You are on page 1of 3

‫الخطبة السابعة في ذكر نماذج من عذاب النار‬

‫الحمد هلل مستحق الحمد وأهله المجازي خلقه جزاء دائرا بين‬
‫عدله وفضله وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له في‬
‫ملكه وحكمه< وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل خلقه صلى‬
‫هللا عليه وعلى آله وأصحابه وتابعي هديه وسلم تسليما ‪.‬‬
‫أما بعد أيها الناس ‪ :‬اتقوا هللا تعالى واتقوا النار التي أعدت‬
‫للكافرين وأطيعوا هللا والرسول لعلكم ترحمون اتقوا ذلك‬
‫بامتثال أوامر هللا واجتناب نواهيه فإنه ال نجاة لكم من النار إال‬
‫بهذا اتقوا النار فإنها دار البوار والبؤس ودار الشقاء والعذاب‬
‫الشديد دار من ال يؤمن باهلل واليوم اآلخر ساكنوها شرار خلق‬
‫ق‬‫هللا من الشياطين وأتباعهم قال هللا تعالى إلبليس ‪ { :‬فَا ْل َح ُّ‬
‫ين }‬‫ق أَقُو ُل }{ أَل َ ْمأَل َنَّ َج َهنَّ َم ِم ْن َك َو ِم َّمنْ تَبِ َع َك ِم ْن ُه ْم أَ ْج َم ِع َ‬
‫َوا ْل َح َّ‬
‫دار فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف وغيرهم من طغاة‬
‫الخلق وفجارهم ولئن سألتم عن مكانها فإنها أسفل السافلين‬
‫وأبعد ما يكون عن رب العالمين طعام أهلها الزقوم وهو شجر‬
‫خبيث مر المطعم كريه المنظر ال يسمن وال يغني من جوع وفي‬
‫الحديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال « اتقوا هللا حق‬
‫تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا ألفسدت‬
‫على أهل األرض معايشهم » رواه النسائي والترمذي وقال‬
‫حسن صحيح هذا طعامهم إذا جاعوا فإذا أكلوا منها التهبت‬
‫أكبادهم عطشا وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل وهو‬
‫الرصاص المذاب يشوي وجوههم< حتى تتساقط لحومها فإذا‬
‫شربوه على كره وضرورة قطع أمعاءهم ومزق جلودهم هذا‬
‫شرابهم كالمهل في حرارته وكالصديد في نتنه وخبثه يضطر‬
‫شاربه إلى شربه اضطرارا يتجرعه وال يكاد يسيغه ويأتيه‬
‫الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ أما‬
‫لباسهم فلباس الشر والعار قطعت لهم ثياب من نار سرابيلهم‬
‫من قطران وتغشى وجوههم< النار فال يقيهم هذا اللباس حر‬
‫جهنم وإنما يزيدها اشتعاال وحرارة وال يستطيعون أن يقوا به‬
‫وس ِه ُم‬
‫ق ُر ُء ِ‬ ‫ص ُّب ِمنْ فَ ْو ِ‬ ‫وهج النار وحرها عن وجوههم ‪ { :‬يُ َ‬
‫ص َه ُر بِ ِه َما فِي بُطُونِ ِه ْم َوا ْل ُجلُو ُد }{ َولَ ُه ْم َمقَا ِم ُع ِمنْ‬ ‫ا ْل َح ِمي ُم }{ يُ ْ‬
‫َح ِدي ٍد }{ ُكلَّ َما أَ َرادُوا أَنْ يَ ْخ ُر ُجوا ِم ْن َها ِمنْ َغ ٍّم أُ ِعيدُوا فِي َها‬
‫اب ا ْل َح ِر ِ‬
‫يق } ‪.‬‬ ‫َو ُذوقُوا َع َذ َ‬
‫عباد هللا اتقوا النار فإن حرها شديد قد فضلت على نار الدنيا‬
‫كلها بتسع وستين جزءا يصالها المجرمون فتنضج جلودهم‬
‫ض َجتْ ُجلُو ُد ُه ْم بَ َّد ْلنَا ُه ْم ُجلُو ًدا َغ ْي َر َها‬
‫قال هللا تعالى ‪ُ { :‬كلَّ َما نَ ِ‬
‫ان َع ِزي ًزا َح ِكي ًما } يرتفع بهم اللهب‬ ‫ِليَ ُذوقُوا ا ْل َع َذ َ‬
‫اب إِنَّ هَّللا َ َك َ‬
‫حتى يصلوا إلى أعالها وكلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا‬
‫فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون عذابهم‬
‫فيها دائم ال يفتر عنهم وهم فيه مبلسون يتكرر عليهم فال‬
‫يستريحون ويسألون الخالص منه ولو ساعة فال يجابون‬
‫يقولون لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب‬
‫فتقول المالئكة لهم أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى‬
‫قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إال في ضالل فلن يستجاب لهم‬
‫ألنهم لم يستجيبوا للرسل حينما دعوهم إلى هللا تعالى فكان‬
‫الجزاء من جنس العمل قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا‬
‫قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فيقول هللا‬
‫لهم على وجه اإلهانة واإلذالل اخسؤوا فيها وال تكلمون فحينئذ‬
‫ييئسون من كل خير ويعلمون أنهم فيها خالدون فيزدادون‬
‫بؤسا إلى بؤسهم وحسرة إلى حسرتهم كذلك يريهم هللا أعمالهم‬
‫ين فِي َها أَبَ ًدا‬ ‫حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ‪َ { :‬خالِ ِد َ‬
‫صي ًرا }{ يَ ْو َم تُقَلَّ ُ‬
‫ب ُو ُجو ُه ُه ْ<م فِي النَّا ِر‬ ‫ُون َولِيًّا َواَل نَ ِ‬ ‫اَل يَ ِجد َ‬
‫سو َل } ‪.‬‬‫ون يَالَ ْيتَنَا أَطَ ْعنَا هَّللا َ َوأَطَ ْعنَا ال َّر ُ‬
‫يَقُولُ َ‬
‫عباد هللا اتقوا النار فإن قعرها بعيد وأخذها شديد قال أبو‬
‫هريرة رضي هللا عنه « كنا عند النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫فسمعنا وجبة أي صوت شيء وقع فقال النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ :‬أتدرون ما هذا قلنا هللا ورسوله أعلم قال هذا حجر‬
‫أرسله هللا في جهنم منذ سبعين خريفا أي سنة فاآلن حين‬
‫انتهى إلى قعرها » رواه مسلم إذا رأت أهلها من مكان بعيد‬
‫سمعوا لها تغيظا وزفيرا تتقطع منه القلوب فإذا ألقوا فيها‬
‫سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تتميز من الغيظ أي تكاد‬
‫تتقطع من شدة الغيظ والغضب على أهلها فهي دار حانقة‬
‫غاضبة على أهلها وهم في جوفها فما ظنك أن تفعل بهم ؟‬
‫عباد هللا اتقوا النار احذروا أن تكونوا من أهلها ولقد بين هللا‬
‫لكم صفات أهل النار وصفات أهل الجنة جملة وتفصيال لئال‬
‫يكون للناس على هللا حجة بعد الرسل قال هللا تعالى ‪ { :‬فَأ َ َّما‬
‫َمنْ طَ َغى }{ َوآثَ َر ا ْل َحيَاةَ ال ُّد ْنيَا }{ فَإِنَّ ا ْل َج ِحي َم ِه َي ا ْل َمأْ َوى }{‬
‫س َع ِن ا ْل َه َوى }{ فَإِنَّ ا ْل َجنَّةَ‬ ‫اف َمقَا َم َربِّ ِه َونَ َهى النَّ ْف َ‬ ‫َوأَ َّما َمنْ َخ َ‬
‫ِه َي ا ْل َمأْ َوى } ‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك النجاة من النار والفوز بدار القرار ‪ . . .‬إلخ ‪.‬‬

You might also like