You are on page 1of 23

‫رئيس التحرير‬ ‫كلمة التحرير للمجلد الثاين‪ ،‬العدد الثامن لسنة الثانیة ‪2021‬م‬

‫‪International Arabic Journal of Creative Research‬‬


‫‪Peer Reviewed Academic Quarterly Research Journal‬‬

‫اخلّلقة‬
‫اجمللة العربیة الدولیة للبحوث ا‬
‫دورية علمیة مفهرسة حمکمة يف جماالت العلوم اإلنسانیة واالجتماعیة‬
‫)‪ISSN: 0132-1133 (Online‬‬
‫)‪ISSN: 0122-4216 (Print‬‬

‫العدد الرابع‪ ،‬المجلد الثاني ‪3441‬هـ‪0203/‬م‬

‫رئيس التحرير‬
‫أ‪.‬د‪ .‬إسماعيل عمارة عقيب‬

‫قسم البحوث العربية‬


‫رقم الدويل املعیاري (مردمد) ‪2002-4006‬‬
‫‪iajcr.info@gmail.com‬‬
‫‪www.iajcr.com‬‬

‫ا‬
‫ب‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫رئيس التحرير‬ ‫كلمة التحرير للمجلد الثاين‪ ،‬العدد الثامن لسنة الثانیة ‪2021‬م‬

‫تعريف اجمللة‬
‫صلى هللا عليه وسلمأجسر) اسم اخلاص جمللة العربية الدولية للبحوث اخلالقة‪ ،‬هي اسم املخففة عن‬
‫إجنليزیة )‪ ) IAJCR‬مبعنی أجسر مجع جسر وهي نقطة االتصال بني الشيئني‪.‬‬
‫هتدف هذه اجمللة إىل إنتاج املعرفة وتطویر معارفها وخرباهتا يف جمال التخصص واألحباث املتعلقة‬
‫بالظواهر اللغویة واألدبية‪ ،‬فضالً عن البحوث األصلية واجلدیدة يف جمال العلوم واألدب املختلفة‪ ،‬ونشر‬
‫املعرفة واملوضوعات املتخصصة‪ .‬واملشاكل املتعلقة بالظواهر اللغویة واألدبية‪ ،‬واألساليب املتعلقة بالفكر‬
‫والتحليل والتجزیة لقضایا اللغة وظواهرها النقدیة يف األدب العريب‪ ،‬القدمي واحلدیث واملرتبطة يف إطار‬
‫نظریات جدیدة‪.‬‬

‫أهداف اجمللة‪:‬‬
‫هتتم اجمللة علی جلب األساتذة والباحثني إىل جمال البحث العلمي مع موضوعات متخصصة لألدباء‬
‫واملثقفني والباحثني‪ ،‬م ّكنت اجمللة نشر االنتاجات العلمية والبحثية‪ ،‬حيث تتوفر شروط البحث العلمي‪،‬‬
‫واملتابعة بسياسة اجمللة‪ .‬تلك اليت تأخذ يف االعتبار ظروف البحث العلمي هلا األسبقية من حيث أصالة‬
‫الفكر ووضوح األسلوبية واألصالة واجلودة املمتازة والكمية املنخفضة واجلدیة يف تقدمي وإعطاء وقت‬
‫للتعدیل‪.‬‬

‫‪Contact Us:‬‬ ‫عنوان املراسلة‬


‫‪International Arabic Journal of Creative Research‬‬
‫‪Afghanistan, Kabul, Third District, Street#1, Shams Ghaznin‬‬

‫‪Emil: iajcr.info@gmail.com‬‬
‫‪editorJournal.Iajcr@gmail.com‬‬

‫ا‬
‫ج‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫رئيس التحرير‬ ‫كلمة التحرير للمجلد الثاين‪ ،‬العدد الثامن لسنة الثانیة ‪2021‬م‬

‫شروط النشر‬
‫‪ ‬اجمللة العربیة الدولیة هي جملة اللغة العربیة واألدب العصرية اليت تتعلق باملقاالت العربیة القیمة من‬
‫األساتذة والباحثني وعلماء املعرويني‪.‬‬
‫‪ ‬لغة اجمللة هي العربیة واإلجنلیزية والفارسیة‪.‬‬
‫‪ ‬ستكون اجمللة يصلیة تنشر أربع مرات يف السنة‪.‬‬
‫‪ ‬يتم احلكم على املقاالت من قبل اثنني من اخلرباء املعتمدين أحدمها داخل البلد وثانیهما خارج البلد‪.‬‬
‫‪ ‬يیما يتعلق بالنشر‪ ،‬ستكون مجیع قواعد وأنظمة وزارة التعلیم العايل قابلة للتطبیق‪.‬‬
‫‪ ‬هیئة حترير اجمللة هي اجلهة الوحیدة املسؤولة عن أي قرار‪.‬‬
‫‪ ‬سیكون للمجلس احلق يف تعديل أو إلغاء أو تلخیص املادة املرسلة‪ .‬سیقوم احملرر بإبّلغ الباحثني بآراء‬
‫اخلرباء يیما يتعلق بأي تغیري‪.‬‬
‫‪ ‬لیس من الضروري أن يوايق جملس اإلدارة على آراء الكاتب‪.‬‬
‫‪ ‬مسؤولیة املقاالت ستكون يقط على املؤلفني ولیس على ‪ IAJCR‬أو هیئة التحرير‪.‬‬
‫‪ ‬مبجرد استّلمها‪ ،‬لن يتم إرجاع املقال سواء مت نشره أم ال‪.‬‬
‫رئیس التحرير‬
‫احلقول الدراسیة‪:‬‬
‫قضايا تعلیم اللغة العربیة لغريالناطقني هبا‬ ‫‪‬‬

‫املراجعات العلمیة للدراسات والنظريات‬ ‫‪‬‬


‫حوسبة اللغة العربیة وأداهبا‬ ‫‪‬‬

‫النظرية األدبیة واللغوية‬ ‫‪‬‬

‫الدراسات اللسانیة النظرية والتطبیقیة‬ ‫‪‬‬


‫األدب العريب القدمي واألدب العريب احلديث‬ ‫‪‬‬

‫مشكّلت املصطلح والتعريب‬ ‫‪‬‬

‫املقارنة بني األدبني العربیة والفارسیة‬ ‫‪‬‬


‫األدب املقارن ودراسات الرتمجة‬ ‫‪‬‬

‫ا‬
‫د‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫رئيس التحرير‬ ‫كلمة التحرير للمجلد الثاين‪ ،‬العدد الثامن لسنة الثانیة ‪2021‬م‬

‫هیئة التحرير العاملیة‬ ‫هیئة التحرير املستشارية‬


‫األستاذ الدکتور عمر عبد الرحیم محزاوي‬
‫األستاذ الدکتور عبد الکبري حمسن‬
‫جامعة األزهر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‬ ‫أستاذ الکلیة احلکومیة‪ ،‬راوالبندي‪ ،‬إسّلم آباد‬
‫األستاذ الدکتور مؤيد ياضل‬
‫األستاذ الدکتور عبد القاهر عابد‬
‫اجلامعة اإلسّلمیة العاملیة‪ ،‬إسّلم آباد‬
‫أستاذ قسم اللغة العربیة‪ ،‬جامعة کابول‬
‫األستاذة الدکتورة هنی األيغاين‬
‫أستاذ قسم اللغة العربیة‪ ،‬جامعة برويیسور رباين‬
‫األستاذ الدکتور کفايت هللا محداين‬
‫أستاذ قسم اللغة العربیة‪ ،‬جامعة منل‪ ،‬إسّلم آباد‬
‫األستاذ الدکتور عبد اجملیب جمیب‬
‫اجلامعة اإلسّلمیة العاملیة‪ ،‬إسّلم آباد‬ ‫األستاذ الدکتور گل حممد باسل‬
‫أستاذ قسم اللغة العربیة‪ ،‬جامعة کابول‬
‫األستاذ الدکتور سامي حممد عبابنة‬
‫رياد للدراسات واألحباث‪ ،‬األردن‬ ‫األستاذ الدکتور دل آقا وقار‬
‫أستاذ کلیة الشريعة‪ ،‬جامعة ننجرهار‬
‫األستاذ الدکتور منتهی أرتالیم زعیم‬
‫اجلامعة اإلسّلمیة العاملیة‪ ،‬مالیزيا‬ ‫األستاذ الدکتور عبد األحد إنصاف‬
‫األستاذ الدکتور مسیع هللا زبريي‬ ‫أستاذ کلیة الشريعة‪ ،‬جامعة ختار‬
‫جامعة عّلمة إقبال املفتوحة‪ ،‬باکستان‬ ‫األستاذ الدکتور عبد الرمحن شريزاد‬
‫األستاذ الدکتور يردوس أمحد بت العمري‬
‫أستاذ کلیة الشريعة‪ ،‬جامعة ننجرهار‬
‫جامعة علي کره اإلسّلمیة‪ ،‬هند‬ ‫األستاذ الدکتور عبد الصبور يخري‬
‫أستاذ قسم اللغة العربیة‪ ،‬جامعة کابول‬
‫األستاذ الدکتور عبد اجملید البغدادي‬
‫جامعة عّلمة إقبال املفتوحة‪ ،‬باکستان‬ ‫األستاذ الدکتور عبد هللا نورعباد‬
‫أستاذ قسم الدراسات اإلسّلمیة‪ ،‬جامعة کابول‬
‫األستاذة الدکتورة زهراء علي دخیل‬
‫األستاذ املساعد شريف هللا غفوري‬
‫جامعة اللبنانیة‪ ،‬دمشق‪ ،‬لبنان‬
‫أستاذ قسم اللغة العربیة‪ ،‬جامعة ختار‬

‫ا‬
‫ه‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫رئيس التحرير‬ ‫كلمة التحرير للمجلد الثاين‪ ،‬العدد الثامن لسنة الثانیة ‪2021‬م‬

‫اخلّلقة )دورية‪ ،‬علمیة‪ ،‬حمكمة‪ ،‬مفهرسة)‬


‫اجمللة العربیة الدولیة للبحوث ا‬
‫اإلصدار الثاني– المجلد الثاني – العدد الرابع‪Issue 20, Vo0, No6 (0203/3661): 3661/0203 -‬‬
‫كلمة التحرير‪...‬‬
‫األستاذ املساعد شریف هللا غفوري‬

‫التَّح اِّديات املعاصرة للُّغة العربیاة‬


‫‪۰۸۳-653‬‬ ‫األستاذة الدكتورة زهراء علي دخيل‬
‫اخلطبة وأحکامها يف ضوء الشريعة اإلسّلمیة والقانون املدين األيغاين‬
‫‪306-683‬‬ ‫األستاذ الدکتور حممد ويل حنيف‬
‫أهم احلوادث يف حیاة النساء وأشهر أشعارها يف الرثاء‬
‫ا‬
‫األستاذ الدکتور عرفاين رحيم‬
‫‪335-306‬‬ ‫باحثة الدکتوراه سيدة مهبارة بيضاء کشمریي‬
‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬
‫‪360-333‬‬ ‫األستاذة املساعدة سوما نظري‬

‫وذجا‬
‫النسوية يف رواية هباء طاهر (رواية خاليت صفیة والدير) من ً‬
‫‪334-363‬‬ ‫للباحث إعجاز أمحد غنائي‬

‫عوامل کفاية االقتصادية للدولة اإلسّلمیة يف أيغانستان‬


‫األستاذ املساعد شریف اهلل غفوري‬
‫‪330-334‬‬ ‫األستاذ املعيد جميب الرمحن نوري‬

‫ترتیب املقاالت في املحتویات حسب وصولها واستکمالها‬

‫ا‬
‫و‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫رئيس التحرير‬ ‫كلمة التحرير للمجلد الثاين‪ ،‬العدد الثامن لسنة الثانیة ‪2021‬م‬

‫کلمة التحرير‬
‫بسم هللا الرمحن الرحیم‬

‫عريب مبني‪ ،‬والصلوة والسالم علی أفصح من نطق بالعربية‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫احلمد هلل الذي أنزل القرآن بلسان ّ‬
‫وعمل علی تطویرها وتوسيع انتشارها بني األمة املسلمة وعلی آله وصحبه أمجعني‪ .‬وبعد!‬
‫اخلالقة‪ ،‬قد أطفأت الشمعة الثانية من‬
‫بصدور عددها الثامن تکون اجمللة العربية الدولية للبُ ُحوث ّ‬
‫عمرها العلمي‪ ،‬وحنن علی أعتاب السنة الثالثة من مسار اجمللة‪ .‬ثالث سنوات وهي تشق طریقها خبطي‬
‫ثابتة‪ ،‬وتنحت امسها يف الوسط العلمي واألکادمیي الدويل هبدوء‪ ،‬يف مسار علمي حافل بالعطاء ونابض‬
‫بالتفاعل البناء والتواصل املستمر مع خمتلف الباحثني يف جمال البحث العلمي‪ ،‬رأمساهلا املعنوي هو ثقة‬
‫الباحثني باجلامعات واملؤسسات ومراکز الدراسات واحملافل العلمية‪ ،‬واليت کانت حبق الوقود الذي تستمد‬
‫منه الطاقة الستثناف املسری وحتسني األداء‪ ،‬وتوخي املزید من التجوید والتصميم الفين والدقة واإلتقان‬
‫رغم کل التحدیات اليت تنتصب يف الطریق‪.‬‬
‫کما دشنت خطوة جدیدة يف اجتاه ترسيخ املدی اإلشعاعي الذي وصلت إليه‪ ،‬وحتسينه عرب‬
‫االنفتاح علی املوقع اخلاص للمجلة ويف األکادمیيا وأسکربيد وجوجل أسکالر و‪...‬‬
‫یصدر اجمللد الثاين الذي احتوی أربع أعداد من اجمللة والعا م یئن حتت وطأة وباء کوفيد‪۹۱‬‬
‫املستجد األول الذي أرخت تأثریاته بظالهلا کل الشرائح االجتماعية‪ ،‬وطالت شرارته خمتلف القطاعات‬
‫وامليادین‪ ،‬اقتصادیة منها واجتماعية‪ ،‬وثقافية وعلمية وغریها‪.‬‬
‫املستجد الثاين أن احلرب املتداوم احتوت يف أفغانستان من بدایة هذا العام وتدرج إلی اإلنقالب‬
‫الوطين واستمر مخسة أشهر‪ ،‬حتی وصلت األصوات کفاح الشعب األفغاين إلی عاصمة األفغانية يف‬
‫مدینة کابول‪ ،‬واجرب قوات األجنبية وأعواهنم علی اإلنسحاب وتشتت قوات األفغانية للدولة السابقة‪.‬‬
‫انسحب األمریکا ولن تنسی ومتحدیها والتارخیها هذا الدرس الذي لقنهم أبناء وأبطال الشعب‬
‫ا ألفغاين فليتنبه وليعترب کل من حیلم السيطرة علی هذه الرتبة الفقریة اليت یسکنها أسود السری وأبطال‬
‫الوغی‪ ،‬ذهب العدو وبقي الدمار وآثار احلروب يف وطننا الذي اغلقت أبواب اجلامعات واملؤسسات‬
‫ا‬
‫ز‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫رئيس التحرير‬ ‫كلمة التحرير للمجلد الثاين‪ ،‬العدد الثامن لسنة الثانیة ‪2021‬م‬

‫العلمية أمام الطالب والطالبات واألساتذة‪ ،‬يف البدایة کان السبب وباء کوفيد ‪ ۹۱‬وبعد شهر أغسطس‬
‫و ُورود اجملاهدین (طالبان) يف مدینة کابول واعلن سبب إغالقها مشاکل اقتصادي و‪...‬حتی استمر‬
‫كبریا يف نفوسنا أثرها المیحى عن الذاكرتنا‬‫جرحا ً‬
‫إلی هنایة العام اهلجري‪ ،‬هذه احلروب والدمار ترك ً‬
‫مهما حاولنا نسيانه واإلعراض عنه‪ ،‬الشك أن هذه الوقائع كانت كارثة عظيمة‪ ،‬وثلمة ال تسد وفاجعة‬
‫كبریة اليت نزلت ساحة الشعب األفغاين املنكوبة‪.‬‬
‫ويف ظل هذه الظروف االستثنائة للواقعة واألزمة غری املسبوقة‪ ،‬لقي استكتاب العدد الثامن إقباال‬
‫كبریا‪ ،‬وتوصلت اجمللة بكم وافر من األعمال املرشحة للنشر‪ .‬ورغم حاجز التحكيم الذي استبعد عددا‬
‫منها؛ فإن اليت ختطت هذه العتبة تفوق بكثری احلجم االعتيادي للمجلة‪ ،‬مما دفع هيئة التحریر إىل الرفع‬
‫من احلجم اإلمجايل للعدد احلايل إىل ما یقارب الضعف‪ ،‬ومع ذلك م تستطع استيعاب كل األعمال‬
‫املقلوبة‪ ،‬وهو ما أجربنا على تأخری نشر بعضها إىل العدد التاسع‪ .‬وإذ حنيط القراء والباحثني هبذا اإلكراه؛‬
‫فإننا نتوقع منهم حسن التفهم‪ ،‬وتغلب روح التضامن وهلل احلمد من قبل ومن بعد‪ ،‬وإیاه نسأل مسو‬
‫العزمیة وسبيل الرشد‪.‬‬
‫نشکر أسرة اجمللة علی صربها وعلی تکبدها عناء املتابعة والتدقيق يف هذه الظروف القاسية اليت‬
‫نعيش فيها‪ ،‬کما هننئهم ألن العمل م یکن ليتم لوال جهودهم بعد فضل اهلل تعالی‪ ،‬کما هننئ مجع‬
‫الباحثني والباحثات الذین نشروا أحباثهم يف هذا العدد‪ ،‬راجني أن یتقبله اهلل من اجلميع‪.‬‬
‫نائب رئیس التحرير‬
‫أ‪.‬شریف هللا غفوري‬

‫ا‬
‫ح‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫ا‬
‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة ‪ -‬كابول‬
‫‪International Arabic Journal of Creative Research‬‬
‫‪E - ISSN 0132-1133 P - ISSN 0122-4216‬‬
‫املجلد‪ ،0‬العدد‪0202 -4‬م ص ‪432-424‬‬
‫‪OPEN ACCESS‬‬ ‫‪URL: www.iajcr.com‬‬
‫ُ َ َّ ْ َ‬
‫الزل َزلة (دراسة أدبية)‬ ‫سورة‬
‫ا‬
‫سيدـة سوما نظري‬
‫أستاذة يف قسم اللغة العربية بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة هراة‪ -‬أفغانستان‬
‫‪soma.nazary@gmail.com‬‬
‫تاريخ استّلم املقالة‪ | DOI:321354310/IAJCR0203v0n6r6 | 0202/۰۱/02 :‬تاريخ قبول املقالة‪0202/۰۱/21 :‬‬

‫َّص البَ ْحث‬


‫ُملخ ُ‬
‫سورة الزلزلة مدنية وهي يف أسلوهبا تشبه السور املكية و موضوع السورة موضوع غييب م تره العني‬
‫رؤیة مباشرة بل أراد صاحب الکتاب جل جالله أن یریه اإلنسان رؤیة العني عن ظهر قلبه‪ .‬ألجل ذلك‬
‫مشاهدة باستخدام عناصر وآليات عدة من التصویر‬ ‫نری أن األهوال واألحوال املوضوعة يف السورة َ‬
‫الفين‪ ،‬والتناسق الفين‪ ،‬والتجسيم والتشخيص واستخدام عناصر القصة حليویة املوضوع حينا بعد حني‪.‬‬
‫إذن املقالة ترید أن جتيب علی هذا السؤال الرئيسي‪ :‬ما هي عناصر النص األديب يف سورة الزلزلة و کيف‬
‫نعثر عليها؟ لتصل إلی هذا اهلدف الرئيسي الذي أجيب عنه يف املقال‪ :‬احلصول علی عناصر النص‬
‫األديب ومقوماته يف سورة الزلزلة؛ وأسلوب البحث يف املقالة أسلوب توصيفي‪ -‬حتليلي ونستنتج من‬
‫البحوث الواردة يف النص أن السورة حتتوي علی تصاویر فنية جتعلنا نشاهد ما حدث علی األرض عند‬
‫حدوث الساعة وتسایرها موسيقی خشنة مطابقا للجو وجند فيها تناسقا فنيا مع التجسم والتشخيص‬
‫وعناصر من القصة ملزید حيویة النص القرآين‪.‬‬
‫الکلمات الرئیسیة‪ :‬الزلزلة‪ ،‬التصویر‪ ،‬التناسق‪ ،‬املوسيقی‪ ،‬التجسيم والتشخيص‪ ،‬القصة واحلرکة‪.‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫املقدمة‬
‫القرآن کتاب معجز وحتفة أدبية یؤثر فی القلب تأثریا ال میکن ألی کتاب آخر‪ ،‬ورمبا إحدی من أسباب‬
‫هذا التأثری امتزاجه وامتالئه بالتصاویر األدبية والفنية حبيث جیعله ینفذ القلب والعقل کالنجم الثاقب نفوذا‬
‫شدیداً‪ .‬املقومات األدبية عبارة عن عناصر تعطی النص مسات أدبية وجتعله أکثر حيویة ونشاطا‪ ،‬اعتنی به‬
‫علماء البالغة منذ القدمي و لکن ال هبذا االسم و هذه األرکان و األصول املوجودة التی نشاهدها اآلن‪ ،‬إال‬
‫النص القرآين و وضعوا مقومات جدیدة‪ .‬فهؤالء ال یرون القرآن‬ ‫أن فی القرون األخریة‪ ،‬انتبه العلماء بأدبية ّ‬
‫کتاب هدایة فقط‪ ،‬بل حتفة أدبية ال ینازعه أی أثر أدبی منذ نزوله إلی العصر احلدیث‪ .‬و حاول األدباء أن‬
‫یکشفوا عن األسرار األدبية املوجودة فی الطبقة التحتانية فی آی القرآن ليصلوا إلی مشاهد ترینا مدی أدبية‬
‫النص القرآين‪.‬‬
‫سورة الزلزلة من السور القصریة التی أنزلت بعد هجرة الرسول صلی هللا عليه وسلم وتکون مليئة بالعناصر‬
‫األدبية من الصور الفنية و املوسيقی القرآنية األخاذة‪ .‬مبا أن سورة الزلزلة جزء من القرآن وال حمالة مليئة بالعناصر‬
‫األدبي ة کما یری‪ ،‬إال أن هذا البحث یرید إلقاء الضوء علی مشاهد أدبية فی السورة للعثور علی ما جاء فی‬
‫السورة من التصاویر األدبية و املوسيقی و التجسيم و التشخيص و عناصر أخری جعلتها ختلب علی القلوب‪.‬‬
‫إضافة علی ذلک موضوع السورة کان غيبيا و انتزاعيا‪ ،‬قصرت اللغة عن تعبریه املباشر إال إذا مزجت بالصور‬
‫لتجسمه جتسيما یوضح األمر‪ .‬لذلک یهم الباحثة البحث فی السورة للوصول إلی األسرار املکنونة املغيبة عن‬
‫العيون و اخلفية عن البصائر و املبيَّنة فی التصاویر األدبية‪.‬‬
‫أمهیة البحث‪ :‬اعرتف اللغویون بأن القرآن هو نص أدبی میتاز باإلعجاز األديب‪ ،‬ال میکن ثبوت هذا‬
‫اإلدعاء إال من خالل دراسة النصوص درسا أدبيا مطابقا ألصول البالغة القدمیة واجلدیدة و السيما البالغة‬
‫النص القرآين األدبية من التصویر والتناسق واملوسيقی وغریها من تلك العناصر‬
‫اجلدیدة و احلصول علی مقومات ّ‬
‫النص القرآين فی سورة الزلزلة ليثبُت لنا أن هذا الکتاب معجزة‬
‫األدبية‪ .‬لذا قام هذا البحث بدراسة أدبيَّة ّ‬
‫أدبية‪.‬‬
‫أسئلة البحث‪ :‬السؤال األصلی‪ :‬ما هي عناصر النص األديب يف سورة الزلزلة و کيف نعثر عليها؟‬
‫األسئلة الفرعية‪ :‬کيف یکون التصویر الفين الذی نشاهده يف سورة الزلزلة؟‬
‫ما هي آليات التناسق الفين يف السورة؟‬

‫ا‬
‫‪714‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫کيف ظهر التجسيم و التشخيص و عناصر القصة يف السورة؟‬


‫يرضیة البحث‪ :‬القرآن کتاب معجز فی مجيع مستویاته؛ خاصة فی املستوی اللغوی و البياين فإنه معجزة‬
‫أدبية حتدی اإلنس و اجلن علی أن یأتوا مبثله فعجزوا‪ .‬فالدراسات التی قامت بالکشف عن اإلعجاز األديب‬
‫تثبت هذا اإلدعاء؛ لذا یفرتض أن سورة الزلزلة کبقية السور تتبع من هذا األصل ألن اجلزء (سورة الزلزلة) تابع‬
‫النص القرآين ‪.‬‬
‫للکل (القرآن) فتحتوی علی عناصر تثبت أدبية ّ‬
‫أهداف البحث‪ :‬اهلدف األصلی‪ :‬احلصول علی عناصر النص األدبية و مقوماته فی سورة الزلزلة‪.‬‬
‫األهداف الفرعية‪ :‬معرفة التصویر الفين فی السورة؛‬
‫معرفة آليات التناسق الفين فی السورة؛‬
‫معرفة التجسيم و التشخيص وعناصر القصة فی السورة؛‬
‫سابقة البحث‪ :‬لقد قام الدارسون بدرس کثری من الدراسات حول أدبية ّ‬
‫النص القرآين فی سور عدة‪،‬‬
‫یعنت هبا فی هذه الدراسات إال فی و قليالً و هذا القليل یدور حول بعض عناصر النص‬‫لکن سورة الزلزلة م َ‬
‫األديب فی السورة‪ ،‬حنو هذه الدراسات التی عثرت الباحثة عليها‪:‬‬
‫مقالة من امحد پاشازانوس و مرمي نبیپور التی انتشرت العام ‪ 3633‬حتت عنوان «عوامل انسجام در‬
‫سوره زلزال؛ به اساس نظریه هاليدی و حسن» و قام الباحث بدرس آليات االنسجام فی السورة فقط دون‬
‫بقية عناصر السورة األدبية‪.‬‬
‫مقالة أخری من مائدة رضایی بعنوان «زیبایی سورهی زلزال» التی انتشرت عام ‪ ،3635‬قامت الباحثة‬
‫بدرس اإلعجاز البياين فی السورة و تعتقد أن هذه السورة حتتوی علی التوشيح‪ ،‬و اجلناس‪ ،‬و الکنایة‪،‬‬
‫والتضمني‪ ،‬و التقسيم و غریها من الوجوه البيانية‪ ،‬و هکذا حتتوی علی اإلعجاز العلمی باإلخبار عن ما حیدث‬
‫لإلنسان و األرض و اإلعجاز العددی‪ ،‬فقامت بدرس هذه العناصر فی السورة مطابقا ألصول البالغة القدمیة‬
‫و م تتطرق إلی العناصر األدبية فی النص‪.‬‬
‫ما و جدت الباحثة حبثاً آخر حول دراسة السورة دراسة أدبية کاملة؛ لذا قامت هذه املقالة بالبحث عن‬
‫أدبية النص فی السورة‪.‬‬
‫أسلوب البحث و حدوده‪ :‬أسلوب البحث فی هذه املقالة أسلوب توصيفی‪ -‬حتليلی‪ ،‬حيث قامت‬
‫الباحثة بدراسة السورة وحتليل مکوناهتا الفنية واألدبية‪ .‬وجمال البحث وحدوده سورة الزلزلة دون بقية اآلیات‬
‫من الذکر احلکيم‪.‬‬
‫ا‬
‫‪714‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫سورة الزلزلة‬
‫سورة الزلزلة مدنية وهى ىف أسلوهبا تشبه السور املكية ملا فيها من أهوال وشدائد یوم القيامة وهى هنا‬
‫تتحدث عن الزلزال العنيف الذى یكون بني یدى الساعة كما تتحدث عن انصراف اخلالئق من احملشر إىل‬
‫اجلنة أو النار وانقامسهم إىل أصناف ما بني شقي وسعيد (الصابوين‪ ،3304 :‬ج‪ .)530 :6‬یقول سيد قطب‬
‫فی تفسریه‪« :‬هذه السورة مدنية يف املصحف ويف بعض الروایات ومكية يف بعض الروایات األخرى‪ .‬وحنن‬
‫نرجح الروایات اليت تقول بأهنا مكية‪ .‬وأسلوهبا التعبریي وموضوعها یؤیدان هذا‪ .‬إهنا هزة عنيفة للقلوب الغافلة‪.‬‬
‫هزة یشرتك فيها املوضوع واملشهد واإلیقاع اللفظي‪ .‬وصيحة قویة مزلزلة لألرض ومن عليها فما یكادون یفيقون‬
‫حىت یواجههم احلساب والوزن واجلزاء يف بضع فقرات قصار! وهذا هو طابع اجلزء كله‪ ،‬یتمثل يف هذه السورة‬
‫متثال قویا»(قطب‪ ،3334 ،‬ج‪.)6353 :3‬‬
‫املوضوع الرئيس واحملور الذی حتدث عنه السورة‪ ،‬هو موضوع غيبی عن قيام الساعة وأحوال الناس‬
‫واألرض وما جیری عليها «من اضطراهبا املقدر هلا عند النفخة األولی أو الثانية‪ ،‬أو املمکن هلا أو الالئق هبا فی‬
‫احلکمة» (بيضاوی‪:4000 ،‬ج‪ .)558 :6‬موضوع م یره البشر قط فال یتعود ذهنه مبا یقال له من هذا األمر‪،‬‬
‫لذلک أراد ربنا أن یبني املوضوع متام البيان وجیعله ملموسا ومشهودا أمام أعني الناس حبيث یلمسه البشر‬
‫وحیسه کما یشاهد تصویرا فی الواقع‪.‬‬
‫مشاهدة باستخدام عناصر وآليات عدة من‬ ‫ألجل ذلک نری أن األهوال واألحوال املوضوعة فی السورة َ‬
‫التصویر الفين‪ ،‬والتناسق الفين‪ ،‬والتجسيم والتشخيص واستخدام عناصر القصة حليویة املوضوع حينا بعد حني‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التصوير الفين‬
‫التصویر هو األداة املفضلة فی أسلوب القرآن‪ .‬فهو یعرب بالصورة احملسة املتخيلة عن املعنی الذهنی‪،‬‬
‫واحلالة النفسية‪ ،‬وعن احلادث احملسوس‪ ،‬واملشهد املنظور‪ ،‬وعن النموذج اإلنسانی والطبيعة البشریة‪ .‬مث یرتقی‬
‫بالصورة التی یرمسها فيمنحها احلياة الشاخصة‪ ،‬أو احلرکة املتجددة‪ .‬فإذا املعنی الذهنی هيئة أو حرکة؛ وإذا‬
‫احلالة النفسية لوحة أو مشهد؛ وإذا النموذج اإلنسانی شاخص حی‪ ،‬وإذا الطبيعة البشریة جمسمة مرئية‪ .‬فأما‬
‫احلوادث واملشاهد والقصص واملناظر‪ ،‬فریدها شاخصة حاضرة؛ فيها احلياة‪ ،‬وفيها احلرکة‪ ،‬فإذا أضاف إليها‬
‫احلوار فقد استوت هلا کل عناصر التخييل‪ .‬فما یکاد یبدأ العرض حتی حیيل املستمعني نظارة؛ وحتی ینقلهم‬
‫نقال إلی مسرح احلوادث األول الذی وقعت فيه أو ستقع؛ حيث تتوالی املناظر‪ ،‬وتتجدد احلرکات‪ ،‬وینسی‬
‫املستمع أن هذا کالم یتلی‪ ،‬ومثل یضرب ویتخيل أنه منظر یعرض‪ ،‬وحادث یقع‪ .‬فهذه شخوص تروح علی‬
‫ا‬
‫‪714‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫املسرح وتغدو‪ ،‬وهذه مسات االنفعال بشتی الوجدانات‪ ،‬املنبعثة من املواقف‪ ،‬املتساوقة مع احلوادث؛ وهذه‬
‫کلمات تتحرک هبا األلسنة‪ ،‬فتم عن األحاسيس املضمرة(قطب‪.)63 :4036 ،‬‬
‫التصویر الذي نشاهده اآلن يف سورة الزلزلة‪ ،‬تصویر ذو مشاهد متعددة عند قيام الساعة علی خشبة‬
‫املسرح القرآنی؛ ففی املشهد األول نری زلزلة األرض واضطراهبا و«حتریکها الشدید املناسب لعظمتها»(احمللی‬
‫والسيوطی‪ ،)533 :4006 :‬زلزلة تتکرر وال تنتهی مبجرد احلدوث بعد ثوان عدة‪ ،‬بل تدوم وتستمر حتی متأل‬
‫العني من مشاهدهتا فی املشهد‪ ،‬مث تری لوازم الزلزلة بعد حدوثها من إخراج األرض مکنوناهتا الثقيلة والثمينة‬
‫التی دفنت حتت الرتاب منذ خلقت األرض إلی یوم فناءها‪ ،‬فاآلن ال تصرب األرض علی ما دفنها فيخرجها‬
‫من بطنها لتشاهد‪ .‬أی «إنه یوم القيامة حيث ترجتف األرض الثابتة ارجتافا‪ ،‬وتزلزل زلزاال‪ ،‬وتنفض ما يف جوفها‬
‫نفضا‪ ،‬وخترج ما یثقلها من أجساد ومعادن وغریها مما محلته طویال‪ .‬وكأهنا تتخفف من هذه األثقال‪ ،‬اليت‬
‫محلتها طویال! وهو مشهد یهز حتت أقدام املستمعني هلذه السورة كل شيء ثابت وخیيل إليهم أهنم یرتحنون‬
‫ویتأرجحون‪ ،‬واألرض من حتتهم هتتز ومتور! مشهد خیلع القلوب من كل ما تتشبث به من هذه األرض‪ ،‬وحتسبه‬
‫ثابتا باقيا وهو اإلحیاء األول ملثل هذه املشاهد اليت یصورها القرآن‪ ،‬ویودع فيها حركة تكاد تنتقل إىل أعصاب‬
‫السامع مبجرد مساع العبارة القرآنية الفریدة!» (قطب‪ ،3334 ،‬ج‪ .)6353 :3‬ففی املشهد الثانی یظهر‬
‫اإلنسان الفزع ویتعجب من أمر األرض ویقول ما حدث هبذا األرض؟ فعندما یری األرض «تزلزل وتلفظ أمواهتا‬
‫أحياء فيقول ذلک ملا یبهره من األمر الفظيع‪ .‬کما یقول‪ :‬من بعثنا من مرقدنا؟» (الزخمشری‪.)3435 :4003 ،‬‬
‫«وهو سؤال املشدوه املبهوت املفجوء‪ ،‬الذي یرى ما م یعهد‪ ،‬ویواجه ما ال یدرك‪ ،‬ویشهد ما ال میلك الصرب‬
‫أمامه والسكوت‪ .‬ما هلا؟ ما الذي یزلزهلا هكذا ویرجها رجا؟ ماهلا؟ وكأنه یتمایل على ظهرها ویرتنح معها‬
‫وحیاول أن میسك بأي شيء یسنده ویثبته‪ ،‬وكل ما حوله میور مورا شدیدا! «واإلنسان» قد شهد الزالزل‬
‫والرباكني من قبل‪ .‬وكان یصاب منها باهللع والذعر‪ ،‬واهلالك والدمار‪ ،‬ولكنه حني یرى زلزال یوم القيامة ال جید‬
‫أن هناك شبها بينه وبني ما كان یقع من الزالزل والرباكني يف احلياة الدنيا‪ .‬فهذا أمر جدید ال عهد لإلنسان‬
‫به‪ .‬أمر ال یعرف له سرا‪ ،‬وال یذكر له نظریا‪ .‬أمر هائل یقع للمرة األوىل!» (قطب‪ ،3334 ،‬ج‪.)6355 :3‬‬
‫مث یبدأ املشهد الثالث فيأتی األرض حيث أحضرها اهلل تعالی ویسأهلا عما حدث عليها من خری وشر فاألرض‬
‫مأذونة مبا تفعل وحتدث بأحادیث وأخبار جدیدة م یسمعها أحد قبل أن تنطق األرض هبا وهذا من وحی اهلل‬
‫عليها وإذنه إیاها باحلدیث‪ .‬مث یأتی املشهد الرابع وهو موقع خروج الناس فإما وقت خروجهم «من القبور‬
‫إلی املوقف متفرقني حبسب مراتبهم لریوا جزاء ما فعلوا فی حياهتم» (بيضاوی‪ ،‬ج‪ .)553 :6‬وإما خروجهم‬
‫ا‬
‫‪724‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫و« انصرافهم من موقف احلساب متفرقني‪ ،‬فآخذ ذات اليمني إلی اجلنة وآخذ ذات الشمال إلی النار لریوا‬
‫جزاء أعماهلم من اجلنة أو النار(احمللی والسيوطی‪ .)533 :4006 :‬وأخریا نصل إلی آخر املسرحية ونشاهد‬
‫املقطع األخري اخلامس‪ ،‬مشهد رؤیة الناس سعيهم وأعماهلم ونتيجة ما مسعوا من وعد ووعيد فی الدنيا‪ ،‬حتی‬
‫مشاهدا‪ ،‬فالنتيجة إما النار وإما اجلنة‪ ،‬مع أن هنا‬
‫لوکان العمل مبقدار ذرة أو أصغر منها فریاه صاحب العمل َ‬
‫ م حیدث عن النتيجة بل احلدیث عن األعمال نفسها‪ ،‬واليت یراها اإلنسان يف اليوم اآلخر رأي العني جمسمة‬
‫وملموسة‪ .‬فها هو التصویر الذی ندرکه بالتخييل ونشاهده بالعني ونسمعه باألذن‪.‬‬
‫ثانیا‪ :‬التناسق الفين‬
‫املراد من التناسق الفين فی النص البحث عن «املواضع التی یتناسق فيها التعبری مع احلالة املراد تصویرها؛‬
‫فيساعد علی إکمال معا م الصورة احلسية أو املعنویة» (قطب‪ .)30 :4036 :‬یظهر التناسق فی النص عندما‬
‫نراه کرسم واحد وجند فيه وحدة وألوانا متناسبة به وأجزاء مقسمة فيه تقيسما مالئمة بکلية النص‪ .‬واآلن نعثر‬
‫علی هذا التناسق من خالل هذه املواضع الثالثة‪ :‬االنسجام املعنوی‪ ،‬واالتساق اللفظی والتناغم املوسيقی‪.‬‬
‫االنسجام املعنوی‬
‫یعد االنسجام مظهر من املظاهر النصية فال میكن مثال أن جند نصا منسجما دون أن یكون متسقا‪ ،‬إال‬
‫أن االنسجام اعم من االتساق حبيث انه ینظر إىل العالقات اخلفية داخل النص (خطايب‪.)36 :3333 ،‬‬
‫هناك جمموعة من املبادئ اليت تساهم يف حتقيق االنسجام وهي‪ :‬مبدأ السياق‪ ،‬مبدأ التشابه ومبدأ التغریض‪.‬‬
‫مبدأ السیاق‪ :‬السياق بناء نصي كامل من فقرات مرتابطة‪ ،‬يف عالقته بأي جزء من أجزائه أو تلك‬
‫األجزاء اليت تسبق أو تتلو مباشرة فقرة أو كلمة معينة‪ ،‬ودائماً ما یكون السياق جمموعة من الكلمات وثيق‬
‫الرتابط حبيث یلقي ضوء ال على معاين الكلمات املفردة فحسب بل على معىن وغایة الفقرة بأكملها(فتحي‪،‬‬
‫‪ .)53 :4000‬أ و هو أطر عام تنظم فيه عناصر النص ووحداته اللغویة ومقياس تتصل بواسطة اجلمل فيما‬
‫بينها وترتابط وبيئة لغویة وتداولية ترعى جمموعة العناصر املعرفية اليت یقدمها النص للقارئ‪ ،‬حيث أنه بالسياق‬
‫یفهم معنی الكلمة أو اجلملة وذلك یوصلها باليت یُفهم قبلها أو بالتايل بعدها حىت تتضح الداللة املرادة وكثریا‬
‫ما یرد الشبه بني اجلمل والعبارات مع بعض الفوارق اليت متيز بينها وال نستطيع تفسری تلك الفوارق إال بالرجوع‬
‫إىل السياق اللغوي وحلظ الفوارق الدقيقة اليت طرأت بني اجلمل فاختالف سياقات األلفاظ جیرنا حتما إىل‬
‫معىن خمالف للسياق األول(مرمي‪.)63 :4032 ،‬‬

‫ا‬
‫‪721‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫هذه السورة مرتابطة األجزاء یلقی کل جزء الضوء علی غایة السورة وهدفها القصوی وهی تصویر زلزلة‬
‫األرض عند هنایة احلياة عليها‪ ،‬فالسياقات املوجودة فی السورة ضمن هذا اإلطار العام ینقسمها املفسرون إلی‬
‫ثالثة سياقات‪:‬‬
‫أشراط الساعة وعالمات وقوعها؛ فشهادة األرض مبا فعل اإلنسان عليها؛ مث تقسيم الناس إلی السعداء‬
‫واألشقياء بعد رؤیة أعماهلم(مکارم شریازي‪ .)38 :3623 ،‬کأن کل سياق یتلو السياق اآلخر ویرتبط مبا‬
‫قبلها ومبا بعدها أشد االرتباط‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل الکلمات واملفردات وحتی األصوات املستخدمة فی السورة‬
‫کلها تقدم للقارئ‪ ،‬الدالالت العامة للسورة‪.‬‬
‫ليس هذا فقط‪ ،‬بل إن السورة شدیدة االرتباط مبا قبلها من اآلیات فی آخر سورة «البينة»‪ ،‬سورة البينة‬
‫تدور يف فلك نقطة واحدة وهي بينة اليوم اآلخر؛ وهي رؤیة الناس ألعماهلم اليت ارتكبوها يف احلياة الدنيا‪ ،‬فإذا‬
‫كانت البينة يف الدنيا كتبا یؤتيها اهلل عزوجل رسله‪ ،‬یبلغوهنا للناس‪ ،‬فتقيم عليهم احلجة‪ ،‬ففي ذلك اليوم تكون‬
‫البينة بكتب أخرى‪ ،‬وهي كتب أعمال الناس‪ ،‬كتب هي شاهد صدق ال یكذب‪ ،‬مجعت ما اقرتفه اإلنسان‬
‫وما صدر عنه يف الدنيا‪ ،‬مث تعرضه له يف اليوم اآلخر‪ ،‬حبيث یراها بعينه! (الشاعر‪.)4008 :‬‬
‫انتهت السورة املاضية «البينة» بذكر حال الناس يف الدار اآلخرة كجزاء عادل هلم على موقفهم من البينة‬
‫ِ ِِ َّ ِ‬ ‫اب والْم ْش ِركِني ِيف نَا ِرجهنَّم خالِ ِد ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ین ف َيها ْأولَئِ َ‬
‫ك ُه ْم َشر الَْربیَّةإ َّن الذ َ‬
‫ین‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ین َك َفُروا م ْن أ َْه ِل الْكتَ ِ َ ُ َ‬ ‫بقوله تعاىل‪ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ین فِ َيها‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫احلاتِأولَئِك هم خری الْ ِربیَِّةجزاؤهم ِع َ ِ‬
‫ند َرِّهب ْم َجن ُ‬
‫َّات َع ْدن َْجت ِري منتَ ْحت َها األَنْه َه ُار َخالد َ‬ ‫الص َ ْ َ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ ُ ُ ْ‬
‫آمنوا وع ِملُوا َّ ِ‬
‫َُ َ َ‬
‫ِ‬
‫ك ل َم ْن َخ ِش َي َربَّهُ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أَبَداً َّر ِض َي َّ‬
‫ضوا َعْنهُ َذل َ‬‫اهللُ َعْن ُه ْم َوَر ُ‬
‫وتبدأ هذه السورة الكرمیة بذكر مشهد سابق هلذا املشهد‪- ،‬والذي یتحقق بعده املشهد السابق‪ -‬وهو‬
‫ِ‬
‫ض ِزلَْزا َهلَا ‪ ، ...‬فيكون ما ورد يف السورة املاضية متوقفا على ما سرید يف هذه السورة‪.‬‬ ‫قوله تعاىل‪ :‬إِذَا ُزلْ ِزلَت األ َْر ُ‬
‫فجو السورتني «البينة» و«الزلزال» کلتيهما جو خشن ومظلم یکون مسایرا مع اهلول والفزع واحلریة ویالئم‬
‫سياق کل واحد منهما مع اآلخر وسياق بعض عباراهتا مع البعض اآلخر أیضا‪.‬‬
‫مبدأ التغريض‪ :‬مفهومي التغریض والبناء یتعلقان باإلرتباط الوثيق بني ما یدور يف اخلطاب وأجزائه وبني‬
‫عنوان اخلطاب او نقطة بدایته‪ .‬التغریض هو كل ما وقع يف صدارة الكالم وكل ما قيل يف أوله لذلك فإن نقطة‬
‫بدایة أي نص تكمن يف عنوانه أو اجلملة األوىل‪ ،‬فالعنوان عنصر مهم يف سيميولوجيا النص ففيه تتجلى جمموعة‬
‫من الدالالت املركزیة للنص األديب(خطابی‪.)53 :3333 ،‬‬

‫ا‬
‫‪722‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫عنوان السورة «الزلزلة» أو «الزلزال» الذی یتجلی فيه کل ما جاء فی السورة من الدالالت‪ ،‬إذن له عالقة‬
‫وثيقة بالنص وما جاء فيه‪ .‬فمن خالل دراسة أصوات کلمة العنوان ومقاطعه نعرف أنه ذو عالقة مبا یدور فی‬
‫النص‪:‬‬
‫حرف الزاء هلا صفة الصفری‪ ،‬وتدل علی االزدحام والصوت والصخب والصياح واحلرکة‪ ،‬تناسب مع‬
‫دالالت السورة‪.‬‬
‫حرف الالم هلا صفة االحنراف‪ ،‬فتدل علی ميالن األرض وعوجها عند حدوث الزلزلة و ما حیدث عليها‬
‫عند الساعة‪.‬‬
‫تکرار املقاطع‪ :‬تکررت مقاطع ‪/‬زل‪ /‬زل‪ /‬فی الکلمة ليدل علی تکرار العمل واستمراره عند حدوثه‪،‬‬
‫فکأنه یقال أن الزلزلة ال ینتهی مبجرد احلدوث بل یستمر ليستغرق العا م کله ویفعل هللا ما یشاء‪.‬‬
‫إذن هذه الکلمة تالئم النص مالئمة شدیدة ولعب دوره املهم فيه‪ .‬إضافة علی ذلك‪ ،‬العنوان یکون‬
‫شدید الصلة مبا قبلها من اآلیات التی تدور حول القيامة وزلزلة الساعة؛ ألن حرف «اله » يف أول کلمة‬
‫«الزلزلة» فی العنوان یکون للعهد الذهنی؛ أی املخاطب یعرف شيئا ما عن املوضوع وليس خالی الذهن عنه‬
‫وليس األمر أمرا جدیدا ال یعاهده ذهن املخاطب‪ ،‬بل األمر معهود عنده مبا جاء فی بقية اآلیات فی السور‬
‫األخری قبل السورة حول زلزلة األرض و ما حیدث عليها عند قيام الساعة‪.‬‬
‫االتساق اللفظي‬
‫االتساق عبارة عن ذلك التماسك الشدید بني األجزاء املشكلة لنص خطاب ویهتم فيه بالوسائل اللغویة‬
‫(الشكلية) اليت تصل بني العناصر املكونة جلزء من خطاب أو خطاب برمته(خطايب‪ .)5 :3333 ،‬ومن أهم‬
‫أدوات االتساق هي‪ :‬اإلحالة أو املرجعية‪ ،‬االستبدال‪ ،‬احلذف‪ ،‬الربط أو العطف‪ ،‬االتساق املعجمي(النظام‬
‫والتکرار) (مرمي‪.)35 :4032 ،‬‬
‫اإلحالة‪ :‬عالقة قائمة بني األمساء واملسميات‪ ،‬فهي تعين العملية اليت مبقتضاها حتيل اللفظة املستعملة‬
‫على لفظة متقدمة عليها‪ ،‬فالعناصر احمليلة كيفما كان نوعها ال تكتفي بذاهتا من حيث التأویل(دیهية‪:4032 ،‬‬
‫‪.)33‬‬
‫ظهرت اإلحالة فی هذه السورة بالضمری واسم املوصول کما نری فی القائمة‪:‬‬

‫ا‬
‫‪724‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫أعماهلم‬

‫أخبارها‬

‫الکلمة‬
‫حتدث‬

‫أثقاهلا‬
‫أوحی‬
‫یعمل‬

‫زلزاهلا‬
‫ربک‬
‫یروا‬
‫َمن‬
‫َمن‬
‫یره‬

‫هلا‬

‫هلا‬

‫هلا‬
‫یر‬

‫الرسول‬
‫األرض‬

‫األرض‬

‫األرض‬

‫األرض‬

‫األرض‬

‫األرض‬

‫األرض‬

‫املرجع‬
‫أعمال‬
‫الناس‬

‫الناس‬

‫الناس‬

‫الناس‬

‫الرب‬
‫من‬

‫من‬

‫طبيعی أن املتکلم إذا أراد أن یتکلم حول شیء یهمه فيذکر امسه مرة بعد مرة‪ ،‬ففی اآلیات اخلمسة‬
‫األولی نری کلمة األرض تتکرر مرات أو یرجع الضمری إليها وفی اآلیات الثالثة األخریة نری العمل والناس‬
‫أکثر مراجع الضمائر واملوصوالت (پاشازانوس ونبیپور‪ ،)82 :3633 ،‬فهذا یبني حماور السورة ومدی اهتمام‬
‫الرب سبحانه وتعالی مبا أراد تبيينه فی احملورین‪.‬‬
‫احلذف واالستبدال‪ :‬االستبدال صورة من صور التماسك النصي‪ ،‬اليت تتم يف املستوى النحوي املعجمي‬
‫بني كلمات أو عبارات‪ ،‬وهي عملية تتم داخل النص‪ .‬إنه تعویض عنصر يف النص بعنصر أخر‪ ،‬وصورته‬
‫املشهورة إبدال لفظة بكلمات(دیهية‪ .)45 :4032 ،‬واحلذف ظاهرة لغویة اختصت به مجيع اللغات االنسانية‬
‫دون استثناء حبيث یقوم املتكلم حبذف بعض الكلمات لتفادي التكرار وتوضيح املعين اللغوي للنصوص حبيث‬
‫یفهم من خالل املقام أو املقال ولذلك أخذت العنایة من قبل أصحاب االهتمام من لغویني وغریهم (مرمي‪،‬‬
‫‪.)46 :4032‬‬
‫یومئذ» ‪-‬مرتني‪ -‬جبمالت سابقة عليها تدل علی‬ ‫فی السورة استبدال حرکة «التنوین» فی کلمة « ٍ‬
‫متاسکها مع ما قبلها‪ :‬التنوین فی الکلمة تنوین العوض عن اجلملة فی املرة األولی والثانية‪:‬‬
‫ٍ ِ‬
‫َخبَ َارَها ﴿‪ ﴾۴‬التنوین عوضت واستبدلت عن اآلیات الثالثة قبلها‪ :‬یوم إِذ‬ ‫ثأْ‬ ‫أوال فی اآلیة‪ :‬یهَ ْوَمئِذ ُحتَ ّد ُ‬
‫ال ِْ‬
‫اإلنْ َسا ُن َما َهلَا فتحدث األرض أخبارها‪.‬‬ ‫ض أَثْه َقا َهلَا َوقَ َ‬ ‫ت ْاألَرض ِزلْزا َهلا وأ ِ‬ ‫زلْ ِزلَ ِ‬
‫َخَر َجت ْاأل َْر ُ‬ ‫ْ ُ َََ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫َّاس أَ ْشتَاتًا ليُهَرْوا أ َْع َما َهلُ ْم ﴿‪ ﴾۶‬التنوین عوض عن اآلیات اخلمسة التی‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ص ُد ُر الن ُ‬ ‫وثانياً فی اآلیة‪ :‬یهَ ْوَمئذ یَ ْ‬
‫جاءت قبلها کما أشرنا وذکرنا آنفا‪.‬‬
‫فکما نشاهد حذفت اآلیات فی هذه املواضع وعوضت عنها بتنوین العوض ليکون ذکرها مکررا فی‬
‫ذهن السامع أو القارئ‪ ،‬حبيث یسعی القارئ ليحفظ ما قرأ ليکون قرینة علی احملذوف وبذلک حیدث تعامل‬
‫شدید بني النص والقارئ بقراءة و تذکر اآلیات واألحوال‪.‬‬

‫ا‬
‫‪727‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫الربط أو العطف‪ :‬یکون وسيلة التصال الکالم مبا قبلها «النص عبارة عن مجل أو متتاليات متعاقبة‬
‫خطيا ولكي ندركه كوحدة متماسكة حتتاج إىل عناصر رابطة متنوعة تصل أجزاء النص»(خطابی‪:3333 ،‬‬
‫‪ .)44‬من عناصر الربط والعطف بني اآلیات فی هذه السورة جند هاتني حرفني (و‪ ،‬فه )‪:‬‬

‫ٍ ِ‬
‫اإلنْ َسا ُن َما َهلَا﴿‪ ﴾۰‬یهَ ْوَمئِذ ُحتَ ّد ُ‬
‫ث‬ ‫ال ِْ‬ ‫ِ‬
‫ض ِزلَْزا َهلَا﴿‪َ ﴾۹‬وأَ ْخَر َجت ْاأل َْر ُ‬
‫ض أَثْه َقا َهلَا﴿‪َ ﴾۲‬وقَ َ‬ ‫ِ‬
‫إِذَا ُزلْ ِزلَت ْاأل َْر ُ‬

‫َّاس أَ ْشتَاتًا لِيُهَرْوا أ َْع َما َهلُ ْم﴿‪ ﴾۶‬فَ َم ْن یهَ ْع َم ْل ِمثْه َق َ‬
‫ال‬ ‫ص ُد ُر الن ُ‬
‫ٍِ‬
‫َخبَ َارَها﴿‪ ﴾۴‬بِأَ َّن َربَّ َ‬
‫ك أ َْو َحى َهلَا﴿‪ ﴾۵‬یهَ ْوَمئذ یَ ْ‬ ‫أْ‬

‫َذ َّرةٍ َخْيهًرا یهََرهُ﴿‪َ ﴾۷‬وَم ْن یهَ ْع َم ْل ِمثْه َق َ‬


‫ال ذَ َّرةٍ َشًّرا یهََرهُ﴿‪﴾۸‬‬

‫االتساق املعجمي(التضام والتکرار)‪ :‬هو عبارة عن وجود ألفاظ ذات عالقة وارتباط باجلو النصي اليت‬
‫جتعل املخاطب فی جو املوضوع‪ .‬ویتبارز فی نوعني مها‪:‬‬
‫التکرار‪ :‬شكل من أشكال االتساق املعجمي ویتطلب أعادة عنصر معجمي أو ورود مرادف له أو‬
‫عنصر مطلق أو امسا عاما (خطابی‪.)43 :3333 ،‬‬
‫تكرار احلرف‪ :‬الزاء فی العنوان واآلیة األولی‪ ،‬الضاد فی اآلیة األولی والثانية‪ ،‬اهلاء يف کل آیات السورة‪،‬‬
‫القاف فی نصف آیات السورة‪.‬‬
‫تکرار املقاطع‪/ :‬زل‪ /‬فی العنوان واآلیة األولی‪/ ،‬ها‪ /‬يف اآلیات اخلمسة األولی‪ ،‬املد ‪/‬آ‪ /‬فی اآلیات‬
‫یومئذ تکرار اجلملة‪ :‬ومن یعمل‬ ‫کلها‪ ،‬تکرار الکلمة‪ :‬الزلزال (مع مشتقها زلزلت)‪ ،‬األرض‪ ،‬هاء الضمری‪ٍ ،‬‬
‫ض أَثْه َقا َهلَا ﴿‪﴾۲‬‬ ‫ت ْاألَرض ِزلْزا َهلا ﴿‪ ﴾۹‬وأ ِ‬ ‫مثقال ذرة‪ ،‬یره تکرار الوزن (توازی املبانی)‪ :‬إِ َذا زلْ ِزلَ ِ‬
‫َخَر َجت ْاأل َْر ُ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ُ ََ‬ ‫ُ‬
‫ال ذَ َّرةٍ َشًّرا یهََرهُ ﴿‪﴾۸‬‬ ‫ِ‬ ‫فَ َم ْن یهَ ْع َم ْل ِمثْه َق َ‬
‫ال ذَ َّرةٍ َخْيهًرا یهََرهُ ﴿‪َ ﴾۷‬وَم ْن یهَ ْع َم ْل مثْه َق َ‬
‫التضام‪ :‬وهو نوع من أنواع االتساق املعجمي ویقصد به توارد زوج من الكلمات بالفعل أو بالقوة نظراً‬
‫الرتباطها حبكم الرتادف أوالتضاد والتقابل(خطابی‪.)45 :3333 ،‬‬
‫أوال فریق من الکلمات التی ترادف معا‪ :‬زلزلت‪ ،‬زلزاهلا واألرض‪ /‬حتدث‪ ،‬أخبار‪ /‬رب‪ ،‬أوحی‪ /‬مثقال‪،‬‬
‫ذرة‪.‬‬

‫ا‬
‫‪724‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫ثانياً‪ :‬فریق من الکلمات التی تقابل معا‪ :‬خریا‪ ،‬شرا کل هذا یبني االتساق املعجمی فی تکرار إما فی‬
‫تکرار بعض الکلمات تکرارا تاما أو فی اإلتيان بکلمات من أسرة واحدة بينها عالقة التضاد أو الرتادف‪.‬‬
‫التناغم املوسیقي‬
‫عدل فی التعبری عن الصورة‬
‫إن اإلیقاع فی اآلیات والفواصل تبدو واضحة فی کل موضع ودليل ذلک أن یُ َ‬
‫القياسية للکلمة إلی صورة خاصة‪ ،‬أو أن یبنی النسق علی حنو خیتل إذا قدمت أو أخرت فيه‪ ،‬أو عدلت فی‬
‫النظم أی تعدیل(قطب‪ .)305 -303 :4036 ،‬نشاهد فی النص تناسب موسيقی األصوات مع جو النص‬
‫العام‪ ،‬فيظهر فی النص موسيقی خشنة وغلظة من بدایته إلی هنایته‪ ،‬اختریت الکلمات املناسبة باجلو واألصوات‬
‫املالئمة باملوضوع التی توحی مبوسيقی خشنة للنص‪:‬‬
‫ِ‬
‫إِذَا ُزلْ ِزلَت ْاأل َْر ُ‬
‫ض ِزلَْزا َهلَا؛ صوت الزاء هلا صفری وکما أشرنا تدل علی الصوت واالزدحام والصياح وهذا‬
‫مناسب مع سياق السورة فی املعنی والزلزلة التی جتلب صياح املخلوقات و حترک األرض‪ ،‬ولو أبدلت الکلمة‬
‫بکلمات مثل اهتزت ورجفت ملا دلت علی هذا املدلول‪ .‬حرف الضاد من األصوات القویة التی تدل علی‬
‫الغلبة حتت الثقل وتکون إشارة إلی قوة زلزلة األرض وهزهتا‪ .‬حرف الالم هلا صفة االحنراف وتدل علی احنراف‬
‫األرض وميالهنا عند الزلزلة‪ ،‬وحرف الراء هلا صفة التکریر‪ ،‬فتدل علی تکریر العمل مرة بعد مرة‪ .‬مث بعد کل‬
‫ذلک تکرار املقطع ‪/‬زل‪ /‬فی العنوان واآلیه تدل علی تکرار الزلزلة مرات عدیدة‪ ،‬واستخدام الکلمة جمهوال‬
‫وکون الضمة علی الکلمة جیعلها أکثر ثقال وخشونة‪ (.‬مشکني فام وحيدری‪.)۹۶۸ ،۹۶۷ :۲۳۹۵ ،‬‬
‫یدل علی‬
‫لقد أخذت دالالت احلروف من کتاب عبداهلل العالیلی فی کتابه هتذیب املقدمة اللغویة‪ ،‬وماذکرت املصدر؛ یری عبداهلل العالیلی أن‪ :‬اهلمزة ّ‬
‫ویدل علی القوام الصلب بالتفعل‪ .‬التاء‬
‫ویدل علی ما یصری طبعا من الصفات‪ /‬الباء علی بلوغ فی الشئ بلوغا تاما ّ‬
‫اجلوفية‪ ،‬وعلی ما هو وعاء املعنی ّ‬
‫یدل علی العظم مطلقا‪ /‬احلاء‬
‫یدل علی التعلق بالشئ تعلقا له عالمته الظاهرة سواء فی احلس أو املعنی‪ /‬اجليم ّ‬
‫یدل علی االضطراب فی الطبيعة‪ /‬الثاء ّ‬
‫ّ‬
‫یدل علی املطاوعة واالنتشار‪ ،‬وعلی التالشی مطلقا‪ /‬الدال یدل التصلب‪،‬و علی التغری‬
‫یدل علی التماسک البالغ وباالخص فی اخلفيات‪ /‬اخلاء ّ‬
‫ّ‬
‫یدل علی السعة والبسطة‪/‬‬
‫یدل علی التقلع القوی أو االنتزاع القوی‪ /‬السني ّ‬
‫یدل علی شيوع الوصف‪ /‬الزای ّ‬
‫یدل علی التفرد‪ /‬الراء ّ‬
‫املتوزع‪ /‬الذال ّ‬
‫یدل علی امللکة الصفة‪ ،‬وعلی االلتواء‬
‫یدل علی الغلبة حتت الثقل ‪ /‬الطاء ّ‬
‫یدل علی املعاجلة ‪ /‬الضاد ّ‬
‫یدل علی التفشی بغری نظام‪ /‬الصاد ّ‬
‫الشني ّ‬
‫یدل علی‬
‫یدل علی کمال املعنی فی اخلفاء ‪ /‬الفاء ّ‬
‫اخللو مطلقا‪ /‬الغني ّ‬
‫خلو الباطن‪ ،‬أو علی ّ‬
‫یدل علی ّ‬
‫یدل علی التمکن‪ /‬العني ّ‬
‫واالنکسار‪ /‬الظاء ّ‬
‫یدل علی الشئ ینتج عن الشئ فی احتکاک‪ /‬الالم‬
‫یدل علی املفاجأة التی حتدث صوتا‪ /‬الکاف ّ‬
‫یدل علی املعنی الکنائی‪ /‬القاف ّ‬
‫الزم املعنی‪ ،‬أی ّ‬
‫یدل علی البطون فی الشئ‪ ،‬أو علی متکّن املعنی مت ّکنا تظهر أعراضه‪/‬‬
‫یدل علی االجنماع واالنضمام‪ /‬النون ّ‬
‫یدل علی االنطباع بالشئ بعد تکلّفه‪ /‬امليم ّ‬
‫ّ‬
‫یدل علی االنفعال املؤثر فی البواطن(مشکني فام وحيدری‪،۹۶۷ :۲۳۹۵ ،‬‬
‫یدل االنفعال املؤثر فی الظواهر‪ /‬الياء ّ‬
‫یدل علی التالشی ‪ /‬الواو ّ‬
‫اهلاء ّ‬
‫‪.)۹۶۸‬‬

‫ا‬
‫‪724‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫ض أَثْه َقا َهلَا؛ هکذا حرف اخلاء‪ ،‬واجليم‪ ،‬والضاد والقاف من احلروف القویة تبني قوة الزلزلة‬ ‫وأ ِ‬
‫َخَر َجت ْاأل َْر ُ‬ ‫َ ْ‬
‫یدل علی املفاجأة التی حتدث‬ ‫یدل علی املطاوعة واالنتشار‪ ،‬وعلی التالشی مطلقا والقاف ّ‬ ‫مرة أخری‪ ،‬اخلاء ّ‬
‫صوتا وهذه املعانی تناسب مع جو العام يف السورة‪ .‬ولوبدلنا کلمة األثقال بکلمات أخری مثل األمحال واألوزار‬
‫ملا دلت علی هذه املدلوالت وملا تناسب أخو ِاهتا من الکلمات األخری يف اآلیة‪.‬‬
‫اإلنْ َسا ُن َما َهلَا؛ تکرر املد الطویل فی هذه اآلیة أربعة مرات وتدل علی طول العمل واستمرارها کما‬ ‫ال ِْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫دلت بقية العناصر اللغویة علی هذا‪.‬‬
‫ٍ ِ‬
‫ك أ َْو َحى َهلَا؛ حرف احلاء من احلروف الضعيفة اخلفية تدل علی التماسك‬ ‫َن َربَّ َ‬‫َخبَ َارَها بِأ َّ‬
‫ثأْ‬ ‫یهَ ْوَمئِذ ُحتَ ّد ُ‬
‫البالغ وباألخص فی اخلفيات‪ ،‬وهکذا التحدیث هو اإلخبار عن األحادیث اجلدیدة التی خفيت عن أعني‬
‫الناس ال األخبار التی یعرفوهنا‪ .‬فتنتشر تلک األخبار بني الناس‪ ،‬ليس هذا خربا واحد فقط بل أخبار کثریة!‬
‫والذی أخرب األرض هبذه األخبار اخلفية ربک یا أیها اإلنسان! الذی أهلم األرض أن حتدث ما تعلم عن‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫َّاس أَ ْشتَاتًا لِيُهَرْوا أ َْع َما َهلُم؛ حرفا الصاد والسني هلما صفة الصفری التی تدل علی الصوت‬ ‫ص ُد ُر الن ُ‬
‫ٍِ‬
‫یهَ ْوَمئذ یَ ْ‬
‫والصياح وظهور العمل؛ أی یصرخ الناس عندما خیرجون من القبور ویکون خروجهم مصاحبا بالصياح‪،‬‬
‫وخروجهم من القبور قد ُشبّه خبروجهم من اآلبار باستخدام کلمة یصدر فی اآلیة بدال من خیرج؛ ألن الصدور‬
‫فی الواقع اخلروج من املاء ضد الورود‪ .‬حرف الشني فی کلمة أشتاتا‪ ،‬هلا صفة التفشی وحرف التاء هلا صفة‬
‫الشدة وتدل علی االضطراب فی الطبيعة؛ إضافة علی ذلک تکررت التاء لتدل علی تکرار العمل؛ فالناس‬
‫خیرجون متفرقني مضطربني منتشرین فی احملشر وهذا ليس فی عدة ثو ٍان أو دقائق بل مستمرة إلی ماشاء هللا!‬
‫وقد یستقل لفظ واحد –ال عبارة کاملة‪ -‬برسم صورة شاخصة کما نری فی کلمة أشتاتا فی هذه اآلیة‪.‬‬
‫ال ذَ َّرةٍ َخْيهًرا یهََره‪َ .‬وَم ْن یهَ ْع َم ْل ِمثْه َق َ‬
‫ال ذَ َّرةٍ َشًّرا یهََره؛ فی اآلیة توازی الوزن الذی یعطی النص‬ ‫فَ َم ْن یهَ ْع َم ْل ِمثْه َق َ‬
‫موسيقی ونغمة ولکن موسيقی احلروف فی هاتني اآلیتني ليست هی نفس املوسيقی التی رأیناها آنفا فی‬
‫تدل علی التعلق بالشئ تعلقا له عالمته الظاهرة سواء فی احلس أو املعنی‪،‬‬ ‫اآلیات قبلها‪ ،‬فمثال حرف الثاء ّ‬
‫اخللو مطلقا؛‬
‫خلو الباطن‪ ،‬أو علی ّ‬ ‫تدل علی ّ‬ ‫تدل علی شيوع الوصف‪ ،‬العني ّ‬ ‫تدل علی التفرد‪ ،‬الراء ّ‬ ‫الذال ّ‬
‫کل یری عمله وهذا الخیتص بشخص واحد بل شائع بني مجيع أفراد البشر ومهما کان کتابه فيلقاه ویتعلق‬ ‫أی ٌ‬
‫به شدید التعلق منفردا عن کل ما کان له فی حياته خاليا عن بقية أعوانه فی احلياة الدنيا‪ .‬هذه هی موسيقی‬
‫احلروف ومدلوالهتا التی توحی هبذه املعانی‪.‬‬
‫ا‬
‫‪724‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫ثالثا‪ :‬التجسیم والتشخیص‬


‫التجسيم عبارة عن جتسيم املعنویات اجملردة‪ ،‬وإبرازها أجساما أو حمسوسات علی العموم‪ .‬وإنه ليصل فی‬
‫هذا إلی مدی بعيد‪ ،‬حتی ليعرب به فی مواضع حساسة جد احلساسية‪ ،‬حیرص الدین اإلسالمی علی جتریدها‬
‫کل التجرید‪ ،‬کالذات اإلهلية وصفاهتا‪ .‬وهلذا داللته احلامسة أکثر من کل داللة أخری‪ ،‬علی أن طریقة التجسيم‬
‫هی األسلوب املفضل فی تصویر القرآن‪ ،‬مع االحرتاس والتنبيه إلی خطورة التجسيم فی األوهام(قطب‪:4036 ،‬‬
‫‪.)24‬‬
‫والتشخيص یتمثل فی خلع احلياة علی املواد اجلامدة‪ ،‬والظواهر الطبيعية واالنفعاالت الوجدانية‪ .‬هذه‬
‫احلياة التی قد ترتقی فتصبح حياة إنسانية‪ ،‬تشمل املواد والظواهر واالنفعاالت؛ وهتب هلذه األشياء کلها‬
‫عواطف آدمية‪ ،‬وخلجات إنسانية‪ ،‬تشارک هبا اآلدميني‪ ،‬وتأخذ منهم وتعطی؛ وتتبدی هلم فی شتی املالبسات؛‬
‫وجتعلهم حیسون احلياة فی کل شیء أو یرهبونه‪ ،‬فی توفز وحساسية وإرهاف(املرجع السابق‪.)26 :‬‬
‫ففی آیات سورة الزلزلة نشاهد التجسيم والتشخيص فی عدة مواضع لتکون الصورة أوضح وأکثر شهودا‬
‫للقارئ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ٍ ِ‬
‫ك‬‫َن َربَّ َ‬‫َخبَ َارَها ﴿‪ ﴾۴‬بِأ َّ‬ ‫ثأْ‬ ‫ض أَثْه َقا َهلَا ﴿‪ ﴾۲‬یهَ ْوَمئِذ ُحتَ ّد ُ‬ ‫تشخيص األرض فی مواضع‪ :‬وأ ِ‬
‫َخَر َجت ْاأل َْر ُ‬
‫َ ْ‬
‫أ َْو َحى َهلَا ﴿‪ ﴾۵‬يف هذه اآلیات أصبحت األرض شخصا کاإلنسان‪ ،‬فينسب إليها أفعال اإلنسان من اإلخراج‪،‬‬
‫والتحدیث وقبول الوحی‪.‬‬
‫جتد األرض قدرة وحوال متکنها من إخراج ما فی صدرها دون أن یساعدها أحد فی إخراج األثقال‪ ،‬مث‬
‫تقوم وتتحدث‪ ،‬ال حبدیث واحد بل بأحادیث کثریة وأخبار جدیدة‪ ،‬اآلن کذلک ال یساعدها أحد فی نقل‬
‫األخبار کرا ٍو یروی عنها بل هی بنفسها خترب الناس عما فعلوه‪ .‬فبعد ذلک أعظم من کل شیء أهنا تصبح‬
‫کاألنبياء یوحی هللا إليها ویأمرها مباشرة مبا یشاء أن تفعلها وتقوم هبا فتقبل وحی ربه مث تنقلها إلی الناس‪ .‬فها‬
‫هی األرض تقوم هبذه األمور هی بنفسها‪.‬‬
‫ال ذَ َّرةٍ َخْيهًرا یهََرهُ ﴿‪َ ﴾۷‬وَم ْن یهَ ْع َم ْل ِمثْه َق َ‬
‫ال‬ ‫و جتسيم العمل الذی ال یکون إال أمرا معنویا‪ :‬فَ َم ْن یهَ ْع َم ْل ِمثْه َق َ‬
‫ذَ َّرةٍ َشًّرا یهََرهُ ﴿‪﴾۸‬؛ أصبح العمل هنا جسما مشهوداً یراه اإلنسان عند احلساب‪ ،‬مع أنه ال جسم له‪ .‬فيمکن‬
‫أن یکون هذا العمل جسما مجيال وطيبا یتلذذ اإلنسان مبصاحبته وعلی العکس میکن أن یکون العمل اجملسم‬
‫جسما قبيحا وخبيثا یعانی صاحبه من مصاحبته‪.‬‬

‫ا‬
‫‪724‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫رابعا‪ :‬القصة‬
‫التعبری القرآين یتناول القصة بریشة التصویر املبدعة التی یتناول هبا مجيع املشاهد واملناظر التی یعرضها‪ ،‬فيستحيل‬
‫القصة حادثاً یقع ومشهدا جیری‪ ،‬ال قصة تروی وال حدثا قد مضی(قطب‪ .)330 :4036 ،‬یستخدم القرآن أسلوب‬
‫القصة فی بيان املعانی الذهنية والروحية والغيبية لتکون األحداث حمسوسة وملموسة للبشر ویفهمها ویهضمها هضما‬
‫تاماً‪ ،‬من عناصر القصة‪ :‬الشخصية‪ ،‬واألسلوب واحلوار‪ ،‬واألحداث‪ ،‬والزمان‪ ،‬واملکان‪ ،‬والبدایة والعقدة واحلل وغریها‬
‫من العناصر الفرعية‪.‬‬
‫سورة الزلزلة حتتوی علی قصة بعناصرها‪ ،‬ففکرة القصة واحلدث الرئيسی فيها هی زلزلة األرض عند حدوث‬
‫الساعة‪ ،‬الشخصيات التی تقوم بالدور الرئيسی فی إبراز هذه الزلزلة للقارئ هی األرض واإلنسان‪ ،‬فيدور بينهما حوار‬
‫ال ِْ‬
‫اإلنْ َسا ُن َما َهلَا َما َهلَا؟ بدال من أن یقال‪ :‬تعجب اإلنسان مما حدث علی األرض!‬ ‫لتذهب القصة إلی األمام فقيل‪َ :‬وقَ َ‬
‫فاألحداث فی بيئة زمنية ومکانية خاصة‪ .‬الزمان هو زمان حدوث الساعة واملکان الکرة األرضية أو احملشر‪ .‬مث نشاهد‬
‫فی القصة بدایة وعقدة وحالً‪ :‬بدایة القصة حدوث الزلزلة فی األرض وعقدة القصة حتدیث األرض مبا جری عليها من‬
‫أعمال الناس وإبرازها ما خفيت وعميت علينا من األحادیث واألخبار اجلدیدة‪ ،‬مث نصل إلی النهایة واحلل وهو رؤیة‬
‫الناس أعماهلم ولو کان کمثقال ذرة‪ ،‬رؤیة العني شهودا‪ .‬هذا األسلوب جعل املوضوع حيا حیسه اإلنسان بسهولة‬
‫ویسر‪.‬‬
‫النتیجة‬
‫میكن إمجال نتائج البحث الرئيسية فی املوضوعات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬سورة الزلزلة تدور حول زلزلة األرض واضطراهبا یوم الساعة وما حیدث عليها ذلك احلني وتکون غریمرئية للبشر ال‬
‫مشاهدة‬
‫میکن التمکن من فهمها إال من خالل بعض احليل األدبية فألقی هذا املوضوع الغييب إلی القارئ يف صور َ‬
‫باستخدام عناصر وآليات عدة من التصویر الفين‪،‬والتناسق الفين‪ ،‬والتجسيم والتشخيص واستخدام عناصر القصة‬
‫حليویتة املوضوع حينا بعد حني‪.‬‬
‫‪ -‬لقد ألقی املوضوع إلينا يف سورة الزلزلة کرسم متحرك ویکون تصویره الفين ذا مشاهد متعددة عند قيام الساعة‬
‫فکأن کل مشهد یقام علی خشبة املسرح القرآين یکون ملموسا وحمسوسا‪.‬‬
‫‪ -‬یظهر التناسق فی النص وجیعله کرسم واحد وجند فيه وحدة وألوانا متناسبة به وأجزاء مقسمة فيه تقيسما مالئمة‬
‫بکلية النص‪ .‬والعثور علی هذا التناسق ال یکون إال من خالل هذه املواضع الثالثة‪ :‬االنسجام املعنوی‪ ،‬واالتساق‬
‫اللفظی والتناغم املوسيقی‪.‬‬

‫ا‬
‫‪724‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬
‫‪ ‬األستاذة سوما نظري‬ ‫سورة الزلزلة (دراسة أدبیة)‬

‫یکون النص منسجما يف املعنی ومتسقا يف األلفاظ والعبارات ونشاهد فيها تناسب موسيقی األصوات مع جو‬ ‫‪-‬‬
‫النص العام‪ ،‬فيظهر يف النص موسيقی خشنة وغلظة من بدایته إلی هنایته‪.‬‬
‫ففي آیات سورة الزلزلة نشاهد التجسيم والتشخيص يف عدة مواضع لتکون الصورة أوضح وأکثر شهودا للقارئ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومع ذلك یستخدم القرآن أسلوب القصة لبيان هذا املعنی الغييب يف سورة الزلزلة لتکون األحداث حمسوسة‬
‫وملموسة للبشر ویفهمها ویهضمها هضما تاماً‪ ،‬فيُلقی املوضوع يف قالب قصة‪.‬‬
‫يهرس املراجع‬
‫‪ .3‬البيضاوي‪ ،‬أبو سعيد عبداهلل‪ .)4000( .‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل؛ تفسري البیضاوي‪ .‬حتقيق حممد صبحي بن حسن‬
‫حالق والدکتور حممود أمحد األطرش‪ 6 .‬جملدات‪ .‬بریوت‪ :‬دار الرشيد ودار اإلمیان‪.‬‬
‫‪ .4‬پاشازانوس‪ ،‬امحد‪ ،‬نبیپور‪ ،‬مرمي‪« .)3633(.‬عوامل انسجام در سوره زلزال؛ به اساس نظريه هالیدی وحسن»‪ .‬پژوهش‬
‫نامه معارف قرآنی‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬الرقم ‪.60‬‬
‫‪ .6‬خطايب‪ ،‬حممد‪ .)3333( .‬لسانیات النص مدخل إىل انسجام اخلطايب‪ .‬املغرب‪ :‬دار البيضاء‪.‬‬
‫‪ .3‬دیهية‪ ،‬أوراری‪ .)4032( .‬دراسة يف لسانیات النص‪ :‬االتساق واالنسجام يف سورة امللك‪ .‬مذكرة غریمطبوعة لنيل شهادة‬
‫املاسرت‪ ،‬جامعة عبد الرمحان مریة جبایة‪.‬‬
‫‪ .5‬رضایی‪ ،‬مائده‪« .)3635( .‬زيبايی سورهی زلزال» مؤسسه علمی حتقيقی مکتب نرجس‪.‬‬
‫‪ .3‬الزخمشری‪ ،‬ابوالقاسم جار اهلل حممد‪ .)4003( .‬تفسري الکشاف‪ .‬اعتنی به خليل حممود شيحا‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬بریوت‪ :‬دار‬
‫املعرفة‪.‬‬
‫‪ .2‬السيوطي‪ ،‬جالل الدین واحمللی‪ ،‬جالل الدین‪ .)4006( .‬تفسري اجلّللني املیسر‪ .‬حتقيق فخر الدین قباوة‪ .‬لبنان‪ :‬ناشرون‪.‬‬
‫‪ .8‬الشاعر‪ ،‬عمرو‪« .)4008( .‬سورة الزلزلة‪ :‬هل األثقال هي البینة؟»‪https://amrallah.com/ .‬‬
‫‪ .3‬الصابوين‪ ،‬حممد علی‪ .)3304( .‬صفوة التفاسري‪6 .‬جملدات‪ .‬الطبعة الرابعة‪ ،‬بریوت‪ :‬دار القرآن الکرمي‪.‬‬
‫‪ .30‬قطب‪ ،‬سيد‪ .)3334( .‬يف ظّلل القرآن‪ 3 .‬جملدات‪ ،‬الطبعة السابعة عشر‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ .33‬فتحي‪ ،‬إبراهيم‪ .)4000( .‬معجم املصطلحات األدبیة‪ .‬القاهرة‪ :‬دار شرقيات‪.‬‬
‫‪ .34‬قطب‪ ،‬سيد‪ .)4036( .‬التصوير الفين يف القرآن‪ .‬الطبعة العشرون‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪.‬‬
‫‪ .36‬مرمي‪ ،‬طحرور‪ .)4032( .‬آلیات االتساق واالنسجام يف قصیدة الرب واحلظر أليب البقاء الرندی‪ .‬مذكرة غریمطبوعة‬
‫لنيل شهادة املاجسرت‪ ،‬املركز اجلامعي بلحاج بوشعيب ‪-‬عني متوشنت‪.‬‬
‫‪ .33‬مشکني فام‪ ،‬بتول وحيدری‪ ،‬مرمي‪« .)۲۳۹۵( .‬تطور الداللة الصوتیة يف اللغة العربیة»‪ .‬الرقم ‪ ،۹۷‬السنة التاسعة‪ :‬جملة‬
‫کلية الرتبية للبنات العلوم اإلنسانية‪ ،‬صص‪۹۵۷‬ه‪.۹۷۵‬‬
‫‪ .35‬مکارم شریازي‪ ،‬ناصر‪ .)3623( .‬تفسري منونه‪ .‬طهران‪ :‬دار الکتب اإلسالمية‪.‬‬

‫ا‬
‫‪744‬‬ ‫‪ISSN:0132-1133‬‬ ‫املجلة العربية الدولية للبحوث الخّلقة‪ -‬کانون األول (‪0202 -4)۸‬‬

You might also like