬
‫التُّكنولوج َّيـة اجلبـارة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪352‬‬
‫‪ -4‬سيناريوهات العودة إلى املدرسة‪:‬‬
‫أن العـودة إىل‬ ‫املهتمين بمسـتقبل التَّعليـم بعـد كورونـا َّ‬ ‫ّ‬ ‫يـرى بعـض اخلبراء‬
‫بالصعوبات والتعقيـدات التي‬ ‫املدرسـة بعـد كورونـا سـتكون عملية شـا َّقة وحماطـة ُّ‬
‫فرضتهـا ظـروف اجلائحة‪ .‬فالتَّعليـم ينطوي عىل معطيات ومتط َّلبـات كثرية مع َّقدة‪،‬‬
‫ويشـتمل على متغيرات عديـدة‪ ،‬لـذا ال يمكـن تعميـم القـرارات واإلجـراءات يف‬
‫مجيـع املسـتويات التَّعليميـة دون األخـذ بخصوص َّيـة كل املسـتويات‪ ،‬واألخـذ بعني‬
‫َّعليمـي بر َّمتـه‪ .‬والبـدَّ ‪ ،‬يف هـذا املسـار‪ ،‬مـن‬
‫ّ‬ ‫املتغيرات يف النّظـام الت‬
‫ّ‬ ‫االعتبـار خمتلـف‬
‫والصفوف‬ ‫اإللكتروين عىل خمتلـف الفئات العمريـة ُّ‬
‫ّ‬ ‫حتديـد إمكانيـة تطبيـق التَّعليـم‬
‫والسـ َّيام يف املسـتويات األوليـة مـن التَّعليـم التـي تتم َّيـز بخصوصيتهـا وخطورهتـا‪.‬‬
‫الرقم َّيـة بام تنطوي‬
‫أيضـا‪ ،‬جيـب أن نضع يف احلسـبان مـدى توفر البنيـة التحتية َّ‬ ‫وهنـا ً‬
‫عليـه مـن أجهـزة وأنظمـة تشـغيل‪ .‬وهـذا األمـر ينسـحب على اخلبرات الفنيـة‪،‬‬
‫ومسـتوى تأهيـل املع ّلمني والطلاب‪ ،‬ومدى تو ُّفـر امليزانيـات الرضورية لالنطالق‬
‫مهية الثقافـة اإللكرتون َّية‬
‫يف هـذا املسـار‪ .‬وال يفوتنـا أبـدً ا يف هذا املسـار اإلشـارة إىل أ ّ‬
‫وتنميتهـا عنـد أوليـاء األمور واألهايل‪ ،‬وتعزيـز مدى قدرهتم عىل جمـاراة هذا النَّمط‬
‫اجلديـد مـن التَّعليـم (اجلربـاوي‪.)2020 ،‬‬
‫واملتت ّبـع لألبحـاث والدراسـات والسـيناريوهات املتو َّقعـة بعـد كورونـا على‬
‫املسـتوى الـدَّ ويل «جيـد أن هنـاك أنام ًطـا جديـدة يف التَّعليـم تعتمـد على اسـتخدام‬
‫التقنيـة‪ ،‬وهـذه األنماط وتطبيقهـا مرهـون بجاهزيـة وقـدرة املؤسسـات التَّعليميـة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫والـوزارات على التَّطبيـق‪ ،‬وبخاصـة البدء باعتامد نمـط التَّعليم اجلديد‪ ،‬سـواء أكان‬
‫تعليم مدجمًـا‪ ،‬ووضع أسـاليب االختبارات‬ ‫تعليما إلكرتون ًّيـا‪ ،‬أم ً‬
‫ً‬ ‫تعليما عـن ُب ْع ٍـد أم‬
‫ً‬
‫املؤسسـة‬
‫السياسـات والتَّرشيعـات داخـل الـوزارة أو َّ‬ ‫والتقويـم‪ ،‬وكذلـك تغيير ّ‬
‫سـمى‬
‫وأول هـذه الترشيعـات هـو االعتراف بام ُي َّ‬ ‫العتماد هـذا النَّمـط مـن التَّعليـم‪َّ ،‬‬
‫اإللكتروين‪ ،‬أو التَّعليم املدمج‪ ،‬أو التَّعليم باسـتخدام‬
‫ّ‬ ‫بالتَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد أو التَّعليم‬
‫الروبـوت» (املوسـى‪.)2020 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪353‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫إن احلكومـات والـدول سـتعتمد‪ ،‬بلا شـك‪ ،‬مسـارات خمتلفـة حتدّ دهـا ظـروف‬ ‫َّ‬
‫كل دولـة ونظرهتـا إىل التَّعليـم بما يف ذلـك اإلمكانـات املتاحـة‪ .‬ويف هـذا اخلصوص‬
‫حيـدّ د الباحـث عبـد اهلل بن عبد العزيز املوسـى مخـس خيارات تربويـة متو َّقعة يمكن‬
‫أن تعتمدهـا الـدول فيما بعد مرحلـة كورونا‪( :‬املوسـى‪.)2020 ،‬‬
‫واملؤسسـات واجلامعـات إىل التّعليـم‬
‫َّ‬ ‫اخليـار األول‪ :‬يتمثـل يف عـودة بعـض الـدُّ ول‬
‫َّقليـدي دون أي تعديـل أو اسـتفادة مـن التَّعليـم عـن بعـد‪ ،‬والسـبب يف ذلـك‬
‫ّ‬ ‫الت‬
‫راجـع إىل عـدم وجـود بنيـة حتت َّيـة تقنيـة وكذلـك عـدم قـدرة تلـك الـدول على‬
‫توفير اإلنرتنـت للمجتمـع‪ ،‬وسـتكون هـذه الـدول على األرجـح‪ ،‬مـن الـدُّ ول‬
‫الناميـة والفقيرة أو غير القـادرة اقتصاد ًّيـا‪.‬‬
‫اخليار الثاين‪ :‬سـتعود بعض الدُّ ول واملؤسسـات التَّعليمية إىل االسـتفادة من التَّعليم‬
‫جزئـي‪ ،‬أي إنـه يمكنهـا أن تسـتفيد‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروين على نحـو‬
‫ّ‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد والتَّعليـم‬
‫مثلا بوضـع ‪ % 30‬أو ‪ % 50‬مـن املنهـج على صـورة تعليـم عـن بعـد‪ ،‬أو جعـل‬ ‫ً‬
‫مثلا يف اجلامعـات أو املـواد التي ال حتتـاج إىل تطبيق‬‫بعـض مـواد اإلعـداد العـا ّم ً‬
‫التوجـه مرهـون بوجود بنيـة تقنيـة ج ّيدة‬
‫ُّ‬ ‫ميـداين وعملي عـن بعـد‪ ،‬ونجـاح هـذا‬
‫لـدى تلـك الـدول‪ ،‬ووجـود حمتـوى متميز‪ ،‬ونظـام تع ُّلـم قوي؛ أضـف إىل ذلك‬
‫وضـع آليـات التَّقويـم‪ ،‬ومعايري اجلودة‪ .‬وهذا اخليار سـتختاره الـدُّ ول واجلهات‬
‫التـي لدهيـا بنيـة تقنيـة جيـدة‪ ،‬وقـدرة عىل تصميـم املحتـوى اإلبداعي املناسـب‪،‬‬
‫ووضـع الضوابـط واملعايري‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واملؤسسـات‪ ،‬ومـن ثـم فلـن تكـون قـادرة‬


‫َّ‬ ‫اخليـار الثالـث‪ :‬سـتتخ َّبط بعـض الـدُّ ول‬
‫اإللكتروين أو التَّعليـم املدمـج أو‬
‫ّ‬ ‫على تفعيـل التَّعليـم عـن ُب ْع ٍـد والتَّعليـم‬
‫التَّعليـم باسـتخدام الروبـوت‪ ،‬وستسير بـدون ضوابـط‪ ،‬ويف النّهاية سـتقع تلك‬
‫املؤسسـات التَّعليميـة يف مشـكلة التقويـم واجلـودة‪.‬‬
‫اخليـار الرابـع‪ :‬سـيكون هنـاك ٌّ‬
‫نمو كبير للتعليـم املدمج وخاصـة يف التَّعليـم العايل‪،‬‬
‫ومـن املتو َّقـع أن تتَّبـع معظم اجلامعات يف الدول املتقدمة هـذا النوع من التَّعليم‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪354‬‬
‫وسـيكون الدمـج على مسـتوى املؤسسـة التَّعليميـة‪ ،‬أو على مسـتوى الربامـج‬
‫بحيـث تكـون بعـض الربامـج ك ّلهـا تقـدم بالتَّعليـم املدمـج‪ ،‬أو سـيكون الدمـج‬
‫على مسـتوى املـواد التَّعليميـة‪ ،‬بحيـث يتـم الدَّ مج يف بعـض املواد وخاصـة التي‬
‫عملي مبارش يف الوقت احلـايل حتى تنضـج التَّجربة‪ ،‬وهذا‬‫ّ‬ ‫ال يوجـد فيهـا جانـب‬
‫الضوابـط‪ ،‬والتقويـم‪ ،‬واالمتحانـات واجلودة‪.‬‬ ‫أيضـا مرهـون بوضع َّ‬‫ً‬
‫أن مرحلـة تطبيـق التَّعليم‬ ‫اخليـار اخلامـس‪ :‬يـرى بعـض املسـؤولني يف بعض الـدول َّ‬
‫تتـم وفـق مراحل متدرجـة‪ ،‬حيث يتم‬ ‫ٍ‬
‫اإللكتروين والتَّعليـم عـن ُب ْعـد ينبغـي أن َّ‬
‫ّ‬
‫الرت ُّيـث يف التطبيـق يف التَّعليـم العـام‪ ،‬والسـ َّيام يف املرحلة االبتدائية واملتوسـطة‪،‬‬
‫ويكـون يف فترة انتقاليـة يف املرحلـة الثانويـة‪ .‬أ َّمـا يف املرحلـة احلاليـة؛ فيقتصر‬
‫الضوابـط املعلنة‪.‬‬
‫التطبيـق على التَّعليـم العـايل (اجلامعـي) وفـق َّ‬
‫أن احلكومـات ستسـارع إىل‬ ‫ويتوقـع تقريـر أصدرتـه مؤسسـة ديب للمسـتقبل َّ‬
‫إقـرار لوائـح تنظيميـة ومنصـات جديـدة السـتيعاب الطلـب املرتفـع على التعلـم‬
‫عـن بعـد‪« ،‬وذلـك بالتـوازي مـع بـدء اهليئـات التَّنظيميـة يف قطـاع التَّعليـم بإجـراء‬
‫َّقليـدي عرب تطوير حلـول مبتكرة تشـمل تدريب اآلباء‬ ‫ّ‬ ‫تغييرات عـدَّ ة يف التَّعليـم الت‬
‫بـدل من االسـتجابة للظروف غري‬ ‫على التدريـس؛ لتغيير األنظمة بصورة اسـتباقية ً‬
‫أن زيادة االعتامد عىل أنظمة التعلم خارج‬ ‫املتوقعـة» (عـودة‪ .)2020 ،‬وبيَّ التَّقريـر َّ‬
‫الفصول الدراسـية ستسـهم يف تعزيز مشـاركة الطالب وأرسهـم يف تصميم أدوات‬
‫التعلـم ومناهـج التَّدريـس‪ ،‬وستسـتفيد الشرَّ كات الناشـئة يف جمـال تقنيـات التَّعليم‬
‫لتوجـه أعـداد كبرية مـن الطالب إىل التعلـم عرب اإلنرتنـت‪ ،‬ويف الوقت ذاته‪،‬‬ ‫نتيجـة ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ومطوري الربامج ومقدّ مي املناهج الدراسـية‬ ‫ّ‬ ‫الرسـوم املسـتحقة للمدارس‬ ‫سـتتغيَّ ُّ‬
‫خصوصـا يف النظـم التَّعليميـة التـي تدفع فيها األرس الرسـوم‬ ‫ً‬ ‫كثيرا‪،‬‬
‫عبر اإلنرتنـت ً‬
‫املدرسـية‪ ،‬وقـد حتتـاج املـدارس إىل مسـاحة أقـل حين تسـتخدم أفـواج الطلاب‬
‫مرافـق املدرسـة بنظـام التَّنـاوب‪ .‬كذلـك‪ ،‬يتو َّقع التَّقريـر انطالق حوار ّ‬
‫عاملي أوسـع‬
‫انتشـارا لالعتراف بجـدارة منصـات التَّعليـم عرب اإلنرتنـت واملؤهلات واملهارات‬ ‫ً‬
‫ويرجـح التقريـر أن تصبح أنظمـة التَّعليم‬ ‫ّ‬ ‫التـي يتع ّلمهـا الطلاب باالعتماد عليهـا‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪355‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ختصصـا يف املسـتقبل‪ ،‬وأن تركـز على االحتياجـات واالهتاممـات‬
‫ً‬ ‫عـن ُب ْع ٍـد أكثـر‬
‫املحـدّ دة لـكل طالب (عـودة‪. )2020 ،‬‬
‫فالنظـام التَّعليمـي مـا بعـد كورونـا سـيكون خمتل ًفـا جـدًّ ا عـن التَّعليـم الت‬
‫َّقليـدي‬
‫ّ‬
‫أيضـا أن‬
‫الزمـن‪ .‬ومـن املؤكَّـد ً‬ ‫الـذي ألفنـاه وعرفنـاه عبر عقـود عديـدة مـن َّ‬
‫التَّعليـم املسـتقبيل سيكتسـب مالمـح جديـدة خمتلفـة إىل حـدّ كبير‪ ،‬وأنـه سـتولد‬
‫اإللكتروين تشـتمل على أهـداف وفلسـفات وقيـم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫استراتيج َّيات جديـدة للتعلـم‬
‫املنطقـي أن تواجه هذه‬
‫ّ‬ ‫ومبـادئ‪ ،‬وأهـداف جديـدة‪ ،‬ومسـتجدَّ ة‪ .‬وقـد يبـدو لنـا مـن‬
‫كثيرا مـن الصعوبات والتَّحدّ يـات التي ترتبط بعـدد من املتغريات‬ ‫االستراتيج َّيات ً‬
‫والعوامـل املاديـة واللوجسـتية ومـن أمههـا‪:‬‬
‫االســتعداد التكنولوجــي‪ :‬ســيكون للتطــور التكنولوجــي املتح َّقــق يف جمــال‬
‫اإللكــروين وتبنّــي مســاراته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫االتصــال والتَّعليــم دور كبــر يف التأصيــل للتعليــم‬
‫عامــا مهــاًّ وحيو ًّيــا يف عمليــة انتشــار‬ ‫ً‬ ‫فالبنيــة اإللكرتون َّيــة اللوجســتية تشــكّل‬
‫منهجــا أساسـ ًّيا يف التَّعليــم‪ .‬وتتم َّثــل هــذه البنيــة يف تو ُّفــر‬
‫ً‬ ‫ـروين واعتــاده‬
‫التَّعليــم اإللكـ ّ‬
‫الرقم َّيــة وشــبكات اإلنرتنــت والتطبيقــات‬ ‫التكنولوجيــا املتقدّ مــة ملنصــات التعلــم َّ‬
‫البــث التلفزيــوين‬ ‫ّ‬ ‫أيضــا أنظمــة‬‫املتطــورة يف هــذا امليــدان‪ .‬ويشــمل ذلــك ً‬ ‫ّ‬ ‫الرقم َّيــة‬
‫َّ‬
‫ٍ‬
‫واإلذاعــي لتوفــر الــدَّ ورات الدراســية عــن ُب ْعــد جلميــع املتعلمــن‪ ،‬وكذلــك مــدى‬
‫تو ُّفــر البنيــة التحتيــة األساســية كالكهربــاء واهلواتــف والتلفزيــون والراديــو‪ ،‬واألجهزة‬
‫الرقم َّيــة ‪،‬واالتصــال باإلنرتنــت والبيانــات‪.)UNESCO 2020. April. 2( .‬‬ ‫َّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ـروين‪ :‬تتمثــل هــذه اجلاهزيــة يف توفــر خمتلــف املضامني‬


‫جاهزيــة املحتــوى اإللكـ ّ‬
‫ـروين»‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التّعليميــة بصــورة إلكرتونيــة‪ ،‬وهــذا مــا يطلــق عليــه بـــ «املحتــوى اإللكـ‬
‫ويشــمل ذلــك إمكانيــة الوصــول إىل مــواد التَّدريــس والتَّعلــم املتوافقــة مــع‬
‫ـروين التــي يمكــن تقديمهــا مــن خــال املنصــات‬ ‫ّ‬ ‫املناهــج املطلوبــة للتَّعليــم اإللكـ‬
‫ـروين‬
‫ّ‬ ‫عــر اإلنرتنــت أو الربامــج التلفزيونيــة أو اإلذاعيــة‪ .‬وهــذا املحتــوى اإللكـ‬
‫جيــب أن يشــمل خمتلــف املناهــج الدراســية التــي جيــب أن تغ ّطــي مجيــع مســتويات‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪356‬‬
‫الصفــوف واملجــاالت العلميــة والتَّ بو َّيــة‪ .‬وهنــا جيــب علينــا َّأل نســهو عــن وجــود‬
‫ُّ‬
‫فجــوات عميقــة بــن البلــدان والــدول واملناطــق مــن جهــة توفــر املــوارد واألجهــزة‬
‫واخلــرات الالزمــة لتطويــر املناهــج الدراســية عــى نحــو إلكــروين‪ ،‬وإتاحــة‬
‫املنصــات التَّعليميــة املتاحــة أو الربامــج التلفزيونيــة‬‫الوصــول إليهــا مــن خــال َّ‬
‫واإلذاعيــة (‪.)UNESCO 2020. April. 2‬‬
‫الســائدة يف‬ ‫والرقم َّيــة‪ :‬وهــذا اجلانــب يتعلــق بال َّثقافــة َّ‬
‫الثقافــة اإللكرتون َّيــة ّ‬
‫األوســاط األرسيــة واالجتامعيــة‪ ،‬وهــذا يشــمل خــرات املعلمــن ومهاراهتــم‬
‫الرقم َّيــة ومــدى قــدرة اآلبــاء أو مقدّ مــي الرعايــة عــى تســهيل التع ُّلــم الف َّعــال عــن‬
‫َّ‬
‫الشــديد‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ُب ْعــد يف املنــزل‪ .‬و ُيالحــظ‪ ،‬يف كثــر مــن املجتمعــات‪ ،‬يــا لألســف َّ‬ ‫ٍ‬
‫ـروين‪ ،‬وكثــر من‬ ‫ٍ‬
‫املعلمــن غــر مســتعدّ ين بشــكل كاف لالنتقــال إىل التَّعليــم اإللكـ ّ‬
‫اآلبــاء ال يوجــد لدهيــم االســتعداد الـ َّـازم للتكيــف مــع هــذا التَّعليــم‪ ،‬وقــد يكــون‬
‫األمــر أكثــر صعوبــة عندمــا يفتقــر اآلبــاء إىل مهــارات ال ُّلغــة والقــراءة والكتابــة‬ ‫ُ‬
‫ملتابعــة جــداول الدراســة وإدارة عمليــات التعلــم (‪.)UNESCO 2020. April. 3‬‬

‫‪ -5‬خامتة‪:‬‬
‫بأن جائحـة كورونا لـن تكون عىل األرجـح‪ ،‬الكارثة‬ ‫يف اخلتـام‪ ،‬جيـوز لنـا القـول َّ‬
‫وحافلا بالكـوارث واجلائحـات‬ ‫ً‬ ‫متخما باألزمـات‬ ‫ً‬ ‫األخيرة‪ ،‬فاملسـتقبل قـد يكـون‬
‫التـي تنتظـر اإلنسـان َّية على الـدروب ومفارق الطـرق‪ .‬وجيب علينـا أن ننظر إىل هذه‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ودرسـا مفيـدً ا يسـتفاد منـه يف مواجهـة التَّحدّ يـات‬


‫ً‬ ‫اختبـارا قاسـ ًيا‬
‫ً‬ ‫اجلائحـة بوصفهـا‬
‫احلضاريـة املقبلـة‪ .‬ويمكننا القول يف هذا السـياق‪ ،‬كذلك‪ ،‬إن كورونا يشـكّل رضبة‬
‫احلضـاري الطويل‪ ،‬تنبيهـا هلا ملا يمكن‬
‫ّ‬ ‫قاسـية هتـدف إىل إيقاظ اإلنسـانية من سـباهتا‬
‫أن جيتاحهـا مـن مصائـب وويالت يف األزمنـة القادمة‪ .‬فاألزمـة الكورونية صادمة‪،‬‬
‫وهـي على درجـة كبيرة مـن اخلطـورة واألمهيـة‪ ،‬ولكنَّهـا ليسـت‪ ،‬يف هنايـة األمـر‪،‬‬
‫سـوى تعبير عـن األزمـة احلضاريـة الكبرى التـي تتمثـل يف أزمـة انتقـال املجتمـع‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪357‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫اإلنسـاين إىل حضـارة املوجـة الرابعـة‪ ،‬وهـو املفهـوم الـذي يسـتخدمه آفلين توفلـر‬
‫تطـور املجتمع اإلنسـاين‪ ،‬فالثـورة الصناع َّيـة الرابعة‬ ‫يف وصفـه للمرحلـة ال ُعليـا مـن ُّ‬
‫َّطور‬
‫تـدق األبـواب‪ ،‬وتنذر بأزمـات كثرية كامنة يف تطويع اإلنسـانية على قوالب الت ُّ‬ ‫ُّ‬
‫االصطناعي اخلـارق‪ .‬ولئن كان املجتمع اإلنسـاين اليوم‬ ‫ّ‬ ‫اجلديـدة املتم ّثلـة يف َّ‬
‫الـذكاء‬
‫خضـم التحـول العظيـم للثـورة‬ ‫ّ‬ ‫تتـم يف‬
‫فـإن هـذه املواجهـة ُّ‬ ‫يواجـه أزمـة كورونـا‪َّ ،‬‬
‫الرقم َّيـة يف كل ميـدان وحقل وقطاع‬ ‫الصناعيـة الكبرى اجلبـارة التـي تعتمد الثـورة َّ‬
‫وجانـب مـن جوانـب احليـاة والوجود‪ ،‬فاإلنسـانية اليوم ختلـع أثواهبـا القديمة ك َّلها‬
‫الرقم َّيـة‪ ،‬وترتدي ح َّلـة حضارية‬ ‫حتـت وقـع االهتـزازات الكبرى للثـورة الصناعية َّ‬
‫عما ألفتـه وعهدتـه يف املـايض‪ .‬وهنا يـأيت الوباء كرضبـة مهامز؛‬ ‫جديـدة خمتلفـة متا ًمـا َّ‬
‫َّ‬
‫وكأن هـذا‬ ‫لتسرع أحصنـة التقـدُّ م احلضـاري‪ ،‬والسـ َّيام يف جمـال الرتيبـة والتَّعليـم‪،‬‬ ‫َ‬
‫خصيصـا؛ ليقد َم دفعة حيويـة للتعليم صـوب دروب تقدُّ مه وتطوره‬ ‫ً‬ ‫الوبـاء قـد ولد‬
‫ومتوجاهتـا‪ .‬نعـم‪ ،‬جـاء كورونـا؛‬ ‫املنشـود حتـت ضغـط الثـورة الصناعيـة الرابعـة ُّ‬
‫ليخـرج التَّ بيـة مـن أوكارهـا التَّقليد َّيـة‪ ،‬ويدفع هبـا إىل فضاء جديد يتم َّثـل يف الذكاء‬ ‫َ‬
‫املحرك اجلبـار لل َّثـورة الصناعيـة الرابعة‪.‬‬ ‫اإللكتروين اخلـارق الـذي يشـكّل ّ‬ ‫ّ‬
‫وحتــت تأثــر كورونــا العتيــد بــدأ اآلبــاء والطــاب واملعلمــون يف مجيــع أنحــاء‬
‫ــد الــذي ينحــو إىل أن‬ ‫أوروبــا يتكيفــون مــع الوضعيــة اجلديــدة للتعليــم عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫تعليــا إلكرتون ًّيــا نموذج ًّيــا بامتيــاز‪ .‬وعندمــا تبــدأ املــدارس يف إعــادة‬ ‫ً‬ ‫يكــون‬
‫فتــح أبواهبــا مــن جديــد‪ ،‬فــإن هــذا األمــر لــن يتطلــب التكيــف مــع اســتخدام‬
‫التكنولوجيــا فحســب‪ ،‬بــل ســيتطلب كذلــك تطويــر هــذه التكنولوجيــا التَّعليميــة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الرقم َّيــة ضمــن قوالــب تربويــة‬ ‫رتســانات َّ‬ ‫وإعــداد املحتويــات اإللكرتون َّيــة وال ّ‬
‫الرقم َّيــة يف خمتلــف جمــاالت‬ ‫ومتطــورة ومتك ّيفــة مــع متطلبــات الثــورة َّ‬ ‫ّ‬ ‫جديــدة‬
‫أن إغــاق املــدارس تســ ّبب يف البدايــة يف‬ ‫الرغــم مــن َّ‬ ‫احليــاة اإلنســانية‪ .‬وعــى َّ‬
‫ـإن هــذا األمــر قد شـكَّل داف ًعــا قو ًّيــا؛ لتطور‬ ‫حــدوث اضطرابــات تربويــة واســعة‪ ،‬فـ َّ‬
‫خمتلــف مناحــي اإلبــداع واالبتــكار يف العمليــة الرتبويــة والتَّعليميــة‪ .‬وتأخــذ هــذه‬
‫ـتمر‪.‬‬
‫الزمــن وتقدُّ مه املسـ ّ‬ ‫التوجهــات االبتكاريــة مســارها نحــو األفضــل مــع حركــة َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪358‬‬
‫أن األزمــة ر َّبــا يكــون هلــا تأثــر دائــم عــى مســار تع ُّلــم‬
‫وهنــاك دالئــل تشــر إىل َّ‬
‫الســياق‬ ‫االبتــكار والرقمنــة‪ .‬ويــرى خــراء املنتــدى االقتصــادي العاملــي يف هــذا ّ‬
‫أن األزمــة الكورونيــة قــد أ َّدت إىل إحــداث تغــرات جوهريــة يف ثالثــة مســتويات‬ ‫َّ‬
‫(‪: )Eropeen Datas portal .2020‬‬
‫أوال ‪ -‬يمكـن لألزمـة ترسيع االبتكار واإلبداع يف عميلتي التَّعليم والتعلم والسـ َّيام‬
‫بالنسـبة ألولئـك الذيـن لدهيـم إمكانيـة الوصـول إىل اإلنرتنـت والتكنولوجيـا‬
‫كثيرا حتقيـق رضب مـن‬ ‫ظـل كورونـا تطـورت ً‬ ‫التبو َّيـة يف ّ‬ ‫َّ‬
‫اللزمـة‪ ،‬فالتجربـة َّ‬
‫اإللكتروين ثان ًيا‪ :‬وأتاحت‬ ‫ثـم التَّعليم‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫التفاعـل مـع التَّعليـم عـن ُب ْعد َّأوال‪ :‬ومن َّ‬
‫كبيرا يف اخلبرات‪ ،‬ورفعـت مسـتويات االبتـكار واإلبـداع‬ ‫هـذه التجربـة تنام ًيـا ً‬
‫التبو َّيـة والتَّعليميـة‬
‫املؤسسـات َّ‬‫يف خمتلـف مسـتويات التَّعليـم‪ .‬وقـد أصبحـت َّ‬
‫مـؤزر يف جمـال التَّعليـم الرقمـي مـن خلال إنتاج‬ ‫أكثـر قـدرة على حتقيـق تطويـر َّ‬
‫اإللكتروين بصـورة‬
‫ّ‬ ‫املحتـوى التَّعليمـي الرقمـي وتطويـر منهجيـات التَّعلـم‬
‫املقـررات والـدُّ روس واملـواد التَّعليمية‪ .‬وتشـمل االبتكارات‬ ‫واسـعة يف خمتلـف َّ‬
‫واملنصـات واملوارد‪ ،‬وهتدف مجيعها إىل مسـاعدة‬ ‫َّ‬ ‫املحتملـة التطبيقـات التَّعليميـة‬
‫أوليـاء األمـور واملعلمين واملـدارس ومديـري املـدارس على تسـهيل تع ُّلـم‬
‫الطلاب والرعايـة االجتامعيـة والتَّفاعلات خلال فترات إغلاق املدرسـة‪.‬‬
‫واخلاص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ثان ًيـا ‪ -‬سـتؤدي األزمـة إىل نمو الشَّ اكات التَّعليم َّية بين القطاعني‪ :‬العا ّم‬
‫وقـد أظهـر العقـد املـايض اهتام ًمـا متزايـدً ا مـن الشركات اخلاصـة بالتَّعليـم‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الصناعـات حول‬ ‫يمهـد الطريـق لتعـاون واسـع النطـاق عبر ّ‬ ‫ويمكـن للوبـاء أن ّ‬
‫هـدف تعليمي مشترك‪.‬‬
‫ثالثـا‪ -‬سـتؤ ّدي األزمـة إىل تزايـد الفجـوة َّ‬
‫الرقم َّيـة بني الـدول والفئـات االجتامعية‪،‬‬
‫وإىل توسـيع عدم املسـاواة بني الفئـات وال َّطبقات االجتامعيـة‪ .‬وذلك َّ‬
‫ألن جودة‬
‫التَّعليـم تعتمـد يف جوهرهـا على الوصـول إىل اإلنرتنـت والتكنولوجيـا املناسـبة‬
‫واملهـارات املطلوبـة السـتخدامها‪ .‬وكام ذكرنا سـاب ًقا‪ ،‬خيتلف هـذا اختال ًفا ً‬
‫كبريا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪359‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫الرقم َّية قـد تتعاظـم إذا ارتبطت فعالية‬
‫مـن بلـد إىل آخـر‪ .‬وهـذا يعنـي أن الفجوة َّ‬
‫مبـارشا بالوصول إىل أحـدث التقنيات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التَّعليـم ارتبا ًطـا‬
‫ـي هجــن جديــد يقــوم عــى الدَّ مــج‬ ‫راب ًعــا‪ -‬مــن املؤكــد عمل ًّيــا ترســيخ نظــام تعليمـ ّ‬
‫اإللكــروين املتزامــن وغــر املتزامــن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بــن التَّعليــم احلضــوري والتَّعليــم‬
‫ـي أو اإلعــداد قصــر املــدى للتعلــم عــر‬ ‫ـتي الرقمـ ّ‬‫للضعــف اللوجسـ ّ‬ ‫ويمكــن َّ‬
‫اإلنرتنــت أن يــؤ ّدي إىل ضعــف األداء ويقــرح العــودة إىل األســاليب التَّقليد َّيــة‪.‬‬
‫مــع اســتمرار تقــدُّ م املوقــف‪ ،‬ومجــع املزيــد مــن البيانــات حــول هــذا املوضــوع‪،‬‬
‫يمكــن إجــراء حتليــل مك َّثــف للتأثــر الواســع النطــاق للوبــاء عــى التَّعليــم‬
‫بواســطة خــراء يف هــذا املجــال (‪.)Eropeen Datas portal. 2020‬‬
‫ويف املسـتقبل القريـب‪ ،‬أي بعـد كورونـا‪ ،‬سـيتوجب على احلكومـات ووزارات‬
‫أيضـا إعـادة التَّفكير‬‫التبيـة أن تبحـث يف وضـع االستراتيج َّيات املناسـبة‪ ،‬وعليهـا ً‬ ‫َّ‬
‫أن عليهـا االسـتعداد املسـ َّبق ملواجهـة‬ ‫والنَّظـر يف مسـتقبل التَّعليـم‪ ،‬وهـذا يعنـي َّ‬
‫األزمـات والتَّحدّ يـات القادمـة عبر التحضير املكثـف لإلمكانـات اللوجسـتية‬
‫التبو َّيـة باستراتيج َّيات جمتمعيـة ف َّعالـة وناجحـة‪ .‬وضمـن‬ ‫وتطويـر السياسـات َّ‬
‫هـذا السـياق جيـب على تلـك اجلهـات العمـل على إعـداد املع ّلمين واملوجهين‬
‫الرتبـوي‪ ،‬وتزويدهـم باخلبرات وتأهيلهـم رقم ًّيـا‪ ،‬وتنميـة‬ ‫ّ‬ ‫والعاملين يف احلقـل‬
‫اإللكتروين عـن بعـد‪ ،‬واالرتقـاء بـه إىل‬
‫ّ‬ ‫التبو َّيـة يف مسـار تعزيـز التع ُّلـم‬
‫قدراهتـم َّ‬
‫أيضـا البـدَّ مـن التَّفكير يف تعميـق ال َّثقافـة‬
‫أعلى مسـتويات الكفـاءة واملرونـة‪ .‬وهنـا ً‬
‫والصحـي كـي يكـون املجتمـع عىل أهبـة االسـتعداد ملواجهة‬ ‫اإللكتروين ّ‬
‫ّ‬ ‫بوجهيهـا‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الصريورة البـدَّ من تطوير‬ ‫التَّحدّ يـات الوبائيـة املحتملـة يف املسـتقبل‪ .‬وضمـن هـذه َّ‬
‫َّطـور الرقمـي «واالسـتعداد لتزويـد الطلاب‬ ‫واملقـررات وف ًقـا ملعطيـات الت ُّ‬
‫َّ‬ ‫املناهـج‬
‫واملتعلمين بمهـارات القـرن احلـادي والعرشيـن التـي حيتاجـون إليهـا لالنخراط يف‬
‫عاملنـا اجلديـد ومـا يكتنفـه مـن تعقيـد» (سـباركس‪.)2020 ،‬‬
‫إن مـن املتو َّقـع اسـتمرار احلـوار واجلـدل بين اخلبراء واملر ّبين‬
‫وأخيرا نقـول‪َّ :‬‬
‫ً‬
‫اإللكتروين يف املسـتقبل ومـدى فاعليتـه ضمـن رؤيـة‬
‫ّ‬ ‫حـول جـدوى التَّعليـم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪360‬‬
‫نقديـة شـاملة لعيوبـه‪ ،‬ومزايـاه‪ ،‬ومقتضياتـه‪ ،‬وجـوده‪ .‬وسيشـتدُّ احلـوار واجلـدل‬
‫اإللكتروين‪ ،‬بين أنصـار املسـتقبل‬
‫ّ‬ ‫َّقليـدي وأنصـار التَّعليـم‬ ‫ّ‬ ‫بين أنصـار التَّعليـم الت‬
‫الشـك فيـه أن هـذا اجلـدل سـيأخذ طاب ًعـا أيديولوجيـا‬ ‫َّ‬ ‫وأنصـار التقاليـد‪ .‬وممَّـا‬
‫يتع َّلـق بالوضعيـات السياسـية واأليديولوجيـة للتعليم؛ فأنصار القديم سيتشـ َّبثون‬
‫َّقليـدي‪ ،‬ألنَّـه أصبـح جـز ًءا مـن وجودهـم وحياهتـم‪ ،‬عـدا أنـه خيـدم‬ ‫ّ‬ ‫بالتَّعليـم الت‬
‫الراسـخة‬ ‫والسياسـية‪ .‬فاملجتمعـات ذات التقاليد َّ‬ ‫مصاحلهـم الطبق َّيـة واالجتامعيـة ّ‬
‫كقـوة تربويـة تعمـل على تدجين األطفـال وترويضهـم‬ ‫تريـد للتعليـم أن يو ّظـف ّ‬
‫َّقليـدي وترسـيخ عوامـل وجوده بما ينطوي عليه من تعسـف‬ ‫ّ‬ ‫على قيـم املجتمـع الت‬
‫الصراع والنقـد‬ ‫الدوامـة مـن ّ‬‫سـيايس‪ .‬وضمـن هـذه َّ‬ ‫ّ‬ ‫واسـتبداد أبـوي وضبـط‬
‫واملناوشـات الفكريـة‪ ،‬سـيكون مـن األفضـل للجميـع إجـراء مراجعـات نقد َّيـة‬
‫اإللكتروين يف التَّعليـم وتطويـر‬
‫ّ‬ ‫موضوعـي علمـي لـدور التَّعليـم‬ ‫ّ‬ ‫شـاملة وتقييـم‬
‫العمليـة التَّ بو َّية وحتسين نتائج املتعلمني‪« .‬وسـيكون للتجربة التـي خيوضها العامل‬
‫حال ًّيـا يف هـذا النَّـوع مـن التَّعليـم‪ ،‬بسـبب انتشـار فيروس كورونـا‪ ،‬األثر املسـتقبيل‬
‫التوجهـات‪ .‬ستكشـف نتائـج التقييـم الشـاملة للظـروف‬ ‫ُّ‬ ‫الكبير يف صقـل وحتديـد‬
‫اإللكتروين املتبعة وعمليـات تنفيذه‬
‫ّ‬ ‫واملتغيرات املحيطـة بنـا‪ ،‬ولسياسـات التَّعليم‬
‫وخمرجاتـه وكلفتـه‪ ،‬مواطـن الضعـف وسـبل تصحيحهـا‪ ،‬ومواطـن القـوة وطـرق‬
‫يتـم على أسـاس هـذا التقييـم ّاتـاذ القـرارات املناسـبة‬ ‫تعزيزهـا‪ .‬ومـن املأمـول أن َّ‬
‫التـي قـد تـؤ ّدي إىل تعديـل السياسـات واإلجـراءات‪ ،‬ووضـع االستراتيج َّيات‬
‫لـكل مرحلة دراسـية » (اجلرباوي‪،‬‬ ‫اإللكرتوين املوائم ّ‬
‫ّ‬ ‫املناسـبة السـتخدام التَّعليـم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أيضـا جيـب علينـا القـول يف هناية املطـاف‪ :‬إن عامل احلسـم النهائي‬ ‫‪ .)2020‬وهنـا ً‬
‫تـدور الزوايـا احلـادة‪ ،‬وأن‬ ‫َّطـور التـي تسـتطيع أن ّ‬ ‫للجـدل سـيكون لنواميـس الت ُّ‬
‫احليـوي يف عمليـة البنـاء واملشـاركة يف دورة احليـاة التـي‬ ‫ّ‬ ‫تنطلـق بالتَّعليـم إىل دوره‬
‫الرقم َّيـة‬
‫َّطـورات اهلائلـة يف ميـدان التكنولوجيـا َّ‬
‫االصطناعـي والت ُّ‬ ‫ّ‬ ‫يفرضهـا َّ‬
‫الـذكاء‬
‫ستتكشـف أكثـر‪ ،‬اليـوم أو غـدً ا‪ ،‬عن أعظـم إبداعات‬ ‫َّ‬ ‫التبو َّيـة التـي‬ ‫والتّكنولوجيـا َّ‬
‫التبيـة والتَّعليـم‪.‬‬ ‫البشري يف ميـدان َّ‬ ‫ّ‬ ‫العقـل‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪361‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
:‫مراجع الفصل التَّاسع‬
- Bozkurt . Aras AND Sharma . Ramesh C. (2020)Emergency remote
teaching in a time of global crisis due to CoronaVirus pandemic.
Asian Journal of Distance Education: 2020. Volume 15. Issue
1. i-vi..https://www.researchgate.net/publication/341043562_
Emergency_remote_teaching_in_a_time_of_global_crisis_due_
to_CoronaVirus_pandemic . ACCESSED ON 18/12/2020.
- Eropeen Datas portal (2020). Education during COVID-19; mov-
ing towards e-learning. 22/06/2020. https://www.europeandat-
aportal.eu/en/impact-studies/covid-19/education-during-covid-
19-moving-towards-e-learning. accssed on 20/12/2020.
- Kalantzis . Mary and Cope . Bill (2020). After the COVID-19
crisis: Why higher education may (and perhaps should) never be
the same. access: contemporary issues in education 2020. VOL.
40. NO. 1. 51–55. https://doi.org/10.46786/ac20.9496. Accessed
on 24/12/2020.
- Nelson . Eric(2020). Understanding the Impact of Covid-19 on
Education Sector. Fri. 07-08-2020. https://www. marstransla-
tion. com/blog/understanding-the-impact-of-covid-19-on-edu-
cation-sector. ac-cessed on 20/12/2020 ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

- UNESCO (2020). COVID-19 Education Response. Education


Sector issue notes . Issue note n° 2.1 – April 2020. P 2
- UNESCO IESALC (2020). Report(2020). COVID-19 and higher
education: today and tomorrow. Impact analysis. policy respons-
es and recommendations”. April 9. 2020. https://translate.goo-
gle.com.kw/?hl=ar&sl=en&tl=ar&text=UNESCO%20IESAL-
C&op=translate. accessed on 20/12/2020.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 362
‫اإللكــروين‪ :‬مزايــا وســلبيات‪ ،‬األيــام‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬اجلربــاوي‪ ،‬تفيــدة (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫‪ ttp://bitly.ws/aN9V 15-4-2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬الدهشــان‪ ،‬مجــال عــى خليــل (‪ .)2020‬مســتقبل التّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد جائحــة‬
‫كورونــا‪ :‬ســيناريوهات اســترشافية‪ ،‬املجلــة الدوليــة للبحــوث يف العلــوم‬
‫التبو ّيــة‪ ،‬املجلــد ‪ ،3‬العــدد ‪ ،2020 ،4‬ص ‪.130‬‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬الربيعــي‪ ،‬حممــد (‪ .)2020‬التّعليــم العــايل مــا بعــد جائحــة كورونــا‪ ،‬شــفق‪،‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aMUZ‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬الظاهــري‪ ،‬ســعيد (‪ .)2020‬اســترشاف مســتقبل التّعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد يف دول‬ ‫ُْ‬
‫اخلليــج واملنطقــة العربيــة‪ ،‬هارفــارد بيزنــس‪ ،‬األحــد‪ 21 ،‬يونيــو ‪.2020‬‬
‫‪ .https://bit.ly/2YjVxxt‬شــوهد يف ‪.2020/12/9‬‬
‫‪ -‬العــي‪ ،‬وجيــه (‪ .)2020‬التّعليــم يف غــار أزمــة كورونــا‪ :‬الفــرص والتّحدّ يــات‪،‬‬
‫املعلومــة‪.2020/6/14 ،‬‬
‫‪ /https://www.almaalomah.com/2020/06/14/479709‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬املوســى‪ ،‬عبــداهلل بــن عبــد العزيــز (‪ .)2020‬التّعليــم مــا بعــد كورونــا‪..‬‬
‫ســيناريوهات متو َّقعــة‪ ،‬اجلزيــرة ‪ 5‬يونيــو ‪،2020‬‬
‫‪https://www.al-jazirah.com/2020/20200605/en1.htm‬‬
‫‪ -‬اليونيســكو (‪ .)2020‬موجــز سياســايت‪ :‬التّعليــم أثنــاء جائحــة كوفيــد ـ ‪ 19‬ومــا‬
‫بعدهــا‪ ،‬أغســطس ‪ .2020‬ص‪.2‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬تقريــر حكومــة ‪ .)2020(1‬جائحــة كورونــا فرصــة إلعــادة ابتــكار مســتقبل‬


‫التّعليــم‪ ،‬حكومــة ‪.2020/5/20 ،1‬‬
‫‪.‬شوهد يف ‪https://01gov.com/corona-reinventing-education-future/ 2020/12/13‬‬
‫‪ -‬خنفــر‪ ،‬هنــاد (‪ .)2020‬مســتقبل التّعليــم بعــد كورونــا‪ ،‬مركــز التقــدم العــريب‬
‫للسياســات‪ 1 ،‬يونيــو ‪ .2020‬متوفــر عــى الرابــط‪http://bitly.ws/aMxI:‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪363‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬ربــداوي‪ ،‬غيــداء (‪ .)2020‬التّعليــم عــن بعــد‪ .‬مــا له ومــا عليه‪ ،‬جملــة املعلوماتية‪،‬‬
‫العدد‪ 152 ،‬أبريل‪.2020-‬‬
‫‪ -‬زكــي‪ ،‬وليــد رشــاد (‪ .)2020‬هــل ينجــح كورونــا يف تطويــر التّعليــم‬
‫أوناليــن؟ أصــوات‪4 ،‬أبريــل ‪ http://bitly.ws/aMHP ،2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020 /12 /11‬‬
‫‪ -‬ســباركس‪ ،‬كيتلــن (‪ .)2020‬فــروس كوفيــد‪ 19-‬يف دول اخلليــج وخطــة‬
‫التّعليــم لعــام ‪ :2030‬الــدروس املســتقاة مــن األزمــة‪ ،‬جامعــة جــورج تــاون‪،‬‬
‫‪ 19‬مايــو ‪ http://bitly.ws/aMUy .2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬عــودة‪ ،‬ســليامن (‪ .)2020‬األســتاذ «كورونــا» يعيــد صياغــة مســتقبل التّعليــم‪،‬‬
‫أوالكــم‪ .http://bitly.ws/aMAe ،2020/4/24 ،‬شــوهد ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬قنــاوي‪ ،‬شــاكر عبــد العظيــم حممــد (‪ .)2020‬جائحــة كورونــا والتّعليــم عــن بعــد‪:‬‬
‫مالمــح األزمــة وآثارهــا بــن الواقــع واملســتقبل‪ ،‬والتّحدّ يــات والفــرص‪ ،‬املجلــة الدولية‬
‫التبو ّيــة‪ ،‬املجلــد ‪ 3‬العــدد ‪ 4‬ـ ‪ .2020‬ص ‪ .260-225‬ص ‪.228‬‬ ‫للبحــوث يف العلــوم ّ‬
‫اإللكــروين مــا قبــل كورونــا‬
‫ّ‬ ‫‪-‬اآللــويس‪ ،‬تيســر عبداجلبــار (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫ومــا بعــده‪ ،‬الســومريان‪.2020/5/3 ،‬‬
‫‪ /http://www.somerian-slates.com/2020/05/03/9819‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫اإللكــروين‪ :‬مزايــا وســلبيات‪ ،‬األيــام‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬اجلربــاوي‪ ،‬تفيــدة (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫‪ http://bitly.ws/aN9V -15-04-2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪-‬العــي‪ ،‬وجيــه (‪ .)2020‬التّعليــم يف غــار أزمــة كورونــا‪ :‬الفــرص والتّحدّ يــات‪،‬‬


‫املعلومــة‪.2020/6/14 ،‬‬
‫‪ /https://www.almaalomah.com/2020/06/14/479709‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪-‬عــودة‪ ،‬ســليامن (‪ .)2020‬األســتاذ «كورونــا» يعيــد صياغــة مســتقبل التّعليــم‪،‬‬
‫أوالكــم‪ .http://bitly.ws/aMAe ،24/4/2020 ،‬شــوهد ‪.2020/12/11‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪364‬‬
‫الفصل العاشر‬

‫كورونا‪ :‬دروس وعبر‪:‬‬


‫هل ستؤدي الصدمة الكورونية إلى يقظة التربية العربية؟‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪365‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫«إن نسـيج النظـام التعليمـي يعـاد غزلـه اآلن جمـدّ ًدا‪ ،‬وبنتائـج ال يسـتطيع أحـد‬
‫التنبـؤ هبـا‪ ..‬وذلـك مـا جيعـل هذه اللحظـة مثيرة‪ ،‬إننا يف موقـف نسـتطيع أن نبدأ فيه‬
‫متامـا»‪ .‬ديفيـد شـيفر‬‫التّفكير يف التعليـم بطريقـة جديـدة ً‬

‫‪ -1‬مقدمة‬
‫جـاءت جائحـة كورونـا على غير موعد كارثـ ًة يندر أن يكـون هلا مثيـل يف تاريخ‬
‫اإلنسـانية‪ ،‬والسـيام مـن حيـث تأثرياهتـا االقتصاديـة واالجتامعيـة والرتبويـة‪ .‬وعىل‬
‫فإنـا ال بـدّ حتمـل يف خطوهبـا بصيصا من‬ ‫الرغـم مـن هـول الكارثـة وشـدّ ة وقعهـا‪ّ ،‬‬
‫الغصـة فرصـة‪ ،‬ويف املصائـب أمـل‪،‬‬ ‫الضـوء وبعضـا مـن األمـل‪ ،‬إذ لطاملـا كان يف ّ‬
‫وعسـى النّـاس أن يكرهـوا شـيئا وهـو خير هلـم‪ .‬نعـم‪ .‬جـاء كورونـا اليـوم ليصعـق‬
‫املدرسـة التقليديـة بصدمتـه العاتيـة‪ ،‬موقظـا إياهـا مـن غفوهتـا التارخييـة ومناديـا هلا‬
‫للخـروج مـن كهوفهـا املظلمـة‪ ،‬إىل عـامل النـور واحلياة‪ .‬وجيدونـا األمل ك ّلنـا أمل يف‬
‫أن تسـتفيق الرتبيـة العربيـة من سـباهتا األسـطوري وأن خترج مـن مأزقها احلضاري‬
‫الصدمـة ورضباهتـا القو ّيـة‪ ،‬لتأخـذ منحـى التّطويـر واملصاحلة مـع العرص‬ ‫على وقـع ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يف زمـن الثـورة الصناعيـة الرابعـة اجلارفة‪.‬‬


‫وممـا ال ريـب فيـه‪ ،‬أن مسـتقبل التعليـم العـريب سـيكون بعـد الكارثـة مسـتقب ً‬
‫ال‬
‫الصعبـة احلاسـمة‪ ،‬فهنـاك حتـوالت‬ ‫لا باألحـداث اجلسـام والقـرارات ّ‬ ‫ملحم ّيـ ًا مثق ً‬
‫عميقـة جوهريـة سـتقلب ظهـر املجـن للتعليـم بمرتكزاتـه وفلسـفاته وهيكلياتـه‬
‫أن كورونـا جـاء رحيـ ًا رصرص ًا أوقـد مشـعل‬ ‫التقليديـة املرتهلـة‪ ،‬وممّـا ال شـك فيـه ّ‬
‫التغيير‪ ،‬وحـرك عواصـف التّجديـد يف بنيـة التعليـم املتهالكـة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪367‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وقـد ال يسـتطيع أحـد اليـوم أن يعـرف متـى ينتهـي زمـن الفيروس القاتـل‬
‫الـذي مـا زال يتجـدّ د ويتطـور ويتمـدد يف كل حين على صـورة موجـات جديـدة‪،‬‬
‫وسلاالت أكثـر خطـرا وجـدّ ة‪ .‬وهـا نحـن اليـوم على مشـارف الفصـل الثـاين مـن‬
‫العـام الـدرايس ‪ ،2021/2020‬ومـا زال اإلغلاق على أشـدّ ه يف أغلـب بلـدان‬
‫العـامل ويف خمتلـف مناحيـه‪ .‬ورغـم اكتشـاف ال ّلقاحـات املجديـة واملصـول الف ّعالـة‬
‫انفـك الفيروس بنسـخه وسلاالته اجلديـد يتجـدّ د ويتمـدّ د ويغلـق آفـاق احليـاة‬‫ّ‬ ‫مـا‬
‫االجتامعيـة والرتبو ّيـة وهيـدّ د مصير الفئـات االجتامعيـة املهيضـة واالقتصاديـات‬
‫املهيبـة‪ ،‬ومـا زال األمـل حيدونـا بنهايـة ممكنـة‪ ،‬بـل حتميـة ملثل هـذا الفيروس الذي‬
‫هـدم كيـان احليـاة االجتامعية‪ ،‬وأدخـل العامل يف حالـة من الركود االقتصـادي املؤمل‪،‬‬
‫والكسـاد املـايل املحـزن‪ .‬ومـا زال العـامل يئـ ّن بسـبب ذلك الـدّ اء‪ ،‬ويناضـل من أجل‬
‫االسـتمرار يف الوجـود ومكافحـة تداعيـات هـذه اجلائحـة املرعبـة‪.‬‬
‫تفشي الفيروس يف أنسـاق مـن‬ ‫يتخوفـون‪ ،‬حتـى اليـوم‪ ،‬مـن ّ‬ ‫ّ‬ ‫مـا زال العلماء‬
‫املوجـات املتدافعـة يف املـكان والزمـان‪ ،‬وهـذا ما تؤكّـده الصحفيـة األمريكية لوري‬
‫أن الفيروس لـن يكـون عىل صـورة تسـونامي جيتاح البلاد‪ ،‬ثم‬ ‫غاريـت التـي تـرى ّ‬
‫يرتاجـع‪ ،‬بـل سـيكون يف على صـورة موجـات هائلـة متدافعـة‪ ،‬قد تطـول أو تقرص‪.‬‬
‫تأهـب واسـتعداد‪،‬‬‫وهـو أمـر يقتضي مـن املجتمـع اإلنسـاين أن يكـون يف حالـة ّ‬
‫وحتصن أبراجها‬
‫ّ‬ ‫تطور نفسـها‪،‬‬
‫ويوجـب‪ ،‬يف الوقـت ذاته‪ ،‬عىل األنظمة التّعليم ّية أن ّ‬
‫للمحافظـة على وجودهـا يف مواجهـة موجـات مـن اجلائحـات الفريوسـية التـي قد‬
‫أن اللقاحـات أصبحت اليوم‬ ‫تتجـدّ د يف املسـتقبل يف إطـاري الزمـان واملـكان‪ .‬ومـع ّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ومؤسسـة‪ ،‬فإن ما بعـد كورونا‬


‫ّ‬ ‫جاهـزة ومتعـدّ دة‪ ،‬ومتو ّفـرة تقريبـا يف أكثـر من دولة‬
‫وحمملا بأسـئلة فلسـف ّية وتربو ّيـة كبرية‪.‬‬
‫سـيبقى ثقيلا ّ‬
‫وقـد اتّضـح مـن خلال مقاربتنـا املختصرة‪ ،‬إلشـكالية التعليـم عـن بعـد يف‬
‫زمـن كورونـا‪ ،‬أن هـذه اإلشـكال ّية تأخـذ مسـارات مع ّقـدة جـدا يف خمتلـف أنحـاء‬
‫العـامل‪ ،‬وتنعكـس بصـورة سـلب ّية مد ّمـرة على حيـاة األطفـال واألرس ‪ ،‬وال سـ ّيام يف‬
‫تسرب‬‫البلـدان الفقيرة‪ .‬فأزمـة كورونـا‪ ،‬التـي فرضـت التّعليـم عـن بعـد‪ ،‬أ ّدت إىل ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪368‬‬
‫اهلـوة بني الـدّ ول املتقدّ مـة والنّاميـة‪ ،‬مثلما أ ّدت إىل‬
‫األطفـال مـن املدرسـة‪ ،‬وتعميـق ّ‬
‫زيـادة حـدّ ة الفقـر‪ ،‬وتعميـق الفجـوة بين اجلنسين‪ ،‬وزيـادة األمراض واملشـكالت‬
‫االجتامع ّيـة‪ ،‬وتزايـد وتيرة العنـف ضـدّ األطفـال‪ ،‬وزيـادة نسـب حـاالت الطالق‪،‬‬
‫والترسب‬
‫ّ‬ ‫الـدرايس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الصح ّية‪ ،‬وزيـادة الفاقد‬ ‫وتفـكّك العائلات‪ ،‬وضعـف العنايـة ّ‬
‫الصحـي الغذائـي لألطفـال الـذي كانـوا حيصلـون على‬ ‫ّ‬ ‫الـدرايس‪ ،‬وخسـارة األمـن‬
‫الصحيـة يف املـدارس‪ ،‬وازديـاد الفجـوة التعليم ّية بين األطفـال واملتع ّلمني‪.‬‬‫العنايـة ّ‬
‫وإذا كانـت الـدّ ول املتقدمـة‪ ،‬وقـد وقعـت يف مرمـى هـذه الكارثـة‪ ،‬وعانـت‬
‫مـن ويالهتـا‪ ،‬وإذا كانـت أنظمتهـا التعليميـة قـد تصدّ عـت حتـت ثقـل هـذه األزمـة‬
‫ورضباهتـا‪ ،‬فإنّـه مـن بـاب أوىل أن تكـون احلالـة يف الـدّ ول النّاميـة أكثـر وقعا وأشـد‬
‫أن كورونـا قـد عقـد حتالفـا شـيطاني ًا مـع الفقـر والفاقـة‬ ‫كارثيـ ًة وفتـك ًا‪ .‬ويبـدو لنـا ّ‬
‫واجلـوع والتخ ّلـف واألم ّيـة‪ ،‬ليضرب البلـدان الفقيرة وشـعوهبا املغلوبـة على‬
‫التقليـدي بأنظمتـه‬
‫ّ‬ ‫بقوتـه اهلائلـة‪ ،‬والسـ ّيام يف جمـال التّعليـم‬
‫أمرهـا‪ ،‬ويصدمهـا ّ‬
‫الصمود يف وجه‬‫املتصحـرة التي مل تسـتطع ّ‬‫ّ‬ ‫املتهالكـة واألوضـاع الصح ّيـة بمفازاهتـا‬
‫هـذا التّحالـف اجل ّبـار بين الكارثـة والفقـر واأل ّميـة‪ ،‬فـأ ّدى ذلـك إىل مضاعفـات يف‬
‫التّعليـم‪ ،‬وإىل زيـادة يف حـدّ ة الفقـر واملشـكالت االجتامع ّيـة‪.‬‬
‫فإن املجتمع اإلنساين قد عاش جتربة مريرة خالل عام‬ ‫وألن الكارثة قد وقعت‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ون ّيـف مـن الزمـن‪ ،‬تواترت فيه األحـداث املؤملة من اهنيـارات اقتصاد ّيـة واجتامع ّية‬
‫االجتامعـي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وتربو ّيـة‪ ،‬أق ّلهـا الكسـاد االقتصـادي واإلغلاق الرتبـوي والبـؤس‬
‫ولـذا ّ‬
‫فـإن اإلنسـان ّية مطالبـة اليـوم بـأن تأخـذ العربة‪ ،‬وتسـتفيد مـن الـدّ رس القايس‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫حتـول هـذه التّجربـة إىل طاقـة حيو ّيـة ملهمـة للمسـتقبل بآفاقـه البعيـدة‬
‫املـؤمل‪ ،‬وأن ّ‬
‫والقريبـة‪ .‬وليـس هنـاك مـا يدعـو إىل القلـق فيما يتع ّلـق هبـذه الـدروس يف جمـاالت‬
‫والص ّحـة‪ ،‬فاجلميـع مـن علماء ومفكّريـن‬ ‫والطـب ّ‬
‫ّ‬ ‫والسياسـة واالجتماع‬
‫االقتصـاد ّ‬
‫فك األرسار وال ّطالسـم التي سـادت هـذه املرحلة‪ ،‬ووضع‬ ‫يعملـون بالتّـوازي على ّ‬
‫االجتامعي وتعزيـز قدرات املجتمع اإلنسـاين عىل‬
‫ّ‬ ‫اخلطـط الكفيلـة بتعزيـز التّامسـك‬
‫مواجهـة الكـوارث واجلوائـح واخلـروج مـن هـذا اإلعصار ّ‬
‫بأقـل اخلسـائر املمكنة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪369‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وقبـل أن ننطلـق يف املكاشـفة البيداغوج ّيـة للـدّ روس الرتبو ّيـة املسـتفادة مـن‬
‫معايشـة اجلائحـة الفريوسـية لكورنـا‪ ،‬علينـا أن نستكشـف ّ‬
‫الشـيفرة اجلين ّيـة للتّأثير‬
‫الشـيفرة هويتها‬ ‫والتعليمي‪ .‬وتأخذ هذه ّ‬
‫ّ‬ ‫الرتبـوي‬
‫ّ‬ ‫الـذي فرضـه الفيروس يف املجال‬
‫يف هـذا التّفاعـل املريـب واخلطير بين كورونـا والفقـر والتّعليـم والتّكنولوجيـا‬
‫املتغيرات الدائر ّيـة املتداخلـة يف تفاعلهـا‬
‫ّ‬ ‫واملسـتقبل‪ ،‬إذ ال يمكـن الفصـل بين هـذه‬
‫فإن اجتماع الفقـر وكورونا واالسـتغراق يف املايض‬ ‫وتأثريهـا‪ .‬ومهما يكـن من أمـر‪ّ ،‬‬
‫ضمن أنشـوداته التقليدية املتخلفة عن ركـب احلضارة التكنولوجية الذكية للعرص‪،‬‬
‫جيعـل مـن وقـع الكارثـة مهـوال ومد ّمـرا وخطيرا يف خمتلـف املجاالت‪ ،‬والسـ ّيام يف‬
‫أن وقـع كورونـا وتأثريه‬ ‫والتعليمـي‪ .‬لقـد ب ّينـت التّجربـة الكارث ّيـة ّ‬
‫ّ‬ ‫الرتبـوي‬
‫ّ‬ ‫املجـال‬
‫الرتبـوي كان أقـل وطـأة وثقلا يف البلـدان املتقدّ مـة‪ ،‬ولـدى ال ّطبقـات االجتامعيـة‬‫ّ‬
‫الغنيـة امليسـورة‪ ،‬ويف املناطـق التـي تتكاثـف فيهـا احلضـارة الرقم ّيـة‪ .‬وعلى خلاف‬
‫ذلـك‪ ،‬كان وقعـه خميفـا رهيبـا يف البلـدان الفقيرة‪ ،‬ويف واقـع الطبقـات االجتامع ّيـة‬
‫ثمة دروسـا تربو ّية‬ ‫املهيضـة‪ ،‬ويف املناطـق التي تتكاثف فيها األ ّمية احلضارية‪ .‬إالّ ّ‬
‫أن ّ‬
‫املرة واملأسـاو ّية التي‬
‫كثيرة يمكـن لنـا أن نأخذها بعين االعتبار من صلـب التّجربة ّ‬
‫عشـناها وتعايشـنا معهـا خلال العـام املـايض وبدايـة هـذا العـام الدرايس‪.‬‬
‫لقـد شـاهدنا عشرات التّجـارب العامليـة يف التك ّيـف مـع األزمـة‪ ،‬وتأكّـد لدينـا‬
‫أن لـكل دولـة جتارهبـا وخصوصيتهـا يف التّعامـل مـع اجلائحـة‪ .‬بعـض الـدول ح ّقق‬ ‫ّ‬
‫نجاحـا كبيرا يف مواجهـة األزمـة‪ ،‬وبعضهـا أخفـق‪ ،‬إذ مل تسـعفه البنـى التحت ّيـة‬
‫توزعت هذه‬ ‫والتسـانات الرقميـة يف حتقيق النّجـاح املطلوب‪ .‬ويف البلـدان العربية ّ‬ ‫ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يب أكثر‬‫لـكل دولـة‪ ،‬فكانت بلـدان اخلليج العـر ّ‬‫التجـارب وفـق اإلمكانيـات املتاحـة ّ‬
‫واالقتصـادي‬
‫ّ‬ ‫السـيايس‬
‫ّ‬ ‫نجاحـا وقـدرة على املواجهـة كنتيجـة طبيعيـة لالسـتقرار‬
‫والتسـانات الرقم ّيـة واخلبرات اإللكرتون ّيـة‪ .‬وقـد الحظنا‬ ‫وتو ّفـر البنـى التّحت ّيـة‪ّ ،‬‬
‫يسـمى بالتعليـم املدمـج الـذي جيمـع بين التّعليـم‬ ‫ّ‬ ‫أن هـذه الـدول اعتمـدت مـا‬ ‫ّ‬
‫احلضـوري‪ ،‬وجتـري األمـور اآلن بصـورة متم ّيـزة‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروين عـن بعـد والتّعليـم‬
‫بعـد جتربـة مريـرة طالـت مدّ هتـا لسـنة كاملـة‪ .‬وهـذا هـو احلـال يف أغلـب البلـدان‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪370‬‬
‫املتقدّ مـة علم ّيـا‪ ،‬إذ كانفـي مقدروهـا أن تتقـن فـ ّن املنـاورة يف االسـتجابة لوضع ّيـة‬
‫ميسرة ما ّد ّيـا وفنّ ّيا ومعنو ّيا‪ .‬وتشـكّل‬
‫األزمـة والتّحـدّ ي ضمـن رشوط استراتيج ّية ّ‬
‫خزانـا ضخما ملعطيـات جتربـة خصبـة معرف ّيـا وعلميـا يف‬ ‫هـذه التّجـارب بمجملهـا ّ‬
‫وستشـكل هـذه التجـارب‬ ‫ّ‬ ‫جمـال التك ّيـف مـع اجلائحـات ومواجهـة التّحد ّيـات‪.‬‬
‫منهلا تارخي ّيـا معرف ّيـا يسـتفاد منـه‪ ،‬وطاقـة خالقـة تسـتنتج منهـا الـدروس والعبر‬
‫تؤسـس لـدورة حضار ّيـة جديـدة‪.‬‬
‫التـي ّ‬
‫أن «األزمـات‬ ‫وتشير مقالـة نرشهتـا جملـة «هارفـرد بيزنـس ريفيـو العربيـة»‪ ،‬إىل ّ‬
‫مهما كانـت مأسـاوية هلـا جوانـب إجيابيـة‪ ،‬فهـي توقـظ البشر مـن غفالهتـم‪ ،‬وتولد‬
‫نماذج عمـل جديـدة‪ ،‬مـا كان البشر لينتقلـوا إليهـا لـو اسـتمروا بمامرسـة حياهتـم‬
‫أن (وبـاء) كورونـا مثلـه‬‫بالروتين املعتـاد»‪ .‬ويضيـف حمـرر املقالـة «مـا مـن شـك يف ّ‬
‫سـيهز العـامل‪ ،‬وسـ ُيخرج ابتـكارات‪ ،‬ويغير عقليـات مـا‬‫ّ‬ ‫أي أزمـة أو حـرب‬‫مثـل ّ‬
‫كانـت سـتنتقل مـن مرحلـة إىل أخـرى لـوال رضورة األزمـة»‪ .‬وتتابـع املقالـة القول‬
‫«أن حكومـات العـامل وحتـى رشكات القطـاع اخلـاص مـا كانـت سـتخرج مـن عنق‬
‫الزجاجـة جتـاه تبنـي معطيـات التكنولوجيـا للعمـل عـن ُبعـد‪ ،‬والتعليـم عـن ُبعـد‪،‬‬
‫وتقديـم خدماهتـا للنـاس عـن ُبعـد‪ ،‬ومعاجلـة القضايـا يف املحاكـم عـن ُبعـد لـوال‬
‫كورونـا» (العلي‪. )2020 ،‬‬
‫إن جائحـة كورونـا‪« ،‬أجربت العامل عىل سلسـلة‬ ‫ويمكـن القـول يف هـذا املقصـد ّ‬
‫تغيرات آنيـة وأخـرى متو ّقعـة تشـمل خمتلـف األصعـدة‪ ،‬االقتصـاد والسياسـة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫والطـب‪ ،‬وكذلـك جمـاالت التّعليـم‪ ،‬حتى لقـد فرضت هـذه اجلائحة طرقـا تعليمية‬
‫ّ‬
‫جديـدة‪ ،‬وأنتجـت طرقـا جديـدة لتل ّقـي املعلومـة أيضـا‪ ،‬حيـث شـكّل التّعليـم‬
‫اإللكتروين ظاهـرة أكاديم ّية نجمـت عن وجود هذه اجلائحـة» (عبد اهلل‪.)2020 ،‬‬
‫ّ‬
‫لقد أدت اجلائحة إىل فرض تغريات جوهرية يف مشهد التعليم والرتبية يف العامل‪،‬‬
‫كل التو ّقعات والسـيناريوهات‬ ‫وبلغـت حـدود هـذه التّغيرات إىل ما هـو أبعـد مـن ّ‬
‫املحتملـة‪« .‬لقـد صـدم الفيروس وعـي النـاس وأيقـظ اهتاممهـم بكثري مـن القضايا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪371‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫احلياتيـة والوجوديـة‪ ،‬ووضعهـم أمـام الكثير مـن التحدّ يـات املعرفيـة‪ ،‬ودفـع هبـم‬
‫إىل مواجهـات صعبـة ومع ّقـدة مـع منظومـة مـن املشـكالت الكبيرة‪ ،‬واسـتطاع أن‬
‫يدفـع بأمـور كثيرة إىل صـدارة االهتمام احلكومـي وإىل أولويـات عمـل املنظمات‬
‫الدوليـة الفاعلـة يف املجتمـع اإلنسـانية‪ .‬وقـد رسـخ أمهية النظـر إىل الرتبيـة بوصفها‬
‫رافعـة التنميـة والتنميـة املسـتدامة واملنطلـق إىل مسـارات النهضـة احلضاريـة للثورة‬
‫الصناعيـة الرابعة‪..‬‬
‫ّعليمـي مـا بعـد كورونـا‬
‫ّ‬ ‫ارشنـا يف مواضـع عـدّ ة مـن هـذا العمـل ّ‬
‫بـأن النّظـام الت‬
‫ّقليدي الـذي ألفنـاه وعرفناه عرب عقـود عديدة‬
‫ّ‬ ‫سـيكون خمتلفـا جـدّ ا عـن التّعليـم الت‬
‫املسـتقبيل‪ ،‬سيكتسـب مالمح جديدة خمتلفة‬
‫ّ‬ ‫الزمن‪ ،‬ومن املؤكّد أيضا ّ‬
‫أن التّعليم‬ ‫من ّ‬
‫أن اجلائحة سـتكون حافزا عىل بناء استراتيجيات‬ ‫إىل حـدّ كبير‪ ،‬ومـن املؤكّـد أيضـا ّ‬
‫جديـدة للتّع ّلـم اإللكتروين‪ ،‬وهـي استراتيجيات تشـتمل على أهـداف وفلسـفات‬
‫وقيـم ومبـادئ وأهـداف جديدة‪.‬‬

‫‪ -٢‬دروس وعبر ‪:‬‬


‫ومـن صلـب التّجارب التي اسـتعرضنا بعضـا من خالصاهتا‪ ،‬نسـتطيع أن نتع ّلم‬
‫الـدّ رس الذي يفيـض باملعاين ذات الدّ اللة االستراتيجية‪ .‬ومنها‪:‬‬

‫الرقمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1 -٢‬تثوير التعليم يف زمن ّ‬
‫الثورة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫إن «ثـورة املعلومـات أشـبه باجلنـي أو املـارد الشـهري يف ألـف ليلـة وليلـة‪ ،‬الـذي‬
‫تكست بفعل‬ ‫ظـل حبيسـ ًا داخـل الزجاجـة أو القمقم‪ ،‬ولكن جـدران الزجاجة قـد ّ‬
‫الوسـائل املعلوماتيـة اجلديـدة‪ ،‬ووصلـت ثـورة املعلومـات إىل خمتلـف بلـدان العـامل‬
‫البعيـدة‪ ،‬وال بـدّ أن تتفاعـل آثارهـا وتداعياهتا داخـل تلك املجتمعـات بعد أن خرج‬
‫الزجاجـة‪ .‬فهـي مسـألة وقـت‪ّ ،‬‬
‫ألن تأثير الوسـائل التّكنولوجيـة بالغـة‬ ‫املـارد مـن ّ‬
‫أي جمتمـع أن ينغلق‬
‫التقـدّ م ال بـدّ هلـا أن يبلـغ مـداه ولـن يوقفـه يشء‪ ،‬ومل يعد بوسـع ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪372‬‬
‫على نفسـه‪ ،‬وأصبـح لزامـ ًا علينـا ‪-‬شـئنا أم أبينـا‪ -‬أن نتعامـل مـع العوملـة والثقافـات‬
‫املتعـددة وجمتمـع املعلوماتيـة» (جامعـة امللـك عبـد العزيـز ‪ ،2005 ،‬ص ‪.‬س)‪.‬‬
‫تتجسـد يف حالة‬
‫ّ‬ ‫لقـد أيقـظ كورونـا األنظمـة الرتبو ّيـة من غفلتهـا التّارخي ّيـة التي‬
‫السـكون احلضـاري واجلمود الرتبـوي االقائم عىل مرتكـزات تقليد ّيـة متهالكة‬ ‫مـن ّ‬
‫أن التّمترس يف خنـادق املـايض والتّعايـش على‬ ‫خـارج سـياق العصر‪ ،‬وع ّلمنـا ّ‬
‫احلضـاري‪ .‬إذ ال يمكـن‬
‫ّ‬ ‫مفاهيمـه املتآكلـة سـيؤ ّدي بأنظمتنـا الرتبويـة إىل اهللاك‬
‫تتحـرك يف مـدارات مضـا ّدة حلركـة العصر وثورتـه الالّمتناهيـة يف جمـال‬ ‫ّ‬ ‫للتبيـة أن‬
‫ّ‬
‫للتبيـة والتّعليـم أن حيافظـا على‬ ‫الرقميـة‪ .‬وال يمكـن ّ‬ ‫العلـوم واملعـارف وال ّثـورات ّ‬
‫الرتبوي‬
‫ّ‬ ‫أن اإلصلاح‬ ‫يتغير ويثـور ويتبـدّ ل‪ ،‬لقـد ع ّلمنا وبـاء كورونا ّ‬ ‫ثباهتما يف عـامل ّ‬
‫التقليـدي الـذي مـا زلنـا نتن ّفـس هؤاءه قـد فقد مرشوعيتـه التّارخييـة‪ ،‬ومل يعد صاحلا‬ ‫ّ‬
‫للتبية والتّعليـم‪ ،‬والدّ رس‬ ‫للعصر أو قـادرا على التعبير عن مسـتقبل آمن ومؤمتـن ّ‬
‫التبيـة العرب ّية وجتديـد بناها‬‫األمثـل الـذي ع ّلمنـا إيـاه كورونـا أنّـه ال بـدّ مـن تثويـر ّ‬
‫والتحـرك بمقاصدها‪ ،‬كي تكون تربية للعصر ويف العرص‪ ،‬ومواكبة‬ ‫ّ‬ ‫وكسر تص ّلبهـا‬
‫تتحـرك يف احلارض واملسـتقبل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حلركـة احلداثـة والتّنويـر التـي‬
‫التكنولوجـي بوصفه‬
‫ّ‬ ‫التطـور‬
‫ّ‬ ‫ّـب النّظر إىل‬
‫املهـم جـدّ ا‪ ،‬يف هذا السـياق‪ ،‬جتن ُ‬
‫ّ‬ ‫ومـن‬
‫ممارسـة أدات ّيـة تو ّظـف يف خدمـة اإلنسـان ّية‪ ،‬بـل جيـب علينـا أن ننظـر إليـه بوصفهـا‬
‫فلسـفة وفكـرا وممارسـة حضار ّيـة‪ ،‬ترسـمها احلتم ّيـة التّارخييـة يف أكثـر مراحـل‬
‫الروابـط‬
‫أن علينـا أن نستكشـف ّ‬ ‫احلضـارة اإلنسـان ّية تقدّ مـا وازدهـارا‪ .‬وهـذا يعنـي ّ‬
‫االصطناعـي حتـت‬ ‫التبيـة العرب ّيـة بصـورة عا ّمـة وبين عـامل ّ‬
‫الـذكاء‬ ‫احلضاريـة بين ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ّ‬
‫الصدمـة الكورونيـة‪.‬‬ ‫تأثير ّ‬

‫‪ -2 -٢‬تطوير املناهج الدراسية‪:‬‬


‫للمؤسسـات التّعليميـة مـن حتديـث املناهـج‬
‫ّ‬ ‫ع ّلمتنـا التّجربـة الوبائ ّيـة بأنّـه ال بـدّ‬
‫وإعـادة صياغتهـا بما يتناسـب مـع طبيعـة ال ّثـورة الرقميـة يف التعليم عن بعـد‪ .‬وهذا‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪373‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مقـررات رقميـة إلكرتونيـة تتناسـب مـع‬ ‫يتط ّلـب حتويـل ّ‬
‫املقـررات الدّ راسـية اىل ّ‬
‫الضرورة احلضار ّيـة لتطويـر التّعليـم يف خمتلـف مسـتوياته‪ .‬وعلمنـا كورونـا كذلك‬ ‫ّ‬
‫أنّـه جيـب علينـا أن نلحـق بركـب احلضـارة الرقم ّيـة يف التّعليـم‪ .‬فالتّعليـم يشـهد‬
‫التعـرف عىل‬
‫ّ‬ ‫ثورتـه الرقم ّيـة حيـث ت َ‬
‫ُسـتخدم كاميرات الفيديـو املدعومـة بربجميات‬
‫الوجـوه‪ ،‬وحتليـل وضـع اجلسـد لقيـاس حضـور ال ّطالـب ومـدى انتباهـه وقدرتـه‬
‫االصطناعـي‬
‫ّ‬ ‫منصـات التّعلـم املدعومـة ّ‬
‫بالـذكاء‬ ‫التكيـز‪ ،‬وذلـك باسـتخدام ّ‬ ‫على ّ‬
‫يتم فيها اجتـذاب الطالّب‬ ‫مسـتمرة ودائمة يف مسـارات ّ‬
‫ّ‬ ‫تطـور نفسـها بصـورة‬
‫التـي ّ‬
‫واملع ّلمين والسير بما وصلـت إليـه مـن سـحر التقانـة الرقم ّيـة وعبقر ّيتهـا‪.‬‬
‫« لقـد دفعتنـا اجلائحـة اىل القفـز خطـوة لألمـام وجعلتنـا نتبنـى صيغا مـن التعليم‬
‫والتعلـم كنـا ال نعترف هبـا‪ ،‬وال زلنـا نتشـكك يف قيمتهـا وجدواهـا وننظـر إليهـا‬
‫رسع وبـاء كورونـا وتيرة االنتقـال مـن التعليم‬ ‫نظـرة دونيـة يف أفضـل األحـوال‪ .‬لقـد ّ‬
‫التقليـدي القائـم على تلقين املعلومـات وختزينهـا» (الدهشـان‪، )130 ،2020،‬‬
‫وهـو نمـط مـن التعليـم الـذي يسـود وهييمـن يف مدارسـنا حتـى اليـوم مـع أنّـه مل يعـد‬
‫تـم تصميمه عىل‬ ‫يالئـم طبيعـة العصر واحتياجاتـه‪ّ ،‬‬
‫ألن هـذا النّمـط مـن التّعليـم قـد ّ‬
‫مقيـاس اإلنتـاج الصناعـي للثـورة الصناعية األوىل ونحن اليوم نعيـش يف زمن الثورة‬
‫الصناعيـة الرابعـة واجليـل اخلامـس من التقانـة الرقمية‪ ،‬وقـد أصبح التعليم‪ ،‬شـئنا أم‬
‫ونثـور‬
‫أبينـا‪ ،‬تعليما إلكرتونيـا رقم ّيـا فضائ ّيـا سـيربان ّيا‪ .‬وهـذا يوجـب علينـا أن نثـور ّ‬
‫احلضـاري الـذي يليـق هبـا وبمجتمعاتنـا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرتبيـة رقم ّيـا‪ ،‬وأن ننتقـل هبـا إىل املسـتوى‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -3 -٢‬أهمية األسرة‪:‬‬
‫أ ّمـا فيما يتعلـق بـدور العائلـة ّ‬
‫فـإن أثـر كورونـا كان أيضـا كبيرا جـدّ ا‪ ،‬لقـد نبهنـا‬
‫مه ّيـة الـدّ ور املتعاظـم للأرسة مـن جديـد يف جمـال الرتبيـة وأكّـد رفضـا‬
‫كورونـا إىل أ ّ‬
‫مؤسسـات الرعايـة االجتامعيـة واملدرسـة‪.‬‬ ‫جديـدا ملقولـة «مـوت العائلـة» لصالـح ّ‬
‫مهيـة العائلة‪ ،‬وخطـورة دورهـا يف العملية الرتبوية‪ ،‬واسـتطاع أن‬ ‫لقـد أكّـد كورونـا أ ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪374‬‬
‫حي ّقـق نوعـا مـن التّواصل العميق بني املدرسـة واألرسة‪ ،‬فأصبحت األرسة مشـاركا‬
‫حيويـا يف العمليـة الرتبويـة‪ .‬وقـد تط ّلـب األمـر أن يمارس اآلبـاء دور املعلمين‬
‫واملر ّبين‪ ،‬وأن يشـاركوا فعل ّيـا يف العمليـة الرتبويـة والتعليميـة ألطفاهلـم بالتعـاون‬
‫والتّفاعـل مـع املعلمين واملرشفين‪ .‬ونحـن على يقين ّ‬
‫بـأن هـذا النّـوع مـن التعليـم‬
‫الصعوبـات احليات ّية لألرسة تتع ّلـق بالعمل والتجهيـزات وال ّظروف‬ ‫قـد و ّلد بعـض ّ‬
‫املحيطـة بعمل ّيـة التّعليـم‪ .‬ولكـن يف النهايـة وضعنـا كورنـا يف سـياق جتربـة جديـدة‬
‫الرتبوي‪ ،‬وكيف يشـاركون يف مسـؤول ّية‬
‫ّ‬ ‫يتع ّلـم فيهـا اآلبـاء كيف يامرسـون دورهـم‬
‫تعليـم أبنائهـم عـن قـرب وبعـد‪ ،‬والتشـارك يف املسـؤولية الرتبويـة ألبنائهـم‪ ،‬وهـي‬
‫املشـاركة التـي كنّـا نفتقدهـا قبـل كورونـا حيـث كان اآلبـاء يرمـون بمسـؤوليتهم‬
‫التعليم ّيـة على عاتـق املعلمين واملدرسـة‪ .‬و ُيضـاف إىل ذلـك ك ّلـه متكين اآلبـاء مـن‬
‫تطويـر خرباهتـم ومعارفهـم اإللكرتون ّيـة يف جمـال التعليم عـن بعد‪ ،‬وإغنـاء ثقافتهم‬
‫ألن هـذه التجربـة فرضـت عليهم تنميـة ثقافتهم‬ ‫الرقم ّيـة يف خمتلـف مياديـن العمـل ّ‬
‫الرقم ّيـة‪ ،‬وتطويرهـا يف ّاتاهـات خمتلفـة حتت تأثير تعاملهم مـع أطفاهلم‪ ،‬ورضورة‬
‫تقديـم العـون هلـم يف دروسـهم وحمارضاهتـم وواجباهتـم‪.‬‬

‫‪ -4 -٢‬أهمية املدرسة‪:‬‬
‫نتـج عـن جائحـة كورونا تقدير كبري ألمه ّية املدرسـة ودورها يف حياتنا اإلنسـان ّية‪ ،‬ففي‬
‫ال ّلحظـة التـي وجـد فيهـا اآلبـاء واأل ّمهـات أنفسـهم وجها لوجه مـع أبنائهـم وأطفاهلم يف‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫حتول إىل أشـبه بأجواء املدرسـة‪ ،‬أدرك اآلباء قيمة العمل الرتبوي للمدرسـة‪،‬‬ ‫املنزل الذي ّ‬
‫واالجتامعـي الذي تقـوم به املـدارس يف يف جمال‬
‫ّ‬ ‫الرتبـوي‬
‫ّ‬ ‫وبـدؤوا يشـعرون بأمهيـة الـدّ ور‬
‫رعايةاألطفـال والعنايـة هبـم‪ .‬وقد ازداد شـعور األهايل باالمتنان والعرفـان لدور املع ّلمني‬
‫الـذي ال يقـدّ ر بثمـن يف حتقيـق رفاهية الطالب واملجتمـع يف آن واحد‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬نقـول أنّـه جيـب علينـا أن نبنـي على هـذه التجربـة‪ّ ،‬‬
‫فـكل صعوبـة وكل‬
‫حتـدٍّ يواجهـه اإلنسـان أو املجتمـع يرتتّـب عليـه كبير مـن الفوائد واخلبرات‪ .‬وهذه‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪375‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫التجربـة بالتأكيـد سـتغني جتاربنـا ومعارفنـا وخرباتنـا الرتبويـة وسـتغني ميـدان‬
‫العمـل يف تربيـة األبنـاء واألطفـال والنّاشـئة‪ ،‬ويبني على ذلك تطوير كبير للمناهج‬
‫والطرائـق الرتبويـة التـي سـتصبح أكثـر فعال ّيـة ونشـاطا وإبداعـا يف جمـال الرتبيـة‬
‫والتّعليـم بشـكل عـام‪.‬‬

‫‪ -٥ -٢‬التعاون بني األسرة واملدرسة‪:‬‬


‫تأ ّكــد خــال أزمــة كورونــا رضورة التعــاون بــن األرسة واملدرســة‪ .‬وقــد بـ ّـن‬
‫كورونــا األثــر الفعــال لذلــك التعــاون يف عمليــة تعليــم األطفــال وتعلمهــم‪ .‬ويف‬
‫مثــل هــذه احلــاالت ال بــد لآلبــاء أن يكونــوا حلفــاء أقويــاء يف دعــم تع ّلــم أطفاهلــم‬
‫بطريقــة فعالــة (‪ . )Henderson and Mapp. 2002‬وقــد تبـ ّـن أيضــا أ ّنــه‪ ،‬وعندمــا‬
‫تكــون العالقــة الرتبويــة قائمــة عــى الــو ّد واالحــرام مــا بــن اآلبــاء واملعلمــن‬
‫ـإن هــذا التّعــاون يــؤ ّدي إىل تعزيــز عمليــة التّع ّلــم والتّعليــم‬
‫واألرس واملــدارس‪ ،‬فـ ّ‬
‫لــدى األطفــال والناشــئة‪ .‬وقــد نجحــت املــدارس التــي تدعــو العائــات ليكونــوا‬
‫ـم توصيلهــا مــن‬ ‫حلفــاء يف تع ّلــم أطفاهلــم باســتخدام معلومــات ســهلة الفهــم يتـ ّ‬
‫دورا نشـ ًطا‪.‬‬
‫خــال آليــات تتك ّيــف مــع جــداول أوليــاء األمــور‪ ،‬والتــي تو ّفــر هلــم ً‬
‫وهنــاك العديــد مــن األبعــاد اإلجيابيــة ملشــاركة الوالديــن يف تعليــم أطفاهلــم‪ ،‬والتــي‬
‫والســلطة النّشــطة يف املجتمــع عــى‬ ‫أيضــا ديناميكيــات التوتــر ّ‬ ‫يمكــن أن تعكــس ً‬
‫نطــاق واســع‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫لقــد أثبتــت الوقائــع ّ‬


‫بــأن الوبــاء كان قــد شــكّل فرصــة مم ّيــزة لبنــاء عالقــات‬
‫تربو ّيــة قو ّيــة بــن اآلبــاء واملع ّلمــن‪ .‬وقــد وجــد اآلبــاء فرصتهــم الرتبو ّيــة لتطويــر‬
‫ـتمر مــع املع ّلمــن واملرشفــن‪ ،‬وقــد أدرك‬‫مهاراهتــم التّعليميــة عــر التّواصــل املسـ ّ‬
‫أن أوليــاء األمــور يمكنهــم تطويــر مهاراهتــم إىل الدّ رجــة التــي‬ ‫املع ّلمــون واآلبــاء ّ‬
‫يمكنهــم هبــا بــأن يكونــوا قادريــن عــى تعليــم أطفاهلــم بطريقــة تربو ّيــة جيــدة حتــت‬
‫إرشاف وتوجيــه املع ّلمــن يف املدرســة (‪.)Henderson and Mapp. 2002‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪376‬‬
‫‪ - ٦ -٢‬االستعداد التكنولوجي‪:‬‬
‫يقـول املثـل «تـؤدي املامرسـة إىل اإلتقـان»‪ .‬لقـد ن ّبهتنـا الكارثـة إىل أنّـه سـيكون‬
‫للتطـور التّكنولوجـي املتح ّقـق يف جمـال االتّصـال والتّعليـم دور كبير يف التّأصيـل‬ ‫ّ‬
‫للتعليـم اإللكتروين وتبنّـي مسـاراته‪ ،‬فالبنية اإللكرتونية اللوجسـتية تشـكّل عامال‬
‫مهما وحيو ّيـا يف عمل ّيـة انتشـار التعليـم اإللكتروين واعتماده منهجـا أساسـ ّيا يف‬ ‫ّ‬
‫التعليـم‪ ،‬وال سـ ّيام يف وضع ّيـات اجلوائـح والكـوارث‪ .‬وتتم ّثـل هـذه البنيـة يف توفري‬
‫ملنصـات التع ّلـم الرقميـة وشـبكات اإلنرتنيـت والتّطبيقـات‬ ‫التكنولوجيـا املتقدّ مـة ّ‬
‫ّ‬
‫البـث التلفزيـوين‬ ‫املتطـورة يف هـذا امليـدان‪ .‬ويشـمل ذلـك أيضـا أنظمـة‬ ‫ّ‬ ‫الرقم ّيـة‬
‫واإلذاعـي لتوفير الـدّ ورات الدراسـية عن بعد جلميـع املتعلمني‪ ،‬وهـذا ك ّله يتط ّلب‬
‫ّ‬
‫تأسـيس البنيـة التحتيـة األساسـية كالكهربـاء واهلواتـف والتلفزيـون والراديـو‬
‫واألجهـزة الرقميـة واالتصـال باإلنرتنـت والبيانـات‪.‬‬
‫تـذوق التعليـم عـن بعـد لـوال هـذه‬ ‫مل يكـن للطلاّب واملعلمين واألهـايل فرصـة ّ‬
‫للتحول إىل نوع من التعليم مل يعهدوه‬ ‫ّ‬ ‫الكارثة الفريوسـية التي شـكلت فرصة تارخيية‬
‫سـابقا‪ ،‬أو يألفـوه‪ .‬وقـد أتاحـت هلـم هـذه األزمـة فرصـة اخلـروج مـن كهـف التعليـم‬
‫التقليـدي الـذي يتحـرك يف ظلمات العصـور الوسـطى إىل عـامل الومـض والضـوء‬
‫للتعـرف عىل عـامل رقمي جديد‬‫ّ‬ ‫والصـورة‪ .‬لقـد شـكّل تفشي فيروس كورونـا فرصة‬ ‫ّ‬
‫مذهـل بقدراتـه وإمكانياتـه االتّصاليـة يف جمـال التعليـم‪ ،‬إذ يمكن املعلمين والطالب‬
‫احلر يف الفضاء اإللكرتوين الواسـع‪ .‬لقد‬ ‫مـن اختيـار أفضل وسـائل االتّصال والتع ّلم ّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫لفتـت األزمة اهتامم املسـؤولني عـن العمليـة التعليمية إىل أمهية توظيـف التكنولوجيا‬
‫املنصات اإللكرتونية‬
‫التوجه نحو اسـتخدام ّ‬ ‫ّ‬ ‫ورسـخت لدهيـم‬ ‫الرقميـة يف يف التّعليم‪ّ ،‬‬
‫إن التعليم عن بعد‬‫بوصفهـا ممارسـة تربويـة حداثية‪ .‬ويمكن القـول‪ ،‬يف هذا السـياق‪ّ ،‬‬
‫يف زمـن الكورونـا سيشـكل منطلقـا لثورة يف العمل ّيـة التّعليميـة والرتبو ّية‪.‬‬
‫لقــد دفعــت جائحــة كورونــا املــدارس يف مجيــع أنحــاء العــامل إىل تبنّــي التّعليــم‬
‫توجــب عــى احلكومــات توســيع نطــاق البنيــة التحت ّيــة لشــبكة‬ ‫اإللكــروين‪ .‬لــذا‪ّ ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪377‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫توجــب عــى الــدّ ول تصميــم اســراتيجية لتوســيع‬ ‫اإلنرتنــت يف مجيــع مناطقهــا‪ .‬كــا ّ‬
‫نطــاق التكنولوجيــا التعليميــة‪ .‬ويف أثنــاء اإلغــاق املــدريس‪ ،‬عمــل الباحثــون‬
‫واملؤسســات التّعليميــة م ًعــا لتغيــر نظــام‬
‫ّ‬ ‫ومصممــو املناهــج ومســؤولو التّعليــم‬
‫ّ‬
‫توجــب عــى‬‫اإللكــروين‪ .‬وقــد ّ‬
‫ّ‬ ‫الســلس إىل التعليــم‬‫التّعليــم وحتقيــق االنتقــال ّ‬
‫املــدارس واجلامعــات تصميــم املناهــج الدراســية وإعــداد اســراتيجيات وتقنيــات‬
‫التّعلــم ملــا بعــد اجلائحــة‪ ،‬وضــان عــودة الطلبــة إىل املــدراس عنــد إعــادة فتحهــا‪،‬‬
‫وتوســيع نطــاق البنــى التحتيــة للتعلــم عــر اإلنرتنــت لتمكــن الطــاب واملتعلمــن‬
‫مــن متابعــة تعليمهــم عــى أكمــل وجــه( ‪. )Tadesse and muluye. 2020‬‬

‫‪ - ٧ -٢‬جاهزية احملتوى اإللكتروني‪:‬‬


‫تتمثــل هــذه اجلاهزيــة يف توفــر خمتلــف املضامــن التعليميــة بصــورة إلكرتونيــة‪،‬‬
‫وهــذا مــا يطلــق عليــه املحتــوى اإللكــروين‪ ،‬ويشــمل ذلــك إمكانيــة الوصــول إىل‬
‫ـروين التــي‬
‫ّ‬ ‫مــواد التّدريــس والتّع ّلــم املتوافقــة مــع املناهــج املطلوبــة للتّعليــم اإللكـ‬
‫يمكــن تقديمهــا مــن خــال املنصــات عــر اإلنرتنــت أو الربامــج التلفزيونيــة أو‬
‫اإلذاعيــة‪ .‬وهــذا املحتــوى اإللكــروين جيــب أن يشــمل خمتلــف املناهــج الدراســية‬
‫التــي يتوجــب عليهــا أن تغطــي مجيــع مســتويات الصفــوف ومجيــع املجــاالت‬
‫العلميــة والرتبويــة‪ .‬وجيــب علينــا التذكــر‪ ،‬يف هــذا املقــام‪ ،‬أنــه جيــب أن نأخــذ‬
‫بعــن االعتبــار وجــود فجــوات عميقــة بــن البلــدان والــدّ ول واملناطــق مــن حيــث‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تو ّفــر املــوارد واألجهــزة واخلــرات الالّزمــة لتطويــر املناهــج الدراســية عــى نحــو‬
‫إلكــروين‪ ،‬وإتاحــة الوصــول إليهــا مــن خــال املنصــات التعليميــة املتاحــة أو‬
‫الربامــج التلفزيونيــة واإلذاع ّيــة (‪ . )UNESCO (April . 2020. p 2‬لقــد أضحى‬
‫ـارا اســراتيج ًّيا حتم ّيــا يف جمــال احليــاة الرتبويــة بر ّمتهــا‪ ،‬وإنــه‬
‫ـي خيـ ً‬ ‫التّعليــم الرقمـ ّ‬
‫ملــن الســذاجة بمــكان اال ّدعــاء بــأن التعليــم اإللكــروين عــن بعــد حالــة فرضتهــا‬
‫الظــروف االســتثنائية للوبــاء‪ ،‬فالتّعليــم اإللكــروين صــرورة فرضهــا منطــق‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪378‬‬
‫التطــور يف العــر‪ ،‬وهــو املنطــق الــذي يفــرض عــى املدرســة االنخــراط يف‬ ‫ّ‬
‫الت ّيــار الكــوين للتطــور احلضــاري الــذي اســتدعته منظومــة مع ّقــدة مــن املتغــرات‬
‫والعوامــل االقتصاديــة واالجتامعيــة والتارخييــة‪ ،‬والســيام االنفجــارات الثوريــة يف‬
‫جمــال التكنولوجيــة الســيربانية (بحــوت‪. )2020 ،‬‬

‫‪ -٨ -٢‬الثقافة اإللكترونية والرقمية‪:‬‬


‫أن الثقافـة اإللكرتونيـة رضوريـة جـدا للتواصـل‬ ‫بينـت التّجربـة الكورونيـة ّ‬
‫الرتبـوي واإلنسـاين‪ ،‬وممـا ال ريـب فيـه أن ضعـف الثقافـة اإللكرتونيـة لـدى اآلبـاء‬
‫أو املع ّلمين أو الطلاب كان عقبـة ك َْأ َداء أمـام عمل ّيـة التع ّلـم يف ّ‬
‫ظـل األزمـة‪ .‬وقـد‬
‫نبهنـا كورونـا إىل أمه ّيـة الثقافـة اإللكرتونيـة ودورهـا يف مواجهـة حتد ّيـات العصر‬
‫الرتبويـة والتكنولوجيـة‪ ،‬فالثقافـة اإللكرتونيـة غـدت اليـوم ثقافـة العصر‪ ،‬وثقافـة‬
‫والتسـوق‬
‫ّ‬ ‫كل النّشـاطات احلياتية يف جمال العمل‬ ‫احلياة‪ .‬وال غرو يف ذلك أن تشـمل ّ‬
‫البنكـي والتّعليـم‪ ،‬ويف خمتلـف مظاهر احليـاة والوجود صارت‬ ‫ّ‬ ‫التجـاري والتّعامـل‬
‫أن خمتلـف مظاهـر احليـاة والنشـاطات اإلنسـانية‬ ‫وغنـي عـن البيـان ّ‬
‫ّ‬ ‫تعتمـد عليهـا‪.‬‬
‫قـد غـدت مؤمتتـة إلكرتونيـا ورقم ّيـا‪ ،‬وهـذا يتط ّلـب ثقافـة إلكرتونيـة حقيق ّيـة لـدى‬
‫أن احليـاة مـن غير ال ّثقافـة الرقميـة أصبحـت نوعا‬ ‫مجيـع أفـراد املجتمـع‪ ،‬ويبـدو لنـا ّ‬
‫مـن العبث ّيـة الوجوديـة‪ .‬وقـد ن ّبهنـا كورونا‪ ،‬عىل نحـو تربوي‪ّ ،‬‬
‫بـأن الرقم ّية أصبحت‬
‫ثقافـة تربويـة واجتامعيـة ال بـدّ مـن حضورهـا كثقافـة سـيادية يف األوسـاط األرسية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫واالجتامع ّيـة‪ ،‬وهـذا ممّـا يوجـب على املعلمين والطلاب واآلبـاء تطويـر مهاراهتـم‬
‫الرقميـة مـن أجـل توظيفها يف عمليـة التعليم الـذي يتط ّلب ثقافـة إلكرتونية حقيقية‬
‫متكّـن الطلاب واملعلمين مـن التّواصـل الرتبـوي الفعـال يف جمـال احليـاة والتعليم‪.‬‬
‫وممّـا يؤسـف لـه‪ ،‬هو ضعـف هـذه ال ّثقافة يف كثري مـن املجتمعـات‪ ،‬ومنهـا جمتمعاتنا‬
‫العربيـة حيـث نجد املعلمني واآلباء والطالب غري مسـتعدّ ين بشـكل ٍ‬
‫كاف لالنتقال‬
‫الرتبـوي اجلديد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إىل التّعليـم اإللكتروين الـذي أصبـح سـمة أساسـ ّية يف الزمـن‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪379‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -٩ -٢‬التخطيط التربوي للمستقبل‪:‬‬
‫أحـد أهـم الـدروس التي يمكـن تعلمها من اسـتجابات التعلم عن بعد السـابقة‬
‫الزمـن‪ ،‬إذا أردنـا‬
‫لألوبئـة‪ ،‬هـو أنّـه مـن األفضـل التّخطيـط لسـنوات ولعقـود مـن ّ‬
‫ظـل األزمـة‬‫فعلا مواكبـة العصر‪ .‬لقـد ع ّلمتنـا األشـهر املاضيـة التـي عشـناها يف ّ‬
‫وكل مـا علينـا فعلـه هـو أن نكـون‬ ‫أنّـه ال يمكـن التن ّبـؤ بالكـوارث واجلائحـات‪ّ ،‬‬
‫الرغـم مـن ّ‬
‫أن‬ ‫أي حتديـات متو ّقعـة أو غير متو ّقعـة‪ .‬وعلى ّ‬ ‫مسـتعدّ ين ملواجهـة ّ‬
‫هـذه اجلائحـة مل تعطنـا الكثير مـن الوقـت للتّخطيـط‪ ،‬فإنّـه البـدّ أن نخلـص إىل ّ‬
‫أن‬
‫ومهـم يف خمتلف جوانـب حياتنا االجتامعيـة والرتبو ّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التّخطيـط هـو عنصر رئيس‬
‫والـدّ رس الـذي تع ّلمنـاه هـو أنّـه جيـب علينـا أن نعمـل على وضـع خطـط متعـدّ دة‬
‫يتم ال ّلجـوء إىل األخرى‪ ،‬وال‬‫متنوعـة‪ ،‬وعندمـا ختفق خ ّطة مـا ّ‬
‫ضمـن سـيناريوهات ّ‬
‫سـيام يف جمـال الرتبيـة والتعليـم‪.‬‬
‫ورد تقريــر صــادر عــن منظمــة األمــم املتحــدة للطفولــة صــدر يف عــام ‪،1999‬‬
‫وهــو تقريــر مؤثــر جــدّ ا‪ ،‬بأ ّنــه يف األزمــات‪ ،‬ال ينبغــي تصميــم األنشــطة التعليميــة‬
‫عــى ّأنــا تدابــر مؤ ّقتــة قصــرة األجــل‪ ،‬بــل جيــب أن تكــون بمثابــة أنشــطة هلــا‬
‫طابــع االســتجابة الرسيعــة‪ ،‬ولك ـ ْن ذات أهــداف إنامئيــة طويلــة األجــل‪ .‬ال يــزال‬
‫ـم أخــذه عــى حممــل اجلــدّ ‪ ،‬يمكــن أن يســاعد‬ ‫هــذا املبــدأ ســار ًيا حتــى اليــوم‪ ،‬وإذا تـ ّ‬
‫جمتمــع التّعليــم عــى االســتجابة بشــكل أفضــل لوبــاء ‪ .COVID-19‬وهــذا يعنــي‬
‫أن مديــري املــدارس واملعلمــن خي ّططــون ألنشــطة التع ّلــم عــن ُبعــد‪،‬‬ ‫أ ّنــه نظـ ًـرا إىل ّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫فإنــم بحاجــة إىل إجيــاد طــرق يمكــن ألنشــطة االســتجابة الفور ّيــة أن تضــع وفقهــا‬ ‫ّ‬
‫األســاس للوصــول إىل األهــداف طويلــة املــدى‪.‬‬
‫يعــدّ اســتمرار التّعليــم أحــد أكثــر األنشــطة واســعة النّطــاق لدعــم مرونــة‬
‫األطفــال ورفاهيتهــم‪ ،‬واحلــدّ مــن القلــق أثنــاء حــاالت الطــوارئ‪ .‬ومــع ذلــك‪،‬‬
‫نــادرا مــا‬
‫ً‬ ‫للصحــة العقليــة‪ ،‬وهــذا‬
‫ّ‬ ‫فــردي‬
‫ّ‬ ‫لــن حيتــاج مجيــع األطفــال إىل دعــم‬
‫أن ضــان اســتمرار ّية التّعليــم‬ ‫يكــون ممكنًــا‪ .‬بالنّســبة لغالبيــة األطفــال‪ ،‬ذلــك ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪380‬‬
‫اآلمــن واملالئــم واخلدمــات االجتامعيــة األساســية األخــرى ٍ‬
‫كاف ملســاعدهتم عــى‬
‫التكيــف مــع الوضــع ال ّطبيعــي اجلديــد (‪. )Winthrop. 2020‬‬

‫‪ -١٠ -٢‬مهارات جديدة قبل الشهادات‪:‬‬


‫وممّــا تعلمنــاه أيضــ ًا خــال هــذا الوبــاء هــو رضورة متكــن الطــاب مــن‬
‫الضوريــة للحيــاة‪ ،‬مثــل مهــارات حـ ّـل املشــكالت‪ ،‬والتّفكــر النّقــدي‬ ‫املهــارات ّ‬
‫وغريمهــا‪ .‬وهــذا يعنــي يف النّهايــة التّأكيــد عــى رضورة توفــر البدائــل التّعليميــة‬
‫مســتمرة لضــان اســتمرار العمل ّيــة التعليم ّيــة والرتبو ّيــة أثنــاء األزمــات‬‫ّ‬ ‫بصــورة‬
‫والكــوارث واجلائحــات‪ ،‬وهــذه البدائــل تكمــن‪ ،‬كــا علمتنــا هــذه التجربــة‪ ،‬يف‬
‫يت‪،‬‬‫التّعليــم اإللكــروين‪ ،‬والتّعليــم عــن بعــد‪ ،‬والتّع ّلــم مــدى احليــاة‪ ،‬والتع ّلــم الــذا ّ‬
‫أو التع ّلــم املدمــج‪ ،‬وغريهــا مــن املهــارات املعرفيــة التــي مت ّكــن الطــاب مــن متابعــة‬
‫أي ظــرف مــن الظــروف الطارئــة‪. )Dhawan. 2020.17( .‬‬ ‫ـي يف ّ‬
‫حتصيلهــم العلمـ ّ‬
‫تغي بطريقة بانورامية‬ ‫أن سـ ّلم املهارات قد ّ‬ ‫وقـد بينـا خالل جمريات هذا الكتاب ّ‬
‫رسيعـة خلال العقـد املـايض مـن الزمن‪ ،‬إذ شـاهدنا ظهـور مهارات جديـدة ال قبل‬
‫الـذكاء اإلنسـاين والعبقرية البرشيـة يف مواجهة‬ ‫لنـا هبـا‪ ،‬وهـي مهـارات تعتمد مبـدأ ّ‬
‫بشري‬
‫ّ‬ ‫الـذكاء االصطناعـي الفـارق وقدراتـه اإلبداعيـة‪ ،‬إذ هـي حـرب بين ذكاء‬ ‫ّ‬
‫وذكاء اصطناعـي‪ ،‬ويف غمـرة هـذه احلرب الدائـرة‪ ،‬ليس أمام التّعليم سـوى العمل‬
‫والـذكاء البشري إىل مـا ال هنايـة لـه‪ ،‬كـي يسـتطيع‬ ‫على تطويـر القـدرات اإلبداعيـة ّ‬
‫املتع ّلـم أن يعيـش وسـط هـذه املوجـات اإلبداعيـة واالبتكاريـة اهلائلـة التـي يفيـض‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ظل الثـورة الصناعيـة الرابعة‪.‬‬ ‫الرقمـي املعـارص يف ّ‬


‫ّ‬ ‫هبـا العـامل‬
‫وقـد الحظنـا ّ‬
‫االتـاه املؤكّـد اليـوم العتماد املهـارات الرقميـة‪ّ ،‬‬
‫وكل املهـارات‬
‫الذك ّيـة يف جمـال الرقميـة‪ ،‬كمعيـار للحصول على األعامل والوظائـف‪ .‬وقد أصبحنا‬
‫يف واقـع ال تنفـع فيـه الشـهادات العلميـة العاليـة مـن غير أن تعضدهـا ممهـارات‬
‫ينمـي املهارات‪،‬‬ ‫علميـة وفنيـة ذات طابـع ابتـكاري‪ .‬وهذا يعنـي ّ‬
‫أن التعليم الذي ال ّ‬
‫سـيكون تعليما ترفيـا ال معنـى لـه وال قيمـة يف سـوق العمـل‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪381‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ - ١١ -٢‬أهمية البحث العلمي‪:‬‬
‫كشـفت كورونـا ضعـف املؤسسـات العلميـة والسـيام يف الـدول الناميـة‪ ،‬وعدم‬
‫قدرهتـا عىل مواكبة التحديات الفريوسـية يف مسـتوى املواجهـة‪ ،‬وقد أعاد هذا األمر‬
‫االعتبـار للعلـم بوصفـه رضورة استراتيجية يف اجلامعـات واملؤسسـات التعليميـة‪.‬‬
‫السـحرية‬ ‫وقـد الحظنـا حجم انتشـار اخلرافـات واألوهام واألسـاطري والعالجات ّ‬
‫لكورونـا‪ ،‬فانكشـف األمـر عـن تر ٍّد خطير يف مسـتوى الوعـي العلمي لـدى العا ّمة‬
‫ترسـخ العقل ّية العلم ّية‬
‫واخلاصـة مـن النـاس‪ .‬ومن هذا املنطلق فإنّه عىل املدارس أن ّ‬
‫قـوة هائلـة يف املجتمـع‬‫يف املجتمـع‪ ،‬وأن تركّـز يف مناهجهـا على االعتراف بالعلـم ّ‬
‫السـائدة يف العـامل املتخ ّلـف‪ .‬لقـد بـدأ‬ ‫كل التّحدّ يـات واألمـراض ّ‬
‫الذهنيـة ّ‬ ‫ملواجهـة ّ‬
‫السـاذجة‬ ‫والسـخرية ّ‬ ‫عا ّمـة النـاس يف البدايـة باالستسلام اىل اخلرافـات واألوهـام ّ‬
‫مـن العلـم واألفـكار العلم ّيـة املتع ّلقـة بانتشـار الوبـاء‪ ،‬ولكـن اليـوم‪ ،‬وبعـد وصول‬
‫الـدول املتقدمـة إىل أكثـر مـن لقـاح فعـال‪ ،‬بـدأ النـاس يؤمنـون بالعلـم واالسـتامع‬
‫الطـب احليـوي واجلرثومـي‪ .‬وعلى هـذا النحـو‬ ‫ّ‬ ‫اىل رأي العلماء والباحثين يف جمـال‬
‫أن العلـم هو الصيرورة واملصير يف احلياة‬ ‫اسـتطاعت األزمـة أن تربهـن جمـدّ دا على ّ‬
‫اإلنسـانية‪ ،‬وأنـه الرتياق املضا ّد لألوهام واألسـاطري واخلرافـات واجلهل واألوهام‬
‫السـحرية ( الدهشـان‪.)131 ،2020 ،‬‬

‫‪ - ١٢ -٢‬االبتكار‪:‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫لقــد دفعــت اجلائحــة إىل االبتــكار التعليمــي إىل قلــب ّ‬


‫كل نظــام تعليمــي تقري ًبــا‬
‫يف مجيــع أنحــاء العــامل‪ .‬واســتنا ًدا إىل اســتطالع حديــث شــمل ‪ 59‬دولــة للمعلمــن‬
‫أن‪ « :‬األزمــة [قــد‬‫ومديــري التعليــم‪ ،‬الحــظ فرنانــدو رايمــرز وأندريــاس شــايرش ّ‬
‫كشــفت] عــن اإلمكانــات اهلائلــة لالبتــكار الكامنــة يف العديــد مــن أنظمــة التعليــم‪.‬‬
‫ومل يعــد الســؤال هــو كيــف يمكــن توســيع نطــاق االبتــكارات مــن اهلامــش إىل‬
‫ـدرا‬
‫مركــز أنظمــة التعليــم‪ ،‬ولكــن كيفيــة حتويــل أنظمــة التعليــم بحيــث تكــون مصـ ً‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪382‬‬
‫ودعــا واســتدامة لتلــك االبتــكارات التــي ختــرج الرتبيــة مــن مأزقهــا التارخيــي‬
‫ً‬
‫ـزود التالمــذة والطــاب باملهــارات األساس ـ ّية الالزمــة لبنــاء مســتقبل أفضــل‬‫وتـ ّ‬
‫ألنفســهم وملجتمعاهتــم (‪. )Reimers and Schleicher . 2020. 7‬‬
‫أن االبتــكار واإلبــداع ســيكونان مبتــدأ احليــاة اإلنســانية‬ ‫لقــد علمتنــا األزمــة ّ‬
‫وخربهــا‪ ،‬وع ّلمتنــا أيضــا أن الرتبيــة التــي ال تقــوم عــى اإلبــداع تربيــة عدم ّيــة ال‬
‫معنــى هلــا‪ ،‬وال يمكنهــا أن تثمــر يومــا‪ .‬فالرتبيــة والتّعليــم‪ ،‬إ ّمــا أن يكونــا تربيــة‬
‫ـي أن يكــون هــذا اإلبــداع‬ ‫وتعليــا إبداعيــن‪ ،‬وإ ّمــا أال يكونــا باملطلــق‪ .‬ومــن الطبيعـ ّ‬
‫الصلــة بالتكنولوجيــا والثــورة الرقميــة ألن هــذه ال ّثــورة تشـكّل اليــوم ركيــزة‬‫وثيــق ّ‬
‫ستؤســس ملرحلــة جديــدة‬ ‫ّ‬ ‫أن هــذه األزمــة‬‫كل إبــداع وابتــكار‪ .‬ومــن املؤكّــد ّ‬ ‫ّ‬
‫للتع ّلــم‪ ،‬إذ ستســمح للطــاب واملع ّلمــن بالنظــر إىل اجلوانــب املثمــرة لتقنيــات‬
‫والتطــورات الرقميــة املدهشــة‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واالتــاه نحــو االبتــكارات‬ ‫التعلــم اإللكــروين‬
‫(‪ . )Dhawan. 2020.15‬وتأسيســا عــى مــا تقــدّ م‪ ،‬يمكــن القــول بنهايــة عــر‬
‫التعليــم «املــري» الريعــي وبــدء عــر االبتــكار‪ .‬ومل يعــد هنــاك جمــال النتظــار‬
‫التخــرج ثــم البحــث عــن وظيفــة‪ ،‬فاملســتقبل يفتــح أبوابــه ألصحــاب األفــكار‬ ‫ّ‬
‫القابلــة للتّطبيــق عــى أرض الواقــع‪ ،‬والتــي حتلــق يف نفــس الوقــت بأصحاهبــا يف‬
‫الســاء» (عثــان ‪. )2021 ،‬‬

‫‪ - ١٣ -٢‬التعاون الدولي‪:‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫علمتنـا الكارثـة أن البشر يعيشـون يف فضـاء واحـد‪ّ ،‬‬


‫وأن املصير واحـد‪ ،‬فإ ّما أن‬
‫تفشـى الفريوس يف جسـد‬ ‫متفرقني‪ .‬لقد ّ‬
‫نعيـش معـا متّحديـن‪ ،‬وإمـا أن نمـوت معـا ّ‬
‫الصني حتـى انتقل كالربق‬ ‫البشري يف حلظـة واحـدة‪ ،‬فام إن ظهـر يف ووهان ّ‬
‫ّ‬ ‫الكـون‬
‫ُ‬
‫املصل‬ ‫ِ‬ ‫إىل خمتلـف أنحـاء العـامل‪ .‬وهذا يؤكّد أن البرشية كيان واحد‪ .‬وما أن ُ‬
‫اكشـتف‬
‫فكل مصيبـة أو كارثة تصيب جانبـا من املجتمع‬ ‫خريه العـامل َ بر ّمته‪ّ .‬‬
‫عـم ُ‬
‫للـدّ اء حتّـى ّ‬
‫اإلنسـاين سـتنتقل إىل مجيـع أعضـاء الكيـان البشري‪ .‬وقـد الحظنـا كيـف تعاونـت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪383‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫واملؤسسـات واجلمع ّيـات واملن ّظمات العامليـة معـا يف مواجهـة الفيروس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الـدّ ول‬
‫وقـد تع ّلمنـا أيضـا أنّـه على الـدّ ول القو ّيـة الغن ّية أن تقـدّ م الدّ عـم واملسـاندة للبلدان‬
‫الصدمة وعواقب األزمـة‪ ،‬فالتعاون‬ ‫الضعيفـة من أجـل التّخفيف من حـدّ ة ّ‬ ‫الفقيرة ّ‬
‫ملحـا ورضوريـا يف جمـال تقديـم الدعم واملسـاندة اللوجسـتية‬ ‫الـدويل أصبـح اليـوم ّ‬
‫واملاليـة واالقتصاديـة للـدول األكثـر فقـرا‪ ،‬إذ يرتتّـب على املنظمات الدوليـة‪ ،‬يف‬
‫خمتلـف املسـارات والقطاعـات‪ ،‬التّعـاون مـن أجـل احتـواء اآلثـار املد ّمـرة للصدمة‬
‫يف البلـدان الفقيرة حلاميتهـا ومحايـة أجيـال مـن األطفال ضـدّ الفقر والفاقـة واجلوع‬
‫والتسرب‪ .‬وحيتـاج األمـر أيضـا إىل جهـود كبيرة مـن قبـل احلكومـات املح ّليـة‬ ‫ّ‬
‫ومؤسسـات املجتمـع املـدين التـي يمكنهـا أن تسـهم يف دعـم وتعزيز مسيرة التّعليم‬ ‫ّ‬
‫عـن بعـد يف هـذه البلـدان‪ .‬وقـد تعلمنا أيضـا رضورة املسـاندة االجتامعيـة التي متت‬
‫يف داخـل البلـدان نفسـها بين األغنيـاء والفقـراء‪ ،‬وبني األقويـاء والضعفـاء‪ .‬وح ّبذا‬
‫تتـم عمليـة تصميـم املناهـج املدرسـية على قيـم التّعـاون اإلنسـاين يف األزمـات‬ ‫لـو ّ‬
‫والكـوارث والنّازالت‪.‬‬

‫‪ -٣‬هل ستؤدي الصدمة الكورونية إلى يقظة التربية العربية ؟‬


‫والسـؤال املحـوري الـذي نطرحـه يف هـذا السـياق هـو ‪ :‬هـل سـتؤدي الصدمـة‬ ‫ّ‬
‫الكورونيـة إىل يقظـة الرتبيـة العربيـة وانطالقهـا يف مسـارات احلضـارة اإلنسـانية‬
‫اإللكتروين بوصفـه‬
‫ّ‬ ‫املعـارصة؟ وهـل يمكـن للرتبيـة العربيـة أن تعتمـد التّعليـم‬
‫فلسـفة حضاريـة جديـدة يمكنهـا االنطلاق بمجتمعاهتـا نحـو التقـدم واالزدهار؟‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وهـل يتحتّـم على الرتبيـة العربيـة أن تتّخـذ مـن التعليم اإللكتروين منهجـا وطريقة‬
‫ثور ّيـة جديـدة خيرجاهنـا مـن دوائـر اجلمـود واالنكسـار؟‬
‫فالرتبيـة العربيـة ‪-‬كما نعرفها‪ -‬تعيش اليـوم ‪ -‬كام يف األمـس‪ -‬أزمتها الوجودية‬
‫احلضـاري يف النّهـوض‬
‫ّ‬ ‫التـي تتم ّثـل يف حالـة انفصـال واضـح عـن ممارسـة دورهـا‬
‫باحليـاة الفكريـة واملعرفـة العلميـة يف العـامل العريب‪ .‬وقـد تكون هـذه احلقيقة صادمة‬
‫ّ‬
‫تتجلى‬ ‫ملـن ال يعـرف الرتبيـة العربيـة السـائدة على حقيقتهـا‪ ،‬فالرتبيـة العربيـة كما‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪384‬‬
‫يف صورهتـا الفكريـة النقديـة تتّخـذ طابـع تربيـة ماضويـة تقليد ّيـة‪ ،‬إذ توظـف مجيـع‬
‫الفعاليـات الرتبويـة التقليديـة لرتويـض األجيـال وتطويعها وإخضاعهـا ملنظومات‬
‫أيديولوجيـة متخلفـة يف بنيتهـا وأهدافهـا ومنهجهـا‪ .‬ويمكن القول يف هذا السـياق‪:‬‬
‫إن الرتبيـة العربيـة السـائدة تطـرح نفسـها بوصفهـا بنية مـن األزمـات واالختناقات‬
‫يف مناهجهـا واستراتيجياهتا‪ .‬وإنّـه ملـن الصعوبـة بمـكان أن نتحـدّ ث اليـوم عـن‬
‫إجيابيـات يف األنظمـة الرتبويـة العربيـة مـن حميطهـا إىل خليجهـا؛ إذ تـدور هـذه‬
‫املنظومـات الرتبويـة يف دائـرة السـلب اخلالـص‪ .‬وعلى هـذا النحـو‪ّ ،‬‬
‫فـإن املدرسـة‬
‫العربيـة تعيـش أزمتهـا احلضاريـة املزمنـة منـذ عهـد حممد علي يف مرص وحتـى أيامنا‬
‫جتسـد‪ ،‬بوسـائلها وممارسـاهتا‪ ،‬عمليـة تدمير ممنهجـة كارثيـة لعقـول‬ ‫هـذه‪ ،‬وهـي ّ‬
‫األجيـال ومسـتقبلهم احلضـاري‪ ،‬إذ تقـوم على ترويـض األطفـال وإخضاعهـم‬
‫وتطويعهـم وإعـادة إنتـاج التخ ّلـف عبر مناهجهـا وبراجمهـا‪ ،‬وهي إضافـة إىل ذلك‬
‫ك ّلـه تشـكل حربـا على اإلبـداع‪ ،‬ودعوة إىل اجلمـود والتخ ّلـف والقطع مـع أصول‬
‫املعرفـة العرصيـة‪ .‬وهـي إذا جـاز القول‪ :‬تعيش يف مسـتنقعات املـايض وتغتذي عىل‬
‫أعشـابه الضـارة‪ .‬وهنـاك اليـوم آالف الدراسـات والبحـوث النقديـة التـي تؤكّـد‬
‫سـلبية املدرسـة العربيـة وقصورهـا‪.‬‬
‫ويف هـذا السـياق جتـدر اإلشـارة إىل مقالـة نقد ّيـة للباحـث حبيـب عبـد الـرب‬
‫ـس يف عرص‬ ‫تأس َ‬
‫وحتتـي ّ‬
‫ٌّ‬ ‫يب‪،‬‬‫فوقـي غـر ّ‬
‫ٌّ‬ ‫رسوري وسـمها بـــــ‪( :‬التعليـم العـريب‪ :‬بنـا ٌء‬
‫االنحطـاط!) يتنـاول فيهـا أزمـة الرتبيـة العربيـة حيـث يقـول‪ « :‬يتعلـم الطالـب يف‬
‫ويكـرره‪ ،‬كيـف ُ‬
‫يقبـل رؤيـ ًة ما‬ ‫ّ‬ ‫املدرسـة العربيـة كيـف يتل ّقـن‪ ،‬كيـف يسـ ِّلم بالواقـع‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫باختصـار شـديد كيـف يلغـي اإلرادة والعقل‪ ،‬ويعيـش حياة‬ ‫ٍ‬ ‫للعـامل كما هـي‪ .‬يتع ّلـم‬
‫اخلاصة‬
‫ّ‬ ‫االسـتهالك والتقوقـع‪ .‬فيما يلـزم عىل املدرسـة أن تُع ِّلمـه كيف ُي ّ‬
‫كـون رؤيته‬
‫فجـر‬‫للحيـاة دون أدنـى فرضيـة مسـبقة ال تقبـل النّقـد واجلـدل والرفـض‪ ،‬كيـف ُي ّ‬
‫إرادتـه وعقلـه وملكاتـه دون حدود‪ ،‬كيـف يبني عاملا عىل أنقـاض آخر!»(رسوري‪،‬‬
‫‪ .)2009‬وباختصـار‪ ،‬فـإن التعليـم يف العـامل العـريب يعيـش أزمتـه املزمنـة اخلانقـة‬
‫وثمـة شـبه إمجـاع حال ّيا على ّ‬
‫أن‬ ‫منفصلا عـن العصر بعيـدا عـن مآالتـه احلضاريـة‪ّ .‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪385‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مـا يواجهـه التعليـم العـريب «من حتدّ يـات يف املرحلة الراهنـة ليس إال امتـدا ًدا ألزمة‬
‫ضمـورا يف دورهـا ويف إنتاجهـا‬
‫ً‬ ‫سـابقة عرفـت فيهـا األنظمـة التعليم ّيـة‪ ،‬وال تـزال‪،‬‬
‫املعـريف» (منهجيـات‪.)2 ،2020 ،‬‬
‫ّ‬
‫السـلبي‬
‫ّ‬ ‫وإذا كانـت «مناهجنـا حتّـى اليـوم معتمـد ًة على التلقين واحلفـظ‬
‫للمعلومـات‪ ،‬فقـد آن األوان لطـرح تسـاؤالت عديـدة حـول هـذا الـدّ ور للبحـث‬
‫يف كيف ّيـة تعديلـه‪ ،‬أو تطويـره‪ ،‬أو ربما إعـادة بنائـه (اللقيـس‪ّ .)6 ،2020 ،‬‬
‫إن‬
‫النقـدي والفكر‬
‫ّ‬ ‫التقليـدي و ّلـد أجيـاالً بعيـد ًة نو ًعـا مـا عن الفكـر‬
‫ّ‬ ‫التعليمـي‬
‫ّ‬ ‫نظامنـا‬
‫اإلبداعـي‪ ،‬لذلـك غال ًبـا مـا نـرى كم ّيـ ًة هائلـ ًة مـن املعلومـات اخلطـأ والشـائعات‬
‫ّ‬
‫االجتامعـي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السـلب ّية التـي يتناقلهـا طلبتنـا وأوليـاء أمورهـم عبر وسـائل التواصـل‬
‫السـلبي يف سـلوك ّيات متل ّقـي‬
‫ّ‬ ‫دون التدقيـق يف صدق ّيـة حمتواهـا‪ ،‬أو دراسـة تأثريهـا‬
‫هـذه املعلومـات» (اللقيـس‪.)6 ،2020 ،‬‬
‫ومنـذ عقـود طويلـة واملصلحـون العـرب ينـادون بتطويـر املدرسـة وحتديثهـا‬
‫املسـتمرة‪ .‬ومنـذ عقـود واملفكـرون الرتبويـون‬
‫ّ‬ ‫مـع متطلبـات العصر ومـع حركتـه‬
‫العـرب يرفعـون شـعار التغيير والتجديـد يف التعليـم العـريب‪ ،‬لكـن هـذه األصوات‬
‫والنّـداءات ذهبـت أدراج الريـاح‪ ،‬إذ اسـتمرت املدرسـة العربية والتعليـم العريب يف‬
‫التّبلـور ضمـن مسـاراهتام التّقليد ّية املنافيـة لروح العرص واملضا ّدة ّ‬
‫لـكل صيغ التقدّ م‬
‫والتّنويـر‪ ،‬إىل درجـة املـوت رسيريـا ضمـن كهـوف املـايض ومسـتنقعات التقليـد‪.‬‬
‫لقـد جـاء اليـوم كورونـا اليـوم ليصعـق املدرسـة العربيـة بصدمتـه الوجوديـة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫العاتيـة التـي يرجـى هلـا أن توقـظ التعليـم العـريب وخترجـه مـن كهوفـه املظلمة ومن‬
‫مسـتنقعاته اآلسـنة‪ .‬وقـد حانـت اللحظـة التارخييـة ليقظـة التعليم العريب من سـباته‬
‫األسـطوري ع ّلـه خيـرج مـن دوائـر اختناقـه إىل عـامل النـور واحليـاة‪ .‬وممّا ال شـك فيه‬
‫أن صدمـة كورونـا كانـت قويـة ومهولـة جـدا اهتـزت هلـا احليـاة الرتبويـة العربيـة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وار ّجتـت أوابدهـا التارخييـة املوغلـة يف القدم‪ ،‬فهل تسـتيقظ الرتبيـة العربية عىل وقع‬
‫الصدمـة وضجيـج املحنـة؟ هل سـتخرج الرتبية العربيـة بعد تعرضها هلـذه الصدمة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪386‬‬
‫التارخييـة مـن مأزقهـا احلضـاري حتت مهماز اجلائحة ورضباهتـا القويـة؟ هل يمكن‬
‫للرتبيـة العربيـة أن تأخـذ منحـى التطويـر واملصاحلـة مـع العصر يف زمـن الثـورة‬
‫الصناعيـة الرابعـة اجلارفـة؟ وأخيرا‪ ،‬مـا الـذي ينتظـر الرتبيـة العربيـة على مفـارق‬
‫هـذه األزمـة ومسـاراهتا املؤملة؟‬
‫يمكننـا يف هـذا املقـام أن نامثـل بين مجـود الرتبيـة العربيـة ووضعيـة «الضفـدع‬
‫املغلي»‪ ،‬يف أمثولتـه املشـهورة؛ فالضفـدع عـادة عندمـا يوضـع يف مـاء سـاخن يقفـز‬
‫وخيـرج مـن اإلنـاء برسعـة هائلـة‪ ،‬ولكـن بعـض التجـارب العلميـة بينت أمـر ّا ّ‬
‫مهم‬
‫يتـم تسـخينه تدرجيـا بدرجات‬ ‫آخـر‪ ،‬وهـو أنّـه إذا وضـع الضفـدع يف إنـاء مـن املـاء ّ‬
‫حـرارة شـبه صفريـة‪ ،‬فـإن الضفـدع يتكيف مـع ارتفاع درجـة احلـرارة تدرجييا دون‬
‫أن يقفـز‪ ،‬وعندمـا تصـل درجة احلـرارة إىل العتبة التي ال يسـتطيع الضفدع احتامهلا‪،‬‬
‫السـاخنة فيموت بتأثري سـخونة‬ ‫فإنّـه يفقـد القـدرة على القفز خـارج اإلنـاء بمياهـه ّ‬
‫جل‬‫الضفـدع قد اسـتهلك ّ‬ ‫السـبب وفـق تقديـر العلماء إىل أن ّ‬ ‫املـاء وغليانـه‪ .‬ويعـود ّ‬
‫طاقتـه يف التكيـف التّدرجيـي مـع املـاء السـاخن‪ ،‬إىل درجـة أنـه سـيفقد القـدرة على‬
‫القفـز خـارج اإلنـاء حين حتين ال ّلحظـة املناسـبة للقفـز والنجـاة‪ .‬والتعليـم العـريب‬
‫أشـبه بالضفـدع الـذي يتك ّيـف مـع أوضـاع التخلـف وسـخونة التّقاليـد حتـى كاد‬
‫يفقـد قدرتـه على القفـز واخلروج من دوائـر املايض ومسـتنقعاته القاتلـة عندما حتني‬
‫الفرصـة‪ .‬وعلينـا هنـا أن نتسـاءل‪ :‬هـل تسـتطيع صدمـة كورونـا أن توقـظ التّعليـم‬
‫العـريب مـن غفوتـه قبـل أن يأخـذه غليـان التخلـف‪ ،‬ويدفـع بـه إىل دائـرة املـوت‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫التقليـدي مـن أقفاصـه املظلمـة‬


‫ّ‬ ‫والعـدم؟ وهـل سـيؤ ّدي الوبـاء إىل انتـزاع التعليـم‬
‫ويدفـع بـه إىل عـامل النّـور حيـث تكـون املعرفـة القائمـة على أكثـر منتجـات العقـل‬
‫تطـورا عبقر ّيـا وإتقانـا؟‬
‫البشري ّ‬
‫ّ‬
‫رسيـري أن ينتفض‬
‫ّ‬ ‫وممـا ال شـك أنّنـا نأمـل للتعليم العريب الـذي يعاين من موت‬
‫اليـوم حتـت مضارب الثـورة الصناعية الرابعـة ومطارقها‪ .‬وما مل يسـتيقظ وينتفض‪،‬‬
‫فإنّـه سـيواجه حتما املوت يف مسـتنقعاته اآلسـنة‪ ،‬وقـد تصعب معها عملية إنعاشـه‪،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪387‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وربما ال تنفـع معـه الصدمات القويـة للجوائح والنكبـات‪ .‬نقول هـذا ونحن ندرك‬
‫أن التعليـم اإللكرتوين يواجـه أيضا كثريا من التحديات والصعوبات واالنتقادات‪،‬‬
‫وهـذا كلـه يؤخـذ بعين االعتبـار‪ ،‬ولكـن ضمـن مسـار التطـور والتطويـر‪ ،‬فالتعليم‬
‫الذكـي هـو مصير وصيرورة حضارية‪ ،‬مهما كانت صعوباتـه وحتدياته‬‫ّ‬ ‫اإللكتروين‬
‫وسلبياته‪.‬‬
‫وهنـا‪ ،‬ويف هـذا املقـام‪ ،‬جيـب على احلكومـات العربيـة أن تسـتيقظ مـن غفوهتـا‬
‫يتحـرك برسعـات ضوئيـة‬ ‫ّ‬ ‫احلضاريـة على رصيـر عجلات التقـدّ م يف العـامل الـذي‬
‫والتكنولوجـي‪ .‬فالعـامل يعيـش اليـوم سـحر‬
‫ّ‬ ‫واملعـريف‬
‫ّ‬ ‫العلمـي‬
‫ّ‬ ‫يف جمـال التقـدّ م‬
‫اإلنسـاين يف العـامل‪ ،‬يف الوقت‬
‫ّ‬ ‫التكنولوجيـا وأسـاطريها املدهشـة التي تزلزل الوعي‬
‫يغط عميقـا يف عامل من أوهام عصـور الظالم‪ ،‬ويغرق يف‬ ‫الـذي مـا زال عاملنـا العريب ّ‬
‫التعصـب وخم ّلفات االقتتال‬
‫ّ‬ ‫وكل أشـكال‬‫الصاعـات ال ّطائفية والعنرص ّية ّ‬ ‫مسـتنقع ّ‬
‫واحلـروب الدّ اخليـة‪.‬‬
‫يتفـوق فيـه‬
‫اإلنسـاين يف عـامل ّ‬
‫ّ‬ ‫فالصدمـة الكورونيـة التـي رضبـت كيـان املجتمـع‬ ‫ّ‬
‫الـذكاء االصطناعـي‪ ،‬وهييمـن فيـه سـحر التكنولوجيـا الـذي يعصـف بحيـاة األمم‬
‫والشـعوب‪ ،‬يتوجـب علينـا أن نأخـذ بعين االعتبـار حتميـة التقـدّ م نحـو الضـوء‪،‬‬
‫والعيـش حتـت الشـمس أو املـوت يف أوحال التخ ّلـف ومسـتنقعات التّقاليد املميتة‪،‬‬
‫أن ما يشـهده العـامل من تقدّ م يف جمـال التّكنولوجيـا الرقمية‪،‬‬ ‫بالضرورة ّ‬
‫وهـذا يعنـي ّ‬
‫سـيحتّم علينـا يف النهايـة أن نعمـل على التّوافـق مـع قوانين احلتم ّيـة التارخييـة التـي‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫إن التّغير والتّغيير سـنّة الوجـود‪ ،‬وإنّـه يف الثبـات‬ ‫تتجسـد يف القانـون الـذي يقـول ّ‬
‫ّ‬
‫التغي‬
‫واجلمـود يكمـن املـوت والعـدم‪ ،‬وإن هنـاك شـيئا واحـدا ال يتغير هو قانـون ّ‬
‫نفسـه‪ ،‬بوصفـه ناموسـ ًا ك ّل ّيـا حلركـة الوجـود وصريورتـه ضمـن تقاطعـات الزمـان‬
‫متغير‪ ،‬وأنّـه يف حالـة‬
‫ّ‬ ‫ومتاهـات املـكان‪ .‬وهـذا يعنـي أنـه ال يمكـن ال ّثبـات يف عـامل‬
‫فـإن هـذا يفـرض علينا حالـة عدم ّية‬ ‫متغير‪ّ ،‬‬‫اإلرصار على ال ّثبـات واجلمـود يف عـامل ّ‬
‫تطـور أو تغيير‪.‬‬
‫تغير أو ّ‬ ‫أبد ّيـة ر ّبما ال يكـون بعدهـا ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪388‬‬
‫ـر يمــوت ويتــوارى ويندثــر‪.‬‬ ‫أن ّ‬
‫كل مــا ال يتغـ ّ‬ ‫لقــد برهنــت األحــداث التارخييــة عــى ّ‬
‫وهــذا جيــري يف عــامل االقتصــاد بوضــوح أكــر‪ ،‬ففــي واحــد مــن أكــر شــواهد االندثــار‬
‫عندمــا ال يتـ ّـم التغيــر والتطويــر‪ ،‬قامــت «نوكيــا» (‪ ،)Nokia QYI‬أكــر رشكــة اتصــاالت‬
‫يف العــامل‪ ،‬ببيــع أصوهلا إىل رشكــة ميكروســوفت (‪ ،)MICROSOFT JNOKIA‬وحينها‬
‫الشكــة يــذرف الدمــع يف خطابــه الوداعــي قائــا‪ « :‬نحــن مل نفعــل أي يشء‬ ‫وقــف مديــر ّ‬
‫خاطــئ‪ ،‬لكــن بطريقــة مــا‪ ،‬خرسنــا » ثــم بكــى فريــق اإلدارة بمــن فيهــم هــو نفســه عندمــا‬
‫أي فعــل خاطــئ خــال مســرهتا‪ .‬ولكــن‬ ‫قــال‪« :‬نوكيــا كانــت رشكــة حمرتمــة‪ ،‬ومل متــارس ّ‬
‫العــامل تغــر برسعــة كبــرة ونحــن مل نأخــذ بأســباب التغــر والتعلــم والتطــور‪ ،‬ولــذا فقدنــا‬
‫فرصــة ثمينــة كانــت يف متنــاول اليــد لنجعــل مــن رشكتنــا أكثــر عملقــة وقــوة ونفــوذا‪،‬‬
‫ونحــن مل نفــوت فرصــة كبــرة لتحقيــق مكاســب ماليــة هائلــة‪ ،‬فحســب بــل فقدنــا‬
‫القصــة داللــة اقتصاديــة‬
‫فرصتنــا يف البقــاء عــى قيــد احليــاة!» (أمــن‪ .)2020،‬ويف هــذه ّ‬
‫تارخييــة‪ ،‬تقــول‪ :‬إذا مل تكــن تتغــر فســتخرس وجــودك‪ ،‬وينتهــي أمــرك إىل العــدم‪ .‬وهــذه‬
‫أي مــن املؤسســات االجتامعيــة والرتبويــة دون اســتثناء‪.‬‬ ‫الوضعيــة تنطبــق عــى ّ‬
‫ر ّبما اسـتطاع كورونـا إيقـاظ الرتبية العربية بصدمتـه العنيفة لالنتقـال إىل التعليم‬
‫اإللكتروين بوصفـه فلسـفة ومنهج حيـاة وحتم ّية حضاريـة قائمة عىل قانـون التغري‬
‫الرقمـي بأدواتـه وفلسـفاته يشـكّل املنطلـق‬
‫ّ‬ ‫وحتميـة التبـدّ ل التارخيّـي‪ ،‬فالتعليـم‬
‫احلقيقـي لالنتقـال بالرتبيـة العربيـة مـن آفـاق عزلتهـا احلضاريـة إىل مرابـع هنوضهـا‬
‫وانطالقهـا اإلنسـاين‪ .‬ومن هذا املنطلق جيـب أن ننظر إىل التعليم اإللكرتوين بوصفه‬
‫فلسـفة حيـاة ومسـألة وجـود‪ ،‬ألنّه يمثـل املدخل احلضـاري للرتبية العربيـة اجلديدة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫إىل عـامل احلضـارة والتّنويـر‪ .‬وممّـا ال شـك فيـه ّ‬


‫أن االنتقـال إىل التعليـم اإللكتروين‬
‫حيتـاج إىل جهـود كبيرة وج ّبـارة مـن قبـل الـدول واحلكومـات والـوزارات املعن ّيـة‪،‬‬
‫الصعوبـات والتّحديـات الكبيرة يف‬ ‫حمملا بكثير مـن ّ‬ ‫وسـيكون هـذا االنتقـال ّ‬
‫خمتلـف املسـتويات املاديـة واالجتامعيـة واالقتصاديـة‪ .‬وال يمكـن للرتبيـة العربيـة‬
‫تفـك رهاهنـا اليـوم وتنطلـق‪ ،‬مـا مل تواجـه هـذه التحدّ ّيـات ضمـن مشروع عريب‬ ‫أن ّ‬
‫واجتامعـي إلنقـاذ املجتمـع والنهـوض بـه تربيـة واقتصـادا‬
‫ّ‬ ‫واقتصـادي‬
‫ّ‬ ‫سـيايس‬
‫ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪389‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وسياسـة‪ .‬وهـذا يعنـي ّ‬
‫أن هـذا االنتقـال حيتـاج بالرضورة ‪-‬كما أملحنـا‪ -‬إىل مرشوع‬
‫جمتمعـي كبير لالنتقـال إىل مرحلـة جديـدة متكّـن هـذه املجتمعـات‬
‫ّ‬ ‫تنمـوي‬
‫ّ‬ ‫سـيايس‬
‫مـن االنطلاق يف مسـاراهتا احلضاريـة املأمولـة‪.‬‬
‫فـإن خت ّلفـه‬
‫احلضـاري يمثـل زمـام املبـادة للنهضـة احلضاريـة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وإذا كان املشروع‬
‫الركـب ال يعفـي الرتبيـة العربيـة مـن مسـؤولية تطويـر ذاهتـا وأدواهتا يف سـياق‬ ‫عـن ّ‬
‫أن على املربين‬‫التحضير األويل ملثـل هـذا املشروع احلضـاري الكبير‪ .‬وهـذا يعنـي ّ‬
‫واملعلمين واملسـؤولني أن يبـدؤوا ويبـادروا إىل العمـل على تثويـر الرتبيـة والتعليـم‬
‫بالتكنولوجيـا التّعليم ّيـة التـي تشـكل مدخلا أساسـيا إىل معـامل الثـورة الصناعيـة‪.‬‬
‫فالتعليـم اإللكتروين هـو صيغة من صيغ الـذكاء االصطناعي الـذي يؤهل التّعليم‪،‬‬
‫ومـن بعـده املجتمـع‪ ،‬لالنتقـال إىل الفعال ّيـة احلضار ّيـة املطلوبـة لـه يف القـرن احلادي‬
‫والعرشين‪.‬‬
‫فالتعليـم اإللكتروين الـذي ننشـده اليـوم ليـس بدعـة جديـدة فرضتهـا كورونا‪،‬‬
‫إنسـاين فرضته‬
‫ّ‬ ‫جمـرد دعـوة منافيـة لـروح التطور احلضـاري‪ ،‬بل هـو مرشوع‬ ‫وليـس ّ‬
‫وعززتـه ال ّثـورة ّ‬
‫الصناعيـة الرابعـة بطفرهتـا اإلبداعيـة يف‬ ‫الثـورة الصناعيـة الثالثـة‪ّ ،‬‬
‫اإلنسـاين‪ .‬والدعوة‬
‫ّ‬ ‫الرقمـي يف التعليـم ويف خمتلـف مظاهـر الوجـود‬
‫ّ‬ ‫جمـال االبتـكار‬
‫يتوهـم كثير مـن الكتاب‬‫إىل تبنّـي هـذا التّعليـم ليسـت تر ًفـا أو هوسـا حضاريـا كما ّ‬
‫والباحثين‪ ،‬بـل هـي رضورة حضار ّيـة للتفاعـل مـع العصر ومواكبـة اإلنجـازات‬
‫االصطناعي الذي‬
‫ّ‬ ‫احلضاريـة الفاعلـة فيـه التي تتم ّثـل يف الوصـول إىل ذروة ّ‬
‫الـذكاء‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يبشر بميلاد جديـد للبرش ّيـة يكـون الـذكاء متم ّثلا يف أكثر أشـكاله حضـورا ومتيزا‬ ‫ّ‬
‫كإطـار عـام للحضـارة اإلنسـان ّية القادمة‪.‬‬
‫أن كورونـا جـاء بوصفـه موجـة دفـع قويـة نحـو هـذا التعليـم يف‬ ‫وال جـدال يف ّ‬
‫خضـم احلركـة التارخييـة لتسـونامي الثـورة الصناعيـة اجل ّبـارة‪ ،‬لقـد شـكّل كورونـا‬
‫‪-‬كما أرشنـا‪ -‬دفعـة حيويـة للتعليـم مـن أجـل كسر اجلمـود القائـم بين التعليـم‬
‫واحليـاة‪ ،‬وهـو ليـس أكثـر من موجة عاتيـة رضبت أعتـاب األبراج العاجيـة للتعليم‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪390‬‬
‫التقليـدي يف العـامل العـريب وغيره مـن عـوامل التخ ّلـف يف خمتلـف مناحـي الكوكـب‬
‫اإلنسـاين‪ .‬لقـد جـاءت اجلائحـة لتفـرض على الـدّ ول العرب ّيـة االنتقـال املفاجـئ‬
‫إىل التّعليـم عـن بعـد ملاذا للنّجـاة مـن ذلـك اإلعصـار الـذي كان شـديد الوطـأة‬
‫مهيـة هـذا االنتقـال ال تـزال التّجـارب العرب ّيـة يف هـذا امليـدان‬ ‫والصدمـة‪ .‬ومـع أ ّ‬
‫ّ‬
‫سـجلت نجاحـا جزئ ّيا‬ ‫شـديدة التّواضـع باسـتثناء بعـض التّجـارب اخلليج ّيـة التـي ّ‬
‫نامجـا عـن وفـرة املـوارد واإلمكانـات املال ّيـة وال ّلوجسـتية هلـذا النّمـط اجلديـد مـن‬
‫التّعليـم‪ .‬ويف املقابـل مل تسـتطع دول عربيـة كثيرة تبنّـي هـذه التّجربـة نظـرا لغيـاب‬
‫اإلمكانـات ال ّلوجسـتية واملال ّيـة‪ّ ،‬‬
‫وترهـل البنـى التحت ّيـة املناسـبة هلذا النّمـط اجلديد‬
‫مـن التّعليـم عـن بعـد‪.‬‬
‫يت يقوم عىل‬
‫جمـرد تعليـم أدا ّ‬
‫أن التعليم اإللكتروين ّ‬ ‫كثيرا مـا تسـاق احلجـج على ّ‬
‫نقـل املعلومـات واملعـارف عرب اإلنرتنـت ويفتقر إىل أبعـاده اإلنسـان ّية‪ .‬ومن جديد‪،‬‬
‫مهيـة التّمييـز بين مفهومـي التّعليـم يف حالـة الطـوارئ وبين التعليـم‬
‫نلـح على أ ّ‬
‫ّ‬
‫اإللكتروين بوصفـه بنية تربو ّية حضار ّية تقوم عىل أسـس فلسـف ّية ورقمية متكاملة‪.‬‬
‫اإللكتروين يقوم عىل فلسـفة تتم ّثـل يف النظر ّيات البنائ ّيـة اجلديدة التي‬
‫ّ‬ ‫فالتّعليـم‬
‫هتـدف إىل إزالـة احلواجـز القائمـة بني املدرسـة واملجتمـع‪ ،‬وكل احلواجز التي تسـدّ‬
‫الصيـغ التي حتـاول أن جتعل من‬ ‫كل ّ‬ ‫منافـذ العقـل االسـتبصاري النّقـدي‪ ،‬وترفـض ّ‬
‫العقـل طاقـة سـلب ّية تسـتجمع املعلومـات والبيانـات‪ ،‬وهـي يف سـعيها تعمـل على‬
‫وخمصـب هلـا يف أكمـل جتلياهتـا‬‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫فاعـل منتـج للمعرفـة اإلبداعيـة‬ ‫حتويـل العقـل إىل ُم‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املعـريف وليس عرص‬


‫ّ‬ ‫وأرقـى مسـتوياهتا‪ .‬فالعصر الـذي نعيش فيه هـو عرص اإلبداع‬
‫الزمـن املعريف‪.‬‬‫املعلومـات الـذي أصبـح من خم ّلفـات ّ‬
‫التطـور التدرجيي للتعليم اإللكرتوين‪ ،‬ومل نشـهد‬
‫ّ‬ ‫ونحـن اليـوم ما زلنـا يف مرحلة‬
‫بعـد تأثيره اهلائـل‪ .‬ومـا زالـت احلاجـة تدعونـا إىل معرفـة أعمـق وأشـمل بقدراتـه‬
‫السـياق‪ ،‬إن التعليـم اإللكتروين النموذجي قادر‬
‫احلقيق ّيـة‪ .‬ويمكـن القـول‪ ،‬يف هذا ّ‬
‫على إعـادة صياغـة فلسـفة التّعليـم ومقاصـده بطريقـة تتناسـب مـع مقاصـد العرص‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪391‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫حتوال‬
‫شـك فيـه أن التعلم اإللكرتوين سـيحدث ّ‬‫وثوراتـه املعرفيـة والرقميـة‪ .‬ومما ال ّ‬
‫يف أنماط التعليـم والتعلـم يف القـرن احلـادي والعرشيـن إذا توصلنـا إىل فهـم أفضـل‬
‫وأعمـق إلمكاناتـه ومزاياه (غاريسـون وأندرسـون‪.)25 ،2006،‬‬
‫وحترضه‬
‫حتث التعليم العريب ّ‬ ‫جاء كورونا ‪ -‬كام أسـلفنا ‪ -‬ليشـكّل صدمة حيوية ّ‬
‫على االنتفاضـة نحـو مصيره احلضـاري‪ ،‬وإذا مل يسـتطع النظـام التعليمـي العـريب‬
‫تثويـر نفسـه يف هـذا االجتـاه فمصري األنظمـة الرتبوية العربية سـيكون متّشـحا بأكثر‬
‫ألـوان اخلطـر‪ ،‬وذلـك ألن زمـن الثـورة الصناعية حيتم على الرتبية العربيـة بأنظمتها‬
‫التعليميـة أن تعـدّ نفسـها لثـورة تربويـة شـاملة قوامهـا جمـاراة العصر والدخـول يف‬
‫احلقيقـي للتعليم‬
‫ّ‬ ‫الرقمـي‪ .‬وهـذا يعنـي ّ‬
‫أن التعليـم اإللكتروين هو املدخـل‬ ‫ّ‬ ‫معرتكـه‬
‫نحـو العصر واحلضـارة الرقم ّيـة املعارصة‪.‬‬
‫املتفــردة‪ ،‬يوجــب عــى‬‫ّ‬ ‫املتنوعــة‬
‫إن الــذكاء االصطناعــي اخلــارق بمظاهــره ّ‬
‫جمتمعاتنــا أن تواكــب مــا جيــري يف هــذا العــامل مــن تطـ ّـورات وتغــرات جوهر ّيــة‪.‬‬
‫فالتطبيــع الرقمــي لألشــياء‪ ،‬وهيمنــة الواقــع االفــرايض‪ ،‬واحلضــور املكثــف‬
‫ـي‪،‬‬‫للـ ّـذكاء االصطناعــي‪ ،‬وثــورة امليديــا واإلنرتنــت‪ ،‬واالنفجــار املعلومــايت الرقمـ ّ‬
‫تشــكل يف جمموعهــا قــوى اندماجيــة هائلــة هتــدّ د بنيــة األنظمــة التعليميــة ووظائفهــا‬
‫التقليديــة برمتهــا‪ .‬فاملهــارات والقــدرات التــي يتط ّلبهــا جمتمــع الثــورة الصناعيــة‬
‫الســابقة‪ ،‬فالوظائف‬ ‫الرابعــة خمتلفــة ك ّليــا عــن تلــك التــي عرفناهــا يف ظــل ال ّثــورات ّ‬
‫اجلديــدة يف العــر القــادم تتط ّلــب مهــارات جديــدة‪ ،‬وقــدرات نوع ّيــة خمتلفــة عــن‬
‫تلــك التــي نعرفهــا اليــوم‪ ،‬أو تلــك التــي تقــوم اجلامعــات بإعــداد الطالب لشــغلها‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫فالـ ّـذكاء االصطناعــي بربجمياتــه الفارقــة بــدأ يغــزو التعليــم ويفــرض عــى الطــاب‬
‫مجيعهــم نوعــا مــن التعلــم اآليل الذكــي يتصــف بطابــع الشــمولية والذاتيــة‪ ،‬وهــذا‬
‫يشــكل أكــر وأهــم التحديــات التــي تواجــه تصوراتنــا ومعارفنــا حــول مفاهيــم‬
‫«املعرفــة» ‪ .knowledge‬أو «املهــارة» ‪ skill‬والرتبيــة والتعليــم‪ .‬هــذه التغــرات‬
‫املوعــودة غــر املســبوقة يف املعرفــة والتكنولوجيــا ســترضب بقــوة أنظمــة التعليــم يف‬
‫ررات وجــوده‬ ‫خمتلــف أنحــاء العــامل‪ ،‬والسـ ّيام فيــا يتعلــق بوظيفــة هــذا التعليــم ومـ ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪392‬‬
‫االجتامعيــة واملعرفيــة‪ .‬فالوظائــف التــي يعــد هلــا التعليــم العــايل اليــوم يف وضعيتــه‬
‫احلاليــة ســيختفي معظمهــا‪ .‬وســيفرض هــذا التحــدي الكبــر نفســه عــى وظيفــة‬
‫كل يف خمتلــف مكوناتــه يف‬ ‫التعليــم العــايل واســراتيجياته وفلســفاته عــى نحــو ّ‬
‫مســتويات املناهــج العلميــة واملعرفيــة ويف مســتوى األداء املعــريف‪.‬‬
‫وإزاء هــذا التد ّفــق يف االندفاعــات اخلاطفــة املتســارعة للثــورات العلميــة‬
‫والتكنولوجيــة يف زمــن الثــورة الصناعيــة الرابعــة‪ ،‬يقــف العلــاء والباحثــون ‪-‬يف‬
‫كثــر مــن األحيــان‪ -‬عاجزيــن عــن تقديــم تصـ ّـورات واضحــة عــن الوظيفــة اجلديــدة‬
‫للتعليــم ودوره يف احلضــارة اجلديــدة؛ أي يف زمــن الثــورة الصناعيــة الرابعــة‪ .‬وإزاء‬
‫هــذا التســونامي ال ّثــوري يف عــامل املعرفــة واحلضــارة واإلنســان ثمــة أســئلة جوهريــة‬
‫تطــرح نفســها بقــوة عــى املفكريــن والباحثــن العــرب‪ ،‬منهــا‪ :‬كيــف يمكــن للتعليــم‬
‫أن يواكــب هــذا التدفــق األســطوري يف معطيــات الثــورة الصناعيــة الرابعــة بــا‬
‫تنطــوي عليــه مــن تتــايل الثــورات يف خمتلــف مياديــن احليــاة والوجــود اإلنســاين؟‬
‫وكيــف لــه أن يتك ّيــف مــع هــذه الطفــرات اهلائلــة يف ميــدان التكنولوجيــا الرقميــة‬
‫واالندفاعــات الثوريــة للمعرفــة والعلــوم التــي تتجـ ّـى يف كل أرجــاء املــكان وتع ّينــات‬
‫الزمــان؟ هــذه األســئلة االســراتيجية ‪ -‬وغريهــا كثــر ‪ -‬تشــغل اليــوم العلــاء‬
‫واملفكريــن والباحثــن والــدول واحلكومــات واملؤسســات العامل ّيــة‪ .‬وممــا ال شــك‬
‫أن عــددا كبــرا مــن الباحثــن ينــرف اليــوم إىل العمــل عــى تشــكيل نــاذج‬ ‫فيــه ّ‬
‫مســتقبلية وافرتاضــات حــول التش ـكّالت اجلديــدة للتعليــم يف ظــل هــذه املوجــات‬
‫للتغــر يف معــامل األشــياء‪ .‬وعــى املــدارس واجلامعــات االســتعداد‬ ‫ّ‬ ‫التســونامية‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اجل ّيــد‪ ،‬إذ الثــورة الصناعيــة الرابعــة تتدفــق بمنظومــة مــن املخرتعــات العبقريــة‪،‬‬
‫واالبتــكارات التكنولوجيــة الفائقــة مثــل‪ :‬الثــورة الرقميــة (‪Digital revolution‬‬
‫)‪ ،‬والـ�ذكاء االصطناعـ�ي( (‪ )Artificial intelligence‬وتكنولوجيــا النانــو �‪Nan‬‬
‫‪ ،otechnology‬وإنرتنــت األشــياء (‪ ،)Internet of Things‬واهلندســة احليويــة‬
‫(‪ )Biotechnologies‬والويــب ذي الــدالالت اللفظيــة (الويــب الذكــي �‪Seman‬‬
‫‪ ،)tic Web‬واحلوســبة الســحابية (‪ ،)Cloud Computing‬واأللعــاب املعتمــدة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪393‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫عــى التقــاط احلركــة (‪ ،)Motion-Capturing Games‬وتطبيقــات اهلواتــف‬
‫الذكيــة (‪ )Smartphone Apps‬واحلواســب اللوحيــة (‪ ،)Tablets‬والشاشــات‬
‫اللمسـ�ية( (‪ )Touch Screens‬ونظــام حتديــد املواقــع (�‪GPS- Global Position‬‬
‫‪ ،)ing System‬والرفقــاء االصطناعيــن (‪ ،)Artificial Companions‬والرجــال‬
‫اآلليــن (‪ )Robots‬ووســائط اإلعــام االجتامعــي (‪ )Social Media‬واحلــرب‬
‫الرهيبــة (‪)G5‬‬ ‫الســيربانية (‪ )Cyberwar‬وأخــرا اإلنرتنــت الفائــق بنســخته ّ‬
‫(فلوريــدي‪ .)2017،10 ،‬لقــد اســتخدم فينــور فانــج ‪ Vernor Vinge‬مصطلــح‬
‫«التفــرد التكنولوجــي» (‪ ((( )Technological singularity‬بشــكل أكثــر حتديــدا‬
‫للداللــة عــى النقطــة التــي يتجــاوز فيهــا الـ ّـذكاء االصطناعــي املجمــوع الكيل للـ ّـذكاء‬
‫البيولوجــي (اإلنســاين)‪ ،‬ويــرى فانــج أنــه ال يمكــن التنبــؤ عمليــا بالعواقــب الكاملــة‬
‫هلــذه املرحلــة‪ ،‬وقــد ش ـ ّبهها بخصائــص الفيزيــاء فيــا وراء الثقــب األســود‪ .‬ولكنــه‬
‫يؤ ّكــد ببســاطة أن هــذه املرحلــة مــن تطــور الــذكاء االصطناعــي أمــر حتمـ ّ‬
‫ـي ال مفـ ّـر‬
‫التطــور امللهــم ونتائجــه يف املجتمعــات‬
‫ّ‬ ‫منــه‪ ،‬وأنّــه ال يمكــن التن ّبــؤ بعواقــب هــذا‬
‫اإلنســانية (‪..)Wilson. Lennox. Hughes and Brown. 2017‬‬
‫وهنـا علينـا أن نأخـذ بعين االعتبـار أن أنظمـة التعليـم ال يمكنهـا االسـتمرار يف‬
‫الوجـود مـا مل تتكيـف مـع العـامل اجلديـد بمخرتعاتـه ومدهشـاته الرقميـة‪ .‬فالرتبيـة‬
‫نظـام اجتامعـي يـؤ ّدي وظائف اجتامعية تتناسـب مع متطلبات املجتمع ومسـتويات‬
‫تطور نفسـها ملواكبة‬
‫تطـوره احلضـاري‪ ،‬وهـي تفقـد ذاهتـا ودورهـا إذا مل تسـتطع أن ّ‬
‫العـامل اجلديـد بمرتكزاتـه الصناعيـة اجلديدة‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ّ‬
‫سـيحل بوظيفـة النظـام التعليمـي التقليـدي‬ ‫والسـؤال الـذي يطـرح نفسـه‪ :‬مـاذا‬
‫السـائد‪ ،‬إذا علمنـا‪ ،‬وفقـا للمعطيـات أن ‪ %80‬مـن الوظائـف التـي يـزود الطلاب‬
‫هبـا سـتختفي خلال ثالثـة عقـود قادمـة‪ .‬ويقـدر االقتصاديـون‪ ،‬يف هـذا السـياق‪،‬‬

‫‪ - 6‬يســتخدم الباحثــون اليــوم مصطلــح «التفــرد التكنولوجــي» (‪ ،)Technological singularity‬لإلشــارة إىل املصــر‬
‫التكنولوجــي لإلنســانية‪ ،‬ويعــزى اســتخدام هــذا املفهــوم ألول مــرة إىل ستانيســاف أوالم ‪ Stanislaw Ulam‬يف نعيــه‬
‫جلــون فــون نيومــان ‪ John von Neumann‬عــام ‪1958‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪394‬‬
‫أن التطـور الـذي حتدثـه الثـورة الصناعيـة الرابعـة سـيؤدي إىل إبعـاد ‪ %80‬مـن قـوة‬
‫السـكان إىل البطالـة وخـارج سـوق العمـل‪ ،‬وذلـك ألن ‪ %20‬مـن القـوة العاملـة‬ ‫ّ‬
‫املؤهلـة إلكرتونيـا سـتؤ ّدي ‪ -‬بصـورة مثالية ‪ -‬إىل خمتلف متطلبـات العمل واإلنتاج‬
‫ّ‬
‫السـكان لـن خيسروا عملهـم فحسـب‪ ،‬بـل‬ ‫يف املسـتقبل‪ .‬وهـذا يعنـي أن ‪ %80‬مـن ّ‬
‫أن العمـل نفسـه يمثـل جوهـر اإلنسـان وقيمتـه‬ ‫جوهرهـم اإلنسـاين‪ ،‬انطالقـا مـن ّ‬
‫(مارتين وشـومان‪.)1998 ،‬‬
‫(((‬
‫وخيربنـا تقريـر املنتـدى االقتصادي العاملي الذي عقـد يف دافوس عام ‪2016‬‬
‫حـول مسـتقبل التوظيـف أنّـه وفقـا لتقديرات اخلرباء فـإن ‪ %65‬من األطفـال الذين‬
‫يلتحقـون باملدرسـة االبتدائيـة اليـوم سـيحصلون على وظائـف غري موجـودة اآلن‪.‬‬
‫ويتضـح أيضـا أن مـا بين (‪ %)70-80‬مـن املهـن واألعمال والوظائـف سـتختفي‬
‫خلال العرشيـن سـنة القادمـة‪ ،‬صحيـح أنّـه سـتتوافر فـرص عمـل كثيرة‪ ،‬ولكـ ّن‬
‫تو ّفرهـا سـيتط ّلب وقتـ ًا أطـول مـن ذلـك‪ ،‬على صعيـد الزراعـة‪ ،‬سـيقوم إنسـان آيل‬
‫يتحول مزارعو العـامل الثالث‬
‫قيمتـه ‪ 100‬دوالر فقـط بالزراعـة يف احلقـول‪ ،‬بحيـث ّ‬
‫إىل مديريـن ملزارعهـم بـدالً مـن الكـدح طـوال النهـار بحراثتها وسـقيها‪.‬‬
‫فالثـورة الرابعـة تفـرض تغييرا جوهر ّيا فيام يتع ّلـق بالوظيفة الرتبويـة القائمة عىل‬
‫نقـل املعلومـات للطلاب‪ ،‬حيث يتطلـب الواقع اجلديد نوعا مـن التعليم الذي يركز‬
‫يسـمى بتنمية الـذكاء الفـارق أو اخلـارق‪ .‬ومثل‬ ‫على عمل ّيـة إنتـاج املعرفـة‪ ،‬وعلى ما ّ‬
‫للمؤسسـات التعليميـة‪ .‬فالطالب‬
‫ّ‬ ‫هـذا الـذكاء يتعـارض ك ّليا مـع الوظيفـة التقليدية‬
‫سـيزودون بمستشـعرات بيو‪-‬إلكرتوينـة ذكيـة الكتسـاب املعرفة‬ ‫ّ‬ ‫يف العقـود القادمـة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫وإنتاجهـا‪ ،‬وهـي أجهـزة دقيقة خارقة تغرس يف اجلسـد ويف الدمـاغ فتجعل الطالب‬
‫قادريـن على التفكير بدرجـات عاليـة مـن الـذكاء واإلبـداع‪ .‬ومـا هـو مؤكّـد ّ‬
‫أن‬
‫‪ - 7‬عقــد املنتــدى االقتصــادي العاملــي بمدينــة دافــوس الســويرسية يف ‪ 23‬ينايــر ‪ ،2016‬وحــر املنتــدى الــذي اســتمر ‪4‬‬
‫أيــام‪ ،‬زعــاء سياســيون ورؤســاء دول مــن أكثــر مــن ‪ 40‬دولــة وأكثــر مــن ‪ 2500‬مســؤول حكومــي ورؤســاء رشكات‬
‫وأكاديميــون مــن أكثــر مــن ‪ 100‬دولــة‪ .‬وناقــش املشــاركون آثــار وحتديــات «الثــورة الصناعيــة الرابعــة» عــى البرشيــة‪،‬‬
‫كــا ناقشــت االجتامعــات موضوعــات عــدة منهــا الوضــع األمنــي العاملــي‪ ،‬والنمــو االقتصــادي ومشــاكل البيئــة‪،‬‬
‫والنقــاط الســاخنة املتعلقــة بالتحــوالت االجتامعيــة‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪395‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫يسـمى «األلبسـة الذكية» التي‬
‫املؤسسـات التعليمية سـتعتمد عىل تزويد الطالب بام ّ‬
‫ّ‬
‫أهـم وأخطر‬
‫تتيـح هلـم التواصـل‪ ،‬عبر إنرتنت‪ ،‬مـع خمتلف مصـادر املعرفـة‪ .‬وما هو ّ‬
‫أن التواصـل بين الطلاب سـيكون عبر وسـائط تقانيـة جديـدة تتيـح هلـم التّواصـل‬‫ّ‬
‫املسـحي‪ ،‬أي بعمليـة تبـادل كميـات هائلـة من املعلومـات واألفكار ليـس عن طريق‬
‫الضـخ الرقمـي لكميات ضخمـة مـن املعلومات يف أجـزاء من‬‫ّ‬ ‫اللغـة بـل عـن طريـق‬
‫الزمـان واملكان‪.‬‬
‫الثانيـة وعىل مسـتوى واسـع يشـمل مجاعـات متباعـدة يف ّ‬
‫إن الثــورة الرابعــة ســتقتحم أنظمــة التعليــم والتعليــم العــايل فيــا يتعلــق بالتكنولوجيــا‬
‫الذكيــة التــي تفــرض نفســها يف عمليــة التدريــس واإلعــداد والتعليــم‪ .‬وســيقتحم الــذكاء‬
‫االصطناعــي التعليــم العــايل بتكنولوجيــا تربويــة جديــدة مذهلــة وفارقــة‪ .‬ومنهــا وســائل‬
‫التعليــم وبرجمياتــه‪ ،‬والسـ ّيام التعليــم بوســائط الــذكاء االصطناعــي أو بطريقــة التعليــم عرب‬
‫املعــزز ‪ Education through enhanced Virtual reality‬الــذي‬ ‫الواقــع االفــرايض ّ‬
‫يشــكل ثــورة تربويــة بحــد ذاهتــا‪ ،‬فضــا عــن وســائط وتكنولوجيــا التعليــم اجلديــدة التــي‬
‫كل التّصـ ّـورات فيــا يتعلــق بكفاءاهتــا وقدراهتــا‪ .‬ويضــاف إىل ذلــك‪ ،‬عــى ســبيل‬ ‫تفــوق ّ‬
‫املثـ�ال وليـ�س احلـصر‪ ،‬الـ�دّ ورات التدريبيـ�ة املفتوحـ�ة عـلى اإلنرتنـ�ت ([(�‪MOOCs) mas‬‬
‫‪ ]sive open online courses‬التــي تشـكّل اليــوم أحــد معــامل الثــورة الرتبويــة يف التعليــم‬
‫العــايل‪ ،‬حيــث يتم ّكــن الطالــب مــن التحـ ّـرر كليــا مــن قيــود الزمــان واملــكان التقليديــن‪.‬‬
‫املنصــات التــي تعتمــد عــى تقانــات الكرومــا (‪ )Chroma key‬واهلولوغــرام‬ ‫وهنــاك أيضــا ّ‬
‫(‪ ) hologram technology‬واهلولوبورتيشــن (‪ .)Holoportation‬وهــذه االبتــكارات‬
‫ســتؤ ّدي إىل تغييــب كامــل ألســاليب التدريــس التقليد ّيــة التــي أصبحــت اليــوم مــن‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الســياق‪ ،‬إىل التوظيــف املهــول لوســائط حمــاكاة الواقــع‬ ‫املــايض‪ .‬ويمكــن اإلشــارة‪ ،‬يف هــذا ّ‬
‫ـرايض الــذي أحــدث فعليــا ثــورة جبــارة يف ميــدان التعليــم والتدريــب يف خمتلــف‬ ‫ّ‬ ‫االفـ‬
‫مســتويات التعليــم‪.‬‬
‫ويف خضـم هـذه التوقعـات العاصفـة ّ‬
‫فـإن أنظمة التعليـم التقليدية سـتكون أكثر‬
‫األنظمـة عرضـة للسـقوط واالهنيـار حتـت مطـارق هـذه الثـورة الصناعيـة الرابعـة‪.‬‬
‫يب بصورتـه احلاليـة وبآليـات اشـتغاله لـن يصمد أمـام هذه‬‫فالتعليـم التقليـدي العـر ّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪396‬‬
‫ألن التغيير سـيكون صاعقـا وشـامال يف خمتلـف مكوناتـه‬ ‫التغيرات العاصفـة‪ّ ،‬‬
‫واستراتيجياته‪ .‬وسـتفقد جامعـات اليـوم قدرهتا عىل االسـتمرار يف العامل اجلديد ما‬
‫أن التعليـم اإللكرتوين‬‫وتتغير‪ ،‬ومـا مل تثـر وتُثور‪ .‬وهـذا يعني يف هنايـة األمر ّ‬
‫ّ‬ ‫ُغير‬
‫مل ت ْ‬
‫سـيكون قـدر األنظمـة التعليميـة والرتبويـة ومصريهـا‪ ،‬وبعبـارة أخـرى سـيكون‬
‫مفـر منـه إذا أرادت تلـك األنظمـة االسـتمرار يف احليـاة والوجـود‪.‬‬ ‫حتم ّيـا وال ّ‬

‫‪ -4‬خامتة ‪:‬‬
‫جـاءت جائحـة كورونـا بالـدروس والعبر التـي ال يمكـن لنـا أن ننكـر جدواها‬
‫وتأثريهـا يف حياتنـا ووجودنـا ‪ .‬ومـا قدمنـاه حـول دروس كورونـا ليـس إالّ غيضـا‬
‫مـن فيـض‪ ،‬فالـدّ روس التـي تعلمهـا البشر خلال هـذه التجربـة املأسـوية تفـوق‬
‫قدرتنـا على اإلحاطـة واحلصر ‪ .‬والـدروس يف الرتبية كثرية جدّ ا وهـي ال ّ‬
‫تقل أمهية‬
‫عنهـا يف االقتصـاد واحليـاة اإلنسـانية برمتهـا بأدنى تفاصيلهـا وأكثرها تعقيـدا‪ ،‬وقد‬
‫والتصـورات يف خمتلـف املياديـن ويف خمتلـف‬
‫ّ‬ ‫كورونـا قـد أحـدث ثـورة يف املفاهيـم‬
‫أوجـه احلياة والفكر اإلنسـاين يف الفلسـفة وعلم االجتماع والرتبية والفن واألدب ‪.‬‬
‫يكـرر املفكـرون عبـارة‪ :‬إن ما بعـد كورونا لن يكـون كام قبلهـا ‪ .‬فكورونا‬
‫ومـن هنـا ّ‬
‫يشـكّل مرحلـة فاصلـة يف تاريـخ اإلنسـانية وهـو يف كل األحـوال دفعـة قويـة نحـو‬
‫املسـتقبل نحـو زمـن الثـورة الصناعيـة الرابعـة والـذكاء االصطناعـي اخلارق ‪.‬‬
‫وكل مـا نرجـوه هو أن تعمـل الدول العربية بأنظمتها الرتبوية عىل االسـتفادة من‬ ‫ّ‬
‫معطيـات هـذه املرحلـة والـدّ روس ال ّثمينـة التي علمنـا إ ّياهـا كورونا القاتـل ‪ .‬فنحن‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اليـوم على مفترق طرق‪ ،‬ونأمـل أن تقـوم جمتمعاتنا بتطويـر أنظمتهـا الرتبو ّية لتلحق‬
‫يت الزمـان واملكان ‪.‬‬‫بعصر الثـورة الصناعيـة وثوراته الرقميـة الالمتناهية يف دائر ْ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪397‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
: ‫مراجع الفصل‬
- Dhawan . Shivangi (2020). Online Learning:A Panacea in the Time
of COVID-19 Crisis Journal of Educational Technology Systems.
vol. 49. 1: pp. 5-22. . First Published June 20. 2020. P.17
- Henderson. A. and Mapp. K. .(2002) “A New Wave of Evidence:
The Impact of School. Family. and Commu-nity Connections on
Student Achievement. “ National Center for Family and Com-
munity Connections with Schools. 2002. ; http://www. colum-
bia. edu/~psb2101/BergmanSubmission. pdf.
- Reimers . Fernando M. and Schleicher . Andrews(2020). School-
ing disrupted. schooling rethought: How the Covid-19 pandemic
is changing education. OECD. 2020. p. 7.
- Tadesse. Seble and muluye. worku (2020). the impact of covid-19
pandemic on education system in deve-loping countries: a review.
The Impact of COVID-19 Pandemic on Education System in De-
veloping Coun-tries: A Review (scirp.org) accessed on 20/12/2020.
- UNESCO (April . 2020) COVID-19 Education Response. Distance
learning strategies in response to COVID-19 school closures. Edu-
cation Sector issue notes . Issue note n° 2.1 – April 2020. P.2.
- Vegas . Emiliana and Winthrop. Rebecca (2020). Beyond reopen-
ing schools: How education can emerge stron-ger than before
COVID-19. Tuesday. September 8. 2020. https://www.brook-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

ings.edu/research/beyond-reopening-schools-how-education-can-
emerge-stronger-than-before-covid-19/. Accessed on 20/12/2020.
- Winthrop. Rebecca (2020). COVID-19 and school closures:
What can countries learn from past emergencies. Rebecca Win-
thropTuesday. March 31. 2020. https://www. brookings. edu/re-
search/covid-19-and-school-closures-what-can-countries-learn-
from-past-emergencies/. Acceded On 18/12/2020.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 398
‫‪ -‬الدهشـان‪ ،‬مجـال عىل خليل (‪ .)2020‬مسـتقبل التعليم بعـد جائحة كورونا‪:‬‬
‫سـيناريوهات اسـترشافية‪ ،‬املجلـة الدوليـة للبحـوث يف العلـوم الرتبويـة‪ ،‬املجلد ‪،3‬‬
‫العـدد ‪ ،2020 ،4‬ص ‪.131‬‬
‫‪ -‬العــي‪ ،‬وجيــه (‪ .)2020‬التعليــم يف غــار أزمــة كورونــا‪ :‬الفــرص والتحديــات‪،‬‬
‫املعلومــة‪.2020/6/14 ،‬‬
‫‪ /https://www.almaalomah.com/2020/06/14/479709‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬بحــوت‪ ،‬إدريــس (‪ .)2020‬التعليــم عــن بعــد يف زمن كورونا‪ :‬رؤيــة بيداغوجية‬
‫حتليليــة اســترشافية‪ .‬مركز نامء للدراســات والبحــوث‪ 9 ،‬يونيو ‪.2020‬‬
‫‪ https://nama-center.com/Articles/Details/41239‬شوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬جامعـة امللـك عبـد العزيـز‪ ،‬نحـو جمتمـع املعرفـة‪ :‬اجلامعـات اإلليكرتونيـة‪،‬‬
‫سلسـلة دراسـات يصدرهـا معهـد البحـوث واالستشـارات يف جامعـة امللـك عبـد‬
‫العزيـز‪ ،‬اإلصـدار الثامـن‪ .2005 ،‬ص س‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل‪ ،‬أمحــد (‪ .)2020‬نجحنــا يف التعليــم عــن بعــد‪ ..‬فأيــن الرتبيــة؟ اجلزيــرة‪،‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aME4 .4/4/2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬عثــان‪ ،‬رشيــف (‪ .)2021‬التعليــم اجلامعــي والشــباب العــريب‪ ،‬العــريب‪13 ،‬‬
‫ينايــر ‪ ،2021‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b7S5 .2021/1/14‬‬
‫‪ -‬ولــدروب‪ ،‬ميتشــيل (‪ .)2020‬التعليــم عــر اإلنرتنــت‪ :‬املختــر االفــرايض‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ 28 ،Nature‬أغســطس ‪ .2013‬شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬


‫‪https://arabicedition.nature.com/journal/2013/08/499268a‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪399‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫اخلامتة‪:‬‬

‫كيف نحوّ ل الكارثة إلى فرصة؟‬


‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪401‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫نعي أنّه‬
‫ولكن علينـا أن َ‬
‫ْ‬ ‫كورونـا «وبـاء خطير للغايـة وال يمكننا أن نسـتهني بـه‪،‬‬
‫جـزء صغير مـن أزمـات ال َّطبيعـة املقبلـة‪ ،‬التـي قـد ال تُع َّطـل إال أهنـا سـتهدّ د مصير‬
‫اجلنـس البشري‪ ،‬وقـد تندلع يف املسـتقبل غير البعيـد»‪( .‬تشومسـكي‪.)2021 ،‬‬

‫بعـد فصـول مضنيـة من الرتحـال يف تضاريـس كورونا املثرية للجـدل تربو ًّيـا واجتامع ًّيا‪،‬‬
‫حيـق لنـا أن نقف عىل هضـاب الرتبية العربية ونمعن النظر يف مآالهتا املسـتقبلية وصريوراهتا‬
‫وحيق لنا أن نتسـاءل‬ ‫التارخييـة بعـد صدمـة الفيروس وهجمته الرشسـة التي مل تتوقـف بعد‪ُّ .‬‬
‫عـن مصير األنظمـة الرتبويـة العربيـة ضمـن معادلـة األزمـة والصدمـة‪ ،‬وجيترح تسـاؤلنا‬
‫ماهيتـه اإلشـكالية مـن عمـق الصدمـة احليويـة للفيروس التـي اجتاحـت خمتلـف مشـاهد‬
‫اهتـزازا‬
‫ً‬ ‫احليـاة اإلنسـانية ومظاهرهـا االجتامعيـة‪ ،‬والسـ َّيام يف املشـهد الرتبـوي الـذي شـهد‬
‫كبيرا حتـت تأثير هـذه الصدمـة التـي قـدر هلـا أن تعجـل يف صيرورة التحـول الرتبـوي إىل‬ ‫ً‬
‫فضـاء الـذكاء االصطناعـي الـذي يفـرض نفسـه بقـوة القوانين احلتميـة للتطور‪.‬‬
‫الرتبوي للفاجعـة أن ننظر يف بعض جوانبها‬
‫ّ‬ ‫وقـد مكَّننـا هذا الرتحـال يف الفضاء‬
‫دون القـدرة أبـدً ا على اإلحاطـة بام يعتمـل يف داخلها من تفاعلات حضارية عميقة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫األغـوار‪ ،‬ومـا قمنـا بـه هـو رحلـة قصيرة يف بحـر متالطـم يصعـب ركـوب أمواجه‬
‫العاتيـة وتياراتـه اجلارفـة‪ .‬فالقض َّيـة هلـا آفـاق مرتاميـة األطـراف‪ ،‬وحتتـاج إىل جهـود‬
‫وسـتظل األزمـة‪ ،‬على مـا يبـدو‪ ،‬مفتوحـة للبحث واحلـوار عىل‬‫ُّ‬ ‫العلماء واملفكريـن‪.‬‬
‫مـدى عقـود قادمة مـن الزمن‪.‬‬
‫مـا زال كورونـا يضرب وجيـول يف الزمـان‪ ،‬ويصـول يف املـكان يف خمتلـف أركان‬
‫الكوكـب حتـى سـاعة كتابة هذه اخلامتـة يف بداية مارس ‪ ،2021‬ومـا زال الفريوس‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪403‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫تـم‬
‫الرهيبـة التـي قـد ال ينفـع معهـا اللقـاح وال سـائر مـا َّ‬ ‫يفاجئنـا بظهـور سلاالته َّ‬
‫يقـض مضاجـع البشر‪،‬‬ ‫َّ‬
‫انفـك يشـكّل رها ًبـا ُّ‬ ‫ّاتـاذه مـن تدابير حتَّـى َّ‬
‫السـاعة‪ .‬ومـا‬
‫ويع ّطـل اقتصاد َّيـات الـدُّ ول وحي ّطـم مـوارد الفقـراء واألغنيـاء يف آن م ًعـا‪ .‬وما يزال‬
‫واملؤسسـات التَّعليم َّيـة سـاكنة سـكون املـوت‬‫َّ‬ ‫املشـهد الرتبـوي مغل ًقـا‪ ،‬واملـدارس‬
‫رش الوبـاء عىل ال ّلقـاح الذي ال‬‫والعـدم‪ .‬واجلميـع اليـوم يع ّلـق أحالم اخللاص من ّ‬
‫يتو َّفـر لكثير مـن الـدُّ ول والبرش‪.‬‬
‫كبيرا حيدونـا بنهاية قريبـة للفريوس‬ ‫أمل ً‬ ‫فـإن ً‬
‫الرغـم مـن فداحة املشـهد‪َّ ،‬‬ ‫وعلى َّ‬
‫ورشوره‪ ،‬فال ّلقاحـات تتواتـر‪ ،‬والعلـم يتقـدَّ م ويرفـع راياته‪ .‬وما أكثر ما اسـتطاعت‬
‫اإلنسـانية أن تنتصر على التحدّ يـات التـي واجهتهـا منـذ فجـر التاريـخ‪ .‬ويف هـذا‬
‫مؤرخي‬ ‫السـياق‪ ،‬يقـول املفكـر اإلنكليـزي أرنولـد توينبـي‪ -‬الـذي ُيعـدُّ مـن أشـهر ّ‬
‫القـرن العرشيـن‪« :‬إن اسـتجابات البشر للمخاطـر حمكومـة بقانـون «التحـدي‬
‫أن االسـتجابة اإلنسـانية ستكون‬ ‫واالسـتجابة» (اهلاشـل‪ .)2021 ،‬وممَّا ال ريب فيه َّ‬
‫بقـوة مجيـع املشـكالت واألوبئـة‬ ‫دائما يف مسـتوى القـدرة على التَّجـاوز‪ ،‬وسـتواجه ّ‬ ‫ً‬
‫سـجل التَّاريخ‬ ‫ّ‬ ‫عابـرا مـن‬
‫فصلا ً‬ ‫ً‬ ‫والكـوارث واجلائحـات‪ ،‬ولـن تكـون كورونـا َّإل‬
‫اإلنسـاين املديـد على هـذا الكوكب‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتوحشــة» تفاؤلــه‬ ‫ّ‬ ‫ويعلــن نعــوم تشومســكي‪ ،‬وهــو أحــد أبــرز ُن َّقــاد «ال ّليرباليــة‬
‫ـبيها بــــــــــــــ«التعبئــة بعــد احلــرب‬ ‫را التعامــل مــع وبــاء «كورونــا» شـ ً‬ ‫الكبــر معتـ ً‬
‫ـم احلديــث‬ ‫العامليــة الثانيــة التــي ذهــب ضح ّيتهــا عــدد مــن القتــى أكــر بكثــر ممَّــا يتـ ُّ‬
‫عنــه اليــوم‪ ،‬ولك ـ َّن الكارثــة يف هنايــة األمــر‪ ،‬قــد كانــت جمديــة اقتصاد ًّيــا وعلم ًّيــا‪،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫إذ ضاعفــت اإلنتــاج الصناعــي األمريكــي أكثــر بأربــع مــرات‪ ،‬وأهنــت الكســاد‬
‫االقتصــادي» (تشومســكي‪ .)2021 ،‬وهــو مــا ينســجم متا ًمــا مــع قــول بــرت فــان‬
‫الســابق جلامعــة أوترخــت يف هولنــدا‪« :‬إن اجلائحــات تــرع‬ ‫ديــر زفــان‪ ،‬الرئيــس َّ‬
‫مــن وقــوع التّغيــرات بوتــرة هائلــة»‪ .)Alexandra. 2020( .‬وهكــذا فإ َّنــه غالبــا‬
‫مــا تتَّخــذ هــذه التغــرات ّاتاهــا تقدُّ م ًّيــا يف حيــاة املجتمعــات اإلنســانية‪ ،‬وذلــك‬
‫غصــة فرصــة ســانحة‪.‬‬ ‫ـارة نافعــة‪ ،‬ويف كل ّ‬‫رب ضـ َّ‬
‫وفــق مبــدأ‪ُّ :‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪404‬‬
‫لقـد أكَّدنـا خلال مسيرتنا الصعبـة يف رحـاب هـذا العمـل أنَّـه جيـب على‬
‫املجتمعـات العربيـة أن تسـتفيد مـن معطيـات هـذه املأسـاة الفريوسـية يف خمتلـف‬
‫مياديـن العمـل واحليـاة‪.‬‬
‫وشـدَّ دنا‪ ،‬خالل مسيرتنا يف اهلضـاب الصعبة واملنزلقات اخلطـرة لتأثري كورونا‪،‬‬
‫الصدمـة قـد لعبت دور املوقـظ املن ّبه على رضورة االنخـراط يف الثورة‬ ‫على َّ‬
‫أن هـذه َّ‬
‫الشـامل الـذي يعيشـه العـامل‬ ‫احلضاريـة الرقميـة‪ ،‬واإلعـراض عـن واقـع التخ ُّلـف َّ‬
‫امللحـة إىل اإلصلاح‬ ‫العـريب‪ .‬وواجهتنـا حقائـق جديـدة صادمـة تتعلـق باحلاجـة ّ‬
‫جمـز ًأ‪،‬‬
‫أن اإلصلاح االجتامعـي ال يكـون َّ‬ ‫والرتبـوي‪ .‬لقـد بينَّ كورونـا َّ‬
‫ّ‬ ‫االجتامعـي‬
‫أو على مقاييـس هـذا القطـاع االجتامعـي أو ذاك‪ .‬فـكان أن ن َّبهنـا عىل متانـة العالقة‬
‫الصميمـة بين االقتصـاد واملدرسـة وبين املدرسـة ومظاهـر الفقـر‪ ،‬وبين التَّعليـم‬ ‫َّ‬
‫والعمـل‪ .‬لقـد أرانـا بصـورة واضحـة العالقـة اجلدليـة التـي تنعقـد بين خمتلـف‬
‫الظواهـر االجتامعيـة التَّ بو َّيـة والعوامـل التـي تتفاعـل وتتكامـل ضمـن صيرورة‬
‫حضاريـة شـاملة‪ .‬وقـد أدركنـا اليـوم‪ ،‬حتـت تأثير األزمـة أن اإلصلاح الرتبـوي‬
‫أي إصلاح تربوي‬ ‫مفهـوم قـارص مـا مل يرتبـط باإلصلاح االجتامعي الشـامل‪َّ ،‬‬
‫وأن َّ‬
‫حضـاري‬
‫ّ‬ ‫اقتصـادي‬
‫ّ‬ ‫اجتامعـي‬
‫ّ‬ ‫حتما بالفشـل مـا مل يرتبـط فعل ًّيـا بمشروع‬
‫سـيبوء ً‬
‫كل املشـاريع اإلصالحية التَّ بو َّية‬ ‫شـامل‪ .‬وقـد عرفنـا اآلن ملاذا أخفقت‪ ،‬وسـتخفق ُّ‬
‫التـي مل ترتبـط جوهر ًّيـا وعمل ًّيـا باإلصلاح االجتامعـي َّ‬
‫الشـامل‪.‬‬
‫والنَّقطـة األكثـر أمه َّيـة التـي وقفنـا عليهـا‪ ،‬بفضـل الصدمـة‪ ،‬هـي هـذا االرتبـاط‬
‫َّطـور املعـارصة التـي تنتشر بلا حدود‬ ‫املصيري بين الرتبيـة واالقتصـاد وحركـة الت ُّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫إطـاري‪ :‬الزمـان واملـكان‪،‬‬‫ِّ‬ ‫على صـورة ثـورات علم َّيـة رقم َّيـة سـيربان َّية متد ّفقـة يف‬
‫تتحـرك يف هـذا الفضـاء سـ ُيحكم عليهـا بالفشـل‬ ‫َّ‬ ‫للتـو َّ‬
‫أن الرتبيـة التـي ال‬ ‫واكتشـفنا ّ‬
‫حتمي إذا‬
‫ّ‬ ‫الرابعة مصير‬‫واالندثـار‪ ،‬فالعمـل على مواكبة املدرسـة للثـورة الصناعية َّ‬
‫أرادت الرتبيـة‪ ،‬ومـن ورائهـا املجتمـع‪ ،‬االسـتمرار يف الوجـود وظيف ًّيـا وحضار ًّيـا‪.‬‬
‫يؤسـس لنزعـة ثور َّيـة يف الرتبيـة والتَّعليم تقـوم عىل حترير املدرسـة من‬ ‫وهـذا األمـر ّ‬
‫براثـن املامرسـات التقليد َّيـة املتآكلـة واملتهالكـة يف خمتلـف األبعـاد والتج ّليـات‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪405‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫وهـذا يعنـي كسر اجلمـود القائـم بين املدرسـة والعصر اجلديـد‪ ،‬بين املدرسـة‬
‫بوصفهـا ماض ًيـا واملسـتقبل بوصفـه ثـورة علمية رقمية تسـتنفر العامل الـذي نعيش فيه‬
‫وغيره يعنـي َّ‬
‫أن الثـورة التَّ بو َّيـة والتَّعليم َّيـة أصبحت‬ ‫ُ‬ ‫كل هـذا‬‫بلا حـدود وال قيـود‪ُّ .‬‬
‫ملحـا ال يقبـل التَّهـاون والتَّأخير‪ .‬فاملدرسـة العربية مدرسـة تقليد َّية‪،‬‬ ‫مطل ًبـا وجود ًّيـا ًّ‬
‫وتصوراتـه‪ ،‬وال يمكنهـا بحالتهـا الراهنة‪ ،‬أن تنسـجم‬ ‫ُّ‬ ‫تعيـش على قيـم املـايض ورؤاه‬
‫أن ال َّثورة الرقم َّيـة الصناع َّية يف هذا العرص‬‫الرقمية‪ ،‬ذلـك َّ‬‫مـع مقاصـد العصر وثورته َّ‬
‫تتط َّلـب ثـورة إبيسـتيمولوجية يف قطاعـي‪ :‬التَّ بيـة واالقتصـاد‪ ،‬بـل يف احليـاة بر َّمتهـا‪.‬‬
‫فـإن العواقـب سـتكون وخيمة على األجيال‪،‬‬ ‫االتـاه َّ‬‫تتحـرك املدرسـة يف هـذا ّ‬
‫َّ‬ ‫ومـا مل‬
‫يتغير‪ ،‬وال يمكـن‬ ‫ورضيبتهـا ال حتتمـل على مسـتقبل األطفـال والناشـئة‪ .‬فالعـامل َّ‬
‫تظـل يف أبراجهـا العاجيـة يف حالـة انفصال عـن حركة التَّاريـخ واحلضارة‪.‬‬ ‫للتَّ بيـة أن َّ‬
‫يتجزأ‪ ،‬إذ ال يمكن ً‬
‫مثل‬ ‫كل ال َّ‬ ‫احلضـاري ٌّ‬
‫ّ‬ ‫لقـد ع َّلمتنـا التَّجربة َّ‬
‫بأن مسـألة التقدُّ م‬
‫متطـور برتبية متخ ّلفـة‪ ،‬أو تربيـة متقدّ مة باقتصـاد متخ ّلف‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫أن يكـون لدينـا اقتصـاد‬
‫أي التخ ّلـف‪ ،‬مثلـه مثـل التقـدّ م يقـوم على مقيـاس واحـد يف ّ‬
‫كل املجـاالت‪،‬‬ ‫فهـو ْ‬
‫أن مقياس التقدُّ م احلضاري سـيكون‬ ‫والقطاعـات القائمـة يف املجتمـع‪ .‬وهذا يعنـي َّ‬
‫واحـدً ا بالنّسـبة للرتبيـة واالقتصـاد والسياسـية والتعليـم والثقافـة والصناعـة‪ .‬ومن‬
‫هنـا جيـب على األنظمـة التَّعليم َّيـة أن تأخـذ هبـذا املعيـار‪ ،‬وأن تقـوم بتطويـر نفسـها‬
‫وتثويـر طاقاهتـا بما يتناسـب طـر ًدا مـع احلركـة احلضاريـة للتقـدُّ م الـذي نشـاهده يف‬
‫تفاعيل مـع خمتلف العنـارص القائمة يف املجتمع‬
‫ّ‬ ‫املجتمـع ويف احلضـارة ضمن سـياق‬
‫واحلضـارة يف آن واحـد‪.‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تربـوي يف جمتمعاتنـا جيب أن‬


‫ّ‬ ‫أي مشروع إصالحي‬ ‫وهـذا يعنـي يف النهايـة‪َّ ،‬‬
‫بـأن َّ‬
‫مكونات املجتمع‬
‫يضم خمتلـف ّ‬‫اقتصادي شـامل ُّ‬
‫ّ‬ ‫اجتامعي‬
‫ّ‬ ‫يرتبـط بمشروع إصلاح‬
‫وعوامـل حركتـه التارخييـة‪ ،‬ومـن غير ذلـك لـن يكـون هنـاك إصلاح أو ثـورة أو‬
‫وكل إصلاح منفـرد مزعـوم لـن يكـون سـوى‬ ‫يب يف احلركـة واحليـاة‪ُّ .‬‬‫تغيير إجيـا ّ‬
‫َّطـور‪ ،‬ووهـم ال يمكـن أن يرتقي إىل مسـتوى احلقيقة التي‬
‫خمادعـة ال تسـتقيم مـع الت ُّ‬
‫جتلجـل يف هـذا العرص‪.‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪406‬‬
‫نعـم لقـد ن َّبهنـا كورونـا إىل مـا جيـري يف العـامل مـن إنجـازات عظيمـة مهولـة‬
‫«فالعـامل يعيـش منـذ عـدة عقـود يف جمتمـع املعلوماتيـة الـذي تلعـب فيـه تكنولوجيـا‬
‫املعلومـات واالتّصـاالت الـدور األكبر يف عمليـة اإلنتـاج احلديـث‪ ،‬والـذي يتَّسـم‬
‫حتـول االقتصـاد‬‫بأنَّـه إنتـاج كثيـف للمعـارف‪ .‬ومـع تضاعـف املعرفـة اإلنسـان َّية‪ّ ،‬‬
‫املعـريف حت ّقـق‬
‫ّ‬ ‫العاملـي إىل اقتصـاد يعتمـد على املعرفـة العلميـة‪ ،‬ويف هـذا االقتصـاد‬ ‫ّ‬
‫املعرفـة اجلـزء األكبر مـن القيمـة املضافـة‪ ،‬ومفتـاح هـذه املعرفـة‪ ،‬بلا منـازع هـو‬
‫بتطـور العلم‬
‫ُّ‬ ‫التطـور تُعـرف‬
‫ّ‬ ‫نمـر اآلن بمرحلـة مـن‬ ‫اإلبـداع والتُّكنولوجيـا‪ .‬فنحـن ُّ‬
‫يتـم التَّعامـل مـع جمموعـة مـن العلـوم التَّطبيق َّيـة باملفهـوم القديـم‬
‫التقنـي حيـث ال ُّ‬
‫ُّكنولــوجي الـذي يتفاعل مع‬
‫ّ‬ ‫يتـم التعامـل معها يف جمــال التَّطبيـق الت‬
‫للعلـوم‪ ،‬وإنَّما ُّ‬
‫كل العلـوم األساسـ َّية‪ ،‬وجيعل الفارق بين املعرفة املتو ّلـدة عنها وتطبيقها‬ ‫منجـزات ّ‬
‫ً‬
‫ضئيلا»‪.‬‬ ‫الزمنـي‬
‫َّ‬
‫والسـؤال الـذي يطـرح نفسـه بإحلـاح‪ ،‬هـو‪ :‬أين نحـن اآلن مـن هذه الثـورة؟ وما‬
‫ُّ‬
‫الـذي أنجزنـاه حتـى اليوم يف غمار حركتهـا اإلبداعيـة املتواصلة؟‬
‫مؤسســاتنا التَّعليم َّيــة مــا زالــت حتــى اليــوم تعيــش يف عــامل‬ ‫تفيــد الوقائــع أن َّ‬
‫املعلومــات‪ ،‬يف الوقــت الــذي تعيــش فيــه البلــدان املتقدّ مــة يف عــر املعرفــة‬
‫اإلبداعيــة‪ ،‬وتبـ ّـن بعــض الدّ راســات َّ‬
‫أن املســافة الزمن َّيــة الفاصلــة اليــوم بــن البلــدان‬
‫النَّاميــة والبلــدان املتقدّ مــة يف جمــال التَّصنيــع وال َّثــورة الرقميــة بعيــدة املــدى واســعة‬
‫التبو َّيــة أن ختــرق‬
‫بمؤسســاهتا َّ‬
‫ّ‬ ‫البــون‪ .‬وهــذا يعنــي أ َّنــه البــدَّ للمجتمعــات العربيــة‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الزمــن الفاصــل‪ ،‬وأن تنتقــل إىل مــدارج ال َّثــورة اإلبداعيــة مــن خــال مضاعفــة‬
‫اجلهــود التَّ بو َّيــة واحلضار َّيــة بغيــة ال ّلحــاق بالعــر وثوراتــه املتقدّ مــة‪ .‬وهنــا‪ ،‬ومــن‬
‫ـأن كورونــا قــد ضاعــف قــدرة املجتمعــات‬ ‫جديــد يوجــد لدينــا إحســاس عميــق بـ َّ‬
‫ـوي‪ .‬ويتعـ َّـزز هــذا اإلحســاس بــا‬ ‫النَّاميــة عــى االخــراق والس ـ َّيام يف املجــال الرتبـ ّ‬
‫يذهــب إليــه طــارق قرييش‪- ‬الرئيــس التنفيــذي لرشكــة (‪)XponentialFuturist‬‬
‫الــذي يقــول‪« :‬إن األمــر الــذي اســتغرق عقــو ًدا عــدة للقيــام بــه‪ ،‬حــدث اآلن يف‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪407‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مخســائة مليــون شــخص اســتخدموا اإلنرتنــت للدراســة‪.‬‬ ‫غضــون أســابيع قليلــة‪ُ ،‬‬
‫التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد أمــر مذهــل‪ .‬التكنولوجيــا رائعــة‪َّ ،‬إل أنــه ال يمكــن أن حيـ َّـل مـ َ‬
‫ـكان‬
‫رضوري‪ .‬عندمــا‬
‫ّ‬ ‫التَّواصــل البــري‪ .‬وهــذا االتّصــال اإلنســاين املبــارش هــو أمــر‬
‫أيضــا إىل هــذا التَّواصــل مــن حيــث العالقــات والتَّعاطــف‬ ‫نتع َّلــم املزيــد نحتــاج ً‬
‫أن كورونــا‪ ،‬بــا فرضــه علينــا مــن اســتخدام‬ ‫واحلــب والرمحــة والثقــة»‪ .‬وهــذا يعنــي َّ‬
‫للتّقنيــات التَّواصليــة عــن بعــد‪ ،‬والســ َّيام التعليــم اإللكــروين‪ ،‬قــد ســاعدنا عــى‬
‫الزمــن الفاصــل بــن أوضاعنــا املرت ّديــة والتقــدُّ م اهلائــل الــذي ح َّققــه الغــرب‬ ‫اخــراق َّ‬
‫ـي الــذي يش ـكّل مدخـ ًـا حقيق ًّيــا نستكشــف فيــه‬ ‫يف جمــال التّقانــة واالتّصــال الرقمـ ّ‬
‫الســحرية يف جمــال العلــم واملعرفــة‪.‬‬ ‫الصناعيــة الرابعــة بطاقاهتــا ّ‬ ‫أبعــاد ال َّثــورة ّ‬
‫فالتَّعليـم اإللكتروين‪ ،‬الـذي عرفنـاه‪ ،‬والـذي سـنعرفه يف السـنوات القادمـة‪،‬‬
‫يتوجـب فيهـا على التَّعليـم العـريب أن ينطلـق‬ ‫املنصـة احلقيق َّيـة التـي َّ‬ ‫يشـكّل ً‬
‫فعلا َّ‬
‫الرقمـي وثوراتـه املعرف َّيـة‪ .‬وقـد أشـار تويـدين بريسـنيتز يف هـذا‬
‫ّ‬ ‫يف مسـاحات العـامل‬
‫كل يشء فيـه بشـكل‬ ‫سير َّ‬
‫السـياق إىل‪« :‬أن جمتمعنـا القائـم على املعلومـات والـذي ُي ّ‬ ‫ّ‬
‫رسيـع‪ ،‬حيتـاج بشـدّ ة هلـؤالء الذيـن يعرفـون كيـف حيصلـون على املعلومـة ال كيـف‬
‫املتغيرات بطريقـة أكثـر ذكاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتذكَّروهنـا‪ ،‬وهـؤالء الذيـن يسـتطيعون التك ُّيـف مـع‬
‫الشـيئان ال ّلـذان ال نتع َّلمهما يف املدرسـة (غاريسـون‪ ،‬أندرسـون‪ ،‬وتيري‪،‬‬ ‫ومهـا َّ‬
‫أن التعليـم اإللكتروين حيمـل يف ذاتـه بـذور النَّهضة‬ ‫‪ ،2006‬ص‪ .)15‬وهـذا يعنـي َّ‬
‫الذاكـرة‬ ‫الذهنـي القائـم على َّ‬
‫ّ‬ ‫العقل َّيـة والنقد َّيـة‪ ،‬وينقـل املدرسـة مـن حالـة الكسـاد‬
‫الـذكاء والتَّسـاؤل والقـدرات‬ ‫إىل فضـاء ذهنـي جديـد يتم َّيـز بقدرتـه على توليـد َّ‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫تعليما بنائ ًّيـا‬


‫ً‬ ‫االبتكاريـة والعبقر َّيـة‪ .‬فالتعليـم اإللكتروين ال يكـون يف جوهـره َّإل‬
‫وتطـو ًرا يف جمـال تطويـر القـدرات العقليـة‬
‫ُّ‬ ‫يركّـز على أكثـر نظريـات التع ُّلـم حداثـة‬
‫واالبتكاريـة لألطفـال واملتع ّلمين‪.‬‬
‫وري‪ ،‬يف هذا السـياق‪ ،‬إعادة النَّظـر يف طرائق التعليـم ومناهجه احل َّية‪،‬‬
‫الضر ّ‬
‫مـن َّ‬
‫فالتَّعليـم احلديـث يتم َّثـل يف التَّفاعـل مـع األفـكار وبنـاء املعرفـة‪ .‬وال يمكـن أن‬
‫التقليدي يعتمد أسـلوب‬
‫ّ‬ ‫اسـتعراضا جامـدً ا للحقائق واملعلومـات‪ ،‬فالتَّعليم‬
‫ً‬ ‫يكـون‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪408‬‬
‫النقـدي‪ ،‬أو حتَّـى فهـم‬
‫ّ‬ ‫املحـارضة ونقـل املعلومـات‪ ،‬وليـس على تشـجيع التَّفكير‬
‫األفـكار ومعاجلتهـا‪ .‬ومـن البداهـة القـول اليـوم‪ ،‬ونحـن يف عصر ال َّثـورة الرقم َّيـة‪،‬‬
‫إن إمكانيـة الوصـول إىل املعلومـات ليسـت املشـكلة هنـا‪ ،‬إذ يسـتطيع املتع ّلمـون‬
‫كـم هائـل مـن املعلومـات يف ملـح البصر عـن طريـق بنـوك املعلومات‪،‬‬ ‫الوصـول إىل ّ‬
‫ومـن هنـا يتأتَّـى دور التعليـم اإللكرتوين يف التَّ كيـز عىل العملية البنائ َّيـة يف التَّفكري‪،‬‬
‫الذهن َّيـة التـي ُتصر عـادة‪ ،‬يف حفـظ املعلومـات يف عمليـة‬ ‫وتوظيـف القـدرات ّ‬
‫معاجلـة املعلومـات واألفـكار وفهمهـا وإعـادة صياغتهـا (غاريسـون‪ ،‬أندرسـون‪،‬‬
‫وتيري ‪.)27 ،2006‬‬
‫واملؤسسـات القوم َّيـة يف العـامل عىل أمه َّيـة االنتقال‬
‫َّ‬ ‫لقـد أكَّـدت املن َّظمات العامليـة‬
‫اإللكتروين بوصفـه الفضـاء الـذي يربـط فيـه التَّعليـم بالثـورة الصناعية‬ ‫ّ‬ ‫إىل التَّعليـم‬
‫الرابطة القوميـة األمريكية‬ ‫والـذكاء االصطناعـي ‪ ،‬وهـو األمـر الذي أكَّدتـه َّ‬ ‫الرابعـة َّ‬ ‫َّ‬
‫خلقة متكن‬‫يف الرتبيـة التـي ركَّـزت على التعليم اإللكرتوين بوصفه سياسـة تربويـة َّ‬
‫وبـأي طريقـة ومهما كانـت‬ ‫ّ‬ ‫وأي مـكان‬ ‫أي زمـان ّ‬ ‫املتعلمين مـن التع ُّلـم اخللاق يف ّ‬
‫األوضـاع‪ ،‬وقـد أكَّـد تقريـر هـذه الرابطـة على توصيـة أساسـية هتيـب بأصحـاب‬
‫اإللكتروين مـن أجـل النهضـة‬
‫ّ‬ ‫القـرار وصناعتـه رسعـة األخـذ بنظـام التع ُّلـم‬
‫للتبيـة واملجتمـع‪.‬‬ ‫احلضاريـة َّ‬
‫إن العـامل العـريب اليـوم يعيـش يف عزلـة عـن التع ُّلـم اإللكتروين وعصر املعرفـة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ففـي تقريـر صـدر عـن جامعـة الـدول العربية حـول رؤيتهـا اإلقليمية لدفـع وتطوير‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫جمتمـع املعلومـات يف املنطقـة العربيـة (‪ )2005‬متَّـت اإلشـارة إىل َّ‬


‫أن هنـاك حتدّ ًيـا‬
‫ُّكنولوجـي اهلائـل وثـورة‬
‫ّ‬ ‫حقيق ًّيـا يواجـه الـدول العربيـة اآلن هـو ذلـك التطـور الت‬
‫املعلومـات‪ ،‬ولـذا جيـب عليهـا أن حتـدّ د رؤيتهـا املسـتقبلية بخصـوص العمل َّيـة‬
‫التَّعليم َّيـة‪ ،‬وأن يكـون التَّعليـم اإللكتروين أحـد عنـارص هـذه الرؤيـة» ويطالب هذا‬
‫التَّقرير باالسـتفادة من جتارب الدّ ول النامية األخرى املشـاهبة لظروفها‪ ،‬واالسـتعانة‬
‫أن عمـل دول املنطقة يف جمـال التَّع ُّلم اإللكرتوين‬
‫باخلبراء منهـا‪ ،‬كما أشـار التَّقرير إىل َّ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪409‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫مهها‪ :‬تشـجيع وحتسين التع ُّلـم اإللكرتوين ىف‬ ‫يسـتهدف جمموعـة مـن األهـداف من أ ّ‬
‫املنطقـة‪ ،‬وحتسين نوعيـة التع ُّلـم اإللكتروين ورفـع نوع ّيتـه‪ ،‬وتطويـر صناعـة التَّع ُّلـم‬
‫الشـامل بضرورة تبنـى الـدُّ ول العربيـة الستراتيجية‬ ‫اإللكتروين‪ ،‬وأوىص التقريـر َّ‬
‫تنفيذيـة لتطبيـق التعلـم اإللكتروين» (موسـى وتوفيـق ‪ . )2007 ،‬وح َّبـذا لـو َّ‬
‫أن‬
‫الـدول العربيـة قـد عملـت بموجـب هـذه التَّوصيـة التـي صـدرت يف عـام ‪،2005‬‬
‫إذن لكانـت األمـور اليـوم أفضـل ممَّـا هي عليـه بكثير يف مواجهة حتدّ يـات الفريوس‬
‫وحتدّ يـات العصر اإللكرتون َّيـة‪ .‬ويف احلقيقـة «أننا يف العامل العريب مازلنـا بعيدين متا ًما‬
‫عـن أبسـط التطبيقـات الرقميـة ضمـن هـذه املنظومـة الضخمـة‪ ،‬ومـا نتفاخـر بـه من‬
‫اسـتخدام بعـض الربجميـات والتطبيقـات ليـس إال خي ًطـا رفي ًعـا يف عـامل رقمـي هائل‬
‫االبتـكارات‪ ،‬ولئـن جتاهلنـا أمه َّيـة تطبيـق الرقمنـة بشـكلها األمثـل يف القطاعـات‬
‫نغـض ال َّطرف عن رضورة‬ ‫احلياتيـة املختلفـة حتـى اآلن‪ ،‬فإننـا ال يمكن بعد اليوم أن َّ‬
‫بخاصـة بعدمـا خ َّلفـه اسـتحداث عـامل كورونـا مـن‬ ‫َّ‬ ‫تطبيقهـا يف القطـاع التعليمـي‪،‬‬
‫ارتباطـات تقنيـة ومـا حيـاول فرضـه اليـوم كضرورة طارئـة « (علي‪.)2020 ،‬‬
‫السـياق‪ ،‬ويف معترك هـذه املواجهة مـع كورونا‪ ،‬يمكـن القول‪:‬‬ ‫وهنـا‪ ،‬ويف هـذا ّ‬
‫تطـور استراتيجيات جديـدة‬ ‫إنـه ملـن الواجـب على األنظمـة التَّ بو َّيـة يف العـامل أن َّ‬
‫ملواجهـة خمتلـف التحدّ يـات النامجـة عن ال َّثـورة الصناع َّيـة َّ‬
‫الرابعة‪ ،‬والسـ َّيام حتديات‬
‫ً‬
‫تأهيلا مسـتقبل ًّيا يعتمـد على‬ ‫اختفـاء الوظائـف‪ ،‬والعمـل على تأهيـل الناشـئة‬
‫الـذكاء االصطناعـي‪ ،‬ومتكني الناشـئة من اخلربات واملهـارات واملعارف‬ ‫احتماالت َّ‬
‫التطـور التُّكنولوجـي اهلائـل يف العقـود القادمـة من‬ ‫ُّ‬ ‫التـي يمكنهـا أن تواكـب حركـة‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫أن اإلنسـان قـد اسـتطاع‪ ،‬حتـى يومنـا هـذا‪ ،‬أن‬ ‫خاصـة َّ‬‫القـرن احلـادي والعرشيـن‪َّ .‬‬
‫اللحمـدودة وإمكانياته‬ ‫خمرجـا عبر تارخيـه ال َّطويل‪ ،‬وهـو بطاقتـه َّ‬ ‫لـكل معضلـة ً‬ ‫جيـد ّ‬
‫املذهلـة قـادر على أن حي ّقـق املسـتحيل‪ ،‬وك ُّلنا أمل أن جتد اإلنسـانية طريقها املسـتنري‬
‫يف املحافظـة على الكينونـة اإلنسـان َّية يف معركـة البقـاء واملصير‪.‬‬
‫وباختصـار‪ ،‬ويف مواجهـة هـذا العـامل املتد ّفـق بالـذكاء االصطناعـي‪َّ ،‬‬
‫فـإن‬
‫املجتمعـات اإلنسـانية مطالبـة اليـوم بوضـع استراتيج َّيات اجتامع َّيـة وتربو َّية كربى‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪410‬‬
‫يف مواجهـة التحدّ يـات‪ ،‬وخلـق الفـرص يف إقامـة جمتمعـات متقدّ مـة على مجيـع‬
‫أيضا‪ ،‬ويف سـياق هذه االستراتيجيات اجلديدة‪،‬‬ ‫االتاهـات والصعـد‪ .‬وهـي معن َّية ً‬‫ّ‬
‫بتقديـم حلـول ناجعة يف جمال احتواء خمتلف التحديات‪ ،‬والسـ َّيام مسـألة االغرتاب‬
‫االصطناعي‪ ،‬وذلك حلامية اإلنسـان من‬
‫ّ‬ ‫الرقمـي‪ ،‬وتنامـي احلضور املك َّثـف َّ‬
‫للـذكاء‬
‫الصناعيـة الرابعـة‪.‬‬
‫السـلبية للثـورة ّ‬
‫اآلثـار َّ‬
‫ومـن املؤكَّـد‪ ،‬ومـن منطلـق اإليمان الكبير بـدور العلـم واملعرفـة العلميـة‪ ،‬ومع‬
‫الشـافية‪ ،‬بأن كورونا سـيصبح ذكرى‬ ‫تواتـر االكتشـافات الط ّبيـة يف جمـال ال ّلقاحات َّ‬
‫تُنسـب إىل املـايض قري ًبـا‪ ،‬وسـتعود احليـاة اإلنسـانية إىل طبيعتهـا آجلا أم عاجلا‪،‬‬
‫السـؤال اخلطير‪ ،‬وهـو كـم هـو عـدد اجلائحـات‬ ‫ومـع ذلـك يبقـى علينـا أن نثير ُّ‬
‫التـي تنتظـر اإلنسـانية يف مسـتقبلها القريـب والبعيـد؟ وكـم هـو عـدد الفايروسـات‬
‫الغافيـة اهلاجعـة يف أحشـاء الغيـب مل تسـتيقظ بعـد‪ ،‬والتـي قـد تكـون يومـا مـا أشـدّ‬
‫كل اجلائحـات التي عرفتها اإلنسـانية عرب تارخيهـا املديد؟‬ ‫هـول مـن ّ‬ ‫فتـكًا‪ ،‬وأعظـم ً‬
‫الرهيبـة الكامنـة يف تالفيـف‬ ‫فالعلماء يؤكّـدون بوجـود جحافـل مـن الفريوسـات َّ‬
‫السماء‬‫أن طبقـات َّ‬ ‫أيضـا َّ‬
‫املتجمـد‪ ،‬ويعتقـدون ً‬
‫ّ‬ ‫اجلبـال اجلليديـة للقطـب الشَّمايل‬
‫ال ُعليـا قـد حتمـل إلينـا جائحـات فريوسـ َّية أعظـم وأشـدّ مـن كورونـا بـآالف املرات‬
‫وبـال وكأنَّ ـا حجـارة مـن‬ ‫حيررهـا االحتبـاس احلـراري؛ فتسـقط على األرض ً‬ ‫قـد ّ‬
‫سـجيل‪ .‬نعـم هنـاك الكثير مـن التحدّ يـات اهلائلـة التـي تواجـه املجتمـع اإلنسـاين‪،‬‬
‫السـؤال اآليت‪ :‬كيف سـيكون املصري احلضاري لإلنسانية؟ وكيف‬ ‫وهو ما يسـتدعي ُّ‬
‫التبو َّيـة أن تواجـه املسـتقبل بحموالتـه الكارثيـة إذا مل تسـتطع‪،‬‬ ‫يمكـن لألنظمـة َّ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اليـوم قبـل الغـد‪ ،‬أن تبنـي ترسـاناهتا الرقم َّيـة يف عامل أصبح مـدا ُده ال َّثـورات العلمية‬
‫واملعرفيـة الذكيـة التـي ال تتو َّقـف‪ ،‬وال يمكـن أن تتو َّقف يو ًمـا؟ وهذا ك ُّلـه يعني أنَّه‬
‫القـوة وال َّطاقـة يف جمـال التغيير واالسـتعداد للمسـتقبل‪.‬‬ ‫علينـا اليـوم أن نسـتحرض َّ‬
‫وأخيرا لنـر ّدد مجي ًعـا مـع تشومسـكي قولـه‪« :‬هـذه األزمـة مـا هـي إال تنبيـه ودرس‬
‫لنـا يف التعامـل مـع أزماتنـا اليـوم؛ ملنعهـا مـن االنفجـار يف املسـتقبل‪ ،‬وكورونـا وباء‬
‫نعـي أنَّـه جـزء صغير من‬ ‫خطير للغايـة وال يمكننـا أن نسـتهني بـه‪ ،‬ولكـ ْن علينـا أن َ‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪411‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫أزمـات ال َّطبيعـة املقبلـة‪ ،‬التـي قـد ال تُع ّطـل إال أهنـا سـتهدّ د مصري اجلنـس البرشي‪،‬‬
‫وقـد تندلـع يف املسـتقبل غير البعيـد»‪( .‬تشومسـكي‪.)2021 ،‬‬
‫ويف اخلتـام‪ ،‬علينـا أن نثير السـؤال اخلطير‪ ،‬وهو‪ :‬ما عـدد اجلائحـات التي تنتظر‬
‫اإلنسـانية يف مسـتقبلها القريـب والبعيـد؟ ومـا عدد الفريوسـات الغافيـة اهلاجعة يف‬
‫تضاريـس الزمـن الغابـر التـي مل تسـتيقظ بعـد‪ ،‬والتـي قـد تكـون يو ًمـا مـا أشـد فتكًا‬
‫هـول مـن كل اجلائحـات التي عرفتها اإلنسـانية عبر تارخيهـا املديد؟ وهذا‬ ‫وأعظـم ً‬
‫أمـر آخـر حيتـم علينـا أن نـزود األنظمـة التعليميـة بالتعليـم اإللكتروين بوصفـه‬
‫سلاحا يف مواجهـة املخاطـر والتحديـات التـي سـتواجه اإلنسـانية يف املسـتقبل‬ ‫ً‬
‫البعيـد أو القريـب‪.‬‬
‫وخــر مــا نتختــم بــه هــذه اخلامتــة للكتاب قــول املفكــر العاملــي نعوم تشومســكي‬
‫أحــد أبــرز ُن َّقــاد «الليرباليــة املتوحشــة»‪ ،‬والسياســة اخلارجيــة للواليــات املتحــدة‬
‫األمريكيــة‪ ،‬الــذي يقــول‪« « :‬كورونــا» ليــس بالوبــاء اخلطــر جــدًّ ا وال يمكننــا أن‬
‫نســتهني بــه‪ ،‬ولكــن علينــا أن نعــي أنــه جــزء صغــر مــن أزمــات الطبيعــة املقبلــة‪،‬‬
‫التــي ربــا ال تُع ّطــل بيــد أهنــا ســتهدّ د مصــر اجلنــس البــري‪ ،‬وقــد تندلــع يف‬
‫املســتقبل غــر البعيــد» ومــا هــذه األزمــة كــا يراهــا تشومســكي ســوى تنبيــه ودرس‬
‫لنــا يف التعامــل مــع أزماتنــا اليــوم؛ ملنعهــا مــن االنفجــار وتوليــد أزمــات أشــدّ ســو ًءا‬
‫وفتــكًا (‪.)Wilson. Lennox. Hughes and Brown. 2017‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪412‬‬
‫مراجع‪:‬‬
‫تشومسـكي‪ ،‬نعـوم (‪« .)2021‬كورونـا» تعبير عـن فشـل اقتصـاد السـوق‪ ،‬عـامل‬
‫األخبـار‪ ،‬اخلميـس ‪ 2‬نيسـان ‪ .2020‬شـوهد يف ‪.2021/1/15‬‬
‫‪https://al akhbar.com/World/286605‬‬
‫جامعـة امللـك عبد العزيـز (‪ .)2005‬نحو جمتمـع املعرفة‪ :‬اجلامعـات اإلليكرتونية‪،‬‬
‫سلسـلة دراسـات يصدرهـا معهـد البحـوث واالستشـارات جامعـة امللـك عبـد‬
‫العزيـز‪ ،‬اإلصـدار الثامـن‪ .2005 ،‬ص ز‪.‬‬
‫يورونيـوز (املحـرر) (‪ .)2021‬يف عـامل مـا بعد كورونـا‪ ..‬هل حيتل التعليـم عن ُب ْع ٍد‬
‫الصـدارة يف املدارس؟ ‪.2020/10/23‬‬
‫‪https://arabic.euronews.com/2020/10/23/in the post corona world‬‬
‫‪ is distance education at the fore in schools‬شــوهد يف ‪.2021/2/9‬‬
‫غاريسـون‪ ،‬د‪.‬وأندرسـون‪ ،‬ر‪ .‬وتيري (‪ .)2006‬التعلـم اإللكتروين يف القـرن‬
‫احلـادي والعرشيـن إطـار عمـل للبحـث والتطبيـق‪ ،‬ترمجـة حممـد رضـوان‬
‫األبـرش‪ ،‬العبيـكان‪ ،‬الريـاض‪ :‬العبيـكان‪ .2006 ،‬ص ‪.15‬‬
‫موسـى‪ ،‬هـاين حممـد يونـس وتوفيـق‪ ،‬صلاح الديـن حممـد (‪ .)2007‬دور التعلـم‬
‫اإللكتروين يف بنـاء جمتمـع املعرفـة العـريب‪ :‬دراسـة اسـترشافية‪ ،‬جملة كليـة الرتبية‬
‫جامعـة املنوفيـة‪ ،‬عـدد‪.2007 ،3‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫عــي‪ ،‬نريمــن (‪ .)2020‬أيــن يقــف التعليــم مــن العــامل الرقمــي يف الــدول العربيــة؟‬
‫أندبندنــت عــريب‪ ،‬األحــد ‪ 25‬أكتوبــر ‪http://bitly.ws/aKNw .2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫ب‪ ،‬ســعد جاســم (‪ .)2021‬مــاذا بعــد «كورونــا»؟‪ ،‬جريــدة اجلريــدة‪،‬‬
‫‪ .2020/7/20‬شــوهد يف ‪.2021/2/24‬‬
‫‪https://www.aljarida.com/articles/1595173604567241600/‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪413‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
Witze . Alexandra ) 2020). Universities will never be the same after
the coronavirus crisis. NEWS FEATURE 01 JUNE 2020. Ac-
cessed ON 24/2/2021. Universities will never be the same after
the coronavirus crisis (nature.com)

‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 414
‫مراجع الكتاب‬

‫أوالً ـ املراجـــع العربية‪.‬‬

‫ثاني ًا ـ املراجع األجنبية‪.‬‬


‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪415‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
ً
: ‫ مراجع أجنبية‬:‫أوال‬
- ACAPS (2020) GLOBAL ANALYSIS COVID-19: Impact on
education. COVID-19: Thematic series on education. Novem-
ber 2020. available at: https://reliefweb.int/sites/reliefweb.
int/files/resources/20201102_acaps_thematic_series_review_
of_covid-19_impacts_on_global_education.pdf. accessed on
19/12/2020.
- Al Lily . Abdulrahman Essa ; Ismail . Abdelrahim Fathy ; Abu-
nasser . Fathi Mohammed ; and Alqahtani .Rafdan Hassan Al-
hajhoj (2020).Distance education as a response to pandemics:
Coronavirus and Arab culture. Technology in Society 63 (2020)
101317. http://www.elsevier.com/locate/techsoc. Accessed on
24/12/2020.
- Arabian Business (2020). “Ministry says 22.000 teachers now quali-
fied to give e-training courses”. in Arabian Business. 16 Mar. 2020.
- Bangani . Zandile (2020). The impact of COVID-19 on ed-uca-
tion. September 03. 2020. peoplesdispatch.org . https://peoples-
dispatch.org/2020/09/03/the-impact-of-covid-19-on-education/.
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

Accessed on 19/12/2020.
- Banque mondiale(2020). Simulating the Potential Impacts of the
COVID-19 School Closures on Schooling and Learning Out-
comes: A set of Global Estimates”. 18 juin 2020: https://www.
worldbank.org/en/topic/education/publication/ simulating-
potential-impacts-of-covid-19-school-closures-learning-out-
comes-a-set-of-global-estimates.

417 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
- Bozkurt . Aras AND Sharma . Ramesh C. (2020). Emergency
remote teaching in a time of global crisis due to CoronaVirus
pandemic. Asian Journal of Distance Education: 2020. Vol-
ume 15. Issue 1. -vi..https://www.researchgate.net/publica-
tion/341043562_Emergency_remote_teaching_in_a_time_of_
global_crisis_due_to_CoronaVirus_pandemic . Accessed ON
18/12/2020.
- Bradley . James N. (2021) Strategic Transformative Technolo-
gy Executive. In linkedin . Accessed on 22/1/2021. James N.
Bradley on LinkedIn: #pandemic #newpossibilities #models | 27
comments.
- Chomsky . Noam (2021). The Death of American Universities .
Jacobin. 3/3/2014. Accessed on 18/1/2021. https://www.jacobin-
mag.com/2014/03/the-death-of-american-universities/
- Cope. B.. & Kalantzis. M. (2019). Education 2.0: Artificial intel-
ligence and the end of the test. Beijing Interna-tional Review of
Education. 1(2-3). 528-543. https://doi.org/10.1163/25902539-
00102009. Accessed on 24/12/2010.
- Cope. B.. Kalantzis. M.. & Searsmith. D. (2020). Artificial intel-
ligence for education: Knowledge and its as-sessment in AI-en-
abled learning ecologies. Educational Philosophy and Theory.
52(16). 1-17. http://doi.org/10.1080/00131857.2020.1728732.
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

Accessed on 24/12/2020.
- Crawford. Joseph ; Henderson . Kerryn Butler; Rudolph . Jür-
gen; Glowatz . Matt; Burton . Rob(2020) COVID-19: 20 coun-
tries’ higher education intra-period digital pedagogy responses
.Journal of Applied Learning & Teaching .Vol.3 No.1 (2020)
http://journals.sfu.ca/jalt/index.php/jalt/index. ACCESSED ON
18/12/2020.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 418
- Dhawan . Shivangi (2020). Online Learning:A Panacea in the
Time of COVID-19 Crisis Journal of Educational Technology
Systems. vol. 49. 1: pp. 5-22. . First Published June 20. 2020.
P.17
- Dickens . Charles(1983). Hard Times (Houndmills: Macmillan
Education Ltd.. 1983 ). pp. 1-7.
- ECLAC . Economic Commission for Latin America (2020)
“The social challenge in times of COVID-19”. available at
https://repositorio.cepal. org/bitstream/. han-dle/11362/45544/1/
S2000324_en.pdf
- Economist (2020). he risks of keeping schools closed far out-
weigh the benefits. 18/Jully/2020. https://www.economist.com/
leaders/2020/07/18/the-risks-of-keeping-schools-closed-far-
outweigh-the-benefits . showed at 16/12/2020.
- Edwards. Jess (2020) The impact of COVID-19 on children’s
lives. Save the Children International. Protect a Generation: The
impact of COVID-19 on children’s lives. 19/9/2020 | Re-source
Centre (savethechildren.net). accessed on 18/12/2020.
- Eropeen Datas portal (2020). Education during COVID-19; mov-
ing towards e-learning. 22/06/2020. https://www.europeandat-
aportal.eu/en/impact-studies/covid-19/education-during-covid-
19-moving-towards-e-learning. accssed on 20/12/2020.
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

- Eropeen Datas portal (2020). Education during COVID-19; mov-


ing towards e-learning. 22/06/2020. https://www.europeandat-
aportal.eu/en/impact-studies/covid-19/education-during-covid-
19-moving-towards-e-learning. accssed on 20/12/2020.
- Experts’ Opinions (2020). The impact of Covid-19 on Educa-
tion. Consequences and Solutions. 17 July 2020. https://www.

419 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
developmentaid. org/#!/news-stream/post/68932/experts-opin-
ions-the-impact-of-covid-19-on-education-consequences-and-
solutions accessed on20/12/2020
- Features(2020). How will technology reshape the university by
2030 . Features. 27 September 2018 How will technology re-
shape the university by 2030”. Accessed on 18/12/2020.
- FNEEQ . ( Federation Nationale Des Enseignantes Et Des Ensei-
gnants Du Quebecet CSN (comité école et socié-té)(2020). L’en-
seignement au temps du coronavirus. Balises pour l’automne.
Paris . CSN. Mai 2020.
- Global Partnership for Education (GPE). “Opinion: Don’t let
girls’ education be another casualty of the coronavirus”. 1 May
2020. available at https://. www.globalpartnership.org/news/
opinion-dont-let-girls-education-be-another-casualty-coronavi-
rus.
- Golden. C. (2020). Remote teaching: The glass half-full. EDU-
CAUSE Review. https://er.educause.edu/blogs/2020/3/remote-
teaching-the-glass-half-full
- Gómez-Pinilla. F.(2008). Brain foods: the effects of nutrients on
brain function. Nat Rev Neurosci 9. 568–578 (2008). https://doi.
org/10.1038/nrn2421. ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

- Goodman. A.; Joshi. H.; . Nasim. B.; and Tyler. C. (2015) Social
and emotional skills in childhood and their long-term effects on
adult life. https://www.eif.org.uk/report/social-and-emotional-
skills-in-childhood-and-their-long-term-effects-on-adult-life
- Gouëdard. P.. B. Pont et R. Viennet (2020). Education responses
to COVID-19: Implementing a wayfor-ward. Éditions OCDE.
Paris. https://dx.doi.org/10.1787/8e95f977-en.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 420
- Henderson. A. and Mapp. K. .(2002) “A New Wave of Evidence:
The Impact of School. Family. and Commu-nity Connections on
Student Achievement. “ National Center for Family and Com-
munity Connections with Schools. 2002. ; http://www. colum-
bia. edu/~psb2101/BergmanSubmission. pdf.
- Hodge. C. (2020). “The Difference Between Emergency Re-
mote Teaching and Online Learn-ing”. EDUCAUSE Review. 27
March 2020: https://er.educause.edu/articles/2020/3/the-differ-
ence-between-emergency-remote-teaching-and-online-learning
- Hodges . Charles ; Moore. Stephanie ; Lockee. Barb ; Trust .Tor-
rey and Bond; Aaron (2020). The Difference Between Emer-
gency Remote Teaching and Online Learning . Educausreview
.Friday. March 27. 2020. https://er.educause.edu/articles/2020/3/
the-difference-between-emergency-remote-teaching-and-on-
line-learning. ACCESSED ON 18/12/2020.
- Human right Watch (2020). COVID-19 and Children’s Rights .
APRIL 9. 2020. COVID-19 and Children’s Rights.pdf (re-lief-
web.int). accessed on 19/12/2020.
- Inside Higher Ed (2020). Responding to the COVID-19 Crisis: A
Survey of College and Univer-sity Presidents. A study by Inside
Higher Ed and Hanover Research . March 2020. https://www.
insidehighered. com/system/files/media/IHE_COVID-19_Sur-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

veyofPresidents_20200327. pdf. Accessed on 20/12/2020.


- ISU (Institut de statistique de l’UNESCO) (2020). Out-of-School
Children and Youth: http://uis.unesco.org/en/topic/ out-school-
children-and-youth
- Jandrić . Petar(2020). Teaching in the Age of Covid-19. Postdigital
Science and Education (2020) 2:106 –1230. https://doi.org/10.1007/
s42438-020-00169-6 .Published online: 7August 2020.

421 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
- Kalantzis . Mary and Cope . Bill (2020). After the COVID-19
crisis: Why higher education may (and perhaps should) never be
the same. access: contemporary issues in education 2020. VOL.
40. NO. 1. 51–55. https://doi.org/10.46786/ac20.9496. Accessed
on 24/12/2020.
- Kauffman . H.(2015). A review of predictive factors of student
success in and satisfaction with online learning. Res. Learn.
Technol. 23 (2015).
- Lau . Joyce ; Dasgupta . Bin Yang Rudrani (2020). Will the
coronavirus make online education go viral? March 12. 2020.
https://www.timeshighereducation.com/features/will-coro-
navirus-make-online-education-go-viral. ACCESSED ON
18/12/2020.
- Lederman . Doug (2020). Will Shift to Remote Teaching Be Boon
or Bane for Online Learning? Because of COVID-19. March 18.
2020. https://www. insidehighered. com/digital-learning/arti-
cle/2020/03/18/most-teaching-going-remote-will-help-or-hurt-
online-learning. Accessed on 23/12/2020.
- Muftahu. M. (2020). Higher Education and Covid-19 Pandemic:
Matters arising and the chal-lenges of sustaining academic pro-
grams in developing African universities: International Journal
of Educational Research Review.5(4).417-423.
- Nations Unies (2020). Note de synthèse: L’éducation en temps de
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

COVID-19 et après. AOÛT 2020. P3.


- Nelson . Eric(2020). Understanding the Impact of Covid-19 on
Education Sector. Fri. 07-08-2020. https://www. marstransla-
tion. com/blog/understanding-the-impact-of-covid-19-on-edu-
cation-sector. accessed on 20/12/2020
- OECD. ( Organization for Economic Cooperation and Develop-
ment) (2020) Vocational education and training (VET) in a time

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 422
of crisis: Building foundations for resilient vocational education
and training systems -OECD. 2020.
- Programme des Nations unies (2020) pour le développement
(PNUD). COVID-19 and Human Development: Assessing the
Crisis. Envisioning the Recovery. 2020 Human Development
Perspectives. 2020. New York: http://hdr.undp.org/en/hdp-covid.
- Reimers . Fernando M. and Schleicher . Andrews(2020). School-
ing disrupted. schooling rethought: How the Covid-19 pandemic
is changing education. OECD. 2020. p.7.
- Robson . David (2020). How Covid-19 is changing the world’s
children. 4th June 2020. https://www.bbc.com/future/arti-
cle/20200603-how-covid-19-is-changing-the-worlds-children.
Accessedon 17/12/20220.
- Saba. F. (2000) Research in distance education: A status report.
Int. Rev. Res. Open Distrib. Learn. 1 (2000). 1-9.
- SAVE OUR FUTURE(2020). Averting an Education Catastro-
phe for the World’s Children. White-Paper-FINAL.pdf (re-lief-
web.int). accessed on 19/12/2020.
- Save the Children (2020)2 . SAVE OUR EDUCATION. Save Our
Education: Protect every child’s right to learn in the CO-VID-19
response and recovery | Resource Centre (savethechildren.net).
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

accessed on 19/12/2020.
- Save the Children International (2020) . The HIDDEN impact of
COVID-19 ON CHILD POVERTY . A GLOBAL RESEARCH
SERIES.
- Schlosser. L. A. & Simonson. M. (2009). Distance Education:
Definition and Glossary of Terms. 3rd Edition U.S.: Information
Age Publishing.

423 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
- Shisley . Steven(2020) Emergency Remote Learning Compared
to Online Learning. May 20. 2020. https://learningsolutions-
mag.com/articles/emergency-remote-learning-compared-to-on-
line-learning. ACCESSED ON 23. 12. 2020.
- Smalley. A. (2020). Higher education responses to Coronavirus
(COVID-19). https://www.ncsl.org/research/education/high-
er-education-responses-to-coronavirus-covid-19.aspx. accessed
21 April. 2020.
- Tadesse. Seble and muluye. worku (2020). the impact of covid-19
pandemic on education system in deve-loping countries: a re-
view. The Impact of COVID-19 Pandemic on Education Sys-
tem in Developing Coun-tries: A Review (scirp.org) accessed on
20/12/2020.
- The world bank(2020). Simulating the Potential Impacts of the
COVID-19 School Closures on Schooling and Learning Out-
comes: A set of Global Estimates.18/6/2020. Simulating the Po-
tential Impacts of the COVID-19 School Closures on Schooling
and Learning Outcomes: A set of Global Estimates (worldbank.
org). accessed on 19/12/2020.
- Touraine . Alain(1973). Death or change of the universities? Pros-
pects. Vol. III. No. 4. Winter 1973.
- UNESCO (2002). Teacher education guidelines: using open and dis-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

tance learning; technology. curriculum. cost. evaluation (ara) – http://


www.unesco.org/new/en/communication-and-information/resourc-
es/publications-and-communication-materials/publications/full-
list/teacher-education-guidelines-using-open-and-distance-learn-
ing-technology-curriculum-cost-evaluation. Acceded on 4/1/2020.
- UNESCO (2020) The impact of Covid-19 on the cost of achiev-
ing SDG 4. GEM Report Policy

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 424
- UNESCO (2020). COVID-19 Education Response. Education
Sector issue notes . Issue note n° 2.1 – April 2020.
- UNESCO (2020). survey highlights measures taken by countries to
limit impact of COVID-19 school closures. 28/04/2020. https://
en.unesco.org/news/unesco-survey-highlights-measures-tak-
en-countries-limit-impact-covid-19-school-closures. Accessed
on 20/12/2020.
- UNESCO (2020).”COVID-19 Education Response: How many
students are at risk of not returning to school?” advocacy pa-per.
June 2020.
- UNESCO (April . 2020) COVID-19 Education Response. Distance
learning strategies in response to COVID-19 school closures. Ed-
ucation Sector issue notes . Issue note n° 2.1 – April 2020.
- UNESCO IESALC (2020). Report(2020). COVID-19 and higher
education: today and tomorrow. Impact analysis. policy respons-
es and recommendations” . April 9. 2020. https://translate.goo-
gle.com.kw/?hl=ar&sl=en&tl=ar&text=UNESCO%20IESAL-
C&op=translate. accessed on 20/12/2020.
- UNESCO IESALC. Report (2020). COVID-19 and higher edu-
cation: today and tomorrow. Im-pact analysis. policy respons-
es and recommendations» . April 9. 2020. https://translate.
google.com.kw/?hl=ar&sl=en&tl=ar&text=UNESCO%20IE-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

SALC&op=translate. accessed on 20/12/2020.


- UNESCO(2020) . Global Education Monitoring (GEM) Report.
2020: Inclusion and education: all means all. 2020. available at
https://unesdoc.unesco.org/. ark:/48223/pf0000373718.
- UNESCO-UNICEF and Banque mondiale (2020). Base de données
commune UNESCO-UNICEF-Banque mondiale. mai-juin 2020:

425 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
http://tcg.uis.unesco.org/ survey-education-covid-school-clo-
sures.
- United Nation (2020) POLICY BRIEF: EDUCATION DURING
COVID-19 AND BEYOND . 22 AUGUST 2020.sg_policy_
brief_covid-19_and_education_august_2020.pdf (un.org)ac-
cessed on 19/12/2020.
- United nation (2020). Policy Brief: The Impact of COVID-19 on
children 15 APRIL 2020. policy-brief-on-covid-impact-on-chil-
dren-16-april-2020.pdf (who.int) accessed on 19/12/2020.
- United Nations Development Programme (UNDP). COVID-19
and human development: Assessing the crisis. envisioning the
recovery. 2020.. Human Development Perspectives. 2020. New
York: UNDP. available at http://hdr.undp.org/en/hdp-covid.
- Vegas . Emiliana and Winthrop . Rebecca (2020). Beyond re-
opening schools: How education can emerge stronger than be-
fore COVID-19. Tuesday. September 8. 2020. https://www.
brookings.edu/research/beyond-reopening-schools-how-educa-
tion-can-emerge-stronger-than-before-covid-19/. Accessed on
20/12/2020.
- Watson. J.. and Gemin. B. (2008) Socialization in online pro-
grams. Promising practices in online learning. North American
council for online learning (ERIC Document Reproduction Ser-
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

vice ED509631).
- Wexner Medical Center (2020). Information for Ohio State Uni-
versity Students. Faculty and Staff.» The Ohio State University.
Wexner Medical Center; «President Eisgruber Updates Univer-
sity on Next Steps Regarding COVID-19 to Ensure Health and
Well-Being of the Entire Community. Princeton University; and
Everett Community College.

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 426
- WHO (2020). Coronavirus disease (COVID-19) Pandemic. World
health Organization. https://www.who.int/emergencies/diseases/
novel-coronavirus-2019
- Wilson. C.. Lennox. P.P.. Hughes. G.& Brown. M. (2017) How
to develop creative capacity for the fourth indus-trial revolution:
creativity and employability in higher education in Reisman. F.
Ed.. Creativity. Innovation and Wellbeing. London: KIE Confer-
ence Publications.
- Winthrop. Rebecca (2020). COVID-19 and school closures:
What can countries learn from past emergencies. Rebecca Win-
thropTuesday. March 31. 2020. https://www. brookings. edu/re-
search/covid-19-and-school-closures-what-can-countries-learn-
from-past-emergencies/. Acceded On 18/12/2020.
- Witze . Alexandra ) 2020). Universities will never be the same
after the coronavirus crisis. NEWS FEATURE 01 JUNE 2020.
Accessed ON 24/2/2021. Universities will never be the same af-
ter the coronavirus crisis (nature.com)
- Xing . Bo and Marwala . Tshilidzi ( 2017). Implications of the
Fourth Industrial Age for Higher Education. SCIENCE AND
TECHNOLOGY . V o l u m e 7 3 . 2 0 1 7. Electronic copy
available at: https://ssrn.com/abstract=3225331
- YoungMinds (2020). Reports: Coronavirus: Impact on Young
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

People with Mental Health Needs. Coronavirus: Impact on


Young People with Mental Health Needs. Accessed on 1/1/2021.

427 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫ثاني ًا‪ :‬مراجع عربية‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيــم‪ ،‬معصومــة أمحــد (‪ .)2020‬التّعليــم عــن ُبعــد‪ ..‬فشـ ٌـل عــن ُقــرب!!‪ ،‬صحيفــة‬
‫القبــس‪ 6 ،‬أكتوبــر ‪ http://bitly.ws/aMDH -2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬أبــو ســارة‪ ،‬عبــد الرمحــن حممــد صــادق (‪ .)2020‬توظيــف التكنولوجيــا الرقميــة‬
‫يف التّعليــم يف وقــت األزمــة‪ :‬فــروس كورونــا أنموذجــا‪ ،‬تعليــم جديــد‪،‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aMYZ .2020/3/12‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬أمحــد‪ ،‬حســن (‪ .)2020‬التّعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف زمــن الكورونا‪ :‬مميــزات وحتديات‬
‫‪ ،2-1‬املدى‪ ،‬يف ‪،2020/4/11‬‬
‫‪ https://almadapaper.net/view.php?cat=225887‬شوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬أمحــد‪ ،‬شــاهيناز حممــود‪ .)2013( .‬أثــر توظيــف كائنــات التعلــم الرقميــة بربامــج‬
‫التعلــم اإللكــروين عــى حتصيــل العلــوم لــدي طالبــات املرحلــة املتوســطة‪.‬‬
‫رســالة ماجســتري‪ .‬كليــة الرتبيــة‪ .‬جامعــة الباحــة‪ .‬الســعودية‪.‬‬
‫‪ -‬أخبــار األمــم املتحــدة (‪ .)2019‬تقريــر أممــي يشــر إىل أن عــام ‪ 2018‬شــهد‬
‫أعــى مســتويات مســجلة ألعــداد األطفــال القتــى أو اجلرحــى يف الرصاعــات‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫املســلحة‪https://news.un.org/ar/story/2019/07/1037561 ،‬‬

‫‪ -‬أخبار األمم املتحدة (‪ .)2020‬جتنيد األطفال ‪https://news.un.org/ar/story/20‬‬

‫ـروين مــا قبــل كورونــا‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬اآللــويس‪ ،‬تيســر عبــد اجلبــار (‪ .)2020‬التّعليــم اإللكـ‬
‫ومــا بعــده‪ ،‬الســومريان‪.2020/5/3 ،‬‬
‫‪ /http://www.somerian-slates.com/2020/05/03/9819‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪428‬‬
‫ـروين مــا قبــل كورونــا‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬اآللــويس‪ ،‬تيســر عبــد اجلبــار (‪ .)2020‬التّعليــم اإللكـ‬
‫ومــا بعــده‪ ،‬الســومريان‪.2020/5/3 ،‬‬
‫‪ /http://www.somerian-slates.com/2020/05/03/9819‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬اآللــويس‪ ،‬تيســر عبــد اجلبــار (‪ .)2020‬التعليــم اإللكــروين مــا قبــل كورونــا‬
‫ومــا بعــده‪ ،‬الســومريان‪.2020/5/3 ،‬‬
‫‪ /http://www.somerian-slates.com/2020/05/03/9819‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬األمــم املتحــدة (‪ .)2020‬موجــز سياســايت‪ :‬التعليــم أثنــاء جائحــة كوفيــد ‪19 -‬‬
‫وما بعـــدها‪ ،‬أغســطس ‪http://bitly.ws/aeqp .2020‬‬

‫‪ -‬البــادي‪ ،‬حممــد (‪ .)2020‬التّعليــم يف زمــن كورونــا‪ ،‬الرؤيــة‪ 19 ،‬يوليــو ‪،2020‬‬


‫شــوهد يف ‪https://alroya.om/p/266346 .2021/1/11‬‬

‫‪ -‬البغــدادي‪ ،‬فاطمــة (‪ .)2020‬حتـ ُّـوالت التّعليــم فـــي زمــن مــا بعــد الكورونــا‪،‬‬
‫القافلــة‪ ،‬ديســمرب ‪http://bitly.ws/aKzC ،2020‬‬

‫‪ -‬البنك الدويل (‪ .)2019‬تقرير إهناء فقر التعلم‪ :‬ما املطلوب؟ واشنطن‪.‬‬


‫‪ -‬البنــك الــدويل (‪ .)2020‬جائحــة كورونــا‪ :‬صدمــات التعليــم واالســتجابة عــى‬
‫صعيــد السياســات‪ ،‬واشــنطن‪ ،‬تقريــر مايــو‪.‬‬
‫اإللكــروين‪ :‬مزايــا وســلبيات‪ ،‬األيــام‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬اجلربــاوي‪ ،‬تفيــدة (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫‪ http://bitly.ws/aN9V ،15-04-2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬احلكومــة الرقميــة (‪ .)2020‬تقريــر‪ ،‬كيــف يبــدو مســتقبل التعليــم يف عــر مــا‬


‫بعــد كورونــا؟ احلكومــة الرقميــة‪ 25 ،‬أكتوبــر ‪.2020‬‬
‫‪ https://digitalgov.sa/?p=3461‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬احلــادي‪ ،‬حســن (‪ .)2020‬مســتقبل التّعليــم بعــد جائحــة كورونــا خــال نــدوة‬
‫إقليميــة عــر اإلنرتنــت‪ ،‬وقايــة‪ 20 ،‬يونيــو ‪.2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪429‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪https://www.weqaya.ae/ar/posts/hsyn-alhmady-yodh-mstkbl-altaalym-baad-‬‬
‫‪ gayh-korona-khlal-ndo-aklymy-aabr-alantrnt-2‬شــوهد يف ‪2020/12/12‬‬
‫‪ -‬احلــادي‪ ،‬هــاين (‪ .)2020‬أمهــات ُمنهارات بســبب التّعليم عن بعد‪ ،‬القبس ‪ 14‬ســبتمرب‬
‫‪ https://alqabas.com/article/5800630 .2020‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬احلــادي‪ ،‬هــاين (‪ .)2020‬غيــاب «التّعليــم اإللكــروين» والدراســة عــن بع ٍ‬
‫ــد‬ ‫ُْ‬
‫يكشــف فشــل ختطيــط «الرتبيــة» عــى مدى عقــود‪ ،‬القبــس‪ 26 ،‬مــارس ‪،2020‬‬
‫شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b4Y6 .2021/1/10‬‬
‫‪ -‬اخلطيــب‪ ،‬أمحــد‪ .‬اجلامعــات االفرتاضيــة‪ :‬نــاذج حديثــة‪ .‬عــان‪ :‬جــدارا للكتــاب‬
‫العاملــي‪.2006 .‬‬
‫‪ -‬اخلالفــة‪ ،‬عليــوي (‪ .)2020‬أزمــة املدرســة يف زمــن الكورونــا وخرافــة التعليــم‬
‫عــن بعــد‪19 ،PhiloClub،‬أبريــل ‪ http://bitly.ws/aMWt .2020‬شــوهد‬
‫بتاريــخ ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬اخلليــج أوناليــن (‪ .)2020‬تقريــر‪ :‬يف ظــل «كورونــا»‪ ..‬مــا مســتقبل العــام‬
‫الــدرايس يف اخلليــج؟ ‪http://khaleej.online/87ay4M .2020/5/3‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬الــداود‪ ،‬عبــد املحســن (‪ .)2020‬التّعليــم اإللكــروين يف زمــن كورونــا‪ ،‬صحيفــة‬
‫الريــاض‪ https://www.alriyadh.com/1813499 .2020/9/15 ،‬شــوهد‬
‫يف ‪.2020/12/13‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬الــداود‪ ،‬عبــد املحســن (‪ .)2020‬التعليــم اإللكــروين يف زمــن كورونــا‪ ،‬صحيفــة الريــاض‪،‬‬


‫‪ https://www.alriyadh.com/1813499.2020/9/15‬شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬الدهشــان‪ ،‬مجــال عــى خليــل (‪ .)2020‬مســتقبل التّعليــم بعــد جائحــة كورونــا‪:‬‬
‫ســيناريوهات اســترشافية‪ ،‬املجلــة الدوليــة للبحــوث يف العلــوم الرتبويــة‪،‬‬
‫املجلــد ‪ ،3‬العــدد ‪.2020 ،4‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪430‬‬
‫‪ -‬الربيعــي‪ ،‬حممــد (‪ .)2020‬التّعليــم العــايل مــا بعــد جائحــة الكورونــا‪ ،‬شــفق‪،‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aMUZ‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬الزاحــي‪ ،‬حليمــة (‪ .)2012‬التعليــم اإللكــروين باجلامعــة اجلزائريــة؛ مقومــات‬
‫التجســيد وعوائــق التطبيــق‪ :‬دراســة ميدانيــة بجامعــة ســكيكدرة‪ ،‬أطروحــة‬
‫دكتــوراه مقدمــة إىل جامعــة قســنطينة منتســوري ـ كليــة العلــوم اإلنســانية ـ‬
‫الســنة اجلامعيــة ‪.2012/2011‬‬
‫‪ -‬الــرق األوســط (‪ .)2020‬وزيــر التّعليــم الســعودي‪ :‬اقتصاديــات التّعليــم‬
‫ســتتغري بعــد أزمــة «كورونــا‪ 22 ،‬نوفمــر ‪ .2020‬شــوهد يف ‪.2020/1/10‬‬
‫‪http://bitly.ws/b4PC‬‬

‫ــد زمــن كورونــا‪ :‬اإلجيابيــات‬ ‫‪ -‬الصبــاغ‪ ،‬فــؤاد (‪ .)2020‬التعليــم العــايل عــن بع ٍ‬


‫ُْ‬
‫والســلبيات‪ ،‬القــدس العــريب‪ - 19‬ســبتمرب ‪http://bitly. ws/aMGu .2020 -‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬الطبــويل‪ ،‬حممــد عبــد احلميــد (‪ .)2020‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف جمتمــع مــأزوم‪،‬‬
‫مشــاركة يف منتــدى التعليــم والتعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد أثنــاء الطــوارئ واألزمــات‪:‬‬
‫التعامــل مــع جائحــة كورونــا (أنموذجــا) ‪ 10-9‬أغســطس ‪ 2020‬برعايــة‬
‫املنظمــة العربيــة للرتبيــة والثقافــة والعلــوم واجلامعــة العربيــة املفتوحــة‪.‬‬
‫ــد يف مواجهــة أزمــة كورونــا‪ ،‬دنيــا‬ ‫‪ -‬الطــوال‪ ،‬عــاد (‪ .)2020‬التّعليــم عــن بع ٍ‬
‫ُْ‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫الوطــن‪.21-03-2020 ،‬‬
‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/03/21/516616.html‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬الظاهــري‪ ،‬ســعيد (‪ .)2020‬اســترشاف مســتقبل التّعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد يف دول‬ ‫ُْ‬
‫اخلليــج واملنطقــة العربيــة‪ ،‬هارفــارد بيزنــس‪ ،‬األحــد‪ 21 ،‬يونيــو ‪.2020‬‬
‫‪ .https://bit.ly/2YjVxxt‬شــوهد يف ‪.2020/12/9‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪431‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬العازمــي‪ ،‬مزنــة ســعد (‪ .)2020‬إدارة األزمــة التّعليميــة يف دولــة الكويــت يف ظــل‬
‫كورونــا املســتجد‪ ،‬شــؤون تربويــة‪http://bitly.ws/aPAD .2020/12/10 ،‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/17‬‬
‫‪ -‬العــي‪ ،‬وجيــه (‪ .)2020‬التّعليــم يف غــار أزمــة كورونــا‪ :‬الفــرص والتّحدّ يــات‪،‬‬
‫املعلومــة‪.2020/6/14 ،‬‬
‫‪ /https://www.almaalomah.com/2020/06/14/479709‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬العــي‪ ،‬وجيــه (‪ .)2020‬التّعليــم يف غــار أزمــة كورونــا‪ :‬الفــرص والتّحدّ يــات‪،‬‬
‫املعلومــة‪.2020/6/14 ،‬‬
‫‪ /https://www.almaalomah.com/2020/06/14/479709‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬العميــان‪ ،‬خلــود (‪ .)2020‬كيــف ســيتغري قطــاع التّعليــم يف الــرق األوســط‬
‫بعــد كورونــا؟ فوربــس الــرق األوســط‪ 9 ،‬مايــو‪2020 .‬‬
‫‪ /https://economyplusme.com/35147‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬العويــي‪ ،‬رجــب (‪ .)2020‬هويــة التّعليــم ملــا بعــد كورونــا‪ ،‬أثري كــوم‪ ،‬الثالثاء‪،‬‬
‫‪ 2‬يونيــو ‪ http://bitly.ws/aMVt .2020‬شــوهد يف ‪.12،12،2020‬‬
‫‪ -‬العيســى‪ ،‬إينــاس عبــد الرمحــن (‪ .)2020‬بــن أزمــة التعلــم عــن بع ٍ‬
‫ــد وأزمــة‬ ‫ُْ‬
‫كورونــا‪ ،‬قدســن‪ ،‬األحــد ‪ 12‬ابريــل ‪ ،http://bitly.ws/aMxs .2020‬شــوهد‬
‫‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬القاطــوين‪ ،‬فــؤاد (‪ .)2020‬التّعليــم العــايل عــن ُب ْعـ ٍـد زمــن كورونــا‪ :‬اإلجيابيــات‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫والســلبيات‪ ،‬القــدس العــريب‪ - 19‬ســبتمرب ‪http://bitly.ws/aMGu .2020‬‬


‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫ـي‬ ‫‪ -‬اللقيــس‪ ،‬كالرا (‪ .)2020‬نــرة أخبــار ص ّف ّيــة رقم ّيــة تبـ ّ‬
‫ـر بمســتقبل تعليمـ ّ‬
‫واعــد بعــد اجلائحــة‪ ،‬جملــة منهجيــات‪ ،‬العــدد ‪ ،3‬شــتاء ‪ .2020‬ص ‪.9-6‬‬
‫‪ -‬املاجــري‪ ،‬الصحبــي (‪ .)2020‬كورونــا واألبوكاليبــس‪ ...‬هــل حانــت هنايــة‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪432‬‬
‫العــامل؟ مدونــات اجلزيــرة‪ 28 ،‬فربايــر ‪.http://bitly.ws/aukM .2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫‪ -‬املســكيني‪ ،‬فتحــي (‪ .)2020‬الفلســفة والكورونــا‪ :‬مــن معــارك اجلامعــة إىل‬
‫حــروب املناعــة‪ ،‬مؤمنــون بــا حــدود‪ 24 ،‬فربايــر ‪.2020‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aukL‬شوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫‪ -‬املعــويل‪ ،‬حممــد بــن محــد (‪ .)2020‬اســراتيجية التّعليــم األســايس والتّعليــم‬
‫العــايل مــا بعــد جائحــة كورونــا‪ ،‬النبــأ‪ ،‬كوفيــد‪ 09/05/19.2020‬شــوهد يف‬
‫‪https://alnaba.news/?p=38113 .2021/1/11‬‬

‫‪ -‬املوســى‪ ،‬عبــد اهلل بــن عبــد العزيــز (‪ .)2020‬التّعليــم مــا بعــد كورونــا‪..‬‬
‫ســيناريوهات متو َّقعــة‪ ،‬اجلزيــرة ‪ 5‬يونيــو ‪،2020‬‬
‫‪https://www.al-jazirah.com/2020/20200605/en1.htm‬‬

‫‪ -‬املوســى‪ ،‬عبــد اهلل بــن عبــد العزيــز (‪ .)2020‬التعليــم مــا بعــد كورونــا‪..‬‬
‫ســيناريوهات متو َّقعــة‪ ،‬اجلزيــرة ‪ 5‬يونيــو ‪،2020‬‬
‫‪https://www.al-jazirah.com/2020/20200605/en1.htm‬‬

‫‪ -‬النمــري‪ ،‬ناديــن (‪« .)2020‬كورونــا» تلقــي بظــال ســلبية عــى مــؤرش تنميــة‬
‫الطــاب الصغــار‪ ،‬جريــدة الغــد‪ 23 ،‬ســبتمرب‪http://bitly.ws/aMps .‬‬

‫‪ -‬اهلاشــل‪ ،‬ســعد جاســم (‪ .)2021‬مــاذا بعــد «كورونــا»؟‪ ،‬جريــدة اجلريــدة‪،‬‬


‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ .2020/7/20‬شــوهد يف ‪.2021/2/24‬‬
‫‪https://www.aljarida.com/articles/1595173604567241600/‬‬
‫‪ -‬الوطــن (‪ 13 .)2021‬جامعــة بريطانيــة تواجــه خطــر اإلفــاس بســبب كورونا‪،‬‬
‫‪ 6‬يوليو ‪ ،2020‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b7R2 .2021/1/14‬‬

‫‪ -‬اليونيســكو (‪ .)2020‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد مفهومــه‪ ،‬أدوا ُتــه واســراتيج ّياتُه‪ :‬دليــل‬
‫لصانعــي السياســات يف التعليــم األكاديمــي واملهنــي والتقنــي‪.2020،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪433‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬اليونيســكو (‪ .)2020‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد مفهومــه‪ ،‬أدوا ُتــه واســراتيج ّياتُه‪ :‬دليــل‬
‫لصانعــي السياســات يف التعليــم األكاديمــي واملهنــي والتقني‪.2020،‬‬
‫‪ -‬اليونيســكو (‪ .)2020‬موجــز سياســايت‪ :‬التعليــم أثنــاء جائحــة كوفيــد ـ ‪ 19‬ومــا‬
‫بعدهــا‪ ،‬أغســطس‪.‬‬
‫‪ -‬اليونيسكو (‪ )2020/12/31‬اآلثار السلبية إلغالق املدارس‪،‬‬
‫‪https://ar.unesco.org/covid19/educationresponse/consequences‬‬
‫شــوهد ‪.2020/12/31‬‬
‫‪ -‬أمــن‪ ،‬حممــد (‪ .)2021‬مل نفعــل أي يشء خاطــئ لكــن بطريقــة مــا خرسنــا‪...‬‬
‫كلمــة لــرواد األعــال‪ ،‬تكنــو بوســت‪ ،‬شــوهد يف ‪.2021/2/12‬‬
‫‪https://techn0post.blogspot.com/2017/03/business-entrepre-‬‬
‫‪neurs-steven-ballmer-nokia.html‬‬
‫‪ -‬بحــوت‪ ،‬إدريــس (‪ .)2020‬التعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد يف زمــن كورونــا‪ :‬رؤيــة‬ ‫ُْ‬
‫بيداغوجيــة حتليليــة اســترشافية‪ .‬مركــز نــاء للدراســات والبحــوث‪ 9 ،‬يونيــو‬
‫‪ https://nama-center.com/Articles/Details/41239 .2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬بدارنــة‪ ،‬عبــد اهلل (‪ )2020‬دور التعليــم الرقمــي يف مواجهــة األزمــات‬
‫والتحديــات الراهنــة‪ ،‬ســفريبرس‪ .2020/6/10 ،‬شــوهد يف ‪:2021/1/5‬‬
‫‪.http://bitly.ws/aYUH‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكــروين رضورة تفرضهــا جائحــة‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬بكــري‪ ،‬عبــد اهلل (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫كورونــا‪ ،‬شــبكة النبــأ‪-2020/10/23 ،‬‬
‫‪ https://annabaa.org/arabic/education/23921‬شوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬بــن طــرف‪ ،‬أمــرة (‪« .)2020‬الرتبيــة» فشــلت‪ ..‬فأنجحــت الراســبني‪،‬‬
‫صحيفــة القبــس‪ 6،‬أكتوبــر ‪ http://bitly.ws/aMTM .2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020 /12 /12‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪434‬‬
‫‪ -‬بوســيس‪ ،‬وســيلة (‪ .)2020‬اســراتيجية إغــاق املؤسســات التعليميــة للحــد‬
‫مــن تفــي فــروس كوفيــد ‪ ..19‬حتــدي الرقمنــة ورهــان التعليــم عــن بعــد‪،‬‬
‫جملــة التمكــن االجتامعــي‪ ،‬املجلــد‪ ،2‬العــدد ‪ ،3‬ســبتمرب ‪ .2020‬ص ‪.33-20‬‬
‫‪ -‬بوظــو‪ ،‬عــاد (‪ .)2020‬ملــاذا كان أداء دول اخلليــج مم ّيــزا يف مواجهــة كورونــا؟‬
‫احلــرة‪ 22 ،‬يوليــو ‪ .2020‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b8jS . 2921/1/14‬‬
‫‪ -‬بوقحــوص‪ ،‬خالــد أمحــد (‪ .)2020‬مـستقـبـــل الـتـعـلـــيم فـــي ظل وبعــد جائحة‬
‫كورونــا (‪ ،)1‬أخبــار اخلليــج‪ 5 ،‬مايــو ‪- 2020‬‬
‫‪ http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1217814‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬بيــزاز‪ ،‬حممــد األمــن (‪ .)2020‬انطالق الســنة الدراســية يف ظــل كورونا‪...‬كيف‬
‫جــاء أداء الــدول العربيــة مــع التّعليــم عــن ُبعــد؟ أورونيــوز‪.2020/09/06 ،‬‬
‫شوهد يف ‪:2021/1/10‬‬
‫‪https://arabic.euronews.com/2020/09/06/how-did-the-arab-coun-‬‬
‫‪try-perform-with-the-online-education-coronavirus-pandemic‬‬
‫‪ -‬تايــه‪ ،‬فيصــل (‪ .)2020‬جدل ّيــة التحــول إىل التعلــم الرقمــي يف زمــن كورونــا‪،‬‬
‫عمــون‪https://www.ammonnews.net/article/566652 .2020/9/27 ،‬‬
‫‪ -‬تشومســكي‪ ،‬نعــوم (‪« .)2021‬كورونــا» تعبــر عــن فشــل اقتصــاد الســوق‪ ،‬عــامل‬
‫األخبــار‪ ،‬اخلميس ‪ 2‬نيســان ‪ .2020‬شــوهد يف ‪.2021/1/15‬‬
‫‪https://al akhbar.com/World/286605‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬تشومســكي‪ ،‬نعــوم‪« )2021( ،‬كورونــا» تعبــر عــن فشــل اقتصــاد الســوق‪ ،‬عــامل‬
‫األخبــار‪ ،‬اخلميس ‪ 2‬نيســان ‪ .2020‬شــوهد يف ‪.2021/1/15‬‬
‫‪https://al-akhbar.com/World/286605‬‬
‫‪ -‬تقريــر حكومــة ‪ .)2020( 1‬جائحــة كورونــا فرصــة إلعــادة ابتــكار مســتقبل‬
‫التّعليــم‪ ،‬حكومــة ‪.2020/5/20 ،1‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪435‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ /https://01gov.com/corona-reinventing-education-future‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬تقريــر عــرب ‪ 48‬أ ف ب (‪ .)2020‬مــا حــال التعليــم عــن بع ٍ‬
‫ــد يف العــامل‬ ‫ُْ‬
‫العــريب إثــر كورونــا؟ عــرب ‪http://bitly.ws/aMDy ،2020/03/48،24‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬متــل‪ ،‬يوســف (‪ .)2021‬هــوس العقــاب‪ ،‬جملــة نقــد وتنويــر‪ 3 ،‬ينايــر‪ 2021 ،‬ـ‬
‫شــوهد يف ‪https://tanwair.com/archives/9164 :2021/4/6‬‬
‫‪ -‬توفلــر‪ ،‬آلفــن (‪ .)1990‬صدمــة املســتقبل أو املتغــرات يف عــامل الغــد‪ ،‬ترمجــة‬
‫حممــد عــي ناصيــف‪ ،‬هنضــة مــر‪ ،‬القاهــرة ‪.1990‬‬
‫‪ -‬توفيــق‪ ،‬صــاح الديــن؛ ويونــس‪ ،‬هــاين حممــد (‪ .)2007‬دور التعلــم اإللكرتوين‬
‫يف بنــاء جمتمــع املعرفــة العــريب «دراســة اســترشافية»‪ ،‬جملة كليــة الرتبيــة‪ ،‬العدد‪،3‬‬
‫جامعــة املنوفيــة‪ :‬مرص‪.‬‬
‫‪ -‬جامعــة امللــك عبــد العزيــز (‪ .)2005‬نحــو جمتمــع املعرفــة‪ :‬اجلامعــات‬
‫اإلليكرتونيــة‪ ،‬سلســلة دراســات يصدرهــا معهــد البحــوث واالستشــارات‬
‫جامعــة امللــك عبــد العزيــز‪ ،‬اإلصــدار الثامــن‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬جامعــة امللــك عبــد العزيــز‪ ،‬نحــو جمتمــع املعرفــة‪ :‬اجلامعــات اإلليكرتونيــة‪،‬‬
‫سلســلة دراســات يصدرهــا معهــد البحــوث واالستشــارات جامعــة امللــك عبــد‬
‫العزيــز‪ ،‬اإلصــدار الثامــن‪.2005 ،‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬جريــدة القبــس‪« ،‬القبــس» تنــر أبــرز مالمــح اخلطــط الدراســية يف دول جملــس‬
‫التعــاون‪ 3 ،‬ســبتمرب ‪ .2020‬شــوهد يف ‪.2021/1/14‬‬
‫‪https://alqabas.com/article/5798238‬‬
‫‪ -‬حســان‪ ،‬عبــد اهلل حســان (‪ .)2020‬مســتقبل التعليــم العــايل عــن بع ٍ‬
‫ــد يف ظــل‬ ‫ُْ‬
‫«كورونــا»‪ ..‬نــاذج عربيــة‪ ،‬املجتمــع‪ 11 ،‬أغســطس ‪ .2020‬شــوهد يف ‪2021/1/14‬‬
‫‪https://mugtama.com/ntellectual/item/109424-2020-08-11-08-08-10.html‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪436‬‬
‫‪ -‬حســن‪ ،‬نــوران (‪ .)2020‬الثقافــة السياســية ونظــم التّعليــم مــا بعــد كورونــا‪،‬‬
‫‪ 16‬ســبتمرب‪ .2020 ،‬املعهــد املــري للدراســات‪http://bitly. ws/aMVD ،‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬حســن‪ ،‬أيمــن (‪ .)2020‬يف زمــن كورونــا‪ ..‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد ليــس هديــة‪،‬‬
‫املياديــن نــت‪ 6 ،‬إبريــل‪.2020‬‬
‫‪ -‬محــود‪ ،‬حســن (‪ .)2020‬التّع ّلــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف عــر كورونــا‪ ..‬بدعــة جتاريــة‬
‫أو رضورة أكاديم ّيــة؟‪ ،‬املياديــن نــت ‪ http://bitly.ws/aMLQ‬شــوهد يف‬
‫‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬حنــن‪ ،‬ماهــر (‪ .)2020‬سوســيولوجيا اهلامــش يف زمــن الكورونــا‪ :‬اخلــوف‬
‫واهلشاشــة واالنتظــارات‪ ،‬تونــس‪ :‬املنتــدى التونــي للحقــوق االقتصاديــة‬
‫واالجتامعيــة‪.www.FTDES.net .‬‬
‫‪ -‬خنفــر‪ ،‬هنــاد (‪ .)2020‬مســتقبل التّعليــم بعــد كورونــا‪ ،‬مركــز التقــدم العــريب‬
‫للسياســات‪1 ،‬يونيــو ‪ .2020‬متوفــر عــى الرابطــة‪http://bitly.ws/aMxI :‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬دهيــان‪ ،‬باتريــك (‪ )2020‬جائحــة كوفيــد‪ 19-‬تعــزز فــرص حتصيــل التعليــم‬
‫العــايل عــن ُب ْعـ ٍـد التعليــم والتدريــب العــايل مــن خــال اإلنرتنــت‪ ،‬مؤسســة ديب‬
‫للمســتقبل‪21 ،‬ســبتمرب‪.2020 ،‬‬
‫‪https://mostaqbal. ae/covid-19-pandemic-enhances-access-to-higher-educa-‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ /tion-via-distance-learning‬شــوهد يف ‪.2020/12/14‬‬
‫‪ -‬ربــداوي‪ ،‬غيــداء (‪ .)2020‬التّعليــم عــن بعــد‪ ..‬مــا لــه ومــا عليــه‪ ،‬جملــة‬
‫املعلوماتيــة‪ ،‬العــدد‪ 152 ،‬أبريــل‪.2020-‬‬
‫‪ -‬ربــداوي‪ ،‬غيــداء (‪ .)2020‬التعليــم عــن بعــد‪ ..‬مــا لــه ومــا عليــه‪ ،‬جملــة‬
‫املعلوماتيــة‪ ،‬العــدد ‪ 152‬أبريــل‪.2020،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪437‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬روبســون‪ ،‬ديفيــد (‪ .)2020‬فــروس كورونــا‪ :‬كيــف يؤثــر الوبــاء عــى حيــاة األطفــال‬
‫ومســتقبلهم؟‪ 12‬يونيــو‪https://www.bbc.com/arabic/vert-fut-53014381 .‬‬
‫شــوهد يف ‪.2021/1/2‬‬
‫‪ -‬زكــي‪ ،‬وليــد رشــاد (‪ .)2020‬هــل ينجــح كورونــا يف تطويــر التّعليــم‬
‫أوناليــن؟ أصــوات‪4 ،‬أبريــل ‪ http://bitly.ws/aMHP ،2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020 /12 /11‬‬
‫‪ -‬زكــي‪ ،‬وليــد رشــاد (‪ .)2020‬هــل ينجــح كورونــا يف تطويــر التّعليــم‬
‫أوناليــن؟ أصــوات‪4 ،‬أبريــل ‪ http://bitly.ws/aMHP ،2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020 /12 /11‬‬
‫‪ -‬زكــي‪ ،‬وليــد رشــاد (‪ .)2020‬هــل ينجــح كورونــا يف تطويــر التعليــم‬
‫أوناليــن؟ أصــوات‪4 ،‬أبريــل ‪ http://bitly.ws/aMHP ،2020‬شــوهد يف‬
‫‪.2020 /12 /11‬‬
‫‪ -‬ســاعايت‪ ،‬أمــن (‪ .)2020‬التّعليــم عن ُب ْع ٍد وأزمة كورونــا‪ ،‬االقتصادية‪ 5 ،‬أبريل‬
‫‪https://www.aleqt.com/2020/04/05/article_1797576.html ،2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/15‬‬
‫‪ -‬ســباركس‪ ،‬كيتلــن (‪ )2020‬فــروس كوفيــد‪ 19-‬يف دول اخلليــج وخطــة‬
‫التّعليــم لعــام ‪ : 2030‬الــدروس املســتقاة مــن األزمــة‪ ،‬جامعــة جــورج تــاون‪،‬‬
‫‪ 19‬مايــو ‪ http://bitly.ws/aMUy .2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫يب‪،‬‬
‫فوقــي غــر ّ‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -‬رسوري‪ ،‬حبيــب عبــد الــرب (‪ .)2009‬التعليــم العــريب‪ :‬بنــا ٌء‬
‫ـس يف عــر االنحطــاط! القــدس‪ ،‬يف ‪ 13‬مــارس ‪ .2009‬شــوهد‬ ‫تأسـ َ‬
‫ـي ّ‬
‫وحتتـ ٌّ‬
‫يف ‪http://bitly.ws/bHuJ .221/2/11‬‬
‫‪ -‬ســعد‪ ،‬فــواز (‪ .)2018‬اجلامعــات والثــورة الصناعيــة الرابعــة‪ ،‬صحيفــة مكــة‪،‬‬
‫‪ 7‬يونيــو‪.2018 ،‬‬
‫‪https://twitter.com/makkahnp/status/1004988977600966657‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪438‬‬
‫‪ -‬صالــح‪ ،‬عامــر (‪ )2020‬كوفيــد ـ ‪ 19‬والتعليــم عــن بعــد‪ :‬بني ظــروف االضطرار‬
‫ومسـ�تلزمات النهـ�وض‪ ،‬املعلومـ�ة ‪17/04/20200https://www.al� - 14:20 ،‬‬
‫‪ ./maalomah.com/2020/04/17/469147‬شوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫‪ -‬صبحــي‪ ،‬هانيــة (‪ .)2020‬الكورونــا والتعلــم عــن بعــد‪ :‬هــل يمكــن أن نعيــش‬
‫بــدون مــدارس؟ الــروق‪ 23 ،‬مــارس ‪.2020‬‬
‫‪h t t p s : / / w w w. s h o r o u k n e w s . c o m / c o l u m n s / v i e w. a s p x ? c-‬‬
‫‪date=23032020&id=84a5ce94-965d-459c-ae2c-c06b0d6310b0‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬طومســون‪ ،‬مــارك يس (‪ )2020‬تداعيــات أزمــة كورونــا عــى التّعليــم يف الســعودية‬
‫‪ :‬مهــوم الطالب‪ ،‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/bQEW .2021/1/10‬‬
‫‪ -‬عامــر‪ ،‬طــارق عبــد الــرؤوف (‪ .)2007‬التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد والتعليــم املفتــوح‪.‬‬
‫عــان‪ :‬دار اليــازوري‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل‪ ،‬أمحــد (‪ .)2020‬نجحنــا يف التعليــم عــن بعــد‪ ..‬فأيــن الرتبيــة؟ اجلزيــرة‪،‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aME4 .2020/4/4‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل‪ ،‬عبداخلالــق (‪ .)2021‬حلظــة اخلليــج العــريب يف عــامل مــا بعــد كورونــا‪،‬‬
‫إيــاف‪ 21 ،‬مايــو ‪ ،2020‬شــوهد يف ‪.2021/1/14‬‬
‫ذ‪https://elaph.com/Web/opinion/2020/05/1293036.html‬‬
‫‪ -‬عثــان‪ ،‬رشيــف (‪ .)2021‬التعليــم اجلامعــي والشــباب العــريب‪ ،‬العــريب‪13 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫ينايــر ‪ ،2021‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b7S5 .2021/1/14‬‬


‫‪ -‬عــرب ‪ 48‬أ ف ب (‪ .)2020‬مــا حــال التعليــم عــن ُب ْعـ ٍـد يف العــامل العــريب إثــر كورونــا؟‬
‫عــرب ‪ http://bitly.ws/aMDy ،2020/03/48،24‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬عســيالن‪ ،‬غســان بــن حممــد (‪ .)20202‬اململكــة والتّعليــم يف زمــن كورونــا‪،‬‬
‫البــاد‪ 23 ،‬يوليــو ‪ .2020‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b4PL .2021/1/10‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪439‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬عطيــة‪ ،‬رضــا عبــد البديــع الســيد (‪ .)2017‬تصــور مقــرح لتطبيقــات التعليــم‬
‫اإللكــروين يف مؤسســات التعليــم العــايل العربيــة يف ضــوء االجتاهــات العامليــة‪،‬‬
‫جملــة العلــوم االجتامعيــة‪ ،‬العــدد ‪ ،24‬يونيــو ‪ .2017‬ص ‪.64-38‬‬
‫‪ -‬عــي‪ ،‬نريمــن (‪ .)2020‬أيــن يقــف التعليــم مــن العــامل الرقمــي يف الــدول العربيــة؟‬
‫أندبندنــت عــريب‪ ،‬األحــد ‪ 25‬أكتوبــر ‪ http://bitly.ws/aKNw .2020‬شــوهد‬
‫يف ‪.2020/12/12‬‬
‫‪ -‬عنقــاوي‪ ،‬حنــان عبــد اهلل (‪ .)2020‬التعليــم الرقمــي‪ ..‬الصدمــة اإلجيابيــة‪30 ،‬‬
‫أبريــل ‪ ،2020‬عــكاظ‪،‬‬
‫‪https://www.okaz.com.sa/articles/people-voice/2021937‬‬
‫‪ -‬عــودة‪ ،‬ســليامن (‪ .)2020‬األســتاذ «كورونــا» يعيــد صياغــة مســتقبل التّعليــم‪،‬‬
‫أوالكــم‪.http://bitly.ws/aMAe،2020/4/24،‬شــوهد‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬عويــدات‪ ،‬ناديــة (‪ .)2020‬التعليــم اجلامعــي يف زمــن كورونــا‪ :‬فــرص جديــدة‪،‬‬
‫نــاس نيــوز‪.01 .06 .2020 ،‬‬
‫‪ https://www. nasnews. com/view. php?cat=32057‬شوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫اإللكــروين يف مواجهــة رزايــا جائحــة‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬عيشــور‪ ،‬ناديــة (‪ .)2020‬التّعليــم‬
‫كورونــا؛ االســراتيجيات االبتكاريــة وحتديــات التنميــة العربيــة‪ -‬جملــة العلــوم‬
‫اإلنســانية‪ ،‬املجلــد ‪ ،8‬العــدد‪ ،2020 ،3‬ص ‪. 88-66‬‬ ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬غاريســون‪ ،‬د‪ .‬ر‪ .‬وأندرســون‪ ،‬تــري (‪ .)2006‬التعلــم اإللكــروين يف القــرن‬


‫احلــادي والعرشيــن إطــار عمــل للبحــث والتطبيــق‪ ،‬ترمجــة حممــد رضــوان‬
‫األبــرش‪ ،‬العبيــكان‪ ،‬الريــاض‪ :‬العبيــكان‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬غاريســون‪ ،‬د‪.‬و أندرســون ر‪ .‬وتــري (‪ .)2006‬التعلــم اإللكــروين يف القــرن‬
‫احلــادي والعرشيــن إطــار عمــل للبحــث والتطبيــق‪ ،‬ترمجــة حممــد رضــوان‬
‫األبــرش‪ ،‬العبيــكان‪ ،‬الريــاض‪ :‬العبيــكان‪.2006 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪440‬‬
‫‪ -‬غنايــم‪ ،‬مهنــي حممــد إبراهيــم (‪ .)2020‬التعليــم العــريب وأزمــة كورونــا‪:‬‬
‫ســيناريوهات للمســتقبل‪ ،‬املجلــة الدوليــة للبحــوث يف العلــوم الرتبويــة‪،‬‬
‫املجلــد ‪ 3‬العــدد ‪ .2020 - 4‬ص ‪.104-75‬‬
‫‪ -‬فلوريــدي‪ ،‬لوتشــيانو (‪ .)2017‬الثــورة الرابعــة‪ :‬كيــف يعيــد الغــاف املعلومايت‬
‫تشــكيل الواقــع اإلنســاين‪ ،‬ترمجــة‪ :‬لــؤي عبــد املجيــد الســيد‪ ،‬الكويــت‪ :‬عــامل‬
‫املعرفــة‪ ،‬العــدد ‪ ،452‬ســبتمرب‪،2017 ،‬‬
‫‪ -‬قنــاوي‪ ،‬شــاكر عبــد العظيــم حممــد (‪ .)2020‬جائحــة كورونــا والتّعليــم عــن بعــد‪:‬‬
‫مالمــح األزمــة وآثارهــا بــن الواقــع واملســتقبل‪ ،‬والتّحدّ يــات والفــرص‪ ،‬املجلــة‬
‫التبو ّيــة‪ ،‬املجلــد ‪ 3‬العــدد ‪ 4‬ـ ‪ .2020‬ص ‪.260-225‬‬ ‫الدوليــة للبحــوث يف العلــوم ّ‬
‫‪ -‬كــرم‪ ،‬عــي (‪ )20021‬مــا التعليــم الرقمــي وأمهيتــه ومميزاتــه؟ ســواح هوســت‪18 ،‬‬
‫ديســمرب‪ ،2020‬شــوهد يف ‪ .2021/1/5‬متــاح‪.http://bitly.ws/aYVq :‬‬
‫‪ -‬كومــز‪ ،‬فيليــب (‪ .)1971‬أزمــة التّعليــم يف عاملنــا املعــارص‪ ،‬ترمجــة أمحــد خــري‬
‫كاظــم وخالــد عبــد احلميــد‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬دار النهضــة‪.1971 ،‬‬
‫‪ -‬حلــدو‪ ،‬ســاندرا (‪ .)2021‬مفهــوم التعليــم االفــرايض‪ 14 ،‬أغســطس ‪.2016‬‬
‫شــوهد يف ‪2021/1/5‬عــى‪http://bitly.ws/aYQm :‬‬
‫‪ -‬مارتــن‪ ،‬هافــس بيــر وشــومان‪ ،‬هارلــد (‪ .)1998‬فــخ العوملــة‪ ،‬ترمجــة عدنــان‬
‫عبــاس عــي‪ ،‬عــامل املعرفــة‪ ،‬املجلــس الوطنــي للثقافــة والفنــون واآلداب‪،‬‬
‫الكويــت‪ ،‬أكتوبــر‪.1998 ،‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬مبــارك‪ ،‬معصومــة إبراهيــم (‪ .)2020‬التعليــم عــن ُبعــد‪ ..‬فشـ ٌـل عــن ُقــرب!!‪ ،‬صحيفة‬
‫القبس‪ 6 ،‬أكتوبر ‪ http://bitly.ws/aMDH .2020‬شــوهد يف ‪.2020/12/11‬‬
‫‪ -‬جماهــد‪ ،‬فايــزة أمحــد احلســيني (‪ .)2020‬التعليــم اإللكــروين يف زمــن كورونــا‪:‬‬
‫املــآل واآلمــال‪ ،‬املجلــة الدوليــة للبحــوث يف العلــوم الرتبويــة‪ ،‬املجلــد ‪،3‬‬
‫العــدد‪ .2020 ،4‬ص ‪.235-305‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪441‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬مرعــي‪ ،‬إيــان (‪ .)2020‬التعليــم يف ظــل جائحــة كورونــا‪ :‬اإلشــكاليات واآلفــاق‬
‫املســتقبلية‪ ،‬مركــز األهــرام للدراســات السياســية واالســراتيجية‪،202/12/12 ،‬‬
‫‪ http://acpss.ahram.org.eg/News/17004.aspx‬شــوهد يف ‪.2020/12/15‬‬
‫‪ -‬مركــز الفكــر االســراتيجي للدراســات (‪ .)2021‬تفــي الســالة اجلديــدة‬
‫مــن كورونــا وانعكاســها عــى اجلانــب االقتصــادي اخلليجــي‪ ،‬وحــدة الرصــد‬
‫والتحليــل‪ .‬شــوهد يف ‪.2021/1/8‬‬
‫‪https://fikercenter.com//assets/uploads/The-outbreak-of-the-new-strain-‬‬
‫‪of-Corona-and-its-reflection-on-the-Gulf-economic-side-.Ads.pdf‬‬
‫‪ -‬مكتــب الشــبكة اخلليجيــة لضــان جــودة التّعليــم العــايل (‪ .)2020‬أثــر جائحــة فــروس‬
‫كورونــا يف التّعليــم العــايل يف دول جملــس التعــاون‪ ،‬احللقــة النقاشــية رقــم ‪ ،1‬مســقط‪،‬‬
‫يوليــو ‪ .2020‬شــوهد يف ‪http://bitly.ws/b4AE .2020/1/9‬‬
‫‪ -‬منتــدى اخلليــج الــدويل (‪ .)2020‬كورونــا يكشــف نقــاط ضعــف أنظمــة التّعليــم يف‬
‫اخلليــج‪ ،‬ترمجــة وحتريــر اخلليــج اجلديــد‪ 27 ،‬يونيــو ‪http://bitly.ws/aNfj 2020‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬منظمــة العمــل الدوليــة (‪ .)2020‬كوفيــد‪ 19-‬قــد يرغــم ماليــن آخريــن مــن‬
‫األطفــال عــى العمــل‪ 12 ،‬يونيــو‪.‬‬
‫‪https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/‬‬
‫‪WCMS_747771/lang--ar/index.htm‬‬
‫‪ -‬منهجيات (املحرر) (‪ )2020‬جملة منهجيات‪ ،‬العدد ‪ ،3‬شتاء‪.‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬مهــدي‪ ،‬شــوقي (‪ .)2020‬خــراء وتربويــون لـ«لوســيل‪ :‬بنيــة حتتيــة تكنولوجيــة‬


‫قويــة عــززت التعليــم عــن بعــد‪ ،‬لوســيل‪ 10 ،‬ســبتمرب ‪ .2020‬شــوهد يف‬
‫‪http://bitly.ws/b4YQ :2021/1/10‬‬
‫‪ -‬موســوعة ويكيبيديــا (‪ .)2020‬التعليــم اإللكــروين‪2020/12/12 ،‬‬
‫‪ http://bitly.ws/aNLH‬شــوهد يف ‪. 2020/12/15‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪442‬‬
‫‪ -‬موســوعة ويكيبيديــا (‪ .)2021‬التعلــم االفــرايض‪ ،‬شــوهد يف ‪2021/1/5‬‬
‫عــى‪.http://bitly.ws/aYRA :‬‬
‫‪ -‬موســى‪ ،‬هــاين حممــد يونــس وتوفيــق‪ ،‬صــاح الديــن حممــد (‪ .)2007‬دور‬
‫التعلــم اإللكــروين يف بنــاء جمتمــع املعرفــة العــريب‪ :‬دراســة اســترشافية‪ ،‬جملــة‬
‫كليــة الرتبيــة جامعــة املنوفيــة‪ ،‬عــدد‪.2007 ،3‬‬
‫‪ -‬ناثــان‪ ،‬ســينثيل (‪ .)2020‬مــا مســتقبل التعليــم العــايل بعــد أزمــة فــروس‬
‫كورونــا؟ الفنــار لإلعــام‪ .2020-05-11 ،‬شــوهد يف ‪.2021/1/14‬‬
‫‪http://bitly.ws/aNaH‬‬
‫‪ -‬ناســا (‪ .)2020‬مــا اإللكــرون؟‪.http://bitly.ws/aX8Y .2016/8/17‬‬
‫شــوهد يف ‪.2020/1/4‬‬
‫‪ -‬هســريس (‪ .)2021‬بيانــات رســمية‪ 300 :‬ألــف تلميــذ يفارقــون املــدارس‬
‫املغربيــة يف ســنة واحــدة‪ ،‬هســريس‪ ،‬األربعــاء‪ 6 ،‬ينايــر ‪ .2021‬شــوهد يف‬
‫‪http://bitly.ws/b4xL - 2021/1/9‬‬
‫‪ -‬هيئــة األمــم املتحــدة (‪/19‬أغســطس ‪ )2020‬موجــز سياســايت‪ :‬التعـــليم أثنــاء‬
‫جائحــة كوفيــد ‪ 19 -‬ومــا بعـــدها آب‪/‬أغســطس ‪http://bitly.ws/aeqp .2020‬‬
‫‪ -‬وزارة الرتبيــة القطريــة (‪ .)2020‬كوفيــد‪ :19-‬التحديــات والتوجهات‪ ،‬شــوهد‬
‫يف ‪https://www.edu.gov.qa/ar/Pages/Corona.aspx :2020/1/10‬‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ )1990‬الواقــع املــأزوم للمدرســة العربيــة‪ ،‬جملــة دراســات‬


‫عربيــة الصــادرة يف باريــس‪ ،‬جملــة ثقافيــة فصليــة حمكمــة تصــدر عــن مركــز‬
‫دراســات عربيــة‪ ،‬عــدد ‪ 6/5‬مارس‪-‬إبريــل‪ ،‬الســنة الثانيــة والثالثــون‪.1990 ،‬‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2011‬رأســالية املدرســة يف عــامل متغــر‪ :‬الوظيفــة‬
‫االســتالبية للعنــف الرمــزي واملناهــج اخلفيــة‪ ،‬دمشــق‪ :‬احتــاد الكتــاب‬
‫العــرب‪.2011 ،‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪443‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2020‬أصــول الرتبيــة‪ :‬إضــاءات نقديــة معــارصة‪ ،‬جلنــة‬
‫التأليــف والتعريــب والنــر‪ ،‬جملــس النــر العلمــي‪ ،‬جامعــة الكويــت‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2020‬املدرســة املدججــة بالتكنولوجيــا‪ :‬أيــن هــو‬
‫اجلانــب اإلنســاين؟ جملــة الطفولــة العربيــة‪ ،‬املجلــد العــارش‪ ،‬العــدد ‪ ،39‬يونيــو‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪.123-109‬‬
‫‪ -‬وطفــة‪ ،‬عــي أســعد (‪ .)2020‬مســتقبل التعليــم العــايل اخلليجــي يف ضــوء الثــورة‬
‫الصناعيــة الرابعــة‪ :‬قــراءة نقديــة يف إشــكالية الصــرورة واملصــر‪ ،‬الكويــت‪:‬‬
‫مركــز دراســات اخلليــج واجلزيــرة العربيــة‪.2020 ،‬‬
‫‪ -‬ولــد أبــاه‪ ،‬الســيد (‪ .)2020‬كورونــا بعــن فلســفية‪ ،‬االحتــاد‪ 1 ،‬فربايــر ‪.2020‬‬
‫‪ .http://bitly.ws/aukP‬شــوهد يف ‪.2020/12/25‬‬
‫‪ -‬ولــدروب‪ ،‬ميتشــيل (‪ .)2013‬التعليــم عــر اإلنرتنــت‪ :‬املختــر االفــرايض‪،‬‬
‫‪ 28 ،Naturee‬أغســطس ‪https://arabicedition.nature.com/jour� .2013‬‬
‫‪ nal/2013/08/499268a‬شــوهد يف ‪.2020/12/13‬‬
‫‪ -‬يورونيــوز (املحــرر) (‪ .)2021‬يف عــامل مــا بعــد كورونــا‪ ..‬هــل حيتــل التعليــم عــن‬
‫ُب ْعـ ٍـد الصدارة يف املــدارس؟ ‪.2020/10/23‬‬
‫‪https://arabic.euronews.com/2020/10/23/in the post corona world is dis-‬‬
‫‪.‬شــوهد يف ‪tance education at the fore in schools 2021/2/9‬‬
‫‪ -‬يوســف‪ ،‬فتــح الرمحــن (‪ .)2020‬التعليــم يف اجلامعــات الســعودية يتحــدّ ى‬
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اجلائحــة‪ ،‬الــرق األوســط‪ ،‬العــدد ‪ 13 ،15112‬أبريــل ‪.2020‬‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ ‫‪444‬‬
that distinguish each of them in their historical context. Then, it
examines the modalities in which the transition to remote e-learning
can occur in light of the disaster.
The chapter VII is devoted to discussing the challenges that
imposed themselves on higher and university education in confronting
Coronavirus in the context of global and Arab experiences. it also
examines modalities adopted by various countries to response to
the disaster’ and pursue educational attainment remotely in the
circumstances of Coronavirus and its complexity. Thereafter, the
future of higher and university education in light of the Coronavirus
crisis was discussed in Chapter VIII . Next, the future of general
and basic education is discussed in the wake of Coronavirus crisis
in Chapter IX.
In Chapter X, the book reviews the question of lessons learned
from Coronavirus crisis and It also examines the critical Arab
situation and the educational transition process to the global digital
revolution under the influence of shock. It also looks into the
modalities in which the crisis can incite the Arab school to interact
with the realities of modern-day and revolutionary transformations
in the future of the industrial revolution.
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

445 ‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬
Book summary
The book addresses the E-learning problem and challenges in
light of Coronavirus pandemic, and it examines the dialectics of
interplay and influence between the various factors and variables of
this matter. The book explores various problematic aspects related
to education in a time of Coronavirus. initially, the first chapter
reviews the first problematic shock of the Coronavirus that led to
the complete closure of schools and educational institutions and the
challenges that resulted from this matter imposed themselves on
education and its institutions in various parts of the world.
The second chapter tackles the concept of e-learning and its
interactions with various proximate concepts at various educational
levels. The third chapter is devoted to “Children confronting the
hurricane ... A generation in the face of Coronavirus” to address
the impacts imposed by the Coronavirus pandemic on the world’s
children and their lives and their activities in various parts of the
world. ‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

The chapterIV discussed the distance education as a strategic


option to face the crisis in various Arab and international
experiencesto confront the crisis in various Arab and international
experiences. As for the Chapter V, it is devoted to the research of
educational data of the Arab Gulf states in facing the crisis. Chapter
VI, reviews the problematic relationship between traditional
education and e-learning, as well as the features and characteristics

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا‬


ِّ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬ 446
‫مركز دراسات اخلليج واجلزيرة العربية ـ جامعة الكويت‬

‫اإللكرتوين وحتد َّياته يف ضوء جائحة كورونا ‪447‬‬


‫ِّ‬ ‫إشكال َّيات التَّعليم‬

You might also like