You are on page 1of 2

‫كتاب «الشهر»‬

‫أدب االختالف في اإلسالم‬


‫المؤلف‪ :‬د‪ .‬طه جابر فياض العلواني‬
‫الناشر‪ :‬مجلة «األمة» القطرية‬
‫‪1405‬هـ ـ ‪1984‬م‬

‫إن االختالف يف اإلسالم شيء طبيعي لعاملني اثنني‪ ،‬أوًال‪ :‬طبيعة اإلنس"ان وتف""اوت الق""درات اجلس"دية والعقلي"ة من‬
‫شخص آلخر‪ .‬وثانيًا‪ :‬لطبيعة النصوص الشرعية (القرآن والس"نة) وال"يت كث"ري منه"ا حيتم"ل يف تفس"ريه مع"اين ع"ده‪ ،‬ولكن ه"ذا‬
‫الكتاب الذي بني أيدينا‪ ،‬قام مؤلفه ـ جزاه اهلل عنها كل خري ـ ببحث آداب االختالف وض"وابطه مستش"هدًا بأح"داث كث"رية‬
‫ج""رت م""ع الرس""ول علي""ه الص""الة والس""الم والت""ابعني وأئم""ة املس""لمني رض""ي اهلل عنهم‪ .‬وه""و من الكتب القيم""ة ال""يت كتبت يف‬
‫هذا اجملال‪.‬‬
‫يقول املؤلف يف تقدمي كتابه‪:‬‬
‫«‪ ...‬فإن أمراض املسلمني ـ يف عصرنا هذا ـ قد تعددت وتشعبت وفشت حىت مشلت جوانب متع""ددة من ش""ؤوهنم‬
‫الدينية والدنيوية‪ ،‬ومن العجيب أن األمة املسلمة ال تزال على قيد احلياة‪ ،‬مل تصب منها تلك األدواء ـ حبمد اهلل ـ مقتًال على‬
‫كثرهتا وخطورهتا‪ ،‬وك""ان بعض""ها كفيًال بإب""ادة أمم وش""عوب مل تغن عنه""ا كثرهتا وال وف""رة موارده""ا‪ ،‬ولع""ل م""رده جناة ه""ذه‬
‫األمة إىل هذا اليوم ـ رغم ضعفها ـ هو وجود كتاب رهبا وس"نة نبيه"ا ـ علي"ه أفض"ل الص"الة والتس"ليم ـ بني ظهرانيه"ا مث دع"وة‬
‫نبيها ‪ ‬واستغفار الصاحلني من أبنائها ‪َ‬و َم ا َك اَن الَّلُه ِلُيَعِّذ َبُه ْم َو َأْنَت ِفيِه ْم َو َم ا َك اَن الَّلُه ُمَعِّذ َبُه ْم َو ُه ْم َيْس َتْغِف ُر وَن ‪.‬‬
‫وإن من أخط ""ر م ""ا أص ""يبت ب ""ه ه ""ذه األم ""ة يف اآلون ""ة األخ ""رية م ""رض «االختالف واملخالف ""ة»‪ ...‬االختالف يف ك ""ل‬
‫ش" ""يء‪ ،‬وعلى ك" ""ل ش" ""يء‪ ،‬ح" ""ىت مشل العقائ" ""د واألفك" ""ار والتص" ""ورات واآلراء إىل ج" ""انب األذواق والتص" ""رفات والس" ""لوك‬
‫واألخالق؛ وتعدى االختالف كل ذلك حىت بلغ أساليب الفقه‪ ،‬وفروض العبادات وكأن كل ما لدى هذه األمة من أوام""ر‬
‫ونواه حيثها على االختالف أو يدفعها إليه واألم"ر عكس ذل"ك متام"ًا‪ ،‬ف"إن كت"اب اهلل وس"نة رس"وله ‪ ‬م"ا حرص"ا على ش"يء ـ‬
‫بع""د التوحي""د ـ حرص""هما على تأكي""د وح""دة األم""ة‪ ،‬ونب""ذ االختالف بني أبنائه""ا‪ ،‬ومعاجلة ك""ل م""ا من ش""أنه أن يعك""ر ص""فو‬
‫العالق ""ة بني املس ""لمني‪ ،‬أو خيدش أخ ""وة املؤم ""نني‪ ،‬ولع ""ل مب ""ادئ اإلس ""الم م ""ا ن ""ددت بش ""يء ـ بع ""د اإلش ""راك باهلل ـ تندي ""دها‬
‫باختالف األمة‪ ،‬وما حضت على أمر ـ بعد اإلميان باهلل ـ حض""ها على الوح"دة واالئتالف بني املس"لمني‪ ،‬وأوام""ر اهلل ورس"وله‬
‫واضحة يف دعوهتا إلجياد األمة اليت تكون كاجلسد الواحد إذا اشتكى بعضه أصابه الوهن كله‪.‬‬
‫ولكن رس""الة اإلس""الم ـ م""ع ذل""ك ـ رس""الة واقعي""ة تتعام""ل م""ع اإلنس""ان على م""ا ه""و علي""ه‪ ،‬وخ""الق اإلنس""ان ـ تب""ارك‬
‫وتع""اىل ـ يعلم من خل""ق وه""و اللطي""ف اخلب""ري‪ ،‬فق""د وهب لعب""اده عق""وًال ومق""درات متباين""ة من ش""أهنا أن ت""ؤدي إىل اختالف‬
‫نظ ""رهتم وأفك ""ارهم وم ""واقفهم من كث ""ري من األش ""ياء‪ ،‬ول ""ذلك ف ""إن اإلس ""الم يتس ""ع إىل تل ""ك االختالف ""ات كله ""ا ال ""يت ال هتدد‬
‫وحدة األمة‪ ،‬فيكفي أن تتفق اآلراء‪ ،‬وتلتقي التصورات‪ ،‬وتتوح"د املواق"ف إزاء القض"ايا الك"ربى والقواع"د األساس"ية‪ ،‬أم"ا م"ا‬
‫عداها من أمور فرعية وقضايا ثانوية مما يس"اعد اختالف ال"رأي فيه"ا على اجلن"وح حنو األفض"ل واألمث"ل فال خ"ري في"ه على أن‬
‫يكون هلذا االختالف ضوابطه وحدوده‪ ،‬وقواعده وآدابه‪ ،‬وأال ي"ؤثر على وح"دة فك"ر األم""ة ومواقفه""ا من القض""ايا األساس"ية‬
‫الك ""ربى‪ ،‬فم ""ا حقيق ""ة االختالف؟ وم ""ا احلدود ال ""يت ال جيوز جتاوزه ""ا في ""ه؟ وم ""ا أس ""بابه؟ وم ""ا الق ""در املس ""موح ب ""ه من ""ه؟ وم ""ا‬
‫ضوابطه وآدابه؟ والسبيل للتخلص من سلبياته؟ هذا ما سنحاول حبثه يف هذه املعاجلة‪.»...‬‬

You might also like