Professional Documents
Culture Documents
) (أصرار يشاسك تكهٛح انششٚؼح جايؼح انقشآٌ انكشٚى ٔانؼهٕو اإلصاليٛح.
الـعـــدد الخامس 1437هـ ـــ 257 مجلة حوليات كلية الشريعة
2016م
د .عز الدين أحمد إةراهيم
خامتة البحث :الفوائد اليت ديكن استخالصها من البحث
أسأل هللا أن ينفع بو القارئ وأن جيعلو معينا على تعلم استخدام القياس على
الوجو الصحيح وزايدة القدرة على التمييز بُت الصحيح والفاسد من القياس عند
االشتباه وما توفيقي إال اب﵁ عليو توكلت وإليو أنيب.
ادلبحث األول
يف أسباب اختالف الفقهاء والتعريف ابلقياس وأنواعو ومعٌت تعارض األدلة
وتفسَت ما ىو واقع من كثرة تعارض القياس يف كتب الفقهاء.
أسباب اختالف الفقهاء
الختالف الفقهاء أسباب ودواع منطقية وواقعية ال زليص وال مناص من
االختالف مع وجودىا وقد كتب يف بياهنا أىل العلم قدديا وحديثا لكون العلم
بتلك األسباب من ادلعينات على فهم ادلسائل ادلختلف فيها واخلروج من ر بقة
التعصب للمذاىب وأقوال الرجال وإحسان الظن بعامة أىل العلم من فقهاء
اإلسالم وزبفيف حدة التوتر بُت أتباع ادلذاىب ومن الذين كتبوا يف بيان أسباب
اختالف الفقهاء القاضي أبو الوليد بن رشد يف مقدمة كتابو النفيس بداية اجملتهد
وهناية ادلقتصد ورد اختالف الفقهاء إىل ستة أسباب على وجو اإلمجال( )1والعالمة
ابن جزي الغرانطي يف الباب العاشر من كتابو تقريب الوصول إىل علم األصول
)(1أتٕ دأد ص 482كراب اٞضادٗ تاب يا جاءف ٙركاج انجُ ٍٛدذٚث سقى 2824
1437هـ ـــ الـعـــدد الخامس 260 مجلة حوليات كلية الشريعة
2016م
أثر ثعارض الأقيسة في اخجلاف الفقهاء أمثلةثطتيقية
من كجاب العتادات
القياس يف اللغة عبارة عن التقدير ومنو يقال قست األرض ابلقصبة وقست الثوب
ابلذراع أي قدرتو بذلك وىو يستدعى أمرين يضاف أحدمها إىل اآلخر ابدلساواة
فهو نسبة وإضافة بُت شيئين وذلذا يقال فالن يقاس بفالن وال يقاس بفالن أي
يساويو وال يساويو(.)1
ويف اصطالح الفقهاء قال الباجي يف تعريفو « :ىو محل أحد ادلعلومُت على
اآلخر يف إجياب بعض األحكام ذلما وإسقاطو عنهما أبمر يجم ع بينهما»(.)2
وأما أقسام القياس فقد قسم القياس إىل تقسيمات كثَتة منها :تقسيمو إىل قياس
طرد وقياس عكس قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحو هللا « :فالقياس الصحيح ىو
الذي وردت بو الشريعة وىو اجلمع بُت ادلتماثلُت والفرق بُت ادلختلفُت األول قياس
الطرد والثاين قياس العكس وىو من العدل الذي بعث هللا بو رسولو»(.)3
وقسم القياس إىل قياس علة وقياس شبو قال ابن جزي الغرانطي رمحو هللا :
«ينقسم القياس إىل نوعُت قياس علة وقياس شبو فقياس العلة ىو الذي يكون
اجلامع فيو بُت األصل والفرع وصفا ىو علة للحكم وموجبا لو كتحرًن النبيذ
ادلسكر ابلقياس على اخلمر واجلامع بينهما االسكار وىو علة التحرًن وقياس شبو
وىو الذي يكون اجلامع فيو ليس بعلة للحكم كإجياب النية يف الوضوء ابلقياس
)(1اإلدكاو ف ٙأصٕل اٞدكاو نٝيذ٘ ٔ 124/3اَظش نضاٌ انؼشب التٍ يُظٕس 270/11يادج قٛش
)(2إدكاو انفصٕل ف ٙأدكاو اٞصٕل 457/2
)(3يجًٕع فرأٖ شٛخ اإلصالو اتٍ ذًٛٛح 504/20
الـعـــدد الخامس 1437هـ ـــ 261 مجلة حوليات كلية الشريعة
2016م
د .عز الدين أحمد إةراهيم
على التيمم واجلامع بينهما أن كل واحد منهما طهارة من حدث والطهارة من
احلدث ليست علة لوجوب النية وإمنا ىي وصف يشًتك فيو األصل والفرع .قال
ابن جزي وزاد بعض األصوليُت نوعا اثلثا مسوه قياس الداللة .قال أبو ادلعايل :ال
معٌت لعده قسما على حدتو ألنو اترة يلحق بقياس العلة واترة بقياس الشبو .وزاد
بعضهم قياس ادلناسبة وىو ادلبٌت على ربصيل مصلحة أو دفع مفسدة»(.)1
وقياس الداللة الوارد يف كالم ابن جزي عرفو ابن القيم بقولو « :وأما قياس الداللة
فهو اجلمع بُت األصل والفرع بدليل العلة وملزومها ومنه ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ(فصلت )2( )٣٩:فدل سبحانو عباده دبا أراىم من اإلحياء
الذي ربققوه وشاىدوه على اإلحياء الذي استبعدوه وذلك قياس إحياء على
بظَته والعلة ادلوجبة ىي عموم قدرتو سبحانو وكمال حكمتو
إحياء واعتبار الشيء ن
()3
وإحياء األرض دليل العلة»
االختالف يف االحتجاج بقياس الشبه:
اتفق القائلون حبجية القياس على االحتجاج بقياس العلة واختلفوا يف جواز
االحتجاج بقياس الشبو :قال القاضي أبو الوليد الباجي رمحو هللا بعد تعريفو قياس
) (1إسشاد انفذٕل نهشٕكأَ 86/1 ٙانذذٚث سٔاِ اتٍ ياجّ ف ٙانًقذيح تاب اذثاع صُح سصٕل هللا
ﷺ 4/1دذٚث سقى ""5
الـعـــدد الخامس 1437هـ ـــ 269 مجلة حوليات كلية الشريعة
2016م
د .عز الدين أحمد إةراهيم
ألنو طويل مشقوق فأشبو البوق ويف السعي بُت الصفا وادلروة :إنو سعي بُت
جبلُت فال يكون ركنا كالسعي بُت جبلُت بنيسابور» .قال الشوكاين « :وال يشك
عاقل أن ىذا سخف»(.)1
خدمة يف كتب الفقو فال يشك يف أن وأما الناظر يف التفصيل وىو األقيسة ادلست
كثَتا من الفقهاء مل يلتزموا تلك الضوابط اليت قرروىا يف كتاب القياس من كتب
األصول فقاسوا على غَت علة جامعة وأبدىن شبو أو طرد يقول اإلمام النووي رمحو
هللا عند ذكر األدلة على طهارة ادلٍت « :وذكر أصحابنا أقيسة ومناسبات كثَتة
غَت طائلة وال نرتضيها وال نستحل االستدالل هبا وال نسمح بتضييع الوقت يف
()2
كتابتها وفيما ذكرانه كفاية»
فانظر إىل قول النووي رمحو هللا يف أقيسة استخدمها واستدل هبا فقهاء شافعيون
غَت طائلة وال نرتضيها وال نستحل االستدالل هبا ويرى االشتغال بذكرىا مضيعة
للوقت فمثل ىذه األقيسة ىي اليت تظهر لنا كثرة التعارض بُت األقيسة يف كتب
الفقو كثرة جعلت نفاة القياس يعدون من أدلة بطالن القياس إمكان معارضة كل
قياس بقياس مثلو .وكالم النووي رمحهم هللا شاىد على أنو ليس احلنفية وحدىم
ىم الذين ابلغوا وتوسعوا يف القياس بل ادلتأخرون من سائر اتباع ادلذاىب ادلعتدة
ابلقياس ويقول ابن القيم رمحو هللا معلقا على قول البخاري :ابب من شبَّو أصال
) (1صذٛخ يضهى يغ ششدّ نهُٕٔ٘ 188/3كراب انطٓاسج تاب غضم انثٕب يٍ انًُٙ
الـعـــدد الخامس 1437هـ ـــ 273 مجلة حوليات كلية الشريعة
2016م
د .عز الدين أحمد إةراهيم
ابألحداث اخلارجة من البدن وبُت أن يشبو خبروج الفضالت الطاىرة كاللبن
()1
وغَته
وجاء يف البناية شرح اذلداية للعيٍت من احلنفية « :فإن قلت دلا اختلفت
األحاديث واآلاثر يف حكم ادلٍت مل يدل دليل اقطعاً على صلاستو وال على طهارتو
قلت يف مثل ىذا يرجع إىل النظر والقياس فنقول :ادلٍت حدث ألنو خارج عن
السبيل وكل خارج عن السبيل صلس فاملين صلس»( .)2فقاس ادلٍت على البول
وادلذي والودي جبامع ادلخرج وىو عُت القياس الذي استخدمو ادلالكية واحتجوا بو
يف صلاسة ادلٍت قال احلافظ أبو عمر بن عبد الرب رمحو هللا « :ومل خيتلف العلماء
فيما عدا ادلٍت من كل ما خيرج من الذكر أنو صلس .ويف إمجاعهم على ذلك ما
يدل على صلاسة ادلٍت ادلختلف فيو ولو مل تكن لو علة جامعة بُت ذلك إال خروجو
()3
مع البول وادلذي والودي سلرجا واحدا لكفى»
والشافعية عارضوا ىذا القياس أبقيسة أخرى وبنفي ارباد ادلخرج بُت ادلٍت
واألحداث اخلارجة من الذكر قال النووي رمحو هللا « :وأجاب أصحابنا عن
القياس على البول والدم أبن ادلٍت أصل األدمي ادلكرم فهو ابلطُت أشبو خبالفهما.
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞﮟﮠ
ﮡ ﮢ ﭼ( النساء)2() ٩٣ :ولو جعل هللا للقتل العمد كفارة كاخلطأ لتجرأ
الناس على القتل وشبيو إبجياب القضاء على النائم والناسي دون العامد وأنو من
ابب الرفق ال من ابب التغليظ أيضا إجياب الكفارة يف الديُت ادلتعلق ابدلستقبل
وهللا أفعل كذا أو وهللا ال أفعل كذا ٍب حينث دون اليمُت الغموس اليت حيلف
احلالف وىو متعمد الكذب عند حلفو كأن يقول وهللا ال أعلم وىو يعلم أو وهللا
ما رأيتو وىو متيقن أنو رآه قال أىل العلم ىذا اليمُت أعظم من أن تنفع فيها
الكفارة فليتب إىل هللا ويستغفره( )3ولو جعلت الكفارة يف ىذا ال نفتح ابب من
اخلداع والضرر حيلف ادلسلم كاذاب متعمدا ويكفر .
قال الباحث :قياس العامد على الناسي والنائم يف إجياب قضاء الفوائت من
الصلوات عند من استدل بو من أئمة املذاىب األربعة وأصحاهبم ىو من أقوى
تنبيهات للباحث على بعض ما اشتمل عليه كالم احلافظ أيب عمر بن عبد الرب
رمحه هللا :
األول :ذكر أن إجياب القضاء على من ترك شيائ من صوم رمضان عمدا مقرا
بفرضو إمجاع والبخاري ذكر فيو خالفا للسلف يف صحيحو وخالف فيو من
الفقهاء واألئمة معاصره وصاحبو العالمة أبو دمحم ابن حزم وشيخ اإلسالم ابن
تيمية ذكر اخلالف فيو ورجح عدم القضاء رمحهم هللا قال البخاري « ابب إذا
جامع يف رمضان ويذكر عن أيب ىريرة رفعو :من أفطر يوما من رمضان من غَت
علة وال مرض مل يقضو صيام الدىر وإن صامو وبو قال ابن مسعود وقال سعيد بن
ادلسيب والشعيب وابن جبَت وإبراىيم وقتادة ومحاد يقضي يوما مكانو»()1قال
احلافظ ابن حجر رمحو هللا « :والذي يظهر يل أن البخاري أشار ابآلاثر اليت
ذكرىا إىل أن إجياب القضاء سلتلف فيو بُت السلف»()2وأما خالف أيب دمحم بن
حزم رمحو هللا فجاء يف قولو بعد ذكر ما يبطل الصوم :فمن تعمد ذاكرا لصومو
شيائ شلا ذكران فقد بطل صومو وال يقدر على قضائو إن كان يف رمضان أو يف نذر
معُت إال يف تعمد القيء خاصة فعليو قضاء برىان ذلك :أن وجوب القضاء يف
) (1تذاٚح انًجرٓذ ٔ 274/1دذٚث ذؼجٛم صذقح انؼثاس :سٔاِ انرشيز٘ 63/3كراب انزكاج دذٚث سقى
679 ٔ 678
) (2االصرزكاس 596/3
الـعـــدد الخامس 1437هـ ـــ 293 مجلة حوليات كلية الشريعة
2016م
د .عز الدين أحمد إةراهيم
( )1
ابإلرسال إال أنو قال يصلح لالحتجاج على مذىب الشافعي ومن مل يره حجة
فقياس الزكاة على الصالة أقرب من قياسها على الديون ادلؤجلة
وقال ابن قدامة رمحو هللا يف بيان وجو تقدًن القياس على الديون ادلؤجلة :
«وقوذلم إن للزكاة وقتا قلنا :الوقت إذا دخل يف الشيء رفقا ابإلنسان كان لو أن
يعجلو ويًتك اإلرفاق بنفسو كالدين ادلؤجل وكمن أدى زكاة مال غائب وإن مل
يكن على يقُت من وجوهبا ومن اجلائز أن يكون ادلال اتلفا يف ذلك الوقت ,وأما
الصالة والصيام فتعبد زلض والتوقيت فيهما غَت معقول فيجب أن يقتصر
()2
عليو»
ادلسألة الثانية :اشرتاط احلول يف ربح ادلال :
اختلف الفقهاء يف اعتبار حول ربح ادلال لتعارض األقيسة فيو وقد ذباذبتو ثالثة
أصول
األصل األول :ادلال ادلستفاد هببة أو إرث أو صداق وضلو ذلك فإنو يستقبل بو
حوال جديدا من يوم استفيد ورد على مال يبلغ نصااب أو ال عند مالك والشافعي
واألصل الثاين :ادلال الذي ىو أصل ىذا الربح
واألصل الثالث :نسل الغنم فإن مالكا يزكيو إذا بلغ النسل مع األمهات نصااب
وإن مل ديض على النسل والصغار من والدهتا إال أايم .فجاءت األقوال :حولو
) (1تذاٚح انًجرٓذ َٔٓاٚح انًقرصذ ٔ 271/1اَظش االصرزكاس التٍ ػثذ اتش 409/3
) (2تذاٚح انًجرٓذ التٍ سشذ 271/1
الـعـــدد الخامس 1437هـ ـــ 295 مجلة حوليات كلية الشريعة
2016م
د .عز الدين أحمد إةراهيم
ذلك األصل عنده وإن كان سلتلفا فيو ألنو روى عن عمر أنو كان أيمر السعاة
يعدون السخال مع األمهات .وقول مالك رمحو هللا يف ربح ادلال الذي ليس
بنصاب مل يتابعو عليو غَت أصحابو وقاسو على ما ال يشبهو يف أصلو وال فرعو وىو
أيضا قياس أصل على أصل واألصول ال يرد بعضها إىل بعض وإمنا يرد إىل األصل
فرعو ،واب﵁ التوفيق»(.)1
قال الباحث :مراده ابألصول فيما يظهر يل وهللا أعلم أنواع األموال اليت
ذبب فيها الزكاة النقدان وادلاشية والزروع وعروض التجارة فإن كل نوع يعد أصال.
وقد قاس مالك ربح ادلال من الذىب والفضة على نسل ادلاشية.
ادلسألة الثالثة :اشرتاط احلول يف زكاة ادلعدن
ادلعدن عند احلنفية ركاز والركاز فيو اخلمس وال يشًتط يف إخراج اخلمس منو احلول
الزكة ربع العشر لكن اختلفوا يف
بال خالف وليس بركاز عند اجلمهور بل فيو ا
اشًتاط احلول فيو فلم يشًتطو مالك وأمحد قياسا على الزروع واشًتطو الشافعي يف
قول قياسا على الترب والفضة( )2ادلقتنيُت .قال ابن رشد رمحو هللا «:أما ادلسألة
األوىل وىي ادلعدن إفن الشافعي راعى فيو احلول مع النصاب وأما مالك فراعى
فيو النصاب دون احلول .وسبب اختالفهم تردد شبهو بُت ما زبرجو األرض شلا
ذبب فيو الزكاة وبُت الترب والفضة ادلقتنيُت فمن شبهو دبا تخرجو األرض مل يعترب
)3ما يظهر من كثرة التعارض بُت األقيسة يف كتب الفقو ادلقارن مرده إىل
إكثار الفقهاء من االحتجاج بقياس الشبو والتوسع يف قياس العلة توسعاً
غَت مرضي .
)4رغم كثرة األدلة التفصيلية من النقل يف كتاب العبادات إال أنو ال مناص
من اللجوء إىل القياس كما يف سائر أبواب وموضوعات الفقو األخرى
والتعارض بُت األقيسة وارد فيو كغَته من األبواب األخرى فتتولد بذلك
مجلة من االختالفات الفقهية بُت ادلذاىب .