Professional Documents
Culture Documents
جدلية القيمة بين الفكر الاقتصادي والفكر المالي
جدلية القيمة بين الفكر الاقتصادي والفكر المالي
جدلية القيمة
بين الفكر االقتصادي والفكر المالي
أ .براينيس عبد القادر مواعي بحرية
جامعة عبد الحميد بن باديس-مستغانم-الجزائر (طالبة دكتوراه)
جامعة حسيبة بن بوعلي-الشلف -الجزائر
ملخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص
إف مفهوـ القيمة لو أعلية بالغة يف تأسيس الفكر االقتصادي ،فالقيمة كمفهوـ القت جدال واسعا بشأف ربديد
ماىيتها ،أبعادىا و ما ىو ادلقصود هبا ،فهل ىي مفهوـ مطلق كباقي ادلفاىيم االخرى يف الفكر االقتصادي ،أـ
مفهوـ نسيب ال ؽلكن الوصوؿ إُف ربديده بشكل دقيق؛ ويعود مفهوـ القيمة إُف زمن قدمي جدا حيث مت االنتقاؿ
بإشكالية القيمة من الفكر االقتصادي إُف الفكر احملاسيب و ادلاِف .إف اذلدؼ من ىذه الورقة البحثية ىو إبراز مدى
أعلية القيمة يف العديد من التخصصات ،ىذا باإلضافة إُف إبراز ضرورة توجو ادلؤسسات إُف ظلوذج التسيَت بالقيمة
ادلالية كمقاربة حديثة ترتكز على خلق القيمة أي تعظيم ثروة ادلالؾ اليت أصبحت بديال للمفهوـ الكالسيكي يف
ثنايا النظرية ادلالية ادلعاصرة.
الكلمات المفتاحية :القيمة ،النظرية ادلالية ،التسيَت بالقيمة.
Abstract
The concept of value has its importance in the establishment of economic
thoughts. Value as a concept had faced a lot of wide arguments to determine its
definition, dimensions and what is meant by. Does it have its absolute
understanding like others in economic thoughts? OR is it just an unreached and
inaccurate proportional concept. The concept of value was related back to ancient
times. It moves from economic thoughts to accounting and finance.
The aim of this paper is to highlight the importance of value in many disciplines. In
addition, to highlighting the needs to guide institutions to management based value
form as modern approach based on value creation which maximize the wealth of
the owners which became the alternative of Classic profit concept in the folds of
contemporary financial theory.
Keywords: value, financial theory, Value management.
85
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
المقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
لقد تبلور علم االقتصاد على فكر عميق وواسع مسي بالفكر االقتصادي الذي كاف أساس تشكيلو "القيمة"،
ىذا ادلصطلح الذي أساؿ حرب العديد من الباحثُت وادلفكرين يف سلتلف اجملاالت على مر العصور وحىت ىذا
العصر ،فالقيمة كمصطلح ظهرت بظهور احلاجة إُف ادلبادلة ،أي مبادلة السلع ببعضها ،فربزت بذلك إشكالية
القيمة القائمة على أساس ادلبادلة ،حبيث كاف من الضروري معرفة الشيء الذي غلعل السلع متساوية عند تبادذلا،
فأثَت بذلك جدؿ كبَت وتشعبت الرؤى والتوجهات بشأف حل ىذا اللغز.
وقد انتقل موضوع القيمة بُت ادلدارس الفكرية االقتصادية ،إذ حاولت كل مدرسة معاجلة ىذا ادلوضوع بطريقة
سلتلفة بعد أف قطعت شوطا كبَتا على يد فالسفة اإلغريق وكدا فالسفة القروف الوسطى؛ واجلدير بالذكر ،أف
موضوع القيمة عرؼ بزوغ فجر جديد على يد أدـ مسيت مؤسس ادلدرسة الكالسيكية ،وأشرؽ على يد كارؿ
ماركس ،ليستقر على يد احلديُت بقيادة ألفريد مارشاؿ حيث اكتملت معاَف نظرية القيمة بعد حل "لغز القيمة"
لكن ،ىذا ال يعٍت أف القيمة كمفهوـ توقفت عند ىذا احلد ،بل اتسعت رقعتها لتشمل رلاالت أخرى كانت ذات
صلة باالقتصاد ،فبعد معرفة أف العمل االجتماعي ىو الذي غلعل السلع متساوية عند مبادلتها ،وبعد ربديد الفرؽ
بُت "القيمة" و "السعر" ظهرت احلاجة إُف النظر يف مسألة تثمُت شلتلكات أصحاب ادلؤسسات وادلصانع ،أي
ربديد قيم أصوؿ ادلؤسسات ليتطور األمر إُف ضرورة ربديد قيمة ادلؤسسة نفسها وقد كانت النظرية ادلالية ادلستوحاة
من النظرية النيوكالسيكية جديرة بتسليط الضوء على مفهوـ القيمة يف شقو ادلاِف.
وقد نالت القيمة حقال واسعا من النقاش واجلدؿ على صعيد الفكر ادلاِف ؽلكن القوؿ أنو كاف بنفس القدر الذي
حظيت بو على صعيد الفكر االقتصادي مع اختالؼ طبعا فحوى النقاش .فالنظرية ادلالية عاجلت القيمة ادلتعلقة
دبوارد ادلؤسسة نفسها ،أصوذلا ادلادية وادلالية حيث أصبح مفهوـ تعظيم ثروة ادلالؾ بديال مطلقا دلفهوـ الربح ،إذ
يرتبط مفهوـ تعظيم ثروة ادلالؾ ارتباطا وثيقا بالقيمة اإلصبالية للمؤسسة ،فخلق الثروة للمساعلُت ال ؽلكن أف يتحقق
إال إذا مت العمل على تعظيم قيمة السهم .يف ىذا السياؽ ظهر اذباه حديث عرؼ دبدخل التسيَت بالقيمة ادلالية
الذي يرتكز على مقاربة خلق القيمة للمساعلُت واليت تعٍت أف تكوف العوائد احملققة أكرب من تكاليف رؤوس األمواؿ
ادلستثمرة من طرؼ ادلساعلُت.
اإلشكالية
بعد ىذا الطرح ،ؽلكن صياغة إشكالية ىذه الورقة البحثية يف السؤاؿ ادلواِف:
-كيف تم االنتقال بإشكالية القيمة من الفكر االقتصادي إلى الفكر المالي من خالل مفهوم خلق القيمة؟
يتفرع ىذا السؤاؿ الرئيسي إُف أسئلة فرعية تبلورت يف النقاط ادلوالية:
86
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
87
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
88
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
-المعنى األول :ادلادة ادلفيدة ،فلكي تكوف للبضاعة قيمة البد أف تكوف نافعة اجتماعيا (إشباع حاجة ما).
-المعنى الثاني :أف يكوف ذلا صفة إمكانية احلصوؿ على مواد أخرى حبيث تتمكن من امتالؾ ىذه ادلادة.
ىدا معناه أف للبضاعة قيمتُت ،قيمة استعمالية وقيمة تبادلية ،وقد واجو مسيت يف ذلك لغزا كبَتا كاف دبثابة الشرارة
األ وُف اليت شكلت حقل اجلدؿ حوؿ مفهوـ القيمة ،حيث الحظ مسيت أنو كثَتا ما زبتلف قيمة االستعماؿ عن
قيمة ادلباد لة ،إذ أف السلعة اليت تتمتع بقيمة كبَتة يف االستعماؿ قد ال تتمتع إال بقيمة زىيدة يف ادلبادلة ،والعكس
صحيح ،غَت أف مسيت َف يقف لتمحيص العالقة بُت ادلنفعة والقيمة.
ىذا ما جعل مسيت ػليد عن التفسَت الصحيح للقيمة وقاده ذلك إُف الوقوع يف التناقض والتمس تفسَت القيمة يف
عوامل أخرى كامنة يف السلعة مثل كمية العمل ونفقة اإلنتاج 11كما اعترب أدـ مسيت أف القيمة والسعر الطبيعي
(سعر السوؽ) للسلعة علا شيء واحد باعتبار أف سعر البضاعة ربدده ادلنافسة أو سعر النفقات ،إذ يًتجم سعر
النفقات باألجور ،الربح ،والريع. 12
ب .القيمة عند دافيد ريكاردو
لقد عرؼ دافيد ريكاردو قيمة السلعة بأهنا " العمل الضروري ادلصروؼ يف إنتاجها وليس العمل الذي ؽلكن
شراؤه هبذه البضاعة" 13كما تعرض ريكاردو إُف شيء جد ىاـ يف نظرية القيمة ،وىو ضرورة التفرقة بُت القيمة
والسعر إذ يشمل السعر- :أجر العمل ادلباشر الذي بذؿ يف احلاضر؛
-أجر العمل غَت ادلباشر (ادلخزف) الذي بذؿ يف ادلاضي،
-فائض القيمة وىو يشمل فائض الربح.
وهبذا يكوف ريكاردو قد فصل بُت نظرية القيمة ونظرية سعر السوؽ ،باعتبار أف قوة الطلب تؤثر يف السعر فتجعلو
14
ينحرؼ عن القيمة
.6.1القيمة في المدرسة الماركسية (نهاية القرن )22
لقد بدأ كارؿ ماركس ) (1883-1818معاجلتو دلسألة القيمة بنقد موضوع ومنهج االقتصاد السياسي
الكالسيكي ، 15إذ وبعد ربليل عميق يرى ماركس أنو من الضرورري التفرقة بُت :16
-العمل وقوة العمل
-العمل ادللموس والعمل اجملرد
-القيمة االستعمالية والقيمة
89
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
وهبذا ،يكوف ماركس قد فسر القيمة من شقيها الكمي والكيفي ،فمن الناحية الكيفية تتميز السلع خباصية مشًتكة
ذبعلها قابلة للتبادؿ بينها رغم اختالؼ قيم استعماذلا.
أما من الناحية الكمية سبثل كل سلعة جزءا من العمل االجتماعي اجملرد ،فمقدار القيمة يقاس بكمية العمل
الالزـ اجتماعيا إلنتاج السلعة ،وىو يؤكد ذلك بقولو " تظهر قيمة التبادؿ أوال كعالقة كمية وكدرجة يتم فيها
17
تبادؿ قيم استعماؿ أنواع سلتلفة بُت بعضها البعض"
وقد راح كارؿ ماركس إُف أبعد من ذلك عندما بُت أف فائض القيمة أو ما يسميو بالقيمة الزائدة 18ىي نتاج قوة
العمل وليس عملية العمل ،وىذا ما عجزت ادلدرسة الكالسيكية عن الوصوؿ إليو بسبب اخلطأ يف ادلطابقة بُت
العمل وقوة العمل وعدـ اكتشاؼ قوة العمل باعتبارىا بضاعة تشكل صفقة بُت العامل ورب العمل .19
.7.1القيمة في المدرسة النيوكالسيكية (نهاية القرن 19وحتى منتصف القرن ) 22
لقد تبلور الفكر النيوكالسيكي على يد كتاب اجليل األوؿ من احلديُت ،أعلهم ستانلي جيوفنز يف إصلليًتا،
وكارؿ منجر يف النمسا ،وليوف فالراس بفرنسا ،وازداد ىذا الفكر اكتماال على يد كتاب اجليل الثاين ،أشهرىم
ألفريد مارشاؿ ،20إذ حاوؿ ىذا األخَت تفسَت القيمة عن طريق اجلمع بُت االذباه الكالسيكي واالذباه احلديث
دلفهوـ القيمة.
لقد حدد ألفريد مارشاؿ قيمة السلعة عن طريق تفسَته لتشكيل األسعار ،حيث اعترب أف العامل األساسي
احملدد للسعر ىو الطلب على البضائع ،وأف الطلب بدوره يتحدد بادلنفعة احلدية ،وذلك يف الفًتة القصَتة األجل
من اإلنتاج ،ويكوف ألفريد مارشاؿ ،قد أخذ ىنا بنظرية ادلنفعة احلدية؛ وإذا كانت الفًتة متوسطة األجل حيث
ؽلكن إد خاؿ عناصر جديدة إُف اإلنتاج ،فيعترب ألفريد أف تكاليف اإلنتاج ىي اليت ربدد السعر ويتوازف العرض
والطلب ،وهبذا يكوف قد أخذ يف ىذه احلالة بنظرية نفقات اإلنتاج. 21
.2القيمة في الفكر المحاسبي
لقد عاًف الفكر احملاسيب مفهوـ القيمة من خالؿ أدوات القياس احملاسيب اليت يتم اعتمادىا حلساب تكلفة
األصوؿ وفق مدخل زمٍت ،إذ ؽلكن التمييز يف ىذا الصدد بُت طرؽ التقييم التالية : 22
.1.2التقييم على أساس التكلفة التاريخية
إف التكلفة التارؼلية مصطلح يعرب عن الثمن الذى دفع للحصوؿ على السلعة سابقاً باإلضافة إُف سائر التكاليف
الىت أنفقت عليو حىت بدء استخدامو واالنتفاع بو ،ويرى البعض أف ىذه القيمة ربدد بطريقة موضوعية دبعٌت أف ال
دخل للتقدير الشخصى ىف ربديدىا فكل ما أنفق للحصوؿ على األصل مت فعال وتتوفر لو مستندات ؽلكن التأكد
منها ،وبالتاُف ال ؼلتلف ىف ربديدىا أحد وال ربتاج إُف خبَت.
90
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
91
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
وعليو ،فإف نظرية القيمة وجدت يف رلاؿ ادلالية من خالؿ أعماؿ كل من , WILLIMS,77 FISHER
GORDONوغَتىم حيث أمكن استخالص مايلي :28
-يتم استحداث تدفقات العوائد ادلستقبلية من خالؿ معدؿ مردودية مفروض حبيث تسمح ىذه التدفقات بقياس
قيمة ادلؤسسة؛
-القيمة السوقية للمؤسسة ربل زلل القيمة احملاسبية لألصوؿ ورؤوس األمواؿ اخلاصة؛
-توزيع األرباح يؤثر على قيمة ادلؤسسة.
.1.3القيمة من منظور النظرية المالية و االسهامات التي جاءت بها
شلا ال شك فيو أف النظرية ادلالية مستوحاة من النظرية النيوكالسيكية للمؤسسة ،واليت كانت ترى دائما أف ىدؼ
ادلؤسسة االقتصاد ية ىو تعظيم الربح ،إال أف مفهوـ الربح أو العائد الذي جاءت بو النظرية النيوكالسيكية َف يعد
موجودا يف النظرية ادلالية واليت تبنت مفهوـ ثروة ادلالؾ ،الثروة اليت ؽلكن تأويلها بقيمة أسهم ادلؤسسة.
وبالتاِف ،فإف النظرية ادلالية أدرجت ومنذ البداية مفهوـ القيمة ضمن اذلدؼ الذي تسعى إليو ادلؤسسة أال وىو
تعظيم ثروة ادلالؾ من خالؿ قدرهتا على خلق القيمة؛ وؽلكن يف ىذا الصدد معاجلة مفهوـ القيمة يف النظرية ادلالية
من خالؿ التقسيم ادلواِف:73
أ .القيمة في النظرية المالية الكالسيكية
إف ادلالية كتخصص ظهر يف بداية القرف العشرين حبيث انفصل سباما عن االقتصاد ،وأصبح زلتواه األساسي
والوصفي يشمل ويغطي األدوات ادلالية ،اذليئات وادلؤسسات واإلجراءات ادلستعملة على مستوى األسواؽ ادلالية.
ولفًتة دامت حواِف 19سنة سبيزت ادلالية بعدـ توفر نظرية مالية حبثة ؽلكن االعتماد عليها لفهم تطور زليط
ادلؤسسة ،إذ اضلصر مفهوـ القيمة يف ىذه ادلرحلة يف القياس ،أي قياس قيم أصوؿ ادلؤسسة (سبت اإلشارة إليو يف
احملور الثاين من ىذه الورقة).
ب .النظرية المالية من 1922إلى بداية 1952
مع بداية سنوات العشرينات أخدت ادلالية منحا آخر ،إذ أف االبتكارات التكنولوجية وظهور الصناعات
اجلديدة أدت إُف تزايد احلاجة إُف رؤوس األمواؿ شلا أدى إُف أعلية تعزيز مصادر التمويل والسيولة وذلك بالًتكيز
على األبعاد ادلالية للبقاء دبا يف ذلك احملافظة على السيولة ،قرارت اإلفالس وإعادة التأىيل.
وقد خصصت ادلرحلة ادلنحصرة ما بُت االربعينات وبداية اخلمسينات للمقاربة التقليدية اليت ترتكز على وجهة نظر
الشركاء اخلارجيُت للمؤسسة سواءا كانوا مقرضُت أو مستثمرين من خالؿ مفهوـ تعظيم القيمة السوقية لسعر
السهم ،وىو ما أسهم يف بزوغ النظرية ادلالية شبو التقليدية اذلادفة إُف تعظيم قيمة ادلؤسسة يف البورصة .93
92
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
93
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
مربرا ذلك بعدـ حصولو على األرباح إال يف حدود مساعلتو يف رأمساؿ وأنو يتحمل الفشل وىذا ما من شأنو التأثَت
على قيمة ادلؤسسة .39
حققت سنوات الثمانينات تطورا بشأف القيمة إذ بُت ميَتز Myersوماجلوؼ Majlufمن خالؿ ادلقاؿ الذي
مت نشره سنة 404391أنو على الرغم من عدـ سباثل ادلعلومات ادلوجود بُت ادلسَتين ومقدمي رؤوس األمواؿ
وادلستثمرين ،فإف اذليكل التمويلي وتوزيع األرباح تعترب من أىم زلددات قيمة ادلؤسسة ،وىي دبثابة إشارات ربمل
معاين ومعلومات تفيد يف توجيو ازباذ القرار دلختلف األعواف.
.2.3التسيير بالقيمة المالية مقاربة حديثة
تتجو ادلقاربات احلديثة للتحليل االسًتاتيجي إُف ظلادج التسيَت بالقيمة ادلالية Management par la valeur
MVF financièreاليت ترتكز على خلق القيمة الذي يعٍت خلق للريوع أين تكوف العوائد أكرب من تكاليف
رؤوس األمواؿ ادلستثمرة ، 41وىذا معناه أف مقاربة خلق القيمة تسعى إُف تعظيم ثروة ادلالؾ ومن مت تعظيم قيمة
ادلؤسسة ،فالتسيَت بالقيمة ادلالية إذف ىو إطار عمل تسيَت ادلؤسسة من أجل خلق قيمة أكرب للمساعلُت على ادلدى
الطويل بشكل ػلقق الرضا على مستوى كل من سوؽ ادلنتجات وسوؽ رأس ادلاؿ. 42
أ .أساس التسيير بالقيمة
يعترب التسيَت بالقيمة كمقاربة حديثة ترتكز على مفهوـ خلق القيمة من خالؿ السعي وراء تعظيم ثروة ادلالؾ،
وبالتاي تعظيم قيمة ادلؤسسة ،فالقصد من التسيَت بالقيمة ىو زيادة حقوؽ ادلساعلُت الذي أصبح بديال دلفهوـ
الربح يف ثنايا النظرية ادلالية ادلعاصرة.
اجلدير بالذكر أف ظلوذج التسيَت بالقيمة قد ساىم يف سعي ادلؤسسات إُف البحث عن احلجم األنسب وىذا
ما إدى إُف القياـ بعمليات دمج-امتالؾ fusion-acquisitionعلى نطاؽ واسع وذلك بغرض خلق القيمة.
ب .عالقة خلق القيمة باألداء المالي واالقتصادي للمؤسسة
يرتبط خلق القيمة يف شقو ادلاِف ارتباطا وثيقا بالعوائد اليت ينتظرىا ادلساعلُت ولذلك فهي مفهوـ غَت مطلق وال
ؽلكن ربديده بدقة ،وبالرغم من ذلك فقد ذىب الكثَت من الباحثُت يف رلاؿ ادلالية وباالرتكاز على النظرية ادلالية
ادلعاصرة إُف زلاولة شرح ىذا ادلفهوـ؛ فبالنسبة لبابلو فرنانديز FERNANDIZ 43تكوف ادلؤسسة قادرة على
خلق القيمة دلساعليها عندما تتجاوز قيمة العائد تكلفة السهم (قيمة العائد على حقوؽ ادلساعلُت ادلنتظر أو الذي
يفًتض ربقيقو)؛ وينتج خلق القيمة عن الفرؽ بُت نتيجة االستغالؿ بعد الضريبة وتكلفة األصوؿ واليت سبثل تكلفة
رأس ادلاؿ حيث يتم حساب ىذه األخَتة وفقا ألسعار الفائدة وعالوة خطر القطاع.44
94
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
ىذا معناه أف ادلؤسسة تكوف قادرة على خلق القيمة عندما يكوف عائد رأس ادلاؿ ادلستثمر أكرب من االمواؿ
اخلاصة ،فخلق القيمة يعكس األداء اجلوىري ويركز على الربح االقتصادي أو ما يسمى بالقيمة ادلضافة االقتصادية
EVAواليت تعترب أحد أىم مؤشرات قياس خلق القيمة داخل ادلؤسسة يف النظرية ادلالية ادلعاصرة.
وذلذا أصبح لزاما على ادلؤسسات االقتصادية السعي وراء ىدؼ خلق القيمة وذلك بالًتكيز على انشغالُت جوىريُت
علا :45
-ربسُت الربح االقتصادي ادلتحصل عليو بنفس القدر أو أكثر من خالؿ سياسة جديدة ترتكز على ادليزانية
(أحسن استغالؿ لألصوؿ الثابتة وتدنية حاجيات رأس ادلاؿ العامل) والتخلي عن السياسة التقليدية اليت ترتكز
على جدوؿ حسابات النتائج (رفع ادلبيعات وتدنية التكاليف)؛
-النمو ،إذ أف خلق القيمة يدفع إُف السعي وراء النمو ،لكن ليس النمو بأي شبن ،ولكن النمو اخلالق للقيمة أي
الذي سيحقق عائدا ،إذ أف إعادة معاجلة االستثمارات االسًتاتيجية من شأنو تسهيل ىذه العملية.
وقد كانت مساعلة ألفريد ربابورت A.RAPPAPORTيف غاية األعلية ،حبيث سبكن ىدا الباحث من إعادة
تعريف النهج االسًتاتيجي أين تشكل مقاربات القيمة للمساىم وادليزة التنافسية ترابطا وتكامال كبَتين ،وىذا معناه
أف ادليزة التنافسية اجملسدة يف إنتاجية عنصري العمل ورأمساؿ ىي مصدر خلق القيمة 46وىو األمر الذي يتفق سباما
مع ادلنطق الذي فسر بو آدـ مسيت مفهو القيمة ،إذ يتضح ىنا أف القيمة كمفهوـ انتقلت من الفكر االقتصادي
إُف الفكر ادلاِف زلافظة على نفس ادلنطق والركائز.
الخالصة
يف هناية ىذه الورقة ؽلكن القوؿ أف القيمة قد حظيت باىتماـ كبَت بالنظر إُف ادلدارس والنظريات والدراسات
اليت اسًتسلت كثَتا يف معاجلة ىذا ادلوضوع لتضفي عليو ثراءا علميا شليزا.
إف الفصل بُت االقتصاد وادلالية َف يعٍت أبدا عندما تعلق األمر دبسألة القيمة أف الفكر ادلاِف َف يستمد ادلفاىيم
األساسية للقيمة من الفكر االقتصادي ،بل على العكس من ذلك ،فإف االقتصاد ساعد بشكل كبَت يف ربديد
معاَف القيمة األساسية ليتم االنتقاؿ هبا إُف ادلالية ،فالفكر االقتصادي حل لغز القيمة ،وليس ىذا فقط فقد فرؽ
بُت السعر والقيمة فجعل من عملية التقييم ادلاِف والتثمُت عملية ذلا أسسها ادلفاعلية.
وغلب التنويو إُف أف أصل مفهوـ القيمة من خالؿ سلتلف ادلساعلات اليت جاءت هبا النظرية ادلالية (نظرية اخليارات،
نظرية اإلشارة ،نظرية الوكالة )...قد استفاد من رؤية غَت متجانسة دلختلف الباحثُت ،وذلك على أساس النظرة
95
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
الشخصية وكدا زبصص كل واحد منهم ،وىذا ما جعل ادلنظرين األكادؽليُت غلمعوف على أف القيمة مفهوـ نسيب
وليس مطلق.
إف الثراء ادلعريف الذي قدمتو ىذه ادلساعلات أدى إُف إحياء النقاش ادلتعلق بالقيمة يف أواخر القرف العشرين خاصة
من خالؿ ادلقاربات ادلرتكزة على خلق القيمة ،وكدا من خالؿ توزيعها على سلتلف شركاء ادلؤسسة ،حيث يتفق
جل الباحثُت يف ادلالية على مشروعية خلق القيمة وتعظيمها كهدؼ أساسي للمؤسسة.
شلا تقدـ ؽلكن أف زبلص ىذه الورقة البحثية إُف صبلة النتائج التالية:
-القيمة مفهوـ نسيب وليس مطلق حبيث ال ؽلكن حصر ىذا ادلفهوـ يف تعريف شامل ،فهي تتأرجح بُت ادلفهوـ
الذايت وادلفهوـ ادلوضوعي ،كا ؽلكن أف تكوف قيمة ادلبادلة أو قيمة التكاليف أو قيمة ادلنفعة؛
-الفصل بُت االقتصاد وادلالية ساعد على الًتكيز على تعظيم ثروة ادلالؾ بدال من تعظيم الربح ،إذ أف ىذا االخَت
يعترب مفهوما ضيقا ،على عكس تعظيم ثروة ادلالؾ اليت يراد بو تعظيم حقوؽ ادلساعلُت ومن مت تعظيم قيمة
ادلؤسسة؛
-ترتكز النظرية ادلالية ادلعاصرة على النظرية النيوكالسيكية ،وىذا ما ساعد على االنتقاؿ بنظرية القيمة من الفكر
االقتصادي إُف الفكر ادلاِف بتوجهات مالية زلضة انطالقا من توجهات اقتصادية أعلها تعظيم الربح أو ما كاف
يسمى بفائض القيمة؛
-الفصل بُت اإلدارة وادللكية أدى إُف ضرورة السعي وراء تعظيم قيمة ادلؤسسة اإلصبالية؛ فنظرية القيمة يف الفكر
االقتصادي عاجلت قيمة السلع العادية ،لكن الفكر ادلاِف عاًف قيمة ادلؤسسة واليت ليست سلعة عادية بل كيانا
معقدا استدعى قياـ ايديولوجية متكاملة ىي إيديولوجية التسيَت بالقيمة ادلالية.
الهوامش
-1ـ.ح .دويدار ،)2007( ،مبادئ االقتصاد السياسي" ،االقتصاد النقدي" ،دار اجلامعة اجلديدة ،مصر ،ص.121:
-2ـ.ح .طوالبو ،) 1988( ،سلسلة التحليل االقتصادي " آفاؽ يف نظرية القيمةاالقتصادية " وثيقة عمل ،معهد العلوـ االقتصادية،
وىراف ،ص ص.06-05 :
-3نفس ادلرجع أعاله ،ص.07 :
-4ع.ر .خلدوف ،)1858( ،مقدكة ابن خلدوف ،اجلزء األوؿ من كتاب :العرب وديواف ادلبتدا و اخلرب ،اجمللد االوؿ،1377 ،
بتحقيق ادلستشرؽ الفرنسي أ.ـ .كاترمَت ،طبعة باريس ،مكتبة لبناف.
-5ـ.ح .دويدار ،) 2002( ،مبادئ االقتصاد السياسي" ،األساسيات" ،اجلزء األوؿ ،منشورات احلليب احلقوقية ،بَتوت،
ص.166:
6
– R.E. FRANCOIS, (1997), W.I.PETTY (1623_1687), fondateur de l’économie politique,
Economica, Paris.
96
العدد الثالث (مارس)2016 رللة البشائر االقتصادية
-7س.ع .النجار ،)1973( ،تاريخ الفكر االقتصادي" ،من التجاريُت إُف هناية التقليدين" ،دار النهضة العربية ،بَتوت ،ص .29 :
8
- G.I.DOSTALER, (2012), François Quesnay Fondateur de la physiocratie, Alternatives
économiques Poche n° 057
– 9ج.و .نايهنز ،)1997( ،النظرية االقتصادية" ،اإلسهامات الكالسيكية" ،الطبعة األوُف ،ترصبة أضبد صقر ،ادلكتبة
األكادؽلية،مصر ،ص.80 :
10
- A.D.SMITH, (1776), Recherche sur la nature et les causes de la richesse des nations, livre 1,
Traduction française de Germain Garnier, 1881à partir de l’édition revue par Adolphe Blanqui en
1843, p: 33.
– 11س.ع .النجار ،مرجع سابق ،ص.180 :
-12ـ.ح .طوالبة ،مرجع سابق ،ص .27 :
13
– D.A. RICARDO, (1847), Des principes de l‘économie politique et de l‘impôt, traduit par Salano
CONSTANCIO et Alcide FONTEYRAUD, a partir de la 3eme édition anglaise de 1821, collection
des principaux économistes, Paris, Tome 13, Vol 1 , P:10-11.
-14س.ع .النجار ،مرجع سابق ،ص.215 :
15
- K.A. MARX, (1867), Le capital, livre 1, Londres, 25 juillet pp: 8-21.
-16ـ.ح .دويدار ،مرجع سابق ،2002 ،ص.256 :
-17ع.ؿ .بن أشنهو ،)2000( ،مدخل إُف االقتصاد السياسي ،ديواف ادلطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،ص.74:
-18ؼ.ي .فولكوؼ و ت.ا .فولكوؼ ،)1988( ،ما ىي القيمة الزائدة ،ترصبة إلياس شاىُت ،دار التقدـ ،موسكو ،ص 61 :
)بتصرؼ(،.
-19د.ؿ .عارؼ ،)1979 -1978(،االقتصاد السياسي ،مديرية الكتب وادلطبوعات ،منشورات جامعة حلب ،سوريا ،ص :
.258
-20ـ.ح .دويدار ،مرجع سابق ،2002 ،ص ص .162-261 :
– 21س.ع .طوالبة ،مرجع سابق ،ص.58 :
-22ـ.ع.عبد احلليم ،األسس العلمية للتقومي والتثمُت ىف الفكر والتطبيق االقتصادى واحملاسىب ،مؤسبر تنشيط السوؽ العقاري ادلصري،
تنظيم كل من جامعة األزىر واجلمعية ادلصرية دلثمٍت األمالؾ العقارية ،ىف الفًتة من 27-25يونيو 2002ـ.
– 23ت.ـ .رفاعة ،)2010( ،أثر تعليمات مصرؼ سوريا ادلركزي يف التزاـ ادلصارؼ اخلاصة دبتطلبات القياس واإلفصاح بالقيمة
العادلة ل ألدوات ادلالية وفق للمعايَت الدولية إلعداد التقارير ادلالية ،رللة جامعة دمشق للعلوـ االقتصادية والقانونية ،سوريا ،اجمللد ،26
العدد االوؿ ،ص.625 :
24
- G.H.P. GIFFARD,( 1939), The theory of investment value by J.B. Williams, the economics
journal, vol 49, N° 193, p: 121.
25
– M.O.ELKABBOURI, (2010), Stratégie et valeur de l‘entreprise « Contribution a l‘identification
des outils de mesure et des leviers de création de valeur », Thèse de doctorat en sciences
économiques, Université de SETAT, HASSAN PREMIER, MAROC, PP : 24-25.
26
- C.H.BOUCHER, (2006), Le model de la Fed et la prévisibilité des rentabilités, ESG, Université
Paris Nord, CEPN, P: 02.
97
)2016العدد الثالث (مارس رللة البشائر االقتصادية
و اليت،1907 لقد تعرض فيشر لتحديد ق يمة األصلعندما تعرض لتحليل القيمة احلالية وذلك من خالؿ أعمالو اليت قاـ هبا سنة-27
. وتدفقات اخلزينة دببالغ نقدية، ىدا من جهة،)تضمنت مقارنة دلعدالت الفائدة باألسعار( معدؿ خصم
28
- M.O. ELKABBOURI, Op.cit, P: 26.
.41 : ص،4 العدد، رللة الباحث، قراءة يف االداء ادلاِف والقيمة يف ادلؤسسات االقتصادية،)2006( ، دادف. غ. ع-73
.42 : ص، نفس ادلرجع أعاله-93
.42 : ص، نفس ادلرجع اعاله-91
، رأس ادلاؿ ادلاِف ىو رأس ادلاؿ الوعلي أو الرمزي والذي يستثمر يف األصوؿ ادلالية وادلدر للريع ادلاِف يف شكل عوائد األسهم-32
. وبالتاِف فرأس ادلاؿ ادلاِف يكتسب الطبيعة الريعية فهو يعيش على توظيف رأس ادلاؿ وليس على استثماره، إٍف....الفوائد على القروض
33
- MODIGLIANI and MILLER, (1958), The cost of capital “corporation finance and the theory of
investment“, American economic review, N° 3, Vol XLVIII.
34
- SHARPE, (1964), Capital asset price “ A theory of market equilibrium under condition of risk” ,
Journal of finance, Vol XIX, N° 3.
35
- J.LINTNER, (1965), The evaluation of risk asset and the selection of risk investments in stock
portfolios and capital budgets, Review of economic and statistics, Vol 47, N° 1.
36
- BLACK and SCHOLES, (1973), The price of options and corporate liabilities, Journal of
political economy, Vol 81, N° 3, pp: 637-654.
37
- JENSEN and MICKLING, (1976), Theory of the firm “Managerial behavior, agency cost and
ownership” Journal of financial economics, Vol 3, N° 4, pp: 305-360.
توظيف عماؿ جدد لتخفيف العبئ واالستفادة من الراحة، شراء سيارة، تأثيث ادلكتب بأثات فاخر: ادلداخيل غَت ادلالية مثل-38
إٍف.... بقدر كاؼ
39
- F. JENSSEN, (1998), L‘ influence de l‘interpénétration du dirigent de son entreprise sur
l‘endettement des PME sur leur relation avec les banques, Institut des recherches sur les PME,
N°98\07, p : 05 dans :
" إشكالية سبويل ادلؤسسات االقتصادية "دراسة سبويل ادلؤسسات الصغَتة وادلتوسطة يف اجلزائر،)2011/2010( ،العايب ياسُت
.45 -44 : ص ص، جامعة قسنطينة،أطروحة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الدكتوراه يف العلوـ االقتصادية
40
- MYERS and MAJLUF, (1984), Corporate financing and investment decisions when firms have
information that investor do not have, Journal of financial economics, Vol 13, N° 02, pp: 184-221.
41
- C.H.HOARAU et R.O. TELLER, (2001), Création de valeur et management de l’entreprise,
édition Vuibert, Paris,, P : 52.
42
- A.N. AMEELS, (2002), Value based management “control processes to create value through
integration” a literature review, management school associated with Ghent University with
Katholieke University Leuven, P: 06.
43
- P.A.FERNANDEZ and A.L.VILLANUERA, (2004), Shareholder value creation in Europe”
EUROSTOXX50:1997-2003”, Business school, IESE, university of Navarra, working paper, N°
547, p:02.
44
- M.O. HAMDAN, (2009), Création de valeur et évaluation des entreprises, le Quotidien d´Oran,
N° 4422, p : 07.
45
-Idem, p: 07.
46
- A.L. RAPPAPORT, (1986), Creating shareholder value “a guide of managers and investors”, the
free press, a division of SIMON and SCHUSTER, New York.
98