Professional Documents
Culture Documents
عدم التركيز الاداري وتطبيقاته في الجزائر
عدم التركيز الاداري وتطبيقاته في الجزائر
قسم الحقوق
لجنة المناقشة
جامعة أم البواقي أستاذ محاضر "ب" الرئيس :السعدي ساكري
جامعة أم البواقي أستاذ مساعد " أ " الممتحن :حسيني عبد السالم
بعد شكر هللا سبحانه و تعالى على توفيقه إلتمام هذا البحث المتواضع،
أتقدم بجزيل الشكر إلى الوالدين العزيزين ( أبي رحمه هللا و أمي حفظها هللا ) الذين
أعاناني و شجعاني على االستمرار في مسيرة العلم و النجاح؛
كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى من شرفني بإشرافه على مذكرة بحثي األست ـ ـ ـاذ الدكت ـ ـ ـور
" كمـــال دريـــــــد" الذي لن تكفي حروف هذه المذكرة إليفـائه حقه؛
كما أتوجه بخالص شكري و تقديري إلى كل من ساعدني على إنجاز و إتمام هذا
العمل
"رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحاً
ترضاه و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" اآلية 19سورة النمل
إه داء
عونا لي
إلى أمي الغالية ،أطال هللا في عمرها لتظل ً
إلى أفراد أسرتي األعزاء :أخي و أخواتي
مقدمـــة
كانت الدول في السابق يحكمها و يسود فيها النظام الملكي الذي يعتمد على تركيز كل شيء في يد
الملك ،فكانت المركزية اإلدارية مجسدة من خالل صورتها األولى المتمثلة في التركيز اإلداري ،لكن مع
تطور المجتمعات بدأت هذه الصورة تندثر نظ ار لعدم مواكبتها للتسيير الحديث الذي أصبح يعتمد على
ضرورة إشراك ممثلي السلطة المركزية في سلطة اتخاذ القرار ،كما أصبح األفراد يطالبون بالتمثيل الديمقراطي
من خالل إشراكهم في الحكم ،فكان هذا بادرة لظهور الصورة الثانية للمركزية اإلدارية المتمثلة في عدم
التركيز اإلداري و ميالد الالمركزية اإلدارية.
إن عدم التركيز اإلداري يحظى بأهمية بالغة حيث أن مقتضيات و طبيعة العمل اإلداري بينت أنه
أصبح من المستحيل االقتصار فقط على الصورة األولى للمركزية اإلدارية المتمثلة في التركيز اإلداري نظ ار
لتوسع الدولة و زيادة مطالب الشعب ،حيث أصبحت الدولة تضطلع بمهام عديدة و توسعت االنشغاالت
بتحول الدولة من دولة حارسة إلى دولة متدخلة ،مما حتم اللجوء إلى الصورة الثانية للمركزية اإلدارية و هي
عدم التركيز اإلداري ،فهذه الصورة تعتبر الزمة التطبيق للتغلب على مختلف المصاعب الناتجة عن االكتفاء
فقط بالصورة األولى (التركيز اإلداري) ،و هي ال تعني استقالل هيئات عدم التركيز عن السلطة المركزية،
فهم تحكمهم السلطة الرئاسية و للرئيس حق تعديل و إلغاء أعمالهم.
تم اختيار موضوع البحث ألنه يندرج ضمن اختصاصي في الدراسة و هو القانون العام ،و هذا
الموضوع يعتبر من بين أهم المواضيع في القانون اإلداري ،كما أنه كموضوع للبحث يجذب النظر فهو
ضرورة و حتمية فرضتها الضرورة و يتمتع بمكانة هامة ،فعدم التركيز اإلداري يهدف إلى التغلب على
مختلف المساوئ التي تطال الصورة السابقة للمركزية اإلدارية نظ ار الستحالة استمرار قيام السلطة المركزية
بكل ما يتعلق بسير العمل اإلداري ،و بالتالي فهذا الموضوع يعتبر من المواضيع المهمة فهو يستقطب و
يجلب اهتمام الباحث كما ينطوي على إثارة الفضول و الرغبة في معرفة كيفية تمكن هذه الصورة من تحقيق
سير أفضل للعمل اإلداري و تخفيف العبء عن السلطة المركزية الممثلة في شخص الوزير.
رغم تحقيق عدم التركيز اإلداري لعدة مزايا ،إال أن هيئاته وقع بشأنها عدة خالفات فيما يتعلق
بمنازعاتها ،خاصة المصالح الغير ممركزة للدولة و من له الصالحية في تمثيلها ،و عليه تطرح اإلشكالية
التالية نفسها :هل خفف عدم التركيز اإلداري من مساوئ درجة التركيز العالية المجسدة عند تطبيق الصورة
األولى للمركزية اإلدارية ( التركيز اإلداري )؟ و هل االختالف بشأن أهليتها في التقاضي و عدم منحها
الشخصية المعنوية يؤثر على طبيعة أدائها لمهامها و التقليل من صالحياتها؟
1
المقدمة عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
-تسليط الضوء على موضوع في غاية من األهمية و تمكين القارئ من اإلطالع عليه.
-وضع صورة في ذهن المواطن على هذه الهيئات التي قربت اإلدارة منه.
-تمييز هيئات عدم التركيز اإلداري و ترسيخها جيدا في ذهن القارئ كي يتمكن من التفرقة بينها و
بين الهيئات الالمركزية إلزالة اللبس القائم حيث هناك خلط بينهما و عامة الناس يعتقدون أنهما
شيء واحد.
-إيصال مضمون هذا البحث إلى القارئ بغية تحقيق توضيح لهيئات عدم التركيز اإلداري.
-إثراء ذهن المواطن بموضوع يرتبط أشد اإلرتباط بحياته اليومية في تعامالته مع اإلدارة.
-محاولة إبراز مختلف اإليجابيات التي جاءت بها هذه الصورة للمركزية اإلدارية و وضعها في متناول
كل مطالع لهذا العمل.
تناولت موضوع البحث بعض الكتب المتمثلة في المراجع العامة للقانون اإلداري ،حيث هناك بعض
المراجع الجزائرية و أغلب المراجع هي كتب مشرقية إضافة إلى بعض المقاالت التي تطرقت إلى هذا
الموضوع.
عمار بوضياف :تطرق إلى عدم التركيز اإلداري بصورة موجزة و لم يفصل فيه رغم أهمية الموضوع،
كما أنه لم يتعرض إلى تطبيقات عدم التركيز اإلداري في الجزائر من خالل التعريج على هيئاته.
محمد الصغير بعلي :لم يتناول في أركان المركزية اإلدارية العنصر األول المتعلق بتركيز الوظيفة
اإلدارية بصورة كافية ،حيث فصل في الركن الثاني المتعلق بالسلطة الرئاسية و أهمل الركن األول ،كما لم
يتعرض إلى اإليجابيات التي يؤدي تطبيق هذه الصورة إلى تحقيقها.
2
المقدمة عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
نواف كنعان :أشار إلى عدم التركيز اإلداري لكنه لم يتناول مزايا هذا األخير و عيوبه و لم يشر كذلك
إليجابيات المركزية اإلدارية و مثالبها ،و فيما يخص عناصر المركزية اإلدارية ،تطرق إلى حصر الوظيفة
اإلدارية في يد السلطة المركزية و السلطة الرئاسية و أهمل عنصر التبعية اإلدارية بعدم إفرادها بعنوان
مستقل.
الصعوبات التي تواجه الباحث في إنجاز هذا البحث هي قلة المراجع خاصة الجزائرية و أغلب
المراجع المتعلقة بالبحث هي مشرقية ،و عدم توسع هذه الكتب و تناولها هذه الجزئية المتمثلة في عدم
التركيز اإلداري بإسهاب ،و كذا التداخل بين هذا الموضوع و موضوع الالمركزية اإلدارية حيث هناك تشابه
كبير بين عدم التركيز اإلداري و الالمركزية و ضرورة التدقيق للتمييز بينهما.
إن المنهج األساسي المعتمد هو المنهج التحليلي ألن طبيعة الدراسة تستوجب تحليل النصوص
القانونية و الق اررات القضائية في كل ما يتعلق بها من عيوب و إيجابيات ،فالموضوع هو دراسة قانونية و
قضائية .كما تم االعتماد على المنهج الوصفي بوصف الوحدات المشكلة لهيئات عدم التركيز ،و المنهج
المقارن بمقارنة بعض المواد.
وقد تم تقسيم خطة البحث إلى فصلين ،و كل فصل يتضمن مبحثين على النحو التالي:
-المبحث األول:المصالح الغير ممركزة للدولة و الدائرة كمظهر من مظاهر عدمالتركيز اإلداري
-المبحث الثاني :الوالي و المقاطعات اإلدارية (الواليات المنتدبة) كتجسيد لعدم التركيز اإلداري
3
الفصل األول
اإلطار النظري
لعدم التركيز
اإلداري
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
يعتمد التنظيم اإلداري في أي دولة على الصورة األولى في الظهور و هي المركزية اإلدارية إذ ال
مناص من إدراجها في التنظيم اإلداري للدولة ،و كانت هذه األخيرة في بداية ظهورها تعتمد على تركيز
السلطة و احتكار السلطة المركزية لكل ما يتعلق بالعمل اإلداري في كلياته و جزئياته ،و لذلك سمي التركيز
اإلداري بالمركزية الوحشية.
و نظ ار للمساوئ التي لحقت هذه الصورة ( التركيز اإلداري ) ،كان البد من بروز صورة أخرى
للتخفيف من حدة تركيز السلطة و احتكار الوزير لكل صغيرة و كبيرة ،و نتيجة لذلك برزت الصورة المعدلة
للمركزية اإلدارية الممثلة في عدم التركيز اإلداري التي تعتمد على التخفيف من حدة التركيز للصورة األولى
و منح ممثلي الوحدات اإلدارية سواء في العاصمة أو األقاليم صالحية النظر و إصدار الق اررات في بعض
األمور.
لذلك سنتناول في هذا الفصل المركزية اإلدارية باعتبارها المظلة التي تنطوي تحتها الصورة المعدلة
المتمثلة في عدم التركيز اإلداري ( المبحث األول ) ثم إلقاء نظرة عامة حول عدم التركيز اإلداري ( المبحث
الثاني ).
5
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
المبحث األول
األساس النظري
سيتم التطرق في هذا المبحثلفكرة عامة فيما يتعلق بالمركزية اإلدارية(المطلب األول) وبيان أهم ما
يتعلق بها كمدخل للموضوع ثم تناول مفهوم عدم التركيز اإلداري في المطلب الثاني.
سنتناول في هذا المطلب مفهوم المركزية اإلدارية في الفرع األول ثم نتطرق إلى تقدير المركزية
اإلدارية في الفرع الثاني.
لبيان مفهوم المركزية اإلدارية ،وجب تعريفها ثم اإلشارة إلى عناصرها( أركانها).
إن نشأة الدولة استلزمت حتما وطبيعيا قيام تنظيم إداري يتماشى مع هيكلة وقيام السلطة العامة فيها،
و التنظيم اإلداري ينجر عنه خلق وبروز أساليب خاصة به،والمركزية اإلدارية هي األسلوب األول الذي ظهر
()1
لدى قيام التنظيم اإلداري في الدولة.
المركزية اإلدارية هي تسيير وإدارة جميع مرافق الدولة ومصالحها من طرف السلطة المركزية وحدها،
ولها أن تستأثر بجميع الشؤون المركزية والمحلية ،أي أن سلطة اتخاذ القرار تكون من اختصاصها وحدها
وبالتالي فإن المرؤوسين على مستوى العاصمة واألقاليم ال يتمتعون بأدنى قدر من سلطة اتخاذ القرار وتسيير
()2
وحداتها اإلدارية بنفسها.
فمعنى المركزية اإلدارية هي حصر الوظيفة اإلدارية في يد السلطة المركزية في العاصمة الممثلة
()3
بشخص الوزير وانفرادها بها وحدها ،وبالتالي فهي تقوم على التوحيد وجعل القرار يصدر من مصدر واحد.
( .)1عصام علي الدبس ،القانون اإلداري ،الكتاب األول ،بدون طبعة ،بدون دار نشر ،بدون بلد نشر ،بدون سنة ،ص261
( .)2محمد فؤاد عبد الباسط ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،بدون سنة ،ص31
( .)3عمار بوضياف ،الوجيز في القانون اإلداري ،الطبعة الثالثة ،دار الجسور للنشر و التوزيع ،الجزائر ،2015 ،ص .155
6
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
فيما تطرق جانب من الفقه اإلداري إلى تعريف المركزية اإلدارية في صورتها األصلية ،و من بين
()1
هذه التعريفات نذكر التعريفات التالية للمركزية اإلدارية بصورتها األصلية كما يلي:
عرف جانب من الفقه اإلداري المركزية اإلدارية كما يلي " :احتكار الهيئة اإلدارية الوحيدة القائمة في
الدولة بالوظيفة اإلدارية في سائر أنحاء إقليم الدولة ،وممارسة كافة االختصاصات اإلدارية بواسطة أجهزة
تتمركز أغلبها في العاصمة ،ويستوي في هذا أن تكون السلطة في هذه األجهزة مركزة بين يدي فرد واحد أو
لجنةأو هيئة جماعية".
وعرفها جانب آخر من الفقه اإلداري كما يلي ":جمع أو تركيز مختلف مظاهر الوظيفة اإلدارية في
الدولة في يد هيئة واحدة ،بحيث تتولى بنفسها دون أن تشاركها في ذلك هيئة أخرى ،وتباشر ذلك بنفسها أو
بواسطة موظفين يعملون باسمها ويخضعون في نهاية األمر لرئاسة عليا واحدة وفق قواعد وأحكام موحدة".
كما تناول تعريفها جانب ثالث من الفقه اإلداري بأنها ":قصر الوظيفة اإلدارية في الدولة على ممثلي
الحكومة المركزية في العاصمة ،وهم الوزراء ،دون مشاركة ما من هيئات أخرى".
وفي تعريف جانب رابع من الفقه ":قيام إدارة مركزية بعاصمة الدولة تنفرد بمباشرة أعمال اإلدارة
العامة بواسطة سلطتها الرئاسية على جميع العاملين على مختلف مستوياتهم الهرمية المتصاعدة داخل
العاصمة وسائر األقاليم".
وعرفها جانب خامس من الفقه اإلداري بأنها ":ذلك النمط من التنظيم اإلداري الذي تستأثر فيه
السلطة المركزية بمباشرة جميع ألوان و أنواع النشاط اإلداري وتسيير جميع المرافق العامة سواء القومية منها
أم المحلية ،وذلك عن طريق عدد من الموظفين المعينين من قبلها والذين يشكلون في مجموعهم وحدة إدارية
واحدة يسودها مبدأ التدرج الهرمي والتسلسل الرئاسي".
غير أنه ال يجب ومن خالل التعاريف السابقة وما تتضمنه من تركيز للسلطة أن يفهم أن تراب
الدولة يكون على شكل كتلة واحدة وال يتم تقسيمه إلىأجزاء إدارية على عدة اعتبارات جغرافية أو اجتماعية أو
تاريخية .فالسلطة المركزية ال تستطيع وحدها القيام بجميع ما يتعلق باإلقليم بل تقتضي منح مختلف إداراتها
الموجودة على أجزاء اإلقليم سلطة اتخاذ القرار وتوزيع العمل بين السلطة المركزية ومختلف وحداتها ،بل كل
ما في األمر أن هذه الوحدات تخضع إلشراف تام للسلطة المركزية وال تتمتع بالوجود الذاتي والقانون
()2
المستقل.
7
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
من هنا انبثقت الصورة الثانية للمركزية اإلدارية المتمثلة في عدم التركيز اإلداري.
حسب الدكتور هاني علي الطهراوي فإن للمركزية اإلدارية ثالثة أركان أو عناصر يمكن تناولها كما
()1
يلي:
أوال:تركيز السلطة
ويعني أن السلطة المركزية وحدها هي من تملك جميع ما يتعلق بالوظيفة اإلدارية ،و هي التي تتمتع
بميزة القيام بجميع االختصاصات ،فهي التي تملك سلطة التعيين في جميع الوظائف العامة ،حتى أولئك
المحليين يتم تعيينهم من طرف السلطة المركزية وال يترك أمرهم إلى الهيئات المحلية أو انتخاب سكان تلك
المناطق لهم ،فهي التي تقوم بشؤون جميع المرافق في الدولة سواء كانت ذات طابع وطني تخص الدولة
كلها أو مرافق محلية تتعلق بإقليم بذاته وحده.
ويطلق عليه البعض التبعية اإلدارية ومقتضاها أن هناك صعوبة أن يقوم شخص واحد بجميع
الوظيفة اإلدارية ،لذلك يتم ترتيب الموظفين في درجات متصاعدة حتى نصإللى الوزير ،حيث يعتبر هؤالء
الموظفين تابعين و ممثلين للسلطة المركزية ،فمن خالل تسميتها بالتبعية اإلدارية يتضح أن كل مرؤوس يتبع
رئيسه ويمتثل ألوامره حتى نصل إلى قمة السلم الذي يتربع على أرسه الوزير.
إن السلطة الرئاسية يتم تقريرها دون حاجة إلى نص ينظمها ،فهي تعني أن كل مرؤوس يخضع
لرئيسه ،فإذا كان هناك توزيع لممثلي السلطة المركزية وفق هرم متصاعد فينبغي أن ينفذ كل موظف في
درجة معينة أوامر الرئيس حتى نصل إلى الرئيس اإلداري األعلى لكن دون التوسع فيما يتعلق بالسلطة
الرئاسية ألنه سيتم تناولها ضمن المبحث الثاني.
(.)1هاني علي الطهراوي ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،عمان -األردن ،بدون سنة نشر ،ص ص
.133-132
8
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفرع الثاني :تقدير المركزية اإلدارية
من خالل ما سبق يتضح أن المركزية تتمتع بمجموعة من المزايا وفي نفس الوقت تطالها مجموعة
من العيوب.
فمن شأن تطبيق نظام المركزية اإلدارية أن يحقق ويكرس وحدة الدولة سياسيا ودستوريا ،حيث يتحقق
ذلك عبر رقابة السلطة المركزية على جميع األعمال اإلدارية في الدولة ،و بالتالي تفرض هيمنتها على
جميع أجزاء اإلقليم ،فال يمكن تخيل قيام دولة دون اعتمادها في تنظيمها اإلداري على أسلوب المركزية فهي
المرتكز األساسي للدولة العصرية.
إن تطبيق المركزية اإلدارية يؤدي إلى توحيد العمل اإلداري وسيره بطريقة واحدة عبر كامل تراب
الوطن ،ويؤدي إلى عدم وجود اختالف وتصادم بين اإلدارة والمتعاملين معها وتحسين وتيرة العمل اإلداري
ومحاولة تطبيق الديمقراطية ألكبر قدر ممكن.
هذا النظام من شأنه تكريس وتجسيد العدالة والمساواة بين كافة المتعاملين ،ففي ظل احتكار السلطة
المركزية للوظيفة اإلدارية ،فال يتصور أن يسود ويكون هناك تمييز بين سكان العاصمة وبقية األقاليم طالما
أن مركز القرار واحد.
نظام المركزية اإلدارية من شأنه تخفيض النفقات العامة و اإلقالل منها إلى أبعد الحدود ،حيث يكون
ذلك من خالل االقتصار على العدد المحدود من الهيئات والموظفين ما ينتج عنه تقليص حجم اإلنفاق
وتوفير أموال كثيرة.
( .)1بعلي محمد الصغير ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار العلوم للنشر و التوزيع ،الجزائر ،بدون سنة ،ص ص.60-59
9
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الثانية :عيوب المركزية اإلدارية
كما أن للنظام المركزي مجموعة من اإليجابيات فهو أيضا ينطوي على مجموعة من المثالب يمكن
()1
إجمالها فيما يلي:
حيث أن اهتمام الوزراء بجميع األمور اإلدارية وطنية كانت أو محلية يؤدي إلى إغفالهم وعدم
ارتهم.
تركيزهم على المسائل الجوهرية المتعلقة بالتخطيط واإلشراف ورسم السياسات العامة لوز ا
هناك مرافق ذات طبيعة فنية وتتطلب إدارتها من طرف ذوي االختصاص ،لهذا فهي ال تتناسب مع
تسييرها من طرف السلطة المركزية لعدم معرفتها بكيفيات تسييرها.
إن اعتماد أسلوب المركزية اإلدارية يتنافى مع طريقة التسيير الديمقراطي الذي يقضي بأن يمنح
مواطنو المناطق المحلية حقهم في تسيير شؤونهم بأنفسهم ،وال يتحقق ذلك إال عن طريق مجالس منتخبة من
سكان تلك المناطق تكون عارفة بشؤونهم.
حيث أن تطبيق هذا األسلوب يؤدي إلى تكرر نفس اإلجراءات والثقل في أداء العمل اإلداري وتأخر
في صنع الق اررات نظ ار لقصر العمل اإلداري على السلطة المركزية وحدها ،كما أنه يؤدي إلى اتخاذ ق اررات
مجانبة للصواب لعدم معرفة السلطة المركزية بالمشكالت التي تجري في المناطق البعيدة عن العاصمة.
( .)1محمد رفعت عبد الوهاب ،مبادئ و أحكام القانون اإلداري ،بدون طبعة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،بدون سنة
نشر ،ص .132
10
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
المطلب الثاني :مفهوم عدم التركيز اإلداري
لبيان مفهوم عدم التركيز اإلداري ومحاولة اإللمام به ،سنتعرض إلى الظروف التي أدت إلى نشأته
وتعريفه و الخصائص والمزايا التي حققتها هذه الصورة من المركزية اإلدارية.
نتيجة عدة مبررات تمخضت ونتجت عن السلبيات التي لحقت الصورة األولى من المركزية اإلدارية
و المتمثلة في التركيز اإلداري ،ظهرت الصورة األخرى للمركزية اإلدارية المتمثلة في عدم التركيز اإلداري،
()1
سنتناول هذه المبررات وفق مايلي:
إن تركيز السلطة في يد السلطة المركزية و استئثارها بها وحدها في ظل التركيز اإلداري و تمركز
موقع القرار في العاصمة وحدها يؤدي إلى مبدأ التعارض مع العدالة في توزيع النفقات العامة ،حيث تستأثر
العاصمة بقدر كبير من النفقات و تتمتع بجانب كبير من الخدمات على حساب بقية أجزاء اإلقليم ،مما
فرض ظهور الصورة الثانية للمركزية اإلدارية المتمثلة في عدم التركيز اإلداري والتي خففت من عبء
التركيز اإلداري ومهدت لظهور الالمركزية اإلدارية.
بما أن تركيز القرار في يد السلطة المركزية وجعل مصدر القرار واحد يحتم على المواطنين التنقل
إلى العاصمة لقضاء احتياجاتهم في كل مرة مما يؤدي إلى البطء وعرقلة سير العمل اإلداري ،كما أن بعد
السلطة المركزية عن األقاليم يجعلها غير عارفة باحتياجاتهم ،فالقاطنون باإلقليمهم األعرف و األدرى
بشؤونه ،ما يجعل ق اررات السلطة المركزية بشأن هذه األقاليم تبتعد عن الصواب ،فعدم التركيز اإلداري
كصورة معدلة للمركزية اإلدارية يؤدي إلى القضاء على هذه التعقيدات.
حيث أن تركيز السلطة في يد الوزير وحده يجعل الملفات تتراكم ويؤدي إلى عجزه نتيجة توكيله
بالنظر في كل صغيرة و كبيرة ،وما تقتضيه من توفر معلومات بكم هائل حتى يستطيع البت في كل األمور،
مما يؤدي إلى إرباكه وتشتيت ذهنه وما ينجم عنه من سلبيات تمس سير العمل اإلداري.
11
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الرابعة :القضاء على روح اإلبداع لدى المرؤوسين
إن تمتع الرئيس اإلداري األعلى وحده بسلطة القرار ينجم عنه عدم بروز قيادات من الصف الثاني،
حيث أن استئثار الوزير بكل شؤون الدولة يؤثر سلبا على المرؤوسين ويقتل روح اإلبداع واالبتكار لديهم
ويجعلهم في وضعية متلقي لألوامر والتعليمات فقط والقيام بتنفيذها وبالتالي ليس لديهم دور في صنع القرار.
إن تركيز السلطة في يد الوزير وحده يجعل هذا األخير غير مدرك لحقيقة سكان األقاليم البعيدة عن
العاصمة ،مما يؤدي إلى ضياع حقوق سكان هذه األقاليم وبالتالي االبتعاد عن تحقيق األهداف من خالل
ضياع الوقت والمال دون تحقيق األهداف المرجوة ،حيث أن هذه األسباب بررت اللجوء إلى الصورة الثانية
المتمثلة في عدم التركيز اإلداري الذي خفف من سلبيات التركيز اإلداري.
سنتناول في هذا الفرع أهم التسميات التي أطلقت على هذه الصورة للمركزية اإلدارية و بيان معناها
وأقسامها.
اصطلح الفقه اإلداري على هذه الصورة من صور المركزية اإلدارية عدة تسميات يمكن أن نستعرض
أهمها على النحو التالي " :عدم التركيز اإلداري ،المركزية اإلدارية غير المطلقة "النسبية" ،المركزية اإلدارية
الغير كاملة ،المركزية اإلدارية الالمفرطة ،المركزية اإلدارية الغير متشددة ،المركزية اإلدارية المعتدلة،
المركزية اإلدارية الالو ازرية ،المركزية اإلدارية الالحصرية)"(1ومهما تعددت و تنوعت هذه التسميات فكلها
تصب في قالب واحد و هو عدم حصر الوظيفة اإلدارية في كل ما يتعلق بها في يد السلطة المركزية وحدها
ومنح ممثلي السلطة المركزية في العاصمة أو األقاليم سلطة اتخاذ القرار.
إن التطور الذي حدث للدولة و تحولها من دولة حارسة يقتصر نشاطها على بعض المجاالت فقط
كاألمن والدفاع والعدالة إلى دولة متدخلة تتدخل في العديد من النشاطات مما أدى إلى تضاعف مهامها،
فرض عليها هذا التغيير تغيير طريقة التسيير (التنظيم) اإلداري الذي كان في ظل الدولة الحارسة يعتمد على
12
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
تركيز السلطة في يد السلطة المركزية في العاصمة في كل جزئياتها وكلياتها ،وهو ما يطلق عليه مصطلح
التركيز اإلداري ،وعند تحول الدولة إلى دولة متدخلة زادت أعباؤها ومهامها نتيجة تضخم الجهاز اإلداري مما
استحال معه أن ينظر الوزير في كل صغيرة وكبيرة بل يقتصر دوره على النظر في األمور الهامة ،وهو ما
حتم توزيع االختصاصات داخل اإلدارة و أدى إلى ظهور الصورة الثانية للمركزية اإلدارية المتمثلة بعدم
()1
التركيز اإلداري.
ومؤدى هذه الصورة (عدم التركيز اإلداري) عدم انفراد السلطة المركزية بالعاصمة بكافة
االختصاصات و إليها يرجع األمر في كل صغيرة وكبيرة ،بل يتم تخويل ممثلي السلطة المركزية سواء في
العاصمة أو األقاليم مكنة البت النهائي في بعض األمور دون حاجة الرجوع إلى السلطة المركزية بالعاصمة،
وبذلك ال تكون سلطة اتخاذ القرار حص ار عليها ،بل يخول ممثلي الو ازرة سواء في العاصمة أو األقاليم سلطة
اتخاذ القرار ،فباإلضافة إلى الوزير يمنح أمين عام الو ازرة ورؤساء المصالح و مديري اإلدارات وممثلي
الو ازرات في المحافظات ومرؤوسيهم الذين يمارسون نشاطهم بعيدا عن السلطة المركزية ويتمتعون بسلطة
()2
اتخاذ القرار دون الرجوع إليها.
ويطلق على هذه الصورة أيضا المركزية النسبية حيث أن اتساع نشاط الدولة استحال معه عرض كل
صغيرة و كبيرة على الوزير نظ ار التساع اتصال اإلدارة بالجمهور ،وعليه حتمت الضرورة أن يمنح ممثلي
الو ازرة سلطة اتخاذ القرار دون الرجوع للوزير سواء الممثلين في العاصمة أو األقاليم كما يمكن أن تمنح هذه
()3
الصالحية للجنة يتم إنشاءها لهذا الهدف.
وعدم التركيز اإلداري ال يعني استقالل هذه الوحدات اإلدارية عن السلطة المركزية بل تبقى خاضعة
لها عبر ما يسمى بالسلطة الرئاسية ،ويكون للوزير حق الرقابة السابقة والالحقة على أعمال مرؤوسيه ،فيكون
له من خالل الرقابة السابقة إصدار األوامر والتوجيهات أما الرقابة الالحقة فتتمثل في إجازة أعمال مرؤوسيه
أو تعديلها أو إلغاءها أو سحبها .كل ما في األمر أنه تم التخفيف عن كاهل الوزراء بمنح ممثلي السلطة
()4
المركزية سلطة البت في بعض األمور دون الرجوع إلى الوزراء.
13
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
فعدم التركيز اإلداري كما يقول (")charles brunقضية بين الدولة وعمالها أو موظفيها وهو يؤدي
إلى اقتصاد في النفقات وإلى وضوح في العمل و توحيد لنمطه وال يترتب عليه أبدا االعتراف باستقالل
الوحدات اإلدارية ولكن فقط ينقل موقع سلطة القرار لذلك قال ( )odillon barrotإننا دائما أمام نفس
()1
المطرقة التي تضرب ولكن مع تقصير في اليد الضاربة "
كما عرف عدم التركيز اإلداري أيضا بأن يعهد الرئيس اإلداري لمرؤوسيه بسلطة اتخاذ بعض
الق اررات والبت النهائي وأخذ مسؤولية اتخاذ القرار دون الرجوع للرئيس اإلداري.
()2
حيث أن مقتضيات العمل اإلداري فرضت اللجوء إلى هذه الصورة ومؤداها أن يعهد للجنة تعين
الحكومة أعضائها أو ممثلي الحكومة في األقاليم ،صالحية البت النهائي في بعض األمور دون أخذ رأي
الوزير مما يحقق فعالية وإنتاجية أنجع في إنجاز العمل اإلداري.
إال أن منح ممثلي الو ازرة سواء في العاصمة أو األقاليم سلطة البت النهائي في بعض األمور ال
يعني االستقالل عن السلطة المركزية ،بل كل ذلك يتم تحت رقابة وإشراف الوزير ،كل ما في األمر أن
الوزير فوض بعض اختصاصاته لمرؤوسيه أي أنه حدث تفويض اختصاص وذلك منعا للعجز الذي يحدث
()3
داخل الجهاز اإلداري إذا ترك األمر كله للوزير.
والفكرة المهمة التي يدور حولها عدم التركيز اإلداري ،هو نظام التفويض لتحقيق أكبر إنتاجية في
ومنعا الختناق العمل اإلداري وذلك بأن تمنح السلطة المركزية الممثلة في شخص الوزير ،بعض ()4
العمل،
من مهامها واختصاصاتها إلى ممثليها سواء في العاصمة أو األقاليم مثل :الوالي ،رئيس الدائرة ،مديري
المديريات على المستوى الوالئي (مديرية األشغال العمومية ،مديرية التربية ،مديرية الري ) سلطة البت
النهائي في بعض األمور دون الرجوع إلى الوزير و لكن دون تمتع هؤالء الممثلين باالستقالل القانوني ،وهذا
ما يطلق عليه بتفويض االختصاص ،بدون أن يتم االستفاضة في نظام التفويض في هذا المطلب ألنه سوف
يتم تناوله في المطلب الثاني ضمن المبحث الثاني(الفصل األول)
14
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الثالثة :أقسام عدم التركيز اإلداري
من خالل ما سبق تناوله فيما يتعلق بعدم التركيز اإلداري يمكن تقسيمه إلى قسمين ،فقد يكون داخليا
()1
كما يمكن أن يكون خارجيا.
أوال :داخليا و ذلك بأن يخول الموظفون الذين يمارسون نشاطهم في العاصمة سلطة اتخاذ القرار والبت في
األمور دون العودة إلى الوزير ،ويكون ذلك في حالة منح وكالء الوزراء أو المديرين العامين الموجودين
بالعاصمة هذه الخاصية.
ثانيا :خارجيا ومعناه بأن يمنح المرؤوسون الموجودون خارج العاصمة مكنة اتخاذ بعض الق اررات اإلدارية
دون العودة إلى الوزير ،كأن يتم منح المحافظ (الوالي) مثال سلطة البت النهائي في بعض الشؤون الخاصة
بإقليم اختصاصه.
من خالل ما تم التطرق إليه في التعريف يمكن استنتاج مجموعة من الخصائص تتميز بها هذه
الصورة من المركزية اإلدارية
حيث أن منح ممثلي الو ازرة سلطة اتخاذ الق اررات اإلدارية ومنحها خاصية البت في بعض األمور
دون العودة إلى الوزير يؤدي إلى عدم اختناق وتركز الوظيفة اإلدارية في يد السلطة المركزية وحدها ،ما
يترتب عنه عدم تشتيت وإرهاق السلطة المركزية بجميع المسائل وتفرغها فقط للقضايا الجوهرية المتعلقة
بالسياسة العامة.
الفقرة الثانية :القضاء على مثالب الصورة األولى للمركزية اإلدارية " التركيز اإلداري "
حيث استطاعت هذه الصورة المعدلة أن تمحو وتزيل مساوئ الصورة األولى وتقضي على مختلف
التعقيدات الناجمة عن تمتع السلطة المركزية وحدها بصالحية اتخاذ الق اررات اإلدارية و العجز الذي يصيب
هذه األخيرة في معرفة انشغاالت جميع األقاليم خاصة تلك البعيدة عن العاصمة.
15
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الثالثة :الحفاظ على وحدة الجهاز اإلداري واإلبقاء على السلطة الرئاسية
كما أن منح هذه الوحدات سلطة اتخاذ القرار ال يعني أنه تم ضرب وحدة الجهاز اإلداري ،فكل ما
يقوم به هؤالء المرؤوسين من أعمال يخضع إلى قيود تتمثل في السلطة الرئاسية التي يمارسها الرئيس على
المرؤوس ،فجميع أعمال المرؤوس تخضع للرقابة السابقة والالحقة وعدم التركيز اإلداري ال يعني استقاللهم
عن السلطة المركزية.
حيث أن المرؤوسين القاطنين باألقاليم والتابعين للسلطة المركزية هم األعرف واألقدر على معرفة
حاجيات و انشغاالت سكانها خاصة تلك البعيدة عن العاصمة ،فالوزير ال يمكنه معرفة كل صغيرة و كبيرة
عن هذه األقاليم.
()1
إن هذه الصورة (عدم التركيز اإلداري) تتمتع بجملة من المزايا يمكن إجمالها فيما يلي:
إن عدم التركيز اإلداري هو السبيل الوحيد الذي يمكنه القضاء على كافة األزمات المترامية على
سائر إقليم الدولة ،فالوزير ال يمكنه النظر في جميع الكليات و الجزئيات على مستوى اإلقليم ،و كذلك في
كل ما يناط بو ازرته من أنشطة ،إذ ال بد من االعتماد على بعض مرؤوسيه سواء في العاصمة أو األقاليم
وتخويلهم سلطة البت النهائي في بعض األمور دون الرجوع إليه.
يمكن عدم التركيز اإلداري الوزير من حصر مهامه للنظر في المسائل الهامة والتركيز عليها وعدم
تشتيت ذهنه في المسائل األخرى خاصة حال تولي الصالحيات أشخاص ذوي كفاءة و خبرة يمكن أن يعهد
إليهم تسيير اإلقليم.
16
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الثالثة :إسناد المهام لألقدر على تأديتها بصورة أفضل
يكون للموظفين العاملين في اإلقليم دون غيرهم الدراية والمعرفة بانشغاالت وحاجيات سكانه بحكم
اتصالهم المباشر بهم.
عدم التركيز اإلداري من شأنه خلق اإلطارات والكفاءات ،حيث أنه عندما يمنح ممثلو اإلقليم سلطة
البت النهائي ويمارسون االختصاصات الممنوحة لهم فإنهم يتمكنون من التدرب واالعتياد على اتخاذ الق اررات
المتعلقة باإلقليم دون الرجوع إلى الوزير ،وبالتالي خلق فئات قيادية داخل المنظومة اإلدارية.
إن تبني نظام عدم التركيز اإلداري ليس من شأنه المساس بالمنظومة اإلدارية واستقرارها ،فكل شيء
يتم تحت إشراف ورقابة الوزير والصالحيات الممنوحة له في هذا المجال من تعقيب على عمل المرؤوسين
من خالل الرقابة السابقة والالحقة ،وذلك كله في نطاق ما يعرف بالسلطة الرئاسية التي يخضع لها
المرؤوسون.
و ما يمكن أن يلحق و يمس عدم التركيز اإلداري من عيوب فيتم التغلب عليه عن طريق التفويض
()1
الذي يعهد بمقتضاه الرئيس ببعض اختصاصاته لمرؤوسيه.
17
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الموظفين حسب تدرجهم في السلم اإلداري إضافة إلى التبعية اإلدارية اللذان يعتبران أساس العالقة بين
الموظفين في النظام المركزي ،فلو نظرنا إلى السلم اإلداري من أسفل إلى أعلى لوجدنا التبعية اإلدارية وإذا
نظرنا إلى العكس (من أعلى إلى أسفل) لوجدنا السلطة الرئاسية ،لذا فهما يعتبران وجهان لعملة واحدة لهذا
سنتناول في هذا المطلب و نحاول اإللمام بفكرة السلطة الرئاسية.
لبيان المقصود بالسلطة الرئاسية وجب التطرق إلى تعريفها ثم التعريج على خصائصها.
تعتبر السلطة الرئاسية حجر األساس والركن الجوهري الذي تقوم عليه فكرة النظام المركزي ،والذي
يعني أن الموظفين يتموضعون ويندرجون ضمن سلم إداري يعلوه الوزير الذي يأتي على قمة الهرم اإلداري
حيث يعتبر القائد األعلى للجهاز اإلداري الخاص بمجال و ازرته ،و يتمركز فيه بقية الموظفين في درجات
متنازلة حتى نصل إلى أدنى موظف ،وهذا ما يخول بموجب هذه السلطة الرئاسية للرئيس سلطة شاملة وقوية
()1
على أشخاص مرؤوسيه و أعمالهم.
فأهم فكرة تدور حولها السلطة الرئاسية هي التبعية والخضوع ،حيث يخول كل رئيس مجموعة من
االختصاصات والصالحيات يزود ويستأثر بها في مواجهة مرؤوسيه تمكنه من مراقبة هؤالء ،ومهما تشعبت
و اتسعت الوحدات اإلدارية سواء في العاصمة أو بقية أجزاء اإلقليم إال أنها تدور في فلك الجهاز الواحد
طالما أن الرئيس يملك سلطة تامة على أشخاص مرؤوسيه ،و تمحور العالقة في فكرة الهرم و تسلسله
الوظيفي ،أي أن كل موظف يبقى خاضع لرئيسه و عدم إستقالليته عن فكرة السلطة الرئاسية ،أي بقاء
العالقة و المعادلة األساسية المتمثلة في الرئيس والمرؤوس ،كما أن تشعب وتوسع و انتشار الوحدات
اإلدارية في سائر إقليم الدولة ،اليعني التنصل من وحدة المنظومة اإلدارية و الجهاز اإلداري ،فإذا تمتعت
هذه الوحدات اإلدارية بسلطة اتخاذ القرار دون الرجوع إلى السلطة المركزية ،فهذا ال يعني أنه تم ضرب وحدة
الجهاز اإلداري طالما أن هذه الهيئات تمارس عملها تحت إشراف و رقابة الهيئات األعلى منها ،مما يؤكد
عدم انفصال هذه الجهات عن السلطة المركزية .حيث أن عالقة المرؤوس بالرئيس بما تشملها من تبعية و
خضوع تندرج ضمن التبعية اإلدارية ،أما عالقة الرئيس بالمرؤوس بما تتضمنه من سلطة و رقابة على
()2
شخص هذا األخير و أعماله تسمى السلطة الرئاسية.
( .)1مدوح أحمد -نجيمي عبد الرحمن-نجيمي نعاس ،المركزية اإلدارية و عالقتها باإلدارة العامة ،مجلة الحقوق و العلوم
اإلنسانية ،بدون عدد ،كلية العلوم السياسية و العالقات الدولية – قسم العلوم السياسية و العالقات الدولية – كلية العلوم
القانونية و اإلدارية ،جامعة زيان عاشور بالجلفة ،بدون سنة ،ص .197
( .)2نواف كنعان ،مرجع سابق ،ص.146
18
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
فالسلطة الرئاسية هي الفكرة الجوهرية و المعيار المتحكم و الفاصل في تحديد طبيعة جهاز ما ،هل
يندرج ضمن هيئات عدم التركيز اإلداري أم الالمركزية اإلدارية.
و السلطة الرئاسية تمتد ثناياها لتمس كل المرؤوسين أي أن كل موظف يخضع و يرتبط بالموظف
الذي يعلوه(رئيسه اإلداري) ،و بالتالي كل موظف يتبع لرئيسه اإلداري و يخضع له و يلتزم بتنفيذ أوامره ،و
في المقابل يمارس هذا الرئيس اختصاصاته و سلطاته على مرؤوسيه الموجودين في مرتبة أٌقل منه حتى
()1
الوصول إلى قاعدة السلم اإلداري التي تضم الموظفين الصغار.
و هذه السلطة الرئاسية تتمحور و تدور حول عالقة الرئيس بالمرؤوس في حياتهم الوظيفية و ليس
عالقة أخرى كالعالقة التعاقدية التي تنطوي على التزامات واقعة على عاتق أطرافها ،إذ أن األمر يتعلق
بحسن سير المرفق العام بانتظام و اطراد و وضوح العمل اإلداري.
فالسلطة الرئاسية هي فكرة يتمتع بها الرؤساء في مواجهة مرؤوسيهم يخولها لهم القانون لكي يتسم
العمل اإلداري بالوحدة و الفعالية و االستم اررية ،و السلطة الرئاسية هي تكميل للتبعية اإلدارية و يتم
ممارستها دون نص و بصورة تلقائية متعارف عليها في القانون اإلداري ،و هي ترتب أيضا مسؤولية الرئيس
()2
عن أعمال مرؤوسيه و ال تعفيه من المسؤولية.
و السلطة الرئاسية تمارس بدرجات متفاوتة في القوة وذلك حسب المركز الذي يحتله الموظف في
السلم اإلداري و هي أهم ما يرتكز عليه النظام المركزي ،إذ حسب طبيعة المركز الذي يتمتع به الموظف
()3
تتحدد اختصاصاته و صالحياته.
إال أنه و من خالل ما تم التطرق إليه في مفهوم السلطة الرئاسية ،يجب التركيز على نقطة أساسية
و هي أن السلطة الرئاسية ليست حق أو امتياز للرئيس اإلداري يمارسه كيف يشاء و متى يشاء ،بل هو
اختصاص تم تخويله للرئيس اإلداري و تخصيصه به لكي يرقى القانون اإلداري و تتحسن وتيرته ،و لضمان
حسن سير المرافق العامة بانتظام و اطراد و بلوغ ما يصبو إليه القانون اإلداري من تحقيق المصلحة العامة
و تغليبها على المصلحة الخاصة ،و ترتيبا على ذلك فإن هذه السلطة تمارس ضمن القوانين و اللوائح ،حيث
()4
أن الرئيس هو أيضا مسؤول أمام رؤسائه إضافة إلى المسؤولية القضائية.
( .)1مدوح أحمد -نجيمي عبد الرحمن-نجيمي نعاس ،مرجع سابق ،ص .197
( .)2مازن ليلو راضي ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،2005 ،ص .69
( .)3المرجع نفسه ،ص .69
( .)4ابرادشة فريد ،نظرية التنظيم اإلداري في الجزائر مبدأ السلطة الرئاسية بين النص و الممارسة ،مجلة البحوث و الدراسات
القانونية ،العدد ،2كلية الحقوق و العلوم السياسة ،جامعة المسيلة2020 ،
19
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
إذ أن هذه السلطة الرئاسية و التي بموجبها يخضع كل مرؤوس لرئيسه اإلداري تستلزم تدرج األعمال
القانونية ،حيث ال يمكن للجهة اإلدارية األدنى أن تخالف الجهة األعلى منها ،و بالتالي يتقيد كل مرؤوس
بواجب عدم مخالفة و معارضة رئيسه.فأعمال المرؤوس يجب أن تكون موافقة و ال تتصادم مع أعمال
الرئيس ،فالموظف إضافة إلى خضوعه لمبدأ المشروعية و ما يتضمنه الحترام لقوانين الدولة ،فهو يلتزم
()1
بواجب طاعة الرؤساء.
من خالل التعاريف السابقة يمكننا استنتاج خصائص السلطة الرئاسية و هي أنها سلطة شاملة،
مفترضة و داخلية
تعتبر السلطة الرئاسية شاملة ألن الرئيس منح له القانون و النصوص التنظيمية الساري العمل بها
سلطة الرقابة التي يمارسها على مرؤوسيه ،و التي تمتد إلى كل ما يصدر عنهم من أعمال من خالل توجيه
األوامر الملزمة لهم التي ينبغي على المرؤوسين التقيد و العمل بها ،و ما تشمل هذه السلطة من مكنة
التأديب ،إذ أن الرئيس يتمتع بسلطة كبيرة على مرؤوسيه ،و له حق تأديبهم في حالة ارتكابهم أخطاء ،و هذه
الرقابة تتمتع بخاصية العمومية ،أي أنها تشمل غالبية تصرفات الموظفين المتموضعين بدرجات أدنى.
هي سلطة مفترضة أي دون حاجة إلى نص قانوني يسمح بممارستها و مزاولتها ،فهي تباشر بصفة
تلقائية أي أنها مخولة للرئيس اإلداري بقوة القانون من أجل ضمان حسن سير المرافق العامة بصورة
منتظمة ،و لكي يكون هناك تناسق في العمل اإلداري و استمرار سير المنظومة اإلدارية بصورة جيدة و
لضمان وحدة الجهاز اإلداري.
هي سلطة داخلية ألنها تمارس على نفس الشخص المعنوي ،عكس الوصاية اإلدارية التي تمارس
من شخص معنوي على شخص معنوي آخر أي أنها سلطة خارجية.
( .)1ابراهيم عبد العزيز شيحا ،الوسيط في مبادئ و أحكام القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية ،1999 ،ص .148
20
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفرع الثاني :األساس القانوني لفكرة السلطة الرئاسية
بالرجوع إلى مختلف النصوص القانونية نجد أنها كرست مبدأ السلطة الرئاسية و اعترفت للرؤساء
بممارسة سلطات على مرؤوسيهم ،تشمل هذه السلطات أشخاص المرؤوسين و أعمالهم.
فبالنظر إلى األمر رقم 66- 133المؤرخ في 2جوان 1966المتضمن القانون األساسي العام
للوظيفة العامة ،نجد أنه كرس مبدأ السلطة الرئاسية من خالل العديد من مواده ،فقد أشار المشرع في المادة
()1
منه إلى أن كل ' تقصير' أي إخالل الموظف بواجباته الوظيفية و كل ' مس بالطاعة عن قصد' أي 17
على الموظف طاعة رؤسائه ،و كل خطأ يرتكبه الموظف أيضا تعتبر تجاوزات تعرض الموظف للعقوبة
التأديبية ،و هو ما يؤكد على إقرار مبدأ السلطة الرئاسية.
من نفس القانون أن المشرع ألزم الموظف باحترام السلطة السلمية وقيده ()2
كما تبين المادة 19
باحترام رئيسه اإلداري و تنفيذ أوامره مهما تكن رتبته في السلم اإلداري.
من ذات القانون أن على كل موظف احترام و تنفيذ أوامر رئيسه اإلداري من ()3
وجاء في المادة 20
أصغر موظف حتى الوصول إلى قمة الهرم ،فسلطة الدولة تتمثل في تسلسلها الهرمي المتصاعد ،حيث
يتواجد على مستواه الوزير الذي يمثل قمة السلم اإلداري ،و هكذا على كل مرؤوس التقيد بأوامر رئيسه
اإلداري حتى نصل إلى الوزير.
وتمت اإلشارة و التأكيد على مبدأ السلطة الرئاسية من خالل القانون األساسي العام للعامل ،1978
منه إلى أن قانون العمل أيضا كرس مبدأ السلطة الرئاسية حين ألزم العامل أن ()4
حيث تشير المادة 27
يجتهد ويتفانى في عمله مع ضرورة احترام القانون و األوامر الصادرة إليه من رؤساءه ،مما يبين أن العامل
مسؤول عن أعماله أمام رؤسائه.
21
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
منه إلى فكرة السلطة الرئاسية إذ ألزمت العامل بتنفيذ كما نوه القانون أعاله في المادة 36
()1
التعليمات الصادرة إليه من رؤسائه وأشارت إليه أيضا مواد عديدة ().....33 ،31 ،29
وهو ما تم التطرق إليه أيضا في المرسوم التنفيذي رقم 224-89المؤرخ في 5ديسمبر المتضمن
القانون األساسي الخاص المطبق على العمال المنتمين إلى األسالك المشتركة للمؤسسات و اإلدارات
العمومية المعدل و المتمم()3في عدة مواد:
حيث أكدت المادة 16منه على إخضاع المتصرف اإلداري للسلطة السلمية و المادة 32من نفس
المرسوم ألزمت المساعد اإلداري بالخضوع للسلطة السلمية .كما تكرس مبدأ السلطة الرئاسية في كثير من
المواد من ذات المرسوم نذكر منها المواد( )133 ،127 ،116 ،109 ،96 ،76 ،66 ،49 ،46 ،39
حيث حددت هذه المواد مهام الموظفين حسب رتبهم و مناصبهم و غيرها من النصوص كثير.
و أخي ار صدر األمر رقم 03-06المؤرخ في 15جويلية 2006المتضمن القانون األساسي العام
للوظيفة العمومية( )4ليؤكد و يرسخ فكرة السلطة الرئاسية في عملية التنظيم اإلداري ،و هو ما يتأكد من خالل
المواد 47 ،44 ،40 ،24و 48و غيرها من المواد كثير.
و من خالل ما سبق يتضح أن المشرع أكد على مبدأ السلطة الرئاسية ،حيث أن اإلدارة تمارس
نشاطها في صورة تدرج يتضمن رئيس و مرؤوس ،أين يملك الرئيس سلطات و صالحيات على شخص
المرؤوس و أعماله فتكون له سلطة التعيين و التثبيت و الترقية و اإلحالة على االستيداع و االنتداب و
التأديب ،و سلطات على أعمال مرؤوسيه تتمثل في اإلجازة و التعديل و اإللغاء و السحب و الحلول ،ففكرة
السلطة الرئاسية إلى جانب كونها ضرورة أملتها طبيعة العمل اإلداري أي انه فرضها العلم و التقنيات
الحديثة فهي أيضا لها أساس قانوني.
22
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفرع الثالث :مظاهر السلطة الرئاسية
لدراسة مظاهر السلطة الرئاسية ،ينبغي التطرق إلى ما تشمله من سلطة الرئيس على شخص
المرؤوس (الفقرة األولى) و على أعماله (الفقرة الثانية).
هذه السلطة تتقرر للرئيس على شخص مرؤوسه ،لكن ما ينبغي اإلشارة إليه أن هذه المكنة تتعلق
وتشمل حياة الموظف و مساره الوظيفي وال تتعلق بحياته الخاصة( ،)1فيكون للرئيس اإلداري الحق في تعيين
الموظف -تجدر اإلشارة هنا إلى أن هذا التعيين ال يتم بطريقة إرادية من طرف الرئيس وبرغبته في تعيين
شخص معين بل يتم وفق القانون كإجراء المسابقة مثال -كما يمنح الرئيس سلطة نقل المرؤوس كأن يقوم
بنقله من مصلحة إلى أخرى ضمن نفس اإلدارة أو تحويله من إدارة إلى أخرى ،كل ذلك يتم حسب مقتضيات
العمل اإلداري و حسن سيره ،و تشمل هذه السلطة صالحية ترقية الموظف و ما يترتب عنها من آثار ترجع
على المرؤوس من زيادة األعباء الواقعة على عاتقه و يقابلها أيضا زيادة في الراتب ،كما يملك سلطة اإلحالة
()2
على االستيداع و اإلحالة على االنتداب.
إن هذه السلطة تشمل كل الحياة الوظيفية للموظف من يوم تعيينه حتى انتهاء المهام التي قد
تنقضي بطريقة عادية أو بطريقة غير عادية ،حيث أن الرئيس يملك سلطة تأديب الموظف العام في حالة
ارتكابه أخطاء مهنية قد تصل إلى حد العزل و انتهاء الحياة الوظيفية بصورة قبلية في حالة تطبيق عقوبات
الدرجة الرابعة(.)3
كما أشارت التشريعات إلى أن المرؤوس في حالة تضرره من قرار رئيسه و رأى انه مخالف للقانون،
فقد منح له القانون حق التظلم اإلداري من قرار رئيسه ويكون له أيضا الحق في الطعن قضائيا متى خمن
وقدر أن قرار الرئيس اإلداري مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة
)4(.
وتتمثل هذه السلطات في السلطات السابقة التي تتجسد من خالل سلطة التوجيه( سلطة إصدار
التعليمات و التوجيهات ) و السلطات الالحقة التي تعرف بسلطة الرقابة و التعقيب.
23
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
أوال:سلطة التوجيه
تقتضي طبيعة العمل اإلداري و حسن سيره أن يقوم الرئيس اإلداري بتوجيه أوامر و توجيهات
للمرؤوسين لتبيان وتوضيح صورة العمل ،وفي هذا الصدد ميز الفقه نوعين من األوامر :أوامر مشروعة و
أوامر غير مشروعة.
عندما يقوم الرئيس اإلداري بتوجيه تعليمات وتوجيهات للمرؤوسين غير منافية للقانون تتماشى مع
القواعد القانونية السارية في الدولة ،فإن المرؤوس يلتزم بتنفيذها مراعاة و تقيدا بالقانون الساري في الدولة،
هذا من جهة و من جهة أخرى فانه يجب طاعة الرؤساء و إال اضطرب الجهاز اإلداري وتمت عرقلة سير
العمل( ،)1مع أن هذه األوامر المشروعة ال تثير أي إشكال لدى الفقهاء.
كما ذهب جانب من الفقه أن هذه التوجيهات و األوامر تمارس داخل الجهاز اإلداري أي تخص
الموظفين و تطبق عليهم و ليس معنيا بها المتعاملين مع اإلدارة و بالتالي ال يمكن الطعن فيها قضائيا(.)2
إن سلطة توجيه األوامر و التعليمات التي يتمتع بها الرئيس اإلداري تعتبر من أكبر وأهم ما يميز
السلطة الرئاسية نظ ار لما تضمنه من الوضوح في العمل و سهولة سيره ،و لهذا تتميز السلطة الرئاسية بأنها
سلطة آمرة لما تشتمله من إصدار و توجيه األوامر و التعليمات التي يتقيد بها المرؤوسين و يتوجب عليهم
تنفيذها .
غير أن الموظف يملك حق مناقشة رئيسه اإلداري وإن كان عليه االلتزام بتنفيذ األوامر الصادرة إليه
من رئيسه ،لكن يشترط في هذه المراجعة للرئيس اإلداري أن تكون قبل إصدار وخروج هذه األوامر إلى حيز
()3
: التنفيذ ،و يشترط في ذلك
-حسن النية أي على المرؤوس ان يرمي من وراء هذه المناقشة و مراجعة الرئيس اإلداري مصلحة
عامة ،و عدم بحثه عن مصلحة خاصة.
-أن يحترم رئيسه اإلداري و يناقشه بكل احترام و لباقة و عدم الخروج عن األدب الوظيفي.
( .)1خالد خليل الظاهر ،القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،الكتاب األول ،بدون طبعة ،دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة،
عمان ،1998ص .101
( .)2محمد فؤاد عبد الباسط ،مرجع سابق ،ص .33
( .)3إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مرجع سابق ،ص .151
24
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
وفي ذلك قرر القضاء المصري بأنه ":ال تثريب على الموظف إن كان معتدا بنفسه ،واثقا من سالمة
نظره ،شجاعا في إبداء رأيه ،صريحا في ذلك أمام رئيسه ،ال يداور وال يرائي مادام لم يجانب ما تقتضيه
وظيفته من تحفظ ووقار ،وما تستوجبه عالقته برئيسه من التزام حدود األدب و اللياقة وحسن السلوك"(.)1
إذا كانت األوامر المشروعة لم تثر جدال فقهيا واسعا ،فإن األوامر الغير مشروعة أثارت عدة
اختالفات بشأنها وكانت محل نظرة مختلفة بين الفقهاء ،كما تطرق لها أيضا التشريع .
من القانون أ-التشريع :حاول المشرع التطرق إلى فكرة األوامر الغير مشروعة من خالل المادة 129
()2
المدني التي يتضح من خاللها أن المشرع قام بإعفاء المرؤوس من المسؤولية الشخصية عن الخطأ الذي
ارتكبه إذا صدرت إليه هذه األوامر من الرئيس ،لكنه في نفس الوقت قيده بأن تكون هذه األوامر واجبة التنفيذ
عليه وبالتالي أقر الخطأ المرفقي حيث أنه إذا كان تنفيذ األمر واجب على المرؤوس فانه يعفيه من
المسؤولية.
ولم يستفيض ويفصل المشرع من خالل هذه المادة في مدى إلزامية طاعة أوامر الرئيس ،حيث ألقى
نظرة عامة تاركا مسألة الفصل إلى القوانين الخاصة المطبقة على الموظفين العاملين بكل قطاع نشاط و
بالتالي فإن األوامر المخالفة للقانون لم يفصل فيها التشريع تاركا المجال للفقه ،الذي انقسم إلى ثالثة أراء.
ب-على مستوى الفقه :انقسم الفقه في مدى إلزامية األوامر المخالفة للقانون أو غير المشروعة إلى ثالثة
أراء:
تزعمه الفقيه هوريو Hauriouحيث يغلب هذا الرأي واجب احترام تنفيذ أوامر وتعليمات الرئيس
اإلداري حتى لو عارضت و خالفت القانون ،واصبغ على هذا الخطأ وصف الخطأ المرفقي و عدم وصفه
بالخطأ الشخصي تفاديا للمسؤولية اإلدارية للمرؤوس(.)3
25
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
وحجة أنصار هذا الرأي تكمن في طبيعة العمل اإلداري وما تستلزمه من عدم عرقلة سير مرافق
الدولة ،ذلك أن مناقشة المرؤوس لرئيسه في كل صغيرة و كبيرة واإلحجام عن تنفيذ أوامره يمس بعنصر
أساسي يتعلق بتوقف عجلة العمل اإلداري عن الدوران وبالتالي يثبط سير المرافق العامة بانتظام و اطراد و
هو ما يطلق عليه مبدأ االستم اررية (.)1
وعليه فإن هذا الرأي يطغى فيه مبدأ االستم اررية و يهمل و يتغاضى عن مبدأ المشروعية
)(principe de la légalité
تبنى هذا الرائ الفقيه Duguitواعتبر أن طاعة القانون أولى من طاعة الرؤساء اإلداريين ألنه
يجب على المرؤوس أن ال يخالف القانون و يتبع رئيسه ،و أخرج من هذه القاعدة الجنود فقط إذ يجب عليهم
طاعة رؤسائهم الن األوامر الصادرة إليهم من رؤسائهم واجب عليهم تنفيذها وال يمكن لهم مناقشتها ألن
الجنود آلة لإلكراه محرومة من التفكير حسب ديجي(.)2
و اتبع القضاء المصري هذا الموقف واعتبر موظفي الجيش والشرطة ملزمين بطاعة رؤسائهم في
حكم له صدر في 10جانفي 1955وليس له فقط إال التظلم وفق الطريقة القانونية ،ذلك أن عدم تنفيذ أوامر
الرئيس يؤدي إلى اإلخالل بالجهاز اإلداري و ارتباك اإلدارة و عدم احترام السلطة السلمية مما ينتج عنه
انتشار الفوضى(.)3
ويعاب على هذا الموقف أنه و إن أبقى و رسخ مبدأ المشروعية إال أنه أدى إلى المساس باستم اررية
العمل اإلداري وسير المرافق العامة بانتظام واطراد ،فلو أتيح للمرؤوس مناقشة كل صغيرة و كبيرة واالمتناع
عن تنفيذ أوامر رئيسه إذا خمن و قدر عدم مشروعيتها ،لفقدت السلطة الرئاسية جوهرها ومنح المرؤوس
سلطة االمتناع عن تنفيذ أوامر رئيسه كلما رأى أنها غير مشروعة .
نظ ار لالنتقادات الموجهة للرأيين السابقين حيث أن األول ينجم عنه المساس بمبدأ المشروعية و
الثاني يعرقل سير المرافق العامة بانتظام واطراد ويؤدي إلى الفوضى ،ظهر رأي ثالث يوفق بينهما مؤداه
أن :
26
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
المرؤوس اليتنصل و يتخلص من المساءلة إال إذا أثبت أن الرئيس اإلداري اصدر إليه أم ار بتنفيذ
العمل الذي ينطوي على عدم مشروعية و مخالفة القانون كتابيا ،و قام المرؤوس بتنبيهه كتابيا إلى هذا
التجاوز مع ذلك أصر الرئيس على التنفيذ ،ففي هذه الحالة يتحمل الرئيس المسؤولية وحده (.)1
إذا كان األمر يتعلق بجريمة جنائية فهذا ال يعني إباحة التصرف وإعفاء المرؤوس من المسؤولية
الجنائية إذ يجب عليه عدم تنفيذ أوامر الرئيس إذا كانت تتضمن جريمة جنائية (.)2
يتمتع الرئيس اإلداري بصالحية مراقبة أعمال مرؤوسيه بعد قيامهم بها فيكون له الحق في إجازتها و
له سلطة تعديلها أو إلغائها أو سحبها.
اإلجازة قد تكون صريحة أو ضمنية فاإلقرار الصريح يقضي أن يجيز الرئيس عمل المرؤوس و يقره
صراحة حتى يصبح العمل قابال للتنفيذ ،أما اإلقرار الضمني فيدل عليه سلوك الرئيس كأن يسكت خالل مدة
معينة .فانقضاء هذه المدة دون أن يتخذ الرئيس أي تصرف يدل على رفضه العمل دليل على إق ارره و يصبح
عمل المرؤوس مصادقا عليه من طرف الرئيس(.)3
.2سلطة التعديل
إن الرئيس يملك سلطة إدخال بعض التحويالت على عمل المرؤوس إذا رأى أنها مجانبة للصواب من
اجل تقريبها ما أمكن واالرتقاء بها حتى تحقق توافقا مع القوانين واألنظمة السارية بالدولة (مبدأ المشروعية )
من جهة وحتى تكون مقترنة مع مصلحة عامة من جهة أخرى( .)4حيث أن هذه السلطة تشمل في الواقع
سلطة المصادقة فالرئيس يصادق على بعض األعمال و تشمل أيضا سلطة اإللغاء فيكون له أن يلغي
بعضها و بالتالي فهي تنطوي على عدة جوانب.
27
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
.3سلطة اإللغاء
هي سلطة تمس القرار اإلداري بالنسبة للمستقبل فقط أي بأثر فوري مع بقاء سريان اآلثار الماضية
للقرار اإلداري ،و عليه إذا كان القرار غير مشروع يجب على الرئيس اإلداري أن يقوم بإلغائه حفاظا على
مبدأ المشروعية نتيجة مخالفته للقوانين و األنظمة ،كما يمكن له إلغاء الق اررات المشروعة أيضا إذا رأى أنها
غير متناسقة مع طبيعة العمل اإلداري و غير متوافقة معه رغم مشروعيتها .و قد تم بناءا على ذلك وضع
معيار يميز فيه بين األعمال اإلدارية و األعمال القضائية ،فاألعمال اإلدارية التي هي موضوع الدراسة
يمكن فيها إلغاء األعمال المشروعة و غير المشروعة عكس القضائية التي يقتصر اإللغاء فيها على الق اررات
الغير مشروعة (.)1
فإذا كان الرئيس اإلداري يملك إلغاء األعمال القانونية المشروعة التي صدرت من مرؤوسه فان
األعمال الغير المشروعة يميز فيها الفقه بين حالتين (:)2
الحالة األولى
إذا كان عمل المرؤوس طالته عدم المشروعية و كانت واضحة و جسيمة كأن يكون غير مختص
بإصدار العمل ،فالعمل هنا يكون منعدما وال تنتج عنه أي آثار ،و كأنه لم يكن و يمكن للرئيس إلغاءه في
أي وقت .
الحالة الثانية
أما إذا كان القرار ال يصل إلى حد عدم المشروعية التي تجعله منعدما ،فيجوز للرئيس أن يلغيه خالل
الفترة المحددة للطعن القضائي ،فانقضاء هذه المدة تجعل القرار متحصنا ضمانا للمراكز القانونية لألفراد.
فيجب على الرئيس احترام هذه المدة من ذلك ما ورد في قانون البلدية بالمادة .)3(80
وقد استقر الفقه على أن إلغاء الق اررات اإلدارية يكون خالل نفس المدة المخولة للطعون أمام القضاء
لكي ال تمنح اإلدارة ما لم يمنح القضاء.
( .)1بدرية ناصر ،نطاق السلطة الرئاسية في القانون اإلداري الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ،معهد
العلوم القانونية و اإلدارية ،المركز الجامعي الدكتور موالي الطاهر بسعيدة ،ص ،2009-2008 ،243منشورة
.https://pmb.univ-saida.dz/budspopac/index.php?lvl=notice_display&id=1775
( .)2بعلي محمد الصغير ،مرجع سابق ،ص .54
( .)3الجريدة الرسمية رقم ،15الصادرة في 11أفريل ،1990المادة :80
" ال يتم تنفيذ الق اررات البلدية المتضمنة التنظيمات العامة إال بعد شهر من تاريخ إرسالها.إذا كان القرار مخالفا لقانون أو
تنظيم يحق للوالي إلغاءه بقرار مسبب خالل هذه المدة ".
28
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
.4السحب
ويقصد به أن العمل والقرار اإلداري كأن لم يكن ،بحيث يتم إنهاء و محو آثاره بالنسبة للماضي،
للحاضر و المستقبل ،ونظ ار لما ينطوي عليه السحب من أثار بالغة في الخطورة فان مزاولته والقيام به
ينطوي على توفر عنصرين(:)1
أ -من حيث الموضوع :نظ ار لما للسحب من خطورة فانه تم تقييد ممارسته من حيث موضوع
التصرف ،حيث أن السحب يشمل فقط الق اررات والتصرفات غير المشروعة والمخالفة للقانون،
عكس اإللغاء في المادة اإلدارية الذي يشمل التصرفات المشروعة وغير المشروعة ،فالق اررات الغير
مركز قانونيا ،وذلك بأن يصدر القرار من موظف و
ا مشروعة موضوع السحب ال تولد حقا أو تنشئ
هو اختصاص موظف آخر أويخالف هذا القرار القوانين و األنظمة المعمول بها في الدولة.
ب -من حيث المدة :سلطة السحب تم تقييد ممارستها بمدة معينة فانقضاءها يعني أن القرار يصبح
غير قابل للسحب ،و يتمتع بحصانة ضد السحب ،وهي المدة المتعلقة بالطعن في قرار إداري وقد
كانت في ظل القانون السابق على سريان قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية شهرين و عند بدأ
العمل بالقانون الجديد (قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ) حددتها المادة 829بأربعة أشهر.
.5سلطة الحلول
يملك الرئيس اإلداري سلطة الحلول محل مرؤوسيه للقيام بالعمل مع أن مقتضيات العمل اإلداري
تقتضي أن كل موظف له اختصاص معين ،غير أنه أحيانا المرؤوس ال يقوم بالعمل نتيجة اإلعراض عن
القيام به واالمتناع عنه أو تقاعسه في مباشرته و في هذه الحالة الرئيس يخول سلطة الحلول محل مرؤوسيه
للقيام بالعمل ضمانا الستم اررية نشاط المرافق العامة و سير العمل اإلداري بانتظام و اطراد(.)2
إن أهم مايقوم عليه التركيز اإلداري هو فكرة التفويض الذي من خالله يتم تخفيف العبء عن الوزير
لعدم تمكنه من القيام بكل ما يتعلق بشؤون و ازرته فيقوم بتفويض بعض مهامه لمرؤوسيه حتى يتفرغ هو
للمهام الهامة و الجوهرية ،لهذا سيتم التعرض من خالل هذا المطلب لفكرة التفويض نظ ار لما لها من أهمية
في نطاق موضوعنا.
29
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفرع األول :اإلطار المفاهيمي لفكرة التفويض اإلداري
سيتم من خالل هذا الفرع تناول تعريف التفويض اإلداري ثم التعريج على شروطه و أنواعه.
التفويض هو إجراء يتم بمقتضاه تحويل جزء من اختصاصات الرئيس التي حددها القانون و األنظمة
إلى مرؤوسيه للقيام بها ،فتفويض السلطة هو قرار صادر عن صاحب االختصاص للقيام بالعمل إلى
مرؤوسيه يخولهم بمقتضاه القيام بهذا االختصاص(.)1
فالتفويض ليس المقصود منه أن يتنازل الرئيس عن سلطاته و مسؤولياته ،و إنما هو طريقة لضمان
حسن سير العمل اإلداري بطريقة أفضل ،لذلك يجوز للمفوض إلغاء التفويض أو تعديله و إدخال بعض
التغييرات عليه تماشيا مع استم اررية العمل في مرافق الدولة و جهاز الدولة بطريقة جيدة(.)2
و التفويض ال يعني أن تمنح هذه األجهزة المفوض إليها االستقالل القانوني بل تبقى تابعة لألجهزة
المركزية(.)3
و التفويض ال يرتبط بشكل معين فقد يكون شفهيا أو كتابيا و يكون مطلقا و مقيدا بزمن معين غير
أنه ال يكون كليا متضمنا جميع االختصاصات و إال اعتبر من قبيل التنازل(.)4
و من خالل هذا التعريف يمكن استنتاج ميزة التفويض و هي أنه يحقق الصغير عن الرئيس حتى
يتفرغ للمهام الجوهرية كما أنه يقوم بإعداد القادة من الصف الثاني من خالل الثقة بين الرئيس و المرؤوس
التي منح من خاللها هذا األخير سلطة اتخاذ بعض الق اررات.
لكي ال يحدث الخلل و االضطراب في الجهاز اإلداري قيد التفويض بشروط محددة يجب احترامها
عند ممارسته و هي(:)5
( .)1هاني علي الطهراوي ،قانون اإلدارة المحلية ،بدون طبعة ،بدون دار نشر ،عمان ،بدون سنة ،ص .28
( .)2إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مرجع سابق ،ص .160
( .)3بعلي محمد الصغير ،مرجع سابق ،ص.57
( .)4إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مرجع سابق ،ص .161
( .)5مازن ليلو راضي ،مرجع سابق ،ص ص .74-73
30
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
أوال:وجود نص يجيز التفويض
لصحة التفويض ال بد أن يكون نص يسمح به منح االختصاص لجهة معينة للقيام بعمل يكون
بموجب نص ،لذلك فإن عملية تفويض هذا العمل أيضا يجب أن تكون بموجب نص ،حيث تقوم الجهة
المختصة صاحبة االختصاص بإصدار قرار تعرب فيه عن نيتها في التفويض المسموح في إطار القانون.
التفويض يجب أن يكون جزئيا فال يمكن للمفوض أن يتنازل عن جميع اختصاصاته ألن ذلك يعتبر
تخلي عن السلطة.
يجب أن يكون التفويض مرتبطا بمدة معينة و هذه المدة يتم تحديدها من خالل النص القانوني
السامح بالتفويض ،و في حالة غيابه يجب أن يتضمن قرار التفويض الصادر عن صاحب االختصاص تلك
المدة حتى يسترجع صاحب االختصاص اختصاصه بعد تلك المدة فال يتصور أن يكون االختصاص دائما
ألنه تخلي عن المهام.
رابعا:المسؤولية
المسؤولية تترتب إضافة إلى المفوض إليه على المفوض أيضا تطبيقا لقاعدة أن التفويض للسلطة ال
للمسؤولية و المرؤوس الذي فوض إليه ال يتحمل مسؤولية االختصاصات المفوضة إال أمام الرئيس المفوض
ال تمتد إلى من هم أعلى منه.
التفويض ال يكون إال مرة واحدة من صاحب االختصاص األصيل (المفوض) إلى المفوض إليه
حيث ال يمكن لهذا األخير تفويض ما فوض إليه حتى ال تضيع المسؤولية و هذا يجعل القرار الصادر عن
المفوض إليه الثاني باطال.
سنتناول في هذه الفقرة التفويض من حيث طبيعته حيث ينقسم إلى تفويض االختصاص و تفويض
التوقيع.
31
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
أوال :تفويض االختصاص أو السلطة
يتم من خالله منح المفوض إليه االختصاص أو هو يتمثل في تمكين المفوض إليه بكل ما يتعلق
من سلطات ترتبط بهذا االختصاص ،و ما ينجم عن ذلك هو أن المفوض صاحب االختصاص األصيل ال
يمكنه ممارسة هذا االختصاص طوال هذه المدة المتعلقة بالتفويض .و التفويض ليس فيه مساس بقواعد
االختصاص بل هو استثناء من القاعدة التي تقضي بأن يمارس صاحب االختصاص اختصاصه بنفسه و
هو يحافظ على حقوق األفراد ألنهم يتعاملون مع سلطة إدارته و ليس موظف محدد بذاته و يمارس
اخ تصاصا غير اختصاصه ،و أهم نتيجة يمكن استنتاجها أن التفويض ال ينقضي بتغير المفوض إليه ألن
التفويض يتعلق بصفة شاغل ذلك المنصب و ليس بشخصه أي تم تفويضه بناء على طبيعة المنصب الذي
يشغله و ليس استنادا إلى شخصه ،فحتى لو تغير صاحب الوظيفة يبقى التفويض قائما ،و القرار الصادر
بناءا على تفويض االختصاص يسند إلى المفوض إليه و تكون قوته على صلة بمركز ذلك الموظف في
السلم اإلداري(.)1
و هو بأن يعهد صاحب االختصاص األصيل مرؤوسه بأن يوقع بعض القرارت بدال عنه و خالفا
لتفويض االختصاص يتميز تفويض التوقيع بما يلي(:)2
-1أنه مرتبط بشخص المفوض إليه و لذلك يتم انتهاؤه بتغير المفوض أو المفوض إليه.
-2تفويض التوقيع يخول المفوض التوقيع إضافة إلى توقيع المفوض إليه.
-3على عكس تفويض االختصاص فإن قوة القرار الصادر عن المفوض إليه تستمد من صاحب
االختصاص (المفوض إليه)ألن المفوض إليه لم يمنح سوى سلطة التوقيع و هو يتصرف باسم
المفوض.
الفرع الثاني :تمييز التفويض عن األنظمة المشابهة
سيتم التطرق من خالل هذا الفرع ألهم ما يميز التفويض عن بعض المفاهيم المشابهة.
التفويض كما رأينا هو أن يعهد المفوض للمفوض إليه بممارسة بعض اختصاصاته التي حددها
القانون.
32
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
و أما الوكالة فهي "عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل أن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل"(.)1
أوال أوجه التشابه :وجه التشابه الوحيد بين التفويض اإلداري و الوكالة هو أنهما يردان على عمل أو تصرف
قانوني و ليس مادي.
-1التفويض هو رابط من روابط القانون العام و يتم بإرادة منفردة من جانب المفوض دون حاجة موافقة
المفوض إليه ،عكس الوكالة التي تحكمها قواعد القانون الخاص و تتم بموافقة الطرفين(الوكيل و
الموكل).
-2التفويض ليس من الضروري أن يتم بين شخصين مستقلين بل في النطاق المركزي يتم بين شخصين
يتبعان لنفس الشخص المعنوي و الوكالة تتم بين شخصين مستقلين هما الموكل و الوكيل.
-3التفويض اإلداري يتم تحديده بموجب القانون و ال يمكن للمفوض إليه أن يفوض ما فوض إليه إال
بموجب القانون ،عكس الوكالة التي هي عقد رضائي يملك فيه الوكيل كل الحرية في اختيار موكله
كما يمكن للوكيل أن يوكل غيره ما لم يخالف عقد الوكالة.
-4هدف التفويض هو مصلحة عامة للجمهور خالفا للوكالة التي هي مصلحة خاصة لفائدة الموكل.
-5التفويض ال يكون إال في بعض اإلختصاصات أي يكون جزئيا خالفا للوكالة التي قد تكون كلية أو
جزئية.
-6التفويض يكون بين شخصين كل منهما له اختصاصاته الخاصة به و مستقل عن اآلخر ،أما الوكالة
فالوكيل يتصرف باسم الموكل و لحسابه.
-7التفويض اإلداري يقوم فيه المفوض إليه بإنجاز العمل المفوض إليه حسب تخمينه و له الحرية في
كيفية القيام به و ليس كما يريد المفوض ،مع خضوعه للسلطة الرئاسية و ما ينجر عنها من مساءلة
تأديبية ،أما في الوكالة فإن الوكيل يلتزم بما أراده الموكل و قدره.
-8في التفويض اإلداري المفوض إليه ال يمكنه تجاوز حدود ما فوض إليه ،أما في الوكالة فالوكيل إذا
تجاوز حدود وكالته فهذه التصرفات تكون مقبولة إذا أقرها الموكل بعد ذلك صراحة أو ضمنا.
-9التفويض يمنع صاحب االختصاص األصيل من ممارسة اختصاصاته المفوضة طوال مدة التفويض
إال إذا تم إلغاؤه ،أما الوكالة فيمكن للموكل أن يقوم بنفسه بمباشرة األعمال الموكلة و الوكالة قائمة.
33
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
-10التفويض ال يمكن إلغاؤه إال من طرف المفوض و ال يملك المفوض إليه إلغاؤه بل يجب عليه القيام
باالختصاصات المفوضة إليه ،أما الوكالة فيمكن للموكل و الوكيل إيقاف أثرها في أي وقت و لو تم
االتفاق على خالف ذلك مع تحمل االلتزامات القانونية الناجمة عن اإللغاء.
-11التفويض ال يخول للمفوض و ال يسمح له بمقاضاة المفوض إليه ،بل يمارس عليه السلطة الرئاسية
خالفا للوكالة التي تمنح للموكل الحق في مقاضاة الوكيل و مطالبته بإتمام موضوع الوكالة ،كما تمنح
الحق للوكيل بمقاضاة الموكل كإلزامه مثال بدفع الحقوق المالية.
الحلول هو أن يكون هناك مانع أو ظرف حال دون أن يقوم صاحب االختصاص بممارسة
اختصاصه بنفسه ،فيحل محله من عينه القانون للحلول محله ،و الشخص الذي يحل محل صاحب
االختصاص األصيل يكون من نفس درجته أو من الدرجة األدنى مباشرة( ،)1و شروط الحلول هي(:)2
-1أن يكون هناك نص قانوني يحدد من يحل محل األصيل في حالة تغيبه.
-2أن يكون هناك تغيب من صاحب االختصاص األصيل أو أن يكون مانع مادي أو قانوني يتعذر
معه ممارسة االختصاص.
-1كالهما يمارسان من طرف شخص آخر غير صاحب االختصاص األصيل و بالتالي يؤديان إلى
فراغ في المنصب نتيجة تعذر قيام صاحب االختصاص األصيل بنفسه بمهامه ،كما أن كالهما ينقل
االختصاص من سلطة إدارية إلى سلطة إدارية أخرى ،حيث أن األصيل يسترجع فيما بعد
اختصاصه ألنه من صالحياته(.)3
-2التفويض و الحلول كل منهما محدد بمدة زمنية معينة يمارس خاللها ،فانقضاء هذه المدة يعني
انتهاء السلطة و الصالحية في ممارسة ذلك العمل من طرف الحال محل صاحب االختصاص
األصيل أو المفوض إليه(.)4
34
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
ثانيا أوجه االختالف :تتمثل فيما يلي(:)1
-1التفويض يكون جزئيا فال يتم من خالله إال مباشرة االختصاصات المفوضة ،بينما الموظف العام في
حالة الحلول محل الموظف المتغيب يمكنه مباشرة جميع االختصاصات المنوطة بهذا األخير.
-2إذا كان كالهما يستند إلى نص تشريعي فإنهما يختلفان في كون التفويض يكون بموجب قرار إداري
بالتفويض ،في حين أن الحلول يتم بقوة القانون و ال يستلزم صدور قرار.
-3في التفويض يكون للمفوض األصيل كامل الحرية في اختيار المفوض إليه ،أما في الحلول فال يمنح
بموجبه الموظف أي حرية ألن القانون هو الذي يعين الشخص الذي يقوم مقامه.
-4التفويض ينتهي بانقضاء مدة التفويض أو في حال قرر المفوض إلغاءه ،أما الحلول فيرتبط بعودة
األصيل ،فمتى عاد إلى منصبه مهما كان السبب ينتهي الحلول.
-5في التفويض يمكن للمفوض بموجب ما يتمتع به من سلطة رئاسية تعديل الق اررات الصادرة من
المفوض إليه كما يتمتع بالحق في إلغائها ،أما في الحلول فيتمتع األصيل بهذه السلطات.
يمكن تعريف اإلنابة كما يلي«:هي تغيب صاحب االختصاص األصيل عن ممارسة اختصاصاته
المنوطة به لسبب من األسباب ،فتصدر جهة إدارية ق ار ار بتعيين شخص آخر ينوب عنه و يزاول
اختصاصاته حتى يزول ذلك السبب الذي منعه من مزاولتها ،على أن يكون هذا التعيين استنادا لنص
()2
تشريعي يجيز ذلك»
من خالل هذا التعريف يتبين أن التفويض و اإلنابة يتشابهان في كون أن كالهما يكون بموجب قرار
و أنهما يتمان خالل مدة معينة ،فالتفويض يكون محدد المدة و يتم خالل فترة يحددها المفوض ،و اإلنابة
فإننا نالحظ من خالل التعريف أنها تنتهي بزوال السبب الذي أدى إلى قيامها.
-1من حيث السند القانوني :التفويض يكون بموجب نص قانوني يقره ،و اإلنابة إضافة إلى النص
القانوني قد تمليها ضرورة سير المرافق العامة بانتظام و اطراد أي متطلبات العمل اإلداري.
35
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
-2التفويض يكون بموجب قرار من صاحب االختصاص األصيل(المفوض) ،أما اإلنابة فتكون بموجب
قرار صادر عن جهة إدارية أخرى غير األصيل ،فقرار التفويض يتعلق باختصاصات األصيل
المصدر له أما قرار اإلنابة فال يتضمن اختصاصات الجهة اإلدارية المصدرة له.
-3التفويض اإلداري يتضمن بعض االختصاصات فقط ،أما اإلنابة فقد تتضمن كل االختصاصات أو
جزءا منها.
-4في التفويض تكون قوة العمل اإلداري من نفس قوة األعمال الصادرة عن المفوض إليه ،و في حالة
اإلنابة تكون أعمال النائب من درجة أعمال األصيل الغائب عن مباشرة وظيفته.
-5في التفويض األصيل يفوض جزء من اختصاصاته و يحتفظ بباقي االختصاصات غير المفوضة
التي يكون من حقه ممارستها ،أما في اإلنابة فإن صاحب االختصاص ال يمارس أي من السلطات
و الصالحيات بسبب تغيبه عن مزاولة مهامه.
-6التفويض اإلداري يمكن أن ينهيه صاحب االختصاص األصيل في أي وقت بإرادته المنفردة ،أما
اإلنابة فتنقضي بعودة األصيل إلى ممارسة اختصاصاته و ما يتعلق بها من أسباب تغيبه.
36
اإلطار النظري لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
إن المركزية اإلدارية هي الصورة األسبق في الظهور فيما يتعلق بالتنظيم اإلداري و هي تعني أن
سلطة القرار مقتصرة على السلطة المركزية في العاصمة وحدها فهي التي تتمتع وحدها بمكنة البت النهائي
بق اررات إدارية تكون من اختصاصها وحدها و في صورتها األولى (التركيز اإلداري)ال يتمتع في ظلهبأية
سلطة في اتخاذ الق اررات فكل شيء يرجع للسلطة المركزية في العاصمة ،لكن مع مرور الوقت و زيادة أعباء
الدولة و لتطورات إقتصادية و اجتماعية و سياسية و إدارية أثبتت هذه الصورة عدم فعالية و صعوبة
استمرار قيامها فأدى ذلك إلى ظهور الصورة الثانية للمركزية اإلدارية المجسدة في عدم التركيز اإلداري التي
تقضي من حيث مفهومها منح ممثلي السلطة السلطة المركزية سواء في العاصمة أو األقاليم سلطة البت
النهائي في بعض األمور دون الرجوع إلى الوزير ،و السبيل الذي يمكن هؤالء المرؤوسين الصالحية في
اتخاذ القرار هو ا لتفويض حيث أن الوزير يفوض جزء من اختصاصاته لمرؤوسيه للقيام بها فهذا األخير هو
الذي يتم بموجبه نقل سلطة القرار ،لكن التفويض ال يعني استقالل هؤالء فهم يخضعون لقيد جوهري يجعلهم
دائما تحت سلطة الرئيس المتمثل في السلطة الرئاسية ،فالرئيس يتمتع بجملة من االمتيا ازت تجعل
المرؤوسين خاضعين له سواء في شخصهم أو أعمالهم فله الحق في توجيههم كرقابة سابقة ،كما له حق
الرقابة الالحقة بأن يصادق على أعمالهم أو يعدلها أو يلغيها ،كما له سلطة على شخصهم فهو يملك
صالحية نقلهم أو تأديبهم.
37
الفصل الثاني
اإلطار التطبيقي
لعدم التركيز
اإلداري
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
من خالل ما تطرقنا إليه في الفصل األول لعدم التركيز اإلداري و بيان أهم ما يدور حوله من مفهوم
و سبل تحقيقه عن طريق التفويض و تقييد ممثلي الحكومة سواء في العاصمة أو األقاليم بالسلطة الرئاسية،
سنتعرض في هذا الفصل لتطبيقاته في الجزائر و ذلك من خالل البحث في الوالي الذي ينطوي بممارسته
لوظيفته على جانبين بصفته ممثال للوالية و بصفته ممثال للدولة التي تعتبر تجسيدا لعدم التركيز اإلداري و
محاولة التعريج على المصالح الخارجية للو ازرة التي تعتبر تطبيقا لعدم التركيز اإلداري من خالل بيان
المقصود منها و اإلشكاليات التي تدور جول طبيعة نزاعاتها و هل تتمتع بأهلية التقاضي أم ال ،و من يمثلها
أمام القضاء اإلداري ثم نتناول الدائرة التي تبدو جهاز تابع للوالية ،لكن في حقيقتها هي مظهر من مظاهر
عدم التركيز اإلداري ،و أخي ار المفهوم المستحدث المتمثل في المقاطعات اإلدارية.
39
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
يمكن تعريفها على أنها هيئات تتبع للو ازرة فهي تفتقد و ال تتمتع بالشخصية المعنوية على الرغم من
أن بعضها يملك بعض السلطات( كسلطة التقاضي و هي تابعة للسلطة الرئاسية للوزير رغم كونها قائمة و
متواجدة خارج الو ازرة ،إما في الواليات أو في أماكن معينة :مثل مديرية التربية ،مديرية الري ،المديرية
الجهوية للجمارك و التي تباشر اختصاصها اإلقليمي عبر عدة واليات(.)1
من خالل ما تم التطرق إليه يتضح أن المصالح الخارجية ليست تكريسا لمركزية متوحشة ( التركيز
اإلداري) ،كما يمكن نفي أنها تجسيد لالمركزية اإلدارية و ذلك لعدم تمتعها بالشخصية المعنوية ،و بالتالي
ليس لها استقالل مالي ،بل هي مظهر من مظاهر المركزية اإلدارية في صورتها المخففة أو المعتدلة(عدم
()2
التركيز اإلداري)
إن التطرق لمنازعات المصالح الخارجية للو ازرة يقتضي معالجتها قبل صدور القانون 09-08و بعد
صدور القانون .09-08
نظ ار لعدم تمتعها بالشخصية المعنوية فإن مسألة مقاضاة المصالح الخارجية أثارت جدال واسعا على
مستوى الفقه و التشريع و القضاء.
بعلي محمد الصغير ،الوسيط في المنازعات اإلدارية ،بدون طبعة ،دار العلوم للنشر و التوزيع ،عنابة،2009 ،ص .263 (.)1
( .)2عطاء هللا بوحميدة ،المصالح الخارجية ،طبيعتها و وسائل الطعن في ق ارراتها ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.
40
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
أوال :على مستوى الفقه
بما أن هذه الوحدات تجسد صورة لعدم التركيز اإلداري و بالتالي فهي تابعة للو ازرة و ال تتمتع
بالشخصية المعنوية ألنها ليست فكرة لالمركزية اإلدارية كالبلدية و الوالية ،و أهم فكرة تقوم حولها هي
التفويض فهي تابعة للو ازرة ،إضافة إلى المصالح الموجودة في الو ازرة في العاصمة ،لهذا ينعقد االختصاص
بالنظر في الطعون باإللغاء الصادرة عن مديرها ابتدائيا و نهائيا لمجلس الدولة و كأن القرار صادر عن
()1
الوزير.
لكن يقتضي التمييز هنا بين ما إذا كان التفويض تفويض توقيع أو تفويض سلطة حيث نميز هنا
()2
بين حالتين.
-1حالة تفويض التوقيع:ففي هذه الحالة يكون القرار باسم و لصالح المفوض ،و بالتالي القرار و كأنه
صدر من الوزير ألنه في تفويض التوقيع القرار ينسب للمفوض فيكون االختصاص قضائي لمجلس
الدولة.
-2حالة تفويض االختصاص:في هذه الحالة القرار ينسب للمفوض إليه ،و بالتالي الدعوى تكون ضد
رئيس المصلحة الخارجية و بالتالي يكون االختصاص بالنظر في الدعوى للغرفة الجهوية وفقا للمادة
1/7من قانون اإلجراءات المدنية( " )23-90تكون من اختصاص مجلس قضاء :الجزائر -وهران-
قسنطينة -بشار -ورقلة التي يحدد اختصاصها اإلقليمي عن طريق التنظيم:
".............
بما أن العبارة وردت عامة و تضمنت مصطلح الواليات و لم تحدد و تحصر المجال في الوالي و
بالتالي يمكن استنتاج أنها تتضمن أيضا المصالح الخارجية ،إذ يجب على القاضي عند رفع النزاع أمامه
التمييز بين نوعي التفويض ،فإذا كان تفويض توقيع يرفع ضد المفوض(الوزير) و إذا كان تفويض
اختصاص يرفع ضد المفوض إليه (رئيس المصلحة الخارجية).
خالفا لما تم تداوله فيما يخص الفقه والقضاء فان مختلف النصوص القانونية والكثير منها تسمح لها
وتمنحها صفة التقاضي وبالتالي يمكن الطعن في ق ارراتها محليا أمام الغرفة اإلدارية بالمجلس القضائي
41
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
والطعن فيها باالستئناف أمام المحكمة العليا -الغرفة اإلدارية سابقا ( مجلس الدولة حاليا ) أيأنها تختلف
عن ق اررات الوزير إال أنها تبقى مقتصرة على بعض المصالح( ،)1هذه الفكرة يبدو أنها تتماشى مع مبدأ حسن
سير العمل اإلداري ووضوحه حيث تخول المصالح الخارجية أهلية التقاضي ،كما أنها تقرب العدالة من
المواطن .حيث أن فكرة التمثيل القانوني رغم عدم التمتع بالشخصية المعنوية التي تسمح بمقاضاة المصالح
الخارجية وردت بشأنها عدة نصوص تنظيمية نذكر منها :القرار المؤرخ في 03جانفي 1996الذي يعين
صفة أعوان الجمارك غير قابض للجمارك المخولين لتمثيل إدارة الجمارك أمام القضاء(.)2
كذلك نجد المرسوم التنفيذي 143-98المؤرخ في 10ماي 1998الذي يتضمن تأهيل موظفي
إدارة البريد والمواصالت لتمثيلها أمام العدالة ،حيث نص في المادة األولى و الثانية على تمثيل إدارة البريد
والمواصالت أمام العدالة من طرف ممثليها المؤهلين لذلك ودعاوى اإللغاء والدفاع دون الحاجة لتفويض
()3
،تم التأكيد على هذا المرسوم في حيثيات القرار الصادر بتاريخ 03ديسمبر2003عن مجلس خاص بذلك
الدولة في قضية مديرية البريد والمواصالت بالوادي":حيث وبالفعل فان الوجه المأخوذ من انعدام صفة
التقاضي يصطدم بالمرسوم التنفيذي 143- 98المؤرخ في 10ماي 1998والمقرر المتخذ تطبيقه المؤرخ
في 02جوان ،1998الذي يمنح مدير البريد والمواصالت األهلية لتمثيل اإلدارة أمام القضاء( ،)4كما نجد
المرسوم التنفيذي 276-98المؤرخ في 12ديسمبر 1998الذي ينص على تأهيل موظفي إدارة البيئة أمام
العدالة ،حيث نصت المادة األولى منه على تأهيل مفتشي البيئة ( مدراء البيئة حاليا) لتمثيل اإلدارة المكلفة
بالبيئة أمام العدالة في دعاوى االدعاء أو الدفاع دون حاجة لتفويض خاص طبقا للمادة الثانية ( ،)5كذلك تم
منح مديري التربية بموجب قرار وزير التربية الصادر في 03أوت 1999تمثيله في الدعاوى المرفوعة أمام
القضاء( ، )6ورغم األهمية التي يحضى بها هذا القرار إال أننا نجد أن مجلس الدولة ال يعتبره شرط لقبول
الدعوى كما هو الشأن بالنسبة للبريد والمواصالت،حيث تضمن عدد صادر بتاريخ 11مارس 2003ضد
42
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
()1
ولم يتضمن على ماذا مديرية التربية لوالية المسيلة" :حيث أن مدير التربية يمثل في قضية الحال الدولة
استند بقبول الدعوى رغم وجود هذا القرار ،يمكننا استنتاج أن هناك تباين واختالف فيما يتعلق بمنازعات
المصالح الخارجية حيث انقسموا إلى ثالث أراء :البعض يعتقد انه يختص بها مجلس الدولة ألنها تتبع
للسلطة المركزية وتمارس نشاطها باسم الدولة والبعض يرى توجيه الدعوى أمام الغرف اإلدارية الجهوية
وتوجيهها ضد الوالي على اعتبار انه ممثل للدولة على مستوى الوالية والبعض األخر يرى رفعها ضد مدراء
المصالح الخارجية نظ ار لمنحهم صفة التقاضي.
حيث نجد قرار مجلس الدولة رقم 149303بتاريخ 01فيفري 1999الذي جاء في إحدى حيثياته
في قضية البريد و المواصالت( " :)2حيث أن األشخاص المعنوية وحدها يمكن مقاضاتها أمام الجهات
القضائية كونها تتمتع بالشخصية المعنوية ،أما الهيئات التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية ال يمكن لها رفع
دعوى أمام الجهات القضائية و ال يمكن مقاضاتها أمام نفس الجهات ،و حيث أنه بمقاضاة مديرية البريد و
المواصالت بالمسيلة في الدعوى األصلية التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية ،فإن المستأنف عليها باتباعها
ذلك تكون قد أساءت في توجيه دعواها".
من خالل هذا القرار نجد أن مجلس الدولة يشترط الشخصية المعنوية لكي تتمتع الهيئة بصفة
التقاضي ،فهي المعيار الذي يعتمد عليه لكي تستطيع هذه الجهة رفع دعوى ،أو يتم مقاضاتها على الرغم
من أن مجلس الدولة يتصادم و يتعارض مع المرسوم التنفيذي 143-98المؤرخ في 10ماي 1998
الصادر قبله الذي يسمح للموظفين بتمثيل إدارة البريد و المواصالت أمام القضاء.
و كذلك نجد القرار الصادر عن مجلس الدولة رقم 168969بتاريخ 03ماي 1999في قضية
مديرية التربية لوالية غليزان جاء في حيثياته " :حيث من المؤكد أن مديرية التربية هيئة تابعة للوالية ذات
طابع إداري ،غير أنها مجردة من الشخصية المعنوية ،بالنتيجة فهي ال تتمتع بصالحيات القوة العمومية ،أنه
و مادام أنها ال تتمتع بصفة التقاضي باعتبارها مفتقدة ألهلية األشخاص العمومية فإنه يجب اعتبار الدعوى
القضائية المرفوعة عليها دعوى غير قانونية".
()3
43
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
فهذا القرار أيضا اعتبر الشخصية المعنوية شرط لمقاضاة مديرية التربية حيث اعتبر الدعوى
المرفوعة ضدها غير قانونية.
كما نجد القرار رقم 182/149المؤرخ في 14فيفري 2000المتعلق بقضية مديرية األشغال
العمومية لوالية بجاية في الذي جاء في حيثياته ":إن مديرية األشغال العمومية هو تقسيم إداري متخصص
داخل الوالية ليس له أي استقاللية وهو تابع للوالية ،حيث انه نتيجة لدلك فان مديرية األشغال العمومية ليس
()1
لها شخصية معنوية تسمح بان تتقاضى وحدها "
فمجلس الدولة من خالل هدا القرار كرس مرة أخرى الشخصية المعنوية كصفة للتقاضي ،إال انه إذا
كانت صفة التقاضي تنعدم بخصوص المصالح الخارجية حسب ماسبق نظ ار لعدم تمتعها بالشخصية
المعنوية فانه وطبقا للمادة السابعة من قانون اإلجراءات المدنية )2( 23-90فان الدعوى ترفع ضد الوالي أمام
الغرف اإلدارية الجهوية سابقا ،و قد تم إلغاء هذا القانون و قابلتها(المادة )07في قانون اإلجراءات المدنية
()3
المادة .800 و اإلدارية 09-08
حيث تبين ذلك من القرار 007130الصادر بتاريخ 24جوان 2002المتعلق بمديرية أمالك الدولة
لوالية سكيكدة حيث أكد على اختصاص الغرفة اإلدارية الجهوية تطبيقا ألحكام المادة السابعة في الفقرة
األولى من قانون اإلجراءات المدنية الذي جاء في حيثياته ":حيث إن التنازل الذي يطلب إبطاله جزئي من
طرف المستأنف هو عقد صادر عن مديرية أمالك الدولة لوالية سكيكدة أي عن سلطة تابعة لوالية سكيكدة
كما يستخلص ذلك من أحكام المادة 3وما يليها من القانون رقم 09-90المؤرخ في 07افريل
1990المتعلق بالوالية والمرسوم التنفيذي 215- 94المؤرخ في 23جويلية 1994الذي يحدد أجهزة اإلدارة
()4
العامة في الوالية هياكلها.
( .)1قرار مجلس الدولة نقال عن مؤلف :حدة زعموم من قانون اإلجراءات المدنية المصالح الغير ممركزة للدولة صفة
التقاضي والتمثيل أمام القضاء ،مرجع سابق
( .)2قانون رقم 23-90المؤرخ في 18أوت 1990يعدل و يتمم األمر رقم 154-66المؤرخ في 08يونيو 1966المتضمن
قانون اإلجراءات المدنية ،الجريدة الرسمية عدد ،36الصادرة بتاريخ 22أوت ،1990ص .1149
صدور هذا القانون بموجب القانون رقم 09-08المؤرخ في 25فيفري 2008المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و (.)3
اإلدارية ،ج.ر 21المؤرخة في 23افريل 2008ولم يسري حسب المادة 1062منه إال بعد مضي سنة من تاريخ نشره أي
ابتدءا 25افريل.2009
( . )4قرار مجلس الدولة ،نقال عن مؤلف :عبيدة نجاة ،مولفرعة نعيمة ،منازعات المصالح الخارجية للدولة :غموض وعدم
استقرار .
44
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
نجد أيضا القرار الصادر بتاريخ 11مارس 2003المتعلق بقضية مديرية الري لوالية الشلف الذي
جاء في حيثياته ":حيث إن مديرية الري لوالية الشلف ليس لها الشخصية المعنوية لكي تتقاضى إذا كان من
()1
وبالتالي فدعواهم تصبح موجهة توجيها مشوبا بالخطأ. المستأنفين أن يرافعوا والية الشلف
فمن خالل ما سبق يتضح أن مجلس الدولة استقر بأن المصالح الخارجية ما هي إال جزء ال يتج أز
من الوالية ،لذلك قررت المادة 07من قانون اإلجراءات المدنية القديم بأن صفة التقاضي تمنح للوالية ممثلة
في شخص الوالي ،أي أن الدعوى ترفع ضد الوالي إذا تعلق األمر بدعوى اإللغاء أو التفسير أو فحص
المشروعية ،كما أكد على أنها ترفع أمام الغرف اإلدارية للمجالس القضائية إذا كانت طبيعة المنازعات تتعلق
بالمسؤولية المدنية الهادفة لطلب التعويض.
و خالفا لما تم تداوله فيما يتعلق بمجلس الدولة و الذي كان موقفه واضحا و ثابتا ،فإن موقف
الغرف الجهوية يشوبه نوع من االختالف و التناقض ،فأحيانا يقر باختصاص الغرف اإلدارية الجهوية طالما
أن الق اررات صادرة عن المصالح الخارجية و هذه األخيرة كائن مقرها على إقليم الوالية ،و أحيانا يأخذ بموقف
عدم االختصاص كون أن ق ارراتها ليست ق اررات الوالية ،و كمثال على ذلك نأخذ القرار 92/185الصادر
بتاريخ 05ماي 1993من طرف مجلس قضاء قسنطينة ضد مديرية التربية حيث قضى باختصاصه بهذا
الشأن و ألغى القرار الصادر عن هذه المديرية ،غير أنها في قضية أخرى نفت اختصاصها كغرفة جهوية
()2
مختصة بإلغاء قرار مدير التربية بما أن هذا األخير يمثل هيئة عدم تركيز.
خالفا للنصوص السابقة التي تتميز بالتضارب واالختالف في تحديد الجهة المختصة بالتمثيل
القضائي للمصالح الغير ممركزة للدولة ،فان القانون الجديد 09-08المتضمن قانون اإلجراءات المدنية
()3
قد حدد الجهة القضائية المختصة بمقاضاة المصالح الخارجية حيث نصت المادة 801منه: واإلدارية
"تختص المحاكم اإلدارية كذلك بالفصل في:
( .)1قرار مجلس الدولة نقال عن :رزيق اميرة ،تمثيل المصالح الخارجية للو ازرات أمام القضاء اإلداري في الجزائر ،مجلة
الواحات للبحوث والدراسات ،العدد 1جامعة غرداية .2016
(.)2مسعود شيهوب ،المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون الجزائر ،2013
ص .120
( .)3القانون رقم 09-08المؤرخ في 25فيفري 2008المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ،مرجع سابق.
45
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
-دعاوى القضاء الكامل.
-القضايا المخولة لها بموجب نصوص خاصة".
إن النظرة األولية إلى هده المادة يتضح إنها حسمت تحديد الجهة القضائية وهي المحاكم اإلدارية
التي تختص بنظرقضايا المصالح الخارجية ،لكنها لم تكسب صفة التقاضي للمصالح الخارجية وهو ما يؤكد
أن هناك غموض مازال يكتنف مسألة مقاضاة المصالح الخارجية وهو ما سيتم تناوله :
من خالل المادة 801من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تبين انه اقتصر فقط على تبيان الجهة
القضائية اإلدارية المختصة بالنظر في منازعات المصالح الخارجية وهي المحاكم اإلدارية دون منحها صفة
التقاضي والذي يتأكد بنص المادة 828من نفس القانون(.)1
بقراءة بسيطة لهذه المادة نجد أنها أوردت األشخاص المؤهلين بتمثيل الهيئات العمومية على سبيل
الحصر،وبمقارنة مضمون هذه المادة و المادة 801نجد أن هذه األخيرة تعرضت الختصاص المحاكم
اإلدارية بالنظر في دعاوى اإللغاء و التفسير وفحص المشروعية في الق اررات الصادرة عن الوالية و المصالح
الغير ممركزة للدولة على مستوى الوالية ،هذه الفقرة التي لم تتطرق لها المادة 828التي لم تتضمن تأهيل
المصالح الخارجية لتمثيل نفسها بنفسها أمام المحاكم اإلدارية ،ولو كانت كذلك لنصت المادة 828على أنها
تمثل عن طريق مديرها()2؛ إن سكوت المشرع عن تمثيل هذه المصالح أمام القضاء في نص المادة 828
يثير التساؤل حيث ذكر األشخاص المؤهلة لتمثيل الهيئات العمومية أمام القضاء وهم :الوزير ،الوالي ،رئيس
المجلس الشعبي البلدي والممثل القانوني للمؤسسة العمومية ذات الطابع اإلداري ،وتجاهل المصالح الخارجية
()3
وهو مايفتح الباب أمام االحتمالين:
-1تمثيل هذه المصالح يكون من طرف الوالي حيث يفهم ذلك في الفقرة المتعلقة بالوالية على اعتباره
ممثال للدولة على مستوى الوالية وبالتالي يكون متعمدا في عدم ذكر تمثيل المصالح الخارجية.
-2ربما عدم التطرق لتمثيل المصالح الخارجية كان نتيجة السهو والغفلة.
( .)1المادة " : 828مع مراعاة النصوص الخاصة ،عندما تكون الدولة أو الوالية أو البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الصبغة
اإلدارية طرفا في الدعوى بصفة مدعي أو مدعى عليه ،تمثل بواسطة الوزير المعني ،الوالي ،رئيس المجلس الشعبي البلدي
على التوالي ،و الممثل القانوني بالنسبة للمؤسسة ذات الصبغة اإلدارية.
( .)2عمار بوضياف ،شرح قانون الوالية الجزائري ،دار الجسور للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى 2012 ،ص ص .257،258
(.)3عبيدة نجاة –مولفرعة نعيمة ، ،مرجع سابق.
46
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
بما أن بعض المصالح تحدد نصوص خاصة األشخاص المؤهلين بتمثيلها أمام القضاء ،فان
اإلشكال يثار في شأن المصالح التي لم يرد نصوص خاصة بشأنها ،فهل سيمثلها الوالي بصفته ممثال للوالية
أم الوزير بناءا على فكرة التفويض اإلداري المحدد الختصاص المصالح الخارجية ويختص بها مجلس
الدولة.
ويبقى اإلشكال نفسه حيث أن هذا القانون( )09-08لم يزل الغموض المتعلق بالمصالح الخارجية
فيما يتعلق بمنازعتها بسكوته عن التمثيل القضائي لهذه المصالح من تداخل أحكام المادتين 801و 828من
نفس القانون.
ففيما يتعلق بنص المادة 801يرى األستاذ محمد الصغير بعلي أن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية
ال يتماشى مع الطبيعة القانونية لهذه المصالح وهي أنها هيئات لعدم التركيز اإلداري ،وأناط االختصاص في
النظر في منازعاتها للمحاكم اإلدارية لمقتضيات تتعلق بالعمل اإلداري :تقريب العدالة من المواطن وتخفيف
()1
العبء على مجلس الدولة ...الخ
في حين نرى أن األستاذ مسعود شيهوب استحسن وجهة نظر المشرع باعتبار أن هذه المصالح
الخارجية تابعة للو ازرة ،و عليه فق ارراتها تعتبر ق اررات مركزية شبيهة بتلك الصادرة من المركز و عليه ينعقد
االختصاص بالنظر في منازعاتها لمجلس الدولة و ال تختص بها المحاكم اإلدارية ،و لكن لحسن أداء العمل
اإلداري المتمثل في تقريب العدالة من المواطن ،قضى قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية بعقد االختصاص
للمحاكم اإلدارية ال لمجلس الدولة ،و بذلك يكون المشرع قد أصاب في نص المادة 801من القانون الجديد
()2
لإلجراءات المدنية و اإلدارية حينما أناط االختصاص للمحاكم اإلدارية.
من قانون الوالية نصت على أنه يجب مقاضاة الوالي يرى األستاذ كوسة فضيل أن المادة 110
()3
()4
على اعتبار أن ق اررات المصالح الخارجية اإلدارية تندرج و تصنف ضمن ق اررات الوالية.
47
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
.2على مستوى القضاء :
بعد صدور القانون 09-08جاء في قرار لمجلس الدولة رقم 072320المؤرخ في 20سبتمبر
2012بين الشركة ذات المسؤولية المحدودة لصناعة اآلجر األحمر ضد مديرية الضرائب لوالية بسكرة :
"حيث أن اختصاص مجلس الدولة محدد وفقا ألحكام المادة 09و 10و 11من القانون العضوي 01-98
المؤرخ في 30ماي 1998المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله والمواد 902 ، 901و
903من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،حيث بالرجوع إلى القرار المطعون يتبين أنه صادر عن مديرية
الضرائب للوالية وهي ليست جهة إدارية مركزية و بالتالي فان الطعن في قرارها ليس من اختصاص مجلس
()1
الدولة بل قضاة الدرجة األولى ،بالنتيجة يتعين القضاء بعدم االختصاص النوعي لمجلس الدولة.
و باإلضافة إلى تداخل المادة 801مع المادة 828فهي تتداخل كذلك مع المادة ،)2(15حيث
وضحت هذه األخيرة المعايير الالزم توافرها في عريضة افتتاح الدعوى التي تكون باسم األشخاص المعنوية
لكي يتم قبولها شكال و التي يجب أن تتضمن اسم و طبيعة الشخص المعنوي و مقره االجتماعي و صفة
ممثله القانوني أو اإلتفاقي .فالمصالح الخارجية التي تضمنت النصوص الخاصة بها من يمثلها أمام القضاء
ال يوجد تناقض و مشكل يثار بشأنها ،و يبقى اإلشكال كله يكمن في تلك التي لم تتضمن النصوص
القانونية الخاصة بها صفة الممثل لها.
فالمادة 801فصلت في أمر الجهة القضائية المختصة ألنه تم منح التمثيل القانوني لبعض
المصالحالخارجية كأداة تخولها صفة التقاضي عن طريق مدرائها ،وبالتالي فهذا النوع من المصالح يوكل فيه
االختصاص القضائي للمحاكم اإلدارية.
( .)1قرار مجلس الدولة نقال عن :عبيدة نجاة ،مولفرعة نعيمة ،منازعات المصالح الخارجية للدولة :غموض وعدم استقرار،
مرجع سابق .
(.)2المادة 15من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ":يجب أن تتضمن عريضة افتتاح الدعوى ،تحت طائلة عدم قبولها
شكال ،البيانات اآلتية:
- 1الجهة القضائية التي ترفع أمامها الدعوى،
-2اسم ولقب المدعي وموطنه،
-3اسم ولقب وموطن المدعى عليه ،فإن لم يكن له موطن معلوم ،فآخر موطن له،
-4اإلشارة إلى تسمية وطبيعة الشخص المعنوي ،ومقره االجتماعي وصفة ممثله القانوني أو االتفاقي،
-5عرضا موج از للوقائع والطلبات والوسائل التي تؤسس عليها الدعوى،
-6اإلشارة ،عند االقتضاء ،إلى المستندات والوثائق المؤيدة للدعوى".
48
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
أما المصالح الخارجية التي ال يوجد ضمن النصوص التنظيمية التي تضبطها ما يمنحها صفة تمثيل
()1
الوزراء أمام القضاء فتتضمن حلين:
.1رفع الدعوى و مقاضاة الو ازرة باعتبار أن المصالح الخارجية امتداد للو ازرة على مستوى الوالية،
و بالتالي ينعقد االختصاص لمجلس الدولة و هو ما يتعارض مع المادة 801التي اعتبرت
المحاكم اإلدارية جهة مختصة في الدعاوى اإلدارية المرتبطة بالمصالح الخارجية.
.2غير أنه عند إجراء مقارنة بين المادة 801و ،828يمكن استنتاج أن الدعوى ترفع ضد الوالي
باعتباره ممثل المصالح الخارجية من خالل ما يفهم من التوفيق بين المادتين و حينئذ ينعقد
االختصاص للمحاكم اإلدارية.
إذ على المشرع الفصل في هذه المسألة حيث تم تحديد الجهة القضائية المختصة و لم يحدد
األشخاص المؤهلة لتمثيل المصالح الخارجية ،أمام القضاء .ذلك أنهما مرتبطان ببعضهما ،فإذا كان الوالي
هو الممثل لهذه المصالح ،ينعقد االختصاص للمحاكم اإلدارية ،و إذا كان الوزير هو الممثل ينعقد
االختصاص لمجلس الدولة.
سوف يتم التطرق في هذا الفرع لتعريف الدائرة و دراستها من حيث تأرجحها بين الهيئات اإلدارية
المركزية و الالمركزية.
تمثل الدائرة تقسيما إداريا متواجدا على مستوى إقليم الوالية ،وهذا األخير عبارة عن مجموعة من
الدوائر والدائرة بدورها تتكون من مجموعة من البلديات ،وقد استثناها الدستور من وصف الجماعة اإلقليمية
و اعتبر الدستور الجزائري في المادة 16الجماعات اإلقليمية مقتصرة على الوالية والبلدية فحسب( ،)2وهو ما
49
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
تداولته جميع الدساتير المتتالية بعد االستقالل ،و قد تم التأكيد على الموقف الذي تبناه الدستور في القوانين ،
يعتبر أول نص قانوني تضمن وصف الدائرة بالتقسيم اإلداري وفقا ()1
فاألمر 69/38المتضمن قانون الوالية
للمادة .166
حيث اعتبر الدائرة تقسيما إداريا تعين حدوده الترابية أوتعدل أو تلغى بموجب مرسوم يصدر بناء
على تقرير من وزير الداخلية ،وما يالحظ أن القوانين المتعلقة بالوالية التي تلت هذا القانون و التي تعتبر
لم تتناول أو تتعرض إلى الدائرة على اإلطالق. ()3
و القانون 07-12 ()2
أهمها 09-90
فبعد أن تم إلغاء هذا األمر أصبحت الدائرة منظمة عبر مراسيم تنظيمية وتعرضت هذه األخيرة
للدائرة من خالل التنويه والتعرض لرئيس الدائرة ،من أمثلة هذه المراسيم :
والتنظيم اإلداري الجزائري اخذ بموقف أن الدائرة تمثل جهة عدم التركيز اإلداري فهي هيئة إدارية و
()7
ال تعتبر جماعات إقليمية كالبلدية و الوالية فهي مجردة من الشخصية المعنوية و ال تتمتع باستقالل مالي.
( .)1األمر 38-69المتضمن قانون الوالية الصادر في 22ماي ،1969ج.ر.ج.ج رقم 44الصادرة في 13ماي .1969
( .)2القانون 09-90الصادر في 07أفريل 1990المتعلق بالوالية ،ج.ر.ج.ج رقم 15الصادرة في 11أفريل .1990
(.)3القانون 07-12الصادر في 21فيفري 2012المتعلق بقانون الوالية ،ج.ر.ج.ج رقم 12الصادرة في 29فيفري .2012
( .)4المرسوم التنفيذي 230-90الصادر في 25جويلية 1990المتعلق بتحديد أحكام القانون األساسي الخاص بالمناصب و
الوظائف العليا في اإلدارة المحلية ،ج.ر.ج.ج رقم 31الصادرة في 28جويلية .1990
( .)5المرسوم التنفيذي 215-94الصادر في 23جويلية 1994الذي يحدد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية و هياكلها،
ج.ر.ج.ج رقم 48الصادرة في 27جويلية .1994
( .)6المرسوم 31-82الصادر في 23جانفي 1982المتعلق بصالحيات رئيس الدائرة ،ج.ر.ج.ج رقم 04الصادرة في26
جانفي .1982
(.)7أمينة سعود ،الدائرة في النظام الجزائري ،مجلة أبحاث ،المجلد الثالث ،العدد الثاني ،جامعة األغواط ،ديسمبر ،2018ص
.55
50
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
ففي القانون الجزائري تم اعتبار الدائرة مقاطعة إدارية ضمن الوالية تم استحداثها بموجب قرار وزاري
إلى الوحدات التي تتمتع ()1
و ليس لها شخصية معنوية ،حيث أشارت المادة 49من القانون المدني
بالشخصية المعنوية فعلى المستوى المحلي اقتصرت على منح الشخصية المعنوية للوالية والبلدية.
ويتولى مهمة تسيير الدائرة رئيس الدائرة و يعاونه في ذلك كاتب عام حيث يعتبر ممثال للوالي على
()2
مستوى الدائرة و عينه عليها ،و يتم تعيينه بموجب مرسوم رئاسي.
الدائرة في التنظيم اإلداري الجزائري تجسد هيئة عدم تركيز إداري من منطلق أن رئيسها معين
بموجب مرسوم رئيسي لكن الجدل واللبس يثور عند النظر إلى صالحياتها حيث نجد من بين صالحياتها
قيامها ببعض المهام التي هي في األصل من اختصاصات الجماعات المحلية لتعلقها باالنشغاالت المحلية
ومن بين هذه المهام صالحية الدائرة في مجال التسيير المحلي للسكنات العمومية اإليجارية التي تعتبر من
()3
جوهر انشغاالت ومطالب الجماعات اإلقليمية كما تتمتع أيضا باختصاص المنازعات الجبائية.
فعند توزيع االختصاصات كان من األولى أن توكل مهمة السكنات للبلدية نظ ار لكونها الجماعة
اإلقليمية لكن المهمة أسندت إلى الدائرة التي تمثل هيئة عدم تركيز فمنذ سنة 2004تم نزع هذه الصالحية
()4
المعدل للمرسوم رقم من البلدية وتحويلها إلى الدائرة وكان ذلك بموجب المرسوم التنفيذي 334-04
67-2000هذا األخير الذي يتم المرسوم رقم 42-98المؤرخ في 1998/02/01ثم بعد ذلك جاء
المؤرخ في 11مايو 2008المحدد لقواعد منح السكن العمومي اإليجاري ()5
المرسوم التنفيذي رقم 142-08
حيث كرس هذا المرسوم مرة أخرى صالحية الدائرة بمنح السكنات العمومية اإليجارية حيث نصت المادة 07
من هذا المرسوم في فقرتها األولى:
"يودع طلب السكن لدى لجنة الدائرة المعنية مقابل تسليم وصل يحمل رقم وتاريخ التسجيل".
(.)1سميرة ابن خليفة ،الطبيعة القانونية للمقاطعة اإلدارية في القانون الجزائري و عالقتها بالجماعات المحلية ،مجلة العلوم
القانونية و السياسية ،العدد الثالث ،جامعة طاهري محمد ،بشار ،الجزائر ،ديسمبر ،2018ص .879
(.)2سميرة ابن خليفة ،المرجع نفسه ،ص .879
(.)3بن ترجا هللا علي ،موقف القضاء اإلداري الجزائري من أهلية الدائرة في التقاضي ،مجلة العلوم القانونية و االجتماعية ،العدد
الخامس ،جامعة زيان عاشور ،الجلفة ،ص.152
(.)4المرسوم التنفيذي 334-04الصادر في 24أكتوبر 2004المحدد لشروط الحصول على المساكن العمومية اإليجارية
ذات الطابع االجتماعي ،ج.ر.ج.ج رقم 67الصادرة في 24أكتوبر .2004
(.)5المرسوم التنفيذي 142-08الصادر في 11مايو 2008المحدد قواعد منح السكن العمومي اإليجاري ،ج.ر.ج.ج رقم
24الصادرة في 11مايو .2008
51
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
فمن خالل هذه المادة أوكل مشروع إيداع طلب السكن وجعله من صالحية لجنة الدائرة التي تسلم
لألفراد مقابل إيداعهم طلب السكن وصل وبالتالي يتضح ويتجلى تكريس مسالة السكن وجعلها من اختصاص
الدائرة من خالل هذا المرسوم.
بينما فيما يتعلق بالمنازعات الجبائية فقد ورد بنص المادة 81مكرر من قانون اإلجراءات الجبائية
انه يتم على مستوى كل دائرة استحداث لجنة طعن للضرائب المباشرة والرسوم المماثلة والرسم على القيمة
المضافة تضم هذه اللجنة األعضاء التالي ذكرهم:
رئيس الدائرة أو كاتبها العام رئيسا ،رئيس المجلس الشعبي البلدي او احد نوابه لبلدية ممارسة
المكلف بالضريبة لنشاطه ،رئيس مفتشيه الضرائب المختص إقليميا أو حسب الحالة مسؤول مصلحة
المنازعات للمركز الجواري للضرائب باإلضافة إلى عضوين كاملي العضوية وعضوين مستخلفين لكل بلدية
()1
تعينهم الجمعيات أو االتحادات المهنية.
حيث تضطلع هذه اللجنة بمهمة النظر في الطعون الخاصة بالضرائب المباشرة المستلمة من قبل
التجار والحرفيين خالل اجتماعها إذ تعقد اجتماعا واحدا على األقل في الشهر حيث يكون من اختصاصها
الطلبات المتضمنة العمليات التي تقل أو تساوي مليوني دينار جزائري والتي سبق النظر فيها من قبل اإلدارة
وتضمنت قرار سواء بالرفض الكلي أو الجزئي ومن ضمن المسائل التي تقوم بها هذه اللجنة النظر فيما
تستلمه من انشغاالت المكلفون بالضريبة المنتمون لصالحيات المراكز الجوارية للضرائب حيث تطلب هذه
اللجنة من المكلفين بالضريبة أو ممثليهم الحضور لإلدالء بأقوالهم حيث تستدعي هذه اللجنة المكلفين
بالضريبة قبل 20يوم على موعد اجتماعها لتقديم أرائها بعد ذلك تدون هذه اآلراء في محضر ممضي
وتسلمه للمدير ألوالئي للضرائب أو رئيس المركز الجواري للضرائب إلعالمه بمضمون هذا المحضر خالل
اجل عشرة أيام ( )10تحسب من تاريخ اختتام اللجنة ألشغالها هذه المهام المتمثلة في السكن والمنازعات
الضريبية هي صالحيات تعتبر من قبيل المسائل المحلية التي كانت يجب أن تسند للجماعات اإلقليمية
طبقا للقواعد والمبادئ التي تحكم التنظيم اإلداري وعلى هذا النحو فمهام الدائرة تعتبر شبيهة بوحدة ال مركزية
()2
محلية لوال غياب المنتخبين بها أي عدم توفرها ديمقراطي وتجريدها من الشخصية المعنوية.
يتم تسيير الدائرة في الجزائر بواسطة رئيس الدائرة يساعده في ذلك مصالح إدارية وتقنية وهو ما سيتم
التطرق له في هذا الفرع :
(.)1بن ترجا هللا علي ،موقف القضاء اإلداري الجزائري من أهلية الدائرة في التقاضي ،مرجع سابق ،ص ص .153-152
(.)2بن ترجا هللا علي ،المرجع نفسه ،ص .153
52
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة األولى :رئيس الدائرة
نظ ار لكونه المجسد الحقيقي لعدم التركيز على مستوى الدائرة ،وجب التطرق إلى تصنيف منصبه و
كذا الشروط المطلوبة لتعيينه و حقوقه و واجباته ،باإلضافة إلى صالحياته بصفته ممثال للدولة مساعدا
للوالي.
أما شروط تعيين رئيس الدائرة فيمكن تقسيمها إلى شروط عامة وشروط خاصة.
تضمنتها المادة 31من المرسوم رقم 59/85المتعلق بالقانون األساسي النموذجي للعمال
والمؤسسات واإلدارات العمومية وتتمثل في:
-شرط الجنسية
53
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
-التمتع بالحقوق المدنية والسن
-شرط اللياقة البدنية
-2شروط خاصة:
تمت اإلشارة إلى هذه الشروط بناءا على ما جاء في المرسوم التنفيذي 226/90المؤرخ في 25
ويمكن إجمالها في يوليو 1990المتضمن حقوق العمال الذين يمارسون وظائف عليا في الدولة وواجباتهم
()1
شرطين:
أ -التكوين العالي ومستوى التأهيل :وهو شرط منطقي له ما يبرره حيث يشترط على من يشغل وظيفة
عليا في الدولة أن يكون لديه مستوى تعليمي يسمح له بمزاولة هذه الوظيفة ويتماشى مع طبيعة
المهام المسندة إليه واالمتيازات التي تعود عليه ،إذ يجب أن تكون لديه شهادة جامعية على األقل أو
ما يعادلها من مستوى التأهيل وهذا ما نصت عليه المادة 21فقرة 02من المرسوم التنفيذي رقم
.226/90
ب -الخبرة المهنية في مجال اإلدارة :تضمنتها الفقرة 03من نفس المادة من المرسوم التنفيذي أعاله
ووضعت شرط الخبرة المهنية لمدة 05سنوات على األقل في المؤسسات العمومية وتم في المادة
15من المرسوم التنفيذي رقم 230/90سالف الذكر المضي على هذا النحو حيث نصت " يعين
رؤساء الدوائر من بين مسؤولي المصالح المركزية والمناصب العليا في اإلدارة المحلية " ،وهذا شرط
منطقي حيث يشترط للحصول على منصب نوعي التمتع بمدة معينة من الخبرة المهنية.
بما أن رئيس الدائرة يشغل وظيفة في الدولة فهو يتمتع بحقوق ويقع على عاتقه العديد من االلتزامات
سوف يتم تناولها كما يلي :
-1الحقوق :يتمتع رئيس الدائرة بمجموعة من الحقوق تقابل أداء المهام المسندة إليه:
نصت عليها المادة 04من المرسوم التنفيذي رقم 226-90المؤرخ في 25يوليو 1990السالف
الذكر على " :يخول العامل الذي يمارس وظيفة عليا في الدولة الحق في مرتب يناسب مستوى المسؤوليات
المسندة إليه و التبعات المرتبطة بالوظيفة التي يشغلها" ،و أيضا نص المادة 02من المرسوم التنفيذي رقم
(.)1المرسوم التنفيذي رقم ،226-90المؤرخ في 25يوليو 1990الذي يحدد حقوق العمال الذين يمارسون وظائف عليا في
الدولة و واجباتهم ،ج.ر.ج.ج رقم 31الصادرة في 28يوليو ،1990،ص .1023
54
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
228/90المؤرخ في 25جويلية 1990المحدد لكيفيات منح المرتبات التي تطبق على العمال الذين
يمارسون وظائف عليا في الدولة ،)1(.كما نصت المادة 19من المرسوم التنفيذي رقم 230/90السالف
الذكر على أن " :يتضمن األجر المقدم بمقتضى الوظائف العليا في اإلدارة المحلية مرتبا و عالوات حسب
كيفيات تحدد بمرسوم تنفيذي ".ثم جاء المرسوم التنفيذي 04/94المؤرخ في 02جانفي 1994المعدل و
المتمم المحدد لحقوق العمال الذين يمارسون وظائف عليا في الدولة و واجباتهم .حيث ورد في المادة األولى
منه أن " :يتقاضى المعني مدة قيامه باألعمال جميع عناصر المرتب المرتبط بالوظيفة العليا التي يشغلها،
إال إذا كان المرتب الذي يتقاضاه في منصبه األصلي أعلى من ذلك ،و يحدد مدة القيام باألعمال بسنة قابلة
()2
للتجديد مرة واحدة".
كما يتمتع رئيس الدائرة بحقوق أخرى عامة متعلقة بوظيفته منها الحق في العطل السنوية ،الضمان
االجتماعي و التقاعد.
يتمتع الموظف الذي يشغل وظيفة عليا بالحق في الحماية من كل خطر يمكن أن يحيط به أثناء
ممارسة وظيفته طبقا للمواد 05و 06من المرسوم التنفيذي رقم 226/90السابق ذكره.
إذ يجب على الموظف الحفاظ على الممتلكات وعدم وضعها تحت تصرفه الخاص وهذا ما نصت
عليه المادة 09من المرسوم التنفيذي رقم 226/90السالف الذكر كما تضمنه قانون الوظيفة العامة 03/06
واعتبر إتالف ممتلكات اإلدارة من األخطاء المهنية.
تضمنتها المادة 10من المرسوم التنفيذي رقم 226/90إذ يجب على كل من يشغل وظيفة أن يكون
ملتزما بأوامر وتعليمات رؤسائه اإلداريين ضمن نطاق السلطة الرئاسية.
( .)1المرسوم التنفيذي رقم ،228-90المؤرخ في 25يوليو ،1990المحدد لكيفيات منح المرتبات التي تطبق على العمال
الذين يمارسون وظائف عليا في الدولة ،جريدة رسمية ،المعدل و المتمم بالمرسوم التنفيذي رقم ،229/90المؤرخ في 25
يوليو ،1990جريدة رسمية ،عدد ،31صادرة بتاريخ 28يوليو .1990
( .)2المرسوم التنفيذي رقم 04/94المؤرخ في 02يناير ،1994المعدل و المتمم للمرسوم التنفيذي رقم 228/90الذي يحدد
حقوق العمال الذين يمارسون وظائف عليا في الدولة و واجباتهم ،جريدة رسمية ،عدد أول ،صادرة بتاريخ 02يناير .1994
55
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
ج -التزام السلوك الجيد:
تضمنتها المادة 13من المرسوم التنفيذي 226/90السابق ذكره ،وهذا شرط منطقي إذ يجب على
من يشغل وظيفة في الدولة التحلي بالسلوك الجيد واحترام طبيعة مكانته كونه إطار داخل الدولة.
إذ يجب عليه وفقا للمادة 15من المرسوم التنفيذي السابق ذكره أن يقوم بالتصريح بالممتلكات سواء
كانت ممتلكاته أو ممتلكات زوجته وكانت هذه العملية تتم أمام لجنة وطنية وفقا للمادة 09من األمر
04/97المتضمن التصريح بالممتلكات( .)1ثم بعد ذلك جاء القانون 01/06المؤرخ في 20فبراير 2006
المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والذي نصت المادة 04منه وقامت بتبيان طريقة التصريح بالممتلكات
للموظفين العموميين ،ماعدا الذين تم استثناؤهم بموجب المادة 06من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحته ،حيث أناطتها بالمرسوم الرئاسي 415/06المؤرخ في 22نوفمبر ،2006حيث ورد في نص
المادة 02من هذا األخير التي جاء في مضمونها أنه يلزم الموظفين العموميين غير الوارد ذكرهم في المادة
06من القانون 01/06أن يصرحوا بممتلكاتهم في المواعيد الواردة في المادة 04من ذات القانون أمام
السلطة الوصية أو السلطة السلمية لدى الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته مقابل تسليم وصل من
()2
طرف السلطة السلمية أو الوصية.
تضمنت هذا الواجب المادة 16من المرسوم التنفيذي رقم 226/90السابق ذكره و هو شرط يندرج
أيضا ضمن قانون الوظيفة العامة ،03/06فإفشاء األسرار المهنية يعتبر خطأ مهنيا.
نصت عليها المادة 19من المرسوم التنفيذي المذكور أعاله ،و هو يعتبر خطأ مهنيا حيث يعد
الجمع بين الوظيفة التي يشغلها و وظيفة أخرى إال ما سمح به القانون خطأ مهنيا من الدرجة الرابعة يستلزم
عقوبة من الدرجة نفسها.
(.)1األمر 04/97المؤرخ في 11جانفي 1997المتعلق بالتصريح بالممتلكات ،ج.ر.ج.ج رقم 03الصادرة في 12جانفي
.1997
(.)2القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فبراير 2006المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته ،ج.ر.ج.ج رقم 14الصادرة في
08مارس ،2006المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 15-11المؤرخ في 02أوت ،2011ج.ر.ج.ج رقم 44الصادرة في
10أوت .2011
56
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
رابعا :صالحيات رئيس الدائرة باعتباره ممثل الدولة مساعدا للوالي
()1
في عدة مواد كما يلي: هذه الصالحيات نص عليها المرسوم التنفيذي 215/94
المادة " :01/09يساعد رؤساء الدوائر ،الوالي في تنفيذ القوانين و التنظيمات المعمول بها و ق اررات
الحكومة و ق اررات المجلس الشعبي الوالئي ،و كذلك ق اررات مجلس الوالية "
فهذه المادة نصت على أن رئيس الدائرة يعتبر عونا للوالي و مرافقا له في تنفيذ مختلف القوانين و
الق اررات على مستوى دائرته فهو يمثل الدولة على مستوى الدائرة و مساعدا للوالي على مستوى دائرته إذ
يجب عليه أن ينفذ كل ما يأتيه من السلطة المركزية و التي تكون من ضمن اختصاصه.
المادة " :14يعطي رئيس الدائرة رأيا استشاريا في تعيين مسؤولي الهياكل التقنية التابعة إلدارة الدولة في
الدائرة"
فهذه المادة أعطت الطابع االستشاري لرئيس الدائرة فيما يتعلق بتعيين نوع من الموظفين على
مستوى هياكل الدائرة.
المادة " :15يعقد رئيس الدائرة اجتماعا كل أسبوع في دورة عادية يضم مسؤولي هياكل الدولة و مصالحها
و األعضاء في المجلس التقني"
فهذه المادة تحدثت عن تنظيم رئيس الدائرة الجتماع كل أسبوع حيث كرست دوره في القيام بشؤون
األفراد فهو يمثل الدولة على مستوى الدائرة.
المادة " :16يحضر رئيس الدائرة محاضر لتلك االجتماعات و يرسل نسخة منها إلى الوالي "
فهذه المادة كرست تبعية رئيس الدائرة للوالي و بينت أنه يعتبر عينه على الدائرة التابعة لوالية
ممارسة نشاطه ،و يجب عليه إبالغه بما يجري على مستوى الدائرة.
المادة " :19يشارك رؤساء الدوائر مشاركة استشارية في أشغال مجلس الوالية "
و هذه المادة نصت أيضا على الدور االستشاري لرؤساء الدوائر السيما في المجال المتعلق بنشاط
مجلس الوالية .
من خالل ما سبق من المواد ،يتضح أن رئيس الدائرة يلعب دو ار مهما في مساعدة الوالي على
القيام بجميع المهام المرتبطة بتنفيذ مختلف التعليمات التي يتلقاها من السلطة المركزية ،فهو تجسيد للسلطة
المركزية و الوالي على مستوى الدائرة.
57
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الثانية :المصالح اإلدارية و التقنية المرتبطة برئيس الدائرة
من ضمن أجهزة الدائرة التي تساعد رئيس الدائرة في أداء مهامه ،مصالح إدارية هي األمانة العامة
و المكاتب ،و مصالح تقنية تتجسد في المديريات التنفيذية على مستوى الوالية.
تم تكريسها بموجب القرار 6973المؤرخ في 12أكتوبر 1981الصادر عن وزير الداخلية المنظم
للشؤون المتعلقة بمصالح الدائرة و تتمثل هذه المصالح في:
-1األمانة العامة:
و يتولى هذه المصلحة الكاتب العام للدائرة ،حيث تم إنشاء هذه الوظيفة بموجب المرسوم رقم
82/81المؤرخ في 02مايو 1991و التي تضمنت المادة 05منه " :يتم التعيين في الوظيفة النوعية
لكاتب عام في الدائرة بقرار من وزير الداخلية"( ،)1و في الوقت الحاضر األمناء العامون يعينون بمقتضى
()2
مرسوم رئاسي.
و قد تضمنت المادة 02من المرسوم أعاله صالحيات األمين العام للدائرة حيث توكل له مهمة
تنظيم األعمال التي تقوم بها المصالح اإلدارية و التقنية للدائرة و إدارة موظفيها و هذا كله تحت إشراف
رئيس الدائرة.
-2المكاتب:
يوجد على مستوى الدائرة العديد من المكاتب من أجل ضمان حسن سير العمل بها ،و يمكن إجمال
هذه المكاتب في:
(.)1المرسوم الرئاسي 82-81المؤرخ 02ماي 1981المتضمن إحداث وظيفة نوعية لكاتب عام في الدائرة ،ج.ر.ج.ج رقم
18الصادرة في 05ماي ،1981ص .545
(.)2المرسوم الرئاسي ،240-99مرجع سابق.
( .)3لصلج نوال ،النظام القانوني للدائرة في الجزائر ،مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية و السياسية ،العدد السابع ،جامعة
20أوت ،1955سكيكدة ،سبتمبر ،2017ص .109
58
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
و نص المرسوم 01/80المؤرخ في 05يناير 1980المتعلق بتطبيق أحكام المادة 01من األمر
رقم 93/76المؤرخ في 23أكتوبر 1976المتضمن تحديد شروط إحداث مكاتب الترقية و التسيير العقاري
في والية الجزائر و تنظيمها و سيرها و بناء على ذلك يتم إنشاء هذه المكاتب بموجب مرسوم.
طالما أن الدائرة هي امتداد على المستوى المحلي للوالية و تعد مقاطعة إدارية للدولة فيقتضي
األمر أن تتواجد على مستوى الدائرة فروع للمديريات المتواجدة على مستوى الوالية التي تعتبر مشكلة للمجلس
التنفيذي الوالئي ،و قد كرست ذلك المادة 06من المرسوم رقم 73/80المؤرخ في 12يونيو 1980المتعلق
بالمجلس التنفيذي للوالية حيث تضمنت "كل مديرية مديريات فرعية و مكاتب" و هو النحو الذي سارت عليه
المادة 05من المرسوم رقم 545/83المؤرخ في 1983/09/24المتضمن تأليف و تنظيم المجلس التنفيذي
الوالئي حيث نصت " يمكن توزيع أعمال هذه المديريات على الهياكل الوظيفية المحدثة على مستوى
و منه فهذه المديريات تضمن وجود لها على مستوى الدوائر من خالل ()1
مقاطعات أخرى في الوالية "
فروعها و على سبيل المثال نذكر:
-مديرية التعمير و البناء تتضمن على إقليم الدائرة فرع يسمى فرع التعمير و البناء .La SUCH
و هذه المصالح تقوم باإلشراف على مختلف مشاريع التنمية على مستوى البلديات خصوصا غير
المؤطرة.
و قد تم استحداث لجنة تقنية برئاسة رئيس الدائرة و أمين عام الدائرة مساعدا له و أجهزة تابعة
لرئيس الدائرة يجسدها مندوب األمن و الوسيط تقوم على ضمان حسن أداء هذه المصالح لوظيفتها و التوفيق
بينها ،و تشمل جميع هذه المصالح المتواجدة في إقليم الدائرة طبقا للمرسوم رقم 30/86المؤرخ قي 18
()2
فبراير 1986الذي يضبط أجهزة اإلدارة العامة في الوالية و هياكلها و تحديد مهامها و تنظيمها.
(.)1مرسوم رقم 545-83المؤرخ في 24سبتمبر 1983المتضمن تشكيل المجلس التنفيذي للوالية و تنظيمه و عمله،
ج.ر.ج.ج رقم 40الصادرة في 27سبتمبر .1983
(.)2لصلج نوال ،مرجع سابق ،ص .110
59
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة األولى
لغة(" :)1من فعل ولى وولي ،والية.ولي :فالن الشئ :وليعليه :ملك أمره وقام به.وليعلى البلد :ولي فالنا
وولي عليه :نصره وأحبه .وتعني أيضا :الولي :المحب والصديق .ولى األمير فالنا عمل كذا:جعله واليا
عليه .ولي األمر:جعله واليا عليه.
-الوالي :اسم فاعل ومنه :والي البلد :من يقوم على تدبيره .جمعه والة.
-يشتق منه:الوالية :تعنى اإلمارة وهى حيز أو رقعة جغارفية محددة المعالم يمارس الوالي في
حدودها صالحياته و مهامه".
الفقرة الثانية
اصطالحا " :الوالي :من يكلف بتدبير الشؤون ،وتسيير مقاطعة إدارية هي الوالية .يتولى وظيفة سامية
في الدولة".
الفرع الثاني :التعيين و إنهاء المهام
نظ ار ألن منصب الوالي هو منصب سامي في الدولة ال بد من اإلشارة إلى كيفيات تعيينه و إنهاء
مهامه.
( .)1داود ابراهيم ،عالقة إدارة عدم التركيز باإلدارة الالمركزية ،أطروحة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،1ص ،96
،2012/2011منشورة.
60
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة األولى:التعيين
تضمنت مختلف النصوص الصادرة كيفية التعيين في منصب الوالي الذي يعد من الوظائف السامية
في الدولة الجزائرية و من بين هذه النصوص نذكر :
أوال :الدستور
أوكلت جميع الدساتير التي عرفتها الجزائر و خصت رئيس الجمهورية كهيئة مختصة بتعيين الوالة،
حيث أن تعيين الموظفين في المناصب العليا المدنية و العسكرية التي تشمل الوالي تكون من ضمن
صالحيات رئيس الجمهورية.و المواد الدستورية التي نصت على هذه الصالحية لرئيس الجمهورية تتمثل في :
()2
،المادة 74الفقرة 07 المادة 54من دستور ،)1(1963المادة 111الفقرة 12من دستور 1976
هذه الخاصية و أناطها برئيس الجمهورية من دستور )3(.1989كما منح التعديل الدستوري لسنه 1996
()4
()5
لم يأت مختلفا و طابق ما جاء في هذه المادة .مع بمقتضى المادة 78فقرة .09كما أن دستور 2008
العلم أن بعض رجال السلطة عارضوا مسألة جعل هذه الخاصية المتعلقة بصالحية تعيين الوالة من
تضمن أن تعيين الوالة يكون من طرف رئيس ()7
.و أخي ار دستور 2016 ()6
اختصاص رئيس الجمهورية
الجمهورية في المادة 92فقرة .10
بعد التعديل الدستوري لسنة 1989والتغييرات التي جاء بها نتيجة الحوادث التي عرفتها البالد ،تولد
عن ذلك استحداث المراسيم الرئاسية وقد نتج عن ذلك صدور الكثير من المراسيم نذكر من بينها :المرسوم
()8
الرئاسي 44-89المؤرخ في 10ابريل 1989المتضمن التعيين في الوظائف المدنية و العسكرية للدولة.
والذي تضمن في مادته الثالثة ":يعين رئيس الجمهورية بمرسوم رئاسي في مجلس الوزراء في المهام و
الوظائف العليا بالهياكل الدائمة في الدولة اآلتية ذكرها :الوالة "....وقد تضمنت هذه المادة بصريح العبارة
أن الوالي يصنف من المناصب العليا في الدولة ويعين من قبل رئيس الجمهورية عن طريق مرسوم رئاسي
(.)7القانون رقم 01-16المؤرخ في 06مارس ،2016ج.ر عدد 14صادرة بتاريخ 07مارس .2016
(.)8الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية لسنة ،1989العدد ،15ص .383
61
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
يصدره في مجلس الوزراء .ثم بعد ذلك ظهر مرسوم رئاسي جديد هو المرسوم الرئاسي 240-99المؤرخ في
27أكتوبر . 1999وقد ألغى المرسوم السابق المذكور أعاله وحمل نفس العنوان المتضمن التعيين في
الوظائف المدنية و العسكرية للدولة( ،)1وتضمن في الفقرة 10من المادة األولى الوالة كوظيفة عليا جاءت
سابقة لكثير من المناصب الهامة في الدولة.
تعرضت المراسيم التنفيذية للمناصب العليا في الدولة و من بينها الوالة بمقتضى المرسوم التنفيذي
230-90المؤرخ في 25يوليو 1990المحدد ألحكام القانون األساسي الخاص بالمناصب و الوظائف
العليا في اإلدارة المحلية( .)2حيث جاء في المادة 10منه " :يعين الوالي بمرسوم يصدره رئيس الجمهورية في
مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية" ،و ما يمكن مالحظته أن هذا المرسوم لم يأت بأي جديد ،و
ما تم تأكيده على أرض الواقع أن اقتراح وزير الداخلية ال يعدو أن يكون إال مسألة إجرائية.
و تكون مختلف هياكل الوالية من مديريات و ديوان و أمانة عامة و مفتشية تحت سلطة الوالي،
حيث أصبغ عليه ميثاق الوالية لسنة 1969و خصه بوصف السلطة العليا المسؤولة على حكومة محلية
على مستوى الوالية حيث اعتبر و كأن هناك حكومة على مستوى الوالية يكون الوالي على رأسها.
و إن كانت هذه النصوص لم تحسم و تضع تعريفا محددا للوالي غير أنها خصته بالوصف الذي
يمكن أن يبين أهم ما يتعلق بهذا المنصب و هي أنه:
و قد تضمن المرسوم التنفيذي 230-90السالف الذكر في مضمونه و بين الفئة التي يعين منها
الوالة و هم :الكتاب العامون للواليات و رؤساء الدوائر كما يمكن تعيين %5من خارج الوظائف السابقة
الذكر،و عند صدور المرسوم الرئاسي 240/99الذي بمقتضاه أصبح المرسوم التنفيذي 230/90في حكم
الملغى و الذي لم يتضمن في محتواه أن وزير الداخلية يملك سلطة االقتراح في تعيين الوالة ،و منح صالحية
تعيين الوالة لرئيس الجمهورية الذي يملك بالموازاة مع صالحية التعيين سلطة إنهاء المهام.
62
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الثانية :إنهاء المهام
وفقا لقاعدة توازي األشكال التي تمثل القاعدة األساسية الجاري العمل بها و التي تتضمن بأنه يكون
لجهة التعيين و جهة إنهاء المهام نفس األشكال و اإلجراءات و التي بمقتضاها تمنح الجهة صاحبة التعيين
صالحية إنهاء المهام أيضا حيث تتقرر بشكل طبيعي و منه رئيس الجمهورية يستأثر بسلطة إنهاء مهام
الوالة بمقتضى مرسوم رئاسي بمفرده .و وفقا لما تم تداوله فإن القاعدة العامة في الوظيفة العامة تقضي بأن
النتهاء مهام الوالي طرقا عادية وطرق غير عادية.
تطرق المرسوم التنفيذي رقم 226/90المتضمن حقوق العمال الذين يمارسون وظائف عليا في
الدولة و واجباتهم و نص على الطرق العادية التي تؤدي إلى انقضاء عالقة الموظف السامي بالدولة و
حصرها في أسباب ثالثة تتمثل في :التقاعد ،االستقالة و الوفاة.
()1
التقاعد: أ-
و هو حق يستفيد منه كل موظف و بالنسبة للذين يشغلون وظائف سامية و من بينهم الوالة نجد أن
القانون ال يفرض على الوالي سن محددة يحال فيها على التقاعد ،و إنما تكون باحتساب المدة التي قضاها
في الخدمة.
(.)1بلفتحي عبد الهادي ،المركز القانوني للوالي في النظام اإلداري الجزائري ،رسالة ماجستير ،جامعة منتوري قسنطينة ،2011
ص ص .35-34
(.)2عالء الدين عشي ،مدخل للقانون اإلداري ،دار الهدى للنشر ،الجزائر ،2012ص .88
63
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
ج -الوفاة:
و هذا سبب منطقي في مجال الوظيفة العامة ،فالعالقة الوظيفية تصبح غير قائمة عند وفاة صاحب
تلك الوظيفة.
و يكون ذلك بمقتضى مرسوم رئاسي ينهي مهام الوالي متضمنا نفس األشكال التي يكون عليها
مرسوم التعيين ،و تتمثل في:
أ -أن يتم التأكد أن هذا الموظف ليس كفء و ال يتمتع بالقدرة على مزاولة هذا المنصب نظ ار لعدم
قدرته على تحمل تبعات هذا المنصب و ما يتضمنه من أعباء.
ب -أن يكون هناك مانع صحي يحول دون ممارسة الوالي لمهامه كتعرضه لمرض خطير أو مزمن
أو فقد إحدى الحواس.
ج -عدم إتباع السياسة العامة المتبناة من طرف الحكومة أو أن يكون قد وقف كعائق دون تنفيذ
برنامجها.
د -أن يتم زوال المنصب عن طريق اإللغاء حيث تضمنت المادة 31من المرسوم التنفيذي -90
226بنصها على ما يلي " :إذا ألغيت الوظيفة العليا التي كان يشغلها أحد العمال ،أو ألغي
الهيكل الذي كان يعمل فيه فإنه يحتفظ بمرتبه لمدة سنة ثم يوضع بعدها في عطلة خاصة ،و
ينجم عن إلغاء الهيكل إلغاء مهام اإلطار الدائم في الوظيفة العليا المرتبطة بهذا الهيكل".
الفرع الثالث:صالحيات الوالي بصفته ممثال للدولة (مظهر لعدم التركيز اإلداري)
فمن شأن الصالحيات المسندة للوالي بصفته ممثال للدولة في إقليم الوالية أن تجعل هذا األخير
تجسيدا حقيقيا لعدم التركيز اإلداري و تتمثل على وجه الخصوص في:
اعتبرت المادة 110من قانون الوالية 2012الوالي ممثال للدولة على مستوى الوالية و مفوض
الحكومة( ،)1فالوالي يعتبر امتداد و ممثل للوزراء على مستوى الوالية حيث يتولى تمثيل جميع الوزراء ،و
يستمد صالحياته في التسيير من سلطة الدولة( ،)2و يمكن وصفه بأنه مندوب للحكومة إذ يلقى على عاتقه
(.)1قانون رقم 07/12المؤرخ في 21فبراير ،2012الجريدة الرسمية رقم 12الصادرة في 29فبراير .2012
(.)2ناصر لباد ،األساسي في القانون اإلداري ،دار المجدد للنشر و التوزيع ،طبعة ،2الجزائر ،2012ص ص.91-90
64
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
إبالغ الوزراء بجميع المسائل الهامة المتعلقة بالوالية و المتضمنة الجوانب السياسية و اإلدارية و االقتصادية
و االجتماعية( ،)1و بالتالي فهو الرئيس اإلداري للوالية و الرابط بينها و بين السلطة المركزية.
كما أنه يتولى مهمة السهر على حسن سير المصالح غير الممركزة للدولة إال تلك المستثناة بموجب
قانون الوالية 07/12في المادة 111منه و التي أخرجها المشرع لرقابة الوالي و المتمثلة في:
-العمل التربوي و التنظيم في مجال التربية و التكوين و التكوين العالي و البحث العلمي.
-الجمارك
-مفتشية العمل
-المصالح التي يتجاوز نشاطها بالنظر إلى طبيعة أو خصوصية حدود الوالية.
و هذا راجع إلى أن هذه القطاعات المستثناة من رقابة الوالي تخضع و تتبع تعليمات السلطة
المركزية ،و هي تتمتع بقواعد موحدة على مستوى سائر الوطن(.)2
()3
والوالي أيضا هو ممثل الدولة أمام القضاء سواء كمدعي أو مدعى عليه.
وعندما يكون الوالي طرفا في العقود واالتفاقيات المتعلقة بالوالية ،فإن قواعد االختصاص تقتضي أنه
هو من يتمتع بسلطة إبرامها باسم الدولة على مستوى الوالية.
(.)1صالح بلحاج ،المؤسسات السياسية و القانون الدستوري في الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2010ص .98
( .)2عمار بوضياف ،مرجع سابق ،ص.240
(.)3عمار عوابدي ،القانون اإلداري ،ديوان المطبوعات الجامعية ،طبعة ،5الجزائر ،2005ص .276
(.)4المادة 95من القانون 09/90المؤرخ في ،1990/04/07المتعلق بالوالية ،الجريدة الرسمية رقم 15الصادرة في
11أفريل.1990
(.)5المادة 113من القانون 07-12السابق الذكر.
65
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
أوال:القوانين واألوامر
وهي تكون صادرة من السلطات التشريعية ويتولى الوالي مهمة تنفيذها طالما أنه هو ممثل السلطة
العامة على مستوى الوالية لكن شرط تقيده بإجراء يتمثل في أن تكون قد نشرت في الجريدة الرسمية ومضى
()1
يوم من وصولها إلى مقر الدائرة.
ثانيا:التنظيمات
الوالي ملزم بتنفيذ كل ما يتلقاه من الحكومة من مراسيم رئاسية وحكومية إذ عليه أن يحرص على
تنفيذ ق اررات الحكومة وما يأتيه من تعليمات صادرة عن كل وزير ،وهذا ما تضمنته المادة 92من قانون
الوالية 09-90في حين أغفلته ولم تتطرق له المادة 110من قانون الوالية الجديد .07-12
وسبيل الوالي في تنفيذ القوانين والتنظيمات نجدها متضمنة في صالحياته وسلطاته ،وذلك بأن يلجأ
إلى إصدار ق اررات والئية تدرج ضمن قائمة الق اررات اإلدارية المتعلقة بالوالية( ،)2كما يلزم الوالي إلى جانب
تنفيذ القوانين والتنظيمات أن يلتزم باحترام رموز الدولة وشعاراتها وما تتضمنه من كل ما يتعلق بالعلم والنشيد
الوطني بجميع مقاطعه وخاتم الدولة المتضمن عبارة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية( ،)3وهذا حسب
ما أشارت إليه المادة 113من قانون الوالية .07-12
وأهم فكرة يدور حولها الضبط اإلداري هو إخضاع األفراد إلى قيود تتضمن تقليل وحصر حرياتهم
العامة ،واإلدارة تهدف من وراء ذلك إلى حماية النظام العام والمحافظة على المجتمع من كل خطر يهدده،
وفي هذا الصدد يتمتع الوالي بصالحيات الضبط اإلداري ،و تتلخص اختصاصات الوالي للقيام بالضبط
اإلداري في:
جاء تكريس اختصاص الوالي واعتباره المكلف بمهمة المحافظة على النظام واألمن والسكينة
العمومية في مضمون المادة 114من قانون الوالية الجديد 07-12و يقابل هذه المادة ،المادة 96من
قانون الوالية السابق.
(.)1المادة 04من األمر رقم 58/75المؤرخ في 26سبتمبر 1975تتضمن القانون المدني المعدل و المتمم بالقانون 10/05
المؤرخ في 20جوان ،2005الجريدة الرسمية رقم 44الصادرة في 26جوان.2005
(.)2المادة 125من القانون 07-12السابق الذكر.
(.)3المادة 05من القانون رقم 19/08المؤرخ في 15نوفمبر ،2005تتضمن تعديل الدستور المؤرخ في 28نوفمبر،1996
الجريدة الرسمية رقم 63الصادرة في 16نوفمبر.2008
66
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
والوالي يحقق هذه األهداف بواسطة األخذ بجميع التدابير التي تكفل للفرد أن يكون غير معرض
للخطر في نفسه وماله وأن يكون له الحق في الشعور بالهدوء والسكينة في الطرق واألماكن العامة.
و في سبيل تحقيق ذلك ،على الوالي أن يقوم بمنع المظاهرات وكل ما يقوم به األفراد من نشاطات
ضارة وخطيرة وإيقاف العصابات التي تتعرض ألموال السكان والقضاء على الجرائم وكل خطر يمس
المواطنين ،وعليه أيضا أن يكون حريصا على أسباب السكينة العامة كمنع مختلف المظاهر التي تكون
سبيال إلى اإلزعاج في الشوارع و الطرق العامة حسب ما تضمنته أحكام القوانين والتنظيمات ومن بينها
المرسوم رقم 373/83المؤرخ في 1983 /05/28الذي يحدد سلطات الوالي في ميدان األمن والمحافظة
على النظام العام( ،)1وأحكام األمر 24/95المؤرخ في 1995/09/25و يتعلق بحماية األمالك
العمومية( ، )2وسلطة الضبط التي يتمتع بها الوالي مقترنة بمنحه صالحية الق اررات الضبطية التي تعتبر األداة
الموجودة في يد الوالي وسبيله في تحقيق النظام العام على مستوى الوالية ،ولكي يتم تنفيذ هذه الق اررات
بطريقة جيدة نصت المادة 118من قانون الوالية الجديد 07-12على جعل مصالح األمن تحت سلطة
الوالي وعليهم إخباره بكل ما يتعلق باألمن العام والنظام العمومي على مستوى الوالية وتوحيد جهودها وجعلها
منظمة في مجال حماية حقوق المواطنين وحرياتهم ،والعمل على احترام رموز وشعارات الدولة وتحقيق األمن
والسكينة العمومية(.)3
إذ يتعين على الوالي ويكون من صالحياته األخذ بجميع االحتياطات التي تضمن حماية صحة
األفراد مثال ضمان أن تكون المأكوالت خاضعة إلجراءات تجعلها مستوفية لشروط الصحة وضمان عدم
بيعها قبل استيفاءها الشروط الصحية والتأكد من عدم تسببها في خطر على صحة المواطنين ،وكذلك األخذ
بجميع االحتياطات التي تقي األفراد وتحد من تفشي األمراض و األوبئة.
كما يندرج ضمن اختصاصات الوالي القيام على إعداد و تنفيذ مخططات الوقاية و اإلسعافات في
الوالية ،و كل ذلك يتم بالتنسيق مع مصالح األمن و الحماية المدنية و المصالح التقنية المحلية ،إذ يعتبر هو
أول من يلزم بهذه المهام في الوالية ،و قد تضمنت المادة 119من قانون الوالية 07/12على أنه في سبيل
تحقيق هذه األهداف منحت له صالحية تسخير األشخاص و الممتلكات حيث تنص " :يسهر الوالي على
إعداد مخططات تنظيم اإلسعافات في الوالية و تحيينها و تنفيذها ،و يمكنه في إطار هذه المخططات أن
يسخر األشخاص و الممتلكات طبقا للتشريع المعمول به".
67
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
في هذا الفرع نتناول إنشاء المقاطعات اإلدارية في الفقرة األولى ثم نتعرض إلى تعريفها في الفرع
الثاني.
ظهرت المقاطعات اإلدارية نتيجة التغيير الذي حصل في البالد و ما فرضته مقتضيات و طبيعة
العمل اإلداري في مستجداته الذي حتم ضرورة مواكبة المتطلبات الحديثة لمواطني تلك المناطق ،و هو ما
نجم عنه حتمية إعادة النظر في التنظيم اإلداري في البالد ،خاصة في الواليات الجنوبية في بداية األمر
حيث تحقق ذلك عن طريق استحداث مقاطعات إدارية يشرف عليها و يرأسها والة منتدبون ،و كان ذلك
مراعاة لعدة اعتبارات أدت إلى إنشاء هذه المقاطعات اإلدارية ،منها :عدد سكان تلك المنطقة ،عدد بلدياتها،
ظروف ترجع إلى خصوصيتها و صعوبة تسييرها.
و كان الغرض األساسي من استحداث المقاطعات هو القضاء على المشاكل العالقة لدى سكان تلك
المناطق ،و المتمثلة في بعد مراكز القرار عن القضاء اإلداري المختص ،و من أجل بلوغ التطلعات التي
()1
و كذلك تحقيق العدالة بتقريب يصبو إليها سكان تلك المناطق في تحقيق سير أفضل للمنظومة اإلدارية
()2
المؤرخ اإلدارة من المواطن و مساواة التنمية المحلية لجميع المناطق ،جاء المرسوم الرئاسي رقم 140/15
في 27مايو 2015مجسدا لهذه المطالب ليعلن عن إنشاء مقاطعات إدارية في سنة 2015حيث نصت
المادة األولى منه " :تنشئ مقاطعات إدارية داخل بعض الواليات "...فنص على إقامة عشر مقاطعات
()3
و يتولى مهمة إدارية جديدة في واليات :أدرار ،بسكرة ،بشار ،تمنراست ،ورقلة ،إليزي ،الوادي و غرداية.
( .)1األزهر لعبيدي ،استحداث مقاطعات إدارية في الجزائر في ظل انتهاج سياسة تقشفية خطوة مناسبة في الوقت غير
المناسب ،دراسة تحليلية في ظل المرسوم الرئاسي رقم ،15-140جامعة الشهيد حمة لخضر ،الوادي.
(.)2المرسوم الرئاسي رقم 140-15المؤرخ في 27ماي 2015المتضمن إحداث مقاطعات إدارية داخل بعض الواليات و
تحديد القواعد الخاصة المرتبطة بها ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،العدد ،29الصادرة بتاريخ 31
ماي .2015
(.)3األزهر لعبيدي ،مرجع سابق.
68
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
إدارة هذه المقاطعات والة منتدبون يتبعون و يخضعون لسلطة الوالي صاحب االختصاص اإلقليمي حسب ما
تضمنه نفس المرسوم.
المقاطعة اإلدارية هي مفهوم جديد ظهر على مستوى اإلدارة العامة الجزائرية و هي عبارة عن وحدة
أو هيئة إدارية تختلف عن الدائرة من حيث هيكلتها ،و هي تدار من قبل الوالة المنتدبين الذين يزودون
بصالحيات واسعة ،و هي تعتبر هيئة عدم تركيز إداري و في بداية األمر ظهرت كنظام جديد عام 2015
بموجب المرسوم الرئاسي 140/15المذكور أعاله ،و في عام 2018برزت مرة أخرى مقاطعات إدارية
جديدة تضمنتها بعض الواليات الشمالية و يتعلق األمر بالمدن الكبرى و المدن الجديدة وفقا للمرسوم الرئاسي
رقم 337/18المؤرخ في 25ديسمبر 2018و ذلك استجابة لمقتضيات الضرورة.
و أخي ار جاء المرسوم الرئاسي رقم 328/19المؤرخ في 11ربيع الثاني عام 1441ه الموافق ل8
ديسمبر سنة 2019م ليكمل و يتمم الملحق المتعلق بالمرسوم الرئاسي رقم 140/15المؤرخ في 8شعبان
عام 1436ه الموافق ل 27مايو سنة 2015م و المتعلق بإحداث مقاطعات إدارية داخل بعض الواليات و
تحديد القواعد الخاصة المرتبطة بها( ،)1حيث نص هذا المرسوم على إحداث مقاطعات إدارية داخل العديد
من الواليات و خصها بدوائر و بلديات تابعة لها ،و جاءت المادة األولى منه (المرسوم الرئاسي )328/19
لتجسد و تكرس ما ورد في المرسوم السابق 140/15بنصها على إنشاء مقاطعات إدارية داخل بعض
الواليات كغاية أساسية ،كما نصت المادة الثانية منه على إنشاء مقاطعات إدارية جديدة تضاف إلى تلك
المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي ،140/15و المقاطعات اإلدارية و الدوائر و البلديات الملحقة بها
تضمنها الملحق الذي جاء في هذا المرسوم.
و المالحظ أن هذا المرسوم الرئاسي الجديد ( )328/19جاء ليكرس إنشاء المقاطعات اإلدارية
بصورة واسعة حيث نص على إنشاء عدد كبير منها امتد إلى عشرين ( )20والية ،كل والية منها تحدث
ضمنها مقاطعات إدارية.
(.)1المرسوم الرئاسي رقم 328-19المؤرخ في 08ديسمبر 2019يتمم بالملحق المتعلق بالمرسوم الرئاسي رقم 140-15
المؤرخ في 27مايو 2015المتضمن إحداث مقاطعات إدارية داخل بعض الواليات و تحديد القواعد الخاصة المرتبطة بها.
69
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفرع الثاني :هياكل المقاطعات اإلدارية و كيفية تسييرها
سيتم في هذا الفرع دراسة الهياكل التي تتشكل منها المقاطعة اإلدارية و تتمثل في اإلدارة العامة
للمقاطعة اإلدارية (الفقرة األولى) ،و المديريات المنتدبة (الفقرة الثانية) ،و أخي ار مجلس المقاطعة اإلدارية
(الفقرة الثالثة).
تضم اإلدارة العامة للمقاطعة اإلدارية عدة هياكل جاء النص عليها في الباب األول من المرسوم
التنفيذي رقم 141/15المؤرخ في 28مايو 2015الخاص بتنظيم المقاطعة اإلدارية و سيرها ( ،)1حيث
نصت المادة الثالثة منه" :تشتمل اإلدارة العامة في المقاطعة اإلدارية الموضوعة تحت سلطة الوالي المنتدب
على الهياكل التالية:
-األمانة العامة
-الديوان
-مصالح التنظيم و الشؤون العامة و اإلدارة المحلية "
كما تعرضت المواد من 04إلى 08من نفس المرسوم المذكور أعاله إلى المهام المنوطة باألمين
العام و رئيس الديوان ،بينما أشارت المواد من 09إلى 11إلى مصالح التنظيم و الشؤون العامة و اإلدارة
المحلية.
و ما يمكن مالحظته من مقارنة هيكلة اإلدارة العامة للمقاطعة اإلدارية الواردة في المرسوم السالف
الذكر مع تشكيل اإلدارة العامة في الوالية الذي تضمنه المرسوم التنفيذي رقم 215-94المؤرخ في 23يوليو
1994الذي يحدد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية و هياكلها( ،)2نجد أنهما متمايزان عن بعضهما حيث تضم
هذه األخيرة األجهزة التالية:
-الكتابة العامة
-المفتشية العامة
-الديوان
-رئيس الدائرة
(.)1المرسوم التنفيذي رقم 141-15الصادر في 17ماي 2015المتضمن تنظيم المقاطعة اإلدارية و سيرها ،ج.ر.ج.ج .رقم
29الصادرة بتاريخ 31ماي .2015
(.)2المرسوم التنفيذي رقم 215-94المؤرخ في 23يوليو ،1994الذي يحدد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية و هياكلها.
70
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفقرة الثانية :المديريات المنتدبة
نصت المادة 12من المرسوم التنفيذي السالف الذكر (رقم )141-15على المديريات المنتدبة على
مستوى المقاطعة اإلدارية التي تقابل المصالح غير الممركزة للدولة ،و تم استحداث هذه المديريات المنتدبة
في المجاالت اآلتية:
"الطاقة ،ترقية االستثمار ،المصالح الفالحية ،التجارة ،الموارد المائية ،البيئة ،األشغال العمومية،
السكن و العمران و التجهيزات العمومية ،التشغيل ،النشاط اإلجتماعي ،الشباب و الرياضة و كذا السياحة و
الصناعة التقليدية و التكوين المهني".
كما يمكن أن يتم استحداث و إقامة مديريات منتدبة أخرى إذا اقتضت المصلحة ذلك ،و ذلك عن
طريق اقتراح من الوزراء المعنيين و باستشارة الوالي حسب ما ورد في نفس المادة.
أما فيما يتعلق بمهام المديرين المنتدبين و تنظيم المديريات المنتدبة فقد تضمنتها المواد ،13،14
.15
تطرق المرسوم التنفيذي رقم 141-15بموجب نص المادة 16منه إلى مجلس المقاطعة اإلدارية و
اعتبره النطاق الذي يتم على مستواه التشاور فيما يخص الشؤون المتعلقة بمصالح الدولة الخاصة بالمقاطعة
اإلدارية ،كما اعتبره المسؤول عن تنظيم أنشطة و أعمال هذه المصالح ال سيما في مجال تنفيذ ق اررات مجلس
الوالية.
و تحكم مجلس المقاطعة اإلدارية ذات القواعد السارية على مجلس الوالية فيما يتعلق بمجال التسيير،
حيث أن القواعد المطبقة على هذه األخيرة تضمنها المرسوم التنفيذي 215-94المحدد ألجهزة اإلدارة العامة
في الوالية و هياكلها .و يكمن الفرق بين المجلسين في أن مجلس المقاطعة اإلدارية يعقد دورتين عاديتين
فقط في الشهر تحت رئاسة الوالي المنتدب بينما يجتمع مجلس الوالية مرة في األسبوع ضمن دورة عادية.
و المسألة التي بقيت غامضة و لم يتضمنها المرسوم التنفيذي 141-15هي بخصوص هيئة
المداولة المنتخبة الخاصة بالمقاطعة اإلدارية :هل هي نفسها المجلس الشعبي الوالئي أم أنه سيتم في
المستقبل إنشاء مجلس شعبي منتخب خاص بالمقاطعة اإلدارية الجديدة(.)1
71
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الفرع الثالث :صالحيات الوالي المنتدب
لقيام الوالي المنتدب بمهامه زود بمجموعة من الصالحيات منها ما يتعلق بصفته كممثل للدولة و
أخرى للمقاطعات اإلدارية ،و يمارس كل ذلك تحت سلطة الوالي كما تضمنه المرسوم الرئاسي رقم -15
140المتعلق بالمقاطعات اإلدارية و هو بذلك يكرس صورة المركزية اإلدارية المتمثلة في عدم التركيز
اإلداري.
يقع على الوالي المنتدب واجب حفظ النظام العام كما تدرج له مهام تتعلق بمجال تنفيذ القوانين و
التنظيمات.
يتلقى الوالي المنتدب العون من مصالح أمن المقاطعة اإلدارية و ذلك من أجل ضمان استتباب
األمن العمومي على مستوى المقاطعة اإلدارية و حفظ النظام العام( ،)1و قد منحت له في هذا المجال سلطة
االقتراح على والي الوالية اإلجراءات الالزمة للقيام بهذه المهمة ،حيث يعمل على تكريس أهداف الضبط
اإلداري بشعور األ فراد باألمن على أنفسهم و ممتلكاتهم و أهم ما يتعلق بها هي حماية الصحة العمومية و
ضمان السكينة العامة عن طريق تطبيق شروط النظافة المختلفة في األماكن العامة و الشوارع( ،)2و ضمان
توفر المأكوالت و المياه الصالحة للشرب على معايير النظافة و أخذ االحتياطات الالزمة لمنع اإلصابة
باألمراض المعدية و األوبئة.
و تندرج في تكليف الوالي المنتدب و بإشراف من الوالي العمل على تنفيذ القوانين و التنظيمات التي
()3
يكون مصدرها السلطات اإلدارية المركزية و الوالية و مداوالت المجلس الشعبي الوالئي.
تندرج ضمن هذه الصالحيات مهمة ترؤس إدارة المقاطعة اإلدارية كما يتولى مهمة التنسيق و
الرقابة.
72
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
أوال :ترؤس إدارة المقاطعة اإلدارية
في سبيل ممارسة الوالي المنتدب لمهامه ،يتمتع بكامل ما يتعلق بالسلطة الرئاسية في نطاق
المقاطعة اإلدارية و ذلك كله من أجل ضمان سير المنظومة اإلدارية بصورة حسنة داخل المقاطعة اإلدارية،
و لقيامه بذلك زود بإدارة تضم أمانة عامة و ديوان و مديرية منتدبة للتنظيم و الشؤون العامة و اإلدارة
المحلية.
و يوجد على مستوى المقاطعة اإلدارية عدة هيئات للمساعدة على تسييرها تتمثل في هياكل اإلدارة
العامة و المديريات المنتدبة ،و هيئة تنفيذية هي مجلس المقاطعة اإلدارية الذي يوضع تحت سلطة الوالي
المنتدب و ضمن تشكيلته نجد المديرين التنفيذيين الخاضعين للمقاطعة اإلدارية ،و يتمتع الوالي المنتدب
بجميع مظاهر السلطة الرئاسية فله سلطة توجيه و إسداء التعليمات لمرؤوسيه ،أي سلطة على أعمالهم ،كما
()1
يملك سلطة على شخصهم تتمثل في تعيينهم و تثبيتهم و ترقيتهم و نقلهم و كذلك تأديبهم.
حيث يعتبر مجلس المقاطعة اإلدارية الحيز الذي يمثل مجال التشاور و العمل على تنظيم عمل
مصالح الدولة في المقاطعة اإلدارية فيما يتعلق بتنفيذ ق اررات مجلس الوالية ،و يقع على عاتق أعضائه مهمة
إخطار الوالي المنتدب بكل ما يندرج من معلومات و تقارير و إحصائيات تعد الزمة لقيام المجلس
()2
بمهامه.
و يضطلع الوالي المنتدب بمهمة القيام على السير الحسن ألعمال مجلس المقاطعة اإلدارية بصفته
()3
ممثال للوالي ،كما يتمتع رؤساء المجالس الشعبية البلدية المعنية برأي استشاري في هذا الشأن.
كم ا يتولى الوالي المنتدب أيضا مهمة اإلشراف على تنظيم نشاط مصالح و أجهزة الدولة و مراقبتها
بانتظام ،فمن جهة يراقب كيفية أداء المديرين المنتدبين لمهامهم و من جهة أخرى يعمل على ضمان حسن
تنفيذ القوانين و التنظيمات السارية بالدولة و متابعة مختلف أنشطة البلديات الخاضعة لسلطة المقاطعة
()4
اإلدارية ،و يمارس هذه المهام كلها تحت سلطة و إشراف الوالي.
(.)1آمال قصير ،النظام القانوني للوالي المنتدب على مستوى المقاطعة اإلدارية في الجزائر ،مرجع سابق.
(.)2آمال قصير ،المرجع نفسه.
(.)3الفقرة الثانية و الثالثة من المادة 10من المرسوم الرئاسي .140-15
(.)4آمال قصير ،مرجع سابق.
73
اإلطار التطبيقي لعدم التركيز اإلداري عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
إن قيام و تطبيق فكرة عدم التركيز اإلداري يتحقق عن طريق الهيئات المتواجدة على مستوى األقاليم
سواء الوالية من خالل الوالي الذي في ظل صالحياته بصفته ممثال للدولة يعتبر تجسيدا حقيقيا لعدم التركيز
اإلداري و هناك أجهزة على مستوى الوالية تساعده في هذه المهمة أو المديريات التنفيذية التي تعتبر أمتدادا
للو ازرات و تتلقى التفويض من هذه األخيرة.
كما أن الدائرة المتواجدة ضمن إقليم الوالية و تابعة لها و رغم أن هذه األخيرة تعتبر من الهيئات
الالمركزية إال أن الدائرة التي يسيرها رئيس الدائرة تعتبر هيئة عدم تركيز إداري ،و ما يؤكد ذلك عدم توفرها
على المجالس المنتخبة و غياب التمثيل الديمقراطي بها و التي من ضمن مصالحها اإلدارية التي تساعد
رئيس الدائرة في تنفيذ مهامه األمانة العامة التي يتوالها الكاتبة العام و المكاتب.
و من ضمن تطبيقات عدم التركيز اإلداري في الجزائر نجد مفهوم مستحدث هو المقاطعات اإلدارية
التي يتوالها الوالي المنتدب و يرأسها يتمتع بصالحيات تكرس و تؤكد على صفة هذه الهيئة كفكرة لعدم
التركيز اإلداري.
74
خاتمة
الخاتمة عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
الخاتمة
مما سبق يتضح أن عدم التركيز اإلداري أصبح ضرورة فرضتها مقتضيات العمل اإلداري ،حيث
أصبح ال بد منها نظ ار لصعوبة بل استحالة االستمرار في انتهاج الصورة األولى (التركيز اإلداري) ،و قد
أثبتت فعاليتها و مكنت من تحقيق السرعة في انجاز العمل اإلداري و عليه يمكن استخالص النتائج التالية:
-في ظل قانون اإلجراءات المدنية السابق ،كانت تثار عدة منازعات بشأن صاحب االختصاص
بالنظر في منازعات المصالح الخارجية ،حيث تضاربت اآلراء في الفقه و القضاء و جاءت واضحة
في القانون ،إال أن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية الجديد جاء حاسما و أعطى االختصاص
للمحاكم اإلدارية ،لكنه لم يمنح المصالح الخارجية صفة التقاضي ،مما يؤكد على بقاء الغموض و
عدم الفصل بشأنها في القانون الجديد.
-إن عدم التركيز اإلداري من شأنه خلق قيادات من الدرجة الثانية ،حيث منح المرؤوسين سلطة اتخاذ
القرار دون الرجوع إلى الرئيس ،و من شأن ذلك تكوينهم و تدريبهم لتقلد المناصب القيادية في
المستقبل.
-إن المقاطعات اإلدارية التي جاء بها المرسوم الرئاسي 328/19لم يتم تجسيدها على أرض الواقع
نظ ار لغياب االعتمادات المالية بسبب األزمة التي تمر بها البالد ،حيث اعتبر إنشاء المقاطعات
اإلدارية خطوة مناسبة في الوقت الغير مناسب.
-إن عدم التركيز اإلداري يتحقق من خالل منح ممثلي السلطة المركزية سواء في العاصمة أو األقاليم
سلطة البت النهائي في بعض األمور دون الرجوع إلى السلطة المركزية في العاصمة بعد أن كانت،
في ظل التركيز اإلداري ،تقتصر سلطة إصدار الق اررات على السلطة المركزية وحدها ،إذ على
ممثلي األق اليم تقديم اقتراحات إلى الوزير و انتظاره حتى يقرر ،أي هو الوحيد الذي له هذه
الصالحية ،و الذي ينجم عنه تعطل مصالح المواطنين و البطء في إنجاز المعامالت اإلدارية ،فعدم
التركيز اإلداري قضى على هذه اإلشكاالت و حسن صورة سير الوحدات اإلدارية.
-إن عدم التركيز اإلداري يتحقق عن طريق التفويض (تفويض االختصاص ،تفويض التوقيع) أي أن
الوزير فوض بعض اختصاصاته إلى مرؤوسيه لينظروا فيها بصفة نهائية دون الرجوع إليه.
-إن عدم التركيز اإلداري قرب اإلدارة من المواطن حيث في الماضي كان يجب على المواطنين
لقضاء مصالحهم الذهاب إلى العاصمة ألن القرار مركز هناك و خاص بها وحدها ،فاللجوء إلى هذه
الصورة مكن المواطنين من تجنب اإلجراءات الطويلة و الشاقة.
76
الخاتمة عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
-إن تجسيد هذه الصورة ال يعني إضعاف السلطة المركزية ألن المرؤوسين يبقون خاضعين للسلم
اإلداري و السلطة الرئاسية ،فكل ما يقوم به المرؤوسون من أعمال يملك الرئيس حق الرقابة عليها
سواء السابقة من خالل سلطة التوجيه أو الالحقة بعد إنجاز العمل من خالل تصديقه أو تعديله أو
إلغائه ،كما يملك سلطة على شخصهم فله سلطة نقلهم و تأديبهم.
-إن تطبيق عدم التركيز اإلداري في الواقع يظهر من خالل الهيئات المتواجدة على مستوى األقاليم
التي تعتبر مظه ار للسلطة المركزية على مستوى هذه األخيرة و الممثلة لها و تتمثل في الوالية و
الدائرة ،فالوالية تشكل مظه ار لعدم التركيز من خالل الوالي بصفته ممثال للدولة و المديريات التنفيذية
المتواجدة على مستوى الوالية و الدائرة تجسد عدم التركيز من خالل رئيس الدائرة بصفته ممثال
للدولة.
-إن هيئات عدم التركيز اإلداري يعاني بعضها من انعدام النصوص القانونية التي تنظمها ،حيث نجد
أن الدائرة رغم وجودها المادي فهي ال تتمتع بوجود قانوني.
-كما أن هيئات عدم التركيز اإلداري تعاني من مشكل و هو حرمانها من أهلية التقاضي.
-استئثار السلطة المركزية وحدها بصالحية منح االختصاصات لممثليها يجعلها تمنحهم صالحية أخذ
بعض الق اررات في المجاالت التافهة و غير المهمة و احتفاظها بالمجاالت الهامة و هو ما يشكل
نقطة ضعف لهيئات عدم التركيز اإلداري.
-منح هذه الهيئات خاصة الدائرة نص قانوني ينظمها و هو ما من شأنه جعل أساس قانونيلها.
-تزويد هذه الهيئات بصالحية التقاضي و ذلك تخفيفا على الوالية ( الوالي) و جعله هو الممثل لهذه
الهيئات ،و هو ما من شأنه تسهيل اإلجراءات على المواطنين عند مقاضاة هذه الهيئات.
-هذه الهيئات يجب أن تعزز بإدارة المركزية التي تتجسد في التمثيل الديمقراطي و جعلهما مترافقان
يسريان معا ألن كليهما يتعلق بتقريب اإلدارة من المواطن.
-فيما يتعلق بالمديريات التنفيذية فمن األفضل زيادة فروعها و تعميمها على أكبر عدد ممكن من
البلديات حتى يتمكن المواطنون من تحقيق حاجياتهم بصورة أفضل.
77
الخاتمة عدم التركيز اإلداري و تطبيقاتها في الجزائر
-التقليل و التخفيف من حدة المركزية اإلدارية بمنح هيئات عدم التركيز صالحيات أكبر.
-بالنسبة للمصالح الخارجية يجب محاولة إدماج بعض المصالح عن طريق دمج الو ازرات التي تهدف
إلى مصالح واحدة من أجل تخفيف حدة النفقات الملقاة على عاتق الدولة.
-التخفيف من حدة السلطة الرئاسية ،حيث بمقارنتها بالوصاية اإلدارية التي تعتبر خفيفة ،نجدها
صارمة بشكل كبير و هو ما يعني تمتع المرؤوسين بقدر من الحرية و منحهم حرية أكبر حتى
يستطيعوا اإلبداع أكثر.
-من ح الكفاءات و المتمتعين بمستويات تأهيلية عالية فرصة االستفادة من مناصب أعلى لرفع
معنوياتهم وتحسين وتيرة العمل اإلداري و تحفيزهم على العطاء أكثر.
-تزويد هيئات عدم التركيز بميزانيات أكبر حتى تستطيع تحقيق األهداف المتعلقة بعملها ،حيث عند
مقارنة البلدية و الدائرة نجد أن البلدية تتمتع بميزانية كبيرة مقارنة بالدائرة التي تكون تابعة لميزانية
الوالية و ال تتمتع بميزانية مستقلة.
-ضرورة عمل هيئات عدم التركيز اإلداري بمخططات تعمل على إنعاش خزينة الدولة و عدم
اعتمادها كلية على تمويل الدولة.
-العمل على تجسيد المقاطعات اإلدارية في أقرب وقت ممكن لتحقيق سير أفضل لإلدارة و تقريبها
من المواطن.
إن هيئات عدم التركيز اإلداري تمكنت من القضاء على مختلف مساوئ الصورة األولى للمركزية
اإلدارية المتمثلة في التركيز اإلداري التي أصبحت مستحيلة التطبيق نظ ار التساع الدولة و زيادة طلبات
األفراد ،كما أن هذه الهيئات – مقارنة بالصورة األولى – حققت السرعة و قضت على الروتين اإلداري ،و
فيما يتعلق بمنازعاتها فقد حددت المادة 801من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أن المحاكم اإلدارية
تختص بالنظر فيها ،كما تم القضاء على االختالف الموجود بشأن تمثيلها أمام القضاء ،حيث تم اعتبارها ال
تتمتع بالشخصية المعنوية و يجب مقاضاة الو ازرة بصفتها تابعة للدولة التي تتمتع بالشخصية المعنوية و
يكون الوالي هو ممثلها القانوني.
78
قائمة
المصادر
والمراجع
أوال :المصادر
.1الدساتير
.6دستور سنة 1996المعدل و المتمم بالقانون 01-16المتضمن التعديل الدستوري الصادر في 06
مارس ،2016ج.ر.ج.ج رقم 14الصادرة في 07مارس .2016
.2القوانين و األوامر
.1األمر 38-69المتضمن قانون الوالية الصادر في 22ماي ،1969ج.ر.ج.ج رقم 44الصادرة في
13ماي .1969
.3قانون رقم 23-90المؤرخ في 18أوت 1990يعدل و يتمم األمر رقم 154-66المؤرخ في 08يونيو
1966المتضمن قانون اإلجراءات المدنية ،الجريدة الرسمية عدد ،36الصادرة بتاريخ 22أوت ،1990ص
.1149
.5األمر رقم 58/75المؤرخ في 26سبتمبر 1975تتضمن القانون المدني المعدل و المتمم بالقانون
10/05المؤرخ في 20جوان 2005
80
.7القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فبراير 2006المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته ،ج.ر.ج.ج
رقم 14الصادرة في 08مارس ،2006المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 15-11المؤرخ في 02أوت
،2011ج.ر.ج.ج رقم 44الصادرة في 10أوت .2011
.8القانون 07-12الصادر في 21فيفري 2012المتعلق بقانون الوالية ،ج.ر.ج.ج رقم 12الصادرة في
29فيفري .2012
.3الق اررات:
.1القرار الوزاري المؤرخ في 03جانفي 1996يحدد صفة أعوان الجمارك غير قباض الجمارك المؤهلين
لتمثيل ادارة الجمارك أمام القضاء ج.ر32
.2القرار الوزاري المؤرخ في 03أوت 1999يخول مديري التربية في الواليات لتمثيل وزير التربية الوطنية
في الدعاوى المرفوعة أمام العدالة ج ر 58المؤرخة في 25أوت .1999
.4المراسيم
.1.4مراسيم رئاسية:
.1المرسوم الرئاسي 82-81المؤرخ 02ماي 1981المتضمن إحداث وظيفة نوعية لكاتب عام في
الدائرة ،ج.ر.ج.ج رقم 18الصادرة في 05ماي 1981
.3المرسوم الرئاسي رقم 140-15المؤرخ في 27ماي 2015المتضمن إحداث مقاطعات إدارية داخل
بعض الواليات و تحديد القواعد الخاصة المرتبطة بها ،الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية
الشعبية ،العدد ،29الصادرة بتاريخ 31ماي .2015
.4المرسوم الرئاسي رقم 328-19المؤرخ في 08ديسمبر 2019يتمم بالملحق المتعلق بالمرسوم الرئاسي
رقم 140-15المؤرخ في 27مايو 2015المتضمن إحداث مقاطعات إدارية داخل بعض الواليات و تحديد
القواعد الخاصة المرتبطة بها.
81
.2.4مراسيم تنفيذية:
.1المرسوم 31-82الصادر في 23جانفي 1982المتعلق بصالحيات رئيس الدائرة ،ج.ر.ج.ج رقم 04
الصادرة في 26جانفي .1982
.3المرسوم التنفيذي رقم ،226-90المؤرخ في 25يوليو 1990الذي يحدد حقوق العمال الذين يمارسون
وظائف عليا في الدولة و واجباتهم ،ج.ر.ج.ج رقم 31الصادرة في 28يوليو .1990،
.4المرسوم التنفيذي رقم ،228-90المؤرخ في 25يوليو ،1990المحدد لكيفيات منح المرتبات التي تطبق
على العمال الذين يمارسون وظائف عليا في الدولة ،جريدة رسمية ،المعدل و المتمم بالمرسوم التنفيذي رقم
،229/90المؤرخ في 25يوليو ،1990جريدة رسمية ،عدد ،31صادرة بتاريخ 28يوليو .1990
.6المرسوم التنفيذي رقم 04/94المؤرخ في 02يناير ،1994المعدل و المتمم للمرسوم التنفيذي رقم
228/90الذي يحدد حقوق العمال الذين يمارسون وظائف عليا في الدولة و واجباتهم ،جريدة رسمية ،عدد
أول ،صادرة بتاريخ 02يناير .1994
.7المرسوم التنفيذي 215-94الصادر في 23جويلية 1994الذي يحدد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية و
هياكلها ،ج.ر.ج.ج رقم 48الصادرة في 27جويلية .1994
.8المرسوم التنفيذي 143-98المؤرخ في 10ماي 1998الذي يتضمن تأهيل موظفي إدارة البريد
والمواصالت لتمثيلها أمام العدالة ج ر 68المؤرخة في 13سبتمبر.1998
.9المرسوم التنفيذي 276-98المؤرخ في 12ديسمبر 1998يؤهل الموظفين لتمثيل اإلدارة المكلفة بالبيئة
أمام العدالة ،ج.ر عدد 68المؤرخة في13سبتمبر .1998
82
.11المرسوم التنفيذي 142-08الصادر في 11مايو 2008المحدد قواعد منح السكن العمومي اإليجاري
،ج.ر.ج.ج رقم 24الصادرة في 11مايو .2008
.17ثانيا :المراجع
.1الكتب
.1بعلي (محمد الصغير) ،الوسيط في المنازعات اإلدارية ،بدون طبعة ،دار العلوم للنشر و التوزيع،
عنابة2009 ،
.2بعلي "محمد الصغير" ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار العلوم للنشر و التوزيع ،الجزائر ،بدون سنة
.3بلحاج (صالح) ،المؤسسات السياسية و القانون الدستوري في الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر.2010
.4بوحميدة (عطاء هللا) ،المصالح الخارجية ،طبيعتها و وسائل الطعن في ق ارراتها ،كلية الحقوق ،جامعة
الجزائر
.5بوضياف (عمار) ،شرح قانون الوالية الجزائري ،دار الجسور للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى2012 ،
.6بوضياف (عمار) ،الوجيز في القانون اإلداري ،الطبعة الثالثة ،دار الجسور للنشر و التوزيع ،الجزائر،
2015
.7الدبس (عصام علي) ،القانون اإلداري ،الكتاب األول ،بدون طبعة ،بدون دار نشر ،بدون بلد نشر،
بدون سنة
.8ذنيبات (محمد جمال مطلق) ،الوجيز في القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار الثقافة للنشر و التوزيع،
عمان ،بدون سنة نشر
.9راضي (مازن ليلو) ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية2005 ،
.10شيحا (ابراهيم عبد العزيز) ،الوسيط في مبادئ و أحكام القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار المطبوعات
الجامعية ،اإلسكندرية1999 ،
.11شيهوب (مسعود) ،المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن
عكنون الجزائر 2013
83
.12الطهراوي (هاني علي) ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،عمان -األردن،
بدون سنة نشر
.13الطهراوي (هاني علي) ،قانون اإلدارة المحلية ،بدون طبعة ،بدون دار نشر ،عمان ،بدون سنة
.14الظاهر (خالد خليل) ،القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،الكتاب األول ،بدون طبعة ،دار المسيرة للنشر و
التوزيع و الطباعة ،عمان 1998
.15عبد الباسط (محمد فؤاد) ،القانون اإلداري ،بدون طبعة ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،بدون سنة،
.16عبد الوهاب "محمد رفعت" ،مبادئ و أحكام القانون اإلداري ،بدون طبعة ،منشورات الحلبي الحقوقية،
بيروت ،بدون سنة نشر
.17عشي (عالء الدين) ،مدخل للقانون اإلداري ،دار الهدى للنشر ،الجزائر 2012
.18عوابدي (عمار) ،القانون اإلداري ،ديوان المطبوعات الجامعية ،طبعة ،5الجزائر2005
.19كنعان (نواف) ،القانون اإلداري ،الكتاب األول ،الطبعة األولى ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،عمان،
سنة 2000
.20كوسة (فضيل) ،القرار اإلداري في ضوء قضاء مجلس الدولة ،دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع،
الجزائر 2013
.21لباد (ناصر) ،األساسي في القانون اإلداري ،دار المجدد للنشر و التوزيع ،طبعة ،2الجزائر 2012
.22لعبيدي (األزهر) ،استحداث مقاطعات إدارية في الجزائر في ظل انتهاج سياسة تقشفية خطوة مناسبة
في الوقت غير المناسب ،دراسة تحليلية في ظل المرسوم الرئاسي رقم ،15-140جامعة الشهيد حمة
لخضر ،الوادي
.2المجالت والدوريات:
.1ابرادشة (فريد)" ،نظرية التنظيم اإلداري في الجزائر مبدأ السلطة الرئاسية بين النص و الممارسة" ،مجلة
البحوث و الدراسات القانونية ،كلية الحقوق و العلوم السياسة ،جامعة المسيلة ،العدد2020 ،2
.2ابن خليفة (سميرة)" ،الطبيعة القانونية للمقاطعة اإلدارية في القانون الجزائري و عالقتها بالجماعات
المحلية" ،مجلة العلوم القانونية و السياسية ،العدد الثالث ،جامعة طاهري محمد ،بشار ،الجزائر ،ديسمبر
2018
84
.3بن ترجا هللا (علي)" ،موقف القضاء اإلداري الجزائري من أهلية الدائرة في التقاضي" ،مجلة العلوم
القانونية و االجتماعية ،العدد الخامس ،جامعة زيان عاشور ،الجلفة ،ص152
.4رزيق (أميرة) " ،تمثيل المصالح الخارجية للو ازرات أمام القضاء اإلداري في الجزائر" ،مجلة الواحات
للبحوث والدراسات ،العدد ، 1جامعة غرداية.2016 ،
.5زعموم (حدة) " ،المصالح غير الممركزة للدولة صفة التقاضي و التمثيل أمام القضاء" ،المجلة الجزائرية
للقانون و العدالة ،بدون عدد ،مركز البحوث القانونية و القضائية ،بدون سنة.
.6سعود (امينة)" ،الدائرة في النظام الجزائري" ،مجلة أبحاث ،المجلد الثالث ،العدد الثاني ،جامعة األغواط،
ديسمبر 2018
.7الشباطات (محمد علي) ،حامد (ميثاق قحطان)" ،الشروط القانونية لصحة التفويض في االختصاصات
اإلدارية" ،مجلة دراسات و أبحاث ،جامعة الشرق األوسط األردن ،جامعة األنبار العراق ،العدد ، 27جوان
2017
.8عبيدة (نجاة) ،مولفرعة (نعيمة)" ،منازعات المصالح الخارجية للدولة :غموض وعدم استقرار" ،مجلة
الدراسات القانونية و السياسية ،العدد 02جوان ، 2015كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عمار
ثليجي ،االغواط.2015 ،
.9قصير (آمال) " ،النظام القانوني للوالي المنتدب على مستوى المقاطعة اإلدارية في الجزائر" ،مجلة العلوم
القانونية و السياسية ،العدد ،03جامعة باتنة ،01الجزائر ،ديسمبر .2018
.10لجلط (فواز)" ،واجب طاعة الرئيس و أثره على المسؤولية الجنائية للموظف" ،مجلة الحقوق و العلوم
اإلنسانية ،جامعة المسيلة ،المجلد -9العدد 2،2016
.11لصلج (نوال)" ،النظام القانوني للدائرة في الجزائر" ،مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية و
السياسية ،العدد السابع ،جامعة 20أوت ،1955سكيكدة ،سبتمبر 2017
.12مدوح (أحمد) ،نجيمي (عبد الرحمن) ،نجيمي (نعاس) " ،المركزية اإلدارية و عالقتها باإلدارة العامة"،
مجلة الحقوق و العلوم اإلنسانية ،كلية العلوم السياسية و العالقات الدولية ،قسم العلوم السياسية و العالقات
الدولية ،كلية العلوم القانونية و اإلدارية ،جامعة زيان عاشور بالجلفة ،بدون عدد ،بدون سنة
85
.3األطروحات والمذكرات:
.1إبراهيم (داود) ،عالقة إدارة عدم التركيز باإلدارة الالمركزية ،أطروحة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة
.2بلفتحي (عبد الهادي) ،المركز القانوني للوالي في النظام اإلداري الجزائري ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة
ماجستير ،جامعة منتوري قسنطينة 2011
.3ناصر(بدرية) ،نطاق السلطة الرئاسية في القانون اإلداري الجزائري ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير
في القانون العام ،معهد العلوم القانونية و اإلدارية ،المركز الجامعي الدكتور موالي الطاهر ،سعيدة-2008 ،
.2009
86
فهــــــرس
91
ملخص المذكرة
و هي في،إن المركزية اإلدارية تعتمد على حصر و تركيز الوظيفة اإلدارية في يد الوزير وحده
بداية ظهورها كانت ممثلة في صورتها األولى المتعلقة بالتركيز اإلداري الذي يعتمد على تركيز الوظيفة
.اإلدارية في كلياتها و جزئياتها في يد الوزير منفردا في ظل الدولة الحارسة
إن التطور الذي حدث للدولة و تحولها من دولة حارسة إلى دولة متدخلة فرض عليها اللجوء إلى
عدم التركيز اإلداري تخفيفا للعبء الملقى على عاتق السلطة المركزية و عدم تمكنها من النظر في كل
فتم منح ممثلي هذه األخيرة صالحية البت النهائي في بعض األمور دون العودة إليها و ذلك،صغيرة و كبيرة
حيث يقوم الرئيس بتفويض بعض صالحياته لمرؤوسيه إما بتفويض االختصاص أو،عن طريق التفويض
فهم يبقون تحت حكم السلطة،بتفويض التوقيع لكن دون استقالل هؤالء الممثلين عن السلطة المركزية
.الرئاسية التي يتمتع بها الرئيس تجاه المرؤوس
و فكرة عدم التركيز اإلداري تجد تطبيقاتها في الهيئات التي تعتبر تجسيدا لها من خالل الوالي
إضافة للدائرة و المقاطعات،بصفته ممثال للدولة و المصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الوالية
اإلدارية حيث تعتبر األولى تجسيدا لعدم التركيز اإلداري من خالل رئيس الدائرة و الثانية تم اعتبارها عند
.استحداثها امتدادا لعدم التركيز اإلداري
Abstract
The administrative centralization depends on restricting and concentrating
the administrative function in the hands of the minister alone. At the beginning of
its appearance, it was represented in its first image related to the administrative
focus, which depends on the concentration of the administrative function in its
whole and its parts in the hands of the minister as an individual under the rule of
the guardian state.