Professional Documents
Culture Documents
التناول النسقي لتناقل الصدمة النفسية عبر الأجيال
التناول النسقي لتناقل الصدمة النفسية عبر الأجيال
ملخص
بالرغم من وجود العديد من البحوث واملنشورات العلمية التي تتاولت إشكالية تناقل الصدمات
النفسية عبر األجيال بحداثتها ،وهذا لتعقيد مظاهرها على املستوى الفردي والعائلي .ينطلق هذا
البحث من فكرة أن املعاناة النفسية التي ٌيظهرها أفراد العائلة الجزائرية الحالية تأخذ معناها من
املعاش الصدمي لألجيال السابقة ،حيث طرحت فرضية البحث على النحو التالي :الصدمات املعاشة
من طرف أفراد جيل حرب التحرير الجزائرية نقلت عبر األجيال ألفراد عائلتهم الحالية عن طريق
ميكانيزمات فردية وسياقات عالئقية .وللتأكد من مدى صحة الفرضية تبنينا النظرية السياقية للتناول
النسقي كإطار مرجعي ،واعتمدنا على املنهج العيادي عن طريق دراسة حالة للعائالت الثورية .من خالل
تحليل النتائج املتحصل عليها من املقابالت النسقية ،املخطط العائلي الجيلي ،ونتائج دليل :تقييم تناقل
صدمة الحرب عبر األجيال ،الذي قمنا ببنائه لغرض هذا البحث ،تم التأكد من صحة الفرضية
املطروحة.
الكلمات الدالة :الصدمة النفسية؛ اإلرث النفس ي؛ التناقل العابر لألجيال؛ العالج النسقي.
Abstract
Despite the large number of scientific publications dealing with the
transmission of psychological traumas’ issue and the complexity of its
pathologic manifestations on the individual familial plan, this
transgenerational problematic always preserves its actuality. These
’researches start from this postulate: the temporary Algerian family members
suffering gets its meaning from the trauma experienced by the previous
generations. The main hypothesis is formulated as follows: the psychological
د فطيمة موس ى. زينة موهاب؛ أ.د.ط .التناول النسقي لتناقل الصدمة النفسية عبر األجيال
إلى أجيال متتالية ،وإنما يؤثر كذلك على أشكال وطرق نقله وعلى القواعد املتعلقة
باستقبال ومعالجة هذا املوروث .والعائلة الجزائرية ال يخلو سجلها التاريخي من أحداث
على األرجح أغلبها أليمة وصادمة ،كخالصة لتاريخ املجتمع الجزائري ككل منذ فترة
االستعمار لحد اآلن .وكنتاج لذلك حدثت تغيرات على بنيتها وتوظيفها ،كما ظهرت عليها
بعض الخصوصيات التي تبرز معاملها من خالل طبيعة التفاعالت بين افرادها ،والتي قد
تطغى عليها أحيانا بصمة االختالل ،حيث أصبحت مسرحا لعدة تظاهرات عيادية من
أبرزها الصدمة النفسية.
.1عرض اإلطار ملعارفي واإلشكالي
.1.1تحديد عام لإلطاراملعرفي
بالرغم من العديد من البحوث والقراءات التي نجدها في التراث السيكولوجي منذ سنوات
الستينيات ( ،) 1960إال أن إشكالية تناقل الصدمات النفسية عبر األجيال أو بين
األجيال تحتفظ دائما بحداثتها ،كما أنها مركز اهتمام الباحثون ذوي التوجه التحليلي
والنسقي .ومؤخرا أصبحت إهتمام العلوم العصبية ،وهذا لتعقد مظاهرها املرضية
وصعوبة التعرف والكشف عن تلك السياقات الفردية والعالئقية التي تضمن هذا
التناقل من جيل آلخر .كما التمسنا في قراءاتنا النظرية حول هذا املوضوع ،الصعوبة
التي وجدها الباحثون في تناول مفهوم "التناقل العابر لألجيال" في بعده اإلجرائي .ضمن
املمارسة العيادية مع األفراد املصدومين جراء تعرضهم ألحداث صادمة لهم ولعائالتهم
(عنف عائلي ،عنف سياس ي و/أو إرهابي ،اعتداءات ،اغتصاب ،كوارث ...الخ) ،الحظنا
مع العديد من الحاالت معاش صدمي جد خاص ،ال يجد معناه سوى في تاريخ العائلة
ألنه يخص جيل أو أجيال سالفة ،وهذا ما كان يعطينا انطباع أن هذه العائالت لم
تنتعش مع مرور الوقت ،وأن األفراد في هذه العائالت يحدث تماسكهم من خالل رهانات
وقضايا ضمنية.
لقد اهتم العديد من الباحثين ،بمختلف توجهاتهم النظرية ،بموضوع اإلرث العائلي
خاصة ذلك املتعلق بالصدمات النفسية التي عاشتها األجيال السالفة ،إال أنه ال توجد
لحد اآلن نظرية تحدد لنا هذه السياقات العائلية (النفسية أو العالئقية) لتناقل هذا
اإلرث العائلي بصورة وا ضحة ومحددة .بخالف ما قدمه الباحث برتراند كرامر الذي
تناول سياقات تناقل الصحة النفسية) ،(Cramer, 1996كاإلحساس باألمن والقدرة على
اإلبداع ،حتى وإن كانت محدودة ،عكس السياقات التي تعني الفشل واالنحراف .وحسب
هذا الباحث يمكننا أن نطرح فكرة تناقل الهشاشة النفسية في عائلة ما ،والتي يمكن أن
تنقل عبر اإلحساس بالتهديد أو الالأمن .التمسك الصارم بالخاصية املحددة إلبداع
أفراد العائلة ،بصفة أو بأخرى تعزز القدرة على الفشل واالنحراف أكثر من تدعيم
وتشجيع وخلق جو النجاح واالزدهار للكل (Cramer, 1996).والذاكرة الخاصة بكل عائلة،
حسب سارج حيفز ) ،(Hifez, 2004لها مميزات وتاريخ ال يعطينا إال جانب من توظيفها .وكل
من املعايير ،التقاليد ،القواعد ،القوانين املكتوبة واملنقولة شفويا هي الجوانب العادية
من الثقافة والتي تعطي معنى ملا يمكن أن نسميه باملؤسسة العائلية .واإلرث الثقافي
للعائلة يظهر أساسا من التصورات الجماعية واملبادئ واملعايير املشتركة بين أفرادها،
سواء كانت سوية أو مرضية.
يمكن التحدث أيضا في هذا السياق عن تناول آن-أنسلين تشوتزنبرجر إلشكالية التناقل
العابر لألجيال ) ،(Schutzenberger, 2004ولفهم أكثر لهذا السياق ،اقترحت وجود نوعين من
التناقل :األول هو "عابر لألجيال" ،ويتعلق األمر هنا باألجيال البعيدة ويأخذ معامله من
اللغة ،إعادة البناء والتحليل النفس ي للراشد .أما الثاني "التناقل ما بين األجيال"،
ويشمل كل ما يعني األجيال املتصلة :األبناء ،األباء ،األجداد والعائلة املوسعة.
يمر هذا التناقل خاصة عن طريق السجل غير اللفظي ،أو عن طريق اللجوء للسلوك
(النسيان ،إحمرار أو إصفرار ،تغيير أو تجنب النظر ،التغيير الفجائي ملوضوع الحديث).
حسب آن-أنسلين تشوتزنبرجر ) ،(Schutzenberger, 2004األجيال تترابط وتنفصل فيما بينها من
خالل آثار التناقل ،مخلفات سيكوسوماتية ،أحالم مزعجة ،أعراض متنوعة .وفي أغلب
األحيان ،تكون هذه الروابط في معاناة تحملها والء خفي) (loyauté invisibleيكون
معناه غير معروف لدى األحفاد الذين يعانون منه ،لكن يمكننا فهمه من خالل العمل
بالجينوسوسيوغرام أو بعلم النفس الجيلي العيادي(Mouheb & Moussa-Babaci, 2016) .
غير أن كل من آنا-مريا نيكولو وإليونورا ستريناتي ) ،(Nicolo & Strinati, 2007يرون أن تناقل
الصدمات عبر األجيال أو بين األجيال في الوسط العائلي يكون من خالل تناقل تلك
الدفاعات النفسية التي توظفها العائلة حينها للدفاع عن الصدمة من جيل الى آخر .لكن
الوضع أثناء الحرب .لقد بقيت جرائم حرب التحرير الجزائرية التي لسنوات عديدة تحت
الصمت ،غير أنه برزت في السنوات األخيرة العديد من املنشورات في شكل كتب
ومقاالت ،حتى وإن يغلب على العديد منها الخطاب السياس ي ،إال أنها تحوي في طياتها
معالم املعاناة ومخلفات الصدمات النفسية املتعلقة بتلك الفترة على أفراد من ذلك
الجيل .تلك الصدمات النفسية التي برزت معاملها لدى جيل الثورة في مرحلتها اآلنية
والبعد اآلني حيث نجد بصماتها في كتابات فرانز فانون Franz Fanonخاصة كاتبه
"معذبو األرض"
وهذا من خالل عرضه للحاالت التي كان يتابعها في مصلحة الطب العقلي والتي تعرضت
لشتى أنواع التعذيب ) ،(Fanon, 1961بما فيهم النساء واألطفال .وحسب شهاداته ال تخلوا
أي عائلة جزائرية (بمعناها املمتد) من هذه املعاناة .وعليه ينطلق بحثنا من فكرة أن
املعاناة النفسية الحالية التي يمكن أن نلتمسها لدى أفراد العائلة الجزائرية الثورية
تأخذ معناها في صدى املعاناة النفسية التي عاشها جيل حرب التحرير الجزائرية .حيث
يهدف ه ذا البحث إلى الكشف عن امليكانيزمات وسياقات التناقل العابر لألجيال ،لتلك
الصدمة النفسية التي لم يتم ارصناها من طرف األجيال السابقة .وانطالقا من التناول
السياقي للتوجه النسقي للعالج العائلي تم طرح التساؤل على النحو التالي :هل يظهر
تناقل الصدمات املعاشة من طرف أفراد جيل حرب التحرير عبر األجيال خالل
ميكانيزمات فردية هشة (دفاعات من نوع اإلنكار ،مثلنة األنا ،التماهي اإلسقاطي،
االضطهاد،التجنب،الدفاع عن طريق الفعل) وسياقات عالئقية مرضية من نوع دائرية
(كسياق التثليث ،سياقا ألبوية ،الوالءات املرضية) في نفس السيرورة؟
لإلجابة على سؤال البحث املطروح تمت صياغة الفرضية على النحو التالي:
يظهر تناقل الصدمات املعاشة من طرف أفراد جيل حرب التحرير عبر األجيال من خالل
ميكانيزمات فردية هشة (دفاعات متنوع اإلنكار ،مثلنة األنا ،التماهي اإلسقاطي،
االضطهاد ،التجنب ،الدفاع عن طريق الفعل) وسياقات عالئقية مرضية من نوع دائرية
(كسياق التثليث ،سياق األبوية ،الوالءات املرضية) في نفس السيرورة.
.2اإلجراءات املنهجية
.1.2منهج الدراسة
يهدف هذا البحث الى التعرف على سياقات تناقل الصدمة النفسية عبر األجيال على
مستوى العائلة الجزائرية في ظل املنظور النسقي ،وهذا بدراسة أفراد داخل الوسط
العائلي دراسة معمقة وشاملة ،وتسليط الضوء على ما يسمى "بين شخص ي" وباألخص
ما هو عابر لألجيال .وهذا ما يستدعي منا كباحثين إتباع املنهج العيادي الذي أسسه
دانيال القاش ) (Lagache, 1949وحدد مجاالته في كتابه الشهير "وحدة علم النفس" ،حيث
يرى أن املنهج العيادي يركز اهتمامه على الفرد أو مجموعة األفراد أثناء تحركاتهم
وتبادالتهم ،بهدف فهم الديناميكية والتوظيف النفس ي الخاص بالفرد أو بمجموعة
أفراد ،وذلك حسب بعض املتغيرات ،منها التاريخ الفردي والوضعيات التي يمر بها الفرد
أو الجماعة .وبما أن املوضوع يتعلق بفرد أو مجموعة أفراد فإن املنهج العيادي يعتبر
منهج عالئقي :فهو يعمل في العالقة وعلى العالقة .كما يعرفه أندري ري André
) 1964(Reyعلى أنه تقنية منظمة لخدمة املشكل الذي يطرحه الباحث ،فاألمر هنا
يتعلق بفهم وشرح للحالة النفسية والسير النفس ي.
آت من األجيال السالفة (الجيل يصب اهتمامنا في هذه الدراسة على ما هو ٍ
املُ َ
ست ْع َمر وجيل الثورة التحريرية) وتأثيره على الفرد في تفاعالته مع أفراد عائلته الحالية.
هذا ال يعني أننا نبحث عن السببية الخطية للمعاناة النفسية أو باألحرى لظهور العرض،
وإنما كيف يأخذ هذا العرض معناه في التاريخ واألسطورة العائلية ،حيث نهتم بنقطة
التقاطع بين املاض ي والحاضر ،أي بين ما هو سياق مرض ي ونسقه العائلي الحالي .وهذا
ما يوضحه ) (Andolfi, 1985حول موقف الباحث واملعالج الذي يعمل في هذا اإلطار حيث
ال يحاول تفسير مشكل فرد يراه منعزال بطرق استنتاجية (السببية الخطية) ولكنه
يصبح فعاال داخل سياق متفاعل أي دراسة التفاعالت الدائرية.
.2.2مجموعة الدراسة
تتكون من عشر ( )10عائالت جزائرية ثورية حيث يتوجب أن يكون أحد أفرادها من
األجداد (الجد أو الجدة ،أو إخوة األجداد) ممن عايشوا حرب التحرير الجزائرية وكانوا
محل اضطهاد أو تعذيب من طرف الجيش الفرنس ي آنذاك ،إذن يتعلق األمر بعائالت
املجاهدين والشهداء املعترف بهم من طرف السلطات الجزائرية مباشرة بعد االستقالل.
واملجموعة املقصودة في هذا البحث هم أفراد الجيل الثاني (األبناء) والجيل الثالث
(األحفاد) ،حيث تم اختيار هذه املجموعة من العائالت بطريقة قصدية.
الجدول رقم ( )01يمثل خصائص مجموعة الدراسة
املستوى الوضعية الصفة األفراد املشاركين في
املهنة السن
التعليمي االجتماعية القانونية الدراسة
مساعدة متزوجة وأم إبنة وحفيدة
ثانوي 46 .1سعاد
اجتماعية لولدين مجاهدين العائلة 1
مهندس جامعي أعزب 24 حفيد مجاهد .2سفير (إبن سعاد)
طالب جامعي أعزب 23 حفيد مجاهد .3عبد الرزاق
العائلة 2
حفيدة
موظفة جامعي عزباء 26 .4فريدة (أخ عبد الرزاق)
مجاهد
أرملة وأم لـ 10
بدون عمل متوسط 69 بنت شهيد .5زهرة
أطفال
متزوج بدون
بدون عمل ثانوي 32 حفيد شهيد .6الهادي (إبن زهرة)
أطفال
متزوج وأب
طباخ وبناء متوسط 46 حفيد شهيد .7حسين (إبن زهرة)
لطفلة
العائلة 3
متزوجة وأم
بدون عمل جامعي 39 حفيدة شهيد .8ويزه (إبنة زهرة)
لبنتين
متزوجة وأم
بدون عمل جامعي 28 حفيدة شهيد .9ليلية (إبنة زهرة)
لبنت
مطلقة وأم
بدون عمل ثانوي 47 حفيدة شهيد .10وردية (إبنة زهرة)
لطفل
أرملة وأم حفيدة
بدون عمل إبتدائي 69 .11وردية
لثالثة أطفال شهيدة
متزوج وأب إبن حفيدة
موظف جامعي 43 .12حسين(إبن وردية)
لبنتين شهيدة
العائلة 4
إبن حفيدة
طالب جامعي أعزب 19 .13فضيل (إبن وردية)
شهيدة
مسيرة متزوجة وأم إبنة حفيدة
ثانوي 47 .14دليلة (إبنة وردية)
شركة لولدين شهيد
محاسب في
ثانوي أعزب 46 إبن مجاهد .15حميد العائلة 5
شركة
متزوج وأب
متقاعد ابتدائي لخمسة 64 إبن مجاهد .16عشور (أخ حميد)
أطفال
مطلقة وأم
بدون عمل ثانوي 65 إبنة مجاهدين .17نوارة
لسبعة أطفال
العائلة 6
متزوجة وأم حفيدة
بدون عمل جامعي 38 .18سميرة (أبنة نوارة)
لثالثة أطفال مجاهدين
متزوجة وأم حفيدة
موظفة جامعي 39 .19مالحة
لولدين مجاهدين
العائلة 7
متزوج وأب
متقاعد جامعي 69 أبن مجاهد .20محمد (أب مالحة)
لستة أطفال
بدون مطلقة وأم
بدون عمل 72 بنت مجاهد .21حدة
مستوى ألربعة أطفال
العائلة 8
مطلق بدون
موظف جامعي 46 حفيد مجاهد .22سعيد (إبن حدة)
أطفال
متزوجة أم حفيدة
موظفة جامعي 48 .23مريامة العائلة 9
لبنتين مجاهد
مدربة حفيدة
جامعي عزباء 28 .24ثنينة العائلة 10
رياضة مجاهدين
الجزائرية ومكتب خاص للعمل مع العائالت .قدمت لنا قائمة هذه العائالت وقمنا
باالتصال بهم هاتفيا (بالفرد الذي تحصلنا على رقم هاتفه) لدعوتهم للمشاركة في هذه
الدراسة وتحصلنا على املوافقة .وأجريت هذه الدراسة في الفترة املمتدة ما بين شهر
أكتوبر 2019الى غاية شهر ديسمبر .2020
.4.2األدوات املستعملة
.1.4.2املقابلة العيادية النسقية
وهي عبارة عن لقاء عيادي مع فرد أو عدة أفراد من هذه العائلة (حسب الوضعية
املتاحة) ،اعتمدنا فيها على األدوات النسقية ،أبرزها املساءلة الدائرية والتحيز املتعدد
االتجاهات .حيث كان محتوى املقابالت التي قمنا بها (بمعدل ثالث مقابالت مع كل عائلة)
يشمل على البيانات الشخصية ،التاريخ العائلي املشترك بين أفراد العائلة ،اإلرث العائلي
العابر لألجيال ،األحداث واألمراض املتكررة ومعناها في األسطورة العائلية ،طبيعة
االتصال والعالقات بين أفراد العائلة .التطرق لألخالقية العالئقية بين أفراد العائلة من
خالل التعرف على القواعد املتعامل بها داخل النسق العائلي ،املصرح وغير املصرح بها،
األنساق الفرعية ،االتحادات والتحالفات ،الحدود ،األخذ والعطاء ،االعتراف واالعتبار
البين -جيلي ،الوالءات وبما فيها الخفية ،األبوية والتثليث كلها معطيات ترجع لطبيعة
البنية العائلية ومدى توظيفها .كما تم تناول املشاريع الفردية والعائلية ومدى التناسق
فيما بينها.
.2.4.2املخطط الجيلي العائلي
يعتبر من بين أهم األدوات النسقية التي ال يمكن االستغناء عنها ،حيث يصور لنا املخطط
الجيلي الروابط العائلية كما يسمح لنا بإدراك وفهم النسق العائلي ).(Bowen, 1978يعتبره
بوزورماني ناجي )1963( Boszormenyi Nagyكأداة ال يمكن التغاض ي عنها في
الدراسات التي تتناول املوضوع العابر لألجيال ألنه يساعدنا في وضع بطاقة التاريخ
العائلي ،تلك املتعلقة بالعالقات العائلية على مستوى عدة أجيال .يتم تخطيطه من
طرف أفراد العائلة ،وهذا بمساعدة الباحث/املعالج ،وتسمح لنا املعطيات املتحصل
عليها في النهاية ،بفهم البنية العائلية ووضع فرضيات حول اإلنتظارات املحتملة لهذه
العائلة ،األدوار والعالقات بين األنساق الفرعية .كما تكون لنا دراية حول دورة الحياة
الخاصة بالعائلة ،كل ما يتعلق بالتواريخ واملراحل االنتقالية وكيف تم االنتقال من
46 أفكار وآفاق ،املجلد ،10العدد ،2السنة 2022
ط.د .زينة موهاب؛ أ.د فطيمة موس ى التناول النسقي لتناقل الصدمة النفسية عبر األجيال.
مرحلة إلى أخرى ،وبالتالي التعرف على أهم األحداث البارزة والنماذج املتكررة واألنماط
والنماذج العالئقية السائدة في العائلة وعلى مستوى عدة أجيال.
.3.4.2دليل تقييم تناقل صدمة الحرب عبر األجيال
قمنا ببناء هذا الدليل في إطار هذا البحث ،والذي يهدف إلى تقييم خطر تناقل صدمة
الحرب عبر االجيال لدى أبناء وأحفاد عائالت مجاهدين وشهداء حرب التحرير ،حيث
يكون التقييم كمي وكيفي في نفس الوقت .كما يسمح لنا بالتعرف على الهشاشات
الفردية والعالئقية ،والسياقات البين -شخصية املرضية لهذا التناقل .لقد تم بناء هذا
الدليل حسب األبعاد األربعة للواقع العالئقي للنظرية السياقية (approche
) contextuelleوالتي تندرج ضمن التناول النسقي ،املقترحة من طرف بوزورماني ناجي
.Boszormenyi Nagy
ويشمل هذا الدليل جزأين :الجزء األول يهدف إلى جمع معطيات كيفية حول الفرد
املبحوث وعائلته وهذا من خالل املعلومات الشخصية ،الوضعية العائلية واالجتماعية،
الحالة الصحية والسوابق املرضية الفردية والعائلية .التعرف على األحداث الصادمة
املعاشة على املستوى الفردي والعائلي من مختلف األجيال .وما هو جوهري في هذا الجزء
هو إبراز املعاش الصدمي املنقول عبر األجيال لدى أفراد مجموعة الدراسة ،ومعرفة ما
إذا كان مشارك بين أفراد العائلة ،وكيف ذلك؟ كما تسمح لنا أسئلة هذا الجزء بالتعرف
على العواقب البين-جيلية والعابرة لألجيال لهذا املعاش ،وتندرج هذه األسئلة ضمن
البعد األول والثاني للواقع العالئقي.
أما الجزء الثاني من هذا الدليل ،فهو عبارة عن استبيان يخص التقييم الذاتي ،ويشمل
ثمانية وستون ( ) 68بند مستخلص من البعد الثاني ،الثالث والرابع للواقع العالئقي.
وهذه البنود جمعت في مواضيع وهي :املعاش الصدمي ،نوعية الدفاعات ،طبيعة
العالقات البين-شخصية ،نوعية االتصال داخل العائلة ،اإلرث النفس ي (الطقوس
واألسطورة العائلية) ،الوالءات العائلية (مرئية ،خفية ،منشطرة) ،سياق األبوية ،األخذ
والعطاء ،تسيير الصراعات ،االتحادات والتحالفات ،سياق التثليث ،املسؤولية
والتضامن العائلي ،القواعد العائلية (الواضحة واملبهمة) ،الحدود بين األنساق الفرعية
واملرونة في تحديد األهداف الفردية والعائلية .ويحظى هذا الجانب بالتحليل الكمي
للبيانات التي يتم التحصل عليها.
.5.2طريقة تحليل املعطيات
اعتمدنا على التحليل الكيفي للمعطي ات املتحصل عليها من خالل املقابالت النسقية
واملخطط العائلي والجزء األول من دليل تقييم تناقل صدمة الحرب عبر األجيال ،و
تستند قراءة وتحليل املعطيات على مفاهيم النظرية السياقية للتناول النسقي وهذا من
خالل شبكة القراءة األخالقية العالئقية التي اقترحها بوزورماني ناجي ،والتي تهدف الى
مناقشة املعاش النفس ي الفردي باإلرث النفس ي العائلي ،الهشاشة الفردية والهشاشة
العائلية ،نوعية العالقات ،االتحادات والتحالفات ،قواعد األنساق الفرعية ،األخالقية
العالئقية (الوالء ،الشرعية ،األبوية ،سياق التثليث ،الديون واالستحقاق ،االعتراف
بالجميل ،املسؤولية والتضامن) بين أفراد العائلة من عدة أجيال .كما تحظى نتائج
الجزء الثاني من دليل تقييم تناقل صدمة الحرب عبر األجيال بالتحليل الكمي مقارنة
باملتوسط الحسابي الذي يساوي ،170حيث تشير الدرجة الكلية 68لعدم وجود خطر
تناقل الصدمة صدمة الحرب ،أما الدرجة املحصورة بين 69و 136تشير لوجود خفيف
لتناقل صدمة الحرب ،أما الدرجة املحصورة بين 1137و 169تشير لوجود متوسط
لتناقل صدمة الحرب ،أم كل نتيجة تعادل أو تفوق املتوسط الحسابي ،أي 170فما
فوق ،تشير لوجود مرتفع لتناقل صدمة الحرب عبر األجيال.
.3عرض نتائج الدراسة
من خالل تحليل معطيات املقابالت واملخطط الجيلي للعائالت املدروسة ،أظهرت النتائج
أن بعض أفراد هذه العائالت يعانون من سياقات مرضية متناقلة عبر األجيال ،مصبوغة
بالصدمة النفسية ،مع وجود خطر تناقل هذا اإلرث الصدمي ألجيال أخرى .حيث أظهر
تحليل معطيات املقابالت خصوصية بعض الدفاعات النفسية املسيطرة لدى بعض
أفراد هذه العائالت والتي تعبر ،وتتمثل في دفاعات من نوع اإلنكار ،مثلنة األنا ،التماهي
اإلسقاطي ،االضطهاد ،التجنب ،الدفاع عن طريق الفعل .وهذا ما أكدته كل من أنا-مريا
نيكولو وإليونوراستريناتي Anna-Maria Nicoloو & Strinati Eleonora (Nicolo
Strinati,
) ،2007حيث أن ما ينقل عبر األجيال ليس بالضرورة ذكرى األحداث الصدمية أو املعاش
الهوامي املتعلق بالصدمة ،وإنما قد يظهر في شكل دفاعات عبر-شخصية ،املبنية
واملوظفة من أجل حماية أفراد العائلة من هذا الحدث الصادم ،من آثاره أو من أمكانية
تكراره .كما ترى الباحثتان أنا-مريا نيكولو وإليونوراستريناتي أن الدفاعات العبر-
شخصية نتاج جماعي مستقر عبر الزمن وينظم من طرف فردين من العائلة أو أكثر
املشاعر التي ال يمكن تحملها ،كالقلق ،الرعب ،الخوف من موت أحد أفراد العائلة أو
تفككها .وذكرت الباحثتان وجود العديد من الدفاعات العبر-شخصية من بينها الدفاع
عن طريق الواقع ،املرور للفعل والجسمنة والتي تتوافق مع إحدى مستويات التوظيف
العائلي للعائالت التي تلجأ لهذا النوع من الدفاعات .كما يعتبر سياق نقل املعاناة
النفسية لآلخر ،أي نقلها ملكان وزمان آخر ،هو أصل تناقل الصدمة النفسية عبر
األجيال والذي من خالله لم يتم التفكير في تلك املعاناة بسبب الصدمة املعاشة .وأن
بعض خصائص التوظيف النفس ي والعالئقي املرض ي ليست متعلقة بفرد ما (الحامل
للعرضية) وإنما بكل أفراد العائلة ،وكل واحد منهم يلعب دوره في بناء هذه الخصوصية
العرضية املتعلقة بأصله .كل واحد منهم يتفاعل بصفة مختلفة حسب تجاربه وكفاءاته،
سواء باملعاناة أو الدفاع ).(Nicolo & Strinati, 2007
وهذا ما استخلصناه من مقابالتنا مع عائالت البحث الحالي ،حيث أمام وضعيات
ضاغطة وصادمة أحيانا ،التي واجهها أفراد هذه العائالت ،أصبحت هذه الدفاعات
املسيطرة غير مجدية أمام تهديد ثنائي ،األول خارجي ،واقعي (الحدث الصدمي) يعيشه
الفرد ،والثاني داخلي ،موروث من األجيال السابقة (من األباء أو األجداد) ذو محتوى
مشفر يظهر من خالل األحالم الصدمية وموضوع االضطهاد .حيث تظهر اللوحة
العيادية للصدمة النفسية لدى أفراد هذه العائالت جد معقدة وتأخذ طابع الشكل
املزمن ،وفي أغلب الحاالت يكون مرتبط باضطرابات أخرى كاالكتئاب واإلدمان (كحول
أو مخدرات) وحاالت الهذيان لدى البعض في فترات الضغط الحاد.
وهذه العرضية ال تجد معناها إال في دورة حياة العائلة أو من خالل معاش األجيال
السابقة (جيل الثورة) ،حيث يرى كل من بيار فيسون Pierre Fossionوماري كارمن
ريجاس Mary Carmen Rejasفي دراستهم لعائالت أحفاد اليهود الناجون من املحرقة،
أن لهذه العائالت خصوصيات عالئقية تجعلنا نعتبر أن األعراض التي يعاني منها األحفاد
حاليا يمكن أن نجد أصولها في صدمة املحرقة املتناقلة عبر األجيال .كما استخلص
الباحثون أن التناول العالجي الذي يمكن أن يساعد هذه العائالت يعتمد على التدخالت
العيادية التي تعمل على تدعيم وتقوية الروابط واالتصال بين األحفاد واألجداد الناجون
من املحرقة(Fossion & Rejas, 2007) .
أما من ناحية العالقات العائلية نستخلص ظهور سياقات مرضية من نوع الدائرية،
حيث نجد سياق التثليث ،سياق األبوية ،الوالء الخفي لألجيال السابقة والشرعية
الهدامة .وهذه السياقات التي تحمل في طياتها بصمات صدمية ألحداث عاشها جيل
الثورة ،والتي بقيت غير مرصنة وأخذت شكل سر أو "ما ال يقال" )( (non-ditsخاصة
املتعلقة بالجانب الجنس ي كاالعتداءات على النساء أو حتى على بعض الرجال) والذي
أصبح من بين القواعد العابرة لألجيال املسيطرة على النسق العائلي ،بمعنى كل ما يؤلم
يبقى في صمت ،مما يعيق سياق التضامن داخل هذه العائالت.
ونظرا لحدة املعاناة التي وجد فيها نفسه جيل األجداد بعد الثورة نفسه (صدمات
الحرب) ،خاصة أولئك (األجداد) الذين تعرض وا للتعذيب واالضطهاد ،حيث كان من
الصعب عليهم ممارسة الوظيفة األبوية وحتى الزواجية خاصة وأن الجدول العيادي
للصدمة النفسية كان شديد لدى البعض ،ولم يجدوا أي ملجأ عالجي غير اإلدمان على
الكحول مما أزم وعقد لديهم الجانب العالئقي .ولتغطية هذا الفراغ تم استثمار الوظيفة
األبوية مع األبناء ،حيث أصبح في هذه الحاالت أحد األبناء أبا ألبيه وتحمل مسؤوليات
تفوق سنه .وهذا ما أكدته نتائج دليل تقييم تناقل الصدمة النفسية عبر األجيال على
مستوى جيلين ،غير أن سياق األبوية لم يتوقف لدى الجيل الثاني وانما نقل لجيل
األحفاد .ألن ذلك االبن الذي تحمل في صغره مسؤوليات كبيرة عندما أتى دوره ليتحملها
كأب أظهر فشله في ذلك ،وبالتالي ما على أحد أبنائه إال تولي تلك املسؤوليات ،حيث يعتبر
بوزورماني ناجيوسبارك )1973(Boszormeniy-Nagy &Sparkاألبوية على أنها
تشوه ذاتي للعالقات أين يكون في أغلب الحاالت شريكها الطفل ،حيث يصبح هذا األخير
أب لوالديه (أو أحدهم).
وتعني األبوية عدم االعتراف العادل بمساهمة الطفل الذي يتقلد عدة أدوار :دور املعالج،
كبش الفدى والذي يسمي أيضا باألضحية ،كما يمكن أن يكون له دور املحايد .كما أن
األبوية هي ذلك الجزء املدمج في أي عالقة ،وال تعتبر كظاهرة مرضية بحد ذاتها بالنسبة
لهذين الباحثين ،غير أن شدة بعض العالقات يؤدي إلى نوع من النكوص ،حيث أن
الشريك األبوي يتمنى بناء عالقة من نوع طفولي أو ملكية .والجانب املرض ي في سياق
األبوية يبدأ عندما يختل ميزان األخذ والعطاء ،حيث يحاول الراشدون من خالل
عالقاتهم الحالية مع أوالدهم أو مع شركائهم الراشدين ،تعويض ما افتقدوه في طفولتهم.
)(Boszormeniy-Nagy & Spark, 1973, cité par Heck & Janne, 2011
أما فيما يخص االتصال بين أفراد هذه العائالت فهو يندرج أكثر ضمن السجل غير
الكالمي ،مما يميز تسيير العالقات بقواعد غامضة وغير مصرح بها ،بمعنى أن كل
اختالف يؤدي الى صراع بين -جيلي ،مع صعوبة كبيرة في معالجته بما انه من بين القواعد
املتفق عليها داخل األنساق العائلية املدروسة نجد تلك التي تقول "ما هو مؤلم ال جدال
فيه" ،وهذا ما يجعل من العالقات بين أفراد العائلة إما متباعدة ،مع انفصاالت متكررة،
وإما صراعية ومتوترة ،وأغلبها تبقى بدون حلول مرضية .حيث أشارت كل من الباحثتين
آنا-مريا نيكولو وإليونوراستريناتيAnna-Maria Nicoloو Eleonora Strinatiأن
البعد ما قبل-كالمي يمكن أن يشكل مخزن للتجارب الصدمية املتناقلة عبر األجيال،
وأنه على هذا املستوى يمكن مالحظة جزء من الدفاعات العبر-شخصية للعائلة (& Nicolo
الحياة ،فغياب التراث التاريخي يعرقلهم في مسألة أقوال وتصرفات أبائهم وأجدادهم.
منع الذاكرة ،غياب املاض ي ،عدم إمكانية التذكر يعرقل كل سياق تطوري لهذه األنساق
العائلية ،حيث يستدعى أنه كلما واجهت هذه العائالت وضعيات جديدة ال يمكنها
اإلعتماد على تجاربها السابقة ،لذلك كل مرحلة من دورة حياة العائلة تأخذ أزمة دائمة
في ظاهرها صعبة الحل(Fossion & Rejas, 2007) .
كما يبدو أن لسياق الوالء الخفي في هذه العائالت مهمة التعبير عن معاناة األجداد
واألباء ،وهذا بالتمسك بجو معاناة عائلية مجتاحة .الوالء الخفي هو ذلك السياق الذي
يعمل على خلق اشكاليات ووضعيات متشابهة (وضعيات املعتدي أو الضحية )...مما
يفسح املجال باستقرار عرضية عابرة لألجيال مثل االكتئاب ،اللجوء للعنف
والسلوكيات اإلدمانية (الكحول و/أو املخدرات) .وفي هذا الصدد ترى املعالجة العائلية
السياقية كاترين دوكومان-ناجي )2010(Catherine Ducommun-Nagyأن الوالء
العائلي هو أساس أخالقية العالقات داخل العائلة ،حيث تتأسس على توقع العدالة بين
األجيال وتعتبر األخالقية العالئقية مصدر إرجاعية بالنسبة لكل فرد من أفراد العائلة.
ويوضح ناجي بوزورمانيBoszormeniy-Nagyعلى لسان دوكومان-ناجي
،) 2010( Ducommun-Nagyأن الوالء العائلي يجد أصوله في ذلك التفرغ واالهتمام
الذي يظهره األولياء اتجاه أبنائهم ،وكذلك في ذلك الدين الذي يحمله األبناء اتجاه
والديهم .وإذا بنيت العالقات العائلية على الثقة والوالء املتبادل ،يمكن أن يعتمد الفرد
على دعم أهله في األوقات الصعبة من حياته .غير أنه عندما يأخذ الوالء شكله الخفي
فيصبح بحد ذاته مؤشرا لوجود اضطرابات على املستوى الفردي واختالل التوظيف على
املستوى العائلي .األمر الذي تؤكده آن-أنسلينتشوتزنبرجر )2015( Schützenberger
حيث ترى أننا حلقة وصل في سلسلة من األجيال ،والغريب في بعض األحيان ،أننا
مجبرون على دفع الديون املاضية ألجدادنا .والوالء الخفي مظهر من مظاهر هذه الرابطة
التي تدفعنا ،شئنا أو أبينا ،بعلمنا أو ال ،لتكرار الوضعيات املريحة أو األحداث املؤملة.
كما أننا أقل حرية مما نعتقده لكن تبقى لنا إمكانية الفوز بحريتنا والخروج من قدر
تكرار تاريخنا ،وهذا بفهم تلك الروابط املعقدة التي نسجناها داخل العائلة وإعادة
التفكير فيما ال يقال عن التاريخ العائلي .وعلى سبيل املثال نجد في العائلة األولى ،جدة
" سعاد" التي تعرضت للتعذيب الجسدي واالعتداء الجنس ي من طرف الضابط الفرنس ي
الذي كان يستجوبها للحصول على معلومات خاصة بزوجها وإخوتها املجاهدون ،لكن
هذه الوقائع بقيت غير متداولة في الفضاء العائلي ،إال أنه في أحد األيام تذهب
"سعاد"(حيث كان عمرها 12سنة فقط) مع الجدة للحمام وتتفاجأ برؤية أثار التعذيب
على جسم جدتها ولم تجرأ عن سؤالها .وبعد أيام تناقش "سعاد" األمر مع أمها تخبرها
بأن الجدة سجنت ملدة شهرين وتعرضت للتعذيب ،لكن لم تسرد تفاصيل تعذيبها
وطلبت من "سعاد" عدم طرح أسئلة أخرى ألنها فترة مضت وانتهت .وتشأ األقدار أن
العائلة تهاجر وتستقر بفرنسا لفترة ،وفي إحدى السهرات تعرضت "سعاد" العتداء
جنس ي من طرف صديق فرنس ي ،مما سبب لها ظهور أعراض الصدمة النفسية مرافقة
بحالة اكتئابيه حادة .غير أن تفاصيل التعذيب الذي تعرضت له جدتها لم تسرد إال اثناء
إجراء مقابالت البحث مع عائلتها (من طرف األم) ،والتي كان األب (مجاهد وابن مجاهدة)
يتجنب املشاركة فيها.
األمر املالحظ لدى أفراد عائالت مجموعة هذه الدراسة التي يطغى على نمطها اإلتصالي
-ما ال يقال-عن املعاش الصدمي لألجداد أثناء الثورة وتلك األحداث املتعلقة بالتعذيب،
التي أخذت العرضية املزمنة فيها الصدارة (اإلكتئاب ،العنف واملرور للفعل ،اإلدمان )...
ليثبت أفراد العائلة الحالية مدى والئهم ملعاناة أجدادهم ولكن بشكله الخفي ألنه بدون
تدخل عالجي يصبح غير مسموح لهم التصريح بوالئهم .ومثل هذه الوضعيات تجعل
العائالت دائما في حالة تعدد أزماتها الصراعية حيث تكون العالقات متوترة وسيرورة
األخذ والعطاء يصيبها الجمود ،كما الحظنا أفرادا عالقين في وضعية العطاء دون
الحصول على االعتراف أو أخذ االستحقاق العادل لتضحياتهم مساهماتهم اتجاه
العائلة .وفي الواقع ،األخالقية العالئقية بين أفراد هذه العائالت جاءت مختلة جراء
اختالل ميزان األخذ والعطاء.
أما فيما يخص النتائج املتحصل عليها من خالل الجزء الثاني من دليل تقييم تناقل
صدمة الحرب عبر األجيال فكانت على النحو التالي كما هي مبينة في الجدول رقم (:)02
الجدول رقم ( : )2النتائج الكلية الستبيان التقييم الذاتي لتناقل صدمة الحرب عبر األجيال لدى
مجموعة الدراسة
التحليل الكمي لتناقل
الدرجة
صدمة الحرب مقارنة الصفة القانونية األفراد املشاركين في الدراسة
الكلية
باملتوسط الحسابي
إبنة وحفيدة
متوسط 155 .1سعاد
مجاهدين العائلة 01
متوسط 140 حفيد مجاهد .2سفير (إبن سعاد)
مرتفع 208 حفيد مجاهد .3عبد الرزاق
العائلة 02
مرتفع 185 حفيدة مجاهد .4فريدة (أخ عبد الرزاق)
مرتفع 183 بنت شهيد .5زهرة
متوسط 167 حفيد شهيد .6الهادي (إبن زهرة)
مرتفع 182 حفيد شهيد .7حسين (إبن زهرة)
العائلة 03
متوسط 138 حفيدة شهيد .8ويزه (إبنة زهرة)
متوسط 128 حفيدة شهيد .9ليلية (إبنة زهرة)
مرتفع 185 حفيدة شهيد .10وردية (إبنة زهرة)
مرتفع 187 حفيدة شهيدة .11وردية
مرتفع 194 إبن حفيدة شهيدة .12حسين(إبن وردية)
العائلة 04
متوسط 164 إبن حفيدة شهيدة .13فضيل (إبن وردية)
متوسط 125 إبنة حفيدة شهيد .14دليلة (إبنة وردية)
متوسط 165 إبن مجاهد .15حميد
العائلة 05
متوسط 164 إبن مجاهد .16عشور (أخ حميد)
مرتفع 170 إبنة مجاهدين .17نوارة
العائلة 06
متوسط 149 حفيدة مجاهدين .18سميرة (أبنة نوارة)
مرتفع 173 حفيدة مجاهدين .19مالحة
العائلة 07
متوسط 150 أبن مجاهد .20محمد (أب مالحة)
متوسط 151 بنت مجاهد .21حدة
العائلة 08
متوسط 125 حفيد مجاهد .22سعيد (إبن حدة)
متوسط 131 حفيدة مجاهد .23مريامة العائلة 09
مرتفع 179 حفيدة مجاهدين .24ثنينة العائلة 10
يبين الجدول رقم ( )02أن كل أفراد عائالت الدراسة يعانون من خطر تناقل صدمة
الحرب عبر األجيال ،ولكن بنسب متفاوتة ،ومتباينة حتى بين أفراد من نفس العائلة ،وال
يوجد تباين في النتائج بين أحفاد الشهداء وأحفاد املجاهدون.
الجدول رقم ( )03بين توزيع النسب حسب مستوى تناقل صدمة الحرب عبر األجيال لدى
أفراد الدراسة مقارنة باملتوسط الحسابي
مرتفع متوسط خفيف
النسبة % التكرار النسبة % التكرار النسبة% التكرار
كما يوضح الجدول رقم ( )03أن %41.67من أفراد مجموعة الدراسة يندرجون ضمن
املستوى املرتفع من خطر تناقل صدمة الحرب عبر األجيال ،وهم الذين تحصلوا على
درجة كلية تساوي أو تفوق املتوسط الحسابي أي الدرجة املحصورة بين 170و،248
وبنفس النسبة %41.67يندرجون ضمن املستوى املتوسط ،والذين نتحصر درجتهم
الكلية ما بين 137و .169كما سجلنا وجود خفيف لخطر تناقل صدمة الحرب لدى عينة
الدراسة وهذا بنسبة ،%16.67والتي تنحصر درجتهم الكلية بين 69و.136
الجدول رقم ( )04يمثل نتائج التقييم الذاتي لخطرتناقل صدمة الحرب عبر األجيال حسب األبعاد واملحاور
تكرارات العينة
متوسط األبعاد
النسبة املئوية (يساوي او أكبرمن
واملحاور في املحاور األبعاد
بالنسبة لكل محور متوسط االستبيان)
االستبيان
من مجموع 24فردا
% 66.67 16 10 أعراض الصدمة النفسية
املعاش
املعاناة العالئقية لها عالقة
% 54.17 13 12.5 النفس ي
بمعاناة األجداد جراء الحرب
الصدمي
% 12.50 09 10 اإلرث النفس ي ذو الطابع السلبي
% 46.67 10 2.5 اإلنكار
% 58.33 14 2.5 توكيد الذات
% 54.17 13 2.5 التماهي اإلسقاطي
% 50.00 12 5 االضطهاد
% 50.00 12 2.5 التجنب
امليكانيزمات
% 25.00 6 2.5 التفكك العصابي
الدفاعية
الدفاعات النرجسية (القدرة
% 54.17 13 7.5 املطلقة ،املثلنة ،التخفيض من
قيمة املوضوع)
الدفاع عن طريق السلوك
% 58.33 14 5
واملرور للفعل
% 20.83 5 2.5 آلية الترقب
جاءت هذه النتائج مدعمة لنتائج املقابالت النسقية واملخطط الجيلي لعائالت الدراسة،
حيث تظهر النتائج أن املعاش النفس ي لهذه الفئة تطغى عليه املعاناة النفسية .إذ يعاني
%66.67من أعراض الصدمة النفسية ،حيث كانت أغلبها من خالل الكوابيس املتعلقة
بالحرب ،اجتياح الفكر بصور صدمية ،يرفقها اجتياح انفعالي ومشاعر الغضب .كماأن
%54.17منهم يظهرون معاناة عالئقية ،لها عالقة بمعاناة األجداد أثناء الحرب ،غير أن
%12.5فقط كان اإلرث النفس ي لديهم سلبي وال يفتخرون بتضحيات األجداد مقارنة
باملعاناة االجتماعية التي تعرض لها أباءهم بفقدانهم ألباءهم (الشهداء منهم
واملجاهدون).
وهذه الهشاشة تتوضح أكثر من خالل امليكانيزمات الدفاعية املوظفة على املستوى
الفردي لتسيير وضعيات الضغط .حيث كانت على النحو التالي :الدفاع عن طريق
السلوك واملرور للفعل لدى ،%58.33الحاجة لتوكيد الذات لدى ،%58.33اللجوء
للتماهي اإلسقاطي لدى ،%54.17الدفاعات النرجسية (املثلنة ،القدرة املطلقة والتقليل
من قيمة املوضوع) بنسبة .%54.17كما يعاني%50من هؤالء األفراد من سياق التجنب،
و %50من االضطهاد %46.67 ،من اإلنكار %25 ،من التفكك العصابي و %20.83من
آلية الترقب.
أما طبيعة االتصال بين أفراد هذه العائالت فيسود عليها االتصال غير اللفظي لدى
،%58.33حيث تتميز العالقات بين-شخصية بالصراع والتوتر الظاهر لدى %29.17
لدى العالقات املتقاربة ،غير أنه لدى الباقي تتميز بالتباعد وعدم االهتمام .أما عن كيفية
تسيير الصراعات العائلية لدى هذه الفئة ،فكانت سلبية أو بدون حل عند تناولها لدى
%58.33من مجموعة الدراسة ،وعند %58.33تبقى محصورة بالصمت ،وهذا يبين
كذلك هيمنة "ما ال يقال" في التوظيف العائلي .أما فيما يخص الحدود بين األنساق
الفرعية ،فكانت واضحة لدى %45.83وصلبة بنفس النسبة.
أما عن مميزات سياقات األخالقية العالئقية بين أفراد مجموعة الدراسة بينت النتائج
هيمنة سياقات الدائرية/الثالثية لدى %50منهم ،وتمثلت في سياق التثليث بنسبة
،%58.33سياق األبوية بنسبة %54.17وسياق التحالف بنسبة .%37.50كما يعاني
أفراد مجموعة الدراسة من الوالءات املرضية ،حيث نجد %54.17يعانون من صراع
الوالء %50 ،من الوالء الخفي و %33.33من انشطار الوالء وهذا ما يثبت الدفاعات
الفردية خاصة من نوع اإلنكار واالضطهاد .وكل هذه السياقات املرضية تجعل من ميزان
األخذ والعطاء مختل لدى .%37.50
.4مناقشة النتائج
من خالل تحليل نتائج الدراسة املتحصل عليها استخلصنا أن ألفراد عائالت مجموعة
البحث دفاعات هشة من نوع اإلنكار ،مثلنة األنا ،التماهي اإلسقاطي ،االضطهاد،
التجنب ،الدفاع عن طريق الفعل .وتميز التوظيف النفس ي لهؤالء األفراد (الجيل الحالي)
بدفاعات هشة لم يسمح لهم بإجاد قنوات أخرى تسمح لهم بتسيير األزمات وإرصان
الصدمات املعاشة مما فسح املجال لظهور أعراض الصدمة النفسية ،كما أخذت شكلها
املزمن لدى بعض أفراد هذه العائالت وهذا من خالل استقرار سياق الجسمنة وهيمنة
الحاالت اإلكتئابية الحادة والسلوكات اإلدمانية.
كما يبدو أن بروز سياق التثليث في العالقات وسياق األبوية لدى الجيل الثاني أمر
مفروغ منه أمام هشاشة الوظيفة األبوية لجيل الثورة (األجداد) -الذي خرج من حرب
مثقل بمعاناة نفسية شديدة دون إمكانية الحصول على العالج ،في غياب اإلمكانيات
آنذاك -ومن جهة أخرى تشخيص الصدمة النفسية في ذلك الوقت (بعد االستقالل) لم
يكن باألمر املتمكن منه علميا رغم كل األدبيات املنشورة فيما يخص مفهوم عصاب
الحرب .غير أن سياق التثليث واألبوية تم تناقله عبر األجيال ،وهذا ما يوحي لتوارث
هشاشة البنية العائلية رغم محاولة البعض من هذه العائالت (من خالل أفرادها)
استثمار موارد أخرى قد تسمح لها باكتساب أنماط عالئقية واتصالية أكثر مرونة.
كما إستخلصنا لدى أغلب العائالت املدروسة ،من الناحية اإلتصالية ،هيمنة "ما ال
يقال" حول املعاش الصدمي لألباء و/أو األجداد إبان الثورة ،فيما يخص املعاش بحد
ذاته خاصة التفاصيل املتعلقة بالتعذيب الذي تعرضوا له .حيث يعتبر "موضوع ال
يسمح تناوله في العائلة" ،وعند البعض منهم غير مرخص حتى التفكير فيه ،كما صرح
أحد األفراد بعبارات جد ثقيلة لوصف هذا السياق العائلي حول هذا املوضوع بـ "منطقة
ملغمة"" ،نحس بأنه هناك أمور حدثت لكن ال نعلم موضوعها" ،وهذا ما يبرز أهمية
تناقل الجانب اإلنفعالي الخاص بالصدمات عبر األجيال ،على الرغم من تجنب كل ما
يحمله من أفكار أو حتى هوامات .وهذا الجو اإلتصالي داخل العائلة أعطى طابع خاص
للعالقات ،إما متباعدة تجنبية ،إما إلتحامية قصد الحماية املفرطة.
يفرض سياق التجنب-املسيطر على األنماط اإلتصالية-على أفراد هذه العائالت تجنب
كل ماهو مؤلم مما يخلق في األسطورة العائلية مناطق غامضة عبر األجيال تفسح املجال
للتباعد بين أفرادها أو العكس ،التالحم قصد الحماية املفرطة .غير أن هذا يجمد أدوار
األفراد ،إما في وضعية العطاء املفرط لفرد ما (غالبا ذلك الذي تم استثماره في سياق
التثليث أو األبوية) دون الحصول على اإلعتراف العادل من طرف باقي األفراد املستفيدين
من هذا العطاء.
هذه الوضعية ،وقصد البحث الدائم لهذا اإلعتراف يجعل من الفرد يرفض بصفة غير
مصرحة األخذ ،أو أنه اليفسح املجال ألي فرصة لكي يستقبل أي عطاء من عائلته.
بمعنى ،حسب تعبير بعض أفراد ال عينة ،من تعود على العطاء من الصعب عليه األخذ،
أو حتى أنه يعتقد اآلخرون أنه ليس بحاجة للمساعدة أو حتى اإلعتراف بما يقوم به من
تضحيات من أجل عائلته .هذا ما يبرز مدى إختالل ميزان األخذ والعطاء وفقر األخالقية
العالئقية في العالقات العائلية.
يعتبر الوالء الخفي لألجيال السابقة من خالل العرض الذي يعاني منه أحد أفراد العائلة
(أو أكثر) أو من خالل تكرار وضعية الضحية في سياق اللوحة املحورية (خاصة تلك
املتعلقة بضحية إعتداء أو محاولة إعتداء جنس ي) عبارة عن سعي لكسب الشرعية
املفقودة ملعاناة جيل الثورة .ونلتمس إصرار هذا املسعى حتى وإن كان في هيئته الهدامة،
ويضع فرد أو أكثر في حاالت الخطر (كاإلفراط في اإلدمان على الكحول أو املخدرات،
التواجد في وضعيات خطر التعرض لإلعتداء ،واملرور للفعل من خالل السلوك
العدواني) شكل من أشكال الوالء غير مرئي (خفي) ملعاناة األباء أو األجداد ،ومحاولة
إلستعادة الشرعية املفقودة لألجيال السابقة" .ومن خالل ما سبق عرضه يمكن القول
أنه تأكدنا من صحة فرضيةدراساتنا ،والتي مفادها :يظهر تناقل الصدمات املعاشة من
طرف أفراد جيل حرب التحرير عبر األجيال من خالل ميكانيزمات فردية هشة (دفاعات
مننوع اإلنكار،مثلنة األنا،التماهي اإلسقاطي ،االضطهاد ،التجنب ،الدفاع عن طريق
الفعل) وسياقات عالئقية مرضية من نوع دائرية (كسياق التثليث،سياق ا ألبوية،
الوالءات املرضية) في نفس السيرورة.
خاتمة
نختم هذه املساهمة البحثية باإلشارة إلى أن البحث في موضوع تناقل الصدمات النفسية
عبر ا ألجيال ،يضع الباحث في وضعية بحث وتدخل في نفس الوقت ،وهذا من خالل
استعمال أدوات التدخل النسقية ،على رأسها املساءلة الدائرية والتحيز املتعدد
االتجاهات أثناء املقابالت النسقية مع أفراد العائالت وبناء املخطط العائلي الجيلي.
املشاركة في هذا البحث أعطت لهذه العائالت فرصة فتح مجال التفكير في وضعياتها
وفهم نوعا ما املشاكل العائلية الضمنية التي تعاني منها على مستوى ثالث أجيال على
األقل ،األمر الذي تطرق له موري بووين ( ،(Bowen, 1984والذي يرى أن األجندة(املفكرة)
59 أفكار وآفاق ،املجلد ،10العدد ،2السنة 2022
د فطيمة موس ى. زينة موهاب؛ أ.د.ط .التناول النسقي لتناقل الصدمة النفسية عبر األجيال
تفسر الحاضر وتخطط بصفة عامة،العائلية تسمح بتسجيل التاريخ كما تبنيه العائلة
.للمستقبل انطالقا من قصة املاض ي العابرة لألجيال
قد ال يمكن الجزم باألثر العالجي للتدخالت التي تم إعدادها أساسا إستجابة للبحث
إلى إدراك حجم معاناة أفرادها- غير أنه قد تم التوصل –لدى بعض العائالت،الحالي
- كما أكدت ذلك آن، في األخير يمكن القول.والتسجيل في سياق عالجي عائلي أو فردي
سواء أحب ذلك، أن كل فرد مشبع،)2004( Schützenberger أنسلين تشوتزنبرجر
بهذه الروابط و العادات من الوالءات العائلية و الصدمات النفسية و الحداد،أم ال
.الذي لم يتم معالجته على املستوى العائلي
املراجع
، آفكار و آفاق،1955-1961 القضية الجزائرية في األمم املتحدة. 2016 ، كرليل عبد القادر.1
.92-61 ص ص،2 جامعة الجزائر، الجزائر،08 العدد
2. Andolfi, M. 1985. La forteresse familial.Paris: Bordas.
3. Boszormenyi-Nagy I., & Spark G.-M., 1973. Invisible loyalties;
reciprocity in intergenerational family therapy. New York: Harper
Collins Publishers.
4. Bowen M., 1978. Family therapy in clinical practice.New York: J.
Aronson.
5. Bowen M., 1984. La diffirenciation du soi, les triangles et les systèmes
émotifs familaux. Paris: ESP.
6. Courtois A., 2003. Le temps des héritages familiaux. Entre répétition,
transformationet création. Thérapie familiale, 24 (01), pp. 85-102.
7. Cramer B., 1996. Secrets de femmes, de mère à fille. Paris: Calman
Lévy.
8. Ducommun-Nagy C., 2010. Loyautés familiales et processus
thérapeutique. Cahiers critiques de thérapie familiale et de pratiques de
réseau, 01(44), pp. 27-42. Récupéré sur https://www.cairn.info/revue-
cahiers-critiques-de-therapie-familiale-2010-1-page-27.htm
9. Fanon F., 1961. les damnés de la terre. Paris: Maspero.
10. Fossion P., & Rejas M.-C., 2007. Prise en charge des familles
traumatisées, l'apport de Siegi Hirsch. Thérapie Familiale, 28(03), pp.
231-247.
11. Heck L., Janne P., 2011. Vous avez dit "Parentification"? Revue du
concepte et réactualisation selon les derniers résultats empiriques.
Thérapie familiale, 32(02), pp. 253-274.
60 2022 السنة،2 العدد،10 املجلد،أفكار وآفاق
د فطيمة موس ى. زينة موهاب؛ أ.د.ط .التناول النسقي لتناقل الصدمة النفسية عبر األجيال