You are on page 1of 7

‫تأملات في الجائحة والجهوية‬

‫ابراهيم أحطاب‪،‬‬
‫أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير‬
‫هسبريس‬

‫جرت العادة في تناول الجهوية من طرف الفاعلين السياسيين‬


‫والقانونيين والباحثين وعموم المهتمين بالشأن المحلي‪ ،‬على ربطها‬
‫بالتنمية‪ ،‬والنظر إليها كإطار يحكم تحديد الاختصاصات وتوزيعها في‬
‫مستويات تحدد طبيعة دور الفاعل المركزي إلى جانب دور الفاعل‬
‫المحلي‪ ،‬كمبادر يتولى مهام التخطيط والتنفيذ والتقييم قصد النهوض‬
‫بالمجال الجهوي وتلبية انتظارات الساكنة المرتبطة بالتنمية الاقتصادية‬
‫والاجتماعية‪ ،‬تطبيقا للأحكام المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪.‬‬
‫وغالبا ما يتم تقديم الجهوية كوسيلة لتجاوز قصور اللامركزية والدور‬
‫الكلاسيكي للجماع ات التقليدية الأخرى‪ ،‬مما يجعل الرهان عليها قائما‬
‫قصد تقليص الفوارق الجهوية وتنمية مجموع جهات البلاد تنمية‬
‫منسجمة ومتوازنة‪.‬‬
‫وكقاعدة عامة‪ ،‬تقوم معايير التقسيم الجهوي‪ ،‬إما على أسس تاريخية‬
‫وبيئية‪ ،‬أو على محددات إنتاجية واقتصادية‪ ،‬أو على أساس معيار التكامل‬
‫الوظ يفي‪ ،‬والاستقطاب الحضري‪ ،‬ما لم ترجح العوامل الطبيعية والموقع‬
‫الجغرافي للجهة‪ ،‬في محاولة لاستغلال الموارد الناتجة عن هذه العوامل‪.‬‬
‫والثابت أن الجوائح والأوبئة لا دخل لها في معايير التقسيم الجهوي‪ ،‬وإن‬
‫كانت بنيات الاستشفاء‪ ،‬والعرض الصحي والموارد البشرية المعبأة في‬
‫كل جهة‪ ،‬من العوامل التي تساهم في إيجاد فوارق جهوية‪ ،‬وتؤدي إلى‬
‫نشوء تنافس ترابي يؤثر في القدرة على استقطاب الاستثمار عامة‪،‬‬
‫والأنشطة الإنتاجية ذات الصلة بتقديم الخدمات الاستشفائية خاصة‪.‬‬
‫وعلاقة بجائحة كوفيد ‪ ، 19‬فإن التدبير الناجع للجائحة‪ ،‬وتداعياتها على‬
‫الأمن والنظام العام الصحيين‪ ،‬فرض توحيد خطة العمل والقيادة مركزيا‪،‬‬
‫منذ صدور المرسوم الخاص بصندوق "تدبير جائحة كوفيد ‪ "19‬بموجب‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.20.269‬بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ ،2020‬مرورا بالمرسوم بقانون‬
‫رقم ‪ 2.20.292‬المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية‬
‫وإجراءات الإعلان عنها‪ ،‬وكذا المرسوم ‪ 2.20. 293‬المتعلق بإعلان حالة‬
‫الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس‬
‫كورونا –كوفيد ‪ ، 19‬كما وقع تمديدها في ثلاث مناسبات‪ ،‬كان آخرها‬
‫بموجب المرسوم رقم ‪ 2.20.406‬القاضي بتمديد سريان مفعول حالة‬
‫الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني‪ ،‬وبسن مقتضيات خاصة‬
‫بالتخفيف من القيود المتعلقة بها‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى هذا المرسوم الأخير‪ ،‬نجد بأنه يؤسس لمبدأين اثنين‪ ،‬الأول‬
‫يروم تمديد حالة الطوارئ‪ ،‬والثاني يؤسس للبعد الترابي في عملية‬
‫التقييم للوضعية الوبائية في كل إقليم أو عمالة قبل تقرير أي إجراء‬
‫بغرض التخفيف من القيود المفروضة على الحريات بشكل عام‪.‬‬

‫أولا‪ :‬مبدأ تمديد حالة الطوارئ الصحية‬


‫يقصد بحالة الطوارئ الصحية‪ ،‬مجموع الإجراءات‪ ،‬التي يجوز للحكومة‬
‫اتخاذها‪ ،‬بعد التداول فيها في مجلس حكومي‪ ،‬بسبب وجود مخاطر‬
‫تفشي أمراض معدية أو وباء‪ ،‬يحتاج إلى تدخل مستعجل للحكومة‪ ،‬لاتخاذ‬
‫ما يلزم من التدابير الكفيلة بالتصدي وحصر المخاطر المحدقة بصحة‬
‫وسلامة الأشخاص‪ ،‬أو بالنظام العام الصحي أو البيئي‪.‬‬
‫فإذا كانت حالة الطوارئ الصحية يفرضها أمر طارئ يهدد سلامة وصحة‬
‫المواطنين‪ ،‬فإنها لهذا السبب تشكل مبررا لتدخل السلطات العمومية‬
‫قصد اتخاذ جميع التدابير التي من شأنها حفظ النفس والصحة‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن ما إذا كان من شأنها المساس بالحريات والحقوق المدنية‬
‫المعترف بها دستوريا للأفراد‪ ،‬على إثر التوسع في صلاحيات السلطات‬
‫الأمنية‪ ،‬بغرض إرجاع الأوضاع إلى حالها الطبيعي‪ ،‬وحفظ النظام العام‪.‬‬
‫ويدرج ضمن التضييق من الحريات والحقوق‪ ،‬تقييد حق التنقل من مكان‬
‫إلى آخر‪ ،‬ومنع التجمع‪ ،‬وإغلاق الأسواق الأسبوعية‪ ،‬وتوقيف الأنشطة‬
‫التجارية والمهنية غير الحيوية‪ ،‬وهو ما يوضح أن الحجر الصحي‪ ،‬أو العزل‬
‫الاجتماعي بالمنازل أو غيرها ليس إلا تدبيرا واحدا من بين التدابير الأخرى‬
‫التي قد تقتضيها حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬مع ملاحظة أساسية تتجلى في‬
‫نسبية مبدأ التضييق من الحريات والحقوق‪ ،‬في الحدود التي تسمح فقط‬
‫بحصر تفشي الجائحة‪ ،‬وبالتالي التحكم في تطور الحالة الوبائية‪.‬‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬فإن المرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬المتعلق بسن أحكام‬
‫خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها‪ ،‬والمصادق عليه‬
‫بالقانون ‪ ، 23-20‬يشكل أساسا قانونيا لتدخل السلطات الحكومية‬
‫المختصة بقصد اتخاذ التدابير الاستثنائية بموجب مراسيم أو مقررات‬
‫تنظيمية أو إدارية أو بمناشير‪ ،‬وعند الاقتضاء‪ ،‬عن طريق البلاغات فقط‪،‬‬
‫مم ا يكفل مشروعية التدابير التي تراها ضرورية والقابلة للتنفيذ‪ ،‬في إطار‬
‫المرسوم ‪ 2.20.293‬المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء‬
‫التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا –كوفيد ‪ ،19‬كما وقع‬
‫تمديدها بموجب المرسوم رقم ‪ 2.20.230‬الصادر في ‪ 18‬أبريل ‪،2020‬‬
‫والمرسوم رقم ‪ 2.20.371‬الصادر في ‪ 19‬ماي ‪ ،2020‬بغرض السيطرة‬
‫على جائحة كوفيد ‪ ، 19‬ومن ثمة الحفاظ على الصحة العامة للمواطنين‬
‫وحمايتها من تداعيات هذه الجائحة‪.‬‬
‫وتحسبا لموجة ثانية من الإصابات بهذا الفيروس‪ ،‬وحماية للأمن الصحي‪،‬‬
‫عمل المرسوم رقم ‪ 2.20.406‬على تمديد سريان مفعول حالة الطوارئ‬
‫الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمدة شهر إضافي‪ ،‬من يوم الأربعاء‬
‫‪ 10‬يونيو ‪ 2020‬في الساعة السادسة مساء إلى يوم الجمعة ‪ 10‬يوليوز‬
‫‪ 2020‬في الساعة السادسة مساء‪ ،‬بغرض تمكين السلطات العمومية من‬
‫التدخل بصفة استعجالية‪ ،‬واتخاذ كل التدابير التي قد يقتضيها تطور‬
‫وضعية الجائحة على مستوى التراب الوطني‪ ،‬خروجا عن مساطر التشريع‬
‫الجاري بها العمل في الأوقات العادية‪.‬‬
‫والملاحظ أن التمديد كان مقررا في مشروع المرسوم أعلاه لمدة شهرين‪،‬‬
‫أي من يوم الأربعاء ‪ 10‬يونيو ‪ 2020‬في الساعة السادسة مساء إلى يوم‬
‫الجمعة ‪ 08‬غشت ‪ 2020‬في الساعة السادسة مساء‪ ،‬قبل أن يتقرر هذا‬
‫التمديد‪ ،‬في الأخير‪ ،‬لمدة شهر واحد فقط‪ ،‬وفق البلاغ الصحفي لمجلس‬
‫الحكومة بتاريخ ‪ 9‬يونيو ‪ .2020‬وهو ما يؤشر على تباين وجهات النظر إزاء‬
‫مبدأ التمديد ومدته‪ ،‬بالنظر لتكلفته العالية بالنسبة للاقتصاد الوطني‬
‫الذي يتسم بالمح دودية من جهة‪ ،‬والتداعيات النفسية والاجتماعية‬
‫لإجراءات الطوارئ الصحية على شرائح واسعة من المجتمع المغربي من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬مما لا يتسع معه المجال لتقييد الحركة والحريات زيادة عن‬
‫اللزوم‪ ،‬خاصة أمام شدة وطأتها طيلة الأشهر الثلاثة الماضية‪.‬‬
‫وغير خاف أن جميع المؤشرات الماكرو اقتصادية تنبأ عن وضع غير سليم‬
‫أمام طول مدة حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬مما انعكس سلبا على وضعية‬
‫العديد من المقاولات التي توقفت جزئيا أو كليا‪ ،‬مع تسجيل اختلالات‬
‫على مستوى سلاسل الإنتاج والتوريد‪ ،‬وتراجع قطاع الصادرات‪ ،‬وارتفاع‬
‫معدل البطالة‪ ،‬وهي كلها مؤشرات على العجز المنتظر بالنسبة للمالية‬
‫العمومية‪ ،‬التي ستتراجع مواردها‪ ،‬في الوقت الذي ستزداد الحاجة إلى‬
‫الإنفاق العمومي‪.‬‬
‫ويبدو أن هذه الاعتبارات كانت حاسمة في اتخاذ قرار استئناف الأنشطة‬
‫الصناعية والتجارية ومهن أنشطة القرب‪ ،‬والمهن الحرة‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫الخدمات الأخرى في مجموع التراب الوطني‪ ،‬بناء على دلائل تبين‬
‫إجراءات السلامة‪ ،‬والاحتراز التي يتعين التقيد بها سواء في القطاع‬
‫العمومي‪ ،‬أو في القطاع الخاص بغرض تدبير مخاطر العدوى داخل‬
‫فضاءات العمل‪.‬‬
‫ولم يستثن من قرار استئناف الأنشطة الاقتصادية إلا بعض الخدمات‬
‫ذات الصلة بالمقاهي والمطاعم والحمامات والمسارح والسينما‪ ،‬وهي‬
‫خدمات شديدة الارتباط بالقطاع السياحي‪ ،‬حيث يبدو أن معاناة هذا‬
‫القطاع مرشحة للاستمرار‪ ،‬ولو في فترة الذروة السياحية‪ ،‬في ظل‬
‫استمرار إغلاق الحدود الجوية‪ ،‬وتجاهل التعاطي مع انتظارات مغاربة‬
‫العالم العالقين بالخارج‪.‬‬
‫وقد انعكس هذا التباين حتى على برمجة الجلسة العمومية بالبرلمان‪،‬‬
‫والمخصصة لعرض ومناقشة خطة الحكومة لرفع الحجر الصحي‪،‬‬
‫والاستراتيجية الحكومية لتجاوز مرحلة حالة الطوارئ الصحية من طرف‬
‫رئيس الحكومة طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 100‬من الدستور‪،‬‬
‫ومقتضيات المواد من ‪ 278‬إلى ‪ 283‬من النظام الداخلي للمجلس‪ ،‬حيث‬
‫وقع تقديمها بيوم بعد أن كانت مقررة ليوم ‪11‬يونيو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬البعد الترابي في إجراءات التخفيف من الحجر الصحي‬
‫يظهر من خلال الاطلاع على البلاغ المشترك لوزارة الداخلية ووزارة‬
‫الصحة الصادر بتاريخ ‪ 9‬يونيو ‪ ،2020‬أن مخطط التخفيف من تدابير‬
‫الحجر الصحي‪ ،‬يتوقف على تطور الحالة الوبائية بكل عمالة أو إقليم‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى هذا المخطط‪ ،‬سنجده قد اعتمد العمالة أو الإقليم معيارا‬
‫للتصنيف‪ ،‬أمام التفاوت المسجل في الحالة الوبائية لكل عمالة أو إقليم‬
‫داخل الجهة الواحدة‪ .‬وهذا التقسيم للتراب الوطني بناء على معيار‬
‫العمالة أو الإقليم أفضى إلى تحديد منطقتين كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬المنطقة الأولى‪ :‬وتشمل تسعة وخمسين (‪ )59‬إقليما وعمالة تابعة‬
‫لسبع جهات من أصل اثنا عشر‪ ،‬وتمتد من المنطقة الشرقية‪ ،‬مرورا بجهة‬
‫بني ملال خنيفرة‪ ،‬ثم جهة درعة تافيلالت‪ ،‬وانتهاء بالجهات الأربع بجنوب‬
‫المملكة‪ ،‬أي ما يمثل ‪ %80‬من مجموع التراب الوطني‪ ،‬و‪ % 61‬من‬
‫مجموع عدد سكان المغرب‪ ،‬الذين أصبح بإمكانهم الاستفادة من ممارسة‬
‫بعض الحريات و التخفيف من القيود المتعلقة بها لا سيما في ما يخص‪:‬‬
‫أ‪ -‬الخروج دون حاجة لرخصة استثنائية للتنقل داخل المجال الترابي‬
‫للعمالة أو الإقليم؛‬
‫ب‪ -‬استئناف النقل العمومي الحضري مع استغلال نسبة لا تتجاوز ‪%50‬‬
‫من الطاقة الاستيعابية؛‬
‫ج ‪ -‬التنقل داخل المجال الترابي لجهة الإقامة‪ ،‬بدون إلزامية التوفر على‬
‫ترخيص‪ ،‬والاقتصار فقط على الإدلاء بالبطاقة الوطنية للتعريف‬
‫الإلكترونية؛‬
‫د ‪ -‬إعادة فتح قاعات الحلاقة والتجميل‪ ،‬مع تخفيض طاقتها الاستيعابية‬
‫بمقدار النصف؛‬
‫ه‪ -‬إعادة فتح الفضاءات العمومية بالهواء الطلق كالمنتزهات‪ ،‬والحدائق‪،‬‬
‫والأماكن العامة؛‬
‫و‪ -‬استئناف الأنشطة الرياضية الفردية بالهواء الطلق (المشي‪ ،‬الدراجات‪،‬‬
‫إلخ…)؛‬
‫وتجدر الإشارة‪ ،‬إلى أنه موازاة مع إقرار هذه الحريات وتخويل حق‬
‫ممارستها فرديا‪ ،‬تقرر الإبقاء على جميع القيود الأخرى التي تم إقرارها في‬
‫حالة الطوارئ الصحية والهادفة إلى منع التجمعات‪ ،‬والاجتماعات‪،‬‬
‫والأفراح‪ ،‬وحفلات الزواج‪ ،‬الجنائز وغيرها من المناسبات التي قد تؤدي‬
‫إلى المساس بالتباعد الاجتماعي‪ ،‬كوسيلة احترازية لمنع انتشار وتفشي‬
‫فيروس كوفيد ‪.19‬‬
‫المنطقة الثانية‪ :‬وتضم ‪ 16‬عمالة وإقليم‪ ،‬ويظهر أن أكثر من ‪ % 95‬منها‬
‫يوجد في الشريط الساحلي للمحيط الأطلسي‪ ،‬ويغطي محور الجديدة ‪-‬‬
‫طنجة‪ ،‬حيث الكثافة السكانية جد مرتفعة‪ ،‬يضاف إليها عمالتي فاس‪،‬‬
‫ومراكش‪ ،‬ثم إقليم الحاجب‪.‬‬
‫وبالنظر لاستمرار تسجيل بؤر وبائية على مستوى هذه المنطقة‪ ،‬فهي لا‬
‫تستفيد من تدابير التخفيف إلا جزئيا‪ ،‬مما يعني استمرار تقييد حرية‬
‫الحركة‪ ،‬بحيث أ ن الخروج يقتضي التوفر على رخصة استثنائية للتنقل‪ ،‬بما‬
‫فيها رخص العمل والرخص للاستفادة من الأنشطة الاقتصادية‬
‫المسموح بها‪.‬‬
‫كما أن حرية ممارسة التجارة بدورها مقيدة‪ ،‬أمام إلزامية إغلاق المتاجر‬
‫على الساعة الثامنة مساء‪ .‬فيما أصبح مسموحا استئناف النقل العمومي‬
‫الحضري مع استغلال نسبة لا تتجاوز ‪ %50‬من الطاقة الاستيعابية‪.‬‬
‫وإذا كانت جميع القيود الأخرى التي تم إقرارها في حالة الطوارئ الصحية‬
‫والهادفة إلى منع التجمعات‪ ،‬والاجتماعات‪ ،‬والأفراح‪ ،‬وحفلات الزواج‪،‬‬
‫والجنائز وغيرها من المناسبات‪ ،‬لايزال العمل جاريا بها بالنسبة لمنطقة‬
‫التخفيف الأولى‪ ،‬فإنه من باب أولى‪ ،‬تطبق كذلك بالنسبة للمنطقة‬
‫الثانية‪ ،‬كتدابير احترازية‪ ،‬في أفق التحكم في انتشار الفيروس بها‪.‬‬
‫كما أن الانتقال التدريجي‪ ،‬في إطار مخطط التخفيف من تدابير الحجر‬
‫مسبقا لعملية تقييم الإجراءات‬
‫ً‬ ‫الصحي‪ ،‬من مرحلة إلى أخرى سيخضع‬
‫الواجب تنفيذها والشروط اللازم توفرها على مستوى كل عمالة وإقليم‪،‬‬
‫من طرف لجان اليقظة والتتبع‪ ،‬التي يترأسها السادة الولاة والعمال‪.‬‬
‫والملاحظ هو استمرار غياب الجهات‪ ،‬ومختلف مستويات التنظيم الترابي‬
‫للمملكة الأخرى‪ ،‬كالجماعات ومجالس العمالات والأقاليم‪ ،‬في القيام‬
‫بأدوارها ولو في المرحلة التي تخص سن إجراءات بالتخفيف من حالة‬
‫الحجر الصحي‪.‬‬
‫وهذا الوضع الناتج عن تغييب المجالس المنتخبة‪ ،‬يسمح بالقول بتعطيل‬
‫أهم المبادئ المؤطرة لتدبير الشؤون الجهوية بكيفية حرة وديمقراطية‪،‬‬
‫وعلى أساس التعاون والتضامن بين الجهات طبقا لأحكام الفصل ‪136‬‬
‫من دستور ‪ ، 2011‬خاصة وأن الجهة تتبوأ مكانة الصدارة بالنسبة‬
‫للجماعات الترابية الأخرى‪ .‬وهذه المرتبة تؤهلها لاقتراح ووضع برامج‬
‫للتنمية الجهوية وتنفيذها وتتبعها بغرض المساهمة في تحقيق إقلاع‬
‫اقتصادي جديد‪ ،‬والتخفيف من تداعيات الأزمة التي أصابت قطاعات‬
‫اقتصادية واسعة نتيجة الإجراءات الاحترازية المطبقة لمحاصرة جائحة‬
‫كوفيد ‪.19‬‬

You might also like