Professional Documents
Culture Documents
درس التلفّظيّة
درس التلفّظيّة
بصفاقس
خاتمة
:الدروس التطبيقيّة
"النصّ األوّ ل :قصيدة مدح ممزوجة بالفخر" :واحرّ قلباه ممّن قلبه شبم -
"النصّ الثاني :فخريّته" :الخيل والليل -
"النصّ الثالث :مرثيته في ج ّدته " أال ال نري األحداث ذمّا وال مدحا -
" النصّ الرابع :مهجيته في كافور " ال تشتر العبد -
1
كلّ ّية اآلداب والعلوم اإلنسان ّية بصفاقس جامعة صفاقس
التيار
األدبي من خالل ّ
ّ تتعلّق هذه المسألة بدراسة التلفّظ في الشعر أي دراسة هذا الجنس
اللغوية (Déictiques
ّ اللغوية أو المشيرات
ّ النقدي الذي يتناول األدب بواسطة القرائن
ّ اللساني
ّ
تحدد عناصر التلفّظ ()énonciationمتلفّظا ( )énonciateurوملفوظا> (
)linguistiquesالتي ّ
)énoncéوم ـ ـ ـ ـ ـ ــتلـ ـ ـ ـ ـ ـفّ ـ ـ ـ ـ ــظا له ()énonciataireوسياق> تلفّظ ( .)Contexte énonciatifوالتلفّظيةَ قوامها> على
ظية االعتبار للمقام الذي
ظا وسياقا أو مقاما) فقد أعادت التلفّ ّ
ظا> وتلَف ً
ظا ومتلفّ ً
تعدد أركان الخطاب (ملفو ً
ّ
ينتج فيه القول .وهذه المشيرات هي ضمائر والمكاني الذي ُ
ّ> الزماني
ّ> التاريخي
ّ ينتج فيه الملفوظ وللسياق
الذاتية.
ّ االنفعالية
ّ اللغوية
ّ الشخوص وأسماء اإلشارة وظروف المكان والزمان والصيغ أو التعابير
النص
ّ البنيوي>>ة ال>>تي تغل>>ق
ّ >كالنية
ظي ))Méthode énonciativeتع> ّ>د رفض >ا> للش> ّ ظي>>ة أو المنهج التلفّ ّ فالتلفّ ّ
العالمي بمع > >>زل عن المق > >>ام والمرج> > >ع> والت > >>اريخ والمتلقّي فيم > >>ا يس > > ّ>مى الدراس > >>ة المحايث > >>ة
ّ على نظام > >>ه
>انيات
>انيات أمي> >>ل بنفنيس> >>ت ( )Emile Benvenisteأو اللس>> ّ
.( )Immanenteوهي مقارب>>>ة تنه> >>ل من لس>> ّ
متلق داخل شبكة تواصل معقّدة.
تعرف التلفّظ بكونه ك ّل كالم يتّجه من باث إلى ّ التوزيعية التي ّ
ّ
ومتلق ومكان تلفّظ وزمانه .وتحيل هذه المشيرات على أطراف التواصل> وعلى
ّ فلك ّل ملفوظ مرسل
لعملية التلفّظ الجارية بين المتكلّمين ،عالوة على ضمائر الفصل والوصل أو
ّ والزماني
ّ> المكاني
ّ السياق
الضمائر> المتّصلة والمنفصلة (أنا/أنت/ننحن /هو ).../و أدوات التملّك مثل تلك المتّصلة بضمير
المتكلّم أنا ( درسي) وأسماء اإلشارة مثل ( هذا/هذه /ذلك /وظروف المكان والزمان ( هنا /اآلن/
تحدد
وتحين فعل التلفّظ إنجازا وقوال وفعال ،وهي التي ّ
ّ تحدد
البارحة) .وهذه هي وحدات التلفّظ التي ّ
اللغوية
ّ .مرجع الوحدات
2
العربي>>ة في الق >>رن الراب >>ع
ّ >عرية
أهم م >>ا أنتجت >>ه القريح >>ة الش > ّ
>عرية تع > ّ>د ّ
مدون >>ة ش > ّ
وأم>>ا إج >>راء فق >>د اخترن >>ا ّ
ّ
للهجرة في عصر الح>روب والص>راعات والمحن والفتن من جه>ة السياس>ة واالجتم>اع> وعص>ر االزده>ار
المتنبي
ّ الطيب
مدون > > >>ة أبي ّ
والفن واألدب ،وهي ّ
ّ >في من جه > > >>ة أوض > > >>اع الفك > > >>ر
>ري والفلس > > > ّ
األدبي والفك > > > ّ
ّ
الش>>اعر ال>>ذي مأل ال>>دنيا وش>>غل الن>>اس وت>>راوح ش>>عره بين تص>>وير أح>>وال ال>>ذات في مختل>>ف أوض>>اعها
>وعي وك >>ثر في>>>ه الب>>>وح
>ذاتي والموض > ُّ
أدب >>ه ال > ُّ
وأح>>>وال الواق>>>ع والت>>>اريخ في مختل>>>ف أحوالهم>>>ا .فتج>>>اذب> َ
التأمل والحكمة.
وهيمنت الشكوى إلى جانب ّ
ظي>ة؟ وم>ا هي أرك>ان التلفّ>ظ ؟ وم>ا مالمح المق>ام وم>ا ت>أثيره على
المتنبي مقارب>ة تلفّ ّ
ّ فكيف> نقارب قصيدة
ذاتية مائزة؟
أهم المشيرات وما دالالتها؟ وما دورها في شحن الخطاب بخصائص ّ
ثم ما هي ّ
الخطاب؟ ّ
3
:قائمة ّأول ّية بالمصادر والمراجع
المصدر :ديوان المتن ّبي ،تحقيق سعد البرقوقي ،د،ت ،ن. -1
شارودو(باتريك) و منغنو(دومنيك) معجم تحليل الخطاب ،ترجمة عبد القاهر المهيري ،حمادي صمود ،دار
الوطني للترجمة ،تونس 2008
ّ .سينيترا ،المعهد>
التداولية اليوم علم جديد في التواصل ،ترجمة سيف الدين دغفوس و محمد
ّ روبول (آن) وموشالر (جاك) ،
العربية للترجمة
ّ .الشيباني ،المنظمة
الشعري ،دار التنوير للطباعة والنشر ،بيروت ،لبنان ،ط، 1985 1
ّ .تحليل الخطاب
4
.1996 دمشق، الحضاري
ّ مركز اإلنماء، 1 ط،محمد نديم خشفة
ّ ترجمة، األدب والداللة،)تودوروف (تزفتان
.2004 ،1والتوزيع ط
5
كلّ ّية اآلداب والعلوم اإلنسان ّية بصفاقس جامعة صفاقس
:تمهيد
التي>>ار
األدبي من خالل ه>>ذا ّّ تتعلّ>>ق ه>>ذه المس>>ألة بدراس>>ة التلفّظ في الشعر أي دراس>>ة ه>>ذا الجنس
اللغوي> > >>ة (Déictiques اللغوي> > >>ة أو المش> > >>يرات >دي ال> > >>ذي يتن > > >>اول األدب بوس> > >>اطة الق> > >>رائن
>اني النق > > > ّ
ّ ّ اللس > > > ّ
)linguistiquesال >>تي تح > ّ>دد عناص >>ر التلفّ >>ظ ()énonciationمتلفّظا ( )énonciateurوملفوظا ومتلفّظ >>ا ل >>ه (
ظ>>ا
تعدد أركان الخطاب (ملفو ً
)énonciataireوسياق> تلفّظ ( .)Contexte énonciatifوالتلفّظيةَ قوامها> على ّ
ظي>>ة االعتب>>ار للمق>>ام ال>>ذي ينتج في>>ه الملف>>وظ وللس>>ياق>
ظ>>ا وس>>ياقا> أو مقام>>ا) فق>>د أع>>ادت التلفّ ّ
ظ>>ا وتلَف ً
ومتلفّ ً
ينتج في>>>ه الق>>>ول .وه>>>ذه المش >>يرات هي ض >>مائر الش >>خوص وأس>>>ماء
>اني ال>>>ذي ُ
>اني والمك>> ّ
>اريخي الزم>> ّ
ّ> الت>>
الذاتية.
ّ االنفعالية
ّ اللغوية
ّ اإلشارة وظروف> المكان والزمان والصيغ أو التعابير
ظي>ة؟ وم>ا هي أرك>ان التلفّ>ظ ؟ وم>ا مالمح المق>ام وم>ا ت>أثيره على
المتنبي مقارب>ة تلفّ ّ
ّ فكيف> نقارب قصيدة
ذاتية مائزة؟
أهم المشيرات وما دالالتها ؟ وما دورها في شحن الخطاب بخصائص ّ
ثم ما هي ّ
الخطاب؟ ّ
6
أي م >>دى يمكن االقتص >>ار على ه >>ذا
>عري ق >>ديم؟ وإ لى ّ
نص ش > ّ
وأخ >>يرا م >>ا قيم >>ة ه >>ذه المقارب >>ة في ق >>راءة ّ
المنهج في قراءة الشعر واألدب عموما؟
- في تعريف التل ّفظ والتل ّفظ ّية /التل ّفظية وعالقتها بالبنيو ّية 1-
النص
ّ البنيوي>>ة ال >>تي تغل >>ق
ّ >كالنية
ظي ))Méthode énonciativeتع > ّ>د رفض >ا> للش > ّ ظي>>ة أو المنهج التلفّ ّ التلفّ ّ
العالمي بمع > >>زل عن المق > >>ام والمرج> > >ع> والت > >>اريخ والمتلقّي فيم > >>ا يس > > ّ>مى الدراس > >>ة المحايث > >>ة
ّ على نظام > >>ه
اللسانيات
ّ لسانيات أميل بنفنيست ( )Emile Benvenisteأو
ّ ظية مقاربة تنهل من .( )Immanenteوالتلفّ ّ
>ق داخ>ل ش>بكة تواص>ل معقّ>دة .فلك> ّل
تعرف التلفّ>ظ بكون>ه ك> ّل كالم يتّج>ه من ب>اث إلى متل ّالتوزيعية التي ّ
ّ
والتوليدي>>ة
ّ البنيوي>>ة
ّ >انيات
ظي>>ة من اللس> ّ
>انيات التلفّ ّ
وتتمي>ز> اللس> ّ
ّ ومتلق ومكان تلفّظ وزمانه.
ّ ملفوظ مرسل
ومتلق.
ّ تداوليا أي ُدولة بين باث
ّ تواصليا
ّ التحويلية باعتبارها فعل التلفّظ عمال
ّ
أول من اس > > > >>تلهم خطاط++ + +ة التواصل (Shéma de
>ائي ياكبس > > > >>ون )ّ Jakobson)(1963
ويع > > > > ّ>د اإلنش > > > > ّ
>ت وظ>>ائف هي:
>وجهين لض>>بط قائم>>ة بس> ّ
عين المرس>>ل والمرس>ل> إلي>>ه المتكلّمين المت> ّ
>)communicationإذ ّ
اإلفهامي>>ة (الت>>أثير المم>>ارس على
ّ االنفعالي>>ة) المر ّك>>زة على المرس>>ل إلي>>ه والوظيف>>ة
ّ التعبيري>>ة (أو
ّ الوظيف>>ة
اللغوي> >>ة
ّ التنبيهي> >>ة ( الهادف> >>ة إلى التواص> >>ل بين ط> >>رفي الخط> >>اب ) والوظيف> >>ة
ّ المرس> >>ل إلي> >>ه ) والوظيف> >>ة
>ائية
طبيعي>>ة ّم>>ا لتحلي >>ل ه >>ذه اللغ >>ة نفس >>ها) والوظيف >>ة اإلنش > ّ
ّ الواص >>فة ( ال >>تي بفض >>لها يمكن اس >>تخدام لغ >>ة
اإلحالي>ة ( ال>تي تس>>مح للغ>>ة ب>>الكالم على
ّ >اص) وأخ>>يرا الوظيف>>ة
( الرامي>>ة إلى إب>>راز الرس>>الة لحس>ابها الخ ّ
الع>>الم ) وه>>ذه الوظيف>>ة حس>>ب ياكبس>>ون ليس>>ت مهيمن>>ة إاّل بحض>>ورها في رس>>ائل عدي>>دة (.مب>>دأ المهيمن>>ة
الياكبسوني (..)La dominante
ّ
أدبي++ة
الجمالي++ة وتح++دِّد ّ
ّ واش >>تهر> ياكبس >>ون بخطاط >>ة التواص >>ل ذات األرك >>ان الس >>تّة ال++تي تحقِّق الوظيف++ة
النص هي :المرسل ،المتلقّي ،قناة االتصال ،الرسالة ،الشفرة ،السياق.
ّ
السياق
الرسالة
المرسل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اـلمتلقّي
7
قناة االتّصال
الشفرة
8
جدّية
بمن ينطق> بها بصفة ّ
مرجعية ّما ال ترتبط بكلمة ّما بل َ
ّ أساسي هنا هو بالتأكيد كون داللة
ّ> وما هو
(من يتلفّظ بها) .فاللغة وحدها ال تكفي وحدها لكي َّ
تدل بل ينبغي أن تكون موضوع> عمل تلفّظ طرفاه
اللغويان
ّ معلومان .فأنا وأنت أو عالمات إعراب الفعل مع هذين الضميرين ،هما إذن الواسمان
مجرد أنظمة
الطبيعية ليست ّ
ّ أن اللغات
للوظائف> المستخدمة في التلفّظ ".وهذا األمر يكفي للبرهنة على ّ
مذكورين كما في درس نحو.
َ وأنها ال تد ّل إاّل بوساطة أعمال تلفّظ وفيها .فالضميران ليسا
رموز> ّ
ولك ّنهما مستعمالن (متلفَّظ بهما) ِ
بن ّية إنجاز ،تعيين ( ".ص )53
إن التركيز> إذن في عمل التلفّظ على عالقة التخاطب بين المتلفّظ أو مصدر التلفّظ والمتلفّظ المشارك
ّ
عمليات تحديد تتعلّق ّ ،أول
المرسل إليه ":وعلى هذا النحو يبدو المتلفّظ مصدرا> تُجرى انطالقا منه ّ
َ أي
ثم بما هو خارج عنها
المكونين لمقام التلفّظ (الزمان والمكان) ّ
ّ األمر بالمرسل> إليه وبالعنصرين
المتلفّظ في بناء
ويؤدي ُ
ّ عملية التحديد هذه رصدا
تسمى ّ ظية ّ نظرية كيليولي التلفّ ّ
ّ ( ضمير> الغياب ) وفي
ويوضح غياب
ّ َّ
وتحدد> ضمائر> الغياب بعدم االنتماء إلى عالقة تخاطب. صوة /مصدر.
الملفوظات دور ّ
سماه كيليولي " قطيعة ".ص55
خاصا ّ
ّ العالقة في التخاطب هذا نمط رصد
9
حرفيا أقوال آخر سيكون " المتلفّظ المنقول "
ّ خاصة منها على سبيل المثال حين يستشهد أي حين ينقل
ّ
.في الملفوظ المستشهد> به
ظية
أسس التلفّ ّ
مشيرين أو -
َ الشخوصي :اليعتبر اسم العلم كليلى وصالح
ّ> المقام
عبر المتكلّم عن الشخص بضمير المتكلّم يغدو مشيرا محددين ولكن إذا ّ
ّ .
الشعري
ّ> األدبي وبالتحديد> الملفوظ
ّ اللساني قراءة الملفوظ
ّ وإ ّن ِقوام هذه المقاربة التلفّ ّ
ظية ذات البعد
أهم هذه
ومكانيا .ومن ّ
ّ زمانيا
ّ الشعري
ّ> تحدد سياق الملفوظ
ظية التي ّفي ضوء المشيرات التلفّ ّ
الذاتية
ّ االنفعالية
ّ المعينات :ضمائر الشخوص ،وأسماء اإلشارة وظروف الزمان والمكان والتعابير
البوليفونية
ّ الصوتي أو
ّ> والتعدد>
ّ ..وروابط الحجاج
وسعينا إلى انتقاء نماذج من القصائد في مختلف األغراض الشعريّة مدحا وفخرا ورثاء وهجاء.
وتعمّدنا التنويع لتبيّن أثر تغيّر المقام في إنتاج التل ّفظ رغم صدوره عن المتل ّفظ نفسه.
10
والمتنبّي هو أحمد بن الحسين الجعفي الكنديّ الكوفيّ .شاعر عربيّ حكيم ولد بالكوفة ،
وعاش بين ( 303ه 354-ه و354ه 965-م) .وقد نظم الشعر صغيرا وعمره عشر سنوات.
واشتهر بترحاله بحثا عن المجد وانتقاله بين األسياد واألمراء مادحا متكسّبا .وأكثر شعره في المدح
والفخر .وعرف بحكمه التي صارت مضرب األمثال .وقد خرج يطلب أن يكون ملكا على الناس
فكان أن صار ملكا على الشعر .وهو الذي جاء فمأل الدنيا وشغل الناس بعبارة ابن رشيق.
وال يمكن دراسة شعره تل ّفظيّا دون انتباه إلى ما شهده عصره من تف ّكك وصراعات .فقد
انهارت الدولة العبّاسيّة وتناثرت اإلمارات المستقلّة التي قامت على أنقاضها.
وكان الصراع على أش ّده بين اإلمارات وتعرّضت الثغور اإلسالميّة إلى غزوات الروم والفرس
عالوة على الثورات الداخليّة والحركات المتم ّردة كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة .ولع ّل هذا
ّ
سيؤثر في الملفوظ الشعريّ الذي سيصطبغ بدماء السياق التاريخيّ المحكوم بالصراع هو الذي
العصر وتقلّباته.
وهو عصر المفارقات ،ألنّ القرن الرابع للهجرة هو عصر االنهيار السياسي والتو ّتر االجتماعيّ
من جهة وهو عصر االزدهار الفكريّ واألدبيّ واللغويّ والنقديّ .فهو من أخصب العصور من
الناحية األدبيّة والفلسفيّة واللغويّة .وقد كان األمراء يتسابقون إليواء رجال اللغة والشعراء في
بالطاتهم .وكثيرا ما يتحوّ ل البالط إلى مجلس علم وأدب وجدل لغويّ وفكريّ وفلسفيّ .ولع ّل هذا
السياق التاريخيّ العا ّم الذي احتضن أغلب أشعار المتنبّي وخاصّة السيفيّات .
وتع ّد الفترة التي قضّاها المتنبّي في بالط سيف الدولة من أزهى الفترات في حياته وأدبه .إ ّنها فترة
حط رحاله في أنطاكيّة سنة 336ه أمان ونضج .فالشاعر ظ ّل يرتحل باحثا عن االستقرار ح ّتى ّ
حيث كان أبو العشائر ابن ع ّم سيف الدولة .ومهّد له السبيل لال ّتصال بأمير حلب سيف الدولة
الحمداني سنة 337ه وطلب منه أن يمدحه شرط أاّل يقف بين يديه.
وقد عرف أوج عطائه في هذه المرحلة التي استغرقت تسع سنوات كاملة .ولكنّ الحسّاد والكاشحين
كادوا له وتم ّكنوا من التفريق بين الشاعر وممدوحه الذي وجد فيه المثال والقدوة ،أل ّنه من القالئل
الذين هبّوا للدفاع عن القالع والحصون العربيّة اإلسالميّة والذين يدافعون عن القيم األصيلة .وكان
الشاعر يواكب المعارك ويحتفي باالنتصارات وكثيرا ما يتماهى المادح والممدوح لتشكيل لوحة
البطولة الكاملة .ولكن اضطرّ إلى فراق سيف الدولة وهو غير راض ،ألنّ الهوّ ة اتسعت بينهما.
وبقي رغم فراقه يعاتبه ولم ينس تخليد ذكراه ومواكبة األحداث التي تصيبه كموت أخته خولة التي
رثاها بأروع رثاء رغم ابتعاده عن البالط الرسميّ .وهذا السياق المخصوص في بالط سيف الدولة
شديد األه ّميّة لدراسة شعر المتنبّي أل ّنه طبع قصائده بطابع خاص سنحاول استجالءه في مقاربتنا
التل ّفظيّة.
11
-3المشيرات ودورها في الخطاب:
+وي لكلم>>ة ( )Déictiquesيع>>ني اإلش++ارة والتع++يين والتحديد وهي جم>>ع لكلم>>ة مف>>ردة هي إن األص>>ل اللغّ + ّ
اليوناني> > >>ة ()Deiktikosوتع> > >>ني اص++ +طالحا جمل> > >>ة
ّ >اري ( .)Deixisوهي مش> > >>تقّة من الكلم> > >>ة
المع> > >>نى اإلش> > > ّ
هوي>>ة المتكلّم وس>>ياق> الق>>ول
ص >ة وظروف>>ه من قبي>>ل ّ
المبني>>ة على ش>>روط> التلفّ>>ظ الخا ّ
ّ اإلحالي>>ة
ّ المرجعي>>ات
ّ
والزماني( أنا -هنا -اآلن .
ّ المكاني
ّ
وه> >>ذه المش ++يرات بترجم> >>ة الخب> >>و والتعيين ++ات بترجم> >>ة لحم> >>داني هي ض ++مائر الش ++خوص وأس ++ماء
الذاتية.
ّ االنفعالية
ّ اللغوية
ّ اإلشارة وظروف المكان والزمان والصيغ أو التعابير
>ارية كم>ا
ومما يطلق عليه>ا أيض>>ا ،الق>>رائن الواص>>لة (()Embrayeursكم>ا عن>د ياكبس>>ون ،ووح>>دة إش> ّّ
ش>ر>( )Indicateurودلي>>ل التلفّ>>ظ (Indice
إشاري كما ل>>دى ب>>ار هيلي>>ل ))Bar-Hillelومؤ ّ
ّ لدى بيرس ،وتعبير
وباالنجليزي> > > >>ة) ( .Schiftersوكث> > > >>يرا م> > > >>ا يس> > > >>تعمل مص> > > >>طلح (
ّ >ارية
)de l’énonciationوق> > > >>رائن إش> > > > ّ
الياكبسوني(.)Embrayeurs
ّ )Déictiquesمرادفا> للمصطلح
النظرية المشيرات التي تتح ّكم في جميع عناصر الخطاب .فهي تحيل على أطراف التواصل
ّ وقوام هذه
لعملية التلفّظ الجارية بين المتكلّمين ،عالوة على ضمائر> الفصل
ّ والزماني
ّ> المكاني
ّ وعلى السياق
والوصل> أو الضمائر المتّصلة والمنفصلة (أنا/أنت/نحن /هو ).../و أدوات التملّك مثل تلك المتّصلة
بضمير> المتكلّم أنا ( درسي) وأسماء اإلشارة مثل ( هذا/هذه /ذلك /وظروف المكان والزمان ( هنا/
وتحين فعل التلفّظ إنجازا وقوال وفعال ،وهي التي
ّ تحدد
اآلن /البارحة) .وهذه هي وحدات التلفّظ التي ّ
اللغوية
ّ تحدد مرجع الوحدات
ّ .
12
.وأنا يدل على تماه مع المتلفّظ
المقام في4-
المقاربة التلفّظية
ينتج فيه
والمكاني الذي ُ
ّ> الزماني
ّ التاريخي
ّ ظية االعتبار للمقام الذي ينتج فيه الملفوظ وللسياق>
التلفّ ّ
ألنها تقصي الذات والمقام عموماً:الشكالنية ّ
ّ البنيوية
ّ القول .ونقدت المدرسة
ثالثة ٍ
أبعاد" ِ ومدار هذا الدرس على المقام باعتباره "يدور على
ُ>
الشخوصي
ّ -الثبات المكاني ،الثبات الزماني ،الثبات
(محمد بن عياد ،المقام في األدب العربي ،مطبعة التسفير الفني ،صفاقس :كلية اآلداب والعلوم>
اإلنسانية ص)2004،12
13
"واعتبار> ما تكون عليه المعاني من صحة وكمال ومطابقة للغرض المقصود> بها وحسن موقع النفس
يكون بالنظر إلى ما النعني عليه في نفسه ،وبالنظر إلى ما يقترن به من كالم وتكون له به علقة،
وبالنظر إلى العرض الذي يكون الكالم مقوالً فيه ،وبالنظر> إلى ٍ
حال الشيء الذي تعلّق به القول"
(منهاج البلغاء وسيراج األدباء ،تحقيق محمد الحبيب بالخوجة ،دار الغرب اإلسالمي ،الطبعة الثالثة،
،1986المنهج الرابع من القسم الثاني)
نظرية التلفّظ
ّ مهم لفهم
أصولي ّ
ّ مصطلح
الحال إطالق الحكم ،فحسن الكالم تجريده عن مؤكدات الحكم وإ ن كان مقتضي الحال
فإذا كان مقتضى َ
بخالف ذلك ،فحن الكالم تحليه بشيء من ذلك بحسب المقتضي ضعف وقوة (سراج الدين السكاكي،
العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى ،1983،فصل في ضبط> مقاصد علم الكالم.
ّ مفتاح العلوم ،دار الكتب
)2التداولية والمقام:
المقام مفهوم حديث في الثقافة الغربية وهو في اإلصطالح وبتعريف> فرانسواز> ْأرمنغو(
زمان القول تض َّم ُأج ِري ِ )Armangaud
َ وضعية ُ
ّ وأنتج .وهي
َ اب
ط ُالخ َ "الوضعية الملموسة التي فيها ْ َ
ّ
وية المتخاطبين".
وه ّ
ومكانه ُ
ِ
سياقه اللغوي في -ال يحقِّق مقاصدهُ إالّ إذا توفّر> مفهوم اإلنجاز ()Performanceوهو تحقيق العمل
ّ
اإلبالغية والخطاب
ّ وحذق القواعد أو في المقدرة
َ للوجود كفاءة المتخاطبين ِ
ماثلة المعرفة ِ> رز
تحقيقًا ُي ْب ُ
الكونية
ّ األساسية هي القدرة على تغيير العالقات
ّ إنجازي بالضرورة باعتبار سمة الخطاب
ّ هو خطاب
مجرد مستهلك له.
بحيث يصبح هو المنشئ الكوني ال ّ
14
ٍ
أنماط: مطيا إلى أربعة
تقسيما َن ً
ً وقد> قسمت ْأرمنغو> المقام
المرجعي(Référentiel
ّ الحقيقي ( )réelأو
ّ الظرفي( )Le contexte circonstancielوهو
ّ أ-المقام
ويضم هوية المتخاطبين وهو المنطلق في قراءة أي مثال (مثال نادرة
يض ّم المحيط الفيزيائي>ّ µ
(الذي ُ
محمود> النقاش ":كنت أنا ومحمود النقاش قرب المسجد الجامع بالبصرة ليالً".
د-
15