You are on page 1of 320

‫مختصر فرق معاصرة‬

‫تنتسب إلى اإلسالم وبيان موقف اإلسالم منها‬

‫للشيخ الدكتورغالب عواجي (رحمه هللا)‬

‫اختصره ‪:‬‬
‫د‪ /‬عبد الرحمن بن غالب عواجي‬
‫عضو هيئة التدريس بالجامعة اإلسالمية بالمدنية المنورة‬
‫للل‬

‫‪0‬‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب‪ ،‬كأشهد أف ال إلو إال هللا كرل الصا‪٢‬بْب‪ ،‬كأشهد أف سيدان كحبيبنا دمحما عبده‬
‫كرسولو أشرؼ ا‪٣‬بلق أ‪ٝ‬بعْب‪ ،‬صلى هللا عليو كعلى آلة الطيبْب الطاىرين‪ ،‬كعلى أصحاب الغر ا‪٤‬بيامْب‪،‬‬
‫كعلى من تبعهم إبحساف إذل يوـ الدين‪.‬‬

‫ٍب أما بعد‪،،،‬‬

‫فهذا ‪٨‬بتصر لكتاب "فرؽ معاصرة تنتسب إذل اإلسبلـ كبياف موقف اإلسبلـ منها" ‪٤‬بؤلفو الشيخ الدكتور‬
‫غالب بن علي عواجي تغمده هللا بواسع الر‪ٞ‬بات كجعل ذلك ُب موازين ا‪٢‬بسنات ك‪ٝ‬بعنا كإايه ُب دار‬
‫الكرامة ُب مقعد صدؽ عند مليك مقتدر‪.‬‬

‫كبْب موقف اإلسبلـ منها‪ ،‬كذلك بقياسها عقائدىا‬


‫كقد ‪ٝ‬بع فيو مؤلفو أبرز الفرؽ ا‪٤‬بنتسبة إذل اإلسبلـ‪ٌ ،‬‬
‫على مدل ‪٨‬بالفتها لفرقة أىل السنة كا‪١‬بماعة‪،‬كهنج السلف الصاحل‪ ،‬القائم على الكتاب كالسنة‪ ،‬ك‪٥‬بذا‬
‫صدر ا‪٤‬بؤلف الكتاب ببياف فرقة أىل السنة كا‪١‬بماعة ‪ٍ ،‬ب بدأ بذكر الفرؽ ا‪٤‬بخالفة ‪٥‬بم ‪ ،‬كابتدأ اب‪٣‬بوارج‬
‫ٍب الشيعة ٍب القاداينية ٍب الباطنية ٍب النصّبية ٍب الدركز ٍب البابية ٍب البهائية ٍب الصوفية ٍب ا‪٤‬برجئة ٍب ذكر‬
‫فرؽ أىبللكبلـ كىي ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعتزلة كاألشاعرة كا‪٤‬باتريدية ٍب ختمها بدراسة أىم ا‪٤‬بسائل الٍب اتفق عليها‬
‫أىل الكبلـ‪.‬‬

‫كىذا الكتاب من الكتب الٍب جعل ‪٥‬با هللا ‪٥‬با القبوؿ بْب طلبة العلم‪ ،‬فقد قيػٌررت دراستو ُب كثّب من‬
‫ا‪١‬بامعات اإلسبلمية كالعربية ُب ‪٨‬بتلف البلداف‪٤ ،‬با حول من معلومات كبّبة كفوائد عظيمة ك٘برد ُب‬
‫النقل كالدراسة‪ ،‬مبِب على منهج السلف الصاحل‪ ،‬فقد نقل من أمهات كتب الفرؽ ا‪٤‬بذكورة كبْب ا‪٫‬برافها‬
‫أبدلة نقلية كعقلية كاضحة‪.‬‬

‫كقد كنت ‪٩‬بن أنعم هللا علي بتدريس كتاب كالدم لطبلب ا‪١‬بامعة اإلسبلمية‪ُ ،‬ب ‪٨‬بتلف كلياهتا ُب مادة‬
‫الفرؽ‪ ،‬كطلب مِب كثّب من الطبلب اختصار كتاب الفرؽ ا‪٤‬بقرر‪ ،‬فَبددت رىبة من اختصار كتاب الوالد‬
‫ٗبا ٱبل ٗبنهجو أك يقل عن ىدفو‪ ،‬فاستخرت هللا كاستشرت ٍب عقدت العزـ على اختصاره كعلمت أف‬
‫ا‪٤‬بختصر فرع عن األصل كال يغِب الفرع عن األصل بل ال يقوـ إال بو – كىذا ما أكصي بو طبلب العلم‬
‫‪.-‬‬

‫‪1‬‬
‫ككاف ‪٩‬با زاد شوقي لقراءتو مرات عديدة كاختصاره اختصارا موجزا ما أحسست بو من أينس بعد كحشة‬
‫فراقو‪ ،‬فكاف لقاء بيِب كبينو ُب السطور كالكلمات‪ ،‬فاختلطت العربات ابلعبارات‪.‬‬

‫ابلعلم كالتعليم كالدعوات‬ ‫كلئن رحلت فقد رحلت مطيبا‬

‫لكن تركت ‪ٝ‬بار فقدؾ ُب ا‪٢‬بشا ككسرت ‪٦‬بداُب كرأس عصاٌب ‪.‬‬

‫كال نقوؿ إال ما يرضي ربنا‪ ،‬كقد حرصت أال أغّب عباراتو ُب معظم االختصار‪ ،‬اللهم سول حذؼ‬
‫االسَبساؿ كربط ا‪١‬بمل ببعضها بعد ذلك‪ ،‬كدل أترؾ شيئا من ا‪٤‬بسائل ا‪٤‬بذكورة ُب أصل الكتاب‪ ،‬كقد‬
‫قمست ما ارأتيت تقسيمو كحولت بعض الفصوؿ إذل مباحث‪ ،‬كقسمت بعض ا‪٤‬بباحث إذل فقرات‬
‫ليسهل على طبلب العلم حفظها كفهمها‪ ،‬ككنت ُب ىذا مستعينا ابهلل كحده‪.‬‬

‫فرحم هللا ا‪٤‬بؤلف ر‪ٞ‬بة كاسعة ككتب ذلك ُب ميزاف أجوره كحسناتو‪ ،‬كجزاه هللا عن ‪ٞ‬بلة العلم كطلبتو‬
‫أطيب ا‪١‬بزاء كأجزلو كأفضل اإلحساف كأكملو‪ ،‬كرفع درجاتو ُب عليْب‪ ،‬مع األنبياء كالصديقْب كالشهداء‬
‫كالصا‪٢‬بْب‪ ،‬كا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب‪.‬‬

‫خطة الكتاب‪:‬‬

‫اعتمدت تقسيم الكتاب األصل ُب تقسيمو سول جعل لعض الفصوؿ مباحث كجعل بعض األبواب‬
‫فصوال كذلك كما يلي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مقدمة يف الفرق‪ :‬وتشمل ادلباحث التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬ا‪٥‬بدؼ من دراسة الفرؽ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬أٮبية دراسة الفرؽ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬النهي عن التفرؽ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬حصر الفرؽ ُب العدد ا‪٤‬بذكور ُب حديث االفَباؽ‪ .‬كفيو مطلباف‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬من ىي الفرقة الناجية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬معُب قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬كلها ُب النار إال كاحدة "‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬كيف ظهر ا‪٣‬ببلؼ كالتفرؽ بْب ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬مدجى سعة ا‪٣‬ببلؼ الذم كاف ٰبصل بْب الصحابة‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع‪ :‬مظاىر ا‪٣‬ببلؼ بْب ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثامن‪ :‬كيف تبدأ الفرؽ ُب الظهور‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع‪ :‬منهج العلماء ُب عد الفرؽ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث العاشر‪ :‬ما ا‪٤‬براد أبمة اإلسبلـ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٢‬بادم عشر‪ :‬أىم أسباب نشأة الفرؽ‪.‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬دراسة عن اخلوارج‪ ,‬وفيو ادلطالب التالية‪:‬‬

‫‪ٛ‬بهيد ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬زعيم اإلابضية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬ىل اإلابضية من ا‪٣‬بوارج‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬فرؽ اإلابضية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬دكلة اإلابضية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬موقف اإلابضية من ا‪٤‬بخالفْب ‪٥‬بم‪ ،‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬موقفهم من سائر ا‪٤‬بخالفْب ‪٥‬بم‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬موقفهم من الصحابة‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث االسادس‪ :‬عقائد اإلابضية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع‪ :‬إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للخوارج‪ ،‬كيشمل ا‪٤‬بسائل التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬ىل ا‪٣‬بوارج يقولوف ابلتأكيل أـ بظاىر النص فقط؟‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬موقف ا‪٣‬بوارج من صفات هللا‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬حكم مرتكيب الذنوب عند ا‪٣‬بوارج ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ا‪٤‬بطلب الرابع‪ :‬اإلمامة العظمى‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬موقفهم من عامة ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثامن‪ :‬حكم ا‪٣‬بوارج ُب أطفاؿ ‪٨‬بالفيهم‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع‪ :‬ا‪٢‬بكم على ا‪٣‬بوارج‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الشيعة‪ ,‬وفيو ادلباحث التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬التعريف ابلشيعة لغة كاصطبلحا‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬مٌب ظهر التشيع‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬مراحل دعول التشيع‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬أ‪٠‬باء الشيعة‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬فرؽ الشيعة ‪ ،‬كيشمل ا‪٤‬بطاؿ التالية ‪:‬‬

‫‪ٛ‬بهيد‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬السبب ُب تفرقهم‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬عدد فرقهم‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬دراسة أىم فرؽ الشيعة‪ ،‬كُب ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬السبئية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬الكيسانية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬ا‪٤‬بختارية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الرابع‪ :‬الزيدية‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬الرافضة ‪ ،‬كتشمل دراستها ا‪٤‬بسائل التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بسأكلة األكذل‪ :‬تعريفهم لغة كاصطبلحا‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ا‪٤‬بسألة الثانية‪ :‬سبب تسميتهم ابلرفاضة‪.‬‬

‫ا‪٤‬بسألة الثالثة‪ :‬كجودىم قبل اتصا‪٥‬بم بزيد‪.‬‬

‫ا‪٤‬بسألة الرابعة ‪ :‬أ‪٠‬باؤىم قبل اتصا‪٥‬بم بزيد‪.‬‬

‫ا‪٤‬بسألة ا‪٣‬بامسة ‪ :‬فرقهم كىي‬

‫احملمدية ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫اإلثنا عشرية ‪ :‬كتشمل دراستها ما يلي‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫أ‪٠‬باؤىم كسبب تلك التسميات‬ ‫‪-1‬‬
‫سبب انتشار مذىبهم كأماكن انتشارىم ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫فرقهم كأٮبها الشيخية كالرشتية‬ ‫‪-3‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع‪ :‬إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للشيعة كفيو ا‪٤‬بطالب التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببلطلب األكؿ‪ :‬قصر استحقاؽ اإلمامة ُب علي كذريتو‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬دعواىم عصمة األئمة كاألكصياء‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬تدينهم ابلتقية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الرابع‪ :‬دعواىم ا‪٤‬بهدية كالرجعة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬موقفهم من القرآف الكرًن‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الساس‪ :‬موقفهم من الصحابة‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب السابع‪ :‬القوؿ ابلبداء على هللا تعاذل ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثامن ‪ :‬الشيعة ُب العصر ا‪٢‬باضر‪ ،‬كىل تغّب خلفهم عن سلفهم ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع‪ :‬ا‪٢‬بكم على الشيعة ‪.‬‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬الباطنية ‪ :‬وفيو الفصول التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ُ :‬ب بياف خطر ىذه الطائفة ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬مٌب ظهر ا‪٤‬بذىب الباطِب‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬الغرض من إقامة ا‪٤‬بذىب الباطِب‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع ‪:‬أ‪٠‬باء الباطينة كسبب تلك التسميات ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪:‬الطرؽ كا‪٢‬بيل الٍب يستعملها الباطنيوف إلغواء الناس‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬عقائد الباطنية‪ ،‬كيشمل ا‪٤‬بطالب التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬عقائدىم ُب األلوىية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬عقائدىم ُب النبوات ‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬عقائدىم ُب اآلخرة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الرابع‪ :‬عقائدىم ُب التكاليف الشرعية‪.‬‬

‫الفصل اخلامس‪ :‬النصَتية‪ ,‬وفيو ادلباحث التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ُ :‬ب بياف خطر النصّبية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬زعيم النصّبية كسبب انفصالو عن الشيعة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪:‬أ‪٠‬باء ىذه الطائفة كسبب إطبلقها عليهم‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬نشأة النصّبية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬تكتم النصّبية على عقائدىم‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬طريقتهم ُب تعليم مذىبهم‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع ‪ :‬أىم عقائد النصّبية‪ ،‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬أتليو علي هنع هللا يضر‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬القوؿ ابلتناسخ‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬تقديس ا‪٣‬بمور‪ -‬عبد النور‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثامن‪ :‬عبادات النصّبية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع‪ :‬أعياد النصّبية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث العاشر‪ :‬موقف النصّبية من الصحابة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٢‬بادم عشر‪ :‬فرؽ النصّبية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين عشر‪ :‬أماكن النصّبية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث عشر‪٧ :‬باكالت دل تثمر‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬الدروز ‪ :‬وفيو الفصول التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ُ :‬ب بياف خطر ىذه الطائفة‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬التعريف ابلدركز لغة كاصطبلحا‪ ،‬كبياف أصلهم ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬زعيم الدركز‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬أ‪٠‬باء الدركز‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬كيف انتشرت العقيدة الدرزية‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬معاملة الدركز ‪٤‬بن يكشف عقائدىم ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع‪ :‬أماكن الدركز‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثامن ‪ :‬طريقة الدركز ُب تعليم داينتهم‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع‪ :‬من ىو ا‪٢‬باكم أبمر هللا الذم أ‪٥‬بو الدركز‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث العاشر‪ :‬أىم عقائد الدركز كفيو ا‪٤‬بطالب التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬ألوىية ا‪٢‬باكم‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬القوؿ ابلتناسخ‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬إنكار القيامة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ا‪٤‬بطلب الرابع‪ :‬عداكهتم لؤلنبياء‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬إنكارىم التكاليف‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٢‬بادم عشر‪:‬الدركز ُب العصر ا‪٢‬باضر ‪ -‬كماؿ جنببلط كدكره ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين عشر‪ :‬الفرؽ بْب النصّبية كالدركز ‪.‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬دراسة عن البهائية‪:‬كفيو ا‪٤‬بباحث التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬نبذة عن أساس ظهور البهائية كبياف صلتها ابلبابية كفيو ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬زعيم البابية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬صلة البابية اب‪٤‬بستعمرين‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬هناية الشّبازم‬

‫ا‪٤‬ببطلب الرابع‪ :‬مؤ‪ٛ‬بر بدشست كخططو‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬الكتاب ا‪٤‬بقدس للبابية‬

‫ا‪٤‬بطلب السادس‪:‬ىزٲبة البابية‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬خطر البهائية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪:‬زعيم البهائية ‪ ،‬ا‪٠‬بو كمولد‪ ،‬دكره ُب مؤ‪ٛ‬بر بدشت‪ ،‬عمالتو لبل‪٪‬بليز كالركس ىو كأسرتو‪،‬‬
‫كفاتو ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬ا‪٤‬ببادمء الٍب اندل هبا البهائيوف ‪ :‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬زعمهم كحدة ‪ٝ‬بيع األدايف‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬كحدة األكطاف‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬كحدة اللغة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الرابع‪ :‬السبلـ العا‪٤‬بي‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬ا‪٤‬بساكاة بْب الرحجل كا‪٤‬براة ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ا‪٤‬بطلب السادس‪ :‬عقائد أخرل للبهائيْب ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬أمثلة من أتكيبلت البهائية للقرآف‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬موقف البهائية من السنة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع‪ :‬السبب ُب انتشار التعليم البهائية‬

‫ا‪٤‬ببحث الثامن ‪ :‬كتاب البهائية الذم يقدسونو‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع ‪ :‬أماكن البهائية‪.‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬القاداينية ‪ :‬كفيو الفصوؿ التالية ‪:‬‬

‫‪ٛ‬بهيد‪ :‬التحذير من ظهور دجالْب يدعوف النبوة بعد دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬كيف نشأت القااينية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬زعيم القاداينية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث ‪:‬ختم النبوة كموقف القادايين منو ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬كيف كصل القادايين إذل دعول النبوة‪ ،‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬ا٘باىو إذل التأليف‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬إ‪٥‬باماتو‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬دعواه أنو ا‪٤‬بسيح ا‪٤‬بوعود‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الرابع ‪ :‬ادعاؤه النبوة‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬تنبؤات الغبلـ ا‪٤‬بتنيبء‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬غلوه كتفضيلو نفسو على األنبياء‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع ‪ :‬أىم عقائد القاداينية‪ :‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬التشبيو‪.‬‬ ‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬التناسخ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثامن ‪ :‬عبلقة القادايين ابإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب كموقف علماء ا‪٥‬بند كابكستاف من القاداينية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع ‪:‬أسباب انتشار القاداينية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث العاشر‪ :‬كفاة القادايين‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٢‬بادم عشر‪ :‬بعض زعماء القاداينية ‪ -1‬ا‪٢‬بكيم نور ا‪١‬بْب ‪٧ -2 ،‬بمود ا‪ٞ‬بد ‪ -3 ،‬ا‪٣‬بواجة‬
‫كماؿ الدين ‪ -4 ،‬شخصيات أخرل‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين عشر‪ :‬الفرع البلىورم‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬مبادئو‪.‬‬ ‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬زعيمو‪.‬‬

‫الفصل التاسع ‪ :‬الصوفية ‪ :‬كفيو ا‪٤‬بباحث التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ُ :‬ب بياف ا‪٫‬براؼ الصوفية بصفة عامة‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬التعريف ابلصوفية لغة كاصطبلحا‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬ىل توجد عبلقة بْب ا‪٤‬بتصوفة كأىل الصفة‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬أ‪٠‬باء الصوفية كسبب تسمتهم ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬مٌب ظهر ا‪٤‬بذىب الصوُب‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬حقيقة التصوؼ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع‪ :‬أقساـ ا‪٤‬بتصوفة كطرقهم‪ ،‬كاختيار التيجانية أ٭بوذجا‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثامن‪ :‬ا‪٣‬بلوات الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع‪ :‬مغالطات ‪١‬بنة ‪ٝ‬باعة الصوفية ُب مدينة " الورف" بنيجّباي‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث العاشر‪ :‬كيفية الدخوؿ ُب ا‪٤‬بذىب الصوُب‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٢‬بادم عشر‪ :‬أصوؿ الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين عشر‪ :‬إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للصوفية‪ ،‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬عقيدة الصوفية ُب هللا عز كجل‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬ا‪٢‬بلوؿ عند الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب االؿ‪ :‬كحدة الوجود‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الرابع ‪ :‬كحدة الشهود كالعبلقة بينها كبْب كحدة الوجود‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬الوالية كبياف بعض ا‪٤‬بصطلحات الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث عشر‪ :‬الكشف الصوُب‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع عشر‪ :‬الشطحات الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس عشر‪ :‬التكاليف ُب نظر الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس عشر‪ :‬األذكار الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع عشر‪ :‬الوجد كالرقص عند الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثامن عشر‪ :‬الكرامات كا‪٣‬بوارؽ عند الصوفية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث التاسع عشر‪ :‬زعماء الصوفية‪.‬‬

‫الفصل العاشر‪ :‬ادلرجئة ‪ :‬كفيو ا‪٤‬بباحث التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬التعريف اب‪٤‬برجئة لغة كاصطبلحا كأقواؿ العلماء ُب ذلك‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬األساس الذم قاـ عليو مذىب ا‪٤‬برجئة‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬كيف نشأ اإلرجاء ككيف تطور إذل مذىب‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬بياف أكؿ من قاؿ ابإلرجاء‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامسي‪ :‬أصوؿ ا‪٤‬برجئة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الساسدس‪ :‬أقساـ ا‪٤‬برجئة‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السابع‪ :‬أدلة ا‪٤‬برجئة ‪٤‬بذىبهم كالرد عليها‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثامن‪ :‬مذىب أىل السنة ُب تعريف اإلٲباف‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ا‪٤‬ببحث التاسع‪ :‬منزلة مذىب ا‪٤‬برجئة عند السلف ‪.‬‬

‫الفصل احلادي عشر‪ :‬اجلهمية ‪ :‬كفيو ا‪٤‬بباحث التالية ‪:‬‬

‫‪ٛ‬بهيد‪ :‬ىل توجد آراء ا‪١‬بهمية ُب كقتنا ا‪٢‬باضر؟‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬التعريف اب‪١‬بهمية كٗبؤسسها‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬نشأة ا‪١‬بهمية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬بياف مصدر مقالة ا‪١‬بهمية‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬ذكر أىم عقائد ا‪١‬بهمية إ‪ٝ‬باال‪ ،‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬إنكارىم ‪ٝ‬بيع األ‪٠‬باء كالصفات ‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬قو‪٥‬بم ابإلرجاء كا‪١‬برب‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬إنكارىم الصراط‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب الرابع‪:‬إنكارىم ا‪٤‬بيزاف‪.‬‬

‫ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬قو‪٥‬بم بفناء ا‪١‬بنة كالنار‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬ا‪٢‬بكم على ا‪١‬بهمية‪.‬‬

‫الفصل الثاين عشر‪ :‬ادلعتزلة‪ ,‬كفيو ا‪٤‬بباحث التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬نشأهتم ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬أ‪٠‬باؤىم كسبب تلك التسميات‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬مشاىّب ا‪٤‬بعتزلة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬ذكر أىم عقائد ا‪٤‬بعتزلة إ‪ٝ‬باال‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬األصوؿ ا‪٣‬بمسة للمعتزلة ‪ ،‬كفيو ا‪٤‬بطالب التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬بطلب األكؿ ‪ :‬التوحيد‪ .‬ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬العدؿ‪ .‬ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬الوعد كالوعيد‪ .‬ا‪٤‬بطلب الرابع ‪ :‬القوؿ‬
‫اب‪٤‬بنزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب‪ .‬ا‪٤‬بطلب ا‪٣‬بامس‪ :‬األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر‬

‫‪12‬‬
‫الفصل الثالث عشر‪ :‬األشاعرة أو السبعية ‪ ،‬كفيو ا‪٤‬بباحث االتالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬ظهور األشاعرة ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬أبو ا‪٢‬بسن األشعرم‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬عقيدتو ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع ‪ :‬عقيدة األشعرم ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث ا‪٣‬بامس‪ :‬أشهر زعماء األشعرية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث السادس‪ :‬موقف األشاعرة من صفات هللا‬

‫الفصل الرابع عشر‪ :‬ادلاتريدية ‪ :‬كفيو ا‪٤‬بباحث التالية ‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬التعريف ٗبؤسس ا‪٤‬باتريدية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬أىم آراء ا‪٤‬باتريدم إ‪ٝ‬باال‪.‬‬

‫الفصل اخلامس عشر ‪ :‬دراسة أىم ادلسائل اليت اتفق عليها اىل اكالم ‪ ,‬فيو ا‪٤‬بباحث التالية‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬تقدًن العقل على النقل‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬جهل أكلئك ٗبعُب توحيد األلوىية ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬معُب التأكيل عندىم ‪.‬‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬تعطيل النصوص عن مدلوالهتا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مقدمة يف الفرق‬

‫أوال‪:‬اذلدف من دراسة الفرق‪:‬‬

‫ا‪٥‬بدؼ األ‪٠‬بى من دراسة ىذه الفرؽ ىو أف ‪٫‬بقق أىدافا طيبة ُب خدمة اإلسبلـ كُب كسر حدة‬
‫ا‪٣‬ببلفات الٍب مزقت ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كالعمل على ‪ٝ‬بع كلمتهم‪ ،‬كمعرفتهم ‪٤‬بواقع ا‪٣‬ببلفليتجنبوىا‪٩ ،‬با يسهم‬
‫ٕبوؿ هللا ُب العودة الصادقة إذل هنجهم القوًن كا‪ٙ‬باد كلمتهم‪.‬‬

‫كمن أىم األىداؼ ما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬تذكّب ا‪٤‬بسلمْب ٗبا كاف عليو سلف ىذه األمة من العزة قبل تفرقهم‪.‬‬

‫‪ – 2‬لفت أنظارىم إذل حا‪٥‬بم اليوموخساراهتم الٍب منوا هبا‪ ،‬ككصل أمتهمبماضيها‪ ،‬كبياف منشأ جذكر‬
‫ا‪٣‬ببلفات الٍب أدت إذل تفرقهم‪.‬‬

‫‪ – 3‬ذـ التفرؽ كبْب ‪٧‬باسن ا‪ٙ‬بادىم ‪٩‬با يرغبهم ُب كحدة األمة‪.‬‬

‫‪– 4‬معرفة أسباب ا‪٣‬ببلفات ليتجنبوىا‪.‬‬

‫‪ – 5‬رصد األفكار الدخيلة الٍب يركجها أعداء األمة ليتعرؼ الناس على خطرىم‪ ،‬كما من ببل سابق إال‬
‫كىو موجود اليوـ‪ ،‬كلكل قوـ كارث‪.1‬‬

‫‪ – 6‬حٌب تبقى الفرقة الناجية علما يهتدل بو ُب العقيدة‪.‬‬

‫‪ – 7‬دعوة علماء ا‪٤‬بسلمْب إذل القياـ بدراسة تراث ىذه الفرؽ كفحصو كاستخراج ا‪٢‬بق من ذلك‪.‬‬

‫اثنيا‪:‬أمهية دراسة الفرق ورد شبهة من يريد عدم دراستها‪:‬‬

‫يزعم بعض الناس أف دراسة ىذه الفرؽ ليس ‪٦‬بداي‪ ،‬النتهاء أمر تلك الفرؽ كانداثرىا‪ ،‬كللجواب علىذلك‬
‫نقوؿ‪:‬‬

‫أف العربة ابألفكار كليست ابألشخاص‪ ،‬فمادامت أفكارىم ابقية فدارستها ضركرة‬ ‫‪-1‬‬
‫كالعقبلنيْب ا‪١‬بدد الذين كرثوا آراء ا‪٤‬بعتزلة‪.‬‬

‫‪ 1‬قاؿ كرل هللا الدىلوم‪" :‬إذا قرأت القرآف فبل ‪ٙ‬بسب أف ا‪٤‬بخاصمة كانت مع قوـ انقرضوا‪ ،‬بل الواقع أنو ما من ببلء‬
‫كاف فيما سبق من الزماف إال كىو موجود اليوـ بطريق اال٭بوذج ٕبكم ا‪٢‬بديث"لتتبعن سنن من كاف قبلكم" ا‪٢‬بديث‬
‫أخرجو الَبمذم‪ .475/4‬انظر‪ :‬مقدمة ُب أسباب اختبلؼ ا‪٤‬بسلمْب كتفرقهم ص‪ 39‬نقبل عن الفوز الكبّب ص‪26‬‬
‫‪14‬‬
‫أنو الزالت لتلك الفرؽ أتباع ينادكف اب‪٠‬بها كتطبيق اعتقاداهتا كيستحلوف دماء ا‪٤‬بخالفْب أك‬ ‫‪-2‬‬
‫يكفركهنم‪ ،‬كالصوفيةمثبل‪ ،‬فقد جرؼ تيارىم أعداد كثّبة من ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فاعتقدكا ا‪٣‬برافات‬
‫كغلوا ُب األشخاص ك‪ٙ‬بضّب األركاح كاتباع ا‪٤‬بنامات كغّبىا‪.‬‬
‫أف ُب ذلك تكثّب لعدد أتباع الفرقة الناجية‪ ،‬كذلك بعد دراسة الفرؽ دراسة فاحصة كدعوة‬ ‫‪-3‬‬
‫أتباعها إذل ا‪٢‬بق‪.‬‬
‫أف ُب عدـ دراستها إبطاؿ ‪٤‬با فرضو الشرع من القياـ ابألمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫فدعوةالناس إذل التمسك كبياف أضرار الفرؽ ُب ‪٨‬بالفتها للشرع ‪ٙ‬بقيق لذلك‪.‬‬
‫أف ُب عدـ دراستها إفساح للمجاؿ أماـ أتباع الفرؽ ا‪٤‬بخالفة للحق لنشر ابطلهم كتكثّب‬ ‫‪-5‬‬
‫سوادىم‪ ،‬كلذلك انتشرت آرائهم بْب عامة ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كال ادؿ على ذلك من تردجيد كثّب‬
‫‪3‬‬
‫من ا‪٤‬بكسلمْب لبعض العهبارات دكف أف يعرفوا أف مصدرىا من ا‪٤‬بعتزلة‪ 2‬أك من الصوفية‬
‫أك البهائية‪ 4‬أك القاداينية‪ 5‬أك ا‪٣‬بوارج‪ 6‬أك الشيعة‪ ،7‬بسبب جلهلهم بتلك ا‪١‬بطوائف‪.8‬‬

‫اثلثا‪:‬النهي عن التفرق يف الكتاب والسنة‪:‬‬

‫جاء الكتاب كالسنةابلنهي عن التفرؽ‪ ،‬كقد سار على هنجهما كاىتدل هبديهما الصحابة كالتابعوف ‪٥‬بم‬
‫إبحساف‪ ،‬كإبراز ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األدلة من القرآن‪ :‬جاءت كثّب من النصوص ُب القرآف الكرًن تدعوة إذل الوحدة كتنهى عن‬
‫التفرؽ كمن ذلك‪:‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ – 1‬قوؿ هللا تعاذل‪{:‬كأف ىا صراطي مستقيما فاتبعوه كال تتبعوا السبل فتفرؽ بكم عن سبيلو}‬

‫‪ 2‬مثل تقديس العثل كتقدٲبو على النصوص‪.‬‬


‫‪ 3‬مثل إطبلؽ لغظ العشق على هللا كرسولو كقو‪٥‬بم‪":‬عاشق النيب يصلي عليو"‬
‫‪ 4‬مثل تقديس العدد‪.19‬‬
‫‪ 5‬مثل أتكيل آايت القرآف اب‪٥‬بول‪.‬‬
‫‪ 6‬مثل تكفّب اجملتمعات اإلسبلمية‪.‬‬
‫‪ 7‬مثل بغضهم الصحابة‪ .‬كانتظار دمحم بن ا‪٢‬بسن العسكرم‪ ،‬ا‪٤‬ببالغة ُب حب ا‪٢‬بسْب‪. .‬‬
‫‪ 8‬انظر‪ :‬مقدمة ُب أشسباب اختبلؼ ا‪٤‬بسلمْب كتفرقهم ‪ ،‬دمحم العبدة كطارؽ عبد ا‪٢‬بكيم‪ ،‬ص‪ 28-27‬ككذا ص‪-36‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ 9‬سورة األنعاـ آية ‪153‬‬
‫‪15‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ – 2‬قولو تعاذل‪{:‬كاعتصموا ٕببل هللا ‪ٝ‬بيعا}‬
‫‪11‬‬
‫‪ – 3‬قولو تعاذل‪{ :‬إف الذين فرقوا دينهم ككانوا شيها لست منهم ُب شيء}‬

‫كاألايت كثّب كاضحة ُب معناىا كداللتها‪،‬كال ‪ٙ‬بتاج إال إذل تطبيق ٔبد كإخبلص ‪ ،‬فهي ‪ٙ‬بذر من التفرؽ‬
‫كتدعوا إذل ‪ٝ‬بع كلمة ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬األدلة من السنة‪:‬‬

‫كردت أحاديث كثّب عم الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص تدعوا إذل اجتماع كلمة ا‪٤‬بسلمْب ك‪ٙ‬بذر من تفرقهم‪ ،‬منها على‬
‫سبيل ا‪٤‬بثاؿ ما يلي‪:‬‬

‫ماركاه عبد هللا ينب مسعود هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬خط لنا رسوؿ هللا يوما خطا ٍب قاؿ ىذاسبيل هللا‪ٍ ،‬ب‬ ‫‪-1‬‬
‫خط خطوطا عن ٲبينو كعن مشالو‪،‬كقاؿ‪ :‬ىذه سبل على كل سبيل منها شيطاف يدعوا‬
‫‪12‬‬
‫إليو"‬
‫حديث العرابض بن سارية قاؿ‪ ،‬قاؿ الِب صلى هللا عليهوسلم‪ " :‬فإنو من يعش منكم‬ ‫‪-2‬‬
‫فسّبل اختبلفا كثّبا فعليكم بسنٍب كسنة ا‪٣‬بلفاء الراشدًن ا‪٤‬بهديْب من بعدم عضوا عليها‬
‫ابلنواجذ كإايكم ك‪٧‬بداثت األمور‪ ،‬فإف كل ‪٧‬بدثة بدعة"‪.13‬‬
‫ما ركاه حذيفة عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ ُب بياف ا‪٤‬بخرج عند ظهور تفرؽ ا‪٤‬بسلمْب كاختبلفهم‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫" تلزـ ‪ٝ‬باعة ا‪٤‬بسلمْب كإماىم " قاؿ حذيفة‪:‬قلت‪:‬فإف دل يكن ‪٥‬بم ‪ٝ‬باعة كال إماـ؟قاؿ‪" :‬‬
‫فاعتزؿ تلك الفرؽ كلها كلو أف تعض على أصل شجرة حٌب يدركك ا‪٤‬بوت كانت على‬
‫‪14‬‬
‫ذلك "‬
‫حديث االفَباؽ كىم أىم حديث كأبينو ُب بياف افَباؽ األمة‪ ،‬كقد تعددت طرؽ كركاتو‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫فمنها ما ركاه معاكية بن أيب سفياف رضي هللا عنهقاؿ‪ :‬قاـ فينا رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪،‬فقاؿ‪ " :‬أال‬

‫‪ 10‬سورة آؿ عمراف آية‪103‬‬


‫‪ 11‬سورة األنعاـ آية‪159‬‬
‫‪ 12‬أخرجو الدارمي ُب مسنده‪ ،‬كىذا ما ينطبق على الفرؽ ا‪٣‬بارجة عن ا‪٢‬بق‪.‬‬
‫‪ 13‬أخرجو الَبمذم ‪ 209/4‬كأبو داكد ‪ ، 506/2‬كاللفظ لو‪.‬‬
‫‪ 14‬متفق عليو‪ ،‬البخارم‪ 35/13‬كمسلم ‪514/4‬‬
‫‪16‬‬
‫إف من كاف قبلكم من أىل الكتاب افَبقوا على اثنتْب كسبعْب ملة كإف ىذه ا‪٤‬بلة ستفَبؽ‬
‫‪15‬‬
‫على ثبلث كسبعْب‪،‬اثنتانوسبعوف ُب النار ككاحدة ُب ا‪١‬بنة ‪ ...‬كىي ا‪١‬بماعة "‬

‫كُب ركاية أنس عن النيب صلى هللا عليو كسيلم أنو قاؿ‪ " :‬إف بِب إسرائيل افَبقت على إحدل كسبعْب‬
‫‪16‬‬
‫فرقة كإف أمٍب ستفَبؽ على اثنتْب كسبعْب فرقة كلها فثي النار إال كاحدة كىي ا‪١‬بماعة "‬

‫رابعا‪:‬دراسة حديث االفًتاق‪:‬‬

‫سند احلديث‪ :‬منهم من دل يصححو كدل ٯبوز االستدالؿ بو كابن حزـ كغّبه‪ ،‬كمنهم من‬ ‫أ‪-‬‬
‫اكتفى بتعدد طرقو‪ ،‬كمنهم أخذ بو كصححو كحاكؿ حصر العدد ا‪٤‬بذكور ُب ا‪٢‬بديث‬
‫ضعفو‪.18‬‬ ‫‪17‬‬
‫كالبغدادم ‪ ،‬كقد صححو ابن تيمية كرد على من ٌ‬
‫حصر الفرق يف حديث االفًتاق‪ :‬إف حصر الفرؽ ُب العدد ا‪٤‬بذكور ُب ا‪٢‬بديث ليشمل‬ ‫ب‪-‬‬
‫كل فرقة فيهإشكاؿ‪ ،‬ألف أصوؿ الفرؽ ال تصل إذل ىذا العدد‪ ،‬كفركعها تصل إذل أكثر‬
‫من ىذا العدد‪ٍ ،‬ب إف الفرؽ ليس لظهورىا زمن ‪٧‬بدد‪،‬أم دل يرد ُب السنة ‪ٙ‬بديد لنهاية تفرؽ‬
‫األمة‪.‬‬

‫فالصواب أف يقاؿ‪ :‬إف ىذا ا‪٢‬بديث ُب إخبار عن افَباؽ األمة‪ ،‬دكف ‪ٙ‬بديدىم بزمن معْب‪ ،‬فتيعد‬
‫الفرقةفرقة ُب أم زماف ظهرت فيو‪ ،‬فهو قد أخرب عن افَباؽ أمتو‪ ،‬كأمتو مستمرة إذل يوـ القيامة‪ ،‬مع‬
‫االعتقاد أف يوجد ىذا العدد على الوجو الذم أراده الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب عصران كُب غّبه‪.19‬‬

‫ج‪ -‬من ىي الفرقة الناجية‪ :‬كرد ُب ا‪٢‬بديث أف ىناؾ فرقة انجية تنجو من النار ‪ ،‬كقد اختلف العلماء‬
‫ُب ا‪٤‬براد هبم على أقواؿ ‪ ،‬كىي كما يلي إ‪ٝ‬باال ‪:‬‬

‫قيل إهنم السواد األعظم من أىل اإلسبلـ‪ ،‬كقيل ىم العلماء اجملتهدكف‪ ،‬كقيل إهنم خصوص الصحابة‪،‬‬
‫كقيل إهنم ا‪١‬بماعة إذا اجتمعوا على أمّب‪.20‬‬

‫‪ 15‬أخرجو أبو داكد‪ 503/2‬كالَبمذم ‪ 25/5‬كابن ماجو‪ 1321/2‬كأ‪ٞ‬بد ‪322/2‬‬


‫‪ 16‬أخرجو أبو داكد ‪503/2‬‬
‫‪ 17‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ‪،‬للبغدادم‪ ،‬تعليق‪ :‬دمحم ‪٧‬بيي الدين ص‪6‬‬
‫‪ 18‬انظر‪ :‬منهاج السنة‪ 48/5‬ك‪٧‬بجموع الفتاكل ‪.345/3‬‬
‫‪ 19‬انظر‪ :‬االعتصاـ ‪ 222/2‬كانظر‪ :‬تعليق دمحم ‪٧‬بيي الدين عبد ا‪٢‬بميد ُب أكؿ كتاب الفرؽ بْب الفرؽ ص‪7‬‬
‫‪ 20‬انظر‪ :‬االعتصاـ ‪ 264-260/2‬كقد فصل القوؿ فيهبل‪ ،‬كانظر‪٦ :‬بموع القفتاكل ‪345/3‬‬
‫‪17‬‬
‫كالصواب‪ ،‬أهنم ‪ٝ‬باعة يسّبكف على ا‪٤‬بنهج ا‪٢‬بق‪ ،‬ال يعرؼ عددىم كال ‪ٙ‬بديد بلداهنم‪ ،‬كىم يسّبكف على‬
‫ا‪٢‬بق إال أف أيٌب أمر هللا كما ُب ا‪٢‬بديث‪.‬‬

‫د‪ -‬معٌت قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬كلها يف النار إال واحدة "‪:‬‬

‫ذكر الشاطيب ما حاصلو ثبلثة أقواؿ‪:‬‬

‫األكؿ‪ :‬أف ىذه الفرؽ ال بد أف ينفذ فيها الوعيد‪.‬‬

‫الثاين‪:‬أهنم ‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة كأىل الكبائر إف شاء عذهبم كإف شاء عفى عنهم‪. 21‬‬

‫الثالث‪ :‬أف األكذل عدـ التعرض لتعيينهم ألف ا‪٢‬بديث ُب تعيينهم إ‪ٝ‬باليا كليس تفصيليا‪.22‬‬

‫كالذم يظهر أف ىذه الفرؽ ‪ٚ‬بتلف ُب بعدىا كقرهبا من ا‪٢‬بق‪ ،‬فبعضها يوصف أتباعو ابلبدعة كحكمهم‬
‫كأىل الكبائر ‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة‪ ،‬كبعضهم يوصف ابلكفر مثل السبئية كالباطنية كا‪٤‬بيمونية من ا‪٣‬بوارج‪.‬‬

‫خامسا‪:‬كيفية ظهور اخلالف والتفرق بُت ادلسلمُت‪:‬‬

‫مر أبطوار كمراحل أذكت مفهوـ‬


‫دل يكن ا‪٣‬ببلؼ ُب عصر النبوة األكذل كما ىو ا‪٢‬باؿ بعد ذلك‪ ،‬إذ ٌ‬
‫ا‪٣‬ببلؼ بْب ا‪٤‬بسلمْب كٲبكن إٯباز ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫أكال‪ :‬كاف ا‪٣‬ببلؼ ُب عصر النيب ملسو هيلع هللا ىلص ينتهي فور كصوؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص حْب ٰبكم فيو‪ ،‬كما ىو ا‪٢‬باؿ ُب‬
‫قصة ا‪٣‬ببلؼ بْب ا‪٤‬بهاجرين كاألنصار حينما اختلف رجبلف‪ ،‬فاستغاث أحدٮبا اب‪٤‬بهاجرين كاستغاث‬
‫اآلخر ابألنصار‪ ،‬فخرج رسوؿ هلل ملسو هيلع هللا ىلص مغضبا كىو يقوؿ‪":‬كأان بْب ظهرانيكم" فانتهى ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬كاألمثلة‬
‫كثّبة على ىذا‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬بعد كفاة النيب ملسو هيلع هللا ىلص إذل أكاخر عصر ا‪٣‬بلفاء الراشدين حدثت بعض األمور الٍب كانت ‪٧‬بل خبلؼ‪،‬‬
‫كلكنهم كانوا على منهج كاحد ُب أصوؿ الدين كفركعو‪ ،‬كلذلك قضى عليها الصحابة مهنع هللا يضر بثباهتم‬
‫كيقينهم‪ ،‬كمن تلك االختبلفات الٍب حدثت ُب عصرىم ما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬حْب اختلفوا ُب موت النيب صل هللا عليو كسلم ىل مات أـ ال؟ كاختلفوا على رأيْب حيث رأل‬
‫أبو بكر كمن معو أنو قد مات كرأل عمر كمن معو أنو دل ٲبت‪.‬‬

‫‪ 21‬انظر‪ :‬االعتصاـ ‪248-247/2‬‬


‫‪ 22‬ذكره الشاطيب ُب ا‪٤‬بوافقات‪ ،‬انظر‪ :‬أىم الفرؽ ص‪12‬‬
‫‪18‬‬
‫كلكن قضي أبو بكر الصديق على ىذا ا‪٣‬ببلؼ بعد قراءتو لقوؿ هللا تعاذل‪{:‬إنك ميت كإهنم ميتوف}‬
‫مع أف ىذا ال يشكل خبلفا حقيقيا كا٭با حالة طارئة مرت اب‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫‪ – 2‬اختلفوا ُب موضع دفنو‪،‬فأىل ا‪٤‬بكة أردكا دفنو ُب مكة‪ ،‬كأىل ا‪٤‬بدينة أرادكه ُب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬كقاؿ آخركف‬
‫بنقلو إذل بيت ا‪٤‬بقدس‪ ،‬كلكل فريق حججو‪،‬كلكن أبو بكر الصديق هنع هللا يضر قضى على ىذا ا‪٣‬ببلؼ حينما‬
‫ركل ‪٥‬بم قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ما قبض هللا نبيا إال ُب ا‪٤‬بوضع الذم ٰبب أف يدفن فيو" ‪.23‬‬

‫‪ – 3‬اختلفوا ُب تسيّب جيش أسامو ‪ ،‬ىل يبقى ُب ا‪٤‬بدينة كما يرل عمر أـ ٲبضي كما يرل أبو بكر ‪،‬‬
‫كلكن سرعاف ما اقتنع الناسي برأم أيب بكر هنع هللا يضر ‪.‬‬

‫‪ – 4‬اختلفوا ُب قتاؿ ماين الزكاة‪ ،‬ىل ييقاتلوف إبنكارىم ركن من أركاف اإلسبلـ‪،‬كما يرل أبو بكر ‪ ،‬أـ‬
‫ال يقاتلوف‪ ،‬كما يرل عمر‪ٍ ،‬ب انتهى ا‪٣‬ببلؼ بقبوؿ رأم أيب بكر هنع هللا يضر ‪ ،‬بعد قياسو للصبلة على‬
‫الزكاة‪ ،‬كبْب ‪٥‬بم كجوب عدـ التفريق بينهما ‪.‬‬

‫‪ – 5‬اختلفوُب اإلمامة بعد كفاة النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ىل ىي ُب قريش أـ ُب األنصار‪ ،‬كذلك بعد اجتماع‬
‫األنصار ُب سقيفة بِب ساعدة كاختيارىم ‪٣‬بليفة منهم‪ٍ ،‬ب رجعوا ‪ٝ‬بيعا إذل رأم أيب بكر حينما تبْب ‪٥‬بم‬
‫ا‪٢‬بق ُب قولو‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬مدى سعة اخلالف الذي كان حيصل بُت الصحابة وكيف تطور؟‬

‫ا‪٣‬ببلؼ ُب عهد الصحابة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫كاف ا‪٣‬ببلؼ ُب عهد الصحابة ينتهى أبسرع كقت ‪ ،‬كذلك ألهنم ما كانوا يريدكف ا‪٣‬ببلؼ لذاتو‬
‫أكألىوائهم ‪ ،‬كإ٭با كاف ا‪٣‬ببلؼ حوؿ فهم نص من كتاب هللا أك سنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬كىي أمور أكثرىا‬
‫اجتهادم يسوغ فيها االجتهاد ‪ ،‬كمع ذلك كاف إذا تبْب لبعضهم صحة اجتهاد أخيو ترؾ ا‪٣‬ببلؼ‬
‫ككافقو ‪ ،‬بل كرٗبا رجع كثّب منهم عن اجتهاده كراىية لبلختبلؼ كحرصا على ‪ٝ‬بع الكلمة ‪ ،‬فخبلفهم‬
‫كاف ا‪٤‬برادمنو ىو الوصوؿ إذل ا‪٢‬بق ‪ ،‬كدل ٱبتلفوا على أمر ُب العقيدة أك الشريعة كغاية ما حصل بينهم‬
‫ىو خبلفهم ُب أمور دنيوية اجتهادية كما حصل بْب علي كمعاكية رضي هللا عنهما‪.‬‬

‫تطور ا‪٣‬ببلؼ بعد عصر الصحابة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪ 23‬أخرجو الَبمذم‪ 338/3‬كصححو األلباين ُب صحيح ا‪١‬بامع ‪5649‬‬


‫‪19‬‬
‫تطور ا‪٣‬ببلؼ بعد عهد الصحابة إذل خبلؼ مزؽ كحدة األمة اإلسبلمية‪ ،‬حيث ظهر أشكاؿ من‬
‫الناس‪،‬كاف بعضهم منافقا يظهر اإلسبلـ‪ٍ ،‬ب عمل من داخل ا‪٤‬بسلمْب على شق كحدة ا‪٤‬بسلمْب‬
‫كتضخيم اختبلفاهتم كجاد ابلتأكيل كالشبهات‪.‬‬

‫كقد تدرج ىذا ا‪٤‬بنحى ُب االختبلؼ ك‪٬‬بر ُب جسد األمة حٌب كصل ا‪٢‬باؿ إذل كاقعنا ا‪٤‬بؤسف الذم‬
‫نعيشو اليوـ حيث توالت على ا‪٤‬بسلمْب الضرابت كاإلىاانت جراء تشتتهم كتفرؽ كلمتهم حٌب كصل‬
‫فذؿ ا‪٤‬بسلموف ذال شنيعا‬
‫ا‪٢‬باؿ إذل الواقع ا‪٤‬بؤسف الذم نعيشو اليوـ من التباكي على الوحدة اإلسبلمية‪ٌ ،‬‬
‫أذؿ الناس إذل اف جاء اإلسبلـ فأعزىم‬
‫خصوصا ُب عصران ا‪٢‬باضر‪ ،‬كالعرب ٖبصوصهم كانوقبل اإلسبلـ ٌ‬
‫كأخرجهم من الظلمات إذل النور‪ ،‬كىناؾ عوامل كثّبة أسهمت ُب نكبات ا‪٤‬بسلمْب ‪-‬سنذكرىا خبل ىذه‬
‫ا‪٤‬بقدمة‪.-‬‬

‫سادسا‪:‬مظاىر اخلالف بُت ادلسلمُت ‪:‬‬

‫مر ا‪٤‬بسلموف ٖببلفات عديدة‪ ،‬كلكن كل تلك االختبلفات ال ‪ٚ‬برج عن أحد ىذه األمور كذلك كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬خبلفات عملية‪ ،‬كقع فيها اقتتاؿ‪ ،‬كجردت فيها السيوؼ‪ ،‬كىي نتيجةالختبلفاتعقدية‪ ،‬كإف كانت‬
‫تبدك أهنا سياسية‪ ،‬كما كقع بْب علي كا‪٣‬بوارج‪ ،‬أك بْب ا‪٣‬بوارجواألمويْب‪ ،‬كحديثا ما نراه من فتك الشيعة‬
‫ُب لبناف كغّبىا أبىل السنة‪.‬‬

‫‪ – 2‬خبلفاتعلمية‪ ،‬خاض غمارىا العلماء‪ ،‬كتبعهم على ذلك أتباع‪ ،‬كأصبح كل فريق ال يصغي لآلخر‬
‫كال ينصفو‪ ،‬كال شك أهنا ىذه ا‪٣‬ببلفات أذكت انر العداكة كالبغضاء بْب ا‪٤‬بسلمْب‪. 24‬‬

‫سابعا‪:‬كيف تبدأ الفرق يف الظهور‪:‬‬

‫ال يتيسر ُب الغالب معرفة ظهور كل فرقة من الفرؽ على كجو التحديد‪ ،‬كذلك ألف الفرقة ال تستحق‬
‫ىذا االسم إال بعد مركرىا ٗبراحل متعددة‪ ،‬حيث تبدأ بفكرة صغّبة فردية أك ‪ٝ‬باعية ٍب تتكوف‪،‬إذل أف‬
‫تصبح فرقة ‪٥‬با منهج ‪٩‬بيز‪ ،‬يقوؿ األستاذ أبو زىرة‪":‬إف األفكار الٍب تشيع كتنتشر‪ ،‬من الصعب الوصوؿ‬
‫إذل مبدئها على كجو ا‪٢‬بزـ كاليقْب من غّب حدس ك‪ٚ‬بمْب"‪ ،25‬فالتخطيط لقياـ فرقة قد تطوؿ مدتو كقد‬

‫‪ 24‬انظر‪ :‬اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية أليب زىرة ‪16/1‬‬


‫‪ 25‬اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية أليب زىرة ‪125/1‬‬
‫‪20‬‬
‫تقصر حسب ظركفها ا‪٤‬بهيأة‪ ،‬فيحسن التفريق بْب ظهور الفرقة كفرقة ذات آراء اعتقادية كبْب ظهورىا‬
‫كفرقة‪ ،‬كالصعوبة تكمن ُب ‪ٙ‬بديد ظهورىا كفكرة كليس كفرقة‪.‬‬

‫اثمنا‪:‬منهج العلماء يف عد الفرق‪:‬‬

‫ال يوجد لعلماء الفرؽ قانوف يسّبكف عليو ُب عدىم للفرؽ اإلسبلمية‪ ،‬بل ‪٥‬بم طرؽ متعددة‪ٕ ،‬بسب‬
‫اجتهاد كل كاحد‪ ،‬منهم يقوؿ الشهرستاين‪":‬فما كجدت مصنػ ىفْب منهم متفقْب على منهاج كاحد ُب‬
‫تعديد الفرؽ "‪.26‬‬

‫كمصداؽ كبلـ الشهرستاين يظهر عند ع ٌد العلماء ألمهات الفرؽ فمثبل عند األشعرم عشرة أصناؼ‪،‬‬
‫كعند الشهرستاين أربع فرؽ‪ ،‬كعند غّبىم ‪ٜ‬باف فرؽ‪ ،‬كعند آخرين ثبلاث‪ ،‬كعند بعضهم ‪ٟ‬بسوف‪ ،‬كلعل‬
‫بعضهم قد اختلط عليو عد الفرؽ الٍب يطلق عليها أهنا من أىل اإلسبلـ من غّبىا‪.‬‬

‫اثمنا‪:‬ما ادلراد أبمة اإلسالم‪:‬‬

‫اختلف ا‪٤‬بنتسبوف إذل اإلسبلـ فيمن يدخلوف ُب االسم العاـ ‪٤‬بلة اإلسبلـ‪ ،‬كحاصل األقواؿ ُب ذلك كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫مقر بنبوة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كتصديقو‪ ،‬كىذا قوؿ أبو القاسم الكعيب زعيم‬
‫‪ -1‬أف ىذه التسمية تشمل كل ٌ‬
‫الكعبية من ا‪٤‬بعتزلة‪.‬‬
‫‪ -2‬أهنا تشمل كل من يرل كجوب الصبلة ‪٫‬بو الكعبة‪.‬‬
‫‪ -3‬أهنا تشمل كل من أقر ابلشهادتْب ظاىرا كلو كاف مضمرا النفاؽ‪ ،‬كىو قوؿ ‪٦‬بسمة خراساف‪.‬‬

‫جل تلك األقواؿ ال ‪ٚ‬بلو من انتقاد‪ ،‬فالقوؿ األكؿ كاألخّب‪ ،‬ينقضو ما كقع من يهود‬
‫كالواقع‪ ،‬أف ٌ‬
‫أصبهاف‪ ،‬حيث أهقركا بنبوة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص إلىالعرب‪ ،‬ككذلك ا‪٤‬بوشكانية من اليهود‪ ،‬أقرك بنبوة دمحم كشرائع‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬كنفوا أف يكوف مرسل إذل كافة البشر‪ ،‬كمع ذلك فهم ليسوا مسلمْب‪.27‬‬

‫كا‪٢‬بق ُب ىذا أنو ال يدخل ُب اإلسبلـ إال من أقر بو ظاىرا كابطنا كالتزـ بشرائع اإلسبلـ‪ٍ ،‬ب إذا كاف لو‬
‫بعض البدع فإنو ينزؿ من اإلسبلـ حسب قربو أك بعده عنها‪ ،‬كٰبَبز من تكفّب شخص معْب إال إذا‬
‫ظهر كفره من قولو أك فعلو أك اعتقاده بعد إقامة ا‪٢‬بجة عليو‪.‬‬

‫‪ 26‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪14/1‬‬


‫‪ 27‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪14-12‬‬
‫‪21‬‬
‫اتسعا‪ :‬أىم أسباب نشأة الفرق‪:‬‬

‫حدث كثّبمن التفرؽ ُب أمة اإلسبلـ كدل يلتزموا ابألكامر كالنواىي من الكتاب كالسنة عن النهي عن‬
‫التفرؽ‪ ،‬كقد ساعدىم ُب ذلك أعداء اإلسبلـ ا‪٤‬بَببصْب هبم بعد أف أتثر كثّب من شباب األمة ابلدسائس‬
‫الٍب ‪ٙ‬باؾ لتفريقهم من قبل أعدائهم‪ ،‬حٌب أصبح كثّبمنهم معوؿ ىدـ على دينو كأمتو‪ ،‬فتعمقت الفرقة‬
‫كنشأت األحزاب كا‪١‬بماعات‪.‬‬

‫كىناؾ أسباب عديدة عملت ‪٦‬بتمعة على ذلك التفرؽ بعضها معلن كبعضها خفي‪ ،‬من أبرزىا مايلي‪:‬‬

‫أ – كجود علماء ا‪٫‬برفت عقائدىم‪ :‬فقد ظهر علماء السوء الذين ييظهرف من النصوص ما يوافقهم‪،‬‬
‫ٰبرموف ما‬
‫كٱبفوف منها ماال يتفق مع أىوائهم ‪ ،‬كىؤالء قد أضلوا الناس بغّب علم كال ىدل‪،‬فصاركا ى‬
‫شاءكا كٰبللوف ما شاءكا كيفتوف ٗبا يريدكف ‪ ،‬كبغضوا ألتباعهمكل من ال يسّب على طريقهم‪ ،‬ككصفوه‬
‫بكل صفة سوء حٌب ينفركىم عن معرفة ا‪٢‬بق كأىلو كقد قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬أخوؼ ما أخاؼ على امٍب منافق‬
‫‪28‬‬
‫عليم اللساف ٯبادؿ ابلقرآف"‬

‫ب – غلبة ا‪١‬بهل كفشوه بْب أكساط ا‪٤‬بسلمْب ُب ‪٨‬بتلف العصور بصفة عامة‪ :‬فقد مرت عصور ‪٨‬بتلفة‬
‫على ا‪٤‬بسلمْب فشا فيها ا‪١‬بهل كاستحكمت ا‪٣‬برافات على نفوسا‪٤‬بسلمْب بدال من العلم كاالعتقاد‬
‫الصحيح‪ ،‬كعيظٌم بعض ا‪٤‬بخلوقْب تعظيما خارجا عن ىدم اإلسبلـ‪.‬‬

‫ج – عدـ فهم النصوص فهما سليما‪ :‬حٌب كإف كانت النية رٲبا تكوف حسنة عند البعض ‪ ،‬حيث‬
‫تؤكؿ النصوص لصا‪٢‬بها كصارت كل فرقة تعيب على األخرل عدـ فهمها للمراد من‬
‫أخذت كل فرقة ٌ‬
‫النصوص دكف علم أكىدل ‪.‬‬

‫د – موافقة ا‪٣‬ببلؼ كالفرقة ‪٥‬بول ُب النفوس‪ :‬كىذا السبب أدل إذل إقصاء العقل كإٮباؿ الشرائع كإخراج‬
‫ذـ الكتاب‬
‫النصوص عن مدلوالهتا‪ ،‬كإقامة البدع كنشر ا‪٣‬برافات كسفك الدماء ُب أحياف كثّبة‪ ،‬مع ٌ‬
‫كالسنة التٌباع ا‪٥‬بول كالتحذير منو‪.‬‬

‫ىػ ‪-‬تدخل سلطاف العصبية البغيضة‪ :‬حيث أدت العصبية البغيضة إذل نشر البدع كا‪٣‬برافات كتعظيم‬
‫ماعليو اآلابء كتقدًن أفكارىم على النصوصالشرعية‪ ،‬فأخذت كل طائفة ‪ٛ‬بجد رموزىا‪ ،‬كتتحزب حو‪٥‬با‪،‬‬

‫‪ 28‬مسند اإلماـ ا‪ٞ‬بد ‪.22/1‬‬


‫‪22‬‬
‫فحجبت أبناءىا عن ‪٧‬باكلة أتلف القلوب ك‪ٝ‬بع الكلمة ‪ ،‬كقدٲبا قالت ربيعة عن كذاب مسيلمة "‬
‫كذاب ربيعة خّب من صادؽ مضر"‬

‫ك – استحكاـ قوة ا‪٢‬بسد ُب النفوس‪ :‬ككانت أىم نتائج ىذا ا‪٢‬بسد ىو استحكاـ الفرقة بْب ا‪٤‬بسلمْب‬
‫كبغي بعضهم على بعض كظهور العداكة كالبغضاء كغّب ذلك من ا‪٤‬بفاسد‪ ،‬كقد قاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " ا‪٢‬بسد‬
‫أيكل ا‪٢‬بسنات كما أتكل النار ا‪٢‬بطب"‪.29‬‬

‫ز – الرغبة ُب إحياء البدع كا‪٣‬برافات‪ :‬كاف لعامل حب البدع كالعمل هبا كالتصميم عليها‪ ،‬أكرب األثر ُب‬
‫قياـ كثّب من ا‪٢‬بركات كالفرؽ على امتداد اتريخ اإلسبلـ بعد كفاة النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬فشرعوا ألنفسهم ما شاءكا‬
‫من الزايدة كالنقصاف على شريعة دمحم صلى هللا عليو كسلم ‪ ،‬فاختلط على كثّب من الناس ا‪٢‬بق ابلباطل‬
‫كصعب عليهم التفريق بْب الشرع ا‪٤‬بنزؿ كالبدع احملدثة ‪ ،‬كدل يلتفت إذل النصوص الٍب أتمر ابلسّب على‬
‫النهج ا‪٢‬بق كعدـ االبتداع فيو كقوؿ هللا تعاذل ‪ { :‬كأف ىذا صراطي مستقيما فاتبعوه كال تتبعوا السبل‬
‫‪30‬‬
‫فتفرؽ بكم عن سبيلو} كقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " من عمل عمبل ليس عليو أمران فهو رد"‬

‫ح – تقديس العقل كتقدٲبة على النقل‪ :‬كاعتبارىم أف العقل ىو الفيصل العدؿ مع أف العقل لو حدكد‬
‫إذا ٘باكزىا الشخص خرج عن ا‪٢‬بق‪ ،‬كقد أدل إذل ذلك تر‪ٝ‬بة الكتب اليواننية ُب عهد ا‪٤‬بأموف إذل ظهور‬
‫كثّب من الفرؽ الٍب تقدـ العقل على نصوص الشرع ‪ ،‬فاحتدـ ا‪٣‬بصاـ بْب الطوائف اإلسبلمية ‪ ،‬فا‪٤‬بعتزلة‬
‫مثبل ‪ ،‬كمن تبعهم ‪ ،‬قدموا العقل على القل كاعتربكه ا‪٤‬برجع األكؿ كاألخّب كا‪٢‬باكم ُب قضااي الدين ‪،‬‬
‫ففتحوا هبذا ابب فتنة كتفريق بْب ا‪٤‬بسلمْب ‪ ،‬فقيض هللا من عباده من كقف ُب طريق ىؤالء كدحر‬
‫شبههم‪. 31‬‬

‫ط – بث الدعاايت ا‪٤‬بنفرة من االعتقاد الصحيح ا‪٤‬بوافق للكتاب كالسنة‪ :‬كغرضهم مكن ذلك ىو‬
‫التنفّب عن أىل ا‪٢‬بق ببث الدعاايت الكاذبةعنهم ‪ ،‬فكالوا التهم كقذفوا األلقاب الظا‪٤‬بة عليهم جزافا ‪.‬‬

‫فمن تلك األكصاؼ الٍب أطلقها ىؤالء على أتباع العقيدة السلفية ‪ ،‬كصفوىم اب‪٤‬بشبهةكا‪٢‬بشوية كاجملسمة‬
‫كالنابتة كالنواصب كغّب ذلك من األلقاب ‪ ،‬ككبار الفرؽ الذين بثوا الدعايةالسيئةكاأللقاب الشنيعة على‬

‫‪ 29‬أبو دكاد ‪574/2‬‬


‫‪ 30‬صحيح مسلم ‪312/4‬‬
‫‪ 31‬كعلى رأسهم شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ُب كتابو البديع درء تعارض العقل كالنقل كما كتبو تلميذه مشس الدين ابن‬
‫القيم‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫السلف ىم ا‪٣‬بوارج كا‪٤‬بعتزلة كالركافض كا‪١‬بهمية كالقدرية كاألشاعرة كا‪٤‬باتريدية كالصوفية ‪ ،‬ككل طائفة منهم‬
‫أطلقت ما حبل ‪٥‬با من إطبلؽ ما يستبشع من األلفاظ على السلف بغرض التنفّب منهم ‪.‬‬

‫م – كجود أتثّبات خارجية‪ :‬فقد كاف للتأثّبات ا‪٣‬بارجية أثر مهم ُب نشأة الفرؽ كاستحكامها بعد‬
‫نشأهتا بْب ا‪٤‬بسلمْب كىي تكمن ُب األمور التالية‪:‬‬

‫اختبلط ا‪٤‬بسلمْب بغّبىم‪ :‬كذلك بعد أف دخل ُب اإلسبلـ من غّب ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كلكنهم‬ ‫‪-1‬‬
‫دخلوا متمسكْب ببعض األفكار الٍب كانوا عليها قبل دخو‪٥‬بم اإلسبلـ‪ ،‬متعمدين كغّب‬
‫متعمدين‪ ،‬فنتج عن ذلك ‪ٝ‬باعات كفرؽ شكلت فرؽ إسبلمية فيما بعد‪.‬‬
‫كجود حركةثقافية‪ :‬حيث تر‪ٝ‬بت قدٲبا ُب عهد ا‪٤‬بأموف كتب غريبة على ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كتَبجم‬ ‫‪-2‬‬
‫حديثا كتب للمبلحدة كا‪٤‬باديْب تسهم ُب تنمية ا‪٣‬ببلؼ بْب ا‪٤‬بسلمينوتفرقهم‪.‬‬
‫أتثر بعض ا‪٤‬بسلمْب بغّبىم من أىل الدايانت السابقة‪ :‬كذلك بعد أف عايشوىم‪ ،‬فنشأت‬ ‫‪-3‬‬
‫اعتقادات كاف أصلها فارسي أك ىندم أك نصراين أك يهودم‪.32‬‬
‫ما يواجهو ا‪٤‬بسلموف من ضغوط ينتج عنها جيل يعتقد أف ماعليو اآلابء كاألجداد كاف ىو‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‪٢‬بق كالصحيح‪.‬‬
‫دخوؿ كثّب من الناس ُب اإلسبلـ ظاىرا ‪ ،‬كىم يبيتوف النية ‪٥‬بدمو كأكثر ىذا الصنف ىم‬ ‫‪-5‬‬
‫اليهود كالنصارل ‪ ،‬كقد ظهرت آاثرىم على آراء الرافضة الغبلة ُب أتثرىم ابليهودية ُب ‪ٝ‬بلة‬
‫من االعتقادات ال سيما آراء ابن سبأ اليهودم ُب قولو ابلرجعة كالوصية‪33‬ككذلك قو‪٥‬بم‬
‫ابلبداء كا‪١‬بهمية ُب أتثرىم ابليهودية ُب قو‪٥‬بم ٖبلق القرآف كما ىو اعتقاد اليهود ٖبلق التوراة‬
‫كا‪٤‬بعتزلة كالنصّبية ُب أتثرىم اب‪٥‬بندكسية ُب قو‪٥‬بم ابلتناسخ ‪34‬كالصوفية ُب أتثرىم ابلنصرانية‬
‫‪35‬‬
‫ُب النظر إذل الدنيا كاحتقارىم الكامل ‪٥‬با ‪ ،‬كقو‪٥‬بم ابلبلىوت كالناسوت كاال‪ٙ‬باد بينهما‬
‫كغّبذلك كثّب ‪.‬‬

‫‪ 32‬انظر‪ :‬اقتضاء الصراط ا‪٤‬بستقيم البن تيمية ص‪ 11‬كالفصل ‪115/2‬‬


‫‪ 33‬الفصل ُب ا‪٤‬بلل ‪115/2‬‬
‫‪ 34‬انظر‪ :‬مقدمة ُب أسباب اختبلؼ ا‪٤‬بسلمْب كتفرقهم ص ‪125‬‬
‫‪ 35‬نفس ا‪٤‬برجع ص ‪129‬‬
‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫فرقة السلف أىل السنة واجلماعة‬

‫متهيد‪ :‬حول دراسة ىذه الطائفة‪:‬‬

‫إف عقيدة السلف ما كانت كدل تكن مشتملة على غموض أك اضطراب ٰبتاج إذل توضيح كلكن الذم‬
‫حصل دل يكن ُب ا‪٢‬بسباف‪ ،‬فقد ظهر علماء سوء أحاطوا كثّبامن التعاليم اإلسبلمية بشبهاهتم الٍب كرثوىا‬
‫عن ‪٨‬بتلف الفلسفات ٍب أضرموا انر ا‪٣‬ببلففيها‪ ،‬كقلبوا األمور حٌب احتاجت إذل بياف كإيضاح إلعادة‬
‫ا‪٤‬بسلمْب إذل نبع العقيدة الصاُب‪.‬‬

‫ادلبحث األول‪:‬‬

‫األخطار اليت حتيط أبىل السنة واجلماعة‬

‫ال ريب أف ىناؾ خطط ‪ٙ‬باؾ‪ ،‬كمؤامرات تنفذ ضد ا‪٤‬بسلمْب من قبل أعدائهم‪ ،‬كال أظن أف القارمء ُب‬
‫حاجة إذل ضرب األمثلة على ىذا الواقع ا‪٤‬بشدىد بدأ من االستعمار الفعلي إذل االستعمار الفكرم إذل‬
‫التفرؽ ا‪٢‬باصل بْب ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كسنَبؾ الكبلـ عن تفرؽ ا‪٤‬بسلمْب ك‪ٙ‬بزابهتم كىواهنم على سائر األ‪٩‬بم‬
‫ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بلل‪ ،‬كسنتحدث بنصح إذل الصفوة الباقية من ا‪٤‬بسلمْب الذين بقوا قابضْب على مفاىيم الكتاب‬
‫كالسنة كنبْب ‪٥‬بم أبرز األخطار احملدقة هبم‪.‬‬

‫فمن األخطار الٍب توجو أىل السنة من قبل أعدائهم ما يلي‪:‬‬

‫‪٧‬باربة ا‪٤‬بسلمْب ُب ‪ٛ‬بسكهم بكتاب رهبم كسنة نبيهم ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪٧‬باكلة دؽ إسفْب بْب الكتاب كالسنة‪ ،‬كبث دعول األخذ من القرآف دكف السنة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تشكيك ا‪٤‬بسلمْب ُب صبلحية تعاليم دينهم ُب ىذا العصر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫بث الدعاايت ضد أىل السنة كتشويو معتقداهتم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪٧‬باربة أىل السنة عن طريق ‪ٛ‬بجيد العقل كتقديسو‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪٧‬باربتو عن طريق التأكيبلت الفاسدة للنصوص‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪٧‬باربتهم ا‪٢‬برب النفسية كإدخاؿ ا‪٥‬بواف كاليأس على قلوهبم‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫‪25‬‬
‫‪٧‬باربتهم عن طريق تقوية بعضهم على بعض ليضعفوىم ماداي كبشراي كلتدكـ حاجتهم إذل‬ ‫‪-8‬‬
‫أعدائهم‪.‬‬
‫إحياء البدع كا‪٣‬برافات كالَبغيب فيها‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪٧ -10‬باكلة حصر مفهوـ اإلسبلـ كتعاليمو ُب القياـ ابلعبادات فقط دكف ا‪٤‬بعامبلت كالسلوؾ‪.‬‬
‫‪ -11‬إشغاؿ أىل ا‪٢‬بق بفًب ‪٨‬بتلفة كنظرايت ابطلة لصرفهم عن دينهم‪.‬‬
‫‪ -12‬إشغا‪٥‬بم بدعول التجديد ُب الدين إبحداث البدع‪.‬‬
‫‪ -13‬أتييد كل الدعوات ا‪٥‬بدامة كا‪٤‬ببادمء ا‪٤‬بنحرفة الٍب تدعوا إذل نسخ الشريعة اإلسبلمية‪.‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫عقيدة فرقة أىل السنة واجلماعة‬

‫لقد ألٌف علماء االسبلـ مؤلفات كاسعة ُب بياف معتقد فرقة أىل السنة كا‪١‬بماعة إال أنو كمع األسف ال‬
‫يزاؿ كثّب من الناس ٯبهل معتقدات ىذه الفرقة كمسلماهتا‪ ،‬كذلك لعدة أسباب أبرزىا ما يلي‪:‬‬

‫بسبب انصراؼ الناس عن مدارستها ٔبد‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫لعدـ كجود من يقدمها للناس ُب أماكن ٘بمعاهتم ابلصورة ا‪٤‬برضية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لقوة الدعاايت ض ٌد السلف ككتبهم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫لعدـ ‪ٛ‬بكينهم ك‪ٛ‬بكْب كتبهم من االنتشار بل ك‪٧‬باربتها‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫كُب ا‪٢‬بقيقة مهما كصل إليو الشخص من علم كثقافة إال أنو ٰبتاج إذل ٘بديد معلوماتو كقراءهتا من‬
‫كتب أىل السنة ليكتسب علما جديدا كليزداد معرفة كبصّبة هبا‪.‬‬

‫ففرقة السلف ىم أىل السنة كا‪١‬بماعة كىم الطائفة ا‪٤‬بنصورة كىم خّب الفرؽ كأزكاىا كال تقارف هبم أم‬
‫فرقة أخرل هبا مهما ابلغت ُب انتساهبا إذل الكتاب كالسنة‪.‬‬

‫فقد اتضح منهاجهم القوًن كشهد ‪٥‬بم النيب العظيم أهنم على ا‪٢‬بق كا‪٥‬بدل كأنو ال يضرىم من خالفهم‬
‫حٌب أيٌب أمر هللا كىم على ا‪٢‬بق‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫أمساء ىذه الطائفة وألقاهبم‬

‫األلقاب الصحيحة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫أيطلقت على ىذه الطائفة ألقاب صحيحة تدؿ على حا‪٥‬بم كصحةمعتقداهتم‪ ،‬فكانت كالرحيق لكل‬
‫مؤمن‪ ،‬ككالشجى ُب حلق كل مبتدع‪ ،‬كىي أ‪٠‬باء أيخذت من أكصافهم الٍب كردت على لساف ا‪٤‬بصطفى‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫كمن أ‪٠‬باء السلف الصحيحة الٍب أيطلقت عليهم ما يلي‪:‬‬

‫أىل السنة كا‪١‬بماعة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫السلف الصاحل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفرقة الناجية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أىل ا‪٢‬بديث كالسنة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أىل األثر‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الطائفة ا‪٤‬بنصورة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫كفيما يلي إلقاء الضوء على ذكر تلك األ‪٠‬باء فيما يلي‪:‬‬

‫أكال‪ :‬أىل السنة كا‪١‬بماعة‪:‬‬

‫التعريف أبىل السنة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫معُب السنة ُب اللغة‪ :‬ىي الطريقة أك الطرؽ الواضحة كالسلوؾ الطيب – كما قاؿ ا‪١‬بوىرم كابن‬
‫األثّب‪.-36‬‬

‫معُب السنة ُب االصطبلح‪ :‬تطلق على كل ماجاء عن ا‪٤‬بصطفى ملسو هيلع هللا ىلص من أقوالو كأفعالو كتقريراتو‪ ،‬كمن‬
‫كرامة هللا ألىل السنة ىدايتو ‪٥‬بم إذل االنتساب ‪٥‬با دكف غّبىا كما ىو حاؿ أىل الطرؽ البدعية الذين‬
‫يتسبوف إذل رأم شخص معْب أك إذل بلد أك قوـ أك غّب ذلك‪.‬‬

‫‪ 36‬انظر‪ :‬الصحاح ‪ 2138/5‬كالنهاية ُب غريب ا‪٢‬بديث ‪409/2‬‬


‫‪27‬‬
‫كقد كقع بعض التفاكت ُب مفاىيم علماء كل فن ُب تعريف السنة كذلكفعند احملدثْب ىيكل ما أثر عن‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص من قوؿ أكفعل أكتقرير أك صفة خلقية أك خلقية قبل البعثة أك بعدىا‪ ،‬أما األصوليْب فالسنة‬
‫عندىم ىي ما نقل عن النيب من قوؿ أك فعل أك تقرير كعند الفقهاء ىي خبلؼ الواجب يثاب فاعلها‬
‫كال يعاقب اتركها‪.‬‬

‫فيتحصل منم أقواؿ العماء أف ا‪٤‬براد ابلسنة عند االطبلؽ ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يراد هبعا كل ما أثر عن النيب صلى لو عليو‪.‬‬


‫‪ -‬يراد هبا ا‪٢‬بديث النبوم‪.‬‬
‫‪ -‬يراد هبا العقيدة‪.‬‬
‫‪ -‬يراد هبا التمسك ابلكتاب كالسنة كىدم الصحتابةل ُب كل األمور‪.‬‬
‫‪ -‬يراد هبا ما يقابل البدع‪ ،‬كأىل ىذا القوؿ كىم السلف يفرقوف بْب السنة كا‪٢‬بديث ‪ ،‬ألف السنة‬
‫ما يقابل البدعة كا‪٢‬بديث ما أضيف إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬فقد يكوف الرجل ‪٧‬بداث كليس بسِب‪،‬‬
‫كالعكس ‪.‬‬

‫كقد أيطلق على السلف أىل السنة لتمسكهم هبا منذ عصر النيب ملسو هيلع هللا ىلص كالصحابة رضواف هللا عليهم‬
‫كمن تبعهم إبحساف‪.‬‬

‫معٌت اجلماعة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫تطلق على الطائفة أك الفرقة أك األمة الذين يرتبطوف ٗبنهج كاحد كىدؼ كاحد كدل يتفرقوا ُب‬
‫االعتقاد كالسلوؾ‪ ،‬كتطلق تسمية أىل السنة كا‪١‬بماعة ‪ -‬كىو ا‪٤‬براد ‪ -‬على السلف الصاحل كأتباعهم‬
‫إذل يوـ القيامة ‪ ،‬كىم الذين ر ٌغب الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب االنضماـ إليهم كأخرب أهنم على ا‪٢‬بق‪.‬‬

‫اخلالف يف ادلراد ابجلماعة‪:‬‬

‫قيل ا‪١‬بماعة ىم السواد األعظم‪ ،‬كاختلفوا ُب ا‪٤‬بقصود ابلسواد األعظم‪ ،‬فقيل ىم ىم كثرة‬ ‫‪-1‬‬
‫الناس‪ ،‬كىذا مردكر بقوؿ هللا‪{ :‬كإف تطع أكثر من ُب األرض يضلو عن سبيل هللا} فليس‬
‫ا‪٢‬بق منوطا ابلكثرة‪.‬‬
‫قيل ىم العلماء العاملوف اب‪٢‬بق‪ ،‬كىذا قوؿ كثّبمن العلماء‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪28‬‬
‫قيل إف ا‪١‬بماعة ىم العلماء اجملتهدكف ُب كل عصر إال أف ىذا التعريف ضيق كاسعا‬ ‫‪-3‬‬
‫ابشَباط الوصوؿ إذل رتبة االجتهاد‪ٍ ،‬ب إف لكل فن علماؤه اجملتهدكف فيو‪ ،‬كعلماء السلف‬
‫أكؿ من يدخل ُب ذلك‪.‬‬
‫أهنم خصوص أصحاب النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كىو قوؿ مرجوح‪ ،‬فمن احملاؿ أف ٰبكم النيب على غّب‬ ‫‪-4‬‬
‫الصحابة اب‪٥‬ببلؾ كلقولو كذلك‪" :‬من كاف على مثل ما أان عليو اليوـ كأصحايب"‪.‬‬
‫أهنم ‪ٝ‬باعة ا‪٤‬بسلمْب إذا اجتمعوا على أمّب‪ ،‬إال أنو يرد عليو أف ا‪٢‬بديث دل يرد ُب ابب‬ ‫‪-5‬‬
‫اإلمارة كإ٭با كرد ُب التحذير من الفرقة‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫أهنم ‪ٝ‬باعة على ا‪٢‬بق أخرب عنهم النيب ملسو هيلع هللا ىلص بتلك الصفات دكف تعيْب أ‪٠‬بائهموبلداهنم‬ ‫‪-6‬‬
‫كىم الفرقة الناجية كىذا ىو الراجح – كهللا أعلم ‪-‬كألىل السنة نصيب من كل تلك‬
‫األقواؿ‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬السلف‪:‬‬

‫من األ‪٠‬باء الٍب أيطلقت عليهم السلف‪ ،‬كتعريف السلف ُب اللغة‪ :‬ىو لفظ يشمل كل من سبق كتقدـ‬
‫على غّبه‪.38‬‬

‫تعريفل السلف اصطبلحا‪ :‬اختلف العلماء ُب ا‪٤‬بفهوـ من إطبلؽ السلف كما يلي‪:‬‬

‫ذىب احملققوف من أىل العلم إذل أف مفهوـ السلف عند االطبلؽ يراد بو الصحابة من أىل‬ ‫أ‪-‬‬
‫القركف الثبلثة كالتابعوف ‪٥‬بم إبحساف – كىو الرأم الذم اختاره شيخ اإلسبلـ ابن‬
‫تيمية‪39‬كقد كصفهم شيخ اإلسبلـ أبف أقل أكصافهم أهنم أنو ‪٧‬ببوف للقرآف كا‪٢‬بديث‬
‫ابحثوف عن معانيهما كالعمل ٗباعملوه من موجبها‪.40‬‬
‫ذىب بعض العلماء إلىأف ا‪٤‬براد ابلسلف ىم خصوص الصحابة فقط‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫كمن من يرل أهنم الصحابة كالتابعوف كغّبىم‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫‪ُ 37‬ب بعض الركاايت كاآلاثر أف ىذه ا‪١‬بماعة ىم أىل الغرب" أم الدلو الكبّب كىم العرب" كُب بعضها أهنم أىل‬
‫الشاـ‪ ،‬كرجحو شيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪ ،‬كالذم رجحو عامة العلماء أف ىذه الطائفة ال يلزـ أف تكوف ُب مكاف كاحد‬
‫من األرض كٲبكن اف يكوف آخرىم ابلشاـ عند انقضاء األمر‪ ،‬كهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ 38‬انظر‪ :‬الصحاح للجوىرم ‪ 1376/4‬كا‪٤‬بفردات للراغب ص ‪239‬‬
‫‪ 39‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪355/6‬‬
‫‪ 40‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪95-85/4‬‬
‫‪29‬‬
‫كمنهم من خص السلف ابلقركف الثبلثة األكذل‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬

‫كيتضح من ىذه التعريفات أنو ال خبلؼ بْب ا‪٤‬بسلمْب على أف الصحابة ىم السلف الصاحل األخيار‬
‫كأفضل األمة بعد نبيها كأفضل األمة بعدىم ىم التابعوف ‪٥‬بم إبحساف ٍب أتباع التابعْب كمن سار على‬
‫هنجهم دكف تقييد بزمن‪.41‬‬

‫السلف والسلفية واالنتساب إليها‪:‬‬

‫دل يكن ىذا الوصف ‪٦‬برد لقب أك اسم أك ظهر صدفة على ألسنة الناس‪ ،‬بل نشأ عن سلوؾ عميق ‪٤‬با‬
‫كاف عليو الصحابة كمن بعدىم إبحساف فاستحقوا ىذا االسم نتيجة عمل كاقتداء كالتزاـ ‪٥‬بدم الكتاب‬
‫كالسنة‪.‬‬

‫كال اعتبار لنبز أصحاب األىواء كالبدع كتزىيدىم عن فرقة السلف كما ‪ٙ‬بملوه ُب سبيل التمسك ٗبنهج‬
‫السلف كاإلماـ أ‪ٞ‬بد ٍب ابن تيمية كغّبىم‪.‬‬

‫كقد ذكر الشيخ أبو زىرة ُب كتابو اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية‪ 42‬ككذلك الدكتور مصطفة الشكعة ُب كتابو‬
‫إسبلـ ببل مذاىب‪ ،‬أف السلفيْب أطلقوا على أنفسهم ىذا اللقب ُب القرف الرابع‪ٍ ،‬ب ٘بدد على يد شيخ‬
‫اإلسبلـ ابن تيمية ُب القرف السابع ٍب جدده الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ُب القرف الثاين عشر‪ ،‬كقد‬
‫أخطئوا ا‪٢‬بقيقة كما أخطأىا الدكتور دمحم سعيد البوطي ُب كتابو السلفية مرحلة زمنية مباركة ال مذىب‬
‫إسبلمي‪ 43‬بل ىي اتباع للصحابة كالسلف الصاحل‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬الفرقة الناجية‪:‬‬

‫الفرقة ُب اللغة‪ :‬اسم يطلق على الطائفة أك ا‪١‬بماعة من الناس‪.‬‬

‫كالناجية ُب اللغة‪ :‬كصف لتلك الفرقة ابلنجاة دكف أف يكوف لو تعلق بزمن‪.‬‬

‫‪ 41‬األسبقية التكوف مزية إذا دل يصاحبها االلتزاـ ابلكتاب كالسنة‪ ،‬فقد كجد ُب زمن الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كزمن الصحابة من دل‬
‫يكن لو ادىن فضل أك خّب مثل ا‪٤‬بنافقْب كا‪٤‬برتدين الذين سيقوؿ ‪٥‬بم الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص يوـ القيامة‪ :‬سحقا سحقا كما ثبت‬
‫بذلك النص‪ ،‬كعلى ىذا فبل تظهر مزيتها إال مع التحقيق كاالتباع كاالنقياد‪.‬‬
‫‪ 42‬انظر‪ :‬ص ‪211‬‬
‫‪ 43‬للدكتور صاحل الفوزاف جزاه هللا خّبا تعقيبات قوية ُب الرد على أيب زىرة كالدكتور سعيد البوطي فيما زعماه عن‬
‫السلف ُب كتابو ا‪١‬بيد" البياف ألخطاء بعض الكتاب" انظر‪ :‬ص ‪127‬ك‪ 187‬كانظر‪ :‬كسطية أىل السنة بْب الفرؽ‬
‫ص ‪112‬كص ‪113‬‬
‫‪30‬‬
‫كا‪٤‬بقصود هبم‪ :‬ىم أىل ا‪٢‬بق ‪٩‬بن ‪ٛ‬بسكوا بكتاب هللا تعاذل كسنة رسولو ملسو هيلع هللا ىلص على مدل األزماف‪ ،‬كقد‬
‫أخذ ا‪٠‬بهم من ا‪٢‬بديث "ال تزاؿ طائفة من أمٍب‪ "..‬ألهنا ‪٪‬بت من الضبللة كالفًب ك‪٪‬بت من عذاب‬
‫هللا كعقابو إذا ماتوا كما قاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪":‬تركتكم على احملجة البيضاء ال يزيغ عنها إال ىالك"‪.44‬‬

‫كدل يقصد السلف من كراء ىذا التسمية الشهادة ألنفسهم اب‪١‬بنة كال التزكية كإ٭با ا‪٤‬بقصود هبا إظهار‬
‫ما ىم عليو من التمسك بكتاب هللا كسنة رسولو كٮبا مصدرا النجاة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أىل احلديث‪45‬والسنة‪:‬‬

‫ال يريد العلماء عندما يطلقوف ىذه التسمية كشيخ اإلسبلـ ابن تيمية كغّبٮبن أىل العلم ال يريدكف‬
‫التقسيم‪ ،‬فالسنة كا‪٢‬بديث ٗبعُب كاحد‪ ،‬كلكن قد يطلق بعض علماء السلف أىل السنة احَبازا عن‬
‫غّبىم من أىل البدع‪ ،‬فتكوف السنة عامة كا‪٢‬بديث أخص‪ ،‬كيظهر ىذا االفَباؽ ُب أبواب االعتقاد‬
‫عند ىذا االستعماؿ‪ ،‬فقد يكوف ا‪٤‬برأ من أىل السنة كليس من أىل ا‪٢‬بديث من الناحية الصناعية‪،‬‬
‫أم ليس ٗبحدث‪ ،‬كقد يكوف من أىل ا‪٢‬بديث صناعة كليس ىو من أىل السنة‪.46‬‬

‫خامسا‪ :‬أىل األثر‪:‬‬

‫ا‪٤‬براد هبم كل من تسمك بنصوص الكتاب كالسنة‪ ،‬كيريدكف بو ما أثر عن هللا تعاذل كعن نبيو صلى‬
‫هللا عليو كسلم من تلك النصوص‪.‬‬

‫كال يريدكف ما ىو متعارؼ عليو عند العلماء من أقساـ ا‪٢‬بديث‪ ،‬كمنها ا‪٤‬بأثور كىو ما كقف على‬
‫الصحايب كدل يرفع إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فالسلف ال ينطبق عليهم ىذا االصطبلح فهم أحرص الناس على‬
‫التمسك ٗبا صح عنو‪ ،‬كإ٭با يقصدكف ابألثر ىو ا‪٢‬بديث‪ ،‬فأىل األثر أم أىل ا‪٢‬بديثوما كرد عن‬
‫السلف من آاثر صحيحة‪ ،‬ألف رد اآلاثر من ‪٠‬بات أىل البدع‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬الطائفة ادلنصورة‪:‬‬

‫‪ 44‬أخرجو ابن ماجة ‪ 1322/2‬من كتاب الفًب‪.‬‬


‫‪ 45‬ا‪٢‬بديث‪ :‬ىو ما أضيف إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص من قوؿ أك فعل أك تثقرير أك صفة – كما تقدـ ‪. -‬‬
‫‪ 46‬انظر‪ :‬كسطية أىل السنة ص ‪118‬‬
‫‪31‬‬
‫أخذت ىذه التسمية من قوؿ النيب صبلى هللا عليو كسلم‪ " :‬ال تزاؿ طائفة من أمٍب ظاىرين حٌب‬
‫يقوـ أمر هللا كىم ظاىرين" كُب بعض الركايايت‪" :‬التزاؿ طائفة من أمٍب ظاىرين حٌب أيٌب أمر هللا‬
‫‪47‬‬
‫كىم ظاىركف"‬

‫كقد فسر العلماء ىذه الطائفة‪ :‬أبهنم كل من ‪ٛ‬بسك ابلكتابةكالسنة كعمل الصحابة اجملانبْب للبدع‬
‫كأىلها‪.‬‬

‫كقد أخرب النيب ملسو هيلع هللا ىلص أف النصر سيكوف حليفهم إذل أف تقوـ الساعة‪ ،‬فهم منصوركف بلطف هللا ‪٥‬بم‬
‫كحفظو ‪٥‬بم من كيد أعدائهم كليس ا‪٤‬بقصود ‪ٛ‬بلكهم على ا‪٤‬بمالك أك ا‪٢‬بكومات‪.‬‬

‫األمساء واأللقاب اليت يُنبز هبا أىل احلق من قبل أىل الباطل‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أطلق أىل الباطل إطبلقات من ‪٨‬بتلف األ‪٠‬باء الذميمة كاأللقاب الباطلة لينفركا الناس عنهم كعن‬
‫عقيدهتم الصافية‪ ،‬كىو نفس مسلك ا‪٤‬بشككْب ٘باه النيب ملسو هيلع هللا ىلص حيث أطلقوا عليو أنو ساحر ك‪٦‬بنوف‬
‫ككذاب كغّب ذلك‪.‬‬

‫كُب الواقع إف ذمهم اليزيد السلف إال فضبل‪ ،‬كإ٭با يدؿ على نقص صاحبو كرفعة لو كزايدة ُب‬
‫األجر‪ ،‬كقد أصبح من عبلمات أىل البدع ذمهم كسبهم ألىل السنة كالتشهّب هبم كاالخَباع‬
‫األلقاابلباطلة الٍب ينبزكهنم هبا‪ ،‬بل نبز أىل الباطل رب العا‪٤‬بْب حينما نفوا صفاتو كشبهوه‬
‫اب‪٤‬بعدكمات‪.‬‬

‫كمن األ‪٠‬باء كاأللقاب الٍب أطلقها أىل الباطل نبزا ألىل السنة ما يلي‪:‬‬

‫ا‪٤‬بشبهة – النقصانية – ا‪٤‬بخالفة –الشكاؾ‪ ،‬كتنبزىم هبا ا‪١‬بهمية إلثباهتم صفات هللا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ا‪٢‬بشوية – النباتة أك انوابت – اجملربة –ا‪٤‬بشبهة‪ ،‬كتنبزىم هبا ا‪٤‬بعتزلة كالزاندقة كسائر أىل‬ ‫‪-2‬‬
‫الكبلـ كا‪٣‬بوارج‪.‬‬
‫اجملربة أك ا‪١‬بربة كتنبزىم هبما القدرية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الناصبة أك النواصب – العامة – ا‪١‬بمهور – ا‪٤‬بشبهة – ا‪٢‬بشوية‪ ،‬كتنبزىم هبا الرافضة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‪٤‬بشبهة – اجملسمة – ا‪٢‬بشوية – التوابت – الغثاء‪-‬الغثراء‪-‬كتنبزىم هبا األشاعرة كا‪٤‬باتريدية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫كفيما يلي بياف إطبلقات أىل الباطل ‪٥‬بذه األ‪٠‬باء إبٯباز‪:‬‬

‫‪ 47‬أخرجو البخارم ُب كتاب االعتصاـ ‪293/13‬‬


‫‪32‬‬
‫أف اطبلقهم اسم مشبهة ألهنم تصوركا أف إثبات السلف للصفات يقتضي تشبيو هللا ٖبلقو‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ألهنم دل يدركوا من الصفات إال ما أدركوه من تعلقها اب‪٤‬بخلوؽ‪ ،‬كفاهتم الفرؽ الذم ال‬
‫يعملو إال هللا بْب ا‪٣‬بالق كا‪٤‬بخلوؽ‪.‬‬

‫فأىل السنة دل يثبتوا فيها أم شبو بْب ا‪٣‬بالق كا‪٤‬بخلوؽ إال ‪٦‬برد التسمية‪ ،‬مع معرفة معُب الصفة كإ٭با‬
‫التفويض ُب الكيفية‪.‬‬

‫أما أكلئك دل ينفوىا عن هللا إال بعد أف شبهوه ٖبلقو‪ ،‬فأم الفريقْب أكذل بتسميتهم اب‪٤‬بشبهة‪ ،‬ىل ىم‬
‫أىل السنة أـ أكلئك أىل الباطل من ا‪١‬بهمية؟ ‪.‬‬

‫زعمهم أف أىل السنة نقصانية لقو‪٥‬بم أف اإلٲباف يزيد كينقص‪ ،‬فبل ريب أهنم يك ٌذبوف هبذا‬ ‫ب‪-‬‬
‫النبز قوؿ الكتاب كالسنة ُب إثبات زايدة اإلٲباف‪ ،‬كلردىم النصوص الواردة ُب ىذا‪ ،‬حيث‬
‫زعموا أف اإلٲباف ال يزيد كال ينقص‪ ،‬كقد كردت ُب ذلك أحاديث كثّبة ُب ىذا تؤكد كلها‬
‫زايدة اإلٲباف كنقصانو‪ ،‬منها قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬اإلٲباف بضع كسبعوف أك بضع كستوف شعبة‬
‫كأفضلها قوؿ ال إلو إال هللا كأدانىا إماطة األذل عن الطريق كا‪٢‬بياء شعبة من اإلٲباف"‪.48‬‬
‫أما تسميتهم ألىل السنة ‪٨‬بالفة‪ ،‬كيقصدكف أهنم ‪٨‬بالفوف للحق‪ ،‬كا‪٢‬بق ىو أف أىل السنة‬ ‫ت‪-‬‬
‫‪٨‬بالفة ألىل األىواء كالبدع‪ ،‬بل كمعادية‪ ،‬كيكفي أهنم من أشد الناس اتباعان لكتاب هللا‬
‫كسنة نبيو صلى هللا عليو‪.‬‬
‫أما تسميتهم ألىل السنة ابلشكاؾ من قبل ا‪٤‬برجئة فإهنا تسمية ظا‪٤‬بة‪ ،‬ألف السلف دل‬ ‫ث‪-‬‬
‫يشكوا ُب دينهم كال ُب أخبار رهبم كنبيهم‪ ،‬كال ُب شيء ثبت ابلكتاب كالسنة‪ ،‬فا‪٤‬برجئة‬
‫أكذل هبذا النبز لشكهم ‪-‬بللردىم ‪-‬ما أخرب هللا بو عن نفسو‪.‬‬
‫أما ابلنسبة لنبزىم ألىل السنة أبهنم حشوية ‪ ،‬كيقصدكف بو حشو الناس أم ال قيمة ‪٥‬بم‪،‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫أك ٗبعُب أهنم ال يفرقوف بْب األحاديث‪ ،‬أك ٗبعُب أهنم ‪٦‬بسمة هلل تعاذل بسبب إثباهتم‬
‫صفات هللا تعاذل‪ ،‬كما الذم يضّب أىل السنة من السلف احتقار ىؤالء ‪٥‬بم بعد أف‬
‫أكرمهم هللا كأثُب عليهم ككصفهم نبيو ابلطائفة ا‪٤‬بنصورة‪ٖ ،‬ببلؼ ما حشوا بو أذىاهنم من‬

‫‪ 48‬أخرجو البخارم ‪ 51/1‬كمسلم ُب ابب شعب اإلٲباف ‪210/1‬‬


‫‪33‬‬
‫كبلـ الفبلسفة كأىل الكبلـ‪ ،‬يقوؿ شيخ اإلسبلـ ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬فقد تبْب أف الذين يسموف‬
‫ىؤالء كأئمتهم حشوية ىم أحق بكل كصف مذموـ يذكركنو"‪. 49‬‬
‫كأما نبزىم ألىل السنة أبهنم نوابت‪ٗ ،‬بعُب أف أىل السنة يشبهوف نوابت األشجار‬ ‫ح‪-‬‬
‫الصغّبة‪ ،‬أم أهنم صغار ُب العلم كا‪٤‬بعرفة كصغار النوابت من األعشاب الٍب دل تكتمل قوهتا‬
‫كنضجها‪ ،‬أك أهنم نوابت شر نبتوا ُب اإلسبلـ‪.‬‬

‫فإف ىذا النبز من االفَباءات الكاذبة على أىل السنة الذين علموا ٗبا جاء ُب الكتاب كالسنة كدل يعملوا‬
‫بغّبىا ‪٩‬با جاءت بو الفلسفات اإل‪٢‬بادية كعلم الكبلـ الباطل‪ ،‬كىذا من ابب قلب ا‪٢‬بقائق كا‪٤‬بغالطات‬
‫ا‪٤‬بكشوفة‪.‬‬

‫أما نبزىم ألىل السنة أبهنم جربية أك ‪٦‬بربة أك قدرية‪ ،‬فإنو ابلتأمل ُب مذىب القدرية كا‪١‬بربية‬ ‫خ‪-‬‬
‫كأىل السنة يرل أف القدريةاحملتجوف ابلقدر ىم الذين يزعموف رضى هللا عن كل عمل‬
‫ين أى ٍشىريكوا لى ٍو ىشاءى اَّللي ىما ىعبى ٍد ىان ًم ٍن يدكنًًو‬ ‫يعملونو كٰبتجوف ابلقدر‪ .‬قاؿ تعاذل‪{ :‬كقى ى ً‬
‫اؿ الذ ى‬ ‫ى‬
‫آاب يؤ ىان} كُب مقابل ىؤالء جاءت فرقة أخرل تنفي أف يكوف هلل تعاذل أم‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫م ٍن ىش ٍيء ىٍ‪٫‬ب ين ىكال ى‬
‫أثر ُب فعل اإلنساف تركان أك فعبلن‪ ،‬بل اإلنساف ىو الذم ٱبلق فعلو كما يريد‪.‬‬

‫كىذا مذىب غبلة القدرية‪ ،‬كقد انقرضوا‪ ،‬إال أف ا‪٤‬بتأخرين منهم يثبتوف علم هللا ابألشياء قبل‬
‫كقوعها‪ ،‬كلكنو ال يتدخل ُب أعماؿ البشر بل ىم الذين ٱبلقوهنا‪.‬‬

‫كأما ا‪١‬بربية‪ :‬يقولوف كل عمل يعملو العبد فإنو مقدر عليو من هللا ك‪٦‬ببور على فعلو فإف هللا ىو‬
‫الفاعل ا‪٢‬بقيقي بقوتو كليس للعبد إال نسبة الفعل إليو عن طريق اجملاز‪.‬‬

‫أما مذىب السلف ٖببلؼ ذلك كلو كمعُب ىذا أهنم ال تصح تسميتهم ال قدرية كال جربية‪.‬‬
‫فإف معتقد أىل ا‪٢‬بق أىل السنة كا‪١‬بماعة أف أفعاؿ العباد تنسب إليهم حقيقة كأيضان ٗبشيئتو الٍب ال‬
‫‪ٚ‬برج عن إطارىا العاـ عن مشيئة هللا تعاذل ‪٥‬با كخلقو ‪٥‬با كوانن‪.‬‬

‫كأما نبزىم للسلف أبهنم انصبة‪ ،‬فقد كذب الرافضة كافَبكا أف يكوف أم شخص من‬ ‫د‪-‬‬
‫السلف قد نصب العداكة ألىل البيت أك للرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كأىل بيتو‪ ،‬كىذا النبز داللة قاطعة‬
‫على جهل الرافضة ٗبذىب السلف ُب أىل البيت ألهنم دل يقرؤكا ‪٥‬بم كدل يطلعوا على‬

‫‪٦ 49‬بموع الفتاكل ‪87/4‬‬


‫‪34‬‬
‫كبلمهم كمعتقدىم فيهم‪ ،‬فأيهما أكذل هبذا النبز؟ ىل ىم أىل السنة أـ الرافضة الذين‬
‫نصبوا العداكة لكل ا‪٤‬بسلمْب ابتداءنا ابلصحابة الكراـ كمن تبعهم إبحساف كأبىل البيت‬
‫الذين القوا ا‪٤‬بصائب ا‪٤‬بتتالية عليهم بسبب مؤامرات الرافضة كخذالهنم‪.‬‬
‫أما نبزىم ‪٤‬بن عداىم من السلف كسائر ا‪٤‬بسلمْب ابلعامة‪ ،‬فهو لقب تشنيع ُب مقابل‬ ‫ذ‪-‬‬
‫تسميتهم ألنفسهم ا‪٣‬باصة‪ ،‬كىذه التزكية الكاذبة ألنفسهم شاهبوا فيها اليهود الذين ‪٠‬بوا‬
‫أنفسهم شعب هللا ا‪٤‬بختار‪ ،‬ك‪٠‬بوا من عداىم اب‪١‬بوييم‪ ،‬فهل ىؤالء الباطنية ىم خاصة هللا‬
‫بينما أحباءه كمتبعي أمره كهنيو ىم العامة؟‬

‫كىذه التسمية ‪٤‬بن عداىم ابلعامة ىي مثل تسميتهم ‪٤‬بن عداىم اب‪١‬بمهور‪ ،‬كمن العجيب أف ٰبكموا‬
‫على كل ا‪٤‬بسلمْب بصفة كاحدة‪ ،‬بينما يقابل تلك التسمية تسمية كاحدة ‪٥‬بم "ا‪٣‬باصة" الدالة على‬
‫تعاليهم كغركرىم‪.‬‬

‫د‪ -‬كأما نبزىم ألىل السنة أبهنم ‪٦‬بسمة إلثباهتم صفات هللا تعاذل كما جاءت ُب القرآف الكرًن كُب‬
‫السنة ا‪٤‬بطهرة‪.‬‬
‫فهو نبز أابف عن جهلهم ٕبقيقة عقيدة السلف كأابف عن قصورىم ُب الفهم السليم لنصوص‬
‫الوحيْب‪ ،‬فإف لفظ التجسيم عند السلف ىو من األلفاظ الٍب ٯبب التحرز منها عند إطبلقها على‬
‫هللا تعاذل‪ ،‬كال بد أف نسأؿ من أطلقها عن مراده اب‪١‬بسم‪ ،‬فإف أراد إبطبلقو ا‪٤‬بعُب الذم يثبت‬
‫الصفات هلل فهو الصواب‪ ،‬كإف قصد غّبه فّبدكنو على قائلو‪ ،‬مع أنو دل يعهد عن السلف أف أطلقوا‬
‫لفظ ا‪١‬بسم على هللا ال نفيان كال إثبااتن‪ ،‬فإف كاف كال بد من إطبلقها فلتكن ابأللفاظ الشرعية الٍب‬
‫تدؿ على تنزيو هللا تعاذل على اإلطبلؽ‪ ،‬مثل ليس كمثلو شيء‪ ،‬كقل ىو هللا أحد‪ ،‬كلو ا‪٤‬بثل األعلى‪،‬‬
‫كغّب ذلك‪.‬‬

‫د‪-‬أما نبزىم ‪٥‬بم أبهنم غثاء كغثراء‪ ،‬فهو ٗبعُب أف أىل السنة ىم كالغثاء الذم ٰبملو السيل عند‬
‫ا‪٫‬بداره‪ ،‬كالغثراء ٗبعُب سفلة الناس كأراذ‪٥‬بم‪ ،‬كا‪٤‬بعُب هبذا النبز الباطل أف أىل السنة ىم سفلة الناس‬
‫الذين ىم كزبد السيل أم ال خّب فيهم كال نفع‪.‬‬

‫كىذه مغالطة ظاىرة كظلم كاضح‪ ،‬كيستطيع أم شخص أف يتبْب صحة ىذا حينما يتصور أف الناس‬
‫بعد كفاة الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ظلوا على ا‪٥‬بدل الذم تركهم عليو ا‪٤‬بصطفى إذل أف نبتت الدعوات ا‪٥‬بدامة‬
‫كاآلراء الضالة بسبب تر‪ٝ‬بة كتب اليوانف كاستعبلء األىواء فأم الفريقْب يستحق ىذا اللقب؟‬

‫‪35‬‬
‫ىػ ‪-‬كقد نبزكىم أيضان بتسميتهم "زكامل أسفار" تشبيهان ‪٥‬بم اب‪١‬بماؿ الٍب ٰبمل عليها ك‪٠‬بوىم بػ‬
‫"أصحاب أقاصيص كحكاايت كأخبار" ككل ىذه األكصاؼ ىم منها براء‪.‬‬
‫كإذا أتتك مذمٍب من انقص *** فهي الشهادة رل أبين فاضل‬
‫كا‪٢‬بقيقة أف اقتحاـ ىؤالء ‪٤‬با ال ٰبسنونو ٗبا قرركه ُب عقائدىم من ا‪٤‬بتناقضات كا‪١‬بهل الشنيع من‬
‫حيث ظنوا أهنم كصلوا إذل العلم الغزير‪ ،‬فكانوا مثل الٍب نقضت غز‪٥‬با بعد إحكامو ُب كل مرة‪ ،‬أك‬
‫من الذين ضل سعيهم ُب ا‪٢‬بياة الدنيا كىم ٰبسبوف أهنم ٰبسنوف صنعان‪.‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬
‫ما ىي عقيدة السلف وما ىو منهجهم يف مسائل االعتقاد‬
‫العقيدة ىي ما يعتقده الشخص ُب قرارة نفسو كيعقد العزـ عليو كيراه صحيحان سواء أكاف صحيحان‬
‫ُب حقيقة األمر أـ ابطبلن‪.‬‬
‫كعقيدة السلف ىي‪ٝ :‬بلة ما أخذكه عن كتاب هللا كسنة نبيو‪ ،‬كىو االعتقاد الصحيح ٖببلؼ‬
‫عقائد غّبىم الذين خلطوا بعلم الكبلـ كآراء الفبلسفة‪ ،‬فجاءت نتاجان مشوىان خصوصان ُب ما يتعلق‬
‫أب‪٠‬باء هللا كصفاتو‪ ،‬بل زلت ببعضهم قدمو إذل ا‪٣‬بطأ فيما يتعلق ابلنبوات كابلسمعيات بسبب‬
‫فأكلوا نصوص القرآف كقبلوا ما عرفوا من ا‪٢‬بديث دكف ‪ٛ‬بحيص الصحيح‬
‫أتثرىم ابألفكار ا‪٤‬بنحرفة‪ٌ ،‬‬
‫من ا‪٤‬بكذكب‪ ،‬كاعتمد بعضهم على ا‪٤‬بكاشفات كالرؤل كا‪٤‬بنامات بزعمهم ‪.‬‬

‫كأحياانن يضرب ىؤالء ابلنصوص جانبان ٕبجة أهنا متعارضة‪ ،‬مع أنو ُب الواقع ال يوجد بْب النصوص‬
‫الصحيحة أم تعارض إذا تبْب الناسخ كا‪٤‬بنسوخ كا‪٤‬بتقدـ كا‪٤‬بتأخر منها‪ ،‬فإف دل يتبْب ذلك فإنو ٲبكن‬
‫و‬
‫فحينئذ طريقة أىل السنة أنو ال‬ ‫ا‪١‬بمع بينها كال ‪٧‬بالة‪ ،‬إال إذا كانت أحاديث موضوعة كصحيحة‬
‫تعارض بْب الصحيح كا‪٤‬بوضوع‪ ،‬إذ ال قيمة للموضوع كشبهو إزاء الصحيح‪.‬‬

‫إف منهج السلف ُب مسائل االعتقاد كاالستدالؿ ‪٥‬با يقوـ على إٲباهنم بكل ما ثبت دليلو من كتاب‬
‫هللا تعاذل كسنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص إٲباانن راسخان ظاىران كابطنان من األمور الغيبية الٍب كقعت كالٍب ستقع‪ ،‬كىي‬
‫مزية عظيمة تدؿ على قوة إٲباهنم كطمأنينة نفوسهم غّب متأكلْب بعقو‪٥‬بم رد النصوص كما تفعل‬
‫ك ال‬‫الفرؽ الباطلة ‪ ،‬كيردكف ما أشكل عليهم إذل الكتاب كالسنة عمبل بقوؿ هللا تعاذل ‪{ :‬فىبل ىكىربًٌ ى‬
‫ت ىكيي ىسلًٌ يموا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يػؤًمنو ىف حٌب يٰب ًٌكم ى ً‬
‫يما ىش ىجىر بػىٍيػنىػ يه ٍم يٍب ال ىًٯب يدكا ًُب أىنٍػ يفس ًه ٍم ىحىرجان ‪٩‬با قى ى‬
‫ضٍي ى‬ ‫وؾ ف ى‬ ‫يٍ ي ى ى ي‬
‫تى ٍسلًيما}سورة النساء آية ‪ 65‬كفيما يلي سوؼ نلقي الضوء على أبرز مناحي عقيدة أىل السنة ‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫منهج أىل السنة يف تقريرالعقيدة‪ :‬كىو يتمثل ُب األمور التالية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪-1‬التمسك ابلكتاب كالسنة كعدـ التفريق بينهما ك‪ٙ‬بكيمهما كالعمل هبما ُب كل ما‬
‫يعرض ‪٥‬بم من قضااي العبادة كغّبىا دكف رد أك أتكيل‪.‬‬

‫‪-2‬العمل ٗبا كرد عن الصحابة ُب قضااي العقيدة كالدين كغّبٮبا‪.‬‬

‫الوقوؼ عند مفاىيم النصوص كفهم دالالهتا كعدـ ا‪٣‬بوض فيما ال‪٦‬باؿ للعقل فيو مع‬ ‫‪-3‬‬
‫االستفادة من داللة العقل ُب حدكده‪.‬‬
‫اإلعراض عن البدع كعن أىلها فبل ٯبالسوهنم كال يسمعوف كبلمهم كال شبههم بل ٰبذركف‬ ‫‪-4‬‬
‫منهم أشد ‪ٙ‬بذير‪.‬‬
‫لزكـ ‪ٝ‬باعة ا‪٤‬بسلمْب كنبذ التفرؽ كالتحذير منو‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫ب‪ -‬مميزات منهج أىل السنة ومزاايه ‪:‬‬

‫أف ىذا ا‪٤‬بنهج ىو ما دؿ عليو الكتاب كالسنة كعمل السلف الصاحل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أف ىذا ا‪٤‬بنهج من أقول أسباب بقاء عقيدهتم صافية نقية ال تشوهبا شوائب الضبلؿ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أدلتهم على وجوب لزوم ذلك ادلنهج‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫أوال‪ :‬استدالذلم من القرآن الكرمي‪:‬‬


‫كردت ُب القرآف الكرًن آايت كثّبة تدؿ على كجوب التمسك ابلكتاب كالسنة ككجوب أخذ الدين‬
‫منهما كعدـ الزيغ عنهما‪ ،‬كمن ذلك ما يلي‪:‬‬
‫يما ىش ىجىر بػىٍيػنىػ يه ٍم ي‪ٜ‬ببل ىًٯب يدكا ًُب أىنٍػ يف ًس ًه ٍم ىحىرجان‬‫‪-‬قولو تعاذل‪{ :‬فىبل كربًك ال يػؤًمنو ىف حٌب يٰب ًٌكم ى ً‬
‫وؾ ف ى‬ ‫ى ىٌ ى ي ٍ ي ى ى ي‬
‫ت ىكيي ىسلًٌ يموا تى ٍسلًيمان}سورة النساء آية ‪.65‬‬ ‫ً‬
‫ضٍي ى‬
‫‪٩‬با قى ى‬
‫‪ٝ‬بيعان ىكال تىػ ىفرقيوا}سورة آؿ عمراف آية ‪.103‬‬ ‫صموا ًٕبب ًل اَّللً ىً‬
‫ً‬
‫{ك ٍاعتى ي ىٍ‬‫‪-‬كقولو تعاذل‪ :‬ى‬
‫اطي يم ٍستى ًقيمان فىاتبًعيوهي ىكال تىػتبًعيوا السبي ىل فىػتىػ ىفر ىؽ بً يك ٍم ىع ٍن ىسبًيلً ًو}سورة‬
‫‪-‬كقولو تعاذل‪{ :‬كأىف ى ىذا ًصر ً‬
‫ى ى ى‬
‫األنعاـ آية ‪.153‬‬
‫ْب يمٍنػتى ًق يمو ىف}سورة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً‬
‫{كىم ٍن أىظٍلى يم ‪٩‬ب ٍن ذي ٌكىر ًِبايت ىربًٌو يٍب أ ٍىعىر ى‬
‫ض ىعٍنػ ىها إًان م ىن الٍ يم ٍج ًرم ى‬ ‫‪-‬كقولو تعاذل‪ :‬ى‬
‫السجدة آية ‪.22‬‬

‫كىذه اآلايت كاضحة الداللة على أف ا‪٥‬بدل كلو ُب كتاب هللا تعاذل كُب ىدم نبيو دمحم صلى هللا‬
‫عليو كسلم كأف الواجب على كل مسلم االنقياد كاإلذعاف كالتسليم التاـ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫اثنيا‪ :‬أدلتهم من السنة‪:‬‬

‫كردت عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أحاديث كثّبة ٰبث فيها على كجوب التمسك بكتاب هللا تعاذل‪ ،‬كأف من‬
‫فارقو فبل حظ لو من اإلسبلـ‪.‬‬

‫قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬مثل ا‪٤‬بنافق الذم ال يقرأ القرآف كمثل ا‪٢‬بنظلة ليس ‪٥‬با ريح كطعمها مر"‪ 50‬كعن عمر‬
‫بن ا‪٣‬بطاب هنع هللا يضر أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬إف هللا يرفع هبذا الكتاب أقوامان كيضع بو آخرين"‪ 51‬كعن ابن‬
‫عباس رضي هللا عنهما قاؿ قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف الذم ليس ُب جوفو شيء من القرآف كالبيت‬
‫‪52‬‬
‫ا‪٣‬برب"‬

‫كمن حديث يركيو العرابض بن سارية قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬كعليكم بسنٍب كسنة ا‪٣‬بلفاء الراشدين‬
‫‪53‬‬
‫ا‪٤‬بهديْب عضوا عليها ابلنواجذ كإايكم ك‪٧‬بداثت األمور فإف كل بدعة ضبللة"‬
‫كاألحاديث ُب ىذا كثّبة كلها تؤكد كجوب التمسك كالعمل بكتاب هللا تعاذل كأنو ىو الصراط ا‪٤‬بستقيم‬
‫الذم أكلو ُب الدنيا كآخره ُب ا‪١‬بنة‪.‬‬

‫ادلبحث السادس‬
‫أقوال السلف‬
‫يف وجوب التمسك ابلسنة واحلذر من البدع‬
‫كردت عن السلف الكراـ أقواؿ كثّبة ُب ا‪٢‬بث على التمسك بكتاب هللا تعاذل كسنة نبيو‪ ،‬كأف‬
‫ا‪٥‬بدل كا‪٣‬بّب كالفبلح كلو ُب ذلك‪ ،‬كأنو ٯبب على كل ا‪٤‬بسلمْب الرجوع إذل كتاب هللا كالتمسك بو‬
‫ُب كل أحوا‪٥‬بم كاختبلفاهتم‪ ،‬كما قاؿ هللا سبحانو كتعاذل‪{ :‬فىًإ ٍف تىػنازعتم ًُب شي وء فىػردكه إً ىذل اَّللً‬
‫ى ى ٍي ٍ ى ٍ ي ي‬
‫وؿ}‪.‬‬‫كالرس ً‬
‫ى ي‬
‫كىذا ىو منهج كل من جاء بعد السلف الكراـ من التابعْب كمن تبعهم من علماء ا‪٤‬بسلمْب‬
‫كعامتهم‪ ،‬كُب كتب شيخ اإلسبلـ ر‪ٞ‬بو هللا كتلميذه ابن القيم كغّبٮبا كالطربم كابن كثّب كأىل‬
‫ا‪٢‬بديث كالشيخْب كغّبٮبا ‪٩‬بن تزخر أبقوا‪٥‬بم ا‪٤‬بكتبات اإلسبلمية ُب كتبهم من األقواؿ كالشركحات‬

‫‪ 50‬البخارم مع الفتح ‪ 59-58/9‬كمسلم رقم ‪797‬‬


‫‪ 51‬أخرجو مسلم برقم ‪817‬‬
‫‪ 52‬أخرجو الَبمذم برقم ‪2914‬‬
‫‪ 53‬شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة كا‪١‬بماعة‪75/1‬‬
‫‪38‬‬
‫ما ال مزيد عليو ُب كجوب التمسك بكتاب هللا كالعمل بو كالرجوع إليو ‪ ،‬كفيما يلي نلقي الضوء‬
‫على ذلك إبٯباز ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أقوال السلف يف جوب االتباع وترك االبتداع‪ :‬كىي كثّبة جدا‪ ،‬كمن تلك األقواؿ الٍب تدؿ‬
‫على ذلك من أقواؿ السلف ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬قاؿ عبد هللا بن مسعود "اتبعوا كال تبتدعوا فقد كفيتم"‪.54‬‬
‫‪55‬‬
‫‪-‬كعن معاذ بن جبل من كبلـ لو هنع هللا يضر قاؿ‪" :‬فإايكم كما ابتدع فإ٭با ابتدع ضبللة"‬
‫‪-‬كقاؿ حذيفة اتقوا هللا اي معشر القراء خذكا طريق من قبلكم فوهللا لئن سبقتم لقد سبقتم سبقان بعيدان‬
‫كإف تركتموه ٲبينان كمشاالن فقد ضللتم ضبلالن بعيدان"‪.56‬‬
‫‪-‬كعن عبد هللا بن الديلمي قاؿ‪" :‬إف أكؿ ذىاب الدين ترؾ السنة يذىب الدين سنة سنة كما يذىب‬
‫ا‪٢‬ببل قوة قوة"‪.57‬‬
‫‪-‬كعن حساف بن عطية قاؿ‪" :‬ما ابتدع قوـ بدعة ُب دينهم إال نزع هللا من سنتهم مثلها ٍب ال يعيدىا‬
‫إليهم إذل يوـ القيامة" ‪.58‬‬

‫‪-‬قاؿ ابن مسعود هنع هللا يضر‪" :‬عليكم ابلعلم كإايكم كالبدع كالتنطع كالتعمق كعليكم ابلعتيق"‬
‫‪-‬عن ‪٦‬باىد قاؿ قيل البن عمر‪" :‬إف ‪٪‬بده يقوؿ كذا ككذا فجعل ال يسمع منو كراىية أف يقع ُب قلبو‬
‫‪59‬‬
‫منو شيء"‬

‫كقد ركيت عن السلف من النصوص الكثّبة ما ال ٰبتمل ا‪٤‬بقاـ ذكرىا ىنا‪ ،‬ككلها هتدؼ إذل أمر كاحد‪،‬‬
‫ىو اجتناب أىل البدع كالتحذير منهم‪ ،‬كعدـ ‪٦‬بالستهم ‪ٞ‬باية للعقيدة ك‪ٞ‬باية لقلوهبم‪ ،‬مع قيامهم بواجب‬
‫األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر‪.‬‬

‫اثنيا‪:‬استدالذلم على وجوب العمل مبا ورد عن الصحابة مهنع هللا يضر‪:‬‬
‫يعمل السلف ٗبا ثبت عن الصحابة رضواف هللا عليهم امتثاالن ألمر النيب ملسو هيلع هللا ىلص فإف الصحابة أفقو كأعرؼ‬

‫‪ 54‬شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة ‪86/1‬‬


‫‪ 55‬نفس ا‪٤‬برجع ‪89/1‬‬
‫‪ 56‬نفس ا‪٤‬برجع ‪90/1‬‬
‫‪ 57‬نفس ا‪٤‬برجع ‪91/1‬‬
‫‪ 58‬نفس ا‪٤‬برجع ‪92/1‬‬
‫‪ 59‬نفس ا‪٤‬برجع ‪93/1‬‬
‫‪39‬‬
‫ٗبا يقولوف‪ ،‬كقد زكاىم هللا كرسولو‪ ،‬ك‪٩‬با كرد ُب كجوب العمل ٗبا صح عن الصحابةما يلي‪:‬‬
‫‪-‬جاء عن العرابض بن سارية هنع هللا يضر من حديث عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص قولو‪" :‬فعليكم بسنٍب كسنة ا‪٣‬بلفاء‬
‫الراشدين ا‪٤‬بهديْب من بعدم ‪ٛ‬بسكوا هبا عضوا عليها ابلنواجذ"‬
‫‪-‬كعن خصوص أيب بكر كعمر رضي هللا عنهما جاء قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬اقتدكا ابللذين من بعدين أيب بكر‬
‫كعمر"‪.‬‬
‫كعلى ىذا أ‪ٝ‬بع السلف‪ ،‬كىو من أسس عقائدىم‪ ،‬كقد مدح هللا السلف الكراـ من الصحابة كمن سار‬
‫اج ًرين ك ٍاألىنٍصا ًر كال ًذين اتػبػعوىم إبًًحس و‬
‫اف ىر ًض ىي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫{كالساب يقو ىف ٍاألىكليو ىف م ىن الٍ يم ىه ى ى ى ى ى ى ي ي ٍ ٍ ى‬‫على هنجهم بقولو تعاذل‪ :‬ى‬
‫ضوا ىعٍنوي}سورة التوبة آية ‪.100‬‬
‫اَّللي ىعٍنػ يه ٍم ىكىر ي‬
‫اثلثا‪ :‬وقوف السلف عند حدود النص‪:‬‬
‫كقوؼ السلف عند حدكد النص كعدـ ا‪٣‬بوض فيما ال ‪٦‬باؿ للعقل فيو‪،‬ىو دليل من أقول األدلة على‬
‫عمق فهمهم كقوة ذكائهم كحرصهم على ما ينفعهم ُب دينهم‪،‬كىم يعلموف أف تكلف األمور الٍب ال‬
‫سبيل ‪٤‬بعرفتها إال عن طريق النص يعترب تعداين كظلمان‪ ،‬كقد ٯبر إذل القوؿ على هللا بغّب علم كالكذب‬
‫عليو‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إعراض السلف عن أىل البدع‪:‬‬


‫أما إعراضهم عن أىل البدع كعن ‪٨‬بالطتهم فقد أصبح أمران معلومان ابلضركرة عند أىل السنة‪ ،‬فقد حذركا‬
‫من ‪٦‬بالسة أىل البدع كاالستماع إليهم‪ ،‬لعلمهم أف أصحاب البدع يوردكف شبهات يضللوف هبا العامة‬
‫معتمدين على قولو تعاذل‪{ :‬كإً ىذا رأىيت ال ًذين ىٱبيوضو ىف ًُب آايتًنىا فىأ ٍىع ًرض عٍنػهم حٌب ىٱبيوضوا ًُب ح ًد و‬
‫يث‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ٍ ى يٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ى ىٍ ى ى ي‬
‫ىغ ًٍّبهً}سورة النساء آية‪.140‬‬
‫كقاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من أحدث ُب أمران ىذا ما ليس منو فهو رد"‪ 60‬كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من رغب عن سنٍب فليس‬
‫مِب"‪.61‬‬

‫‪-‬كعن بغض أىل األىواء كحب االبتعاد عنهم قاؿ أبو ا‪١‬بوزاء‪" :‬لئن ٯباكرين قردة كخنازير أحب إرل من‬
‫‪62‬‬
‫أف ٯباكرين أحد منهم" يعِب أىل األىواء‪.‬‬

‫‪ 60‬البخارم مع الفتح ‪ 301/5‬كمسلم ‪343/3‬‬


‫‪ 61‬مسند ا‪ٞ‬بد ‪158/2‬‬
‫‪ 62‬نشرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة ‪133/1‬‬
‫‪40‬‬
‫‪63‬‬
‫‪-‬ككاف ا‪٢‬بسن يقوؿ‪" :‬ال ٘بالسوا أىل األىواء كال ٘بادلوىم كال تسمعوا منهم"‬
‫كىذه اآلايت كاألحاديث كاآلاثر كلها تدؿ على كجوب اإلعراض عن ا‪٤‬ببتدعْب كعن أقوا‪٥‬بم كما ٰبدثونو‬
‫ُب دينهم أبىوائهم‪.‬‬

‫ادلبحث السابع‬
‫لزوم السلف مجاعة ادلسلمُت وحتذيرىم من التفرق وأدلتهم على ذلك‬
‫أما لزكمهم ‪ٝ‬باعة ا‪٤‬بسلمْب ك‪ٙ‬بذيرىم من التفرؽ‪ ،‬فهذا أحد األسس الٍب قامت عليها عقيدهتم امتثاالن‬
‫عز كجل كمن سنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص على‬
‫ألمر هللا تعاذل كأمر نبيو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فقد استفاضت األدلة من كتاب هللا ٌ‬
‫كجوب لزكـ ا‪١‬بماعة كا‪٢‬بذر من التفرؽ‪ ،‬كفيما يلي ذكر أبرز األدلة الٍب كردت ُب الكتاب كالسنة على‬
‫ذلك‪:‬‬

‫أوال‪:‬األدلة من كتاب هللا تعاىل‪:‬‬


‫‪ٝ‬ب نيعا ىكالى تىػ ىفرقيواٍ}سورة آؿ عمراف آية‪103.‬‬ ‫صمواٍ ًٕبب ًل هللاً ىً‬
‫ً‬
‫{ك ٍاعتى ي ىٍ‬ ‫‪-‬قاؿ هللا تعاذل‪ :‬ى‬
‫ت ًمٍنػ يه ٍم ًُب ىش ٍي وء}سورة األنعاـ آية ‪.159‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ين فىػرقيواٍ دينىػ يه ٍم ىكىكانيواٍ شيىػ نعا ل ٍس ى‬
‫ً ً‬
‫‪-‬كقاؿ هللا تعاذل‪{ :‬إف الذ ى‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ات}سورة آؿ عمراف آية‬‫اءى يم الٍبىػيًٌنى ي‬
‫اختىػلى يفواٍ من بىػ ٍعد ىما ىج ي‬
‫ين تىػ ىفرقيواٍ ىك ٍ‬
‫{كالى تى يكونيواٍ ىكالذ ى‬
‫‪-‬كقاؿ هللا تعاذل‪ :‬ى‬
‫‪.105‬‬
‫يما فىاتبًعيوهي ىكالى تىػتبًعيواٍ السبي ىل فىػتىػ ىفر ىؽ بً يك ٍم ىعن ىسبًيلً ًو}سورة‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫{كأىف ىى ىذا صىراطي يم ٍستىق ن‬
‫‪-‬قاؿ هللا تعاذل‪ :‬ى‬
‫األنعاـ آية ‪.153‬‬

‫كىذه اآلايت كغّبىا هتدؼ إذل منع التفرؽ ُب اآلراء كا‪٤‬بعتقدات‪ ،‬إال أف ا‪٤‬بسلمْب ُب عصران ىذا دل‬
‫يستفيدكا منها‪ ،‬أك دل يعملوا هبا‪ ،‬بل كاف بعضهم قريبان من حاؿ الذين أخرب هللا عنهم أهنم ازدادكا ٗبجيء‬
‫اب إًال ًمن بىػ ٍع ًد‬ ‫ً‬
‫ين أيكتيوا الٍكتى ى‬
‫ً‬
‫{كىما تىػ ىفر ىؽ الذ ى‬
‫البينات اختبلفان كفرقة كبعدان عن منهج هللا تعاذل‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ى‬
‫ىما ىجاءتٍػ يه يم الٍبىػيًٌنىةي} سورة البينة آية‪.4‬‬

‫اثنيا‪ :‬األدلة من السنة النبوية ‪:‬‬


‫كما تعددت األدلة من كتاب هللا تعاذل على النهي عن التفرؽ كعلى كجوب التمسك اب‪١‬بماعة‪،‬فقد‬
‫تعددت األدلة كذلك من السنة النبوية على ىذا ا‪١‬بانب ا‪٥‬باـ ُب العقيدة اإلسبلمية‪ ،‬ك‪٩‬با كرد ُب ذلك ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ 63‬ابن سعد ُب الطبقات ‪224/7‬‬


‫‪41‬‬
‫‪ -‬عن أيب ىريرة هنع هللا يضر عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬إف هللا يرضى لكم ثبلاثن أف تعبدكه كال تشركوا بو شيئان‬
‫كأف تعتصموا ٕببل هللا ‪ٝ‬بيعان كال تفرقوا كأف تناصحوا من كاله هللا أمركم"‪.64‬‬
‫‪ -‬عن حذيفة هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬كاف الناس يسألوف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص عن ا‪٣‬بّب ككنت أسألو عن الشر ‪٨‬بافة‬
‫أف يدركِب فكا آخر جواب الرسوؿ لو ُب ا‪٤‬بخرج من الفًب‪ ":‬فاعتزؿ تلك الفرؽ كلها كلو أف‬
‫تعض على أصل شجرة حٌب يدركك ا‪٤‬بوت كأنت على ذلك"‪.65‬‬
‫‪-‬عن أيب ىريرة هنع هللا يضر عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ من خرج من الطاعة كفارؽ ا‪١‬بماعة فمات مات‬
‫ميتة جاىلية‪.66" ..‬‬
‫‪-‬كعن عرفجة بن شريح األشجعي هنع هللا يضر قاؿ ‪٠‬بعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪" :‬إنو ستكوف ىنات‬
‫كىنات فمن أراد أف يفرؽ ىذه األمة كىي ‪ٝ‬بيع فاضربوه ابلسيف كائنان من كاف"‪.67‬‬

‫كىذه األحاديث كغّبىا ‪٩‬با كردت عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص كلها تؤكد على كجوب لزكـ ا‪١‬بماعة كالتحذير من‬
‫التفرؽ‪ ،‬كلو ‪ٛ‬بسك هبا ا‪٤‬بسلموف كحققوىا لكانوا على ا‪٣‬بّب الذم مضى عليو السلف الكراـ من‬
‫الصحابة كمن تبعهم إبحساف‪.‬‬

‫ادلبحث الثامن‬
‫الثناء على السلف رمحهم هللا تعاىل‬

‫أوال‪ :‬الثناء على الصحابة الكرام من كتاب هللا تعاىل‪:‬‬


‫كجل ُب كتابو الكرًن كأثُب رسولو ملسو هيلع هللا ىلص على الصحابة الكراـ‪ ،‬كأف ‪٥‬بم ‪٧‬باسن كفضائل ال‬
‫عز ٌ‬‫أثُب هللا ٌ‬
‫ٲبكن أف يلحقهم فيها من جاء بعدىم‪،‬كأهنم كلهم عدكؿ ثقات‪ ،‬فهم خّب البشر بعد األنبياء كا‪٤‬برسلْب‪،‬‬
‫كزمنهم أفضل األزماف‪ ،‬كقبل ذلك رضى هللا عنهم فوؽ كل اعتبار‪ ،‬ال ينتقصهم إال ضاؿ منافق ال يعرؼ‬
‫اإلسبلـ‪.‬‬

‫كمن األمثلة على ثناء هللا سبحانو كتعاذل عليهم ُب القرآف الكرًن‪:‬‬
‫اج ًرين كاألىنصا ًر كال ًذين اتػبػعوىم إبًًحس و‬
‫اف ر ًض ىي هللاي ىعٍنػ يه ٍم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫{كالساب يقو ىف األىكليو ىف م ىن الٍ يم ىه ى ى ى ى ى ى ي ي ٍ ى‬ ‫‪ -‬قولو تعاذل‪ :‬ى‬
‫يم}سورة التوبة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ات ى٘ب ًرم ى‪ٙ‬بتػها األىنٍػهار خالً ًد ً‬
‫و‬
‫ك الٍ ىف ٍويز الٍ ىعظ ي‬
‫ين ف ىيها أىبى ندا ىذل ى‬
‫ضواٍ ىعٍنوي ىكأ ىىعد ى‪٥‬بيٍم ىجن ٍ ٍى ى ى ي ى ى‬ ‫ىكىر ي‬

‫‪ 64‬أخرجو مسلم‪1340/3‬‬
‫‪ 65‬أخرجو البخارم ‪615/6‬‬
‫‪ 66‬أخرجو مسلم‪1476/3‬‬
‫‪ 67‬أخرجو مسلم ‪1479/3‬‬
‫‪42‬‬
‫آية‪.100‬‬
‫ين ىم ىعوي أ ًىشداء ىعلىى الٍ يكفا ًر ير ى‪ٞ‬بىاء بػىٍيػنىػ يه ٍم تىػىر ياى ٍم يرك نعا يسج ندا}سورة‬ ‫‪-‬كقولو تعاذل‪٧{ :‬بم هد رس ي ً ً‬
‫وؿ اَّلل ىكالذ ى‬ ‫ى ي‬
‫الفتح آية‪.29‬‬

‫ت الش ىجىرةً}سورة الفاتح آية‪.18‬‬ ‫ْب إً ٍذ يػيبىايًعيونى ى‬ ‫ًً‬ ‫ً‬


‫ك ىٍ‪ٙ‬ب ى‬ ‫‪-‬كقولو تعاذل‪{ :‬لىىق ٍد ىرض ىي اَّللي ىع ًن الٍ يم ٍؤمن ى‬
‫ًً ً ً ً ً‬ ‫ً ًً‬ ‫ً ً‬
‫ص يركاٍ‬ ‫اى يدكاٍ أب ٍىم ىوا‪٥‬ب ٍم ىكأىن يفسه ٍم ُب ىسب ًيل هللا ىكالذ ى‬
‫ين ىآككاٍ كنى ى‬ ‫اج يركاٍ ىك ىج ى‬
‫ين ىآمنيواٍ ىكىى ى‬‫‪-‬كقولو تعاذل‪{ :‬إف الذ ى‬
‫ض} سورة األنفاؿ آية‪.72‬‬ ‫ض يه ٍم أ ٍىكلًيىاء بػى ٍع و‬ ‫أ ٍيكلىئً ى‬
‫ك بػى ٍع ي‬
‫كىذه اآلايت كغّبىا من اآلايت الكرٲبات كلها تدؿ على فضل الصحابة رضواف هللا عليهم من‬
‫ا‪٤‬بهاجرين كاألنصار كمن السابقْب إذل اإلسبلـ قبل الفتح كمن جاء بعدىم على طريقتهم مع تفضيل‬
‫السابقْب ٗبزيد فضل ‪ -‬ككلهم على فضل ‪ ،-‬كفيها بياف ما أعد هللا ‪٥‬بم من ثواب كنعيم ُب اآلخرة‪،‬‬
‫كبياف ما امتازكا بو من الشدة على الكفار كالر‪ٞ‬بة فيما بينهم‪ ،‬بل إف شدهتم ىي ُب حقيقتها‬
‫ر‪ٞ‬بةابلكفار لكي يدخلوا ُب اإلسبلـ كٱبرجوا من الظلمات إذل النور ‪ ،‬كقد ظهر حثالة البشر من‬
‫الرافضة النواصب كا‪٣‬بوارج كسائر من أ‪٢‬بد كخرج عن ىدم السلف يسبوف الصحابة كيفَبكف عليهم‪.‬‬

‫اثنيا‪:‬ثناء الرسول ملسو هيلع هللا ىلص عليهم‪:‬‬


‫أثُب الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ثناءنا عاطران على الصحابة الكراـ كيكفيهم فخران أنو كاف راضيان عنهم ‪٧‬ببان ألخبلقهم‪ ،‬إذ‬
‫لوال فضل هللا ٍب قيامأكلئك بنصرة اإلسبلـ ‪٤‬با كصل إذل ما كصل إليو‪ ،‬ك‪٥‬بذا فكل منتسب إذل اإلسبلـ‬
‫مدين ‪٥‬بم ابلشكر كالتقدير‪ ،‬كمن ثناء الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص عليهم ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ال تسبوا أحدان من أصحايب فإف أحدكم لو أنفق مثل أحد ذىبان ما أدرؾ‬
‫مد أحدىم كال نصيفو"‪.68‬‬
‫‪ -‬ككرد ُب الصحيحْب عن عمراف بن حصْب كغّبه أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ خّب الناس قرين ٍب‬
‫الذين يلوهنم ٍب الذين يلوهنم‪ .‬قاؿ عمراف فبل أدرم أذكر بعد قرنو قرنْب أك ثبلثة "‪.69‬‬
‫‪ -‬كُب صحيح مسلم عن جابر أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ ال يدخل النار إف شاء هللا من أصحاب الشجرة‬
‫أحد من الذين ابيعوا ‪ٙ‬بتها"‪.70‬‬

‫‪ 68‬أخرجو البخارم‪ 21/7‬كمسلم ‪1967/4‬‬


‫‪ 69‬أخرجو البخارم ‪ 258/5‬كمسلم ‪1963/4‬‬
‫‪ 70‬أخرجو مسلم ‪1942/4‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ -‬كما أثُب هللا تعاذل كأثُب رسولو ملسو هيلع هللا ىلص على بعض الصحابة ٖبصوصهم مثل أيب بكر كعمر كعلي‬
‫كعثماف كابن مسعود كأبو عبيدة كأبو ذر كمعاذ بن جبل كغّبىم ‪٩‬بن صحت فيو النصوص‪.‬‬
‫كأ‪ٝ‬بع علماء اإلسبلـ على عدالتهم كفضلهم‪ ،‬كا‪٤‬بفاضلة بينهم من دكف انتقاص أحد منهم‪ ،‬كإ٭با‬
‫ىو تفضيل كتفضيل بعض األعضاء على البعض اآلخر منها‪ ،‬كتلك ا‪٤‬بفاضلة بْب الصحابة‬
‫تعود إذل األسبقية ُب صحبة رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كتقدـ اإلٲباف كالبذؿ ُب سبيل هللا‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬ثناء السلف عليهم‪.‬‬

‫كرد ُب ىذا ا‪٤‬بعُب أنو قيل لعائشة اهنع هللا يضر أف انسان يتناكلوف أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص حٌب أاب بكر كعمر‬
‫فقالت‪":‬كما تعجبوف من ىذا؟ انقطع عنهم العمل فأحب هللا أف ال يقطع عنهم األجر"‪.‬‬
‫‪-‬كعن ابن عباس أنو قاؿ ال تسبوا أصحاب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فلمقاـ أحدىم ساعة يعِب مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص خّب‬
‫من عمل أحدكم أربعْب سنة"‪.71‬‬

‫‪ -‬كصفهم عبد هللا بن مسعود هنع هللا يضر بقولو‪" :‬إف هللا نظر ُب قلوب العباد فوجد قلب دمحم خّب‬
‫قلوب العباد فاصطفاه لنفسو كابتعثو برسالتو ٍب نظر ُب قلوب العباد بعد قلب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فوجد‬
‫قلوب أصحابو خّب قلوب العباد فجعلهم كزراء نبيو يقاتلوف على دينو‪.72"..‬‬
‫‪-‬كُب ركاية عنو أنو قاؿ‪ " :‬من كاف منكم مستنان فليسًب ٗبن قد مات فإف ا‪٢‬بي ال تؤمن عليو‬
‫الفتنة أكلئك أصحاب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كانوا أفضل ىذه األمة أبرىا قلوابن‪ 73"...‬كغّبىا من اآلاثر‬
‫الكثّبة الٍب تدؿ على عظم منزلتهم ُب األمة‪.‬‬

‫ادلبحث التاسع‬
‫جهودىم يف خدمة اإلسالم‬
‫تنوعت جهود السلف ُب خدمة اإلسبلـ كأٮبها‪:‬جهودىم ا‪٢‬بربية كجهودىم ُب بياف العقيدة اإلسبلمية‬
‫كذلك كما يلي‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬جهودىم احلربية ‪ :‬فالتاريخ مليء بذكرىا‪ ،‬غِب أبحداثها‪ ،‬ال ٯبهل أم مسلم ذلك ابتداءان‬
‫ٔبهودىم ا‪٢‬بربية بْب يدم نبيهم ملسو هيلع هللا ىلص ُب معارؾ عديدة‪،‬كبدر كأحد كا‪٣‬بندؽ كسائر الغزكات الٍب خاضوا‬

‫‪ 71‬أنظر ‪ :‬الطاحوية ص ‪530‬‬


‫‪ 72‬أنظر الطحاكية ص ‪432‬‬
‫‪ 73‬نفس ا‪٤‬برجع‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫غمارىا‪ ،‬كدل تنقطع ا‪٤‬بعارؾ ا‪٢‬بربية كالفتوحات بوفاتو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬بل اشتدت كتعددت على يد خلفائو ا‪٤‬بيامْب‬
‫ابتداءان أبيب بكر هنع هللا يضر كما قاـ بو من جهود عظيمة ُب ‪٧‬باربة ا‪٤‬برتدين‪.‬‬

‫كبعد كفاتو كانتقاؿ ا‪٣‬ببلفة إذل عمر هنع هللا يضر ازدادت رقعة الدكلة اإلسبلمية كأكصلها ٔبهوده بعد نصر هللا‬
‫إذل ما يسمى ُب عصران ا‪٢‬باضر ابالمرباطورية‪.‬‬

‫ككذا ُب عهد ا‪٣‬بليفة الثالث عثماف هنع هللا يضر ٍب تتابعة الفتوحات على يد معاكية هنع هللا يضر‪ ،‬كبلغت الدكلة‬
‫اإلسبلمية قمة ‪٦‬بدىاكازدىارىا‪.‬‬

‫ٍب جاءت الدكلة العباسية كسلكت نفس اال٘باه‪ ،‬إذل أف جاءت أيضان الدكلة العثمانية ككانت ‪٥‬با جهود‬
‫رائعة ُب انتشار اإلسبلـ كنشره‪.‬‬

‫ككاف علماء السلف ىم احملركوف لتلك األحداث ٖبطبهم ا‪٢‬بماسية كإاثرة ركح التضحية ُب سبيل هللا‬
‫تعاذل‪ ،‬بل كا‪٤‬بشاركة ا‪١‬بادة ُب خوض ا‪٤‬بعارؾ‪ ،‬كال يغيب عن ذىن القارئ ما فعلو شيخ اإلسبلـ ابن‬
‫تيمية كغّبه ُب كقوفهم ضد التتار كانتصارىم عليهم‪ ،‬فحفظ هللا هبم الدين ‪٤‬با ادخره ‪٥‬بم من جزيل األجر‬
‫كالثواب‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬جهودىم يف خدمة العقيدة‪:‬‬


‫ال ريب أف العقيدة اإلسبلمية صافية نقية ‪٧‬بجة بيضاء‪ ،‬ك‪٥‬بذا ما إف ظهرت البدع كالفًب الٍب أراد أىلها‬
‫‪ -‬بسوء نية ‪ -‬التشويش على صفاهتا كطمس نورىا‪ ،‬إال ككقف السلف بكل حزـ كشجاعة كيقْب لردىا‬
‫كاإلنكار عليها كعلى أىلها‪ ،‬ال أتخذىم ُب هللا لومة الئم‪ ،‬فحفظ هللا هبم الدين كأًب هبم النعمة‪ ،‬كلوال‬
‫فضل هللا ٍب تلك ا‪١‬بهود الٍب بذلوىا الختلط ا‪٢‬بق ابلباطل كقاؿ من شاء ُب الدين ٗبا شاء‪ ،‬كالنتشرت‬
‫البدع كا‪٣‬برافات‪ ،‬ك‪٩‬با يربز ذلك ما يلي‪:‬‬

‫أف السلف من الرعيل األكؿ على عهد رسوؿ هللا صلى هللا عليو كسلمكانوا أخلص الناس‬ ‫أ‪-‬‬
‫كأشدىم حفاظان على شعائر اإلسبلـ ككانوا أشداء على الكفار ر‪ٞ‬باء بينهم يتناصحوف‪.‬‬
‫ُب زمن ا‪٣‬بليفة الراشد أيب بكر رضياهلل كما كاف منمحاربتو ألىل الردة كإرجاعهم إذل الدين‬ ‫ب‪-‬‬
‫كما كانت ىجرتو إذل ا‪٤‬بدينة مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص كإنفاقو ُب سبيل هللا كإعتاقو الرقاب إال أحد‬
‫الشواىد على ذلك‪.‬‬
‫أف ا‪٣‬بليفة الراشد الفاركؽ عمر بن ا‪٣‬بطاب هنع هللا يضر اقض مضاجع أعداء اإلسبلـ كأعلى هللا بو‬ ‫ت‪-‬‬
‫كلمة ا‪٢‬بق كظهر ا‪٤‬بسلموف على أعدائهم‪ ،‬كدخل الناس ُب دين هللا أفواجان‪ ،‬ككانت درتو‬

‫‪45‬‬
‫سيفان مسلطان على رقاب أىل البدع‪،‬فقد دخل عليو شاب طويل الثوب كعمر ٯبود بنفسو‬
‫فسلم عليو‪ ،‬فلما خرج انداه عمر فرجع إليو الشاب‪ ،‬فقاؿ لو‪" :‬اي بِب أقصر من ثوبك فإنو‬
‫أنقى لثوبك كاتقى لربك" أك كبلمان ‪٫‬بو ىذا‪ ،‬كدل يشغلو ما ىو فيو من سكرات ا‪٤‬بوت حٌب‬
‫عن التنبيو على ىذه ا‪٤‬بسألة فما الظن بغّبىا؟‬
‫أف ا‪٣‬بليفة عثماف هنع هللا يضر أبلى ُب اإلسبلـ كُب خدمتو كُب الفتوحات كنشر اإلسبلـ كخدمة‬ ‫ث‪-‬‬
‫العقيدة ا‪٢‬بنيفية ما طفحت بو ا‪٤‬براجع التارٱبية‪.‬‬
‫أف ا‪٣‬بليفة علي هنع هللا يضر سار على نفس األىداؼ ُب خدمة الدين كرفع رايتو ك‪٧‬باربة أىل‬ ‫ج‪-‬‬
‫الكفر كأىل البدع أبقوالو كأفعالو حٌب لقي ربو‪.‬‬
‫أف الدكلة األموية ككاف ألكؿ ملوكهم معاكية هنع هللا يضر خدماتو ا‪١‬بليلة لئلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فقد‬ ‫ح‪-‬‬
‫فيتحت البلداف الكثّبة ُب عهده كعهد خلفائو‪،‬كانتشر اإلسبلـ انتشاران كاسعان كنبغ ُب عهد‬
‫الدكلة األموية ٍب العباسية علماء أجبلء خدموا الدين كقدموا أنفسهم ُب سبيل ا‪٢‬بفاظ على‬
‫صفائو كنقائو‪.‬‬
‫أنو دل ٱبل عهد من العهود إال كفيو جهابذة من علماء السنة كمن احملافظْب على بقاء كنقاء‬ ‫خ‪-‬‬
‫اإلسبلـ إذل يومنا ا‪٢‬باضر كهلل ا‪٢‬بمد‪.‬‬

‫فبل ننسى تلك ا‪٤‬بواقف ا‪٤‬بشرفة لعلماء السلف ُب خدمة الدين اإلسبلمي‪ ،‬أمثاؿ اإلماما‪٤‬ببجل إماـ‬
‫أىل السنة أ‪ٞ‬بد بن حنبل كالعز بن عبد السبلـ كشيخ اإلسبلـ ابن تيمية كتلميذه ابن القيم إذل أف‬
‫جاء ُب العهد القريب الشيخ دمحم بن عبد الوىاب الذم جدد هللا بو كثّبان من السنن الٍب كادت أف‬
‫تندثر كأذؿ بو كثّبان من أىل البدع الٍب انتشرت‬

‫بيان رلمل اعتقادات السلف يف سائر أبواب االعتقاد‬


‫لقد ‪ٛ‬بيزت عقيدة السلف بقيامها على الكتاب كالسنة ُب كل جزئية منها‪ ،‬فكانت تلك العقيدة ىي‬
‫احملجة البيضاء الٍب تركنا عليها ا‪٤‬بصطفى ملسو هيلع هللا ىلص سهلة ُب تطبيقها كاضحة ُب دالالهتا‪ ،‬ال يزيغ عنها إال‬
‫ا‪٤‬ببتدعوف‪ ،‬أصحاب األىواء الباطلة كاال٘باىات الفاسدة‪.‬‬
‫ك‪٩‬با أكد التنبيو عليو أف عقيدة السلف قد دكهنا العلماء ٗبؤلفات كثّبة‪،‬بل كتبوا ُب كل جزئية ‪٦‬بلدات‬
‫ضخمة كما سبق بيانو‪ ،‬كلذلك فمن غّب السهولة أف أذكرىا ىنا مفصلة‪ .‬ك‪٩‬بن ذكرىا اإلماـ أبو‬
‫ا‪٢‬بسن األشعرم ُب كتابو (اإلابنة عن أصوؿ الداينة) بعد أف رجع إذل مذىب السلف كداف هللا بو‬
‫كما عرب عنو أيضان ُب كتابو (مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا‪٤‬بصلْب)‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫كقد ابتدأ األشعرم كتابو اإلابنة بقولو ُب ذكر معتقد أىل السنة بقولو ‪" :‬قولنا الذم نقوؿ بو‪،‬‬
‫عز كج ٌل‪ ،‬كبسنة نبينا ملسو هلآو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كما ركم عن الصحابة‬
‫كداينتنا الٍب ندين هبا‪ :‬التمسك بكتاب ربنا ٌ‬
‫كالتابعْب كأئمة ا‪٢‬بديث‪ ،‬ك‪٫‬بن بذلك معتصموف‪ .‬كٗبا كاف يقوؿ بو أبو عبد هللا أ‪ٞ‬بد بن دمحم بن‬
‫حنبل نضر هللا كجهو‪ ،‬كرفع درجتو كأجزؿ مثوبتو‪ ،‬قائلوف‪ ،‬ك‪٤‬بن خالف قولو ‪٦‬بانبوف"‪.‬‬

‫ٍب بدأ بسرد معتقد أىل السنة ٗبا ٯبب من االعتقاد ابهلل كصفاتو كاالعتقاد بنبيو ملسو هيلع هللا ىلص كاالعتقاد‬
‫ابألمور الغيبية من ا‪١‬بنة كالنار كالقضاء كالقدر كالشفاعة كا‪٤‬بيزاف كالصراط كاالعتقاد ُب الصحابة‬
‫كنزكؿ هللا كاستوائو على عرشو كما ٯبب من االعتقاد ُب السنة كعدـ االبتداع كعقيدة أىل السنة ُب‬
‫العيدين كا‪١‬بهاد كالدعاء لوالة األمر كعدـ ا‪٣‬بركج عليهم كغّب ذلك من عقائد أىل السنة التيب بينها‬
‫فجزاه هللا عن اإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب خّب ا‪١‬بزاء‪.74‬‬
‫كقد أكرد البللكائي ر‪ٞ‬بو هللا فصبلن طويبلن عن اعتقاد علماء السلف كعدد أ‪٠‬بائهم كذكر مقاالهتم‬
‫‪ٙ‬بت عنواف "سياؽ ما ركم عن ا‪٤‬بأثور عن السلف ُب ‪ٝ‬بل اعتقاد أىل السنة كالتمسك هبا كالوصية‬
‫ٕبفظها قرانن بعد قرف"‬
‫ٍب شرع ُب بياف اعتقادىم (الصحابة فمن بعدىم) ُب مسائل العقيدة‪ 75‬كقد سار على ىذا ا‪٤‬بنهج‬
‫عدة من ا‪٤‬بؤلفْب السلف ر‪ٞ‬بهم هللا ‪ٝ‬بيعان‪.‬‬

‫ادلبحث العاشر‬
‫بيان وسطية أىل السنةيف مسائل االعتقاد وسالمتهم من ضالليت‬
‫‪76‬‬
‫اإلفراط والتفريط‬

‫ا‪٤‬بتتبع ‪٤‬بنهج السلف ٯبد أف هللا تعاذل قد ىداىم إذل الوسط ُب عقيدهتم فبل إفراط كال تفريط قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫ك ىج ىع ٍلنىا يك ٍم أيمةن ىك ىسطان}سورة البقرة آية ‪143‬أم خياران عدكالن كقاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪":‬خّب األمور‬ ‫ً‬
‫{كىك ىذل ى‬
‫ى‬

‫‪ 74‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا‪٤‬بصلْب‪345/2‬‬


‫‪ 75‬انظر‪ :‬شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة كا‪١‬بماعة ‪ 151/1‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪ 76‬ارجع ‪٤‬بزيد الفائدة لكتاب كسطية أىل السنة بْب الفرؽ د‪ /‬دمحم ابكرًن‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫أكسطها"‬
‫كقد ميز هللا أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص هبذه ا‪٤‬بزية العظيمة كشرفهم هبا كىداىم إذل ا‪٢‬بق فبل ٘بد عند ا‪٤‬بتمسكْب هبدم‬
‫الكتاب كالسنة إفراطان كال تفريطان‪.77‬‬
‫كجل أك بصفاتو‬
‫عز ٌ‬‫كتظهر كسطية أىل السنة ُب ‪ٝ‬بيع مسائل االعتقاد سواء ما يتعلق منها بذات هللا ٌ‬
‫كتتبْب فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪:‬وسطيتهم بُت األمم الكافرة من أصحاب الدايانت احملرفة‪:‬‬

‫كيظهر ذلك ٔببلء ُب عقد ا‪٤‬بقارانت التالية‪:‬‬

‫وسطيتهم ابلنسبة لإلديان بذات هللا‪ :‬عقيدة أىل السنة ُب هللا أبف لو ذاات ال تشبو ذكات‬ ‫أ‪-‬‬
‫ا‪٤‬بخلوقْب كصفات ال تشبو صفاهتم كأ‪٠‬باء تليق ٔببللو‪ ،‬ىي كسط بْب اليهود ا‪٤‬بشبهة‪،‬‬
‫الذين كصفوا ذاتو العلية بذكات ا‪٤‬بخلوقْب‪ ،‬كبْب النصارل الذين كصفوا ا‪٤‬بخلوقْب بذات هللا‬
‫تعاذل حينما ادعوا أف ا‪٤‬بسيح ابن هللا‪.‬‬
‫وسيطتهم ابلنسبة لإلديان ابألنبياء‪ :‬يعتقد أىل السنة ابعتقادىم أف أنبياء هللا بشر‪ ،‬كأف‬ ‫ب‪-‬‬
‫هللا اصطفاىم بوحيو كرسالتو‪ ،‬كأهنم اطهر الناس كأعقل الناس‪ ،‬كأهنم ال يعلموف الغيب إال‬
‫ٗبا علمهم هللا‪ ،‬كىذا ا‪٤‬بوقف كسط بْب اليهود الذين ملئوا توراهتم ابإلفك على أنبيائهم‪ ،‬كما‬
‫كذبوا على نيب اهللا إبرىيم كلوط كيعقوب كدكاد كسليماف كغّبىم‪.‬‬

‫أما النصارل فقد ادعوا األلوىية لبعض األنبياء كالصا‪٢‬بْب كغّبىم‪ ،‬كقو‪٥‬بم ُب عيسى كأمو كركح‬
‫القدس‪ ،‬ككذلك ما غلو ُب علمائهم فأنزلوىم منزلة ا‪٣‬بالق كٮبا‪٤‬بشرعوف كاحملرموف كاحملللوف‪ ،‬فأىل‬
‫السنة كسط بْب تفريط اليهودكبْب إفراط النصارل‪.‬‬

‫وسطيتهم يف عبادة هللا‪ :‬كقف أىل السنة مسلكا صحيحا ُب أداء عبادهتم‪ ،‬كىو موقف ال‬ ‫ت‪-‬‬
‫يتجاكز ما أمركا بو ُب الكتاب كالسنة‪ ،‬ال يزيدكف ُب عبادهتم كال ينقصوف عما شرع رهبم‪.‬‬

‫أما اليهود فقد حرفوا عبادهتم كتكاسلوا عن أدائها‪ ،‬فعندما أمرىم هللا أف يدخلوا الباب دخلوه زحفا‬
‫على أعقاهبم‪ ،‬كعندما قاؿ ‪٥‬بم قولوا حطة قالوا حنطة‪ ،‬كقو‪٥‬بم ‪٤‬بوسى‪{ :‬اذىب أنت كربك فقاتبل إان‬
‫ىهنا قاعدكف} كأمرىم هللا أف يعبدكه فعبدكا العجل كآ‪٥‬بة أخرل‪،‬كأما النصارل فقد غلوا ُب عبادهتم‬

‫‪ 77‬اإلفراط ىو ‪٦‬باكزة ا‪٢‬بد ُب الشيء ‪ ،‬كالتفريط ىو التقصّب ُب الشيء كتضييعو‪.‬‬


‫‪48‬‬
‫كحرموا على أنفسهم ما أحل هللا‪ ،‬كابتدعوا رىبانية دل يقوموا هبا{ فما رعوىا حق رعايتها}سورة‬
‫ا‪٢‬بديد آية‪. 27‬‬

‫وسطيتهم يف صفات هللا‪ :‬كقفف أىل السنة موقفا صحيحا عادؿ كسطا بْب أصحاب‬ ‫ث‪-‬‬
‫الدايانت األخرل‪ ،‬فقد آمنوا أبف هللا ال يوصف إال ٗبا كرد ُب الشرع كال ٱبَبكف لو أ‪٠‬باء‬
‫كصفات أخرل‪ ،‬كقطعوا الطمع عن إدراؾ كيفية صفاتو معمعرفتهم أف الكبلـ ُب الصفات‬
‫فرع عن معرفة الذات‪ ،‬كأف هللا ليس كمثلو شيء كىو السميع البصّب‪.‬‬

‫كىذا ٖببلؼ اليهود الذين كصفوا هللا بصفات النقص كالذـ كالبخل كالفقر كالندـ كالبكاء كالتعب‬
‫كالنسياف كما ىو ُب توراهتم كتلمودىم‪ ،‬كقد أخرب هللا عن بعض أقوا‪٥‬بم كقو‪٥‬بم‪{:‬إف هللا فقّب ك‪٫‬بن‬
‫اغنياء} سورة آؿ عمراف آية‪.181‬‬

‫أما النصرانية فقد غلوا ُب بعض البشر حٌب أكصلوىم إذل صفات األلوىية‪ ،‬فادعوا أف ا‪٤‬بسيح كلد‬
‫هللا‪ ،‬كأنو ٯبلس إذل جوار هللا‪ ،‬كغلوا ُب قديسيهم ككربائهم‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬وسطيتهم بُت الفرق اليت تنتسب إىل اإلسالم‪:‬‬

‫تعددت الفرؽ اإلسبلمية كتباينت مفاىيمها كادعت كل طائفة أهنا على ا‪٢‬بق‪ ،‬كلكن العربة ىي ٗبدل‬
‫موافقتها للكتاب كالسنة‪ ،‬كفيما يلي بياف كسطية أىل السنة بْب كل تلك الفرؽ‪:‬‬

‫وسطيتهم ابلنسبة ألمساء هللا تعاىل وصفاتو بُت الفرق‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫تظهر كسطية أىل السنة ُب ابب األ‪٠‬باء كالصفات ٗبقارنة عقيدهتم بعقائد ا‪٤‬بخالفْب من الفرؽ‪.‬‬

‫فأىلىالسنة يؤمنوف أبف هلل أ‪٠‬باء حسُب كصفات عليا‪ ،‬كصف هبا نفسو ُب كتابو كسنة نبيو‪ ،‬آمن هبا‬
‫السلف من غّب ‪ٙ‬بريف كال تعطيل كال ‪ٛ‬بثيل كال أتكيل‪.‬‬

‫فموقف أىل السنة كسطا بْب أىل التعطيل كأىل التشبية‪ ،‬فأىل التعطيل نفوا عن هللا اتصافهبالصفات‬
‫كنفوا األ‪٠‬باء ٕبجة التنزيو كما ىو مذىب ا‪١‬بهمية‪ ،‬كأما ا‪٤‬بعتزلة فأثبتوا األ‪٠‬باء فقط كلكنها التدؿ على‬
‫مدلوالهتا فوافقوا ا‪١‬بهمية‪ ،‬كأما االشاعرة فقد أثبتوا األ‪٠‬باء كبعض الصفات كدل يقولوا فيما نفوه كما قالوا‬
‫فيما أثبتوه كليس ‪٥‬بم برىاف أك دليل‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫كُب ا‪٤‬بقابل كقف أىل التشبيو موقفا مناقضا ألىل التعطيل فأثبتوا هلل صفاات كصفات اإلنساف ‪ٛ‬باما‪،‬‬
‫كهشاـ بن ا‪٢‬بكم الرافضي كىشاـ بن ا‪٢‬بكم ا‪١‬بواليقي كمقاتل بن سليماف كداكد ا‪١‬بواريب كغّبىم‪.‬‬

‫أما أىل السنة فقد أثبتوا األ‪٠‬باء كالصفات دكف أف ينساقوا إذل التشبيو‪ ،‬بل دل ٱبطر ُب أذىاهنم‪٤ ،‬بعرفتهم‬
‫أف اتفاؽ ا‪٤‬بسميات ال يلزـ منو االتفاؽ ُب الذات‪ ،‬فلم يعطلوا دالئل أ‪٠‬باء هللا كصفاتو الٍب كصف هبا‬
‫نفسو بل أثبتوىا على ما يليق ٔببللو‪ ،‬كعرفوا معانيها‪ ،‬كقطعوا الطمع عن معرفة كيفياهتا فكانوا كسطا ُب‬
‫ىذا الباب‪.‬‬

‫وسطيتهم يف احلكم على أصحاب ادلعاصي‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫يتبْب كسطية أىل السنة ُب ذلك من خبلؿ معرفة حكمهم على أصحاب ا‪٤‬بعاصي ُب الدنيا كاآلخرة‬
‫كحكم ا‪٤‬بخالفْب عليهم ُب الدنيا كاآلخرة أيضا‪.‬‬

‫فأىل السنة ٰبكموف أف العاصي ال ٱبرج من اإلسبلـ‪ ،‬كيقاؿ لو مؤمن إبٲبانو فاسق بكبّبتو‪ ،‬كأما ُب‬
‫اآلخرة فحكمو إذل هللا تعاذل‪ ،‬إف شاء غفر لو كإف شاء عذبو‪ ،‬كال ٱبلد ُب النار مثل الكفار‪.‬‬

‫أما ا‪٣‬بوارج أىل االفراط فقد حكمو أبنو كافر ُب الدنيا ‪٨‬بلد ُب النار‪ ،‬أك ىو ُب منزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب ُب‬
‫الدينا ‪٨‬بلد ُب النار‪ ،‬كما ىو مذىب ا‪٤‬بعتزلة‪ ،‬كقابلتهم ا‪٤‬برجئة الذين قالوا أبنو مؤمن كامل اإلٲباف كىو ُب‬
‫اآلخرة مع النبيْب‪ ،‬كسبب اختبلفهم أهنم رأك أف اإلٲباف ال يتبعض كال يزيد كال ينقص‪.‬‬

‫وسطيتهم يف اإلديان ابلقدر‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫كقف أىل السنة موقفا يعضده النقل كالعقل ُب ابب القدر‪ ،‬بعد أف رأكا أف القدر سر هللا بتقديره لكل‬
‫الكائنات‪ ،‬كأف هللا خالق كل شي ٗبا فيها أفعاؿ العباد‪ ،‬كلكنها تسمى فعل العبد‪ ،‬كأف هللا ىو الذم‬
‫أقدرىعليها‪ ،‬كىي ‪ٙ‬بت مشيئة هللا الكونية‪.‬‬

‫أما ا‪١‬بربية فتقوؿ‪ :‬إف العبد ال قدرة لو على الفعل‪ ،‬كأف ا‪٣‬بالق كالفاعل ىو هللا‪ ،‬كُب ا‪٤‬بقابل تقوؿ‬
‫القدرية‪ :‬إف العبد ىو ا‪٣‬بالق لفعل نفسو كقدرتو كإرداتو دكف أم تدخل من هللا‪ ،‬كمن ىنا أثبتو خالقْب‬
‫مع هللا‪ ،‬كسبب اختبلفهم ىو عدـ تفريقهم بْب اإلرادة الكونية كاإلرداة الشرعية‪ ،‬فتوٮبوا أف هلل إرادة‬
‫شرعية فقط‪ ،‬كأف ا‪٤‬بعاصي خارجة عن إرادتو‪.‬‬

‫وسطيتهم يف موقفهم من الصحابة مهنع هللا يضر‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬

‫‪50‬‬
‫توسط أىل السنة ُب ابب االعتقاد ُب الصحابة مهنع هللا يضر بْب غلو الغالْب كتقصّب ا‪٤‬بخالفْب‪ ،‬فعرفوا ‪٥‬بم‬
‫فضلهم ككقركىم كاعَبفوا ٔبميلهم ٗبا قدموه لؤلمة ك‪ٛ‬بيز موقفهم أبمور منها‪:‬‬

‫أف الصحابة ىم خّب األمة بعد نبيهم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫االعَباؼ بكل ما ذكر عنهم من الفضائل ُب الكتاب كالسنة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫السكوت عما شجر بينهم من خبلفات‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الشهادة اب‪١‬بنة ‪٤‬بن شهد ‪٥‬بم النيب اب‪١‬بنة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫االعَباؼ أبهنم كلهم على فضل‪ ،‬كيتفاضلوف فيما بينهم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اإلقتداء هبم كالتحلي بفضائلهم‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫النرفع أحدامنهم فوؽ منزلتو كال ندعي لو فضائل دل تثبت‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اإلٲباف أبف زكجات النيب ملسو هيلع هللا ىلص طاىرات مطهرات كأهنم أمهات ا‪٤‬بؤمنْب‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫ال يدعوف العصمة ألم شخص كائنا من كاف‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬ال يكفركف أحدا من الصحابة‪.‬‬
‫‪ -11‬يتولوف الصحابة كلهم كيَبضوف عنهم‪.‬‬

‫ىذه أبرز عقائد أىل السنة ُب الصحابة مهنع هللا يضر ٖببلؼ أىل البدع كالعقائد الباطلة‪.‬‬

‫فا‪٣‬بوارج كفركا الصحايب عليا ككفركا من شارؾ ُب قضية التحكيم كأكجبوا النار على ا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسينب‬
‫كعثماف ككفركا عائشة كطلحة كالزبّب‪ ،‬كتبعهم على ذلك ا‪٤‬بعتزلة كواصل بن عطاء كعمرك بن عبيد‪ ،‬كقالوا‬
‫بفسق أصحاب ا‪١‬بمل كعلي كمعاكية كخطأ إحدل الطائفتْب ال على التعيْب‪ ،‬كتناسوا فضائلهم‪.‬‬

‫كأما الرافضة فشتموا الصحابة بل تقربوا إذل هللا بسبهم‪ ،‬ككقفوا من أىل البيت موقفا معاداي غلفوه ابلغلو‬
‫فيهم‪ ،‬كأنزلوىم منازؿ ال يرضاىا أىل البيت ألنفسهم‪ ،‬كما كقع ببلء آلؿ البيت إال ككاف كراءه دسائس‬
‫الشيعة كخذالهنم ‪٥‬بم‪.78‬‬

‫ادلبحث احلادي عشر‪:‬‬

‫عالمات ومسات الفرقة الناجية وعالمات ومسات الفرق اذلالكة‬

‫‪ 78‬ارجع ‪٤‬بزيد من التفصي كتاب كسطية أىل السنة بْب الفرؽ د‪ /‬دمحم ابكرًن كإذل دراستنا للرافضة ضمن ىذا الكتاب‬
‫فرؽ معاصرة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫أوال‪ :‬عالمات ومسات الفرقق الفرقة الناجية‪:‬‬

‫امتاز أتباع العقيدة الصحيحة ٗبزااي عظيمة ميزهتم عن ‪ٝ‬بيع العقائد الٍب قامت على ا‪٥‬بول كما أفرزتو‬
‫العقوؿ البشرية‪.‬‬

‫ك‪٩‬با يربز ذلك ما يلي‪:‬‬

‫أف العقيدة السلفية قامت على الكتاب هللا كسنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كدل تدنس بعلم الكبلـ كا‪٤‬بنطق‬ ‫أ‪-‬‬
‫كسائر علوـ اليوانف كغّبىم‪.‬‬
‫أف معتنقيها أثبت الناس على ا‪٢‬بق ٖببلؼ أىل األىواء الذين تتجارل هبم أىوائهم ليقينهم‬ ‫ب‪-‬‬
‫بصحتها كاقتناعهم هبا‪.‬‬
‫سّبىم على ما سار عليو السلف الصاحل كأهنم بذلوا جهدىم ُب نشر كتعليم الناس العقيدة‬ ‫ت‪-‬‬
‫الصا‪٢‬بة كإخراج التناس من عبادة العباد لعبادة رب العباد كمعرفة فضلهم‪.‬‬
‫اعتقادىم أف السلف كانوا أحرص الناس على اجتماع الكلمة كعدـ الفرقة بْب ا‪٤‬بسلمْب‬ ‫ث‪-‬‬
‫كمن أميز صفاهتم الٍب يعتقدكهنا فيهم‪:‬‬
‫أهنم أعرؼ األمة اب‪٢‬بق‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أهنم أرحم األمة اب‪٣‬بلق‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أهنم أرحم الناس ٖبصومهم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أهنم من أشد الناس رجوعا إذل ا‪٢‬بق كانقيادا لو‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أهنم من أشد رحابة صدر كدماثة خلق كتسامح كإنصاؼ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أهنم أكثر التناس تواضعا كأبعدىم عن السباب كالفحش كسوء األخبلؽ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ال يشتموف أحدا كال يظهركف االستهزاء إال ابلقدر الذم يبْب غرضهم من الرد‬ ‫‪-7‬‬
‫على ا‪٤‬بخالف ُب حاؿ الضركرة‪.‬‬

‫أمثلة تدل على ذلك‪:‬‬

‫مواقفهم ُب ذلك كثّبة مشهورة سجلها اترٱبهم ا‪٤‬بشرؽ كمن أمثلتها‪ :‬مواقفهم من سقيفة بِب ساعدة‬
‫كمواقفهم ‪ٙ‬بجاه أىل الذمة‪ ،‬كموقفهمفي ا‪٢‬برب من ا‪٤‬بخالفْب‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫كمن أمثلة ذلك موقف الصديق أبو بكر من عمر رضي هللا عنهما حينماشكى أبو بكر عمر إذل النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص فغضب النيب على عمر فأشفق عليو أبو بكر‪ ،‬كأخذ يهدمء من النيب كيقوؿ‪ :‬ايرسوؿ هللا أان كنت‬
‫أظلم‪.‬‬

‫ككذلك ما كاف من عمر رغم شدتو ُب ا‪٢‬بق‪ ،‬يتفقد الفقراء كيعْب ا‪٤‬بعوزين‪ ،‬كال يناـ حٌب يطمئن على‬
‫ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كيوقد للفقراء انرىم‪ ،‬كيطبخ طعامهم كىو ا‪٣‬بليفة‪.‬‬

‫ككذلك ما كاف من عثماف‪ ،‬الذم كاف يتصف ابلرقة كا‪٢‬بياء كالكرـ ا‪٤‬بشهور‪ ،‬ككاف سريع العفو‪ ،‬ال ينتقم‬
‫لنفسو‪٧ ،‬ببا للعافية ٘باه رعيتو‪.‬‬

‫ككذلك ما كاف من علي هنع هللا يضر‪ ،‬معو ما ميزه هللا بو من أخبلؽ طيبة‪ ،‬كر‪ٞ‬بة اب‪٤‬بساكْب كتفقدىم‪ ،‬كبذلو‬
‫لنفسو ُب ا‪٤‬بعارؾ ‪ٞ‬باية للمسلمْب‪.‬‬

‫ككذلك ماكاف ‪٩‬بن كاف بعدىم ‪٩‬بن سار على هنجهم من األئمة كالعلماء‪ ،‬فهذا اإلماـ أ‪ٞ‬بد بن حنبل‬
‫كاترٱبو معركؼ من القائلْب ٖبلق القرآف‪ ،‬ك‪ٙ‬بملو ا‪٤‬بشاؽ نصرة للدين ك‪ٞ‬باية للمسلمْب‪ ،‬ككذلك ماكاف‬
‫من ابن تيمية الذم كاف من أحرص الناس على بياف ا‪٢‬بق‪ ،‬كمن أشدىم عفوا عمنظلمو‪ ،‬كدل يباؿ‬
‫ابلسجن كاالهتامات الٍب كجهت لو ُب سبيل نشر ا‪٢‬بق‪.‬‬

‫ككذلك ماكاف من علماء العصور ا‪٤‬بتأخرة كالشيخ دمحم بن عبد الوىاب الذم بذؿ كل البذؿ ُب سبيل‬
‫نشر التوحيد كطمس معادل الشرؾ‪ ،‬كالشيخ عبد هللا القرعاكم الذم أخرج هللا بو أقواما من الظلمات إذل‬
‫النور كمن الشرؾ إذل التوحيد ُب منطقة جيزاف‪ ،‬ففتح هللا بو القلوب كأانر بو البصائر‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬عالمات ومسات فرق أىل البدع‪:‬‬

‫كىي كثّبة جدا نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫بغي بعضهم على بعض كالتطاكؿ ُب السباب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اختبلفهم ألتفو األسباب ككثرة تفرقهم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اتباعهم ‪٤‬با يهوكف حسب رغباهتم كتكفّب بعضهم لبعض‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تتبعهم للمتشابو كإاثرة ا‪٣‬ببلفات‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫بغضهم ألىل السنة كاخَباعهم ألقاب ابطلة عليهم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫بغضهم للسلف كتسميتهم ‪٥‬بم أب‪٠‬باء ابطلة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪53‬‬
‫قبلوىم الركاايت الكاذبة كال يتحركف النصوص الصحيحة‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫قبو‪٥‬بم لؤلخبار الٍب ال يصدقها العقل كال تعضدىا ا‪٢‬بجة‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫عدـ اىتمامهم ابلسنة النبوية كتسلطهم عليها ابلتأكيل الباطل‪.‬‬ ‫‪-9‬‬

‫أمثلة تدل على ذلك‪:‬‬

‫األمثلىة على ذلك مشهور ُب اتريخ الفرؽ ا‪٤‬بخالفة ألىل السنة‪ ،‬فا‪٣‬بوارج ىم أكؿ الفرؽ ا‪٥‬بالكة‪،‬‬
‫كيتصفوف اب‪١‬بفاء كا‪٣‬بركج عن الدين كتكفّب ا‪٤‬بخالفْب كاستحبلؿ دمائهم حٌب من الصحابة‪،‬كتكفّبىم‬
‫لعلي كعثماف كأبوموسى كمعاكية كعمرك بن العاص كا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسْب كغّبىم‪.‬‬

‫كمن أمثلة الفرؽ ا‪٥‬بالكة ‪٪‬بد الركافض الذين كقفوا موقف السوء من الصحابة كسائر أىل السنة‪.‬‬

‫ٍب نبعت ا‪٤‬بعتزلة الذين ملئوا كتبهم سبااب ألىل السنة كا‪٤‬بتمسكنب هبا كأطلقوا عليهم ألفاظ لينفركا الناس‬
‫عنهم‪ٍ ،‬ب توالت العصور فظهرت ا‪٤‬برجئة كالقدرية كاألشعرية كغّبىا من الطوائف الٍب تتصف بضيق األفق‬
‫كالشدة على ا‪٤‬بخالفْب‪.‬‬

‫فا‪٤‬بعتزلة ال يرجعوف إذل الكتاب كال إذل السنة ُب الصفات‪ ،‬كال ُب ا‪٢‬بكم على ا‪٤‬بخالفْب‪ ،‬كإ٭با أيخذكف‬
‫ما ‪ٛ‬بليو عليهم عقو‪٥‬بم‪ ،‬فهم يقدموف العقل على النقل كيؤكلوف النصوص مع أنو ال تعارض ُب ا‪٢‬بقيقة‬
‫بْب العقل كالنقل‪.‬‬

‫كال زاؿ أىل الباطل يصفوف أىل السنة أبقبح الصفات‪ ،‬كيسبوهنم أببشع السباب‪ ،‬كالكوثرم مثبل الذم‬
‫مؤلكتبو ُب النيل من ابن تيمية كعقيدة أىل السنة الصافية‪ ،‬كأطلق عليهم عدة ألقاب ابطلة لينفر الناس‬
‫عنهم‪.‬‬

‫كلكن علماء ا‪٤‬بسلمْب ردكا على كل أفٌاؾ بردكد كالصواعق ا‪٤‬بزلزلة تبْب خطأ كل مفَب كتوضح ضبلؿ كل‬
‫مبتدع‪ ،‬كبينوا أف األمور ترجع إذل الكتاب كالسنة ال إذل ا‪٣‬بصومات‪ ،‬فقد سأؿ عمرك بن قيس ا‪٢‬بكم بن‬
‫عتبة‪":‬ما اضطر الناس إذل ىذه األىواء أف يدخلوا فيها؟" قاؿ‪ " :‬ا‪٣‬بصومات"‪،79‬كقاؿ الفضيل‪ " :‬ال‬
‫٘بادلوا أىل ا‪٣‬بصومات فإهنم ٱبوضوف ُب آايت هللا"‪.80‬‬

‫ادلبحث الثاين عشر‪:‬‬

‫‪ 79‬شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة لبللكائي ‪82/1‬‬


‫‪ 80‬سنن الدارمي ؤقم ‪406‬‬
‫‪54‬‬
‫ذكر أشهر أئمة أىلى السنة ومؤلفاهتم يف العقيدة‬

‫أوال‪ :‬ذكر أشهر أئمة أىل السنة‪:‬‬

‫يسر هللا ‪٢‬بفظ الدين رجاال كىبوا أنفسهم ‪٣‬بدمة ىذه العقيدة ا‪٤‬بباركة‪ ،‬كيسر ‪٥‬بم األمور كرزقهم الذكاء‬
‫كاإلخبلص‪ ،‬فكانوا جنودا أكفياء لدينهم كبذلوا كل علمهم كجهادىم لدفن كل بدعة ‪٧‬بدثة‪ ،‬كحذركا من‬
‫كل صاحب ىول‪ ،‬ك‪٫‬بن نذكر ىنا ما تيسر منهم كمثاؿ على الثراء الفكرم عند علماء السلف على‬
‫سبيل ا‪٤‬بثاؿ ال ا‪٢‬بصر‪ ،‬كمن ىؤالء ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أبو عبد هللا سفياف بن سعيد الثورم‪.‬‬


‫‪ -‬سفياف بن عيينة‪.‬‬
‫‪ -‬مسلم بن ا‪٢‬بجاج‪.‬‬
‫‪ -‬ابن عمرك عبد الر‪ٞ‬بن بن عمرك األكزاعي‪.‬‬
‫‪ -‬احجمد بن حنبل‪.‬‬
‫‪ -‬علي بن ا‪٤‬بديِب‪.‬‬
‫‪ -‬أبو ثور إابرىيم بن خالد‪.‬‬
‫‪ -‬أبو عبد هللا دمحم بن إ‪٠‬باعيل البخارم‪.‬‬
‫‪ -‬أك زرعة عبيد هللا بن عبد الكرًن‪.‬‬
‫‪ -‬أك جعفر دمحم بن جرير الطربم‪.‬‬
‫‪ -‬األئمة األربعة‬
‫‪ -‬ابن كثّب‪.‬‬
‫‪ -‬ابن خزٲبة‪.‬‬
‫‪ -‬ابن تيمية‪ 81،‬غّبىم كثّب ‪٩‬بن أثركا ا‪٤‬بكتبة اإلسبلمية ٗبؤلفاهتم فلهم أايدم مشكورة كجهودج‬
‫مذكورة فجزاىم هللا خّبا ك‪ٝ‬بعنا هبم ُب دار كرامتو‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬أىم مؤلفات علماء السنة يف بيان العقيدة والرد على ادلخالفُت‪:‬‬

‫‪ 81‬للدكتور صبلح الدين ا‪٤‬بنجد كتيب ابسم أ‪٠‬باء مؤلفات شيخ اإلسبلـ ابن تيمية صدر عن دار الكتاب ا‪١‬بديد‪،‬‬
‫بّبكت –لبناف‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ألف علماء السلف ُب بياف عقيدهتم كإيضاحها كالرد على ا‪٤‬بخالفْب مؤلفات كثّبة مدعومة بنصوص‬
‫الكتاب كالسنة كإ‪ٝ‬باع األمة‪ ،‬ما ال يكاد ٰبصى كثرة‪ ،‬كمن ىؤالء ما يلي‪:‬‬

‫اإلماـ أ‪ٞ‬بد بن حنبل‪ :‬كمن كتبو‪ :‬السنة‪،‬كاإلٲباف‪ ،‬كالرد على الزاندقة‪ ،‬كفضائل الصحابة‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫اإلماـ البخارم‪ ،‬أدكع ُب صحيحة كثّبا من بياف عقيدة السلف‪،‬ككذلك ُب كتابو خلق‬ ‫ب‪-‬‬
‫أفعاؿ العباد‪ ،‬ككذلك ُب كتابو األدب ا‪٤‬بفرد‪.‬‬
‫اإلماـ مسلم‪ :‬أكدع ُب صحيحو كثّبا من أبواب العقيدة‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫ابن ماجو ُب سسننو‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫عثماف بن سعيد الدارمي‪ُ :‬ب كتبو الرد على ا‪١‬بهمية‪ ،‬الرد على بشر ا‪٤‬بريسي‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫ابن عاصم‪ُ :‬ب كتابو السنة‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬
‫دمحم بن نصر ا‪٤‬بركزم‪ُ :‬ب كتابو السنة‪.‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫اإلماـ الطربم‪ُ :‬ب كتابو صريح السنة‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫ا‪٣‬ببلؿ‪ُ:‬ب كتابو السنة‪.‬‬ ‫ذ‪-‬‬
‫ابن خزٲبة‪ُ:‬ب كتابو التوحيد كإثبات صفات الرب عز كجل‪.‬‬ ‫ر‪-‬‬
‫الطحاكم‪ُ :‬ب كتابو العقيدة الطحاكية‪.‬‬ ‫ز‪-‬‬
‫األشعرم‪ُ :‬ب كتابو اإلابنة عن أصوؿ الداينة‪.‬‬ ‫س‪-‬‬
‫ابن أيب حاًب‪ُ :‬ب كتابو الرد على ا‪١‬بهمية‪.‬‬ ‫ش‪-‬‬
‫ص‪ -‬ا‪٢‬بسن بن علي الربهبارم‪ُ :‬ب كتاهبالسنة‪.‬‬
‫ض‪ -‬اآلجرم‪ُ:‬ب كتابو الشريعة‪ ،‬كالتصديق ابلنظر إذل هللا تعاذل‪.‬‬
‫الدارقطِب‪ُ :‬ب كتابو أحاديث النزكؿ كتاب الصفات‪.‬‬ ‫ط‪-‬‬
‫ابن بطة‪ُ:‬ب كتابو اإلابنة الصغرل كالكربل‪.‬‬ ‫ظ‪-‬‬
‫البللكائي‪ُ :‬ب كتابو شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة كا‪١‬بماعة‪.‬‬ ‫ع‪-‬‬
‫شيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪ ،‬ككتبو مشهور ُب ذلك‪.82‬‬ ‫غ‪-‬‬
‫ابن قيم‪ :‬كذلك لو مؤلفات مشهورة‬ ‫ؼ‪-‬‬
‫الشيخ دمحم بن عبد الوىاب‪ :‬كأىم مؤلفاتو‪:‬التوحيد‪ ،‬ككشف الشبهات‪ ،‬كغّبىا من الرسائل‪.‬‬ ‫ؽ‪-‬‬

‫‪ 82‬للدكتور صبلح الدين ا‪٤‬بمنجد كتيب ابسم "أ‪٠‬باء مؤلفات شيخ اإلسبلـ ابن تيمية" صدر عن دار الكتاب ا‪١‬بديد‪،‬‬
‫بّبكت‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫الشيخ حافظ ا‪٢‬بكمي‪ُ:‬ب كتابو معارج القبوؿ كغّبىا من الكتب‪.‬‬ ‫ؾ‪-‬‬
‫ُب عصران ا‪٢‬باضر كثّب من أىل العلم األجبلء كتبوا ُب بياف السنة ككضحوىا كردكا على‬ ‫ؿ‪-‬‬
‫ا‪٤‬بخالفْب‪ ،‬مثل الشيخ ابن ابز كاأللباين كغّبىم‪.‬‬

‫ككل ما سبق ىو من ابب التمثيل ال ا‪٢‬بصر‪ ،‬فيكاد يكوف مستحيل ‪ٝ‬بع كتاب السلف ا‪٤‬بؤلفة ُب ىذا‬
‫الباب‪ ،‬رحم هللا ا‪١‬بميع كنفع ٗبؤلفاهتم إنو على كل شيء قدير‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫اخلوارج‬

‫كىي أكؿ الفرؽ ُب اإلسبلـ من حيث الظهور‪،‬كفيما يلي الكبلـ عنها‪:‬‬

‫متهيد‪ :‬وجود اخلوارج يف ادلاضي واحلاضر‪:‬‬

‫ا‪٣‬بوارج فرقة من الفرؽ االعتقادية‪ ،‬بسطت نفوذىا السياسي على بقاع كاسعة من الدكلة اإلسبلمية ُب‬
‫ا‪٤‬بشرؽ كا‪٤‬بغرب العريب‪ ،‬كُب عماف كحضرموت كز‪٪‬ببار كما جاكرىا من ا‪٤‬بناطق اإلفريقية ُب ا‪٤‬بغرب العريب‪،‬‬
‫كال تزاؿ ‪٥‬بم ثقافتهم ا‪٤‬بتمثلة ُب ا‪٤‬بذىب اإلابضيهناؾ‪.‬‬

‫كال زالت بعض أفكار ا‪٣‬بوارج‪ ،‬كال سيما األزارقة متواجدة إذل عصران ا‪٢‬باضر‪ ،‬كابألخص تلك األفكار‬
‫ا‪٤‬بتعلقة بتكفّب العصاة‪.‬‬

‫كٯبدر التنبيو إذل أف كتب ا‪٣‬بوارج تكادتكوف مفقودة ‪ٛ‬باما ابستثناءاإلابضية‪ ،‬كلذلك نرجع إذل مؤلفا‪ٛ‬با‬
‫كتبو علماء السنة عنهم مع اعتقادان بصحة ما نقلوه عنهم ‪٤‬بعايشتهم ‪٥‬بم‪ ،‬كالحتماؿ أهنم عثركا على‬
‫كتب للخوارج دل تصل إلينا ‪،‬ك ما كصل إلينا من كتب االابضية يدؿ على مصداقهم‪.83‬‬

‫ادلبحث األول‪:‬‬

‫التعريف ابخلوارج لغة واصطالحا‬

‫ا‪٣‬بوارج ُب اللغة ‪ٝ‬بع خارجي‪ ،‬كىو اسم مشتق من ا‪٣‬بركج‪ ،‬كقد أطلق علماء اللغة ُب آخر تعريفاىم ‪٤‬بادة‬
‫خرج على ‪ٝ‬باعة من الناس معللْب ذلك ٖبركجهم من الدين أك على اإلماـ علي أك ‪٣‬بركجهم على‬
‫الناس‪.84‬‬

‫ُب االصطبلح‪ :‬اختلف العلماء ُب تعريفهم للخوارج كحاصل ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬منهم من عرفو أبنو ىو ا‪٣‬بركج على اإلماـ ا‪٤‬بتفق على إمامتو الشرعية ُب أم زماف كمكاف‪ ،‬كىذا‬
‫رأم الشهرستاين كابن حزـ‪.85‬‬

‫‪ 83‬انظر‪ :‬ا‪٣‬بوارج اترٱبهم كآراؤىم االعتقادية كموقف اإلسبلـ منها‪ ،‬ص ‪.‬ب‪ ،‬للمؤلف ر‪ٞ‬بو هللا تعاذل‪.‬‬
‫‪ 84‬انظر‪ :‬هتذيب اللغة ‪50/7‬كاتج العركس‪30/2‬‬
‫‪ 85‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪ 114/1‬كالفصل ‪113/2‬‬
‫‪58‬‬
‫‪ – 2‬منهم من خصو ابلطائفة الذين خرجوا على علي هنع هللا يضر‪ ،‬كىذا رأم األشعرم‪.86‬‬

‫‪ – 3‬عرفو بعض علماء االابضية أبهنم طوائف من الناس ُب زمن التابعْب كاتبعي التابعْب أك‪٥‬بم انفع بن‬
‫األزرؽ عاـ ‪64‬ىػ‪ ، 87‬كقاؿ بو إسحاؽ أطيفش ‪ ،‬كىذا التعريف يستثِب احملكمة األكؿ الذين خرجوا‬
‫على علي بن أيب طالب ‪ ،‬كىذا غّب مقبوؿ حٌب عند بعض علماء اإلابضية‪.‬‬

‫كيَبجح التعريف الثاين لكثرة من سار عليو من علماءالفرؽ‪ ،‬كىو ما يتفق أيضا مع مفهوـ ا‪٣‬بوارج‬
‫كطائفة كفرقة ذات أفكار كآراء اعتقادية‪.‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫أمساء اخلوارج وسبب تلك التسميات‬

‫للخوارج أ‪٠‬باء كثّب منها ما يقبلونو كمنها ما يرفضونو منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬ا‪٣‬بوارج‪:‬كىو أشهر أ‪٠‬بائهم‪،‬كيقبلونو على أساس أنو مأخوذ من قوؿ هللا تعاذل {كمن ٱبرج من بيتو‬
‫مهاجرا إذل هللا كرسولو ٍب يدركو ا‪٤‬بوت فقد كقع أجره على هللا}سورة النساء آية‪.100‬كىم ينفونو إذا أريد‬
‫بو أهنم خارجوف عن الدين أك عن ا‪١‬بماعة‪،‬أك عن علي بن أيب طالب‪ ،‬ألهنم يعتقدكف أف عليا ىو‬
‫ا‪٣‬بارج عليهم‪.‬‬

‫‪ – 2‬ا‪٢‬بركرية‪ :‬كىي نسبة إذل ا‪٤‬بكاف الذم خرج فيو أسبلفهم على علي بن أيب طالب‪،‬كىو قرب‬
‫الكوفة‪.‬‬

‫‪ – 3‬الشراة‪ :‬كىم يفتخركف هبذه التسمية‪ ،‬كأيخذكنو من قوؿ هللا تعاذل‪{ :‬إانهلل اشَبل منا ا‪٤‬بؤمنْب‬
‫أنفسهم أموا‪٥‬بم أبف ‪٥‬بم ا‪١‬بنة} سورة التوبة آية‪.111‬‬

‫‪ – 4‬ا‪٤‬بارقة‪ :‬كأطلقو عليهم خصوما‪٣‬بوارج‪ ،‬لتنطبق عليو أحاديت ا‪٤‬بركؽ الواردة ُب الصحيحْب‪.‬‬

‫‪ – 5‬احملكمة‪ :‬كىو ٌأكؿ األ‪٠‬باء الٍب أطلقت عليهم‪ ،‬كقيل إف سبب تسميتهم هبذا ىو لرفضهم ‪ٙ‬بكيم‬
‫ا‪٢‬بكمْب‪ ،‬كإما لَبدادىم كلمة " ال حكم اال هلل" كىو الراجح‪.‬‬

‫‪- 6‬النواصب‪٠ :‬بوا هبذا ‪٤‬ببالغتهم ُب نصب العداء لعلي بن أيب طالب هنع هللا يضر‪.‬‬

‫‪ 86‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب‪207/1‬‬


‫‪ 87‬انظر‪ :‬عماف اتريخ يتكلم ص ‪103‬‬
‫‪59‬‬
‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫مىت خرج اخلوارج‬

‫اختلف ا‪٤‬بؤرخوف كعلماء الفرؽ ُب ‪ٙ‬بديد بدء نشأهتم كخبلصة ذلك مايلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬أهنم خرجوا ُب عهد النيب صلى هللا عليهوسلم‪ ،‬كقاؿ هبذا الشهرستاين كابن حزـ كابن ا‪١‬بوزم‬
‫اآلجرم كغّبىم‪.‬‬
‫ك ٌ‬
‫كيقصد أصحاب أصحاب ىذا الرأم ما حدث من قياـ ذم ا‪٣‬بويصرة كىو عبد هللا بن ذم‬
‫ا‪٣‬بويصرةالتميمي ُب كجو الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬معَبضا على القسمة الفيء‪ ،88‬كلكن ىذا الرأم ٯبانبو الصواب‪،‬‬
‫إذ أف ذك ا‪٣‬بويصرة ال يعترب زعيما للخوارج‪ ،‬بل ىي حادثة فردية ‪ٙ‬بدث للحاكم أك صاحب السلطة ُب‬
‫‪٨‬بتلف األزماف‪ ،‬خصوصا كأف دافع ذك ا‪٣‬بويصرة ىو الطمع كسوء األدب مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫‪ – 2‬أهنم نشأؤكا ُب عهد عثماف هنع هللا يضر‪ ،‬كىذا رأم ابن كثّب كابن أيب العز كغّبىم‪ ،89‬لكن يىرد على ىذا‬
‫الرأم أف دافع الثوار ىو قتل عثماف كاالستيبلء على ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كدل يكن لديهم فرقة ذات طابع اعتقادم كما‬
‫ىو ا‪٣‬بوارج بعد ذلك‪.‬‬

‫‪ – 3‬أهنم نشأكا ُب عهد علي هنع هللا يضر‪ ،‬حْب خرج عليو طلحة كالزبّب كىذا رأم الورجبلين من األابضية‬
‫كبعض علماء اإلابضية‪ ،90‬كال يصح كصف طلحة كالزبّب أبهنم من ا‪٣‬بوارج كمعهم عائشة‪ ،‬كقد شهد هللا‬
‫‪٥‬بم ابإلٲباف كشهد الرسوؿ لطلحة كالزبّب اب‪١‬بنة‪.91‬‬

‫‪ – 4‬أهنم ظهركا ُب عهد انفع بن األزرؽ سنة ‪64‬ىػ‪ ،‬كدل يقل هبذا سول اإلابضية‪ ،‬كىو رأم غّب مقبوؿ‬
‫لوجود تسلسل األحداث كارتباطها من احملكمة األكذل إذل ظهور انفع بن األزرؽ‪.‬‬

‫‪ – 5‬أهنم ظهركا حْب خرج ا‪٣‬بوارج من احملكمة عن جيش علي بن أيب طالب‪ ،‬حيث كاف ‪٥‬بم آنذاؾ‬
‫‪92‬‬
‫ا٘باه سياسي كآراء اعتقادية انفردكا هبا عن عموـ أىل السنة كىذا ىو الراجح‪.‬‬

‫‪ 88‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بديث الوارد ُب صحيح البخارم‪ 53-52/8‬كمسلم ‪110/3‬‬


‫‪ 89‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية ‪ 189/7‬كشرح الطحاكية ص ‪472‬‬
‫‪ 90‬كأيب إسحاؽ أطيفش ‪ ،‬كتبعو على ذلك ٰبي معمر أحد علماء االابضية ا‪٤‬بتأخرين ‪ ،‬كقد اعتربكا احداث الكحكمة‬
‫األكذل فتنة داخلية بْب الصحابة‪ ،‬كليس ىم أساس ا‪٣‬بوارج ُب نظرىم‪ ،‬انظر‪ :‬االابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص ‪377‬‬
‫كاالابية ُب موكب التاريخ ص‪33‬‬
‫‪ 91‬انظر‪ :‬الدليل ألىل العقوؿ ص ‪15‬‬
‫‪60‬‬
‫ادلبحث الرابع‪:‬‬
‫‪93‬‬
‫زلاورات اإلمام علي للخوارج يف النهروان‬

‫كقعت بْب اإلماـ علي هنع هللا يضر كبْب ا‪٣‬بوراج عدة ‪٧‬باكرات قبل نشوب ا‪٤‬بعركة بْب جيشو كبْب ا‪٣‬بوارج حينما‬
‫انفصلوا عنو كأظهركا لو العداء عقب أحداث التحكيم بينو كبْب معاكية بن أيب سفياف‪ ،‬كذلك حينما‬
‫طلب منهم علي بياف أسباب خركجهم عليو فأجابوه أبشياء منها‪:‬‬

‫‪٤ – 1‬باذا دل يبح ‪٥‬بم ُب معركة ا‪١‬بمل أخذ النساء كالذرية كما أابح ‪٥‬بم أخذ ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كقد كقعت ىذه‬
‫ا‪٤‬بعركة بْب جيش علي كبْب جيش علي كطلحة كالزبّب ُب أحداث – ليس ىنا ‪٦‬باؿ ذكرىا ‪.-‬‬

‫‪٤ – 2‬باذا ‪٧‬بى لفظ أمّب ا‪٤‬برنْب ُب التحكيم بينو كبْب معاكية‪.‬‬

‫شك فيخبلفتو حينما قاؿ للحكمْب‪:‬إف كنت أىبل للخبلفة فأثبتاين ك‪٤‬باذا رضي ابلتحكيم؟‬
‫‪٤ – 3‬باذا ٌ‬
‫فأجاهبم علي هنع هللا يضر ٗبا يدحض شبههم ىذه أبجوبة منها مايلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬أنو أابح ‪٥‬بم ا‪٤‬باؿ ألنو من بيت ماؿ ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كأما النساء كالذرية فلم يشَبكوا ُب القتاؿ كىم‬
‫مسلموف أيضا‪ ،‬كدل تكن منهم ردة فبل يسبوف‪ٍ ،‬ب إنو قاؿ ‪٥‬بم " لو إٔبت لكم اسَبقاؽ النساء كالذرية‬
‫فأيكم أيخذ عائشة " فخجل القوـ من ىذا‪ ،‬كرجع معو كثّب منهم‪.‬‬

‫‪- 2‬أما شبهتهم الثانية‪ ،‬فاستدؿ بفعل الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص يوـ ا‪٢‬بديبية‪ ،‬مع أف النزاع أصبل كاف ُب أمر غّب‬
‫ا‪٣‬ببلفة كىو مطالبة بدـ عثماف‪ ،‬مع معرفة معاكية أبفضلية علي ‪ ،‬كهللا أعلم بصحة ىذه الركاية ‪.‬‬

‫‪ – 3‬أما مسألة الشكٌ ُب خبلفتو‪ ،‬فقد أجاهبم عن شبهتهم ىذه أبنو أراد العدؿ بينو كبْب معاكية كلو‬
‫قاؿ‪ :‬أحكما رل دل يكن ىذا ‪ٙ‬بكيما‪ ،‬كأجاهبم أبف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ح ٌكم سعد بن معاذ ُب حق كاف لو مع‬

‫‪ 92‬انظر لتلك األقواؿ‪ :‬تلبيس إبليس ص ‪ 90‬كالفصل البن حزـ ‪ 157/4‬كا‪٤‬بلل كالنحل للشهرستاين ‪ 21/1‬كشرح‬
‫الطحاكية البن أيب العز ص ‪ 472‬كالبداية كالنهاية ‪ 189/7‬كالدليل أىل العقوؿ للورجبلين ص ‪ 15‬كعماف اتريخ‬
‫يتكلم للسا‪٤‬بي ص ‪103‬‬
‫‪ 93‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪79‬كشرح هنج الببلغة ‪ 275/2‬كالكامل للمربد ‪117/2‬‬
‫‪61‬‬
‫بِب قريضة‪ ،‬فرجع مع علي بعد ىذا من رجع‪ ،‬كحدث قتاؿ بْب جيشو كبْب من بقي من ا‪٣‬بوارج فقتلوا‬
‫كدل ينج منهم إال تسعة كما قيل‪.94‬‬

‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫أسباب خروج اخلوارج‬

‫ىناؾ أسباب متعددة أدت إذل خركج ا‪٣‬بوارج نوجز أٮبها فيما يلي‪:‬‬

‫‪– 1‬النزاع حوؿ ا‪٣‬ببلفة‪:‬‬

‫كىذا أقول األسباب ُب خركجهم‪ ،‬إذ أف ا‪٢‬بكاـ ُب نظرىم ال يستحقوف ا‪٣‬ببلفة لعدـ توفر‬
‫شركطا‪٣‬بوارجالقاسيةعليهم‪ ،‬كساىم ُب ذلك عدـ االستقرار السياسيآنذاؾ‪ ،‬كظنوا أيضا أف القتاؿ بْب‬
‫ا‪٤‬بسلمْب كاف ألجل ا‪٣‬ببلفة‪ ،‬مع أنو دل يكن كذلك‪.‬‬

‫‪- 2‬قضيةالتحكيم‪:‬‬

‫كىذا عامل مهم ‪٣‬بركجهم‪ ،‬كذلك حينما أصركا علي علي بن أيب طالب أف يقبل التحيكم ٍب طلبوا منو‬
‫أف يرجع كيعلن إسبلمو فرد عليهم ردا عنيفا‪ ،‬فأظهركا ا‪٣‬بركج عليو كنفض أيديهم من طاعتو ك‪٧‬باربتو‪.‬‬

‫‪ – 3‬جور ا‪٢‬بكاـ كظهور ا‪٤‬بنكرات ُب نظرىم‪ ،‬حيث كاف كثّب من ا‪٣‬بوراج يردد أف ا‪٢‬بكاـ ظلمة كأف‬
‫ا‪٤‬بنكرات فاشية‪ ،‬كلكنهم حينما خرجوا فعلوا أضعاؼ ماكاف من ا‪٤‬بنكرات كاستحبل‪٥‬بم دماء ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫‪ – 4‬العصبية القبلية‪ :‬كذلك حينما قامت بعد أف أماهتا اإلسبلـ‪ ،‬كلكن بقيت بواؽ ُب النفوس أدت‬
‫إذل قياـ ا‪٢‬بسد مرة أخرل ُب النفوس‪٩ ،‬با أذكى انر العداكة كالفرقة بْب ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬ك‪٩‬با يذكر عن ا‪٤‬بأموف‬
‫أنو كاف يرل أف أكثر ا‪٣‬بوراج من قبيلة ربيعة حسدا ‪٤‬بضر فكاف يقوؿ " كهللا ما خرج اثناف أحدٮبا شاراي‬

‫‪ 94‬انظر‪ :‬اتريخ األمم كا‪٤‬بلوؾ للطربم ‪ 89/5‬كالبداية كالنهاية ‪ 218/6‬كالكامل البن األثّب ‪ 345/3‬كمركج الذىب‬
‫‪ 417/2‬كانظر‪ :‬اعَباض علي ٰبي معمر على نتيجة ا‪٤‬بعركة ُب كتابو االابضية بْب الفرؽ ص ‪ ،68‬ك‪ٙ‬بديدم العدد برقم‬
‫تسعة فيو بعد متكلف‪ ،‬كالركاايت ُب ذلك فيها اضطراب‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫إال كاف من ربيعة " كيقوؿ‪ " :‬كهللا ما زالت ربيعة ساخطة على هللا منذ أف جعل نبيو من مضر "‪،‬كىناؾ‬
‫عوامل أخرل اقتصادية كدينية أدت إذل خركجهم تنم عن جهل مطبق منهم ‪.95‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫حركات اخلوارج الثورية وفرقهم وعددىم‬

‫أوال‪ :‬حركات اخلوارج الثورية‪ :‬ابتدأت حركاهتم الثورية منذ خركجهم بعد قضيةالتحكيم على علي بن‬
‫أيب طالب‪ ،‬كمن جاء بعده من ا‪٢‬بكاـ األمويْب‪ ،‬حيث خرجوا ُب شكل عصاابت ك‪ٝ‬باعات متفرقة ىنا‬
‫كىناؾ‪ ،‬إذل أف جاء انفع بن األزرؽ سنة ‪64‬ىػ فابتدأ ا‪٣‬بوارجيظهركف كفرقة كبّبة امتدت إذل عصر‬
‫الدكلةالعباسية‪ٛ ،‬بثل موضع معارضة لكل خليفة للمسلمْب‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬فرق اخلوارج‪:‬من ر‪ٞ‬بة هللا اب‪٤‬بسلمْب أف ا‪٣‬بوارج كانوا يتفرقوف ألتفو األسباب‪ ،‬فلو ا‪ٙ‬بدكا لكانت‬
‫كارثة على ببلد ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فمثبل تفرقوا حينما رأل انفع بن األزرؽ عدـ جواز التقية كالقعدة بْب‬
‫ا‪٤‬بخالفْب‪ ، 96‬فتفرقوا فرقا كثّبة ابعتبار رأم كل فرقة منهم‪ ،‬كبعض تلك الفرؽ انتهى ُب كقتو كبعضها‬
‫اندمج مع فرؽ أخرل كبعضها رجع عن مقالتو‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬عدد فرق اخلوارج‪ :‬من الصعوبة ع ٌد فرؽ ا‪٣‬بوارج األصلية كالفرعية‪ ،‬فقد اختلف علماء الفرؽ ُب‬
‫عددىم‪ ،‬فعند األشعرم يعدىا أربعا‪ ،‬كعند غّبىخمسا‪ ،‬كبعضهم ‪ٜ‬بانية‪ ،‬كبضعهم ‪ٟ‬بسا كعشرين‪،‬‬
‫كبعضهم أكثر من ثبلثْب‪ ،‬كالسبب ُب ىذا االختبلؼ يعود إذل أف ا‪٣‬بوارج فرقة حربية متقلبة‪ ،‬فلم‬
‫يتمكن العلماء من حصرىم‪ٍ ،‬ب إهنم كانوا يتفرقوف كٱبتلفوف ُب آراءىم ألتفو األسباب‪ ،‬كدل تكن أيضا‬

‫‪ 95‬انظر‪ :‬اتريخ الطربم ‪ 84/5‬كالكامل البن األثّب ‪ 344/3‬كانظر‪ :‬العقيدة كالشريعة ُب اإلسبلـ ‪١‬بولد زيهر ص‬
‫‪ 192‬كاتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية أليب زىرة ‪ 69/10‬كفجر اإلسبلـ أل‪ٞ‬بد امْب ص ‪262‬كقعة صفْب لنصر بن مزاحم‬
‫ص ‪573‬‬
‫‪ 96‬أم ىل ٰبل ‪٥‬بم ا‪٤‬بقاـ بْب ا‪٤‬بخالفْب أـ ال ٰبل؟ كيكوف ا‪٤‬بقيم بينهم كافرا حبلؿ الدموا‪٤‬باؿ‪ ،‬كما يرل ذلك انفع حٌب‬
‫كإف كاف منهم‪ ،‬كحينما كصا انفع إذل إحداث تلك األموربينهم انفصلت عنو النجدات بقيادة ‪٪‬بدة بن عامر فقالوا‬
‫لنافع‪ :‬أحدثت ما دل يكن عملو السلف من أىل النهركاف كالقبلة ‪ ،‬فأجاهبم ‪ :‬أبف ىذه حجة عرفها كقامت عليو‬
‫كيننبغي األخذ هبا ‪ ،‬ففارقوه‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫كتبهم معركفة بل أخفوىا خوفا عليها من الناس‪،‬إال أف أشهر فرقهم ىي فرقة اإلابضية كما ييذكر ذلك‬
‫ُب كتب الفرؽ‪.97‬‬

‫ادلبحث السادس‪:‬‬

‫دراسة أىم فرق اخلوارج‪ ,‬وىم اإلابضية‬

‫ال بد من كقفة يسّبة عند ىذه الطائفة‪ ،‬لكوف ىذه الطائفة ال يزاؿ ‪٥‬با أتباع كأنصار ُب أماكن كثّب ُب‬
‫العادل‪ ،‬كلكثر ماجاء من أخبارىم السياسية كالعقدية كاالجتماعية‪ ،‬حيث يوجد أتباعها حاليا ُب ا‪١‬بزائر‬
‫كتونس كليبيا كعماف كز‪٪‬ببار‪ ، 98‬كدراسة ا‪٣‬بوارج أتخذ حيزا كبّبت ‪٫‬بيل القارئ فيها إذل االطبلع على‬
‫ماكتب عنهم‪. 99‬‬

‫زعيم اإلابضية ‪ :‬ينسب اإلابضية مذىبهم إذل جابر بن زيد األزدم ‪ ،‬كىو من تبلميذ ابن‬ ‫أ‪-‬‬
‫عباس‪ ، 100‬كقد نسبوا أيضا إذل عبد هللا بن ٰبي بن إابض لشهرة مواقفو مع ا‪٢‬بكاـ ‪ ،‬كىو‬
‫أحد التابعْب عاصر معاكية كابن الزبّب ‪.‬‬

‫ىذا ىو ا‪٠‬بو ا‪٢‬بقيقي خبلفا ‪٤‬با ذكره بعض علماء الفرقكا‪٤‬بلطي كصاحب كتاب إابنة ا‪٤‬بناىج‪ ،‬حيث‬
‫التبس عليهم ا‪٠‬بو إبابض بن عمرك ا‪٤‬بسمى بطالب ا‪٢‬بق كا‪٠‬بو ٰبي بن عبد هللا‪ ،101‬كبعضهم نفى‬
‫نسبتهم إذل ابن إابض كابن حزـ‪ ،102‬كىذا خطأ منو ككىم‪ ،‬فهم ال يعرفونو كال يتربؤكف منو‪.103‬‬

‫‪ 97‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب لؤلشعرم ‪ 1983/1‬كالفرؽ بْب الفرؽ ص ‪ 24‬كص ‪ 72‬كإابنة ا‪٤‬بناىج ‪١‬بعفر بن أ‪ٞ‬بد‬
‫ص ‪ 155‬كالتنبيو كالرد للملطي ص ‪ 167‬كاتريخ الفرؽ اإلسبلمية ص ‪ 268-266‬كاالعتصاـ للشاطيب ‪.219/2‬‬
‫‪ 98‬انظر‪ :‬دراسات إسبلمية ُب أصوؿ االابضية‪ ،‬بكّب سعيد‪ ،‬ص ‪136‬‬
‫‪ 99‬مثل ما كتبو علي ٰبي معمر ُب كتبو الكثّبة عنهم‪ :‬االابذية بْب الفرؽ اإلسبلمية‪ ،‬كاالابضية ُب موكب التاريخ‪،‬‬
‫كاالابضية مذىب إسبلمي معتدؿ‪ ،‬ككذا كتاب السا‪٤‬بي عماف اتريخ يتكلم‪ ،‬كما طتبو د‪/‬صابر طعيمة‪ :‬االابضية عقيدة‬
‫كمذىبا‪ ،‬إألل غّب ذلك من الكتب ا‪٤‬بتيسر كجودىا عن ىذه الفرقة‪.‬‬
‫‪ 100‬انظر‪ :‬االابضية بْب الفرؽ االسبلمية ص ‪353‬‬
‫‪ 101‬كطالب ا‪٢‬بق ظهر عاـ ‪128‬ىػ كأصلو من حضرموت قتل سنة ‪130‬ىػ بعد معركة مع جيش ا‪٣‬بليفة مركاف بن‬
‫دمحم‪.‬انظر‪ :‬التنبيو كالرد للملطي ص‪ 55‬كإابنة ا‪٤‬بناىج ‪١‬بعفر بن دمحم ص‪155‬‬
‫‪ 102‬انظر‪ :‬الفصل ‪191/4‬‬
‫‪ 103‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص‪48‬‬
‫‪64‬‬
‫كقد أرخ بعض علماء اإلابضية اتريخ الوقت الذم استعمل فيو اسم االابضية ‪ ،‬حيث ذكركا أنو كاف ُب‬
‫القرف الثالث ا‪٥‬بجرم ‪ ،‬ككانو يسموف قبلها ‪ٝ‬باعة ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬أك أىل الدعوة ‪ ،‬أك أىل االستقامة ‪ ،‬كما‬
‫يذكر ذلك ابن خلفوف من علمائهم – ُب أجوبتو‪. - 104‬‬

‫ىل االابضية من اخلوارج‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫اتفقت كلمة علماء الفرؽ على ع ٌد االابضية من ا‪٣‬بوارج‪ ،‬ككافقهم على ذلك بعض زعماء اإلابضية‬
‫ا‪٤‬بتقدمْب‪ ،‬خبلفا لبعض ا‪٤‬بتأخرين كأيب اسحاؽ أطفيش كعلي ٰبي معمر حيث نفوا أف يكوف االابضية‬
‫من فرؽ ا‪٣‬بوارج‪ ،‬كزعما أف اتريخ ا‪٣‬بوارج يبدأ من انفع بن االزرؽ سنة ‪64‬ىػ‪ ،‬كنفى كجود صلة مابْب‬
‫احملكمة كبْب انفع بن األزرؽ ك‪٪‬بدة بن عهامر كغّبٮبا‪.105‬‬

‫كىذا القوؿ فيو مغالطة خاطئة‪ ،‬حيث إف أحداث ا‪٣‬بوارج متسلسلة منذ خركج احملكمة األكذل إذل ظهور‬
‫انفع بن األرزؽ‪.‬‬

‫ٍب إنو قد كردت تسميتهم اب‪٣‬بوارج حٌب قبل ظهور ان فع بن األزرؽ‪ ،‬كما جاء ُب كتاب كفاء الضمانة‬
‫أبداء األمانة ‪٤‬بؤلفو العيزايب اإلابضي ‪.106‬‬

‫فرق اإلابضية‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫افَبقت اإلابضية إذل عدة فرؽ‪ ،‬منها ما يعَبؼ بو االابضية كمنها ما ينكركنو كيشنعوف على من ينسبها‬
‫إليهم كمن تلك الفرؽ ما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬ا‪٢‬بفصية‪ :‬أتباع حفص بن أيب ا‪٤‬بقداـ‪.‬‬

‫‪ – 2‬اليزيدية أتباع يزيد بن أنيسة‪.‬‬

‫‪ – 3‬ا‪٢‬بارثية‪ :‬أتباع حارث بن يزيد اإلابضي‪.‬‬

‫‪ – 4‬أصحاب طاعة ال يراد هبا هللا‪. 107‬‬

‫‪ 104‬انظر‪ :‬أجوبة بن خلفوف ص‪9‬‬


‫‪ 105‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص ‪ 383-377‬كاإلابضية ُب موكب التاريخ ص‪ 22‬كبلٮبا لعلي ٰبي‬
‫معمر‪.‬‬
‫‪ 106‬انظر‪ :‬كفاء الضمانة أبداء األمانة للعيزايب ‪ 22/3‬كعماف اتريخ يتكلم ص ‪117‬‬
‫‪ 107‬انظر‪ :‬ماقبلت اإلسبلميْب‪ 183/1‬كالفرؽ بْب الفرؽ ص ‪105‬كص ‪.279‬‬
‫‪65‬‬
‫كلبعض ىذه الفرؽ أقواؿ كمقاالت ‪ٚ‬برجهم من ملة اإلسبلـ‪ ،‬كىذه الفرؽ تنسب إذل اإلابضية خبلفا ‪٤‬با‬
‫ذىب إليو اإلابضي علي معمر بنفيو أف تكوف من فرؽ اإلابضية‪.‬‬

‫ابإلضافة إذل ىذه‪ ،‬فإف ىناؾ ست فرؽ أخرل لئلابضية ُب ا‪٤‬بغرب كىي‪:‬‬

‫‪ – 1‬فرقة النكار‪ :‬ينتسبوف إذل رجل يسمى أاب قدامة يزيد بن فندين‪ ،‬الذم أنكر إمامة زعيم اإلابضية‬
‫اب‪٤‬بغرب عبد الوىاب رستم‪ ،‬كلذلك ‪٠‬بوا هبذا االسم‪.‬‬

‫‪ – 2‬النفاثية‪ :‬نسبة إذل رجل يسمى فرج النفوسي‪،‬كنفوسة قرية تقع ُب ليبيا‪.‬‬

‫‪ – 3‬ا‪٣‬بلفية‪ :‬نسبة إذل خلف بن السمح ا‪٤‬بعافرم‪.‬‬

‫‪ – 4‬ا‪٢‬بسينية‪ :‬نسبة إذل زعيمها أابزايد أ‪ٞ‬بد بن ا‪٢‬بسْب الطرابلسي‪.‬‬

‫‪ – 5‬السكاكية‪ :‬نسبة إذل زعيمها عبد هللا بن السكاؾ اللواٌب‪ٛ ،‬بيز ىذا أبقوالو الكفرية كقد تربأت منو‬
‫اإلابضية‪.‬‬

‫‪ – 6‬الفرثية‪ :‬نسبة إذل زعيمها سليماف بن يعقوب بن أفلح‪.‬‬

‫كقد شكك علي ٰبي معمر ُب كجود بعض ىذه الفرؽ‪ 108‬فضبل عن نسبتها إذل اإلابضية إال أف كثّبا‬
‫من العلماء يذكركف ىذه الفرؽ ضمن اإلابضية اب‪٤‬بغرب‪.‬‬

‫دولة اإلابضية‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬

‫قامت لئلابضية دكلتاف ‪ ،‬إحداٮبا ُب ا‪٤‬بغرب‪ ،‬كاألخرل ُب ا‪٤‬بشرؽ ُب عماف ‪ .‬كذلك كما يلي‪:‬‬

‫أكال ‪ :‬دكلة ا‪٤‬بشرؽ ‪ :‬كقد قامت ُب عماف ‪ ،‬كساعدىا ُب ذلك بعدىا عن دار ا‪٣‬ببلفة اإلسبلمية ٍب‬
‫مسالكها الوعرة ‪.‬‬

‫كقد ابتدأت منذ أف ىرب إليها بعض ا‪٣‬بوارج إثر ىزٲبتهم ُب معركة النهركاف‪ ،‬كبدأت تقوم غراسها ُب‬
‫عماف إذل أف اشتدت قوهتا كقوم عودىا‪،‬حٌب قرركا االنصاؿ عن ا‪٣‬ببلفة اإلسبلمية كانتخبوا ‪٥‬بم خليفو‬
‫ا‪٠‬بو ا‪١‬بلندم بن مسعود األزدم‪.‬‬

‫‪ 108‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلميةص ‪258‬كص‪278‬‬


‫‪66‬‬
‫إال أف جيوش ا‪٣‬ببلفة قضت على حلم اإلابضية كيقيت خاضعة ‪٥‬با إذل سنة ‪177‬ىػ‪ ،‬حيث قرركا أف‬
‫يستقلوا مرة أخرل‪ ،‬كُب سنة ‪179‬ىػ كلوا عليهم خليفة منهم كا‪٠‬بو دمحم بن أيب عفاف األزدم‪ٍ ،‬ب تواذل‬
‫عليهم ا‪٣‬بلفاء منهم عليهم‪ 109‬إذل أف حدثت االنشقاقات كالتفرؽ بينهم‪ ،‬فتدخلت الدكؿ االستعمارية‬
‫كقضت على خبلفتهم‪. 110‬‬

‫اثنيا‪ :‬دكلة ا‪٤‬بغرب‪:‬فقد قامت نتيجة النتشار ا‪٤‬بذىب اإلابضي بْب قبائل الرببر كذلك عن طريق دعاتو‬
‫الذين خرجو من البصرل الٍب كانت تعد مقرىم الرئيسي‪.‬‬

‫ككاف أكؿ زعيم ‪٥‬بم ىو أبو ا‪٣‬بطاب عبد األعلى بن السمح ا‪٤‬بعافرم‪ ،‬كاستولوا على طرابلس إال أف جيش‬
‫ا‪٣‬ببلفة دحر جيوشهم‪.‬‬

‫ٍب قاـ بعده عبد الر‪ٞ‬بن الرستمي كأسس دكلة اإلابضية الرستمية اب‪٤‬بغرب سنة ‪ 160‬ىػ كاستوذل على‬
‫أماكن كثّبة‪.‬‬

‫ٍب تواذل ا‪٣‬بلفاء من بعده من عقبو إذل أف بدأ التشتت بْب األسرة الرستمية نتيجة خبلفهم حوؿ ا‪٣‬ببلفة‪،‬‬
‫ٍب انتهى أمرىم هبجوـ الشيعة عليهم بقيادة أيب عبد هللا الشيعي سنة ‪296‬ىػ كاالستيبلء على دكلتهم‪.‬‬

‫موقف اإلابضية من ادلخالفُت ذلم‪:‬ويربز موقفهم من ادلخالفُت فيما يلي‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬


‫موقفهم من سائر ا‪٤‬بخالفْب‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫تتسم معاملة اإلابضية ‪٤‬بخالفيهم ابللْب كالتسامح كجوزكا تزكيج ا‪٤‬بسلمات من ‪٨‬بالفيهم‪ ،‬كتعترب ا‪٤‬بخالفْب‬
‫‪٥‬بم من أىل القبلة كفار نعمة كليسوا كفار ملة إال معسكر السلطاف‪،‬ىذا ما يذكره بعض علماء الفرؽ‪،‬‬
‫كاألشعرم ككأيب زكراي ا‪١‬بناكم من اإلابضية‪.‬‬

‫بينما ‪٪‬بد بعضهم يذكر عنهم أبنو يركف أبف ‪٨‬بالفيهمكفار ملة‪،‬كيذكر البعض عنهم أهنم يركف معاملة‬
‫القسوة كالشدة مع ا‪٤‬بخالف كيستحلوف دماء ‪٨‬بالفيهم‪ ،‬ك‪٩‬بن قاؿ بذلك البغدادم كالشهرستاين‪ ،‬كقاؿ بو‬
‫من اإلابضية العيزايب كالوارجبلين‪.‬‬

‫‪ 109‬انظر‪ :‬األزىار الرايضية ُب أئمة كملوؾ اإلابضية ‪ 148/2‬ك‪ 152‬ك‪٨‬بطوطو ا‪٤‬بارغيِب عن افَباؽ اإلابضية الست‬
‫اب‪٤‬بغرب ص‪.7-1‬‬
‫‪ 110‬انظر‪ :‬عماف اتريخ يتكلم للسا‪٤‬بي ص‪ 131‬كاألزىار الرايضية للباركين ‪ 2/2‬كالكامل البن األثّب ‪192/5‬‬
‫‪67‬‬
‫كيرجع ذلك الضطراب كتب علماء االابضية ُب ذلك‪ ،‬فبينما نرل نقل بعضهم مسا‪٧‬بة ا‪٤‬بخالف ‪٥‬بم إال‬
‫أننا ‪٪‬بد أف بعض كتبهم ترل أف كل من دل يعتقد مذىب االابضية فهو على الكفر‪ ،‬كأف هللا ال يقبل دينا‬
‫غّب االابضية‪ ،‬كذلك مثل كتاب العقود الفضية ككشف الغمة كالنيل كشفاء العليل كا‪٢‬بجة للعيزايب كغّبىا‬
‫من كتبهم‪ ،‬كيتضح ىذا من خبلؿ التارل‪:‬‬

‫أكال‪ :‬اللْب كالتسامح‪ :‬كنسلط الضوء ُب ذلك على ما قالو عنهم كتٌاب الفرؽ كما قالوه عن أنفسهم ُب‬
‫كتبهم‪.‬‬

‫أما ما قالو عنهم علماء الفرؽ‪ :‬يرل األشعرم أف اإلابضية ال ترل السف مع ا‪٤‬بخالفْب‪ ،‬كأف دارىم دار‬
‫توحيد إال دار السلطاف كال يقتلوف النساء كاألطفاؿ‪.111‬‬

‫أما البغدادم كالشهرستاين فيذكركف عن اإلابضية أهنم يركف أف ‪٨‬بالفيهم كفار‪.112‬‬

‫أما ماقالوه عن أنفسهم ‪ :‬فيذكر صاحب كتاب األدايف اإلابضي ككذلك اإلابضي أبو زكراي ا‪١‬بناكم أنو‬
‫ٯبوز معاملة ا‪٤‬بخالفْب معاملة حسنة كلكن على اإلماـ أف يناصبهم العداء حٌب يذعنوا كأنو ُب حاؿ‬
‫‪114‬‬
‫ا‪٢‬برب ال ٘بوز غّب دمائهم‪ .113‬بينما يرل اإلابضي علي ٰبي معمر أنو ال ٯبوز دماء ‪٨‬بالفيهم‬

‫موقف االابضية من الصحابة ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫اتفق ا‪٣‬بوارج على الوالء التاـ كالَبضي عن ا‪٣‬بليفتْب الراشدين أيب بكر كعمر رضي هللا عنهما دل ‪ٚ‬برج‬
‫فرقة منهم عن ذلك‪.‬‬

‫أما ا‪٣‬بليفتْب عثماف كعلي رضي هللا عنهما‪ ،‬فقد ىلك ا‪٣‬بوارج فيهما كذموٮبا‪ ،‬كيهمنا ىنا ىو أف نشّب‬
‫إذل موقف االابضية كذلك فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬موقف االابضية من عثمان هنع هللا يضر‪:‬‬

‫ال شك أف عثماف هنع هللا يضر صحايب جليل مشهود لو اب‪١‬بنة‪ ،‬أما اإلابضية فقد كفركه كطعنوا فيو كُب خبلفتو‬
‫كما جاء ُب كتاب كشف الغمة ككتاب األدايف للوارجبلين من كتبهم‪.115‬‬

‫‪ 111‬انظزر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب ‪ 204/1‬ك‪184‬‬


‫‪ 112‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص‪ 103‬كا‪٤‬بلل كالنحل ‪134/1‬‬
‫‪ 113‬انظر‪ :‬كتاب األدايف ص‪ 99‬ككتاب الوضع للجناكم‪.‬‬
‫‪ 114‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص‪335‬‬
‫‪68‬‬
‫– موقفهم من علي هنع هللا يضر‪:‬‬

‫يعتقد اإلابضية كجوب الرباءة من علي هنع هللا يضر كما جاء ُب كتاب كشف الغمة‪ ،‬كأتكؿ بعضهم كحفص بن‬
‫أيب ا‪٤‬بقداـ بعض نصوص القرءاف أهنا نزلت ُب علي‪. 116‬‬

‫كقد شتم االابضية أيضا معاكية كعمرك بن العاص رضي هللا عنهما كشتموا كلعنوا ا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسْب‬
‫لقتلهما ابن ملجم كتسليمهما ا‪٣‬ببلفة ‪٤‬بعاكية‪ ،‬ككذلك ككقفوا نفس ا‪٤‬بوقف أيضا من طلحة كالزبّب‬
‫كأكجبوا ‪٥‬بما النار‪ ، 117‬كما كرد كل ذلك ُب كتاب الدليل ألىل العقوؿ للورجبلين ككشف الغمة من‬
‫كتبهم ‪.‬‬

‫كىذا خبلفا ‪٤‬با ذىب إليو بعض ا‪٤‬بعاصرين من االابضية من عدـ تكفّب الصحابة كمدحهم كعلي بن ٰبي‬
‫معمر ُب كتابو االابضية بْب الفرؽ‪ 118‬كىذا خبلؼ ما ذىب إليو علماء اإلابضية أنفسهم‪.119‬‬

‫عقائداالابضية‪:‬‬ ‫د‪-‬‬

‫لفرقة اإلابضية أقواؿ فقهية كعقائدية ‪ٚ‬بالف فيها ا‪٢‬بق‪ ،‬كسوؼ نقتصر ىنا على أقوا‪٥‬بم ُب العقيدة كذلك‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫صفات هللا‪ :‬انقسموا إذل قسمْب‪ :‬منهم من نفى الصفات نفيا اتما خوفا من التشبيو‬ ‫‪-1‬‬
‫بزعمهم‪ ،‬كقسم منهم يرجع الصفات إذل الذات‪،‬فقالوا‪:‬إف هللا عادل بذاتو ك‪٠‬بيع بذاتو إذل‬
‫آخر الصفات‪.‬‬

‫فالصفات عْب الذات عندىم كما نص على ذلك العيزايب ُب كتابو ا‪٢‬بجة ُب بياف احملجة‪ ،‬كأكلوا‬
‫النصوص إذل معاف ليست ىي ا‪٤‬برادة‪ ،‬كاليد ابلنعمة كالوجو ابلذات ك‪٦‬بيء هللا ‪٦‬بيء أمره‪،‬كىكذا‪ ،‬كما‬
‫ذكر ذلك الورجبلين ُب كتابو الدليل ألىل العقوؿ‪.120‬‬

‫‪ 115‬انظر‪ :‬كشف الغمة ص ‪ 268‬ككتاب األدايف ص ‪27-26‬‬


‫‪ 116‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب ‪183/1‬‬
‫‪ 117‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ ص‪287‬‬
‫‪ 118‬كفاء الضمانة ‪22/3‬‬
‫‪ 119‬انظر‪ :‬كشف الغمة ص ‪ 304‬كالدليل ألىل العقوؿ ص ‪28‬‬
‫‪ 120‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بجة ُب بياف احملجة ص ‪6‬كص‪ 18‬كالدليل ألىل العقوؿ ص ‪32‬‬
‫‪69‬‬
‫كىذا االعتقاد ُب حقيقتو ىو نفي للصفات‪ ،‬كلكنو نفي مغطى ٕبيلة إرجاعها إذل الذات‪ ،‬فأىل السنة‬
‫يصفوف هللا ٗبا كصف بو نفسو كما كصفو بو رسولو من غّب ‪ٙ‬بريف كال تعطيل كمن غّب تكييف كال ‪ٛ‬بثيل‬
‫كما ذكر ذلك ابن تيمية ر‪ٞ‬بو هللا من داللة النصوص على ذلك‪.‬‬

‫فأىل السنة يثبتوف الصفة كيقولوف إهنا معلومة‪ ،‬كينفوف معرفة الكيفية كيقولوف‪ :‬الكيف ‪٦‬بهوؿ كالسؤاؿ‬
‫عنو بدعة‪ ،‬كأنو هللا {ليس كمثلو شيء كىو السميع البصّب} سورة الشورل آية‪ 11‬كىذه اآلية أساس‬
‫كاضح ُب إثبات الصفات‪.121‬‬

‫استواء هللا على عرشو‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ينفي االابضية صفة االستواء كيعتقدكف أف هللا ُب كل مكاف‪ ،‬كىذا ا‪٢‬بلوؿ قوؿ غبلة ا‪١‬بهمية‪ ،‬كيفسركف‬
‫االستواء ابستواء قدرتو كلطفو فوؽ خلقو‪.‬‬

‫رؤية هللا تعاذل‪ :‬ينكر اإلابضية رؤية هللا تعاذل‪ ،‬الستحالتو ُب العقل‪ ،‬ككل ما استدلوا بو ُب‬ ‫‪-3‬‬
‫تعضيد ما ذىبوا إليو من النصوص إما اف نكوف غّب صحيحة الثبوت‪ ،‬أك صحيحة الثبوت‬
‫كلكن أكلوا معانيها إذل معاف ابطلة‪ ،‬كاستدال‪٥‬بم بقولو تعاذل {ال تدركو االبصار كىو يدرؾ‬
‫األبصار} سورة األنعاـ آية‪ 103‬كىذا ُب فيو نفي اإلحاطة كالشموؿ كليس فيو نفي‬
‫الرؤية‪.‬‬

‫كقولو تعاذل {لن تراين كلكن انظر إذل ا‪١‬ببل}‪ 122‬كا‪٤‬براد بو ُب الدنيا‪ ،‬كقد علق إمكاف رؤيتو تعاذل‬
‫ٗبمكن كىو استقرار ا‪١‬ببل‪.‬‬

‫قو‪٥‬بم ٖبلق القرآف‪ :‬كما نص على ذلك ابن ‪ٝ‬بيح الورجبلين ُب كتابو مقدمة التوحيد‬ ‫‪-4‬‬
‫كالدليل ألىل العقوؿ‪ ،123‬كىذا خبلؼ مذىب أىل السنة كا‪١‬بماعة من أف القراف كبلـ‬
‫هللا بلغو إذل جربيل‪،‬كمنو إذل النيب صلى هللا عليهوسلم‪ ،‬كالكبلـ صفة هلل تعاذل‪ ،‬كقد خرج‬
‫بعض اإلابضية عن القوؿ ٖبلق القرآف كردكا على من قاؿ ٖبلقو كصاحب كتاب األدايف‬
‫كأبو النظر العماين‪.124‬‬

‫‪ 121‬انظر‪٨ :‬بتصر الصواعق ا‪٤‬برسلة البن القيم ص ‪29-16‬‬


‫‪ 122‬سورة األعراؼ آية ‪143‬‬
‫‪ 123‬انظر‪ :‬مقدمة التوحيد البن ‪ٝ‬بيح ص ‪ 19‬كا‪١‬بليل ألىل العقوؿ للورجبلين ص ‪50‬‬
‫‪ 124‬انظر‪ :‬كتاب األدايف ص ‪ 104‬ككتاب الدعائم ص ‪35-31‬‬
‫‪70‬‬
‫كافق االابضية أىل السنة ُب مسألة القدر‪ ،‬فأثبتوا القدر خّبه كشره‪ ،‬كأف هللا خالق كل‬ ‫‪-5‬‬
‫شيء‪ ،‬كأف اإلنساف فاعل ألفعالو االختيارية مكتسب ‪٥‬با ‪٧‬باسب عليها‪ ،‬كما نص على‬
‫ذلك علماؤىم كالعيزايب ُب ا‪٢‬بجة ُب بياف احملجة كالسمارل ُب اإلابضية بْب الفرؽ كعلي‬
‫ٰبي معمر‪.125‬‬
‫اختلف االابضية ُب مسألة عذاب القرب‪ ،‬فمنهم من أنكره كسائر فرؽ ا‪٣‬بوارج‪ ،‬كمنهم من‬ ‫‪-6‬‬
‫أثبتو كأىل السنة‪ ،126‬كما دلت على ذلك النصوص ‪ ،‬كمن أنكره فليس لو دليل إال ‪٦‬برد‬
‫االستبعاد ‪ ،‬ك‪٦‬برد االستبعاد ليس بدليل‪.‬‬
‫يؤمن االابضية بوجود ا‪١‬بنة كالنار كا‪٢‬بوض كا‪٤‬ببلئكة كالكتب ا‪٤‬بنزلة‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫يثبت اإلابضية الشفاعة كلكنها لغّب العصاة‪ ،‬بل تكوف للمتقْب فقط‪ ،127‬خبلفا ‪٤‬بذىب‬ ‫‪-8‬‬
‫أىل السنة من أف الرسوؿ يشفع ُب عصاة ا‪٤‬بؤمنْب أف ال يدخلوا النار ‪ ،‬كيشفع فيمن‬
‫دخلها أف ٱبرج منها بعد إذف هللا كرضاه ‪ ،‬كأف هللا يقبل شفاعتو كشفاعة الصلحْب من‬
‫عباده‪.‬‬
‫يؤكؿ االابضية ا‪٤‬بيزاف أبف ا‪٤‬بقصود منو ‪ٛ‬بييز هللا بْب ا‪٢‬بسن كالسيء من األعماؿ‪ ،‬خبلفا ‪٤‬با‬
‫ٌ‬ ‫‪-9‬‬
‫دلت عليو النصوص من أف ا‪٤‬بيزاف لو كفتاف حسيتاف مشاىداتف توزف فيو أعماؿ العباد كما‬
‫يوزف العامل نفسو‪. 128‬‬
‫‪ -10‬أنكر اإلابضية الصراط ‪ ،129‬كذىب قلة منهم إذل إثباتو‪ ، 130‬كمعتقد أىل السنة ىو‬
‫اعتقاد أف الصراط جسر على مًب جهنم كأف العباد ٲبركف عليو حسب أعما‪٥‬بم‪.‬‬
‫‪ -11‬يثبت االابضية أف االٲباف قوؿ ابللساف كاعتقاد اب‪١‬بناف كعمل ابالركاف‪ ، 131‬ككافقوا ُب‬
‫ذلك أىل السنة ‪ ،‬كذىب بعضهم إذل أف االٲباف ال يزيد كال ينقص‪.132‬‬

‫‪ 125‬انظر‪ :‬مًب النونية للنفوسي ص ‪ 12‬كا‪٢‬بجة ُب بياف احملجة ص ‪ 23‬كغاية ا‪٤‬براد ص‪ 9‬كاإلابضية بْب الفرؽ ص‬
‫‪248‬‬
‫‪ 126‬انظر‪ :‬مًب النونية للنفوسي ص ‪27‬‬
‫‪ 127‬انظر‪ :‬كتاب األدايف ص ‪53‬‬
‫‪ 128‬انظر‪ :‬مًب نونية للنفوسي ص‪25‬‬
‫‪ 129‬انظر‪ :‬غاية ا‪٤‬براد ص‪9‬‬
‫‪ 130‬انظر‪ :‬قناطر ا‪٣‬بّبات ‪ 318/1‬نقبل عن اإلابضية عقيدة كمذىبا ص‪126‬‬
‫‪ 131‬انظر‪ :‬كتاب األدايف ص ‪ 53‬كغاية ا‪٤‬براد ص ‪7‬‬
‫‪ 132‬انظر‪ :‬اإلابضية عقيدة كمذىبا د‪ /‬صابر طعيمة ص‪117-116‬‬
‫‪71‬‬
‫يسموف ا‪٤‬بذنب‬
‫‪ -12‬يرل اإلابضية أف االٲباف يزيد كينقص خبلفا لسائر فرؽ ا‪٣‬بوارج‪،‬لكنهم ٌ‬
‫كافرا كفر نعمة كمنافقا‪ ،‬كيركف أنو ُب االخرة ‪٨‬بلد ُب النار إذا مات من غّب توبة‪ ،‬كىنا‬
‫كافقوا فرؽ ا‪٣‬بوارج ُب ا‪٢‬بكم على العصاة ُب اآلخرة‪.133‬‬
‫يرل اإلابضية كجوب تنصيب اإلماـ‪ ،134‬كيركف صحة إمامة ا‪٤‬بفضوؿ مع كجود الفاضل‪،‬‬ ‫‪-13‬‬
‫ككافقوا ُب ىذا مذىب أىل السنة‪ ،135‬خبلفا لرأم بعض فرؽ ا‪٣‬بوارج كاحملكمة كالنجدات‬
‫من أنو قد يستغُب عن نصب ا‪٣‬بليفة إذا تناصف الناس فيما بينهم ‪.‬‬
‫‪ -14‬يرل االابضية جواز التقية‪ ،136‬خبلفا ألكثر فرؽ ا‪٣‬بوارج‪،‬كهبذاتكتفي ٗبا تقدـ ذكره عن‬
‫فرقة االابضية‪.‬‬

‫ادلبحث السابع‪:‬‬

‫إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للخوارج‬

‫للخوارج مسائل اعتقادية كثَتة خالفوا فيها أىل السنة واجلماعة من أبرزىا ما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬ىل اخلوارج يقولون ابلتأويل أم بظاىر النص فقط؟‬

‫التأكيل ُب اللغة يطلق على عدة معاين‪ ،‬منها التفسّب‪،‬كا‪٤‬برجع‪،‬كا‪٤‬بصّب‪،‬كالعاقبة‪ ،‬كتلك ا‪٤‬بعاين موجودة ُب‬
‫القرآف الكرًن كقولو تعاذل‪{ :‬ىل ينظركف إال أتكيلو} سورة األعراؼ آية ‪53‬‬

‫ُب االصطبلح‪ :‬لو معنياف عند السلف‪:‬‬

‫أ – يطلق ٗبعُب التفسّب كالبياف‪.‬‬

‫ب – يطلق ٗبعُب ا‪٤‬بآؿ كا‪٤‬برجع كالعاقبة‪.‬‬

‫كال يلزـ من معرفة التأكيل ٗبعُب التفسّب معرفة التأكيل ٗبعُب ا‪٤‬بصّب كالعاقبة‪ ،‬فقد يعرؼ معُب النص كلكن‬
‫ال تعرؼ حقيقتو كأ‪٠‬باء هللا كصفاتو‪.‬‬

‫‪ 133‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ ‪ ،‬علي معمر ص ‪ 289‬كغاية ا‪٤‬براد للسا‪٤‬بي ص ‪18‬‬
‫‪ 134‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ ‪ ،‬علي معمر ص ‪ 289‬كغاية ا‪٤‬براد للسا‪٤‬بي ص ‪18‬‬
‫‪ 135‬انظر‪ :‬اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص ‪462‬‬
‫‪ 136‬انظر‪ :‬مسند الربيع بن حبيب ‪12/3‬‬
‫‪72‬‬
‫ج ‪-‬ىناؾ معُب اثلث للتأكيل ُب االصطبلح لدل ا‪٤‬بتأخرين‪ ،‬من علماء علم الكبلـ كأصوؿ الفقو‪ ،‬كىو‬
‫صرؼ اللفظ عن ا‪٤‬بعُب الراجح إذل ا‪٤‬بعُب ا‪٤‬برجوح‪.‬‬

‫كىذا النوع الثالث مرفوض عند السلف‪ ،‬كاعتربكه ‪ٙ‬بريفا ابطبل‪ ،137‬فلم يعرفو سلف األمة كدل يقولوا بو ‪،‬‬
‫ك‪٤‬با ٰبملو من معاف خطّبة على نصوص الشرع‪.‬‬

‫رأي اخلوارج يف التأويل‪ :‬اختلف علماء الفرؽ ُب ا‪٢‬بكم على ا‪٣‬بوارج‪ ،‬ىل أيخذكف بظواىر النصوص أـ‬
‫ابلتأكيل‪ ،‬أـ أهنم ليسوا على رأم كاحد‪ ،‬فذىب بعضهم إذل أف ا‪٣‬بوارج نصيوف جامدكف على ا‪٤‬بعُب‬
‫الظاىر من النص‪ ،‬كىذا رأم أ‪ٞ‬بد أمْب كأيب زىرة‪.138‬‬

‫يؤكلوف النصوص ٗبا يوافق أىوائهم‪ ،‬كىو رأم ابن ىباس كابنيتيمة كابن‬
‫كمنهم من ذىب إذل أف ا‪٣‬بوارج ٌ‬
‫القيم‪ ، 139‬كمنهم من ذىب إذل أهنم ليسوا على رأم كاحد فمنهم نصيوف كمنهم مؤكلة كىو رأم‬
‫األشعرم‪ ، 140‬كىو الراجح ‪.‬‬

‫‪ – 2‬موقف اخلوارج من صفات هللا‪:‬‬

‫رغم قلة ا‪٤‬بصادر الٍب تذكر رأم ا‪٣‬بوارج ُب موقفهم ا‪٢‬بقيقي من صفات هللا‪ ،‬إال أنو كردت بعض اآلاثر‬
‫عن بعض فرقهم كالٍب تدؿ على حدكث صفات هللا‪ ،‬كفرقة الشيبانية حيث يقولوف إف هللا دل يكن يعلم‬
‫حٌب خلق لنفسو علم‪ ،141‬كىذا فيو تناقض ظاىر إذ كيف علم أنو دكف علم كىو بغّب علم‪.‬‬

‫أما االابضية فقد تقدـ أهنم يقفوف موقف النفي كالتأكيل من الصفات ٕبجة االبتعاد عن اعتقاد ا‪٤‬بشبهة‪.‬‬

‫حكم مرتكيب الذنوب عند اخلوارج‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫اختلف حكم ا‪٣‬بوارج على أىل الذنوب بعد اتفاقهم بصفة عامة على القوؿ بتكفّبىم كفر ملة‪ ،‬كحاصل‬
‫ا‪٣‬ببلؼ فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 137‬انظر‪ :‬ضحى اإلسبلـ ‪334/3‬‬


‫‪ 138‬انظر‪ :‬اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية ‪66/1‬‬
‫‪ 139‬انظر‪ :‬النبوات ص ‪ 89‬كنونية ابن القيم ص ‪85‬‬
‫‪ 140‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب ‪183/1‬‬
‫‪ 141‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪133/1‬‬
‫‪73‬‬
‫أ – ا‪٢‬بكم بتكفّب العصارة كفر ملة‪ ،‬كعليو أكثر ا‪٣‬بوارج‪ ،‬كاختلفوا ُب سبب كفره‪ ،‬فعند ا‪٤‬بكرمية ‪١‬بهلو‬
‫ٕبق هللا‪ ،‬كأما النجدات فربطوا كفره ابإلصرار على الذنوب‪.‬‬

‫ب – أهنم كفار كفر نعمة كليس كفر ملة‪ ،‬كعليو االابضية‪ ،‬حيث ٰبكموف على صاحب ا‪٤‬بعصية ابلنار‬
‫إذا مات عليها كٰبكموف ُب الدنيا أبنو منافق‪ ،‬كأف النفاؽ ال يكوف إال ُب األفعاؿ ال ُب االعتقاد‪.142‬‬

‫أدلتهم‪:‬‬

‫‪- 1‬استدؿ ا‪٣‬بوارج ٗبجمل النصوص الٍب تنص على تقسيم الناس إذل مؤمن ككافر ‪ٍ ،‬ب قالوا ‪ :‬ليس كراء‬
‫ذلك ا‪٢‬بصر شيء ‪.‬‬

‫كقوؿ هللا تعاذل‪{:‬ىو الذم خلقكم فمنكم كافر كمنكم مؤمن}سورة التغابن آية‪2‬كقالوا‪ :‬الفساؽ ليسو‬
‫مؤمنْب فإذان ىم كفار‪.‬‬

‫كىذا االستدالؿ ال ٱبفى أنو استدالؿ ابطل‪ ،‬فهناؾ قسم اثلث كىم العصاة‪ ،‬كذكر الفريقْب ال يدؿ‬
‫على نفي ماعداٮبا‪.‬‬

‫‪- 2‬استدلوا بقولو تعاذل‪{ :‬كمن لكم ٰبكم ٗبا أنزؿ هللا فأكلئك ىم الكافركف} سورة ا‪٤‬بائدة آية‪ 44‬كقالوا‬
‫االية تشمل كل من عمل ذنب‪ ،‬ألنو حكم بغّب ما أنزؿ هللا‪.‬‬

‫كىذا االستدالؿ ابطل‪ ،‬ألف اآلية قد تكوف كاردة على من استحل ذلك‪.‬‬

‫‪ – 3‬استدلوا ابلسنة بقواللنيب صلى هللا عليهوسلم‪":‬ال يزم الزين حْب يزين كىو مؤمن كال يشراب‪٣‬بمر‬
‫حْب يشرهبا كىو مؤمن كاليسرؽ حْب يسرؽ كىو مؤمن "‪ 143‬حيث فهموا من ا‪٢‬بديث نفي اإلٲباف عنو‬
‫ابلكلية ‪.‬‬

‫كىذا االستدالؿ ابطل‪ ،‬حيث ينصرؼ ذلك إذل مناستحل ذلك الفعل ‪ ،‬أك أف ا‪٤‬براد بو نفي كماؿ‬
‫اإلٲباف عنهم ‪ ،‬أك نفي اإلٲباف عنهم مقيد ٕباؿ مواقعتهم ذنوب ‪ ،‬كلو كانت الكبائر ‪ٚ‬برج الشخص‬

‫‪ 142‬نقبل عن االاب ية بْب الفرؽ اإلسبلمية عن كتاب ا‪٤‬بقاالت ُب القجيم كا‪٢‬بديثص ‪ 315‬كانظر‪ :‬دراسات إسبلمية‬
‫ُب أصوؿ اإلابضية ‪،‬األصل التاسع ص‪60‬‬
‫‪ 143‬أخرجو البخارم ‪ 13/8‬كمسلم ‪54/1‬‬
‫‪74‬‬
‫ابلكلية من اإلٲباف ‪٤‬با أقيم ا‪٢‬بد عليهم‪ ،‬كقد قاؿ الزىرم ُب مثل ىذه االحاديث‪":‬أمركىا كما أمرىا من‬
‫قبلكم"‪.144‬‬

‫اإلمامة العظمى‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫اإلمامة العظمى ىي مشكلة ا‪٣‬بوارج العظمى طواؿ العصراألموم كالعباسي‪ ،‬فجردكا السيوؼ عمليا‬
‫انقمْب على سياسات ا‪٣‬بلفاء ُب الناس‪ ،‬كانشغلوا فكراي ُب ‪ٙ‬بديد مهاـ اإلماـ ا‪٤‬بنوطة بو كصفاتو‬
‫كخصائصو‪ ،‬كيتبْب ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫حكم اإلمامة عند اخلوارج‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ينقسم ا‪٣‬بوارج إذل فريقْب‪:‬‬

‫الفريق األكؿ‪ :‬كىم عامة ا‪٣‬بوارج يوجبوف نصب اإلماـ كاالنضواء ‪ٙ‬بت لوائو ماداـ على منهجهم‪.‬‬

‫الفريق الثاين‪ :‬يركف أنو قد يستغُب عن اإلماـ إذا تناصف الناس فيما بينهم‪ ،‬كىذا رأم احملكمة كالنجدات‬
‫كاإلابضية‪ ،145‬كاستدلوا على ذلك بعدة مربرات منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬استندكا إذل ا‪٤‬ببدأ القائل "الحكم إال هلل حرفيا"‪ ،‬كأف ا‪٢‬بكم ليس من اختصاص البشر بل ىو‬
‫هلل‪.‬‬
‫‪ -‬أف الغرض ىو تطبيق الشريعة فإذا أقامها الناس كتناصفوا فبل حاجة لئلماـ‪.‬‬
‫‪ -‬أف الكتاب كالسنة دل تشر إذل حتمية تنصيب إماـ‪.146‬‬

‫كا‪٢‬بقيقة أف أكؿ من خالف تلك ا‪٤‬بربرات ىم أنفسهم‪ ،‬فاحملكمة كلوا عليهم عبدهللا بن كىب الراسيب‬
‫كالنجدات كلوا عليهم ‪٪‬بدة بن عامر ‪ ،‬ككل تلك ا‪٤‬بربرات كاىية‪ ،‬فمن الساذجة القوؿ بتناصف الناس‪،‬‬
‫فوجود اإلماـ ضركرة عقبل كشرعا‪.‬‬

‫كأما ما قيل عن االابضية من أهنم يقولوف بذلك‪147‬فهو من نسج خصومهم لبث االشاعة الباطلة‬
‫عنهم‪ 148‬كهللا أعلم‪.‬‬

‫‪ 144‬شرح النوكم لصحيح مسلم‪41/2‬‬


‫‪ 145‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب ‪ 205/1‬كمركج الذىب ‪236/3‬‬
‫‪ 146‬انظر‪ :‬آراء ا‪٣‬بوارج للطاليب ص ‪ 125‬كعماف اتريخ يتكلم ص ‪123‬‬
‫‪ 147‬كما يذكر ذلك لورٲبر ُب كتابو دليل ا‪٣‬بليج ‪3303/6‬‬
‫‪75‬‬
‫شروط اإلمام‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫كضع ا‪٣‬بوارج شركطا قاسية ‪٤‬بن يتوذل اإلمامة منها ما يلي‪:‬‬

‫أ – أف يكوف شديد التمسك ابلعقيدة االسبلمية‪.‬‬

‫ب – قواي ُب نفسو شجاعا ذا عزـ‪.‬‬

‫ج – أال يكوف قد حد ُب كبّبة‪.‬‬

‫د – أف يتم انتخابو برضى ا‪١‬بميع‪.‬‬

‫كىم ال يركف اعتبار النسب أك ا‪١‬بنس فيما يركجوف ‪٤‬بذىبهم ‪ ،‬لكنهمفي ابطنهم أىلكتهم العصبية ‪ٍ ،‬ب‬
‫إف الشرع ال يوجب على اإلماـ هناره صياـ كليلو قياـ ‪ ،‬أك يكوف انتخابو برضى كل أفراد ا‪٤‬بسلمْب بل‬
‫ينصب إذا اجتمع عليو أىل ا‪٢‬بل كالعقد‪. 149‬‬

‫زلاسبة اإلمام واخلروج عليو ‪:‬‬ ‫ح‪-‬‬

‫يعيش اإلماـ عند ا‪٣‬بوارج بْب فكي األسد عكس الشيعة ‪ ،‬فّبكف أنو ا‪٤‬بثل األعلى كٯبب أف يتصف‬
‫بذلك قوال كفعبل ‪.‬‬

‫كٗبجرد أقل خطأ يوجب عيهم ‪٧‬باسبتو فإما أف يعتدؿ أك يعزؿ‪.‬‬

‫كترل فرقة البيهسية كالعوفية من ا‪٣‬بوارج أف كفر اإلماـ يوجب كفر رعيتو‪ ،‬إذا دل ٱبرجوا عليو كينكرركا‬
‫عليو‪.‬‬

‫كال شك أف ىذا خبلؼ مقاصد الشريعة من طاعة اإلماـ لتستقيم شؤكف ا‪٢‬بياة كأيمن الناس‪ ،‬كأنو ال‬
‫ٯبوز ا‪٣‬بركج عليو إال أف يرك كفرا بواحا‪.‬‬

‫إمامة ادلفضول‪:‬‬ ‫خ‪-‬‬

‫اختلف ا‪٣‬بوارج ُب صحة إمامة ا‪٤‬بفضوؿ مع كجود الفاضل‪ ،‬كذلك إذل فريقْب‪:‬‬

‫‪ 148‬انظر‪ :‬االابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص ‪290‬‬


‫‪ 149‬انظر‪ :‬مدارج الكماؿ للسا‪٤‬بي ص ‪ 171‬كاتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية ‪ 71/1‬كالتفكّب الفلسفي د‪ /‬عبد ا‪٢‬بليم‬
‫‪٧‬بمود ‪ 191/1‬كآراء ا‪٣‬بوارج ص ‪ 121‬كعماف اتريخ يتكلم ص ‪126‬‬
‫‪76‬‬
‫الفريق األكؿ‪ :‬يركف عدـ ا‪١‬بواز‪ ،‬كال تصح إمامة ا‪٤‬بفضوؿ‬

‫الفريق الثاين‪ :‬يركف صحة ذلك كىذا ىو الصحيح‪. 150‬‬

‫إمامة ادلرأة‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫ترل فرقة الشبيبية من ا‪٣‬بوارج جواز إمامة ا‪٤‬برأة مستدلْب بغزالة أـ شبيب أك زكجتو حينما تولت‬
‫بعدىاالمامة‪ ،‬كدخلت مسجد الكوفة ُب مائٍب امرأة ُب زمن ا‪٢‬بجاج‪ ،‬كىذاالرأم ‪٨‬بالف لسائر فرؽ‬
‫ا‪٣‬بوارج كأىل السنة‪.151‬‬

‫موقف اخلوارج من عامة ادلسلمُت‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫القسم األكؿ‪:‬الغبلة‪ ،‬كىم عامة ا‪٣‬بوارج حيث أ‪ٝ‬بعوا على أف السيف يعمل ُب ‪٨‬بالفيهم كاستحبللدمائهم‬
‫كأموا‪٥‬بم‪ ،‬كىذا رأم احملكمة كاألزارقة كالنجدات كغّبىم كما ذكر ذلك األشعرم‪.152‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬ا‪٤‬بائلوف إذل االعتداؿ‪ :‬كأكثر من برز منهم ىو أبو ببلؿ مرداس بن أدية حيث كاف يقوؿ‪:‬‬
‫" إان ال ‪٬‬بيف آمنا كال ‪٪‬برد سيفا "‬

‫كمنهم كذلك االخنسية من ا‪٣‬بوارج حيث ٰبرموف الغدر اب‪٤‬بخالفْب أك قتلهم قبل الدعوة كجوزكا تزيج‬
‫األخنسيات من ا‪٤‬بخالفْب‪ ،‬كتبعهم على ذلك البيهسية‪.‬‬

‫حكم اخلوارج على أطفال ادلخالفُت‪:‬‬ ‫‪-6‬‬

‫اختلف ا‪٣‬بوارج ُب حكمهم على أطفاؿ ‪٨‬بالفيهم كدل ٲبيزكا بْب صغّب دل يكلف ككبّب مكلف كذلك فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫الفريق األكؿ‪ :‬استباح قتؤلطفاؿ ‪٨‬بالفيهم معتربا أهنم مثل آابئهم كىم األزارقة كالعجاردة كا‪٢‬بمزية كا‪٣‬بلفية‪.‬‬

‫الفريق الثاين‪ :‬يرل أهنم من أىل ا‪١‬بنة كدل ٯبوز قتلهم كىم النجدات كالصفرية كا‪٤‬بيمونية‬

‫الفريق الثالث‪ :‬يرل أهنم خدما ألىل ا‪١‬بنة‬

‫الفريق الرابع‪ :‬توقف فيهم إذل أف يبلغواسن التكليف كيتبْب حا‪٥‬بم‪.‬‬

‫‪ 150‬انظر‪ :‬الفصل البن حزـ ‪ 163/4‬كاالابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص ‪ 462‬كآراء ا‪٣‬بوارج لعمار الطاليب ص ‪128‬‬
‫‪ 151‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪110‬‬
‫‪ 152‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب‪204/1‬‬
‫‪77‬‬
‫الفريق ا‪٣‬بامس‪ :‬تولوا أطفاؿ ا‪٤‬بسلمْب كتوقفوا ُب أطفاؿ ا‪٤‬بشركْب كىم اإلابضية‪.‬‬

‫أما عند أىل السنة فهو أيضا موضع اختبلؼ حيث يرل بعض العلماء أف أطفاؿ ا‪٤‬بؤمنْب إذا ماتوا على‬
‫اإلٲباف فإف هللا يدخلهم ا‪١‬بنة تبعا آلابئهم كما قاؿ تعاذل {كالذينآمنوا كتتبععتهم ذريتهم ا‪٢‬بقنا هبم‬
‫ذريتهم} سورة الطور آية‪ 21‬كقد ذكر ابن القيم أهنم ُب ا‪١‬بنة دكف خبلؼ‪ ،‬كيرل بعض أىل العلم أهنم‬
‫‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة‪.‬‬

‫أما أطفاؿ ا‪٤‬بشركْب عند أىل السنة فقد اختلف فيهم أىل العلم اختبلفا كثّبا‪ ،‬فمنهم من يرل التوقف ُب‬
‫أمرىم فبل ٰبكم ‪٥‬بم‪.‬‬

‫كمنهم من يرل أهنمفي ا‪١‬بنة‪ ،‬كمنهم من يرل أهنم ُب النار‪ ،‬كمنهم من يرل أهنم ُب منزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب أم‬
‫بْب ا‪١‬بنة كالنار‪ ،‬كمنهم من برل أف حكمهم كحكم آابئهم ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كمنهم من يرل أهنم‬
‫ٲبتحنوف ُب عرصات يوـ القيامة بطاعة رسوؿ يرسلو هللا إليهم‪.‬‬

‫كقد استعرض ابن القيم أدلة القائلْب بكل قوؿ‪ٍ ،‬ب رجح القوؿ االخّب حيثقاؿ‪ " :‬كهبذا يتألف مشل‬
‫االدلة كلها كتتوافق األحاديث"‪.‬‬

‫كاما ابن حزـ كالنوكم فّباي أف أطفاؿ ا‪٤‬بشركْب ُب ا‪١‬بنة‪ ،‬كتوقف شيخ االسبلـ ُب ا‪٢‬بكم عليهم‪ ،‬كقد‬
‫جاءت األحاديث اب‪٤‬بنع من قتل نساء كذرية ا‪٤‬بشركْب خبلفا لرأم ا‪٣‬بوارج‪.153‬‬

‫احلكم على اخلوارج‪:‬‬

‫اختلفت كجهات النظر ُب ا‪٢‬بكمعلى ا‪٣‬بوارج حسب ما يظهر‪ ،‬كذلك على قولْب‪:‬‬

‫القوؿ األكؿ‪ :‬ا‪٢‬بكم بتكفّبىم‪ ،‬كىؤالء استندكا إذل حديث ا‪٤‬بركؽ ا‪٤‬بشهور حينما قاؿ النيب صلى هللا‬
‫عليو كصلم " ٲبرقوف من الدين كما ٲبرؽ السهم من الرمية"‬

‫كإذا كاف بعض العلماء يتحرج من تكفّبىم عموما‪ ،‬فإنو ال يتحرج من تكفّب بعض فرقهم كالبدعية‬
‫الذين قصركا الصبلة على ركعة ُب الصباح كركعة ُب ا‪٤‬بساء كا‪٤‬بيمونية الذين أجازكا نكاح احملارـ كأنكركا‬
‫أف تكوف سورة يوسف من القرآف‪.154‬‬

‫‪ 153‬انظر‪ :‬التفسّب القيم ص‪ 451‬كفتح القدير ‪ 98/5‬كجامع البياف ‪ 25/27‬كطريق ا‪٥‬بجرتْب ص‪ 387‬كالفصل البن‬
‫حزـ‪74/4‬‬
‫‪78‬‬
‫القوؿ الثاين‪ :‬ا‪٢‬بكم عليهم ابلفسق كاالبتداع كالبغي‪ ،‬كىؤاء ‪ٙ‬برجوا من إخراجهم من ا‪٤‬بلة‪،‬كاكتفوا‬
‫بتفسيقهم كا‪٢‬بكم ببغيهم‪.‬‬

‫ٍب إف كثّبا من السلف دل يعاملهم معاملة الكفار كما جرل ‪٥‬بم مع علي بن أيب طالب كعمر بن عبد‬
‫العزيز فلم تسىب ذراريهم كتغنم أموا‪٥‬بم‪.‬‬

‫كالصواب أف يقاؿ ُب حق كل فرقة ما تستحقو منا‪٢‬بكم‪،‬كذلك حسب قرهبا أك بعدىا عن الدين‪،‬‬


‫كإطبلؽ ما أطلقتو النصوص ُب ا‪٢‬بكم العاـ‪ ،‬كيتوقف عن إطبلؽ التكفّب ا‪٤‬بخرج من ا‪٤‬بلة على ا‪٤‬بعْب إال‬
‫بعد إقامة ا‪٢‬بجة عليو‪ ،‬أك إذا ظهر كفره من قولو أك فعلو أك اعتقاده‪.‬‬

‫ادلراجع‬
‫أكالن‪ :‬مراجع فرقة ا‪٣‬بوارج كمنها‪:‬‬

‫مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا‪٤‬بصلْب‪ :‬أليب ا‪٢‬بسن األشعرم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ا‪٤‬بلل كالنحل‪ :‬للشهرستاين‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفرؽ بْب الفرؽ‪ :‬للبغدادم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الفصل ُب ا‪٤‬بلل كاألىواء كالنحل‪ :‬البن حزـ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫التنبيو كالرد على أىل األىواء كالبدع‪ :‬للملطي‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫التبصّب ُب أمور الدين‪ :‬لئلسفراييِب‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ا‪٣‬بوارج اترٱبهم كآراؤىم االعتقادية كموقف اإلسبلـ منها‪ ،‬رسالة ماجستّب لكاتب ىذا‬ ‫‪-7‬‬
‫البحث‪.‬‬
‫آراء ا‪٣‬بوارج‪ :‬للدكتور عمار الطاليب‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫فرؽ ا‪٤‬بسلمْب كا‪٤‬بشركْب‪ :‬للرازم ‪.‬ا‪٤‬بواقف‪ :‬لئلٯبي‪.‬‬ ‫‪-9‬‬

‫اثنيان‪ :‬مراجع فرقة اإلابضية ٖبصوصهم‪:‬‬

‫اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية‪ :‬لعلي ٰبٓب معمر‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اإلابضية ُب موكب التاريخ‪ :‬لعلي ٰبٓب معمر‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العقود الفضية‪ :‬للحارثي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ 154‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل‪ 129/1‬كقصة يوسف فيها الدركس من تقدًن ‪٨‬بافة هللا على خوؼ غّبه ككبح ‪ٝ‬باح النفس‬
‫ك‪٨‬بالفة ا‪٥‬بول كدل يكن فيها فحش أك مواعيد فاجرة‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫الدليل ألىل العقوؿ‪ :‬للورجبلين‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مًب النونية‪ :‬للنفوسي‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫كتاب األدايف‪٤ :‬بؤلف إابضي ‪٦‬بهوؿ االسم‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫أجوبة ابن خلفوف‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫تلقْب الصبياف ما ٯبب على اإلنساف‪ :‬للسا‪٤‬بي‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫كتاب الدعائم‪ :‬أل‪ٞ‬بد بن النضر‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬مسند الربيع بن حبيب أك ا‪١‬بامع الصحيح‬
‫‪ -11‬مدارج الكماؿ نظم ‪٨‬بتصر ا‪٣‬بصاؿ‪ :‬للسا‪٤‬بي‪.‬‬
‫‪ -12‬اإلابضية عقيدة كمذىبان‪ :‬د‪ .‬صابر طعيمة‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫‪155‬‬
‫الشيعة‬

‫متهيد‪:‬‬

‫تَبكز الدراسة عن الشيعة ُب بياف ضبل‪٥‬بم كإيضاح موقفهم من النصوص كالشعائر اإلسبلمية كموقفهم‬
‫منأىل البيت كبياف اعتقادىم ُب القراف الكرًن كالصحابة مهنع هللا يضر‪،‬كغّب ذلك من تعاليمهم‪.‬‬

‫كالشيعة كطائفة ذات أفكار غلب عليهم ىذا االسم كىم من أكذب الفرؽ علىأئمتهم كمن أخطرىا على‬
‫ا‪٤‬بسلمْب كذلك بسبب‪:‬‬

‫استعماؿ التقية ا‪٤‬برادفة للكذب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫تظاىرىم بنصرة آؿ البيت‪ ،‬فا‪٬‬بدع هبم بعض ا‪١‬بهلة من الناس ٕبقيقة عقائدىم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بغضهم ألىل السنة بسبب تعاليم خاطئة توارثوىا ضد أىل السنة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أف التشيع ىو الباابلواسع لكل طامع ُب ‪ٙ‬بقيق أغراضو من أىل األىواء كاختلفت‬ ‫‪-4‬‬
‫مقاصدىم ُب التظاىر ابلتشيع على النحو التارل‪:‬‬
‫تشيع أقواـ إٲباان أبحقية أكالد علي اب‪٣‬ببلفة حسب ما ‪٠‬بعوا من النصوصا‪٤‬بلفقة‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫أك تشيعوا كرىا للحكم األموم ٍب العباسي‪ ،‬أك تشيعوا لبلنتقاـ من اإلسبلـ‬
‫كالباطنية‪.‬‬
‫ألف الشيعة ال يتحركف النصوص الصحيحة كال يهتموف ابيصاؿ السند إذل النيب‬ ‫ب‪-‬‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص كإ٭با يرككف عن األئمة‪.‬‬
‫ألهنم أىل عاطفة يظهركهنا للناس ‪٫‬بو أىل البيت‪ ،‬فيكتفى بتوثيق الشخص‬ ‫ت‪-‬‬
‫عندىم أف يكوف ظاىره الغلو ُب آؿ البيت‪.‬‬

‫ادلبحث األول‪:‬‬

‫التعريف ابلشيعة لغة واصطالحا‬

‫‪ 155‬قد يعَبض البعض على تسمية ىؤالءالركافض ابلشيعة ٕبجة عدـ صدقهم ُب تشيهم آلؿ البيت‪ ،‬ألهنم أعداء آؿ‬
‫البيت كليسوا شيعتهم‪ ،‬كىذا ا‪٤‬بعَبض ‪٧‬بق ُب ذلك‪ ،‬كلكن أثبت تسميتهم شيعة كاسم علم يعم ‪ٝ‬بيع اللفرؽ الٍب‬
‫تظاىرت ابلتشيع‪ ،‬كلئبل يعَبض أحد إبخراج بعض الطوائف الٍب تظاىرت بنصرة آؿ البيت حينما تطلق على ا‪١‬بميع‬
‫تسميتهم ابلركافض كالذين يركف رأم الزيدية مثبل‪ ،‬كألف تسميتعهم ابلركافض عرفت حينما أطلقها عليهم زيد‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الشيعة يف اللغة‪:‬‬

‫يراد بكلمة شيعة ُب اللغة العربية األنصار كاألعواف كاألتباع خاصة‪.156‬‬

‫كاستعملت مادة "شيعة" كمشتقاهتا ُب القرآف الكرًن مرادا هبا معانيها اللغوية ا‪٤‬بوضوعة ‪٥‬با ُب عدة معاين‪،‬‬
‫كذلك كما يلي‪:‬‬

‫كردت كأريد هبا الفرقة كا‪١‬بماعة كما قاؿ تعاذل‪ٍ{:‬ب لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على‬ ‫‪-1‬‬
‫‪157‬‬
‫الر‪ٞ‬بن عتيا}سورة مرًن آية‪ 69‬أم من كل فرقة ك‪ٝ‬باعة كأمة‬
‫الفرؽ كاألحزاب كما قاؿ تعاذل‪{:‬إف الذين فرقوا دينهم ككانوا شيعا لست منهم} سورة‬ ‫‪-2‬‬
‫األنعاـ آية ‪159‬‬
‫األمثاؿ كالنظائر كما قاؿ تعاذل‪{:‬كلقد أىلكنا أشياعكم} سورة القمر آية ‪51‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ا‪٤‬بتابع كا‪٤‬بوارل كا‪٤‬بناصر‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪{:‬ىذا من شيعتو كىذا من عدكه} سورة القصص‬ ‫‪-4‬‬
‫آية‪.15815‬‬

‫اثنيا‪ :‬تعريف الشيعة يف االصطالح‪:‬‬

‫تعددت تعريفات العلماء ُب التعريف ٕبقيقة الشيعة‪،‬نوجزىا فيما يلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬أنو علم على كل من يتوذل عليا كاىل بيتو‪ ،159‬كىذا غّب سديد ألف أىل السنة يتولوف عليا‪.‬‬

‫‪ – 2‬ىم الذين نصركا عليا كاعتقدكا إمامتو نصا‪ ،‬كأف خبلفة من سبقو ظلما لو ‪ ،‬كينقض ىذا ما‬
‫اعتقدتو بعض فرؽ الشيعة من صحة إمامة من سبقو كالزيدية كما يذكر ابن حزـ‪.160‬‬

‫‪ – 3‬ىم الذين فضلوا عليا على عثماف ‪ ،‬كينقض ىذا ما يعتقده بعض الشيعة من الرباءة من عثماف ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ىو اسم لكل من فضل عليا على ا‪٣‬بلفاء الراشدين قبلو كرأل أف أىل البيت أحق اب‪٣‬ببلفة كأف‬
‫خبلفة غّبىم ابطلة‪ .‬كىذا ىو الراجح‪.161‬‬

‫‪ 156‬انظر‪ :‬هتذيب اللغة ‪61/3‬‬


‫‪ 157‬انظر‪ :‬تفسّب ابن كثّب ‪131/3‬‬
‫‪ 158‬انظر‪ :‬هتذيب اللغة ‪63/3‬‬
‫‪ 159‬انظر‪ :‬القاموس احمليط ‪ 49/3‬ك‪٫‬بوه عند الالزىرم ُب هتذيب اللغة ‪61/3‬‬
‫‪ 160‬انظر‪ :‬الفصل ‪92/4‬‬
‫‪82‬‬
‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫ظهور التشيع ومراحلو وأمساء الشيعة‬

‫أوال‪:‬مىت ظهر التشيع‪:‬‬

‫اختلفت أقواؿ علماء الشيعة كغّبىم ُب ‪ٙ‬بديد بدء ظهور التشيع‪ ،‬كحاصل األقواؿ ُب ذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنو ظهر مبكرا ُب زمن النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كعلى يديو‪ ،‬حيث كاف يدعوا إذل التوحيد كمشايعة علي‪،‬‬
‫كقد قاؿ هبذا دمحم حسْب الزين من الشيعة كالنوٖبِب ُب فرقو كا‪٣‬بميِب كحسن الشّبازم‪. 162‬‬

‫‪ –2‬أف التشيع ظهر ُب معركة ا‪١‬بمل‪ ،‬حْب تواجو علي كطلحة كالزبّب‪ ،‬كقاؿ هبذا ابن الندًن ‪.163‬‬

‫‪ - 3‬أنو كاف بعد مقتل ا‪٢‬بسْب‪ ،‬كقاؿ بو من الشيعة مصطفى الشييب‪.164‬‬


‫‪ - 4‬أنو ظهر ُب أكاخر أايـ عثماف كُب عهد علي‪.165‬‬
‫‪ - 5‬أنو ظهر يوـ معركةصفْب‪ ،‬كقاؿ هبذا من الشيعة ا‪٣‬بونسارم كأبو حاًب‪ ،‬كمن السنة ابن حزـ‬
‫كغّبىم‪ .166‬كىذا ىو الراجح كهللا أعلم‪ ،‬حيث ظهر ُب مقابل ا‪٣‬بوارج ُب النهركاف من تشيع‬
‫لعلي كاتبعو كانصره‪ ،‬كمن ىنا بدأت فكرة التشيع شيئا فشيئا‪.‬‬

‫اثنيا‪:‬ادلراحل اليت مر هبا مفهوم التشيع‪:‬‬

‫كاف مدلوؿ التشيع ٌإابف الفًب الٍب حدثت بْب علي معاكية تعِب مناصرة كمتابعة علي بن أيب طالب‬
‫هنع هللا يضر‪.‬‬

‫كعلى ىذا الرأم كثّب من الصحابة‪ ،‬حيث رأكا أف عليا أحق اب‪٣‬ببلفة من معاكية بعد اجتماع كلمة الناس‬
‫عليو‪ ،‬كىذا ال يعِب أف يفهم أهنم شيعة اب‪٤‬بعُب ا‪٤‬بعركؼ‪ ،‬إذ تطور ا‪٤‬بفهوـ إذل مفهوـ مغاير ‪٥‬بذا بعد ذلك‬
‫‪ٛ‬باما‪.‬‬

‫‪ 161‬انظر‪ :‬األدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة ص ‪145‬‬


‫‪ 162‬انظر‪:‬الشيعة كالتشيع ص ‪ 19‬كفرؽ الشيعة للنوٖبٍب ص ‪ 39‬كا‪٢‬بكومة اإلسبلمية ص ‪ 136‬كالشعائر ا‪٢‬بسينية‬
‫ص‪.11‬‬
‫‪ 163‬انظر‪ :‬الفهرسيت البن الندًن ص ‪249‬‬
‫‪ 164‬انظر‪ :‬الصلة بْب التصوؼ كالتشيع ص ‪23‬‬
‫‪ 165‬انظر‪ :‬رسالة ُب الرد على الرافضة ص ‪ 42‬كقضية الشيعة ص‪3‬‬
‫‪ 166‬انظر‪ :‬الشيعة كالتشيع ص‪25‬‬
‫‪83‬‬
‫ٍب تطور ا‪٤‬بفهوـ بعد ذلك إذل تفضيل علي على سائر الصحابة‪ ،‬كحينما علم علي بذلك توعد من قاؿ‬
‫بذلك أف يقيم عليو حد الفرية عليو‪.167‬‬

‫كمع ذلك‪ ،‬فقد كاف ا‪٤‬بتشيعوف معتدلوف ُب ىذه الفَبة‪ ،‬إذ دل يركا تكفّب ‪٨‬بالفيهم‪ ،‬كدل يسبٌواالصحابة‪،‬‬
‫كقد اشتهر هبذا ‪ٝ‬باعة من أصحاب علي كأيب االسود الدؤرل‪ ،‬كأبو سعيد ٰبي بن يعمر‪ ،‬كغّبىم‪.168‬‬

‫ٍب تطور بعد ذلك تطورا عنيفا حيث بدأ التشيع ينحى منحى الطعن ُب الصحابة كتكفّبىم كدل يستثنوا‬
‫أحدا سول عدد قليل منهم‪،‬كسلماف الفارسي كأيب ذر كا‪٤‬بقداد كعمار بن ايسر كحذيفة‪ ،‬ككاف ذلك‬
‫بتأثّب ابن سبأ اليهودم كأفكاره‪.‬‬

‫ٍب تطور مفهوـ التشيع إذل مرحلتو ا‪٣‬بطّبة ‪ ،‬كىو القوؿ أبلوىية علي أك أئمة آؿ البيت‪ ،‬كأكؿ من تزعم‬
‫ىذا القوؿ صراحة ىو ابن سبأ ابليهودم‪ ،‬كقد أحرؽ علي هنع هللا يضر كل من ثبت أنو قاؿ هبذا الكفر‪.169‬‬

‫اثلثا‪ :‬أمساء الشيعة ‪ :‬يطلق عليهم اسم الشيعة كالرافضة كالزيدية‪ 170‬كذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬الشيعة ‪ :‬كىو أشهر أ‪٠‬بائهم ‪ ،‬كيشمل ‪ٝ‬بيع فرقهم ‪.‬‬


‫‪ .2‬الرافضة ‪ :‬كقد أطلقو عليهم بعض العلماء‪ ،‬كتصح ىذه التسمية على فرقة الرافضة فقط ‪ ،‬كىذا‬
‫االطبلؽ على عموـ فرؽ الشيعة غّب سديد ‪ ،‬إذ ال ينطبق ىذا االسم على الزيدية الٍب نشأت‬
‫ُب هناية القرف األكؿ حينما قاؿ زيد للرافضة ”رفضتموين" بعد أف رفضوه حينما طلبوا منو أف‬
‫يتربأ من أيب بكر كعمر ‪ ،‬فأيب عليهم كهنرىم‪.‬‬
‫‪ .3‬الزيدية ‪ :‬كيطلقها بعض الناس على ‪ٝ‬بيع الشيعة ‪ ،‬كىذا أيضا غّب سديد إذ أف الزيدية ال تقوؿ‬
‫بكل مقاالت الشيعة فبينهما اختبلفات كثّبة ‪.‬‬

‫ادلبحث الثالث ‪:‬‬

‫‪ 167‬انظر‪٨ :‬بتصر التحفة االثِب عشرية ص‪6-5‬‬


‫‪ 168‬انظر‪٨ :‬بتصر التحفة االثِب عشريةص‪ 5‬كىم ثقاة كما ُب تقريب التهذيب إال سادل بن أيب حفضة فقد قاؿ عنو ‪:‬‬
‫صدكؽ ُب ا‪٢‬بديث إال أنو شيعي غاؿ‪ ،‬انظر‪ 279/1 :‬كقاؿ عن عبد الرزاؽ بن ٮباـ ثقة حافظ ‪ ...‬ككاف يتشيع‬
‫‪505/1‬‬
‫‪ 169‬على القوؿ أبنو احرقهم ‪ ،‬كلكنو دل ٰبرقهم مباشرة كإ٭با حفر ثبلث حفر كبار ٍب أضرـ النار ُب حفرتْب كجعلهم ُب‬
‫الثالثة‪ ،‬كجعل الدخاف يتسرب إليها من ا‪٢‬بفرتْب فاختنقوا ابلدخاف كماتوا بو‪ ،‬كحينما رأكا أبنو يريد أف ٰبرقهم ازدادكا‬
‫عنادا كاستكبارا متخذين من عزمو على ذلك دليبل على ألوىيتو‪.‬‬
‫‪ 170‬انظر‪ :‬األدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة ص ‪146‬‬
‫‪84‬‬
‫فرق الشيعة‬

‫‪ٛ‬بهيد‪ :‬انقسمت الشيعة إذل فرؽ عديدة أكصلها بعضهم إذل ما يقارب سبعْب فرقة‪.171‬‬

‫كقد تفاكتت عقائدىم من حيث الغلو ا‪٤‬بخرج من ا‪٤‬بلة كما دكف ذلك‪ ،‬كُب دراستنا ىنا سوؼ‬
‫نقتصر على أربع فرؽ كاف ‪٥‬با دكر ابرز ُب العادل االسبلمي كىي‪:‬‬

‫‪ -‬السبئية‬
‫‪ -‬الكيسانية‬
‫‪ -‬الزيدية‬
‫‪ -‬الرافضة‪ ،‬كىي الواجهة البارزة ُب عصران ا‪٢‬باضر للتشيع‪.‬‬
‫السبب يف تفرق الشيعة‪ :‬كشأف سائر الفرؽ ا‪٤‬بنستبة إذل اإلسبلـ تفرؽ الشيعة إذل عدة‬ ‫أ‪-‬‬
‫فرؽ كمن أسباب ذلك مايلي‪:‬‬

‫‪ – 1‬اختبلفهم ُب نظرهتم للتشيع‪ :‬فمنهم الغارل الذم يقدس األئمة كيكفر ‪٨‬بالفيو‪،‬كمنهم من اتصف‬
‫بنوع من االعتداؿ‪.‬‬

‫‪ – 2‬اختبلفهم ُب تعيْب أئمتهم من ذرية علي كذلك بتنوع فرقهم حسب اختبلفهم ُب تعيْب أئمتهم من‬
‫آؿ البيت‪.‬‬

‫‪ – 3‬كوف التشيع مدخبل لكل طامع ُب مأرب ‪ ،‬فمنهم الطامع ُب السلطة كمنهم من يطمع ُب االنتقاـ‬
‫من اآلخرين كمنهم من أحب الظهور ‪ ،‬كلكنهم اجتمعوا على إحداث انشقاقات كبّبة بْب صفوؼ‬
‫الشيعة‪.‬‬

‫عدد فرق الشيعة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫اختلف العلماء ُب عدد فرؽ الشيعة‪ ،‬فاالشعرم يذكر أهنم ثبلث فرؽ رئيسية كماعداىا فركع‪، 172‬‬
‫كالبغدادم ٯبعل أصو‪٥‬بم أربع‪ ،173‬كالشهرستاين ٯبعلو أصو‪٥‬بم ‪ٟ‬بس‪ ، 174‬كبعضهم ٯبعلها أقل كبعضهم‬
‫أكثر ‪.‬‬

‫‪ 171‬انظر‪٨ :‬بتصر التحفة االثِب عشرية‪ ،‬القسم األكؿ من الكتاب‪.‬‬


‫‪ 172‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب‪65/1‬‬
‫‪ 173‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪21‬‬
‫‪85‬‬
‫كتع ٌدفرقتا الرافضة كالزيدية أكثر فرقهم نفوذا ككجودا ُب العادل االسبلمي إذل اليوـ‪.‬‬

‫السبب يف عدم اتفاق العلماء على عدد فرق الشيعة‪:‬‬ ‫د‪-‬‬

‫اختلف العلماء ُب ع ٌد فرؽ الشيعة كذلك لكثرة ظهور الفرؽ ا‪٤‬بتتابعة للشيعة‪ ،‬بسبب كثرة أىل‬
‫األىواء الداخلْب ُب التشيع‪،‬كالذين أدخلوا ُب التشيع عقائد ال تتفق مع ركح اإلسبلـ ‪ ،‬كىذا التفرؽ‬
‫السريع كالكثّب جعل العلماء ال يتفقوف ُب عدىم ‪ ،‬بل سجلوا ما أمكنهم رصده ٍب إف لتباعد‬
‫العلماء عن أماكن نشأة كثّب من فرقهم كاف لو دكر ابرز ُب عدـ رصد كل فرقة تظهر للشيعة ‪،‬‬
‫ابإلضافة اذل جهود الشيعة ُب اخفاء فرقهم ك‪٨‬بططاهتم العقدية عن ‪٨‬بالفيهم‪.‬‬

‫دراسة أىم فرق الشيعة‪:‬‬ ‫ذ‪-‬‬

‫‪– 1‬السبئية‪ :‬ىم أتباع عبد هللا بن سبأ اليهودم‪،‬قيل إنو من ا‪٢‬بّبة ابلعراؽ‪ ، 175‬كقيل إف أصلو‬
‫ركمي‪ ، 176‬كقيل إنو من أىل صنعاء من اليمن‪ ، 177‬كىو الراجح ‪.‬‬

‫كقد أظهر ىذا الرجل اإلسبلـ نفاقا ُب زمن عثماف كألب الناس على عثماف كساىم ُب قتلو‪ٍ ،‬ب أظهر‬
‫‪178‬‬
‫الغلو ُب علي كآؿ البيت‪ٍ ،‬ب زعم بعد مقتل علي أنو دل يقتل بل ا‪٤‬بقتوؿ ىو شيطاف ‪ٛ‬بثل بصورة علي‬
‫‪ٍ ،‬ب دعا إذل القوؿ ابلرجعة‪ 179‬أم برجعة علي إذل الدنيا ‪ٍ ،‬ب أظهر القوؿ أبلوىية علي‪.‬‬

‫موقف علي هنع هللا يضر من ابن سبأ‪:‬‬

‫اختلفت الركاايت ُب فعل علي بن أيب طالب هنع هللا يضر ٘باه ابن سبأ‪،‬فبعض الركاايت تذكر أف علي استتابو‬
‫ثبلثة أايـ فلم يرجع فأحرقو ُب ‪ٝ‬بلة سبعْب رجبل‪.180‬‬

‫كبعض الركايت تذكر أف ابن سبأدل يظهر القوؿ أبلوىية علي إال بعد كفاتو‪.181‬‬

‫‪ 174‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪147/1‬‬


‫‪ 175‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪235‬‬
‫‪ 176‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية‪173/7‬‬
‫‪ 177‬انظر‪ :‬اتريخ الطربم ‪340/4‬‬
‫‪ 178‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪234‬‬
‫‪ 179‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب ‪86/1‬‬
‫‪ 180‬انظر‪ :‬منهج ا‪٤‬بقاؿ لبلسَباابدم ص ‪203‬‬
‫‪ 181‬انظر‪ :‬شرح هنج الببلغة‪309/2‬‬
‫‪86‬‬
‫كبعضها ترل أف عليا نفاه إذل ا‪٤‬بدائن خوفا من الفتنةكخوفا من اختبلؼ أصحابو عليو ككاف ذلك ٗبشورة‬
‫ابن عباس‪.182‬‬

‫كُب ا‪٢‬بقيقة‪ ،‬فإف القوؿ أبف عليا تركو أك نفاه قوؿ ُب نظر‪ ،‬إذ يستحيل أف يَبكو عليا يعيث فسادا ُب‬
‫األرض كيدعوا إذل الوىيتو‪.‬‬

‫كأما القوؿ بنفيو فقد يقاؿ ‪ -‬إذا صح نفيو‪ -‬أنو تركو لعدـ ثبوت تلك األقواؿ عليو‪ ،‬أك أف ابن سبأ قد‬
‫يكوف نفاىا أماـ علي ‪ ،‬كىذا ليس ٗبستغرب على من يضمر شرا اب‪٤‬بسلمْب ‪ ،‬أك أف يقاؿ أنو نفاه‬
‫لعدـ كصوؿ دعواه إذل القوؿ ابلوىيتو ُب ذلك الوقت ‪ ،‬كعندما مات أظهر القوؿ أبلوىيتو ‪ ،‬كىذا األخّب‬
‫فيو ‪ٝ‬بع بْب الركاايت ‪ ،.‬كال يتلفت ‪٤‬بن حاكؿ التشكيك ُب كجود ابن سبأ من ا‪٤‬بؤرخْب من بعض علماء‬
‫الشيعة كمن ا‪٤‬بستشرقْب‪.183‬‬

‫كعلى كل حاؿ فقد أظهر ابن سبأ القوؿ أبلوىية علي كأنو دل ٲبت ‪ ،‬بل ا‪٤‬بقتوؿ شيطاف ‪ ،‬كأف الرعد‬
‫صوت علي كأف الربؽ سوطو كأف االئمة ينبت ‪٥‬بم السمن كالعسل من األرض‪.‬‬

‫كقد رد عليو العلماء كالبغدادم ُب الفرؽ بْب الفرؽ كابن حزـ ُب الفصل ُب ا‪٤‬بلل كالنحل بعدة ردكد‬
‫عقلية منها ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬أف قوؿ ابن سبأ أف ا‪٤‬بقتوؿ شيطاف‪ ،‬فلماذا يلعن ىو كأتباعو ابن ملجم كقد قتل شيطاان‪.‬‬
‫يرد عليو أف الربؽ كالرعد موجوداف منذ القدـ‪ ،‬كدل يقل‬
‫‪ -‬أف القوؿ أبف الرعد صوتو كالربؽ سوطو‪ٌ ،‬‬
‫أحد ٕبدكثهما بعد مقتل علي‪.‬‬
‫‪ -‬أما القوؿ أبف السمن كالعسل ينبت لؤلئمة‪ 184‬فيكذبو أف ا‪٢‬بسْب كأصحابو قتلوا عطشا ‪ ،‬كدل‬
‫ينبت ‪٥‬بم السمن كال العسل ‪.‬‬

‫كرغم تفاىات مزاعم ابن سبأ كشيعتو إال أف العلماء قد ذكركا الزامات كردكد كثّبة ٲبكن أف نكتفي منها‬
‫ٗبا سبق ‪.‬‬

‫‪ 182‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪235‬‬


‫‪ 183‬انظر‪ :‬ابن سبأ حقيقة ال خياؿ ص ‪24-7‬‬
‫‪ 184‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪236‬كالفصل ُب ا‪٤‬بلل ‪180/4‬‬
‫‪87‬‬
‫‪ -2‬الكيسانية ‪ :‬ظهر ىذه الفرقة بعد مقتل علي هنع هللا يضر ‪ ،‬كتنسب إذل كيساف كىو موذل لعلي ‪ ،‬كقيل‬
‫بل ىو تلميذ البن ا‪٢‬بنفية‪185‬ك كقيل بل ىو ا‪٤‬بختاره نفسو كيلقب بكيساف‪.186‬‬

‫اشتهر الكيسانية ٗبواالهتم البن ا‪٢‬بنفية كىو دمحم بن علي بن أيب طالب ‪٤ ،‬با نقموا على ا‪٢‬بسن‬
‫لتنازلو اب‪٣‬ببلفة ‪٤‬بعاكية ‪ ،‬كقالوا أبنو كصي علي كأكذل اب‪٣‬ببلفة من بعده ‪ٍ ،‬ب قالوا أبف ا‪٣‬ببلفة بعد‬
‫علي للحسن ٍب للحسْب ٍب البن ا‪٢‬بنفية ‪.‬‬

‫‪ -3‬ادلختارية ‪:‬يبدك أف ىناؾ خلط بْب علماء الفرؽ بْب الكيسانية كا‪٤‬بختارية فمنهم من يعدىا فرقة‬
‫‪187‬‬
‫مستقلة كالشهرستاين ‪ ،‬كمنهم من يعدىا ىي نفسها كالكيسانية كما فعل القمي ُب مقاالتو‬
‫‪.‬‬

‫كالذم يظهر أف الكيسانية كانت فرقة قائمة يتزعمها كيساف ‪ ،‬فلما ظهر ا‪٤‬بختار الثقفي انضموا اليو ‪.‬‬

‫كتنسب ىذه الفرقة إذل ا‪٤‬بختار بن أيب عبيد بن مسعود الثقفي ‪ ،‬كلد ُب الطائف ‪ُ ،‬ب السنة األكذل‬
‫للهجرة ‪ ،‬كىو ابن لصحايب جليل‪. 188‬‬

‫كقد نشأ ا‪٤‬بختار ذكيا فطنا مراكغا يضمر النفاؽ ُب تشيعو ‪ ،‬كإ٭با كاف يريد مطامح سياسية ‪ ،‬كما ذكر‬
‫ذلك ابن كثّب ُب البداية كالنهاية كالشهرستاين ُب ا‪٤‬بلل كالنحل ‪.‬‬

‫كقد خاض ا‪٤‬بختار معارؾ طاحنة ُب العراؽ خارج منها منتصرا كقتل كثّب من قتلة علي هنع هللا يضر ‪ ،‬فأعجبتو‬
‫نفسو ‪ ،‬فأخذ يسجو كسجع الكهاف ‪ ،‬حٌب انفض عنو كثّب من أصحابو ‪ ،‬إذل قتل سنة ‪ 67‬ىػ ُب حربو‬
‫مع مصعب بن الزبّب‪.‬‬

‫كقد ‪ٛ‬بسك ا‪٤‬بختار ٗبواالة دمحم بن ا‪٢‬بنفية كأظهر ذلك نفاقا ليستدر عواطف الناس فمن ىو دمحم بن‬
‫ا‪٢‬بنفية ‪:‬‬

‫دمحم بن احلنفية ‪:‬‬

‫‪ 185‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪147/1‬‬


‫‪ 186‬انظر‪ :‬مقاالت القمي ص ‪21‬‬
‫‪ 187‬انظر‪ :‬مقاالت القمي ص ‪21‬‬
‫‪ 188‬انظر‪ :‬تر‪ٝ‬بتو ُب البداية كالنهاة ‪ 289/8‬كا‪٤‬بلل كالنحل ‪147/1‬‬
‫‪88‬‬
‫ىو دمحم بن علي بن أيب طالب‪ ،‬كأمو خولو بنت جعفر كقيل بنت إايس ‪ ،‬كلد سنة ‪16‬ىػ ُب خبلفة عمر‬
‫بن ا‪٣‬بطاب ‪ ،‬نشأ شجاعا فاضبل عا‪٤‬با ‪ ،‬شارؾ كالده ُب حركبو كعمره ‪ 21‬عاما ‪ٍ ،‬ب تنقل بعد كفاة‬
‫كالده إذل ا‪٤‬بدينة ٍب إذل مكة ٍب إذل الطائف ٍب إذل الشاـ إذل أف توُب‪.‬‬

‫كبعد كفاتو اختلفت الشيعة ‪ ،‬فمنهم من قاؿ إنو مات كسّبجع ‪ ،‬كمنهم من قاؿ إنو الزاؿ حيا ٔببل‬
‫رضول قرب ا‪٤‬بدينة‪،‬كعنده عيناف تفيضاف عسبل كماء ‪ ،‬كعن ٲبينو أسد ٰبرسو كعن يساره ٭بر ٰبرسو‬
‫كا‪٤‬ببلئكة تراجعو الكبلـ كأنو ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر كأنو سوؼ يرجع ليمؤل األرض عدال ‪.‬‬

‫كقد اختلفت الكيسانية ُب سبب حبس ابن ا‪٢‬بنفية ‪،‬فمنهم من قاؿ أبف سبب حبسو سر ال يعلمو إال‬
‫هللا ‪ ،‬كمنهم من قاؿ إنو عقاب من هللا ‪ ،‬بسبب خركجو إذل يزيد بعد مقتل ا‪٢‬بسْب ‪ ،‬كطلبو األماف ‪،‬‬
‫كقيل عقاب بسبب خركجو من مكو ُب عهد ابن الزبّب كقصد عبد ا‪٤‬بلك بن مركاف‪. 189‬‬

‫كال تدرم كيف تبلدت عقوؿ ىؤالء إذل حد أهنم يعتقدكف أف هللا عاقبو جملرد زايتو للخلفاء كالذين كانت‬
‫‪٥‬بم أايد مشكورة على ببلد ا‪٤‬بسلمْب ‪.‬‬

‫‪ -4‬الزيدية ‪ :‬بعد مقتل ا‪٢‬بسْب‪ ،190‬ظهرت معظم الفرؽ الٍب تزعم التشيع‪ ،‬كالٍب ازدادات معها‬
‫ا٘باىات الغلو ُب آؿ البيت‪.‬‬

‫كقد ا٘بهت أنظار الشيعة إذل علي بن ا‪٢‬بسْب ا‪٤‬بلقب بزين العابدين‪ ،‬لكنو كاف على كالء اتـ لبِب أمية‪،‬‬
‫ككاف ال يثق ٗبن يظهر تشيعو ككاف يكرمو يزيد بن معاكية كأيكل معو كىو خليفة‪ ،191‬ككاف أكالده ىم‬
‫زيد بن علي كدمحم بن علي ا‪٤‬بكُب أبيب جعفر الباقر كعمر بن علي‪.192‬‬

‫كاختلف الشيعة ُب زيد كدمحم أيهم أكذل ابالمامة ‪ ،‬فذىب طائفة منهم إذل إمامة زيد ك‪٠‬بوا ابلزيدية كمن‬
‫ٍبٌ ُب عقبو ‪ ،‬كيشَبطوف خركج اإلماـ بسيفو سواء أكاف من أكالد ا‪٢‬بسن أك من أكالد ا‪٢‬بسْب‪ ،‬أم‬
‫اشَبطوا أف تكوف ُب أكالد فاطمة كما ترل ا‪١‬باركدية‪.193‬‬

‫‪ 189‬انظر‪ :‬أخباره ُب مركج الذىب ‪/3‬‬


‫‪ 123-85‬كالفرؽ بْب الفرؽ ص ‪ 53-39‬كُب مقاالت القمي ص ‪31-30‬‬
‫‪٤ 190‬بعرفة موقف يزيد من مقتل ا‪٢‬بسْب‪ ،‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية‪194-191/8‬‬
‫‪ 191‬انظر‪ :‬األدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة ص ‪ 154‬كالشيعة كالتشيع ص ‪ 204‬كاإلماـ زيد ص ‪.23‬‬
‫‪ 192‬كتسمية علي بن ا‪٢‬بسْب ابنو ابسم عمر إفحاـ لكذب الشيعة فيما يدعوف من كراىة علي أليب بكر كلعمر‪ ،‬حيث‬
‫إهنم ٯبنبوف أكالدىم التسمية ابسم خيار الصحابة مثل أيب بكر كعمر كعائشة‪ ،‬بل كمثلو ‪٠‬بى علي هنع هللا يضر أكالده أب‪٠‬باء‬
‫أيب بكر كعمر كعثماف مهنع هللا يضر‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫كأما الطائفة األخرل الٍب ذىبت إذل إمامة أيب جعفر الباقر كىم االثِب عشرية كٰبصركف األئمة ُب أكالد‬
‫ا‪٢‬بسْب‪.194‬‬

‫كقد كصف الزيدية ابالعتداؿ‪ ،‬غّب أف ا‪٢‬بق ىو أف الزيدية ٱبتلف ا‪٤‬بتقدموف منهم عن ا‪٤‬بتأخرين ‪،‬‬
‫فا‪٤‬بتقدموف يؤمنوف ٖببلفة الشيخْب كمتبعوف ألقواؿ زيد ‪ ،‬كأما ا‪٤‬بتأخرين فيعدكف رافضة ‪ ،‬كيرفضوف إمامة‬
‫الشيخْب كيك ٌفركف الصحابة‪ ، 195‬كٲبكن تسليط الضوء على صاحب مذىب الزيدية كىو زيد بن علي‬
‫بن ا‪٢‬بسْب فيما يلي ‪:‬‬

‫من ىو زيد‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ىو زيد بن علي بن ا‪٢‬بسْب بن علي بن أيب طالب‪ ،‬كلد سنة ‪ 80‬ىػ تقريبا ‪ ،‬كتوُب سنة ‪122‬ىػ ‪.‬‬

‫كقد كاف زيد شخصية فذة كذا علم كفقو كتقول‪،‬كقد أخذ عن كاصل بن عطاء كأيب حنيفة‪ ،196‬كقد كاف‬
‫أبو حنيفة ٲبيل إذل زيد كيتعصب لو‪.197‬‬

‫موقفو من بٍت أمية‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫خرج زيد على األمويْب كأشهر السبلح ُب كجوىهم ‪ ،‬منكرا للظلم كا‪١‬بور ُب نظر بعض ا‪٤‬بؤرخْب ‪ ،‬بينما‬
‫يرل البعض أف خركجو كاف رد فعل ‪٤‬با تصرؼ معو ا‪٣‬بليفة ىشاـ بن عبد ا‪٤‬بلك بقسوة كعنف ُب قصة‬
‫مفادىا أنو دل يؤذف لو ابلدخوؿ على ىشاـ لثبلثة أايـ حينما جاء إليو من ا‪٤‬بدينة ‪ ،‬ك‪٤‬با دخل اهتمو‬
‫ا‪٣‬بليفة أبنو أبيريد ا‪٣‬ببلفة ‪ٍ ،‬ب أمره اب‪٣‬بركج ‪ ،‬فقاؿ زيد‪ :‬أخرج كال أكوف إال حيث تكره ‪.‬‬

‫فأ‪ٝ‬بع على ا‪٣‬بركج على ىشاـ ‪ ،‬كاجتمع لو جيش كبّب من الرافضة ‪ ،‬ك‪٤‬با تراءت ا‪١‬بيوش جيوش ا‪٣‬ببلفة‬
‫كجيش زيد الذم كاف معظمو من الرافضة ‪ ،‬رأل الرافضة ُب جيش زيد أف يلولوا ىاربْب من ميداف ا‪٤‬بعركة‬

‫‪ 193‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بقاالت كالفرؽ ص‪ 18‬كفرؽ الشيعة للنوٖبٍب ص‪43‬‬


‫‪ 194‬انظر‪ :‬الشيعة كالتشيع ص‪204‬‬
‫‪ 195‬انظر‪ :‬اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية‪52/1‬‬
‫‪ 196‬كبعض العلماء كالشهرستاين يصرح بتلمذة زيد لواصل بن عطاء كأليب حنيفة‪ ،‬كلكن األستاذ أبو زىرة يرل أهنا‬
‫ليست تلمذة ٗبعُب الكلمة ‪ ،‬كإ٭با كاف اتصالو بزيد على بيل ا‪٤‬بذاكرة لتساكيهما ُب العمر‪ ،‬فقد كلدكا سنة ‪80‬ىػ ‪،‬‬
‫كلكن ىذاا ال ٲبنع أف يتأثر بزيد كأبو حنيفة على سبيل التلمذة كلذا قد قيل"الزيدية معتولة ُب األصوؿ حنفية ُب‬
‫الفركع"‬
‫‪ 197‬انظر‪ :‬اإلماـ زيد ص ‪72‬‬
‫‪90‬‬
‫‪ ،‬كلذلك امتحنوه ُب ساحة القتاؿ ‪ ،‬إف كاف يتربأ من أيب بكر كعمر أـ ال ‪ ،‬فأخربٮبا أبنو ال يتربأ منهما‬
‫كال يقوؿ فيهما إال خّبا ‪ ،‬فولوا عنو ىاربْب ‪ ،‬فقاؿ ‪٥‬بم ‪ :‬رفضتموين ‪ ،‬فسموا بعد ذلك رافضة ‪ٍ .‬ب‬
‫حدثت معركة قتل فيها زيد كمن بقي معو ‪ ،‬كأحرقت جثة زيد أبمر من ا‪٣‬بليفة ىشاـ بن عبد ا‪٤‬بلك‬
‫‪.198‬‬

‫آراء زيد والزيدية ‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫لزيد آراء انفرد هبا عن عموـ أقواؿ الشيعة ا‪٤‬بتضاربة كمن أبرزىا ما يلي‪:‬‬

‫‪ُ – 1‬ب السياسة ‪ :‬برل زيد جواز إمامة ا‪٤‬بفضوؿ مع كجود الفاضل ‪ ،‬كىي ليست كراثة ‪ ،‬ككاف يرل‬
‫تفضيل علي على الصحابة كيرل صحة خبلفة أيب بكر كعمر ‪٤‬بصلحة رأكىا‪. 199‬‬

‫‪ – 2‬القوؿ بعدـ عصمة األئمة ‪ ،‬أك كصايتهم ‪ ،‬من النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬كما تقوؿ اإلمامية‪.200‬‬

‫‪ – 3‬دل يقل اب‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر كال الغائب ا‪٤‬بكتوـ‪ ،201‬خبلفا لكل فرؽ الشيعة الٍب ترل كل طائفة منهم‬
‫أف ‪٥‬با مهداي منتظرا ٱبرج ُب نصرهتا‪ ،202‬كأىل السنة يؤمنوف ٗبجيء مهدم ُب آخر الزماف على ما بينتو‬
‫األحاديث‪ -203‬كما يذكر ذلك أبو زىرة ‪ ،‬أما األشعرم فقد نقل أف الزيدية يقولوف بتخليد مرتكب‬
‫الكبّبة ُب النار‪ ،204‬كأىل ا‪٢‬بق يقولوف أنو ‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة‪.‬‬

‫‪ 198‬انظر‪ :‬الكامل البن األثّب ‪229/5‬ك ص ‪ 235‬كص ‪247-242‬كانظر‪ :‬مركج الذىب‪ 220-217/3‬كالبداية‬
‫كالنهاية ‪ 330-329/9‬كمقاتل الطالبيْب ص ‪ ،102-86‬كٯبب اف ندرؾ أف ا‪٤‬ببالغات الٍب ذكرىا ا‪٤‬بسعودم‬
‫كاألصفهاين صاحب مركج الذىب كانت بناء على تشيعهما‪.‬‬
‫‪ 199‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪ 155/1‬كاإلماـ زيد ص ‪188‬‬
‫‪ 200‬انظر‪ :‬اإلماـ زيد ص ‪ ،191‬كلكن الزيدية ُب عصران ا‪٢‬باضر يقولوف بعصمتهم‪ .‬انظر‪ :‬نصيحة اإلخواف ص ‪4‬‬
‫‪ 201‬كقد زعمت ا‪١‬باركدية من الزيدية أف دمحم بن عبد هللا بن ا‪٢‬بسن دل ٲبت‪ ،‬كانو ٱبرج كيغلب ‪ ،‬كفرقة أخرل ززعمت‬
‫أف دمحم بن القاسم صاحب الطالقاف حي دل ٲبت‪ ،‬كأنو ٱبرج كيغلب‪ ،‬كفرقة قالت مثل ذلك ُب ٰبي بن دمحم صاحب‬
‫الكوفة‪ .‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب‪141/1‬‬
‫‪ 202‬انظر‪ :‬اإلماـ زيد ص ‪195‬‬
‫‪ 203‬توجد فركؽ بْب أىل السنة كالرافضة ُب ا‪٤‬بهدم كثّبة ‪ ،‬ىذا أحدىا ‪ ،‬كمنها ‪ٛ‬بسة ا‪٤‬بهدم عند اىل السنة ٗبحمد‬
‫بن عبد هللا‪ ،‬كعند الرافضة دمحم بن ا‪٢‬بسن العسكرم‪ ،‬كمهدم السنة ٰبكم ابلشريعة اإلسبلمية كمهدم الرافضة ٰبكم‬
‫بشريعة آؿ داكد‪ ،‬كمهدم السنة نعمة عليهم ‪ ،‬كمهدم الرافضة نقمة كببلء ‪ ،‬كمهدم السنة يتميز ابلعدؿ‪ ،‬كمهدم‬
‫الرافضة إلعبلء أمرىم فقط‪ ،‬كمهدم السنة يفر إذل البيت ا‪٢‬براـ كيتبعو الناس فيبايعونوف دكف حرص منو عليها‪ ،‬كمهدم‬
‫‪91‬‬
‫‪ – 4‬أف مرتكب الكبّبة ُب منزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب كلكنو ال ٱبلد ُب النار‪ ،‬خبلفا لرأم ا‪٤‬بعزلة الذين يقوؿ‬
‫اب‪٤‬بنزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب مع ‪ٚ‬بليده ُب النار كما يرل أبو زىره بينما يرل االشعرم أف الزيدية يقولوف ابلتخليد‬
‫ُب النار‪. 205‬‬

‫‪ - 5‬اتفق الزيدية مع أىل السنة ُب اإلٲباف ابلقضاء كالقدر كأهنا من هللا كأف العبدؿ لو مشيئة كاختيار‬
‫بتمكْب من هللا كأنو ٰباسب على فعلو‪. 206‬‬

‫‪ – 6‬دل يقل ابلبداء على هللا ‪ ،‬كافق أىل السنة ُب علم هللا األزرل‪. 207‬‬
‫‪ 7‬دل يقل ابلرجعة ا‪٤‬بزعومة عند الشيعة ‪ ،‬الٍب مرداىم منها أف يرجع من ظلم آؿ البيت فينتصف‬
‫آؿ البيت منهم بعد قياـ ا‪١‬بميع من قبورىم قبل يوـ القيامة‪. 208‬‬

‫ىذه أىم آراء زيد إال أنو مع األسف دل تستمر الزيدية على تلك االصوؿ‪ ،‬فا‪٫‬برفوا إذل مذىب االثِب‬
‫عشرية ُب كثّب من فرقهم‪ ،‬فقالوا ابلرجعة‪209‬كرفضوا خبلفة الشيخْب‪ 210‬كأبطلوا إمامة الشيخْب ‪ ،‬كقالوا‬
‫بعصمة األئمة كا‪١‬باركدية كالسليمانية كا‪١‬بريرية كالبَبية أك الصا‪٢‬بية كاليعقوبية ‪ ،‬ككلها من فرؽ الزيدية ‪،‬‬
‫كأشهرىا ا‪١‬باركدية ‪.‬‬

‫‪ -5‬الرافضة ‪:‬‬
‫معٌت الرفض فياللغة واالصطالح‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫الرافضة ٱبرج ٗبشيئتو على اختبلؼ بينهم ُب مكاف خرةكجهو كمهجي السنة لو مدة ‪٧‬بدكدة كمهجي الرافضة ليس‬
‫‪٢‬بكمو ‪ٙ‬بديد‪.‬إذل أخرالفركؽ بْب أىل السنة كالرافضة ُب قضية ا‪٤‬بهدم‪.‬‬
‫‪ 204‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب‪ 149/1‬كاتريخ الفرؽ اإلسبلمية ص ‪294‬‬
‫‪ 205‬انظر‪ :‬اإلماـ زيد ص ‪204‬‬
‫‪ 206‬انظر‪ :‬اإلماـ زيد ص ‪208‬‬
‫‪ 207‬انظر‪ :‬اإلماـ زيد ص ‪ 211‬كانظر‪ :‬مواقف الرافضة منو ‪ ،‬مقاالت اإلسبلميْب ‪113/1‬‬
‫‪ 208‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب لؤلشعرم ‪ 144/1‬عن فرقة البَبية منهم ‪ ،‬كص ‪ 145‬عن فرقة اليعقوبية حيث ظلوا‬
‫على رأم زيد ُب إنكار الرجعة‪.‬‬
‫‪ 209‬كالفرقة ا‪٣‬بامسة منهم فإهنم ال ينكركف رجعة األموات قبل يوـ القيامة‪ .‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب‪145/1‬‬
‫‪ 210‬كما ىو مذىب ا‪١‬باركدية فيها كمذىب السليمانية ُب تكفّبىم عثماف هنع هللا يضر عند االحداث الٍب نقمت عليو‪ ،‬أك‬
‫الرباءة منو كما ىو مذىب البَبية أصحاب ا‪٢‬بسن بن صاحل بن حي‪ ،‬كالنعيمية أصحاب نعيم بن اليماف حيث تربأكا‬
‫من عثماف كمن ‪٧‬بارب علي ‪،‬كشهدكا عليو ابلكفر ‪ ،‬كذكر األشعرم بعد ذكره ما تقدـ أف الفرقة ا‪٣‬بامسة من الزيدية‬
‫يتربأكف من أيب بكر كعمر‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫الرفض ُب اللغة أيٌب ٗبعُب الَبؾ ‪ ،‬كما ذكر ذلك صاحب الصحاح كالقاموس احمليط‪.211‬‬

‫كُب االصطبلح ‪ :‬يطلق على طائفة ذات أفكار كآراء اعتقادية رفضت خبلفة الشيخْب كأكثر الصحابة‬
‫‪ ،‬كزعموا أف ا‪٣‬ببلفة ُب علي كذريتو من بعده بنص من النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأف خبلفة غّبىم ابطلة ‪.‬‬

‫سبب تسميتهم الرافضة ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪٠‬بوا لرفضهم اإلماـ زيد بن علي بن ا‪٢‬بسْب‪ ، 212‬كقيل ‪٠‬بوا لرفضهم أكثر الصحابة كإمامة الشيخْب‬
‫‪213‬كقيل لرفضهم الدين‪ ،‬كالراجح ىو القوؿ الثاين كالمنافاة بْب بينو كبْب األكؿ ‪ ،‬فهم قد رفضوا‬
‫الصحابة ككفركىم كرفضوا كذلك زيد بن علي بن أيب طالب ‪.‬‬

‫وجود الرافضة قبل اتصاذلم بزيد ‪ :‬كجدت الرافضة قبل اتصا‪٥‬بم بزيد ‪ ،‬متشبعْب أبفكار‬ ‫ث‪-‬‬
‫اليهودم ابن سبأ‪ ،‬ك‪٥‬بذا طلبو من زيد موافقتهم ك‪٤‬با دل ٯبب رفضوه ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أمساؤىم قبالتصاذلم بزيد‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫من أ‪٠‬بائهم ُب تلكالفَبة‪:‬‬

‫ا‪٣‬بشبية‪ ،‬كذلك ألهنم كانوا يقاتلوف اب‪٣‬بشب كال ٯبيزكف السيوؼ إال ‪ٙ‬بت إماـ معصوـ‪.‬‬
‫‪214‬‬
‫كمن أ‪٠‬بائهم اإلمامية لزعمهم أف اإلمامةكانت ابلنص لعلي كأكالده من بعده‪.‬‬

‫فرق الرافضة ‪:‬‬ ‫ر‪-‬‬

‫للرافضة فرؽ كثّبة اختلفت ُب بعض مسائل االعتقاد كا‪٤‬بهدم ‪215‬كالرجعة‪ 216‬كغّبىا كاتفقت كلها‬
‫على حوؿ إمامة علي كأحقيتو هبا كأكالده من بعده ‪.‬‬

‫كأشهر فرقهم احملمدية كاالثنا عشرية ‪ ،‬كىذا بعض التفصيل حو‪٥‬با ‪:‬‬

‫‪ 211‬انظر‪ :‬الصحاح للجوىرم‪ 1078/3‬كالقاموس احمليط ص ‪344‬‬


‫‪ 212‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية ‪330/9‬‬
‫‪ 213‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب ‪89/1‬‬
‫‪ 214‬انظر‪ :‬الفصل البن حزـ ‪ 185/4‬كاألدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة ص‪176‬‬
‫‪ 215‬ألف مهدم االثِب عشرية غّب مهدم احملمدية‪.‬‬
‫‪ 216‬ألف احملمدية تؤمن برجعة كل األموات قبل يوـ القيامة‪ ،‬قاؿ شاعرىم ‪ :‬إذل يوـ يثوب الناس فيو ‪ ،،‬إذل دنياىم قبل‬
‫ا‪٢‬بساب‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫أوال‪ :‬احملمدية ‪ :‬يعتقد أتباع ىذه الفرقة أف اإلماـ كا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بتنظر ىو دمحم بن عبد هللا بن ا‪٢‬بسن بن‬
‫علي ‪ ،‬كيعرؼ ابلنفس الزكية ‪.‬‬

‫كلد دمحم سنة ‪93‬ىػ ‪ ،217‬كقد كاف صاحب علم ككرع ‪ ،‬خرج من ا‪٤‬بدينة على ا‪٣‬بليفة ا‪٤‬بنصور ‪ ،‬ككاف‬
‫ذلك بتأثّب دعوة ا‪٤‬بغّبة بن سعيد العجلي الذم أخذ يدعوا الناس إذل االعتقاد أبف دمحمج بن ا‪٢‬بسن ىو‬
‫ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بتظر ‪ ،‬كنشر ُب الناس أف سيكوف لو ملكا سيمتد طويبل كسيمؤل األرض عدال ‪ ،‬فأرسل إليو‬
‫ا‪٤‬بنصور جيشا بقيادة عيسى بن موسى فقتل دمحم بن ا‪٢‬بسن ُب تلك ا‪٤‬بعركة ‪ 218‬فلما قتل اكتشف‬
‫أصحابو زيف دعول ا‪٤‬بهدية فيو فرجعوا عن ىذا االعتقاد‪ ،‬كبقيت طائفة على اعتقادىم فيو كزعموا أنو دل‬
‫ٲبت كأف ا‪٤‬بقتوؿ شيطاف‪ ،‬كزعموا أف دمحم بن ا‪٢‬بسن ال يزاؿ حيا ُب جبل حاجر بنجد‪. 219‬‬

‫اثنيا ‪ :‬اإلثنا عشرية ‪:‬‬

‫تعترب االثِب عشرية الواجهة الرئيسية للتشيع ُب عصران ا‪٢‬باضر ‪ ،‬كأشهر فرقهم ‪ ،‬كأكثرىا انتشارا‪ ،‬ينتنمي‬
‫إليها أكثر الشيعة ُب العراؽ كإيراف كابكستاف كغّبىا من البلداف ‪ ،‬حٌب زعم ا‪٣‬بنميِب أف أتباعو يبلغوف‬
‫‪ 200‬مليوف‪ ،‬كزعم أف نواة التشيع ُب اإلسبلـ ىو الرسوؿ كعلي كخدٯبة كأف الرسوؿ كاف يدعوا إذل‬
‫التشيع من نقطة الصفر كما تبجح بذلك ُب كتابو كالية الفقية‪. 220‬‬

‫أمساء االثٍت عشرية ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫لبلثنا عشرية أ‪٠‬باء أطلقت عليهم بعضها من قبل ‪٨‬بالفيم كبعضها من قبلهم ىم ‪ ،‬كأبرزىا ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬االثنا عشرية ‪ : 221‬كذلك الهنم يعتقدكف إبمامة اثنا عشر رجبل من آؿ البيت أك‪٥‬بم علي بن‬
‫أيب طالب كآخرىم دمحم بن ا‪٢‬بسن العسكرم كىو ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر عندىم‪ ، 222‬كىؤال االثِب‬
‫عشر ىم ‪:‬‬

‫‪ 217‬انظر‪ :‬حركة النفس الزكية ص ‪55‬‬


‫‪ 218‬انظر‪ :‬مقاتل الطالبيْب‪ ،‬ص‪185‬‬
‫‪ 219‬انظر‪ :‬أخبار ىذه الفرقة ُب الفرؽ بْب الفرؽ ص ‪ 242-240‬كمقاالت اإلسبلميْب ‪ 98/1‬كا‪٤‬بلل كالنحل‬
‫للشهرستاين ‪177/1‬‬
‫‪ 220‬انظر‪ :‬كالية الفقيو للخميِب ص ‪137-136‬‬
‫‪ 221‬انظر‪ :‬الفرؽ اإلسبلمية ص ‪ 80‬كاألدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة ص ‪181‬‬
‫‪ 222222‬انظر‪ :‬قضية الشيعة ص ‪4‬‬
‫‪94‬‬
‫علي بن أيب طالب ‪ٍ ،‬ب ابنو ا‪٢‬بسن ‪ٍ ،‬ب ابنو ا‪٢‬بسْب ‪ٍ ،‬ب ابنو علي بن ا‪٢‬بسْب ‪ٍ ،‬ب ابنو دمحم الباقر ‪،‬‬
‫ٍب ابنو جعفر الصادؽ ‪ٍ ،‬ب ابنو موسى الكاظم ‪ٍ ،‬ب ابنو علي الرضي ‪ٍ ،‬ب ابنو دمحم ا‪١‬بواد ‪ٍ ،‬ب ابنو‬
‫علي ا‪٥‬بادم ‪ٍ ،‬ب ابنو دمحم بن ا‪٢‬بسن العسكرم كىو الغائب ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر عندىم ‪.‬‬

‫كمن ا‪٤‬ببلحظ أهنم حصركا اإلمامة ُب أكالد ا‪٢‬بسْب دكف أكالد ا‪٢‬بسن ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ا‪١‬بعفرية ‪ :‬نسبة إذل جعفر الصادؽ ‪ ،‬الذم زعموا أهنم بنوا مذىبهم ُب الفركع على أقوالو‬
‫كآرائو كلذلك ٰببوف ىذا اإلسم أف يطلق عليهم ‪ -.‬كما ذكر ذلك ا‪٣‬بميِب ُب الوصية اإل‪٥‬بية‬
‫كالشّبرازم ُب قضية الشيعة ‪ -‬كىو ُب ا‪٢‬بقيقة برمء منو ‪ ،‬كمانسبوه إليو ‪ٚ‬برصات كأكاذيب نسوهبا‬
‫إليو‪.223‬‬

‫‪ 0 3‬الرافضة ‪ :‬كىذا اإلسم غّب ‪٧‬بحبوب لديهم ‪ ،‬كقد ‪٠‬بٌو بو إما لرفضهم مناصرة علي بن أيب‬
‫طالب ‪ ،‬كإما لرفضهم أئمتهم كغدرىم هبم ‪ ،‬كإما لرفضهم الصحابة كإمامة الشيخْب ‪ ،‬كإما لرفضهم‬
‫الدين ‪.‬‬

‫كلكن يوجد ُب بعض ركاايت الشيعة أف هللا ‪٠‬باىم ابلرافضة كما أكرد ذلك الكليِب ُب كتاب الركضة‬
‫من كتاب الكاُب‪ ، 224‬كلعل ىذا من قبيل ‪٧‬باكلتهم ‪ٙ‬بسْب اإلسم بعد اشتهاره عليهم ‪.‬‬

‫‪ – 4‬اإلمامية ‪ :‬ك‪٠‬بٌوا بذلك إما نسبة إذل اإلماـ أم ا‪٣‬بليفة‪ ،‬ألنو آكد أصوؿ الدين عندىم ‪ ،‬أك‬
‫‪٠‬بوا بذلك النتظارىم إماـ آخر‪ ،‬سيظهر ُب آخر الزماف كىو الغائب ا‪٤‬بنتظر ‪ ،‬كقيل ‪٠‬بوا بذلك‬
‫نص على إمامة علي كأكالده من بعده‪ ،‬كاختار الشهرستاين ىذاالتعريف‬
‫لزعمهم أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ٌ‬
‫كنص عليو الشّبازم من علمائهم‪ 225‬أك النتظارىم إماـ آخر الزماف الغائب ا‪٤‬بتظر‪.226‬‬

‫‪ – 5‬ا‪٣‬باصة ‪ :‬كىذه التسمية ىم الذين أطلقوىا على أنفسهم ‪ ،‬كيسموف غّبىم من ا‪٤‬بسلمْب‬
‫العامة كىذا فيو شبو من اليهود‪. 227‬‬

‫‪ 223‬انظر‪ :‬مؤ‪ٛ‬بر النجف ص ‪ 1-1‬من ا‪٣‬بطوط العريضة كالوصية اإل‪٥‬بية للخميِب ص‪ 5‬كقضية الشيعة ص ‪3‬‬
‫‪ 224‬انظر‪ :‬الشيعة كالتشيع نقبل عن الكاُب – كتاب الركضة ص ‪34‬‬
‫‪ 225‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪ 62/1‬كقضية الشيعة ص ‪3‬‬
‫‪ 226‬انظر‪ :‬قضية الشيعة ص ‪271‬‬
‫‪ 227‬انظر‪ :‬أكجو الشيبو بْب اليهود كالرافضة ُب العقيدة ‪ ،‬رسالة ماجستّب للجميلي‪ ،‬كانظر كتاب رسالة ُب الرد على‬
‫الرافضة‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫سبب انتشار مذىب الرافضة وأماكن انتشارىم ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫انتشر ىذا ا‪٤‬بذىب انتشارا كاسعا كذلك يعود إذل أمرين ‪:‬‬

‫أحدٮبا ‪ :‬ىو جهل كثّب من ا‪٤‬بسلمْب ٕبقيقة دينهم اإلسبلمي‪.‬‬

‫كالثاين ‪ :‬جهل ا‪٤‬بسلمْب ٕبقيق مذىب الرافضة ‪ ،‬مع انتشار كسائل الرافضة للدعوة إذل مذىبهم ‪.‬‬

‫أىم األماكن اليت انتشر فيها ادلذىب االثنا عشري ‪:‬‬ ‫ح‪-‬‬

‫انتشر ُب عدة أماكن أبرزىا ما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬ايراف ‪ :‬كىو ا‪٤‬بذىب الر‪٠‬بي للدكلة بعد أف اعلن ذلك ا‪٣‬بميِب كن ٌكل ابلسنة لردىم عن دينهم‪.‬‬

‫‪ – 2‬العراؽ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ا‪٥‬بند ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ابكستاف ‪.‬‬

‫‪ُ – 5‬ب عدة بقاع من العادل ‪ ،‬حيث ‪٥‬بم انتشار متفرؽ ُب بعض الدكؿ كسوراي كلبناف كدكؿ ا‪٣‬بليج ككثّب‬
‫من البلداف اإلسبلمية ‪.‬‬

‫فرق االثٍت عشرية وانقسامها‪:‬‬ ‫خ‪-‬‬

‫انقسمت اإلثِب عشريةإذل فرؽ كثّبة‪ ،228‬من أشدىا خطرا كأتثّبا كنفوذا ُب العادل االسببلمي فرقتاف كٮبا‬
‫‪:‬‬

‫‪ – 1‬الشيخية ‪ :‬كقد يقاؿ ‪٥‬بم األ‪ٞ‬بدية‪ ، 229‬كتنسب إذل رجل يقاؿ لو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن زين الدين‬
‫اإلحسائي البحراين كلد ينة ‪1166‬ىػ كتوُب سنة ‪1243‬ىػ ‪.‬‬

‫كىو ضاؿ ملحد لو كثّب من اآلراء الكفرية ‪ ،‬عاش ُب مدف الشيعة ا‪٥‬بامة مثبل كرببلء كطوس كغّبىا‬
‫انشرا أفكاره كمعتقداتو ‪.‬‬

‫أىم معتقداتو ‪:‬‬

‫‪ 228‬عند األشعرم ‪ 30‬فرقة ‪ ،‬كُب ‪٨‬بتصر التحفة االثِب عشرية أهنم ‪ 39‬فرقة ‪.‬ص‪21‬‬
‫‪ 229‬انظر‪٨ :‬بتصر التحفة االثِب عشرية ص‪22‬‬
‫‪96‬‬
‫– يزعم أف هللا ٘بلى ُب علي كأكالده األحد عشر ‪ ،‬كأهنم مظاىر هللا تعاذل ‪.‬‬

‫– أرجع كجود الكوف إذل كجود األئمة كأهنم ىم العلة ا‪٤‬بوثرة ُب الكوف‪.‬‬

‫– يزعم أف ا‪٤‬بهدم يظهر ُب كل مكاف بصورة رجل مؤمن ٍب ادعى نفيو ىذا االعتقاد‪.‬‬

‫‪ – 2‬الرشتية ‪ :‬كىي الفرقة الثانية ُب اإلثِب عشرية ‪ ،‬كظهرت بعد ىبلؾ اإلحسائي‪،‬حْب قاـ ابألمر من‬
‫بعده أحد تبلمذتو كيسمى كاضم الرشٍب‪ 230‬سنة ‪1242‬ىػ ‪ ،‬كقد خالف شيخو ُب بعض ا‪٤‬بسائل‬
‫ٰبل فيو حٌب يظهر ا‪٤‬بهدم‬
‫حيث أنو ادعى أف ا‪٤‬بهدم ركح األبواب حل فيو‪ ،‬كلكنو زعم أنو آخر إنساف ٌ‬
‫‪.‬‬

‫كقد نشر مذىبو ُب كثّب من بلداف ا‪٤‬بسلمْب كإيراف كعربستاف كأذربيجاف كالكويت كا‪٥‬بند كابكستاف‪.‬‬
‫كغّبىا‪ ،‬كىناؾ فرقة أخرل ىي ‪٧‬بل نظر ىل تلحق ابلشيعة‪ ،‬اك الصوفية كىي النور ٖبشية نسبة إذل رجل‬
‫يسمى دمحم نور ٖبش القوىستاين ا‪٤‬بولود سنة‪795‬ىػ‪.231‬‬

‫ادلبحث السابع‪:‬‬

‫إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للرافضة‬

‫للرافضة اعتقادت كثّبة إال أننا سنقتصر على أىم ا‪٤‬بسائل االعتقادية عندىم ‪ ،‬كٲبكن إٯبازىا فيما يلي‬

‫‪ -1‬أف ا‪٣‬ببلفة مقتصرة ُب اؿ البيت ‪ ،‬ك‪٧‬بصورة ُب علي كذريتو ‪.‬‬


‫‪ -2‬دعواىم عصمة االئمة‪.‬‬
‫‪ -3‬تدينهم ابلتقية ‪.‬‬
‫‪ -4‬دعواىم ا‪٤‬بهدية ‪.‬‬
‫‪ -5‬دعواىم الرجعة ‪.‬‬
‫‪ -6‬موقفهم من القرآف الكرًن ‪.‬‬
‫‪ -7‬موقفهم ـ ف الصحابة ‪.‬‬
‫‪ -8‬القوؿ ابلبداء على هللا ‪.‬‬

‫‪ 230‬نفس ا‪٤‬برجع ص ‪22‬‬


‫‪ 231‬انظر‪ :‬الشيعة كالتشيع ص ‪314-307‬‬
‫‪97‬‬
‫كلفرؽ الرافضة القدٲبة آراء اعتقادية ظاىر بطبلهنم كالقوؿ ابلتناسخ كا‪٢‬بلوؿ كغّب ذلك ‪ ،‬أما اآلراء‬
‫االعتقادية عند الرافضة فتفصيلها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬موقفهم من اخلالفة واإلمامة ‪:‬‬

‫ىذه القضية ىي أىم القضااي ُب االعتقاد الشيعي‪ ،‬كيدكر عليها أكرب ا‪٣‬ببلؼ بْب السنة كالشيعة‬
‫الرافضة‪ ،‬كالرافضة يعتربكف اإلمامة متسلسلة ُب آؿ البيت‪ ،‬كيعتقدكف أهنا ركن من أركاف اإلسبلـ‪،‬‬
‫كيعتقدكف أهنا منصب اثبت من عند هللا ‪ ،‬كفيما يلي نستعرض أىم آرائهم فيها ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أف اإلماـ لو صلة ابهلل كصلة األنبياء كالرسل‪،232‬كما أكرد الكليِب ُب الكاُب عن أيب عبد هللا أنو‬
‫قاؿ ‪ " :‬أيشرؾ بْب األكصياء كالرسل ُب الطاعة "‪ 233‬ككردأيضا أف اإلماـ يوحى إليو كما أكرد ذلك‬
‫الكليِب ُب كتاب ا‪٢‬بجة من كتاب الكاُب‪ ،234‬كأف رتبتو ال يصل إليها ملك مقرب كال نيب مرسل كما‬
‫ذكر ذلك ا‪٣‬بميِب ُب كالية الفقيو‪. 235‬‬

‫‪ – 2‬أف اإلٲباف ابإلماـ جزء من اإلٲباف ابهلل ‪ ،‬كأف معرفة هللا ال تكفي بدكف معرفة اإلماـ حيث كرد ُب‬
‫‪236‬‬
‫الكاُب عن جعفر الصادؽ أف معرفة هللا ىي " تصديق هللا كتصديق الرسوؿ كمواالة علي"‬

‫‪ – 3‬حرفوا معاين القرآف الكرًن إذل أىوائهم‪ ،‬حيث صرفوا معاين النصوص إذل ما يوافق اعتقاداهتم‬
‫كأىوائهم زاعمْب أهنا ىي ا‪٤‬بقصودة‪،‬كاألمثلة على ذلك كثّبة منها ما يلي ‪:‬‬

‫أ – فسركا قوؿ هللا تعاذل‪{:‬كجعلنا لو نورا ٲبشي بو ُب الناس}كأكلوا النور ىنا أنو ىو علي كاألئمة من‬
‫بعده كما جاء ُب الكاُب‪.237‬‬

‫‪ 232‬انظر‪ :‬ابب االضطرار إذل ا‪٢‬بجة ص ‪ 128‬كابب طبقات األنبياء كالرسل كاألئمة ص ‪ 133‬كابب الفرؽ بْب‬
‫الرسوؿ كالنيب كاحملدث ص ‪ُ 134‬ب الكاُب ‪ ،‬ا‪١‬بزء األكؿ‪.‬‬
‫‪ 233‬الكاُب ‪143/1‬‬
‫‪ 234‬انظر‪ :‬الكاُب ‪ ،‬كتاب ا‪٢‬بجة‪ 134/1،‬كذكر ركاايت كثّبة‪.‬‬
‫‪ 235‬انظر‪ :‬كالية الفقيو‪ ،‬ص‪61‬‬
‫‪ 236‬الكاُب ‪138/1‬‬
‫‪ 237‬الكاُب ‪150/1‬‬
‫‪98‬‬
‫ب – فسركا قوؿ هللا تعاذل ‪{ :‬من جاء اب‪٢‬بسنة فلو خّب منها كىم من فزع يومئذ آمنوف كمن جاء‬
‫ابلسيئة فكبت كجوىهم ُب النار }سورة النمل آية ‪89‬كفسركا ا‪٢‬بسنة أبهنا معرفة الوالية كحب آؿ البيت‬
‫كالسيئة إنكار الوالية كبغض آؿ البيت كما ُب الكاُب‪.238‬‬

‫ج – فسركا قوؿ هللا تعاذل ‪ { :‬كلك قوـ ىاد }سورة الرعد آية‪ 7‬أم إماـ يهديهم ابتداء من علي‬
‫كانتهاء اب‪٤‬بهدم ‪،‬كما جاء ُب الكاُب‪ ،‬إذل غّب ذلك من النصوص الٍب أكلت عن معانيها ‪. 239‬‬

‫‪– 4‬يعتقدكف أف األئمة ىم من ‪ٝ‬بع القرآف كلو كما أينزؿ‪ ،240‬كىذا خبلؼ قوؿ أىل السنة الذين‬
‫يعتقدكف أف أكؿ من ‪ٝ‬بع القرآف ىو أكؿ خليفة ُب اإلسبلـ كىو أبو بكر الصديق هنع هللا يضر ‪.‬‬

‫‪ – 5‬أف األئمة عندىم اسم هللا األعظم‪ ،241‬كعندىم مصحف فاطمة كا‪١‬بفر‪.‬‬

‫كا‪١‬بفر ىو كعاء من أدـ فيو علم النبيْب كالوصيْب كعلم العلماء من بِب إسرائيل ‪ ،‬كتنص ركاايت أخرل‬
‫على أف ا‪١‬بفر ىو العلم اإل‪ٝ‬بارل بلوح القضاء كالقدر‪ ،‬كما كاف كما سيكوف من ا‪٢‬بوادث إذل قياـ‬
‫الساعة‪.‬‬

‫كمصحف فاطمة ىو مثل قرآننا ثبلث مرات مافيو حرؼ كاحد من قراننا ‪ ،‬كما جاء ذلك ُب كتاب‬
‫ا‪٢‬بجة من كتاب الكاُب‪.242‬‬

‫‪ – 6‬أف األئمة ال ٲبوتوف إال ٗبشيئتهم‪ ،243‬كأف اإلماـ إذا مات يغسلو االبن األكرب الذم يليو ُب‬
‫اإلمامة‪ ،244‬ك‪٥‬بم ركاايت كأساطّب ُب قضية خلق اإلماـ ‪ ،‬كما جاء ذلك ُب كتاب الكاُب كغّبه من‬
‫أمهات كتبهم ‪.245‬‬

‫‪ 238‬الكاُب ‪142/1‬‬
‫‪ 239‬الكاُب ‪148/1‬‬
‫‪ 240‬انظر‪ :‬ابب أنو دل ٯبمع القرآف كلو إال األئمة عليهم السبلـ‪ ،‬كأهنم يعلموف علمو كلو‪ ،‬الكاُب‪ ، 178/1‬كأكرد‬
‫ركاايت كأحاديث كثّبة نسبها إألل أيب عبد هللا كأيب جعفر‪.‬‬
‫‪ 241‬انظر‪ :‬الكاُب ‪ 178/1‬ابب ما أعطي األئمة عليهم السبلـ من اسم هللا األعظم‪.‬‬
‫‪ 242‬انظر‪ :‬كتاب ا‪٢‬بجة من الكاُب ‪ 185/1‬ابب فيو ذكر الصحيفة كا‪١‬بفر كا‪١‬بامعة كمصحف فاطمة ع كاألحاديث‬
‫كما يسموهنا ‪ ،‬كىي ‪ٙ‬بوم كثّبا من الغلو الفاحش‪.‬‬
‫‪ 243‬الكاُب‪201/1‬‬
‫‪ 244‬الكاُب ‪315/1‬‬
‫‪ 245‬انظر‪ :‬الكاُب‪318/1‬‬
‫‪99‬‬
‫أدلتهم على معتقدىم يف االمامة ‪:‬‬

‫استدلوا بكثّب من اآلايت الٍب أ ٌكلوىا حسب معتقدىم‪ ، 246‬كاستدلوا بكثّب من االحاديث كالركاايت‬
‫ا‪٤‬بكذكبة ا‪٤‬بنسبوة إذل األئمة كغّبىم ‪ ،‬غّب أننا نريد أف نذكر أبرز الركاايت الٍب استدلوا هبا‪.‬‬

‫كىي ُب ‪٦‬بملها ركاايت كاردة ُب فضائل علي‪،‬كالواقع أف أىل السنة ىم من يذكر فضائل علي كيتباىوف‬
‫هبا إال أهنم ٱبالفوف الرافضة ُب استدال‪٥‬بم هبا كمن ذلك ما يلي ‪:‬‬

‫أ – قالو أبف أمر اإلمامة ال ٰبتمل عدـ البياف ‪ ،‬كالرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص بعث لرفع ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬كقالوا أبف ا‪٣‬بليفة من‬
‫بعده ىو علي‪. 247‬‬
‫‪248‬‬
‫ب–استدلوا بقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من كنت مواله فعلي مواله "‬
‫‪249‬‬
‫ج – استدلوا بقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أقضاكم علي "‬

‫د – استدلوا بقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬أنت مِب ٗبنزلة ىاركف من موسى "‪ 250‬كزاد الرافضة ُب ا‪٢‬بديث‪":‬إال أنو‬
‫‪251‬‬
‫ال ينبغي أف أذىب إال أنت كخليفٍب"‬

‫يؤمر على علي أحد من الصحابة ُب الغزكات ‪ ،‬كاستنبطوا من ذلك أنو ىو‬
‫ىػ – قالوا أبف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص دل ٌ‬
‫األمّب من بعده‪.252‬‬

‫ك ‪ -‬أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص أرسل عليا بسورة الفا‪ٙ‬بة ليقرأىا على الناس ُب ا‪٢‬بج مع أف األمّب ُب ا‪٢‬بج ىو‬
‫أاببكر الصديق‪.253‬‬

‫الرد على أدلتهم‪:‬‬

‫‪ 246246‬أدلتهم على ذلك كثّبة جدا ‪ ،‬حيث لفقوا عشرات األحاديث ُب إثبات الوصية كا‪٣‬ببلفة ُب علي كأكالده كما‬
‫فعل العامل ُب كتابو ا‪٤‬براجعات ‪ .‬انظر‪ :‬ص‪ 246-239‬كانظر‪ :‬اباب خاصا ُب الصوية ىو ا‪٤‬براجعة رقم ‪.68‬‬
‫‪ 247‬انظر‪ :‬فصل ا‪٣‬بطاب ُب ‪ٙ‬بريف كتاب رب األرابب ص ‪13‬‬
‫‪ 248‬الكاُب ‪233/1‬‬
‫‪ 249‬اا‪٤‬بلل كالنحل ‪163/1‬‬
‫‪ 250‬صحيح البخارم ‪71/7‬‬
‫‪ 251‬انظر‪ :‬ا‪٤‬براجعات ص ‪.162‬‬
‫‪ 252‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪163/1‬‬
‫‪ 253‬انظر‪ :‬أضواء على خطوط ‪٧‬بب الدين ص ‪95‬‬
‫‪100‬‬
‫الرد على استدالذلم األول كىو قو‪٥‬بم أف أمر اإلمامة ال ٰبتمل عدـ البياف‪:‬‬

‫أما قو‪٥‬بم أف أمر اإلمامة ال ٰبتمل عدـ البياف كأف الرسوؿ قد بينو ‪ ،‬فنقولبل ‪٫‬بن نعتقد أيضا أف الرسوؿ‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص قد بينو ٗبقدمات كثّبة ‪ ،‬تدؿ على استخبلؼ أيب بكر الصديق ‪ ،‬فمن ذلك ماجاء عن جبّب بن‬
‫مطعم عن أبيو ‪ُ ،‬ب جواب الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص للمرأة الٍب أمرىا أف ترجع إليو فقاؿ ‪ " :‬فإف دل أجدؾ ايرسوؿ‬
‫‪254‬‬
‫هللا"فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ":‬إف دل ٘بديِب فأت أاب بكر "‬

‫كُب حديث حذيفة بن اليماف أنو قاؿ قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا لعيو كسلم " اقتدكا ابللذين من بعدم‬
‫‪255‬‬
‫أيب بكر كعمر"‬

‫كمن حديث عائشة قالت قاؿ رل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص " ادعي رل أاب بكر كأخاؾ حٌب أكتب كتااب فإين‬
‫‪256‬‬
‫أخاؼ أف يتمُب متمن كيقوؿ قائل أان أكذل كأيىب هللا كا‪٤‬بؤمنوف إال أاب بكر"‬

‫كغّب ىذه االحاديث الكثّبة ‪ ،‬الٍب تعرؼ منها أحقية أاب بكر الصديق اب‪٣‬ببلفة ‪ ،‬كليس ىناؾ أم دليل‬
‫صريح يدؿ على خبلفة علي‪ ،‬كلو كاف ىناؾ دليل لقالو علي ك‪٤‬با كتمو ك‪٤‬با كذبو الناس‪. 257‬‬

‫كلذلك قاؿ علي ‪٤‬بن قاؿ لو حْب كفاتو استخلف علينا ‪ " :‬ال كلكن أترككم كما ترككم رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو كسلم " كلو كانت ابلوراثة لبينها علي‪ ،‬كلبْب استحقاؽ ا‪٣‬ببلفة من بعده لبنيو ك‪٤‬با عصى ذلك‬
‫ا‪٢‬بسن كتنازؿ ‪٤‬بعاكية حقنا لدماء ا‪٤‬بسلمْب ك‪٤‬با استجاز لو ذلك مع علمو أبف منصبو ُب اإلمامة من عند‬
‫هللا‪. 258‬‬

‫كقد ثببت أف عليا قاؿ كىو على منرب الكوفة‪ " :‬أيها الناس إف خّب ىذه األمة بعد نبيها أبو بكر ٍب عمر‬
‫‪259 " ..‬كلو علم أنو خّب منهما ‪٤‬با غش ا‪٤‬بسلمْب ك‪٤‬با كتم ذلك عنهم ‪.‬‬

‫كدل يزعم علي كال ا‪٢‬بسن كال ا‪٢‬بسْب كال أحد من بِب ىاشم أف لديهم نص من النيب ملسو هيلع هللا ىلص على إمامتهم ‪.‬‬

‫الرد على استدالذلم الثاينكىو قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬من كننت مواله فعلي مواله "‬

‫‪ 254‬أخرجو البخارم ‪ 71/7‬كمسلم ‪249/4‬‬


‫‪ 255‬أخرجو الَبمذم ‪609/5‬‬
‫‪ 256‬أخرجو مسلم ‪248/5‬‬
‫‪ 257‬انظر‪ :‬الشيعة كالتصحيح للموسوم ص ‪20-19‬‬
‫‪ 258‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية‪325/8‬‬
‫‪ 259‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية ‪14-13/8‬‬
‫‪101‬‬
‫فنقوؿ ‪ :‬ىذه الوالية ال تستلزـ الوالية العامة ‪ٗ ،‬بعُب اإلمارة ‪ ،‬فقد كردت نصوص كثّبة فيها إثبات مواالة‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب بعضهم لبعض ُب الكتاب كالسنة كما قاؿ تعاذل‪ { :‬كا‪٤‬بنوف كا‪٤‬بؤمنات بعضهم أكلياء بعض} ‪.‬‬

‫ككرد أيضا أف ا‪٤‬بؤمنْب أكلياء هللا‪ ،‬ككرد أف هللا كرسولو كالذين امنوا أكلياء ا‪٤‬بؤمنْب فقاؿ تعاذل ‪ {:‬إ٭با‬
‫كليكم هللا كرسولو كالذين أمنوا }‪ ،‬فليس معُب ذلك اإلمارة كأف من كنت كليا يعِب أمّبا عليو ‪.‬‬

‫ككالية علي ك‪٧‬ببتو كاجبة على كل مسلم ‪ ،‬كىي من جنس مواالة ا‪٤‬بؤمنْب بعضهم لبعض ‪ ،‬فكل من كاف‬
‫الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص مواله فعلي مواله كالشك ‪ ،‬كليس ا‪٤‬براد من كنت أمّبه فعلي أمّبه فالرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص دل يدع‬
‫اإلمارة أصبل ‪.‬‬

‫الرد على استدالذلم الثالث وىو قول النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬أقضاكم علي "‬

‫كىذا ليس فيو نص اب‪٣‬ببلفة من بعده ‪ ،‬كغاية مافيو أنو شهد لو ابلقضاء ‪ ،‬كاليلزـ أصبل أف يكوف اإلماـ‬
‫قاضيا ‪ ،‬كليس القضاء من شركط اإلمامة مع أٮبيتها ‪ ،‬كىذا من جنس كصف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ألحد‬
‫الصحابة ٗبا يتميز بو كقولو " أفرضكم زيد " كقولو ‪ " :‬أعلمكم اب‪٢‬ببلؿ كا‪٢‬براـ معاذ " كقولو ‪" :‬أقرؤكم‬
‫أيب" ‪ .‬كىكذا كاف من عادة النيب ملسو هيلع هللا ىلص أف يربز الثناء ٗبا يتميز بو أصحابو ‪ ،‬كلو أراد ابلقضاء ا‪٣‬ببلفة من‬
‫بعده ‪٤‬با خشي أحدا كألظهر ذلك ُب صريح العبارة ‪.‬‬

‫الرد على استدالذلم الرابع وىو قول النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬أنت مٍت مبنزلة ىارون من موسى " ‪:‬‬

‫كىذا ليس فيو نص على اإلمامة ‪ ،‬كما أف ىاركف دل يكوف ىو خليفة موكسى بل مات قبلو‪.‬‬

‫كسبب كركد ا‪٢‬بديث يوضح ذلك‪ ،‬كىو أنو قا‪٥‬با ُب غزكة تبوؾ‪ ،‬حيث خلف الرسوؿ على ا‪٤‬بدينة عليا‬
‫فقاؿ بعض ا‪٤‬بنافقْب‪":‬إ٭با خلف عليا ألنو يستثقلو كال ٰببو "‬

‫فلما علم بذلك عليا أخذ سيفو ك‪٢‬بق ابلرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كىو انزؿ اب‪١‬برؼ كأخربه بقوؿ ا‪٤‬بنافقْب‪ ،‬فقاؿ لو‬
‫الرسوؿ صلى هللا عليو كسلم‪ " :‬أما ترضىى اف تكوف مِب ٗبنزلة ىاركف من موسى " فبْب لو أف‬
‫استخبلفو على ا‪٤‬بدينو ليس الستثقالو ‪ ،‬بل كما فعل موسى مع ىاركف حينما ذىب ليمقات ربو‪ ،‬فلم‬
‫ٱبلفو بغضا أك استثقاال ‪.‬‬

‫كىناؾ حكم كثّبة أرادىا الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص من استخبلؼ علي‪ ،‬كمن أبرزىا أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص سيغيب عن‬
‫ا‪٤‬بدينة فَبة طويلة لبعد تبوؾ عنها ‪ ،‬كٰبتاج ذلك أف ٱبلف عليها رجل قوم شجاع يرىب األعداء‬
‫كيكبت ا‪٤‬بنافقْب ‪ ،‬كليس ىناؾ أنسب من علي ا‪٤‬بعركؼ بشجاعتو كبسالتو كإقدامو ُب ا‪٢‬بق ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫الرد على استدالذلم اخلامس ‪ " :‬وىو أن الرسول كان ال يؤمر أحد على علي يف الغزوات " ‪:‬‬

‫فجوابو أف يقاؿ ‪ :‬إف ذلك ليس دليبل على استخبلفو ا‪٣‬ببلفة من بعده‪ ،‬فقد كاف الرسوؿ يورل من يرل‬
‫أنو األنسب للقياـ بتلك ا‪٤‬بهمة ‪ ،‬فقد كذل الرسوؿ من ىو دكف أيب بكر إب‪ٝ‬باع السنة كالشيعة ‪ ،‬مثل‬
‫عمرك بن العاص ‪ ،‬كالوليد بن عقبة ‪ ،‬ككذل ابن أـ مكتوـ على ا‪٤‬بدينة كما كذل غّبه ‪ ،‬فلم يَبؾ كال ية أيب‬
‫بكر لكونو انقصا عن ىؤالء كرٗبا ترؾ كاليتو إلرادة بقاءه عنده ُب ا‪٤‬بدينة كحاجتو إليو ‪.‬‬

‫كأما إرسالو لعلي بسورة براءة فذلك لينبذ إذل ا‪٤‬بشركْب عهدىم‪ ،‬كقد كانت من عادة العرب أف ال ينبذ‬
‫العقود كال ٰبلها إال ا‪٤‬بطاع أك رجل من أىل بيتو فقط‪ ،‬كعلي ىو صاحب القرابة ‪ ،‬كدل يكن ا‪٤‬بقصود رد‬
‫‪260‬‬
‫أيب بكر عن إمارة ا‪٢‬بج ‪ ،‬كلذلك كاف علي يصلي خلف أاب بكر كىو أمّب على ا‪٢‬بج‬

‫اثنيا ‪ :‬دعواىم عصمة األئمة واألوصياء ‪:‬‬

‫يدعي الشيعة عصمة االئمة من كل الذنوب كا‪٣‬بطااي كالصغائر كالكبائر كا‪٣‬بطأ كالنسياف منذ طفولتهم‬
‫إذل هناية حياهتم كجواب ال شك فيو ‪.‬‬

‫كسبب ذلك ‪ :‬ىو أهنم اعتقدكا أف العصمة شرط من شركط اإلمامة‪ٍ 261‬ب رفعوا منزلة األئمة إذل‬
‫االعتقاد أبهنم أفضل من األنبياء‪ ،‬ألهنم نواب أفضل األنبياء‪ٍ ،262‬ب اعتقدكا أهنم يعلموف الغيب كأف‬
‫جزءا إ‪٥‬بيا حل فيهم‪ ، 263‬كاذا كانوا كذلك فمن الطبيعي أف تكوف العصمة إحدل خصائصهم ‪.‬‬

‫كىناؾ سبب اثف‪ ،‬كىو أهنم قالوا إف تنصيب اإلماـ إ٭با شرع ألجل جواز ا‪٣‬بطأ على غّبه ‪ ،‬فلو جاز‬
‫ا‪٣‬بطأ عليو كىو ا‪٥‬بادم إذل ا‪٢‬بق الحجتجنا إذل ىاد آخر كىكذا ‪ ،‬كىذا يستلزـ التسلسل‪. 264‬‬

‫كىناؾ سبب اثلث أيضا كىو أهنم اعتمدكا على النصوص الٍب تنص على عصمة األئمة حيث أكردكا‬
‫كثّبا من الوراايت الٍب تنص على عصمة األئمة ُب كتبهم كما جاء عند الكاُب من ركاية أيب عبد هللا أنو‬

‫‪ 260‬انظر‪ :‬منهاج السنة لشيخ االسبلـ ابن تيميةص‪87‬ك‪94-92‬ك‪.221‬‬


‫‪ 261‬كما نص على ذلك الطوسي ُب كتاب الغيبة ص ‪4-3‬‬
‫‪ 262‬انظر‪٨ :‬بتصر التحفة االثِب عشرية ص ‪284‬‬
‫‪ 263‬انظر‪ :‬كتاب ا‪٢‬بجة من الكاُب كنصو‪ ":‬اب أف األئمة يعلموف علم ماكاف كما يكوف كانو ال ٱبفى عليهم شيء‬
‫صلوات هللا عليهم" ‪ ، 203/1‬لَبل الغلو ُب األحاديث الٍب أكردىا ك‪٠‬باىا أحاديث أيضا كانظر أيضا اباب اندرا فيو‬
‫ذكر الغيب ‪ 200/1‬لَبل النصوص على أف األئمة يعلموف الغيب‪.‬‬
‫‪ 264‬انظر‪ :‬كتاب الغيبة ص ‪15‬‬
‫‪103‬‬
‫قاؿ ‪٫ " :‬بن خزاف علم هللا ك‪٫‬بن ترا‪ٝ‬بة أمر هللا ‪٫‬بن قوـ معصوموف أمر هللا بطاعتنا كهنى عن‬
‫‪265‬‬
‫معصيتنا"‬

‫إبطال ما ادعتو الشيعة من عصمة أئمتهم ‪:‬‬

‫‪ - 1‬من أىم األسباب الٍب دعت الشيعة إذل القوؿ بعصمة اإلماـ ىو ا‪٣‬بوؼ من كقوع ا‪٣‬بطأ منو‬
‫فيحتاج الناس إذل ىاد يستحيل عليو ا‪٣‬بطأ – كما سبق‪. -‬‬

‫كىذا من الباطل ‪ ،‬إذ أنو من ا‪٤‬بعلوـ عند ‪ٝ‬بيع الناس أف ا‪٤‬بقصود من تنصيب اإلماـ ىو تنفيذ األحكاـ‬
‫كدرء ا‪٤‬بفاسد كحفظ األمن كالنظر ُب مصاحل الرعية كغّب ذلك ‪ ،‬كليس شرطا بقائو ُب ا‪٢‬بكم اف يكوف‬
‫معصوما ‪.‬‬

‫‪ -2‬أف الشرع دل يطالبو اإلماـ إصابة عْب ا‪٢‬بق ُب كل مسألة بل طالبو بتحرم العدؿ بقدر‬
‫اإلمكاف‪.‬‬
‫‪ -3‬أننا لو افَبضنا صحة دعواىم فإنو ال يكفي إماـ معصوـ كاحد للناس كلهم مع تباعد البلداف ‪،‬‬
‫فوجب أف يكوف ُب كل بلد إماـ معصوـ يباشر ا‪٢‬بكم بنفسو كإال ىلك الناس كال ٯبوز لو أف‬
‫يبنيب أحدا مكانو ‪١‬بواز ا‪٣‬بطأ على غّبه كىذا من ا‪٤‬بستحيبلت الٍب ال تتخيل ‪.‬‬
‫‪ -4‬أنو ليس لديهم أم دليل صحيح من القراف أك السنة أك اإل‪ٝ‬باع فيهالتصريح بعصمة االئمة ‪.‬‬
‫‪ -5‬أنو دل تثبت العصمة ا‪٤‬بطلقة الٍب اعتقدىا الشيعة ألحد من البشر ‪ ،‬بل حٌب األنبياء عليهم‬
‫الصبلة كالسبلـ‪ ،‬فقد كرد أف البِب ملسو هيلع هللا ىلص ينسى أك صدرت منو تصرفات ابحتهاده ُب غّب التبليغ‬
‫عوتب عليها كقولو تعاذل ‪ { :‬عفى هللا عنك دل أذنت ‪٥‬بم }سورة التوبة آية‪ 43‬كعوتب على‬
‫أخذ الفداء من أسارل بدر كغّب ذلك ‪ ،‬فكيف تثبت ‪٤‬بن ىو دكهنم‪.‬‬
‫‪ -6‬أف أئمة الشيعة قد صرحوا بنفي العصمة عنهم ُب كتبهم ‪ ،‬كمع ذلك الأيخذ هبا الرافضة ‪،‬‬
‫كقوؿ علي هنع هللا يضر عندما علل كرىو السبلـ على ا‪٤‬براة الشابة بقولو‪" :‬أ‪ٚ‬بوؼ أف يعجبِب صوهتا‬
‫‪266‬‬
‫فيدخل علي من اإلٍب أكثر ‪٩‬با طلبت من األجر "‬
‫ككاف يقوؿ ألصحابو ‪ " :‬ال تكفوا عن مقالة ٕبق أك مشورة بعدؿ فإين لست آمن أف أخطيء"‬
‫‪267‬‬

‫‪ 265‬انظر‪ :‬كتاب ا‪٢‬بجة من الكاُب ‪149/1‬‬


‫‪ 266‬الكاُب ‪ 473/2‬كلو كاف علي يدعي العصمة لنفسو – كما يزعم الشيعة – ‪٤‬با خاؼ االٍب‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫ككقوؿ ا‪٢‬بسْب فيما نسب إليو عندما تنازؿ ا‪٢‬بسن ‪٤‬بعاكية‪ " :‬لو يجز أنفي أحب إرل ‪٩‬با فعلو‬
‫أخي "‪268‬فاذا خطأ أحد ا‪٤‬بعصومْب اآلخر ثبت خطأ أحدٮبا ‪.‬‬
‫‪ -7‬أف ىذه الدعول ‪ٚ‬بالف الطبيعة البشرية ا‪٤‬بركبة ‪ ،‬فبل ٲبدح اإلنساف ألنو معصوـ بل ٲبدح ألنو‬
‫جاىد نفسو على فعل ا‪٣‬بّب كما أخرب هللا بذلك ُب كتابو ك‪٥‬بذا رتب ا‪١‬بزاء على ذلك ‪.‬‬

‫اثلثا ‪ :‬تدينهم ابلتقية ‪:‬‬

‫التقية ُب اللغة ىي ا‪٢‬بذر ‪ ،‬كىي ُب مفهوـ الشيعة أف يظهر الشخص خبلؼ ما يبطن ‪ .‬أم أف معناىا‬
‫الكذب كا‪٣‬بداع كا‪٤‬براكغة ‪ ،269‬كمصداؽ ىذا ماجاء ُب ركاية الكليِب عن أيب عبد هللا أنو قاؿ "‬
‫‪270‬‬
‫خالطوىم ابلربانية كخالفوىم اب‪١‬بوانية "‬

‫كالتقية تعترب عند الشيعة من أسس العقائد عند الرافضة كيتبْب ذلك فيما يلي ‪:‬‬
‫‪271‬‬
‫‪ - 1‬أف التقية أساس الدين ‪ ،‬كما جاء ُب الكاُب ‪ " :‬ال إٲباف ‪٤‬بن ال تقية لو "‬

‫‪ – 2‬أف التقية عز الدين كنشره ذؿ ‪ ،‬كما جاء عن أيب عبد هللا ُب الكاُب أنو قاؿ ‪ ":‬إنكم على دين من‬
‫كتمو أعزه هللا كمن أذاعو أذلو هللا "‪ ، 272‬كىذا خبلؼ أمر هللا بنشر ا‪٢‬بق كالصدكع بو كما قاؿ تعاذل‬
‫‪{:‬بلغ ما أنزؿ إليك} كقاؿ ‪ { :‬فاصدع ٗبا تؤمر }‬

‫‪ – 3‬أف ترؾ التقية مثل ترؾ الصبلة ‪ ،‬قاؿ القمي " التقية كاجبة من تركها كاف ٗبنزلة من ترؾ الصبلة‬
‫"‪.273‬‬

‫‪ - 4‬أف التقية قائمة إذل أف ٱبرج قائم آؿ دمحم ‪ ،‬كىو ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر ‪ ،‬كما نص على ذلك القمي‬
‫‪. 274‬‬

‫‪٨ 267‬بتصر التحفة االثِب عشرية ص ‪121‬‬


‫‪ 268‬نفس ا‪٤‬برجع ‪.‬‬
‫‪ 269‬انظر‪ :‬ا‪٣‬بطوط العريضة ص‪ 7‬كالشيعة ُب ا‪٤‬بيزاف ص ‪ 86‬ك‪ٙ‬بريف القرآف ص ‪.36‬‬
‫‪ 270‬الكاُب ‪175/2‬‬
‫‪ 271‬الكاُب ‪174/2‬‬
‫‪ 272‬الكاُب‪176/2‬‬
‫‪ 273‬انظر‪ :‬الشيعة كالسنة ص ‪ 157‬نقبل عن االعتقادات للقمي‪.‬‬
‫‪ 274‬انظر‪ :‬الشعة كالسنة ص ‪157‬‬
‫‪105‬‬
‫‪ - 5‬حرفوا معاين القرآف إذل ما يوافق أىوائهم ‪ ،‬كقولو تعاذل ‪ { :‬إف أكرمكم عند هللا‬
‫أتقاكم}سورة ا‪٢‬بجرات آية‪ 13‬ففسركىا ٗبعُب أعلمكم ابلتقية‪.275‬‬
‫‪ – 6‬يركف أف ا‪٤‬بعيار الصحيح ُب معرفة الشيعي من السِب ىو االعتقاد ابلتقية كما زعموا أف‬
‫‪276‬‬
‫ا‪٢‬بسْب قاؿ " لوال التقية ما عرؼ كلينا من عدكان"‬
‫‪ – 7‬أف ترؾ التقية من الذنوب الٍب ال يغفرىا هللا كالشرؾ عندىم ‪ ،‬كما رككا ذلك عن علي بن‬
‫ا‪٢‬بسْب اإلماـ الرابع أنو قاؿ ‪ " :‬يغفر هللا للمؤمن كل ذنب ‪ ..‬ماخبل ذنبْب ترؾ التقية كترؾ حقوؽ‬
‫اإلخواف"‪. 277‬‬
‫‪ 8‬أف أجر عل التقية خصوصا إذا كاف ُب كقت ضعف فإنو يعدؿ مصافحتو لعلي أك الصبلة خلف‬
‫نيب من األنبياء‪.278‬‬
‫‪ -‬أسباب قول الشيعة ابلتقية‪:‬‬

‫اختلفت كلمة لشيعة ُب األساب الٍب دعتهم إذل األخذ ابلتقية‪ ،‬كفيما يلي نوجز أىم ما قيل‪:‬‬

‫‪ -1‬قالت طائفة منهم أف التقية ٘بب للحفاظ على النفس أك العرض أك ا‪٤‬باؿ أك االخواف‪.‬‬
‫‪ -2‬كقالت طائفة أف التقية ٘بب ألهنا فضيلة بذاهتا‪ ،‬كالفضائل ٯبب التحلي هبا‪. 279‬‬

‫كالصواب أهنم قالوا هبا لظركؼ أحاطت هبم كرأكا أف ا‪٣‬ببلص ال يكوف إال ابإلتكاء على القية ‪ ،‬منها‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫أهنم كقفوا على أقواؿ متضاربة من ا‪٤‬بعصومْب عندىم ‪ ،‬رغم أهنا ال تثبت أصبل‪.280‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫كمنها ما كجدكه من كبلـ األئمة ُب مدح الصحابة ك‪٨‬بالفة عقائد الرافضة ‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫كمنها أهنم ‪١‬بؤك إذل التقية كما يراه ‪٨‬بالفوىم كموافقوىم أحياان من أهنم قالوىا من ‪٤‬با كقفوا‬ ‫ت‪-‬‬
‫ا‪١‬بهل علمائهم ُب الفتيا ‪ ،‬فما يفتونو ُب مسألة ٱبالفونو بعد مدة كذلك بسبب نسياهنم‬
‫الفتيا األكذل ‪ ،‬فاستحسنوا التقية للخركج من ذلك ا‪١‬بهل ‪ ،‬ك‪٩‬بن قاؿ هبذا سليماف بن‬

‫‪ 275‬الشيعة كالسنة ص ‪ 158‬نقبل عن االعتقادات للقمي‪.‬‬


‫‪ 276‬الشيعة كالسنة ص ‪ 158‬نقبل عن كتاب االعتاقادات للقمي‬
‫‪ 277‬نفس ا‪٤‬برجع‪.‬‬

‫‪٨ 278‬بتصر التحفة االثِب عشرية ص ‪290‬‬


‫‪ 279‬انظر‪ :‬الكاُب ‪. 175/2‬‬
‫‪ 280‬انظر‪ :‬الشيعة كالتصحيح ص ‪58‬‬
‫‪106‬‬
‫جرير الشعيب كىو من علماء الشيعة فيما يركيو عنو النوٖبي كىو من علماء الشيعة أيضا ُب‬
‫كتابو فرؽ الشيعة‪. 281‬‬

‫أدلة الشيعة على جواز التقية ‪:‬‬

‫أكرد الشيعة أدلة كثّبة على كجوب التقية لوك فيها أعناؽ النصوص لتوافق معاين ما اعتقدكه ُب التقية ‪،‬‬
‫فمن ذلك ما ذكره ٕبر العلوـ ُب تعليقو على فرؽ الشيعة للنوٖبٍب من األدلةالكثّبة الٍب نقلها عن‬
‫الطربسي منها ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬قولو تعاذل‪{:‬كال تلقوا أبيديكم إذل التهلكة} سورة البقرة آية ‪.195‬‬
‫‪ -2‬قولو تعاذل‪{ :‬فنظر نظرة ُب النجوـ فقاؿ إين سقيم} سورة الصافات آية ‪.88‬‬
‫‪ -3‬قولو تعاذل‪{ :‬ال يتخذ ا‪٤‬بؤمنوف الكافرين أكلياء من دكف ا‪٤‬بؤمنْب‪ ...‬إال أف تتقوا منهم تقاة}‬
‫سورة آؿ عمراف آة ‪.16‬‬
‫‪ -4‬قولو تعاذل‪{:‬إال من أكره كقلبو مطمئن ابإلٲباف} سورة النحل آية‪.106‬‬

‫الرد على اعتقادىم يف التقية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الرد على استدال‪٥‬بم ابآلايت على كجوب التقيةفنقوؿ‪:‬‬

‫إف استدال‪٥‬بم ابآلايت السابقة كغّبىا من أمثا‪٥‬با استدالؿ خاطيء إذ أف معانيها ال ‪ٛ‬بت ‪٤‬بعاف التقية‬
‫ا‪٤‬برادة عندىم أبدىن صلة‪ ،‬كالٍب ىي من الكذب عندىم كإظهار خبلؼ ما يبطن اإلنساف ُب ا‪٤‬بأمن‬
‫كا‪٤‬بكره‪.‬‬

‫ففي اآلية األكذل أمر هللا بعدـ إلقاء النفس إذل التهلكة كليس فيها ٘بويز التقية ُب كل كقت‪.‬‬

‫كاآلية الثانية فيها تعريض كليس كذب كىو أم أنِب سقسم من عبادتكم لؤلكاثف ُب قولو {إين‬
‫سقيم}‪.282‬‬

‫كأما اآلية الثالثة فإف معناىا األمر ابالتقاء من الكفار‪ ،‬كالنهي عن مواالة الكفار إال أف يكوف الكفار‬
‫غالبْب ظاىرين فيداركف ابللساف دكف القلب دفعا للضرر عن النفس أك دفعا ‪٣‬بطرىم عن ا‪٤‬بسلمْب كما‬
‫ذكر ذلك البغوم ر‪ٞ‬بو هللا ‪.283‬‬

‫‪ 281‬انظر‪ :‬فرؽ الشيعة للنوٖبٍب ص ‪87-85‬‬


‫‪ 282‬انظر‪ :‬تفسّب القرآف العظيم ‪13/4‬‬
‫‪107‬‬
‫كُب االية الرابعة كىي جواز التقية فيمن كاف حالو مشرفا على ا‪٣‬بطر‪ ،‬كاضطر إذل قوؿ الكفر فلو‬
‫ذلك من غّب اعتقاد أك عمل بو كال يشرح بو صدرا‪. 284‬‬

‫اثنيا‪ :‬أف التقية قلب ‪٢‬بقائق الدين‪ ،‬فاهلل عز كجل طلب من الناس نشر العلم كبيانو كدل أيمرىم بكتمانو‬
‫كخداع الناس بو ‪ ،‬فقاؿ تعاذل ‪ { :‬اي أيها الرسوؿ بلغ ما أنزؿ إليك من ربك} ‪.‬‬

‫كقد امتثل ذلك الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ " :‬بلغوا عِب كلو آية "‬

‫كقاؿ‪":‬نضر هللا امرءا ‪٠‬بع منا شيئا فبلغو كما ‪٠‬بع "‬

‫كأثُب هللا على ا‪٤‬ببلغْب للعلم كا‪٤‬ببينْب للحق فقاؿ‪{:‬الذين يبلغوف رساالت هللا كٱبشونو}‬

‫كما ذـ ا‪٤‬بنافقْب كا‪٤‬بخادعْب فقاؿ‪{ :‬كاذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا كإذا خلوا إذل شيطانيهم قالوا إان‬
‫معكم إ٭با ‪٫‬بن مستهزؤكف} كقد أمر اإلسبلـ ابلصدؽ فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪":‬عليكم ابلصدؽ فاف الصدؽ يهدم‬
‫إذل الرب ‪"..‬‬

‫اثلثا ‪ :‬أف الشيعة رككا ُب أمها كتبهم ما يناقض قو‪٥‬بم ابلتقية فقد رككا أف عليا هنع هللا يضر كاف يهدد عمر ُب‬
‫مواقف كثّبة بل يضربو أحياان كيهينو كيرفع صوتو عليو كأف عليا لو شاءأف ٱبسف بعمر ‪٣‬بسف بو كبغّبه‬
‫‪ ،‬كىذا دليل على أف عليا ماكاف ٕباجة إذل التقية ‪.‬‬

‫كركا كذلك أف عليا توقف عن مبايعة أيب بكر ستة أشهر كلو كاف يرل كجوب التقية لبايعو كأبطن‬
‫ا‪٣‬ببلؼ ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬ىناؾ الزمات تلزـ الشيعة بضد ما يعتقدكنو ُب قو‪٥‬بم ابلتقية ‪ ،‬حيث رككا أف األئمة يعلموف ما‬
‫كاف كما سيكوف كأنو ال ٱبفى عليهم شيء ‪ ،‬كإذا كاف كذلك فإف التقية ُب حقهم تعترب جبنا كخوفا‬
‫كإال فلماذا يلجؤكف إذل التقية كىم يعلموف الغيب ‪.‬‬

‫كيلزـ من ذلك أيضا أف يصفوا ا‪٢‬بسْب بن علي اإلماـ الثاين أبنو ليس لو كرامة كال فضل‪ ،‬بل ليس لو‬
‫إٲباف ألنو عمل ٖببلؼ التقية مع معاكية ‪.‬‬

‫كيلزـ منو أيضا أف يكوف ا‪٤‬بنافقْب أفضل الناس ألهنم أكثر الناس ‪٨‬بادعة كإظهارا ‪٣‬ببلؼ ما يبطنوف‪.285‬‬

‫‪ 283‬انظر‪ :‬تفسّب البغوم‪292/1‬‬


‫‪ 284‬انظر‪ :‬جامع البياف‪182/14‬‬
‫‪108‬‬
‫رابعا ‪ :‬ادلهدية والرجعة عند الشيعة ‪:‬‬

‫من ىو ادلهدي ؟ ‪:‬‬

‫يؤمن أىل السنة اب‪٤‬بهدم الذم صحت بو األحاديث ‪ ،‬كلكنو غّب مهدم الشيعة الذين جعلوا كل‬
‫تعلقهم بو ‪ ،‬كاخباره عندىم اكثر من اف تذكر كقد أفرده الطوسي بكتابو ا‪٤‬بسمى "كتاب الغيبة" كليس‬
‫للشيعة مهدم كاحد كإ٭با لكل فرقة مهديها الذم تنتظره ‪،‬كمهدم االثنا عشرية ىو دمحم بن ا‪٢‬بسن‬
‫العسكرم‪.‬‬

‫يزعم الرافضة أف ا‪٤‬بهدم ُب سراداب بسامراء‪ ،‬كأف فيو دابة ترابط دائما على اببو لّبكبها إذا خرج ‪،‬‬
‫كيقف ‪ٝ‬باعة عليو ينادكف ‪ :‬ايموالان اخرج ‪ ،‬كيشهركف السبلح ‪ ،‬كال يصلوف خشية أف ٱبرج كىم‬
‫منشغلوف عنو ‪ ،‬كيتوجهوف إذل ا‪٤‬بشرؽ ُب أماكن كثّبة كأزمنة متعددة كالعشر األكاخر من رمضاف‬
‫كينادكف أبعلى األصوات منادين ٖبركج ا‪٤‬بهدم ‪.‬‬

‫فقد تقرر ُب عقائد الرافضة كما يذكر الكليِب " أف األرض ال ‪ٚ‬بلوا من إماـ حجة إال إذا كاف قبل يوـ‬
‫القيامة أبربعْب يوما"‪.286‬‬

‫كيعتقدكف أنو ال ٯبوز السؤاؿ عن ا‪٠‬بو أبم حاؿ‪ ،‬كيكتفى بلقب القائم ألنو يقوـ بعد ا‪٤‬بوت‪، 287‬‬
‫كيعتقدكف أنو ٰبج فيكل سنة ماشيا على رجليو كال يرل عليو أثر السفر‪. 288‬‬

‫كقد ‪٠‬بى الكليِب أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص أشباه ا‪٣‬بنازير كاألمة ا‪٤‬بلعونة لعدـ إٲباهنا بغيبة ا‪٤‬بهدم‪. 289‬‬

‫‪ 285‬انظر‪٤ :‬بزيد من التفصي ‪٨ :‬بتصر التحفة االثِب عشرية حيث ذكر أشياء يضيق اجملاؿ عن ذكرىا‪ ،‬ص‪296-288‬‬
‫‪ 286‬انظر‪ :‬للمزيد من اخباره‪ :‬كتاب الغيبة للطوسي ككتاب ا‪٢‬بجة من الكاُب ص ‪ُ 277-264‬ب األبواب التالية‪:‬‬
‫ابب تسمية من رآه (ع) كابب النهي عن االسم(ع) كابب اندر ُب حاؿ الغيبة‪ ،‬كانظر كتاب الغيبة ص ‪، 300‬ابب‬
‫كراىية التوقيت إألل ص ‪ 303‬ابب التمحيص كاالمتحاف‪ .‬كابب مولد الصاحب(ع) ا‪١‬بزء الثاين‪ ،‬ص ‪-264‬‬
‫‪ .268‬كانظر‪ :‬من كتب السلف منهاج السنة ‪ 29-12/1‬ك‪٨‬بتصر التحفة االثِب عشرية ص‪ 200‬كالشيعة كالتشيع‬
‫ص ‪.388-351‬‬
‫‪ 287‬انظر‪ :‬الغيبة ص‪260‬‬
‫‪ 288‬انظر‪ :‬الكاُب ‪268/2‬‬
‫‪ 289‬انظر‪ :‬الكاُب ‪272/2‬‬
‫‪109‬‬
‫كيركف أف غيبة ا‪٤‬بهدم كاف من ا‪٤‬بفَبض أف ال تتأخر كثّبا‪ ،‬فقد كانت ستة أايـ أك ستة أشهر أك ست‬
‫سنْب‪ ،290‬كيركف أنو قبل ظهوره ستخرج عبلمات منها أنو تقع الفًب بْب السنة كالشيعة كيسمي‬
‫بعضهم بعضا كذابْب كيتفل بعضهم ُب كجوه بعض‪. 291‬‬

‫كيعتقدكف أف ا‪٤‬بهدم حينما خرج من بطن أمو كاف يقرأ القراف بصوت مسموع ككاف ساجدا ٍب أمره‬
‫كالده فاستعاذ ابهلل من الشيطاف الرجيم ٍب قاؿ أشهد أف ال إلو إال هللا كأشهد أف دمحما رسوؿ هللا ٍب صلى‬
‫على أمّب ا‪٤‬بؤمنْب كعلى األئمة إذل أف كقف على أبيو ٍب تلى قوؿ هللا ‪ { :‬كنريد أف ٭بن على الذين‬
‫استضعفوا ُب األرض ك‪٪‬بعلهم أئمة ك‪٪‬بعلهم الوراثْب }سورة القصص آية‪.5‬‬

‫ك‪٥‬بم أخبار كثّبة ذكرىا الطوسي ُب كبلـ ا‪٤‬بهدم كأفعالو يطوؿ ذكرىا كىو حديث عهد ابلوالدة منها أف‬
‫ركح القدس طار بو مرة ليعلمو العلم ‪ ،‬كأنو كاف ينمو ُب السنة الواحدة مثل ٭بو سنتْب من غّبه ككثّب من‬
‫‪292‬‬
‫ا‪٣‬برافات تركناىا خشية اإلطالة‬

‫كيعتقدكف أف ا‪٤‬بهدم قد شوىد كىو يطوؼ حوؿ الكعبة‪ ،‬كلو يوما كاحدا يلتقي فيو ٖبواصو كىو ال‬
‫ٰبب أف يساكن أحدا من أمة دمحم كلو ككبلء ك‪٠‬باسرة يوقعوف عنو عدىم الطوسي ‪ 13‬رجبل كىم‬
‫‪٩‬بدكحوف‪.293‬‬

‫كمع كل تلك االعتقدات النٍب انتهجها الشيعة ُب هتويل أمر ا‪٤‬بهدم كسبك القصص كاألساطّب حولو‬
‫إال أف ا‪٢‬بقيقة ىي أنو شخصية خيالية ال كجود ‪٥‬با إال ُب أذىاف الشيعة كما ىو الصحيح عند أكثر‬
‫العلماء كنتيجة لذلك كقعوا ُب كثّب من التناقضات‪294‬ٲبكن إٯباز آرائهم فيو فيما يلي ‪:‬‬

‫اختلف الشيعة يف وجوده ووالدتو‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اختالفهم يف وجوده‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪ 290‬انظر‪ :‬الكاُب‪273/2‬‬
‫‪ 291‬انظر‪ :‬الكاُب‪275/2‬‬
‫‪ 292‬انظر‪ :‬الغيبة لطوسي ص‪139‬‬
‫‪ 293‬انظر‪ :‬الغيبة ص ‪.241-199‬كالكاُب‪431/2‬‬
‫‪ 294‬ألهنم يزعموف أف لو غيبيتْب ‪ :‬إحداٮبا‪ :‬يوـ كفاة أبيو كىي الصغرل‪ ،‬كمدهتا ‪68‬أك ‪ 69‬سنة‪ ،‬كاثنيتهما‪ :‬الكربل‪:‬‬
‫كتبدأ من كفاة أيب ا‪٢‬بسْب علي بن دمحم السمرم آخر السفراء األربعة ا‪٤‬بزعومْب‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫فبعضهم يرل أف أابه قد مات كىو ا‪٢‬بسن العسكرم كدل ٱبلف ابنا ‪ ،‬كاستدلوا بعدة كقائع منها أف أخوه‬
‫قد كرث كل تركتو كلو كاف لو ابنا لتبْب ذلك‪ ،‬كمنها أنو قد استيربا أرحاـ جواريو كزكجاتو من قبل ا‪٣‬بليفة‬
‫العباسي بعد كفاتو كدل تكن إحداىن حامل ‪.‬‬

‫كبعضهم يرل ثبوت كالدتو ‪،‬كىؤالء اختلفوا اختبلفا كثّبا ‪ ،‬فالنوٖبٍب يزعم أهنا سنة ‪255‬ق ػ كالكليِب‬
‫يرل أهنا سنة ‪256‬ىػ‪ 295‬مع اعَبافو أبف ا‪٤‬بهدم خفي الوالدة كا‪٤‬بنشأ‪ ، 296‬كبعضهم يرل أنو كلد بعد‬
‫كفاة كالده بثمانية أشهر ‪ ،‬كبعضهم يرل أنو كلد قبل كفاة كالده بسنْب ‪ ،‬كقاؿ بعضهم ٖبمس سنوات ‪.‬‬

‫اختالفهم يف حتديد سنة والدتو واسم أمو ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫فمنهم من يرل أهنا سنة ‪ 256‬ىػ ‪ ،‬كمنهم من يرل أهنا سنة ‪258‬ىػ كبعضهم يرل أهنا سنة ‪ 255‬ىػ ‪.‬‬

‫كاختلفوا ُب اسم أمو فمنهم من يقوؿ أهنا نرجس كمنهم من يقوؿ أهنا صقيل كمنهم من يقوؿ أهنا‬
‫حكيمة كمنهم من يقوؿ أهنا سوسن‪ ،297‬كغّب ذلك من األقاكيل كاالختبلفات الكثّبة لٍب تدؿ على‬
‫بطبلف كجود ا‪٤‬بهدم كحقيقة ‪.‬‬

‫ختالفهم يف مكان وجود ادلهدي ‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬

‫اختلف الشيعة ُب ا‪٤‬بكاف الذم اختفى فيو مهديهم دمحم بن ا‪٢‬بسن العسكرم على أقواؿ كثّبة‪ ،‬كلعل كل‬
‫أىل مكاف معْب قربوه موضع اختفائو منهم ‪ ،‬فمنهم من قاؿ ُب سامراء‪ ،298‬كمنهم من قاؿ ُب ا‪٤‬بدينة‪،‬‬
‫كمنهم من قاؿ ُب مكة‪ ،299‬كمنهم من قاؿ بذات طول‪،300‬كمنهم من من قاؿ ُب اليمن بوادم‬

‫‪ 295‬انظر‪ :‬الكاُب " ابب اإلشارة كالنص إذل صاحب الدار"‬


‫‪ 296‬انظر‪ :‬الكاُب ‪277/2‬‬
‫‪ 297‬انظر‪ :‬ألخبار ىذا ا‪٤‬بهدم ُب كتب الشيعة‪:‬الغيبة للطوسي حيث جاء بكل ما عندىم من ا‪٣‬برافات كاألقاكيل ُب‬
‫إثباتو ‪ ،‬كانظر أضا‪ :‬فرؽ الشيعة للنوٖبتيوتعليق ٕبر العلوـ عليها من ص ‪ ، 132-115‬كانظر الفصل البن‬
‫حزاـ‪ 193-181/4‬كالشيعة كالتشيع ص ‪282-273‬‬
‫‪ 298‬كىذا أشهر أقوا‪٥‬بم ُب كتبهم ‪ .‬انظر‪ :‬ركاية دمحم بن يعقوب إبسناه عن ضوء بن علي العجلي عن رجل من أىل‬
‫فارس ‪ .‬كتاب الغيبة ص ‪146-140‬‬
‫‪ 299‬كتاب الغيبة ‪ 151/2‬كالكاُب ‪180/1‬‬
‫‪ 300‬انظر‪ :‬كشف األستار للطربسي ص‪ 2145‬نقبل عن الشيعة كالتشيع ص ‪354‬‬
‫‪111‬‬
‫مشركخ‪ ،301‬كمنهم من قاؿ ابلطائف‪ ، 302‬كغّب ذلك من األقواؿ الٍب توحي ببطبلف ادعاءاهتم مع تباعد‬
‫تلك البلداف فيما بينها ‪.‬‬

‫اختالفهم يف رجعة ادلهدي ومىت تتم ؟‬ ‫ج‪-‬‬

‫يؤمن سائر العقبلء أنو ال رجعة ألحد بعد موتو ليعيش ُب الدنيا ‪ ،‬كيؤمن ا‪٤‬بسلموف برجعة كاحدة تكوف‬
‫يوـ القيامة حْب ٯبمع هللا ا‪٣‬ببلئق لفصل القضاء كما ىو معلوـ من الدين ابلضركرة ‪.‬‬

‫أما الشيعة الرافضة فقد قرركا ُب عقائدىم أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأىل بيتو علي كا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسْب كبقية األئمة‬
‫سّبجعوف قبل يوـ القيامة ‪ ،‬كسّبجع ُب ا‪٤‬بقابل أبوز بكر كعمر كعثماف كمعاكية كيزيد بن ذم ا‪١‬بوشن‬
‫ككل من آذل أىل البيت ‪ ،‬كذلك حٌب يت عقاهبم كيقتلوا من قبل النيب كأىل البيت ‪.‬‬

‫ك‪٥‬بم ُب أخبار الرجعة أحاديث غريبة كخرافات ٲبجها العقل السليم‪ ،‬منها ما يلي ‪:‬‬

‫أف أاب بكر كعمر يصلباف ُب زمن ا‪٤‬بهدم حيث يصلبهما ُب شجرة خضرة فتيبس‪ ،‬كُب ركاية‬ ‫‪-‬‬
‫ُب شجرة ايبسة فتخضر ‪.‬‬
‫كمنها أف ا‪٤‬بهدم ٱبرج يوـ عاشوراء يوـ السبت بْب الركن كا‪٤‬بقاـ‪ ،‬فتسّب إليو شيعتو فمنهم من‬ ‫‪-‬‬
‫يطّب كمن من ٲبشي كالسحاب ‪ ،‬كتكوف ا‪٤‬ببلئكة حولو صافْب‪،‬كمعو ‪ٝ‬بيع الكتب ا‪٤‬بقدسة الٍب‬
‫أنز‪٥‬با هللا على أنبيائو كلهم ‪ٍ ،‬ب ينكل كيعذب ‪٨‬بالفيو كٲبتد ملكو ملكا عظيما ‪.‬‬
‫‪ -‬كمنها أف أكؿ أعماؿ ا‪٤‬بهدم ىو أف يبدأ بقتل قريش كيصلبهم أحياء كأمواات كيعمل فيهم‬
‫السيف كال يستتيب منهم أحدا كيستمر ُب قتلو ‪ٜ‬بانية أشهر ال يضع السيف‪ ،‬كأنو يقطع يد بِب‬
‫شيبة كيعلقها على الكعبة كيقتل سبعْب قبيلة من قبائل العرب ‪.‬‬
‫‪ -‬كمنها أنو يقيم ا‪٢‬بد على أـ ا‪٤‬بؤنْب عائشة‪،‬كزعموا أنو يبدأ حكما جديدا كىذا ا‪٢‬بكم فسركه‬
‫أبنو على حكم سليماف بن داككد ‪ ،‬كىذا يعِب أنو ال ٰبكم ابإلسبلـ ‪ ،‬بل ٰبكم بشريعة دكاد ‪،‬‬
‫كمن ا‪٤‬بعلوـ أف شريعة داكد كانت ىي اليهودية ‪.‬‬
‫‪ -‬كمنها أهنم يعتقدكف أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص حينما سّبجع كسيكوف جنداي يقاتل ُب جيش علي حيث‬
‫يبعث كذلك ىو كسائر األنبياء ‪ ،‬كيعتقدكف أف دابة األرض ا‪٤‬بذكورة ُب القرآف ىي علي بن أيب‬
‫طالب ‪.‬‬

‫‪ 301‬انظر‪ :‬األنوار النعاماين للجزائرم ‪ 65/2‬نقبل عن الشيعة كالتشيع ص ‪354‬‬


‫‪ 302‬انظر‪ :‬الغيبة ص ‪159‬‬
‫‪112‬‬
‫الرد على اعتقادت الشيعة يف الرجعة ‪:‬‬

‫ىناؾ الكثّب من تلك ا‪٣‬برافات ُب اعتقاداهتم ٘باه ا‪٤‬بهدم‪ -‬ضربنا عنها صفحا‪ -‬رغم ‪٨‬بالفتها الصرٰبة‬
‫للكتاب كالسنة ‪ ،‬فقد نص القراف على أنو ال رجعة ُب الدنيا فقاؿ تعاذل‪{ :‬حٌب إذا جاء أحدىم‬
‫ا‪٤‬بكوت قاؿ رب ارجعوف لعلي أعمل صا‪٢‬با فيما تركت كبل إهنا كلمة ىو قائلها كمن كرائهم برزخ إذل‬
‫يوـ يبعثوف}‬

‫كأما قو‪٥‬بم أف ا‪٤‬بهدم سيحاسب الناس فإف اإلسبلـ صرح أبف هللا عز كجل ىو من يتوذل ا‪٢‬بساب ‪١‬بيمع‬
‫ا‪٣‬ببلئق‪ ،‬أما البشر فقاؿ عنهم فقاؿ هللا عنهم‪{ :‬إف كل من ُب السموات كاألرض إال آت الر‪ٞ‬بن عبدا‬
‫}‬

‫أما قو‪٥‬بم أبف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص يقاتل بْب يدم علي فهذا استخفاؼ بعظم حق الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كإىانة أيضا‬
‫لعلي أبنو دابة األرض ‪.‬‬

‫كأما زعمهم بصلب خيار الصحابة كأيب بكر كعمر فهو ‪٧‬بض افَباء ككذب‪ ،‬فكيف يعقل أف ٯبازاي‬
‫بقتل ا‪٢‬بسْب كليس ‪٥‬بم صلىة بذلك ككيف ٯبازيهم هللا أماـ أقواـ دل يشهدكا ذنبهما كدل يعرفوا لو سببا ك‪٩‬با‬
‫يناقض قوؿ الشيعة ابلرجعة ما يلي ‪:‬‬

‫أهنم لو رجعوا إذل الدنيا قبل يوـ القيامة لكاف أمرىم ُب اآلخرة إذل ا‪١‬بنة ‪ ،‬ألف هللا عدؿ ‪،‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫كمن الظلم أف يعذبوا مرة أخرل ‪ ،‬كىذا ٖببلؼ ما يعتقده اإلمامية من أف من آذل آؿ‬
‫البيت عذابو مستمر ُب جهنم ‪ ،‬ك‪٤‬باذ دل يعذهبم كقت كقوع ا‪١‬برٲبة ‪ ،‬كأخرىم اذل آخر الزماف‬
‫؟‪.‬‬

‫ب‪ -‬أف مزاعم الرافضة ُب حق ا‪٣‬بلفاء الثبلثة من اغتصاب ا‪٣‬ببلفة من البيت التصل إذل الكفر‪،‬‬
‫كليس فيها كفر بواح‪ ،‬بل أقصى ما يصل إليو ىو الفسق كالفسق اليوجب الرجعة ُب الدنيا ‪ ،‬كلو‬
‫كاف األمر يتسوجب الرجعة لرجع الكفرة كا‪٤‬بشركْب الذين ادعوا األلوىية مع هللا كفرعوف ك٭بركد‬
‫كغّبىم ‪.‬‬

‫أف الرجعة للنيب كسائر األئمة كإخراجهم من قبورىم ‪٢‬بضور عقاب من آذل آؿ البيت فيو‬ ‫ح‪-‬‬
‫تعذيب ‪٥‬بم ‪ ،‬كذلك ألهنم سوؼ يقاسوف سكرات ا‪٤‬بوت مرة أخرل ‪ ،‬كا‪٤‬بوت أشد اآلـ‬
‫الدنيا ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫أنو لو قلنا برجعة من آذل آؿ البيت ٍب رأكا كقوؼ النيب ملسو هيلع هللا ىلص كآؿ البيت ُب مواجهتهم‬ ‫خ‪-‬‬
‫لرجعوا كاتبوا كعلموا أهنم أخطئوا كالتوبة مقبولة ُب الدنيا فكيف يعذبوا ُب اآلخرة‪ -‬على‬
‫حسب معتقد الرافضة‪ -‬؟ ‪.‬‬

‫إذل غّب ىذه الردكد الٍب تدحض معتقدىم الباطل ُب ا‪٤‬بهدية كالرجعة ‪.‬‬

‫مىت خيرج ادلهدي ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫كقت بعض الشيعة ‪٣‬بركج ا‪٤‬بهدم زمنا معينا ‪ ،‬كذلك بعد كفاة ا‪٢‬بسن العسكرم بزمن ٍب ‪٤‬با رأكا أنو دل‬
‫ٱبرج كاستحالة أف ٱبرج جعلوا ‪٣‬بركجو زمنا غّب مسمى ‪.‬‬

‫فقد كرد عند الكليِب أنو سيخرج بعد سبعْب سنة ٍب مددت ىذه ا‪٤‬بدة حْب أفشى الشيعة سره إذل أجل‬
‫غّب مسمى ‪ ،‬كذلك بعد قتل احسْب ‪ ،‬فقد ركل أبو ‪ٞ‬بزة الثمارل عن أيب جعفر الباقر أف هللا تبارؾ‬
‫كتعاذل كانقد كقت ىذا األمر ُب السبعْب فلما أف قتل ا‪٢‬بسْب اشتد غضب هللا على أىل االرض فأخره‬
‫إذل أربعْب كمائة فحدثناكم فأذعتم ا‪٢‬بديث فكشفتم قناع السَب كدل ٯبعل لو بعد ذلك كقتا"‪.303‬‬

‫كالواقع أنو لن ٱبرج ا‪٤‬بهدم حٌب ‪ٚ‬برج ىذه العقيدة من أذىاهنم كمعتقداهتم الٍب صنعها علماؤىم ‪٤‬بقاصد‬
‫ظاىرة كابطنو ‪.‬‬

‫سبب إصرار الشيعة على القول بوجود دمحم بن احلسن العسكري ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ىناؾ أسباب معينة أدت إذل إصرار الشيعة ابلقوؿ بوجود ابن لئلماـ ا‪٢‬بادم عشر‪ ،‬كىو ا‪٢‬بسن‬
‫العسكرم ‪ ،‬كمكابرهتم ُب ذلك رغم كل الرباىْب الٍب تشّب إذل عدـ كجوده أك كالدتو ‪ ،‬كذلك لوضعهم‬
‫شركط ُب حقيقتها تقوؿ على هللا كحكم ابلغيب أرغمتهم على اخَباع ابن لئلماـ ا‪٢‬بادم عشر ‪ ،‬حٌب ال‬
‫تسفط عقيدة اإلمامة من أساسها فتختل موازين الشيعة ُب اإلٲباف هبا ‪ ،‬كمنها ما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 2‬قو‪٥‬بم أف اإلماـ ال ٲبوت حٌب ٱبلف ُب ذريتو من ٱبلفو ليتوذل اإلمامة حتما الزما‪.‬‬

‫‪ – 2‬أف اإلمامة ال تعود ُب أخوين بعد ا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسْب أبدا بل ُب األعقاب فقط‪. 304‬‬

‫‪ 303‬كتاب ا‪٢‬بجة من الكاُب‪300/1‬‬


‫‪ 304‬انظر‪ :‬كتاب الغيبة ص ‪ 133‬ككتاب ا‪٢‬بجة من الكاُب ‪. 459-128/1‬‬
‫‪114‬‬
‫اف اإلماـ ال يغسلو إال االبن األكرب لو ‪ ،‬رغم أنو ابتفاقهم أف ا‪٢‬بسن العسكرم عندما‬ ‫‪-4‬‬
‫مات دل يكن لو ابن كبّب‪ ،‬كىذا من ضمن اعتقاداهتم ا‪٣‬برافية ُب كالدة األئمة الٍب منها أف‬
‫اإلماـ يولد مطهرا ‪٨‬بتوان كيقع من بطن أمو على األرض على راحتيو رافعا صوتو ابلشهادة‬
‫كال ٯبنب كال يناـ قلبو كال يتثاءب كال يتمطى كيرل من خلفو كما يرل من أمامو ك‪٪‬بوه‬
‫كرائحة ا‪٤‬بسك كاألرض ككلت بسَبه كابتبلعو إذل غّب ذلك من األكصاؼ ا‪٣‬براُب‪305‬ة ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ىناؾ سبب مهم أدل إذل قو‪٥‬بم بذلك كىو ما مر على الشيعة من ضركؼ سياسية كاجتماعية‬
‫كدينية ذاقوا فيها مرارة ا‪٢‬برماف من عدـ إقامة دكلة ‪٥‬بم تنظر إليهم ابلعْب الٍب يريدكهنا كذلك عندا‬
‫غلبتهم الدكؿ اإلسبلمية ا‪٤‬بتعاقبة بدأ من إخضاع الدكلة األموية ‪٥‬بم حيث بدأكا ُب حبك ا‪٤‬بخططات‬
‫الشريرة من أجل اجتماع كلمة الشيعة كعدـ فرقهم فكانت عقيدة الرجعة للمهدم إحدل تلك‬
‫النتائج ‪ ،‬كأبرز ما ٲبيز ا‪٤‬بنتظر عندىم أنو ليس من العرب بل ىو فارسي ٰبمل ُب طياتو حقدا دفينا‬
‫على العرب كإالفلماذا يقتل قريش كيقتل سبعْب قبيلة من العرب كيعمل لسيف ُب رقاب العرب كما‬
‫ىو مقرر عندىم‪ ،‬كيتضح ىذا ُب الركاية الٍب يركيها لطوسي عن أيب عبد هللا ‪" :‬اتقوا العرب فإف ‪٥‬بم‬
‫خرب سوء أما إنو ال ٱبرج مع القائم منهم احد"‪.306‬‬

‫خامسا‪ :‬موقفهم من القرآن الكرمي‪:‬‬

‫القرءاف الكرًن كبلـ هللا‪ ،‬ال أيتيو الباطل من بْب يديو كال من خلفو‪٧ ،‬بفوظ ُب الصدكر ك‪٧‬بفور ُب‬
‫السطور‪ ،‬قاؿ تعاذل‪{ :‬إان ‪٫‬بن نزلنا الذكر كإان لو ‪٢‬بافظوف} سورة ا‪٢‬بجر آية‪9‬‬

‫نزؿ بو جربيل األمْب على قلب النيب دمحم سيد ا‪٤‬برسلْب كبلغنا رسولو كما تبلغو عن هللا تعاذل‪،‬ىذا ىو‬
‫اعتقاد ا‪٤‬بسلمْب ُب القراف الكرًن‪.‬‬

‫‪ 305‬ذكرىا عنو إحساف إ‪٥‬بي ظهّب ُب كتابو الشيعة كالتشيع ص ‪ 286‬نقبل عن متاب القمي ص ‪.527‬كقد ذكر‬
‫الكليِب ُب الكاُب كثّبا من تلك ا‪٣‬برافات ُب كتاب ا‪٢‬بجة مثل ‪ :‬اب أف ا‪٢‬بجة ال تقوـ على خلقو إال إبماـ م ‪135‬‬
‫كابب أف األئمة ىم أركاف األرض ص ‪ 152‬كابب عرض األعماؿ على النيب كاألئمة ص ‪ 170‬كابب أف األئمة معدف‬
‫العلم كشجرة النبوة ك‪٨‬بتلف ا‪٤‬ببلئكة‪.‬كابب ما عند األئمة من سبلح رسوؿ هللا كمتاعو ص ‪ 181‬كابب فيو ذكر‬
‫الصحيفة كا‪١‬بفر كا‪١‬بامعة كمصحف فاطمة ص ‪ 181‬كابب أف األئمة يعلموف مٌب ٲبوتوف كأهنم ال ٲبوتوف إال ابختيارىم‬
‫ص ‪ 202‬كابب أف األئمة يعلموف علم ماكاف كما يكوف كأنو ال ٱبفى عليهم شيء صلوات هللا كسبلمو عليهم‬
‫ص‪ 203‬كابب أف اإلماـ ال يغسلو إال إماـ من األئمة ص ‪ ، 315‬كأبواب أخرل كثّبة يطوؿ ا‪٤‬بقاـ بذكرىا حشيت‬
‫ٗببالغات كخرافات نسبوىا إذل األئمة ‪.‬‬
‫‪ 306‬كتاب الغيبة للطوسي ص ‪284‬‬
‫‪115‬‬
‫أما الشيعة الرافضة فلم يسلم القرآف من تنقصهم كاعتقاداهتمالباطلة فيو‪ ،‬فقد أعلنوا أف القرآف ‪٧‬برؼ‬
‫كما نص على ذلك علماؤىم الكبار كالكليِب كالقمي كا‪٤‬بفيد كاألردبيلي كالطربسي كالكاشي‬
‫كاجمللسي كا‪١‬بزائرم كالكازراين كغّبىم حيث صرحوا بكل كضوح أف ُب القراف الكرًن نقصا ك‪ٙ‬بريفا‬
‫ُب اآلايت الٍب ييذكر فيها علي بن أيب طالب أك اآلايت الٍب فيها ذـ ا‪٤‬بهاجرين كاألنصار كمثالب‬
‫قريش‪.‬‬

‫كيعتقدكف اف ا‪٤‬بصحف الصحيح ىو مصحف فاطمة كفيو أضعاؼ ا‪٤‬بصحف العثماين الذم‬
‫أبيداي‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫كالشواىد كاألمثلة على ذلك كثّبة جدا ُب نصوصهم على ‪ٙ‬بريف القرآف‪ ،‬منها ما كتبو ا‪٤‬بّبزا حسْب‬
‫دمحم تقي النورم الطربسي الذم ألف كتاب فصل ا‪٣‬بطاب ُب إثبات ‪ٙ‬بريف كتاب رب‬
‫األرابب‪،‬كعندما ألفو سنة ‪1292‬ىػ قامت ضجة كبّبة حولو خصوصا عندما أبدل بعض عقبلئهم‬
‫‪307‬‬
‫بقاء اعتقاد التحريف سرا مبثواث ُب كتبهم ال أف ٯبمع ُب كتاب معْب حٌب تقاـ بو ا‪٢‬بجة عليهم‬
‫‪.‬‬

‫كمن االمثلة الٍب يذكر الشيعة أهنا حرفت من القرآف ىي سورة الوالية حيث زعموا أهنا نقصت من‬
‫القرآف الكرًن كالٍب منها قو‪٥‬بم‪(:‬اي أيها الذين آمنوا آمنوا ابلنيب كالورل اللذين بعثناٮبا يهداينكم‬
‫الصراط ا‪٤‬بستقيم نيب ككرل بعضهما من بعض كأان العليم ا‪٣‬ببّب إف الذين يوفوف بعهد هللا ‪٥‬بم جنات‬
‫النعيم كالذين إذا تليت علهيم آايتنا كانوا بئاايتنا مكذبْب إف ‪٥‬بم فيجهنم مقاما عظيما إذا نودم هبم‬
‫يوـ القيامة أين الظا‪٤‬بوف ا‪٤‬بكذبوف للمرسلْب ‪ )..‬إذل آخر النصوص الٍب ‪ٛ‬بتليء ركاكة كسذاجة‬
‫كاضحة‪.‬‬

‫كقد أكرد الكليِب ُب كتابو الكاُب كثّب من النصوص الٍب زعم أهنا ‪٧‬برفة منها قو‪٥‬بم‪(:‬كمن يطع هللا‬
‫كرسولو ُب كالية علي ككالية األئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما) ٍب قاؿ ىكذا نزلت ‪.‬‬

‫كمنها قو‪٥‬بم‪):‬كلقد عهدان إذل آدـ من قبل كلمات ُب دمحم كعلي كفاطمة كا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسْب كاألئمة‬
‫عليهم السبلـ من ذريتهم فنسي كدل ‪٪‬بد لو عزما) كقولو‪(:‬سأؿ سائل بعذاب كاقع للكافرين بوالية‬
‫علي ليس لو دافع) كغّبىا ا‪٤‬بئات من النصوص الٍب زعموا ‪ٙ‬بريفها ‪-‬تركناىا خشية اإلطالة‪. -308‬‬

‫‪ 307‬انظر‪ :‬ا‪٣‬بطوط العريضة ص ‪10-9‬‬


‫‪ 308‬انظر‪ :‬الكاُب‪ 356-341/1‬ك‪453/2‬‬
‫‪116‬‬
‫سادسا‪:‬موقفهم من الصحابة‪:‬‬

‫الصحابة ىم خّب األمة بعد نبيها ك‪ٞ‬بلة الدين كأمناء ا‪٤‬بلة‪ ،‬نقلوا إذل من خلفهم أمور دينهم‬
‫كعلموىم سنة نبيهم مهنع هللا يضر كأرضاىم‪.‬‬

‫أما الشيعة فقد ىلكوا ُب الصحابة مهنع هللا يضر ككفركىم كحكموا بردة خيارىم‪ ،‬بل كجعلوا طعنهم كلعنهم‬
‫قربة إذل هللا صباحا كمساء‪ ،‬بل كصل كرىهم للصحابة أف كرىوا لفظ العشرة الذم يذكرىم ابلعشرة‬
‫ا‪٤‬ببشرين اب‪١‬بنة‪ ،‬كال ٱبلوا كتاب من كتب الشيعة على كثرهتا كبطبلهنا من سب كشتم للخلفاء‬
‫الراشدين كسائر الصحابة إال من استثنوىم‪.‬‬

‫كقد عربكا عن أيب بكر كعمر كعائشة كحفصة بصنمي قريش كجبتيهما كطاغوتيهماكابنتيهما‪،‬‬
‫كأحياان يعربكف عن أيب بكر اب‪١‬ببت كعمر ابلطاغوت‪ ،‬كىذا الطعن كاللمز ُب شأف سائر الصحابة‬
‫مهنع هللا يضر‪.‬‬

‫أما الكليِب فإنو دل يتورع عن تفسّب القرآف على حسب ىواه ُب جرأتو ا‪٤‬بعركفة‪ ،‬فلىمز كثّب من‬
‫الصحابة ُب أتكيلو لآلايت القرآنية كتأكيلو لقولو تعاذل‪{:‬لَبكنب طبقا عن طبق} سورة االنشقاؽ‬
‫آية‪ ،19‬كقولو تعاذل‪ { :‬إف الذين آمنو ٍب كفرك ٍب آمنوا ٍب كفركا ٍب ازدادكا كفرا دل يكن هللا ليغفر‬
‫‪٥‬بم كال ليهديهم طريقا}سورة النساء آية‪،137‬كذكر الكليِب أف ا‪٤‬بقصود هبا فبلف كفبلف كفبلف‬
‫كيقصد أبو بكر كعمر كعثماف ‪ ،‬كغّب ذلك من النصوص الكثّبة الٍب أك‪٥‬با للطعن ُب ا‪٣‬بلفاء‬
‫الراشدين‪. 309‬‬

‫كقد بلغ حقدىن ككراىيتهم ألـ ا‪٤‬بؤمنْب عائشة اهنع هللا يضر أف يتهمها الكليِب ُب دينها كعرضها كعفتها‬
‫حْب يفتعل كثّب من الركاايت الٍب طعنت فيها ‪ ،‬كالركايت الٍب ألفها كنسبها للحسْب ‪ ،‬منها أف‬
‫ا‪٢‬بسْب قاؿ لعائشة‪ " :‬قدٲبا ىتكت حجاب رسوؿ هللا أنت كأبوؾ كأدخلت بيتو من ال ٰبب رسوؿ‬
‫‪310‬‬
‫هللا قربو"‬

‫‪ 309‬انظر‪ :‬الكاُب‪343/1‬‬
‫‪ 310‬انظر‪ :‬الكاُب‪241-240/2‬‬
‫‪117‬‬
‫كمنها أف ا‪٢‬بسْب قاؿ ‪٥‬با أيضا‪ " :‬كقد أدخلت أنت بيت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص الرجاؿ بغّب إذنو " كغّب‬
‫ذلك من الركاايت الٍب اخَبعها كألصقها اب‪٢‬بسْب كغّبه من األئمة‪. 311‬‬

‫كقد اختلق إمامهم العاملي كثّب من الركايت الٍب تطعن ُب الصحابة ُب كتابو ا‪٤‬براجعات الذم ذكر‬
‫فيو أنو منصف يقوؿ ا‪٢‬بق‪ ،‬لكنو جاء ابلطواـ كالدكاىي ٗبا افَبل فيو من كبلـ ككقيعة ُب الصحابة‬
‫عموما‪ ،‬كا‪٣‬بلفاء الثبلثة خصوصا‪.‬‬

‫فقد ذكر أف أاب بكر كعمر ٰبسدكف عليا‪ ،‬ألف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص زكجو فاطمة كأهنما خطباىا كدل يزكجهما‬
‫الرسوؿ‪ ،‬ككأنو نسي أك تناسى أف الرسوؿ قد زكج ابنتْب لو لعثنما بن عفارف هنع هللا يضر‪ ،‬كزعم أف ا‪٣‬بلفاء‬
‫الثبلثة الٲبتثلوف ألكامر رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كأنو كاف دائم الدعاء عليهم‪.‬‬

‫كدل يَبؾ حٌب أمهات ا‪٤‬بؤمنْب من طعنو كقبح كبلمو‪ ،‬فقد زعم أف قرف الشيطاف ٱبرج من بيت‬
‫عائشة‪ ،‬كأف الفًب كالشركر كلها تنبعث منو‪ ،‬ككأنو تناسى أف الرسوؿ صلى هللا عليهوسلم كاف دائم‬
‫ا‪٣‬بركج منو للناس‪.312‬‬

‫إذل غّب ذلك من األكاذيب الٍب امتبلت هبا أمهات كتبهم ُب الطعن ُب الصحابة كأمهات ا‪٤‬بؤمنْب‬
‫مهنع هللا يضر كأرضاىم‪.‬‬
‫شهادة ادلنصفُت ‪:‬‬

‫لقد أنصف أصحاب النيب ملسو هيلع هللا ىلص كثّب من ا‪٤‬بنصفْب من غّب ا‪٤‬بسلمْب ‪ُ ،‬ب الوقت الذم كقع الشيعة‬
‫ُب اظلم ُب حق الصحابة مع دعواىم اإلسبلـ‪ ،‬يقوؿ الكاتب اإل‪٪‬بليزم ا‪٤‬بشهور كاريل ُب إعجابو‬
‫ابلقراف ‪":‬علينا من ا‪٤‬ببدأ أف نقرر أف دمحما كاف كاحدا من أعبلـ التاريخ العظماء‪ ..‬إذل أف يقوؿ "إف‬
‫إخبلص خلفائو لدعوتو كإٲباهنم هبم ‪ ..‬قد جعلهم يعملوف على تعميم الدعوة الرحيمة"‬

‫كتقوؿ الدكتورة لورا فيتشا فالّبم الكاتبة اإليطالية‪ ":‬أما ا‪٣‬بلفاء الذين خلفوا دمحما ُب حكم الدكلة‬
‫اإلسبلمية ‪ ..‬فقد صاركا على سننو الٍب سنها ‪٥‬بم كحلموا راية اإلسبلـ"‬

‫كىناؾ عشرات األمثلة ألقواؿ ىؤالء ا‪٤‬بنصفْب تركناىا خشية اإلطالة ‪.313‬‬

‫‪ 311‬نفس ا‪٤‬برجع‪.‬‬
‫‪ 312‬انظر‪ :‬ا‪٤‬براجعات للعاملي ص ‪300-255‬‬
‫‪118‬‬
‫سابعا‪:‬قوذلم ابلبداء على هللا‪:‬‬

‫تعريفالبداء‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫البداء معناه الظهور بعد ا‪٣‬بفاء‪ ،‬كما ُب قولو تعاذل‪{ :‬كبدا ‪٥‬بم من هللا مادل يكونوا ٰبستبوف}سورة‬
‫الزمر آية ‪.47‬‬

‫كمعناه أيضا حدكث رأم جديد دل يكن من قبل‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪ٍ{:‬ب بدا ‪٥‬بم من بعد ما رأكا اآلايت‬
‫ليسجننو حٌب حْب} سورة يوسف آية ‪.35‬‬

‫كلو معاف أخرل كلها ال ‪ٚ‬برج عن مفهوـ كاحد‪ ،‬كىو تتجدد العلم بتجدد األحداث‪.‬‬

‫كىذه ا‪٤‬بعاين تستبلزـ سبق ا‪١‬بهل كحدكث العلم تبعا ‪٢‬بدكث ا‪٤‬بستجدات لقصور العقل عن إدراؾ‬
‫ا‪٤‬بغيبات‪.‬‬

‫كىذه ا‪٤‬بعاين ال ‪٧‬بذكر فيها إذا أطلقت على اإلنساف أما إذا أطلقت على هللا فبل شك أهنا كفر‬
‫‪ٚ‬برج صاحبها من ا‪٤‬بلة‪ ،‬ذلك أف هللا عادل الغيب كالشهادة‪ ،‬يعلم السر كأخفى كيعلم ماظهر كما دل‬
‫يظهر‪ ،‬كىذا أمر معلوـ من الدين ابلضركرة‪.‬‬

‫كىذه العقيدة رغم ا‪٫‬برافها إال أف كل كتب الشيعة تؤكد كجوب اعتقاد ىذه الفكر بل ٘بعلها من‬
‫لوازماإلٲباف‪.‬‬

‫أما األشعرم فقد قسمهم إذل ثبل فرؽ‪ ،‬فمنهم من يقوؿ ابلبداء على هللا‪ ،‬كمنهم من يقوؿ بعدـ‬
‫ٯبوز ُب األكؿ كجوز ُب‬
‫البداء‪ ،‬كمنهم من يفرؽ بْب ما اطلع عليو العباد كمادل يطلعوا عليو‪ ،‬فلم ٌ‬
‫الثاين‪. 314‬‬

‫أدلتهم على القول ابلبداء‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ال تكاد ‪ٙ‬بصر أدلة الشيعة على عقيدة البداء‪ ،‬كذلك لتسمكهم الشديد هبا‪.‬‬

‫‪ 313‬الارجع إذل كتاب اإلساـ كارسوؿ ُب نظر منصفي الشرؽ كالغرب ‪ ،‬القسم الثاين‪ ،‬لَبل ما يزيدؾ إٲباان كاتزازا‬
‫بدينك‪.‬‬
‫‪ 314‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب ‪113/1‬‬
‫‪119‬‬
‫فمن تلك األدلة كالركايت الكثّبة الٍب توضح ٔببلء مقدار تعلقعهم بعقيدة البداء‪ ،‬كالٍب نسبوا معظمها‬
‫إذل األئمةفمن ذلك الركاايت الٍب ذكرىاالكليِب ُب الكاُب كنسبها إذل األئمة كالركاية الٍب تقوؿ‪ " :‬ما‬
‫تعبد هللا بشيء مثل البداء "‪.‬‬

‫ككذلك قولو‪ " :‬ماعظم هللا بشيء مثل البداء "‪.‬‬

‫ككذلكقولو‪ " :‬ما بعث هللا نبيا اال بتحرًن ا‪٣‬بمر كأف يقر هلل ابلبداء" كغّب ذلك من الركايت الكثّبة الٍب‬
‫تعظم البداء كتشرعو‪ . 315‬كمعلوـ اف نسبة ا‪١‬بهل اذل هللا تعاذل كفر كردة ‪-‬كما تقدـ‪.-‬‬

‫ج‪-‬أودلن قال ابلبداء ‪:‬‬

‫يبدك أف أكؿ من ادعى البداء على هللا تعاذل ىم اليهود‪ ،‬حيث قالوا‪ :‬إف هللا تعاذل خلق ا‪٣‬بلق كدل يكن‬
‫يعلم ىل سيكوف فيهم خّب أك شر‪ ،‬كىل ستكوف أفعا‪٥‬بم حسنة أـ قبيحة فقد جاء ُب سفر التكوين ُب‬
‫اإلصحاح السادس من التوراة ‪ " :‬كرأل الرب أف شر اإلنساف قد كثر على األرض كأف كل تصور أفكار‬
‫قلبو إ٭با ىو شرير كل يوـ فحزف الرب أنو عمل اإلنساف ُب األرض كأتسف ُب قلبو جدا‪ ،‬فقاؿ الرب‪:‬‬
‫أ‪٧‬بو عن كجو األرض اإلنساف الذم خلقتو ألين حزنت أين عملتهم "‪.316‬‬

‫كىذا النص كأضرابو يفيد أف هللا قد بدت لو بعض األمور الٍب دل يكن يعلمها فحزف حزكف حزان شديدا‬
‫حْب رأل معاصي البشر‪.‬‬

‫فالبداء عقيدة يهودية مدكنة ُب كتبهم ا‪٤‬بقدسة‪ ،‬كنفس ىذه األفكار مدكنة عند الشيعة ُب كتبهم ‪.‬‬

‫كأشد من تزعم ىذه العقيدة من الشيعة ىو ا‪٤‬بختار بن أيب عبيد الثقفي‪ ،‬كيرككف أف سبب ادعاء ا‪٤‬بختار‬
‫القوؿ ابلبداء ىو أنو قد تكهن كأخذ يسجع كسجع الكهاف كادعى النبوة كنزكؿ الوحي عليو‪ ،‬ككاف يعد‬
‫أتباعو ابلنصر‪ ،‬فإذا نيصركا فرح بذلك كادعى صدؽ نبوتو‪ ،‬كإذا يىزموا أرجع ذلك إذل البداء‪.317‬‬

‫ككاف ذلك عندما ىزـ جيشو من قبل جيش مصعب بن الزبّب كارل العراؽ آنذاؾ ‪ ،‬كاستدؿ ابلنسخ ُب‬
‫نصوص القرآف على صحة أقوالو‪ ، 318‬كمعلوـ أف النسخ تدرج ُب التشريع كر‪ٞ‬بة كالبداء جهل ‪.‬‬

‫‪ 315‬انظر‪ :‬الكاُب‪ 115-111/1‬كالغيبة للطوسي ص ‪ 263‬كفرؽ الشيعة للنوٖبٍب ص ‪.85‬‬


‫‪ 316‬الكتاب ا‪٤‬بقدس‪-‬العهد القدًن ‪ ،‬االصحاح السادس‪.‬‬
‫‪ 317‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل للشهرستاين‪149/1‬‬
‫‪ 318‬انظر‪ :‬كتاب الغيبة ص ‪264‬‬
‫‪120‬‬
‫كهبذا أصبح الشيعة عارا على بِب آدـ كضحكة يسخر منهم كل عاقل بسبب ما اعتقدكه من مثل ىذه‬
‫الضبلالت‪.319‬‬

‫فالقراف قد دؿ على علم هللا األزرل كاألبدم فقاؿ تعاذل‪{:‬كعنده مفاتح الغيب ال يعملها إال ىو}سورة‬
‫األنعاـ آية ‪ 59‬كقالتعاذل‪{:‬ال يضل ريب كال ينسى}سورة طو آية ‪52‬كقاؿ تعاذل‪{ :‬عادل الغيب‬
‫كالشهادة}سورة ا‪٢‬بشر آية ‪ ،22‬كغّبىا من النصوص ُب الكتاب كالسنة الٍب تصف هللا ابلعلم األزرل‬
‫كاألبدم كما خفي كما ظهر كما أيسر كما أيعلن‪.‬‬

‫الشيعة يف العصر احلاضرب وىل تغَت سلفهم عن خلفهم‪:‬‬ ‫د‪-‬‬

‫تعمد علماء الشيعةمغالطات الناس قدٲبا كحديثا ُب إبداء نظرهتم إذل ا‪٤‬بخالفْب من سائر الناس عموما‪،‬‬
‫كمن أىل السنة خصوصا‪ ،‬متخذين من التقية منفذا لكل ما يريدكهنز‬

‫كقد أبدل بعضهم ُب الظاىر تقاراب مع أىل السنة فا‪٬‬بدع بذلك الكثّب‪ ،‬كلكن تبْب بعد ذلك ‪٥‬بم أف‬
‫الشيعة سلفا كخلفا دل تتغّب مواقفهم قدر أ٭بلة ‪ ،‬ذلك أف دينهم قاـ من األساس على أساس التقية‬
‫كالكذب ‪ -‬كما تصرح بذلك كتبهم ا‪٤‬بوثوقة عندىم ‪. -‬‬

‫فبل ٲبكن أف ٰبصل تقارب بْب السنة كالشيعة ما داموا يؤمنوف بتلك العقائد الٍب ترفع أئمتهم إذل مناص‬
‫األلوىية ‪ ،‬كما داموت بؤمنوف ابلبشارة لليهود بعودة ا‪٢‬بكم كالتمكْب ‪٥‬بم ُب األرض حينما يظهر األئمة‬
‫‪ ،‬كما جاء ُب الكاُب أبف "األئمة إذا ظهر أمرىم حكموا ٕبكم داكد كآؿ دكد كال يسألوف البينة " كىذا‬
‫يعِب بشارة الشيعة لليهود بعودة حكمهم على األرض ‪ ،‬تعضده سيوؼ األئمة ‪.‬‬

‫ككذلك موقف الغبلة منهم بتحريف القرآف كاعتقادىم النقص فيو كعدـ كمالو كموقفهم من الصحابة كما‬
‫ااعتقدكا فيهم من الردة كالكفر ‪ ،‬كل ذلك يعد مانعا بينهم كبْب تقارب أىل السنة‪.‬‬

‫ك‪٥‬بذا حذر علماء اإلسبلـ منذ القدـ من ىؤالء الشيعة‪ ،‬يقوؿ الشافعي ‪ " :‬ما رأيت قوما ُب أىل‬
‫األىواء قوما أشهد ابلزكر من الرافضة "‪.320‬‬

‫كيقوؿ شريك القاضي ‪ " :‬أ‪ٞ‬بل عن كل من لقيت إالالرافضة فإهنم يضعوف ا‪٢‬بديث كيتخذكنو دينا"‪.321‬‬

‫‪ 319‬انظر‪ :‬كتاب صب العذاب على من سب األصحاب ضمن رسالة علمية ‪ٙ‬بقيق ابن أيب شعيب ‪ ،‬كانظر‪٨ :‬بتصر‬
‫منهاج السنة ‪173/1‬‬
‫‪ 320‬اختصار علوـ ا‪٢‬بديث البن ككثّب ص ‪ 109‬نقبل عن الشيعة ُب ا‪٤‬بيزاف ص ‪116‬‬
‫‪121‬‬
‫كٗبثل ىذا الكبلـ قاؿ اإلماـ مالك كابن ا‪٤‬ببارؾ كأبو زرعو كالرازم كالطحاكم كأبو حنيفة كابن تيمية كابن‬
‫القيم كغّبىم ‪.‬‬

‫كىو ما حذر منو أيضا علماء اإلسبلـ ُب العصور ا‪٤‬بتاخرة ‪ ،‬كبينوا كفرىم كأابطيلهم ‪ ،‬كاأللوسي ك‪٧‬بب‬
‫الدين ا‪٣‬بطيب كهبجت البيطار كدمحم رشيد رضا كا‪٥‬ببلرل كالسباعي كا‪٤‬بودكدم كابن ابز كالشيخ األمْب‬
‫كغّبىم من العلماء الذين عرفوا حقيقة الشيعة ‪.‬‬

‫كقد عقدت مؤ‪ٛ‬برات للتقريب إال أف كل ‪٧‬باكالت التقريب بْب السنة كالشيعة ابءت ابلفشل ‪ ،‬ككاف من‬
‫أبرز تلك ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬برات ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬بر الذم عقد ُب النجف‪ 322‬عاـ ‪ 1156‬ىػ برعاية ا‪٤‬بلك اندر شاه ‪ ،‬كحضره‬
‫علماء السنة كالشيعة من العراؽ كإيراف كابكستاف كغّبىم ‪ ،‬كاتفقوا ُب نتائجو على كجوب عدـ ذـ‬
‫الصحابة كأفضليتهم على سائر األمة ‪ ،‬كلكنهم سرعاف مانكصوا على أعقاهبم كعادكا إذل عقائدىم‬
‫الباطلة ‪.‬‬

‫كىذا ىو منهج إمامهم ا‪٣‬بميِب ُب العصور ا‪٤‬بتأخرة ‪ ،‬حيث يقوؿ ‪ " :‬ال تبعدك الناس عنكم الواحد تلو‬
‫اآلخر ال تكيلو التهم ‪٥‬بم ابلوىابية اترة كابلكفر اترة فمن يبقى حولكم إذا عمدًب إذل ‪٩‬بارسة ىذا‬
‫األسلوب "‪.323‬‬

‫كىو هبذا التوجيو أيمرىم ٕببك النفاؽ كمعرفة طرؽ ا‪٣‬بداع ‪ ،‬ك‪٥‬بذا أمر ا‪٣‬بميِب ا‪٢‬بجاج اإليرانيْب أبف‬
‫يصلٌوا مع أىل السنة تقية كخداعا ٍب يعيدكف صبلهتم بعد ذلك ‪.‬‬

‫كقد بلغ حقدىم على أىل السنة كاالستهانة بدمائهم كأعراضهم حدا ال يوصف حينما افتعلوا الفوضى‬
‫ُب حج عاـ ‪ 1407‬ىػ ُب مكة ا‪٤‬بكرة ككاف عددىم ما يقارب مائة ك‪ٟ‬بسْب الفا ‪ ،‬كىجموا يريدكف‬
‫الكعبة ك٘بمهركا ُب مظاىرات غوغائية ‪ ،‬يهدفوف إذل ‪ٙ‬بقيق ‪٨‬بطط رىيب رافعْب شعارات كصور‬
‫ا‪٣‬بنمينيب لوال لطلف هللا ٍب يقضة ا‪٢‬بكومة السعودية الٍب حالت دكف تنفيذ ‪٨‬بططاهتم الدنيئة ‪.‬‬

‫كحيل بينهم كبْب دخوؿ ا‪٢‬برـ فاشتبكوا مع ا‪٤‬بسلمْب من ا‪٤‬بواطنْب كا‪١‬بنود كبقية ا‪٢‬بجاج من ا‪٤‬بسلمْب ُب‬
‫قتاؿ ضار أريقت فيو دماء ا‪٤‬بسلمْب األبرايء ‪.‬‬

‫‪ 321‬منهاج السنة ‪ 13/1‬نقبل عن الشيعة ُب ا‪٤‬بيزاف ص ‪116‬‬


‫‪ 322‬مؤ‪ٛ‬بر النجف مع ا‪٣‬بطوط العريضة حملب الدين ا‪٣‬بطيب ص ‪92-91‬‬
‫‪ 323‬انظر‪ :‬سراب ُب إيراف ص ‪ 39‬نقبل عن ا‪٣‬بميِب ُب أقوالو كأفعالو أل‪ٞ‬بد مغنية ص ‪167‬‬
‫‪122‬‬
‫كما فعلوه أيضا حينما أكعزكا إذل عمبلئهم ُب حج عاـ ‪ 1409‬ىػ بزرع متفحجرات راح ضحيتها أبرايء‬
‫جاؤكا ألداء فريضة ا‪٢‬بج ‪.‬‬

‫كال ننسى ما فعلوه أبىل السنة ُب لبناف بكل قسوة كعنف كقتل كسفك لدماء األبرايء ‪ ،‬كىذا ديدهنم‬
‫منذ القدـ‪ ،‬فقد كاف ا‪٤‬بسلموف يذٕبوف ُب بغداد كٰبرقوف ابأللوؼ أماـ ابن العلقمي كالنصّب الطوسي‬
‫كٮبا يدالف التتار على عورات ا‪٤‬بسلمْب كعلى كتبهم كأماكن ختبائهم ‪ .‬كيظهراف الفرحةكالشماتة‬
‫اب‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫كيرل ا‪٣‬بميِب أف السِب ‪٪‬بس كيرل أف النواصب ال ‪ٙ‬بل ذابئحهم كيرل عدـ جواز الصبلة على ميت‬
‫أىل السنة كال غرابة أف يبغضوا ىذه األمة ما داموا قد أبغضوا خيارىا كىم أصحاب النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬

‫ادلبحث التاسع‪:‬‬

‫احلكم على الشيعة‬

‫تعددت آراء العلماء ُب تكفّبىم من عدمو ‪ ،‬كبغض النظر عن كجهات نظر العلماء ُب ا‪٢‬بكم عليهم ‪،‬‬
‫فإف ا‪٢‬بكم على الشيعة أك غّبىم من الفرؽ ٕبكم كاحد ٰبتاج اذل تفصيل كذلك كما يلي ‪:‬‬

‫أف الشيعة ليسوا على مبدأ كاحد‪ ،‬فمنهم الغبلة ا‪٣‬بارجوف عن ا‪٤‬بلة كمنهم ا‪٤‬ببتدعة كىم‬ ‫‪-1‬‬
‫متفاككتوف ُب ابتداعهم ‪.‬‬
‫أف التثبت ُب تكفّب ا‪٤‬بعْب أمر البد منو ‪ ،‬إذ ليس كل من انتسب إذل طائفة معينة ٰبق‬ ‫‪-2‬‬
‫تكفّبه ‪.‬‬
‫ليس معنىالتثبت ُب تكفّب ا‪٤‬بعْب أننا النطلق على الطائفة ا‪٣‬بارجة عن ا‪٢‬بق ألفاظ التبديع‬ ‫‪-3‬‬
‫كالتضليل كا‪٣‬بركج عن ا‪١‬بماعة‪ ،‬الف ذلك ا‪٢‬بكم خاص بتعيْب األفراد ال ا‪١‬بماعة ‪ ،‬كعلى‬
‫ىذا فا‪٢‬بكم على الشيعة اهنم ضبلؿ كفساؽ خارجوف عن ا‪٢‬بق أمر ال شك فيو ‪.‬‬
‫اتضح أف الشيعة عندىم مبادمء اثبتة ُب كتبهم ا‪٤‬بعتمدة ‪ ،‬من قا‪٥‬با أك قاؿ ببعض منها فبل‬ ‫‪-4‬‬
‫شك ُب كفره‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫منها قو‪٥‬بم بتحريف القرآف كغلوىم ُب أئمتهم كتفضيلهم على سائر األنبياء كغلوىم ُب بغض‬
‫الصحابة ‪٩‬بن شهد ‪٥‬بم الرسوؿ اب‪١‬بنة كقو‪٥‬بم ابلبداء على هللا ‪ ،‬فمن قا‪٥‬با فهو خارج عن ملة اإلسبلـ‬
‫‪ ،‬أما من دل يقل هبا ككاف لو اعتقادات أخرل ال‪ٚ‬برجو عن الدين فإنو تقاـ عليو ا‪٢‬بجة ٍب ٰبكم عليو‬
‫بعد ذلك حسب قبولو ا‪٢‬بق أك رده لو ‪.‬‬

‫مراجع فرقة الشيعة ‪:‬‬

‫‪ -1‬كتاب الكاُب‪ :‬للكليِب‪.‬‬


‫‪ -2‬فصل ا‪٣‬بطاب ُب إثبات ‪ٙ‬بريف كتاب رب األرابب‪ :‬للطربسي‪.‬‬
‫‪ٙ -3‬برير الوسيلة‪ :‬للخميِب‪.‬‬
‫‪ -4‬كتاب الغيبة‪ :‬للطوسي‪.‬‬
‫‪ -5‬كالية الفقيو‪ :‬للخميِب‪.‬‬
‫‪ -6‬الشعائر ا‪٢‬بسينية‪ :‬للشّبازم‪.‬‬
‫‪ -7‬فرؽ الشيعة‪ :‬للنوٖبٍب ‪.‬‬
‫‪٨ -8‬بتصر التحفة االثِب عشرية ‪ ...‬لآللوسي‬
‫‪ -9‬الفقو ا‪١‬بعفرم كأصولو‪ :‬للسالوس‬
‫‪ -10‬الرد على الرافضة‪ :‬للمقدسي‪.‬‬
‫‪ -11‬ا‪٤‬براجعات‪ :‬للعاملي مع الرد عليها للزعيب‪.‬‬
‫‪ -12‬كجاء دكر اجملوس‪ :‬للغريب‪.‬‬
‫‪ -13‬أمل كا‪٤‬بخيمات الفلسطينية‪ :‬للغريب‪.‬‬
‫‪ -14‬ا‪٣‬بميِب بْب التطرؼ كاالعتداؿ‪ :‬للغريب‪.‬‬
‫‪ -15‬أبرىة ا‪١‬بديد‪ :‬لقنديل‪.‬‬
‫‪ -16‬سراب ُب إيراف‪ :‬لؤلفغاين‪.‬‬
‫‪ -17‬الثورة البائسة‪ :‬للموسوم‪.‬‬
‫‪ -18‬الشيعة ُب ا‪٤‬بيزاف‪ :‬للنجرامي‪.‬‬
‫‪ -19‬الشيعة ك‪ٙ‬بريف القرآف‪ :‬حملمد ماؿ هللا‬
‫‪ -20‬الشيعة كالتصحيح‪ :‬للموسوم‪.‬‬
‫‪ -21‬عبد هللا بن سبأ كأثره ُب إحداث الفتنة ُب صدر اإلسبلـ‪ :‬لسليماف ‪ٞ‬بد العودة‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ -22‬عبد هللا بن سبأ حقيقة ال خياؿ‪ :‬لسعدم ا‪٥‬بامشي‪.‬‬
‫‪ -23‬السبئيوف منهجان كغاية‪ :‬د‪ٞ .‬بدم عبد العاؿ‪.‬‬
‫‪ -24‬إحساف إ‪٥‬بي ظهّب ُب كتبو‪:‬‬
‫لشيعة كالسنة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الشيعة كأىل البيت‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الشيعة كالقرآف‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الشيعة كالتشيع‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪125‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫الباطنية‬

‫‪ٛ‬بهيد ُب بياف خطر ىذه الطائفة‪:‬‬

‫مذىب الباطنية من أردأ ا‪٤‬بذاىب كأخبثها كأىلو عتاة الشر كأفسد ا‪٤‬بخلوقات‪ ،‬كىم أعدل أعداء اإلسبلـ‬
‫قدٲبا كحديثا‪ ،‬فأراقوا دماء ا‪٤‬بسلمْب عندما ‪ٛ‬بكنوا منهم ُب ا‪٢‬بج‪ ،‬كألقوا جثثهم ُب بئر زمزـ كدفنوا بعضهم‬
‫ُب صحن ا‪٤‬بسجد‪ ،‬كاقتلعو ا‪٢‬بجر األسود كأخذكه معهم كقتلوا كثّبا من علماء كمشائخ ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫كىم دائما مع كل عدك يَببص اب‪٤‬بسلمْب‪ ،‬ككقائع التاريخ تشهد بذلك كما فعل نصّب الدين ا‪١‬بطوسي‬
‫دؿ التتار على ا‪٣‬بليفة كد‪٥‬بم على عورات ا‪٤‬بسلمْب فقتل النساء كاألطفاؿ كالرجاؿ كأغرقوا‬
‫مثبل عندما ٌ‬
‫كثّبا من كتب ا‪٤‬بسلمْب فينهرر دجلة كالفرات‪.‬‬

‫كأعظم أعيادىم ىو الذم يصيب فيو ا‪٤‬بسلمْب ببل ء ككرب كيوـ استيبلء الصليبيْب على سواحل الشاـ‬
‫ككيوـ استيبلء التتار على بغداد‪.‬‬

‫كقد حذر علماء ا‪٤‬بسلمْب كأنذركا من من خطرىم‪،‬يقوؿ البغدادم‪" :‬اعلموا أسعدكم هللا أف ضرر الباطنية‬
‫على ا‪٤‬بسلمْب أعظم من ضرر اليهود كالنصارل كاجملوس عليهم‪ ،‬بل كأعظم من الدىرية كسائر أصناؼ‬
‫الكفرة عليهم‪ ،‬بل أعظم من ضرر الدجاؿ الذم يظهر آخر الزماف‪ ،‬ألف الذين ضلوا عن الدين بعد‬
‫دعوة الباطنية من كقت ظهور دعوهتم إذل يومنا أكثر من الذين يضلوف ابلدجاؿ كقت ظهوره ألف فتنة‬
‫‪324‬‬
‫الدجاؿ ال تزيد مدهتا عن أربعْب يوما كفظائح الباطنية أكثر من عدد الرمل كالقطر "‬

‫كقد ذكر ابن كثّب ‪ٝ‬بلة من فظائحهم كفظائعهم مع ا‪٢‬بجاج كما استباحوا من حرمات ا‪٤‬بسلمْب‪.325‬‬

‫كقد حذر منهم شيخ اإلسبلـ ابن تيمية كبْب أهنم أكفر من اليهود كالنصارل بل كأكفر من كثّب من‬
‫ا‪٤‬بشركْب كضررىم أعظم من ضرر الكفار كالفرنج كالتتار كغّبىم ‪.326‬‬

‫كالباطنية بوجو عاـ ىم ‪ٞ‬بّب أعداء اإلسبلـ الٍب ٲبتطوهنا كلما أرادكا ىدـ اإلسبلـ أك ىبلؾ ا‪٤‬بسملْب كما‬
‫فعل نصر الدين الطوسي ا‪٣‬بائن الذم ٔبٌلتو كتب الباطينة كألبسوه ا‪٤‬بدائح كالثناء مثل مصطفى غالب ُب‬

‫‪ 324‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص‪382‬‬


‫‪ 325‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية ‪160/11‬‬
‫‪ 326‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل‪152-149/35‬‬
‫‪126‬‬
‫كتابو أعبلـ اال‪٠‬باعيلية‪ ، 327‬ككما فعل الباطنية النصّبية ُب العصور ا‪٤‬بتأخرة من مساعدة إسرائيل‬
‫كتعاكنوا معهم على خيانة ا‪٤‬بسلمْب ُب حرب عاـ ‪1967‬ـ‪. 328‬‬

‫ادلبحث األول‪:‬‬

‫مىت ظهر مذىب الباطنية وغرضهم من أتسيسو‬

‫ادلطلب األول‪:‬‬

‫ظهور مذىب الباطنية‬

‫اختلفت كلمة العلماء حوؿ ‪ٙ‬بديد ظهور مذىب الباطنية ‪ ،‬فقد ذىب بعضهم إذل ‪ٙ‬بديد سنة ‪ 205‬ىػ‬
‫كقاؿ آخركف سنة ‪ 250‬ىػ‪ ،‬كبعض العلماء يقوؿ مائتْب ككسر‪ ، 329‬كٰبددىا بعضهم بسنة ‪276‬ىػ‬
‫كذلك حينما قاـ زعيمهم ميموف بن ديصاف القداح إبنشاء ىذا ا‪٤‬بذىب ا‪٣‬ببيث ىو كزمبلؤه الذين كانوا‬
‫على شاكلتو‪. 330‬‬

‫كقد ذكر أصحاب التواريخ أف دعوة الباطنية ظهرت ُب عهد ا‪٤‬بأموف كانتشرت ُب عهد ا‪٤‬بعتصم‪ ،‬كمنهم‬
‫من نسب الباطنية إذل الصابئْب ٕبراف ‪ ،‬كيذكر البغدادم أهنم دىرية زاندقة‪. 331‬‬

‫كالذم يَبجح أف ‪ٚ‬بطيط إقامة ا‪٤‬بذىب كاف ما بْب سنة ‪ 200‬ك‪300‬ق ػ ‪ ،‬كيظهر أف سبب االختبلؼ‬
‫يعود إذل غموض أمر الباطنية‪ ،‬فكل كاحد من العماء ىأرخ ‪٥‬بم حسب ما كصل إليو من خربىم ‪.‬‬

‫كيعود كذلك إذل أف مذىب الباطنية نفسو يقبل االختبلفات ‪ ،‬القتباسو كثّب من العقائد الباطلة‬
‫للدىرية كالفبلسفة كالربٮبية كالبوذية كاليهودية كالنصرانية ‪.‬‬

‫‪ 327‬انظر ‪ :‬أعبلـ اإل‪٠‬باعيلية ص ‪587‬‬


‫‪ 328‬اقرأ كتاب سقوط ا‪١‬بوالف‪.‬‬
‫‪ 329‬انظر‪ :‬بياف مذىب الباطنية كبطبلنو للديلمي ص‪3‬‬
‫‪ 330‬انظر‪ :‬كشف أسرار الباطنية ص‪32‬‬
‫‪ 331‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ ص‪294‬‬
‫‪127‬‬
‫ادلطلب الثاين‪:‬‬

‫الغرض من إقامة ىذا ادلذىب وكيف أتسس‬

‫قاـ ىذا ا‪٤‬بذىب من أكؿ يوـ على ا‪٤‬بيل من اإلسبلـ كأىلو‪ ،‬كذلك إما إبخراج ا‪٤‬بسلم عن دينو أك إبخاؿ‬
‫الشكوؾ إذل قلبو ‪.‬‬

‫كمن أبرز أسباب قياـ ىذا ا‪٤‬بذىب ىو إبطاؿ اإلسبلـ كالقضاء عليو‪ ،‬أك تشكيك ا‪٤‬بسلمْب بدينهم ‪،‬‬
‫كإحبلؿ اجملوسية ‪٧‬بلو ‪ ،‬كلذلك ا‪ٚ‬بذ أىل ىذا ا‪٤‬بذىب عدة أقنعة منها ‪:‬‬

‫اعتمادىم على التأكيل الباطِب للقراف‪ ،‬كتفسّبه ٗبعاين تناُب تعاليم اإلسبلـ كزعم أف‬ ‫أ‪-‬‬
‫للنصوص ظاىر كابطن‪.‬‬
‫كمنها إظهار التشيع كإظهار حب آؿ البيت حٌب يصلوا إذل قلوب عواـ ا‪٤‬بسلمْب كمن‬ ‫ب‪-‬‬
‫خططهم أف يبثوا دعاهتم كيزكدكىم ٖبطط ماكرة كىي ا‪٢‬بيل الٍب يستعملوهنا ُب دعوة‬
‫ا‪٤‬بدعوين كموافقة ىو كل مدعو كا‪٤‬بيل إذل ما ٰببو ُب ابدمء االمر ‪ ،‬كمن أبرز حيلهم ‪:‬‬
‫التظاىر ابإلسبلـ كحب آؿ البيت كاالنتصاؼ ‪٥‬بم ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لب‪.‬‬
‫دعول أف للنصوص ظاىر كابطن كالظاىر قشور كالباطن ٌ‬ ‫‪-2‬‬
‫اختاركا أف يدخلوا على ا‪٤‬بسلمْب عن طريق التشيع ‪ ،‬كىم مع ذلك يعتربكف الرافضة ضبلؿ‬ ‫‪-3‬‬
‫أرؾ الناس عقوال كأسخفهم رأاي كألينهم‬
‫إال أهنم ‪ -‬كما يقوؿ الغزارل‪ -‬رأكا اف الرافضة ٌ‬
‫عريكة لقبوؿ احملاال كأطوعهم للتصديق اب‪٣‬برافات‪.332‬‬
‫بث دعاهتم كإلزمهم ٖبطط ماكرة كموافقة كل مدعو كاتباعو على ىواه مستعمبل معو‬ ‫‪-4‬‬
‫حيلهم ا‪٤‬بعركفة‪.‬‬

‫ككاف أبرز دعاهتم بل رئيسهم ىو ميموف بن ديصاف القداح‪ 333‬كابنو عبيد هللا ك‪ٞ‬بداف قرمط‪ 334‬كزكركيو‬
‫بن مهركيو كأبوسعيد ا‪١‬بنايب ككلده أبو الطاىر‪ 335‬كغّبىم كثّب ‪.‬‬

‫‪ 332‬انظر‪ :‬فظائح الباطنية ص‪19‬‬


‫‪ 333‬يذكر أنو تظاىر ابإلسبلـ على يد جعفر الصادؽ‪ ،‬ك‪٠‬بي ابلقداح لزعمهم أنو يقدح العلم عن خاطره كىو فارسي‬
‫من األىواز‪ .‬انظر‪ :‬تر‪ٝ‬بتو ُب أعبلـ اإل‪٠‬باعيلية ص‪ 559‬كبياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص‪20‬‬
‫‪ 334‬ىو ‪ٞ‬بداف بن األشعث األىوازم النلقب بقرمط أصلو من خوزستاف ‪ ،‬كقرمط معناه ذك األرجل القصّبة ككانتا‬
‫قصّباتف بشكل ملفت ‪٩‬با جعلو انقما على ا‪٤‬بنجتمع‪ ،‬انظر‪ :‬القرامطة ص‪ 5‬كقد ‪٠‬باه ابن كثّب قرمط بن األشعث البقار‬
‫‪128‬‬
‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫أمساء الباطنية‬

‫أطلقت كثّب من األ‪٠‬باء على ىذه الطائفة‪ ،‬بعضها يقبلونو كبعضها ال يقبلونو كمن أشهرىا ما يلي ‪:‬‬

‫الباطنية ‪ :‬أيطلق عليهم لزعمهم أف لنصوص الكتاب كالسنة ظاىر كابطن ‪ ،‬كأف الظاىر ٗبنزلة‬ ‫‪-1‬‬
‫القشور كالباطن ٗبنزلة اللب‪.336‬‬
‫‪337‬‬
‫نص على‬
‫اإل‪٠‬باعيلية ‪ :‬نسبة إذل إ‪٠‬باعيل بن جعفر الصادؽ ‪ ،‬ألف كالده جعفر الصادؽ ٌ‬ ‫‪-2‬‬
‫إمامتو من بعده كأكصى لو بزعمهم ‪.‬‬
‫كُب ا‪٢‬بقيقة فإف إ‪٠‬باعيل قد مات ُب حياة كالده جعفر سنة ‪145‬ق ‪ ،‬كلكن اإل‪٠‬باعيلية‬
‫يعللوف سبب اختفائو أبف كالده أخفاه خوفا عليو من ا‪٣‬بليفة العباسي ‪ ،‬كلذلك كتب‬
‫‪٧‬بضرا بوفاتو ‪ ،‬كأشهد عليو عامل ا‪٣‬بليفة العباسي ا‪٤‬بنصور اب‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة ‪.‬‬
‫أما اإل‪٠‬باعيلية فيزعموف أنو توجو إذل السلمية قرب مدٲبة ‪ٞ‬باة ‪ٍ ،‬ب توجو بعد ذلك إذل‬
‫دمشق خوفا من ا‪٣‬بليفة ‪ٍ ،‬ب توجو إذل العراؽ ٍب ظل يتنقل بْب أتباعو سرا ك‪ٙ‬بت أزايء‬
‫‪٨‬بتلفة إذل أف توُب سنة ‪158‬ىػ بعد أف أكصى ابإلمامة من بعده البنو دمحم‪. 338‬‬
‫ىذا ىو رأم اإل‪٠‬باعيلية ُب سوؽ اإلمامة ‪ ،‬أما اإلمامية اإلثِب عشرية فاختاركا بعد جعفر‬
‫الصادؽ ابنو موسى الكاظم ‪ ،‬كدل يقولوا إبمامة إ‪٠‬باعيل ‪.‬‬
‫كقد تفرؽ اإل‪٠‬باعيلية إذل ثبلث فرؽ رئيسية كىي ‪ :‬الدركز كاألغاخانية كالنزارية البهرة ‪.339‬‬
‫السبعية ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ك‪٠‬بو ابلسبعية لدعواىم أف أدكار اإلمامة سبعة سبعة ‪ ،‬كلما انتهى حكم سبعة قامت القيامة كابتدأ دكر‬
‫جديد ‪.‬‬

‫‪ ،‬البادية كالنهاية‪ 62/11‬ك‪٠‬باه النوٖبٍب قرمطويو ‪ ،‬فرؽ الشيعة ص ‪ 93‬ك‪٠‬باه ابن ا‪١‬بوزم كرميتة ‪ ،‬تلبيس إبليس‬
‫ص‪110‬‬
‫‪ 335‬انظر‪ :‬فضائح الباطنية كبياف مذىب الباطنية ُب عدة مواضع‪.‬‬
‫‪ 336‬انظر‪ :‬بياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص‪ 21‬كانظر‪ :‬فضائح الباطنية ص‪11‬‬
‫‪ 337‬انظر‪ :‬اإلفحاـ ألفئدة الباطنية الطغاـ ص‪23‬‬
‫‪ 338‬انظر‪ :‬تفصيل ىذه األحداث ُب كتاب أعبلـ اإل‪٠‬باعيلية ‪٤‬بؤلفو الباطِب مصطفى غالب ص‪161‬‬
‫‪ 339‬نظر‪ :‬ماكتبو عنهم إحساف إ‪٥‬بي ظهّب ُب كتابو اإل‪٠‬باعيلية اتريخ كعقائد‪.‬‬
‫‪129‬‬
‫كقد فسركا ابلعدد سبعة كثّبا من األمور كقالوا‪ :‬إف الكواكب السيارة سبعة كاألايـ سبعة كأعضاء اإلنساف‬
‫سبعة كالنقب ُب الرأس سبعة إذل آخر ماقالوه ‪.‬‬

‫كقيل إهنم ‪٠‬بوا بذلك العتقادىم أف العادل السفي تديره الكواكب السبعة كىي زحل كا‪٤‬بشَبم كعطارد‬
‫كا‪٤‬بريخ كالزىرة كالشمس كالقمر ‪ ،‬كىي عقيدة مأخوذة من مبلحدة ا‪٤‬بنجمْب‪. 340‬‬

‫التعليمية ‪ :‬ك‪٠‬بوا بذلك العتقادىم أف ا‪٢‬بق يؤخذ ابلتعليم ‪ ،‬كالعلم الٯبوز أخذه من غّب اإلماـ‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‪٤‬بعصوـ لضماف الوثوؽ بو‪ ، 341‬كبنوا مذىبهم على ا‪٢‬بجر على العقوؿ كإبطاؿ النظر‬
‫كاالستدالؿ ‪ ،‬كأبطلوا الرأم لتعارض اآلراء ُب نظرىم ‪.‬‬
‫ماحل أبيديهم كا‪٢‬براـ‬
‫اإلابحية ‪ :‬كذلك ألهنم ال ٰبرموف منكرا كال يتلزموف بشرع‪ ،‬بل ا‪٢‬ببلؿ ٌ‬ ‫‪-5‬‬
‫مامنعوا منو ‪ ،‬كيستدلوف على ذلك بقوؿ هللا تعاؿ ‪ { :‬خلق لكم ماُب األرض ‪ٝ‬بيعا}سورة‬
‫البقرة آية‪ ،29‬كقالوا أبف ظاىر اإلٍب ‪٧‬برـ كابطنو حبلؿ ‪،‬كماؿ قاؿ تعاذل ‪{:‬كذركا ظاىر اإلٍب‬
‫كابطنو}سورة األنعاـ آية ‪ ،129‬كىذه حيلة منهم الستدراج الناس إذل مذىبهم الردمء ‪ ،‬كإال‬
‫فإف ا‪٤‬بقصود من اآلية ُب ‪ٛ‬باـ الوضوح ‪.‬‬
‫القرامطة‪ : 342‬ك‪٠‬بوا بذلك النتساهبم إذل رجل يقاؿ لو ‪ٞ‬بداف قرمط‪ ،‬كىو رجل من أىلة الكوفة‬ ‫‪-6‬‬
‫ككاف يتظاىر على زىد كداينة‪ 343‬كقيل كاف يتظاىر بذلك ككاف ُب حيقتو على الداينة‬
‫اجملوسية‪ ، 344‬فوجد ُب طريقو ذات يوـ أحد دعاة االابطنية فدار بينهما حوار انتهى بدخوؿ‬
‫‪ٞ‬بداف قرمط ا‪٤‬بذىب الباطِب ‪.‬‬
‫ا‪٤‬ببلحدة ‪ :‬ألهنم ينفوف كجود هللا عز كجل كيقولوف بتأثّب الكواكب‪. 345‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ا‪٤‬بزدكية ‪ :‬نسبة إذل مزدؾ ‪ ،‬كلعلو غّب مزدؾ صاحب الشيوعية األكذل الفارسية‪.346‬‬ ‫‪-8‬‬

‫‪ 340‬انظر‪ :‬اإلفحاـ ألفئدة الباطنية الطغاـ ص‪ 23‬كفضائح الباطنية ص‪16‬‬


‫‪ 341‬نفس ا‪٤‬برجع ص‪17‬‬
‫‪ 342‬أصل القرمطة ىو قصر ا‪٣‬بطو ُب ا‪٤‬بشي أك دقة ا‪٢‬بركؼ كتقارب األسطر ُب الكتابة‪.‬‬
‫‪ 343‬انظر‪ :‬اإلفحاـ ص‪22‬‬
‫‪ 344‬انظر‪ :‬القرامطةص‪ 6‬كفضائح الباطنية ص‪13-12‬‬
‫‪ 345‬انظر‪ :‬بياف مذىب الباطنية ص‪24‬‬
‫‪ 346‬انظر‪ :‬بياف مذىب الباطنية ص‪24‬‬
‫‪130‬‬
‫البابكية ‪ :‬النتساهبم إذل بك ا‪٣‬برمي ككانوا إابحية ‪٥ ،‬بم ليلة يسموهنا ليلة اإلفاضة ٕبيث ٯبتمع‬ ‫‪-9‬‬
‫فيها الرجاؿ كالنساء كيقع كلواحد منهم على من شاء ‪ ،‬كيدعوف نبوة رجل فارسي قبل اإلسبلـ‬
‫ا‪٠‬بو شركين‪. 347‬‬
‫‪ -10‬ا‪٣‬برمية أك ا‪٣‬برمدينية ‪ :‬ككلمة خرـ أعجمية فارسية معاهنا الشيء ا‪٤‬بستلذ ا‪٤‬بستطاب ‪ ،‬دعاية‬
‫‪٤‬بذىبهم كىو لقب عرفوا بو من قبل اإلسبلـ على ا‪٤‬بزدكية األكذل‪. 348‬‬
‫‪ -11‬احملمرة ‪ :‬ك‪٠‬بوا بذلك ألهنم صبغوا ثياهبم اب‪٢‬بمرة ُب أايـ اببك ‪ ،‬كقيل ألهنم يطلقوف على‬
‫‪٨‬بالفيهم ا‪٢‬بّب ‪ ،‬كقيل ألف طبائعهم صارت شبيهة اب‪٢‬بمّب ‪ ،349‬كال مانع أف توجد كلها فيهم ‪،‬‬
‫كأكثر العلماء يرجح القوؿ األكؿ ‪.‬‬
‫‪ -12‬كبعض اإل‪٠‬باعيلية مثل مصطفى غالب يضيف ا‪٠‬با جديدا كىو ا‪٥‬بادية‪ 350‬كاألكذل أف يسموا‬
‫اب‪٥‬باكية ‪ ،‬ألهنم ىوكا عن دين اإلسبلـ كا ٌ‪٥‬بو غّب هللا ‪ ،‬كلكن مصطفى غالب دافع بكل ماقدر‬
‫عليو ُب سبيل الدفاع عنهم كتلميع عقائدىم ‪.‬‬

‫ادلبحث الثالث ‪:‬‬

‫أماكن وجود القرامطة‬

‫توزع القرامطة على أماكن كثّب ٲبكن إٯباز أٮبها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ُ – 1‬ب اليمن ‪ :‬تزعم القرامطة ُب اليمن رجبلف أحدٮبا ا‪٤‬بنصور بن ا‪٢‬بسن بن زاذاف ‪ ،‬كاآلخر ىو علي‬
‫بن الفضل ا‪١‬بدين ‪ ،‬بعد أف أرسلهما ميموف بن ديصاف القداح ‪ ،‬كقد كوف ا‪٤‬بنصور دكلة ُب اليمن بعد‬
‫أف ‪ٝ‬بع القبائل حولو‪ ،‬كتسمى ٗبنصور اليمن ‪ ،‬كأرسل دعاتو إذل أماكن كثّبة كا‪٤‬بغرب مثل الداعية عبيد‬
‫هللا ا‪٤‬بهدم عندما أرسلو إذل ا‪٤‬بغرب ككوف الدكلة العبيدية ‪ٍ ،‬ب اختلف معو صاحبو علي بن الفضل‪،‬‬
‫كاجتمع حولو عدة قبائل أيضا كقامت بينهما حركب ‪ ،‬كقد أابح ابن الفضل احملرمات كادعى النبوة ٍب‬
‫االلوىية‪ ،‬ككاف يكتب إذل عمالو ‪ " :‬من ابسط األرض كداحيها كمزلزؿ ا‪١‬بباؿ كمرسيها علي بن الفضل‬

‫‪ 347‬انظر ‪ :‬فضائح الباطنية ص‪15‬‬


‫‪ 348‬انظر‪ :‬اإلفحاـ ص‪22‬‬
‫‪ 349‬انظر‪ :‬الئلحاـ ص‪ 23‬كفضائح الباطنية ص‪ 17‬كاألدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرةص‪80‬‬
‫‪ 350‬انظر‪ :‬أعبلـ اإل‪٠‬باعيلية ص‪569‬‬
‫‪131‬‬
‫إذل عبده فبلف ‪"..‬كاستمر كذلك إذل أف مات مسموما على يد طبيب أقسم ليقتلنو غّبة هلل سنة‬
‫‪303‬ق‪351‬ػ‪.‬‬

‫‪ -2‬العراؽ ‪ :‬من ا‪٤‬بعلوـ أف جنوب العراؽ ‪٩‬با يلي فارس أرض الشيعة كمهدىا كمكرز ا‪١‬بهل كا‪٣‬برافات ‪،‬‬
‫ككانت قاعدة أساسية النتشار ا‪٤‬بذىب القرمطي ‪ ،‬كقد نشط فيو ‪ٝ‬بلة من دعاة اإل‪٠‬باعيلية مثل مهركية‬
‫كحسْب األىوازم كىم ‪٦‬بوس انتسبوا إذل األحواز العربية تعمية جملوسيتهم‪ ،‬كأرسل كذلك غّبىم من‬
‫الدعاة‪ ،‬إذل أف قتل آخر دعاهتم عاـ ‪301‬ىػ كىو زكركيو كتشتت أبتاعو‪. 352‬‬

‫‪ – 3‬البحرين ‪ :‬كقد قامت القرمطية ُب البحرين على يد شخص أعطى نفسو إسم ٰبي بن‬
‫ا‪٤‬بهدم‪ ، 353‬كيقوؿ بعضهم أف ا‪٠‬بو ا‪٢‬بسن بن هبراـ الفارسي‪ ، 354‬كقد استماؿ الناس إليو‬
‫ابلتدريج ٍب ادعى أنو ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر ‪ ،‬كتبعو على ذلك كثّب من الناس من أبرزىم أبو سعيد‬
‫ا‪١‬بنايب الذم عاث فسادا ُب األرض ٍب قتل ٍب توذل ابنو أبو الطاىر كغزا البصرة عاـ ‪311‬ىػ‬
‫كقد قتل ‪ٝ‬بلة كبّبة من الرجاؿ كسىب النساء كالصبياف ‪ ،‬كُب عاـ ‪ 312‬ىػ قطع على ا‪٢‬بجاج‬
‫طريقهم كأعمل السيف ُب رقاهبم ‪ ،‬كُب عاـ ‪ 313‬دخل الكوفة كقتل من قدركا على قتلو ‪ ،‬كُب‬
‫عاـ ‪ 317‬ىجم على مكة كقتل ا‪٢‬بجاج يوـ الَبكية‪ ،‬كاستلبواا‪٢‬بجر األسود اثنتْب كعشرين سنة‬
‫إذل أف ردكه إبيعاز من قرامطة ا‪٤‬بغرب بعد أف ساءت ‪٠‬بعتهم ُب العادل اإلسبلمي بزعمهم ‪ٍ ،‬ب‬
‫تناكب على زعامتهم ‪ٝ‬بلة من العتاة كاجملرمْب إذل أف قاـ زعيم قبيلة بِب عبد القيس كىو عبد هللا‬
‫بن علي العيوين كاستعاف اب‪٣‬بليفة العباسي كالسلطاف السلجوقي ملكشاه ‪ ،‬ككقعت معركة اهنزـ‬
‫فيها القرامطة كانتهت دكلتهم‪. 355‬‬

‫كقد ذكر ابن كثّب أف القرامطة زاندقة مبلحدة من أتباع فبلسفة الفرس الذين يتعقدكف بنبوة‬
‫زرداشت كمزدؾ ككانوا يبيحوف احملرمات ‪ ،‬كُب سنة ‪286‬ىػ ‪ٙ‬برج القرامطة برائسة أيب سعيد ا‪٢‬بسن‬
‫بن هبراـ ا‪١‬بنايب‪ ،‬كقد كاف ‪٠‬بسارا يبيع الطعاـ للناس ُب القطيف قبل أف يدخل مذىب الباطنية عن‬

‫‪ 351‬انظر‪ :‬كشف أسرار الباطنية ‪ 63-40‬كانظر‪ :‬الباطنيوف كا‪٢‬بركات ا‪٥‬بدامة ُب التاريخ اإلسبلمي ص‪24-20‬‬
‫كالقرامطة حملمود شاكر ص‪54-52‬‬
‫‪ 352‬انظر ‪ :‬القرامطة ص‪55‬‬
‫‪ 353‬انظر‪ :‬القرامطة ص‪66‬‬
‫‪ 354‬انظر‪ :‬الباطنيوف كا‪٢‬بركات ا‪٥‬بدامة ص‪16‬‬
‫‪ 355‬انظر‪ :‬القرامطة س‪ 70-66‬كالباطنيوف كا‪٢‬بركات ا‪٥‬بخدامة ص‪19-16‬‬
‫‪132‬‬
‫طريق أحد دعاهتم‪ ،‬ككوف لو أتباع فلما قوم أتباعو أخاكؼ أىل العراؽ كالشاـ كصارت ‪٥‬بم دكلة‬
‫أليب طاىر ابن أيب سعيد ا‪١‬بنايب ‪ٍ ،‬ب غزكا مكة ُب عاـ ‪317‬ىػ ُب يوـ الَبكية كقتلوا كل من كجدكا‬
‫من ا‪٢‬بجيج ُب رحاب مكة كشعاهبا كأعملوا السيوؼ على رقاب ا‪٢‬بجاج داخل الكعبة كخارجها‪،‬‬
‫ككاف يقوؿ أان ابهلل كابهلل أان‪ ،‬أخلق ا‪٣‬بلق كأفنيهم أان ‪ٍ ،‬ب أمر إبلقاء القتلى ُب بئر زمزـ كأمر بقلع‬
‫ابب الكعبة كنزع كسوهتا كقلع ا‪٢‬بجر األسود كمكث عندىم اثنتْب كعشرين سنة ‪ ،‬كىذا من‬
‫اإلبتبلءات الٍب حصلت من قبلهم على ا‪٤‬بسملْب ‪.‬‬

‫كُب نفس ذلك الوقت نبغت للباطنية انبغة ُب ا‪٤‬بغرب بقيادة عبيد هللا بن ميموف بن ديصاف القداح الذم‬
‫كاف يهوداي كأظهر اإلسبلـ كادعى أنو من آؿ البيت من نسل فاطمة كاغَب بو كثّب من الناس من الرببر‬
‫ٍب قويت شوكتو كانتزع ا‪٤‬بلك من بِب األغلب على إفريقية‪ ، 356‬كاستوذل حفيده ا‪٤‬بعز على مصر كاستمر‬
‫ملك العبيديْب ‪٫‬بو قرنْب من الزماف إذل أف قضى عليهم البطل ا‪٤‬بسلم صبلح الدين األيويب ُب سنة‬
‫‪564‬ىػ ‪.‬‬

‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫الطرق واحليل اليت يستعملها الباطنيون إلغواء الناس‬

‫من ا‪٤‬ببادمء األساسية عند الباطنية تقديس النفاؽ كالكذب كا‪٤‬براكغة ‪ ،‬كأىم أمر عندىم ىو ‪٦‬باراة‬
‫ا‪٤‬بدعويْب ‪ٕ ،‬بيث يتلوف الداعي ٕبسب حاؿ ا‪٤‬بدعو حٌب يستأنسو كٲبيل إليو ‪ ،‬فإف كاف ا‪٤‬بدعو شيعيا‬
‫أظهر لو الداعي حب آؿ البيت ‪ ،‬كإف كاف فاجرا أظهر لو حسن انتهاب الشهوات ‪ ،‬كإف كاف انسكا‬
‫متعبدا أظهر لو الزىد ُب الدنيا ‪ ،‬كإف كاف ‪٦‬بوسيا أظهر لو تعظيم النار ‪ ،‬كإف كاف نصرانيا أظهر لو‬
‫تعظيم الصليب ‪ ،‬كإف كاف يهوداي أظهر لو الطعن فيمن عدا اليهود كإف كاف فيلسوفا أظهر آراء الباطنية‬
‫الٍب توافق آرء الفبلسفة ‪ ،‬كإف كاف ثنواي بْب لو حقيقة إبطاؿ التوحيد ‪ ،‬كالقوؿ ابلسابق كالتارل ‪ ،‬كىكذا‬
‫يتلونوف بكل لوف ُب سبيل دعوهتم ‪ ،‬ك‪٥‬بم حيل للوصوؿ إذل قلوب الناس كالتدرج هبم إذل الكفر ‪.‬‬

‫‪ 356‬انظر‪ :‬البداية كالنهاية ‪161/1‬‬


‫‪133‬‬
‫كقد ذكرىا الغزارل بعد قولو ‪ " :‬ففي اإلطبلع على ىذه ا‪٢‬بيل فوائد ‪ٝ‬بة ‪١‬بماىّب األمة"‪ 357‬حيث اؿ‪:‬‬
‫"كترتيب حيلهم كما يلي ‪ :‬الزرؽ كالتفرس ٍب التأنيس ٍب التشكيك ٍب التعليق ٍب الربط ٍب التدليس ٍب‬
‫التأسيس ٍب ا‪٣‬بلع ٍب ا‪٤‬بسخ أك السلخ ‪ ،‬كتفسّبىا كما يلي‪:‬‬

‫احليلة األوىل ‪ :‬الزرؽ كالتفرس ‪ :‬كىي أف ٱبتار الداعي من يتفرس فيو قبوؿ استدراجو للدعوة الباطنية ‪،‬‬
‫ٕبيث يشكل عليو ُب أتكيل النصوص كأف ‪٥‬با ظاىرا كابطنا الستدراجو ‪.‬‬

‫احليلة الثانية ‪ :‬التأنيس ‪ :‬كىي الوصوؿ إذل قلب ا‪٤‬بدعو بكل طريقة ‪ ،‬كذلك ٕبسب ما يناسب حاؿ‬
‫ا‪٤‬بدعو ‪ ،‬كذكر اآلايت كاألحاديث كاألشعار ‪ ،‬ككل أمر يزيد ُب األنس‪.‬‬

‫احليلة الثالثة ‪ :‬التتشكيك ‪ :‬كىي أف يطرح الداعي بعض ا‪٤‬بسائل الدينية الٍب يعجز ا‪٤‬بدعو عن اإلجابة‬
‫عليها ‪ ،‬كا‪٤‬بسائل الٍب دل نطلع على ا‪٢‬بكمة فيها أك ا‪٤‬بسائل التعبدية ‪ ،‬كمتشابو القرآف ‪ ،‬كبعض ا‪٤‬بسائل‬
‫الفقهية عن رمي ا‪١‬بمار كاإلحراـ كالطواؼ كعن ا‪٢‬بركؼ أكائل السور كقولو تعاذل { كهيعص } كغّبىا‬
‫‪.‬‬

‫احليلة الرابعة‪ :‬التعليق ‪ :‬كىي بعد تلهف ا‪٤‬بدعو إذل معرفة اإلجابة عن تلك األسئلة فيمنعوف جوابو إال‬
‫بعد أف يعطيهم العهد كا‪٤‬بيثاؽ ‪ ،‬فإف رضي ينقلونو إذل ا‪٢‬بيلة ا‪٣‬بامسة ‪.‬‬

‫احليلة اخلامسة ‪ :‬الربط ‪ :‬كىي إحكاـ قبضتهم على ا‪٤‬بدعو ٗبا يؤخذكنو عليو من عهود كمواثيق غليظة‬
‫ابستحقاؽ اللعنة كالغضب كالنار كغّبىا إف ىو أفشى سرا من أسرارىم ‪.‬‬

‫احليلة السادسة ‪ :‬التدليس ‪ :‬كىي إظهار تعظيم الشرع كالرغبة ُب طلب العلم ‪ ،‬كأخذ العلم عن اإلماـ‬
‫ا‪٤‬بستور الذم ىو الطريق إذل علم النيب الناطق كالوصي كىو األساس إذل علم الناطق ‪ ،‬كأنو مستور‬
‫لعلمهم أف الكجود لو ‪.‬‬

‫احليلة السابعة ‪ :‬التأسيس ‪ :‬كىو أهنم يضعوف مقدمة التنكر ُب الظاىر كال تبطل الباطن ‪ ،‬كىي دعواىم‬
‫أف للنصوص ظاىرا كابطنا كأف الظاىر قشور كالباطن ىو اللب ‪.‬‬

‫احليلة الثامنة ‪ :‬ا‪٣‬بلع من الدين ‪ :‬كىي أف يقاؿ للمدعو ‪ :‬أف ا‪٤‬بقصود من النصوص ىو الباطن كمٌب‬
‫كقف عليها مدعو سقط عنو حكم الظاىر ‪ ،‬ففائدة الظاىر أف يفهم ما أكدع فيو من علم الباطن ال‬

‫‪ 357‬انظر‪ :‬فضائح الباطنية ص‪21‬‬


‫‪134‬‬
‫العمل بو كيستدلوف بقولو تعلى ‪ { :‬كيضع عنهم إصراىم كاألغبلؿ الٍب كانت عليهم }سورة األعراؼ‬
‫آية ‪ 159‬أم فركض اإلسبلـ كشعائره‪.‬‬

‫احليلة التاسعة ‪ :‬اإلنسبلخ من الدين أك السلخ ‪ :‬كىي بعد أف أينسوا من ا‪٤‬بدعو قبوؿ دعوهتم ‪ ،‬أعلموه‬
‫أنو قد أطلق من كاثقو كحل لو كلماحر عليو ‪ ،‬كزالت عنو ‪ٝ‬بيع التكاليف‪.358‬‬

‫كسقوط التكاليف عنو ابلتدريج ‪ ،‬فتسقط عنو الصبلة بعد أف يدفع مبلغ ‪ 12‬دينارا ‪ ،‬كيقرأ لو اإلماـ‬
‫قولو تعاذل ‪ {:‬كيضع عنهم إصرىم كاالغبلؿ الٍب كانت عليهم} كيفهمونو أف الصبلة ىي معرفة أسرار‬
‫الباطن أك معرفة ‪ٟ‬بسة أ‪٠‬باء كىي علي كا‪٢‬بسْب كا‪٢‬بسْب ك‪٧‬بسن كفاطمة ‪.‬‬

‫ٍب يسقطوف عنو فريضة الصوـ ‪ ،‬بعد أف يدفع ا‪٤‬ببلغ ا‪٤‬بذكور لئلماـ ‪ .‬كيفهمونو أف الصوـ ىو كتماف‬
‫أسرار الباطنية أك معرفة ثبلثْب رجبل أك ثبلثْب امرأة يعدكهنم ُب كتبهم ‪.‬‬

‫ٍب يسقطوف ا‪٢‬بج كيفهمونو أف ا‪٢‬بج ىو زايرة مشائخهم ال قصد مكة ‪.‬‬

‫ٍب يسقطوف عمو حرمة ا‪٣‬بمر كا‪٤‬بيسر كيفهموه أف ا‪٤‬بقصود هبما أبو بكر كعمر ‪ٍ ،‬ب يسقطوف عنو كجوب‬
‫غسل ا‪١‬بنابة كيفهمونو أف الطهارة ىي طهارة القلب ‪ٍ ،‬ب يسقطوف عنو حرمة الزان ‪ ،‬كيسمونو ا‪٤‬بشهد‬
‫األعظم كهنابة الفوز ‪ ،‬كيتلو عليو الداعي قولو تعاذل ‪ { :‬فبل تعلم نفس ماأخفي لعهم من قرة‬
‫أعْب}سورة السجدة آية ‪.17‬‬

‫كبعد ىذا التعليم يبدأ ا‪٤‬بدعو بتطبيق ذلك العلم الساقط ‪ ،‬فيبدأ بتطبيق ذلك على زكجتو فيبيحها‬
‫للداعي ‪ٍ ،‬ب ٰبضر ا‪٤‬بشهد األعظم كىو اجتماع الرجاؿ كالنساء ُب مكاف كاحد كتطفأ فيو السرج بعد أف‬
‫تدار الكؤكس ك‪ٙ‬بمى الرؤكس ٍب يتناىبوف النساء فيقع كل كاحد منهم على من أمامو ‪.359‬‬

‫ك‪٥‬بم طرؽ كأساليب عجيبة تسلب لب العامة كا‪٣‬باصة ُب طريقة دعوهتم ‪ ،‬بعد أف يكوف الداعي على‬
‫علم ٗبجمل الفرؽ اإلسبلمية كغّب اإلسبلمية كدقائقها كمواطن الضعف ُب كل فرقة كداينة ‪ ،‬كينربكف‬
‫جملادلة من أراد ‪٦‬بادلتهم ٕبسب أحوا‪٥‬بم كيطرحوف تساؤالت كثّبة فإذا عجز عنها ا‪٤‬بدعو يَبكو الداعي‬
‫كيسخر منو‪ ،‬فتتعلق بو قلوب العامة ‪٤‬بعرفة إجابت تلك األسئلة ‪ ،‬كأما اذا كاف اجملادؿ من أىل العلم‬
‫ا‪٤‬بتبحرين فيو ‪ ،‬فينحى ا‪٤‬بدعو إذل منحى الفلسفة العميقة الٍب ‪ٚ‬بفى على عواـ الناس حٌب اليظهر ٗبظهر‬

‫‪ 358‬انظر‪ :‬لتفصيل تلكا‪٢‬بيل ‪ :‬فضائح الباطنية ص‪ 22-21‬كبياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص‪30-25‬‬
‫‪ 359‬ذكرىا الديلمي ُب بياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص‪15-11‬‬
‫‪135‬‬
‫ا‪٤‬بنهزـ ‪ ،‬كُب كل األحواؿ ‪٥‬بم طرؽ عجيبة كدقيقة استطاعوا من خبل‪٥‬با نشر مذىبهم الباطل ُب كثّب من‬
‫أصقاع العادل اإلسبلمي‪. 360‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫عقائد الباطنية‬

‫عقائد الباطنية ىي ‪٦‬بموع أفكار ملفقة من مذاىب شٌب ُب خبط كاضطراب ‪ ،‬كتتناقض أخبار مذىبهم‬
‫تناقضا ظاىرا ‪.‬‬

‫التلوف كاالضطراب ُب نقل‬


‫كالسبب ُب ذلك يعود إذل أىل ا‪٤‬بذىب الباطِب أنفسهم حيث قصدكا ٌ‬
‫عقائدىم‪ ،‬فهم ال ٱباطبوف ا‪٣‬بلق ٗبسلك كاحد ‪ ،‬كذلك حٌب يستطيعوا أف يكذبوا ما أردكا تكذيبو‪، 361‬‬
‫ككل عقائدىم ترجع إذل ما يلي ‪:‬‬

‫إنكار كجود هللا تعاذل ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫جحد أ‪٠‬باء هللا كصفاتو ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ٙ‬بريف شرائع النبيْب كا‪٤‬برسلْب‪. 362‬‬ ‫‪-3‬‬

‫كىم ُب كل أحوا‪٥‬بم يتسَبكف ٗبذىب التشيع آلؿ البيت ‪ ،‬أك بزعم التجديد كالتقدـ ‪ ،‬أك غّبه من‬
‫الشعارات‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬عقيدهتم يف األلوىية ‪:‬‬

‫اختلفت مذاىب الباطنية ُب اعتقادىم ُب األلوىية‪ ،‬إال أهنا ي٘بمع على اإل‪٢‬باد كالكفر‪ ،363‬فذىب قسم‬
‫منهم إذل القوؿ بوجود إ‪٥‬بْب ‪ ،‬ال أكؿ لوجودٮبا من حيث الزمن ‪ ،‬إال أف أحدٮبا علة لوجود الثاين ‪،‬‬
‫كاسم العلة السابق ‪ ،‬كاسم ا‪٤‬بعلوؿ التارل ‪ ،‬كأف السابق خلق العادل بواسطة التارل ال بنفسو ‪ ،‬كقد يسموف‬
‫األكؿ عقبل كالثاين نفسا ‪.‬‬

‫‪ 360‬انظر‪ :‬أعبلـ اإل‪٠‬باعيلية ‪ٙ‬بت عنواف "أسرار نظاـ الدعوة" ص ‪24-18‬‬


‫‪ 361‬انظر‪ :‬فضائح الباطنية ص‪38‬‬
‫‪ 362‬انظر‪ :‬الفرؽ كاألدايف كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة ص‪210‬‬
‫‪ 363‬انظر‪ :‬فضائح الباطنية ص‪40-39‬‬
‫‪136‬‬
‫كمنهم من قاؿ أف ا‪٤‬براد ابلسابق كالتارل ٮبا اللوح كالقلم ‪ ،‬كاستدلوا ِبايت الٍب كرد فيها لفظ ا‪١‬بمع ‪،‬‬
‫كقولو تعاذل ‪ { :‬إان ‪٫‬بن نزلنا الذكر } كقالوا أيضا أف السابق كالتارل ٮبا الر‪ٞ‬بن كالرحيم ‪.‬‬

‫كىذا يدؿ على جهلهم بلغة العرب كاكثرىم من ببلد فارس‪ ،‬حيث إف ا‪١‬بمع ُب اآلايت للتعظيم كليس‬
‫للكثرة ‪.‬‬

‫كيذكر الباطِب مصطفى غالب أهنم يعتقدكف أف هللا دل ٱبلق العادل كال يستطيع أف يتصل بو ‪ ،‬كإ٭با ىو علة‬
‫العادل كسبب كجوده فقط‪. 364‬‬

‫كذىب قسم منهم إذل االعتقاد أبف علي بن أيب طالب ىو ا‪٣‬بالق للسموات كاألرض كأنو ظهر ُب صورة‬
‫الناسوت ليؤنس خلقو كعبيده‪.‬‬

‫كذىب بعضهم إذل أف هللا ال يوصف ٗبوجود أك غّب موجود كال ٗبعلوـ كال ‪٦‬بهوؿ كال موصوؼ كال غّب‬
‫موصوؼ‪ ،‬إذل آخر إ‪٢‬بادىم الذم يظهركنو للعواـ أبنو تنزيو هلل كىو ُب حقيقتو نفي لوجود هللا‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬اعتقادىم يف النبوات‪:‬‬

‫ينكر الباطنيوف النبوات كٯبحدكف ا‪٤‬بعجزات‪ ،‬كيزعموف أهنا من قبيل السحر كالطبلسم‪ ،‬كيفسركف النبوة‬
‫أبهنا عبارة عن شخص فاضت عليو من السابق بواسطة التارل قوة قدسية صافية مهيأة ألف تنتقش عند‬
‫اإلتصاؿ ابلنفس الكلية ٗبا فيها من ا‪١‬بزئيات‪.‬‬

‫كىذه القوة القدسية الٍب تفيض على النيب ال تستكمل ُب أكؿ حلو‪٥‬با‪ ،‬كىذه القوة ال تستكمل إال بعد‬
‫أف تنتقل من الرسوؿ الناطق إذل األساس الصامت‪. 365‬‬

‫كمن ىذا التصور الردمء اعتقدكا أف جربيل عبارة عن العقل الفائض على النيب‪ ،‬كيعتقدكف أف القرآف‬
‫تعبّب دمحم عن ا‪٤‬بعارؼ الٍب فاضت عليو من جربيل الذم ىو العقل‪.‬‬

‫كيعتقدكف أف كل نيب لشريعتو مدة‪،‬فاذا انصرمت مدتو بعث هللا نبيا آخر ينسخ شريعتو‪ ،‬كحددكا لكل‬
‫نيب سبعة أئمة ‪ ،‬أك‪٥‬بم الناطق ٍب األساس ٍب الصامت ٍب السوس ‪.‬‬

‫‪ 364‬انظر‪ :‬األدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة ص‪96‬‬


‫‪ 365‬انظر‪ :‬فضائح الباطنية ص‪41‬‬
‫‪137‬‬
‫كالناطق ىو صاحب الشريعة الناسخة ‪٤‬با قبلو‪ ،‬كمعُب الصامت ىو القائم على شريعة من قبلو‪ ،‬كمعُب‬
‫السوس ىو الباب إذل علم النيب ُب حياتو كالوصي بعد ‪٩‬باتو‪.‬‬

‫كعليو فإهنم يعتقدكف أف عليا ىو سوس دمحم كقد استتمت دكرة األئمة ٔبعفر بن دمحم‪ ،‬كابتدأ الدكر الثاين‬
‫ٗبحمد بن إ‪٠‬باعيل كشريعتو انسخة ‪٤‬با قبلو‪.‬‬

‫ك‪٥‬بذا يعتقدكف أف شريعة دمحم منسوخة بشريعة إ‪٠‬باعيل بن دمحم‪ ،‬كىكذا ُب كل دكرة‪.366‬‬

‫اثلثا ‪ :‬اعتقادىم يف اآلخرة ‪ :‬أنكر الباطنية اآلخرة الٍب جاء هبا القراف كجاءت هبا السنة ‪ ،‬كأكلوا معانيها‬
‫بتأكيبلت ابطنية ابطلة ‪ ،‬كقالوا أبهنا رموز تشّب إذل خركج اإلماـ ‪ ،‬كأنكركا البعث ابألجساـ كا‪١‬بنة كالنار‬
‫‪ ،‬كقالوا أبف ا‪٤‬بعاد ىو عود كل شيء إذل أصلو ‪.‬‬

‫كلذلك قالوا إف جسم اإلنساف مكوف من أخبلط أربعة كىي الصفراء كالسوداء كالدـ كالبلغلم‪ ،‬فالصفراء‬
‫تصّب انرا ‪ ،‬كالسوداء تصّب ترااب ‪ ،‬كالدـ يصّب ىواء ‪ ،‬كالبلغلم يصّب ماء‪ .‬كأما ركح النساف فإف كانت‬
‫صافية مواضبة على العبادات فإهنا تتحد بعادل األركاح الذم انفصلتمنو‪.367‬‬

‫رابعا ‪ :‬اعتقادىم يف التكاليف الشرعية ‪ :‬يتميز مذىب الباطنية أبنو أشد ا‪٤‬بذاىب استحبلال‬
‫للمحرمات ‪ ،‬كلكن ظاىر مذىبهم ىو لزكاـ القياـ ابلتكاليف الشرعية ‪ ،‬كإظهار الزىد كالورع ‪.‬‬

‫كذلك حٌب يتحقق مرادىم من إرادة إرىاؽ الناس بكثرة التكاليف ‪ُ،‬ب نفس الوقت الذم يركزكف فيو‬
‫على مسامع الناس أف ا‪٣‬بركج من تلك التكاليف أمر يسّب ‪.‬‬

‫كحينما يشتاؽ الشخص ‪٤‬بعرفة تلك الكيفية ‪ ،‬يبدأكف ُب تعليقو ابألئمة ا‪٤‬بستورين ‪ٍ ،‬ب يسّبكف معو‬
‫اب‪٤‬براحل الٍب سبق ذكرىا ُب دعوهتم للمدعوين إذل الدخوؿ ُب الباطنية‪.‬‬

‫مع تكرارىم القوؿ أبف أبف ىذه التكاليف كضعت لتستهدؼ من كرائها فائدة كاحدة كىي استنهاض‬
‫ٮبة القلب ليصل إذل معرفة بواطن ىذه األمور فقط‪ ،‬كمن ىنا يبدأ ا‪٫‬ببلؿ الداخل ُب الباطنية عن كل‬
‫األكامر كالنواىي ‪.‬‬

‫‪ 366‬انظر‪:‬فضائح الباطنية ص‪44-42‬كأعبلـ اإل‪٠‬باعيلية ص‪450‬‬


‫‪ 367‬انظر‪ :‬فضائح الباطنية ث‪ 45‬كبياف مذىب الباطنٓب كبطبلهنص‪ 37‬كانظر كتاب الشيخ إحساف إ‪٥‬بي ظهّب‬
‫"اإل‪٠‬باعيلية اتريخ كعقائد"‬
‫‪138‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬النصَتية‬

‫ادلبحث األول ‪:‬‬

‫أمهية دراسة ىذه الفرقة‬

‫النصّبية ىي إحدل الفرؽ الباطنية الٍب ظهرت ُب القرف الثالث للهجرة ‪ ،‬كذلك بعد أف انشقت عن فرقة‬
‫اإلمامية‪.‬‬

‫كالنصّبكف كغّبىم من أعداء اإلسبلـ ‪ ،‬بل أشد أعداء اإلسبلـ ُب معاداة ا‪٤‬بسلمْب ‪ ،‬فهم يَببصوف‬
‫اب‪٤‬بسلمْب الدكائر ‪ ،‬كيقفوف مع أعداء األمة ُب صف كاحد ‪ ،‬العتقادىم أف إيذاء كقتل ا‪٤‬بسلمْب فيو‬
‫ثواب ‪٥‬بم ‪.‬‬

‫كال زاال‪٤‬بسلموف ُب سوراي كلبناف يتجرعوف جرائمهم ‪ ،‬فيقتلوف األبرايء كالنساء كاألطفاؿ ‪ ،‬كىذا امتداد‬
‫‪١‬برائمهم ضد ا‪٤‬بسلمْب منذ عهد كقوؼ النصّبية مع الصليبيْب كالتتار‪.‬‬

‫كقد انطوت عقائدىم على كفر صريح كإ‪٢‬باد كبّب ‪ ،‬فكما جاء ُب كتاهبم ا‪٥‬بفت الشريف يعتقدكف فيو‬
‫أف ا‪٢‬بسْب ىو هللا ب العا‪٤‬بْب كخالق السموات كاألرضْب ‪ ،‬كلذلك قاؿ ا‪٢‬بسْب لعمرك بن سعد ‪٤‬باجاء‬
‫لقتالو ‪ : :‬كٰبك ‪ ،‬تقتل رب العا‪٤‬بْب كإلو األلْب كاآلخرين "إذل آخر ماجاء من كفرايهتم‪. 368‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫زعيمهم وسبب انفصالو عن الشيعة وموقفهم منو‬

‫تنسب ىذه الطائفة الفاجرة إذل زعيمهم دمحم بن نصّب النمّبم ‪ ،‬ككاف من الشيعة اإلثِب عشرية كأصلو‬
‫من فارس ‪ٍ ،‬ب انفصل عنهم بعد أف انزعهم على إثبات صفة الباب لو ‪ ،‬حيث ادعى أنو الباب إذل‬
‫تقر لو اإلمامية بذلك انفصل عنهم ككوف مذىبو كظل زعيما لطائفتو إذل أف‬
‫ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر ‪ ،‬فلما دل ٌ‬
‫ىلك سنة ‪ 260‬أك ‪ 270‬ق‪369‬ػ ‪.‬‬

‫‪ 368‬انظر ‪ :‬ا‪٥‬بفت الشريف ص‪102-96‬‬


‫‪ 369‬يدعي االثنا عشرية أف دمحم بن ا‪٢‬بسن العسكرم بعد أف اختفى ُب السرداب كاف ‪٥‬بأربعة ككبلء بينو كبْب الناس‪،‬‬
‫كىم عثماف بن سيد العمرم‪ ،‬كدمحم بن عثماف ا‪٣‬ببلين‪ ،‬كا‪٢‬بسْب بن ركح النوٖبٍب‪ ،‬كعلي بن دمحمالسمرم‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫كقد اخَبع النصّبم عقائد جديدة ألتباعو ‪ ،‬كأكجب قسما ٯبب كجواب على كل نصّبم أف يقسم بو ‪،‬‬
‫كىو يشّب ٗبجملو إذل اإلعتقادات النصّبية‪ ،‬كىو يبتدمء بقو‪٥‬بم ‪ " :‬إين كحق العلي األعلى كما أعتقده‬
‫ُب ا‪٤‬بظهر األسُب كحق النور كمكانشأمنو ‪ ،‬كالسحاب كساكنو كإالبرئت من موالم علي ‪ ...‬كبرئت من‬
‫دعوة ا‪٢‬بجة ابن نصّب ‪ 370"..‬إذل أخر الكفر كاإل‪٢‬باد الذم اشتمل عليو ‪.‬‬

‫كقد نقل عبد ا‪٢‬بسْب عن القمي ُب كصفو البن نصّب أنو كاف فاحشا كقد أجاز اللواط كسائر احملرمات‬
‫مدعيا أف ذلك من تواضع ا‪٤‬بفعوؿ بو ‪ ..‬إذل آخر أكصافو الشنيعة‪. 371‬‬

‫كلكن ُب كتاهبم ا‪٥‬بفت الشريف نفي ذلك ‪ٛ‬باما‪ ،‬كأنو ال يقع من مؤمن منهم بل يقع ‪٩‬بن عادل‬
‫عليا‪.372‬‬

‫كقد أ‪ٝ‬بعت كتب الشيعة ُب ذكرىا لدعوة ابن نصّب أنو ادعى أنو الباب ٍب النبوة ٍب القوؿ أبلوىية علي‬
‫كإابحة احملارـ ‪ ،‬كالقوؿ ابلتناسخ ‪ ،‬كما استوعب عبد ا‪٢‬بسْب الشيعي أخباره ُب كتابو العلويوف أك‬
‫النصّبية ‪ ،‬انقبل عن أىم مصادرىم مثل القمي ُب مقاالتو كالنوٖبٍب ُب فرقو كالكشي ُب كتابو الرجاؿ‬
‫كالطوسي ُب الغيبة كا‪٢‬بلي ُب كتابو الرجاؿ كالطربسي ُب االحتجاج كغّبىم‪.‬‬

‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫أمساء ىذه الطائفة والسبب يف اطالقفها عليهم‬

‫أطلقت على ىذه الطائفة عدة أ‪٠‬باء بعضها يقبلونو كبعضها ال يقبلونو كمنها ما يلي ‪:‬‬

‫النصّبية ‪ :‬ىذا االسم ىو أشهر األ‪٠‬باء الٍب أطلقت عليهم ‪ ،‬كقد اختلفوا ُب أصل‬ ‫‪-1‬‬
‫تسميتهم هبذا االسم كما يلي‪:‬‬

‫أ – أف ىذا السم أطلق عليهم لتمييزىم كاضطهادىم بدافع العصبية ا‪٤‬بذىبية حسب زعمهم كعلق‬
‫اترٱبيا هبم‪ ، 373‬كلذلك يبغضوف ىذا االسم‪.‬‬

‫‪ 370‬انظر‪ :‬العلويوف كالنصّبية ص‪4-3‬‬


‫‪ 371‬انظر‪ :‬مقاالت القمي ص‪ 100‬نقبل عن العلويوف كالنصّبية ص‪21‬‬
‫‪ 372‬انظر‪ :‬ا‪٥‬بفت الشريف ص‪140‬‬
‫‪ 373‬انظر‪ :‬العلويوف ص‪8‬‬
‫‪140‬‬
‫ب – زعموا أف األتراؾ ىم من أطلق عليهم ىذا االسم نسبة إذل ا‪١‬بباؿ الٍب يسكنوهنا ‪ ،‬كذلك‬
‫‪ٙ‬بقّبا ‪٥‬بم كنكاية هبم ‪ ،‬إذل أف جاءت فرنسا فأطلقت عليهم اسم العلويْب‪ ،‬كلذلك يدينوف ابلوالء‬
‫لفرنسا‪.‬‬

‫ج – يعلل بعض ا‪٤‬بؤرخْب كا‪٤‬بستشرقْب كا‪٤‬بسشرؽ ريسو أف سبب تسميتهمبهذا االسم لوجود صلة‬
‫عقائدية بينهم كبْب النصارل ‪٤‬با الحظو من التقارب بينهم ُب كثّب من الشعائر كاالعتقاداتكالتثليث‬
‫‪374‬‬
‫‪.‬‬ ‫" ع‪ .‬ـ ‪.‬س" كتقديس ا‪٣‬بمر كالتجسد‬

‫د‪ -‬أنو أطلق عليهم نسبة إذل مؤسس مذىبهم دمحم بن نصّب النمّبم‪ ،375‬كىو الراجح‪.‬‬

‫العلويوف ‪ :‬كىم ٰببوف ىذا االسم ‪ ،‬كقد أخذ من عبادهتم لعلي بن أيب طالب ‪ ،‬كما أف‬ ‫‪-2‬‬
‫ىذه التسمية تفتح ‪٥‬بم آفاؽ تقارب مع الشيعة ‪ ،‬كنسبتهم إذل علي أفضل من ابن نصّب ُب‬
‫نظرىم ‪.376‬‬
‫سورة ‪ :‬ؾ ‪ :‬كقد أطلقو األتراؾ عليهم ‪ ،‬كٗبركر الزماف أصبحت تطلق " سوراؾ " كمعناىا‬ ‫‪-3‬‬
‫عند األتراؾ ا‪٤‬بنفيوف أك ا‪٤‬بساقوف‪. 377‬‬
‫النمّبية ‪ :‬نسبة إذل مؤسس ا‪٤‬بذىب ‪٧‬بمند بن نصّب النمّبم ‪.378‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ك‪٥‬بم أ‪٠‬باء أخرل ‪٧‬بلية مثل التختجية كا‪٢‬باطبوف‪ ،‬كذلك ُب غريب األانضوؿ ‪ ،‬كالعلي إ‪٥‬بية‬ ‫‪-5‬‬
‫ُب فارس كتركستاف ككردستاف‪.‬‬

‫‪ 374‬انظر‪:‬اتريخ اإلسبلـ السياسي كالثقاُب كاالجتماعي‪ 267-265/4‬كالعلوين ص ‪55-54‬‬


‫‪ 375‬انظر‪ :‬طائفة النصّبية ص‪24-23‬‬
‫‪ 376‬انظر‪ :‬العلويوف ص‪32‬‬
‫‪ 377‬انظر‪ :‬اتريخ العلويْب ص‪ 342‬كطائفة النصّبية ص‪35‬‬
‫‪ 378‬انظر‪ :‬العلويوف ص‪31‬‬
‫‪141‬‬
‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫نشأة النصَتية‬

‫أعقبت كفاة اإلماـ ا‪٢‬بادم عشر ا‪٢‬بسن العسكرم بدكف أم عقب ‪ ،‬صدمة كتفرؽ لدل عموـ الشيعة ‪،‬‬
‫فاختلفوا بعد كفاتو إذل أربع عشرة فرقة ‪ ،‬بْب مؤيد كانؼ لوجود ابن لئلماـ ا‪٢‬بادم عشر‪.‬‬

‫ك‪٤‬با كاف من أصوؿ اعتقاداهتم كجود إماـ معصوـ يتوذل تصريف شؤكف الناس ‪ ،‬اخَبعوا فكرة الباب إذل‬
‫األماـ ‪ ،‬حيث ٱبتاركف رجبل ‪٨‬بصلصا آلؿ البيت يلتقي ابإلماـ ا‪٤‬بستور كيكوف حلقة الوصل بينو كبْب‬
‫الناس‪.‬‬

‫كقد استدلوا أبدلة ضعيفة ال تثبت منسوبة إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص " أان مدينة العلم كعلي ابهبا " كغّبىا من‬
‫الركاايت الٍب ال تثبت ‪.‬‬

‫فالنصّبية من الفرؽ الٍب قالت ال كجود إلماـ بعد ا‪٢‬بسن العسكرم كال كجود لباب بعده ‪ٍ ،‬ب قالت‬
‫أبلوىية ا‪٢‬بسن العسكرم أيضا ‪.‬‬

‫كانفصلت بقية ابن نصّب‪ ،‬كتعاقب على قيادهتا بعد كفاة ابن نصّب ‪ٝ‬بلة من أتباعو أكرثوا ا‪٤‬بذىب عقائد‬
‫‪٨‬بتلفة ‪ ،‬كا‪١‬بنببلين كا‪٣‬بصييب كا‪١‬بسرم كغّبىم ‪.‬‬

‫كقد تفرقوا بعد اضطهادىم من الدكؿ اإلسبلمية إذل أف عادكا ُب الوقت ا‪٤‬بعاصر على حْب غفلة من‬
‫‪379‬‬
‫كتسموا أب‪٠‬باء ‪٨‬بتلفة كحزب البعث االشَباكي ‪ ،‬كدعول‬
‫ا‪٤‬بسلمْب كاستولوا على ا‪٢‬بكم ُب سوراي ‪ٌ ،‬‬
‫التقدمية كالتحرر‪ ،‬كغّبىا من ا‪٤‬بسميات ‪.‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫تكتم النصَتية على عقائدىم‬

‫يعترب النصّبيوف أف عقائدىم أسرارا ال ٯبوز ألحد إفشائها مهما كانت الظركؼ ‪ ،‬قد جاء ُب ا‪٥‬بفت‬
‫الشريف ‪ -‬كتاهبم ا‪٤‬بقدس‪ " : -‬كأف ىذا العلم سر هللا كمكنوف خزائنو الذم دل يطلع عليها أحد من‬
‫عباده إال األكلياء ا‪٤‬بختصوف "‬

‫‪ 379‬انظر‪ :‬فرؽ الشيعة للنوٖبٍب ص ‪ 78‬كطائفة النصّبية ص‪42‬‬


‫‪142‬‬
‫سر العلي األعلى ‪ ،‬كمن‬
‫كيعتقدكف أف من أفشاىا فيكوف مصّبه القتل ُب أبشع صوره ‪ ،‬ألنو أفشى ٌ‬
‫أمثلة ذلك ما فعلوه بصاحب كتاب الباكورة السليمانية كىو سليماف األضِب الذم تنصر ٍب ألف كتااب‬
‫يفظح عقائدىم فيو ‪ ،‬فاحتاؿ عليو أقاربو بشٌب الصور إذل أف رجع فأحرقوه حيا دكف ىوادة‪. 380‬‬

‫كىكذا أصحاب الباطل ليس لديهم حجة ُب مواجهة ا‪٢‬بق سول كتم ابطلهم ‪.‬‬

‫كقد كتب ‪٩‬بحمد فريد كجدم خبلصة ماجاء ُب الباكورة السليمانية كىي ما يلي ‪:‬‬

‫اف النصبّبية يعتقدكف ألوىية علي ‪ ،‬كالكبلزية منهم يعتقدكف أنو حل ُب الشمس‬ ‫‪-1‬‬
‫فيقدسوف الشمس ‪.‬‬
‫يعتقدكف بتناسح األراكح ‪ ،‬فاألركاح الصا‪٢‬بة ‪ٙ‬بل ُب النجوـ‪ ،‬كلذلك يسموف علي أمّب‬ ‫‪-2‬‬
‫النحوـ ‪ ،‬كاألركاح الشريرة ‪ٙ‬بل فيا‪٢‬بيواانت ‪.‬‬
‫أف كلمة السر عندىم ىي ع ‪ ،‬ـ ‪ ،‬س كىي رموز دمحم كعلي كسلماف ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أف لديهم كتااب مقدسا غّب القرآف‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أف العقائد الوثنية غّب متجانسة كثنية قدٲبة كإسبلمية متطرفة‪. 381‬‬ ‫‪-5‬‬

‫كىذا يدؿ على أهنم ليسوا على يقْب من صبلحية داينتهم كصفائها كيعلموف أهنا قامت على ا‪٣‬بداع‬
‫كالتضليل ‪ ،‬كاألمثلة عديدة على قتلهم ‪٤‬بن أفشى أسرارىم‪.‬‬

‫كقد جاء ُب ا‪٥‬بفت الشريف عن كجوب كتماف السر ‪":‬فإف أفشيتو إذل أعدائنا فقد أعنت على قتل‬
‫‪382‬‬
‫نفسك"‬

‫طريقتهم يف تعليم مذىبهم ‪:‬‬

‫تعليم ادلرأة ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ا‪٤‬برأة النصّبية تعترب من أجهل نساء العادل ‪ ،‬إف أف التعاليم النصّبية تقضي بعدـ جواز اطبلع ا‪٤‬برأة على‬
‫سر من أسرار ا‪٤‬بذىب النصّبم ‪ ،‬ألهنا ُب نظرىم ضعيفة العقل كاإلرادة كألهنا أكثر شرا من الرجل‬
‫أم ٌ‬
‫كأكثراحتياال كمكرا كىي سبب كل شر عندىم‪ ،‬كما صرح بذلك ا‪٥‬بفت الشريف عندىم ‪.‬‬

‫‪ 380‬انظر‪ :‬دائرة معارؼ القرف العشرين ‪ 249/10‬نقبل عن العلويوف ص‪36‬‬


‫‪ 381‬نفس ا‪٤‬برجع ‪.‬‬
‫‪ 382‬ا‪٥‬بفت الشريف ص‪102‬‬
‫‪143‬‬
‫فا‪٤‬برأة لنصّبية إذا الدين ‪٥‬با‪ ، 383‬ك‪٥‬بم كصااي ُب االحَباس من ا‪٤‬برأة ‪ ،‬كقد يعاقب الرجل أبف ٲبسخ إذل‬
‫امرأة ‪ُ ،‬ب التناسخ ‪ ،‬إذا دل يقم اب‪٤‬بطلوب منو ‪ ،‬ككذلك يعاقب عامة رجاؿ الكفار أبف يصّبكا نساء‬
‫‪384‬‬
‫كافرات ‪ ،‬كما جاء ُب ا‪٥‬بفت الشريف عن ا‪٤‬بفضل ا‪١‬بعفي عن الصادؽ‬

‫كيستدلوف أبف ٖبركج آدـ من ا‪١‬بنة بسبب ا‪٤‬برأة‪ 385‬كأف قابيل قتل ىابيل بسبب امراة ككيف خانت أمرأة‬
‫نوح كلوط‪ ،‬كقتل ٰبي بسبب امراة ابغية كأهنن مصدر الكيد‪.‬‬

‫كىذا كلو خبلؼ تعاليم االسبلـ الٍب جاءت إبكراـ ا‪٤‬برأة كتعليمها أمور دينها كتكليفها ٗبا يكلف بو‬
‫الرجل‪ ،‬كأف هللا ال يضيع أجر من أحسن عمبل‪.‬‬

‫تعليم الرجل سر الداينة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫دل أينس النصّبية من إظهار تعاليمهم حٌب من بعضهم لبعض‪ ،‬إال بعد تعقيدات كاختبارات شديدة‬
‫يذؿ ُب الرجل‪ ،‬كيتجرع مرارة اإلىانة‪ ،‬كينتهك عرضو‪،‬كيقضى فيو على آخر‬

‫عرؽ بنبض فيو ابلرجولة كالشهامة‪.‬‬

‫جيث ٱبتار التلميذ الشيخ الذم سيبلزمة كيسمونو الوالد الركحي أك الوالد الديِب ٍب يغرس ُب قلبو‬
‫تقديس الشيخ كا‪٣‬بضوع لو‪.‬‬

‫كمن تلك الطرؽ أهنم ٯبعلوف أحذية ا‪٤‬بشايخ ترفع فوؽ رأس التلميذ كىو ساكت ال يتكلم ‪ٍ ،‬ب يتوسل‬
‫شيخو لبقية ا‪٤‬بشايخ أف يقبلوه ‪ ،‬فإذا قبل يبدأ ُب تقبيل أيدم كأرجل ا‪٤‬بشايخ ا‪٢‬باضرين ‪.‬‬

‫ٍب يقف مكانو كيوضع على أرسو خرقة بيضاء ٍب يبدأ الشيخ بقراءة العقد الذم سيتم بْب التلميذ‬
‫كالشيخ‪ ،‬كىو أشبو ما يكوف بعقد الزكاج‪ ،‬كيعتربكف ىذا ٗبثابة ا‪٣‬بطبة ‪ ،‬كيعتربكف الكبلـ الذم يسمعو‬
‫ٗبثابة النكاح ‪ ،‬كما يتحملو من العلم ٗبثابة ا‪٢‬بمل ‪ ،‬فإذا تعلم كأراد التعليم يكوف ذلك ٗبثابة لوضع ‪.‬‬

‫ٍب يشَبطوف عليو أف يكرر ُب اليوـ ‪ٟ‬بسمائة مره بسر ع ـ س ‪ٍ ،‬ب يعلمونو التعاليم بطرؽ قاسية كلو‬
‫إبىدار رجولتو‪. 386‬‬

‫‪ 383‬انظر‪ :‬دائرة معارؼ القرف العشرين مادة "نصر" كانظر‪ :‬العلويوف ص‪ 57‬كطائفة النصّبية ص ‪43‬‬
‫‪ 384‬انظر‪ :‬ا‪١‬بيل التارل ص‪9‬‬
‫‪ 385‬يعتقد ىؤالء أف آدـ قبلو سبعة أكادـ‪ ،‬كل آدـ مثل ٌأمة‪ ،‬حٌب جاء أبوان آدـ ا‪١‬بديد كىو الثامن كما يذكر ا‪٥‬بفت‬
‫الشريف‪ ،‬انظر‪ :‬الباب ‪ ، 61-60‬ص ‪153-150‬‬
‫‪144‬‬
‫كفيما يلي أىم الشركط ُب تعليم ا‪٤‬بذىب النصّبم ‪:‬‬
‫‪387‬‬
‫أف ٯبتاز سن التاسعة عشر‬ ‫‪-1‬‬
‫أف ٲبر اب‪٤‬براحل التالية على التدريج ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أ ‪ -‬ا‪٤‬برحلة األكؿ ‪ :‬مرحلة ا‪١‬بهل ‪ :‬كىي هتيئة من يقع عليو االختيار من أبناء طائفتهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬ا‪٤‬برحلة الثانية ‪ :‬مرحلة التعليم ‪ :‬كىي تلقْب شيء من تعاليم ا‪٤‬بذىب ‪ ،‬كيبقى مدة سنة أك‬
‫سنتْب ‪ٙ‬بت إشراؼ أحد الشيوخ ‪ ،‬فاذا توسم فيو النجابة نقلوه إذل ا‪٤‬برحلة الثالثة كإال طردكه كىي‪:‬‬

‫ج – مر حلة السماع ‪ :‬كىي الدرجة العليا حيث يلقنونو أسرار ا‪٤‬بذىب على يد شيوخو الورحيوف‬
‫كيطلقوف عليو الشيخ أك صاحاب العهد مع كجود كفبلء‪ ،‬كالشهود يشهدكف استعداده لتحمل‬
‫األسرار كاحملافظة عليها كلو على دمو ‪.‬‬

‫مع العلم أف كل تلك التعاليم تلقن ُب مرحلة السكر‪ٕ،‬بيث يشرب ا‪٤‬بتعلم ا‪٣‬بمر الٍب يسموهنا عبد‬
‫النور مع ىالة من التهديد كالوعيد من ىنا كىناؾ ‪ ،‬حٌب يكتمل تعليمو ا‪٤‬بذىب ُب أجواء غّب‬
‫طبيعية ‪.‬‬

‫ك‪٥‬بم طقوس للداخل ُب ا‪٤‬بذىب يضحك منها العقبلء ‪ ،‬كيستنكف عنها ا‪١‬بهبلء ‪ ،‬فيها هتويل‬
‫للداخل ككفبلء لو ككفبلء للكفبلء مع شرب ا‪٣‬بمور ككعيد كهتديد‪. 388‬‬

‫ادلبحث السادس‪:‬‬

‫أىم عقائد النصَتية‬

‫للنصّبية عقائد كثّبة بعضها ظاىر كبعضها ال زاؿ ُب طي الكتماف ‪ ،‬كقد اتضح أف أبرز عقائدىم‬
‫ما يلي ‪:‬‬

‫أتليو علي بن أيب طالب ‪ :‬كال يتسبعد منهم ىذا االعتقاد‪ ،‬حيث إهنم كانوا قبل دخو‪٥‬بم‬ ‫‪-1‬‬
‫اإلسبلـ عباد بقر كأكاثف ‪ ،‬فأرادكا صبع عقائدىم بصبغة اإلسبلـ ‪.‬‬

‫‪ 386‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص‪375-374‬‬


‫‪ 387‬انظر‪ :‬العلويوف أك النصّبية ص‪ 57‬نقبل عن دائرة معارؼ القرف العشرين مادة"نصر"‬
‫‪ 388‬انظر‪ :‬ا‪١‬بيل التارل ص‪47-39‬‬
‫‪145‬‬
‫كمن أبرزىا ىو أتليو البشر ‪ ،‬ا‪٤‬بتمثل ُب علي بن أيب طالب ‪ ،‬زاعمْب أنو إماـ ُب الظاىر كإلو ُب‬
‫البطن ‪ ،‬دل يلد كدل يولد كدل أيكل كدل يشرب ‪.‬‬

‫ك يعتقدكف أف عليا لو البلىوت كالناسوت ‪ ،‬كبعتقدكف أف عليا خلق دمحم كدمحم خلق سلماف‬
‫الفارسي ‪ ،‬كسلماف الفارسي خلق األيتاـ ا‪٣‬بمسة كىم ‪ :‬ا‪٤‬بقداد ‪ :‬رب الناسي كخالقهم ‪ ،‬كموكل‬
‫ابلرعود كازالزؿ ‪ ،‬أبو الدر ‪ :‬أبو ذر الغفارم ‪ :‬ا‪٤‬بوكل بدكراف الكواكب كالنجوـ ‪ ،‬عبد هللا بن ركاحة‬
‫‪ :‬ا‪٤‬بوكل ابلرايح كقبض أركاج البشر ‪ ،‬عثماف بن مضعوف ‪ :‬ا‪٤‬بوكل اب‪٤‬بعدة كحرارة ا‪١‬بسد ‪ ،‬قنرب بن‬
‫كاداف ‪ :‬ا‪٤‬بوكل بنفخ األركاح‪. 389‬‬

‫كقد استدلوا ٗبكارمو على ألوىيتو كشجاعتو ُب ا‪٢‬بركب كغّبىا ‪.‬‬

‫كقد اختلفوا ُب مكاف حلولو بعد أف ترؾ ثوبو اآلدمي أم صورتو البشرية ‪ ،‬فمنهم من يقوؿ إنو حل ُب‬
‫القمر ‪ ،‬كلذلك يتجو إذل القمر ُب العبادة ‪ ،‬كمنهم من يقوؿ إنو حل ُب الشمس ‪ ،‬كيتنجو إذل الشمس‬
‫ُب عبادتو ‪ .‬كىؤالء يسموف الكبلزية ‪.390‬‬

‫كيعتقدكف – كما جاء ُب ا‪٥‬بفت الشريف – أنو ال ٲبوت ا‪٤‬بيت حٌب ‪ٙ‬بمل ركحو إذل علي فإف كانت‬
‫صافية صعدت هبا ا‪٤‬ببلئكة إذل عْب ُب ا‪١‬بنة فقد كرد فيو‪":‬ما من مؤمن ٲبوت إال ك‪ٙ‬بمل ركحو إذل اإلماـ‬
‫علي فينظر فيها‪ ،‬فإذا كاف مؤمنان ‪٩‬بتحنان صافيان صعدت ا‪٤‬ببلئكة بركحو إذل السماء فتغمسها ُب عْب ُب‬
‫ا‪١‬بنة" ‪. 391‬‬

‫كقد جاء ُب السورة الثالثة من كتاهبم ا‪١‬بيل التارل ‪ " :‬اللهم اين أسالك ايموالم اي أمّب النحل اي عليا‬
‫‪392‬‬
‫ايعظيم اي أزؿ اي فرد اي قدًن اي علي اي كبّب اي أكرب من كل كبّب اي خالق الشمس كالقمر ا‪٤‬بنّب ‪" ..‬‬
‫اذل اخر ماجاء ُب سورىم من الكفر كاإل‪٢‬باد كالزندقة كسورة السجود كسورة اإلشارة كالسورة الكبّبة ‪.‬‬

‫‪389‬انظر‪ :‬طائفة النصّبية ص ‪ ،47‬كانظر‪ :‬ا‪١‬بيل التارل ص ‪.113‬‬


‫‪390‬انظر‪ :‬العلويوف ص ‪.57‬‬
‫‪391‬ا‪٥‬بفت الشريف ص ‪.82‬‬
‫‪392‬انظر‪ :‬ا‪١‬بيل التارل ص ‪.79‬‬
‫‪146‬‬
‫كدل يقصركا ا‪٢‬بلوؿ على علي بل قالوا‪ :‬إف هللا حل ُب سائر األئمة من بعد علي ‪ ،‬كلذلك زعموا أيضا أف‬
‫ا‪٢‬بسْب رب العا‪٤‬بْب ‪ ،‬كالعجيب أهنم مرة ٯبعلوف عليا إ‪٥‬با كمرة نبيا كمرة يستدلوف ابلقرآف على فضائلو ‪،‬‬
‫كأبقواؿ مكذكبة‪. 393‬‬

‫كنتيجة لدعواىم ُب حلوؿ األلوىية على بعض األشخاص كقبوؿ عقو‪٥‬بم ىذا ا‪٥‬براء‪ ،‬فقد ادعى بعضهم‬
‫حل فيو‪ ،‬كمن يسمى سلماف مرشد الذم ادعى أف هللا حل فيو ‪ ،‬ككاف إظهاره ‪٥‬بذا القوؿ ٕبماية‬
‫أف هللا ٌ‬
‫االستعمار الفرنسي آنذاؾ‪.‬‬

‫ككاف إذا ظهر ألتباعو ٱبر لو أتباعو ساجدين‪ ،‬كقد رٌكب أنوارا ُب ثيابو تضيء حينما توصل ببطارية‬
‫صغّبة ُب جيبو ‪ ،‬الطريف أف ا‪٤‬بستشار الفرنسي فيببلد الشاـ كاف أيضا من ضمن الساجدين كيسميو اي‬
‫إ‪٥‬بي‪.‬‬

‫كبعد كفاتو ا‪ٚ‬بذ أتباعو ابنو األكرب ‪٦‬بيب األكرب ‪ ،‬كقد قتل ىذا أيضا ‪.‬‬

‫كمن خبث أتباعو أهنم يسموف على ذابئحهم فيقولوف ‪ " :‬ابسم ‪٦‬بيب األكرب من يدم إذل رقبة أيب بكر‬
‫كعمر"‬

‫القول ابلتناسخ ‪ :‬ال يؤمن النصّبية بيوـ القيامة ‪ ،‬كسائر أصحاب الدكر الذين يقولوف أبف‬ ‫‪-2‬‬
‫ا‪١‬بزاء ُب الدنيا ‪.‬‬

‫كاستبدلوا ا‪١‬بزاء ُب اآلخرة ابلتناسخ ُب الدنيا‪ ،‬فالتناسخ ىو انتقاؿ ركح ا‪٤‬بيت بعد موتو إذل جسد آخر‬
‫حسب عملو ‪ ،‬فصاحب العمل ا‪٢‬بسن ينتقل إذل جسد حسن منعم ‪ ،‬كالعمل السيء ينتقل إذل جسد‬
‫معذب ردمء كالكبلب كا‪٣‬بنازير كا‪٢‬بيات كالعقارب كا‪٣‬بنافس كغّبىا‪. 394‬‬

‫كالتناسخ عند النصّبية لو أربع صور حسب عمل االنساف كىي ‪ :‬نسخ ‪ ،‬مسخ ‪ ،‬فسخ ‪ ،‬رسخ ‪.‬‬

‫أما النسخ فهو ‪ :‬انتقاؿ ركح اآلدمي اذل جسد آدمي آخر ‪.‬‬

‫كا‪٤‬بسخ ىو ‪ :‬انتقاؿ ركح اآلدمي من جسده إذل جسد حيواف ‪.‬‬

‫‪393‬انظر ‪٤‬با سبق ذكره عن علي هنع هللا يضر كموقف النصّبية منو‪ :‬كتاب طائفة النصّبية ص ‪ ،50 - 46‬نقلنا عنو بتصرؼ‪،‬‬
‫كانظر‪ :‬فرؽ الشيعة للنوٖبٍب ص ‪ ،116‬كالعلويوف ص ‪ ،52 ،44 ،15‬كلقد توسع الدكتور دمحم أ‪ٞ‬بد ا‪٣‬بطيب ُب ىذه‬
‫ا‪٤‬بسألة كبْب تفضيبلهتا ُب الفصل الثاين من كتابو ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص ‪.354 - 341‬‬
‫‪394‬فرؽ الشيعة ص ‪.58 ،57‬‬
‫‪147‬‬
‫كا‪٤‬بسخ ىو ‪ :‬انتقاؿ ركح اآلدمي من جسده إذل جسد حشرة ‪.‬‬

‫كالرسخ ىو ‪ :‬انتقاؿ ركح اآلدمي من جسده إذل ‪ٝ‬باد أك نبات‪. 395‬‬

‫كتذكر بعض كراايهتم أف ا‪٤‬بسيخ كالفسخ كالرسخ ال تصيب النصّبم بل تصيبأعدائهم ‪ ،‬كقدجاء ُب‬
‫ا‪٥‬بفت الشريف بياف كل صورة من تلك الصور ‪ ،‬ال يتسع ا‪٤‬بقاـ لذكرىا ىنا منها قولو ‪" :‬كإنو ليلقاؾ‬
‫الرجل ُب بدنو كأنت تظن أنو آدمي كإ٭با ىو قرد أك خنزير أك كلب أك دب"‪.396‬‬

‫تقديس اخلمر‪:‬كمن أىم عقائدىم أيضان‪ :‬تقديس ا‪٣‬بمر‪ ،‬حيث زعموا أف هللا تعاذل يتجلى‬ ‫‪-3‬‬
‫فيها كأهنا تسمى عبد النور تشريفان ‪٥‬با‪ ،‬كجعلوا من أكرب اإلجراـ قلع شجرة العنب‪.‬‬

‫ادلبحث السابع‪:‬‬

‫عبادات النصَتية‬

‫ٱبتلف النصّبكف عن ا‪٤‬بسلمْب ُب العبادات كُب كل شيء ‪ ،‬كذلك ألف مذىبهم خليط من شٌب األفكار‬
‫كالدايانت ‪ ،‬كما كرد ُب عقيدهتم ككتبهم من كلمات كالصبلة كالزكاة كالصياـ اليريدكف منها ا‪٤‬بقصود ُب‬
‫الشريعة اإلسبلمية بل أكلوىا إذل معاف أخرل ابطنية‪ ،‬منها ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التكاليف ‪ :‬يذكر بعضهم أف النصّبية يفرقوف بْب التزاـ التكاليف بْب ا‪٤‬بشايخ كبْب ا‪١‬بهاؿ ‪،‬‬
‫فّبكف جربية التكاليف تسرم على ا‪٤‬بشايخ دكف ا‪١‬بهاؿ‪.‬‬

‫كلعل ُب ىذا نظر ‪ ،‬إذ من ا‪٤‬بعلوـ أف الشيوخ من النصّبية الذين يسموهنم أيضا أصحاب العهد‪ ،‬تسقط‬
‫عنهم التكاليف إذا عرفوا الباطن ‪ ،‬فقد يكلف الشخص فَبة معينة لطلب العلم كاالستزادة‪ ،‬كلكن بعد‬
‫ذلك تسقط عنو ‪ٝ‬بيع التكاليف إذا عرؼ الباطن كميز بينو كبْب الظاىر فتسقط عنو العبودية كما نص‬
‫على ذلك ُب ا‪٥‬بفت الشريف‪. 397‬‬

‫‪ٙ395‬بقيق ما للهند من مقولة الباركين ص ‪ ،44 - 38‬نقبلن عن طائفة النصّبية ص ‪.88‬‬


‫‪ 396‬نفس ا‪٤‬برجع ص‪80‬‬
‫‪ 397‬انظر‪ :‬ا‪٥‬بفت الشريف ص‪42‬كص‪125‬‬
‫‪148‬‬
‫اثنيا ‪ :‬الصالة ‪:‬أما الصبلة ‪ ،‬فالنصّبية يصلٌوف ُب ‪ٟ‬بس أكقات‪ ،‬إال أهنا ‪ٚ‬بتلف ُب األداء كُب عدد‬
‫الركعات عن بقية ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية كصبلهتم ال سجود ‪٥‬با ‪ ،‬كفيها بعض الركوع أحياان‪.‬‬

‫كال يصلوف ا‪١‬بمعة كال يعَبفوف بو كفرض ‪ ،‬كال يتطهركف قبل الصبلة كال يصلوف ُب ا‪٤‬بساجد كٰباربوف‬
‫بناء ا‪٤‬بساجد ‪.‬‬

‫كىم ٯبتمعوف للصبلة ُب بيوت معلومة كأكقات معينة كيسموف ىذا االجتماع عيدا ‪ ،‬كفيها ٱبتلط الرجاؿ‬
‫ابلنساء ‪ ،‬كيقرأ فيها الشوخ قصص أخبار كمعجزات أئمتهم‪. 398‬‬

‫اثلثا‪ :‬القداسات ‪ :‬يقوـ شيوخ النصّبية أبداء بعض الطقوس كالقداسات بعد أداء صلواهتم ‪ ،‬كمن‬
‫قداساهتم الكثّبة ‪ ،‬قداس الطيب لكل أخ كحبيب ‪،‬كقداس البخور ُب ركح ما يدكر ُب ‪٧‬بل الفرح‬
‫كالسركر‪ ،‬كقداس األذاف كابهلل ا‪٤‬بستعاف ‪ ،‬كغّبىا ‪.‬‬

‫ككل قداس لو ذكر خاص بو أك كديعة يتوسلوف هبا إذل اإللو علي كا‪٣‬بمسة أيتاـ ككبار مشائخهم ‪.‬‬

‫كمن أمثلة ىذه القداسات قداس األذاف حيث جاء فيو ‪ " :‬هللا أكرب هللا أكرب هللا أكرب كبّبا ا‪٢‬بمد هلل‬
‫كثّبا كجهت كجهي إذل دمحم احملمود طالبا سره ا‪٤‬بقصود ا‪٤‬بتقرب بتجلي الصفات كعيِب الذات ‪ ...‬ديِب‬
‫سلسلة طاعة إذل القدًن األزؿ ‪ ..‬شهدت أف إلو إالىو العلي ا‪٤‬بعبود كال حجاب إال السيد دمحم احملمود‬
‫كال ابب إال السيد سلماف الفارسي كال مبلئكة إال ا‪٤‬ببلئكة ا‪٣‬بمسة األيتاـ الكراـ "‪.399‬‬

‫إذل غّبىا من القداسات الٍب تنضح كفرا كشركا كدعاء غّب هللا كصبغ البشر بصبغة اإللو ‪.‬‬

‫كقد جاء ُب ا‪٥‬بفت الشريف بياف أف معُب الصبلة ىي أمّب ا‪٤‬برمنْب ‪ ،‬كمعُب الزكاة معرفتو كأما الصياـ‬
‫فمعناه االمتناع عن معاشرة النساء‪ 400‬كأما ا‪٢‬بج فيعتربكنو كفرا كعبادة لؤلصناـ‪. 401‬‬

‫اثلثا‪ :‬أعياد النصَتية ‪:‬‬

‫‪ 398‬انظر‪ :‬إسبلـ ببل مذاىب ص ‪،309‬‬


‫‪ 399‬انظر‪ :‬إسبلـ ببل مذاىب ص ‪،309‬‬
‫‪400‬انظر‪ :‬ا‪٥‬بفت الشريف ص ‪.40‬‬
‫‪ 401‬انظر‪ :‬طائفة النصّبية ص ‪.66‬‬
‫‪149‬‬
‫للنصّبية أعياد كثّبة ُب أكقات ‪٨‬بتلفة‪ ،‬مثل عيد الغدير كعيد الفطر كعيد األضحى كعيد عاشوراء كعيد‬
‫النوركز كعيد ا‪٤‬بهرجاف كعيد الصليب كعيد الغطاس كعيد السعف كعيد العنصرة كعيد القديسة برابرة‬
‫كعيد ا‪٤‬بيبلد‪.‬إذل آخر أعيادىم ‪.‬‬

‫كبعض ىذه االعياد متأثر اب‪٤‬بسحية كبعض ابلفارسية ‪ ،‬حيث نرل أف النوركز ىو أكرب األعياد ُب الداينة‬
‫اجملوسية ك‪٪‬بده عند النصّبية ٰبتل مكانة مرموؽ‪402‬ة‪.‬‬

‫ادلبحث الثامن ‪:‬‬

‫موقف النصَتية من الصحابة‬

‫أضمر النصّبية البغض كالعداء للصحابة كأظهركا ذلك ‪ ،‬فاعتقدكا أف من الصحابة كافرا كأيب سفياف‬
‫كابنو معاكية ‪ ،‬كخصوا الصحايب ا‪١‬بليل أبو بكر ٍب عمر الفاركؽ ابلبغض الشديد فبل ٯبوز عندىم‬
‫التسمية أبيب بكر كال عمر‪.‬‬

‫بل إهنم يعمدكف إذل ا‪٢‬بيواانت كيعذبوهنا بدعول أف ركح أبو بكر كعمر كعائشة حلٌت فيها ‪ ،‬كيسموف‬
‫عمر أبددل ‪ ،‬كنعتوه أبكصاؼ كنعوت ٱبجل العاقل من ذكرىا ‪.‬‬

‫مر العذاب‬
‫كمن ىنا يعمدكف إذل ‪ٞ‬بار كيعذبونو بدعول تعذيب عمر أك يعمدكف إذل غنمة كيذيقوهنا ٌ‬
‫بزعم تعذيب عائشة ‪.‬‬

‫ادلبحث التاسع‪:‬‬

‫فرق النصَتية وأماكنهم‬

‫فرق النصَتية‪ :‬تفرؽ النصّبية كشأف سائر أىل الفرؽ الضالة إذل عدة طوائف من أبرزىا ما‬ ‫أ‪-‬‬
‫يلي ‪:‬‬

‫‪ 402‬انظر‪ :‬ذكرىا د ‪ /‬ا‪٢‬بليب بتوسع ُب كتابو طائفة النصّبية ص ‪ 71‬كالعلويوف ص‪104‬‬


‫‪150‬‬
‫ا‪١‬برانة ‪ :‬نسبة إذل قريتهم جرانة ك‪٠‬بيت ابلكبلزية ‪ ،‬نسبة إذل زعيمهم دمحم يونس كبلز‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حل ُب القمر ‪ ،‬كأف اإلنساف إذا شرب ا‪٣‬بمر‬
‫كيقاؿ ‪٥‬بم القمرية ‪ ،‬ألهنم يعتقدكف أف عليا ٌ‬
‫يقَبب من القمر‪. 403‬‬
‫الغيبية ‪ :‬كىم الذين رضوا ٗبا قدر ‪٥‬بم من الغيب‪ ،‬أك الذين يعتقدكف أف هللا ٘بلى ُب علي ٍب‬ ‫‪-2‬‬
‫غاب عن البشر كاختفى ‪.‬‬
‫ا‪٤‬باخوسية ‪ :‬نسبة إذل زعيمهم علي ا‪٤‬باخوس ‪ .‬كقد انشق عن الكبلزية ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫النياصفة‪ :‬نسبة إذل زعيمهم انصر ا‪٢‬باصورم من بلدة نيصاؼ بلبناف‪.404‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أماكن النصَتية ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫يعيش النصّبية اليوـ بكثرة ُب ا‪١‬بنوب كالشماؿ من سوراي‪ ،‬ك‪٥‬بم كجود ُب تركيا كأطراؼ لبناف الشمارل‬
‫كفارس كتركستاف الركسية ككردستاف‪. 405‬‬

‫زلاوالت مل تثمر ‪:‬‬

‫حاكؿ بعض من زعماء ا‪٤‬بسلمْب إرجاع النصّبية إذل اإلسبلـ ‪ ،‬كقامواٗبجهودات كبّبة كترغيب كترىيب‬
‫‪ ،‬استعمل فيها الصّبية مبدأ التقية حيث أظهرك ا‪٤‬بوافقة ُب حاؿ ضعفهم كأظهركا ا‪٢‬برب ُب حاؿ قوهتم ‪،‬‬
‫كمن ىؤالء الزعماء ما يلي ‪:‬‬

‫صبلح الدين األيويب ‪ :‬حيث أمر النصّبية ابلصبلة كالصوـ بعد دحره للصليبيْب ‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فأطاعوه كبعد موتو جعلوا ا‪٤‬بساجد زرائب للحيواانت ‪.‬‬
‫الظاىر بيربس ‪ :‬بعد أف دحر التتار ألزـ النصّبية ببناء ا‪٤‬بساجد كإقامة الصبلة فيها فبنوىا‬ ‫‪-2‬‬
‫بعيدة عن القرل ‪ ،‬كرٗبا أذف فيها غريب فيقولوف لو التنهق أبتيك علفك ‪.‬‬
‫السلطاف العثماين سليم ‪ :‬حيث أمرىم ابلتزاـ الشريعة اإلسبلمية كلكنهم رجعوا بعد موتو ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أبراىيم ابشا ابن دمحم علي ابشا كارل مصر ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪403‬ىذا ما يذكره د‪ .‬ا‪٢‬بليب ُب كتابو‪ :‬طائفة النصّبية ص ‪ ،83‬كالذم يذكره أكثر العلماء أف الكبلزية يعبدكف الشمس‬
‫على اعتقاد أف عليان حل فيها‪ ،‬كالنصّبية عمومان يقدسوف الشمس كالقمر‪ ،‬كتتداخل عبادهتم ‪٥‬بما حسب ميوؿ‬
‫رؤسائهم‪.‬‬
‫‪404‬طائفة النصّبية انظر ص ‪ ،83‬كدراسات ُب الفرؽ‪ ،‬صابر طعيمة ص ‪ ،55 ،54‬مذاىب اإلسبلميْب ‪.295 / 4‬‬
‫‪405‬العلويوف‪ ،‬كالنصّبية ص ‪.7‬‬
‫‪151‬‬
‫السلطاف العثماين عبد ا‪٢‬بميد ‪ :‬حيث أرسل يعض ا‪٤‬بصلحْب إذل مناطقهم منهم رجبل من‬ ‫‪-5‬‬
‫خاصتو ا‪٠‬بو ضياء ابشا ‪ ،‬كجعلو متصرفا على لواء البلذقية فأنشأ ‪٥‬بم ا‪٤‬بساجد كا‪٤‬بدارس‬
‫فأخذكا يتعلموف كيصوموف ك‪٤‬با اقتنعت الدكلة برجوعهم إذل اإلسبلـ ترؾ ابشا ىذا امنصب‬
‫‪406‬‬
‫‪.‬‬ ‫فدنسوا ا‪٤‬بساجد كأحرقوا ا‪٤‬بدارس‬
‫كمنهم كلك شيخ االسبلـ ابن تيمية لو إسهاـ كبّب ُب جهاد ىؤالء ‪ ،‬كانتصر عليهم ٗبن‬ ‫‪-6‬‬
‫معو من ا‪٤‬بسملْب كفتح ببلدىم ُب جبل كسركاف ‪ ،‬كبْب أخطائهم كبْب ‪٥‬بم ا‪٢‬بق‪.407‬‬

‫اال اف كل تلك حملاكال ابءت ابلفشل العتقادىم أف التكاليف ىي من مظاىر ا‪١‬بهل كعدـ معرفة الرب‬
‫ا‪٤‬بعرفة ا‪٢‬بقيقية الباطنية ‪.‬‬

‫‪406‬انظر‪ :‬مهذب رحلة ابن بطوطة ا‪٤‬بسماة ‪ٙ‬بفة النظار ُب غرائب األمصار كعجائب األسفار ص ‪ٙ ،65‬بقيق أ‪ٞ‬بد‬
‫العوامرم كدمحم أ‪ٞ‬بد جاد ا‪٤‬بوذل طبعة القاىرة‪ ،‬كخطط الشاـ دمحم كرد علي ‪ 105 / 3 ،263 - 260 /1‬نقبلن عن‬
‫ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص ‪ .333 ،332‬كانظر‪ :‬طائفة النصّبية ص ‪.65‬‬
‫‪407‬انظر‪ :‬الكواكب الدرية ‪٤‬برعي الكرمي ص ‪ ،126 ،97‬كانظر‪ :‬العقود الدرية البن عبد ا‪٥‬بادم ص ‪.197‬‬
‫‪152‬‬
‫الفصل السادس‪:‬‬

‫الدروز‬

‫متهيد يف بيان خطر ىذه الفرقة ‪:‬‬

‫ىذه الطائفة ىي إحدل فرؽ الباطنية اإل‪٠‬باعيلية العبيدية‪ 408‬الغبلة الذين أ‪٥‬بو ا‪٢‬باكم أبمر هللا كجحدكا‬
‫كل ما أخرب بو هللا تعاذل من يوـ القيامة كالثواب كالعقاب‪ ،‬كقالوا ابلتقمص ‪ ،‬كقد ظهرت ىذه الفرقة ُب‬
‫القرف ا‪٣‬بامس ا‪٥‬بجرم ُب مصر‪. 409‬‬

‫كقد حذر علماء ا‪٤‬بسلمْب منها ‪ ،‬بل ذكركا أهنم أشد كفرا من اجملوس كاليهود كالنصارل كما ذكر ذلك‬
‫السفاريِب ر‪ٞ‬بو هللا‪. 410‬‬

‫شرىم كخطرىم ىو تكتمهم على عقائدىم‪ ،‬فبل يسمحوف ألحد ابلدخوؿ ُب مذىبهم كال‬
‫ك‪٩‬با زاد من ٌ‬
‫ا‪٣‬بركج منو ‪ ،‬كىم منأخلص الناس لليهود ُب ا‪٤‬باضي كحٌب ُب عصران ا‪٢‬باضر ُب اسرائيل ‪.‬‬

‫ادلبحث األول ‪:‬‬

‫التعريف ابلدروز وزعيمهم وأمسائهم‬

‫التعريف ابلدروز ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫التعريف هبم ُب اللغة ‪ :‬تطلق على معاف عديدة‪ ،‬فتطلق على األكالد غّب الشرعيْب غّب معركُب اإلابء ‪،‬‬
‫كتطلق على السفلة كالسقاط ‪ ،‬كتطلق على القمل كالصبئاف‪.411‬‬

‫كىذه ا‪٤‬بعاين تدؿ على الرداءة كاال‪٫‬بطاط ‪ ،‬كمن ىنا ٘بد الدركز ال ٰببوف أنت تطلق عليهم ىذه التسمية‬
‫‪.‬‬

‫‪408‬نسبة إرل عبيد هللا بن ميموف القداح الذم أسس الدكلة العبيدية ُب ا‪٤‬بغرب سنة ‪ 296‬ىػ‪ٍ ،‬ب امتد نفوذىم إذل مصر‬
‫كصارت القاىرة عاصمة ‪٥‬بم‪.‬‬
‫‪409‬انظر‪ :‬أضواء على العقيدة الذرزية‪ .‬ص ‪.5‬‬
‫‪410‬انظر‪ :‬غذاء األلباب شرح منظومة اآلداب ‪.252 / 1‬‬
‫‪411‬انظر‪ :‬هتذيب اللغة ‪ 181 / 13‬ك القاموس احمليط ‪ ،182 /2‬كانظر كتب اللغة مادة "درز"‬
‫‪153‬‬
‫التعريف هبم ُب االصلطاح‪ :‬ىو مصطلح يطلق على طائفة ذات أفكار كآراء اعتقادية من غبلة الباطنية‬
‫انشقوا عن اإل‪٠‬باعيلية ُب الظاىر ‪ ،‬كيعتقدكف ألوىية ا‪٢‬باكم أبمر هللا ‪ ،‬كيينسبوف إذل أحد ضبلؿ اجملوس‬
‫كا‪٠‬بو نشتكْب الدرزم‪. 412‬‬

‫أصل الدروز ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫اختلف الناس ُب أصل الدركز على أقواؿ كثّبة منها ما يلي ‪:‬‬

‫أهنم سبللة قبائل عربية ‪ ،‬كىو ما يزعمونو ىم‪.413‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أهنم من سبللة الساكريْب االقدماء‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أهنم من بقااي ا‪٢‬بيثيْب القدماء ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أهنم مزيج من عناصر ‪٨‬بتلطة من عرب كفرس كىنود ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أهنم من سبللة ا‪١‬بنود الفرنسيْب الصليبيْب ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أهنم من أصل إ‪٪‬بليزم ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫كتبدكا كل تلك األقواؿ – غّب القوؿ األكؿ – غّب بعيدة ‪٩‬با يضفي ظبلال من الشكوؾ كاالرتياب ُب‬
‫أصلهم ‪.‬‬

‫زعيمهم ‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫تنسب ىذه الطائفة إذل أحد دعاة الباطنية الذين قالوا أبلوىية ا‪٢‬باكم العبيدم ‪ ،‬كيسمى ىذا الداعي دمحم‬
‫بن إ‪٠‬باعيل ‪ ،‬كيقاؿ لو درزم ‪ ،‬كىو من أصل فارسي ‪ ،‬كيعرؼ ب "نشتكْب"‪.414‬‬

‫قدـ إذل مصر كىو أكؿ من أعلن ألوىية ا‪٢‬باكم ‪ ،‬بعد أف كاف يشاركو ُب ضبلالتو رجل فارسي آخر كىو‬
‫‪ٞ‬بزة بن عليالزكزين ‪ ،‬الذم يعد ا‪٤‬بؤسس الرئيسي للمذىب ‪.‬‬

‫كقد ابتدأ إعبل٭بذىبو أبف كتب كتااب يقر فيو أبلوىية ا‪٢‬باكم ‪ ،‬كمن ٍب جاء كقرأه على مسامع ا‪٤‬بسلمْب‬
‫ُب ا‪١‬بامع األزىر ‪ ،‬فثار الناس عليو ‪ ،‬فهرب أك ىربو ا‪٢‬باكم إذل جباؿ لبناف ‪ ،‬كنشر مذىبو ىناؾ إذل أف‬
‫قتل عاـ ‪ 410‬ىػ ‪.415‬‬

‫‪412‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص ‪.199‬‬


‫‪ 413‬انظر‪ :‬التآليف بْب الفرؽ اإلسبلمية ص ‪.118‬‬
‫‪414‬كيذكر بعضهم أف ا‪٠‬بو منصور نشكْب الدرزم‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫كبنبغي مبلحظة أف الدعوة إذل أتليو ا‪٢‬باكم ابتدات سنة ‪400‬ىػ ‪ ،‬كقد كانت دعوتو سرية فلما أنسوا‬
‫قبوؿ دعوهتم من سفلة الناس أعلنها دمحم بن إ‪٠‬بعيل الدرزم ليحظى بقدـ السبق ُب إظهارىا‪. 416‬‬

‫كقد صارت لو الكلمة ُب الدكلة العبيدية آنذاؾ ‪ ،‬بعد أف طابت أفكاره للحاكم أبمر هللا ‪.‬‬

‫كقد لقب نفسو بعدة ألقاب منها اآلية الكربل ‪ ،‬آية التوحيد ‪ ،‬آية الكشف ‪ ،‬العقل الكلي ‪ ،‬اإلرداة ‪،‬‬
‫علة العلل‪ ،‬كذكه معو ‪ ،‬كإماـ الزماف ‪ ،‬كقائم الزماف ‪ ،‬كا‪٤‬بنتقم من ا‪٤‬بشركْب لسيف موالان ‪ ،‬كغّبىا من‬
‫األلقاب ‪ ،‬كادعى أنو سلماف الفارسي عن طريق التناسخ‪ ،‬كادعى أنو ىو الذم أنزؿ القرآف على دمحم ‪.‬‬

‫كقد جاء ُب كتاب ‪٢‬بمزة الدرزم بعث بو إذل قاضي القضاة ُب زمنو كيسمى أ‪ٞ‬بد بن دمحم العواـ ُب أكؿ‬
‫الكتاب حيث يقوؿ ‪ " :‬توكلت على أمّب ا‪٤‬بؤمنْب جل ذكره كأستعْب بو ُب ‪ٝ‬بيع األمور ‪ .،‬معل علة‬
‫‪417‬‬
‫العلل‪ ،‬صفات بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬من عبد أمّب ا‪٤‬بؤمنْب ك‪٩‬بلوكو ‪ ..‬اخل"‬

‫إذل اخر ماجاء ُب ىذا الكتاب من الكفر كا‪١‬بهالة ‪ ،‬كقد اختفى ىذا الرجل بعد موت ا‪٢‬باكم إذل أف‬
‫قتل سنة ‪430‬ىػ ‪.‬‬

‫أمساء الدروز ‪ :‬أىم أمساء الدروز ما يلي‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬


‫الدروز ‪ :‬ىو االسم ا‪٤‬بشهور ا‪٤‬بتداكؿ ‪ ،‬كىو نسبة إذل تشكْب الدرزم ‪ ،‬كىو اسم يكرىونو‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ ،‬مع أنو ييذكر عن بعضهم أهنم صار يلعنو الختبلفو مع ‪ٞ‬بزة الزكزين ‪.‬‬
‫ادلوحدين ‪ :‬كىو االسم الذم ٰببونو كيطلقونو على أنفسيهم ُب كتبهم ‪ ،‬كيعنوف توحيد‬ ‫‪-2‬‬
‫ا‪٢‬باكم أبمر هللا‪. 418‬‬

‫‪415‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪77‬‬


‫‪ 416‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪.75 - 74‬‬
‫‪417‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪.78‬‬
‫‪418‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪.78‬‬
‫‪155‬‬
‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫سرية عقائد الدروز وأماكنهم وطريقتهم يف تعليم داينتهم‬

‫كيف انتشرت العقيدة الدرزية ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫الدركز من أصحاب العقائد السرية الذين ٰبرموف نشر معتقداهتم‪ ،‬كلكن بعد أف فر درزم من مصر إذل‬
‫جباؿ لبناف كانت تقيم بعض القبائل العربية الداخلة ُب اإلسبلـ‪ ،‬ككاف لديهم بقااي أتثر اب‪١‬باىلية ‪،‬‬
‫فانتشر بينهم ا‪٤‬بذىب اإل‪٠‬باعيلي ‪ ،‬رغم تفاىاتو كحقارتو ‪ ،‬فهو يتألف من أفكار ‪٨‬بتلطة فلسفية كىندية‬
‫كيواننية كفارسية كفرعونية ‪٧‬باطة أبسرار كاملة ال يباح الحد االطبلع عليها كال إفشائها ‪.‬‬

‫كال مانع عندىم أف ينكر الدرزم مبادئهم أماـ اآلخرين إذا دل تكن لو قوة أمامهم ‪ ،‬كال زالوا يعتقدكف‬
‫ألوىية ا‪٢‬باكم ُب ‪٦‬بالسهم ا‪٣‬باصة كخلواهتم رغم إنكارىم ذلك أماـ الناس ‪ ،‬حيث يعتقدكف كما جاء ُب‬
‫الرسالة ‪ 26‬من كتبهم أف ا‪٢‬باكم ‪ ":‬دل يلد كدل يولد كدل يكن لو كفوا أحد"‪.419‬‬

‫معاملة الدروز دلن يكشف شيئا من عقائدىم ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫يعترب إفشاء أسرار ا‪٤‬بذىب الدرزم جرٲبة تستحق القتل ‪ ،‬أك يثار ضجة حولو أك ‪٧‬باكلة إلصاؽ التهم‬
‫الكاذبة حوؿ من يفشيها اذا دل يستطيعوا قتلو ‪ ،‬كما فعلوا مع الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض حينما‬
‫كتب ُب ‪٦‬بلٍب ا‪٤‬بنهل كراية اإلسبلـ التْب كانتا تصدراف ُب جدة كالرايض‪ ،‬كأصدركا فتاكل ضده كنشركىا‬
‫ُب عدة صحف ‪ ،‬ككما فعلوا مع أحد علماء الدركز حينما فظح قبحهم كىو عبد هللا النجار ‪ ،‬فقتلوه‬
‫غيلة‪. 420‬‬

‫كما قالو أيضا دمحم أ‪ٞ‬بد ا‪٣‬بطيب حينما طبع كتابو عقيدة الدركز فاهنالت عليو ا‪٤‬بكا‪٤‬بات كالرسائل الٍب‬
‫هتدده ابلقتل كتتوعده ابلثبور إف دل يعتذر عن كتابو ‪ ،‬كما ذلك إال ‪٤‬بعرفتهم برداءة مذىبهم كأنو ال يقوـ‬
‫على حجج كبراىْب يستطيعوف هبا مقارعة ا‪٢‬بجج ‪.‬‬

‫سر الداينة كإظهار كتب‬


‫يقوؿ ‪ٞ‬بزة بن علي مؤسس ا‪٤‬بذىب ‪ " :‬إف أكرب اآلاثـ كأعظمها إظهار ٌ‬
‫ا‪٢‬بكمة كالذم يظهر شيئا من ذلك يقتل حاال ٘باه ا‪٤‬بوحدين كال أحد ير‪ٞ‬بو "‬

‫أماكن الدروز ‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫‪419‬مذىب الدركز كالتوحيد ص ‪ ،106 ،105‬عن ا‪٢‬بركات الباطنية ص ‪.237‬‬


‫‪ 420‬انظر‪ :‬عقيدة الدركز ‪.179‬‬
‫‪156‬‬
‫استوطن الدركز أماكن كثّبة متفرقة أبرزىا ما يلي ‪:‬‬

‫سوراي ‪ُ :‬ب ‪٧‬بافظة السويداء كجبل حوراف ُب أكثر من ثبلث كسبعْب قرية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لبناف ‪ُ :‬ب الغرب األسفل كالغرب األعلى كُب الشحار كا‪٤‬بناصف كا‪١‬برد كالعرقوب كالباركؾ‬ ‫‪-2‬‬
‫كا‪١‬برد الشمارل كُب الشوؼ ‪.‬‬
‫فلسطْب ‪ :‬عند جبل الكرمل كصفد ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ا‪٤‬بغرب ‪ :‬قرب مدينة تلمساف قبيلة تعرؼ ببِب عبس ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫قال دمحم كامل حسُت بعد أن ذكر تلك األماكن‪" :‬ومن يدري لعل الباحثُت يكتشفون طوائف أخرى‬
‫تعتنق مذىب الدروز يف األقاليم العربية"‪.421‬‬

‫طريقة الدروز يف تعليم داينتهم ‪:‬‬ ‫ح‪-‬‬

‫علماء الدركز من أشد الناس تسَبا على مذاىبهم حٌب للموالْب منهم ‪ ،‬فبل يطلع أحد منهم على أسرار‬
‫ا‪٤‬بذىب إال بعد امتحاانت كثّبة من قبل مشائخهم ‪.‬‬

‫كطريقى تعليمهم عقائد ا‪٤‬بذىب يتوقف على رتبة ا‪٤‬بتعلم ‪ ،‬كذلك كما يلي ‪\ :‬‬

‫‪ -‬ينقسموف – كما يذكر دمحم كامل حسْب – إذل عقاؿ كأجاكيد ‪ ،‬كىم من ٰبق ‪٥‬بم معرفة أسرار‬
‫ا‪٤‬بذىب ‪ ،‬كبْب جهاؿ ال ٰبق ‪٥‬بم معرفتها ‪.‬‬
‫‪ -‬العقاؿ ينقسموف إذل ثبلث درجات ‪ ،‬عليا ككسطى كدنيا‪.‬‬
‫‪ُ -‬ب مساء كل ‪ٝ‬بعة ٯبتمعوف ُب ا‪٣‬بلوات كىي أماكن العبادة ‪ ،‬كيقرأ عليهم كتاهبم ا‪٤‬بقدس ‪ ،‬فبعد‬
‫تبلكة ا‪٤‬بقدمات ٱبرج الطبقة الدنيا ‪ ،‬كبعد تبلكة بعض الرسائل البسيطة ٱبرج الطيقة الوسطى ‪،‬‬
‫كال يبقى إال أصحابل الدرجة العليا بعد ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬ا‪١‬بهاؿ فبل يسمح ‪٥‬بم ٕبضور ىذه ا‪٣‬بلوات أك بسماع شيء من الكتب ا‪٤‬بقدسةإال ُب يوـ‬
‫عيدىم كىو يوافق عيد أضحى ا‪٤‬بسلمْب ‪.‬‬
‫‪ -‬ال يسمح للجهاؿ أف ينتقلوا اذل طبقة العقاؿ اال بعد امتحاانت شاقة كعسّبة ككثّبة كتركيض‬
‫للنفس على التحمل‪ ،‬إذ ال يقبل ُب طبقة العقاؿ من يدمن التدخْب مثبل كقد يستمر‬
‫االمتحات أكثر من سنة إذل أف يثق بو الشيوخ ‪.‬‬

‫‪421‬طائفة الدركز ص ‪.6 ،5‬‬


‫‪157‬‬
‫‪ -‬أىم صفات العقاألهنم يعرفوف بعمائهم كلبس القباء األزرؽ الغامق كيطلقوف ‪٢‬باىم‪.‬‬
‫‪ -‬أما النساء فينقسموف إذل عاقبلت كجاىبلت‪ ،‬كالعاقبلت يلبسن النقاب كثوب ا‪٠‬بو كصاية ‪.‬‬
‫‪ -‬عليهم ‪ٝ‬بيعا رؤساء دينيوف ُب كل مكاف‪ ،‬كعلى رأسهم شيخ يسمى شيخ العقل كتنصيبو يتم‬
‫ابالنتخاب أك ابالتفاؽ بْب كبارىم ‪.‬‬
‫‪ -‬شيوخ العقاؿ سياسيا ينقسموف إذل حزبْب‪ ،‬كٮبا ا‪١‬بنببلطية كاليزبكية‪.‬‬
‫‪423‬‬
‫‪ -‬عامة دركز لبناف ينقمسوف إذل أمراء كىم آؿ أرسبلف‪422‬كمشايخ كىم ا‪١‬بنببلطية‬
‫كاليزبكية‪ ، 424‬ك كقسم اثلث كىم العامة‪. 425‬‬

‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫من ىو احلاكم أبمر هللا الذي أذلو الدروز‬

‫ىو أبو علي ا‪٤‬بنصور بن العزيز ابهلل بن ا‪٤‬بعز لدين هللا الفاطمي‪ ،‬ليٌقب اب‪٢‬باكم أبمر هللا ‪ ،‬كلد سنة ‪375‬‬
‫ىػ كتوذل ا‪٤‬بلك بعد موت أبيو سنة ‪386‬ىػ ككاف سادس ملوؾ العبيدين‪ ،‬توذل ا‪٤‬بلك كعمره إحدل عشرة‬
‫سنة ‪.‬‬

‫ادعى األلوىية على يد ‪ٞ‬بزة بن علي كغّبه من مبلحدة الباطنية سنة ‪408‬ىػ إذل أف قتل سنة ‪411‬ىػ ‪،‬‬
‫ككاف سفاكا للدماء كمعركفا إبرىاب الناس ‪،‬كقد كاف فتاكا بوزرائو كقتاال للعلماء كالكتاب ككجوه الناس‬
‫ما ال ٰبصى ‪.‬‬

‫كقد كاف ىذا الطاغية مثبل للتصرفات ا‪٤‬بتناقضة ‪ ،‬منها أنو لبس الصوؼ سبع سينْب كامتنع عن دخوؿ‬
‫ا‪٢‬بماـ ‪ ،‬كأقاـ سبع سنْب ٯبلس ُب ضوء الشمع ليبل كهنارا‪ٍ ،‬ب أقاـ ُب الظلمة ‪.‬‬

‫كمن تناقضاتو أنو أيمر بسب الصحابة ٍب يعود فينهى عن ذلك ‪،‬كقد بُب مساجد كثّبة ٍب منع من صبلة‬
‫الَباكيح عشر سنْب ٍب أابحها ‪.‬‬

‫‪422‬آؿ أرسبلف ىم ا‪٤‬بناذرة ملوؾ ا‪٢‬بّبة الذين كاف ‪٥‬بم ُب زمن الدكلة العباسية قوة كنفوذ ُب لبناف ككذلك ُب زمن الدكلة‬
‫الفاطمية‪.‬‬
‫‪١423‬بانببلطية نسبة إذل جانببلط بن سعيد بن مصطفى بن حسْب جانببلط‪.‬‬
‫‪424‬اليزبكية عائلة من مشائخ الدركز ُب لبناف ينسبوف إذل قبيلة من قبائل أزد عماف القيسية‪.‬‬
‫‪425‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪ 29 ،28‬فصل طبقات اجملتمع عند الدركز‬
‫‪158‬‬
‫كقد أراؽ ‪ٟ‬بسة االؼ جرة من العسل ُب البحر خوفا من أف تصنع نبيذا ‪ ،‬كمنع الناس من ا‪٣‬بركج ليبل‬
‫كهنارا‪ ،‬كأمر بقتل الكبلب ٍب منع منو‪ ،‬كقد أمر أف يقف ا‪٤‬بصلوف عند ذكر ا‪٠‬بو ‪ ،‬فكاف يوقف حٌب ُب‬
‫ا‪٢‬برمْب الشريفْب ‪ ،‬أما أىل مصر فكانوا يسجدكف لو عند ذكر ا‪٠‬بو من ا‪٣‬بطيب ‪ ،‬فسيجد لسجودىم‬
‫أىل السوؽ كيتبعهم من يراىم‪.426‬‬

‫ككاف يعمل ا‪٢‬بسبة بنفسو كيرافقو عبد يقاؿ لو مسعود فكاف يفعل الفاحشة العظمى بكل من رآه‬
‫يغش‪. 427‬‬

‫كقد كاف الناس يطلبوف منو األماف على ذنب دل يعملوه ‪ ،‬يستوم ُب ذلك الورزاء كالكتاب كأصحاب‬
‫الدكاكين كالغلماف كا‪٤‬بسلموف كالنصارل‪.‬‬

‫كرٗبا يسّبكف من أحد ميادين القاىرة حبوا يقبٌلوف األرض إذل أف يصلوا إذل قصره يطلبوف منو العفو ‪،‬‬
‫فيعطيهم كتاب األماف على ذنب دل يعلموه كصورة كتاب األماف ىي ‪" :‬ىذا كتاب عبد هللا ككليو ا‪٤‬بنصور‬
‫أيب علي ا‪٢‬باكم أبمر هللا أمّب ا‪٤‬بؤمنْب إنكم من اآلمنْب أبماف هللا ا‪٤‬بلك ا‪٢‬بق ا‪٤‬ببْب كأماف جدان دمحم خاًب‬
‫النبيْب كأبينا على خّب الوصيْب ‪ ..‬ال خوؼ عليكم كال ‪ٛ‬ب ٌد يد بسوء إليكم إال ُب حد يقاـ بواجبو كحق‬
‫‪428‬‬
‫يؤخذ ٗبستوجبو ‪"..‬‬

‫كقد احتار الناس ُب أمر ىذا ا‪٢‬باكم‪ ،‬فمنهم من يرل أنو إلو كىم الدركز‪ ،‬كمنهم من يرل أنو إماـ عظيم‬
‫كىم اإل‪٠‬باعيليوف‪ ،‬كمنهم من يرل أنو ‪٦‬بنوف ‪٨‬بتل كىم بعض كتاب ا‪٤‬بسلمْب كالنصارل‪.‬‬

‫كلكن ا‪٢‬بقيقة يظهر أنو ليس ٗبختل أك ‪٦‬بنوف خصوصا كأنو حكم ‪٤‬بدة ‪ 25‬سنة ‪ ،‬كإ٭با يظهر كل ذلك‬
‫اإلرىاب ‪ٛ‬بهيدا لدعواه األلوىية ‪ ،‬كقد أظهرىا بعد ذلك ابلفعل ‪.‬‬

‫ىالك احلاكم ‪:‬‬

‫يشغف ا‪٢‬باكم اب‪٣‬بركج ليبل كالطواؼ ٔبنبات جبل ا‪٤‬بقطٌم للنظر ُب النجوـ كا‪٣‬بلو بنفسو ‪ ،‬كُب ليلة‬
‫االثنْب ‪ 27‬شواؿ سنة ‪411‬ق خرج للطواؼ كمعو رجل كصيب كلكنو دل يعد‪.‬‬

‫ست ا‪٤‬بلك ىي من دبٌرت اغتيالو ألمرين‪:‬‬


‫كقد ذىب ‪ٝ‬بلة من ا‪٤‬بؤرخْب إذل أف أختو ٌ‬

‫‪426‬انظر‪ :‬حسن احملاضرة ُب اتريخ مصر كالقاىرة ‪.601 / 1‬‬


‫‪427‬البداية كالنهاية ‪ ،9 / 12‬كانظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪ 38‬كقف على تشكيك د‪ /‬دمحم كامل حسْب ُب صحة ذلك‪.‬‬
‫‪428‬انظر‪ :‬ا‪٢‬باكم أبمر هللا كأسرار الدعوة الفاطمية حملمد عبد هللا عناف ص ‪ ،59‬عقيدة الدركز ص ‪.48‬‬
‫‪159‬‬
‫أحدٮبا‪ :‬ىو أهنا خافت على نفسو من بطشو بعد أف هتمها بسوء سلوكها مع الرجاؿ‪.‬‬

‫كالثاين‪ :‬ىو إنكارىا ‪٤‬با قاـ بو ا‪٢‬باكم كخافت زكاؿ ملكهم‪.429‬‬

‫كيرل بعض ا‪٤‬بؤرخْب كالدكتور دمحم كامل حسْب أف من دبر اغتيالو ىم اليهود الضطهاده ‪٥‬بم‪، 430‬‬
‫‪431‬‬
‫كمنهم من يرل أنو قتل ٗبؤامرة ابطنيو بسبب إفشائو ألسرارىم ‪ ،‬كىو رأم الدكتور دمحم أ‪ٞ‬بد ا‪٣‬بطيب‬
‫‪.‬‬

‫كعلى كل حاؿ‪ ،‬فقد كاف اختفائو هبذه الطريقة فرصة إلذكاء دعول الدركز أف ا‪٢‬باكم اختفى كسيعود‬
‫قريبا مرة أخرل ليمؤل األرض عدال ‪٩ ،‬با شجع ظهوربعض الدعاكل من بعض األشخاص ا‪٤‬بغامرين الذين‬
‫ادعى فيها كل كاحد منهم أنو ىو ا‪٢‬باكم‪ ،‬كرجل ا‪٠‬بو سكْب عاـ ‪ 418‬ادعى أنو ا‪٢‬باكم قد رجع من‬
‫غيبتو ككقف ينادم بذلك على ابب قصر ا‪٢‬باكم ‪ ،‬فما برح أف قتلو ا‪٢‬براس ‪ ،‬ككذلك رجل آخر ا‪٠‬بو‬
‫شركط ‪ ،‬كرجل اثلث ا‪٠‬بو ابن الكردم ‪ ،‬حيث صارت ىذه الدعول سهلة ال تتطلب أكثر من ا‪٤‬بغامرة‬
‫كا‪١‬برأة كاالستهانة بعقوؿ البشر ‪.‬‬

‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫أىم عقائد الدروز‬

‫للدركز عقائد كثّب كخرافات ليٌفقت من أساطّب كدايانت ‪٨‬بتلفة ‪ ،‬كأىم عقائدىم ما يلي ‪:‬‬

‫ألوىية احلاكم ‪ :‬أسبغ الدركز على شخصية ا‪٢‬باكم أكصافا ال تليق إال ابهلل تعاذل كما قرر‬ ‫‪-1‬‬
‫ذلك زعيمهم ‪ٞ‬بزة بن علي‪ ،‬كادعوا أف ا‪٢‬باكم لو حقيقة الىوتية كظهر بناسوتو ليقيم ا‪٢‬بجة‬
‫على عباده ‪ ،‬كأف ‪ٝ‬بيع أفعالو لو حكمة ‪.‬‬

‫كللداخل ُب مذىبهم عهد ال بد أف يردده‪ ،‬كفيو تصريح ببيع الشخص نفسو للحاكم ‪ ،‬كأف ٱبلص لو‬
‫كأف يتربأ من ‪ٝ‬بيع األدايف ‪ ،‬كُب أكؿ الععهد يقوؿ ‪ " :‬آمنت ابهلل ريب ا‪٢‬باكم العلي األعلى رب ا‪٤‬بشرقْب‬
‫‪432‬‬
‫كرب ا‪٤‬بغربْب"‬

‫‪429‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص ‪.213‬‬


‫‪430‬طائفة الدركز ‪.48‬‬
‫‪431‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص ‪.213 ،212‬‬
‫‪432‬انظر لذلك‪ :‬العهد بطولو ص ‪ 230 - 228‬من كتاب ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫كقد جاء ُب رساؿ ‪ٞ‬بزة بن علي كثّبا ما يثبت ألوىية ا‪٢‬باكم كما جاء ُب رسالة السّبة ا‪٤‬بستقيمة‪ ،‬كىي‬
‫من كتب الدركز ا‪٤‬بقدسة‪ ،‬حيث يقوؿ عن ا‪٢‬باكم ‪ " :‬ا‪٤‬بلك ا‪١‬ببار العزيز الغفار ا‪٤‬بعز القهار ا‪٢‬باكم‬
‫‪433‬‬
‫األحد الفرد الصمد ا‪٤‬بنزه عن الصاحبة كالولد فلموالان ا‪٢‬بمد كالشكر ‪"..‬‬

‫كقد جاء مثل ذلك ُب كثّب من رسائلهم ا‪٤‬بقدسة كرسالة الببلغ كالنهاية ُب التوحيد كرسالة سبب‬
‫األسباب ‪٢‬بمزة الزكزين كرسالة الغيبة كغّبىا ‪.‬‬

‫كدل يقتصر الدركز على الوىية ا‪٢‬باكم بل أطلقوىا على كثّب من آابئو كمن كبار دعاهتم على مقتضى أف‬
‫هللا يظهر للناس بْب فَبة كأخرل بصورة بشرية ‪.‬‬

‫القول ابلتناسخ ‪ :‬يعتقد الدركز ابلتناسخ أك التقمص كما يسمونو كمعناه عندىم أف تنتقل‬ ‫‪-2‬‬
‫النفس من جسم بشرم إذل جسم بشرم آخر ‪.‬‬

‫فالنفس ال ‪ٛ‬بوت‪ ،‬كإ٭با تنتقل نفس ا‪٤‬بوحد إذل موحد كنفس ا‪٤‬بشركإذل مشرؾ‪ ،‬كلذلك عدد سكاف العادل‬
‫ال يزيد كال ينقص عندىم‪. 434‬‬

‫كقد قصركا التناسخ على البشر ٖببلؼ النصّبية الذين جعلوه حٌب ُب البهائم كا‪١‬بمادات ‪ ،‬العتقادىم أف‬
‫انتقاؿ النفس إذل جسم حيواف غّب بشرم ظلم ‪٥‬با لتعلق العقاب على نفس غّب عاقلة ‪ ،‬كألف كقوع‬
‫العقاب ال يصح إال بعد مركرىا ُب أجساـ بشرية على مدل دىر طويل لكي ‪ٙ‬باسب بعدؿ ‪ ،‬فالركح‬
‫يشبٌهوهنا بسائل ُب إانء‪ ،‬فاذا كسر فبل بد أف يلقي السائل ُب إانء آخر لئبل يضيع ‪.‬‬

‫كحقيقة العذاب عندىم ىو انتقاؿ الركح من درجات عالية إذل درجة دكهنا ُب ىبوط مستمر إذل أقل‬
‫الدرجات‪ ،‬حيث يتم تعذيبها ُب كل دكر بعذاب الضمّب كالندـ على مافات ‪.‬‬

‫إنكار القيامة ‪ :‬ال يؤمن الدركز بيوـ القيامة كال اب‪٢‬باساب كال اب‪١‬بزاء كالب الثواب كال‬ ‫‪-3‬‬
‫ابلعقاب ُب ا‪٢‬بياة اآلخرة ‪ ،‬كإ٭با يتم كل ذلك عن طريق التقمص‪ ،‬كما تبلقيهالركح من‬
‫نعيم أك عذاب ‪.‬‬

‫‪433‬‬

‫‪ 434‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪107‬‬


‫‪161‬‬
‫كىم ينتظركف يوما ٯبيء ُب ا‪٢‬باكم بصورة انسوتية مرة أخرل ‪ ،‬كيدين لو كل أىل األدايف ابلتوحيد‬
‫كالطاعة ‪ ،‬كأنو سوؼ ٱبرج من مصر أك من ببلد الصْب ‪ ،‬كحولو أيجوج كمأجوج أك ا‪٤‬بؤمنوف اب‪٢‬باكم ‪،‬‬
‫كٱبرج يهدـ الكعبة كيبيد ا‪٤‬بسلمْب كالنصارل‪. 435‬‬

‫كيكوف ذلك إذا ظهرت عبلمات من أبرزىا تسلط اليهود كالنصارل على الببلد ‪ ،‬كتفشي الشركر ‪،‬‬
‫كعند ظهور ملك من مصر ٰبارب ا‪٤‬بصريْب كٰباربونو ‪.‬‬

‫كمن عبلمات قرب ‪٦‬بيئو أيضا ىو أف يظهر ا‪٤‬بسيخ الدجاؿ كٱبرب حلب ٍب يظهر ا‪٤‬بسيح بن يوسف ُب‬
‫مصر ‪ ،436‬كٲبلكاليهود بيت النقدس كينتقموف من سكاف القدس ‪ٍ ،‬ب يطردىم ا‪٤‬بسيح بن يوسف ‪،‬‬
‫كغّب ذلك من ا‪٣‬بزعببلت‪437‬إذل أف يظهر ا‪٢‬باكم لينتصر على ا‪١‬بميع ‪ ،‬ك‪٥‬بذا يفرحوف ابستيبلء اليهود‬
‫على القدس كتسلط النصارل ليظهر رهبم ا‪٢‬باكم ‪.438‬‬

‫عداوهتم لألنبياء ‪ :‬حقد الدركز حقدا شديدا على األنبياء عليهم السيبلـ كينكركف كل‬ ‫‪-4‬‬
‫فضائلهم ‪ ،‬كنسبوىم إذل ا‪١‬بهل ألنو يدعوف إذل توحيد اإللو ا‪٤‬بعدكـ ٖببلفهم فهم يدعوف‬
‫إذل اإللو ا‪٤‬بوجود كىو ا‪٢‬باكم ‪.‬‬

‫كأكجبو الرباءة من ‪ٝ‬بيع األدايف كسبٌوا الصحابة خصوصا من أطفأ منهم انر اجملوسية كعمر هنع هللا يضر‪،‬‬
‫كينكركف بدأ ا‪٣‬بلق كي ٌدعوف أف دـ كحواء من نسل بشر ‪ ،‬كأهنم دل ٱبلقوا من تراب ‪ ،‬ألف الَباب ‪ٚ‬بلق‬
‫منو ا‪٢‬بيات كالعقارب‪. 439‬‬

‫إنكار التكاليف‪ :‬أنكر الدركز كل التكاليف الٍب جاء هبا الشرع ‪ ،‬كجلعوا للمكلف طريقة‬ ‫‪-5‬‬
‫يستطيع هبا التخلص من التكاليف ‪ ،‬كىي سبب التأكيبلت الباطنية على كل التكاليف‬
‫كالٍب تقتضي التخلص منها حٌب إهنم خالفوا سائر الباطنية كا‪ٚ‬بذكا ‪٥‬بم فركض أطلقوا عليها‬

‫‪ 435‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بركات الباطنية ص ‪ 236‬نقبل عن ‪٨‬بطوطة كجدىا ُب جبل لبناف ‪٤‬بؤلف ‪٦‬بهوؿ‪.‬‬
‫‪ 436‬زعمهم ُب ا‪٤‬بسيح أبنو ابن يوسف النجار تبعا ‪٤‬با كجدكه ُب تناقضات النصرانية احملرفة‪.‬‬
‫‪ 437‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص ‪122-121‬‬
‫‪ 438‬انظر‪ :‬الرسالة ا‪٤‬بوسومة ابإلعذار كاإلنذار – عقيدة الدركز ص ‪167‬‬
‫‪ 439‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص‪302‬‬
‫‪162‬‬
‫الفرائض التوحيدية ‪ ،‬كىي معرفة البارم ٍب معرفة إماـ الزماف القائم كىو ‪ٞ‬بزة ٍب معرفة‬
‫ا‪٢‬بدكد‪،440‬أب‪٠‬بائهم كألقاهبم كمراتبهم ككجوبطاعتهم كهبذا يتم توحيد ا‪٤‬بوحد عندىم ‪.441‬‬
‫أتكيل العبادات العبادات ٗبعاف ابطنية‪:‬‬ ‫‪-6‬‬

‫الصبلة كالزكاة كالصوـ كا‪٢‬بج كا‪١‬بهاد ‪٥‬با معاف أخرل ابطنية ليست كالٍب يعرفها ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بسلمْب‬
‫كذلك كما يلي‪. :‬‬

‫الصبلة عندىم ىي صلة قلوب الدركز بعبادة ا‪٢‬باكم‪ ،‬أما الباطنية فمعناىا عندىم الدعاء‬ ‫أ‪-‬‬
‫إذل اإلماـ كمعرفة األئمة‪.‬‬
‫الزكاة عندىم تزكية قلوهبم كتطهّبىا من األدايف‪ ،‬كأما الباطنية فالزكاة عندىم ٗبعُب أخذ‬ ‫ب‪-‬‬
‫العلم عن األئمة‪. 442‬‬
‫الصوـ عندىم معناه صيانة القلوب بتوحيد موالىم ا‪٢‬باكم‪ ،‬كذكر بعضهم أهنم يصوموف‬ ‫ت‪-‬‬
‫تسعة أايـ األكؿ من شهرم ذم ا‪٢‬بجة‪ ،‬كأما الصوـ عند الباطنية فهو كتماف أسرار‬
‫األئمة‪. 443‬‬
‫ا‪٢‬بج عندىم معناه توحيد ا‪٢‬باكم ال اجمليء إذل مكة كالطواؼ ‪ ،‬كأما ا‪٢‬بج عند الباطنية فهو‬ ‫ث‪-‬‬
‫طلب العلم عند مشائخهم ‪.444‬‬
‫ا‪١‬بهاد معناه عندىم السعي إذل االجتهاد ُب توحيد ا‪٢‬باكم كمعرفتو ‪ ،‬كأما الباطنية فا‪١‬بهاد‬ ‫ج‪-‬‬
‫عندىم شتم أيب بكر كعمر كعثماف كغّبىم من الصحابة كإخفاء مذىبهم عن غّبىم‪. 445‬‬

‫‪ 440‬كبار دعاهتم‪.‬‬
‫‪ 441‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص‪118‬‬
‫‪ 442‬انظر‪ :‬بياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص‪8‬‬
‫‪ 443‬انظر‪ :‬طائفة الدركز ص‪120‬‬
‫‪ 444‬انظر‪ :‬بياف مذىب الباطنية ص‪8‬‬
‫‪ 445‬انظر‪ :‬الباكورة السليمانية ص ‪ 164‬نقبل عن ا‪٢‬بركات الباطنية ص ‪392‬‬
‫‪163‬‬
‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫الدروز يف العصر احلاضر – كمال جنبالط ودوره يف تثبيت عقيدة الدروز‬

‫يعد ىذا الشخص من كبار الدركز كمن أشد ا‪٤‬بتعصبْب ‪٤‬بذىبو الدرزم‪ ،‬كقد ألٌف كتااب ٗبعاكنة عاطف‬
‫العجمي ٰباكياف فيو القرآف الكرًن ‪ ،‬كىو مؤلف من أفكار شٌب كمن حكم ا‪٥‬بند كمن كبلـ زعمائهم‪،‬‬
‫فأصبح خليطا مشوىا يدكر كلو حوؿ أتليو ا‪٢‬باكم ‪.‬‬

‫كقد نيسب ىذا ا‪٤‬بصحف إذل ‪ٞ‬بزة إال اف الدكتور ا‪٣‬بطيب يرل أنو من صنع كماؿ جنببلط‪.‬‬

‫كقد أنكر ُب مصحفو القرآف كاعتربه فرية ‪ ،‬كىو مقسم إذل أربعة كأربعْب عرفا ‪ ،‬كيقع ُب ‪ 269‬مائتْب‬
‫كتسع كستْب صفحة‪ ،‬ككتبت فيو ألفاظ عربية كىي غّب معركفة حيث يركف أهنا من األسرار الٍب ال تباح‬
‫ألحد‪. 446‬‬

‫كمن ضمن ماجاء ُب ىذا ا‪٤‬بصحف الدرزم ‪ " :‬أنتم كما تعبدكف مكبكوف على كجوىكم يوـ ينادم‬
‫منادم موالكم ا‪٢‬باكم من مكاف بعيد ىذا يومكم الذم فيو توعدكف تتلوىا أايـ العذاب أنكم خالدكف‬
‫كال ‪٧‬بيص ‪ 447" ...‬إذل آخر ماجاء فيو من الَبىات كالكبلـ ا‪٤‬بمجوج‪.‬‬

‫ادلبحث السادس‪:‬‬

‫الفرق بُت النصَتية والدروز‬

‫يتفق النصّبيوف كالدركز ُب أمور كٱبتلفوف ُب أمور لتباينهم ُب دعول األلوىية لزعمائهم ‪ ،‬كيتضح من‬
‫خبلؿ الدراسة السابقة ما يلي ‪:‬‬

‫أف كلتا الطائفتْب من غبلةالباطنية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أف كلتاٮبا ال يطلعوف أحدا على أسرار مذاىبهم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اليعَبؼ الدركز بدخوؿ أحد مذىبهم أك ا‪٣‬بركج منو‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ 446‬انظر‪ :‬مصحف الدركز ص ‪ ،1‬عقيدة الدركز ص ‪.97‬‬


‫‪447‬ا‪٤‬بصحف ا‪٤‬بنفرد بذاتو‪ ،‬عرؼ عاقبة ا‪٤‬بكذبْب ص ‪ ،242 ،241‬كعرؼ احملرمات ص ‪ ،155 ،154‬ا‪٢‬بركات‬
‫البانية ص ‪.281‬‬
‫‪164‬‬
‫الأيخذكف كلتاٮبا بظواىر األلفاظ بل يؤكلوهنا أتكيبلت ابطنية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أف كلتاٮبا يقولوف ابلتناسخ كٱبتلفوف ُب التمسية فالدركز يسمونو تقمص ‪ ،‬كالنصّبية‬ ‫‪-5‬‬
‫يسمونو نسخ ‪ ،‬كيضيفوف إليو مسخ كفسخ كرسخ ‪.‬‬
‫أف ا‪١‬بنة عند الدركز ىي معرفة الدعوة ا‪٥‬بادية أم دعوهتم‪ ،‬كالنار ىي الكفر هبا‪ ،‬كالنصّبيوف‬ ‫‪-6‬‬
‫يقولوف أبف ا‪١‬بنة ىي معرفة علي بن أيب طالب كالنار ىو الكفر بو‪.‬‬
‫يتفقوف ‪ٝ‬بيعا ُب اعتبار ا‪٢‬بج ظاىرة كثنية كعبادة لؤلصناـ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الشرؾ عند الدركز ىو عدـ إفراد ألوىية ا‪٢‬باكم ‪ ،‬كالشرؾ عند النصّبية عدـ إفراد ألوىية‬ ‫‪-8‬‬
‫علي بن أيب طالب ‪.‬‬
‫يزعم الدركز أف الناس يخلقوا دفعة كاحدة ال يزيدكف كال ينقصوف كأف أركاح ا‪٤‬بوتى تنتقل‬ ‫‪-9‬‬
‫عن طريق التقمص‪.‬‬
‫‪ -10‬أف النصّبية انشقت عن الشيعة اإلثِب عشرية كالدركز انشقوا عن اإل‪٠‬باعيلية كالنصّبية أقدـ‬
‫ُب الظهور‪.‬‬
‫‪ -11‬أف كلتا الطائفتْب استمدت أفكارىا من أصوؿ ‪٦‬بوسية ككثنية تتسَب ‪ٙ‬بت غطاء التشيع‬
‫لتحقيق مآرهبم ا‪٣‬باصة كإلعادة دكلة اجملوس‪.‬‬

‫مراجع فرقة الباطنية‬


‫أ‪-‬مراجع الباطنية عموما‪:‬‬

‫فضائح الباطنية‪ :‬للغزارل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ا‪٢‬بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي‪ :‬للدكتور ا‪٣‬بطيب‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أسرار الباطنية كالفرؽ ا‪٣‬بفية‪ :‬دمحم عثماف ا‪٣‬بشت‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الباطنيوف كا‪٢‬بركات ا‪٥‬بدامة ُب التاريخ اإلسبلمي‪ :‬للجبهاف‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫كشف أسرار الباطنية‪ :‬أليب الفضائل ا‪٢‬بمادم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أصوؿ اإل‪٠‬باعيلية كالفاطمية كالقرمطية‪ :‬لربانرد لويس‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫اإلفحاـ ألفئدة الباطنية الطغاـ‪ٰ :‬بي بن ‪ٞ‬بزة العلوم‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اإلسبلـ ُب مواجهة الباطنية‪ :‬أبو ا‪٥‬بيثم‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫‪165‬‬
‫أعبلـ اإل‪٠‬باعيلية‪ :‬مصطفى غالب‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬اإل‪٠‬باعيلية اتريخ كعقائد‪ :‬إحساف إ‪٥‬بي‪.‬‬
‫‪ -11‬بياف مذىب الباطنية كبطبلنو‪ :‬الديلمي‪.‬‬
‫‪ -12‬القرامطة‪٧ :‬بمود شاكر‪.‬‬
‫‪ -13‬اإلمامة ُب االسبلـ‪ :‬عارؼ اتمر‪.‬‬
‫مراجع فرقة النصّبية‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫طائفة النصّبية اترٱبها كعقائدىا‪ :‬د‪ .‬سليماف ا‪٢‬بليب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ا‪٥‬بفت الشريف ‪ٙ‬بقيق د‪ .‬مصطفى غالب‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سقوط ا‪١‬بوالف‪ :‬خليل مصطفى‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ا‪١‬بيل التارل‪ :‬دمحم حسْب‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫العلويوف أك النصّبيوف‪ :‬عبد ا‪٢‬بسْب مهدم العسكرم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫جـ‪ -‬مراجع فرقة الدروز‪:‬‬
‫ا‪٤‬براجع السابقة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫األدايف كالفرؽ كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة‪ :‬شيبة ا‪٢‬بمد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عقيدة الدركز‪ :‬دمحم أ‪ٞ‬بد ا‪٣‬بطيب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التآلف بْب الفرؽ اإلسبلمية‪ :‬دمحم ‪ٞ‬بزة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أضواء على العقيدة الدرزية‪ :‬أ‪ٞ‬بد الفوزاف‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الدركز‪ :‬دمحم الزعيب‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫طائفة الدركز‪ :‬دمحم كامل حسْب‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫كال يكاد كتاب فيو ٕبث عن الفرؽ ٱبلو من ذكر ىذه الفرؽ الباطنية‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫الفصل السادس‪:‬‬

‫البابية‬

‫متهيد ‪ :‬نبذة عن أساس ظهور البهائية وبيان صلتها ابلبابية ‪:‬‬

‫تعترب البابية ىي األساس الذم بنيت على أنقاضو البهائية ‪ ،‬كالبهائية إحدل الفرؽ الباطنية ا‪٣‬ببيثة الٍب‬
‫حاكلت ىدـ اإلسبلـ كأخراج أىلو منو أبساليب كطرؽ شٌب قدٲبا كحديثا ‪.‬‬

‫كقبل ا‪٢‬بديث عن البهائية ٯبدر ا‪٢‬بديث عن البابية كالشيخية كالرشتية ألهنا حلقات متصلة مع البهائية ‪،‬‬
‫فالشيخية كالرشتية ىي النواة األكذل لظهور البابية ‪ ،‬كالبابية ىي الدرجة األكذل للبهائية ‪.‬‬

‫كمن أبرز الفرؽ األكذل الٍب اعتنقت القوؿ ابلباب ما يلي‪:‬‬

‫الشيخية ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫كىي تنسب إذل الشيخ أ‪ٞ‬بد اإلحسائسي ‪ ،‬من شيعة العراؽ‪ ، 448‬كلد اب‪٤‬بطّب من قرل اإلحساء ‪ ،‬سنة‬
‫‪1166‬ق" كتوُب سنة ‪1241‬ىػ كدفن ابلبقيع‪. 449‬‬

‫لو أفكار خارجة عن اإلسبلـ ‪ ،‬كاالعتقاد اب‪٢‬بلوؿ كأف هللا يتجلى ُب علي كأكالده ‪ ،‬كأهنم مظاىر هللا ‪،‬‬
‫كأف االئمة ىم العلة ا‪٤‬بؤثرة ُب الكوف ‪ ،‬كينكر ا‪٤‬بعاد كالبعث ‪ ،‬كيظهر القوؿ ابلتناسخ كأف ركح ا‪٤‬بهدم‬
‫حلت فيو كغّبىا من اآلراء اال‪٢‬بادية ‪.‬‬

‫كيزعم أف الرسوؿ ‪٨‬بلوؽ من نور هللا ‪ ،‬كأف ىذا النور عقل كاحد يظهر ُب دمحم ٍب ُب علي ٍب ُب ا‪٢‬بسن ٍب‬
‫ُب ا‪٢‬بسْب كأف" الزماف ال ٱبلو من انطق ‪ ،‬كيؤمن ابلرجعة كلكنها غّب الرجعة ا‪٤‬بعركؼ عن االثِب عشرية‬
‫‪ ،‬حيث يعتقد أف اإلماـ الثاين عشر قد مات ‪ ،‬كلكن ركحو ستنزؿ آخر الزماف ُب إنساف جديد تولد‬
‫كالدة حقيقية لغّب كالدم اإلماـ الثاين عشر ا‪٤‬بعركؼ‪. 450‬‬

‫‪ 448‬انظر‪ :‬البهائية حملب الدين ا‪٣‬بطيب ص‪.5‬‬


‫‪449‬انظر‪ :‬حقيقة البابية كالبهائية ص ‪.30‬‬
‫‪450‬انظر‪ :‬حقيقة البابية ص ‪ .34 - 30‬كالبهائية ص ‪74‬‬
‫‪167‬‬
‫الرشتية ‪ :‬ما إف انتهت أايـ االحسائي الشيخي حٌب توذل بعد أعظم تبلميذه كىو الرشٍب‬ ‫ب‪-‬‬
‫كا‪٠‬بعو كاظم الرشٍب الذيي أسس ‪ٝ‬باعة ينسبوف إليو ‪ ،‬كلد سنة ‪1205‬ىػ ُب بلدة رشت‬
‫ُب إيراف‪. 451‬‬

‫كقد زاد على أقواؿ أستاذه أقواال كفرية كقاؿ ابلتناسخ كادعى أف ركح الباب حلت فيو ٍب قفز إذل التبشّب‬
‫بظهور ا‪٤‬بهدم نفسو ‪ ،‬كقد ركج أفكاره كصارت لو فرقة مستقلة‪. 452‬‬

‫ادلبحث األول ‪:‬‬

‫زعيم البابية‬

‫ىو علي بن دمحم رضا الشّبازم كلد سنة ‪1235‬ىػ ُب شّباز جنويب إيراف ‪ ،‬كفلو خالو بعد موت أبيو ‪،‬‬
‫ٍب تتلمذ على يد الشيخ عابد كىو أحد تبلمذة الرشٍب ‪ُ ،‬ب مدرستو الٍب ‪٠‬باىا قهوة األنبياء كاألكلياء ‪،‬‬
‫ٍب اتجر مع خالو ببيع األقمشة كعندما بلغ السابعة عشر اتصل بو جواد الكرببلئي الطبطبائي كىو أحد‬
‫دعاة الرشتية ‪ ،‬كبدأ يوٮبو أنو رٗبا يكوف ىو ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر لظهور عبلمات تدؿ عليو ‪ ،‬فماؿ إذل قراءة‬
‫كتب الصفوية الٍب زداتو ىوسا ‪.‬‬

‫ٍب عمل بعض الرايضات الشاقة ‪ ،‬فأشفق عليو خالو فأرسلو إذل النجف ككرببلء ‪ ،‬فَبدد على ‪٦‬بالس‬
‫كاظم الرشٍب كقد رشحو الرشٍب أيضا أف يكوف ىو ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر ‪ ،‬فأعلن ُب سنة ‪1260‬ىػ أف‬
‫الشّبازم ىو الباب ا‪٤‬بوصل إذل اإلماـ الغائب ‪ ،‬كًب ىذا ابتفاؽ بْب مشايخ الرشتية كسفّب ركسيا آنذاؾ‬
‫‪.‬‬

‫ككاف عمره ‪ٟ‬بسا كعشرين سنة ‪ ،‬كاعترب ذلك اليوـ عيد ا‪٤‬ببعث لظهور الباب ‪ ،‬كأىم من آمن بو ‪ٜ‬بانية‬
‫عشر شخصا توزعوا ُب أقاليم إيراف كتركستاف كالعراؽ للدعوة إذل البابية ‪.‬‬

‫صلتهم ابدلستعمرين يف ذلك الوقت ‪:‬‬

‫سارع زعماء اإل‪٪‬بليز كالركس إذل ‪ٞ‬باية الشّبازم كأتباعو ‪ ،‬ككقفوا بكل قوة معو كمع دعوتو كمدىا‬
‫ابألسلحة ا‪٣‬بفيفة كالثقيلة كما ذكر ا‪٤‬بَبجم الركسي ُب السفارة الركسٓب آنذاؾ كنيازد ا‪١‬بوركي ُب مذكرتو‬
‫أهنم دفعوا ا‪٤‬بيززا علي دمحم إذل زعامة البابية كادعاء ا‪٤‬بهدكية‪.453‬‬

‫‪ 451‬انظر‪ :‬حقيقة البهائية ص‪.35‬‬


‫‪452‬البابية عرض كنقد ص ‪ 45‬كالشيعة كالتشيع ‪ 313‬كحقيقة البابية كالبهائية ص‪.35‬‬
‫‪168‬‬
‫هنايو الشَتازي ‪:‬‬

‫كقف حسْب خاف حاكم شّباز ضد الدعوة البابية للشّبازم موقفا حازما حيث استدرجو كأالف لو القوؿ‬
‫كأٮبو ابتباعو ‪ٍ ،‬ب دعى العلماء ليوٮبو أبنو سوؼ يقيم عليهم ا‪٢‬بجة ُب صدؽ الباب ‪ ،‬فاجتمع ابلعلماء‬
‫كأظهر ‪٥‬بم كتابو البياف مدعيا أنو أفصح من القرآف ‪ ،‬كسجل كل ما يدعوا إليو كتابو بطلب من ا‪٢‬باكم ‪،‬‬
‫فأمر ا‪٢‬باكم ٔبلده جلدا شديدا ٍب طيف بو ُب األسواؽ ‪ ،‬إذل أف أعلن رجوعو عن مايدعوا إليو كرجوعو‬
‫إذل ا‪٤‬بذىب اإلثِب عشرم ٍب ألقي بو ُب السجن ‪ ،‬كلكن بقي لو أتباع ينشركف سرا دعوتو كٰبدثوف‬
‫فوضى كاغتياالت ‪٤‬بن عاداىم إذل أف أ‪ٝ‬بع كبار فقهاء حكومة إيراف ككفركا الباب كأعلنوا مركقو من‬
‫اإلسبلـ ككجوب قتلو‪. 454‬‬

‫إألا أف حاكم كالية أصبهاف منوجهر خاف كاف ‪٩‬بن يتظاىر ابإلسبلـ فخبأ الشّبازم عنده معززا مكرما‬
‫يرسل إذل أتباعو من داخل ‪٨‬ببأه ُب القصر ‪ ،‬إذل أف توُب كخلفو جوجرجْب خاف فأخرب حكومة الشاه‬
‫ظهرات بوجود الشّبازم فألقي القبض عليو كاعتقل ُب قلعة ماه كو ‪٤‬بدة ثبلث سنوات‪.‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫مؤمتر بدشت‪ 455‬وما مت فيو من خطط‬

‫قرر البابيوف إقامة مؤ‪ٛ‬بر بعد أف أحسوا من أنفسهم القوة كقرركا تباحث أمرين‪ ،‬كٮبا ‪ٚ‬بليص الباب من‬
‫السجن كلو ابلقوة ‪ ،‬ككيفية نسخ شريعة اإلسبلـ كإظهار شرائعهم ‪.‬‬

‫فتم عقد ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬بر ُب صحراء بدشت حضره زعماء البابية ‪ ،‬ككاف من بينهم غانية البابيْب ا‪٣‬بليعة أـ سلمى‬
‫رزين اتج ‪ ،‬الٍب كانت تلقب بقرة العْب‪ ،‬كتلقب ابلطاىرة‪ ،‬كىي ذات ‪ٝ‬باؿ فائق كأنوثة اثئرة‪ ،‬تستميل‬
‫ٔبما‪٥‬با أغمار الناس ‪ ،‬ك‪٥‬با أخبار يطوؿ ذكرىا ‪.‬‬

‫كًب عقد ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬بر ابختبلط الرجاؿ ابلنساء كأبيحت فيو ا‪٣‬بمور‪ ،‬كأيعلن الفرح كا‪٤‬برح كاألفعاؿ ا‪٤‬بشينة كالٍب‬
‫أقلها إابحة الزىن ‪ ،‬كقرركا فيو رسولية الباب كنسخ االسبلـ ‪ ،‬كانفتحت على حكومة طهراف مصائب‬
‫كثّبة من جراء البابيْب‪ ،‬فقررت ا‪٢‬بكومة قتلو يوـ اإلثنْب ‪ 27‬شعباف سنة ‪1265‬ىػ ‪1849‬ـ ‪ ،‬فقتل‬

‫‪453‬البهائية رأس األفعي‪ ،‬جملموعة من الكتاب ص ‪.11 - 10‬‬


‫‪ 454‬بتصرؼ عن البهائية لعبد الر‪ٞ‬بن الوكيل ص ‪87-85‬‬
‫‪ 455‬ىي صحراء ُب إيراف‪.‬‬
‫‪169‬‬
‫سر ا‪٤‬بسلموف بقتلو‪ ،‬كحزف‬
‫شر قتلة رميا ابلرصاص ُب يوـ مهيب اجتمعت حشود الناس ‪٤‬بشاىدتو ‪ ،‬ف ٌ‬
‫القنصل الركسي كساءه قتلو ‪ٍ ،‬ب قتل بقية البابيْب كقرة العْب كالكاشاين كغّبىم‪. 456‬‬

‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫أبرز عقائد البابية وكتاهبم ادلقدس‬

‫ادلطلب األول ‪ :‬أبرز عقائد البابية‬

‫تدرج الشّبازم ُب ضبللو فادعى أنو الباب ا‪٤‬بهدم ٍب ادعى أنو ىو ا‪٤‬بهدم ٍب ادعى النبوة‬ ‫أ‪-‬‬
‫ٍب ادعى األلوىية‪.‬‬
‫كاف أتباعو ينادكنو ابلرب كابإللو‪.457‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫قررت البابية نسخ االسبلـ ‪ ،‬كإنكار القيامة كزعموا أف القيامة قيامة الورح اإل‪٥‬بية ُب مظهر‬ ‫ت‪-‬‬
‫بشرم‪.‬‬
‫أكلوا أخبار يوـ القيامة بتأكيبلت ابطنية ‪ ،‬فزعموا أف البعث ىو اإلٲباف أبلوىية ىذا ا‪٤‬بظهر‪،‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫كأف القيامة ىي لقاء الباب ‪ ،‬كا‪١‬بنة ىي الفرح ابلباب‪ ،‬كالنار ىي عدـ معرفة هللا ُب ٘بلياتو‬
‫البشرية ‪.‬‬
‫زعم الشّبازم أنو ىو الربزخ ا‪٤‬بذكور ُب القرآف ‪ ،‬كالرجعة ُب مفهومو ىي رجوع الصفات‬ ‫ج‪-‬‬
‫اإل‪٥‬بية ك٘بليها ُب مظهر بشرم جديد‪.‬‬
‫الغى الصلوات ا‪٣‬بمس كصبلة ا‪١‬بمعة كمنع الطهر من ا‪١‬بنابة ‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬
‫القبلة عندىم ىي بشّباز ُب البيت الذم كلد فيو الشّبازم كا‪٢‬بج إليو ىو زايرة بيتو ‪.‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫الصوـ عندىم تسعة عشر يوما يصوـ فيها الشخص من شركؽ الشمس إذل غركهبا‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫الزكاة عندىم ىي ‪ٟ‬بس العقار أتخذ ُب آخر العاـ من رأس ا‪٤‬باؿ حيث ٘بمع للمجلس‬ ‫ذ‪-‬‬
‫البايب ا‪٤‬بكوف من تسعة عشر عضوا ‪.‬‬
‫الزكاج عندىم إجبارم بعد بلوغ ا‪٢‬بادية عشر كيكفي رضا الطرفْب ‪.‬‬ ‫ر‪-‬‬
‫الطبلؽ عندىم تسع عشرة مرة كعدة ا‪٤‬بطلق تسعة عشر يوما كعدة ا‪٤‬بطلق ‪ٟ‬بسة كتسعوف‬ ‫ز‪-‬‬
‫يوما كإذا تزكجت األرملة فيجب دفع الدية كاملة على من يتزكجها‪.‬‬

‫‪ 456‬انظر‪:‬ا لبهائية حملب الدين ا‪٣‬بطيب ص ‪ 5‬كحقيقة البابية كالبهائية ص ‪ 30‬كالبهائية لعبد الر‪ٞ‬بن الوكيل ص ‪73‬‬
‫‪ 457‬انظر‪ :‬البابية عرض كنقد ص ‪ 182‬فقد نقل نصوصا كثّبة ُب ىذا ‪ٙ‬بت عنواف دعواه األلوىية كالربوبية‪.‬‬
‫‪170‬‬
‫ليس ُب دين البابية ‪٪‬باسة كٯبب دفن ا‪٤‬بيت ُب قرب من البلور كا‪٤‬برمر كا‪٤‬بصقوؿ مع كضغع‬ ‫س‪-‬‬
‫خاًب ُب ٲبناه ‪.‬‬
‫ا‪٤‬بّباث يكوف لسبعة أشخاص من القرابة ىم الولد كالزكج كالزكجة كاألب كاألـ كاألخ‬ ‫ش‪-‬‬
‫كاألخت كا‪٤‬بعلم ‪.‬‬
‫ص‪ -‬عيدىم الرئيسي ىو النّبكز كمدتو تسعة عشر يوما ‪.‬‬
‫ض‪ -‬يستقبل البابية الشمس ُب كل صباح ‪ٝ‬بعة كعبادة ‪.‬‬
‫حرـ الباب على أتباعو قراءة القراف كأكجب إحراقو كالكتب ا‪٤‬بخالفة لعقائدىم‪.458‬‬ ‫ط‪-‬‬

‫ادلطلب الثاين‪:‬‬

‫الكتاب ادلقدس عند البابية‬

‫منزؿ‬
‫يعد كتاب ا‪٤‬بسمى ابلبياف كيطلقوف عليو كتاب البياف العريب‪ ،‬الكتاب ا‪٤‬بقدس للبابية‪ ،‬كزعم فيو أنو ٌ‬
‫من هللا كأنو انسخ للقرآف‪ ،‬كأنو أفضل الكتب على اإلطبلؽ ك‪ٙ‬بدل ا‪١‬بن كاإلنس أف أيتوا ٗبثلو‪. 459‬‬

‫كنذكر مثاال على ماجاء فيو من ترىات كخزعببلت‪ ،‬مثل ماجاء ُب اللوح األكؿ من آايت الوحي "‬
‫شئوف ا‪٢‬بمراء" حيث يقوؿ ‪ " :‬تبارؾ هللا من مشخ مشمخ مشيخ تبارؾ هللا من بذخ مبذخ بذيخ تبارؾ هللا‬
‫من بدء مبتدأ بدمء تبارؾ هللا من فخر مفتخر فخّب تبارؾ هللا من قهر مقهر قهّب ‪ "..‬إذل آخر ماجاء‬
‫فيها من خرافات‪. 460‬‬

‫كعلى كل حاؿ ‪ ،‬فبعد أف قضى الشّبازم كانتهى أمره قاـ صراع حاد حوؿ تورل الزعامة البابية بْب‬
‫حسْب علي ا‪٤‬بازندراين كبْب زعماء البابية بزعامة أخيو صبح األزؿ ‪ ،‬كُب ىذا ا‪٣‬ببلؼ قصص حدثت‬
‫بينهما ليس ىنا داعي لذكرىا ‪.‬‬

‫‪458‬توجد تعاليم البهائية مبنية ُب كثّب من الكتب‪ ،‬انظر‪ :‬البهائية للوكيل ص‪ ،121 - 117‬كمنها ذكرت تلك ا‪٤‬بسائل‬
‫ا‪٤‬بختصرة‪ ،‬كانظر‪ :‬البابية عرض كنقد ا‪٤‬بقاؿ الثالث ص ‪ 187‬شريعة الباب كتعليماهتا‪.‬‬
‫‪459‬قاؿ الدكتور ‪٧‬بسن عبد ا‪٢‬بميد ُب كتابو حقيقة البهائية كالبابية ص ‪ :40‬إذا أردت تفصيل حياة ا‪٤‬بّبزا فراجع مطالع‬
‫األنوار‪ ،‬كمفتاح ابب األبواب‪ ،‬كالبابيوف كالبهائيوف‪ ،‬كالكتاب األكؿ مؤلفو يسمى دمحم زرندم‪ ،‬كالثاين مؤلفو مّبزا دمحم‬
‫مهدم خاف‪ ،‬كالثالث مؤلفو عبد الرزاؽ ا‪٢‬بسِب‪ ،‬كاسم الكتاب كامبلن البابيوف كالبهائيوف ماضيهم كحاضرىم‪.‬‬
‫‪ 460‬انظر‪ :‬انظر‪ :‬مفتاح ابب األبواب ص ‪ ،282‬نقبلن عن حقيقة البابية كالبهائية ص ‪.99‬كاتريخ البابية للدكتور مّبزا‬
‫دمحم مهدم خاف ص ‪ ،309‬نقبلن عن البهائية للوكيل ص ‪ ،80‬كانظر‪ :‬كتاب البياف للشّبازم منقوالن بكاملو ُب كتاب‬
‫خفااي البهائية‪.‬‬
‫‪171‬‬
‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫ىزدية البابية وخطرىم‬

‫أوال ‪ :‬ىزدية البابيُت ‪ :‬ىزمت البابية بقيادة صبح األزؿ على يد حسْب ا‪٤‬بازندراين ىزائم منكرة ٗبساعدة‬
‫كمساندة اليهودية العا‪٤‬بية كهتيئة الظركؼ النتشارىا‪.‬‬

‫كقد ىاجم ا‪٤‬بازندراين صبح األزؿ كأتباعو بكبلـ طويل يزعم أنو كحي من هللا ‪ ،‬كفسركا كصية الشّبازم‬
‫بتورل صبح األزؿ بعده أهنا خطة منو للفت األنظار عن ا‪٤‬بازندراين ‪.‬‬

‫كقد نفي صبح األزؿ إذل فاما جوستا بقربص كظل يؤلف الكتب ُب الرد على البهائية إال أنو دل ٘بد نفعا‬
‫إذل أف توُب عاـ ‪ 1912‬ىػ عن اثنتْب ك‪ٜ‬بانْب سنة بعد أف أكصلى البنو ا‪٤‬بّبزا دمحم ىادم‪.461‬‬

‫ك‪٤‬با كاف الغرض من ذكر ما سبق ىو الوصوؿ إذل البهائية فإننا نكتفي بذكر ما سبق بيانو من بياف‬
‫نشأة البهائية على أنقاض البابية كالٍب ىي قامت على أنقاض الرشتية كىي قد قامت على أكتاؼ‬
‫الشيخية الضالة ‪ .‬فمن ىي البهائية ككيف قامت ؟‪.‬‬

‫ىذا ماسنبحثو ُب الفصل التارل ‪.‬‬

‫‪461‬انظر‪ :‬قراءة ُب كاثئق البهائية ص ‪ .77 -69‬كانظر‪ :‬البابية عرض كنقد ص ‪.268 - 266‬‬
‫‪172‬‬
‫الفصل السابع ‪ :‬البهائية‬

‫متهيد‪:‬خطر البهائية ‪:‬‬

‫البهائية ىي إحدل ا‪٢‬بركات ا‪٥‬بدامة الٍب احتضنتها الصهيونية العا‪٤‬بية ا‪٥‬بادمة لؤلدايف كخصوصا اإلسبلـ‬
‫‪ ،‬كقد تسربلت أبثواب براقة إذل أذىاف كثّب من الناس‪ ،‬ككاف ‪٥‬با نشاط ابرز ُب مصر سنة ‪1972‬ـ‬
‫أقلقت الرأم العاـ‪ ،‬ككتب عنها رجاؿ الفكر ُب ‪٨‬بتلف الصحف ك‪ٛ‬بت ‪٧‬باكمة البهائيْب كاتضح أهنم فئة‬
‫خارجة عن اإلسبلـ كأف رهبم ىو هباء هللا كليس هللا ‪ ،‬كحولوا ا‪٢‬بج من مكة إذل ا‪٤‬بزارات البهائية ُب‬
‫اسرائيل ‪.‬‬

‫ك‪٥‬بم شهور ‪ٚ‬بالف الشهور اإلسبلمية كعادات كخبلاي ك‪٧‬بافل تبث فيها ‪٠‬بومها كتدعوا إذل ‪٧‬باربة‬
‫اإلسبلـ ‪.462‬‬

‫كقد حوربت ىذه الفرقة ُب كل من مصر كتركيا كإيراف بعد اطبلع علمائها على خطر ىذه الفرقة الكبّب‬
‫على اإلسبلـ ‪.‬‬

‫ادلبحث األول‪ :‬زعيم البهائية‬

‫امسو ونشأتو ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫مؤسس ىذه الطائفة يسمى حسْب علي كأبوه يسمى عباس بزرؾ النور ا‪٤‬بازندراين ‪.‬‬

‫كلد حسْب علي ا‪٤‬بازندجراٌب ُب إيراف ُب قرية تسمة نور كقيل كلد ُب طهراف سنة ‪1233‬ىػ‬

‫كقد اعتنق البابية ىو ُب السبعة كالعشرين من عمره سنة ‪1260‬ىػ ‪ ،‬كدل يكن يكن لو ذكر ُب أايـ البابية‬
‫فتحْب الفرصة ُب مؤ‪ٛ‬بر بدشت حيث‬
‫‪ ،‬كقد اغتاظ من عدـ اختيار الشّبازم لو من ضمن كبار البابية ى‬
‫كاف ىو كقرة العْب أبرز ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬برين فيو كتقراب من بعضها ‪ ،‬كُب ذلك ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬بر اختلف ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬بركف حوؿ نسخ‬
‫الشريعة اإلسبلمية بشريعة البهاء كالٍب كانت تتزعم القوؿ هبذا قرة العْب ‪ ،‬فتدخل ا‪٤‬بازندراين للفصل بْب‬
‫الفريقْب كرجح كفة قرة العْب كقرأ سورة الواقعة كفسرىا تفسّبا ابطنيا يفضي إذل نسخ اإلسبلـ ‪ ،‬فأذعن‬
‫ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬بركف ‪٥‬با ابلقيادة كالٍب ىي بدكرىا أعطت قيادهتا للمازندراين‪. 463‬‬

‫‪462‬انظر‪ :‬البهائية ص ‪ ،119‬نقبلن عن الكواكب الدرية ج‪ ،1‬هباء هللا كالعصر ا‪١‬بديد ص ‪ 28‬للدكتور جوف اسلمنت‬
‫‪463‬انظر‪ :‬حقيقة البابية كالبهائية ص ‪ 105‬الفصل األكؿ‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫ثقافتو ‪ :‬تلقى ا‪٤‬بازندراين العلوـ الشيعية كالصوفية كىو صغّب ‪ ،‬كقد كاف شغوفا بقراءة‬ ‫ب‪-‬‬
‫كتب الباطنية كأفكار الرباٮبة كالبوذية كالباطنية كا‪٤‬بانوية ‪ ،‬كحينما أظهر إ‪٢‬باده زعم أنو أمي‬
‫‪464‬‬
‫كأف كل ما يعلمو ىو عن طريق الوحي‬
‫عمالتو وأسرتو ألعداء اإلسالم وادلسلمُت ‪ :‬كانت أسرة البهاء كفية للركس ‪ ،‬ككاف أخوه‬ ‫ح‪-‬‬
‫األكرب كاتبا فيب سفارة الركس كزكج أختو سكرتّبا للوزير الركسي ‪ ،‬ككانت أسرتو أيضا قريبة‬
‫من اليهود‪ ،‬فقد بذؿ اليهود كل طريقة إلعبلء شأف البهائية ‪ ،‬كقد كاف اليهود يركف ُب‬
‫دعوة البهاء ما ٯبعلهم يدعوهنا خصوصا كأف دعوة البهاء تنسخا‪١‬بهاد ُب سبيل هللا ‪ ،‬كما‬
‫جاء على لساف ا‪٤‬بازندراين ُب الوحي ا‪٤‬بزعوـ ُب ذلك ‪ " :‬قل اتهلل ا‪٢‬بق اف الطور يطوؼ‬
‫حوؿ مطلع الظهور ‪ ..‬كصاح صهيوف قد أتى الوعد كظهر ماىو مكتوب ُب ألواح هللا‬
‫تعاذل" ‪.‬‬

‫كىذا نداء ىاـ لليهود للعودة إذل أرض فلسطْب كإقامة دكلتهم ‪ٍ ،‬ب جاء ابنو عباس عبد البهاء ككضح‬
‫ذلك أيضا ابلوحي ا‪٤‬بزعوـ حيث يقوؿ " سيجتمع بنو إسرائيل ُب األرض ا‪٤‬بقدسة كتكوف أمة اليهود الٍب‬
‫تفرقت ُب الشرؽ كالغرب كا‪١‬بنوب كالشماؿ ‪٦‬بتمعة"‪.‬‬

‫كىذه األخبار جاءت عن مؤامرات كخططلعودة اليهود ك٘بمعهم ُب فلسطْب فقد كاف البهاء كابنو رسوال‬
‫اليهود بْب الناس يهيء ‪٦‬بيئهم كيتنىب أفكارىم كٲبزج معتقداهتم‪ ،‬ك‪٪‬بد ذلك متمثبل ُب األمور التالية ‪:‬‬

‫ادعى اليهود أف البشارات ا‪٤‬بوجودة ُب الكتاب ا‪٤‬بدس تنطبق على البهاء كليس على دمحم‬ ‫‪-1‬‬
‫بعد موسى كعيسى ‪ ،‬كأف اليهود أقركا حملمد ‪ٛ‬بلقا كخوفا من شره‪.‬‬
‫كىب اليهود للبهاء قصر البهجة ُب عكا الذم صار مهول أفئدة البهائيْب ككعبتهم ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اشتمل كتابو األقدس على بشارات لليهود ابلعودة إذل فلسطْب ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫حرـ ا‪١‬بهاد كاآلت ا‪٢‬برب مطلقا‪. 465‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ 464‬انظر‪ :‬البهائية نقد ك‪ٙ‬بليل ص ‪ ،8‬نقبلن عن هباء هللا كالعصر ا‪١‬بديد ص ‪ .32‬كانظر‪ :‬كبلمو ُب ا‪٤‬بصادر الٍب ‪ٝ‬بعها‬
‫إحساف إ‪٥‬بي ر‪ٞ‬بو هللا ُب كتابو البهائية ص ‪.13 - 10‬‬
‫‪465‬انظر‪ :‬كتاب قراءة ُب كاثئق البهائية ص ‪ 89‬عنواف حلف الشيطاف‪.‬‬
‫‪174‬‬
‫كقد أابح ‪٢‬بم ا‪٣‬بنزير كأابح لبس ا‪٢‬برير للرجاؿ ‪ ،‬كخدـ اإل‪٪‬بليز خدمات جليلة كلذلك منح اإل‪٪‬بليز‬
‫عبد البهاء كساـ اإلمرباطورية الربيطانية ُب احتفاؿ أقامو ا‪٢‬باكم الربيطاين "اللنيب" ُب بيتو فكاف يدعو‬
‫‪٥‬بم ابلعز كالتمكْب ‪.‬‬

‫كقد آتمر ا‪٤‬بازندرتِب مع الركس على ىدـ اإلسبلـ ككسر شوكة ا‪٤‬بسلمْب ككاف الركس ينفقوف عليو‬
‫بسخاء ك‪ٞ‬بتو من بطش شاه إيراف حينما أراد الفتك بو حيث ‪ٞ‬بتو ُب سفاراهتا ‪ٍ ،‬ب طلبت من‬
‫الدكلة العثمانية نقلو إذل تركيا ٍب انتقل إذل فلطسْب كلقي ترحيبا حارا من اليهود ا‪٤‬بتجمعْب ُب‬
‫فلسطْب بغية إقامة دكلة ‪٥‬بم فبدأيبشر أبنو خليفة الباب الشّبازم ٍب ادعى أنو الباب ٍب ادعى أنو‬
‫ىو ا‪٤‬بسيح ٍب ادعى األلوىية كأف هللا ظهر ُب صورتو ‪ ،‬ككاف إذا مشى ُب الطريق أسدؿ الستار على‬
‫كجهو برقعا لئبل يشاىد هباء هللا ا‪٤‬بتحلي ُب كجهو‪. 466‬‬

‫كال يبعد من ا‪٢‬بقيقة أف يكوف ىذا البهاء قد ظهر بعد ‪ٚ‬بطيط يهودم من يهود إيراف كيدؿ على‬
‫ذلك التفاؼ اليهود حولو ك‪ٞ‬بياهتم لو كترحيبهم بو كأداة ‪٥‬بدـ اإلسبلـ من داخلو ‪.‬‬

‫وفاة ادلازندراين ‪ :‬بعد أف بلغ ا‪٤‬بازندراين ا‪٣‬بامسة كالسبعْب من العمر أصابتو ا‪٢‬بمى كقيل‬ ‫خ‪-‬‬
‫إنو جن ُب آخر حياتو ‪ ،‬ككاف ا‪٢‬باجب لو ابنو عباس ‪ ،‬فاستأثر ابألمر كأغدؽ األمواؿ‬
‫على ا‪١‬بماعة ‪ ،‬إذل أف توُب سنة ‪1309‬ىػ‪.‬‬

‫يقوؿ ا‪١‬بلبائيجي أحد زعماء البهائية ُب ذكر موت ا‪٤‬بازندراين ‪ " :‬كصعد الرب إذل مقر عزه األقدس‬
‫األعلى كغابت حقيقتو ا‪٤‬بقفدسة ُب ىويتو ا‪٣‬بفية القصول ككانت ىذه ا‪٢‬بادثة ُب اثين شهر ذم‬
‫القعدة سنة ‪1309‬ىػ "‪.467‬‬

‫كدفن قرب منزلو ُب عكا ‪ ،‬كقيل ُب حيفا ‪ ،‬كقد زعم أف موتو ‪٢‬بكمة كأنو يؤيد أتباعو كيؤازرىم‬
‫كينصرىم كقد أكصى اب‪٣‬ببلفة البنو عباس ٍب البنو األصغر ا‪٤‬بّبزا دمحم علي ‪ ،‬لكن عباس استأثر‬

‫‪466‬انظر‪ :‬البهائية نقد ك‪ٙ‬بليل ص ‪ ،352 -309 ،26 -19‬كانظر‪ :‬حقيقة البابية كالبهائية ص ‪،185 - 171‬‬
‫كانظر‪ :‬البهائية كاترٱبها كعقيدهتا ص ‪ ،334 -323‬كلقد توسع غفر هللا لو ُب إبراز الصلة ا‪٣‬ببيثة بْب اليهود كبْب‬
‫ىذه الطائفة ابألدلة الدامغة‪ ،‬كأبطل فيها مكر البهائية كتظاىرىم ابإلسبلـ‪ ،‬كانظر‪ :‬خفااي الطائفة البهائية ص ‪،110‬‬
‫‪.119 ،117‬‬
‫‪467‬انظر‪ :‬ا‪٢‬بجج البهية ص ‪ ،13‬نقبلن عن ا‪٤‬بصدر السابق كالبهائية اترٱبها كعقيدهتا ص ‪.144‬‬
‫‪175‬‬
‫ابألمر كدل ينفذ كصية كالده فنشبت خبلفات بْب األخوين مريرة انتصر فيها عباس ‪ ،‬كانقسم‬
‫البهائيوف نتيجة ذلك إذل فرقتْب ‪:‬‬

‫الفرقة األكذل‪ :‬ا‪٤‬بوالية لعباس كتسمى العباسية‪ ،‬كالفرقة الثانية ا‪٤‬بوالية حملمد علي ا‪٤‬بازندراين كتسمى‬
‫ا‪٤‬بوحدكف ‪ ،‬كصار ‪٦‬بموع فرؽ البهائية ‪ٟ‬بس فرؽ نتيجة ذلك كىي ‪ :‬البابية ا‪٣‬بلص كاألزلية أتباع‬
‫صبح األزؿ ‪ ،‬كالبهائية كالعباسية كا‪٤‬بوحدكف ‪.‬‬

‫كقد توذل زعماة البهائية بعد ذلك ‪ٝ‬بلة من أتباع البهاء منهم عباس أفتجي كا‪٤‬ببل دمحم ا‪٤‬ببل كإبراىيم‬
‫جورج خّب هللا الذم أسس مركز البهائية ُب شيكاغو كمنهم ‪ٝ‬بشيد ماين صاحب طائفة السماكية‬
‫كغّبىم ‪.‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫دعاايت البهائيُت‬

‫البهائية التنتمي إذل اإلسبلـ كال تتفق مع كل الدايانت السماكية كألغت شرائع اإلسبلـ ‪ ،‬كقالت‬
‫أبلوىية ا‪٤‬بازندراين ‪.‬‬

‫كيعود أتسيس ا‪٤‬بذىب البهائي إذل جهود أعداء اإلسبلـ من اليهود كغّبىم من الذين احتضنوه‬
‫ليطعنوا بو خاصرة العادل اإلسبلمي كليجعلوا منو شوكة تلهي ا‪٤‬بسلمْب عن ما ٱبطط لو اليهود ‪.‬‬

‫كمن ىنا فإف تعاليم البهائية قائمة على نسخ اإلسبلـ مستبدلْب شريعة دمحم بشريعة ا‪٤‬بازندراين‬
‫كمستبدلْب القرآف بكتاب األقدس ‪ ،‬كقد اخَبعوا كثّبا من التعاليم كالعقائد بسبب إصرارىم على‬
‫نسخ ‪ٝ‬بيع األدايف كاستبدا‪٥‬با بشرائع جديدة ‪ ،‬كٲبكن ذكر أىم دعاايهتم الٍب ينادكف هبا ُب ما يلي‪:‬‬

‫وحدة مجيع األداين يف الدين البهائي ‪ ,‬كيتجلى ذلك فيما ادعاه ا‪٤‬بازندراين من أف ‪ٝ‬بيع‬ ‫‪-1‬‬
‫األنببياء جاؤكا للتبشّب ابلبهاء كأف هللا يتجلى فيو كأنو مظهر هلل ‪ ،‬فهو قد كاف متشبعا‬
‫ٗببادمء الصوفية اإل‪٢‬بادية‪ ،‬كىو من كبار القائلْب بوحدة الوجود كا‪٢‬بلوؿ كاال‪ٙ‬باد التاـ ‪.‬‬

‫كنتيجة لذلك فبل يعَبفوف ببلحبلؿ كال حراـ إال ما قرره البهائي ‪ ،‬ك‪٥‬بذا دعى إذل كحدة األدايف ‪،‬‬
‫ٕبيث ٘بتمع على ألوىية البهاء ككتابو األقدس كيتضح ذلك بقولو ‪ " :‬قل ال يرل ُب ىيكلي إال‬

‫‪176‬‬
‫ىيكل هللا كال ُب ‪ٝ‬بارل إال ‪ٝ‬بالو كال ُب كينونٍب إال كينونتو كال ُب ذاٌب إال ذاتو "‪ 468‬كىو ماعمل‬
‫عليو أتباعو حينما قرر ابنو عباس أف ا‪٤‬بازندراين لو طبيعة الىوتية كطبيعة انسوتية كال تنفصل إحداٮبا‬
‫عن األخرل‪ ،‬كغّبه من النصوص الكثّبة الٍب تدعوا إذل ذلك‪.469‬‬

‫وحدة األوطان‪ٕ :‬بيث ‪ٛ‬بحى ا‪٤‬بفاىيم الوطنية سول الوطن الذم سيختاره ا‪٤‬بازندراين ‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كٯبب أف ‪ٛ‬بحى ا‪٢‬بدكد بْب البلداف دكف النظر إذل أم اعتبار ليتعايش الناس فيها ‪ ،‬يقوؿ‬
‫أحد زعمائهم كىو عباس أفندم ‪ " :‬كمنذ االبتداء دل تكن ىناؾ حدكد بْب البلداف‬
‫ا‪٤‬بختلفة فبل يوجد جزء ‪٩‬بلوؾ لقوـ دكف غّبىم"‪.470‬‬

‫كىذه الدعول الرباقة دل يبذؿ البهائيوف أم جهد لتحقيقها سول إلقاء السبلح من أرض ا‪٣‬باء أم‬
‫أرض ا‪٣‬براب كيقصد هبا فلسطْب ‪،‬كينادم ابحَباـ أرض الطاء الٍب ىي طهراف كما جاء ُب كتابو‬
‫األقدس ‪ ،‬كىذا أكؿ تناقضات ا‪٤‬بازندراين ُب دعوتو "‪٢‬بب أرض الطاء كبغض أرض الطاء "‪ ،‬فأين‬
‫دعواه كحدة األكطاف ‪ ،‬كلذلك يقوؿ عن أرض الطاء ُب كتابو األقدس ‪ " :‬اي أرض الطاء ال‪ٙ‬بزين‬
‫من شيء قد جعلك مطلع فرح العا‪٤‬بْب"‪ 471‬كمقصده األساسي من كحدة األكطاف ىو بذؿ أراضي‬
‫ا‪٤‬بسلمْب لئل‪٪‬بليز كالركس كاليهود الحتبلؿ ما أردكا دكف مقاكمة من شعوب ا‪٤‬بسلمْب ‪.‬‬

‫ك‪ٛ‬بم على ذلك ٗبحو ا‪١‬بهاد حيث يقوؿ ُب األقدس ‪ " :‬البشارة األكذل الٍب منحت من أـ الكتاب‬
‫‪472‬‬
‫ُب ىذا الظهور األعظم ‪٧‬بو حكم ا‪١‬بهاد من الكتاب"‬

‫وحدة اللغة ‪ :‬حبيث ال يتكلم الناس أي لغة سوى اليت يقررىا ادلازندراين ‪ ،‬حيث ٱبتار‬ ‫‪-3‬‬
‫لغة مشَبكة للتفاىم ‪ ،‬كىي ‪٧‬باكلة مكشوفة إلبعاد ا‪٤‬بسلمْب عن لغة كتاب رهبم ‪.‬‬

‫‪468‬كتاب األقدس ضمن خفااي الطائفة البهائية ص ‪.126‬‬


‫‪469‬شراقات للمازندراين ص ‪ ،144‬نقبلن عن البهائية اترٱبها كعقيدهتا ص ‪.236 ،235‬‬
‫‪٧470‬باداثت لعبد البهاء‪ ،‬انظر‪ :‬البهائية ص‪.114‬‬
‫‪471‬األقدس ص ‪ ،163‬ضمن خفااي البهائية‪.‬‬
‫‪472‬انظر‪ :‬قراءة ُب كاثئق البهائية ص‪.95‬‬
‫‪177‬‬
‫حيث ‪٪‬بد ا‪٤‬بازندراين يدعوا إذل توحيد اللغة ُب كتابو األقدس فيقوؿ ‪ " :‬اي أىل اجملالس ُب الببلد اختاركا‬
‫لغة من اللغات ليتكلم هبا من على األرض ‪ٍ "..‬ب يصرح ابختيار ىذه اللغة ‪ ،‬كىي اللغة الفارسية حيث‬
‫يقوؿ ‪ " :‬ايقلمي األعلى بدؿ اللغة الفصحى ابللغة النوراء "‪ 473‬أم اللغة الفارسية ‪.‬‬
‫‪474‬‬
‫ىذه اللغة الفارسية الٍب قاؿ عنها البّبكين ‪ " :‬التصلح اال لؤلخبار الكسركية كاأل‪٠‬بار الليلية"‬

‫كىذه الفكرة ىي ‪٦‬برد ضرب من ضركب ا‪٣‬بياؿ ‪ ،‬إذ دل يدع ‪٥‬با أحد من العقبلء فضبل عن األنبياء ‪،‬‬
‫فكل نيب يبعث بلغة قومو ليبْب ‪٥‬بم كدل أيمرىم بتغيّب لغتهم ‪ ،‬كىذا اقتضاء حكمة هللا ‪ ،‬كلو ا‪ٙ‬بدت‬
‫القلوب على العقيدة الصحيحة لزالت فركؽ اللغات ‪ ،‬كأمثلة اإلسبلـ خّب شاىدة فقد ‪ٝ‬بع هللا بْب‬
‫سلماف الفارسي اللغة كصهيب الركمي اللغة كببلؿ ا‪٢‬ببشي اللغة أبيب بكر كعمر العريب اللغة ‪ ،‬فلم‬
‫يشعركا بينهم أبم فرؽ ألف دينهم كاحد كعقيدهتم كاحدة كىدفهم كاحد ‪ ،‬كما تغِب اللغة الواحدة إذا‬
‫كانت العقائد ‪٨‬بتلفة كالقلوب متباغضة ‪ ،‬فلبناف ُب كقتنا ا‪٢‬باضر يقتل بعضهم بعضا أبشد أنواع‬
‫الوحشية على ا‪ٙ‬باد لغتهم ‪ ،‬فاللغة ٕبد ذاهتا ال تعلىم األخبلؽ كال الر‪ٞ‬بة كا‪٤‬بواالة ك‪ٝ‬بع الكلمة ‪.‬‬

‫السالم العادلي والتعايش بُت كل الشعوب ‪ ,‬ويكون ذلك بتطبيق البهائية ‪ ,‬حيث يظن‬ ‫‪-4‬‬
‫البهائيوف أهنم ىم الذين تزعموا الدعوة إذل السبلـ العا‪٤‬بي كإحبلؿ السبلـ بْب الشعوب‬
‫ك‪ٙ‬برًن ‪ٞ‬بل السبلح كمقدماتو من جداؿ كخصاـ ‪ ،‬كلو للدفاع عن النفس ‪ ،‬يقوؿ حسْب‬
‫ا‪٤‬بازندراين ‪ " :‬قد هنيبناكم عن النواع كا‪١‬بداؿ هنيا عظيما ُب كتاب ىذا أمر هللا ُب ىذا‬
‫الظهور األعظم" ‪.‬‬

‫كقاؿ أيضا ‪ " :‬الٯبوز رفع السبلح كلو للدفاع عن النفس " ‪.‬‬

‫كحقيقة دعوهتم إذل السبلـ ىو الدعوة إذل االرتواء من غسلْب البهائية كآرائها ا‪٤‬بتناقضة كحينئذ ‪ٛ‬بشي‬
‫البشرية آمنة مطمئنة ‪ ،‬إنو دعول فوؽ مستول عقوؿ البهائية ‪ ،‬فمن يقبل من الناس أف يركن إذل‬
‫البهائي كمزاعمو دكف أف يرل حلوال عملية لتلك ا‪٤‬بشكبلت الٍب يعج هبا العادل‪. 475‬‬

‫‪ 473‬انظر‪٦ :‬بموع ألواح ا‪٤‬بازندراين ص ‪ ،113‬البهائية نقد ك‪ٙ‬بليل ص ‪.123‬‬


‫‪474‬انظر‪ :‬البهائية حملب الدين ا‪٣‬بطيب ص‪ ،29‬كقد عزاه إذل مقالو القرآف معجزة بْب معجزتْب ٗبجلة الفتح العدد‬
‫‪ 811‬ص ‪.8‬‬
‫‪475‬انظر‪ :‬هباء هللا كالعصر ا‪١‬بديد ص ‪ ،123‬نقبلن عن البهائية إلحساف ص ‪ 125‬ك قراءة ُب كاثئق البهائية ص‪.93‬‬
‫‪178‬‬
‫فقد نسي البهائيوف أف حل مشكبلت ا‪٢‬بياة العا‪٤‬بية ال ٲبكن أف أيٌب عن طريق ا‪٣‬برافات كا‪٤‬بؤامرات كإ٭با‬
‫أيٌب عن طريق االقتناع التاـ من داخل النفس ‪ ،‬كما صوره القرآف ‪ :‬يقوؿ تعاذل ‪ {" :‬كتعاكنوا على الرب‬
‫كالتقول كلبل تعاكنوا على اإلٍب كالعدكاف}سورة ا‪٤‬بائدة‪ .2 :‬كقاؿ تعاذل ‪ { :‬إف ىذه أمتكم أمة كاحدة‬
‫كأان ربكم فاعبدكف}سورة ا‪٢‬بجرات آية‪ 13‬كقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪ " :‬اي أيها الناس أال إف ربكم كاحد كإف‬
‫أابكم كاحد أال ال فضل لعريب على أعجمي ‪ ،‬كال ألعجمي على عريب ‪ ،‬كال أل‪ٞ‬بر على أسود ‪ ،‬كال‬
‫‪477‬‬
‫ألسود على أ‪ٞ‬بر إال ابلتقول "‪ 476‬كقولو ‪ " :‬ال يؤمن أحدكم حٌب ٰبب ألخيو ما ٰبب لنفسو "‬

‫كمئات النصوص األخرل الٍب جاء هبا اإلسبلـ كالٍب ُب حلوؿ مباشرة يسلم هبا اإلنساف كيرل أتثّبىا‬
‫ٗبجرد أف ٲبتثل األمر كلو طبق الناس اإلسبلـ لرأكا كيف يصبح السبلـ كاقعا حقيقيا ال خداع فيو كال‬
‫٘برب كال مكائد كال دسائس ‪.‬‬

‫أما الدعوة البهائية اذل السبلـ تقوـ على أساس أف الرب ىو ا‪٤‬بازندراين كأف األرض الٍب ٰبكمها كل‬
‫شخص ىي لو ال حق فيها لآلخرين فلئل‪٪‬بليز ما ٲبلكوف كللركس ما أيخذكف كإلمريكا ماتر يد كعلى‬
‫ا‪١‬بميع السمع كالطاعة ‪٤‬بن قوم ‪ ،‬على شريعة ا‪١‬باىلية األكذل من عز بز كمن غلب استلب كمن دل‬
‫ٰبَبؼ دل يعتلف ‪.‬‬

‫إف كل ٘بمع على غّب ىدم ا‪٣‬بالق العظيم رب العا‪٤‬بْب ال يقدـ ا‪٢‬بلوؿ ا‪٤‬برضية ‪٤‬بشكبلت الناس مهما‬
‫كاف إخبلصهم ‪ ،‬كال نذىب بعيدا فهذا ‪٦‬بلس األمن العا‪٤‬بي أشبو ما يكوف ٔبسد ال ركح فيو ‪ ،‬مقر‬
‫ا‪٣‬بدع كا‪٤‬بؤامرات ألصحاب النفوذ كالقوة ال يهمو إال إرضاء الدكؿ الدائمة العضوية كما يسمونو ‪،‬‬
‫كأصبح الفيتو ُب أيديهم سيفا على رقاب بقية ا‪٣‬بلق ‪ ،‬الٯبوز ا‪٣‬بركج عن طاعتو ‪،‬فظلمو عدؿ كقتلو ر‪ٞ‬بو‬
‫ككلمتو فصل ‪.‬‬

‫أن ادلساواة بُت الرجل وادلرأة ضرورة وال فرق بينهما ‪ ,‬الكل عبيد البهاء‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫فقد حرص البهائيوف على استخاـ النساء ُب الدعاية ‪٤‬بذىبهم ألهنن أكثر ا‪٬‬بداعا كا‪٪‬بذااب إذل ا‪٥‬بول‬
‫‪ٛ‬بكن من ذلك ‪.‬‬
‫كا‪٣‬بركج عن كل عرؼ إذا ى‬
‫كقد تزعمت ىذه العدكة قرة العْب ‪ ،‬الٍب دل يكبح ‪ٝ‬باحها دين كال خلق كال شرؼ كال احتشاـ ‪.‬‬

‫‪476‬أخرجو اإلماـ أ‪ٞ‬بد ُب ا‪٤‬بسند ‪.411 /5‬‬


‫‪477‬خرجو البخارم ُب اإلٲباف ‪ ،57/1‬كمسلم كذلك ُب اإلٲباف ‪ ،68 ،67/1‬كغّبٮبا من أصحاب السنن‪.‬‬
‫‪179‬‬
‫لقد حرصوا على إعطاء ا‪٤‬برأة الوعود ا‪٣‬بداعة كاألماين الرباقة ‪ ،‬كلكن فرضوا عليها حكاما تستدعي‬
‫الشفقة عليها ‪ ،‬فأثبتوا أهنم يريدكف من كراء دعوهتم للمرأة جلبها كاستجبلهبا كجعلها مطية ألساليبهم‬
‫ا‪٤‬باكرة ُب ‪٨‬بالفة اإلسبلـ ‪.‬‬

‫لقد فرضت تعاليم البهائية على ا‪٤‬برأة أف ال ترد يد المس ‪ ،‬كالترد متعة لكل طامع بل ىي من ٯبب أف‬
‫تبادر لذلك ‪ُ ،‬ب الوقت الذم أظهر زعماء البهائية نفاقا منقطع النظّب ُب ا‪٢‬برص على ا‪٤‬برأة كعلى‬
‫مكانتها كاحَبامها ‪ ،‬يقوؿ أسلمنت ‪ ":‬إف إحدل األنظمة االجتماعية الٍب جعل ‪٥‬با هباء هللا أٮبية‬
‫عظمى ىي مساكاة النساء ابلرجاؿ"‬

‫كقد كاف مدعي النبوة ا‪٤‬بتصايب هباء هللا كثّبا ما يتأكه ‪٤‬برأل الفتيات ‪ -‬كما يذكر ذلك الشيخ عبد الر‪ٞ‬بن‬
‫الوكيل – معلبل ذلك بوجوب مساكاهتا ابلرجل ‪.‬‬

‫يقوؿ الشيخ عبد الر‪ٞ‬بن الوكيل معقلقا على ذلك ‪ " :‬إف جبلؿ النبوة ال تستهيجو أبدا امرأة تتحدل‬
‫قداسة الفضيلة بفتنتها العارية كال تستخفو عن كقاره شعور موجة قد تلهب اب‪٢‬بب عواطف الشعراء"‪.‬‬

‫كال شك أهنم أرداكا من دعياهتم فقأ عْب ا‪٤‬برأة بيديها ‪٤‬بن ا‪٬‬بدعت هبن ككانت ىي ا‪٣‬باسرة لدينها كعفتها‬
‫كدينها كحيائها كزكجها كأكالدىا ‪.‬‬

‫كأكؿ من ك ٌذب دعول ا‪٤‬بساكاة ىو ا‪٤‬بازندراين كابنو عباس ‪ ،‬حيث ميزكا بْب الرجل كا‪٤‬برأة إذ ككل الرجل‬
‫ابلقياـ بكل األعماؿ ‪ ،‬كجعل ا‪٤‬بّباث من نصيبو دكف األنثى حيث يقوؿ ‪ " :‬كجلعنا الدار ا‪٤‬بسكونة‬
‫كاأللبسة ا‪٤‬بخصوصة للذرية من الذكراف دكف اإلانث إنو ‪٥‬بو ا‪٤‬بعطي الفياض "‬

‫فأين ذىبت مساكاة ا‪٤‬بعطي الفياض للرجل اب‪٤‬برأة ُب دعاكاه الكاذبة ؟‬

‫ككذلكأكجبوا ا‪٢‬بج إذل بيت الشّبازم أك البهاء على الرجل دكف ا‪٤‬برأة ‪ ،‬كأسقطوا حقها ُب تورل ا‪٤‬بناصب‬
‫العليا كجعلوىا قاصرا على الرجاؿ ‪ ،‬كأسقطوا عنها الصبلة كالصوـ ‪ ،‬كغّبىا من األمور الٍب انقضوا فيها‬
‫أنفسهم ‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫عقائد أخرى للبهائيُت‪:‬‬

‫سبق ذكر بعض أىم العقائد الٍب ينادم هبا البهائيوف ‪ ،‬كإ‪ٛ‬باما لذلك كلئبل يفوت القارئ الوقوؼ على‬
‫آراء ىذه الفرقة الشريرة ‪ ،‬كالٍب بقي كثّب منها سرا بينهم كبْب زعماء الصهيونية ‪ ،‬كما يقوؿ الدكتور دمحم‬
‫حسن األعظمي ‪ " :‬إف عقيدهتم ا‪٤‬بعلنة ُب كتب مطبوعة ليست ىي العقيدة الٍب يتبعوىها إف أسرار‬
‫‪478‬‬
‫عقيدهتم ُب كتب سرية ال يتداكلوهنا حٌب ال يثّبكا نقمة كل األدايف عليهم "‬

‫ككل ما يذكر ىنا إما أنو يكوف مأخوذا من كتاب األقدس للمازندراين أك من كتب كبار البهائيْب كذلك‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫‪479‬‬
‫أ – أف ا‪٤‬بازندراين ىو رهبم كإ‪٥‬بهم حيا كميتا ‪ ،‬يقوؿ ا‪٤‬بازندراين من توجو إرل فقد تتوجو إذل ا‪٤‬بعبود "‬

‫ب‪ -‬يقولوف اب‪٢‬بلوؿ كاال‪ٙ‬باد ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ال يؤمنوف ٗبا جاء ُب القرآف كالسنة ُب حق عيسى عليو السبلـ كيعتقدكف أنو قتل كصلب‪.‬‬

‫د‪ -‬يعتقدكف أف الشريعة البهائية انسخة لئلسبلـ ‪.‬‬

‫ىػ ‪ -‬ال يؤمنوف ابليوـ االخر حسب ماجاء ُب اإلسبلـ ‪ ،‬كال كل األدايف ‪ ،‬حيث يؤمنوف أبف القيامة‬
‫تعِب ‪٦‬بيء البهاء ُب مظهر هللا كانتهاء ا‪١‬بور احملمدم كأف سائر أخبار القيامة من حساب كجزاء تقع‬
‫عند ‪٦‬بي البهاء ‪.‬‬

‫ك‪ -‬يعتقدكف أف دمحم ليس ىو خاًب األنبياء كأف الوحي ال ينقطع عن البشر ك‪٥‬بذا فالبياف العريب للشّبازم‬
‫كاألقاس للمازندراين كحي من هللا حسب اعتقادىم ‪.‬‬

‫ز‪ -‬أكلوا القرآف بتأكيبلت ابطنية ‪.‬‬

‫ح – ال يؤمنوف ٗبعجزات األنبياء ‪.‬‬

‫ط – ال يؤمنوف اب‪٤‬ببلئكة كال اب‪١‬بن ‪.‬‬

‫‪478‬حقيقة البهائية كالقاداينية ص ‪.76‬‬


‫‪479‬األقدس ضمن خفااي البهائية ص ‪.173‬‬
‫‪181‬‬
‫م‪ -‬ال يؤمنوف بوجودج ا‪١‬بنة كالنار ‪.‬‬

‫ؾ – يباح ‪٥‬بم التقية ُب سبيل خداع الناس ‪.‬‬

‫ؿ – يقدسوف العدد تسعة عشر تقديسا عظيما كأكلوا كثّبا من األمور لتتوافق مع العدد تسعة عشر‪.‬‬

‫الصالة عند البهائية ‪:‬‬

‫عددىا ثبلث مرات ُب اليوـ‪ ،‬كىي تسع ركعات ُب البكور كالزكاؿ كاآلصاؿ‪ ،‬كل صبلة‬ ‫‪-1‬‬
‫ثبلث ركعات‪.‬‬
‫تؤدل صبلهتم على انفراد كال يصح االجتماع إال ُب الصبلة على ا‪٤‬بيت‪.480‬‬ ‫‪-2‬‬
‫القبلة ىي ا‪٤‬بكاف الذم يستقر فيو البهاء كقد استقرت ُب عكا ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫الزكاة عن البهائية ‪ :‬ال يوجد أم ذكر أك تفصيل للزكاة عند البهائية ‪١‬بهل ا‪٤‬بازندراين هبا فلم يدرجها ُب‬
‫شريعتو‪.‬‬

‫الصوم عند البهائية ‪ :‬الصوـ عندىم من ‪ 1‬اذل ‪ 19‬يوما فقط ُب مارس يصوموف من الصباح اذل‬
‫الغركب ‪ ،‬كليس فيها قضاء على من دل يؤدىا ‪ ،‬كقد عفي عن ا‪٤‬بسافر كا‪٤‬بريض كا‪٢‬بامل كا‪٤‬برضع كا‪٥‬برـ‬
‫كالكسوؿ كا‪٢‬بائض كيوـ عيدا‪٤‬بولود أم يوـ كالدة الشّبازم ‪ ،‬ككذلك يوـ ا‪٤‬ببعث ‪ ،‬أم يوـ إعبلف‬
‫الشّبازم لدعوتو ‪.‬‬

‫احلج عندىم ‪ :‬يتوجهوف فيو اذل عكا مدفن البهاء ‪ ،‬إذل الدار الٍب كلد فيها الشّبازم ‪ ،‬كإذل بغداد ُب‬
‫العراؽ ‪ُ ،‬ب الدار الٍب عاش فيها ‪ ،‬كدل يبْب البهاء مٌب يتم ا‪٢‬بج كال كيفيتو كمناسكو ‪.‬‬

‫الزواج عندىم ‪:‬‬

‫ال يصح الزكاج إال بواحدة كإف كاف كال بد فبل يتجوز أكثر من اثنتْب ‪ ،‬كحد الزان بغّب‬ ‫‪-1‬‬
‫تراض تسعة مثاقيل من الذىب تسلم لبيت العدؿ البهائي كا‪٤‬بهر عندىم تسعة عشر مثقاال‬
‫من الذىب االبريز ُب القرل مثل ذلك من الفضة ‪ ،‬كمن زاد فبل يتجاكز ‪ٟ‬بسة كتسعْب‬

‫‪ 480‬انظر‪ :‬األقدس ضمن خفااي البهائية ص ‪.141‬‬


‫‪182‬‬
‫مثقاال ‪ .‬ككل ىذه ا‪٤‬بهور من ابب كضع العراقيل أماـ الزكاج ليلجئوا الراغبْب ُب إذل العهر ‪،‬‬
‫خصوصا كأف غرامتو نصف مهر الزكاج‪. 481‬‬
‫ٰبللوف ا‪٤‬بتعة كشيوعية النساء‬ ‫‪-2‬‬
‫ال يباح زكاج األرامل اال بعد دفع الدية كال يتزكج األرمل إال بعد تسعْب يوما كاألرملة إال‬ ‫‪-3‬‬
‫بعد ‪ٟ‬بسة كتسعْب يوما ‪.‬‬
‫ال ٯبوز الزكاج من زكجة األب كحكم الغلماف مسكوت عنو يقوؿ ا‪٤‬بازندراين ‪ " :‬إان‬ ‫‪-4‬‬
‫نستحي أف نذكر حكم الغلماف"‪ 482‬كما داـ الرب يستحي من ذكر عقوبة جرٲبة اللواط ‪،‬‬
‫فمن يبينها إذف ‪.‬‬

‫الطالق عندىم ‪ :‬مكركه‬

‫يف ادلورايث ‪:‬‬

‫زعموا أف الرجاؿ كالنساء على السواء‪،‬كلكن تناقضو بعد ذلك فإذا هبم ٰبرموف ا‪٤‬برأة من‬ ‫‪-1‬‬
‫مّباثها كيقنصونو على الرجل‪.‬‬
‫ليس ىناؾ قانوف تقسيم للمواريث فللشخص أف يوصي أبم شي لصرؼ أموالو‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قرركا أف غّب البهائي ال يرث البهائي ‪٨ ،‬بالفْب قو‪٥‬بم بوحدة األدايف ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫أحكام أخرى عندىم ‪:‬‬

‫الغسل من ا‪١‬بنابة ليس كاجبا‪ ،‬كاالغتساؿ كل أسبوع مرة كغسل األرض ُب الصيف مرة‬ ‫‪-1‬‬
‫كاحدة كُب الشتاء مرة كل ثبلثة أايـ ‪.‬‬
‫ال ٯبوز ا‪٢‬بجاب على ا‪٤‬برأة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سن الرشد ‪ 15‬عاما للذكر كاألنثى‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ألغوا ‪ٝ‬بيع العقوابت ُب اإلسبلـ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‪١‬بهاد ‪٧‬برـ عندىم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫إابحة كل أنواع اللباس للرجاؿ كالنساء على السواء كا‪٢‬برير كالذىب كغّبه‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪481‬انظر‪ :‬البهائية نقد ك‪ٙ‬بليل ص ‪.162‬‬


‫‪482‬انظر‪ :‬األقدس ضمن خفااي البهائية ص ‪.166‬‬
‫‪183‬‬
‫ال ٯبوز حلق شعر الرأس ألنو زينة‪. 483‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ال ٯبوز أف ٱبطب الشخص من على ا‪٤‬بنرب بل يقعد على كرسي موضوع على سرير‬ ‫‪-8‬‬
‫كٱبطب‪ ،‬كال ٯبوز ذكر هللا إال ُب مكاف العبادة‪.‬‬
‫يقدسوف العدد ‪ 19‬كيبنوف على أساسو كثّبا من التعامبلت بينهم ‪ :‬مثل عدد الشهور‬ ‫‪-9‬‬
‫كأايـ الصوـ كأايـ الشهر ككتاهبم البياف كزكاك اموا‪٥‬بم كعدد شهر السنة كفصوؿ البياف كعدد‬
‫الطبلؽ ‪ ،‬كلها تقف عند الرقم ‪ ، 19‬كإذل آخر كلعهم ابلرقم‪.48419‬‬

‫ادلبحث الرابع ‪:‬‬

‫موقف البهائية من القرآن الكرمي والسنة النبوية‬

‫أكلت الباطنية نصوص القرآف على طريقتها الباطنية ا‪٤‬بلحدة ‪ ،‬كمن األمثلة على ذلك ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬القيامة عندىم ىي قيامة البهاء بدعوتو‪.‬‬


‫‪ ‬الربزخ عندىم ىو ا‪٤‬بدة ما بْب الرسوؿ دمحم كبْب الشّبازم‪.‬‬
‫‪ ‬أكلوا قولو تعاذل‪ { :‬إذا الشمس كورت } أم انتهت الشريعة احملمدية ابلشريعة البهائية ‪.‬‬
‫‪ ‬قولو تعاذل ‪ { :‬كإذا العشار عطلت} أم تركت االبل كاستدبدلت ابلسيارات كالطيارات ‪.‬‬
‫‪ ‬قولو تعاذل { كإذا الوحوش حشرت } أم ‪ٝ‬بعت ُب حديقة ا‪٢‬بيواانت‪.‬‬
‫‪ ‬قولو تعاذل ‪ { :‬كإذا الصحف نشرت } أم انتشرت ا‪١‬برائد كاجملبلت‬

‫إذل غّب ذلك من التأكيبلت الباطنية الشنيعة آلايت القراف الكرًن كالكذب على هللا تعاذل دكف مباالة أك‬
‫خوؼ ال من هللا كال من انتقاد العقبلء على ىذا الصنيع الفاحش ‪.485‬‬

‫‪483‬انظر‪ :‬األقدس ضمن خفااي البهائية ص ‪.150‬‬


‫‪484‬انظر‪ :‬قراءة ُب كاثئق البهائية ص ‪ ،191‬كانظر‪ :‬البهائية رأس األفعى ‪ -‬توسع ُب أخبارىا الرجل البهائي الضاؿ‬
‫ا‪٤‬بضل‪ ،‬انظر‪ .46 - 13 :‬كمن الكتب الٍب ‪ٙ‬بدثت عن فضائل العدد ‪ -1 :19‬األقدس‪ -2 ،‬البياف‪ -3 ،‬ما كتبو د‪/‬‬
‫دمحم رشاد خلفية ُب ‪٧‬باضرتو ابلكويت ‪ٙ‬بت عنواف تسعة عشر؛ دالالت جديدة ُب إعجاز القرآف‪ -4 ،‬ما كتبو‬
‫مصطفى ‪٧‬بمود من أسرار القرآف فهم عصرم للقرآف‪ -5 ،‬ما كتبو العلماء ردان على البهائية مثل كتاب الشيخ إحساف‬
‫إ‪٥‬بي‪ ،‬كمثل كتاب قراءة ُب كاثئق البهائية‪ ،‬ككتاب البهائية رأس األفعى‪.‬‬
‫‪485‬انظر ‪٥‬بذه التحريفات كغّبىا‪ :‬حقيقة البابية ص‪ ،128-126‬قراءة ُب كاثئق البهائية ص‪ ،277‬عواف ((القيامة‬
‫البهائية)) إذل ص ‪ ،302‬ككذا عنواف ((قياـ الساعة البهائية كانتهاء أجل األمة احملمدية ص ‪.322- 303‬‬
‫‪184‬‬
‫كىناؾ ‪ٙ‬بريفات أخرل كلها تصب ُب ىدؼ حرب اإلسبلـ كانتزاعو من قلوب أتباعو بطرؽ ماكرة ‪،‬‬
‫على أهنا أقل من أف تعقل ألحد بل ىي ضرب من ا‪٥‬بذايف ‪.‬‬

‫موقف البهائية من السنة النبوية ‪:‬‬

‫كما أكؿ البهائيوف نصوص القرآف اذل أتكيبلت ابطينة أكلوا كذلك اتلسنة النبوية ‪ ،‬حيث زعموا أف كل‬
‫األحاديث تدؿ على انتهاء الشريعة احملمدية بظهور البهاء‪ ، 486‬على قلة ما التفتوا اذل السنة اللنبوية ‪.‬‬

‫كالسنة عندىم ال ٯبوز الوقوؼ على ظاىرىا بل يعترب ىذال عتندىم كفر ابلرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كما زعم البهائي‬
‫ا‪٢‬باقد الدكتور دمحم رشاد خليفة إماـ مسجد توساف بوالية أريزكان االمريكية سنة ‪1982‬ـ ‪ ،‬حيث زعم‬
‫أيضا أف الرجوع اذل القراف كليس اذل السنة كأف ا‪٤‬بسلمْب كثنيوف بتعظيمهم الرسوؿ دمحم علسيو السبلـ ‪.‬‬
‫‪487‬‬

‫ادلبحث الرابع ‪:‬‬

‫السبب يف انتشار التعاليم البهائية ‪:‬‬

‫ليس ُب البهائية أم شيء يغرم العتناقها ‪ ،‬فهي أفكار ملفقة من شٌب ا‪٤‬بذاىب كالفلسفات كالدايانت‬
‫‪ ،‬كمع ذلك فقد انتشرت انتشارا عظيما ُب كثّب من البلداف ‪ ،‬إال أف أماكن كثّبة من بلداف العادل‬
‫اإلسبلمي تنبهت ‪٣‬ببث البهائية كفساد أنفسهم كمعتقداهتم ‪ ،‬فشنوا الغارات على زعهمائها كأتباعها‬
‫كتقربوا اذل هللا بسحقها ‪ ،‬إال أف البهائيْب عمدكا بكل كسيلة ظاىرة كخفية كعملوا ا‪٤‬بؤامرات كالدعاايت‬
‫كاإلغراءات كنفاؽ كدعاة ُب سبيل نشر دعوهتم ككل ىذا ‪٩‬با ٘بيزه شريعتهم ‪.‬‬

‫‪486‬ال يؤمن البهائية ابلسنة النبوية‪ ،‬كال أيخذكف من معجزات الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص إال ما يوافق ىواىم ‪٩‬با يتعلق ابلفضائل الٍب‬
‫يعتربكهنا من األدلة الثابتة على نبوة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كىي أحاديث موضوعة ال تثبت إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كمع ذلك فإف البهائيْب‬
‫يتفننوف ُب نشرىا‪ ،‬انظر‪ :‬البهائية للخطيب ص ‪.43 -41‬‬
‫‪487‬من كتب البهائية ُب ىذا ا‪٤‬بوضوع‪ -1 :‬ا‪٢‬بجج البهية‪ ،‬لفضل هللا ا‪١‬برفادقاين‪ -2 ،‬كتاب التبياف كالربىاف أل‪ٞ‬بد‬
‫‪ٞ‬بدم‪ ،‬كُب كتاب قراءة ُب كاثئق البهائية للدكتورة عائشة عبد الر‪ٞ‬بن بنت الشاطئ ‪ -‬مناقشات كردكد جيدة على‬
‫مزاعم البهائية‪ ،‬اقرأ العناكين اآلتية‪:‬‬
‫ص‪(( 324‬القرآف كا‪٢‬بديث ُب كاثئق البهائية‪)) .‬‬
‫ص‪(( 335‬القرآف كا‪٢‬بديث ُب العلمانية العصرية‪)) .‬‬
‫ص‪ 341‬ذكرت دراسة عن أحد كتب البهائية كأابطيل دمحم رشاد خليفة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬القرآف كا‪٢‬بديث كاإلسبلـ ُب كتاب ((البهائية ا‪١‬بديدة)) ((الطلع ا‪٣‬ببيث للشجرة ا‪٤‬بلعونة‬
‫‪185‬‬
‫كىناؾ أسباب ساعدت ُب اانتشار ا‪٤‬بذىب البهائي من أبرزىا ما يلي ‪:‬‬

‫جهل كثّب من ا‪٤‬بسملْب ٕبقيقة ا‪٤‬بذىب البهائي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫تظاىر البهائيوف ابإلسبلـ نفاؽ كتقية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ٞ‬باية أعداء اإلسبلـ للبهائي كأتباعو ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫انشغاؿ ا‪٤‬بسلمْب ٗبشكبلت داخلية كخارجية إابف ظهور البهائية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪488‬‬
‫كثرة ‪ٙ‬بريف النصوص ‪ٙ‬بريفا معنواي ٕبث أكلوا معانيها إذل معاف ابطينة‬ ‫‪-5‬‬
‫تنظيم دعوهتم إذل مذىبهم كتنظيم احملافل الٍب ىي نقطة االنتشار ‪ ،‬كتوددىم إذل ا‪٢‬بكاـ‬ ‫‪-6‬‬
‫كا‪٤‬بفكرين كخداىم ‪٥‬بم ٗبا يظهركنو ‪.‬‬
‫أف كثّبا الناس ٰببوف االنفبلت عن اإللزامات الشرعية كا‪٤‬بيل إذل الشهوات كنبذ القيود ‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫كىذا ا‪١‬بانب ‪٩‬با تربز فيو البهائية ‪.‬‬
‫كثرة الدعوات البهائية الباطلة كانتشارىا بْب األكساط الفقّبة ‪ ،‬حيث يقوموف ٗبساعدة‬ ‫‪-8‬‬
‫الفقراء كبناء ما ٰبتاجونو كا‪٤‬بقابل نشر معتقداهتم ‪.‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫كتاب البهائية الذي يقدسونو‬

‫ادعى حسْب علي ا‪٤‬بازندرانٓب األلوىية ‪ ،‬كمن ىنا كاف لزاما أف ينزؿ كتبا مقدسة لعباده حسب ما يريد‬
‫ُب أكىامو ‪.‬‬

‫ط كتاب كأرداه‬
‫فكاف أف جاء بكتابو األقدس ٗبا يستحي منو أم شخص أف ينسب إليو‪ ،‬فكاف ٕبق أح ٌ‬
‫تنفر من معانيو النفوس كأتنف من ‪٠‬باعو األ‪٠‬باع كرغم ذلك زعم انو أفصح كأشرؼ كتاب على‬
‫اإلطبلؽ ‪.‬‬

‫‪488‬كأقرب األمثلة على ىذا تبلعبهم ٗبعُب اآلية الكرٲبة؛ {كلى ًكن رس ى ً‬
‫ْب} ؛ حيث صاركاىم‬ ‫وؿ اَّلل ىك ىخ ىاًبى النبًيًٌ ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫كالقاداينيوف ُب طريق كاحد حوؿ أتكيل ىذه اآلية أبف ا‪٣‬باًب ٗبعُب ((أفضل)) ‪ ،‬أك أنو كا‪٤‬بهر‪ ،‬أك أنو خاًب األنبياء‬
‫أصحاب الشرائع ا‪٤‬بستقلة‪ ،‬غّب ذلك من أكاذيبهم على هللا كعلى رسولو‪ ،‬كعلى اللغة أيضان؛ ألف اللغة ال تساعدىم‬
‫أبدان على تلك ا‪٤‬بعاين الباطلة الٍب اخَبعوىا‪.‬‬
‫‪186‬‬
‫احتول على ألفاظ ركيكة كأخطاء لغوية كتراكيب غامضة قراءتو ‪٩‬بلة ثقيلة على النفس مؤله ابالستكبار‬
‫كاإلستعبلء فكلو مدح لنفسو كلبهائو كجودة قرٰبتو كإحاطة علمو ‪٨‬باطبا عباده ا‪٤‬بلوؾ كالعامة ككل البشر‬
‫‪ ،‬كما ُب قولو ‪ " :‬اي أىل البهاء اي معشر العلماء اي مبلء االنشاء اي عبادم ‪ ،‬اي معشر ا‪٤‬بلوؾ قل رل‬
‫ايملك الربلْب ا‪٠‬بع النداء من ىذا ا‪٥‬بيكل ا‪٤‬ببْب اي معشر األمراء ا‪٠‬بعو ايشواطيء هنر الرين اي أرض الطاء‬
‫اي أرض ا‪٣‬باء اي ٕبر األعظم قل ايقوـ ايملك النمسا ايملوؾ أمريكا " كغّبىا من النداءات ا‪٤‬بتكرة ‪٤‬بلوؾ‬
‫أكراب كغّبىم ‪ ،‬يتكلم فيها على أنو ىو هللا ‪.‬‬

‫ك‪٩‬با جاء ُب كتابو األ‪٪‬بس كليس األقدس عبلكة على ركاكتو كا‪٫‬بطاطو ما يلي ‪:‬‬

‫زعمو أف قد أحاط بعلم ما ُب اللوح كقرأه كالناس غافلوف ‪ ،‬حيث يقوؿ ‪ " :‬اي مبلء البياف‬ ‫‪-1‬‬
‫إان دخلنا مكتب هللا إذ أنتم راقدكف كالحظنا اللوح إذ أنتم انئموف اتهلل قد قرأانه قبل نزكلو‬
‫‪489‬‬
‫"‬
‫رده كقدحو ُب ا‪٤‬بخالفْب لو((كمنها‪ -‬أم من الناس‪ -‬من يدعي الباطن كابطن الباطن‪ ،‬قل‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أيها الكذاب اتهلل ما عندؾ أنو من القشور تركناىا لكم كما تَبؾ العظاـ للكبلب"‪.490‬‬
‫يثِب على من قرأ كتاهبويقوؿ ُب تفضيل كبلمو‪(( :‬من يقرأ من آايٌب ‪٣‬بّب لو من أف يقرأ‬ ‫‪-3‬‬
‫كتب األكلْب كاآلخرين‪ ،‬ىذا بياف الر‪ٞ‬بن‪ -‬يعِب نفسو‪ -‬إف أنتم من السامعْب"‪.491‬‬
‫يندب حظ من أعرض عن كتابو‪. 492‬‬ ‫‪-4‬‬

‫كقد تنبأ البهاء ٕبدكث أمور غيبية أخرب عنها كقد أخزاه هللا ككقع خبلؼ ماتنبأ ‪ٛ‬باما‪ 493‬فمن ذلك ما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫تنبأ أف البهائية يكوف مستقبلها مشرؽ ُب العراؽ ‪ ،‬كىذا ما دل يتحقق ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪489‬األقدس ص ‪.182‬‬
‫‪490‬األقدس ص ‪.147‬‬
‫‪491‬األقدس ص‪.141‬‬
‫‪492‬األقدس ص ‪176‬‬
‫‪493‬إلحساف إ‪٥‬بي ر‪ٞ‬بو هللا ُب كتابو البهائية نقد ك‪ٙ‬بليل مقاؿ بعنواف ((البهائية كتنبؤاهتا)) يبدأ من ص‪ 249‬إذل ص‬
‫‪ ، 308‬توسع ُب ذكر تنبؤات ا‪٤‬بازندراين كبْب أكاذيبو كلها‪ ،‬كمنو ما أشرت إليو ُب الفقرات الٍب ذكرهتا‪ ،‬كمن أراد‬
‫التوسع فلّبجع إذل كتاب البهائية نقد ك‪ٙ‬بليل ‪ -‬الصفحات ا‪٤‬بشار إليها‪.‬‬
‫‪187‬‬
‫تنبأ أبف طهراف ستكوف هبائية كٰبكمها هبائيوف ‪ ،‬كىذا كذب فلم يسمح للبهائيوف رفع‬ ‫‪-2‬‬
‫رؤكسهم أك إظهار دعوهتم ‪.‬‬
‫تنبأ أبف داينتو ستغلب األدايف كلها كيعتنقها أكثر العادل ‪ ،‬كىذا من األماين الفارغة الٍب‬ ‫‪-3‬‬
‫من احملاؿ أف تتحقق‪.‬‬

‫كقد أخزاىم هللا ُب الدنيا فلم تتحقق نبوءاتو كدل تدخل تلك الدكؿ ُب ربقة البهائية بل حاربتها فطردت‬
‫البهائية من إيراف كالعراؽ كتركيا كمصر كليبيا كسوراي كقضي عليها ُب ابكستاف كأفغانستاف كدل أيبو ‪٥‬با‬
‫العادل الغريب ‪.‬‬

‫ادلبحث السادس‪:‬‬

‫أماكن اليهائية‬

‫تنتشر األفكار كتتغلغل بْب الناس دكف أف يفظن ‪٥‬با اجملتمعو ال ‪ٙ‬بدىا ا‪٢‬بدكد السياسية كال ‪ٛ‬بسك‬
‫بزمامها سلطة ‪ ،‬تسرم ُب األمة سرايف النعاس ُب جسم اإلنساف ‪.‬‬

‫كالبهائية من أسس عقائدىم التقية فحينما ٱبافوف يظهركف الوفاؽ كا‪٤‬بتابعة مع الناس ك‪ٙ‬بت موافقتهم انر‬
‫اإل‪٢‬باد كالباطنية تَببص شرا كتضمر حقدا اب‪٤‬بسلمْب ‪.‬‬

‫كقد انتشرت البهائية ُب أماكن كثّبة بعضها معلوـ كبعضها ُب ا‪٣‬بفاء إال أنوجودىم األكرب كمركزىم‬
‫الرئيسي بيم حلفائهم ُب أرض فلسطْب ‪ٙ‬بت ‪ٞ‬باية اليهود ‪.‬‬

‫كيوجد ‪٥‬بم خبلاي كثّبة ُب إيراف كإمريكا كالعراؽ كمصر كإمارات ا‪٣‬بليج كالسوداف كليييا كتونس كا‪١‬بزائر‬
‫كا‪٤‬بغرب ك‪٧‬بافلهم كثّبة كأكربىا ُب شيكاغو كتنتشر كذلك ُب إسرائيل ككندا كبنما كأ‪٤‬بانيا كسويسرا كا‪٥‬بند‬
‫ركابكستاف كمشاؿ اإفريقيا كأكغندا كأسَباليا ‪.‬‬

‫كقد قدر بعض زعمائهم أف عدد البهائيْب ُب العادل ستْب مليوان ‪ ،‬كلكن يصعب تصديقهم فهو رقم‬
‫دعائي ليس إال ‪.‬‬

‫كقد ساعد انتشارىا أعداء االسبلاـ الذين مافتئوا ُب سبيل تقوية عودىم كمدىم أبنواع الدعم‪.‬‬

‫من مراجع البهائية‪:‬‬

‫البهائية اترٱبها كعقيدهتا كصلتها ابلباطنية كالصهيونية‪ .‬أتليف عبد الر‪ٞ‬بن الوكيل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪188‬‬
‫حقيقة البابية كالبهائية‪ .‬أتليف الدكتور‪٧ /‬بسن عبد ا‪٢‬بميد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫البهائية‪ .‬السيد ‪٧‬بب الدين ا‪٣‬بطيب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫البهائية نقد ك‪ٙ‬بليل‪ .‬إحساف إ‪٥‬بي ظهّب‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حقيقة البهائية كالقاداينية‪ .‬الدكتور‪ /‬دمحم حسن األعظمي‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫البهائية الفكر كالعقيدة‪ .‬صاحل عبد هللا كامل‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ا‪٢‬بكم على البهائية‪ .‬علي رشدم‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫قراءة ُب كاثئق البهائية‪ .‬الدكتورة‪ /‬عائشة عبد الر‪ٞ‬بن ((بنت الشاطئ‪)) .‬‬ ‫‪-8‬‬
‫خفااي الطائفة البهائية‪ .‬الدكتور‪ /‬أ‪ٞ‬بد دمحم عوؼ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬البهائية رأس األفعى‪ .‬أكؿ ‪٧‬باكمة شرعية للبهائيْب جملموعة من الكتاب‪.‬‬
‫‪ -11‬ا‪٤‬بوسوعة ا‪٤‬بيسرة ُب األدايف كا‪٤‬بذاىب ا‪٤‬بعاصرة‪ .‬الندكة العا‪٤‬بية للشباب اإلسبلمي‪.‬‬
‫‪ -12‬دراسات عن البهائية كالبابية‪ .‬أتليف‪٧ :‬بب الدين ا‪٣‬بطيب‪ ،‬علي علي منصور‪ ،‬دمحم كرد‬
‫علي‪ ،‬دمحم فاضل‪.‬‬

‫كبعد ىذه الدراسة عن فرؽ البهائية عثرت على نسخة مصورة عن ىذه الفرقة تسمى موقع البهائيْب ُب‬
‫ا‪٢‬بركات ا‪٥‬بدامة‪ ،‬ا‪٤‬بفسدكف ُب األرض كتبها ((دمحم علي كيوة)) ‪ -‬معاصر‪ -‬فيها تفاصيل دقيقة كموسعة‬
‫عن البهائية‪ ،‬كيظهر فيها أف لو اطبلعان كاسعان على خفااي ىذه الطائفة كمعرفة خاصة هبم فلَبجع إليها إف‬
‫شئت‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫الفصل الثامن ‪:‬‬

‫القاداينية‬

‫متهيد ‪ :‬التحذيَت من ظهور دجالُت يدعون النبوة بعد دمحم عليو الصالة والسالم ‪:‬‬

‫لقد حذر النيب ملسو هيلع هللا ىلص غاية التحذير من ظهور دجالْب يزعموف أهنم أنبياء هللا بعد ختم الرساالت ٗببعث‬
‫دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫فقد كردت كثّب من النصوص الٍب تنص على ختم النبوة ك‪ٙ‬بذر من ادعاء النبوة بعد ختمها ٗبحمد صلى‬
‫هللا عليو كسلم‪ ،‬كمن ذلك قوؿ هللا تعاذل ‪ { :‬ما كاف دمحم أاب أحد من رجالكم كلكن رسوؿ هللا كخاًب‬
‫النبيْب}سورة األحزاب آية‪40‬‬

‫كقاؿ تعاذل ‪ { :‬اليوـ أكملت لكم دينكم كأ‪ٛ‬بمت عليكم نعمٍب كرضيت لكم االسبلـ دينا}سورة ا‪٤‬بائدة‬
‫آية‪3‬‬

‫كجاء ُب السنة النبوية قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ":‬كأًن هللا لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهَبا سواء " قاؿ‬
‫‪494‬‬
‫أبو الدرداء ‪ " :‬صدؽ هللا كرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬تركنا كهللا على مثل البيضاء ليلها كهنارىا سواء "‬

‫كمنها قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪ " :‬إنو دل يكن نيب قبلي إال دؿ أمتو على ما يلعمو خّبا ‪٥‬باـ كٰبذرىم ما يعلمو شرا‬
‫‪495‬‬
‫‪٥‬بم "‬

‫فقد ‪ٝ‬بعت ىذه النصوص بياف ختم النبوة ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص كبياف إكماؿ الدين من عند هللا عز كجل حيث‬
‫بْب كل ماٰبتاج إليو ُب أمور دينهم كدنياىم كدل يبق ألم متحذلق ‪٦‬باؿ للزايدة أك النقص‪.‬‬

‫كقد كردت أحاديث كثّبة تدؿ على ختم النبوة نذكر بعضها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬عن أيب ىريرة رضي هللا ععن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ‪ " :‬كانت بنو إسائيل تسوسهم األنبياء كلما‬
‫‪496‬‬
‫ىلك نيب خلفو نيب كإنو ال نيب بعدم"‬

‫‪ 494‬أخرجو ابن ماجة ‪4/1‬‬


‫‪ 495‬أخرجو أ‪ٞ‬بد ‪161,191/2‬‬
‫‪ 496‬صحيح البخارم ‪ 495/6‬كمسلم ‪509/4‬‬
‫‪190‬‬
‫‪ -2‬عن سعد بن أيب كقاص هنع هللا يضر أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ لعلي حينما خرج إذل تبوؾ ‪ " :‬أال ترضى أف‬
‫‪497‬‬
‫تكوف مِب ٗبنزلة ىاركف من موسى إال أنو ليس نيب بعدم"‬
‫‪498‬‬
‫‪ -3‬عن جابر بن ‪٠‬بؤرة قاؿ ‪٠‬بعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ ‪ " :‬إف بْب يدم الساعة كذابْب "‬
‫‪ -4‬عن أيب ىريرة هنع هللا يضر أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ عن الفًب الٍب تكوف قبل قياـ الساعة‪ " :‬كحٌب يبعث‬
‫‪499‬‬
‫دجالوف قريبا من ثبلثْب كلهم يزعم أنو رسوؿ هللا"‬

‫كتوجد أحاديث كثّبة ركاىا أصحاب ا‪٤‬بسانيد كالسنن كلها تكذب من ادعى النبوة بعد دمحم عليو الصبلة‬
‫كالسبلـ ‪ ،‬مهما زخرؼ صاحبها القوؿ كتفنن ُب خداع الناس ‪.‬‬

‫كقد أ‪ٝ‬بعت األمة كصار معلوما من الدين ابلضركرة أف دمحما ىو خاًب األنبياء كال نيب بعده فقد أكمل هللا‬
‫أجل نعم هللا على البشر‬
‫بو الدين كصار الدين صا‪٢‬با للبشرية إذل هناية ىذا الكوف ‪،‬كةىذه نعمة من ٌ‬
‫لتجتمع ٮبتهم على ىذا الدين القيم كتطمئن نفوسهم إليو ال تبديل لو كال ‪ٙ‬بويل ‪.‬‬

‫كاتفق ا‪٤‬بسلموف على أف كل من يدعي النبوة بعد دمحم عليو السبلـ إما أف يكوف ملحدا كذااب أك ‪٦‬بنوان‬
‫مهوسا ‪ ،‬كقد ساعد أعداء اإلسبلـ من الصليبيْب كثّبا ‪٩‬بن ادعوا النبوة كسعوا إذل نشر دعوهتم‬

‫ادلبحث األول‪:‬‬

‫كيف نشأت القاداينية‬

‫القاداينية ىي إحدل فرؽ الباطنية ا‪٣‬ببيثة‪ ، 500‬ظهرت ُب آخر القرف التاسع عشر ا‪٤‬بسيحي ‪ُ ،‬ب ببلد‬
‫ا‪٥‬بند ‪ ،‬كتسمى ُب ا‪٥‬بند كابكستاف ابلقاداينية ‪ ،‬كيسموف أنفسهم ُب إفريقيا كغّبىا من البلداف الٍب‬
‫غزكىا ابأل‪ٞ‬بدية ‪ٛ‬بويها على ا‪٤‬بسلمْب ابنتسباىم إذل الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬كٲبكن إٯباز نشأهتا فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 497‬صحيح البخارم‪ 112/8‬كمسلم ‪268/5‬‬


‫‪ 498‬مسلم ‪768/5‬‬
‫‪ 499‬البخارم ‪88/13‬‬
‫‪500‬ذلك ألخذىم اب‪٤‬ببادئ الباطنية ُب أتكيل النصوص أتكيبلن ابطنيان‪ ،‬كدعول أف للنصوص ظاىران كابطنان‪ ،‬كتدينهم بكثّب‬
‫من ا‪٤‬ببادئ الباطنية‪.‬‬
‫‪191‬‬
‫احتضنها اإل‪٪‬بليز حينما كانوا مستعمرين للهند كتبنوىا كنصركىا بكل ما قدركا عليو ‪٤ ،‬با‬ ‫أ‪-‬‬
‫رأكا فيها من ‪ٙ‬بقيق مآرهبم كالتمكْب ‪٥‬بم ُب ا‪٥‬بند كغّب ا‪٥‬بند كقد احتضنتها أيضا اليهودية‬
‫العا‪٤‬بية كمكنتهم من إقامة ا‪٤‬براكز الٍب تنشر اإلسبلـ بزعمهم ‪.‬‬
‫نبعت ىذه الطائفة ُب حْب اضطراب كجهل انتشر بْب ا‪٤‬بسلمْب فتغلغلت بْب صفوؼ‬ ‫ب‪-‬‬
‫ا‪٤‬بسلمْب حٌب قويت ككثر أتباعها خصوصا حينما توذل الوزير الباكستاين القادايين ظفر هللا‬
‫خاف الذم مكن القاداينية من االنتشار كالظهور ‪.‬‬
‫صارت قادايف ٍب الربوة عاصمة القاداينيْب ‪ ،‬كبدأت توجو دعوهتا للببلد اإلسبلمية كالعربية‬ ‫ت‪-‬‬
‫‪ .‬كبدأت تظهر ُب العراؽ كسوراي كاندكنيسيا‪ 501‬كبعض بلداف إفريقيا‪ 502‬كتتمُب لو توجد‬
‫ُب ا‪١‬بزيرة العربية – حرسها هللا –‬
‫كقف ضد ىذه الفرقة علماء أجبلء من علماء ا‪٥‬بند كابكستاف كغّبىم من ببلد ا‪٤‬بسلمْب‬ ‫ث‪-‬‬
‫إال أف نشاط القاداينية ُب تزايد بْب جهلة ا‪٤‬بسلمْب كشباهبم من الذين بذؿ ‪٥‬بم ا‪٤‬باؿ‬
‫للرضى ٕبكم اال‪٪‬بليز كاإلٲباف بنبوة القادايين آنذاؾ ‪ ،‬كال زاؿ تواجدىم مستمر كنشاطهم‬
‫مستمر ُب كثّب من بداف العادل ‪.‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫زعيم القاداينية‬

‫ترجم ا‪٤‬بّبزا لنفسو ُب أخر كتابو ضميمة الوحي كجاء ٖبلط عجيب كمن أبرز ما ذكره عن نفسو ما يلي‬
‫‪:‬‬

‫امسو‪ :‬غبلـ أ‪ٞ‬بد القادايين ‪ ،‬كاسم كالده غبلـ مرتضى كاسم أمو جراج يب يب‪. 503‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬أسرتو‪ :‬تضاربت أقوالو فمرة قاؿ إف أسرتو فارسية‪ 504‬كمرة من ا‪٤‬بغوؿ كمرة أف أصولو صيبنية‬
‫األصل كمرة من بِب فاطمة بنت الرسوؿ كمرة من ‪٠‬برقند كمرة يرجع إذل بِب إسحاؽ‪ ، 505‬ككل تلك‬
‫ا‪٤‬برار كانت بوحي هللا ‪ -‬كما يزعم ‪. -506‬‬

‫‪ 501‬انظر‪ٕ :‬بث بعنواف " القاداينية ُب إندكنيسيا" للشيخ مشفق أمر هللا بن مشس الدين‪.‬‬
‫‪ 502‬انظر‪ٕ :‬بث بعنواف "القاداينية ُب غاان" للشيخ سحنوف اتج الدين‪.‬‬
‫‪ 503‬انظر‪ :‬القاداينية دراسة ك‪ٙ‬بليل ص‪ 205‬نقبل عن يعقوب القادايين‪ ،‬حياة النيب ‪142-141/1‬‬
‫‪ 504‬انظر‪ :‬القادايين كالقاداينية ص‪20‬‬
‫‪192‬‬
‫والدتو‪ :‬كلد عاـ ‪1256‬ىػ ُب قرية قادايف من قرل البنجاب ‪ ،‬حوارل سنة ‪1839‬ـ‪.507‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫ثقافتو‪ :‬قرأ مبادمء العلوـ كا‪٤‬بنطق كالعلوـ ا‪١‬بينية على بعض األساتذة منهم فضل إ‪٥‬بي‬ ‫د‪-‬‬
‫كفضل أ‪ٞ‬بد ككل علي شاه كقرأ الطب على كالده الذم كاف طبيبا ماىرا‪ ، 508‬ككاف يكثر‬
‫القراءة إال أف كل معلوماتو كانت مشوشة عن الدين اإلسبلمي‪.509‬‬

‫ىـ‪ -‬أعمالو‪ :‬توظف ُب بداايتو ُب ‪٧‬بكمة حاكم ا‪٤‬بديرية ُب مدينة سيالكوث ُب ابكستا كبقي على ذلك‬
‫أربع سنوات من عاـ ‪1864‬ـ إذل عاـ ‪1868‬ـ ‪ ،‬كأقبل فيها على تعلم اإل‪٪‬بليزية ‪ ،‬كالتحق بدراسة‬
‫ا‪٢‬بقوؽ ‪ٍ ،‬ب استقاؿ سنة ‪ 1868‬ـ ‪.‬‬

‫كقد بدأ حياتو بتقشف كما يقوؿ ‪ٍ ،‬ب اختاره هللا للنبوة حْب يقوؿ ‪ " :‬ما كنت من ا‪٤‬بعركفْب فأكحى إرل‬
‫ريب كقاؿ ‪ :‬اخَبتك"‬

‫فلما تبوأ الزعامة الدينية أقبلت عليو الدنيا كا‪٥‬بدااي الكثّبة من الناقمْب على اإلسبلـ كمن بعض ا‪١‬بهاؿ‬
‫زاعما أهنا من فضل هللا كدليبل على نبوتو حيث يقوؿ ‪ " :‬كاهنالت علي ا‪٥‬بدااي كأهنا ٕبر هتيج ُب كل آف‬
‫موجا ‪ ،‬ىذه آايت هللا "‬

‫كصار ينفقها ُب ا‪٤‬بأكل كالشرب كأنواع ا‪٤‬بسكرات كا‪٣‬بمور ككاف يغضب حينما يسأؿ عن كيفية إنفاؽ‬
‫أموالو‪.‬‬

‫كيذكر الغبلـ عن نفسو أف هللا قد عاجلو بكثّب من األمراض كالسكرم كالصداع ا‪٤‬بزمن كا‪٤‬براؽ كأكجاع‬
‫كثّبة ذكرىا أىل العلم نقبل عن أقواؿ الغبلـ أك عن أكابر أصحابو ‪.‬‬

‫كأما خلفاء الغبلـ فقد ملئوا حياهتم ابلفسق كالفجور كا‪٣‬بمر كتصيد الفتيات كما يذكر ذلك عنهم‬
‫األستاذ عبد الر‪ٞ‬بن مصرم مدير كلية تعليم اإلسبلـ ُب قادايف الذم كاف من كبار علماء القادايية قبل‬
‫أف ينقلب عليهم كيبْب فجورىم كخفاايىم ا‪٤‬بعادية لئلسبلـ ‪.‬‬

‫‪ 505‬ذكر تلك األخبار إحساف إ‪٥‬بي ظهّب ُب كتابو القاداينية ص ‪ 126-125‬نقبل عن كتب الغبلـ‪ :‬كتاب الربية ص‬
‫‪ 134‬كحاشية األربعْب ص ‪ 17‬كضميمة الوحي ص‪ 77‬ك‪ٙ‬بفة كولرة ص‪29‬‬
‫‪ 506‬انر‪ :‬حاشية األربعْب ص‪ 27‬رقم(‪ ، )2‬القاداينية ص ‪125‬‬
‫‪ 507‬انظر‪ :‬القاداينية ص ‪ 15‬نقبل عن اجملدد األعظم ص ‪17-16‬‬
‫‪ 508‬انظر‪ :‬ضميمة الوحي ص‪28‬‬
‫‪ 509‬انظر‪ :‬كتاب الربية ص ‪ 149‬كالقاداينية ص‪128‬‬
‫‪193‬‬
‫و‪ -‬صفاتو وأخالقو‪:‬‬

‫يذكر عنو أنو كاف قليل الفطنة تبدكا عليو البساطة كالغرارة كقيل إنو كاف ال ٰبسن ملء الساعة كعد‬
‫األرقاـ كال ٲبيز حذاءه اليمْب من الشماؿ‪.510‬‬

‫كُب رأيي أنو كاف يتطاىر هبذه الغفلة كالسذاجة ألشياء ُب نفسو منها أنو كاف ٲبهد لبلٰباء إذل الناس‬
‫أبنو كىو ُب قوتو ُب ا‪٤‬بناظرات كاالحتجاج كالتأليف ليبْب أنو ملهم من هللا ‪.‬‬

‫كىذا من دىائو كمكره ‪ ،‬كإال فكيف كىو قد مدح اإل‪٪‬بليز ٗبا ٲبؤل ‪ 50‬خزانة كىو ال يعرؼ أرقاـ‬
‫الساعة كحذائو اليمْب من الشماؿ كال يستطيع أف يفرؽ بْب السكر كا‪٤‬بلح كما يذكر عنو ‪.511‬‬

‫كقد كصف الغبلـ ابلبذاءة كسوء األخبلؽ كطوؿ اللساف كا‪٥‬بجاء القاذع ككاف مصداؽ ا‪٢‬بديث" كإذا‬
‫خاصم فجر " ككاف يسب ‪٨‬بالفيو ٗبثل ‪ :‬فبلف الغوم ا‪١‬باىل ا‪٣‬بليع الكلب األ‪ٞ‬بق الضاؿ الكذاب‬
‫اللعْب ابن الزان كالبغي الشيطاف الغوم ‪ ،‬كأمثاؿ ىذه الكلمات ‪.‬‬

‫ككثّبا ـ مايسب العلماء الذين ٱبالفونو أبهنم أ‪٪‬بس من ا‪٣‬بنازير حينما يكتشفوف بعض كذبو ُب تنبؤاتو‬
‫الٍب دل ‪ٙ‬بصل ‪.‬‬

‫ككصف كل ‪٨‬بالفيو بقولو ‪ " :‬بعضهم كالكبلب كبعضهم كالذائب كبعضهم كا‪٣‬بنازير " كٱباطب الشيخ‬
‫‪512‬‬
‫ثناء هللا األمر تسرم بقولو ‪ " :‬اي كلب اي آكل ا‪١‬بيفة "‬

‫بل تعدل كل ا‪٢‬بدكد حينما ٘برأعلى أنبياء هللا األطهار فسبهم حيث يقوؿ عن عيسى عليو السبلـ ‪" :‬‬
‫‪513‬‬
‫رجل ‪ٟ‬بار كسيء السّبة "‬

‫كحْب ‪ٛ‬بادل ُب إيذاء الناس رفعوا أمره إذل احملكمة كقد أخذ عليو تعهد ُب احملكمة ا‪١‬بنائية أف ال يستعمل‬
‫‪514‬‬
‫مرة أخرل تلك األلفاظ القبيحة كالسب كالشتم كالقذؼ ضد ‪٨‬بالفيو كما يذكر ىو ذلك عن نفسو‬

‫‪510‬انظر‪ :‬القادايين كالقاداينية ص‪ ،23‬نقبلن عن تر‪ٝ‬بة ا‪٤‬بّبز ا‪٤‬بعراج الدين عمر القادايين‪ ،‬ملحقة بكتاب براىْب‬
‫أ‪ٞ‬بدية‪.67 /1‬‬
‫‪511‬انظر‪ :‬كتاب القاداينية كا‪٤‬بصادر الٍب أخذ عنها ص‪.19 - 16‬‬
‫‪512‬انظر‪ :‬القاداينية إلحساف إ‪٥‬بي ص ‪ ،140‬نقبلن عن أ‪٪‬باـ آٍب للغبلـ ص‪.21‬‬
‫‪513‬ست ٔبن للغبلـ ص‪ ،172‬القاداينية إلحساف إ‪٥‬بي ص‪.143‬‬
‫‪514‬مقدمة كتاب رب الربية ص‪ 13‬للغبلـ‪ ،‬القاداينية ص‪.144‬‬
‫‪194‬‬
‫‪ ،‬كلكنو دل يف بذلك ‪ .‬فهذا ىو يقوؿ ُب ضميمة الوحي ُب معرض تعداده للنعم الوافرة عليو‪ -‬يقوؿ‪:‬‬
‫‪515‬‬
‫((كيطرد ‪-‬أم هللا‪ -‬أعداءه ا‪٤‬بؤذين كالكبلب كيؤتيو ما دل يؤت أحدان من ا‪٤‬بعاصرين"‬

‫كقد عرؼ عنو أيضا التناقض ُب القضية الواحدة كاالحتياؿ ألكل أمواؿ الناس كعدـ الوفاء ابلتزاماتو كما‬
‫ُب قصة ا‪٣‬بمسْب ‪٦‬بلدا الٍب زعم أنو سيؤلفها كأخذ ‪ٜ‬بنها مقدما ٍب دل يؤلف إال ‪ٟ‬بسة ككانت حجتو أف‬
‫الفرؽ بْب ا‪٣‬بمسة كا‪٣‬بمسْب سول الصفر‪. 516‬‬

‫ادلبحث الثالث ‪:‬‬

‫عمالة القاداينية وأسرتو لإلجنليز‬

‫جرت بريطانيا على ا‪٤‬بسلمْب مصائب كفتنا عظيمة ‪ ،‬كال يزاؿ ا‪٤‬بسلموف ٯبَبكف آاثرىا إذل اليوـ ُب‬
‫لقد ٌ‬
‫ببلد ا‪٥‬بند كُب ببلد العرب ‪ ،‬حيث فرقت ‪ٝ‬بعهم كشتت كلمتهم كأكىنت قواىم كأكجدت عمبلء ‪٥‬با ُب‬
‫كل مكاف من بلداف ا‪٤‬بسلمْب ‪ ،‬كنشرت الفساد كا‪٣‬ببلعة كمكنت للمنصرين ‪.‬‬

‫كقد استعمرت ببلد ا‪٥‬بند كرأت العميل ا‪٤‬بناسب ‪٥‬با ىو القادايين خّب عميل فكاف من أبرز مظاىر ذلك‬
‫ما يلي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أظهر القادايين أفكارا ىدامة حارب هبا اإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب ‪ ،‬كخاف نفيها أمتو كأخرج كثّب‬
‫من ا‪٤‬بسلمْب عن دينهم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تعلق القادايين ابإل‪٪‬بليز كقدـ طاعتهم على طاعة ربو كدينو ‪.‬‬
‫ت‪ -‬مكن اإل‪٪‬بليز للقادايين كىيأت لو كألتباعو ا‪٤‬بناصب كأغدقت عليهم األمواؿ كدافعت عنهم‬
‫بضراكة ‪.‬‬
‫ث‪ -‬منع القايداين جهاد اإل‪٪‬بليز أايـ االستعمار حيث يقوؿ ‪ " :‬لقد قضيت معظم عمرم ُب‬
‫أتييد ا‪٢‬بكومة اإل‪٪‬بليزية كنصرهتا كقد ألفت ُب منع ا‪١‬بهاد ككجوب طاعة كرل – أم‬
‫اال‪٪‬بليز – من الكتب كاإلعانبلت مالو ‪ٝ‬بع بعضها إذل بعض ‪٤‬بؤل ‪ٟ‬بسْب خزانة"‪.517‬كقاؿ‬
‫أيضان ُب رسالة قدمها إذل انئب حاكم ا‪٤‬بقاطعة‪(( :‬لقد ظللت منذ حداثة سِب‪-‬كقد انىزت‬

‫‪515‬ضميمة الوحي ص‪ .31‬مَبجم‪.‬‬


‫‪ 516‬انظر‪ :‬تتمة حقيقة الوحي ص‪ ،68‬عن القاداينية إلحساف إ‪٥‬بي ص‪.139 ،138‬‬
‫‪517‬شهادة القرآف ص‪ ،3‬القادايين كالقاداينية ص‪.95 ،94‬‬
‫‪195‬‬
‫اليوـ الستْب‪ -‬أجاىد بلساين كقلمي ألصرؼ قلوب ا‪٤‬بسلمْب إذل اإلخبلص للحكومة‬
‫‪518‬‬
‫اإل‪٪‬بليزية كالنصح ‪٥‬با كالعطف عليها كألغي فكرة ا‪١‬بهاد"‬
‫ج‪ -‬انصب أىل السنة العداء ككاف يثبط أىل السنة بكل ما أكٌب من قوة لنصرة أعداء اإلسبلـ‬
‫كا‪٤‬بسلمْب ‪.‬‬
‫ح‪ -‬كاف يظهر ىو كأتباعو الفرح كالسركر بسقوط أم دكلة إسبلمية بيد اإلستعمار كٰبتلفوف بو‬
‫كيعتربكنو عيدا من أعيادىم ‪ ،‬كاألمثلة على ذلك كثّبة منها فرحهم حْب استولت بريطانيا‬
‫على العراؽ كاحتلت القدس حيث يقوؿ ابن الغبلـ – ‪٧‬بمود أ‪ٞ‬بد ‪٫ : -‬بن نشكر هللا‬
‫ألف كألف مرة على فتوحات بريطانيا ‪ 519"..‬كغّبىا من النصوص الكثّب ٗبختلف اللغات‬
‫العربية كالفارسية كاإل‪٪‬بليزية ‪.‬‬

‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫ختم النبوة وموقف القادايين منو‬

‫حاكؿ القادايين التبلعب بعقوؿ ا‪٤‬بسملْب كإيهامهم أبف نبوتو ال تتعارض مع القوؿ بنبوة دمحم صلى هللا‬
‫عليو كسلم مستعمبل ُب ‪ٙ‬بقيق ذلك شٌب أنواع التأكيبلت الباطلة للتموية كالتعمية على نبوتو ا‪١‬بديدة‪.‬‬

‫ٍب ادعى النبوة كزعم أف النبوة ال تنقطع بل تتنقل ُب أشخاص دكف انقطاع كاستدؿ على ذلك بعدة‬
‫أتكيبلت ابطلة منها حْب يقوؿ الغبلـ القادايين ‪ " :‬أف هللا تعاذل حْب يكرـ أحدا من أمة دمحم كيوصلو‬
‫إذل درجة الوحي كاإل‪٥‬باـ كالنبوة فإنو كمع تسميتو نبيا ال يتعارض ىذا ا‪٤‬بفهوـ مع مفهوـ ختم النبوة إذ أف‬
‫الشخص ال يزاؿ من أمة دمحم كمن أتباعو ‪ ،‬كلكن ينتقض ىذا ا‪٤‬بفعهوـ إذا أرجعناه إذل شخص من غّب‬
‫أمة دمحم فحينئذ يتعارض قولو ‪ٛ‬باما مع ختم النبوة "‪.520‬‬

‫ك‪٥‬بم كبلـ كثّب حوؿ ىذا‪ ، 521‬كيظهر ا‪٤‬بغالطة ُب ىذا الكبلـ من عدة كجو منها ما يلي‪:‬‬

‫‪518‬تبليغ رسالة ‪ ،10/7‬القادايين كالقاداينية ص‪.95‬‬


‫‪519‬جريدة الفضل ‪ 23‬نوفمرب سنة ‪ 1918‬ـ‪.‬‬
‫‪ 520‬مفهوـ نص أكرده ا‪٤‬بودكدم ُب كتابو القاداينية ص‪ 33‬نقبل عن كتاب العْب ا‪٤‬بسيحية للمّبزا غبلـ أ‪ٞ‬بد ص ‪41‬‬
‫‪ 521‬انظر‪ :‬ضميمة الوحي حاشية‪ 18‬كدعوة األمّب‪ -‬معتقدات ا‪١‬بماعة اال‪ٞ‬بدية اإلسبلمية ص‪" 32‬مَبجم" كيريد هبذا‬
‫ا‪٤‬بفهوـ مشاهبة قوؿ الباطنية ‪ :‬أف الناطق ال يكمل إال بوجود السر كالصامت‪.‬‬
‫‪196‬‬
‫‪ -1‬أف النبوة ال أتٌب من فيض أحد بل ىي تفضل من هللا تعاذل على من يشاء من خلقفو‬
‫‪٤ -2‬باذا اليكوف ا‪٤‬بؤىبلت الٍب احتكرىا القادايين لدعول النبوة تكوف عامة ُب البشر ؟ كىو دل‬
‫يذكر مربر لذلك االحتكار‪.‬‬
‫‪ -3‬أنو فسر معُب ختم النبوة ٗبعُب ابطل كىو أف من " ‪ٛ‬بت عليو كماالت النبوة كأنو ال أيٌب بعده‬
‫رسوؿ ذك شريعة جديدة ‪ ،‬كأنو ال نيب من غّب أمتو"‪ 522‬كلكن الغبلـ انقض ذلك كاخَبع لو‬
‫كألتباعو شريعة جديدة‪.‬‬
‫‪ -4‬أنو ادعى أف طاعة النيب دمحم ‪ٛ‬بنح كماالت النبوة‪ ،‬كإذا كاف كذلك فإنو ٰبق لكل شخص متبع‬
‫للنيب دمحم أف يتصف بصفة النبوة ‪ ،‬كالصحابة من أك‪٥‬بم‪ ،‬كىذا ما دل ٰبصل ‪.‬‬
‫‪ -5‬أنو معُب ختم النبوة عنده ىو أتخّب النبوة بعد دمحم مدة ثبلثة عشر قران لتظهر عظمة دمحم ‪ٍ ،‬ب‬
‫أيٌب من بعده من يكوف نبيا لتظهر عظمة اإلسبلـ ُب نظره ‪.‬‬
‫‪ -6‬ادعى الغبلـ أنو ىو ظل الرسوؿ فبل أتثّب لنبوتو على ختم نبوة دمحم ‪.‬‬
‫‪ -7‬ادعى أف القوؿ ابنقطاع النبوة كختمها ٗبحمد يناُب حاجة الناس إذل الرسل األنبياء ‪ ،‬كاهتاـ هللا‬
‫أبف خزائنو تنفد ‪.‬‬

‫تعقيب ‪:‬‬

‫حقا ‪ ،‬لقد كفر القاداينيوف كبكل جرأة ٗبا جاء عن هللا كعن رسولو ‪ ،‬من نصوص صرٰبة تنص على‬
‫ختم النبوة ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬على الرغم من تسلط أىل التأكيبلت الباطنية عليها ٗبختلف التأكيل ‪ ،‬قاؿ‬
‫تعاذل ‪ { :‬ماكاف دمحمج أاب أحد من رجالكم كلكن رسوؿ هللا كخاًب النبْب }سورة األحزاب آية‪40‬‬
‫فاآلية صرٰبة ككاضحة ا‪٤‬بعُب ُب داللتها على انقطاع النبوة ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬

‫فجاء القادايين كأك‪٥‬با أتكيبلت ابطنية ال‪ٛ‬بت إذل معانيها بصلة كقولو أف ا‪٣‬باًب ٗبعُب ا‪٣‬بتم الذم ٱبتم‬
‫على ا‪٤‬بعامبلت الر‪٠‬بية من كونة زينة ‪٥‬بم ك‪٫‬بو ذلك ‪ ،‬ك‪٤‬با رأل ضعف ىذا التأكيل فسرىا أبنو خاًب‬
‫النبيبْب أصحاب الشرائع ا‪٤‬بستقلة‪ ،523‬كمن ا‪٤‬بعلوـ ُب اللغة أف خاًب الشيء معناه آخره كهنايتو‪.524‬‬

‫‪ 522‬عْب ا‪٤‬بعرفة للغبلـ ص‪9‬‬


‫‪ 523‬انظر‪ :‬دعوة األمّب – معتقدات ا‪١‬بماعة األ‪ٞ‬بدية ص‪34‬‬
‫‪ 524‬انظر‪ :‬كتب اللغة مادة "ختم"‬
‫‪197‬‬
‫فتبْب أف القادايين اليؤمن ٖبتم النبوة ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص ك ٌأكؿ النصوص الواردة ُب ذلك أتكيبلت ابطنية‬
‫حٌب تتناسب مع مايدعوا إليو كىذا كلو من أبطل الباطل‪ ،‬كال يقبلها إال غافل فارغ العلم جاىل‬
‫ابللغة العربية كجاىل ابلدين اإلسبلمي‪.‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫كيف وصل القادايين إىل دعوى النبوة‬

‫تدرج الغبلـ أ‪ٞ‬بد لدعواه النبوة كسلكك مسالك عديدة كمراحل متفاكتة بينها اختبلؼ كاضطراب كل‬
‫مرحلة مرحلة بنت كقتها‪،‬كيظهر ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬اجتاىو إىل التأليف ‪:‬‬

‫كاف ا‪٤‬بّبزا ُب بدء حياتو خامل الذكرال ييعبأ بو كال يذكر ٖبّب كال شر‪ٍ ،‬ب ا٘بو إذل التأليف كا‪٤‬بناظرات‬
‫الٍب كانت ملتهبة ُب شبة القارة ا‪٥‬بندية آنذاؾ ‪ ،‬كيظهر ذلك ُب النقاط التالية ‪:‬‬

‫بدأ حياتو مناظرا جلد عن اإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب ‪ ،‬مع ‪ٛ‬بجيد نفسو كغلوه فيها بْب الفينة‬ ‫أ‪-‬‬
‫كاألخرل ‪ ،‬ككاف علمكاء ا‪٤‬بسلمينو منو ما بْب مستبشر كحذر من أف تكبجح بو ‪ٝ‬باح‬
‫فرسو ‪.‬‬
‫بدأت األنظار تلتفت إليو بعد أف ذاع صيتو ‪ ،‬كأعجبتو مواىبو ‪ ،‬فطلب من الناس أف‬ ‫ب‪-‬‬
‫يبايعوه ‪ ،‬كلقب نفسو بػ " ا‪٤‬بأمور من هللا شبيو ا‪٤‬بسيح ُب دعوتو إذل هللا كأحوالو الشخصية‬
‫"‪.‬‬
‫أعلن أف دأب ُب أتليف كتاب يضم ‪ٟ‬بسْب مدال ُب الذب عن اإلسبلـ كالرد على ‪٨‬بتلف‬ ‫ت‪-‬‬
‫ا‪٤‬بخالفْب من أصحاب الدايانتكالدايانت السائدة ُب ا‪٥‬بند كا‪٤‬بسيحية كاآلرية‪ 525‬كالربٮبية‬
‫كالربٮبو‪٠‬باجية‪526‬كغّبىم ك‪٠‬باه ‪ :‬براىْب ا‪ٞ‬بدية " كتكفل فيو أبف ٯبمعو ثبل‪ٜ‬بائة دليل على‬
‫صدؽ اإلسبلـ ُب ‪ٟ‬بسْب ‪٦‬بلد ‪ ،‬كلكنو دل يكتب اال ‪ٟ‬بسة ملئها بكشوفاتو كزغا‪٥‬باماتو‬

‫‪525‬فرقة من النهادؾ اسهها ((داينند سرسوٌب)) ُب القرف التاسع عشر ا‪٤‬بسيحي‪ٛ ،‬بتاز اب‪٢‬بماسة الدينية كالنشاط ُب‬
‫الدعوة كا‪٤‬بناظرة كالرد على ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كتدعو إذل األخذ بتعاليم ((كيدا)) كنصوصو‪ ،‬كرفض البدع كاحملداثت الداخلة ُب‬
‫الداينة الربٮبية‪ ،‬كتقوؿ بقدـ العادل كقدـ الركح كا‪٤‬بادة‪ ،‬انظر‪ :‬القادايين كالقاداينية ص‪.35‬‬
‫‪ 526‬داينة ىندية جديدة‪ ،‬ظهرت ُب القرف التاسع عشر‪ٙ ،‬باكؿ ا‪١‬بمع بْب تعاليم اإلسبلـ كالربٮبية كتقر التوحيد كتنكر‬
‫النبوة كاإل‪٥‬باـ‪ ،‬كمؤسسها ((راجو راـ موىن رام)) انظر‪ :‬القادايين كالقاداينية ص‪.36‬‬
‫‪198‬‬
‫كتزكياتو لنفسو ‪ ،‬كُب ا‪١‬بزء الثالث كالرابع نص فيو على أف جهاد اإل‪٪‬بليز حراـ كأهنم من‬
‫نعم هللا ‪.‬‬
‫ٍب أعلن أنو ا‪٤‬بسيح ا‪٤‬بوعود ألنو أ‪٥‬بم بػ " إنك أنت ا‪٤‬بسيح ا‪٤‬بوعود"‪.527‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫ُب سنة ‪1900‬ـ بدأ خواصو يلقبونو ابلنيب صراحة ككاف يعجبو ذلك كلكنو يظهر ‪٤‬بخالفيو‬ ‫ج‪-‬‬
‫‪528‬‬
‫شيء من التواضع كقولو " النيب ا‪١‬بزئي " أك " النيب احملدث " أك النيب الناقص"‬
‫ُب سنة ‪1901‬ـ أعلن أنو النيب الكامل‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬
‫ُب سنة ‪1904‬ـ احتقر النبوة كادعى أنو كرشنا إلو ا‪٥‬بندكس‪.‬‬ ‫خ‪-‬‬

‫اثنيا‪ :‬ادعاؤه اإلذلام‪:‬‬

‫ادعى ا‪٤‬بّبزا أنو ملهم من هللا كأنو يوحى إليو عن طريق ذلك اإل‪٥‬باـ ‪.‬‬

‫كدعول أم شخص أبنو أي‪٥‬بم من هللا كذا ككذا من األمور اليسّبة غّب أف ا‪٣‬بطر يكمن ُب النتائج‪ ،‬كٲبكن‬
‫إٯباز ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫ما ٰبصل للنفس من إ‪٥‬باـ لو موارد ‪ ،‬فإما أف يرد عليهمن هللا كىنا ال بد من أىلية صاحبو‬ ‫أ‪-‬‬
‫كتقواه كصدقو كإخبلصو لربو كصافاء توحيده ‪ ،‬كإما أف يرد عليو من كساكس الشيطاف إذا‬
‫كاف صاحبها الئقا بذلك بعيد عن هللا ‪.‬‬
‫إ‪٥‬بامات القادايين كلها من النوع الثاين كقد ظهر كذبو ُب نواحي كثّبة ‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫كثرت إ‪٥‬بامت القادايين الٍب زعم أهنا كحي من هللا ‪ ،‬كزعم أف الذم أيتيو ابلوحي ىو‬ ‫ت‪-‬‬
‫صورة شاب إ‪٪‬بليزم‪.‬‬
‫زعم أف الوحي ينزؿ إليو مرة ابلعربية كمرة ابلفارسية كمرة ابألردية كأحياان ابإل‪٪‬بليزية إ‪ٛ‬باما‬ ‫ث‪-‬‬
‫للنعمة‪.‬‬
‫كل ما أتى بو الغبلـ القادايين زاعما أهنا كحي هللا ‪ ،‬ىو ُب حقيقتو ُب غاية الركاكة‬ ‫ج‪-‬‬
‫كالتهافت كاالقتباس الغّب منظم من القرآف الكرًن كقولو ‪ " :‬قل إين أمرت أف أكوف أكؿ‬

‫‪527‬نظر‪ :‬القادايين كالقاداينية ص‪ ،42-35‬كمن ‪ ،72 ،65 ،56 -50‬كمراجعو الٍب نقل عنها من كتب الغبلـ‬
‫ابألردية‪ ،‬كانظر‪ :‬القاداينية للحموم ص‪.17‬‬
‫‪528‬انظر‪ :‬ا‪٤‬براجع السابقة‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب قل جاء ا‪٢‬بق كزىق الباطل إف الباطل كاف زىوقا كل بركة من دمحم فتبارؾ من علم‬
‫كتعلم ‪.529"..‬‬

‫ككقولو ُب ‪ٚ‬بويف أصحاب مطابع الكتب لئبل يردكا طباعة كتبو حيث يقوؿ ‪ " :‬قيل ارجعوا إذل هللا‬
‫فبل ترجعوف كقيل استحوذكا فبل تستحوذكف كال ٱبفى على هللا خافية كال يصلح شيء قفبئلصبلحو‬
‫كمن رد من مطبعة (كذا ) فبل مرد لو "‪. 530‬‬

‫كتاب ضميمة الوحي الذم ألفو القادايين مليء ابلَبىات الٍب زعم أهنا كحي هللا كإ‪٥‬بامو ‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫‪ٙ‬بدل الغبلـ القادايين أف أيٌب البؤر بصفحة من مثل كبلمو كرد على كل من قاؿ إنو سرؽ‬ ‫ذ‪-‬‬
‫من القرآف حيث يقوؿ ‪ " :‬أتقولوف سارؽ فأتوا بصفحات مسركقة كمثلها ُب التزاـ ا‪٢‬بق إف‬
‫كنتم تصدقوف "‪.531‬‬
‫ٍب ‪ٙ‬بدل الغبلـ أف أيٌب البشر ِبية من تلك اآلايت الٍب تلقاىا عن هللا بزعمو حيث يقوؿ‬ ‫ر‪-‬‬
‫‪" :‬كهللا لو اجتمع أك‪٥‬بم كآخرىم كخواصهم كعوامهم كرجا‪٥‬بم كنساؤىم ما استطاعوا أف أيتوا‬
‫ِبية كما نعطى من ربنا كلو كاف بعضهم لبعض ظهّبا " ‪.532‬‬

‫اثلثا‪ :‬دعواه أنو ادلسيح ادلوعود ‪:‬‬

‫بعد أف ادعى القادايين اإل‪٥‬باـ لو ‪ ،‬ادعى بعد ذلك أنو ىو ا‪٤‬بسيح ا‪٤‬بوعود حيث قاؿ ُب ضميمة الوحي‬
‫‪ " :‬كأتى ا‪٤‬بسيح ا‪٤‬بوعود مهاجرا أبمر هللا العبلـ ليظهر هللا ضياءه التاـ على األانـ بعد الظبلـ "‪.533‬‬

‫كقد كاف كزر ادعائو ىذا يعود إذل صديقو ا‪٢‬بكيم نور الدين الذم اقَبح عليو أف يدعي أنو ا‪٤‬بسيح‬
‫ا‪٤‬بوعود فرد عليو برسالة يظهر ُب تواضعو عن ذلك‪.534‬‬

‫‪529‬ضميمة الوحي ص ‪.11‬‬


‫‪530‬انظر لذلك‪ :‬كتاب الغبلـ براىْب أ‪ٞ‬بدية ‪ ،509/4 ،242 -239/3‬ص‪ ،556-554‬نقبلن عن القادايين‬
‫كالقاداينية ص‪.44-42‬‬
‫‪531‬ضميمة الوحي ص ‪10‬‬
‫‪532‬ضميمة الوحي ص ‪.24‬‬
‫‪ 533‬ضميمة الوحي ص ‪12‬‬
‫‪ 534‬انظر‪ :‬مكتوابت ا‪ٞ‬بدية ‪ 85/5‬نقبل عن القادايين كالقاداينية ص ‪52‬‬
‫‪200‬‬
‫كيظهر أف رده ىذا يعود إذل ‪٨‬بافتو من مغبة ىذه الدعول أك أنو يريد أف يستثبت آراء الناس أك أنو قيلت‬
‫لو قبل اختمارىا ُب ذىنو‪.‬‬

‫كإذل جانب صديقو نور الدين الذم بْب لو كيفية أتكيل النصوص لتوافق مبتغاه ‪ ،‬كاف لئل‪٪‬بليز أيضا دكر‬
‫ابرز ُب إضراـ ىذه الفكرة إلطفار نور اإلسبلـ من قلوب ا‪٤‬بسلمْب ‪ ،‬فاقتنع هبذه الفكرة كألف كتبو ُب‬
‫إثبات ادعائو ىذا ‪.‬‬

‫دور صديقو احلكيم نور الدين يف دفعو إىل األمام ‪:‬‬

‫كاف لصديقو نور الدين اليد العليا ُب ‪ٛ‬بهيد الصعاب لو كإبراز القضااي ا‪٣‬بطّب كحلها كتوجيهها ‪ ،‬من‬
‫ذلك أتكيل لفظ دمشق الوارد ُب صحيح مسلم أف ا‪٤‬بسيح يتنزؿ فيها ‪ ،‬حيث أك‪٥‬با أبهنا ليست دمشق‬
‫ا‪٤‬بعركفة كلكن ا‪٤‬براد هبا قرية يسكنها رجاؿ طبيعتهم يزيدية – أم قادايف ‪ -‬فاتفقت ُب الوصف مع‬
‫دمشق الشاـ حيث يقوؿ ‪ " :‬كإنو ‪٤‬با كانت قرية قادايف شبيهة بدمشق أنزلِب فيها ألمر عظيم أم قادايف‬
‫– بطرُب شرقي عند ا‪٤‬بنارة البيضاء من ا‪٤‬بسجد "‪ 535‬أم مسجده ُب قادايف الذم بناه ‪.‬‬

‫أتويل الرداء األصفرين‪:‬‬

‫سار القادايين على نفس منهج الباطنية ُب أتكيل نصوص كثّبة بتأكيبلت ابطنية ‪ ،‬فمن ذلك أتكيلو‬
‫‪٢‬بديث نزكؿ ا‪٤‬بسحيوأنو ينزؿ كعليو رداءاف أصفراف ‪ ،‬فأك‪٥‬بما القادايين أبهنما ا‪٤‬برضاف اللذاف كاان يبلزمانو‬
‫كىو الصداع الشديد كالدكار الذم ُب مقدـ رأسو ‪ ،‬ككثرة البوؿ الناتج عن السكر الذم أصابو‪ 536‬كمن‬
‫أبرز أتكيبلتو للنصوص الٍب أك‪٥‬با ُب ا‪٤‬بسيح ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬سخر من األحاديث الٍب تنص على نزكؿ ا‪٤‬بسيح كزعم أف ما ألقي على دمحم علما إ‪ٝ‬باليا بشأف‬
‫ا‪٤‬بسيح‪.‬‬
‫‪ -2‬قرر أف قرب ا‪٤‬بسيح موجود ُب كشمّب‪.‬‬

‫‪ 535‬ماىي القاداينية ص ‪ 40-38‬كالقادايين كالقاداينية ص ‪58‬‬


‫‪ 536‬انظر‪ :‬براىْب ا‪ٞ‬بدية ص ‪ 201‬كسّبة ا‪٤‬بهدم ‪ 238/2‬عن القاداينية دراسة ك‪ٙ‬بليل‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫‪ -3‬أنو ادعى أنو مثل ا‪٤‬بسيح كليس نبيا ‪ٍ ،‬ب ادعى أنو ىو ا‪٤‬بسيح كأمو أيضا ‪ ،‬حيث زعم أف كلمة‬
‫مرًن تعِب حالة ككضعا خاصا من أكضاع ا‪٤‬بؤمنْب ُب مرحلة من مراحل حياهتم ٍب ينتقلوف إذل‬
‫العيسوية‪ ، 537‬كىذا من أتكيبلتو الباطينة ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ادعاؤه النبوة ‪:‬‬

‫ادعى القادايين النبوة ُب مرحلتو األخّبة من مراحل تدرجو إذل مقاـ النبوة ‪ ،‬حيث صاؿ كجاؿ كراىن‬
‫على صدؽ نبوتو كصدؽ نفسو أف نيب ‪ ،‬آمبل ُب أف يتحوؿ ا‪٤‬بسلموف إذل القاداينية كتصبح قادايف‬
‫مهول أفئدهتم بدال من مكة ‪ ،‬كعندما ادعى النبوة زعم أف هللا أسند إليو مهمات منها ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬زعم أنو جاء ليجدد الدين كيكسر الصليب كيطفي انر النصرانية كأنو ىو ا‪٤‬بسيح حيث يقوؿ ‪:‬‬
‫" أان على بصّبة من رب كىاب بعثِب هللا على رأس ا‪٤‬بائة ألجدد الدين كأنور كجو ا‪٤‬بلة كأكسر‬
‫الصليب كأطفيء انر النصرانية كأقيم سنة خّب الربية كألصلح ما فسد كأركج ماكسد كأان‬
‫ا‪٤‬بسيح ا‪٤‬بوعود كا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بعهود من هللا علي ابلوحي كاإل‪٥‬باـ ككلمِب كما كلم رسلو الكراـ‬
‫"‪.538‬‬
‫‪ -2‬زعم أف النبوة جاءتو على كره منو حيث يقوؿ ‪ " :‬فأخرجِب هللا من حجرٌب كعرفِب ُب الناس‬
‫كأف أكره من شهرٌب كجعلِب خليفة آلخر الزماف "‪ 539‬كىذا خبلؼ فرح األنبياء بتكليم هللا ‪٥‬بم‬
‫أك ابصطفائهم‪.‬‬
‫‪ -3‬تدرج ُب دعواه النبوة من الكبلـ عن اإل‪٥‬باـ كالعلم الباطِب كالعلم اليقيِب كمنزلة طبيعية يصل‬
‫إليها اإلنساف بلزكـ متابعة متابعة النيب كاالضمحبلؿ فيو على طريقة الصوفية‪ ،‬فتدرج إذل القوؿ‬
‫بنبوتو كقد كقع ىذا عاـ ‪1900‬ـ حيث ألقى إماـ مسجده كيسمى عبد الكرًن خطبة زعم‬
‫فيها نبوة القادايين فاندىش ا‪٤‬بصلوف الذين دل يكونوا يعلنموف عنو إال أنو منافح عن اإلسبلـ‬
‫ضد خصومو ‪ ،‬فعاد عبد الكرٲبوألقى خطبة اثنية قاؿ فيها بعد أف التفت إذل الغبلـ ‪ " :‬أان‬
‫أعتقد أنك نيب كرسوؿ فإف كنت ‪٨‬بطئا نبهِب على ذلك " ‪.‬‬

‫‪ 537‬انظر‪ :‬إزالة أكىاـ ص ‪190‬كص‪ ، 659‬ماىي القاداينية ص ‪41‬‬


‫‪ 538‬ضميمة الوحي ص‪22‬‬
‫‪ 539‬خا‪ٛ‬بة رسالتو ضميمة الوحي ص‪86‬‬
‫‪202‬‬
‫ك‪٤‬با قضيت الصبلة حصل بْب ا‪٤‬بصلْب ارتفاع النقاش كا‪١‬بداؿ ‪ ،‬فخرج عليهم القادايين كىو يقوؿ ‪:‬‬
‫" اي أيها الذين آمنوا ال ترفقعوا أصواتكم فوؽ صوت النيب"‪.540‬‬

‫‪ -4‬بعد أف ادعى النبوة تدرج ُب التلطف مع ‪٨‬بالفيو إذل أف جاء ا‪٢‬بكم األخّب عليهم ابلكفر كالنار‬
‫حيث زعم أف الوحي نزؿ عليو يقوؿ ‪ " :‬كل رجل ال يتعبك كال يدخل ُب بيعتك كيبقى ‪٨‬بالفا‬
‫لك ىو عاص هلل كرسولو كىو من أصحاب النار "‪.541‬‬

‫ادلبحث السادس‪:‬‬

‫نبوءات الغالم ادلتنيب وادعاؤه تفضيل نفسو على األنبياء‬

‫ادلطلب األول ‪:‬‬

‫تنبؤات الغالم ادلتنيب‬

‫ظن الغبلـ أنو ٗبجرد إخباره اب‪٤‬بغيبات تثبت نبوتو ‪ ،‬كتناسى مصداؽ ما يقع ‪٩‬با ٱبرب بو النيب على كفق ما‬
‫أخرب ‪ ،‬كقد خانو ا‪٢‬بظ السعيد ُب أغلب أخباره ‪ ،‬فكانت نتائجو أتٌب سلبية كبعكس ماأخرب بو ‪ٛ‬باما‬
‫مرة بعد مرة ‪ ،‬كقد عاىن ٮبوما شديدة من ذلك ‪.‬‬

‫كتنبؤاتو كثّبة كمتنوعة بعضها يعود إذل حياتو الشخصية كبعضها إذل غّبه من الناس ‪ ،‬كبعضها إذل‬
‫األحواؿ الطبيعية كالتغّبات ا‪٤‬بستمرة ُب الكوف‪،‬كقد قاؿ ىو ُب بيانو لكثرهتا ‪" :‬كإهنا أنباء كثّبة منها ما‬
‫ذكران كمنها ما دل نذكر ككفى ىذا القدر لؤلتقياء"‪.542‬‬

‫كمن األمثلة الكثّبة على كذب إ‪٥‬باماتو الٍب ادعى ‪ٙ‬بقيقها كتوعد من ٱبالف كل إ‪٥‬باـ بقولو ‪ " :‬إف دل‬
‫يتحقق ىذا النبأ فأكوف أخبث ا‪٣‬ببثاء أيها ا‪٢‬بمقى "‪ 543‬كمن األمثلى على ذلك ما يلي‪:‬‬

‫‪٧ 540‬باضرة السيد سركر شاه القاداينية – صحيفة الفضل القاداينية عدد(‪٦ )51‬بلد ‪ 410‬يناير ‪1923‬ـ ‪ ،‬القادايين‬
‫كالقاداينية ص ‪ ، 67-66‬كاآلية من سورة ا‪٢‬بجرات ص‪2‬‬
‫‪ 541‬حجة هللا ‪٧ :‬باضرة للمّبزا ألقاىا ُب الىور‪ ،‬منقولة من كتاب النبوة ُب اإلسبلـ حملمد علي البلىورم ص ‪،214‬‬
‫ماىي القاداينية؟‪.‬‬
‫‪ 542‬ضميمة الوحي ص‪5‬‬
‫‪203‬‬
‫‪ -1‬قصة غرامو المرأة تسمة دمحمم بيكم ‪ ،‬حيث ادعى أف الوحيأخربه أ٭بو سوؼ يتزكجها كزعم‬
‫أهنبلبد من ‪ٙ‬بقيق ذلك ‪ ،‬كأف من يتزكجها البد كأف ٲبوت خبلؿ سنتْب ‪ ،‬فرفض كالدىا تزكٯبو‬
‫إايىا كتزكجت رجبل آخر كأ‪٪‬ببت أبناء كدل يتحقق ما ذكر‪.‬‬
‫‪ -2‬كثّب ما يتنبأ الغبلـ ٗبوت ‪٨‬بالفيو حيث ٰبدد ا‪٤‬بدة بقوؿ سيموت بعد كذا ككذا ‪ ،‬فينعكس‬
‫ا‪٢‬باؿ ‪ٛ‬باما ‪ ،‬كمن األمثلة على ذلك ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تنبؤه ٗبوت رجل نصراين ا‪٠‬بو عبد هللا آٍب ‪ ،‬بعد فوز النصراين عليو بعد مناظرات جرت‬
‫بينهما ‪ ،‬حيث حدد مدة موتو بعد ‪ٟ‬بسة أشهر من ‪ 5‬مايو عاـ ‪1893‬ـ ‪ ،‬حيث قاؿ ‪:‬‬
‫" كإف دل يتحقق ذلك فأكوف مستعدا لكل جزاء يسود كجهي كأذلل كٯبعل ُب جيدم‬
‫حبل كأشنق ‪ ،‬كأان أقسم ابهلل العظيم أنو يقع ما قلت كال بد لو أف يقع " ك‪٤‬با دل ٲبت‬
‫النصراين ادعى ىو أتباعو أف النصراين رجع كاتب‪. 544‬‬
‫تنبؤه عن رجل ا‪٠‬بو عبد ا‪٢‬بيكم من ا‪٤‬بسلمْب بعد مناظرة جرت بينهما حيث زعم أف‬ ‫ب‪-‬‬
‫عبد ا‪٢‬بكيم سيموت قريبا‪ ، 545‬فلم ٲبت بل عاش حٌب بعد كفاة القادايين‪.‬‬
‫زعم موت الشيخ ثناء هللا األمر تسرم بعد كقوؼ الشيخ ضده ‪ ،‬فدعى على الكاذب‬ ‫ت‪-‬‬
‫أف ٲبوت ُب حياة الصادؽ ٗبوت الكولّبا فأمات هللا القادايين ُب زمن الشيخ ر‪ٞ‬بو هللا‪.546‬‬
‫إخباره أبف زكجتو تلد كلدا ‪ٝ‬بيبل فتلد أنثى كحدث ىذا مرارا‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫ج‪ -‬تنبأ أبف الطاعوف ال يدخل قادايان ماداـ ىو فيها‪ ،‬كلكن دخل الطاعوف كفتك بو كمات‬
‫ىو ابلطاعوف‪. 547‬‬
‫ح‪ -‬تنبؤه ألحد أتباعو كيسمى منظور دمحم أف زكجتو ستلد كلدا مباركا كالنتيجة كلدت بنتا ٍب دل‬
‫تلد حٌب ماتت‪. 548‬‬

‫‪ 543‬ضميمة إ‪٪‬باد آٍب للغبلـ ص ‪. 54‬نقبلعن القاداينية إلحساف إ‪٥‬بي ظهّب‪.‬‬


‫‪ 544‬ا‪٢‬برب ا‪٤‬بقدسة ص‪ 188‬عن القادايين كالقاداينية‪.‬‬
‫‪ 545‬انظر‪ :‬القاداينية إلحساف إ‪٥‬بي ظهّب ص ‪185‬‬
‫‪ 546‬انظر‪ :‬القاداينية ص ‪195-154‬‬
‫‪ 547‬انظر‪ :‬ضميمة الوحي ص‪ 9‬كص ‪19‬‬
‫‪ 548‬انظر‪٦ :‬بلة الفضل سنة ‪1906‬ـ ص ‪ ،122‬ماىي القاداينية‪.‬‬
‫‪204‬‬
‫خ‪ -‬تنبؤه أبف هللا أكحى إليو أف سيتزكج بعد سنة ‪1886‬ـ نساء ذكات بركة كخّب ينجنب أكالدا‬
‫صا‪٢‬بْب ‪549‬كالنتيجة أنو مات قبل ىذا التاريخ‪.‬‬
‫د‪ -‬تنبؤه ‪٤‬بولود ا‪٠‬بو مبارؾ أ‪ٞ‬بد سيكوف لو شهرة عا‪٤‬بية كيكوف أفضل العا‪٤‬بْب كالنتيجة أف كلده‬
‫مات كعمره ‪ٜ‬باف سنْب‪. 550‬‬

‫كرغم كل ما يقع للقادايين من حرج نتيجة كذب تنبؤاتو كادعاءاتو إال أنو دل يتعض بل كاف يشفع الكذب‬
‫بكذبة أخرل كٯبمع ا‪٤‬بربرات تلو ا‪٤‬بربرات ُب حاؿ عدـ كقوع ما تنبأ بو‪ ،‬ككاف أتباعو كالبهائم الٍب تساؽ‬
‫خلف الراعي حيث دل يراتبوا ُب تنبؤاتو الكثّبة الٍب كذب هللا فيها الغبلـ‪.‬‬

‫ادلطلب الثاين‪:‬‬

‫غلوه وتفضيل نفسو على األنبياء‬

‫دل يقتصر ا‪٤‬بّبزا على التنبؤ بل ‪ٞ‬بلو غركره على ذكر أمور جعلها لب دعوتو الساقطة كىي كما يلي‪:‬‬

‫أنو فضل نفسو على أكثر األنبياء كا‪٤‬برسلْب‪ ،‬كانو ه‪ٝ‬بع لو ماتفرؽ ُب أنبياء كثّبين‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫يقوؿ القادايين‪ " :‬لقد أرد هللا أف يتمثل ‪ٝ‬بيع األنبياء كا‪٤‬برسلْب ُب شخص رجل كاحد من العا‪٤‬بْب "‪،551‬‬
‫كزعم أنو ىو ذلك الشخص ‪.‬‬

‫كلو نصوص كثّبة ُب تفضيلو نفسو على سائر البشر ‪ ،‬بل أفضل من أكرل العزـ من الرسل ‪ ،‬كقد نقل‬
‫ذلك أحد أتباعو كىو خليفتو الثاين ا‪٤‬بّبزا بشّب الدين ‪٧‬بمود حينما يقوؿ ‪ " :‬إف غبلـ أ‪ٞ‬بد أفضل من‬
‫‪552‬‬
‫بعض أكرل العزـ من الرسل "‬

‫ك‪٩‬با يربز اداعاءاتو تلك ما يلي‪:‬‬

‫أنو فضل نفسو على ‪ٝ‬بيع أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ابتداء ابلصحابة الكراـ فمن بعدىم ‪ ،‬دل يستثن‬ ‫ب‪-‬‬
‫أحدان منهم‪ ،‬فقد أداه الغركر إذل أف يقوؿ ‪" :‬ال شك أنو كلد ُب أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص آالؼ من‬
‫األكلياء كاألصفياء كلكن ما كاف أحد مثلي"‪.‬‬

‫‪ 549‬انظر‪ :‬تبليغ رسالة ‪ ، 85/1‬ماىي القاداينية‪.‬‬


‫‪ 550‬انظر‪ :‬ترايؽ القلوب ص ‪ ، 43‬ماىي القاداينية‪.‬‬
‫‪ 551‬آئينة كماالت إسبلـ ص‪90‬‬
‫‪ 552‬حقيقة النبوة للمّبزا بشّب الدين ‪٧‬بمود ص ‪257‬‬
‫‪205‬‬
‫كقد تطاكؿ أحد أقرابء الغبلـ كقاؿ ُب جرأة شريرة‪ " :‬أين أبو بكر كعمر من غبلـ أ‪ٞ‬بد‪ ،‬إهنما‬
‫ال يستحقاف أف ٰبمبل نعليو"‪. 553‬‬
‫ٍب ادعى الغبلـ أنو عْب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪" :‬من فرؽ بيِب كبْب ا‪٤‬بصطفى فما عرفٍت وما‬ ‫ح‪-‬‬
‫رأى"‪.554‬‬
‫ادعى كذلك أنو مظهر "لكرشنا" كأنو برز فيو ك٘بلى ‪ ،‬ككرشنا ىو إلو من آ‪٥‬بة ا‪٥‬بندكس ‪،‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫كيبدك من قولو ىذا أنو أراد التقرب من ا‪٥‬بندكس كجذهبم إليو‪. 555‬‬
‫ٍب ادعى أنو ابن هللا كأف هللا أ‪٥‬بمو‪" :‬أنت مِب ٗبنزلة أكالدم"‪ ،‬كخاطبو هللا مرة بقولو‪" :‬ا‪٠‬بع‬ ‫د‪-‬‬
‫اي كلدم "‪. 556‬‬
‫يرل أبف مدحو لنفسو من األمور ا‪١‬بيدة‪ ،‬فقاؿ يصف شخصو كيقارف بينو كبْب األماكن‬ ‫ذ‪-‬‬
‫ا‪٤‬بقدسة‪" :‬كإين كهللا ُب ىذا األمر كعبة احملتاج‪ ،‬كما أف ُب مكة كعبة ا‪٢‬بجاج‪ ،‬كإين أان‬
‫ا‪٢‬بجر األسود الذم كضع لو القبوؿ ُب األرض كالناس ٗبسو يتربكوف"‪.557‬‬

‫كىذه اإل‪٥‬بامات كالكشوؼ كالوحي الذم ادعاه ُب أقوالو السابقة إ٭با تدؿ على جهلو ا‪٤‬بطبق كجهل‬
‫أتباعو‪ ،‬كعدـ معرفة الغبلـ قدر األنبياء العظيم الذم ال يصل إليو أحد غّبىم‪ ،‬كتدؿ كذلك على عدـ‬
‫معرفتو بنفسو أيضان ‪ ،‬كتعاذل هللا عن ىذا ا‪٤‬بعتقد ا‪١‬باىلي فإف هللا تعاذل دل يلد كدل يولد كدل يكن لو كفوان‬
‫ات ىك ٍاأل ٍىر ًضًإال ًآٌب الر ٍ‪ٞ‬بى ًن ىعٍبدان {‪ }93‬لىىق ٍد‬ ‫أحد‪ ،‬فهو منزه عن الصاحبة كالولد‪{ :‬إًف يكل من ًُب السماك ً‬
‫ىى‬ ‫ى‬
‫اى ٍم ىك ىعد يى ٍم ىع ٌدان {‪ }94‬ىكيكل يه ٍم آتً ًيو يػى ٍوىـ الٍ ًقيى ىام ًة فىػ ٍردان}سورة مرًن آية ‪95-93‬بل ىو قوؿ عظيم‬ ‫صي‬‫ىح ى‬
‫أٍ‬
‫اؿ ىى ٌدان أىف ىد ىع ٍوا لًلر ٍ‪ٞ‬بى ًن ىكلىدان}سورة مرًن‬
‫ا‪١‬بًبى ي‬
‫ض ىكىً‪ٚ‬بر ٍ‬ ‫ات يػىتىػ ىفط ٍر ىف ًمٍنوي ىكتى ى‬
‫نشق ٍاأل ٍىر ي‬ ‫اد الس ىم ىاك ي‬
‫جدان‪{ :‬تى ىك ي‬
‫آية‪.9‬‬
‫كلقد أخرب هللا أف كل من نسب إذل الر‪ٞ‬بن كلدان فإنو كاذب‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪{ :‬أىىال إًنػ يهم ًٌم ٍن إًفٍ ًك ًه ٍم‬
‫لىيىػ يقوليو ىف ىكلى ىد اَّللي ىكإًنػ يه ٍم لى ىك ًاذبيو ىف}سورة الصافات آية ‪.51‬‬

‫‪ 553‬ا‪٤‬بهدم حملمد حسْب القادايين ص‪ 57‬رقم ‪304‬‬


‫‪ 554‬جريدة الفضل ‪17‬يونيو سنة ‪1915‬ـ‪.‬‬
‫‪٧ 555‬باضرات ا‪٤‬بّبزا ُب سيالكوت ُب ‪1904/11/2‬ـ ص ‪34‬‬
‫‪ 556‬البشرل ‪49/1‬‬
‫‪ 557‬ضميمة الوحي ص ‪"45‬مَبجم"‬
‫‪206‬‬
‫كمن الغريب حقان أف القاداينيْب حينما يزعموف أك يزعم الغبلـ لنفسو أف لو ىذا الفضل الذم ال‬
‫حد لو أيىب هللا إال أف يظهره على حقيقتو‪ ،‬فإذا بو يوصف أبنو كاف سكّبان عربيدان ٰبب األفيوف حبان‬
‫شديدان حٌب جعلو ُب شريعتو نصف الطب‪ ،‬يقوؿ عنو ابنو ‪٧‬بمود أ‪ٞ‬بد‪(( :‬إف األفيوف يستعمل ُب‬
‫األدكية كثّبان حٌب كاف أيب يقوؿ‪ :‬إف األفيوف نصف الطب)) ‪ٍ ،‬ب يقوؿ ‪٧‬بمود عن ‪ٙ‬بليلو‪" :‬كلذا‬
‫استعمالو للتداكم ٯبوز‪ ،‬كال أبس بو"‬
‫كيذكر كذلك أف كالده صنع من األفيوف دكاءن إ‪٥‬بيان إب‪٥‬باـ منو عز كجل‪ ،‬فقاؿ بعد كبلمو السابق‪:‬‬
‫((كأنو صنع دكاء ابسم ترايؽ إ‪٥‬بي هبدل هللا كأعينو‪ ،‬ككاف ا‪١‬بزء األكرب ُب ىذا الدكاء األفيوف‪ ،‬ككاف‬
‫يعطي ىذا الدكاء ‪٣‬بليفتو األكؿ نور الدين‪ ،‬كما كاف يستعملو ىو أيضان حينان بعد حْب ‪٤‬بختلف‬
‫‪558‬‬
‫األمراض))‬
‫ككاف الغبلـ يشَبم ‪ٟ‬بران خاصان أيٌب من بريطانيا يسمى كائن؛ ىو أقول ا‪٤‬بسكرات فكيف ساغ ‪٥‬بذا‬
‫ا‪٢‬بشاش‪-‬كما ‪٠‬باه إحساف إ‪٥‬بي ر‪ٞ‬بو هللا‪ -‬أف يفضل نفسو على آدـ كاألنبياء كا‪٤‬برسلْب ك‪ٝ‬بيع أمة‬
‫دمحم ملسو هيلع هللا ىلص!؟ ‪.‬‬

‫ادلبحث السابع ‪:‬‬

‫أىم عقائد القاداينية‬

‫لقد ‪ٚ‬ببط القادايين كأتباعو ُب متاىات عديدة كجاءكا أبفكار شاذة غريبة‪ ،‬كتناقضوا ُب أقوا‪٥‬بم كأفعا‪٥‬بم‪.‬‬
‫كمن األمور الٍب تظهر ُب معتقدات زعيمهم القادايين مبادئ كثّبة ننبو إذل أٮبها إبٯباز فيما يلي‪:‬‬

‫التناسخ واحللول‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫اعتقد القاداينيوف فكرة التناسخ كا‪٢‬بلوؿ‪ ،‬كأف األنبياء تتناسخ أركاحهم كتتقمص ركح‬
‫ً‬
‫بعض ًهم كحقي ىقتيو ىج ىسد كحقي ىق ىة آخرين‪ ،‬كتظهر ُب مظهر ا‪١‬بسد اآلخر ‪ٛ‬بامان‪ ،‬كقد قاؿ هبذا‬
‫ليصل إذل تثبيت بعثتو كنبوتو‪.‬‬

‫كمن ىنا قرر أف دمحم عليو الصبلة كالسبلـ ىو إبراىيم بعادتو كفطرتو ‪،‬كلد ُب بيت عبد هللا بن عبد‬
‫ا‪٤‬بطلب ‪ ،‬كمثل ىذه الوالدة حصلت لعيسى حينما ظهر ٗبظهر القادايين ‪.‬‬

‫‪ 558‬انظر‪ :‬مكتوب اإلماـ ابسم الغبلـ ‪ ،‬للطبيب دمحم حسْب القادايين ص‪ 5‬كمقاؿ ‪٧‬بمود أ‪ٞ‬بد ُب جريدة الفضل ‪19‬‬
‫يونيو سنة ‪1929‬ـ‪.‬‬
‫‪207‬‬
‫كقد قاؿ بتجلي ا‪٢‬بقيقة احملمدية "ُب مئات الناس ككانوا يسموف عند هللا بطريق الظل دمحما كأ‪ٞ‬بد "‬
‫‪559‬‬

‫كأتثره بعقيدة التناسخ كاف لسببْب ‪:‬‬

‫أحدٮبا‪ :‬ىو بعده عن الدين كجهلو ‪٤‬بصّب الركح بعد ا‪٤‬بوت ‪.‬‬

‫كالثاين‪ :‬ىو ‪٦‬باكرتو للهندكس كأتثره هبم ‪.‬‬

‫كلذلك أتثر بعقيدة التناسخ ‪ ،‬بل األدىى من ذلك حينما ادعى حلوؿ هللا فيو حيث قاؿ‪ ":‬إف هللا‬
‫‪560‬‬
‫ُب كأان كاسطة بينو كبْب ا‪٤‬بخلوقات كلها"‬
‫أنزؿ ٌ‬
‫التشبيو ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫للقادايين أقواؿ كفرية ُب كصف هللا تعاذل ‪ ،‬فهو يزعم أف هللا " يصلي كيصوـ كيصحو كيناـ كأنو ٱبطي‬
‫كيصيب" ‪.‬‬

‫يقوؿ القادايين ‪ " :‬قارل رل هللا ‪ :‬إنِب أصلي كأصوـ كأصحو كأانـ"‪561‬ككاف يزعم أنو يقدـ أكراقا إذل هللا‬
‫ليوقع عليها ‪ ،‬ككاف يوقع عليها بقلم أ‪ٞ‬بر‪ ،562‬ككاف يصف هللا مثل األخطبوط أبف لو أايد كأرجل كثّبة‬
‫كأعضاء بكثر ال تعد كال ‪ٙ‬بصى‪ 563‬كغّبىا من أقوالو ُب الزيغ كالضبلؿ ‪.‬‬

‫‪ 559‬انظر‪ :‬آئينة كماالت إسبلـ ص ‪346‬ككتاب الربية للميزا غبلـ‪ ،‬ص‪75‬‬


‫‪ 560‬كتاب رب الربية للغبلـ ص‪57‬‬
‫‪ 561‬البشرل للقادايين ‪97/2‬‬
‫‪ 562‬انظر‪ :‬ترايؽ القلوب للمّبزا غبلمص‪33‬‬
‫‪ 563‬انظر‪ :‬توضيح ا‪٤‬براـ للمّبزا غبلـ ‪ ،‬ص‪57‬‬
‫‪208‬‬
‫ادلبحث الثامن‪:‬‬

‫عالقة القاداينية ابإلسالم وابلسلمُت وعالقتهم بغَت ادلسلمُت‬

‫وموقف علماء اذلند وابكستان منهم ‪.‬‬

‫أكال‪ :‬عبلقتهم ابإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب‪:‬‬

‫ابتعد القادايين عن اإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب كزا‪ٞ‬بت القاداينية اإلسبلـ‪ ،‬كأرادت أف ‪ٙ‬بل ‪٧‬بلو ُب‬ ‫أ‪-‬‬
‫العقيدة كالفكر كالعاطفة‪.‬‬
‫ٯبعلوف القادايين كالرسوؿ دمحم كأصحاب الغبلـ كأصحاب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كيعقدكف بينهما‬ ‫ب‪-‬‬
‫ا‪٤‬بقارانت‪ ،‬فقد جاء ُب صحيفة الفضل القاداينية ‪ " :‬دل يكن فرؽ بْب أصحاب النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص كتبلميذ ا‪٤‬بّبزا غبلمأ‪ٞ‬بد"‪.564‬‬
‫جعلوا ا‪٢‬بج األكرب زايرة قادايف كقرب القادايين‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫ا‪٤‬بسجد األقصى عندىم ىو قادايف ‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫اخَبعوا أشهرا غّب األشهر اإلسبلمية كىي ‪ " :‬الصلح ‪ ،‬التبليغ ‪ ،‬األماف ‪ ،‬الشهادة ‪،‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫ا‪٥‬بجرة ‪ ،‬اإلحساف ‪ ،‬الوفاء ‪ ،‬الظهور ‪ ،‬تبوؾ ‪ ،‬اإلخاء ‪ ،‬النبوءة ‪ ،‬الفتح" ‪.‬‬

‫كنتيجة لذلك عاملوا ا‪٤‬بسلمْب على أسس قرركىا كىي كاآلٌب ‪:‬‬

‫‪ -1‬أف ا‪٤‬بسلمْب كفار إال إذا دخلوا القااينية‪.‬‬


‫‪ -2‬إذا مات ا‪٤‬بسلم فبل ٯبوز للقادايين الصبلة عليو كال دفنو ُب مقابرىم‪.‬‬
‫‪ -3‬ال ٯبوز نكاح ا‪٤‬بسلم ابلقاداينية كٯبوز للقادايين نكاح ا‪٤‬بسلمة‪.‬‬
‫‪ -4‬التصح الصبلة خلف غّب القادايين مهما كانت منزلتو كإذا فعل ذلك تقية فعليو إعادة الصبلة‪.‬‬
‫‪ -5‬الٯبوز حضور اجتماعات ا‪٤‬بسلمْب كأفراحهم أك أتراحهم‪.‬‬
‫‪ -6‬ال٘بوز الصبلة على من يصلي من القاداينيْب خلف ا‪٤‬بسلمْب أك يتعامل معهم‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬عبلقتهم بغّب ا‪٤‬بسلمْب ‪:‬‬

‫‪ 564‬انظر‪ :‬جر يدة الفضل عدد_‪ 28 )92‬مايو سنة ‪1918‬ـ‪.‬‬


‫‪209‬‬
‫‪ -1‬قامت بْب القاداينيْب كبْب الدكلة ا‪٤‬بعادية لئلسبلـ عبلقات قوية خصوصا بريطانيا كإسرائيل ‪،‬‬
‫كقد أعطتهم إسرائيل أمكنة لفتح مراكز كمدارس كأغدقت عليهم األمواؿ‪.‬‬
‫‪ -2‬رحب القوميوف من ا‪٥‬بنود ابلقاداينية كفرحوا هبا ك‪ٙ‬بمسوا ‪٥‬با ‪ ،‬كذلك ألف ىؤالء ا‪٥‬بندكس‬
‫ٰبقدكف على اإلسبلـ كحقد اليهود كالنصارل ‪ ،‬فرأكا أف توجو الناس إذل قادايف انتصارا للقومية‬
‫ا‪٥‬بندية على اإلسبلـ األجنيب عن ببلدىم ‪ ،‬يقوؿ الكاتب ا‪٥‬بندكسي د‪ /‬شنكر داس مهرا ‪" :‬‬
‫إف ا‪٤‬بسلمْب ا‪٥‬بنود يعتربكف أنفسهم أمة منفصلة متميزة كال يزالوف يتغنوف بببلد العرب كٰبنوف ‪٥‬با‬
‫‪ ...‬كُب ىذا اليأس يظهر شعاع النور ‪ ..‬كىي حركة األ‪ٞ‬بديْب" يعِب القاداينيْب‪.‬‬

‫ك‪٩‬با يوضح ذلك ما حصل من دفاع رئيبس كزراء ا‪٥‬بند آنذاؾ جواىر الؿ هنرك ‪ ،‬فقد كقف مدافعا‬
‫عن القاداينية كقاؿ ‪٤ " :‬باذا يلح ا‪٤‬بسلموف على فصل القاداينية عن اإلسبلـ ‪ ،‬كىي طائفة من‬
‫طوائف ا‪٤‬بسلمْب الكثّبة "‪.‬‬

‫فأجابو الدكتور دمحم إقباؿ ‪ .. " :‬إهنا أشد خطرا على ا‪٢‬بياة اإلجتماعية اإلسبلمية ُب ا‪٥‬بند من‬
‫عقائد " أسفنورا" الفيلسوؼ الثائر على نظاـ اليهود " ‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬موقف علنماء اذلند ويباكستان من القاداينية‪:‬‬

‫من ا‪١‬بدير ابلذكر أف لعلماء ا‪٥‬بند كابكستاف مواقف مشرفة ُب الدفاع عن اإلسبلـ من القاداينية‬
‫كبياف خططهم ك‪٧‬باكلة دحرىا ‪ ،‬كمن تلك ا‪١‬بهود ما قررتو ‪٧‬بكمة ابكستاف بشأف فرقة القاداينية ‪،‬‬
‫فقد صدر كتااب مَب‪ٝ‬با من األردية إذل العربية ‪ ،‬بتعريب األستاذ دمحم بشّب ابسم ‪ :‬احملكمة الشرعية‬
‫الفيدرالية ٯبمهورية ابكستاف اإلسبلمية تقرر ‪ :‬القاداينية فئة كافرة "‬

‫ككانت ىذا احملكمة مؤلفة من سيادة القاضي فخر عادل ‪ ،‬رئيس القضاة ‪ ،‬كالقاضي شودرم دمحمج‬
‫صديق ‪ ،‬كالقاضي ملك غبلـ علي‪ ،‬كالقاضي عبد القدكس القا‪٠‬بي ‪ ،‬كأصدرت قرارات تعاقب كل‬
‫من مس شعائر ا‪٤‬بسلمْب أبذل من فرقة القاداينية ‪ ،‬منها معاقبة ابلسجن سبع سنْب لكل من أظهر‬
‫طريقة النداء للعقائد القاداينية أبم طريقة ‪ ،‬كمنها السجن ثبلث سنوات ألم تعبّب يشعر بتدنيس‬
‫اسم من أ‪٠‬باء أزكاج النيب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬كغّبىا من العقوابت كاألحكاـ ُب ‪ 188‬صفحة ‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫ادلبحث التاسع‪:‬‬

‫أسباب انتشار القاداينية‬

‫إف البشر ليسوا على درجة كاحدة من الفهم كالذكاء كال قوة اإلٲباف كضعفو ‪ ،‬ك‪٥‬بذا فكل صائح لو‬
‫صدل ‪ ،‬ككل داع ٯبد لو أتباعا ‪ .‬كالقاداينية كدعوهتا الشريرة كجدت لو من يتقبلها ‪ ،‬كٲبكن أف نوجز‬
‫أىم تلك األسباب الٍب أدت لقبوؿ دعوهتم فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬جهل كثّب من ا‪٤‬بسلمْب ٕبيقة دينهم ‪.‬‬


‫‪ -2‬كقوؼ االستعمار إذل جانب ىذه الدعوة ا‪٣‬ببيثة أتييدا ‪٥‬با ماداي كمنواي ‪.‬‬
‫‪ -3‬استغبلؿ القاداينيْب لبعض فقراء ا‪٤‬بسلمْب ٗبساعدهتم لبناء ا‪٤‬بساجد كا‪٤‬بدارس كا‪٤‬بستشفيات‬
‫كتوزيع الكتب كغّب ذلك ‪.‬‬
‫‪ -4‬نشاط القاداينيْب كذىاهبم إذل األماكن النائية من بلداف ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬
‫‪ٛ -5‬بويو القادايين على سذج ا‪٤‬بسلمْب أبف القاداينية كاإلسبلـ شيء كاحد ‪.‬‬
‫‪ -6‬عدـ قياـ ا‪٤‬بسلمْب ابلتوعية الكافية ضد القاداينية كغّبىا من الطوائف الضالة ‪.‬‬

‫ىي أىم األسباب كرٗبا توجد أسباب أخرل كثّبة ساعدت ُب نشر القاداينية ُب أماكن كثّبة من بلداف‬
‫ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫على أنو قد كجد بعد ذلك نوع من اليقظة اإلسبلمية ككجد علماء أكقفوا القاداينية عند حدىا ُب بعض‬
‫بلداف ا‪٤‬بسلمْب ‪.‬‬

‫كمع ذلك ‪ ،‬فقد فقد انتشرت القاداينية ُب ىذه األايـ كبدأت تستعيد أنفاسها ُب أماكن متفرقة من‬
‫العادل اإلسبلمي‪.‬‬

‫فقد انتشرت ُب أماكن متفرقة ُب إفريقيا كأكراب ‪ ،‬كقد عزل الشيخ إحساف ا‪٥‬بي ظهّب أىم تلك األسباب‬
‫الٍب أدت إذل انتشارىا ُب إفريقيا كما يلي ‪:‬‬

‫‪ o‬مساعدة اإلستعمار بشٌب أشكالو ُب نشرىا‪.‬‬


‫‪ o‬قلة كجود علماء مسلمْب حقيقيْب‪.‬‬
‫‪ o‬جهل أكثر ا‪٤‬بسلمْب ‪٢‬بقيقة القاداينية األصلية‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ o‬غفلة العادل اإلسبلمي عن إفريقيا‪.‬‬
‫‪ o‬كجود مئات ا‪٤‬ببلغْب القاداينيْب الذين يتجولوف ُب أ‪٫‬باء إفريقيا‪.‬‬
‫‪ o‬أقيمت ُب إفريقيا ‪ 47‬مدرسة ‪ ،‬كبنوا ‪ 260‬مسجدا قاداينيا‪. 565‬‬
‫‪ o‬فتحوا كثّبا من ا‪٤‬بستشفيات كدكر الرعاية االجتماعية‪.566‬‬

‫كمن أبرز نشاط القاداينية ُب إفريقيا كغّبىا من الدكؿ ُب ‪٦‬باؿ الصحافة فقط ما يلي‪:‬‬

‫‪٥‬بم ُب نيجّباي ‪٦‬بلة أسبوعية ابللغة اإل‪٪‬بليزية‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫ُب غاان ‪٦‬بلة شهرية ابللغة اإل‪٪‬بليزية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ُب سّباليوف ‪٦‬بلة شهرية ابللغة اإل‪٪‬بليزية‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫ُب كينيا ‪٦‬بلة كل ثبلثة أشهر ابللغة اإل‪٪‬بليزية‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫ُب شرؽ إفريقيا ‪٦‬بلة شهرية ابللغة السواحلية‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫ُب موريشيوس ‪٦‬بلة شهرية ابللغة الفرنسية كاإل‪٪‬بليزية‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬
‫ُب سّبليوف ‪٦‬بلة شهرية ابللغة اإل‪٪‬بليزية‪.‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫ُب إندكنيسيا ‪٦‬بلة شهرية ابللغة اإلندكنيسية‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫ُب إسرائيل ‪٦‬بلة شهرية ابللغة العربية‪.‬‬ ‫ذ‪-‬‬
‫ُب سويسرا ‪٦‬بلة شهرية ابللغة األ‪٤‬بانية‪.‬‬ ‫ر‪-‬‬
‫ُب لند٭بجلة شهرية ابللغة اإل‪٪‬بليزية ‪.‬‬ ‫ز‪-‬‬
‫ُب الد٭بارؾ ‪٦‬بلة شهرية ابللغة الدا٭بركية‪.‬‬ ‫س‪-‬‬

‫ابإلضافة إذل الكتب الكثّبة كا‪٤‬ببالغ الضخمة الٍب ترسلها دائما إذل بلداف كثّبة لنشر القاداينية‪.‬‬

‫كما بنوا ‪ 343‬مسجدا ُب أمريكا كىولندا كسويسرا كبورما كُب كثّب من بلداف العادل ‪ ،‬كجعلوا مساجدىم‬
‫مراكزا للتخطيط كحبك الدسائس على األمة اإلسبلمية ‪.‬‬

‫‪ 565‬لقد زاد عدد ا‪٤‬بساجد القاداينية إذل أكثر من ىذا العدد كما ذكر النجرامي ُب كتابو أابطيل القاداينية ُب ا‪٤‬بيزاف ص‬
‫‪105‬‬
‫‪ 566‬انظر‪ :‬القاداينية دراسة ك‪ٙ‬بليل ص ‪ 15‬كلعل ىذه األرقاـ الٍب ذكرىا ىي ُب كقتو‪ ،‬كرٗبا زادت ُب عصران ا‪٢‬باضر‬
‫زايدات ال يعلمها إال هللا كمنها ظاىر كمنها خفي‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫ادلبحث العاشر‪:‬‬

‫وفاة القادايين وأبرز زعماء القاداينية بعده‬

‫وفاة القادايين‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫كقعت عاـ ‪1907‬ـ بْب القادايين كبْب العبلمة ثناء األمر تسرم مناظرات خرج الغبلـ منها مدحورا ‪،‬‬
‫فدعا هللا تعاذل أف يقبض ا‪٤‬ببطل ُب حياة صاحبو كيسلط عليو داء مثل الطاعوف ‪ ،‬كُب شهر مايو‬
‫‪1908‬ـ أجيبت دعوتو فأصيب ابلكولّبا ُب الىور فمات ُب بيت ا‪٣‬ببلء ككاف جالسا لقضاء حاجتو‬
‫‪ ،‬كتقلت جثتو إذل قادايف حيث دفن ُب ا‪٤‬بقربة الٍب ‪٠‬باىا ٗبقربة ا‪١‬بنة هبشٍب مقربة‪ ،567‬كعاش ثناء هللا‬
‫بعده أربعْب سنة ُب نضاؿ القاداينيْب كالرد عليهم ‪.‬‬

‫بعض زعماء القاداينية ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫برز كثّب من زعماء القاداينية ككربائهم متخذين من حيل القاداينية كضبلالتو منهجا ‪٥‬بم ‪ ،‬كطمع بعضهم‬
‫ُب مكانة النبوة الٍب ادعاه القادايين إال أف بريطانيا كقفت حائبل دكهنم ‪ ،‬كذلك خوفا من من ذىاب‬
‫أتثّب القادايين ُب نفوس أتباعو ‪٩‬با يستدعي فتور الناس عن التصديق كذلك أحجموا عن دعول النبوة ‪.‬‬

‫كمن أبرز زعمائها بعد ا‪٤‬بّبزا غبلـ ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬احلكيم نور الدين البهَتوي ‪:‬‬

‫ىذا الرجل ىو الشخصية البازرة بعد الغبلـ كصار ىو ا‪٣‬بليفة بعد موتو ‪ ،‬ككاف ‪٧‬ببا للعز كا‪١‬باه أبم‬
‫‪ٜ‬بن ‪ ،‬فالتحق ابلغبلـ كصار من أكرب أتباعو ‪.‬‬

‫كلد سنة ‪1258‬ـ ُب هبّبه من مديرية شاه بور ُب البنجاب غريب ابكستاف ‪ ،‬كأبوه غبلـ ركسل كاف‬
‫إماما ُب مسجد هبّبه ‪.‬‬

‫عْب أستاذا للفارسية ُب مدرسة راك لبندم ا‪٢‬بومية عاـ ‪1858‬ـ ٍب عْب مديرا ‪٤‬بدرسة إبتدائية ‪٤‬بدة‬
‫أربع سنوات ٍب تركها كالزـ بعض ا‪٤‬بشايخ ٍب سافر إذل لكهنو كردس الطب ٍب سافر إلىبهوابؿ ‪ٜ‬بإاذل‬
‫ا‪٢‬بجاز ُب تلقي العلم ٍب عْب طبيبا خاصا ُب كالية ‪ٝ‬بوف كشمّب ا‪١‬بنوبية كفيها تعرؼ على ا‪٤‬بّبزا‬
‫غبلمأا‪ٞ‬بد ‪ ،‬ككاف من احملرضْب للمّبزا على ادعاء النبوة ‪.‬‬

‫‪ 567‬انظر‪ :‬القادايين كالقاداينية ص‪27-26‬‬


‫‪213‬‬
‫كتوُب عاـ ‪1914‬ـ ُب ‪ 13‬مارش حينما سقط عن فرسو كجرح كاعتقل لسانو قبل موتو ‪ ،‬كقد‬
‫استخلف ا‪٤‬بّبزا بشّب الدين ‪٧‬بمود ‪٪‬بل ا‪٤‬بّبزا غبلـ أ‪ٞ‬بد ‪.‬‬

‫صفاتو ‪:‬‬

‫كاف قلق النفس اثئر الفكر كما يصفو الندكم ‪ ،‬عقلي النوعة أتثر اب‪٤‬بدرسة الٍب تنزؿ العقيدة كالشريعة‬
‫للعلوـ الطبيعة كالٍب دخلت على يد اإلنلجيز اذل شبو القارة ا‪٥‬بندية‪. 568‬‬

‫‪ -2‬دمحم أمحد ‪:‬‬

‫كىو ابن ا‪٤‬بيزرزا غبلـ أ‪ٞ‬بد ‪ ،‬كقد أعلن أنو خليفة ‪١‬بميع أىل األرض كقد ادعى أف لقماف ا‪٤‬بذكور ُب‬
‫القرآف ىو كالده كأنو ىو ابن لقماف ‪ ،‬كسّبتو ‪٩‬بلوءة فحشا كشناعة كفجورا ‪٩‬با جعل حٌب القاداينيْب‬
‫يتأ‪٤‬بوف منو ‪ ،‬كقد قاسى أنواع األمراض قبل موتو سنة ‪1965‬ـ ‪.‬‬

‫‪ -3‬اخلواجة كمال الدين ‪:‬‬

‫ادعى لنفسو أنو مثل الغبلـ ُب اإلصبلح كالتجديد كقد انتهب كثّبا من األمواؿ كذىب إذل إ‪٪‬بلَب لتبليغ‬
‫القاداينية كسكن ُب كككنج مشن ‪ ،‬كماؿ إذل انتهاب اللذات كالبيوت الفاخرة ‪.‬‬

‫ككاف إذا ‪٠‬بع أف شخصا أسلم ادعى فورا أنو أسلم على يديو على الطريقة القاداينية ‪ ،‬ككاف ال يتورع عن‬
‫أكل ا‪٣‬بنزير كعمل كثّب من ا‪٤‬بنكرات‪. 569‬‬

‫‪ -4‬ىناك شخصيات أخرى قاداينية مثل دمحم أحسن أمر الذم كاف مصدر عوف للقادايين ‪ ،‬حيث‬
‫كاف يصلح مسودات كتب القادايين ٍب يرسلها إذل الغبلـ ‪ ،‬كمنهم دمحم صادؽ ‪ ،‬ككاف مفتيا‬
‫للقاداينية ‪ ،‬كعبد الكرًن السياكوٌب إماـ مسجد الغبلـ كخطيبو ‪ ،‬كمنهم ببار دمحم من مؤسسي‬
‫القاداينية كمنهم عبد هللا تيمابورم ادعى النبوة حسب بشارات الغبلـ ‪ ،‬كىناؾ الكثّب غّبىم‬
‫من الزعماء للقاداينية كقد خذ‪٥‬بم هللا ُب أماكن كثّبة كانربل ‪٥‬بم أتباع دمحم ملسو هيلع هللا ىلص يردكف عليهم‬
‫كيبينوف للناس خركجهم من اإلسبلـ كٰبذركف منهم ‪.‬‬

‫‪ 568‬انظر‪ :‬تر‪ٝ‬بة ىذا الشخص فيما كتبو الندكم ُب الفصل الثالث ص ‪ 28‬من كتابو القادايين كالقاداينية‪.‬‬
‫‪ 569‬انظر‪ :‬جريدة الفصل ‪ /21‬أغسطس ‪ /‬سنة ‪1924‬ـ ك‪٦‬بلة حقيقة إسبلـ الىور يناير سنة ‪1934‬ـ ‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫كتاب القادايين كالقاداينية للندكم ص ‪ 154‬فصل" دعاية كهتريج"‬
‫‪214‬‬
‫‪ -5‬الفرع الالىوري القادايين ‪:‬‬

‫كاف أمّب ىذا الفرع ىو دمحم علي ‪ ،‬من أكائل ا‪٤‬بنشئْب صرح القاداينية ‪ ،‬كمن أشد ا‪٤‬بخلصْب‬
‫للقادايين كلئل‪٪‬بليز‪ ،‬كبعد كفاة الغبلـ استفحل ا‪٣‬ببلؼ بينو كبْب أسرة القادايين كذلك ‪٣‬ببلفهم حوؿ‬
‫اقتساـ األموااللٍب حصلوا عليها جراء شركة النبوة‪.‬‬

‫كيرل بعض العلماءء أف دمحم علي أختّب من قبل اإل‪٪‬بليز إل‪ٛ‬باـ ‪٨‬بطط القاداينية ٕبيث يتحاشى فيها‬
‫مصادمة طوائف ا‪٤‬بسلمْب فتظاىر بعدـ قبوؿ نبوة الغبلـ ليجتلب إليو اكرب عدد من ا‪٤‬بسلمْب‪. 570‬‬

‫بينما يرل بعض العلماء أيضا أف دمحم علي كطائفتو كانوا يركف أف ا‪٤‬بّبزا غبلـ أ‪ٞ‬بددل يدع النبوة‪ ،‬كىذا‬
‫دل يرض أتباع الغبلـ فسموىم اب‪٤‬بنافقْب ‪.571‬‬

‫كلعل رأم من رأل من العلماء أنو كاف يتظاىر بعدـ قبولو دعول نبوة الغبلـ ىو األصح ‪ ،‬خصوصا كأف‬
‫دمحم علي كاف متقلبا ُب اعتقاده ُب الغبلـ حسب امبلءات اإل‪٪‬بليز ‪ ،‬كلذلك نرل دمحم علي يصرح بقولو‬
‫‪٫ " :‬بن نعتقد أف الغبلـ أ‪ٞ‬بد مسيح موعود كمهدم معهود كىو رسوؿ هللا كنبيو " ‪.‬‬
‫‪572‬‬
‫قاـ دمحم علي بنشاط كبّب ُب عرض القاداينية لعل من أٮبها تر‪ٝ‬بتو للقرآف الكرًن إذل اللغة اإل‪٪‬بليزية‬
‫حيث ملئو ابألفكار القاداينية ‪٩‬با جعل الكثّبين يقعوف ضحية تلك الَب‪ٝ‬بة ظنا منهم أهنا تر‪ٝ‬بة رجل‬
‫مسلم ‪ ،‬كقد تبلعب فيها ٗبعاين النصوص كأك‪٥‬با إذل أتكيبلت ابطنية كثّبة ‪.‬‬

‫من أىم مراجع القاداينية‪:‬‬

‫ما ىي القاداينية‪ /‬أبو األعلى ا‪٤‬بودكدم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫القادايين كالقاداينية‪ /‬أبو ا‪٢‬بسن علي الندكم‬ ‫‪-2‬‬
‫القاداينية دراسة ك‪ٙ‬بليل‪ /‬إحساف إ‪٥‬بي ظهّب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫القاداينية‪ /‬عبد هللا صاحل ا‪٢‬بموم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ 570‬انظر‪ :‬ماكتبو إحساف إ‪٥‬بي ظهّب ُب كتابو القاداينية دراسة ك‪ٙ‬بليل ص ‪242‬‬
‫‪ 571‬انظر‪ :‬القاداينية كالقاداينية للندكم ص ‪ 144‬كجريدة الفصل ‪ 411‬ك‪٤‬باذا تركت القاداينية ص ‪31‬‬
‫‪ 572‬يذكر دمحم أخَب الذم كاف قاداينيا ٍب انفصل عنهم أف تلك الَب‪ٝ‬بة ليست من صنع دمحم علي كلها كإ٭با ىي‬
‫للحكيم نور الدين البيهّبكم كنسبها دمحم علي لنفسو‪ ،‬انظر‪ :‬كتابو ‪٤‬باذا تركت القاداينية ص‪ 23‬تر‪ٝ‬بة دمحم كليم الدين‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫معتقدات ا‪١‬بماعة األ‪ٞ‬بدية اإلسبلمية‪ /‬بشّب ‪٧‬بمود أ‪ٞ‬بد‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪٤‬باذا تركت القاداينية؟ ‪ /‬مّبزا دمحم سليم أخَب‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫احملكمة الشرعية الفيدرالية ٔبمهورية ابكستاف اإلسبلمية تقرر‪(( :‬القاداينية فئة كافرة))‬ ‫‪-7‬‬
‫تعريب األستاذ دمحم بشّب‪.‬‬
‫القاداينية ا‪٣‬بطر الذم يهدد اإلسبلـ‪ /‬د‪ .‬أ‪ٞ‬بد دمحم عوؼ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫حب العرب إٲباف‪ /‬للمّبزا غبلـ أ‪ٞ‬بد‪-‬خطبة ‪ٝ‬بعة‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬أابطيل القاداينية ُب ا‪٤‬بيزاف‪ /‬د‪ .‬دمحم يوسف النجرامي‪.‬‬
‫‪ -11‬دعوة األمّب (معتقدات ا‪١‬بماعة األ‪ٞ‬بدية اإلسبلمية) للمّبزا بشّب ‪٧‬بمود أ‪ٞ‬بد‪.‬‬
‫‪ -12‬ضميمة الوحي‪ /‬للقادايين‪.‬‬
‫‪ -13‬توجد ٕبوث عن القاداينية منها‪:‬‬
‫‪ -14‬القاداينية ُب إندكنيسيا للشيخ شفيق أمر هللا مشس الدين‪.‬‬
‫‪ -15‬القاداينية ُب غاان للشيخ سحنوف اتج الدين‬

‫كما أنِب قدمت أثناء الكتابة عن القاداينية ما تر‪ٝ‬بو ا‪٤‬بشائخ‪ :‬أبو األعلى ا‪٤‬بودكدم‪ ،‬كالشيخ الندكم‪،‬‬
‫كالشيخ إحساف إ‪٥‬بي‪ ،‬على ما تر‪ٝ‬بو غّبىم؛ للثقة القوية بغزارة علم ىؤالء‪ ،‬كإحاطتهم ٗبفاىيم القاداينية‬
‫كلها‪ ،‬كعظيم شرفهم ُب ا‪٣‬بلق كالدين‪ ،‬فاالعتماد على تر‪ٝ‬بة ىؤالء أكذل من غّبىم ُب نظرم‪ ،‬خصوصان‬
‫‪٤‬بن دل يعرؼ اللغة األردية‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫الفصل التاسع‬

‫الصوفية‬

‫متهيد‪ :‬يف بيان احنراف الصوفية بصفة عامة ‪:‬‬

‫نبحث ىنا عن الصوفية الٍب خرجت عن ا‪٢‬بق إذل الغلو متأثرة بشٌب األفكار ا‪٤‬بنحرفة ‪ ،‬كالٍب طرأت على‬
‫ا‪٤‬بسلمْب ُب غياب الوعي اإلسبلمي ‪ ،‬كبركز علماء السوء ا‪٤‬بغرمْب اب‪٣‬برافات كحب الزعامة ‪.‬‬

‫لقد تنوعت مصادر ا‪٤‬بذىب الصوُب ُب تلفيق أفكاره من شٌب ا‪٤‬بذاىب فكذبوا على هللا كعلى رسولو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص لتقوية مبادئهم كأتييدىا ‪.‬‬

‫كطرقوا كثّبا من ا‪٤‬بسائل الٍب ليست من االسبلـ ُب شيء كدل يقل هبا أحد من ا‪٤‬بسلمْب كأظهركىا‬
‫بزخرفهم على أهنا من اإلسبلـ‪ ،‬كذلك ٗبا قدموه من قلب األدلة كإاثرة الشبو كالفًب ُب االستدالؿ‬
‫كا‪١‬بواب ‪ ،‬كقالوا بوحدة الوجود كاإل‪ٙ‬باد ككحدة الشهود كالكشف كالقطب كالغوث كغّب ذلك من‬
‫األمور الٍب طرقها كبار زعمائهم مثل ا‪٢‬ببلج كابن عريب كابن الفارض كالبسطامي كا‪١‬بيلي كغّبىم ‪٩‬بن‬
‫لبس عليهم إبليس من الذين اعتقدكا كجوب اتصاؼ ا‪٣‬بلق بصفات ا‪٣‬بالق‪. 573‬‬

‫كقد قامت ُب ىذا العصر الدعوة الصوفية على نطاؽ كاسع‪ ،‬كذلك بسبب عدة عوامل أبرزىا مايلي‪:‬‬

‫جهل كثّب من ا‪٤‬بسلمْب ٕبقيقة دينهم من انحية‪ٍ ،‬ب ا‪١‬بهل ٕبقيقة الصوفية أيضا من انحية‬ ‫أ‪-‬‬
‫أخرل ‪.‬‬
‫مساعدة أعداء اإلسبلـ على نشر الصوفية ألهنم يعرفوف مكاسبهم الٍب سيجنوف ‪ٜ‬بارىا إذا‬ ‫ب‪-‬‬
‫على سلطاف الصوفية ُب العادل اإلسبلمي‪ ،‬كأعداء اإلسبلـ فريقاف ‪:‬‬
‫فريق عداكتو ظاىرة ‪ ،‬كىم ا‪٤‬بستعمركف كمن يبيتوف النية ‪٥‬بدـ اإلسبلـ ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فريق آخر متلبس بلباس الدين كٰبكموف كثّبا من العادل اإلسبلمي كىؤالء يدعموف الصوفية‬ ‫‪-2‬‬
‫خوفا من عودة الوعي اإلسبلمي السلفي الذم يصطدـ مع ميوؿ كرغبات ىؤالء كشهواهتم‬

‫ألجل ىذه األمور كاف تنبيو طبلب العلم إذل خطر ىذا ا‪٤‬بذىب الردمء كاجبا ٰبتمو النصح لكل مسلم‬
‫ٰبب ‪ٞ‬باية نفسو كدينو من اإلنزالؽ ُب كحل الشبهات كاألفكار ا‪٤‬ببثوثة بْب صفوؼ ا‪٤‬بسلمْب ‪.‬‬

‫‪ 573‬انظر‪ :‬التصوؼ‪ ،‬ا‪٤‬بنشأ كا‪٤‬بصدر ‪ ،‬إحساف إ‪٥‬بي ظهّب ‪ .‬ص‪6‬‬


‫‪217‬‬
‫ادلبحث األول‪:‬‬

‫التعريف ابلصوفية لغة واصطالحا‬

‫اختلفت كلمة العلماء حوؿ التعريف ا‪٢‬بقيقي للصوفية كللتصوؼ اختبلفا كثّبا قلما يوجد لو مثيل‪ ،‬حٌب‬
‫إف بعض العلماء قد ذكر أهنا تصل إذل األلفْب ‪ ،‬يقوؿ دمحم طاىر ا‪٢‬بامدم ‪" :‬األقواؿ ا‪٤‬بأثورة ُب‬
‫التصوؼ قيل ‪ :‬إهنا زىاء ألفْب"‪ 574‬كقد ذكر الشيح إحساف إ‪٥‬بي ظهّب ُب كتابو "التصوؼ ‪ ،‬ا‪٤‬بنشأ‬
‫كا‪٤‬بصدر" كثّبا من األقواؿ ُب تعريف الصفوية‪ ، 575‬كفيما يلي نلقي الضوء على ذلك إبٯباز ‪:‬‬

‫تعريف الصوفية يف اللغة ‪ :‬يطلق علماء اللغة ‪ٙ‬بت مادة " صوؼ" ُب معا‪ٝ‬بهم على عدة‬ ‫أ‪-‬‬
‫معاف‪ :‬منها أهنا تطلق على الصوؼ ا‪٤‬بعركؼ من شعر ا‪٢‬بيواانت‪ ،‬كمنها من صوفاف أك‬
‫صوفانة كىي بقلة قصّبة‪ ،‬كتطلق ُب بعض داللتها على ا‪٤‬بيل فيقاؿ صاؼ السهم أم‬
‫ماؿ‪. 576‬‬
‫تعريف الصوفية يف االصطالح ‪ :‬مرت الصوفية ٗبراحل كتطورات كمفاىيم ‪٨‬بتلفة‪ ،‬ك‪٥‬بذا‬ ‫ب‪-‬‬
‫كقع كثّب من ا‪١‬بدؿ بْب العلماء ُب تعريف الصوفية ‪ ،‬ككلها ال ‪ٚ‬برج عن كصفها أبهنا بدعة‬
‫‪٧‬بدثة ُب الدين ‪ ،‬كفيما يلي ذكر أىم التعريفات من الصوفية أك من ‪٨‬بالفيهم ‪:‬‬
‫منهم من عرفو أبنو ٘بريد العمل هلل كالزىد ُب الدينا كترؾ دكاعي الشهرة كا‪٤‬بيل إذل التواضع‬ ‫‪-1‬‬
‫كإماتة شهوة النفس ‪،‬كلكن ىذا ال يصدؽ إال على التصوؼ ُب عهد األكؿ الذم كاف‬
‫عبارة عن انقطاع للعبادة هلل كحده كالزىد دكف أف يلبسوه بسلوؾ مشْب ‪.‬‬
‫نسب كثّب من العلماء ىذه التسمية إذل لبس الصوؼ‪ ،‬كيورد عليها القشّبم أبف القوـ دل‬ ‫‪-2‬‬
‫ٱبتصوا بلبس الصوؼ‪.‬‬
‫يرل بعضهم أنو مأخوذ عن الصفاء‪ ،‬أم صفاء أسرارىم أك صفاء قلوهبم أك صفاء‬ ‫‪-3‬‬
‫معامبلهتم مع هللا ‪،577‬إال أف القشّبم ُب الرسالة ضعف ىذه النسبة من انحية اللغة كقاؿ‬
‫" بعيد ُب مقتضى اللغة" حيث يقاؿ صفائي أك صفاكم‪.578‬‬

‫‪ 574‬انظر ‪ :‬التصوؼ ا‪٤‬بنشأك كا‪٤‬بصدر ص ‪37‬‬


‫‪ 575‬انظر ‪ :‬ص ‪" 48-36‬الفصل الثالث"‬
‫‪ 576‬انظر‪ :‬معاجم اللغة ُب مادة "صوؼ"‬
‫‪ 577‬انظر ‪ :‬دراسات ُب الفرؽ ص ‪98‬‬
‫‪ 578‬الرسالة القشّبية ‪550/2‬‬
‫‪218‬‬
‫ينسبو بعضهم إذل الصفة الٍب كاف ٯبلس فيها فقراء الصحابة ‪ ،‬كلكنها ضعيفة أيضا من‬ ‫‪-4‬‬
‫ص ٌفي‪.579‬‬
‫انحية اللغة حيث ال يقاؿ ُب النسبة إليها صوُب كإ٭با يقاؿ ه‬
‫يرل بعضهم أهنا نسبة إذل الصف األكؿ‪ ،‬كلكن ىذا ا‪٤‬بعُب ضعيف من انحية اللغة فبل‬ ‫‪-5‬‬
‫ص ٌفي‪. 580‬‬
‫تنسب بكلمة صوُب كإ٭با يقاؿ ى‬
‫يرل بعضهم اهنا نسبة إذل قبيلة بِب صوفة كىي قبيلة كانت حوؿ البيت ُب ا‪١‬باىلية‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫كتنسب إذل رجل يقاؿ لو صوفة‪ ،‬كاف قد انقطع للعبادة ُب ا‪٢‬برـ‪.‬‬

‫كا‪٢‬بقيقة فإنو ال أحد يرضى من ا‪٤‬بتصوفة أف ينسب إذل قبيلة جاىلية قبل اإلسبلـ ‪ ،‬ابإلضافة إذل أف‬
‫ىذه التسمية دل تعرؼ بْب الصحابة كال كانت ىذه القبيلة مشهورة‪.581‬‬

‫يرل بعضهم أهنا نسبة إذل الصفوة من خلق هللا‪ ،‬كلكنها ضعيفة أيضا من انحية اللغة حيث‬ ‫‪-7‬‬
‫ال يقاؿ ُب نسبتها صوُب كإ٭با يقاؿ صفوم‪.‬‬
‫زعم الكاتب النصراين جورجي زيداف أف كلمة التصوؼ ُب العربية تعاد‪٥‬با كلمة "سوفيا" ُب‬ ‫‪-8‬‬
‫اليواننية كالٍب معناىا ا‪٢‬بكمة‪ ، 582‬كقد أبطل ىذا الزعم كثّب من العلماء رٗبا ألف التصوؼ‬
‫ظهر بعد اإلسبلـ ‪ ،‬كلكن ال ٲبنع أف تتأثر بو الصوفية بشيء من التأثّبات‪ ،‬بل ىو‬
‫الصحيح‪ ،‬كلكن ليس اب‪٤‬بفهوـ اليوانين الكامل ‪.‬‬

‫كىناؾ غّب ىذه التعريفات‪583‬كالراجح كهللا أعلم أف النسبة إذل الصوؼ ىي األقرب اذل االشتقاؽ‬
‫اللغوم كما أنو أقرب إذل ذكؽ الصوفية كحا‪٥‬بم ك‪ٛ‬بسكهم بلباس الصوؼ ‪ ،‬كقد رجحو شيخ اإلسبلـ‬

‫‪ 579‬ا‪٤‬بصدر نفسو‪.‬‬
‫‪ 580‬ا‪٤‬بصدر نفسو ‪.‬‬
‫‪ 581‬انظر‪ :‬الصوفية كالفقراء ‪ ،‬شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ص‪14-13‬‬
‫‪ 582‬انظر‪ :‬الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪23‬‬
‫‪ 583‬انظبل‪ :‬الرسالة القشّبية ‪ 550/1‬كانظر ‪ :‬الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪ ، 36-19‬كالصوفية ا‪٤‬بنشأ كا‪٤‬بصدر ص‬
‫‪39-20‬‬
‫‪219‬‬
‫ابن تيمية‪ 584‬كقد قاؿ بذلك السهركردم أيضا من الصوفية ‪٤‬بوافقتو ُب اللغة ك‪٤‬با كاف عليو حاؿ‬
‫الصوفية‪. 585‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫ىل توجد عالقة بُت ادلتصوفة وأىل الصفة‬

‫تعترب ىذه القضية من القضااي الٍب خاض غمارىا ا‪٤‬بتصوفة من جانب‪ ،‬كغّب ا‪٤‬بتصوفة من ا‪١‬بانب‬
‫اآلخر حوؿ الصلة بْب الصوفية كأىل الصفة ‪.‬‬

‫كا‪١‬بواب‪:‬‬

‫على الرغم ‪٩‬با بذلو ا‪٤‬بتصوفة من ربط العبلقة بْب أىل الصفة كالصوفية إال أف ذلك دل ٯبدىم شيئا‪،‬‬
‫فقد زعم بعض ا‪٤‬بتصوفة كا‪٤‬بنوُب كالسهركردم كغّبٮبا من كبار الصوفية بوجود صلة بْب أىل الصفة‬
‫كالصوفية‪ ،‬كأف أىل الصفة سلف ا‪٤‬بتصوفة‪ ،‬بل استدؿ بعضهم بفعل الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ك‪ٙ‬بنثو ُب غار‬
‫حراء ‪.‬‬

‫فالسهركردم يرل اف أف العبلقة بينهما تتمثل ُب حب التفرد كالعزلة عن الناس كالشوؽ إذل هللا‬
‫تعاذل‪. 586‬‬

‫كأما ا‪٤‬بنوُب فّبل أف الرابط بينهم عدـ ركوهنم إذل العركض الفانية من الدنيا‪ ،‬كصفاء أنفسهم من‬
‫األكدار كغلبة الفقر عليهم ‪ ،587‬كٲبكن بياف بطبلف ما ذىبوا إليو من خبلؿ اإلٯباز التارل ‪:‬‬

‫أف السهركردم كغّبه من ا‪٤‬بتصوفة دل يستطيعوا أف يػأتوا برابط كاحد‪ ،‬أك قا‪٠‬با مشَبكا‬ ‫أ‪-‬‬
‫صحيحا مقبوال بْب حاؿ أىل الصفة رضواف هللا عليو كبْب الصوفية‪.‬‬
‫ربط بعضهم بْب حاؿ الرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كحبو للخلوة كبْب حاؿ الصوفية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪ 584‬انظر‪ :‬الصوفية كالفقراء ص ‪15‬‬


‫‪ 585‬انظر ‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪49-45‬‬
‫‪ 586‬انظر‪ :‬عةارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪47‬‬
‫‪ 587‬انظر‪ٝ :‬بهرة األكلياء ‪131/1‬‬
‫‪220‬‬
‫كقد فاهتم أف حب العزلة كاإلنفراد كا‪٣‬بلوة ال يصلح دليبل ‪٥‬بم‪ ،‬فإف أقل ما ينقضو ىو أف تلك ا‪٣‬بلوة‬
‫كانت بعناية هللا ليستعد ‪٢‬بمل أعباء الرسالة فيما بعد‪ ،‬كىذا قبل أف يكلف بدعوة الناس كإقامة‬
‫شعائر الدين‪ٖ ،‬ببلؼ مقاصد الصوفية كأحوا‪٥‬بم‪.‬‬

‫ج‪-‬ك‪٩‬با ينقضو أنو منذ أف اختار هللا نبيو لتبليغ رسالتو كاف ‪٧‬بط أنظار الناس ُب كل ‪٢‬بظة من‬
‫‪٢‬بظات عمره كإال فكيف انتشر اإلسبلـ كشرائعو‪ ،‬فلم يفضل ا‪٣‬بلوة كاالنعزاؿ بل بذؿ كل حياتو‬
‫لنشر تعاليم اإلسبلـ‪.‬‬

‫د‪-‬أف استدال‪٥‬بم ٗبحبة الفقر كا‪٣‬برقة‪ 588‬من أىل الصفة كاالنزكاء ُب الزكااي غّب صحيح‪ ،‬فإف الثابت‬
‫أف أىل الصفة كانوا ُب ‪٦‬بملهم يشتكوف حا‪٥‬بم إذل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص على أمل أف يساعدىم ُب حياة‬
‫طيبة‪ ،‬كقد أخرب هللا عنهم أهنم يتولوا كأعينهم تفيض من الدمع حزان أال ٯبدكا ما ينفقوف‪.‬‬

‫ىػ‪-‬أنو قد ‪ٙ‬بقق ‪٤‬بعظمهم ماؿ كفّب بعد الفتوحات اإلسبلمية عمبل بقوؿ هللا‪{ :‬كال تنس نصيبك من‬
‫الدنيا} كاجتمعت لبعضهم ألواف من األطعمة لعلمهم أف ىذا ال يناُب الزىد كقد قاؿ عليو الصبلة‬
‫كالسبل‪ ":‬اليد العليا خّب من اليد السفلى"‪. 589‬‬

‫ك‪-‬أف استدال‪٥‬بم ٗبحبة أىل الصفة للفقر كما زعم السهركردم كا‪٤‬بنوُب فهي ‪٧‬بض خياؿ‪ ،‬فأىل‬
‫الصفة ما كانوا ٰببوف الفقر كال ٰببوف االنفراد كالعزلة عن الناس كيف كىم ُب أكثر مكاف يتجمع‬
‫فيو الناس‪ ،‬كدل تكن ٗبحض إرادهتم كإ٭با ىي حالة طارئة‪ ،‬كما كاف أحد منهم ٰبمل الزنبيل على‬
‫ظهره كيطوؼ ابلبيوت ُب طلب رزقو متكاسبل عن العلم متكبل على ما ُب أيدم الناس‪. 590‬‬

‫ز‪-‬أف زعم ا‪٤‬بنوُب أف هللا اختار أىل الصفة ليكونوا فقراء كأف أىل الصفة اختاركا الفقر ‪ ،‬فهو زعم‬
‫ابطل يكذبو القرآف كالسنة ‪ ،‬فقد كاف منهم من توذل اإلمارة كمنهم من أصبح غنيا كمنهم من أصبح‬
‫قائد ا‪١‬بيوش كىم ُب قمة الزىد كالورع ‪.‬‬

‫‪ 588‬ذكر السهركردم للبس ا‪٣‬برقة حقوقا ال ٰبتملها إال من كاف موفقا غاية التوفيق‪ ،‬انظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪52‬‬
‫‪ 589‬أخرجو البخارم ‪377/5‬‬
‫‪ 590‬كما كصفهم بذلك السهركردم ُب عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪49‬‬
‫‪221‬‬
‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫أمساء الصوفية وسبب تسميتهم هبا‬

‫من أشهر األ‪٠‬باء ‪٥‬بذه الطائفة اسم "الصوفية" ك‪٥‬بم أ‪٠‬باء أخرل أطلقت عليهم أك أطلقوىا ىم على‬
‫أنفسهم كىي كما يلي‪:‬‬

‫الصوفية‪ :‬كىو االسم ا‪٤‬بشهور الذم يشمل كل طرقهم كىم يفرحوف ابالنتساب إذل ىذا‬ ‫أ‪-‬‬
‫االسم‪.‬‬
‫أرابب ا‪٢‬بقائق‪ :‬لزعمهم أهنم كصلوا إذل حقائق األمور كخفاايىا‪.591‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫الفقراء‪ :‬كقد زعم السهركردم أف هللا ‪٠‬باىم هبذا االسم‪ 592‬كاستدؿ بقولو تعاذل‪{ :‬للفقراء‬ ‫ت‪-‬‬
‫الذين أحصركا ُب سبيل هللا}‪. 593‬‬
‫شكفتية‪ :‬كيطلق عليهم ىذا االسم ُب خراساف ‪ ،‬كىو نسبة إذل الغار ألف منهم طائفة‬ ‫ث‪-‬‬
‫يؤككف إذل الكهوؼ كا‪٤‬بلغارات كما يذكر السهركردم‪. 594‬‬
‫جوعية‪ :‬كيطلقها عليهم أىل الشاـ‪. 595‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫ا‪٤‬ببلمية أك ا‪٤‬ببلمتية‪ :‬كىي من األ‪٠‬باء الٍب تطلق عليهم كما يذكر زعماؤىم‪ ،‬كىي أف أيٌب‬ ‫ح‪-‬‬
‫الصوُب ٗبا يبلـ عليو ألجل أغراض سامية فيما يزعموف‪. 596‬‬

‫كقد عرفو السهركردم بقولو ‪ :‬ىو الذم ال يظهر خّبا كال يضمر شرا "‪ 597‬كيعللوف ‪٥‬بذا أبنو مع الناس‬
‫ُب االظاىر كمع هللا ُب الباطن‪ ،‬مهما كانت أفعاؿ الشخص ُب الظاىر ‪.‬‬

‫كىذا من التبلعب بعقوؿ الناس كالَبكيج للباطل أببطل منو كقلب للحقائق‪ ،‬كمٌب كانت دعوة الصا‪٢‬بْب‬
‫تقوـ على مراءاة الناس كمداىنتهم؟ ‪.‬‬

‫‪ 591‬انظر‪ :‬الصوفثية معتقدا كمسلكا ص‪31‬‬


‫‪ 592‬انظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪42‬‬
‫‪ 593‬سورة البقرة آية ‪273‬‬
‫‪ 594‬انظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بارؼ ص ‪48‬‬
‫‪ 595‬ا‪٤‬بصدر السابق ‪.‬‬
‫‪596‬‬

‫‪ 597‬انظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪54‬‬


‫‪222‬‬
‫ك‪٥‬بذا فإف من الثابت عندىم أف كل ما يصدر عن الصوُب ينبغي أف يفسر ٖبّب حٌب كإف كاف فعل‬
‫الفواحش فيجب االعتقاد أنو دل يفعل ذلك إال ‪٢‬بكمة جليلة كما بْب ذلك الشعراين ُب طبقاتو كغّبه ُب‬
‫ترا‪ٝ‬بهم لسادهتم عتاة الصوفية ‪ .‬كيذكر الدابغ أف ا‪٤‬ببلئكة ال تنفر من الورل إذا انكشفت عورتو ‪ ،‬ألف‬
‫فعلو ىا يكوف لغرض صحيح فيَبؾ سَب عورتو ‪٤‬با ىو أكذل منو ‪ .‬كيذكر الفوٌب كثّبا من الواجبات ُب‬
‫حق ا‪٤‬بشايخ كاألكلياء منها عدـ االعَباض على الشيخ ُب أم شيء يفعلو ‪ ،‬كأف يكوف ا‪٤‬بريد بْب يدم‬
‫الشيخ كا‪٤‬بيت بْب يدم الغاسل ‪.‬‬

‫كيرل ابن عريب ُب فتوحاتو ا‪٤‬بكية أف ىذا االسم أطلق عليهم ألهنم أخفوا مكانتهم الشريفة ُب العامة ‪،‬‬
‫كقد شبههم ا‪٤‬بنوُب ُب كتابو ‪ٝ‬بهرة األكلياء أبىل الكهف‪. 598‬‬

‫كقد قسم شيخ اإلسبلـ ا‪٤‬ببلمية إذل قسمْب ‪:‬‬

‫مبلمية ‪ :‬يفعلوف ما ٰببو هللا كرسولو كال ٱبافوف لومة الئم ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مبلمية ‪ :‬يفعلوف ما يبغضو هللا كرسولو كيصركف على ا‪٤‬ببلـ ُب ذلك كىم أىل ا‪٤‬ببلـ ا‪٤‬بذموـ‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ .599‬كقد أشار ابن ا‪١‬بوزم إذل مسلك من مسالك ا‪٤‬ببلمية كىو ارتكاب ا‪٤‬بعاصي ٕبجة‬
‫عدـ لفت األنظار إذل صبلحهم ‪ ،‬كىذا كلو من الباطل الذم لبس عليهم كلبسوا بو على‬
‫الناس‪.600‬‬

‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫مىت ظهر ادلذىب الصويف‬

‫تضاربت أقواؿ العلماء حوؿ الوقت الذم ظهرت فيو الصوفية‪.‬‬

‫كالواقع أنو ال يعرؼ ابلتحديد الدقيق مٌب بدأ التصوؼ ُب ا‪٤‬بسلمْب كال من ىو أكؿ متصوؼ‪ ،‬كفيما يلي‬
‫عرض موجز ألىم آراء العلماء ُب ‪ٙ‬بديد نشأة الصوفية ‪:‬‬

‫أف ىذه التسمية عرفت قبل اإلسبلـ كيريدكف هبا أصحاب الفضل‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫أنو ظهر سنة ‪150‬ق ‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪598‬‬

‫‪٦ 599‬بموع فتاكل شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ‪61/1‬‬


‫‪ 600‬انظر‪ :‬تلبيس إبليس ص ‪363‬‬
‫‪223‬‬
‫أنو ظهر سنة ‪189‬ق ‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫أنو ظهر بعد ا‪٤‬بائتْب من ا‪٥‬بجرة ‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫أنو ظهر قبل ا‪٤‬بائتْب من ا‪٥‬بجرة‪ ،‬كىذا قوؿ السهركردم ُب ‪ٝ‬بهرة األكلياء‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫أنو ظهر بعد القركف الثبلثة األكذل‪ ،‬أم ُب القرف الرابع ا‪٥‬بجرم‪ - ،‬كما قاؿ شيخ االسبلـ‬ ‫ح‪-‬‬
‫ابن تيمية ‪ -‬كيذكر أف التصوؼ أكؿ ما اشتهر كاف ُب البصرة فكاف بعضهم إذا ‪٠‬بع القرآف‬
‫ٱبر ميتا ‪ ،‬كقد أنكر على ذلك من كاف موجودا من الصحابة مهنع هللا يضر ‪.‬‬
‫أنو اشتد بعد النصف من القرف الثامن كالتاسع كالعاشر ‪.‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫‪601‬‬
‫أنو كاف معركفا ُب زمن النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬كىذا قوؿ ا‪٥‬بجويرم من الصوفية كىو أبطل األقواؿ‬ ‫د‪-‬‬
‫‪.‬‬

‫فالعلماء متضافركف على أف التصوؼ ليس لو كجود ُب زمن النيب ملسو هيلع هللا ىلص على الصحيح من أقوا‪٥‬بم فمن‬
‫احملاؿ أف يتشرؼ أحد من الصحابة ابالنتساب إذل غّب الصحبة ‪ ،‬كقد نص السهركردم على أف‬
‫التصوؼ عرؼ بعد ا‪٤‬بائتْب من ا‪٥‬بجرة‪ ،‬كنص ا‪٤‬بنوُب على أنو عرؼ ُب القرف الثاين‪ 602‬أما ابن تيمية فقد‬
‫نص على أف التصوؼ دل يعرؼ ُب القركف الثبلثة األكذل‪.603‬‬

‫كالذم يظهر أف التصوؼ ظهر بعد اإلسبلـ ُب شكل زىد كرغبة ُب الدار اآلخرة ‪ ،‬ككبح ‪ٝ‬باح النفس‬
‫ُب حب الدنيا‪.‬‬

‫ٍب ‪٢‬بق ىذا ا‪٤‬بفهوـ حب التطوير كإدخاؿ مفاىيم بقصد هتذيب الفكرة بغض النظر عن مطابقتها للحق‬
‫‪ ،‬كدل يبعد أقطاب التصوؼ عن شٌب التيارات كاألفكار ا‪٤‬بخالفة لئلسبلـ كالتأثر هبا فظهرت جلية ُب‬
‫معتقداهتم كسائر سلوكهم ‪.‬‬

‫‪ 601‬انظر‪ :‬كشف احملجوب للهجويرم ص ‪ 772‬ةالتصوؼ اإلسبلمي كاترٱبو ‪ ،‬أتليف نيكلسوف تر‪ٝ‬بة (أبو العبلء‬
‫العفيفي) ص‪ 3‬كدائرة ا‪٤‬بعارؼ اإلسبلمية ‪ 266/5‬كاللمع للطوسي ص ‪ 42‬كالرسالة القشّبية ‪ 3/1‬كعوارؼ ا‪٤‬بعارؼ‬
‫للسهركردم ص ‪ 63‬كالصوفية كالفقراء ص‪ 5‬كانظر‪ :‬الفكر اإلسبلمي ص‪36-33‬كالتصوؼ ا‪٤‬بنشأ كا‪٤‬بصادر ص ‪-40‬‬
‫‪ 48‬كالصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪. 53‬‬
‫‪ 602‬انظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص‪ 48‬ك‪ٝ‬بهرة األكلياء ‪269/1‬‬
‫‪ 603‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪5/11‬‬
‫‪224‬‬
‫كقد تصدل علماء اإلسبلـ للتصوؼ كبينوا بطبلف معتقداتو كشيخ االسبلـ ابن تيمية ُب القرف الثامن‬
‫للهجرة كتبلميذه ابن القيم كابن كثّب كا‪٢‬بافظ الذىيب كا‪٢‬بافظ ا‪٤‬بزم كغّبىم من العماء ك‪٩‬بن جاء بعدىم‬
‫كالشيخ دمحم بن عبد الوىاب ُب القرف الثاين عشر ‪ ،‬حيث بينوا‬

‫ا‪٫‬براؼ ا‪٤‬بتصوفة عن ا‪٢‬بق كبطبلف معتقداهتم‪.‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫حقيقة التصوف‬

‫مضى زمن رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كزمن الصحابة كزمن التابعْب ‪٥‬بم إبحساف كدل يعرؼ عنهم أم سلوؾ يتميزكف‬
‫بو غّب اتباع الكتاب كالسنة كالنسبة إليهما‪.‬‬

‫ٍب أحدث أانس ُب الدين بدعة التصوؼ منحرفْب عن ا‪٤‬بنهج السليم ‪ ،‬كأخذ كل فريق يعرب ٗبا يراه عن‬
‫التصوؼ من أقطابو ‪ ،‬كا‪١‬بريرم كا‪١‬بنيد كعمرك بن عثماف ا‪٤‬بكي كدمحم علي القصاب كمعركؼ الكرخي‬
‫كالسهركردم كالشبلي كالشاذرل كالتيجاين كالبسطامي كابن عريب كابن الفارض كغّبىم ‪.‬‬
‫كٲبكن إٯباز حقيقة التصوؼ عند الصفوية ٍب عند غّب الصوفية فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حقيقة التصوف عند الصوفية ‪:‬‬

‫سبق القوؿ أبف أقواؿ زعماء التصوؼ دل تتفق على مفهوـ ‪٧‬بدد للتصوؼ بل اختلفوا ُب اطبلقات كثّبة‬
‫حسب ذكؽ كل فريق كحاصل عامة أقوا‪٥‬بم تلتقي حوؿ فكرة معينة ‪ ،‬كىي ‪:‬‬

‫القرب من هللا كترؾ االكتساب كالتمسك اب‪٣‬بلق الرفيع كا‪١‬بود كرفع التكاليف عن بعض فضبلئهم حْب‬
‫يتصلوف ابهلل كيصلوف إذل درجة اليقْب ‪.‬‬

‫كقد أكرد القشّبم ُب رسالتو كثرة كاثرة من األقواؿ الٍب نقلها ُب تعدد مفهوـ التصوؼ كمن أبرزىا ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫من يعُب بباطنو فقط ‪ ،‬كىو تعريف ا‪١‬بنيد حيث يقوؿ ‪ " :‬إذا رأيت الصوُب يعُب بظاىره‬ ‫‪-1‬‬
‫فاعلم أف ابطنو خراب" ‪.‬‬
‫من كاف فقّبا ‪٦‬بردا من األسباب ككاف مع هللا ببل مكاف‪ ،‬كىذا تعريف ابن ا‪١‬ببلء‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫من كنس هللا أركاحهم اب‪٤‬بزابل‪ ،‬كىذا تعريف أبو علي الدقاؽ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪225‬‬
‫ىو اإلعراض عن االعَباض‪ ،‬كىذا تعريف أيب سهل الصعلوكي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أف أساس التصوؼ ىو الفقر‪ ،‬كىذا تعريف السهركدم كالشبلي ‪ .‬إذل غّب ذلك من األقواؿ‬ ‫‪-5‬‬
‫الكثّبة‪.604‬‬

‫اثنيا‪ :‬حقيقة التصوف عند غَت الصوفية ‪:‬‬

‫اختلفت كجهات نظر العلماء ُب بياف حقيقة التصوؼ عند الصوفية ‪ ،‬كأبرز ما قيل عنو ما يلي‪:‬‬

‫أف أساس التصوؼ مستمد من الكتاب كالسنة‪ ،‬كىذا القوؿ قريب من أقواؿ ا‪٤‬بتصوفة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أنو ليس إسبلمي النشأة ‪ ،‬كإ٭با كفد على البيئة اإلسبلمية عقب الفتوحات اإلسبلمية‪،605‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كيرجعوف نشأة التصوؼ إذل أنو فارسي أك ىندم أك يوانين أك مسيحي أك أنو مزيج من‬
‫ىذا كلو‪.‬‬

‫كُب ا‪٢‬بقيقة‪ :‬إف طريقة ا‪٤‬بتصوفة قد أتثرت كثّبا ابآلراء كاألفكار ا‪٤‬بخالفة لئلسبلـ حيث تظهر بوضوح‬
‫األفكار ا‪٥‬بندية كالفارسية كاليواننية كا‪٤‬بسيحية‪.‬‬

‫كقد كاف التصوؼ ُب بدء أمره عند بعض ا‪٤‬بسلمْب زىد ُب الدنيا كرغبة ُب اآلخرة كقتل ىول النفس إذل‬
‫أنو تطور ُب اإل‪٫‬بدار كبعد عن حقيقة اإلسبلـ ُب كثّب من األمور الٍب طرقها التصوؼ فأصبح مذموما‬
‫ينفر عنو أىل ا‪٢‬بق‪.‬‬

‫‪ 604‬انظر‪ :‬الرسالة القشّبية ‪57-55/2‬كعوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪44-40‬‬


‫‪ 605‬انظر‪٤ :‬بزيد من التفصيل ‪ :‬الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪48-47‬‬
‫‪226‬‬
‫ادلبحث السادس‪:‬‬

‫أقسم ادلتصوفة وذكر طرقهم ‪ -‬التجانية منوذجا‪-‬‬

‫أوال‪ :‬أقسام ادلتصوفة‪:‬‬

‫الصوفيوف طرائق عديدة كأىواء متباينة شأف سائر أصحاب البدع‪ ،‬كقد اختلف العلماء ُب ع ٌد‬
‫أقسامهم فبعضهم يقسمهم إذل قسمْب كبعضهم يعدىا إذل ثبلثة أقساـ كبعضهم يوصلها إذل ستة‬
‫أقساـ‪.‬‬

‫كسبب ىذا االختبلؼ ما يلي ‪:‬‬

‫أ‪ 0‬تنوع مصادر الصوفية كتنوع أفكارىم‪:‬‬

‫فبعض الصوفية اتبعوف للمذىب اإلشراقي الذم يدعي أف ا‪٤‬بعرفة كالعلم تهقذؼ ُب النفس‬ ‫‪-1‬‬
‫بسبب طوؿ اجملاىدة الركحية‪ ،‬فيحصل ‪٥‬با فيض كإشراؽ‪ ،‬كىذا يشبو ا‪٤‬بذىب البوذم ‪،‬‬
‫كىو قسم من الصفوية ‪.‬‬
‫كقسم آخر يزعموف أهنم صفوا من الكدر كامتلئوا من الفكر على طريقة الفلسفة ا‪٥‬بندية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كقسم اثلث قائلوف اب‪٢‬بلوؿ كأف هللا حل ُب ‪٨‬بلوقاتو كأف أركاحهم الىوتية كأجسامهم‬ ‫‪-3‬‬
‫انسوتية ‪ ،‬كمن أكابر ىذا ا‪٤‬بذىب الردمء ا‪٢‬ببلج ‪.‬‬
‫القائلوف بوحدة الوجود كأبف ا‪٤‬بوجودات كلها ‪ٛ‬بثل البارم عز كجل كمن أكابر ىذا ا‪٤‬بذىب‬ ‫‪-4‬‬
‫ابن عريب‪.‬‬

‫كقد قسمهم شيخ اإلسبلـ ابن تيمية إذل ثبلثة أقساـ كىي ‪:‬‬

‫صوفية ا‪٢‬بقائق ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫صوفية األرزاؽ‪ :‬كىم الذين كقفت عليهم األكقاؼ ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫صوفية الرسم ‪ :‬كىؤالء ٮبهم اللباس كاآلدب كغّب ذلك‪ ،‬أم أهنم متشبهوف ابلصوفية ُب‬ ‫‪-3‬‬
‫الظاىر كٮبهم ‪ٝ‬بع ا‪٤‬باؿ كاالحتياؿ على ا‪١‬بهاؿ‪. 606‬‬

‫‪ 606‬انظر‪ :‬الصوفية كالفقراء ص‪33‬‬


‫‪227‬‬
‫كىذا التقسيم كاضح غّب أنو ليس فيو توضيح كبياف مدل ما كصلت إليو الصوفية فيما بعد ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬تعدد طرق الصوفية ‪:‬‬

‫يصعب ا‪٢‬بكم على الصوفية ٕبكم يشمل ‪ٝ‬بيع فرقهم ا‪٤‬بتشعبة‪ ،‬فقد تعددت طرقهم كالٍب ىي عبارة‬
‫عن التزاـ ‪٦‬بموعة من األتباع أك ا‪٤‬بريدين بشيخ ٯبعلونو قائدا ‪٥‬بم كين ٌفذكف ما يوجبو عليهم من أذكار‬
‫كسلوؾ ‪.‬‬

‫كقد عد الشيخ أبو علي العجيمي ا‪٢‬بنفي أربعْب طريقا للصوفية ‪ ،‬كبعضهم عدىا أكثر من ذلك‪،‬‬
‫كعدىا ا‪٤‬بنوُب اثناف ك‪ٟ‬بسوف طريقا ُب ‪ٝ‬بهرة األكلياء كأكصلها الدكتور صابر طعيمة إذل ست كستوف‬
‫طريقا ‪ ،‬كيقوؿ الدكتور علي الدخيل ‪ " :‬كا‪٢‬بق أف الطرؽ الصوفية كثّبة جدا ٕبيث يصعب‬
‫حصرىا"‪ 607‬كقد ذكر ا‪٤‬بنوُب ‪ 52‬طريقة ُب كتابو ‪ٝ‬بهرة األكلياء‪ 608‬كعدىا الدكتور صابر طعيمة ما‬
‫‪٦‬بموعو ‪ 66‬طريقة‪ ،‬كقد ذكر أنو ُب النصف الثاين من القرف الرابع عشر ا‪٥‬بجرم بلغ عدد الطرؽ ُب‬
‫بلد كاحد أكثر من مائة طريق‪.609‬‬

‫كمعظم تلك الطرؽ ان٘بة عن ا‪٥‬بول كانبعة منو كمبنية على الرغبة ُب الزعامة كالعلو ُب األرض‬
‫كاستعباد الناس ‪.‬‬

‫اثلثا ‪ :‬الطريقة التجانية ‪:‬‬

‫امسم مؤسسها وأبرز مزاعمو الشخصية ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫انتشرت ىذه الطريقة كأتباعها ُب كثّب من أقطار ببلد إفريقيا ٖبصوصها‪ ،‬كىي نسبة إذل شخص يسمى‬
‫أ‪ٞ‬بد بن دمحم بن ‪٨‬بتار التجاين كلد سنة ‪ 1150‬ىػ بقرية عْب ماضي كينسب إذل بلدة بِب ٘بْب من قرل‬
‫الرببر‪. 610‬‬

‫كقد أكثر التجاين من دعاكاه الباطلة ‪٩‬با يطوؿ سرده ‪ ،‬كفيما يلي نوجز أىم تلك االدعاءات ‪:‬‬

‫ادعى أنو خاًب األكلياء حيث زعم أف الوالية ‪ٚ‬بتم كالنبوة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ 607‬انظر‪ :‬التجانية ص‪ 28‬كقد كر من طرؽ الصوفية أربعا كثبلثْب طريقة‪.‬‬


‫‪ 608‬انظر‪ٝ :‬بهرة األكلياء ‪ 277-275/1‬صدرىا بقولو ‪ ":‬كىا بيانن بشيوخ الطرؽ الصوفية ُب عصران"‬
‫‪ 609‬انظر‪ :‬الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪43-41‬‬
‫‪ 610‬انظر‪ :‬الفكر الصوُب ص‪351‬‬
‫‪228‬‬
‫زعم أنو الغوث األكرب ُب حياتو كبعد ‪٩‬باتو ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫زعم أف أركاح األكلياء ال أيتيها العلم كالفتح إال بواسطتو منذ عهد آدـ إذل كقت ظهوره ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫زعم أف قدمو على رقبة كل كرل منذ خلق آدـ إذل النفح ُب الصور ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ادعى أنو أكؿ من يدخل ا‪١‬بنة ىو كأصحابو ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫زعم أف هللا شفعو ُب كل الناس الذين يعيشوف ُب قرنو حٌب الكفار‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫أف الرسوؿ أعطاه ذكرا يسمى صبلة الفاتح يفضل عن القرءاف ستْب ألف مرة كىذا نصو ‪:‬‬ ‫‪-7‬‬
‫" اللهم صل على سيدان دمحم الفاتح ‪٤‬با أغلق كا‪٣‬باًب ‪٤‬با سبق انصر ا‪٢‬بق اب‪٢‬بق ا‪٥‬بادم إذل‬
‫صراطك ا‪٤‬بستقيم كعلى آلو حق قدره كمقادره العظيم "‬
‫ادعى أف أتباعو ال تكتب ‪٥‬بم سيئات مهما عملوا‪ ،‬بل يدخلوف ا‪١‬بنة دكف حساب كال‬ ‫‪-8‬‬
‫عقاب كلو عملوا أعظم الذنوب بضمانة رسوؿ هللا ‪.‬‬
‫ادعى التجانية أف من رأل التجاين يومي اإلثنْب كا‪١‬بمعة فإنو يكوف من أىل ا‪١‬بنة إكراما‬ ‫‪-9‬‬
‫للتجاين حٌب كإف كاف الرائي كافرا ‪ ،‬كىذه الدعول دل ‪ٙ‬بصل ألشرؼ ا‪٣‬بلق كغّبه من‬
‫الرسل ‪.‬‬
‫‪ -10‬زعم التجاين أنو يرل الرسوؿ ُب كل كقتا يشاء كأف الرسوؿ يعايشهم‪.611‬‬

‫ككما ترل ‪ ،‬كل ىذه ا‪٤‬بزاعم ىي ‪٧‬بض افَباءات استحسنها ىول التجاين كأتباعو كقالوىا بغّب علم كال‬
‫عقل ‪ ،‬فملئوا أذىاهنم ابلشركيات كجنوا على عقائد ا‪٤‬بسلمْب اب‪٣‬برافات ا‪١‬باىلية ‪.‬‬

‫أبرز آراء التجانية العقائدية ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫نستعرض فيما يلي أبرز آراء التجانية من خبلؿ أىم كتبهم كجواىر ا‪٤‬بعاين لعلي حرازـ كرماح حزب‬
‫الرحيم للفوٌب كا‪٥‬بداية الرابنية ُب فقو الطريقة التجانية كذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬نسب التجاين‪ :‬ذكر علي حرازـ ُب كتابو جواىر ا‪٤‬بعاين أف الرسوؿ قاؿ للتجاين يقضة أنت‬
‫كلدم حقا ‪ ،‬كررىا ثبلاث‪. 612‬‬

‫‪ 611‬انظر‪ :‬جواىر ا‪٤‬بعاين ‪ ’،‬علي حرازـ ‪26/1‬‬


‫‪ 612‬نفس ا‪٤‬برجع ‪26/1‬‬
‫‪229‬‬
‫‪ -‬التجاين يرى األنبياء ‪ :‬أكرد علي حرازـ كثّبا من الركايت الٍب تنص على لقيا التجاين للرسوؿ‬
‫صلى هللا عليو سلم كسؤالو كثّب من األسئلة ُب الفقو كغّبه كالنيب ٯبيبو بغاية التلطف‪. 613‬‬
‫‪ -‬ادلشاهبة بُت التجاين يف حال سكره وبُت حال النيب يف تلقيو للوحي‪ :‬حيث يذكر على حرازـ‬
‫أف التجاين ُب حاؿ سكره مشابو ‪٢‬باؿ تلقي الوحي من حيث امتبلء بدنو كهتلل كجهو كثقل‬
‫األمر عليو كأمور أخرل‪. 614‬‬
‫‪ -‬التجاين يعلم الغيب ‪ :‬حيث يعرؼ الظاىر كالباطن كمازاد كما نقص ‪ ،‬كيعلم عدد أنفس‬
‫اإلنساف كأف عددىا أربعة كعشركف ألفا كأف عدد خواطر اإلنساف سبعوف ألف خاطرة كغّب‬
‫ذلك من ا‪٤‬بغيبات‪. 615‬‬
‫‪ -‬أن التجاين يعلم االسم األعظم واالسم اخلاص بعلي بن أيب طالب‪ ,‬كقد رتب علي حرازـ‬
‫نقبل عن التجاين أجورا مضركبة ُب أعداد كبّبة لكل من قرئو‪. 616‬‬
‫‪ -‬أن من رأى التجاين فهو يف اجلنة ‪،‬كما ذكر ذلك علي حرازـ نقبل عن التجاين‪.‬‬
‫‪ -‬أن ثواب صالة الفاتح دلا أغلق تعدل القرءان ستة اآلف مرة‪ ,‬كتعدؿ كل تسبيح الكوف‪،‬‬
‫كتعدؿ ستمائة ألف صبلة‪ ،‬كأربعمائة غزكة‪ ،‬ككل صبلة بزكجة من ا‪٢‬بور العْب كغّبىا من‬
‫األجور‪ ،‬كأهنا أمر إ‪٥‬بي ال مدخل للعقوؿ فيو‪. 617‬‬
‫‪ -‬أن الشيخ الواصل يرى هللا عالنية يف كل وقت ‪ :‬يقوؿ التجاين فيما نقل عنو الشعراين ‪" :‬‬
‫حقيقة الشيخ الواصل ىو الذم رفعت لو ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بجب عن كماؿ النظرة اإل‪٥‬بية نظرا عينيا‬
‫ك‪ٙ‬بقيقا يقينيا"‬

‫كقد قسموا مراتب النظر إذل هللا حيث ذيكر أف " أكلو مطالعة ا‪٢‬بقائق من كراء سَب كثيف‪ٍ ،‬ب‬
‫مكاشفة‪ ،‬كىو مطالعة ا‪٢‬بقائق من كراء سَب رقيق‪ٍ ،‬ب مشاىدة ‪ ،‬كىو ٘بلي ا‪٢‬بقائق ببل حجاب‬

‫‪ 613‬نفس ا‪٤‬برجع ‪47/1‬‬


‫‪ 614‬نفس ا‪٤‬برجع ‪50/1‬‬
‫‪ 615‬نفس ا‪٤‬برجع ‪54/1‬‬
‫‪ 616‬نفس ا‪٤‬برجع ‪72/1‬‬
‫‪ 617‬نفس ا‪٤‬برجع ‪26/1‬‬
‫‪230‬‬
‫ٖبصوصية‪ٍ ،‬ب معاينة كىو مطالعة ا‪٢‬بقائق ببل حجاب ببل خصوصية كىو مقاـ السحق كالدؾ كفناء‬
‫الفناء ‪ ،‬كىو معاينة هللا"‬

‫كىذا ا‪٤‬بقاـ األخّب فيو سَب حاؿ الورل ‪ ،‬فلو فعل الورل الفواحش ىنا ىو من ابب ‪ٚ‬بيل الناظر ‪،‬‬
‫حيث نص علي حرازـ أف الورل قد يفعل الفواحش لسَب حالو من الناس " من الزان كالكذب‬
‫الفاحش‪ ،‬كا‪٣‬بمر ‪ ،‬كقتل النفس ‪ ،‬كغّب ذلك من الدكاىي" كىو من ابب ‪ٚ‬بيل الناظر ليسَب‬
‫حالو‪. 618‬‬

‫‪ -‬دعاء التجاين يف طلب االتصاف ابأللوىية ‪ :‬حيث كاف من أدعيتو ‪ " :‬اللهم حققِب بك‬
‫‪619‬‬
‫‪ٙ‬بقيقا يسقط النسب كالَبب كالتعينات كالتعقبلت كاالعتبارات ‪"..‬‬
‫‪ -‬إىانة القرآن الكرمي ‪ :‬حيث نص علي حرازـ أف الصبلة على النيب بكيفية معينة أفضل من‬
‫تبلكة القرآف الكرًن‪. 620‬‬
‫‪ -‬أن الرسول ىو السر يف وجود ىذا الكون ومصدره‪ :‬حيث نقل حرازـ عن التجاين أف هللا‬
‫خلق لنفسو دمحما ككل ا‪٣‬بلوؽ ‪٨‬بلوقوف ألجل دمحم‪.621‬‬
‫‪ -‬تالعب مبعاين النصوص‪ ,‬حيث أكلوا نصوصا كثّبة حسب ‪٧‬بض ىواىم ‪.‬‬
‫‪ -‬احللول واالحتاد ‪ :‬يقوؿ التجاين‪ :‬فهو تعاذل مع كل شيء بذاتو كأقرب إذل كل شيء بذاتو من‬
‫كجو ال يدركو العقل" ‪.622‬‬
‫‪ -‬الوالية واأللوىية وأنو ال يوجد فرق بينهما‪ :‬يقوؿ حرازـ ‪ :‬حقيقة الورل أف يسلب من ‪ٝ‬بيع‬
‫الصفات البشرية كيتجلى ابألخبلؽ اإل‪٥‬بية ظاىرا كابطنا"‪. 623‬‬
‫‪ -‬متلك أقطاب الصوفية بتفويض من هللا‪ :‬نقل حرازـ عن التجاين‪ " :‬أف هللا ملكهم ا‪٣‬ببلفة‬
‫العظمى كاستخلفهم على ‪٩‬بلكتو تفويضا عاما " ‪.‬‬

‫‪ 618‬نفس ا‪٤‬برجع‬
‫‪ 619‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ص ‪146‬‬
‫‪ 620‬نفس ا‪٤‬برجع ‪154/1‬‬
‫‪ 621‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ص‪173‬‬
‫‪ 622‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ص ‪215‬كص‪350‬‬
‫‪ 623‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ‪67/2‬‬
‫‪231‬‬
‫‪ -‬صالحيات الويل أعلى من صالحيات النيب‪ :‬حيث نص حرزـ عن شيخو أف دائرة الورل أكسع‬
‫من دائرة النيب " كنص على أف " ا‪٣‬بليفة الورل أك سع دائرة ُب األمر كالنهي كا‪٢‬بكم من الرسوؿ"‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬رغبة الصوفية يف جتهيل اخللق برهبم‪ :‬حيث نقل التجاين عن الشبلي كالبسطامي أقواال تفيد‬
‫برغبتهم اقتصارىم معرفة هللا عليهم دكف ا‪٣‬بلق‪.‬‬
‫‪ -‬التوحيد عند التجاين ‪ :‬ىو شعور الشخص أنو ىو هللا كأف ينسى جسمية نفسو‪ ،‬فقد نقل‬
‫حرازـ عن التجاين أف التوحيد ىو " توحيده لنفسو بنفسو عن نفسو "‪.624‬‬
‫‪ -‬كلمات غامضة كثَتة للصوفية‪ :‬مثل التجلي األكؿ كىو هللا‪ ،‬كالتجلي الثاين ىو ظهور دمحم قبل‬
‫ا‪٣‬بلق‪ ،‬كالتجلي األخّب‪ :‬ىو ظهور آدـ‪.625‬‬
‫‪ -‬نزول الوحي على الويل‪ :‬كذلك يكوف بواسطة ا‪٢‬بقيقة احملمدية كما ذكر ذلك علي حرازـ ‪،‬‬
‫كلذلك نص التجاين فيما نقل عنو حرازـ أنو لوال علماء الظاىر ألتى األكلياء ٗبا أتت بو‬
‫األنبياء‪.626‬‬
‫‪ -‬اعتبارىم أن التوحيد إحلادا‪ :‬كقد أقر التجاين قوؿ ابن عريب من كحد فقد أ‪٢‬بد ‪ ،‬أم من كحد‬
‫بتوحيد العامة ‪،‬كما نص على ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬أن اجلنة ال قيمة ذلا يف نظر الصويف‪ :‬حيث نقل حرازـ عن التجاين أف أىل التجلي األكرب "‬
‫الحظ ‪٥‬بم ُب ا‪١‬بنة فهم عنده تعاذل مقيدكف ُب حضرة قربو "‪ 627‬كالبديل عندىم ىو النظر إذل‬
‫ا‪٤‬بشايخ حيث نص التجاين أف " ا‪١‬بلوس بْب يدم كرل أفضل من عبادة ألف سنة"‪. 628‬‬
‫‪ -‬كيفية خلق الكون عند الصوفية بواسطة روح سيدان دمحم‪ :‬حيث ذكركا أف أكؿ موجود أكجده‬
‫هللا ىو ركح سينا دمحم ٍب خلق نسل أركاح العادل من ركحو كمنو خلقت األجساـ النورانية‬
‫كا‪٤‬ببلئكة كغّبىم ككذلك ا‪١‬بنة كىي النسبة األكذل من ركحو‪.‬‬

‫‪ 624‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ‪97/1‬‬


‫‪ 625‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ‪100/2‬‬
‫‪ 626‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ‪107/2‬‬
‫‪ 627‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ‪131/2‬‬
‫‪ 628‬انظر‪ :‬ا‪٥‬بادية الرابنية ُب فقو الطريقة التجانية ص ‪135‬‬
‫‪232‬‬
‫كأما األجساـ الكثيفة الظلمانية كالشياطْب كسائر األجساـ فقد خلقت من النسبة الثانية من‬
‫ركحو – كما ذكر ذلك التجاين ُب ا‪٥‬بداية الرابنية‪. - 629‬‬
‫‪ -‬تطاول التجاين على الصحابة ومن بعدىم كانو أفضل من كل الصحابة كاألكلياء‪.‬‬
‫‪ -‬ادعى أنو الوحيد الذي يدخل اجلنة يغر حساب كال عقاب دكف سائر ا‪٣‬بلق‪.‬‬
‫‪ -‬زعم التجاين أن الصويف لو قوة اخلالق العظيم‪ :‬كيكفي ُب خلقو لؤلشياء توجو اإلرادة‬
‫كاختلفوا ُب قوؿ كن‪ ،‬يقوؿ التجاين ‪ " :‬إذا ٘بلى هللا لسر عبد ملكو ‪ٝ‬بيع األسرار ككاف لو‬
‫تصرؼ ذاٌب مٌب توجهت إرادتو ألم شيء خارؽ فكاف ا‪٬‬براؽ لو ُب ا‪٢‬بْب إال أف بعضهم‬
‫يضيف كلمة كن كبعضهم ٗبجرد اإلرداة"‪. 630‬‬
‫‪ -‬ادعى التجاين أن من أخذ أوراده وداوم عليها إىل ادلمات يدخل اجلنة بغَت حساب كأف من‬
‫نظر إليو يوـ ا‪١‬بمعة كاإلثنْب يدخل ا‪١‬بنة بغّب حساب‪.‬‬
‫‪ -‬أوراد التجاين تذكر بعبارات متكلفة وغامضة وأساليب ركيكة مرذولة‪ :‬كقد أكثركا من ذكر‬
‫تلك األكراد ا‪٤‬برذكؿ كنذكر مثاال عليها ‪٩‬با اخَبعو التجاين كا‪٤‬بسماة بياقوتة ا‪٢‬بقائق ُب التعريف‬
‫ٕبقيقة سيد ا‪٣‬ببلئق كنصها ‪ " :‬هللا هللا هللا اللهم أنت هللا الذم ال إلو إال انت العارل ُب عظمة‬
‫انفراد حضرة أحديتك الٍب شئت فيو بوجود شؤكنك ‪ ...‬برتبة ىذه العظمة كإطبلقها ُب كجد‬
‫كعدـ أف تصلي كتسلم على تر‪ٝ‬باف لساف القدـ اللوح احملفوظ كالنور السارم احملدكد ‪..‬هلل هلل‬
‫هلل آه آمْب ‪ ،‬ىو ىو ىو آمْب" كيقصدكف ابللوح احملفوظ ىو دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪.631‬‬
‫‪ -‬مراتب الصوفية عند التجانية ‪ :‬كقد بينها علي حرازـ كىي ‪:‬‬
‫األكذل ‪ :‬مرتبة االستهتار بذكر هللا ‪ :‬حٌب يقع صاحبها ُب الذىوؿ عن األكواف كالطمأنينة بذكر‬
‫هللا ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬لباس ا‪٢‬بلة ا‪٤‬بلكية ‪ :‬كىي اتصاؼ صاحبها أبحواؿ ا‪٤‬ببلئكة ‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬لباس ا‪٢‬بلة اإل‪٥‬بية ‪ ،‬كىي ضرب من النبوة أك ىي النبوة بعينها كيطلق على صاحبها اسم‬
‫الصديق كال يعلمها إال من ذاقها‪.632‬‬

‫‪ 629‬انظر‪ :‬ا‪٥‬بادية الرابنية ُب فقو الطريقة التجانية ص ‪135‬‬


‫‪ 630‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ص‪170‬‬
‫‪ 631‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ص ‪216‬‬
‫‪ 632‬انظر‪ٝ :‬برة األةلياء‪ ،‬علي حرازـ ص ‪249‬‬
‫‪233‬‬
‫‪ -‬اخًتاع التجاين صالة جوىر الكمال‪ :‬كما يسميها التجانيوف كأك‪٥‬با " هللا صل كسلم على عْب‬
‫الر‪ٞ‬بة الرابنية كالياقوتة ا‪٤‬بتحققة ‪ "..‬كيذكركف ‪٥‬با خواص زاعمْب أف الرسوؿ قد ذكرىا كىي ‪:‬‬
‫أهنا تعدؿ تسبيح العادل ثبلث مرات‪ ،‬كأف من قرأىا سبع مكرات فأكثر ٰبضره ركح األنبياء‬
‫كا‪٣‬بلفاء‪ ،‬كأف من الزمها أزيد من سبع مرات ٰببو النيب ‪.‬‬
‫كمن أدعيتهم حزب البحر كىو ‪ " :‬رب سهل كيسر كال تعسر علينا اي ميسر كل عسّب أبت‬
‫خدذ رزط ظكل منص صعغ فقس شهوالم ‪ " ..‬إذل آخر تلك ا‪٣‬بزعببلت‪. 633‬‬
‫‪ -‬اخلضوع التام ألقطاب التصوف‪ :‬حيث ال ٯبوز اإلنكار عليهم كال سؤا‪٥‬بم بػ دل ‪ ،‬كقد ذكر‬
‫الفوٌب ُب كتابو رماح حزب الرحيم ‪ ":‬اعلم أف ا‪٤‬بنكر على األكلياء ساقط من عْب هللا كىالك‬
‫ُب الدنيا كاآلخرة كأنو ُب لعنة هللا"‬
‫‪ -‬التصدر للمشيخة بدون إذن شيخ صويف خطر عظيم‪ :‬كأنو يكوف سببا لسوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة كمن دل‬
‫يتب يكوف كافرا ‪.‬‬
‫‪ -‬هتوين الفاحشة ‪ :‬ذكر الفوٌب كثّبا من األمور الٍب هتوف ارتكاب ا‪١‬برائم كا‪٤‬بعاصي كقصص كثّبة‬
‫هتدؼ إذل طاعة ا‪٤‬بشايخ طاعة عمياء كلو أمر الشيخ ا‪٤‬بريد بفعل الفواحش كقتل النفس فعليو‬
‫التنفيذ ألنو ال يعرؼ ا‪٢‬بكمة من كراء ذلك إال الشيخ ‪.‬‬
‫كنص على أف التلميذ ال ينبغي أف يشك ُب شيخو كلو رآه يشرب ا‪٣‬بمر كيزين كيقتل‪.634‬‬
‫‪ -‬وجوب متسك ادلريد ابآلداب مع الشيخ‪ :‬كىي كثّبة جدا نذكر طرفا منها ‪ :‬منها تعظيم‬
‫الشيخ ظاىر كابطنا كعدـ االعَباض عليو كأف ال يقعد كالشيخ كاقف كال يناـ ٕبضرتو إال إبذنو‬
‫كأال يكثر الكبلـ ٕبضرتو كال يسافر كال يتزكج إال إبذنو كأف ٰبب كل ما أحبو الشيخ كيبغض‬
‫من كاف يبغضو الشيخ كال يزكر الشيخ إال كىو على طهارة كٰبسن الظن بعو ُب كل حاؿ كال‬
‫يكتم عن الشيخ شيئا ُب ابلو كال يلبس ثواب لبسو الشيخ كال ٱبوف الشيخ كأف يكوف بْب يديو‬
‫كا‪٤‬بيت بْب يدم ا‪٤‬بغسل كٰبرـ االعَباض على الشيخ كأف الورل ينظر إؿ الظاىر كما ينظر إذل‬
‫الباطن ‪ ،‬كغّبىا من األمور الكثّبة الٍب تركناىا خشية االطالة‪. 635‬‬

‫‪ 633‬نفس ا‪٤‬برجع ص ‪254‬‬


‫‪ 634‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم للفوٌب ص ‪114‬‬
‫‪ 635‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم للفوٌب ‪140-94/1‬‬
‫‪234‬‬
‫كىذه ُب حقيقتها أغبلؿ كليست آداب ‪٩‬با يبعث األسى كا‪٢‬بزف على أكلئك الذين أصبحوا ضحااي‬
‫ا‪١‬بشع الصوُب ‪.‬‬

‫‪ -‬التثليث الصويف وىو الشيخ وهللا والرسول – كما نص على ذلك الفوٌب‪. -‬‬
‫‪ -‬أف أقطاب التصوؼ ‪٥‬بم القدرة على استنباط الواجبات كا‪٤‬بندكابت كاحملرمات كا‪٤‬بكركىات ‪،‬‬
‫كىذه نظّب االحكاـ الظاىرة ‪. 636‬‬
‫‪ -‬حجرىم على أتباعهم كهنيهم ‪٦‬بالستهم لغّبىم من ا‪٤‬بشايخ ‪.‬‬
‫‪ -‬أن عدم طاعة الويل تستلزم العقوبة كقد ذكركا قصصا كثّبة ُب ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬الوالد ادلعنوي ىو الشيخ عند التجانية كىو أرفع كأكذل ابلرب كالتوقّب من الوالد ا‪٢‬بسي كما‬
‫ذكر ذلك الفوٌب‪.637‬‬
‫‪ -‬أن جزاء ادلشايخ ال يبلغو احد كلو كقف ا‪٤‬بريدكف على ا‪١‬بمر بْب يدم أشياخهم مذ خلق هللا‬
‫الدنيا إذل انقضائها‪.638‬‬
‫‪ -‬أن ذكر هللا يسقط عند الصوفية ‪ :‬إذا صار ا‪٢‬بق مشهوده كذلك بعد كثرة الذكر حٌب ٰبصل‬
‫لو ا‪٢‬بضور ٍب يكثر الذكر مع ا‪٢‬بضور فيصبح ا‪٢‬بق مشهوده ‪.‬‬
‫كُب ىذه ا‪٢‬باؿ ينمحي الذاكر كالذكر كيصرب حالو لو نطق فإنو سيقوؿ ‪" :‬أان هللا ال إال أان‬
‫كحدم" الستهبلكو ُب ٕبار التوحيد كُب ىذا ا‪٢‬باؿ ا‪٤‬بعكوس يقوؿ أحدىم ‪:‬‬
‫كتنطمس السرائر كالقلوب‬ ‫بذكر هللا تزداد الذنوب‬
‫‪639‬‬
‫كمشس الذات ليس ‪٥‬با غركب‬ ‫فَبؾ الذكر أفضل كل شيء‬
‫‪ -‬مستند الصوفية يف وجدىم ورقصهم على بعض األفعال من الصحابة كفعل جعفر بن أيب‬
‫طالب حْب رقص‪ ،‬كذكر الفوٌب أف ىذه القصة (أصل ُب ا‪١‬بملة ُب رقص الصوفية‬
‫‪640‬‬
‫ككجدىم)‬

‫‪ 636‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم للفوٌب ص ‪153/1‬‬


‫‪ 637‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم للفوٌب ص ‪162‬‬
‫‪ 638‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم للفوٌب ص ‪165‬‬
‫‪ 639‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم للفوٌب ص ‪179-171‬‬
‫‪ 640‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم ص ‪179‬‬
‫‪235‬‬
‫كىذا االستدالؿ ‪٩‬بلوء اب‪٤‬بغالطة كالكذب فأين اىتزاز جعفر كخفتو ُب حاؿ ‪٠‬باعو قوؿ الرسوؿ‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص من رقص الصوفية ك‪ٛ‬بايلهم طراب ال ٲبت إذل ا‪٣‬بشوع بصلة يرددكف كلمات كيَب‪٫‬بوف هبا ٲبنا‬
‫ك‪٠‬باال بكلمات المعُب ‪٥‬با كقو‪٥‬بم ‪ :‬أأأأ أك ىوىوىو أك الالالالال أك آآآآآآآ أك أأأأأأ أ أه أه أه‬
‫أه أه أك ىاىاىاىاىا ‪.641‬‬
‫مع ‪ٚ‬ببط كتصرفات ىوجاء ىي ُب حقيقتها عار على اإلسبلـ بل عار على العقل كاالدراؾ ‪.‬‬
‫‪ -‬أن طريقة ذكر هللا زلتكر على أقطاب الصوفية ‪ :‬فالذكر ا‪٤‬بأخوذ من غّب شيخ أك شيخ غّب‬
‫مفتوح عليو فيو ىبلؾ لصاحبو ال سيما أ‪٠‬باء هللا تعاذل – كما ذكر ذلك الفوٌب‪. -‬‬
‫كسبب ذلك كما بينو أحد كهنة الصوفية كىو عبد العزيز الدابغ ىو أف كل اسم من أ‪٠‬باء هللا‬
‫معو نوره الذم ٰبجب الشيطاف‪ ،‬كإف دل يكن معو نوره ضرؾ الشيطاف كىذا ال يتأتى إال على‬
‫يد الشيخ ‪.‬‬
‫‪ -‬أن األولياء يرون النيب يقظة ال مناما ‪ :‬كأنو ٰبضر كل ‪٦‬بلس أك مكاف أراده ٔبسده كركحو‬
‫كٰبضر الديواف الصوُب كصبلة جوىر الكماؿ‪ ،‬كٰبضر كىو مغيب عن االبصار كا‪٤‬ببلئكة فإذا‬
‫أراد هللا لعبد أف يراه رفع عنو ا‪٢‬بجاب‪.642‬‬
‫‪ -‬بعض مزاعم التجاين لنفسو‪:‬‬

‫أما لنفسو فقد زعم مزاعم كثّبة على لسانو منها قولو ‪ :‬أخربين سيدج الوجود أبين أان القطب ا‪٤‬بكتوـ ‪،‬‬
‫ككذلك قولو ال يشرب كرل كال يسقى إال من ٕبران‪ ،‬ككقولو كذلك أف هللا ينادم أىل احملشر أف التجاين‬
‫إمامكم ‪ ،‬كمنهاة أف قرنو أفضل القركف سول القركف الثبلثة كمنا أف رجليو على رقبة كل كرل من لدف‬
‫آدـ إذل النفخ ُب الصور‪.643‬‬

‫‪ -‬بعض مزاعم التجاين دلن سار على طريقتو ‪:‬‬

‫كىي كثّبة جدا نقلها خليفتو الفوٌب منها أهنم ٱبفف عليهم سكرات ا‪٤‬بوت كال يركف ُب قبورىم إال‬
‫ما يسرىم‪ ،‬كأف هللا يغفر كل ذنوهبم‪ ،‬كأف هللا يظلهم بعرشو‪ ،‬كأهنم يسقوف من ا‪٢‬بوض ا‪٤‬بوركد‪،‬‬
‫كيدخلوف ا‪١‬بنة بغّب حساب‪ ،‬كأف أذيتهم تعترب أذية لرسوؿ هللا‪ ،‬كأهنم ٲبركف كطرفة العْب على‬

‫‪ 641‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم ص ‪180‬‬


‫‪ 642‬انظر‪ :‬ا‪٥‬بداية الرابنية ُب فقو الطريقة التجانية ص ‪ 21‬كرماح حزب الرحيم للفوٌب ص ‪214-212‬‬
‫‪ 643‬انظر‪ :‬جواىر ا‪٤‬بعاين‪ ،‬علي حرازـ‪36-4/2‬‬
‫‪236‬‬
‫الصراط‪ ،‬كأف كل كاحد منهم أكرب من األكلياء‪ ،‬كغّبىا من العطااي الٍب أعطاىا ألتباعو دكف دليل أك‬
‫برىاف سول ‪٧‬بض االفَباء كالكذب‪. 644‬‬

‫‪ -‬تفضيلهم العلوم الباطنية على العلوم اإلسالمية‪:‬‬

‫كلذلك يتساءؿ الفوٌب بقوؿ ‪ " :‬ما الفائدة من االلتجاء إذل علم الشريعة أم علم الظاىر مع أف علم‬
‫العلم الباطِب أفضل؟ ٍب ٯبيب مبينا أنو " كسيلة إذل ا‪٤‬بقصود ابلذات الذم ىو علم ا‪٢‬بقيقة" ‪.645‬‬

‫ادلبحث السابع‪:‬‬

‫اخللوات الصوفية‬

‫أكرد الفوٌب ُب رماحو ا‪٤‬بعوجة إيضاحات لكثّب من خلوات الصوفية كالٍب ساٮبت ُب تقهقر األمة‬
‫نكتفي بذكر أبرز ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الدليل على اخللوات الصوفية بزعمهم ‪:‬‬

‫يستدلوف ٗبا كرد ُب البخارم عن عائشة اهنع هللا يضر قالت ‪ " :‬أكؿ ما بدئ برسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص من الوحي الرؤاي‬
‫الصا‪٢‬بة ُب النوـ ‪ ،‬فكاف ال يرل رؤاي إال جاءت مثل فلق الصبح ٍب حبب إليو ا‪٣‬ببلء فكاف ٱبلو‬
‫‪646‬‬
‫بغار حراء فيتحنث فيو‪ ،‬كىو التعبد ‪"..‬‬

‫يقوؿ الفوٌب‪ " :‬فهذا ا‪٢‬بديث ا‪٤‬بنبئ عن بدء رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ىو األصل ُب إثبات ا‪٤‬بشائخ للخلوة‬
‫‪"647‬‬

‫كٯباب عن استدال‪٥‬بم ىذا ٗبا يلي‪:‬‬

‫أف ىذا ا‪٢‬بديث بينو كبْب خلوات الصوفية فراؽ ال لقاء معو ‪ ،‬فهو هتيئة هللا لو ‪٢‬بمل‬ ‫أ‪-‬‬
‫األمانة العظمى ‪.‬‬
‫أهنا كانت قبل أف يؤمر بتبليغ الناس ابإلسبلـ‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪ 644‬انظر‪ :‬رماح كب الرحيم ص ‪127‬‬


‫‪ 645‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم ‪ ،‬للفوٌب ص ‪147‬‬
‫‪ 646‬انظر‪ :‬صحيح البخارم مع الفتح ‪22/1‬‬
‫‪ 647‬انظر‪ :‬ماكتبو الفوٌب ُب رماح حزب الرحيم ص ‪168-161‬‬
‫‪237‬‬
‫دل أيمر هبا النيب كال أشار إليها كال استحسنها ألمتو على الطريقة الصوفية‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫دل يفعلها أحد من الصحابة كىم أحرص الناس على اتباع ىديو‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫تناُب ما ىو ظاىر ُب اإلسبلـ من دعوة الناس ك‪٨‬بالطاهتم كقد قاؿ تعاذل {بلغ ما أنزؿ‬ ‫ج‪-‬‬
‫إليك من ربك}كقاؿ‪{:‬ادع إذل سبيل ربك اب‪٢‬بكمة كا‪٤‬بوعظة ا‪٢‬بسنة}‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬مدة اخللوات الصوفية‪:‬‬

‫ذكر الفوٌب أف أكثرىا ال حد لو‪ ،‬لكن السنة بزعمو تشّب إذل أربعْب يوما كمواعدة موسى‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬شروط اخللوة الصوفية‪:‬‬

‫ذكر الفوٌب ستة كعرين شرطا لصحة ا‪٣‬بلوة‪ ،‬كىي ُب حقيقتها خليط من الوثنيات السابقة على اإلسبلـ‬
‫نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫يعود نفسو قبل دخو‪٥‬با على السهر كخفة األكل‪.‬‬


‫أف ٌ‬ ‫‪.1‬‬
‫أف يدخلها ٕبضور الشيخ ‪٤‬بباركتو ا‪٤‬بكاف‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أف يعتقد أف دخولو بقصد أف يسَبيح الناس من شره‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أف يدخلها كما يدخل اجملد مبسمبل متعوذا ابهلل مستعينا أبركاح مشاٱبو‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫أف يركع الشيخ ُب ركعتْب قبل دخوؿ ا‪٤‬بريد‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أف يعتقد أف كل ما يتجلى ُب خلوتو من الصور كيقوؿ لو أان هللا فليقل سبحاف هللا‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫أال يتلهف كثّبا على ظهور الكرامات‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫اف يكوف غّب مستند إذل ا‪١‬بدار كال متكئا عليو مطرقا برأسو مغمضا عينيو كٯبعل خياؿ‬ ‫‪.8‬‬
‫شيخو بْب عينيو‪.‬‬

‫إذل غّب ذلك من الشركط الٍب لفقها علماء التصوؼ مثل علي حرازـ كالسهركردم كالشيخ ‪٪‬بم الدين‬
‫البكرم كغّبىم من عتاة التصوؼ ‪ ،‬كالٍب استمدكىا من مبادئ خارجة عن اإلسبلـ كإال فأين مستندىم‬
‫من القرءاف كالسنة على تلك الرىبنة‪ ،‬إهنا جناية على العقل كالدين أٲبا جناية ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أقسام اخللوات الصوفية‪:‬‬

‫أبرزىا ما يلي‪:‬‬

‫‪238‬‬
‫خلوة األربعْب يوما كقد تقدـ ذكرىا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫خلوة فا‪ٙ‬بة الكتاب كىي تكوف بعد صياـ أربعْب يوما مع ٘بنب أكل ا‪٢‬بيواف كما ٱبرج‬ ‫‪-2‬‬
‫منو‪ ،‬إذل غّب ذلك من التشابو مع الوثنيات‪.‬‬
‫خلوة البسملة كمدهتا تسعة عشر يوما‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫خلوة الفا‪ٙ‬بة كىي أف يبلزـ قراءهتا أربعْب يوما ُب ا‪٣‬بلوة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خلوة الياقوتة الفريدة كمدهتا عشركف يوما تتلى كل يوـ ُب ا‪٣‬بلوة ألفي مرة‪.648‬‬ ‫‪-5‬‬

‫خامسا‪ :‬تثبيط الصوفية ألتباعهم عن اجلهاد يف سبيل هللا وتسميتو ابجلهاد األصغر‪:‬‬

‫كيسموف ‪٦‬باىدة النفس ُب ا‪٣‬بلوات كغّبىا اب‪١‬بهاد األكرب‪ ،‬كقد علل الفوٌب لذلك بتعليبلت كثّبة من‬
‫أبرزىا‪ :‬أف جهاد النفس فرض عْب كأهنا أعدل األعداء لصاحبها كألف ضرر الكفار مقصور ُب الدنيا‬
‫ٖببلؼ النفس‪ ،‬إذل غّبىا من التعليبلت‪.‬‬

‫كلكن من الواضح أف كل تعليبلتو الٍب ذكرىا تردىا نصوص الكتاب كالسنة كما ُب سورة براءة‬
‫كاألحاديث من السنة الٍب تبْب فضل ا‪١‬بهاد ُب سبيل هللا ك‪ٛ‬بِب الشهيد الرجوع ُب الدنيا ليقتل مرة أخرل‬
‫‪٤‬با رأل من النعيم ٍب إف جهاد الكفار ىو أعلى جهاد للنفس كأشرؼ جهاد ‪٥‬با‪ ،‬كإال فكيف ترخص‬
‫النفس ُب سبيل هللا‪.‬‬

‫كلو اف ا‪٤‬بسلمْب أطاعو الصوفية كجلسوا ُب الزكااي كتركو القتاؿ النتهكت أعراض ا‪٤‬بسلمْب كأخذت‬
‫أموا‪٥‬بم كقتلوا على أيدم أعدائهم‪. 649‬‬

‫ادلبحث الثامن‪:‬‬

‫مغالطات جلنة مجاعة الصوفية يف مدينة " ألورن" يف نيجراي‬

‫أخرجت ‪ٝ‬باعة الصوفية ُب مدينة ألورف ُب نيجّباي كتااب ا‪٠‬بو رفع الشبهات عما ُب االقبلدرية كالتحجانية‬
‫من الشطحات" كقد قاـ بَبتيبو كل من ا‪٢‬باج دمحم إبراىيم القادرم كا‪٢‬باج علي أبو بكر التجاين‪ ،‬كقد‬
‫دافعا فيو عن التجانية بكل كسيلة كأكلوا كثّبا من األدلة على غّب معانيها الصحيحة‪.‬‬

‫‪648‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم ص ‪170‬‬


‫‪649‬انظر‪ :‬رماح حزب الرحيم ص ‪217‬‬
‫‪239‬‬
‫كلذا ينبغي التحذير من قراءة مغالطاهتما قبل االطبلع على مبادمء الصوفية كالردكد عليهم ال لغزارة علم‬
‫فيها‪ ،‬كإ٭با لكثرة ا‪٤‬بغالطات كالتأكيبلت كإيراد األدلة غى غّب معانيها الصحيحة‪.‬‬

‫من أبرزىا أهنم أكجبوا عدة أمور لقراءة صبلة الفاتح‪ ،‬كإٯباهبم للوضوء لقراءهتا ككصفهم النيب ابألسقم‬
‫كأنو ‪٧‬باط ابلنور ا‪٤‬بطلسم كأنو ٰبضر بنفسو عن قراءة جوىرة الكماؿ كغّبىا من األمور الباطلة‪،‬‬
‫كالكلمات النابية الٍب دل ترد ُب الشرع كدعاكل ال تستند إذل أدلة شرعية كإ٭با ىي ‪٧‬بض ىول‪.650‬‬

‫ادلبحث التاسع‪:‬‬

‫كيفية الدخول يف ادلذىب الصويف‬

‫شروط دخول ادلريد يف التصوف‪:‬‬

‫تعددت طرؽ الصوفية كمسالكهم ا‪٣‬باصة ُب التربيية حسب منهجهم نوجزىا فيمبل يلي‪:‬‬

‫أف ٱبتار ا‪٤‬بريد أك ا‪٤‬بريدين شيخا ‪٥‬بم يسلك هبم رايضة خاصة للوصوؿ إذل معرفة هللا‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫أف يتبٌع الشيخ اتباعا مطلقا حٌب كإف كاف ُب ‪ٙ‬بليل ا‪٢‬براـ أك العكس‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫أف يردد ما يردده شيخو من األذكار‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫أف يكوف بْب يدم الشيخ كا‪٤‬بيت بْب يدم ا‪٤‬بغسل يقلبو كيف شاء‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫أف يعتقد أف ‪ٝ‬بيع ما يفعلو الشيخ ىو الصواب كإف رآه يشرب ا‪٣‬بمر أك يزين‪ ،‬ألنو إ٭با‬ ‫ج‪-‬‬
‫يفعل ذلك بركحو ال بصورتو البشرية‪.‬‬
‫أف ٯبتاز ا‪٣‬بلوة ا‪٤‬بفركضة‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬
‫أف يتصور صورة الشيخ ماثلة أمامو ُب كل حْب‪ ،‬كأف يعلم أف الشيخ يعلم ما دؽ كخفي‬ ‫خ‪-‬‬
‫من شؤكنو‪.‬‬
‫أال يغّب شيخو بشيخ آخر‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫أال يزكر أكلياء آخرين ماداـ ُب أكؿ امره‪.‬‬ ‫ذ‪-‬‬
‫أف ٲبشي ُب الطريقة منزلة منزلة حٌب يصل إذل القطبانية‪.‬‬ ‫ر‪-‬‬

‫‪ 650‬كىذا الكتاب يتكوف من ‪ 32‬صفحة مع مقدمة آدـ عبد هللا االلورم التجاين القادرم مدير ا‪٤‬بركز العريب ُب‬
‫نيجراي‪.‬‬
‫‪240‬‬
‫أال ٱبالط ا‪٤‬بقصرين كالبطالْب‪.‬‬ ‫ز‪-‬‬
‫أال يظن ٗبالو لو طلبو الشيخ‪.‬‬ ‫س‪-‬‬
‫أف يرضى ابلذؿ الدائم كحرماف النصيب كا‪١‬بوع الدائم كا‪٣‬بموؿ كذـ الناس لو‪ ،‬قاذل‬ ‫ش‪-‬‬
‫ا‪١‬بيبلين‪ " :‬فمن دل يرض هبذا كيوطن نفسو عليو فبل يكاد أف يفتح عليو كٯبيء منو‬
‫‪651‬‬
‫شيء"‬

‫مراحل الداخل يف الطرق الصوفية‪:‬‬

‫أكؿ ا‪٤‬بنازؿ ُب الطريق الصوفية يسمى فيها الداخل مريد‪ ،‬أم يريد السّب ُب الطريقة كتؤخذ عليو العهود‬
‫السابقة‪ ،‬كيسمى بعد توجهو كإرادتو ا‪٤‬بذىب سالكا‪ ،‬كبعد مواظبتو كسلوكو على األكراد الٍب يلقنها إايه‬
‫الشيخ ينتقل إذل مرتبة العبودية‪ ،652‬كفيها يكثر التضرع كاإل‪٢‬باح إذل هللا‪.‬‬

‫ٍب ينتقل بعد ذلك إذل مقاـ العناية اإل‪٥‬بية كينتقل بقلبو إذل العشق هلل‪ ،‬كفيها يكثر الرايضة كالعزلة كالندـ‬
‫كاألكراد الٍب توصلو إذل ربو حٌب يتملكو مقاـ يسمى مقاـ "الوجد‪ 653‬كا‪٥‬بياـ" كىو أ‪٠‬بى من مقاـ العشق‬
‫كفيو تتوارد على قلب السالك النفحات الرابنية‪.‬‬

‫ٍب يَبقى السالك إذل مقاـ يسمى مقاـ ا‪٢‬بقيقة كيعرفها ا‪٤‬بنوُب أبهنا مشاىدة الربوبية‪ ، 654‬كىي ُب‬
‫حقيقتها كصوؿ إذل أعماؽ الوثنية ‪.‬‬

‫ٍب ييظل يرتقي إذل أف ٰبقق ثبلث منازؿ كىي الفناء كاللقاء كالبقاء‪ ، 655‬كالفناء ىو أف يفُب العبد عن‬
‫كل شيء ُب هللا تعاذل‪ ،‬كيصّب كما قاؿ ا‪٢‬ببلج ‪ " :‬ما ُب ا‪١‬ببة إال هللا" ‪ ،‬فالوجود عنده كلو ٲبثل هللا ‪،‬‬
‫كخصوصا النساء فإنو ٲبثل فيهم بصورة أكمل‪.‬‬

‫كأما اللقاء كالبقاء‪ :‬فيقصدكف بو أف العبد من خبلؿ تلك ا‪٤‬بنازؿ تتجلى عظمة ا‪٣‬بالق على قلب السالك‬
‫فبل يرل أمامو إال هللا‪ ،‬ك‪ٛ‬بحى آاثر ا‪٤‬بوجودات من أماـ عينيو‪.‬‬

‫‪ 651‬ذكر ا‪١‬بيبلين ُب ابب ما ٯبب على ا‪٤‬ببتدمء ُب ىذه الطريقة أكال إذل آخر ص ‪ ، 169‬حيث ذكر اآلاداب الٍب‬
‫٘بب على ا‪٤‬بريد كاآلداب الٍب ٘بب على الشيخ‪.‬‬
‫‪ 652‬عرفها ا‪٤‬بنوُب بقولو‪":‬العبادة غاية التذلل للعامة‪ ،‬كالعبودية صدؽ القصد للخاصة" ‪ٝ‬بهرة األكلياء ‪306/1‬‬
‫‪ 653‬يقوؿ ا‪٤‬بنوُب ‪ :‬الوجود ‪ :‬كجداف ا‪٢‬بق بذاتو ‪ ،‬ك‪٥‬بذا تسمى حضرة ا‪١‬بمع حضرة الوجود" ‪ٝ‬بهرة األكلياء ‪312/1‬‬
‫‪ٝ 654‬بهرة األكلياء‪302/1‬‬
‫‪ 655‬عرفو ا‪٤‬بنوُب أبنو قياـ األكصاؼ احملمودة ابهلل" ‪ٝ‬بهرة األكلياء ‪301/1‬‬
‫‪241‬‬
‫كقد فصل ُب تلك ا‪٤‬بقامات زعماء الصوفية كالسهركردم ُب كتابو عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ كا‪٤‬بنوُب ُب ‪ٝ‬بهرة‬
‫األكلياء كغّبٮبا‪. 656‬‬

‫كقد أكصل منوُب الدرجات إذل سبعْب درجة يكاشف العبد ُب آخرىا إذا ترقى فيها مقاما مقاما‪ 657‬كال‬
‫طائل من سردىا ىنا‪.‬‬

‫غّب أنو يقاؿ‪ :‬إهنا أفكار دل تسَبشد اب الكتاب كال السنة كال أقواؿ علماء األمة أصحاب العقوؿ النّبة‬
‫الذين أعرضو عن تكلف ما ليس ‪٥‬بم بو علم من األمور الغيبية الٍب ال يصح ا‪٢‬بكم فيها إال هلل كلرسولو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬

‫ادلبحث العاشر‪:‬‬

‫أصول الصوفية‬

‫يزعم ا‪٤‬بتصوفة كغّبىم أف ما ىم عليو من خرافات كأفكار ىو انبع من ‪ٛ‬بسكهم ابلكتاب كالسنة‪ ،‬إذ‬
‫دعول التمسك ابلكتاب كالسنة سهلة لكن التطبيق يص ٌدؽ ذلك أك يكذبو‪.‬‬

‫يقوؿ ‪٧‬بمود أبو الفيض ا‪٤‬بنوُب كىو من أعبلمهم‪ " :‬كالتصوؼ اإلسبلمي نبعو القرآف أكال كسنة الرسوؿ‬
‫اثنيا كالفقو ُب الدين فركعا كأصوال اثلثا‪"..‬‬

‫كىناؾ مستند اثف ‪٥‬بم بزعمهم كىو مشاىدة ا‪٤‬ببلئكة كأركاح األنبياء‪ ،‬يقوؿ الغزارل فيما نقل عنو ا‪٤‬بنوُب‪:‬‬
‫" حٌب إهنم ُب يقظتهم يشاىدكف ا‪٤‬ببلئكة كأركاح األنبياء كيسمعوف منهم أصواات كيقتبسوف منهم فوائد"‪.‬‬

‫كىذا الكبلـ بْب البطبلف إذا لو صح ذلك لكاف ىذا من تبلعب الشياطْب هبم ‪.‬‬

‫كمن مستنداهتم أيضا ىو علم الباطن الذم أفضى بو الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص إذل علي بن أيب طالب – بزعمهم ‪-‬‬
‫كعلي أفضى بو إذل األئمة ا‪٤‬بذكورين ُب كتبهم‪ ،‬كىو علم ا‪٢‬بقيقة‪.‬‬

‫كالواقع أف اتصفوية جانبوا الصواب‪ ،‬فبل يوجد ُب القرآف كالسنة نص كاح يدؿ على شرعية غلو التصوؼ‬
‫كشطحاهتم كترنيمتاىخم ككرقصاهتم كليس ُب علوـ الفقو اإلسبلمي كأصولو شيء من ىذا القبيل‪ ،‬كىم دل‬
‫يذكركا أصبل أدلة من القرآف تؤيد دعاكاىم‬

‫‪ 656‬انظر‪ٝ :‬بهرة األكلياء ‪ُ 190/1‬ب عنواف " ا‪٤‬بقامات كاألحواؿ" كانظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪338-330‬انظر‪:‬‬
‫‪ٝ‬بهرة األكلياء ‪ُ 190/1‬ب عنواف " ا‪٤‬بقامات كاألحواؿ" كانظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪338-330‬‬
‫‪ٝ 657‬بهرة األكلياء ‪147/1‬‬
‫‪242‬‬
‫ادلبحث احلادي عشر‪:‬‬

‫إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للصوفية‬

‫عقيدة ادلتصوفة يف اإللو عز وجل‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫هللا عز كجل ىو الواحد األحد الفرد الصمد خلق ا‪٤‬بخلوقات كأكجدىا كأمر الثقلْب أبكامر كهناىم عن‬
‫نواىي‪ ،‬اتصف بصفات عليا كأ‪٠‬باء حسُب ليس كمثلو شيء كىو السميع البصّب مباين ‪٣‬بلقو قريب‬
‫منهم إبحاطتو كعلمو‪ ،‬كأمران أف نصفو ٗبا كصف بو نفسو أك كصفو بو رسولو غّب معطلْب كال مكيفْب‬
‫كال ‪٧‬برفْب ‪.‬‬

‫أما الصوفية فيعتقدكف بوجود معبود ال حقيقة لو قائمة بذاتو‪ ،‬معبود دل يرد ُب الشرع‪ ،‬كدل يدؿ عليو‬
‫العقل‪ ،‬كىو يظهر ُب صورة العابد الذم كصل إذل مرتبة النيابة عن هللا ُب تصريف أمور الكوف كالتحكم‬
‫فيو الرتفاع اإلنية بينو كبْب هللا‪ ،‬كهللا ُب منظورىم يظهر أحياان ُب صورة شاب كأحياان ُب صورة اآلكل‬
‫كالشارب كغّب ذلك من الصور‪.658‬‬

‫احللول‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ىو من لوازـ الصوفية الغبلة كمن ا‪٤‬ببادئ األساسية عندىم‪ ،‬كيعرفونو بعدة أقواؿ‪ ،‬فمنهم من قاؿ ‪ :‬ىو‬
‫ا‪ٙ‬باد جسمْب ٕبيث تكوف اإلشارة إذل أحدٮبا إشارة إذل اآلخر كحلوؿ ماء الورد ُب الورد‪.‬‬

‫كمنهم من قاؿ‪ :‬ىو اختصاص شيء بشيء ٕبيث اإلشارة إذل أحدٮبا ىي عْب اإلشارة إذل اآلخر‪.‬‬

‫كاستعمل لفظ ا‪٢‬بلوؿ بعض الصوفية ليشّبكا بو إذل الصلة بْب الرب كالعبد أك البلىوت كالناسوت ٗبعُب‬
‫اف هللا ٰبل ُب األجساد ا‪٣‬باصة‪ ،‬كىذا مبدأ نصراين كأكؿ من أعلنو من الصوفية ىو ا‪٢‬ببلج ‪.‬‬

‫كمنهم من قاؿ اب‪٢‬بلوؿ ا‪٣‬باص‪ ،‬أم اف هللا ٰبل ُب خصوص بعض األجساد‪ ،‬كمنهم من قاؿ اب‪٢‬بلوؿ‬
‫العاـ أم أف هللا ٰبل ُب كل مكاف ‪.‬‬

‫كمن أبرز من يقوؿ اب‪٢‬بوؿ العاـ من الصوفية أبو يزيد البسطامي حْب يتحدث عن رفع هللا لو كأقامو بْب‬
‫يديو فكاف ‪٩‬با قالو ‪ " :‬زيِب بوحدانيتك ‪..‬حٌب إذا رآين خلقك قالوا رأيناؾ‪"..‬‬

‫‪ 658‬انظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص‪ 353‬كالفتوحات ا‪٤‬بكية‪ 498/3‬ككتاب ابن عريب الصوُب ص ‪ 270‬نقبل عن العلم‬
‫الشامخ ص ‪550‬‬
‫‪243‬‬
‫كليس ىذا فقط بل ٱبتلط عليهم ا‪٢‬بابل ابلنابل فيصبح عْب ا‪٤‬بخلوقات ىو عْب ا‪٣‬بالق تعاذل يقوؿ‬
‫البسطامي ‪:‬‬

‫فمن ليلى كمن لبُب كمن ىند كمن بثنة‬


‫‪659‬‬
‫كمن قيس كمن بشر أليسوا كلهم عينو‬

‫كمن ىنا نشأ عند بن الفارض الفوضى الفكرية ُب تداخل ‪ٝ‬بيع األدايف حقها كابطلها حٌب صارت كلها‬
‫شكبل كاحدا ‪ ،‬ككلها على حق كاليهودية كالنصرانية كاجملوسية كالوثنية كاإلسبلـ كىذا يتضح جليا ُب‬
‫اتئيتو ا‪٤‬بشهورة الٍب منها قولو ‪:‬‬

‫كما جاء ُب األخبار ُب ألف حجة‬ ‫كإف عبد النار اجملوس كما انطفت‬

‫فما عبدكا غّبم كإف كاف قصدىم سوام كإف دل يعقدكا عقد نيٍب‬
‫‪660‬‬
‫انرا فضلوا ُب ا‪٥‬بدل ابألشعة‬ ‫رأكا ضوء انرم مرة فتوٮبوه‬

‫كيرل ابن عريب أف النساء أعظم الشهود كأكملو كلذا أكجب هللا الغسل من ا‪١‬بنابة لكمل شهود ا‪٢‬بق‬
‫فيهن‪. 661‬‬

‫كمن ىذا ا‪٤‬بفهوـ الباطل ٘برأ على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كأساء األدب ُب حقو كأنو ٲبيل إذل النساء لكماؿ‬
‫شهود ا‪٢‬بق فيهن ‪ ،‬كىذا دليل على جهلو ٕبق الرسوؿ كتعظيمو لربو كخشيتو كإانبتو كخوفو كرغبتو كرىبتو‬
‫لربو تعاذل ‪.‬‬

‫كقد قرر زعماء االابحية كالزندقة كابن عريب كابن الفارض أف هللا يتجلى ُب كل صورة حسنة ُب صورة‬
‫الرجل كا‪٤‬برأة فيكوف فاعبل منفعبل‪ 662‬تعاذل هللا عن قو‪٥‬بم‪.‬‬

‫وحدة الوجود‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ 659‬انظر‪ :‬الفتوحات ا‪٤‬بكية ‪521/3‬‬


‫‪ 660‬اتئية ابن الفارض ‪.‬‬
‫‪ 661‬انظر‪ :‬كتاب ابن عريب الصوُب ص ‪ 270‬نقبل عن العلم الشامخ ص‪550‬‬
‫‪ 662‬انظر‪ :‬تر‪ٝ‬باف األشواؽ البن عريب كفصوص ا‪٢‬بكم لو كانظر ما ينقلو عنهم د‪ /‬صابر طعيمة ُب الصفحات ‪-165‬‬
‫‪183‬‬
‫‪244‬‬
‫كىي عقيدة إ‪٢‬بادية أتٌب بعد التشبع بفكرة ا‪٢‬بلوؿ ُب بعض ا‪٤‬بوجودات كمفادىا أف ال شيء إال هللا ككل‬
‫ما ُب الوجود ٲبثل هللا عز كجل ال انفصاؿ بْب ا‪٣‬بالق كا‪٤‬بخلوؽ كأف كجود الكائنات ىي عْب كجود هللا‪.‬‬

‫كقد اقسم أصحاب ىذا ا‪٤‬ببدأ اإل‪٢‬بادم إذل فريقْب‪:‬‬

‫الفريق األكؿ‪ :‬يرل أف هللا تعاذل ركحا كأف العادل جسما لذلك الركح فإذا ‪٠‬با االنساف التصق ابلركح أم‬
‫ابهلل‪.‬‬

‫الفريق الثاين‪ :‬يزعموف أف ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودات ال حقيقة لوجودىا غّب كجود هللا‪ ،‬فكل شيء ُب زعمهم ىو‬
‫هللا‪٘ ،‬بلى فيو ‪.663‬‬

‫تعقيب‪:‬‬

‫إف اإلسبلـ برمء من ىذه األفكار ا‪٤‬بنحرفة ا‪٣‬برافية فاهلل تعاذل {ىو األكؿ كاآلخر كالظاىر كالباطن كىو‬
‫بكل شيء عليم}‬

‫كمنشأ الغلط عندىم ىو اعتقادىم أبف هللا ىو أصل الوجود ىو هللا فكأف ا‪٤‬بوجودات ُب حكم العدـ‪،‬‬
‫كالوجود ا‪٢‬بقيقي ىو هللا ٘بلى ُب أفعالو ك‪٨‬بلوقاتو ‪ ،‬كابلتارل فالعقائد كلها عندىم صحيحة ‪.‬‬

‫ك‪٥‬بذا اىتم ا‪٤‬بستشرقوف بدراسة التصوؼ ‪٤‬با رأكا فيو ا‪٤‬ببلذ اآلمن لنشر الفرقة بْب ا‪٤‬بسلمْب كنشر اإل‪٢‬باد‬
‫كإنكار النبوات كنبذ التكاليف الشرعية كالدعوة إذل القوؿ بوحدة األدايف‪.‬‬

‫كحكم القوؿ اب‪٢‬بلوؿ أك اال‪ٙ‬باد أك كحدة الوجود كفر كارتداد‪ ،‬يقوؿ شيخ االسبلـ ابن تيمية‪ " :‬إف كفر‬
‫ىؤالء أعظم من كفر اليهود كالنصارل كمشركي العرب"‬

‫كىذه ‪ٝ‬بلة من أبرز القائلْب بوحدة الوجود‪:‬‬

‫ابن عريب ‪ :‬حيث صحح األدايف كلها حْب يقوؿ ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫عقد ا‪٣‬ببلئق ُب االلو عقائدا ‪ ...‬كأان اعتقدت ‪ٝ‬بيع ما اعتقدكه‬

‫كلو ُب كتابو فصوص ا‪٢‬بكم ككتابو الفتوحات ا‪٤‬بكية كثّب من األقواؿ ُب كحدة الوجود كنفي الفرؽ‬
‫بْب ا‪٣‬بالق كا‪٤‬بخلوؽ‪.‬‬

‫‪ 663‬انظر‪ :‬الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪ 207-206‬نقبل عن التصوؽ اإلسبلمي كاإلماـ الشعراين لؤلستاذ طو عبد‬
‫الباقي سركر ‪89/1‬‬
‫‪245‬‬
‫كمنهم ابن الفارض كقد مؤل اتئيتو الشهّبة بذلك كأف هللا متحد اب‪٤‬بوجودات كأنو ىو نفسو‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪٩‬بثل عن هللا ُب صفاتو كأفعالو‪ ،‬يقوؿ عن معُب سجود ا‪٤‬ببلئكة آلدـ‪:‬‬

‫كُب شهدت الساجدين ‪٤‬بظهرم ‪ ،،،‬فحققت أين كنت آدـ سجدٌب‪.‬‬


‫‪664‬‬
‫كيشرحها القاشاين الصوُب برد معانيو إذل ا‪٢‬بلوؿ كاال‪ٙ‬باد‬

‫كمنهم ا‪١‬بيلي صاحب كتاب " اإلنساف الكامل" كقد أطاؿ الشعراين ُب تر‪ٝ‬بتو كقد ذكر‬ ‫ت‪-‬‬
‫من أقوالو الباطلة الشي الكثّب ُب نفي الفرؽ بْب ا‪٤‬بخلوقات كا‪٣‬بالق‪ ،665‬كىو صاحب‬
‫قصيدة طويلة ملئها ابلندقة كالقوؿ بعد الفرؽ بْب ا‪٣‬بالق كا‪٤‬بخلوؽ منها قولو‪:‬‬

‫رل ا‪٤‬بلك كا‪٤‬بلكوت نسجي كصنعٍب ‪ ،،،‬رل الغيب كا‪١‬بربكت مِب منشاه‪.666‬‬

‫كمنهم أبو حامد الغزارل ‪ ،‬كإف كاف قد خفي أمره على معظم الناس كقد أتثر بو الناس أتثرا‬ ‫ث‪-‬‬
‫كبّب ألنو كاف يدارم أصحاب كل طائفة ٗبا يعتقدكنو – كما ذكر ذلك الشيخ عبد‬
‫الر‪ٞ‬بن الوكيل‪. -‬‬

‫كنذكر مثاال على ذلك من أقوالو‪ ،‬كذلك قولو ُب ذكر مراتب التوحيد ُب كتابو إحياء علوـ الدين‬
‫حيث ذكر توحيد العواـ ٍب مقاـ ا‪٤‬بقربْب ٍب ذكر الثالثة كىي األعلى فقاؿ ‪ " :‬أالٌ يرل ُب الوجود إال‬
‫‪667‬‬
‫كاحدا كىي مشاىدة الصديقْب كتسميو الصوفية الفناء ُب التوحيد‪"..‬‬

‫كمنهم عامر بن عامر أبو الفضل عز الدين حيث حاكى اتئية ابن الفارض فيقوؿ ُب‬ ‫ج‪-‬‬
‫مقدمة قصيدتو ‪:‬‬

‫٘بلى رل احملبوب من كل كجهة ‪ ...‬فشاىدتو ُب كل معُب كصورة‬

‫نظرت فلم أبصر سول ‪٧‬بض كحدة ‪ ...‬بغّب شريك قد تغطت بكثرة‬

‫‪664‬‬
‫الغر على ىامش شرح الديواف‪ 89/2‬نقبل عن ىذه ىي الصوفية ص ‪33‬‬
‫انظر‪ :‬كشف الوجوه ٌ‬
‫‪ 665‬انظر‪ :‬طبقات الشعراين ص ‪132-126‬‬
‫‪ 666‬انظر‪ :‬اإلنساف الكامل ص ‪ 23-22‬نقبل عن ىذه ىي الصوفية ص ‪42‬‬
‫‪ 667‬إحياء علوـ الدين‪246-245/4‬‬
‫‪246‬‬
‫كمن أكلئك أيضا ‪ٝ‬بلة كبّبة من الذين سلكوا ىذا ا‪٤‬بسلك ذكرىم الشيخ عبد الر‪ٞ‬بن‬ ‫ذ‪-‬‬
‫الوكيل ُب كتابو منهم دمحم ابن إسحاؽ ا‪٤‬بشهور ابلقونوم‪ 668‬كعبد الغِب بن ا‪٠‬باعيل‬
‫‪671‬‬
‫ا‪٤‬بشهور ابلنابلسي‪ 669‬كعبد السبلـ بن بشيش الشاذرل‪ 670‬كدمحم الدمرداش احملمدم‬
‫كأ‪ٞ‬بد بن عجيبة االدريسي‪ 672‬كحسن رضواف‪ 673‬كغّبىم‪.‬‬
‫وحدة الشهود‪ :‬وتسمى الفناء أيضا‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫كىو بدأ األمر ُب مطالعة ا‪٢‬بقائق من كراء سَب رقيق ‪ ،‬كيَبقى ُب ىذه ا‪٤‬برحلة إذل أف يصل إذل درجة‬
‫ا‪٢‬بلوؿ كاال‪ٙ‬باد‪. 674‬‬

‫يقوؿ حرازـ ُب كصف ذلك ا‪٤‬بقاـ ‪ ":‬إذل أف ينتقل إذل ا‪٤‬بشاىدة كىي االستهبلؾ ُب التوحيد كغاية‬
‫ا‪٤‬بشاىدة ينمحق الغّب كالغّبية فليس إال ا‪٢‬بق اب‪٢‬بق للحق عن ا‪٢‬بق فبل علم كال رسم كال عقل كال كىم‬
‫‪675‬‬
‫كال خياؿ كال كيفية كال كمية كال نسبة انتفت الغّبية كلها"‬

‫العالقة بُت وحدة الوجد ووحدة الشهود‪:‬‬

‫للعلماء رأايف ُب التفريق بينهما كإٯبازٮبا فيما يلي‪:‬‬

‫أكال ‪ :‬يرل بعض العلماء أف ىناؾ فرقا كبّبا بينهما فوحدة الوجود ىي االعتقاد اب‪٢‬بلوؿ كاال‪ٙ‬باد‪ ،‬بينما‬
‫كحدة الشهود ىي مراقبة هللا تعاذل ٕبيث يعبده كأنو يراه ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬يرل بعض العلماء أف كحدة الشهود ىي الدرجة األكذل إذل كحدة الوجود ‪.‬‬

‫كُب الواقع أف التفريق بينهما ليس لو أساس اثبت كال دليل عليو إال الذكؽ الصوُب ‪ ،‬كدل ينطق هبذه‬
‫ا‪٤‬بصطلحات خّب البشر كال استعملها ُب كبلمو ملسو هيلع هللا ىلص ‪.‬‬

‫‪ 668‬لو اتئية ابن عامر‪.‬‬


‫‪ 669‬لو كتاب مراتب الوجود ‪٨ ،‬بطوط ابلظاىرية بدمشق رقم ‪.5895‬‬
‫‪ 670‬رسالة ا‪٠‬بها "حكم شطح الورل" ‪٨‬بطوط ابلظظاىرية بدمشق رقم ‪.4008‬‬
‫‪ 671‬لو كتاب القوؿ الفريد‪.‬‬
‫‪ 672‬لو كتاب إيقاظ ا‪٥‬بمم ُب شرح ا‪٢‬بكم ‪.‬‬
‫‪ 673‬لو كتاب ركض القلوب ا‪٤‬بستطاب‪.‬‬
‫‪ 674‬انظر ‪ :‬جواىر ا‪٤‬بعاين‪. 135/1‬‬
‫‪ 675‬جواىر ا‪٤‬بعاين ص ‪.13‬‬
‫‪247‬‬
‫ككمن يرل ىذا الرأم الشيخ عبد الر‪ٞ‬بن الوكيل فيقوؿ ُب رده على الغزارل‪ " :‬أرأيت إذل الغزارل يدين‬
‫بوحدة الوجود أك كحدة الشهور ‪٠‬بها ما شئت فعند الكفر تلتقي األسطوراتف ‪ ،‬ال تقل إف كحدة الوجود‬
‫أنشودة البداية ككحدة الشهود أغركدة النهاية فكلتاٮبا بدعة صوفية بيد أهنا غايرت بْب اإل‪٠‬بْب كخالفت‬
‫‪676‬‬
‫بْب اللونْب"‬

‫‪-5‬اعتقادىم يف الرسول ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬‬

‫‪٥‬بم كثّب من االعتقادات الباطلة ُب الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كذلك كما يلي‪:‬‬

‫يعتقدكف أف هللا كاف ُب السماء جدكف تعيْب‪ .‬فأراد أف يتعْب‪ ،‬فتعْب ُب صورة دمحم‪ ،‬أم أف‬ ‫أ‪-‬‬
‫دمحما ىو هللا ذاات كصفة ‪ ،‬كقد قرر لك الكشخانلي كدمحم الدرماس كا‪١‬بيلي كالبيطار‬
‫كالقاشاين كالفوٌب كحرازـ كالشعراين‪.677‬‬
‫أف الذم ىاجر من مكة إذل ا‪٤‬بدينة ىو هللا متجليا ُب صورة دمحم كما نص على ابن‬ ‫ب‪-‬‬
‫عريب‪.678‬‬
‫أف الرسوؿ ٰبضر كل ‪٦‬بلس يريده ٔبسده كركحو‪ ،‬كلو التصرؼ كيف يشاء ُب أقطار‬ ‫ت‪-‬‬
‫األرض‪.679‬‬
‫أف كل ا‪٤‬بوجودات كجدت من نور دمحم ٍب تفرقت ُب الكوف‪ ، 680‬كقد قرر ذلك الفوٌب‬ ‫ث‪-‬‬
‫ككغّبه ‪ ،‬يقوؿ ابن عطاء هللا السكندرم ‪ٝ " :‬بيع األنبياء خلقوا من الر‪ٞ‬بة كنبينا عْب‬
‫الر‪ٞ‬بة"‪. 681‬‬
‫يعتقد ابن عريب أف الرسوؿ كاف يعرؼ القرآف قبل نزكلو بل إنو ىو الذم علم جربيل ٍب‬ ‫ج‪-‬‬
‫يوحيو إذل دمحم اثنية‪.682‬‬

‫‪ 676‬ىذه ىي الصوفية ص ‪50‬‬


‫‪ 677‬انظر‪ :‬النصوص عن ىؤالء ُب كتاب ىذه ىي الصوفية ص ‪92-73‬‬
‫‪ 678‬انظر‪ :‬ىذه ىي الصوفية ص ‪77‬‬
‫‪ 679‬انظر‪ :‬ما كتبو الفوٌب ُب رماحو ‪، 219/1‬ىامش جواىر ا‪٤‬بعاين‪ ،‬كانظر‪ٝ :‬بهرة األكلياء ‪12/2‬‬
‫‪ 680‬ىنا مربط الفرس ُب العقيدة الصوفية فقلما ٱبلو كتاب عن تقرير ىذه العقيدة‪.‬‬
‫‪ 681‬لطائف ا‪٤‬بنن ص ‪55‬‬
‫‪ 682‬انظر‪ :‬ىذه ىي الصوفية ص ‪ 89‬ينقلو عن كتاب الكربين األ‪ٞ‬بر للشعراين ص ‪6‬‬
‫‪248‬‬
‫من الصوفية من يعتقد أنو أفضل من األنبياء كما قاؿ البسطاين ‪ " :‬خضنا ٕبرا كقف‬ ‫ح‪-‬‬
‫األنبياء بساحلو"‪. 683‬‬

‫كال ٱبفى أف ىذه األكاذيب كا‪٤‬بزاعم منزه عنها نبينا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كأنو عبد رسوؿ كسائر األنبياء اصطفاه هللا‬
‫ألداء الرسالة ك‪ٞ‬بل األمانة ‪.‬‬

‫الوالية وبيان بعض مصلحات الصوفية ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫تطلق كلمة كالية ُب اللغة العرية على عدة معاف‪ ،‬منها التابع كاحملب كالصديق كالناصر‪.684‬‬

‫أما معناىا عند الصوفية فهي تنتهي أخّبا ُب مصب كحدة الوجود‪.‬‬

‫كقد عرفها الصوفية بعدة تعريفات نذكر بعضا منها فيما يلي‪:‬‬

‫تعريف ا‪٤‬بنوُب‪ :‬ىي تورل ا‪٢‬بق سبحانو كتعاذل عبده بظهور أ‪٠‬بائو كصفاتو عليو علما ككعينا كحاال‬
‫كأثرا كلذة كتصرفا‪.‬‬

‫تعريف ا‪١‬برجاين‪ :‬ىو العارؼ ابهلل كصفاتو ٕبسب ما ٲبكن ا‪٤‬بواضب على الطاعات ا‪٤‬بتجنب‬
‫للمعاصي ا‪٤‬بعرض عن اللذات كالشهوات‪.‬‬

‫كلو تعرؼ اثين كىو ‪ :‬قياـ العبد اب‪٢‬بق عند الفناء عن نفسو‪. 685‬‬

‫تعريف السهركردم‪ :‬ىم الذين صلحوا ‪٢‬بضرتو بتحقيق الفناء عن خليقتو‪. 686‬‬

‫أما الوالية ُب القرآف الكرًن فقد كردت مرادا بو ا‪٤‬بدح كأحياان مرادا هبا الذـ كذلك حسب اطبلقها‪ ،‬ألف‬
‫صاحبها إما اف يكوف كليا هلل أك كليا للشيطاف كبينهما من البعد ما ال ٱبفى على مسلم ‪.‬‬

‫أما الصوفية فقد أخرجوىا عن حقيقتها كأطلقوىا على الرجل ا‪٤‬بتصوؼ أك من ينسب إذل آؿ البيت ٍب‬
‫ألبسوىا كبار أئمتهم ٍب أخرجوىا ُب مذاىب ا‪٢‬بلوؿ كاال‪ٙ‬باد ٍب أطلقوىا على العلم اللدين الذم أخذه‬

‫‪ 683‬انظر‪ :‬شطحات الصوفية ص ‪31‬‬


‫‪ 684‬انظر‪ :‬مادة كرل ‪ ،‬هتذيب اللغة لؤلزىرم‪ 447/15‬كنزىة األعْب النواظر ص ‪ 614‬كا‪٤‬بختار من الصحاح ص‬
‫‪ 583‬كغّب ذلك من كتب اللغة ‪.‬‬
‫‪ 685‬انظر‪ :‬كتاب التعريفات ص ‪254‬‬
‫‪ 686‬انظبل‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪84‬‬
‫‪249‬‬
‫علي بن أيب طالب من الرسوؿ كما ُب زعم الشيعة كالصوفية كأهنم كرثوه بربكة الوالية‪ ،‬كقد تكلم القشّبم‬
‫ُب تعريفات الوالية كنقل عن أكابر مشائخهم آرائهم فيها كأٮبيتها كعبلماهتا ككيفية ا‪٢‬بصوؿ عليها‬
‫كمسائل أخرل‪.687‬‬

‫أقسم الوالية عند الصوفية ‪:‬‬

‫قسم الصوفية الوالية إذل أقساـ كثّبة‪ ،688‬كنذكر ىنا تقسيم ا‪٤‬بنوُب حيث قسمهم إذل ما يلي‪:‬‬

‫ا‪٤‬ببلمتية ‪ :‬كىم الذين ال يظهركف للخلق أعماال كأسرارا بل ٱبفوف أسرارىم لكماؿ ذكقهم‬ ‫أ‪-‬‬
‫كقوة شهودىم لرهبم ‪.‬‬
‫الغوث األكرب‪ :‬ىو ذات ا‪٢‬بق ابعتبار ٘بريدىا من االسم كالصفة ‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫األكاتد األربعة ‪ :‬كىم حفظة العادل كل كاح منهم ُب ركن من أركا العادل كىم أقل رتبة من‬ ‫ت‪-‬‬
‫األبداؿ‪.‬‬
‫األقطاب السبعة‪٢ :‬بفظ القارات السبعة كالقطب الواحد ىو موضع نظر هللا من العادل ُب‬ ‫ث‪-‬‬
‫كل زماف‪ ،‬كالقطبانية الكربل ىي مرتبة قطب األقطاب كىو ابطن النبوة للرسوؿ‪.‬‬
‫النجباء‪ :‬كىم األربعوف القائموف إبصبلح شؤكف السالكنب‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫األفراد‪ :‬ىم ا‪٤‬بفردكف الغرابء‪ ،‬لتفردىم عن ا‪٣‬بلق بشهود ا‪٢‬بق كغربتهم من أىل زماهنم غّب‬ ‫ح‪-‬‬
‫منحصرين ُب رتبة معينة ك‪٥‬بم كشف خاص كعلوـ إليهة غريبة على الناس‪.689‬‬
‫أخّبا كصلوا ابلوالية إذل رتبة النبوة‪ ،‬فلها ختم كما للنبوة فختم األنبياء ىو دمحم كخاًب‬ ‫خ‪-‬‬
‫األكلياء ‪٦‬بموعة من الكذابْب حيث أكؿ من ادعاىا ا‪٢‬بكيم الَبمذم كا‪٠‬بو دمحم بن علي بن‬
‫ا‪٢‬بسْب ُب آخر القرف الثالث ا‪٥‬بجرم‪.‬‬
‫ٍب دعاىا ابن عريب ُب سنة ‪638‬ىػ ٍب ادعاىا دمحم عثماف ا‪٤‬بّبغِب السوداين ا‪٤‬بتوَب سنة‬
‫‪1268‬ىػ ٍب ادعاىا أ‪ٞ‬بد التجاين ُب فاس ابلغرب سنة ‪ 1230‬ىػ ككل كاحد ادعى‬
‫كرامات كغّبىا لتثبيت دعول ختم الوالية بو ‪.‬‬

‫‪ 687‬انظر‪ :‬الرسالة القشّبية‪520/2‬‬


‫‪ 688‬كال فائدة من إطالة شرحهم ‪٥‬با ‪ ،‬انظر‪ :‬ما كتبو الشيخ عبد الر‪ٞ‬بن عبد ا‪٣‬بالق ُب كتابو الفكر الصوفيص‪219‬‬
‫كانظر‪ :‬الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪101-92‬‬
‫‪ 689‬انظر‪ٝ :‬بهرة األكلياء ‪311,306,121/1‬‬
‫‪250‬‬
‫ادلبحث الثاين عشر‪:‬‬
‫الكشف الصويف‬
‫من أصوؿ الدين اإلسبلمي أف هللا تعاذل ىو كحده عبلـ الغيوب كأف ا‪٣‬بلق ال يعلموف‬
‫الغيب إال من شاء هللا أف يطلعو على الغيب على ما أراد سواء كاف ملكا مقراب أك نبيا‬
‫مرسبل‪ ،‬أما الصوفية فقد اخَبعوا أمرا أ‪٠‬بوه ابلكشف‪.‬‬
‫كتعريف الكشف الصوُب عندىم ىو ‪ :‬رفع ا‪٢‬بجب من أماـ قلب الصوُب كبصره ليعلم‬
‫بعد ذلك كل ما ٯبرم ُب ىذا الكوف ‪.‬‬
‫كترقوا ُب ىذه الدعول كابلغوا على النحو التارل‪:‬‬
‫ادعوا أف الصوُب يكشف لو عن معاف جديدة ُب الكتاب كالسنة كاآلاثر كالرسوـ ال يعلمها‬ ‫‪-1‬‬
‫علماء الشريعة ألهنم أيخذكف علمهم عن هللا‪.‬‬
‫ٍب ادعوا أف ‪٥‬بم علوما ال توجد ُب الكتاب كال السنة أيخذكهنا عن ا‪٣‬بضر الذم ىو على‬ ‫‪-2‬‬
‫شريعة الباطن بزعمهم‪.‬‬
‫ٍب ادعوا أهنم يتلقوف علمهم من ملك اإل‪٥‬باـ كما تلقى الرسوؿ علومو من ملك الوحي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ٍب ادعى بعضهم أهنم يتلقوف علومهم عن هللا رأسا ببل كساطة حيث تنطبع ىذه العلوـ ُب‬ ‫‪-4‬‬
‫نفوسهم ‪.‬‬
‫ٍب ادعى بعضهم أف الرسوؿ ىو الذم ٱبربىم أبذكارىم كعباداهتم يقظة ال مناما‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ٍب ادعوا أهنم يعلموف أسرار ا‪٢‬بركؼ ا‪٤‬بقطعة أكائل السور على حقيقتها كأهنم ٯبتمعوف‬ ‫‪-6‬‬
‫ابألنبياء كيسألوهنم إذل غّب ذلك من ا‪٣‬برافات‪ ،‬كعتاة ىذه الدعول ابن عريب كالدابغ‬
‫كالبسطامي كالتجاين كا‪٤‬برسي كغّبىم‪.690‬‬

‫كقد مؤل ا‪١‬بيلي كتابو اإلنساف الكامل بكثّب من ا‪٣‬برافات الٍب ٲبجها السمع كينفر عنها الذكؽ ‪،‬‬
‫كقد كانت دعول الكشف ىي ا‪٤‬بقدمة األكذل ُب نظرم إذل االدعاء بوحدة الوجود كا‪٢‬بلوؿ ‪،‬‬
‫فالكشف مبالغة فاحشة‪ ،‬كلكنها مهدت ‪٤‬با ىو أفحش كىو ادعاء االتصاؼ ابهلل كاألخذ منو‪.‬‬

‫‪ 690‬انظر‪ :‬الفكر الصوُب ص ‪ ،143‬الفصل التاسع‪.‬‬


‫‪251‬‬
‫ادلبحث الثالث عشر‪:‬‬

‫الشطحات الصوفية‬

‫كصل الصوفية ُب شطحاهتم إذل حد ال يقدـ عليو إال من تزندؽ كأ‪٢‬بد كخرج عن الدين ‪ ،‬فلما رأكا‬
‫ذلك أرادكا أف ٱبرجوا أنفسهم من تلك ا‪٤‬بوارد الوخيمة فلم ٯبدكا منها ‪٨‬برجا فادعوا أهنم إ٭با قالوا‬
‫تلك الكلمات الكفرية ُب حاؿ سكرىم ابهلل كغيبوبة عقو‪٥‬بم عن اإلحساس إال ابهلل ‪.‬‬

‫كىذا العذر من أقبح األعذار كأ‪٠‬بجها‪ ،‬فهل ىم أحب هلل من األنبياء كمن أتباعهم ا‪٣‬بلص ‪ ،‬كدل‬
‫يعثر على أحد منهم أف تلفظ ٗبا تلفظ بو ىؤالء الذين امتؤلت نفوسهم زندقة كحقدا على اإلسبلـ‬
‫‪.‬‬

‫كٲبكن ذكر بعض األمثلة على شطحات الصوفية فيما يلي‪:‬‬

‫قاؿ أبو يزيد البسطامي كا‪٠‬بو طيفور بن عيسى ‪ " :‬سبحاين سبحاين" كقاؿ مرة ‪ " :‬ضربن‬ ‫أ‪-‬‬
‫خيمٍب إبزاء العرش " كقاؿ ٱباطب هللا ‪ " :‬قد مكنت رل مرآة فصرت أان ا‪٤‬برآة " كقاؿ‪" :‬‬
‫ألف تراين مرة خّب لك من أف ترل ربك ألف مرة " كقاؿ‪ " :‬ما ا‪١‬بنة‪.‬؟ لعبة صبياف"‬
‫قاؿ الشبلي ‪ ":‬لو التفت سرم إذل العرش كالكرسي الحَبؽ" كقاؿ ‪ " :‬لو خطر ببارل أف‬ ‫ب‪-‬‬
‫ا‪١‬بحيم ‪ٙ‬برؽ مِب شعرة لكنت مشركا" كقاؿ مرة بعد أف ‪٠‬بع قارائ يقرأ{ قاؿ اخسئوا فيها‬
‫كال تتكلموف} قاؿ‪ " :‬ليتِب كنت كاحدا منهم" كقاؿ‪ " :‬إف هلل عبادا لو بزقوا على جهنم‬
‫ألطفئوىا "‬
‫قاؿ أبو ا‪٢‬بسن النورم بعد أف ‪٠‬بح مرة نباح كلب كمرة رغاء شاة ‪" :‬لبيك كسعديك‬ ‫ت‪-‬‬
‫ايسيدم"‬

‫كىذه العبارات غيض من فيض ‪ ،‬فهناؾ اآلؼ الشطحات‪ُ 691‬ب حاؿ سكرىم ابهلل كما يزعموف‪،‬‬
‫كا‪٢‬بقيقة أهنا صادرة عن أانس يدعوف ا‪٢‬بلوؿ كاال‪ٙ‬باد كىم ُب كامل كعيهم كشيطنتهم ‪ ،‬كعندىم ‪ٛ‬باـ‬
‫ا‪١‬برأة على الكذب على هللا كىواهنم عليو ‪.‬‬

‫‪ 691‬انظر لتلك الشطحات كغّبىا ‪ :‬كتاب شطحات الصوفية ص ‪ 32-28‬نقبل عن اللمع السراج ص ‪394-380‬‬
‫كعن ماسنيوف ُب ‪٦‬بموع نصوص ابتداء ص ‪ 27‬فما بعدىا ‪ ،‬كحلية األكلياء ‪ 41/1‬كقد نقل الدكتور عبد الر‪ٞ‬بن‬
‫بدكم ُب كتابو شطحات الصوفية ا‪١‬بزء األكؿ ‪ ،‬نقل أقواال كثّبة ُب شطحات الصوفية‪.‬‬
‫‪252‬‬
‫ادلبحث الرابع عشر‪:‬‬

‫التكاليف يف نظر الصوفية‬

‫يعتقد غبلة الصوفية أف الصبلة كالصوـ كالزكاة كا‪٢‬بج ىي عبادات العواـ‪ ،‬كأما ىم فيسموف أنفسهم‬
‫ا‪٣‬باصة أك خاصة ا‪٣‬باصة ‪.‬‬

‫كألجل ذلك اخَبعوا ‪٥‬بم عبادات خاصة كمناىج كطرائق خاصة كمفاىيم ‪٨‬بتلفة خصوصا بعد كصوؿ‬
‫أحدىم إذل درجة اليقْب كما يزعموف ‪.‬‬

‫كىم يتفقوف فيما شرعوا ألنفسهم كٱبتلفوف إال أف كل صاحب طريقة ٯبعل على أتباعو أغبلال كحواجز‬
‫شديدة ٕبيث ال ٲبكن ألحدىم أف يغّب طريقتو كال ذكره إال إبذف الشيخ ‪.‬‬

‫كأىل كحدة الوجود عندىم ال ٰبرموف شيئا فا‪٣‬بّب كالشر كا‪٢‬بسن كالقبح إ٭با ىي أفعاؿ ال فركؽ بينها‬
‫الحتواء الذات ‪٥‬با كلها‪ ،‬فوقع كثّب منهم ُب الفواحش كاإل‪٢‬باد كالزان كاللواط كغّبىا‪ ،‬كىم يعتقدكف ُب‬
‫ذلك كلو أف الفواحش تقع اب‪١‬بسم ال ابلركح‪ ،‬كىي أجل من فعل ذلك ‪.‬‬

‫كيعتقدكف كذلك أف شيخهم أيخذ مباشرة ابلتلقي عن هللا ‪ ،‬كلذا فليس عنده خوؼ من انر أك رغبة ُب‬
‫جنة كإ٭با يعبدكف هللا حبا كما تبجح بذلك بعض أساطينهم كالبسطامي كغّبه ‪.‬‬

‫كقد قسم ا‪٤‬بنوُب مراتب الناس كقرهبم من هللا تعاذل إذل ثبلثة أقساـ كىي ‪:‬‬

‫األكؿ‪ :‬ىم ذك األمزجة الكثيفة كاألفهاـ الضعيفة الذين يعسر عليهم ‪٧‬باكلة التعلم من طريق التعليم‪،‬‬
‫فطريقهم يستقيم ابلقياـ ابلعبادات كالتنسك كالصبلة كالزكاة كالصوـ كا‪٢‬بج كا‪١‬بهاد كغّبىا حٌب يَبقوا‬
‫ألرفع ا‪٤‬بعارج كمواطن تنزالت ا‪٤‬بعارؼ‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬طريقة أىل ا‪٣‬بصوص من أىل األفهاـ اللوذعية كاألخبلؽ الرحبة كا‪٥‬بياكل النورانية كحا‪٥‬بم ُب‬
‫‪٦‬باىدة النزكات إذل أف ترجع فطرهتم السليمة‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬ىم ذكك النفوس الرضية كالعقوؿ الزكية كالفطرة الصديقية كطريقتهم طريقة ا‪٤‬بطلوبْب إذل هللا‬
‫كالطائرين إليو كىي طريقة احملبوبْب من رب العا‪٤‬بْب كمبلؾ السّب فيها صفاء القلب كصدؽ ا‪٢‬بب ظاىرا‬
‫كابطنا‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫ٍب صرح أبف التصوؼ زبدة الدايانت فقاؿ‪ " :‬كٗبا أف التصوؼ زبدة الدايانت كلبها كليس ‪٦‬برد تقاليد‬
‫كطقوس كقواعد ظاىرية كاف لكل داينة تصوفها"‪.692‬‬

‫كىذا تصريح منو أبف التصوؼ ليس منبعو من اإلسبلـ‪ ،‬بل من دايانت شٌب‪ ،‬مع أنو من ا‪٤‬بعلوـ كماؿ‬
‫كمشولية اإلسبلـ‪.‬‬

‫كقد ىوف الصوفية من شأف العبادات أٲبا هتوين‪ ،‬بل جعلوا الوصوؿ إذل درجات الكماؿ ليس عن طريق‬
‫العبادة ‪ ،‬يقوؿ أبو سليماف الداراين ‪ " :‬دل يبلغ األبداؿ ما بلغوا بصوـ كال صبلة كلكن ابلسخاء‬
‫‪693‬‬
‫كالشجاعة كذمهم أنفسيهم عند أنفسهم"‬
‫‪694‬‬
‫كقاؿ أيضا‪ " :‬إف هللا يفتح للعارؼ على فراشو ما ال يفتح لغّبه كىو قائم يصلي"‬

‫كقد أكرد الشعراين ‪ٝ‬بلة كبّبة من قصص استخفاؼ األكلياء ‪ -‬بزعمهم – ابلعبادات كما ُب تر‪ٝ‬بتو‬
‫للشريف اجملذكب من أنو كاف أيكل ُب هنار رمضاف كيقوؿ‪" :‬أان معتوؽ أعتقِب ريب" ككذلك ما كاف من‬
‫بركات ا‪٣‬بياط الذم كاف ال يصلي ا‪١‬بمع كال ا‪١‬بماعات‪.695‬‬

‫كغّب ذلك من األمثلة الكثّبة الٍب تربىن على استخفاؼ ىؤالء الناس ٗبا افَبضو هللا عليهم‪.‬‬

‫ادلبحث اخلامس عشر‪:‬‬

‫األذكار الصوفية‬

‫اخَبع الصوفية أكرادا فر كىا على من سار على طريقتهم ما أنزؿ هللا هبا من سلطاف بل اشتملت على‬
‫الكفر كالزندقة كالكذب على هللا كعلى رسولو ككلمات سراينية كحركؼ مقطعة ال يعرؼ ا‪٤‬براد منها ‪.‬‬

‫ككل صاحب طريقة يدعي أنو أيخذ تلك األذكار عن هللا أك عن نبيو يقظة ال مناما ُب أحياف كثّبة‪،‬‬
‫كرتبوا عليها األجور العظيمة بزعمهم ‪.‬‬

‫‪ 692‬انظر‪ٝ :‬بهرة األكلياء ‪158-157/1‬‬


‫‪ٝ 693‬بهرة األكلياء ‪175/2‬‬
‫‪ 694‬الرسالة القشّبية ‪606/2‬‬
‫‪ 695‬انظر‪ :‬الطبقات الكربل للشعراين ‪150-144/2‬‬
‫‪254‬‬
‫فمنها أذكار التجاين كمنها أذكار البسطامي كالرفاعي كا‪١‬بيبلين كالشبلي كأبو العباس ا‪٤‬برسي كالشاذرل‬
‫كاإلدريسي كآخر ين كثّبين كزعم كثّب من أصحاهبا أهنم تلقوىا عن الرسوؿ أك عن ا‪٣‬بضر أك عن‬
‫هللا‪.696‬‬

‫كمدار أذكارىم على اإلثبات بزعمهم فهم يقتصركف على لفظة " هللا" بدال عن ال إلو إال هللا ‪ ،‬خوفا من‬
‫أف ٲبوت الشخص عند ذكر النفي ‪ ،‬كال ندرم كيف يقرؤكف قوؿ هللا ‪ {:‬فاعلم أنو ال إال هللا} كماذا‬
‫يفعل ا‪٤‬بؤذف ُب الشهادتْب كحاؿ الدخوؿ ُب اإلسبلـ ‪ ،‬كل ذلك ‪٩‬با يبطل كساكس الصوفية ‪.‬‬

‫كمن أعاجيب أمرىم ما ذكره السكندرم ُب كصف أ‪٠‬باء هللا حيث رتب لكل اسم ذكرا خاصا بو ‪،‬‬
‫فمن ذلك مثبل اسم العفو يليق ابلعواـ كاسم الباعث يذكره أىل الغفلة كاسم الغافر لعواـ التبلميذ كاسم‬
‫ا‪٤‬بتْب يذكره أرابب ا‪٣‬بلوة كىكذا ُب كل اسم‪.‬‬

‫كفيما يلي نوجز ماذكره عبد الر‪ٞ‬بن الوكيل ُب بياف كيفية الذكر الصوُب كذلك كما يلي‪:‬‬

‫إذا جاء كقت ا‪٤‬بولد ٯبتمع الرجاؿ كالنساء أك الدراكيش كالدركيشات‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بعد األكل يصفق شيخهم الكبّب إيذاان ببدأ الذكر‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ٱبرج من شفتيو كمنخريو اسم هللا ملحدا ُب ا‪٢‬بركؼ كالنطق‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ٍب يتمايلوف ٲبنة كيسرة ُب حركات صاخبة مصحوبة ِبىات كزفرات كقبل مع إظهار‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‪٢‬بماس‪.‬‬
‫كل كاحدج من ا‪٢‬باضرين يستحضر صورة شيخو أمامو إف دل يكن موجودا أك يستمد منو‬ ‫‪-5‬‬
‫العوف‪.‬‬
‫ينبغي لكل كاحد أف يلتزـ بطريقة الذكر كىي أف يبدأ بػ " ال" ٲبينا كيرجع بػ"إلو" فيتوسط ٍب‬ ‫‪-6‬‬
‫ٱبتم بػ " إال هللا " يسارا قبلة القلب‪ ،‬كإذا ذكر اسم هللا مفردا فبل بد أف يضرب بذقنو على‬
‫صدره‪ ،‬كٯبب أف ينتع الكلمة من سرتو إذل قلبو ُب حركات هبلوانية‪.‬‬
‫ال يبدأ ا‪٤‬بريد بدعاء أم اسم هلل إال إذا ‪٠‬بح لو الشيخ بذلك‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫‪ 696‬انظر‪ :‬الفكر الصوُب ص ‪.284‬‬


‫‪255‬‬
‫أف ىذه الطريقة هبذه الصفة قد أتثرت ابليهود فقد كرد ُب سفر ا‪٤‬بزامّب ‪" :‬ليبتهج بنو‬ ‫‪-8‬‬
‫صهيوف ٗبلكهم ليسبحوا ا‪٠‬بو برقص بدؼ كعود ىللوا سبحوا هللا ُب قدسو سبحوه برابب‬
‫‪697‬‬
‫كعود سبحوه بدؼ كرقص سبحوه أبكاتر كمزمار سبحوه بصنوؼ ا‪٥‬بتاؼ"‬

‫كمدار أدعيتهم ‪ٙ‬بوـ حوؿ الدعاء ابال‪ٙ‬باد ابللح كا‪٢‬بلوؿ كالتعدم ُب الدعاء فمن أمثلة ذلك قوؿ أيب‬
‫ا‪٢‬بسن الشاذرل‪ " :‬اي عزيز اي رحيم ‪ ..‬أسقط البْب بيِب كبينك ‪ "..‬كقوؿ القطب أ‪ٞ‬بد ا‪٤‬برسي ‪ " :‬اللهم‬
‫اىدين لنورؾ‪ ...‬كىب رل علما يوافق علمك‪ ...‬كارفع ا‪٢‬بجاب فيما بيِب كبينك"‪.698‬‬

‫ككذلك مثاال التعدم ُب الدعاء قوؿ السكندرم ‪ ":‬كاتهلل لئن دل ترعِب بعينك ك‪ٙ‬بفظِب بقدرتك ألىلكن‬
‫‪699‬‬
‫نفسي كألىلكن أمة من خلقك ‪"..‬‬

‫كمثل األدعية الغّب معقولة كال مفهومة من أدعية الطريقة الشاذلية كىو ‪ " :‬سقفاطيس سقاطيم آموف‬
‫قاؼ آدـ حم ىأ آمْب كدكد كردد ده هبا هبيا هبيا هبيهات ‪٤‬بقفنجل اي أرض خذيهم "‪. 700‬‬

‫نعم اي أرض خذيهم إهنم مأساة حقيقة حْب استبدلوا األدعية ا‪٤‬بأثورة الكثّبة الٍب كردت عن نبينا صلى‬
‫هللا عليو كسلم كسبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا هبذه األدعية الٍب تقشعر منها األبداف كتشمئز منها‬
‫النفوس‪.‬‬

‫ادلبحث السادس عشر‪:‬‬

‫الوجد والرقص عند الصوفية‬

‫للغراـ كالرقص كالتمايل عند الصوفية مكانة اثبتة بل صار ىذا من أقول الشبكات الٍب يصطادكف هبا من‬
‫قلت معرفتهم ابلدين ا‪٢‬بنيف‪.‬‬

‫فعند الصوفية ُب أكقاهتم ا‪٣‬باصة ‪٦‬بالس ٯبتمعوف فيها رجاال كنساء على الرقص كالتصفيق كالصياح‬
‫أبصوات منكرة ٲبزقوف فيها ثياهبم كيتمايلوف ُب طرهبم ُب حركات ال يفهم منها أم إشارة إذل ا‪٣‬بوؼ من‬
‫النار أك الرغبة ُب ا‪١‬بنة‪.‬‬

‫‪ 697‬انظر‪ :‬ما كتبو عبد الر‪ٞ‬بن الوكيل عفا هللا عنو ص ‪ 145-141‬كانظر‪ :‬العهد القدًن – ا‪٤‬بزامّب‪ ،‬مزمور ‪.641‬‬
‫‪ 698‬لطائف ا‪٤‬بنن ص ‪354-343‬‬
‫‪ 699‬انظر‪ :‬لطائف ا‪٤‬بنن ص ‪365-355‬‬
‫‪ 700‬انظر‪ :‬الفكر الصوُب ص ‪ 292‬نقبل عن أيب ا‪٢‬بسن الشاذرل لعبد ا‪٢‬بليم ‪٧‬بمود ص ‪.210‬‬
‫‪256‬‬
‫مكوف أساسي ُب احتفاالهتم ُب أية مناسبة ٕبيث‬
‫كأصبح الرقص الصوُب عند معظم الطرؽ الصوفية ٌ‬
‫ٯبتمع الرجاؿ كالنساء معا كٯبلس كبارىم على ا‪٤‬بوائد يشربوف الدخاف كيقرؤكف شيئا من ا‪٣‬برافات‬
‫ا‪٤‬بنسوبة إذل مقبوريهم‪ ، 701‬كشيئا من القصائد الٍب تلتهب شوقا كغزال كغراما كحزان زعما أهنا ىي الطرؽ‬
‫الٍب توصلهم إذل رهبم ‪٨ ،‬بالفْب بذلك ىدم السنة كىدم الصحابة كمن تبعهم إبحساف ‪.‬‬

‫أدلتهم على جواز ذلك والرد عليها ‪:‬‬

‫حاكؿ الصوفية أف يوجدكا لتلك األفعاؿ أدلة مشركعة كىذه بعضها فيما يلي‪:‬‬

‫زعمهم أف سليماف ‪٤‬با ‪٠‬بع قوؿ هللا حينما نزلت اآلية {كإف جهنم ‪٤‬بوعدىم أ‪ٝ‬بعْب}سورة‬ ‫أ‪-‬‬
‫ا‪٢‬بجر آية ‪ ،43‬صاح ككقع على رأسو ٍب خرج ىاراب ثبلثة أايـ‪.‬‬
‫احتجوا بقوؿ هللا أليوب {اركضربجلك} سورة ص آية ‪.42‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫احتجوا بفعل بعض الصحابة ‪٤‬با قاؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص لعلي" أنت مِب كأان منك" فحجل ‪،‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫كقاؿ ‪١‬بعفر " أشبهت خلقي كخلقي" فحجل كقاؿ لسلماف " أنت أخوان موالان "‬
‫فحجل‪.‬‬
‫احتجوا ٕبديث ا‪١‬باريتْب اللتاف كانتا تغنياف ٕبضر النيب كىو مسجى فانتهرٮبا أاب بكر‬ ‫ث‪-‬‬
‫فقاؿ‪ " :‬دعهما فإهنا أايـ عيد" ‪.‬‬
‫ك‪٩‬با احتجوا بو أف ا‪٢‬ببشة زفنت كالنيب ينظر إليهم ُب ا‪٤‬بسجد‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫كمنها أف عمر كاف رٗبا يقرأ اآلية فتخنقو العربة كيسقط كيلزـ البيت يومْب مريضا‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬
‫كمنها قوؿ النيب صلى هللا عليو كسلمؤليب موسى األشعرم‪ " :‬أكٌب مزمارا من مزامّب آؿ‬ ‫خ‪-‬‬
‫داكد"‪.‬‬
‫كمنها استحساف النيب لشعر النابغة حٌب قاؿ لو‪ " :‬ال يفضض هللا فاؾ"‬ ‫د‪-‬‬
‫كمنها رؤية بعض الصا‪٢‬بْب للخضر كسؤالو عن السماع الصوُب فقاؿ‪":‬ىو ا‪٤‬باء الزالؿ" ‪.‬‬ ‫ذ‪-‬‬
‫كمنها رؤية بعض أكليائهم للنيب ُب ا‪٤‬بناـ كدل ينكر عليهم السماع ‪.‬‬ ‫ر‪-‬‬
‫كمنها أف ا‪٣‬بضر تواجد حٌب سقط على جبهتو كساؿ الدـ منو ‪.‬‬ ‫ز‪-‬‬

‫‪ 701‬انظر‪ :‬الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪.230‬‬


‫‪257‬‬
‫كغر ذلك من األدلة الكثّبة الٍب أكدىا السهركردم كمشي بعض الصا‪٢‬بْب على ا‪٤‬باء ُب حاؿ تواجدىم‬
‫أك دل ٰبَبؽ ابلنار كبعضهم يرتفع أذرعا من األرض‪. 702‬‬

‫ىذه أىم ا‪٢‬بجج الٍب يتمسك هبا الصوفية ُب مشركعية الرقص كالتواجد الصوُب‪.‬‬

‫الرد عليهم ‪:‬‬

‫ٲبكن أف نوجز الرد ابختصار على ىذه األدلة الواىية كاالستدالالت الغّب مقبولة فيما يلي‪:‬‬

‫أكال‪ :‬أما احتجاجهم بفعل سلماف عندما حجل فقد ركيت ىذه القصة ببل سند ‪ ،‬كاآلية نزلت ٗبكة‬
‫ابتفاؽ ‪ ،‬كسلماف قد أسلم ُب ا‪٤‬بدينة ‪.‬‬

‫كمن ا‪٤‬بعلوـ أف الصحابة كاف ٱبشوف هللا ‪ٛ‬باـ ا‪٣‬بشية كا‪٣‬بشوع فتذرؼ عيوهنم ك‪ٚ‬باؼ قلوهبمو دل يصعق‬
‫أحد منهم كىم أعرؼ ابهلل كأنقى كأكثر اتقيادا‪ ،‬كقد كاف الرسوؿ ينهى عن التأثر ُب غّب حدكد الشرع‬
‫فقاؿ لرجل ‪٠‬بع موعظة منو كصعق ‪ " :‬من ذا ا‪٤‬بلبس عليننا ديننا إف كاف صادقا فقد شهر نفسو كإف‬
‫كاف كاذاب فمحقو هللا"‪.703‬‬

‫اثنيا‪ :‬احتجاجهم بقوؿ هللا أليوب اركض برجلك ‪ ،‬فهو من ابب فعل السبب لشفائو كدل أيمر أبف‬
‫يضرب رجلو رقصا كطراب‪ ،‬كدل يفعل ذلك ابتداء بل تنفيذا لؤلمر‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬احجاجهم ٕبجل علي كجعفر كزيد ‪ ،‬فا‪٢‬بجل ىو نوع من ا‪٤‬بشي يفعل عند الفرح كارتياح النفس‬
‫ليعرب اإلنساف عن فرحو دكف قصد الرقص كالتمايل ‪ ،‬كىي حالة عارضة كال يقصد هبا التقرب إذل هللا‬
‫كالصوفية‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬احتجاجهم بزفن ا‪١‬ببشة ‪ ،‬فالزفن نوع من ا‪٤‬بشي مع الرقص يشّب إذل االعتداد ابلنفس كأكثر ما‬
‫يفعل عن اللقاء ُب ا‪٢‬بركب كإلظهار الشجاعة كعدـ ا‪٤‬بباالة ابلعدك ‪ ،‬كليس ا‪٤‬بقصد منو الطرب كالرقص‬
‫‪.‬‬

‫‪ 702‬انظر‪ :‬عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ ص ‪ 147-124‬كانظر‪ :‬كتاب حزب الرحيم ‪( 179/1‬ىامش جواىر ا‪٤‬بعاين) كانظر‪:‬‬
‫الصوفية معتقدا كمسلكا ص ‪ 230‬كالرسالة القشّبية ‪253-246/1‬‬
‫‪703‬‬

‫‪258‬‬
‫خامسا‪ :‬احتجاجهم بسماع الرسوؿ للجاريتْب ‪ ،‬فالرسوؿ كاف مسجى كالصوفية ال يتدثركف بثياهبم بل‬
‫ٲبزقوف ثياهبم ‪ ،‬كا‪١‬باريتْب كانتا تنشداف كبلما ليس فيو غزؿ كال تشبيب ابلنساء كىو أيضا يوـ عيد‬
‫كا‪٢‬باؿ يستدعي الَبكيح عن النفس ‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬استدال‪٥‬بم بفعل عمر كمرضو من ‪٠‬باع آية فلم يرد عن الصحابة أهنم مرضوا من ‪٠‬باع اآلايت أك‬
‫كاف ‪٥‬بم أكراد يرددكهنا كالصوفية ‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬استدال‪٥‬بم بقوؿ النيب ‪٤‬بوسى أكٌب مزمارا‪ ،‬فهو إخبار من النيب بتلك النعمة الٍب أعطيها أبو‬
‫موسى كدل يكن يرقص أك ٲبزؽ ثيابو كغاية ما فعلو أف قرأ القرآف بصوت حسن ‪.‬‬

‫اثمنا‪ :‬استدال‪٥‬بم ابستحساف الرسوؿ لشعر حساف فهو من األمور الطبيعية ُب نفوس البشر من‬
‫استحساف كاستقباح ‪.‬‬

‫اتسعا ‪ :‬أف استدال‪٥‬بم ابلرؤل ا‪٤‬بنامية أك ٗبقابلتهم للخضر أكغّبه فكلها ابطلة ‪ ،‬كلو اعتيقد أف الرائي ثقة‬
‫فإنو ال يتعبد برؤايه فما ابلك كالرؤل عن ‪٦‬بهولْب كمن ‪٦‬بهولْب‪ ،‬كلو صحت لكاف ىذا من تبلعب‬
‫الشياطْب هبم ‪.‬‬

‫عاشار‪ :‬أف ما ذكر السهركرم من طّباف بعضهم اك ارتفاعو ُب حاؿ الوجد فهو يعزز القوؿ بتبلعب‬
‫الشياطْب هبم ‪.‬‬

‫ادلبحث السابع عشر‪:‬‬

‫الكرامات وخوارق العادات عند الصوفية‬

‫لؤلكلياء ا‪٢‬بقيقيْب كرامات ال تنكر كقد كاف للصحابة رضواف هللا عليهم من الكرامات ما ىو جدير هبم‬
‫‪ ،‬ككذلك ما كاف لغّبىم من األكلياء العباد كالعلماء من الكرامات ‪.‬‬

‫كىدفنا ىنا ىو بياف الكرامات كا‪٣‬بوارؽ الٍب ‪ٙ‬بدث من أانس ليسو أكلياء هللا كليس ‪٥‬بم صبلح ‪.‬‬

‫كبياف ذلك أف من مكائد الشيطاف كتلبيسو على الناس أبف يظهر لبعضهم أمورا غيبية تبدك كأهنا كرامات‬
‫للشخص فيتخيل أنو ٗبنزلة عالية كأنو ٲباثل األنبياء ُب كراماهتم ‪.‬‬

‫كمن تبلعب الشياطْب هبم أف يسمع أحدىم مثبل صوات من حجر أك شجر أك صنم فيأمره أبمر ُب‬
‫بعضها شرؾ ابهلل فيظن ا‪٤‬بغركر أف هللا خاطبو أك ا‪٤‬ببلئكة أك أحد األنبياء أك ا‪٣‬بضر‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫كمنها أف الشياطْب قد تتمثل بصورة ا‪٤‬بستغاث بو فيظن أنو ىو الشيخ الفبلين أك الورل الفبلين ‪.‬‬

‫كمنها أف ‪ٚ‬باطب الشياطْب بعض العباد كا‪١‬بهاؿ كيوٮبونو أنو ىو ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر كصاحب الزماف ا‪٤‬ببشر‬
‫بو فيصدؽ نفسو كيدعي ا‪٤‬بهدية ‪.‬‬

‫كمنهم من يرل الكعبة تطوؼ بو كيرل عرشا عظيما كعليو أنوار كصور عظيمة كأشخاص تصعد تنزؿ‬
‫فيظن أنو بْب يدايهلل‪.‬‬

‫ك‪٥‬بذا ينبغي على ا‪٤‬بؤمن العاقل التنبو إذل مثل ىذه ا‪٤‬بكائد الشيطانية بلجوئو إذل هللا تعاذل كاالىتداء‬
‫األمارة ابلسوء كأالٌ‬
‫هبدم نبيو كأف ينظر إذل نفسو من ابب الذؿ كا‪٢‬باجة إذل ربو كيكبح ‪ٝ‬باح نفسو ٌ‬
‫يصدؽ ما يَباءل لنفسو من كرامات تناُب اإلسبلـ ‪.‬‬

‫أما الصوفية فقد صدقوا كل تلك الكرامات ك‪٫‬بن نذكر ىنا شيئا من تلك الكرامات ا‪٤‬بزعومة عندىم فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫إحياء ا‪٤‬بوتى ‪ ،‬مثل أبو عبيد اليسر الذم أحيا دابتو بعد ماتت ‪ ،‬كالدٮباين الذم أحيا‬ ‫أ‪-‬‬
‫لتلميذه كلده بعد ما مات‪.‬‬
‫القدرة على ا‪٤‬بشي على ا‪٤‬باء كطي األرض ك‪ٙ‬بويل الَباب إذل خبز كإبراء األكمو كاألبرص‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪ٛ‬بلكهم لكلمة التكوين أم إذا أراد شيئا قاؿ لو كن فيكوف‪ :‬كما ذكر ذلك علي حرازـ ُب‬ ‫ت‪-‬‬
‫كتابو جواىر ا‪٤‬بعاين‪.‬‬
‫‪٠‬باع نطق ا‪١‬بمادات كما زعم ذلك ابن عريب‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫ضمانة ا‪١‬بنة ‪٤‬بن أطعم صوفيا‪ :‬كما ضمن ذلك التجاين لكل من أحبو كأطعمو‪. 704‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫ككل تلك الكرامات ا‪٤‬بزعومة أشبو أبحبلـ الصبياف أك صراعات اجملانْب كتكذيبها كالسخرية منها ال‬
‫ٰبتاج إذل ضياع كقت ُب االشتغاؿ ابلردكد عليها كبياف سخافتها‪.‬‬

‫‪ 704‬انظر‪ :‬إذل مزيد من قصص الكرامات ُب لطائف ا‪٤‬بنن ص ‪123‬ك‪146‬ك‪153‬كانظر‪ :‬الرسالة القشّبية‬
‫‪712/2‬ك‪700‬ك‪685‬ك‪682‬ك‪678‬ك‪676‬كانظر‪ :‬كتب الفتوحات ا‪٤‬بكية كجكهرة األكلياء كعوارؼ ا‪٤‬بعارؽ كطبقات‬
‫الشعراين كجواىر ا‪٤‬بعاين كرماح حزب الرحيم كغّبىا من كتب الصوفية ‪.‬‬
‫‪260‬‬
‫كقد أطنبت كتب الصوفية ُب ذكر الكرامات ألكليائهم فشرقوا كغربوا ُب ‪ٝ‬بع تلك الكرامات ‪ ،‬فمن تلك‬
‫لنقوؿ لكثّبة ما ذكره القشّبم عن أيب ا‪٢‬بسْب النورم أنو جاء إذل البحر فقاؿ ٱباطب هللا كغزتك‬
‫ألغرقن نفسي إف دل ‪ٚ‬برج رل ‪٠‬بكة فيها ثبلثة أرطاؿ ‪ ،‬فخرجت ‪٠‬بكة ذات ثبلثة أرطاؿ ‪.‬‬

‫ككذلك ما حصل ليحي بن سعيد أنو كاف يطّب ُب ا‪٥‬بواء عندما كاف يتعبد ُب غرفة ليس فيها درج فإذا‬
‫أراد ا‪٣‬بركج كالعودة يقوؿ ال حوؿ كال قوة اال ابهلل فيطّب كيعود‪.‬‬

‫كما ذكره القشّبم عن أيب عبيد اليسرم عن أبيو ‪٤‬با خرج ُب سرية فمات ا‪٤‬بهر الذم يركبو فقاؿ ايرب‬
‫أعرانه حٌب نرجع فقاـ ا‪٤‬بهر من ا‪٤‬بوت ‪.‬‬

‫كمنها قوؿ الشيخ أبو العباس ‪ :‬جلت ُب ملكوت هللا فرأيت أاب مدين متعلقا أبسفل العرش كىو رجل‬
‫أشقر أزرؽ العينْب‪.‬‬

‫كُب كتب الصوُب ما ال ٲبكن حصر الكرامات ا‪٤‬بنسوبة إذل أكليائهم ككتاب لطائف ا‪٤‬بنن للسكنجرم‬
‫كطبقات الشعراين كالفتوحات ا‪٤‬بكية ك‪ٝ‬بهرة األكلياء كعوارؼ ا‪٤‬بعارؼ كرماح حزب الرحيم كغّبىا من‬
‫كتب الصوفية ‪.‬‬

‫ادلبحث الثامن عشر‪:‬‬

‫تراجم زعماء الصوفية‬

‫للصوفية زعماء كثّبكف ليس من السهل حصرىم كذكر ترا‪ٝ‬بهم كلعلنا ‪٫‬بيل من أراد التوسع ُب ترا‪ٝ‬بهم‬
‫إذل كتب الصوفية أنفسهم ‪.‬‬

‫كلكن ينبغي التنبيو إذل أف بعض علماء الصوفية ارتكبوا جرما ُب حق الصحابة رضواف هللا عليهم كغّبىم‬
‫من أسبلؼ ا‪٤‬بسلمْب كعلمائهم حْب حشركا ترا‪ٝ‬بهم مع كبار غبلة الصوفية كفساقهم ‪.‬‬

‫كمن اىم تلك ا‪٤‬بكتب ما يلي‪:‬‬

‫الرسالة القشّبية أليب القاسم عبد الكرًن بن ىوازف بن عبد ا‪٤‬بلك بن طلحة القشّبم‬ ‫‪-1‬‬
‫النيسابورم الشافعي ‪465-471‬ىػ كقد خصص جزء منها لَباجم مشائخ الصوفية حيث‬

‫‪261‬‬
‫ابتدأه بقولو ‪ ":‬فصل ُب ذكر مشائخ ىذه الطريقة كما بدؿ من سّبىم كأقوا‪٥‬بم على تعظيم‬
‫الشريعة"‪ٍ 705‬ب ذكر تر‪ٝ‬بة لثبل‪ٜ‬بائة ك‪ٜ‬بانْب شخصا من كبار زعمائهم ‪.‬‬
‫الطبقات الكربل ا‪٤‬بسماة بلواقح األنوار ُب طبقات األخيار ‪ ،‬أتليف عبد الوىاب بن أ‪ٞ‬بد‬ ‫‪-2‬‬
‫بن علي األنصارم الشافعي ا‪٤‬بصرم ا‪٤‬بعركؼ ابلشعراين ‪ ،‬ظهر ُب القرف العاشر ا‪٥‬بجرم‪،‬‬
‫كقد ترجم ألربعمائة كأربع كعشرين شخصا ابإلضافة إذل مشائخو كعددىم ‪ 87‬شخصا ‪،‬‬
‫كقدا بدأ ترا‪ٝ‬بو بذكر أيب بكر الصديق كختمهم بعلي بن شهاب جده األدىن ‪ٍ ،‬ب ابتدأ‬
‫ٗبحمد ا‪٤‬بغريب الشاذرل كختمهم ابلشيخ علي العياشي‪.‬‬
‫‪ٝ‬بهرة األكلياء ُب أعبلـ أىل التصوؼ‪ ،‬أتليف ‪٧‬بمود أبو الفيض ا‪٤‬بنوُب ا‪٢‬بسيِب ‪ ،‬ترجم‬ ‫‪-3‬‬
‫ألعبلـ الصحابة كأىل الصفة ٍب لعدد من أعبلـ التصوؼ ‪ٙ‬بت عنواف " طبقة التابعْب‬
‫كاتبعيهم ذكر التابعْب من األكلياء" ٍب ترجم لسبعة ك‪ٜ‬بانْب شخصا ‪ ،‬حصر معهم بعض‬
‫الفضبلء من أعبلـ اإلسبلـ مع كبار غبلة التصوؼ‪.706‬‬
‫عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ أليب حفص عمر بن دمحم بن عبد هللا بن دمحم بن عمويو الصديقي القرشي‬ ‫‪-4‬‬
‫التميمي البكرم الشافعي ا‪٤‬بلقب بشهاب الدين السهركردرم ‪632 -539‬ىػ دل يربز‬
‫الَباجم إال أنو ذكر كثّبا من أعبلمهم ُب ثنااي الكتاب ‪.‬‬
‫لطائف ا‪٤‬بنن أليب عطاء هللا السكندرم كطريقو مثل طريقة السهركردم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫جواىر ا‪٤‬بعاين كبلوغ األماين ُب فيض سيدم أيب العباس التجاين ‪ ،‬أتليف علي حرازـ ابن‬ ‫‪-6‬‬
‫العريب ا‪٤‬بغريب‪.‬‬
‫رماح حزب الرحيم على ‪٫‬بور حزب الرجيم ‪ ،‬أتليف عمر بن سعيد الفوٌب الطورم‬ ‫‪-7‬‬
‫الكدكم‪ ،‬كاىتم ىو كالذم قبلو ببياف طريقة التجانية كزعماء التجانية ‪.‬‬
‫ألٌف بعض العلماء مؤلفات خاصة عن بعض الشخصيات الصوفية مثل ابن عريب‬ ‫‪-8‬‬
‫البسطامي كالتجاين كالنقشبندم كابن سبعْب كالغزارل كابن الفارض كا‪٢‬ببلج كا‪١‬بيبلين ‪.‬‬

‫بعض ادلراجع عن الصوفية‬


‫أوال‪ :‬كتب الصوفية‪:‬‬

‫‪ 705‬انظر‪ :‬الرسالة القشّبية ‪61/1‬‬


‫‪ 706‬نفس ا‪٤‬برجع ‪80/1‬‬
‫‪262‬‬
‫الرسالة القشّبية‪-‬للقشّبم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫عوارؼ ا‪٤‬بعارؼ‪ .‬للسهركردم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لطائف ا‪٤‬بنن‪ .‬للسكندرم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ٝ‬بهرة األكلياء‪ .‬للمنوُب‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫جواىر ا‪٤‬بعاين‪ .‬علي حرازـ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫رماح حزب الرحيم‪ .‬الفوٌب‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الطبقات الكربل‪ .‬الشعراين‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الفتوحات الرابنية‪ .‬ابن العريب‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫فصوص ا‪٢‬بكم‪ .‬ابن العريب‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬اتئية ابن الفارض‪ .‬ابن الفارض‪.‬‬
‫‪ٚ -11‬بريج األربعْب السلمية ُب التصوؼ‪ .‬للسخاكم‪ٙ ،‬بقيق علي حسن‪.‬‬
‫‪ -12‬ا‪٥‬بداية الرابنية ُب فقو الطريقة التجانية‪ .‬دمحم السيد التجاين‪.‬‬
‫‪ -13‬الغنية لطاليب طريق ا‪٢‬بق‪ .‬عبد القادر ا‪١‬بيبلين‪.‬‬
‫‪ -14‬رفع الشبهات عما ُب القادرية كالتجانية من الشطحات‪١ .‬بنة ‪ٝ‬باعة الصوفية ُب ألورف‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬من الكتب اليت ألفها علماء اإلسالم من غَت الصوفيُت ما يلي‪:‬‬

‫الصوفية كالفقراء‪ .‬شيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ا‪١‬بزء‪ 11‬من ‪٦‬بموع فتاكل شيخ اإلسبلـ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ىذه ىي الصوفية‪ .‬عبد الر‪ٞ‬بن الوكيل‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الفكر الصوُب‪ .‬عبد الر‪ٞ‬بن عبد ا‪٣‬بالق‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫التصوؼ معتقدان كمسلكان‪ .‬صابر طعيمة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫التصوؼ ا‪٤‬بنشأ كا‪٤‬بصدر‪ .‬إحساف إ‪٥‬بي ظهّب‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫التصوؼ كاال٘باه السلفي ُب العصر ا‪٢‬بديث‪ .‬مصطفى حلمي‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫إذل التصوؼ اي عباد هللا‪ .‬ا‪١‬بزائرم‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫التجانية‪ .‬علي بن دمحم الدخيل هللا‪.‬‬ ‫‪-9‬‬

‫‪263‬‬
‫‪ -10‬رسائل كفتاكل ُب ذـ ابن العريب الصوُب‪ٝ .‬بع ك‪ٙ‬بقيق موسى الدكيش‪.‬‬
‫‪ -11‬النقشبندية عرض ك‪ٙ‬بليل‪ .‬عبد الر‪ٞ‬بن دمشقية‪.‬‬
‫‪ -12‬كتاب ابن عريب الصوُب ُب ميزاف البحث كالتحقيق‪ .‬عبد القادر حبيب هللا السندم‪.‬‬
‫‪ -13‬ا‪٥‬بداية ا‪٥‬بادية إذل الطائفة التجانية‪ .‬دمحم تقي الدين ا‪٥‬ببلرل‪.‬‬
‫‪ -14‬الصوفية نشأهتا كنطورىا‪ .‬دمحم العبدة‪ ،‬طارؽ عبد ا‪٢‬بليم‪.‬‬
‫‪ -15‬نظرات ُب معتقد ابن عريب‪ .‬كماؿ دمحم عيسى‪.‬‬
‫‪ -16‬الرفاعية‪ .‬عبد الر‪ٞ‬بن دمشقية‪.‬‬
‫‪ -17‬نظرية االتصاؿ عند الصوفية ُب ضوء اإلسبلـ‪ .‬سارة عبد احملسن السعود‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫الفصل العاشر‪:‬‬

‫ادلرجئة‬

‫متهيد‪:‬‬

‫ا‪٤‬برجئة ىي من أكائل الفرؽ الٍب تنتسب إذل اإلسبلـ ُب الظهور‪ ،‬كقد اىتم العلماء أبخبارىم‪ ،‬بْب‬
‫مدافع عنهم ك‪٧‬باج ‪٥‬بم‪ ،‬كبْب معجب أبدلتهم كبْب داحض ‪٥‬با‪.‬‬

‫جرت إليها كثّب من العلماء ا‪٤‬بشهورين إذل الركوف إليها على تفاكت‬
‫كمن ىنا فقضية اإلرجاء فد ٌ‬
‫ككجد ‪٥‬با مؤيدين كقد ا‪ٚ‬بذت تلك ا‪٣‬بصومات أشكاال من‬
‫بينهم ُب ا‪٤‬بوقف منها‪ ،‬يفوجد ‪٥‬با مدافعْب ي‬
‫العنف كاللْب كأكقاات كثّبة من ا‪١‬بهود‪.‬‬

‫كاإلرجاء الذم ىو ٗبعُب ترؾ العمل كعدـ االىتماـ بو ال مكاف لو ُب الواقع إال عند ا‪٤‬بتأخرين الذين‬
‫يريدكف االنفبلت من القيم كا‪٤‬ببادئ‪.‬‬

‫أما الذين قرركا اإلرجاء ُب بدء عملهم كىم مرجئة الفقهاء فقد كانوا حريصْب على العلم كاغتناـ‬
‫الفرص فتجد الواحد منهم ٰبث على اإلرجاء بكبلـ قد حفظو لكنو ُب ابب العمل من ا‪٤‬بكثرين ُب‬
‫التقرب إذل هللا‪ ، 707‬كلذلك ذكر عنهم شيخ اإلسبلـ أف السلف كانوا يصلوف خلفهم كيَب‪ٞ‬بوف‬
‫عليهم كإ٭با يشنعوف عليهم مسلكهم ا‪٣‬باطئ ُب أتخّب العمل عن حقيقة اإلٲباف‬

‫ادلبحث األول‪:‬‬

‫التعريف ابإلرجاء لغة واصطالحا‬

‫اإلرجاء يف اللغة‪ :‬يطلق على عدة معاف منها‪ :‬األمل كا‪٣‬بوؼ كالتأخّب كإعطاء الرجاء‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫أما األمل فقاؿ تعاذل ‪ {:‬كترجوف من هللا ما ال يرجوف}سورة النساء آية ‪ 104‬كا‪٣‬بوؼ قاؿ تعاذل ‪:‬‬
‫{ ما لكم ال ترجوف هلل كقارا}سورة نوح آية ‪ 13‬كالتأخّب قاؿ تعاذل‪ { :‬قالوا أرجو كأخاه}سورة‬
‫األعراؼ آية ‪ ،111‬كيذكر األزىرم أف أف االرجاء إ٭با يستعمل ٗبعُب ا‪٣‬بوؼ إذا كاف معو حرؼ‬
‫نفي‪.708‬‬

‫‪ 707‬انظر‪ :‬ظاىرة اإلرجاء ُب الفكر اإلسبلمي ‪ ،‬كانظر ‪ :‬كبلـ عمر بن ذر ا‪٥‬بمداين ‪ ،‬حلية األكلياء ‪108/5‬‬
‫‪ 708‬انظر‪ :‬هتذيب اللغة ‪ 181,183/11‬كانظر‪ :‬معاجم اللغة مادة "رجا"‬
‫‪265‬‬
‫تعريف اإلرجاء يف االصطالح‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫اختلفت كلمة العلماء ُب تعريف ا‪٤‬بفهوـ ا‪٢‬بقيقي لئلرجاء نوجزىا فيما يلي‪:‬‬

‫أنو مأخوذ معناه من معناه اللغوم كىو ٗبعُب التأخّب كىو إرجاء العمل عن درجة اإلٲباف‬ ‫‪-1‬‬
‫كأنو ُب حقيقتو تصديق كأنو يتناكؿ األعماؿ على سبيل اجملاز‪ ،‬فبل تضر معو معصية ‪.‬‬
‫أف ا‪٤‬براد بو أتخّب ا‪٢‬بكم عن صاحب الكبّبة إذل يوـ القيامة‪.709‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ربط بعضهم اإلرجاء ٗبا جرل ُب شأف علي كعثماف كإرجاء أمرٮبا إذل هللا كال يشهدكف‬ ‫‪-3‬‬
‫عليهما إبٲباف كال كفر ‪ ،‬كخلص بعضهم من ىذا ا‪٤‬بفهوـ إذل اعتبار أف الصحابة الذين‬
‫اعتزلوا الفًب ىم نواة اإلرجاء ‪.‬‬

‫كقد كقف ‪ٝ‬بلة من الصحابة ‪٩‬بتنعْب عن ا‪٣‬بوض فيما حدث من أحداث ُب عهدىم بْب علي كمعاكية‬
‫كغّبٮبا ‪ ،‬كمن ىؤالء سعد بن أيب كقاص كأبو بكرة كعبد هللا بن عمر كعمراف بن حصْب حيث توقفوا‬
‫كأرجئوا ا‪٢‬بكم ُب تلك الفًب كفوضوا أمر ا‪٤‬بختلفْب فيها إذل هللا تعاذل‪ ،‬فلم ٰبكموا بتخطئة أحد كال‬
‫تصويب أحد ‪.‬‬

‫كىم ُب توقفهم كانوا يستندكف إذل نص شرعي فقد كرد عن الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص بياف ا‪٤‬بخرج من تلك الفًب ُب‬
‫قولو ‪" :‬إال إنو ستكوف فًب أال ٍب تكوف فتنة القاعد فيها خّب من ا‪٤‬باشي فيها‪ٍ "...‬ب قاؿ ُب آخر‬
‫ا‪٢‬بديث ‪ ":‬يعمد إذل سيفو فيدؽ على حده ٕبجر ٍب لينج إف استطاع النجاة"‪ 710‬كىم أعرؼ ابلنصوص‬
‫كمفاٮبيها كىم من فضبلء الصحابة كأجبلئهم فهم يركف معا‪١‬بتها ابلصرب كالصلح بْب ا‪٤‬بتقاتلْب بدال من‬
‫التسرع ُب إراقة ا‪١‬بماء كىذا ىو عْب الصواب ‪.‬‬

‫كإرجاء ىؤالء الصحابة ا‪٢‬بكم ُب علي كمعاكية ليس ىو أساس اإلرجاء البدعي‪ ،‬فاإلرجاء البدعي قاـ‬
‫على القوؿ ابلتصديق ببل عمل كأنو ال يضر مع اإلٲباف ذنب كما ال تنفع مع الكفر طاعة ‪.‬‬

‫‪ 709‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلمي لؤلشعرم ‪213/1‬‬


‫‪ 710‬أخرجو البخارم ‪ 30/13‬كمسلم‪ 2213/1‬كاللفظ لو‪.‬‬
‫‪266‬‬
‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫األساس الذي قام عليو مذىب ادلرجئة‬

‫األسس اليت قام عليها مذىب اإلرجاء‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫األساس الذم قاـ عليو مذىب اإلرجاء ىو ا‪٣‬ببلؼ ُب حقيقة اإلٲباف كمم يتألف‪ ،‬كما ىو ‪ٙ‬بديد معناه‪،‬‬
‫كما يتبع ذلك من إٔباث‪ ،‬كىل اإلٲباف ُب القلب فقط أك فعل اللساف؟ أك ىو فعل القلب كاللساف معا؟‬
‫كالعمل غّب داخل ُب حقيقتو‪ ،‬كابلتارل ال يزيد كال ينقص إذا التصديق كاحد ال ٱبتلف أىلو فيو‪.‬‬

‫ىذه أىم ميزات ٕبوث ىذه الطوائف ا‪٤‬برجئة كإذل كل قسم من تلك األقساـ ذىب فريق من ا‪٤‬برجئة‪.‬‬

‫أبرز أصناف ادلرجئة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ذىب أكثر فرؽ ا‪٤‬برجئة إذل أف اإلٲباف ىو ‪٦‬برد ما ُب القلب كال يضر ذلك أف يظهر من عملو ما ظهر‪،‬‬
‫حٌب كإف كاف كفرا كزندقة‪ ،‬كىذا مذىب ا‪١‬بهم‪ ،‬فبل عربة عنده ابإلقرار ابللساف كال األعماؿ أيضا‪.‬‬

‫كذىب الكرامية إذل أف اإلٲباف ىو قوؿ ابللساف كال يضر مع ذلك حٌب لو أبطن الكفر‪.‬‬

‫كذىب أبو حنيفة كفقهاء الكوفة إذل أف اإلٲباف ىو التصديق ابلقلب كاإلقرار ابللساف ال يغِب أحدٮبا‬
‫عن اآلخر كىو أقرب مذاىب ا‪٤‬برجئة إذل أىل السنة ‪٤‬بوافقتهم أىل السنة ُب أف ا‪٤‬بعاصي ‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة‬
‫كانو ال ٱبرج عن اإلٲباف كخالفوىم ُب عدـ إدخاؿ العمل ُب اإلٲباف كُب أف اإلٲباف يزيد كينقص فلم‬
‫يقولوا بذلك‪.‬‬

‫نسبة اإلرجاء إىل أيب حنيفة‪:‬‬ ‫ح‪-‬‬

‫كُب نسبة اإلرجاء إذل أيب حنيفة خبلؼ كثّب بْب العلماء‪ ،‬ففي نسبتو إليو من كتٌاب الفرؽ كا‪٤‬بقاالت‬
‫يقف ا‪٤‬بدافعوف عنو معتمدين على اىتمامو ابلفركع أماـ كبّبا كاىتمامو ابلعمل ‪٩‬با ٱبالف ا‪٤‬برجئة‪.‬‬

‫كقد شكك ا‪٤‬بدافعوف عنو ُب نسبة كتاب الفقو األكرب إليو كدافع عنو الشهرستاين ُب نسبة اإلرجاء كبْب‬
‫اف ذلك إ٭با كاف عن سوء فهم من ا‪٤‬بعتزلة كالقدرية الذم يركف أبف اإلٲباف ىو‬

‫‪267‬‬
‫التصديق ابلقلب كأنو ال يزيد كال ينقص‪ ،‬فظنوا أنو يؤخر العمل عن اإلٲباف‪ ،‬إضافة إذل أف ا‪٤‬بعتزلة‬
‫يسموف من خالفهم مرجئا‪.711‬‬

‫حقيقة نسبة اإلرجاء إىل أيب حنيفة‪:‬‬ ‫خ‪-‬‬

‫كالواقع أف النقوؿ عن أيب حنيفة كثّبة كىو الثابت كلكنو دل يكن من غبلة ا‪١‬بهمية ‪ ،‬كقد بذؿ كثّب من‬
‫العلماء جهدىم ليجعلوا ا‪٣‬ببلؼ بينهم كبْب أىل السنة ُب حقيقة اإلٲباف لفظيا ‪ ،‬كلكن دل يتم ‪٥‬بم ذلك‬
‫‪ ،‬كىم يعتمدكف ُب ذلك على اتفاقهم مع أىل السنة ُب مرتكب الكبّبة عند هللا‪ ،‬إذ ال يسمى كافرا‪،‬‬
‫كأنو ‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة‪ ،‬كاتفاقهم على أف األعماؿ البد منها كأف اترؾ العمل لو صدؽ بقلبو كأقر بلسانو‬
‫يستحق اللوـ كالعقوبة كأنو من العصاة‪.‬‬

‫كلكن ىذه ا‪٢‬بجج ال ٘بعل ا‪٣‬ببلؼ لفظيا‪ ،‬كذلك ألف السلف ال يفرقوف بْب األعماؿ كاإلٲباف كال‬
‫ٱبرجوف العمل عن مسمى اإلٲباف‪ ،‬كال يركف أف الناس على درجة كاحدة ُب اإلٲباف كالتوحيد‪ ،‬كال‬
‫يوافقوف األحناؼ ُب حكم اإلٲباف الكامل للعصاة‪ ،‬كال يوافقوهنم ُب القوؿ بعدـ زايدة اإلٲباف كنقصانو‪.‬‬

‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫كيف نشأة اإلرجاء وكيف تطور إىل مذىب‬

‫لقد بدأ اإلرجاء ككاف يراد بو ُب بعض إطبلقاتو أكلئك الذين أحبوا السبلمة كالبعد عن ا‪٣‬ببلفات كترؾ‬
‫ا‪٤‬بنازعات السياسية كالدينية كخصوصا فما يتعلق ابألحكاـ األخركية كما يتعلق أبمر ما حصل بْب‬
‫الصحابة‪.‬‬

‫ٍب بعد ذلك تطور تدرٯبيا بعد ظهور ا‪٣‬بوارج كالشيعة‪ ،‬فظهر ا‪٣‬ببلؼ ُب حكم مرتكب الكبّبة كمنزلة‬
‫العمل من اإلٲباف‪.‬‬

‫ٍب تطور اإلرجاء على صفة مذىب حيث قرر أف مرتكب الكبّبة كامل اإلٲباف أانو ال تضر مع اإلٲباف‬
‫معصية كال تنفع مع الكفر طاعة كأنو ُب القلب‪ ،‬كلو تلفظ ابلكفر كالزندقة‪.‬‬

‫كأصحاب ا‪٤‬برحلة األخّبة مذموموف ‪٩‬بقوتوف كمذىبهم يفضي إذل اإلابحية كالتكاسل كالتعويل على عفو‬
‫هللا دكف العلمل كىو ما اتابه الشريعة اإلسبلمية‪.‬‬

‫‪ 711‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪141/1‬‬


‫‪268‬‬
‫كقد احتدـ النزاع بْب أىل السنة كبْب ا‪٣‬بوارج كا‪٤‬بعتزلة من جانب كبْب ا‪٤‬برجئة من جانب آخر‪ ،‬فا‪٣‬بوارج‬
‫يركف أف مرتكب الكبّبة ‪٨‬بلد ُب النار كافر ُب الدنيا كا‪٤‬بعتزلة تراه ُب منزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب كمصّبه النار ُب‬
‫اآلخرة‪ ،‬ك‪٪‬بد ُب ا‪٤‬بقابل ا‪٤‬برجئة الٍب ٘بعل اإلٲباف ُب القلب كال يضر معو حٌب الكفر‪.‬‬

‫بينما أىل السنة يركف أف مرتكب الكبّبة مؤمن إبٲبانو فاسق بكبّبتو كأمره ‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة فتوسطوا بْب كل‬
‫تلك الفرؽ مهتدين بنصوص الشرع‪.‬‬

‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫بيان أول من قال ابإلرجاء وبيان أىم زعماء ادلرجئة‬

‫يذكر العلماء أف ا‪٢‬بسْب بن دمحم بن ا‪٢‬بنفية ىو أكؿ من ذكر اإلرجاء ُب األمة ٖبصوص علي كعثماف‬
‫كطلحة كالزبّب حينما خاض الناس فيهم كىو ساكت ٍب قاؿ‪ " :‬قد ‪٠‬بعت مقالتكم كدل أر شيئا أمثل من‬
‫أف يرجأ علي كعثماف كطلحة كالزبّب فبل يتولوا كال يتربأ منهم"‪ 712‬كلكنو ندـ بعد ذلك على كبلمو ك‪ٛ‬بُب‬
‫أف لو مات قبل أف يقولو‪.‬‬

‫كقد بلغ أابه مقولتو فضربو حٌب شجو كقاؿ لو‪ :‬أال تتوذل أابؾ عليا؟ كلكن أىل االرجاء دل يلتفتوا إذل ندـ‬
‫ا‪٢‬بسن بن دمحم‪.713‬‬

‫كلكن ينبغي مبلحظة أف قوؿ ا‪٢‬بسن يتعلق ابإلرجاء ُب ا‪٢‬بكم ابلصواب أك ا‪٣‬بطأ فيمن ذكرىم كليس ُب‬
‫اإلٲباف من عدمو كما ىو حاؿ ا‪٤‬برجئة بعد ذلك‪.‬‬

‫كقيل إف أكؿ من قاؿ ابإلرجاء اتبعي كا‪٠‬بو ذر ابن عبد هللا ا‪٥‬بمداين ‪،‬كقد ذمو علماء عصره بل كاف‬
‫سعيد ابن جبّب كإبراىيم النخعي ال يرداف عليو السبلـ إذا سلم‪.‬‬

‫كالفرؽ كاضح بْب ذر كبْب ا‪٢‬بسن‪ ،‬فإرجاء ا‪٢‬بسن يتعلق ابلتصويب كالتخطئة كإرجاء ذر يتعلق ابلعمل‬
‫كاالٲباف كىذا ‪ٝ‬بع بْب القولْب‪.‬‬

‫كقيل أكؿ من دعا إذل االرجاء رجل ابلعراؽ يسمى قيس بن عمرك ا‪٤‬باضرم‪ ،‬كقيل ‪ٞ‬باد بن أيب سليماف‬
‫شيخ أيب حنيفة‪ ،714‬كقيل رجل ا‪٠‬بو سادل األفطس‪ ،‬كيطلق على إرجاء ىؤالء إرجاء الفقهاء‪.‬‬

‫‪ 712‬انظر‪ :‬ظاىرة اإلرجاء ُب الفكر االسبلمي ص ‪244‬‬


‫‪ 713‬دل يكن ما كتبو ا‪٢‬بسن كتااب حسب ما يتبادر إذل الذىن‪ ،‬كإ٭با كاف ٗبنزلة منشور‪.‬‬
‫‪269‬‬
‫كقد عد ‪ٝ‬باعة من العلماء من ا‪٤‬برجئة ىؤالء‪،‬كدل يكفركا أصحاب الكبائر كدل ٰبكموا بتخليدىم ُب النار‪.‬‬

‫إال ما ذكر عن مقاتل من قولو‪ :‬أف ا‪٤‬بعصية ال تضر صاحب التوحيد كأنو ال يدخل النار مؤمن‪.715‬‬

‫كمن كبار غبلة ا‪٤‬برجئة ا‪١‬بهم كالصا‪٢‬بي كيونس السمرم كأبو ثوابف كا‪٢‬بسْب بن دمحم النجار كغيبل كدمحم‬
‫بن سبيب كأبو معاذ التومِب كبشر ا‪٤‬بريسي كدمحم بن كراـ كمقاتل بن لسيماف كا‪١‬بواريب ا‪٤‬بشبو‪.716‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫أصول ادلرجئة‬

‫تكاد تتفق ا‪٤‬برجئة ُب أصو‪٥‬با على مسائل ىامة كىي‪:‬‬

‫أف تعريف االٲباف ىو التصديق أك ا‪٤‬بعرفة ابللقب أك اإلقرار‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫أف العمل ليس داخبل ُب حقيقة اإلٲباف كال يغفلوف منزلة العمل إال عند ا‪١‬بهمية كغبلة‬ ‫ب‪-‬‬
‫ا‪٤‬برجئة‪.‬‬
‫أف االٲباف ال يزيد كال ينقص الف التصديق جزـ ابلشيء‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫أف أصحاب ا‪٤‬بعاصي مؤمنوف كاملوا اإلٲباف‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬

‫ك‪٥‬بم اعتقادات أخرل ذىب إليها ‪ٝ‬بلة من ا‪٤‬برجئة كىي كاآلٌب‪:‬‬

‫أف االنساف ٱبلق فعل نفسو‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬


‫أف هللا ال يرل ُب اآلخرة كقد أتثركا فيو اب‪٤‬بعتزلة‪.‬‬ ‫ح‪-‬‬
‫أف اإلمامة ليست كاجبة‪ ،‬كأتثركا فيو اب‪٣‬بوارج ‪.‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫من عقائد ا‪٤‬برجئة ا‪١‬بهمية أف الكفر ابهلل ىو ا‪١‬بهل كأف اإلٲباف ىو ا‪٤‬بعرفة ابهلل فقط كأف‬ ‫د‪-‬‬
‫ا‪١‬بنة كالنار تفنياف كتبيداف كيفُب أىلهما كال خلود ألحد فيها‪.‬‬
‫تفضل‬
‫ذىب بعضهم إذل أف كل معصية فهي كبّبة‪ ،‬كذىب بعضهم إذل أف غفراف الذنوب ٌ‬ ‫ذ‪-‬‬
‫من هللا كذىب بعضهم إذل أهنا استحقاؽ‪.‬‬

‫‪ 714‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪297,311/7‬‬


‫‪ 715‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بلل كالنحل ‪146-139/1‬‬
‫‪ 716‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب ‪213/1‬‬
‫‪270‬‬
‫جوز بعضهم على األنبياء فعل الكبائر كذىب بعضهم ُب إثبات التوحيد إذل قوؿ ا‪٤‬بعتزلة‬ ‫ر‪-‬‬
‫كبعضهم ذىب إذل قوؿ ا‪٤‬بشبهة‪.‬‬
‫أثبت بعضهم رؤية هللا ُب اآلخرة كمنهم من نفاىا‪.‬‬ ‫ز‪-‬‬
‫اختلفوا ُب القوؿ ٖبلق القرآف فمنهم من قاؿ ٖبلقو كمنهم من قاؿ أبنو غّب ‪٨‬بلوؽ كمنهم‬ ‫س‪-‬‬
‫من توقف‪.‬‬
‫اختلفوا ُب القدر فبعضهم نفى القدر كا‪٤‬بعتزلة كبعضهم أثبتو‪ ،‬كاختلفوا ُب أ‪٠‬باء هللا فمن‬ ‫ش‪-‬‬
‫من قاؿ بقوؿ الكبلبية كمنهم من رأل رأم ا‪٤‬بعتزلة‪.717‬‬

‫كقد قسم الدكتور سفر ا‪٢‬بوارل أقساـ ا٘باىات الناس ُب حقيقة اإلٲباف كاآلٌب‪:‬‬

‫أف اإلٲباف يكوف ابلقلب كاللساف كا‪١‬بوارح‪ :‬كىم أىل السنة كا‪٣‬بوارج كا‪٤‬بعتزلة‪ ،‬أما ا‪٤‬بعتزلة‬ ‫‪-1‬‬
‫كا‪٣‬بوارج فقالوا أف االٲباف فعل كل كاجب كترؾ كل ‪٧‬برـ كمرتكب الكبّبة عندىم كافر عند‬
‫ا‪٣‬بوارج كُب منزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب عند ا‪٤‬بعتزلة كاتفقوا على أف مصّبه ُب اآلخرة إذل النار ‪.‬‬
‫أنو ابلقلب كاللساف فقط‪ :‬كىم مرجئة الفقهاء كابن كبلب‪ ،‬كىؤالء يدخلوف أعماؿ القلوب‬ ‫‪-2‬‬
‫ُب حقيقة االٲباف ٍب تطور هبم األمر إذل إخراج قوؿ اللساف أيضا كجعلوه عبلمة فقط كىم‬
‫عامة ا‪٢‬بنفية ا‪٤‬باتريدية‪.‬‬
‫أنو ابللساف كا‪١‬بوارح فقط‪ :‬كىم الغسانية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أنو ابلقلب فقط‪ :‬كىم ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بريسية كالصا‪٢‬بية كاألشعرية كا‪٤‬باتريدية‪ ،‬فالذين يدخلوف‬ ‫‪-4‬‬
‫فيو أعماؿ القلوب ‪ٝ‬بيعها ىم سائر فرؽ ا‪٤‬برجئة‪ ،‬الذين يقولوف ىو عمل قليب كاحد أم‬
‫ا‪٤‬بعرفة ىم ا‪١‬بهمية‪ ،‬كالذين يقولوف عمل قليب كاحد كىو التصديق ىم األشعرية‬
‫كا‪٤‬باتريدية‪.718‬‬
‫أنو ابللساف فقط‪ :‬كىم الكرامية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫ادلبحث السادس‪:‬‬

‫‪ 717‬انظر‪ :‬مقاالت االسبلميْب‪213,234/1‬‬


‫‪ 718‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪ ،‬ا‪١‬بزء السابع ُب عدة أمكنة من ا‪٥‬بذا ا‪١‬بزء ا‪٤‬بشتمل على كتاب اإلٲباف الكبّب‪ ،‬ككتاب‬
‫اإلٲباف األكسط‪ ،‬كانظر‪ :‬ظاىرة اإلرجاء ُب الفكر اإلسبلمي ص ‪286-284‬‬
‫‪271‬‬
‫أقسام ادلرجئة‬

‫انقسمت ا‪٤‬برجئة ُب اعتقاداهتا إذل فرؽ كثّبة يطوؿ ذكرىا كٲبكن اإلشارة إذل رؤكس تلك الفرؽ فيما يلي‪:‬‬

‫مرجئة السنة‪ :‬كىم األحناؼ‪ ،‬أبو حنيفة كشيخو ‪ٞ‬باد كمن اتبعهما من أىلى الكوفة كقد‬ ‫أ‪-‬‬
‫أخركا العمل عن حقيقة اإلٲباف‪.‬‬
‫مرجئة ا‪١‬بربية كا‪١‬بهم كأتباعو كاكتفوا اب‪٤‬بعرفة القلبية كأف ا‪٤‬بعاصي ال أثر ‪٥‬با ُب اإلٲباف‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫مرجئة القدرية‪ :‬غيبلف كأتباعو‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫مرجئة خالصة‪ :‬اختلف العلماء ُب عد فرقهم‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫مرجئة الكرامية‪ :‬أصحاب دمحم بن كراـ ‪ ،‬كىم الذين يزعموف أف االٲباف ىو اإلقرار‬ ‫ج‪-‬‬
‫كالتصديق ابللساف دكف القلب ‪.‬‬
‫مرجئة ا‪٣‬بوارج‪ :‬الشبيبية كبعض فرؽ الصفرية الذين توقفوا ُب حكم مرتكب الكبّبة‪ ،‬كع ٌد‬ ‫ح‪-‬‬
‫األشعرم ُب مقاالتو ا‪٤‬برجئة كأكصلهم إذل اثنٍب عشرة فرقة‪.719‬‬

‫ك‪٥‬بم فركع كثّبة كاختلف العلماء ُب عد فرقهم كطوائفهم نكتفي ابإلشارة منها ٗبا سبق‪.‬‬

‫ادلبحث السابع‪:‬‬

‫أدلة ادلرجئة دلذىبهم والرد عليها‬

‫استدؿ ا‪٤‬برجئة على ما ذىبوا إليو من إخراج العمل عن اإلٲباف كمن فتح ابب الكسل كا‪٤‬بغرمْب ابألماين‬
‫دكف العمل على ما ذىبوا إليو أبدلة من القرآف كالسنة تدؿ بزعمهم على ما ذىبوا إليو كمن تلك األدلة‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫أك ال‪ :‬أدلتهم من القرآف الكرًن‪:‬‬

‫استدلوا بقوؿ هللا تعاذل‪{ :‬إف هللا ال يغفر أف يشرؾ بو كيغفر ما دكف ذلك ‪٤‬بن يشاء}سورة‬ ‫‪-1‬‬
‫النساء آية ‪.48‬‬

‫‪ُ 719‬ب كتابو مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا‪٤‬بصلْب ص ‪ ،234-213‬كأكؿ فرقهم ا‪١‬بهمية كآخرىم الكرامية – الفرقة‬
‫الثانية عشرة منهم‪ -‬كما ذكر األشعرم ‪ ،‬كذكر البغدادم أهنم ثبلثة أصناؼ قائلوف اب‪١‬برب كالقدر ‪ ،‬كمن خرج عن‬
‫القوؿ هبما صاركا ‪ٟ‬بس فرؽ‪ .‬انظر‪ :‬الفرؽ بْب الفرؽ للبغدادم ص ‪ 302‬كا‪٤‬بلل كالنحل للشهرستاين ‪ ،139/1‬كذكر‬
‫أهنم أربعة أصناؼ ٍب ذكر مقاالت ا‪٤‬برجئة ا‪٣‬بالصة كع ٌدىم ست فرؽ‪.‬‬
‫‪272‬‬
‫استدلوا بقوؿ هللا تعاذل‪{ :‬قل اي عبادم الذين أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا من ر‪ٞ‬بة هللا‬ ‫‪-2‬‬
‫إف هللا يغفر الذنوب ‪ٝ‬بيعها إف ىو الغفور الرحيم} سورة الزمر آية ‪53‬‬
‫اىتمت ا‪١‬بهمية ٔبمع النصوص الٍب ٘بعل اإلٲباف أك الكفر ‪٧‬بلو القلب كقوؿ هللا تعاذل‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫{أكلئك كتب ُب قلوهبم اإلٲباف} سورة اجملادلة آية ‪22‬كقولو تعاذل‪ { :‬إال من أكره كقلبو‬
‫مطمئن ابإلٲباف}سورة النحل آية ‪106‬كقولو تعاذل ‪{::‬ختم هللا على قلوهبم}سورة البقرة‬
‫آية ‪، 7‬إذل غّب ذلك من األدلة الذم يوحي ظاىرىا إذل ما ذىبوا إليو بزعمهم‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬أدلتهم من السنة النبوية‪:‬‬

‫استدلوا أبدلة كآاثر يدؿ ظاىرىا على االكتفاء ابلبعد عن الشرؾ ككجود اإلٲباف ُب القلب للفوز برضى‬
‫هللا مثل ما يلي‪:‬‬

‫قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬من مات يشرؾ ابهلل شيئا دخل النار" قاؿ ابن مسعود كقلت أان‪":‬من مات ال‬ ‫‪-1‬‬
‫يشرؾ ابهلل شيئا دخل ا‪١‬بنة"‪.720‬‬
‫قولو ملسو هيلع هللا ىلص ُب ا‪٢‬بديث القدسي‪ " :‬اي ابن آدـ إنك لو أتيتِب بقراب األرض خطااي ٍب لقيتِب‬ ‫‪-2‬‬
‫ال تشرؾ يب شيئا ألتيتك بقراهبا مغفرة"‪.721‬‬
‫قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬اللهم ثبت قليب على دينك"‪.722‬‬ ‫‪-3‬‬
‫قولو ملسو هيلع هللا ىلص للجارية ‪":‬أين هللا " قالت ‪ُ":‬ب السماء" فقاؿ ‪٤‬بوالىا ‪ ":‬أعتقها فإهنا مؤمنة"‪.723‬‬ ‫‪-4‬‬
‫قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬التقول ىاىنا" كيشّب إذل صدره ثبلاث‪.724‬‬ ‫‪-5‬‬
‫استدلوا ٕبديث الشفاعة ُب أقواـ ٱبرجوف من النار حٌب ال يبقى من كاف ُب قلبو ذرة أك برة‬ ‫‪-6‬‬
‫أك شعّبة من إٲباف‪ ،‬يقوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب آخر ا‪٢‬بديث‪" :‬فيخرجوف كاللؤلؤ ُب رقاهبم ا‪٣‬بواًب يعرفهم‬
‫أىل ا‪١‬بنة‪ ،‬ىؤالء عتقاء هللا الذين أدخلهم ا‪١‬بنة بغّب عمل عملوه كال خّب قدموه"‪.725‬‬

‫‪ 720‬أخرجو البخارم ‪ 110/3‬كمسلم ‪49/1‬‬


‫‪ 721‬أخرجو مسلم ‪.2068/4‬‬
‫‪ 722‬أخرجو أ‪ٝ‬بد ‪454/2‬‬
‫‪ 723‬أخرجو مسلم‪ 382/1‬برقم ‪ 547‬كأ‪ٞ‬بد ُب ا‪٤‬بسند‪477/5‬‬
‫‪ 724‬أخرجو مسلم ‪ 1986/4‬برقم ‪2564‬‬
‫‪ 725‬أخرجو مسلم ‪170/1‬‬
‫‪273‬‬
‫فاستدؿ ا‪٤‬برجئة هبذا ا‪٢‬بديث من أهنم دل يعملوا خّبا قط كمن أهنم عتقاء هللا الذين أدخلهم ا‪١‬بنة بغّب‬
‫عمل عملوه‪ ،‬فقالوا‪ :‬دل يبق معهم غّب التصديق‪.‬‬

‫كمن أدلة ا‪٤‬برجئة على أف العمل ليس من اإلٲباف قو‪٥‬بم‪ :‬إف الكفر ضد اإلٲباف فحينما ثبت‬ ‫‪-7‬‬
‫الكفر انتفى اإلٲباف‪.‬‬
‫ككذلك استدلوا ابآلايت الٍب فيها عطف العمل على اإلٲباف كقولو تعاذل ‪{:‬آمنوا كعملوا‬ ‫‪-8‬‬
‫الصا‪٢‬بات}‪.726‬‬
‫عللوا استدال‪٥‬بم أف اإلٲباف قوؿ كاعتقاد فقط‪ ،‬أبف األعماؿ ليست داخلة فيو كإ٭با ىي‬ ‫‪-9‬‬
‫شرائع اإلسبلـ فعمل ا‪٤‬بعصية ينقص من شرائع اإلسبلـ كليس من التصديق كدللوا على‬
‫ذلك اب‪٤‬بعُب اللغوم لئلٲباف كأنو ىو التصديق ‪،‬كأيضا قالوا أبنو لو كانت األعماؿ من‬
‫اإلٲباف لوجب ا‪٢‬بكم بعدـ إٲباف من ضيٌع شيئا من األعماؿ‪.727‬‬

‫الرد على أدلة ادلرجئة‪:‬‬

‫ٲبكن إٯباز الرد على استدالالهتم ٗبا يلي‪:‬‬

‫أف استدال‪٥‬بم بتلك النصوص ال يسلم ‪٥‬بم فهمهم ‪٥‬با‪ ،‬كال ‪ٚ‬برج العمل عن اإلٲباف‪ ،‬فالقلب‬ ‫أ‪-‬‬
‫كإف كاف ىو األساس كعليو االعتماد‪ ،‬لكنو ال ينفي أف أثر اإلٲباف يظهر على ا‪١‬بوارح بل‬
‫ىو ا‪٢‬بق‪.‬‬
‫أف النصوص تدؿ على أف تتضح دالالتو على األعماؿ الظاىرة‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫أف قوؿ ا‪٤‬برجئة كاستدال‪٥‬بم يفضي إذل ترؾ األعماؿ كعدـ تكفّب من يعمل ا‪٤‬بكفرات حٌب‬ ‫ت‪-‬‬
‫يتأكدكا من تصديق قلبو‪ ،‬كىذ خبلؼ ما دلت عليو النصوص من أف العمل ا‪٤‬بكفر يكفر‬
‫صاحبو إذ لو دل يكفر قلبو دل تكفر جوارحو‪.728‬‬

‫‪ 726‬سورة البقرة آية ‪.25‬‬


‫‪ 727‬انظر‪ :‬شرح الطحاكية ص ‪319‬‬
‫‪ 728‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪557/7‬‬
‫‪274‬‬
‫أف النصوص الٍب استدلوا هبا ليس ا‪٤‬براد هبا إخراج العمل عن إٲباف القلب كال تنكر التبلزـ‬ ‫ث‪-‬‬
‫بْب العمل كاإلٲباف‪ ،‬فبل فرؽ بْب ا‪١‬بهمية ُب قو‪٥‬بم االٲباف معرفة كاألشاعرة ُب قو‪٥‬بم اإلٲباف‬
‫تصديق‪.‬‬
‫أف النصوص الٍب استدلوا هبا من أف اجتناب الشرؾ يدخل ا‪١‬بنة فهذه النصوص تفيد أف‬ ‫ج‪-‬‬
‫من دل يقع منو الشرؾ مع القياـ أبمر هللا كاإلنتهاء عن نواىيو فإذا مات عن بعض الذنوب‬
‫يرجى لو ا‪٤‬بغفرة‪.‬‬
‫أف استدال‪٥‬بم بقوؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬التقول ىاىنا" أبف االٲباف كالكفر ‪٧‬بلو القلب كالعربة‬ ‫ح‪-‬‬
‫اب‪١‬بوارح‪ ،‬فهو فهم غّب سديد فتقول القلب إذا دل تثمر إبٲباف ا‪١‬بوارح فهي ليست تقول‬
‫صحيحة‪.‬‬
‫أف استدال‪٥‬بم ٕبديث ا‪١‬بارية فالرسوؿ قد شهد ‪٥‬با ابإلٲباف الظاىر الذم ٘برم ٗبوجبو‬ ‫خ‪-‬‬
‫األحكاـ الدنيوية ال اإلٲباف ا‪٢‬بقيقي الكامل كالذم ٲبيز الكافر عن ا‪٤‬بسلم ابتداء ُب‬
‫ا‪٤‬بعامبلت الدنيوية‪ ،‬فالرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كاف يعلم أف إٲباف ىذه ا‪١‬بارية ليس كإٲباف أيب بكر كعمر‬
‫ككبار الصحابة‪ ،729‬كلذلك سأ‪٥‬با عن األعماؿ الظاىرة كالشهادتْب كاإلٲباف ابلبعث‪ ،‬كلو‬
‫أف ا‪١‬بارية قالت إهنا مؤمنة بكل شرائع اإلسبلـ لكنها ال ترل لزكـ عملها كإ٭با ترل‬
‫‪730‬‬
‫التصديق فقط فهل كاف سينشرح صدر الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪١‬بواهبا؟‬
‫أف حديث الشفاعة ال يصح االستدالؿ بو دكف الرجوع إذل األحاديث الكثّبة الٍب صرحت‬ ‫د‪-‬‬
‫أبهنم من أىل اإلٲباف كعليهم أثر السجود الذم ىو عبارة عن عمل كأف ا‪١‬بهنميْب ييعرفوف‬
‫بذلك‪.‬‬

‫كُب بعض الركاايت أف ا‪٤‬بؤمنْب يشفعوف فيمن عرفوه أبنو من أىل اإلٲباف كالعمل ُب الدنيا‪ ،‬كال ٲبنع‬
‫أف يكوف لبعض الناس أعماال ال يعلم هبا إال هللا‪.‬‬

‫ٍب إف ىؤالء ‪٥‬بم من كعمل كإال كانوا كسائر الكفار كا‪٤‬بشركْب ا‪٤‬بخلدين ُب النار فبل مزية ‪٥‬بم‪.‬‬

‫‪ 729‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل‪416-209/7‬‬


‫‪ 730‬انظر‪٤ :‬بزيد من التفصيل‪ :‬ظاىرة اإلرجاء ُب الفكر اإلسبلمي ص ‪519‬ك‪526‬‬
‫‪275‬‬
‫كرٗبا أف هللا أخرجهم من النار أك أدخلهم ‪١‬بنة لعزمهم على العمل مثل ذلك الرجل الذم أسلم‬
‫كدخل ا‪٤‬بعركة كقتل شهيدا فشهد لو الرسوؿ اب‪١‬بنة ‪ ،‬كمثلو قصة الرجل الذم قتل مائة نفس ٍب‬
‫تداركتو ر‪ٞ‬بة هللا أك الرجل الذم أكصى أف ٰبرؽ بعد موتو فغفر هللا لو‪.‬‬

‫أف ما استدلوا بو من كركد نصوص كثّبة فيها عطف العمل على اإلٲباف‪٤ ،‬بغايرهتما‪،‬فالواقع‬ ‫ذ‪-‬‬
‫أف النصوص كما يتضح منها‪ ،‬مرة تذكر بلفظ اإلٲباف كحده كمرة بلفظ العمل كاإلٲباف‬
‫معا‪،‬ففي حاؿ إطبلؽ اإلٲباف كحده‪ ،‬فإنو يدخل فيو األعماؿ‪ ،‬كأما ُب حاؿ ذكر اإلٲباف‬
‫كالعمل معان فبل مغايرة بينهما ُب ا‪٢‬بكم الذم ذكر ‪٥‬بم‪ ،‬بل يكوف ذلك من جنس عطف‬
‫ا‪٣‬باص على العاـ مثل قولو تعاذل‪{ :‬حافظوا على الصلوات كالصبلة الوسطى}سورة البقرة‬
‫آية ‪.238‬‬
‫‪731‬‬
‫كا‪٤‬بقصود بذلك اإلظهار كالتوكيد‬

‫كأما ما استدؿ بو األحناؼ من أف اإلٲباف ُب اللغة ا‪٤‬بقصود بو التصديق‪ ،‬كالعمل ال يسمى‬ ‫ر‪-‬‬
‫تصديقان فيقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬إنو دل يسم التصديق ابلقلب دكف التصديق ابللساف كالعمل إٲباانن ُب‬
‫اللغة‪ ،‬كدل يعرؼ عن العرب أهنم ٰبكموف للشخص ابلتصديق كاإلٲباف بشيء صدقو بقلبو‬
‫ٍب أعلن التكذيب بو بلسانو‪ ،‬كذلك دل يعرؼ ُب اللغة أف التصديق ابللساف فقط دكف‬
‫التصديق ابلقلب يعترب إٲباانن‪.‬‬
‫كيقاؿ ‪٥‬بم أيضان‪ :‬لو كاف ما تقولوف صحيحان من أف اإلٲباف ىو التصديق فقط ‪ -‬لوجب أف‬
‫يطلق اسم اإلٲباف على كل من صدؽ بشيء ٍب كذب بلوازمو‪ ،‬كإٲباف بعض الناس ببعض‬
‫الرسل ككفرىم ببعضهم‪.‬‬
‫أف ما ذىب إليو ا‪٤‬برجئة من أف اإلٲباف ال يزيد كال ينقص‪ ،‬كما أف التصديق ال يزيد كال‬ ‫ز‪-‬‬
‫ينقص‪ ،‬فهو قوؿ من أبطل األقواؿ كىو قياس على أمر غّب مسلم‪ ،‬فالتصديق ال يصح ‪٥‬بم‬
‫ما زعموه فيو من أنو ال يتفاضل الناس فيو‪ ،‬بل يتفاضلوف تفاضبلن ظاىران ُب التصديق‬
‫بقضااين ‪ٛ‬بر ابلناس يوميان ُب حياهتم‪ ،‬فضبلن عن تصديق بقضااي ا‪٤‬بغيبات‪.‬‬
‫أف زايدة اإلٲباف كنقصانو فيكفي ُب ثبوتو إخبار هللا عز كجل بذلك ُب كتابو الكرًن كإخبار‬ ‫س‪-‬‬
‫نبيو دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ُب سنتو الشريفة ٗبا ال ٱبفى‪.‬‬

‫‪ 731‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪161-160/7‬‬


‫‪276‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫مذىب أىل السنة يف تعريف اإلديان‬

‫أ‪ -‬معتقدىم ‪:‬‬

‫مذىبهم ُب اإلٲباف أنو قوؿ ابللساف كاعتقاد ابلقلب كعمل اب‪١‬بوارح‪ ،‬يزيد ابلطاعات كينقص‬
‫اب‪٤‬بعاصي كأف العمل داخل ُب حقيقة اإلٲباف كأنو ال إٲباف بدكف عمل‪ ،‬كأف اإلٲباف يزيد ابلطاعة‬
‫كينقص اب‪٤‬بعصية حسب ما حل ابلقلب من ذلك‪.‬‬
‫كىذا ىو الواضح من النصوص الكثّبة ُب القرآف الكرًن كُب السنة النبوية‪ ،‬إال أنو قد ‪ٚ‬بتلف تعبّبات‬
‫‪732‬‬
‫أىل السنة عن حقيقة اإلٲباف فيعرفونو بصيغ ‪٨‬بتلفة‬

‫أدلتهم‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫قاؿ تعاذل مبينان ا‪٣‬بصاؿ الٍب يكوف هبا الشخص مؤمنان إذا طبقها على نفسو كعمل ٗبا دلت عليو‪:‬‬
‫{قد أفلح ا‪٤‬بؤمنوف الذين ىم ُب صبلهتم خاشعوف كالذين ىم عن اللغو معرضوف كالذين ىم للزكاة‬
‫فاعلوف} سورة ا‪٤‬بؤمنوف أية‪ .4-1‬كقاؿ تعاذل‪{:‬كبشر الذين آمنوا كعملوا الصا‪٢‬بات أف ‪٥‬بم جنات‬
‫٘برم من ‪ٙ‬بتها األهنار} سورة البقرة آية‪.25‬‬
‫كقاؿ تعاذل‪{ :‬كالعصر أف اإلنساف لفي خسر إال الذين آمنوا كعملوا الصا‪٢‬بات كتواصوا اب‪٢‬بق‬
‫كتواصوا ابلصرب}سورة العصر‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ علي أنو ال فرؽ بْب العمل كاإلٲباف أك اإلٲباف كالعمل ُب إطبلؽ كل منها على اآلخر أيضان‬
‫قولو تعاذل‪{ :‬كمن يعمل من الصا‪٢‬بات كىو مؤمن فبل ٱباؼ ظلمان كال ىضمان} سورة طو‬
‫آية‪.112‬‬
‫فمن فرؽ بْب اإلٲباف كالعمل اب‪١‬بوارح فبل شك ُب ‪٨‬بالفتو الصرٰبة للقرآف كالسنة‪ ،‬كأنو ينبغي عليو‬
‫التوبة كالرجوع فبل شك ُب ‪٨‬بالفتو الصرٰبة للقرآف كالسنة‪.‬‬

‫‪ 732‬مثل قو‪٥‬بم‪ :‬ىو عمل كقوؿ كنية‪ ،‬أك ىو قوؿ كعمل كاتباع سنة‪ ،‬أك ىو قوؿ ابللساف كاعتقاد اب‪١‬بناف كعمل‬
‫اب‪١‬بوارح أك ىو إقرار كعمل أك تصديق كعمل‪ .‬انظر‪٦ :‬بموع الفتاكل‪"170/7‬كا‪٤‬بقصود ىنا أف من قاؿ من السلف‪:‬‬
‫اإلٲباف قوؿ كعمل أراد قوؿ القلب كاللساف كعمل ا‪١‬بوارح كالقلب‪ ،‬كمن أراد االعتقاد رأل أف لفظ القوؿ ال يفهم منو‬
‫إال القوؿ الظاىر‪ ،‬أك خاؼ ذلك فزاد االعتقاد ابلقلب‪ ،‬كمن قاؿ‪ :‬قوؿ كعمل كنية‪ .‬قاؿ‪ :‬القوؿ يتناكؿ االعتقاد كقوؿ‬
‫اللساف‪ ،‬كأما العمل فقد ال يفهم منو النية فزاد ذلك‪ ،‬كمن زاد اتباع فبلف كلو ال يكوف ‪٧‬ببوابن هلل إال ابتباع السنة‪".‬‬
‫‪277‬‬
‫كاستدؿ أىل السنة من السنة أبحاديث كثّبة منها‪ :‬قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬اإلٲباف بضع كسبعوف أك بضع‬
‫كستوف شعبة‪ ،‬فأفضلها قوؿ ال إلو إالهللا‪ ،‬كأدانىا إماطة األذل عن الطريق‪ ،‬كا‪٢‬بياء شعبة من‬
‫‪733‬‬
‫اإلٲباف"‬
‫كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أكمل ا‪٤‬بؤمنْب إٲباانن أحسنهم خلقان كخيارىم خيارىم لنسائهم"‪734‬كأحاديث أخرل كثّبة‬
‫جعل فيها العمل من اإلٲباف‪.‬‬
‫ث‪ -‬منهج السلف‪:‬‬

‫كعلى ىذا مضى السلف الصاحل من الصحابة فمن بعدىم‪ ،‬كعليو أيضان مضى علماء اإلسبلـ‪،‬‬
‫كمنهم األئمة مالك كالشافعي كأ‪ٞ‬بد‪ ،‬حيث فسركا اإلٲباف أبنو التصديق كالقوؿ كالعمل‪ ،‬كأنو يقبل‬
‫الزايدة كيقبل النقص‪ ،‬كأف أىلو يتفاكتوف فيو‪.‬‬
‫ك‪٩‬با ينبغي فهمو أف السلف حينما يعرفوف اإلٲباف أبنو قوؿ كعمل؛ ال يقصدكف أف اإلٲباف قوؿ‬
‫ابللساف كعمل اب‪١‬بوارح دكف النظرإذل إٲباف القلب كتصديقو كعملو ٖببلؼ مذىب ا‪٤‬برجئة؛ فإف‬
‫‪٦‬برد التصديق ابلشيء يعترب إٲباانن بو ظاىران كابطنان‪ ،‬بغض النظر عن العمل ‪ -‬على حسب‬
‫منهجهم‪ ،-‬فإذا تلفظ الشخص عندىم بكلمة اإلخبلص ‪ -‬ال إلو إال هللا ‪-‬أصبح ٗبجرد تلفظو‪،‬‬
‫فإذا امتنع عن قو‪٥‬با فحكمو عندىم أنو كافر ُب الظاىر‪ ،‬كقد يكوف مؤمنان ُب ابطنو كما يزعموف‪،‬‬
‫كالسلف ٰبكموف بكفره ظاىران كابطنان إذا امتنع عن قو‪٥‬با مع القدرة‪.‬‬

‫فمن أقر ابإلسبلـ ٍب امتنع عن الصبلة كالزكاة كا‪٢‬بج كأصر على االمتناع‪ ،‬فإف ا‪٤‬برجئة ال يتجاسركف على‬
‫ا‪٢‬بكم عليو ابلكفر ‪١‬بواز أف يكوف قلبو مطمئنان ابإلٲباف‪ ،‬كفاهتم أف الذم يطمئن قلبو ابإلٲباف تكوف‬
‫شعائر اإلسبلـ أحب إليو من كل فعل‪ ،‬ىذا كيدؿ على بعد فكر ا‪٤‬برجئة عن ا‪٢‬بق‪.‬‬

‫الفصل التاسع‬
‫منزلة مذىب ادلرجئة عند السلف‬
‫مذىب ا‪٤‬برجئة ا‪٤‬بتأخرين منهم مذىب ردمء كخطّب‪ ،‬يهوف ا‪٤‬بعصية‪ ،‬كيدعو إذل الكسل‬
‫كا‪٣‬بموؿ‪ ،‬كلذا ٘بد السلف ٰبذركف منو كثّبان كيذمونو ‪٤‬با اشتمل عليو من فساد كإ‪ٟ‬باؿ لشعلة‬
‫اإلٲباف ُب القلوب‪ ،‬ك‪ٛ‬بييع ‪٤‬بنزلة العمل ُب النفوس‪ .‬كىذا ا‪٤‬بذىب كمذىب القدرية من ا‪٤‬بذاىب‬

‫‪ 733‬أخرجو البخارم‪ 51/1‬كمسلم ‪ ، 210/1‬كاللفظ لو‪.‬‬


‫‪ 734‬أخرجو البخارم ‪ُ 129/1‬ب مواضع من صحيحو‪ ،‬كمسلم‪.154/1‬‬
‫‪278‬‬
‫الرديئة‪.‬‬
‫كيذكر بعض العلماء ركاايت ُب ذمهم كالتنفّب من معتقداهتم‪ ،‬كمن تلك الركاايت كا يلي‪:‬‬
‫‪735‬‬
‫"أال كإف هللا لعن القدرية كا‪٤‬برجئة على لساف سبعْب نبيا"‬ ‫‪-1‬‬
‫‪736‬‬
‫‪" .1‬صنفاف من أمٍب ال يرداف على ا‪٢‬بوض كال يدخبلف ا‪١‬بنة؛ القدرية كا‪٤‬برجئة"‬
‫‪ .2‬ذكر سعيد بن جبّب ا‪٤‬برجئة فقاؿ‪" :‬إهنم يهود أىل القبلة‪ ،‬أك صابئة ىذه األمة"‬
‫‪ .3‬قاؿ شريك‪ ،‬كذكر ا‪٤‬برجئة فقاؿ‪" :‬ىم أخبث قوـ‪ ،‬كحسبك ابلرافضة خبثان‪ ،‬كلكن ا‪٤‬برجئة‬
‫يكذبوف علي هللا"‪.‬‬
‫‪ .4‬قاؿ سفياف الثورم‪" :‬تركت ا‪٤‬برجئة اإلسبلـ أرؽ من ثوب سابرم"‬
‫‪ .5‬قاؿ الزىرم‪" :‬ما ابتدعت ُب اإلسبلـ بدعة ىي أضر على أىلو من اإلرجاء"‪.‬‬
‫‪ .6‬قاؿ سعيد بن جبّب لذر ا‪٥‬بمداين‪" :‬أال تستحي من رأم أنت أكرب منو"‪.‬‬
‫‪737‬‬
‫‪ .7‬قاؿ أيوب السختياين‪" :‬أان أكرب من دين ا‪٤‬برجئة"‬
‫كنكتفي ٗبا تقدـ ذكره عن ىذه الطائفة الٍب ازداد شرىا كانتشارىا ُب عصران ا‪٢‬باضر ‪٤‬بوافقة ىذه‬
‫األفكار ‪٤‬با ُب نفوس كثّب من الناس الذين يريدكف التفلت عن القياـ بو‪ ،‬فوجدكا ُب مذاىب‬
‫ا‪٤‬برجئة سندان قوايي كعذران كاضحان ُب ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أىم ا‪٤‬براجع ‪٥‬بذه الفرقة‬
‫مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا‪٤‬بصلْب ‪ /‬أليب ا‪٢‬بسن األشعرم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ا‪٤‬بلل كالنحل ‪ /‬للشهر ستاين‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفرؽ بْب الفرؽ‪ /‬للبغدادم‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الفصل ُب ا‪٤‬بلل كاألىواء كالنحل ‪ /‬البن حزـ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مواضع متفرقة من كبلـ شيخ اإلسبلـ ُب ‪٦‬بموع الفتاكم ُب ا‪١‬بزء (‪ )7‬منها‪ ،‬كُب كتابو‬ ‫‪-5‬‬
‫"اإلٲباف‪".‬‬
‫ظاىرة اإلرجاء قي الفكر اإلسبلمي ‪ /‬د‪ .‬سفر ا‪٢‬بوارل‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫طوائف ا‪٤‬برجئة كموقف أىل السنة منهم ‪ /‬د‪ .‬ىادم طاليب‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫‪ 735‬ركاه الطرباين ُب األكسط‪ ،‬كفيو بقية بن الوليد كىو لْب‪ ،‬قاؿ ا‪٥‬بيثمي ُب ‪٦‬بمع الزكائد‪ :‬كيزيد بن حصْب دل أعرفو‪.‬‬
‫‪204/7‬‬
‫‪ 736‬ركاه الطرباين ُب األكسط‪ ،‬قاؿ ا‪٥‬بيثمي‪ :‬كرجالو رجاؿ الصحيح غّب ىاركف بن موسى الغركم كىو ثقة‪207/7 .‬‬
‫‪ 737‬انظر‪ :‬لتلك النصوص ُب ‪٦ :‬بموع الفتاكل ‪395-394/7‬‬
‫‪279‬‬
‫شرح العقيدة الطحاكية ‪ /‬البن أيب العز‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫الفصل الثاين عشر‪:‬‬

‫اجلهمية‬

‫ىل توجد آراء اجلهمية يف وقتنا احلاضر‪:‬‬

‫‪ٛ‬بهيد‪:‬‬

‫ال تزاؿ آراء ىذه الطائفة ُب بعض اجملتمعات كال يزاؿ ا‪٣‬بصاـ بينهم كبْب أىل ا‪٢‬بق قائما على أشده‪،‬‬
‫كما كاف سابقا ُب الزمن القدًن حٌب كإف اختلفت ُب بعض األحياف ا‪٤‬بسميات خصوصا بعد ظهور‬
‫العصريْب ا‪١‬بدد ٗبفاىيمهم الباطلة ‪.‬‬

‫لقد كافق العصريوف ا‪١‬بدد مفاىيم ا‪١‬بهمية من نواحي كثّبة منها االكتفاء ٗبعرفة كجود هللا عن العمل أك‬
‫االعتقاد بعدـ كجود ا‪١‬بنة كالنار اآلف ‪ ،‬أك قو‪٥‬بم أف هللا ال يوصف بوصف‪ ،‬أك ليس ُب جهة‪ ،‬كغّبىا من‬
‫اآلراء‪.‬‬

‫كقد تعددت طرقهم ُب االنفبلت من االلتزاـ ابلعقيدة الصحيحة ‪ٙ‬بت شعارات براقة ‪ٙ ،‬بت شعار‬
‫التجديد كالتطوير كأحياان ُب صورة ‪ٛ‬بجيد العقل أك الَباث ‪ ،‬كلذا ٯبب التحذير كا‪٢‬بذر من دعاكاىم‬
‫الباطلة ‪.‬‬

‫ادلبحث األول‪ :‬التعريف ابجلهمية ومبؤسسها‬

‫تعريفها‪ :‬ا‪١‬بهمة ىي إحدل الفرؽ الكبلمية الٍب تنتسب إذل اإلسبلـ ‪ ،‬ك‪٥‬با آراء اعتقادية‬ ‫أ‪-‬‬
‫خاطئة ُب مفهوـ اإلٲباف‪ ،‬كُب مفهوـ صفات هللا تعاذل كأ‪٠‬بائو كغّبىا من االعتقادات‪.‬‬
‫مؤسسها‪ :‬ترجع نسبتها إذل ا‪١‬بهم بن صفواف الَبمذم‪ ،‬كقد كانت للجهمية ُب فَبة معينة‬ ‫ب‪-‬‬
‫قوة كمنعة ُب الدكلة اإلسبلمية فعاثوا فسادا ٍب أداؿ هللا عليهم فلقو نفس مصّب غّبىم‪.‬‬
‫من ىو ا‪١‬بهم بن صفواف‪ :‬ىو من أىل خراساف‪ ،‬ظهر ُب ا‪٤‬بائة الثانية من ا‪٥‬بجرة سنة‪2‬ىػ‪،‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫يكُب أبيب ‪٧‬برز كىو من ا‪١‬بربية ا‪٣‬بالصة‪ ،‬كىو أك ؿ من قاؿ ٖبلق القرآف كبتعطيل‬
‫الصفات‪ ،‬كىو موذل لبِب راسب إحدل قائل األزد قتل سنة ‪130‬ىػ كقيل سنة ‪132‬ىػ‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫صفاتو‪ :‬كاف كثّب ا‪٣‬بصومات كا‪٤‬بناظرات كدل يكن لو بصر بعلم ا‪٢‬بديث كدل يهتم بو‪ ،‬اشتغل‬ ‫ث‪-‬‬
‫بعلم الكبلـ كقد شنع عليو العلماء مسلكو كفظحوا تظاىره إبقامة الدين حٌب قاؿ‬
‫االشعرم‪ ":‬كاف ينتحل األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر"‪ ،738‬كقد ذكر الشيخ ‪ٝ‬باؿ‬
‫الدين القا‪٠‬بي أف قتلو كاف ألمر سياسي كليس ديِب كأنو كاف حريصا على إقامة الكتاب‬
‫كالسنة‪ ،739‬كلكن ىذا القوؿ ‪٨‬بالف ‪١‬بمهور علماء األمة‪ ،‬يقوؿ اإلماـ ا‪ٞ‬بد ‪":‬ككذلك‬
‫ا‪١‬بهم كشيعتو دعوا الناس إذل ا‪٤‬بتشابو من القرآف كا‪٢‬بديث فضلوا كأضلوا بكبلمهم بشرا‬
‫كثّبا‪.740"..‬‬

‫ادلبحث الثاين‪ :‬نشأة اجلهمية‬

‫أتثرت ا‪١‬بهمية بشٌب اال٘باىات الفكرية الباطلة ُب عقائدىا‪ ،‬كقد انطلقت من بلدة ترمذ ٍب انتشرت ُب‬
‫بقية خراساف ٍب انتشرت بْب العامة كا‪٣‬باصة كظهرت ‪٥‬با مؤلفات كرجاؿ مدافعوف عنها ‪.‬‬

‫كقد ذكر شيخ االسبلـ ابن تيمية ثبلث درجات للتجهم كىي ‪:‬‬

‫الدرجة األكذل‪ :‬ا‪١‬بهمية الغالية كىم ينفوف أ‪٠‬باء هللا كصفاتو ‪ ،‬كإف ‪٠‬بوه فيقولوف على سبيل‬ ‫‪-1‬‬
‫اجملاز‪.‬‬
‫الدرجة الثانية‪ :‬كىم ا‪٤‬بعتزلة ك‪٫‬بوىم ‪ ،‬كيقركف أب‪٠‬باء هللا ُب ا‪١‬بملة كينفوف الصفات‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الدرجة الثالثة‪ :‬قسم من الصفاتية ا‪٤‬بثبتوف ا‪٤‬بخالفوف للجهمية‪ ،‬كقد اختلفوا إذل ا٘باىات‬ ‫‪-3‬‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫منهم من يقوؿ أب‪٠‬باء هللا كصفاتو ُب ا‪١‬بملة لكنمو يردكف طائفة من األ‪٠‬باء كالصفات‬ ‫أ‪-‬‬
‫ا‪٣‬بربية كغّب ا‪٣‬بربية كيؤكلوهنا‪.‬‬
‫كمنهم من يقر بصفاتو ا‪٣‬بربية الواردة ُب القرآف دكف ا‪٢‬بديث كما عليو كثّب من أىل‬ ‫ب‪-‬‬
‫الكبلـ كالفقو كطائفة من أىل ا‪٢‬بديث‪.‬‬

‫‪ 738‬مقاالت اإلسبلميْب ‪238/1‬‬


‫‪ 739‬انظر‪ :‬كتابو اتريخ ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعتزلة ص ‪18-14‬‬
‫‪ 740‬الرد على الزاندقة كا‪١‬بهمية ص ‪23‬‬
‫‪281‬‬
‫كمنهم من يقر ابلصفات الواردة ُب األخبار أيضا ُب ا‪١‬بملة لكنو ينفى بعض ما ثبت‬ ‫ت‪-‬‬
‫ابلنص كا‪٤‬بعقوؿ كابن كبلب‪ ،‬كُب ىذا القسم يدخل أبو ا‪٢‬بسن األشعرم كطوائف من أىل‬
‫الفقو كا‪٢‬بديث كالتصوؼ كىؤالء أقرب إذل السنة احملضة‪. 741‬‬

‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫بيان مصدر مقالة اجلهمية‬

‫يذكر شيخ اإلسبلـ أف أصل مقالة التعطيل ترجع إذل اليهود كالصابئْب كا‪٤‬بشركْب كالفبلسفة الضالْب ‪،‬‬
‫كقد قيل إف ا‪١‬بهم أخذ ىذه ا‪٤‬بقالة عن ا‪١‬بعد بن درىم كأظهرىا فنسبت إليو ‪.‬‬

‫كقيل إف ا‪١‬بعد أخذ مقالتو عن أابف ابن ‪٠‬بعاف ‪ ،‬كقد أخذىا أابف عن طالوت ابن أخت لبيد بن‬
‫االعصم ‪ ،‬كأخذىا طالوت من لبيد األعصم الساحر الذم سحر النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪.742‬‬

‫فقد كاف التجسيم كالتشبيو أظهر ‪٠‬بات اليهودية ا‪٤‬بخرفة الٍب ملئت هبا التوراة من كصف هللا بصفات‬
‫البشر من الندـ كا‪٢‬بزف كعدـ العلم اب‪٤‬بغيبات كغّب ذلك من ا‪٤‬بعتقدات الباطلة ‪.‬‬

‫ادلبحث الرابع ‪:‬‬

‫ذكر أىم عقائد اجلهمية إمجاال‬

‫للجهمية آراء اعتقادية كثّبة نذكر أبرزىا إ‪ٝ‬باال ٍب نفصلها إبٯباز فيما يلي‪:‬‬

‫التوحيد عند ا‪١‬بهمية ‪ :‬ىو إنكار ‪ٝ‬بيع األ‪٠‬باء كالصفات ‪ ،‬كٯبعلوف أ‪٠‬باء هللا من ابب‬ ‫‪-1‬‬
‫اجملاز‪.‬‬
‫القوؿ اب‪١‬برب ُب اإلرجاء‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫إنكار أمور اآلخرة‪ :‬كالصراط كا‪٤‬بيزاف كرؤية هللا كعذاب القرب كالقوؿ بفناء ا‪١‬بنة كالنار‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫نفي كبلـ هللا كالقوؿ ٖبلق القرآف‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫القوؿ أبف اإلٲباف ىو ا‪٤‬بعرفة ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫نفي أف يكوف هللا ُب جهة العلو‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪ 741‬انظر‪ :‬التسعينية لشيخ اإلسبلـ ضمن ‪٦‬بموع الفتاكل‪.‬‬


‫‪ 742‬الفتول ا‪٢‬بموية الكربل ص ‪24‬‬
‫‪282‬‬
‫القوؿ أبف هللا قريب بذاتو كأنو مع كل أحد بذاتو‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫كقد استفاض العلماء ُب نقل آراء جهم كالرد عليها كإبطا‪٥‬با كقولو إف علم هللا ‪٧‬بدث كمنو نفيو أف يكوف‬
‫هللا شيء كغّبىا‪. 743‬‬

‫كلكن ما ال يدرؾ كلو ال يَبؾ كلو كلذا سوؼ نقتصر على إيضاح أىم ا‪١‬بوانب التالية ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إنكار اجلهمية جلميع لألمساء والصفات ‪:‬‬

‫تنكر ا‪١‬بهمية ‪ٝ‬بيع األ‪٠‬باء كالصفات بتأكيبلت ابطلة كحجج كاىية كفيما يلي أىم شبههم ‪:‬‬

‫أىم شبهات اجلهمية يف نفي الصفات ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫قو‪٥‬بم إف إثبات الصفات يقتضي أف يكوف هللا جسما ألف الصفات ال تقوـ اال ابألجساـ‬ ‫‪-1‬‬
‫ألهنا أعراض كاألعراض ال تقوـ بنفسها‪.‬‬
‫زعمهم إرادة تنزيو هللا تعاذل ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أف إثبات الصفات الٍب كردت ُب الكتاب كالسنة تقتضي مشاهبة هللا ٖبلقو فتنفى كل صفة‬ ‫‪-3‬‬
‫توىم التشبيو‪.‬‬

‫الرد عليهم‪:‬‬

‫ٲبكن إٯباز الرد عليم ُب النقاط التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬من ا‪٤‬بعلوـ أف هللا كصف نفسو ككصفو رسولو بصفات نعرؼ معانيها كال ندرؾ كيفياهتا‪،‬‬
‫كاعتقاد السلف فيها اإلٲباف هبا من غّب ‪ٙ‬بريف كال تعطيل كال ‪ٛ‬بثيل كال تكييف ‪.‬‬
‫‪ ‬أف صفات هللا معلومة ا‪٤‬بعاين ‪٦‬بهوؿ الكيفيات كالسؤاؿ عنها بدعة كدل يتنطع السلف تنطع‬
‫ا‪٤‬بشبهة كا‪٤‬بعطلة‪ ،‬كدل يسأؿ السلف عن كيفيتها ألهنم يعلموف أف الكبلـ ُب الصفات فرع عن‬
‫الكبلـ ُب الذات‪ ،‬فبل يصفوف ذاات غّب مدركة ا‪٤‬باىية بصفات تكيفها‪ ،‬ألنو قوؿ على هللا ببل‬

‫‪ 743‬كقد رد عليهم اإلماـ ا‪ٞ‬بد ُب كتابو الرد على الزاندقة ص ‪ 25‬فيقوؿ‪":‬كقلنا‪ :‬ىو شيء‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ىو شيء ال‬
‫كاألشياء ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬إف الشيء الذم ال كاألشياء قد عرؼ أىل العقل أنو ال شيء‪ ،‬فعند ذلك تبْب للناس أهنم ال‬
‫يؤمنوف بشيء كلكن يدفعوف عن أنفسهم الشنعة ٗبا يقركف ُب العبلنية‪.‬‬
‫‪283‬‬
‫علم‪ ،‬كألهنم يعرفوف أف االشَباؾ ُب التسمية ال يوجب االشَباؾ كا‪٤‬بماثلة ُب الذات فرأس ا‪١‬بمل‬
‫ٱبتلف عن رأس الذرة كىكذا ‪.‬‬
‫‪ ‬أف ا‪١‬بهم كأتباعو عارضوا الكتاب كالسنة كقدموا آرائهم عليها ‪.‬‬
‫‪ ‬أف دعواىم التعطيل تنزيو هلل قوؿ ابطل إذ إثبات الصفات ُب كما‪٥‬با ا‪٤‬بطلق كماؿ مطلق ال‬
‫يوصف بو غّبه تعاذل‪ ،‬كأما سلب الصفات فنقص‪ ،‬تنتج أنو ال معبود كإ٭با معدكـ ‪.‬‬
‫‪ ‬أف كلمة ا‪١‬بسمية هلل نفيا كإثباات ىي من األلفاظ ا‪٤‬بخَبعة الٍب دل ترد ُب الشرع ‪ ،‬كالصحيح أنو‬
‫ال يطلق على هللا ما ثبت ُب الشرع إطبلقو عليو ‪ ،‬كلفظ ا‪١‬بسم لفظ عاـ ٰبتاج إذل بياف‬
‫كتوضيح فيجب على القائل تفصيل ما يريد ‪.‬‬
‫‪ ‬أف ىناؾ من ينفي ا‪١‬بسمية من ا‪١‬بهمية لينفي ما أثبتو هللا لنفسو ‪ ،‬كمنهم من يثبت ا‪١‬بسمية‬
‫من ا‪٤‬بشبهة ليثبت ما نفاه هللا عن نفسو‪.‬‬
‫‪ ‬أف ‪٤‬بعُب ا‪١‬بسمية كغّبه من ا‪٤‬بعاين اجململة كثّب من ا‪٤‬بعاين ‪ ،‬فيستفصل عن قصد القائل ‪ ،‬كينفى‬
‫كل ما يلحق النقص بو هلالج لج ‪ ،‬كإثبات ا‪٤‬بعُب الصحيح ‪ ،‬إذا كاف قصد القائل من ا‪١‬بسمية أنو‬
‫ما يتميز بو عن غّبه‪ ،‬موصوؼ بصفات الكماؿ ‪ٝ‬بيعا‪ ،‬كأنو فوؽ عباده مستواي على عرشو‪،‬‬
‫فيقبل ىذا ا‪٤‬بعُب ‪ ،‬كأما إذا كاف ا‪٤‬بقصود بو تعطيل صفاتو أك غّب من ا‪٤‬بعاين الباطلة فهذا‬
‫مردكد‪.744‬‬

‫اثنيا ‪ :‬قول اجلهمية ابإلرجاء واجلرب‪:‬‬

‫يظهر االرجاء عند ا‪١‬بهمية ُب تلك اآلراء الٍب جاء هبا جهم كمن أٮبها عدـ اعتبار العمل من اإلٲباف ‪،‬‬
‫كاإلٲباف ُب نظرىم ىو ‪٦‬برد االقرار ابلقلب كال قيمة للعمل ك‪٥‬بذا سارع أصحاب الفسق كاالستهتار ابلقيم‬
‫إذل التمسك هبذا ا‪٤‬بذىب ألنو يساير رغباهتم كٰبقق نزكاهتم ‪.‬‬

‫فاإلٲباف عندىم ىو ا‪٤‬بعرفة فقط كال يزيد كال ينقص كأف العمل ال صلة لو ابإلٲباف كأف الذنوب ال تعلق‬
‫‪٥‬با ابالعتقاد‪ ،‬كإ٭با ىي اتبعة لؤلعماؿ‪ ،‬كابلتارل فبل أثر ‪٥‬با على اإلٲباف‪ ،‬فإٲباف أم كاحد منهم كإٲباف‬
‫جربيل كدمحم عليهما السبلـ‪.‬‬

‫‪ 744‬انظر‪٨ :‬بتصر الصواعق ا‪٤‬برسلة على ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعطلة ص ‪ ، 177-175‬اختصار ا‪٤‬بوصلي‪.‬‬


‫‪284‬‬
‫كأما ا‪١‬برب فهو إسناد ما يفعلو الشخص من أعماؿ إذل هلل عز كجل ‪ ،‬كأف العبدؿ ال قدرة لو البتة على‬
‫الفعل كإ٭با ىو ‪٧‬ببور على فعلو فحركتو كحركة النبااتت كا‪١‬بمادات‪. 745‬‬

‫فا‪١‬بهمية قرركا أف العبد مسلوب اإلرادة كاالختيار ألفعالو‪ ،‬كمثلو مثل حركة ا‪٤‬برتعد كىبوب الريح كحركة‬
‫النائم كحركة األشجار ك‪ٛ‬بايلها بفعل الرايح‪.‬‬

‫ٍب زعموا أف هللا ىو الذم جرب اإلنساف على فعلو رغما عنو‪ ،‬كمع ذلك فاهلل يعذبو بنار جهنم ‪ ،‬مع أف‬
‫الفعل ىو نفسو فعل هللا‪ ،‬كقالوا‪ :‬إف ىذا ليس بظلم‪ ،‬ألف اإلنساف ملك هلل ألف الظلم ُب مفهومهم ىو‬
‫احملاؿ لذاتو غّب ا‪٤‬بتصور كقوعو‪.746‬‬

‫كىذا ‪٤‬بفهوـ ال شك أنو ‪٨‬بالف ‪٤‬با ُب النصوص الشريفة ُب الكتاب كالسنة من أف هللا ٯبازم اإلنساف‬
‫على فعلو إبرادتو ‪ ،‬فقاؿ‪ٍ{ :‬ب توَب كل نفس ما كسبت كىم ال يظلموف }سوةر البقرة آية ‪ 281‬كغّب‬
‫ذلك من اآلايت ‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬إنكار اجلهمية للصراط‪:‬‬

‫الصراط من األمور الغيبية الٍب أعدىا هللا لعباده يوـ القيامة كقد ثبت ُب نصوص الشرع ثبوات يقينيا فقاؿ‬
‫تعاذل‪{ :‬كإف منكم إال كاردىا كاف على ربك حتما مقضيا}سورة مرًن آية ‪ 71‬كغّب ذلك من النصوص‪.‬‬

‫كالصراط ىو ‪ :‬جسر ‪٩‬بدكد على مًب جهنم أدؽ من الشعرة كأحد من السيف‪ ،‬يعرب ا‪٣‬ببلئق بقدر‬
‫أعما‪٥‬بم إذل ا‪١‬بنة‪ ،‬فمنهم من ٯبتازه كمنهم من يقع‪ ،‬قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب ا‪٢‬بديث ‪ :‬كيضرب جسر على جهنم ‪..‬‬
‫فأكوف أكؿ من ٯبيز‪. 747".‬‬

‫كمن أكصاؼ الصراط أنو أحد من السيف كأدؽ من الشعرة كعليو كبلليب تتخطف الناس حسب‬
‫أعما‪٥‬بم فمنهم الناجي كمنهم ا‪٥‬بالك ‪.‬‬

‫‪ 745‬انر‪ :‬شرح الطحاكية ص ‪592‬‬


‫‪ 746‬ألف الظلم عندىم عبارك عن ا‪٤‬بمتنع الذم ال يدخل ‪ٙ‬بت القدرة ‪ ،‬كالظلم كذلك ال يكوف إال من مأمور من غّبه‬
‫منهية كإال ليس كذلك " شرح الطحاكية ص ‪449‬‬
‫‪ 747‬أخرجو البخارم ‪ 445/11‬الفتح‪ ،‬كقد بوب البخارم بقولو‪":‬ابب الصراط جسر جهنم"‬
‫‪285‬‬
‫كقد أنكرت ا‪١‬بهمية الصراط ‪ ،‬كاعتمدكا ُب نفيهم على شبهات ابطلة ‪ ،‬معتمدين على عقو‪٥‬بم ُب‬
‫استبعاده ‪ ،‬كيكفي ُب الرد عليهم بياف ردىم لنصوص الشرع الٍب تثبت الصراط ‪ ،‬كىذا من أكرب‬
‫عبلمات الضبلؿ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬إنكار اجلهمية للميزان ‪:‬‬

‫ا‪٤‬بيزاف من األمور الغيبية الٍب نصت عليها النصوص ‪ ،‬كقد أنكرتو ا‪١‬بهمية ‪.‬‬

‫كيراد اب‪٤‬بيزاف ُب االصطبلح الشرعي‪ :‬ىو ميزاف حقيقي لو لساف ككفتاف توكزف بو أعماؿ العباد خّبىا‬
‫كشرىا‪ ،‬يظهره هللا يوـ القيامة لوزف مقادير أعماؿ ا‪٣‬بلق‪.‬‬

‫كقد أخرب هللا عنو ُب القراف الكرًن إخبارا ‪٦‬بمبل كجاءت السنة مبينة لو كشارحة‪ ،‬كقد أ‪ٝ‬بع ا‪٤‬بسلموف‬
‫على القوؿ بو كاعتقاده‪ .‬كقد ثبت أف العمل يوزف ككذلك العامل كتوزف صحائف األعماؿ‪.‬‬

‫قاؿ تعاذل‪{:‬كنضع ا‪٤‬بوازين القسط ليوـ القيامة}سورة األنبياء آية ‪ 47‬كيقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪":‬كلمتاف‬
‫‪748‬‬
‫حبيبتاف إذل الر‪ٞ‬بن ثقيلتاف ُب ا‪٤‬بيزاف سبحاف هللا كٕبمده سبحاف هللا العظيم"‬

‫كقد أنكرتو ا‪١‬بهمية ببل أم دليل سول ‪٧‬بض استبعاد عقو‪٥‬بم معرضْب عن النصوص الثابتة ُب ذلك‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬قول اجلهمية بفناء اجلنة والنار‪:‬‬

‫ا‪١‬بنة كالنار أعدٮبا هللا لتكوف ا‪١‬بنة دارا ألكليائو كالنار دارا ألعدائو‪ ،‬خلقهما هللا ككتب ‪٥‬بما البقاء‬
‫األبدم‪ ،‬كىو الثابت ُب الشريعة اإلسبلمية ‪.‬‬

‫أما ا‪١‬بهمية فقد قالوا بفناء ا‪١‬بنة كالنار‪ 749‬كذلك اعتمادا على أصلهم الفاسد كىو االعتقاد ابمتناع‬
‫كجود ما ال يتناىى من ا‪٢‬بوادث كالذم استدلوا بو على حدكث األجساـ كجعلوا ذلك عمدهتم ُب‬
‫حدكث العادل‪ ،‬فرأل جهم ما ٲبنع من حوادث ال أكؿ ‪٥‬با ُب ا‪٤‬باضي ٲبنعو ُب ا‪٤‬بستقبل ‪.‬‬

‫كقد زعم أف ا‪١‬بنة كالنار ستفُب ٕبجة أف ما الهناية لو من األمور ا‪٢‬بادثة بعد أف دل تكن مستحيل حسب‬
‫زعمو أف تبقى إذل ما ال هناية ‪.‬‬

‫‪ 748‬أخرجو البخارم ‪ 537/13‬كمسلم ‪548/5‬‬


‫‪ 749‬انظر‪ :‬نونية ابن القيم ‪393/2‬‬
‫‪286‬‬
‫ٍب زعم أف الرب ٲبتنع عليو إٯباد حوادث ال أكؿ ‪٥‬با ‪٨‬بافة تعدد اآل‪٥‬بة إذا قلنا بوجودىا ٍب قاس ىذا على‬
‫هناية ا‪٢‬بوادث ‪.‬فكما أنو يستحيل عنده كجود حوادث ال أكؿ ‪٥‬با ٲبتنع كجود حوادث ال آخر ‪٥‬با ‪ ،‬كظن‬
‫أف ىذا تنزيو هلل كىو ُب الواقع إساءة ظن ابهلل كبقدرتو‪.‬‬

‫كقد أنكر علماء السنة على ا‪١‬بهم كأتباعو غاية اإلنكار ككفركه كبينوا أف قولو ‪٨‬بالف لنصوص الشرع الٍب‬
‫تثبت أف هللا يعلم ما أراد بقاءه كما أراد عليو الفناء‪ ،‬كقد أراد هللا بقاء ا‪١‬بنة كالنار ‪ ،‬كالقوؿ بضد ذلك‬
‫تكذيب لنصوص الشرع قاؿ تعاذل ‪ {:‬كأما الذين سعدكا ففي ا‪١‬بنة خالدين فيها مادامت السموات‬
‫كاألرض إال ما شاء ربك عطاء غّب ‪٦‬بذكذ}سورة ىود آية ‪ 108‬أم غّب منقطع إال إذا شاء كقد أخرب‬
‫أنو دل يشأ أف ينقطع أبدا فيجب تصديق ذلك { كمن أصدؽ من هللا قيبل} كقاؿ تعاذل عن أىل النار ‪:‬‬
‫{ كما ىم منها ٗبخرجْب}سورة ا‪٢‬بجر آية ‪ 48‬كقاؿ ‪ {:‬ال يذكقوف فيها ا‪٤‬بوت إال ا‪٤‬بوتة األكذل }سورة‬
‫الدخاف آية ‪ 56‬كقالعن أصحاب النار{ ىم فيها خالدكف}‪.‬‬

‫يصحو فبل يسقموا أبدا كيشبوا فبل يهرموا أيبدا كٰبيوا فبل ٲبوتوا أبدا‪ ،‬ككرد‬
‫كُب ا‪٢‬بديث‪":‬أف أىل ا‪١‬بنة ٌ‬
‫أيضا قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " اي أىل ا‪١‬بنة خلود فبل موت كاي أىل النار خلود فبل موت"‪ 750‬ككرد أف ا‪٤‬بوت‬
‫يذبح بْب ا‪١‬بنة كالنار‪ ،‬كا‪٤‬بذبوح ىنا ىو ا‪٤‬بوت نفسو كليس ملك ا‪٤‬بوت ‪.‬‬

‫كقد انزع ا‪١‬بهمية أيضا ُب كجود ا‪١‬بنة كالنار اآلف حيث نفوا ذلك كأصركا على عدـ كجودٮبا كاستدلوا‬
‫ابألحاديث الٍب تنص على غرس شجر ُب ا‪١‬بنة جزاء بعض األعماؿ الصا‪٢‬بة كنسوا أف البيت ا‪١‬بميل‬
‫ا‪٤‬بتكامل البناء كا‪٢‬بسن ال ٲبنع أف يزاد فيو ما يزيده حسنا‪.‬‬

‫كقد أخرب هللا ُب مواضع كثّبة على كجودٮبا اآلف‪ ،‬فقاؿ عن ا‪١‬بنة {أعدتللمتقْب} سورة آؿ عمراف‬
‫ص‪ .133‬كقاؿ عن النار {أعدتللكافرين} سورة آؿ عمراف آية ‪ 131‬كغّبىا من النصوص‪.‬‬

‫ادلبحث اخلمس‪:‬‬

‫احلكم على اجلهمية‬

‫يتورع السلف عن تكفّب أم ‪ٝ‬باعة أك شخص أك إطبلؽ التكفّب‪ ،‬كال يتسرعوف فيو ك‪٥‬بم ضوابط قوية‬
‫كدرجات ُب التكفّب‪ ،‬كمن دل يفطن ‪٥‬با سيقع ُب ا‪٣‬بطأ الشرعي أك ا‪٣‬بطأ ُب مفهوـ السلف للتكفّب‪،‬‬

‫‪ 750‬أخرجو البخارم ‪ 428/8‬كمسلم ‪1282/4‬‬


‫‪287‬‬
‫ك‪٥‬بذا يقع كثّب من العلماء ُب ا‪٣‬بطأ حينما ٰبكوف مذاىب السلف كىم على غّب دراية ٗبفاىيمهم‬
‫كمصطلحاهتم‪.‬‬

‫كقد ذىب كثّب من علماء السلف إذل تكفّب ا‪١‬بهمية كإخراجهم من أىل القبلة ‪ ،‬كمن ىؤالء اإلماـ أبو‬
‫سعيد عثماف بن سعيد الدرامي‪ ،‬فقد ٌبوب اباب ُب كتابو الرد على ا‪١‬بهمي‪751‬ة ‪٠‬باه ابب االحتجاج ُب‬
‫إكفار ا‪١‬بهمية ‪ ،‬كابب آخر ‪٠‬باه ابب قتل الزاندقة كا‪١‬بهمية كاستتابتهم من كفرىم‪ ،‬كقد أكرد ‪ٙ‬بت‬
‫ىذين البابْب أدلة كثّبة تربىن على كفر ا‪١‬بهمية حاصلها ما يلي‪:‬‬

‫بداللة القرآف‪ ،‬حيث أخرب عن قريش أهنم قالوا عن القرآف ‪ {:‬إف ىذا إال قوؿ البشر}سورة‬ ‫‪-1‬‬
‫ا‪٤‬بدثر آية ‪ .25‬أم ‪٨‬بلوؽ كىو نفس قوؿ ا‪١‬بهم ‪.‬‬
‫من األثر ما كرد عن علي كابن عباس ُب قتل الزاندقة لقوؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪" :‬من بدؿ دينو‬ ‫‪-2‬‬
‫فاقلتوه"‪ 752‬كا‪١‬بهمية أفحش كفرا منهم ‪.‬‬
‫كفرىم الدارمي بقو‪٥‬بم ٖبلق القراف كنفي كبلـ هللا كعدـ إثباهتم الصفات كالوجو كالسمع‬ ‫‪-3‬‬
‫كالبصر كالعلم كبقو‪٥‬بم ال يدركف أين هللا ‪.‬‬
‫كقد أكرد الدارمي أ‪٠‬باء الذين كفركا ا‪١‬بهمية حيث ذكر منهم سبلـ بن أيب مطيع ك‪ٞ‬باد بن‬
‫زيد كيزيد بن ىاركف كابن ا‪٤‬ببارؾ كككيع ك‪ٞ‬باد بن أيب سليماف كٰبي بن ٰبي كأبو توبة الربيع‬
‫ابن انفع كمالك بن أنس‪.‬‬
‫الفصل الثالث عشر‪:‬‬
‫ادلعتزلة‬

‫ا‪٤‬بعتزلة اسم يطلق على فرقة ظهرت ُب اإلسبلـ ُب القرف الثاين ا‪٥‬بجرم ما بْب سنة ‪105‬ىػ كسنة‬
‫‪110‬ىػ بزعامة رجل يسمى كاصل بن عطاء الغزاؿ‪.‬‬

‫كىذه الفرقة قد تفرعت عن ا‪١‬بهمية كانتشرت ُب كثّب من بلداف ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فشيعة العراؽ على اإلطبلؽ‬
‫معتزلة‪ ،‬كشيعة األقطار ا‪٥‬بندية‪ ،‬كشيعة فارس‪ ،‬كمثلهم بعض فرؽ الزيدية ُب اليمن فهم ليسوا قلة فضبل‬
‫عن أف يقاؿ أهنم انقرضوا كىؤالء يعدكف ُب ا‪٤‬بسلمْب اب‪٤‬ببليْب‪.753‬‬

‫‪ 751‬انظر‪ :‬كتاب الرد على ا‪١‬بهمية ص ‪106‬ك‪117‬‬


‫‪ 752‬أخرجو البخارم‪ 149/6‬كأبو داركد ‪ 520/4‬كالَبمذم‪ 59/4‬كالنسائي‪ 104/7‬كابن ماجو‪ ، 848/2‬كقاؿ‬
‫الَبمذم حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪288‬‬
‫كللعماء أقواؿ ُب نشأة ا‪٤‬بعتزلة نوجزىا فيما يلي‪:‬‬

‫يرل بعضهم أف أصل االعتزاؿ كاف ُب زمن ا‪٣‬بليفة الراشد علي هنع هللا يضر‪ ،‬حينما اعتزؿ السياسة‬ ‫أ‪-‬‬
‫ىو أصحابو كتركوا ا‪٣‬بوض ُب ا‪٣‬ببلفات الٍب نشأت بْب الصحابة‪ ،‬كىذا القوؿ ابطل ال‬
‫صحة لو‪.754‬‬
‫يرل كثّب من العلماء أف بدأ االعتزاؿ ىو ما كقع بْب ا‪٢‬بسن البصرم ككاصل بن عطاء من‬ ‫ب‪-‬‬
‫خبلؼ ُب حكم أىل الذنوب‪ ،‬حيث بدأ من البصرة مسكن ا‪٢‬بسن البصرم ٍب انتشر ُب‬
‫الكوفة كمنو إذل أقطار األرض‪.‬‬

‫ك‪٩‬با يذكر للمعتزؿ أهنم كانوا شوكة ُب حلوؽ الزاندقة‪ ،‬كقد قاموا ٔبهود كثيفة لنشر اإلسبلـ‪ ،‬كلكنهم دل‬
‫ٰبسنوا االعتقاد ُب اعتقادىم ٖبلق القراف كغّبه من ا‪٤‬ببادم ‪ ،‬كقد انقسوا إذل اثنتْب كعشرين فرقة ذكرىا‬
‫علماء الفرؽ‪.755‬‬

‫كٯبمعهم االعتقاد على األصوؿ ا‪٣‬بمسة كىي ‪ :‬التوحيد على طريقة ا‪١‬بهمية‪ ،‬كالعدؿ على طريقة‬
‫القدرية‪ ،‬كالوعد كالوعيد كا‪٤‬بنزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب كاألمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر على طريقة ا‪٣‬بوارج‪.‬‬

‫ادلبحث الثاين‪:‬‬

‫أمساء ادلعتزلة وسبب تلك التسميات‬

‫دل يتفق العماء على تسمية ا‪٤‬بعتزلة ابسم كاحد كمن أقواؿ العماء ُب ا‪٠‬بائهم ما يلي‪:‬‬

‫ا‪٤‬بعتزلة ‪ :‬نسب االعتزاؿ إذل زعيم ‪٥‬بم كا‪٠‬بو كاصل بن عطاء عندمنا اعتزؿ حلقة ا‪٢‬بسن‬ ‫‪-1‬‬
‫البصرم ‪٤‬با يسئل ا‪٢‬بسن عن مرتكب الذنب فبادر كاصل ابإلجابة بقولو‪ :‬أبنو ُب منزلة بْب‬
‫ا‪٤‬بنزلتْب كأنو ملخد ُب التار ُب اآلخرة‪ ،‬كاعتزؿ حلقة ا‪٢‬بسن فسموا معتزلة على سبيل الذـ‬
‫‪٥‬بم‪.756‬‬

‫‪ 753‬انظر‪ :‬اتريخ ا‪١‬بهمية ص ‪56‬‬


‫‪ 754‬انظر‪ :‬أىم الفرؽ اإلسبلمية ‪ ،‬دمحم طاىر النيفر ص ‪33‬‬
‫‪ 755‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب لؤلشعرم كا‪٤‬بلل كالنحل للشهرستاين كالفرؽ بْب الفرؽ للبغدادم كالتنبيو كالرد للملطي‬
‫كالتبصّب ُب أمور الدين لبلسفراييِب كالفصل البن حزـ‪.‬‬
‫‪ 756‬انظر‪ :‬ا‪٤‬بعتزلة كأصو‪٥‬بم ا‪٣‬بمسة كموقف أىل السنة منهم ص ‪21-14‬‬
‫‪289‬‬
‫ا‪١‬بهمية ‪٤ :‬بوافقتهم ا‪١‬بهمية ُب مسائل كثّبة ‪ ،‬كألهنم أحيوا آراء ا‪١‬بهمية فنفخوا ُب رماد‬ ‫‪-2‬‬
‫ا‪١‬بهمية كصّبكىا ‪ٝ‬برا من جديد‪.757‬‬
‫القدرية‪ :‬إلنكارىم القدر كإسنادىم فعل العبد إذل قدرتو‪ ،‬كىم ال ٰببوف ىذا االسم‬ ‫‪-3‬‬
‫كيطلقونو على أىل السنة‪.758‬‬
‫الثنوية كاجملوسية‪ :‬لقو‪٥‬بم أف ا‪٣‬بّب من هللا كالشر من العبد كىو يشبو قوؿ اجملوس الذين‬ ‫‪-4‬‬
‫يقركف إب‪٥‬بْب للخّب كالشر‪ ،‬كىم ال ٰببوف ىذا االسم‪.‬‬
‫الوعيدية ‪ :‬لقو‪٥‬بم أف هللا ال ٱبلف كعده ككعيده كٯبب على هللا عقاب ا‪٤‬بذنب إذا دل يتب‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ا‪٤‬بعطلة‪ :‬كىو اسم للجهمية ٍب أيطلق على ا‪٤‬بعتزلة ألهنم عطلوا الصفات كنفوىا ‪ ،‬كىم ال‬ ‫‪-6‬‬
‫ٰببوف تسميتهم ابأل‪٠‬باء السابقة‪.‬‬

‫أما أمسائهم اليت حيبوهنا فهي ‪:‬‬

‫ا‪٤‬بعتزلة ‪ ،‬كقد سبق أنو ذـ إال أف ا‪٤‬بعتزلة أخذكا يدللوف على مدحو كأهنم ىجركا الفًب‬ ‫‪-1‬‬
‫كاعتزلوىا‪.‬‬
‫أىل التوحيد كالعدؿ أك العدلية‪ :‬كالعدؿ عندىم نفي القدر عن هللا ‪ ،‬كالتوحيد نفي‬ ‫‪-2‬‬
‫الصفات ‪.‬‬
‫أىل ا‪٢‬بق‪ :‬ألهنم يعتربكف أنفسهم على ا‪٢‬بق‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الفرقة الناجية ‪ :‬لينطبق عليهم ما كرد ُب فضائلها‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‪٤‬بنزىوف هلل ‪ :‬لزعمهم اف نفي الصفات تنزيو هلل‪ ،‬كأطلقوا على أىل السنة أ‪٠‬باء مثل‬ ‫‪-5‬‬
‫القدرية كا‪١‬بربية كا‪٤‬بشبهة كا‪٢‬بشوية كالنابتة‪.‬‬

‫سلطان ادلعتزلة ‪:‬‬

‫قويت شوكة ا‪٤‬بعتزلة حٌب استطاعوا جلب ا‪٣‬بليفة ا‪٤‬بأموف إذل عقائدىم على يد أ‪ٞ‬بد بن أيب دؤاد ‪ ،‬كلقي‬
‫ا‪٤‬بسلموف عنتا شديدا جراء ذلك ككقعت ُب عهده فتنة خلق القرآف فأكذم كثّب من العلماء على رأسهم‬
‫اإلماـ أ‪ٞ‬بد بن حنبل‪ ،‬إذل أف جاء ا‪٤‬بتوكل فأ‪ٟ‬بد ىذه الفتنة‪. 759‬‬

‫‪ 757‬انظر‪ :‬منهاج السنة ‪344/1‬‬


‫‪ 758‬انظر‪ :‬أتكيل ‪٨‬بتلف ا‪٢‬بديث ص ‪98‬‬
‫‪290‬‬
‫اإلتفاق بُت ادلعتزلة والقدرية‪:‬‬

‫اتفقت مفاىيم ا‪٤‬بتزلة مع القدرية ُب مسألة القدر فذىبوا إذل أف هللا غّب خالق ألفعاؿ الناس بل الناس ىم‬
‫من ٱبلقوف أفعاؿ أنفسهم كال قدرة هلل كال مشيئة كال قضاء كىذا تكذيب هلل كرسولو ‪.‬‬

‫فاهلل يقوؿ‪ { :‬كهللا خلقكم كما تعملوف} كيقوؿ عن نفاذ مشيئتو‪{:‬كما تشاءكف إال أف يشاء هللا}‬
‫فمشيئة اإلنساف ليست مستقلة عن مشيئة هللا كالعبد مأمور ابالمتثاؿ كغّب مسؤكؿ عن معرفة ما ُب‬
‫القدر من الغيب‪ ،‬كإثبات علم هللا ال يناُب األمر ابالمتثاؿ‪ ،‬كعلمو ابلعصاة ال يناُب خلقو ‪٥‬بم كأمرىم‬
‫بطاعتو‪،‬كعلمو ٕباؿ إبليس‪.‬‬

‫ادلبحث الثالث‪:‬‬

‫مشاىَت ادلعتزلة القدرية واجلهمية‬

‫ظهر كثّب من الرجاؿ كاف ‪٥‬بم دكر ابرز ُب نشر االعتزاؿ حٌب كصلوا إذل السلطة كاستجبلب ا‪٣‬بلفاء‬
‫كغّب ذلك كمن أبرزىم ما يلي‪:‬‬

‫بشر ا‪٤‬بريسي‬ ‫‪-1‬‬


‫ثور بن يزيد ا‪٢‬بمصي‬ ‫‪-2‬‬
‫ا‪٢‬بسن بن ذكواف‬ ‫‪-3‬‬
‫زكراي بن إسحاؽ‬ ‫‪-4‬‬
‫سبلـ بن عجبلف‬ ‫‪-5‬‬
‫سيف بن سليماف النمكي‬ ‫‪-6‬‬
‫شريك بن أيب نكّب‬ ‫‪-7‬‬
‫عبد هللا بن عمرك‬ ‫‪-8‬‬

‫‪ 759‬انظر‪ :‬أىم الفرؽ اإلسبلمية للنيفر ص ‪34‬‬


‫‪291‬‬
‫عبد هللا بن أيب ‪٪‬بيح‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬عبد الر‪ٞ‬بن بن إسحاؽ ا‪٤‬بدين‬
‫‪ -11‬ثور بن يزيد ا‪٤‬بدين‬
‫‪ -12‬حساف بن عطية احملاريب‬
‫‪ -13‬داكد بن ا‪٢‬بصْب‬
‫‪ -14‬صاحل بن كيساف‬
‫‪ -15‬عبد هللا بن أيب لبيد‬
‫‪ -16‬عبد الوارث بن سعيد الثورم‬
‫‪760‬‬
‫قاؿ السيوطي ‪":‬كىؤالء رموا ابلقدر ككلهم ‪٩‬بن ركل ‪٥‬بم الشيخاف أك أحدٮبا"‬

‫ابإلضافة إذل قو‪٥‬بم ُب القدر فقد حدث ‪٥‬بم خبط ُب أىم مسألة كىي مسألة تعطيل صفات هللا ‪ ،‬حيث‬
‫تقرر ُب مذىبهم نفي الصفات هلل كاستبدلوىا بصفا ت ال تليق ابهلل كتؤدم إذل إنكار كجود هللا ملؤىا‬
‫ابلتناقضات كا‪٤‬بستحيبلت الٍب ال توجد خارج الذىن‪.761‬‬

‫ادلبحث الرابع‪:‬‬

‫ذكر أىم عقائد ادلعتزلة إمجاال‬

‫‪ 760‬انظر‪ :‬اتريخ ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعتزلة ص ‪77-76‬‬


‫كمن الواضحج أف البخارم كمسلما كغّبٮبا من علماء ا‪٢‬بدجيثكانوا يرككف عن أانس عرفوا ٗبيلهم عن مذىب السلف‬
‫كذلك لدىة أمور أٮبها‪:‬‬
‫‪ -1‬ثقة أكلئك كصدفهم ُب ركايتهم‪.‬‬
‫‪ -2‬يرككف عنهم ما ال يقوم بدعتهم‪.‬‬
‫‪ -3‬حرصا على العلم كتدكينو‪.‬‬
‫‪ -4‬بسبب أف ا‪٤‬بسائل الٍب خالفوا فيها ‪٩‬با يتسامح ُب ا‪٣‬ببلؼ فيو إذل حد ٌما لغموضها كقوة الشبهة الٍب دفعتهم‬
‫إذل ذلك ‪ ،‬إذل غّب ذلك من األمور‪.‬‬
‫ٍب إف األشخاص الذين يرركف ‪٥‬بم البخبلرم كمسلم دل يكونوا ‪٩‬بن يتهموف بنحاربة السبلمو الكيد لو ‪ ،‬كإ٭با كانت‬
‫أخطاء ظنا منهم أهنم فيها على الصواب كليس كل من اجتهد ُب شيء أصاب‪ ،‬كأخذ العلماء عن ىؤالء إ٭با ىو دليل‬
‫على ذـ التعصب كالتسرع ُب تكقفّب ا‪٤‬بخالفْب كإخراجهن عن ا‪٤‬بلة كإخراجهن من ا‪٤‬بلة ‪ ،‬كدليل آخر على كجوب‬
‫االنصاؼ ‪ ،‬كأف ا‪٢‬بق صالة ا‪٤‬بؤمن أينما كجده أخذه بغض النظر عن حاملو‪.‬‬
‫‪ 761‬كقد ذكر ‪ٝ‬بلة مقاالهتم األشعرم ُب مقاالت اإلسبلميْب ‪235/1‬‬
‫‪292‬‬
‫للمعتزلة آراء كأفكار كمعتقدات كثّبة‪ ،‬كٲبكن عرض أىم آرائها إبٯباز فيما يلي‪:‬‬

‫اختلفوا ُب ا‪٤‬بكاف هلل ‪ :‬فذىب بعضهم إذل أف هللا ُب كل مكاف بتدبّبه ‪ ،‬كىو قوؿ أيب‬ ‫‪-1‬‬
‫ا‪٥‬بذيل كا‪١‬بعفرين كاإلسكاُب كدمحم بن عبد الوىاب ا‪١‬ببائي‪.‬‬

‫كذىب آخركف إذل أف هللا ال ُب مكاف بل ىو دل يزؿ على ما ىو عليو ‪ ،‬كىو قوؿ أيب زفر كالفوطي‪.‬‬

‫ذىبوا إذل أف االستواء ٗبعُب االستيبلء ُب قولو تعاذل ‪ {:‬الر‪ٞ‬بن على العرش استول}‬ ‫‪-2‬‬
‫أ‪ٝ‬بعوا على أف هللا ال يرل ابألبصار‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫اختلفوا ُب صفة الكبلـ هلل ‪ :‬فذىب بعضهم إذل إثبات الكبلـ هلل ‪ ،‬كذىب بعضهم إذل‬ ‫‪-4‬‬
‫إنكار ذلك ‪ ،‬ك‪٥‬بم اختبلفات دقيقة ُب مسائل أخرل ال يتسع ا‪٤‬بقاـ لذكرىا‪.762‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫األصول اخلمسة للمعتزلة والرد عليها‬

‫للمعتزلة ‪ٟ‬بسة أصوؿ يقوـ عليها أسا معتقداهتم نذكرىا إ‪ٝ‬باال ٍب نتبعها ابلفصيل فيما يلي‪ :‬األصوؿ‬
‫اال‪ٟ‬بسة إ‪ٝ‬باال ىي‪:‬‬

‫التوحيد‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العدؿ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الوعد كالوعيد‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫القوؿ اب‪٤‬بنزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهية عن ا‪٤‬بنكر ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫كال يسمى الشخص معتزليا حٌب ٰبقق ىذه األصوؿ ا‪٣‬بمسة‪ ،‬كتفصيلها فيما يلي‪:‬‬

‫األصل األول‪ :‬التوحيد ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ 762‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسبلميْب ‪ ،‬ا‪١‬بزء األكؿ‪ ،‬كالفرؽ بينالفرؽ للبغدادم كا‪٤‬بلل كالنحل للشهرستاين ‪ ،‬ا‪١‬بزء األكؿ‪.‬‬
‫‪293‬‬
‫كيقصدكف بو البحث حوؿ صفات هللا كما ٯبب لو كما ال ٯبب‪ ،‬فقد أنكر ا‪٤‬بعتزلة الصفات لزعمهم أف‬
‫إثباهتا يستلزـ تعدد القدماء كلذلك أرجعوا الصفات إذل الذات‪ ،‬فيقولوف عادل بذاتو قادر بذاتو ‪.‬‬

‫الرد على ىذا األصل‪:‬‬

‫من ا‪٤‬بعلوـ أف السلف يثبتوف صفات هللا كما جاءت ُب الكتاب كالسنة دكف ‪ٙ‬بريف أك أتكيل‪ ،‬مع‬
‫معرفتهم ٗبعانيها كتوقفهم ُب بياف كيفياهتا‪ ،‬ألف الكبلـ ُب صفة شيء ىو فرع عن تصور ذاتو‪ ،‬كال أحد‬
‫يعلم ذات هللا تعاذل كال كيفياهتا على ضوء ما قاؿ تعاذل ‪ { :‬ليس كمثلو شيء كىو السميع‬
‫البصّب}سورة الشورل آية ‪ ،11‬كقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪ " :‬أربعوا على أنفسكم فإنكم ال تدعوف أصما كال‬
‫غائبا ‪ ،‬إ٭با تدعوف ‪٠‬بيعا بصّبا قريبا"‪ 763‬كغّب ذلك من النصوص‪ ،‬فصفاه ىز كجل قدٲبة بذاتو زائدة‬
‫على الذات على التفصيل الصحيح عند السلف‪.764‬‬

‫األصل الثاين‪ :‬العدل‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫‪765‬‬
‫يعرفو القاضي عبدا‪١‬ببار ا‪٤‬بعتزرل بقولو ‪" :‬ىو كبلـ يرجع إذل أفعاؿ القدًن كما ٯبوز عليو ما ال ٯبوز "‬
‫‪.‬‬

‫فهم يريدكف ابلعدؿ ما يتعلق أبفعاؿ هللا‪ ،‬حيث نفوا عن هللا صفات كأثبتوا لو أخرل من ابب نفي القبح‬
‫عنو ‪ ،‬كمن ىذا الباب نفوا أعماؿ العباد أف تكوف من فعل هللا ‪ ،‬كقرركا أف العباد خالقوف ألفعا‪٥‬بم كأف‬
‫هللا ىو الذم أعطى العباد ىذه القدرة كىو عادل هبم كيعتقدكف أف " من قاؿ إف هللا سبحانو خالقها‬
‫ك‪٧‬بدثها فقد عظم خطؤه"‪. 766‬‬

‫كقد استدلوا على ذلك بعدة شبو تؤيد ما ذىبوا إليو بزعهم‪ ،‬من أبرزىا ما يلي‪:‬‬

‫أف إثبات خلق هللا ألفعاؿ العباد فيو نسبة الظلم إليو تعاذل كىو منزه عن ذلك‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪ 763‬فتح البارم ‪372/13‬‬


‫‪ 764‬كىذا من األلفاظ اجململة عند السلف‪ ،‬فبل يطلقوف على الصفات أهنا غّب هللا تعاذل كال اهنا ليست غّب هللا تعاذل‪،‬‬
‫فإف أريد أف ىناؾ ذاات ببل صفات فهو غّب صحيح‪ ،‬كإف أريد بو أف الصفات زائدة علبلل الذات الٍب يفهم من معناىا‬
‫غّب ما يفهم من معُب الصفة فهذا حق‪ ،‬كلكن ليس ُب ا‪٣‬بارج ذات ‪٦‬بردة عن الصفات‪ ،‬فهو ٭بحاؿ إال ُب التصور‬
‫الذىِب‪ ،‬كهللا تعاذل بصفاتو حقيقة كاحدة ال٘بزؤ فيها‪ .‬انظر‪ :‬شرح اللطحاكية ص ‪71‬‬
‫‪ 765‬انظر‪ :‬شرح األصوؿ ا‪٣‬بمسة ص ‪301‬‬
‫‪ 766‬ا‪٤‬بغِب ُب أبواب التوحيد كالعدؿ ‪3/8‬‬
‫‪294‬‬
‫استدلوا ِبايت كثّبة من القرآف كأكلوىا حسب أىوائهم منها قولو تعاذل‪{ :‬ما ترل ُب خلق‬ ‫ب‪-‬‬
‫الر‪ٞ‬بن من تفوت}سورة ا‪٤‬بلك آية‪ ،3‬فسرىا القاضي عبد ا‪١‬ببار أبف معُب التفاكت من‬
‫جهة ا‪٢‬بكمة ‪ ،‬كلذا ال ٯبوز عندىم أف تكوف أفعاؿ العباد من جهة هللا الشتما‪٥‬با على‬
‫التفاكت‪.767‬‬

‫الرد عليهم‪:‬‬

‫‪٩‬با ال شك فيو أف أفعاؿ هللا كلها حسنة ال قبيح فيها‪ ،‬إال أف ا‪٤‬بعتزلة ارتكبوا مغالطات كاضحة ُب فهم‬
‫النصوص كذلك كما يلي‪:‬‬

‫أف الظلم الذم نفاه هللا عن نفسو ىو كضع الشيء ُب غّب موضعو أك كضع سيئات‬ ‫أ‪-‬‬
‫شخص على أخر‪ ،‬أك أف ينقص من حسنات احملسن‪ ،‬كىذا ظلم ببل شك كهللا منزه عنو‪.‬‬
‫أف هللا أخرب أنو خلق كل األشياء ككل األفعاؿ‪ ،‬كأهنا ال ‪ٚ‬برج عن خلق هللا كإرادتو ‪٥‬با‪ ،‬قاؿ‬ ‫ب‪-‬‬
‫تعارل‪( :‬كهللا خالق كل شيء} سورة الرعد آية‪ ، 16‬كقاؿ تعاذل‪( :‬كهللا خلقكم كما‬
‫تعملوف}سورة الصافات آية‪ ، 96‬كىؤالء يقولوف‪ :‬اإلنساف ىو الذم ٱبلق فعلو ‪.‬‬

‫كدل ينظركا إذل أف هللا عز كجل ىو ا‪٣‬بالق للعباد كأعما‪٥‬بموال ينسب إذل هللا تعاذل إال ابعتبار أقدار‬
‫هللا تعاذل للعبد كمشوؿ مشيئة ‪٥‬با ال أف هللا ىو الفاعل ا‪٢‬بقيقي‪.768‬‬

‫كأما ابلنسبة الستدال‪٥‬بم ابآلية الكرٲبة‪( :‬ما ترل ُب خلق الر‪ٞ‬بن من تفاكت}سورة ا‪٤‬بلك‬ ‫ت‪-‬‬
‫آية‪ ،3‬فقد فسركا التفاكت ىنا اب‪٢‬بكمة‪ ،‬بينما الصحيح أف التفاكت ا‪٤‬بنفي ىنا ىو التفاكت‬
‫ُب ا‪٣‬بلقة‪ ،‬أم ال يوجد ُب خلق السموات كاألرض من تفاكت‪ ،‬أم من عيب أك خلل‪.‬‬

‫كيلتحق ٗبسألة العدؿ مسائل من أٮبها‪:‬‬

‫أكال‪ :‬الصبلح كالصلح‪.‬‬

‫فا‪٤‬بعتزلة تؤكد أف هللا تعاذل ال يفعل بعبادة إال الصبلح كما فيو نفعهم كجواب عليو جبل كعبل‪ ،‬ألنو إذا دل‬
‫يفعل ذلك كاف ظلما ‪٥‬بم كنقصا ‪٩‬با فيو صبلحهم‪ ،‬بل كخبلؼ ا‪٢‬بكمة ُب إٯباده ‪٥‬بم ‪.‬‬

‫‪ 767‬انظر‪ :‬شرح األصوؿ ا‪٣‬بمسة ص ‪ 355‬كىناؾ آايت أخرل استدؿ هبا القاضي عبد ا‪١‬ببار‪.‬‬
‫‪ 768‬انظر‪ :‬شرح الطحاكية ص‪94‬‬
‫‪295‬‬
‫‪ -‬الرد عليهم‪:‬‬
‫أف هللا أمر كأرشد عبادة إذل أف يفعلوا كل ما فيو صبلحهم‪ ،‬كأف مرد ذلك يعود إليهم ىم‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كأف هللا تعاذل ال تضره معصية العاصي كال تنفعو طاعة ا‪٤‬بطيع‪ ،‬كقد كتب هللا على نفسو‬
‫الر‪ٞ‬بة تفضبل منو‪ ،‬كحرـ الظلم عدال منو‪.‬‬
‫‪ -‬أف هللا تعاذل يفعل بعباده األصلح ‪٥‬بم‪ ،‬كلكن ال ٯبوز القوؿ ابلوجوب عليو جل كعبل على‬
‫سبيل ا‪٤‬بعاكضة كما ىو ا‪٢‬باؿ بْب ا‪٤‬بخلوقْب‪.‬‬
‫‪ -‬أف العباد ال يوجبوف عليو شيئا كإ٭با ىو الذم أكجب على نفسو تفضبل منو ككرما‪ ،‬ال أنو ٯبب‬
‫عليو فعل الصبلح كاألصلح ٗبفهوـ ا‪٤‬بعتزلة الذم فيو إقامة ا‪٢‬بجة عليو إف دل يفعل هبم ذلك‪ُ ،‬ب‬
‫طلب الكافر دخوؿ ا‪١‬بنة أك رفع منزلتو ُب ا‪١‬بنة‬

‫اثنيا‪ :‬مسألة اللطف من هللا تعاذل‪.‬‬

‫مسألة اللطف من هللا تعاذل ىي من األمور الثابتة‪ ،‬لكن ليس على سبيل اإلٯباب على هللا تعاذل كما‬
‫ترل ا‪٤‬بعتزلة‪.‬‬
‫بل اللطف من هللا ٗبحض تفضلو جل كعبل ككرمو كمنو عليو ابلتوفيق إذل فعل ا‪٣‬بّبات كترؾ احملذكرات‪،‬‬
‫كال ٯبوز القوؿ بوجوب فعل اللطف على هللا تعاذل‪ ،‬قاؿ تعاذل‪( :‬كلوال فضل هللا عليكم كر‪ٞ‬بتو التبعتم‬
‫الشيطاف إال قليبل} سورة النساء آية ‪83‬‬
‫فقد لطف هللا بعباده إذ دل يتبعوا الشيطاف ‪ٝ‬بلة‪ ،‬حيث بصرىم بعواقب طاعة الشياطْب كبْب ‪٥‬بم أضرار‬
‫ذلك‪ٍ ،‬ب لطف هبم كقول عزٲبتهم على عصياف الشيطاف تفضبل منو تعاذل كليس إبٯباب أحد عليو‪.‬‬
‫األصل الثالث‪ :‬الوعد والوعيد ‪:‬‬

‫أكال‪ :‬الوعد ‪ :‬عرفو القاضي عبد ا‪١‬ببار ا‪٤‬بعتزرل بقولو ‪" :‬كل خرب يتضمن إيصاؿ نفع إذل الغّب أك‬
‫دفع ضرر عنو ُب ا‪٤‬بستقبل كال فرؽ بْب أف يكوف حسنا مستحقا كبْب أال يكوف كذلك"‪. 769‬‬

‫كمذىب ا‪٤‬بعتزلة أف هللا ٯبب عليو أف يفعل ما كعد بو ا‪٤‬بطيعْب كتوعد بو العصاة ال ‪٧‬بالة كإ٭با يعطى‬
‫العبد ذلك استحقاقا منو على هللا مقابل كعد هللا كال ٯبوز عليو ا‪٣‬بلف كالكذب‪.770‬‬

‫أدلتهم على ىذا األصل‪:‬‬

‫‪ 769‬شرح األصوؿ ا‪٣‬بمسة ص ‪134‬‬


‫‪ 770‬انظر‪ :‬شرح األصوؿ ا‪٣‬بمسةص ‪135-134‬‬
‫‪296‬‬
‫استدلوا بقولو تعاذل‪{ :‬كمن ٱبرج من بيتو مهاجرا إذل هللا كرسولو ٍب يدركو ا‪٤‬بوت فقد كقع أجره على‬
‫هللا} سورة النساء آية‪ ،100‬ففسركا{فقد كقع أجره على هللا} أم كجب ثوابو على هللا استحقاقا‪.‬‬

‫كاستدلوا أبدلة عقلية منها أف هللا ماداـ كلف عبده ابألعماؿ الشاقة فبل بد أف يكوف ‪٥‬با مقابل من‬
‫األجر كإال لكاف ذلك ظلما كهللا منزه عن الظلم‪.‬‬

‫الرد عليهم‪:‬‬

‫بُب ا‪٤‬بعتزلة استدالالهتم على مسألة كجوب دخوؿ ا‪١‬بنة ابلعمل كىي من ا‪٤‬بسائل ا‪٥‬بامة ‪ ،‬فقد كرد‬
‫أنو ال يدخل أحد ا‪١‬بنة بعملو لقوؿ النيب صلى هللا عليو كيلم ‪ ":‬ال يدخل ا‪١‬بنة أحد بعملو"ككرد ُب‬
‫القراف أف العمل سبب لدخوؿ ا‪١‬بنة فقاؿ تعاذل ‪ {:‬ادخلوا ا‪١‬بنة ٗبا كنتم تعملوف} كبْب اآلايت الٍب‬
‫تفيد تفضل هللا إبدخاؿ ا‪٣‬بلق ا‪١‬بنة فقاؿ تعاذل‪{ :‬الذم أحلنا دار ا‪٤‬بقامة من فضلو} ‪.‬‬

‫فهل دخوؿ ا‪١‬بنة استحاقا قبل العمل كما ىو رأم ا‪٤‬بعتزلة أـ بفضل هللا مضافا إليو العمل؟ ‪.‬‬

‫كا‪٢‬بق أف دخوؿ ا‪١‬بنة بفضل هللا أكال كأخّبا‪ ،‬كهللا أكجب على نفسو أنو ال يظلم عمل عامل‪،‬‬
‫فجعل العمل سبب لدخوؿ ا‪١‬بنة كاألعماؿ نفسها إ٭با ىي تفضل من هللا ‪.‬‬

‫فتبْب خطأ استدالؿ ا‪٤‬بعتزلة‪ ،‬كهللا متفضل على عبيده كال يستطيعوف شكر نعمة من نعمو كمع ذلك‬
‫فالعبد يعطى ٗبا يكعد بو تفضبل منو ككرما – هلالج لج‪. -‬‬

‫اثنيا ‪ :‬الوعيد ‪ :‬عرفو القاضي عبد ا‪١‬ببار أبف هللا " ٯبب فعل ما كعد بو كأعد عليو ال ‪٧‬بالة كال ٰبوز‬
‫عليو ا‪٣‬بلف كالكذب"‬

‫كا‪٤‬بقصود ابلوعيد ىو ما يتعلق أبحكاـ ا‪٤‬بذنبْب من عصاة ا‪٤‬بؤمنْب إذا ماتوا من غّب توبة ‪ ،‬كىم ُب‬
‫رأم ا‪٤‬بعتزلة مستحقوف للنار خالدين فيها إال أف عقاهبم يكوف أخف من عقاب الكفار‪.‬‬

‫شبههم‪:‬‬

‫استدؿ ا‪٤‬بعتزلة على كجوب إنفاذ الوعد كالوعيد من القرآف الكرًن بكل آية فيها عقاب للعصاة‬
‫ابلنار كا‪٣‬بلود فيها‪ ،‬كىي آايت كثّبة منها قولو تعاذل ‪ {:‬إف األبرار لفي نعيم كإف الفجار لفي‬
‫جحيم يصلوهنا يوـ الدين كماىم عنها بغائبْب} كقولو تعاذل‪ {:‬إف اجملرمْب ُب عذاب جهنم‬
‫خالدكف} كغّبىا من اآلايت ‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫الرد عليهم ‪:‬‬

‫ُب الواقع ىذه ا‪٤‬بسألة من ا‪٤‬بسائل الٍب طاؿ فيها الكبلـ بْب ا‪٤‬بعتزلة كبْب أىل السنة كٲبكن إٯباز‬
‫النتيجة فيما يلي‪:‬‬

‫أف قوؿ استدالؿ ا‪٤‬بعتزلة على ما استدلوا بو خطأ ُب فهم النصوص فاآلايت ال تدؿ على خلود‬
‫أصحاب ا‪٤‬بعاصي من ا‪٤‬بؤمنْب‪ ،‬ألف هللا قد يعفوا عنهم ابتداء‪ ،‬كقد يعذهبم بقدر ذنوهبم‪ٍ ،‬ب ٱبرجهم‬
‫بتوحيدىم كال ٱبلدكف ُب النار إال من مات على الشرؾ الذم ال يغفر لصاحبو ‪.‬‬

‫ٍب إف إخبلؼ الوعيد من فعل الكراـ كىي صفة مدح ٖببلؼ خلف الوعد فإهنا صفة ذـ كهللا منزه‬
‫عنها ‪ ،‬كىذا ىو مذىب السلف‪.‬‬

‫أما ا‪٤‬بعتزلة فبل ترل الشفاعة ألحد ُب اآلخرة إال للمؤمنْب فقط دكف الفساؽ من أىل القبلة فبل‬
‫شفاعة ألىل الكبائر ألنو يؤدم إذل خلف الوعيد ‪.‬‬

‫جر‬
‫كال شك أف ا‪٢‬بق جانب ا‪٤‬بعتزلة ُب نفي الشفاعة‪ ،‬فالقوؿ هبا اثبت ُب الكتاب كالسنة كالذم ٌ‬
‫ا‪٤‬بعتزلة إذل القوؿ هبذا ىو أف من عقائدىم أف السيئات يذىنب ا‪٢‬بسنات فالسيئة عندىم ‪ٙ‬ببط ‪ٝ‬بيع‬
‫العمل ‪ ،‬كمذىب السلف ٌأال شيء يبطل ا‪٢‬بسنات كلها إال الردة عن اإلسبلـ كالرجوع إذل الكفر ‪.‬‬

‫األصل الرابع‪ :‬ادلنزلة بُت ادلنزلتُت‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫فقد أ‪ٝ‬بعت ا‪٤‬بعتزلة على القوؿ اب‪٤‬بنزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب كاعتربكىا أصبل من األصوؿ الثابتة ‪ ،‬كقد تلقب ىذه‬
‫ا‪٤‬بسألة ٗبسألة األ‪٠‬باء كاالحكاـ كما ذكر القاضي عبدا‪١‬ببار‪.‬‬

‫كمعُب ىذا األصل كما ذكر القاضي عبدا‪١‬ببار أنو " العلم أبف لصاحب الكبّبة ا‪٠‬با بْب اال‪٠‬بْب‬
‫كحكما بْب ا‪٢‬بكمْب على ما ٯبيء من بعد" ‪.771‬‬
‫‪772‬‬
‫ٍب شرحو فقاؿ‪ " :‬أم ال يكوف ا‪٠‬بعو الكافر كال ا‪٠‬بو ا‪٤‬بؤمن كإ٭با يسمى فاسقا "‬

‫كٰبكموف ٖبلوده ُب النار ُب اآلخرة فاختلف ا‪٠‬بو كحكمو فاستحق أف يكوف ُب منزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب‪.‬‬

‫‪ 771‬شرح األصوؿ ا‪٣‬بمسة ص‪137‬‬


‫‪ 772‬شرح األصوؿ ا‪٣‬بمسة ص ‪697‬‬
‫‪298‬‬
‫كالواقع أف العاصي غّب خارج من ا‪٤‬بلة بفسقو بل ىو مؤمن انقص االٲباف أك مؤمن إبٲبانو فاسق بكبّبتو‪،‬‬
‫يقوؿ الطحاكم ‪ " :‬كال نكفر أحدا من أىل القبلة بذنب مادل يستحلو"‪.773‬‬

‫كأما استدال‪٥‬بم ابآلايت كاألحاديث الٍب تذكر كفر من عمل بعض األعماؿ كٰبكموف أبنو كافر كقوؿ‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص " سباب ا‪٤‬بؤمن فسوؽ كقتالو كفر"‪ 774‬ىذا خبلؼ معتقد أىل السنة ‪ ،‬فمن ا‪٤‬بعلوـ أف السارؽ‬
‫كالزاين كغّبٮبا ال يقتل بل ٰب ٌد كلو كاف كافرا ‪٢‬بل قتلو كأخذ مالو‪ ،‬فهو كفر دكف كفر‪ ،‬كال ٱبرج من‬
‫ا‪٤‬بلة‪.775‬‬

‫األصل ا‪٣‬بامس‪ :‬األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر‪ :‬كقد بْب القاضي عبد ا‪١‬ببار حقيقة‬ ‫‪-3‬‬
‫ىذا األصل فذكر أف ا‪٤‬بعركؼ ىو كل فعل عرؼ فاعلو حسنو‪ ،‬أك دؿ عليو‪ ،‬كا‪٤‬بنكر كل‬
‫فعل عرؼ فاعلو قبحو أك دؿ عليو‪.‬‬

‫كمعُب تعريف األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر عندىم أف يتضح أمرٮبا عند الشخص أبف يرل‬
‫حسن ا‪٤‬بعركؼ كيدلل عليو ‪ ،‬كيرل قبح ا‪٤‬بنكر كيستطيع أف يدلل عليو ‪ ،‬كىذا ٖببلؼ ما لو كقع‬
‫من هللا – افَباضا فعل القبيح‪ ،‬فإنو ال يستطيع أف يدلل عليو ك‪٥‬بذا ال يوصف اب‪٤‬بنكر‪.‬‬

‫كاألمر اب‪٤‬بعركؼ النهي عن ا‪٤‬بنكر عندىم من فركض الكفاايت‪ ،‬كقد استدلوا على كجوهبا ابلكتاب‬
‫كالسنة كاإل‪ٝ‬باع ‪ ،‬كقولو تعاذل ‪ { :‬كننتم خّب أمة أخرجت للناس أتمركف اب‪٤‬بعركؼ كتنهوف عن‬
‫ا‪٤‬بنكر} كغّبىا من األدلة‪.‬‬

‫إال أنو كقع خبلؼ بْب أىل السنة كا‪٤‬بعتزلة فيما يلي‪:‬‬

‫طريقة تغيّب ا‪٤‬بنكر ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أكجبوا السبلح على السلطاف ا‪١‬بائر ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ٞ‬بل السبلح ُب كجوه ا‪٤‬بخالفْب ‪٥‬بم من الكفار أك من أصحاب ا‪٤‬بعاصي من أىل القبلة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫كعندىم أف تغيّب ا‪٤‬بنكر يبدأ اب‪٢‬بسُب ٍب ابللساف ٍب ابليد ٍب ابلسيف كىم ُب ذلك ‪٨‬بالفوف للسنة‪ ،‬فقد‬
‫كرد أف تغيّب ا‪٤‬بنكر يبدأ بفعل اليد ال ابلسيف إذا دل يَبب عليو مفاسد أك فتح ابب للفتنة‪ ،‬فاذا دل‬

‫‪ 773‬شرح العقيدة الطحاكية ص ‪295‬‬


‫‪ 774‬متفق عليو ‪ ،‬البخارم ‪ 110/1‬كمسلم ‪241/2‬‬
‫‪ 775‬انظر‪ :‬شرح الطحاكية ص ‪302-301‬‬
‫‪299‬‬
‫يتمكن يبدأ االنتقاؿ إذل اللساف فإف عجز أبف كاف الشر ىو الغالب فيبدأ ابإلنكار ُب قلبو ك‪ٛ‬بِب زكالو‬
‫كال مكاف للسيف ىنا ‪ ،‬كأما ا‪٣‬بركج على السلطاف ا‪١‬بائر فهذا ‪٩‬با ال يوجب ا‪٣‬بركج عليو إذا كاف جائرا‬
‫اك فاسقا ‪٤‬با فيو من سفك للدماء كتفريق كلمة األمة‪.‬‬

‫كاما ‪ٞ‬بل السبلح ُب كجوه ا‪٤‬بخالفْب من أىل القبلة فبل دليل ‪٥‬بم على فعل ذلك‪ ،‬كال ٯبوز أف يستحل‬
‫دـ ا‪٤‬بسلم إال ٗبا حدده الشرع كصاحب الكبّبة ليبس بكافر فبل يستحل دمو‪.‬‬

‫الفصل الرابع عشر‪:‬‬


‫‪776‬‬
‫األشاعرة أو السبعية‬

‫ادلبحث األول‪ :‬ظهور األشاعرة‬

‫تنسب إذل أيب ا‪٢‬بسن األشعرم حينما ظهر ابلبصرة كقد كاف أكؿ أمره على مذىب ا‪٤‬بعتزلة ٍب تركو‬
‫كاستقل عنو ‪ٍ ،‬ب انتشر مذىبو ُب البلداف اإلسبلمية مع معرفة بعضهم ٗبذىبو الصحيح الذم استقر عليو‬
‫أخّبا كبعضهم على جهل اتـ بذلك ‪.‬‬

‫كىذه ا‪٤‬برحلة ىي ا‪٤‬برحلة الثانية من ا‪٤‬براحل الٍب مرهبا ألشعرم كدل يدـ فيها إذ رجع إذل مذىب السلف‬
‫ُب مرحلتو الثالثة ‪ ،‬كفيما يلي نبذة موجزة عنو ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التعريف أبيب احلسن األشعري ونشأتو‪:‬‬

‫ىو علي بن إ‪٠‬باعيل األشعرم ينسب إذل أيب موسى األشعرم ‪ ،‬كىو أحد علماء القرف الثالث‪ ،‬كلد ُب‬
‫البصرة سنة ‪250‬ق كتوُب سنة ‪330‬ىػ على أرجح األقواؿ‪.‬‬

‫تعمق ُب مذىب ا‪٤‬بعتزلة أكال كتتلمذ على أيب علي ا‪١‬ببائي‪ٍ ،‬ب خرج عن مذىبهم حٌب استقر على‬
‫مذىب أىل السنة‪ ،‬كصنف كتاب اإلابنة عن أصوؿ الداينة ‪.‬‬

‫ك‪٩‬با يذكر عنو أنو كاف يتململ من اختبلؼ الفرؽ ُب كقتو كقوة ذكائو كإفحامو ‪٣‬بصومو‪ ،‬ككاف كثّب‬
‫التأليف‪٧ ،‬بببا للناس‪ ،‬ك‪٥‬بذا ٘بد أف كل طائفة من الطوائف الفقهية تنسبو إليها"فا‪٤‬بالكي يدعي أنو‬
‫مالكي كالشافعي يدعي أنو شافعي كا‪٢‬بنفي كذلك" ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬عقيد األشعري‪:‬‬

‫‪ 776‬بعض العلماء يطلق عليهم السبعية ألهنم أثبتوا هلل تعاذل سبع صفات فقط كيؤكلوف ما عداىا‪.‬‬
‫‪300‬‬
‫كاف االشعرم على مذىب االعتزاؿ كمن العا‪٤‬بْب بو‪ ،‬حيث أقاـ عليو أربعْب سنة‪ ،‬ك‪٩‬با يذكره العلماء ُب‬
‫سّبتو كقصة رجوعو إذل ا‪٢‬بق أنو مكث ُب بيتو ‪ٟ‬بسة عشر يوما ال ٱبرج إذل الناس‪ ،‬كُب هنايتها خرج يوـ‬
‫ا‪١‬بمعة كبعد أف انتهى من الصبلة صعد ا‪٤‬بنرب كقاؿ ‪٨‬باطبا الناس‪ " :‬أيها الناس من عرفِب فقد عرين ‪..‬‬
‫كنت أقوؿ ٖبلق القراف كأف هللا ال يرل ابألبصار كأف أفعاؿ الشر أان أفعلها كأان اتئب مقلع متصد للرد‬
‫‪777‬‬
‫على ا‪٤‬بعتزلة ‪٨‬برج لفضائحهم‪"...‬‬

‫كحينما انضم إذل أىل السنة فرحوا بو فرحا شديدا كاحَبموه كعرفوا قدره كإخبلصو‪ ،‬كصارت أقوالو حجة‬
‫كآراؤه متبعة ‪ ،‬كينبغي التحذير من بعض ا‪٤‬بغرضْب الذين يزعموف أف االشعرم دل يتب من االعتزاؿ كأف‬
‫‪778‬‬
‫مر بثبلث‬
‫اإلابنة مدسوس عليو كىذا كذب ال سند لو كما صرح بذلك ُب اإلابنة كغّبه فاألشعرم ٌ‬
‫مراحل كىي كما يلي ‪:‬‬

‫أك‪٥‬با ‪ :‬حاؿ االعتزاؿ‪.‬‬

‫اثنيها‪ :‬إثبات الصفات السبع العقلية كىي ا‪٢‬بياة كالعلم كالقدرة كاإلرادة كالسمع كالبصر كالكبلـ كأتكيل‬
‫الصفات ا‪٣‬بربية كالوجو كاليدين غّبىا ‪.‬‬

‫اثلثها‪ :‬إثبات ذلك كلو من غّب تكييف كال تشبيو جراي على منواؿ السلف كما ُب اإلابنة‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬أشهر زعماء االشعرية الذين ينتسبون إىل أيب احلسن‪:‬‬

‫انتسب إذل األشعرم ‪ٝ‬بلة من ا‪٤‬بشاىّب الذم كاف ‪٥‬بم ابع طويل ُب ‪ٙ‬برير ا‪٤‬بذىب إال أهنم دل يكونوا على‬
‫طريقة أيب ا‪٢‬بسن كا‪٤‬بتقدمْب من أصحابو ُب إثبات الصفات ‪ ،‬كمن كبارىم ‪:‬‬

‫أبو بكر الباقبلين توُب سنة ‪ 403‬كالبيضاكم توُب سنة ‪ 701‬كالشريف ا‪١‬برجاين توُب سنة ‪816‬‬
‫كاإلماـ ا‪١‬بويِب األب توُب سنة ‪ 438‬كابنو إماـ ا‪٢‬برمْب ا‪١‬بويِب أبو ا‪٤‬بعارل توُب سنة ‪ 478‬كالغزارل أبو‬
‫حامد توُب سنة ‪505‬ىػ كالشهرستاين توُب سنة ‪. 548‬كغّبىم ‪.‬‬

‫‪ 777‬انظر‪ :‬اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية ‪181/1‬‬


‫‪ُ 778‬ب رسالة للشيخ ‪ٞ‬باد األنصارم ا‪٠‬بها "أبو ا‪٢‬بسن األشعرم" نقوؿ كثّبة عن علماء اإلسبلـ أثبتوا فيها اإلابنة أليب‬
‫ا‪٢‬بسن‪ ،‬أما اللمع فهي ‪ٛ‬بثل ا‪٤‬برحلة الثانية كىي عقيدتو الكبلبية‪.‬‬
‫‪301‬‬
‫أما قدماء األشاعرة الذين كانوا على مذىب أيب ا‪٢‬بسن من إثبات صفات هللا كطريقة السلف منهم‬
‫الباقبلين كأبو ا‪٢‬بسن الكعربل كالباىلي‪. 779‬‬

‫كلكن من جاء بعدىم ‪٩‬بن ينتسب إذل أيب ا‪٢‬بسن االشعرم قد ٌأكلوا الصفات كخالفوه كمنهم من رجع‬
‫إذل مذىب السلف ‪.‬‬

‫ادلبحث اخلامس‪:‬‬

‫موقف األشاعرة من صفات هللا‬

‫كقف األشاعرة ُب االٲباف بصفات هللا موقفا مضطراب فبل ىم كافقوا ا‪٤‬بعتزلة كال ىم كافقوا أىل السنة‬
‫فألزموىم أىل السنة ابلزامات كألزمهم كذلك ا‪٤‬بعتزلة كشنعوا عليهم‪ ،‬كدل يوافق األشاعرة ُب كل االحواؿ‬
‫ما ذىب اليو أبو ا‪٢‬بسن األشعرم الذم ينتسبوف إليو ‪.‬‬

‫كحصل مذىب األشاعرة ُب ابب الصفات أهنم يقسموف الصفات اإل‪٥‬بية إذل قسمْب ‪:‬‬

‫كىي صفات نفسية راجعة إذل الذات أم إذل كجود هللا ‪.‬‬

‫كصفات سلبية‪ ،‬كىي ‪ٟ‬بسة أقساـ ‪:‬الوحدانية كالبقاء كالقدـ ك‪٨‬بالفتو للحوادث كقيامو بنفسو ‪ ،‬ك‪٠‬بوىا‬
‫سلبية ألف كل صفة تسلب ُب إثباهتا كل ماال يليق ابهلل – ُب نظرىم ‪. -‬‬

‫كيقسموف كذلك الصفات إذل سبعة أقساـ كيسموهنا صفات ا‪٤‬بعاين كىي ‪ :‬العلم كا‪٢‬بياة كالقدرة كاالرادة‬
‫كالكبلـ كالسمع كالبصر ‪ ،‬كىي صفات ذاتية ال تنفك عن الذات ‪ ،‬كىم يؤمنوف هبا كما يليق بو تعاذل‪.‬‬

‫كفيما يلي نوجز القوؿ على أقساـ الصفات الثابتة هلل‪ ،‬كىي كما يلي‪:‬‬

‫أقساـ الصفات الثابتة هلل تعاذل‪ :‬يقسموهنا إذل صفات ذاتية كفعلية كما يلي‪:‬‬

‫صفات ذاتية ‪ :‬كىي الٍب ال تنفك عن ذات هللا كالعلم كا‪٢‬بياة كالقدرة كالسمع كالبصر‬ ‫‪-1‬‬
‫‪..‬كغّبىا‪.‬‬
‫صفات فعلية‪ :‬كىي الٍب تتعلق اب‪٤‬بشيئة كالقدرة كاالستواء كالنزكؿ كاجمليء كغّبىا‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫كبعض الصفات ٘بمع األمرين فتكوف ذاتية ابعتبار كفعلية ابعتبار آخر مثل صفة الكبلـ‪.‬‬

‫‪ 779‬انظر‪ :‬الصفات ا‪٣‬بربية بْب االثبات كالتأكيل ص ‪. 257‬‬


‫‪302‬‬
‫كمن جهة أخرل تنقسم الصفات الثابتة هلل تعاذل إذل قسمْب‪:‬‬

‫صفا عقلية ‪ :‬تثبت ابلنص كالعقل أيضا كالعلم كالكبلـ كالسمع كالبصر كاإلرادة كالبقاء‬ ‫‪-1‬‬
‫كا‪٢‬بياة كالقدرة كالوجود كالواحدنية ‪.‬‬
‫صفات خربية‪ :‬كىي الٍب تثبت اب‪٣‬برب أم السمع‪ ،‬دكف النظر إذل ثبوهتا ابلعقل‪ ،‬كالنزكؿ‬ ‫‪-2‬‬
‫كاالستواء كالوجو كاليدين‪.‬‬

‫كىذه الصفات تسمى الصفات الفعلية كاالختيارية ا‪٤‬بتعلقة اب‪٤‬بشيئة كالنزكؿ كاالستواء كالرضى كالغضب‬
‫كاالتياف كاجمليء كالفرح كالسخط‪ ،‬كىذه الصفات يقاؿ ‪٥‬با قدٲبة النوع حادثة اآلحاد ‪ ،‬ابعتبار أف هللا دل‬
‫يزؿ متصف هبا‪ ،‬متجدد كقوعها‪.‬‬

‫أف الكبلبية كتبعتهم األشاعرة فيعتقدكف نفي الصفات الفعلية عن هللا كيؤكلوف معانيها‬ ‫ث‪-‬‬
‫العتقادىم أهنا ال تليق ابهلل ألهنا تشعر أهنا أعراض ‪ ،‬كاألعراض ال تقوـ إال اب‪١‬بسم‪ ،‬فهم‬
‫يثبتوف الصفات الذاتية البلزمة كينفوف الصفات الفعلية االختيارية ‪ ،‬كأكٮبوا الناس أف‬
‫مقصدىم ىو التنزيو ‪.‬‬

‫أما االشاعرة القدماء كالباقبلين كالباىلي كغّبىم يثبتوف الصفات ا‪٣‬بربية على ظاىرىا كال يؤكلوهنا‬
‫تبعا أليب ا‪٢‬بسن على مذىب اإلماـ أ‪ٞ‬بد بن حنبل‪.‬‬

‫كلكن ا‪٤‬بتأخرين كالغزارل كا‪١‬بويِب كالرازم كالتفتازاين كا‪١‬برجاين كغّبىم يذىبوف إذل أتكيل الصفات‬
‫ا‪٣‬بربية كنفي معانيها ا‪٢‬بقيقية كيعتقدكف أهنا ‪٦‬بازات‪ ،‬فاالستواء ٗبعُب االستيبلء كاليد ٗبعُب القدرة‬
‫كغّبىا من التأكيبلت ‪.‬‬

‫ىناؾ الزامات تبطل ما ذىب إليو األشاعرة ا‪٤‬بتأخركف من نفي الصفات‪ ،‬ٲبكن أف توجز‬ ‫ج‪-‬‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أف االشاعرة حينما يثبتوف الصفات السبع كيؤلوف بقية الصفات ا‪٣‬بربية كالر‪ٞ‬بة كالغضب‬
‫كغّبٮبا فيلزمهم أف يقولو فيما أكلوه كما أثبتوه فكلها اثبتة ابلكتاب كالسنة‪.‬‬
‫‪ ‬أف قو‪٥‬بم أف الصفات السبع دؿ عليها العقل خبلؼ ما عداىا فهو قوؿ غّب صحيح كىو‬
‫ُب مقابلة النصوص كتقدًن للعقل على النقل ‪.‬‬

‫‪303‬‬
‫‪ ‬أنو كقعوا ُب التناقضات فيثبتوف سبع صفات كينفوف ما عداىا مع أف القوؿ فيما نفوىا ىي‬
‫صفات كما أثبتوىا‪ ، 780‬كنفوا ا‪٤‬بماثلة مع أف كجود القدر ا‪٤‬بشَبؾ بْب هللا كبْب خلقو ال‬
‫يوجب ا‪٤‬بماثلة ‪.‬‬

‫كقد يىدل هللا السلف فآمنوا بكل ما جاء عن هللا كعن رسولو فنفوا ما نفاه عن نفيو كأثبتوا ما‬
‫أثبتو ال بتنطع كال أتكيبلت ابطلة مع االعتقاد أف كل صفة صحت ىي صفة كماؿ‪ ،‬فهم‬
‫يعلموف ا‪٤‬بعاين كٯبهلوف الكيفيات كيعقلوف أف السؤاؿ عنها بدعة ‪.‬‬

‫الفصل اخلامس عشر‪:‬‬

‫ادلاتريدية‬

‫ادلبحث األول‪ :‬التعريف مبؤسس ادلاتريدية ‪:‬‬

‫التعريف ابدلاتريدي ونشأتو‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫تنسب ىذه الطائفة إذل أيب منصور ا‪٤‬باتريدم كىو دمحم بن دمحم بن ‪٧‬بمود كلد ُب ماتريد من بلداف ‪٠‬برقند‬
‫كال تعرؼ سنة مولده كتوُب سنة ‪333‬ىػ على أرجح األقواؿ‪.781‬‬

‫تلقى علوـ الفقو ا‪٢‬بنفي على يد كبار علماء ذلك العصر كنصر بن ٰبي البلخي توُب سنة ‪368‬ىػ كأبو‬
‫نصر العياض‪ ،‬كأبو بكر ا‪٢‬بمد ا‪١‬بوزجاين كغّبىم‪.‬‬

‫لو ‪٦‬بادالت كثّبة مع ا‪٤‬بعتزلة كقد ألٌف ُب ‪٨‬بتلف الفنوف منها بياف كىم ا‪٤‬بعتزلة كأتكيبلت أىل السنة‬
‫كالدرر ُب أصوؿ الدين ككتاب التوحيد كإثبات الصفات كغّبىا‪.‬‬

‫ككاف يلقب فيما كراء النهر إبماـ السنة كإماـ ا‪٥‬بدل‪ ،782‬ككاف يرل اعتبار العقل لكن يقدـ النقل على‬
‫العقل عند ا‪٣‬ببلؼ بينهما‪ 783‬ألنو يعترب معرفة هللا كاجبة ابلعقل قبل كركد السمع كأف هللا يعاقب على‬
‫عدـ ا‪٤‬بعرفة‪.‬‬

‫‪ 780‬انظر‪ :‬الرساة التدمريةص ‪ 106‬كالتحفة ا‪٤‬بهدية شرح التدمرية ص ‪80‬‬


‫‪ 781‬انظر‪ :‬ا‪٤‬باتريدية للشمس األفغاين ‪214/1‬‬
‫‪ 782‬انظر‪ :‬اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية‪ ،197/1‬بل ىو إماـ من أئمة الكبلـ كالتأكيل‪.‬‬
‫‪ 783‬ىذا من ابب اإلخبار عن مذىب ا‪٤‬باتريدم ‪ ،‬كإال فإف العقل السليم ال يعارض النقل الصحيح‪.‬‬
‫‪304‬‬
‫كقد عرض الشيخ أ‪ٞ‬بد عصاـ الكاتب ‪ ،‬عقائد ا‪٤‬باتريدم من خبلؿ كتاب التوحيد للماتريدم الذم‬
‫حققو فتح هللا خلف ‪ ،‬كقد عرضو الدكتور ُب ‪٦‬بلة الَباث اإلنسانية اجمللد ‪ 9‬العدد‪، 2‬كفيما يلي إٯباز‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أىم عقائد ادلاتريدي إمجاال‪:‬‬

‫ال يرل التقليد بل ذمو كأركد عدة أدلة على فساده‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يذىب ُب نظرية ا‪٤‬بعرفة إذل كجوب النظر كاالستدالؿ كأنو ال سبيل إذل العلم إال ابلنظر‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كىو قريب من قوؿ الفبلسفة كا‪٤‬بعتزلة‪.‬‬
‫يرل أف أ‪٠‬باء هللا توقيفية ككافق ىنا السلف إال أنو دل يفرؽ بْب ابب اإلخبار عن هللا كبْب‬ ‫‪-3‬‬
‫ابب التسمية فأدخل فيها ما ليس منها كلفظ الصانع ‪.‬‬
‫يرل أف ا‪٤‬بؤمنْب يركف رهبم خبلؼ الكفار كىذا القوؿ ٖببلؼ األشاعرة ‪ ،‬كلكنو ال يرل‬ ‫‪-4‬‬
‫ا‪١‬بهة كلذلك نفوا علو هللا‪ ،‬كىذا تناقض ‪.‬‬
‫أقَبب عقيدة السلف ُب سائر الصفات العقلية‪ ،‬كىي الٍب أثبتوىا ابلعقل لكنو يؤكؿ ما‬ ‫‪-5‬‬
‫عداىا‪ ،‬كيعتقد أف الصفات ال ىي ىو كال غّبه كىذا تناقض‪.‬‬
‫كسط بْب ا‪١‬برب كاالختيار فاإلنساف فاعل ‪٨‬بتار ‪٤‬با يفعلو كمكتسب لو كىو خلق هللا‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫حيث ٱبلق لئلنساف قدرة عندما يريد الفعل كلذلك اإلنساف ىو الذم يذـ كٲبدح‪.‬‬
‫يقوؿ ٖبلق أفعاؿ العباد ‪ ،‬كىو يفرؽ بْب بْب تقدير ا‪٤‬بعاصي كالشركر كالقضاء هبا كبْب فعل‬ ‫‪-7‬‬
‫ىذه ا‪٤‬بعاصي ‪ ،‬فاألكؿ من هللا كالثاين من العبد بقدرتو كاختياره‪ ،‬كٲبنع من إضافة الشر اذل‬
‫هللا ‪ ،‬فاهلل ال ٱبلق فعل العبد عندىم اال بعد أف يريده العبد كٱبتاره فيصبح كسب العبد‪.‬‬
‫يرل أف اإلٲباف ىو التصديق ابلقلب ‪ ،‬دكف اإلقرار ابللساف كال ٯبوز االستثناء ُب اإلٲباف‬ ‫‪-8‬‬
‫ألنو شك كالشك كفر ‪.‬‬
‫أىم ادلسائل ادلتفق عليها وادلختلف فيها بُت ادلاتريدية واألشاعرة وادلعتزلة وأىل السنة‬ ‫ح‪-‬‬
‫‪:‬‬

‫‪305‬‬
‫أوال ‪ :‬ادلسائل ادلتفق عليها بُت األشاعرة وادلاتريدية‪: 784‬‬

‫اختلفوا ُب مسألة القضاء كالقدر‪ ،‬فالقدر عند ا‪٤‬باتريدية ىو ‪ٙ‬بديد هللا أزال كل شيء ٕبده‬ ‫‪-1‬‬
‫الذم سيوجد بو من نفع ‪ ،‬كالقضاء الفعل عند التنفيذ‪.‬‬

‫كأما األشاعرة فّبكف أف القضاء ىو اإلرادة األكلية ا‪٤‬بقتضية لنظاـ ا‪٤‬بوجودات على ترتيب خاص ‪ ،‬كالقدر‬
‫تعلق تلك اإلرادة ابألشياء ُب أكقاهتا ا‪٤‬بخصوصة ‪.‬‬

‫أم أف األشاعرة يركف أف احملبة كالرضى كاإلرادة ٗبعُب كاحد ‪ ،‬كيرل ا‪٤‬باتريدية أف اإلرادة ال تستلزـ الرضى‬
‫كاحملبة ‪.‬‬

‫اختلفوا ُب أصل االٲباف‪ ،‬فّبل ا‪٤‬باتريدية أنو ٯبب على الناس ابلعقل معرفة رهبم كلو دل‬ ‫‪-2‬‬
‫يبعث رسوال بينما يرل األشاعرة ا‪٤‬بعرفة ابلشرع ‪.‬‬
‫اختلفوا ُب صفة الكبلـ‪ ،‬فّبل ا‪٤‬باتريدية أف كبلـ هللا ال يسمع كإ٭با يسمع عبارة عنو‪ ،‬بينما‬ ‫‪-3‬‬
‫يرل األشاعرة جواز ‪٠‬باع كبلـ هللا‪.‬‬
‫اختلفوا ُب زايدة اإلٲباف كنقصانو ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اختلفوا ُب ا‪٤‬بتشاهبات كما سبق‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اختلفوا ُب النبوة ‪ ،‬ىل يشَبط فيها الذكورة فاشَبطتو ا‪٤‬باتريدية كمنعتو األشاعرة‪ ،‬كقد‬ ‫‪-6‬‬
‫اختلف العلماء من أىل السنة فيها‪ ،‬كا‪٢‬بق أهنا ‪٨‬بتصة ابلرجاؿ‪.‬‬
‫اختلفوا ُب التكليف ٗبا ال يطاؽ‪ ،‬فمنتعتو ا‪٤‬باتريدية كجوزتو األشاعرة ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اختلفوا ُب ا‪٢‬بكمة كالتعليل‪ ،‬فأثبتتو ا‪٤‬باتريدية كنفتو األشاعرة ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫اختلفوا ُب التحسْب كالتقبيح فقاؿ بو ا‪٤‬باتريدية كرأكا أف العقل يدركهما كمنعتو األشاعرة ‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫كقالوا يتم ابلشرع ال ابلعقل‪.‬‬
‫‪ -10‬اختلفوا ُب إٲباف ا‪٤‬بقلد فيجوز عند ا‪٤‬باتريدية كمنعتو األشاعرة‪.785‬‬

‫‪ 784‬دل يكن بْب ا‪٤‬باتريدم كاألشعرم أم تقارب بل كحٌب ‪٦‬برد معرفة‪ ،‬كقد أرجح بعض الباحثْب تقارب ا‪٤‬بذىب‬
‫األشعرم مع ا‪٤‬باتريدم إذل أخذ ا‪١‬بميع عن ابن كبلب ألف األشعرم كاف كبلبيا قبل أف يدخل مذىب السلف‪.‬‬
‫‪ 785‬انظر‪ :‬عقيدة التوحيد ُب فتح البارم شرح صحيح البخارم ص ‪ 101-98‬كانظر‪ :‬ا‪٤‬بَبيدية دراسة كتقوٲبا ص‬
‫‪501-498‬‬
‫‪306‬‬
‫‪ -11‬اختلفوا ُب معُب كسب العباد ألفعا‪٥‬بم‪ ،‬بعد أف اتفقوا على أهنا ‪٨‬بلوقة ‪ ،‬فّبل ا‪٤‬باتريدية‬
‫كجوب التفريق بْب ا‪٤‬بؤثر ُب أصل الفعل كىو قدرة هللا‪ ،‬كا‪٤‬بؤثر ُب صفة الفعل كىو كسب‬
‫العبد‪.‬‬

‫كأما األشاعرة فّبكف أف أفعاؿ العبد اختيارية كاقعة بقدرة هللا كليس للعبد أتثّب فيها فالفعل ‪٨‬بلوؽ‬
‫كالعبد مكتسب لو‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬ادلسائل ادلختلف فيها بُت ادلاتريدية وادلعتزلة ‪:‬‬

‫ُب مصدر التلقي فذىب ا‪٤‬بعتزلة إذل أنو العقل كا‪٤‬باتريدية قالوا ابلعقل فيما يتعلق ابإل‪٥‬بيات‬ ‫‪-1‬‬
‫كالنبوات كالسمع فيما يتعلق ابليوـ اآلخر ك‪٠‬بوىا ابلسمعيات ‪.‬‬
‫ُب األ‪٠‬باء أثبتتها ا‪٤‬بعتزلة كلكن ال داللة عليها على الصفات ‪ ،‬كأثبتتو ا‪٤‬باتريدية كدالهتا على‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ٜ‬بانية صفات ‪.‬‬
‫ُب الصفات نفتو ا‪٤‬بعتزلة كأثبتت ا‪٤‬باتريدية ‪ٜ‬بانية صفات ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ُب القراف يعتقد ا‪٤‬بعتزلة أنو كبلـ هللا ‪٧‬بدث ‪٨‬بلوؽ ‪ ،‬كا‪٤‬باتريدية يعتقدكف أنو كبلـ هللا‬ ‫‪-4‬‬
‫النفسي كأنو قدًن أزرل غّب ‪٨‬بلوؽ‪.‬‬
‫ُب أفعاؿ العباد نفت ا‪٤‬بعتزلة خلق هللا ‪٥‬با كإرادتو ‪٥‬با كإ٭با ىي من العباد ‪ ،‬كقالت ا‪٤‬باتريدية‬ ‫‪-5‬‬
‫خلق هللا ككسب العباد‪.‬‬
‫االستطاعة ‪ ،‬أثبتتها ا‪٤‬بعتزلة قبل الفعل كنفتها معو‪ ،‬كأثبتتو ا‪٤‬باتريدية قبل الفعل كمع الفعل‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الرؤية نفتها ا‪٤‬بعتزلة كأثبتها ا‪٤‬باتريدية ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ا‪١‬بنة كالنار غّب ‪٨‬بلوقتْب االف عند ا‪٤‬بعتزلة كا‪٤‬باتريدية تقوؿ ٖبلقهما‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫نعيم القرب كعذابو كا‪٤‬بيزاف كالصراط كا‪٢‬بوض كالشفاعة ألىل الكبائر حيث نفتها ا‪٤‬بعتزلة‬ ‫‪-9‬‬
‫كأثبتتها ا‪٤‬باتريدية ٔببللة السمع ‪.‬‬
‫‪ -10‬كرامات األكلياء ‪ :‬حيث نفت ا‪٤‬بعتزلة كرامات األكلياء كأثبتها ا‪٤‬باتريدية ‪.‬‬
‫‪ -11‬تعريف االٲباف عند ا‪٤‬بعتزلة ىو قوؿ كاعتقاد كعمل كعند ا‪٤‬باتريدية ىو التصديق ابلقلب كمن‬
‫من زاد إقرار اللساف ‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫‪ -12‬مرتكب الكبّبة ُب منزلة بْب ا‪٤‬بنزلتْب ُب الدنيا كىو ُب النار ُب االخرة أـ ا‪٤‬باتريدية فيعتربكف‬
‫أنو مؤمن كامل االٲباف كىو ‪ٙ‬بت ا‪٤‬بشيئة‬
‫‪ -13‬إٲباف ا‪٤‬بقلد ‪ ،‬ال يصح اٲبانو عند ا‪٤‬بعتزلة كيصححو ا‪٤‬باتريدية‬
‫‪ -14‬زايدة االٲباف كنقصانو ‪ ،‬فا‪٤‬بعتزلة يدخلوف األعماؿ ُب مسمى اإلٲباف كىو يزيد كينقص‪،‬‬
‫كأما ا‪٤‬باتريدية فبل يدخلوف األعماؿ كىو ال يزيد كال ينقص عنجهم‬

‫اثلثا‪ :‬ادلسائل اليت اتفق فيها ادلعتزلة وادلاتريدية ‪:‬‬

‫القوؿ بوجوب معرفة هللا ابلعقل‬ ‫‪-1‬‬


‫االستدالؿ على كجود هللا بدليل األعراض كحدكث األجساـ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االستدالؿ على كحدانية هللا بدليل التمانع ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫القوؿ بعدـ حجية خرب اآلحاد ُب العقائد‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫نفي الصفات ا‪٣‬بربية كاالختيارية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫القوؿ بعدـ إمكاف ‪٠‬باع كبلـ هللا‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫القوؿ اب‪٢‬بكمة كالتعليل ُب أفعاؿ هللا‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫القوؿ ابلتحسْب كالتقبيح العقليْب‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫عدـ جواز التكليف ٗبا ال يطاؽ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬منع االستثناء ُب االٲباف‪.‬‬
‫‪ -11‬القوؿ أبف معُب االٲباف كاإلسبلـ كاحد‪.786‬‬

‫كُب ا‪٢‬بقيقة دل تنهج ا‪٤‬باتريدية منهج السلف الكر اـ فيما يتعلق ابألمور االعتقادية كمن كصفهم أبىل‬
‫السنة فقد جانب ا‪٢‬بق كالصواب‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ادلسائل اليت خالف فيها ادلاتريدية أىل السنة واجلماعة‪:‬‬

‫ك٘بد اإلشارة قبل ذكر تلك ا‪٤‬بسائل إذل ذكر أىم األسس كالقواعد الٍب بِب عليها مذىب ا‪٤‬باتريدية كىي‪:‬‬

‫‪ 786‬انظر‪ :‬ا‪٤‬باتريدية دراسة كتقوٲبا ص ‪ 508-503‬ك‪٤‬بزيد من التفصب انظر‪ :‬كتاب عداء ا‪٤‬باتريدية للعقيدة السلفية‬
‫أتليف مشس الدين األفغاين‪.‬‬
‫‪308‬‬
‫مصدرىم ُب تلقي اإل‪٥‬بيات كالنبوات ىو العقل‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫معرفة هللا كاجبة ابلعقل قبل كركد السمع‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫القوؿ ابلتحسْب كالتقبيح العقليْب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التأكيل كالتفويض‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫القوؿ بعد حجية خّب الواحد ُب العقائد‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫خامسا ‪ :‬ادلسائل اليت خالف فيها ادلاتريدية أىل السنة ‪:‬‬

‫مفهوـ توحيد األلوىية‪ ،‬كىو عندىم أف هللا كاحد ُب ذاتو ال قسيم لو ككاحد ُب صفاتو ال‬ ‫‪-1‬‬
‫شبيو لو ككاحد ُب أفعالو ال شريك ‪ ،‬كأىل السنة ٱبالفوهنم ُب ىذا التعريف لعدـ امشالو‬
‫على توحيد األلوىية‪.‬‬
‫إثبات كجود هللا‪ ،‬استدؿ ا‪٤‬باتريدية بدليل حدكث األعراض كاألجساـ ‪ ،‬كىي طريقة‬ ‫‪-2‬‬
‫خطٌأىم عليها السلف‪.‬‬
‫االستدالؿ على كحدانية هللا ‪ ،‬حيث يستدؿ عليها ا‪٤‬باتريدية بدليل التمانع كىو قولو تعاذل‬ ‫‪-3‬‬
‫‪{:‬لو كاف فيهما آ‪٥‬بة اال هللا لفسدات} كقد خطأىم السلف ُب استدال‪٥‬بم كبينو أف ىذا‬
‫الدليل ٲبنع صدكر العادل عن إ‪٥‬بْب لكن ال يدؿ على الوحدانية ‪.‬‬
‫ثبوت األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب ‪ ،‬حيث أثبتت ا‪٤‬باتريدية ‪ٝ‬بيع األ‪٠‬باء لداللة السمع عليها كلكنهم دل‬ ‫‪-4‬‬
‫يفرقوا بْب ما جاء ُب ابب التسمية كما جاء ُب ابب األخبار عن هللا‪.‬‬
‫ابب الصفات ‪ ،‬فأثبتا ا‪٤‬باتريدية بعض الصفات دكف البعض لداللة العقل عليها ‪ ،‬كالقدرة‬ ‫‪-5‬‬
‫كالعلم كا‪٢‬بياة كاإلرادة كالسمع كالبصر كالكبلـ كالتكوين ‪ ،‬كقد ألزمهم السلف ابلقوؿ فيما‬
‫نفوه كما أثبتوه ‪.‬‬
‫الصفات ا‪٣‬بربية ‪ ،‬حيث نفت ا‪٤‬باتريدية ‪ٝ‬بيع الصفات ا‪٣‬بربية ألف إثباهتا بزعمهم ‪٨‬بالف‬ ‫‪-6‬‬
‫للعقل كيدعو إذل التجسيم ‪ ،‬كقد أثبت السلف ‪ٝ‬بيع الصفات ‪.‬‬
‫ُب كبلـ هللا ‪ ،‬يرل ا‪٤‬باتريدية أف كبلمو قدًن أزرل معُب كاحد ال يتعلق اب‪٤‬بشيئة كالقدرة كليس‬ ‫‪-7‬‬
‫ٕبرؼ كال صوت بل ىو كبلـ نفسي ال يسمع كا‪٤‬بسموع ىو عبارة عنو‪ ،‬كىو ما ٱبالفو فيو‬
‫أىل السنة ‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫ُب دليل صدؽ األنبياء ‪ ،‬حيث حصرىا ا‪٤‬باتريدية ُب ا‪٤‬بعجزات ‪ ،‬كالسلف يضيفوف عليها‬ ‫‪-8‬‬
‫دالئل أخرل ‪.‬‬
‫ا‪٤‬بسائل ا‪٤‬بتعلقة ابليوـ اآلخر ‪ ،‬فّبل ا‪٤‬باتريدية أف كل ا‪٤‬بسائل ا‪٤‬بتعلقة ابليوـ االخر ال تعلم‬ ‫‪-9‬‬
‫إال ابلسمع ‪ ،‬كالسلف يقولوف علمت ابلسمع كدؿ عليها العقل‪.‬‬
‫‪ُ -10‬ب رؤية هللا ‪ ،‬فأثبت ا‪٤‬باتريدية الرؤية لكنهم نفوا ا‪١‬بهة كخالفوا السلف فأثبتوا الرؤية كأثبتوا‬
‫صفة العلو ‪.‬‬
‫‪ُ -11‬ب خلق أفعاؿ العباد ‪ ،‬فّبل ا‪٤‬باتريدية أف للعباد إرادة مستقلة عن مشيئة هللا كأف هللا ٱبلق‬
‫أفعا‪٥‬بم تبعا إلرادهتم ‪ ،‬كالسلف يعتقدكف أف هلل كحده لو اإلرادة كأف للعباد مشيئة ال ‪ٚ‬برج‬
‫عن مشيئة هللا ‪.‬‬
‫‪ُ -12‬ب تعريف االٲباف ‪ ،‬ذىب ا‪٤‬باتريدم أنو التصديق كمنعوا زايدتو كنقصانو كحرموا االستثناء‬
‫فيو ‪ ،‬كخالفهم السلف فاإلٲباف عندىم قوؿ كاعتقاد كعمل كيزيد كينقص كٯبوز االستثناء‬
‫فيو لعدـ جواز تزكية النفس‪.‬‬
‫‪ُ -13‬ب ا‪٢‬بكم على الفاسق ‪ ،‬فّبل ا‪٤‬باتريدية أنو مؤمن كامل اإلٲباف بينما يرل السلف أنو مؤمن‬
‫إبٲبانو فاسق بكبّبتو‪.787‬‬

‫‪ 787‬لقد اىتمت كتب العقيدة ببياف تفاصيل كل تلك ا‪٤‬بسائل‪ ،‬كىي مسائل طويلة ‪ٙ‬بتاج إذل دراسة مطولة كما أثبتو ىنا‬
‫يكفي ‪ ،‬إذا الغرض ىو اإلشارة كاإلٯباز‪ .‬انظر‪ :‬ا‪٤‬باتريدية دراسة كتقوٲبا ‪ ،‬ص ‪ 517 -514‬كتفصيل ذلك ُب ىذا‬
‫الكتاب الذم ‪ٚ‬بصص ُب دراسة ا‪٤‬باتريدية ابإلضافة إذل ا‪٤‬براجع الٍب ذكرانىا سابقا‪.‬‬
‫‪310‬‬
‫الفصل السادس عشر‪:‬‬

‫دراسة اىم ادلسائل اليت اتفق عليها أىل اكالم من االشعرية وادلاتريدية وادلعتزلة واجلهمية‬

‫تقدمي العقل على النقل‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫من ا‪٤‬بساكئ الٍب ابتلي هبا بعض ا‪٤‬بنتسبْب إذل اإلسبلـ تقديس العقل كتقدٲبو على النقل ‪ ،‬كظنوا ابلفعل‬
‫أف ىناؾ تعارضا بْب النقل كالعقل ‪ ،‬كىذا عند ‪ٝ‬بهور ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعتزلة ك‪ٝ‬بهور األشاعرة ا‪٤‬بتأخرين ك‪٥‬بم‬
‫ُب ذلك شبو ال تسلم ‪٥‬بم منها ما يلي‪:‬‬

‫أف العقل ىو األصل كاألساس للنقل ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫أف الداللة العقلية قطعية بينما الداللة النقلية ظنية‬ ‫ب‪-‬‬
‫أف معرفة هللا ال تناؿ إال ٕبجة العقل كىي األصل كالنقل فرع ‪ ،‬كقد قاـ ىذا األصل على‬ ‫ت‪-‬‬
‫العقل ‪.‬‬
‫أف صدؽ األنبياء ُب إخبارىم عن هللا ال يتوقف على النقل بل يتوقف على العقل ‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫ما ثبت ابلتواتر كخالفو العقل فإما أف يؤكؿ أك يفوض كما ثبت أبخبار اآلحاد ال يقبل ُب‬ ‫ج‪-‬‬
‫ابب االعتقاد‪.‬‬

‫الرد عليهم ‪:‬‬

‫ٲبكن إٯباز الرد عليهم فيما يلي‪:‬‬

‫أنو ال يوجد تعارض بْب العقل كالنقل‪ ،‬فإف النقل إذا صح من كتاب هللا أك سنة نبيو ال‬ ‫أ‪-‬‬
‫ٲبكن أف يعارضها العقل السليم ا‪٣‬بارل من الشهوات كالبدع‪.‬‬

‫أما إذا كاف الدليبلف ظنياف فإنو يقدـ الراجح منهما سواء كاف عقليا أك نقليا‪ ،‬كإذا كاف أحدٮبا ظنيا‬
‫كاآلخر قطعيا‪ ،‬فإنو يقدـ القطعي بغض النظر عن كونو نقليا أك عقليا‪ ،‬فالعربة ٗبا كونو قطعي كليس‬
‫ٗبا كونو عقلي‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫أف إسقاطهم أخبار اآلحاد ُب العقائد كزعمهم أف ا‪٤‬بتواتر حٌب كإف كاف قطعي اإلسناد فهو‬ ‫ب‪-‬‬
‫غّب قطعي الداللة‪ ،‬ألف الداللة اللفظية بزعمهم ال تفيد اليقْب حسب مفهومهم‪ ،788‬فهذا‬
‫من ‪ٝ‬بلة أقوا‪٥‬بم البدعية العادية عن اآلجلة الشرعية ال من الكتاب كال من السنة كال من‬
‫أقواؿ سلف األمة ‪ ،‬فا‪٢‬بق ىو قبوؿ خرب الواحد ُب ابب االعتقادات ماداـ اثبتا‪ ، 789‬قاؿ‬
‫تعاذل ‪ { :‬اي أيها الذين آمنوا إف جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } فلوال أف خرب الواحد مقبوال ‪٤‬با‬
‫توجو األمر ابلتثبت فيما ٱبرب لو ‪٩‬با ٰبتاج إذل تثبت‪ ،‬خصوصا إذا جاء من الفاسق ‪،‬‬
‫كمعناه إذا كاف من غّب فاسق فإنو يقبل‪.‬‬
‫أف النيب كاف يكتفي ٖبرب الواحد كيرسل رسوال من شخص كاحد إذل ‪٦‬بموعة من الناس‬ ‫ت‪-‬‬
‫كأيمرىم ابلتبليغ فقد ثبت أنو أرسل معاذا إذل اليمن كغّب ذلك من اآلاثر الٍب ركيت ُب‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫أف السلف كانوا ال يشَبطوف لقبوؿ األحاديث سول عدالة الراكم كثقتو كتقواه‪.‬‬ ‫ث‪-‬‬
‫أف السلف كانوا يقدركف دكر العقل ُب ا‪٤‬بعرفة كاالىتداء إذل ا‪٢‬بق‪ ،‬لكنهم ال يوصلونو إذل‬ ‫ج‪-‬‬
‫درجة التقديس التاـ كتقدٲبو على كبلـ هللا ككبلـ نبيو ‪.‬‬
‫أف ا‪٥‬بداية ال أتٌب إال عن طريق الوحي كعلى أيدم الرسل الكراـ‪ ،‬فبأم مسوغ تَبؾ طرؽ‬ ‫ح‪-‬‬
‫ا‪٥‬بداية كنرجع إذل تقدًن العقل؟‬

‫فلو كاف العقل يكفي للوصوؿ إذل ا‪٢‬بق ‪٦‬بردا عن النقل ‪٤‬با عاش ا‪٤‬بعَبضوف عن هللا ُب متاىات‬
‫الكفر كالضبلؿ ك‪٤‬با احتجنا إذل األنبياء‪.‬‬

‫أف من قدموا على العقوؿ على النقوؿ متناقضوف ُب أقوا‪٥‬بم كاعتقاداهتم فنرل منهم من ىداه‬ ‫خ‪-‬‬
‫عقلو إذل تشبيو هللا ٖبلقو ‪ٛ‬باما ككصفوه كإنساف ‪ ،‬كقابلهم من رأكا عقو‪٥‬بم دلتهم على‬
‫تعطيل صفات هللا كالٍب تؤكؿ إذل نفي كجود هللا إذ ال يتخيل ذات بدكف أم صفة ‪.‬‬
‫أف السلف كانوا يعلموف أف النقل حينما جاء ‪٨‬باطبا العقل مبينا لو الطريق الصحيح ‪،‬‬ ‫د‪-‬‬
‫ككانوا يعلموف أف بينهما توافقا اتما فا‪٣‬بطاب إ٭با جاء ألىل العقوؿ كليس للمجانْب‬

‫‪ 788‬انظر‪ :‬شرح الطحاكية ص ‪354‬‬


‫‪ 789‬انظر‪ :‬أحكاـ األحكاـ البن حزمص‪ 19-1‬ك‪٨‬بتصر الصواعق ا‪٤‬برسلة ص ‪ 406‬كالباعث ا‪٢‬بثيث ص ‪37‬‬
‫‪312‬‬
‫كا‪٢‬بيواانت البهيمية ‪ ،‬فكيف يتصور بعد ذلك أف العقل أعلى من النقل ٕبجة أف العقل‬
‫ىو األصل كإال دل يرد النص ‪ ،‬فالنقل ىو ا‪٤‬بوجو حملل قابل للتوجيو كىو العقل كدل أتت‬
‫العقوؿ لتوجو النقوؿ ‪.‬‬
‫أف زعمهم أف الداللة النقلية ظنية بينما الداللة العقلية قطعية ‪790‬كبلـ ‪٨‬بَبع مبتدع ‪،‬‬ ‫ذ‪-‬‬
‫فالسلف كمن بعدىم ال يعرفوف ىذه ا‪٤‬بسالك بل يعتربكهنا من كساكس الشيطانْب‪.‬‬
‫أف زعمهم أف صدؽ األنبياء يتوقف على العقل زعم ابطل كلو كاف ىذا صحيحا آلمن قوـ‬ ‫ر‪-‬‬
‫نوح كسائر أمم األنبياء‪ ،‬إذ أف ‪٥‬بم عقوال ك‪٤‬با احتاجوا إذل ‪٠‬باع النقل منهم عن هللا تعاذل ‪،‬‬
‫ٍب إف دالئل صدؽ األنبياء ال تتوقف على العقل فقط بل ىي كثّبة جدا‪.‬‬
‫التأويل يف مفاىيم الفرق ادلخالفة ألىل السنة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫يع ٌد التأكيل اآلفة العظمى الٍب دخل من خبل‪٥‬با ا‪٤‬ببطلوف لتحريف نصوص الشرع‪ ،‬فأخرجت‬
‫الكثّبين عقيدهتم السليمة إذل عقائد ما أنزؿ هللا هبا من سلطا‪.‬‬

‫يقوؿ ابن أيب العز ا‪٢‬بنفي ُب شأف التأكيل الباطل‪" :‬كىو الذم أفسد الدنيا كالدين كىكذا فعلت‬
‫اليهود كالنصارل ُب نصوص التوراة كاإل‪٪‬بيل كحذران هللا أف نفعل مثلهم كأىب ا‪٤‬ببلطوف إال سلوؾ‬
‫سبيلهم‪ ...‬فهل قتل عثماف هنع هللا يضر إال ابلتأكيل الفاسد؟ ككذا ما جرل ُب يوـ ا‪١‬بمل كصفْب كمقتل‬
‫ا‪٢‬بسْب ا‪٢‬برة‪ ،‬كىل خرجت ا‪٣‬بوارج كاعتزلت ا‪٤‬بعتزلة كرفض الركافض كافَبقت ا‪٤‬بلة على ثبلث‬
‫‪791‬‬
‫كسبعْب فرقة إال ابلتأكيل الفاسد"‬

‫كفيما يلي نستعرض أىم مباحث التأكيل إبٯباز‪:‬‬

‫حقيقة التأويل‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫يطلق التأكيل ُب حقيقتو على أمرين ‪ :‬كٮبا ‪ -1‬ما تؤكؿ إليو حقيقة الشيء كمصّبه‪-2 .‬تفسّب الشيء‬
‫كبيانو‪.‬‬

‫‪ 790‬كبلـ اإلٯبي ُب ا‪٤‬بواقف ص‪ُ 40‬ب مقارنتو بْب قبوؿ األدلة العقلية كالنقلية ‪ ،‬كتقدًن األدلة العقلية على األدلة‬
‫النقلية ىو ا‪٤‬بشهور ُب اعتقادات أىل الكبلـ كالبدع‪.‬‬
‫‪ 791‬شرح العقيدة الطحاكية ص‪144‬‬
‫‪313‬‬
‫كقد كردت كلمة التأكيل ُب عدة آايت ُب القراف الكرًن منها قولو تعاذل‪{ :‬كأحسن أتكيبل}سورة النساء‬
‫آية ‪59‬كقولو‪{ :‬ىل ينظركف إال أتكيلو}سورة األعراؼ آية ‪ 53‬ككرد ُب السنة قوؿ النيب البن عباس‬
‫"‪":‬اللهم فقهو ُب الدين كعلمو التأكيل" كىذه ىي ا‪٤‬بعاين ا‪٤‬بعركفة عند السلف قبل ظهور الكبلـ‬
‫كفلسفاتو العقيمة‪.‬‬

‫أنواع التأويل الباطل‪ :‬للتأويل الباطل عدة أنواع كما يلي‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪ -‬ما دل ٰبتملو اللفظ بوضعو كتأكيل قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬حٌب يضع رب العزة عليها رجل" أبف معُب الرجل‬
‫‪ٝ‬باعة من الناس‪.‬‬
‫‪ -‬ما دل ٰبتملو اللفظ ببنيتو ا‪٣‬باصة من تثنية أك ‪ٝ‬بع كإف احتملو مفردا كتأكيل‪٤{ :‬با خلقت‬
‫بيدم} ففسركا اليد ابلقدرة‪.‬‬
‫‪ -‬ما دل ٰبتملو سياقو كتركيبو‪ ،‬كإف احتملو ُب سياؽ آخر‪ ،‬كتأكيل قولو تعاذل‪{ :‬أك أيٌب بعض‬
‫آايت ربك} أبف ا‪٤‬براد أمره ‪.‬‬
‫‪ -‬مادل يؤلف استعمالو ُب ذلك ا‪٤‬بعُب ُب لغة ا‪٤‬بخاطب‪ ،‬كإف أيلف ُب اصطبلح ا‪٢‬بادث ‪ ،‬كذكر أف‬
‫ىذا النوع دل يؤلف استعمالو ُب لغة العرب كإف كاف معهودا ُب اصطبلح ا‪٤‬بتأخرين‪ ،‬كتأكيل‬
‫االستواء ُب قولو تعاذل ‪ٍ {:‬ب استول على العرش} أبنو أقبل على العرش ‪.‬‬
‫‪ -‬ما ألف استعمالو ُب ذلك ا‪٤‬بعُب لكن ُب غّب الَبكيب الذم كرد بو النص كتأكيل اليد ابلنعمة‪.‬‬
‫‪ -‬كل أتكيل يعود على أصل النص ابإلبطاؿ فهو ابطل ‪ ،‬كتأكيل قولو ملسو هيلع هللا ىلص " أٲبا امرأة نكحت‬
‫نفسها بغّب إذف كليها فنكاحها ابطل" ٕبملو على األمة ‪.‬‬

‫كقد كاف السلف ر‪ٞ‬بهم هللا يدركوف الفرؽ بْب التأكيل ٗبعُب التفسّب كفهم ا‪٤‬براد‪ ،‬كبْب التأكيل ٗبعُب معرفة‬
‫ما يؤكؿ إليو ا‪٤‬براد من الكبلـ كأخبار ا‪٤‬بغيبات كمعرفة صفات هللا على كيفياهتا فلم يعملوا فيها عقو‪٥‬بم‬
‫ُب معرفة كيفيتها على حقيقتها‪.‬‬

‫عرفوا التأكيل أبنو "صرؼ اللفظ عن االحتماؿ الراجح إذل‬


‫كأما ا‪٣‬بلف فأعملوا فيها عقو‪٥‬بم كلذلك ٌ‬
‫االحتماؿ ا‪٤‬برجوح لدليل يقَبف بذلك "‪. 792‬‬

‫‪ 792‬انظر‪ :‬شرح الطحاكية ص ‪ 172‬كالفتول ا‪٢‬بموية الكربل ص‪40‬‬


‫‪314‬‬
‫فلم ٯبركا النصوص على ظاىرىا كأكلوىا ٗبا يوافق عقو‪٥‬بم ‪ ،‬كقد رفض السلف ىذا ا‪٤‬بفهوـ للتأكيل ألنو‬
‫‪ٙ‬بريف للنصوص كإبعاد للمراد منها ‪،‬كتأكيل ا‪٣‬بلف لقولو ‪٠‬بيع بصّب أبنو ‪٠‬بيع ببل ‪٠‬بع أك بصّب ببل‬
‫بصر كاليد ٗبعُب النعمة كغّب ذلك من التأكيبلت الباطلة الٍب تعطل معاين النصوص أك خوؼ التشبيو‬
‫كالتجسيم‪. 793‬‬

‫كما ينبغي مبلحظتو أف التأكيل ا‪٤‬بذموـ إ٭با كجد حْب ظهرت الفرؽ من خوارج كمعتزلة كشيعة كجهمية‬
‫كابطنية كصوفية‪ ،‬حيث أرادكا أف يوجدكا ألفكارىم غطاء مقبوال فلم ٯبدكا أفضل من التسَب ابلتأكيل‬
‫كإظهار أنو علم غزير توصلوا إليو‪ ،‬كىو ُب حقيقتو غش كخداع للمسلمْب كتعطيل ‪٤‬بعاين نصوص‬
‫الشريعة ٗبا أدخلوه من مصطلحات جوفاء كمعاين ابطلة‪. 794‬‬

‫جهل أىل الكالم من اجلهمية وادلعتزلة واألشعرية وادلاتريدية مبعٌت توحيد األلوىية‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ينقسم التوحيد إذل ثبلثة أقساـ كىي توحيد األلوىية كتوحيد الربوبية كتوحيد األ‪٠‬باء كالصفات ‪.‬‬

‫كىي كانت معركفة ابلبداىة عند السلف الصاحل من الصحابة كمن تبعهم إبحساف حٌب كلو دل يصلوا‬
‫إذل ىذا التفصيل ُب كقتهم‪.‬‬

‫فقد كانوا يعرفوف أف توحيد األلوىية ىو ما يتعلق إبفراد هللا ابلعبادة كا‪٣‬بضوع كاالانبة إليو‪.‬‬

‫كيعلموف أف توحيد الربوبية ىو االعتقاد أبف هللا رب كل شيء كمليكو كىو خالق ا‪٣‬بلق كأف ىذا‬
‫التوحيد داخل ُب مضموف توحيد األلوىية إال عند ا‪٣‬بلف ا‪٤‬بتكلمْب‪.‬‬

‫كيعلموف أف توحيد األ‪٠‬باء كالصفات ىو االعتقاد ٗبا أخرب هللا بو عن نفسو من صفات كأ‪٠‬باء أك‬
‫أخرب عنو رسولو ملسو هيلع هللا ىلص كأف لو ذاات التشبو ذكات ا‪٤‬بخلوقْب كال صفاتو تشبو صفاهتم‪.‬‬

‫كا‪٤‬بتكلموف حينما يقرركف الكبلـ ُب التوحيد يقسمونو إذل ثبلثة أقساـ‪ ،‬فيقولوف ىو كاحد ُب ذاتو ال‬
‫قسيم لو‪ ،‬ككاحد ُب صفاتو ال شبيو لو ككاحد ُب أفعالو ال شريك لو‪،795‬‬

‫‪ 793‬انظر ‪٨‬بتصر الصواؽ ا‪٤‬برسلة ‪48/1‬‬


‫‪ 794‬كإبمكاف القارمء الكرًن إذا أراد التوسع أف يطالع ماكتبو ابن القيم ر‪ٞ‬بو هللا ُب موضوع التأكيل ُب كتابو الصواعق‬
‫ا‪٤‬بنزلة على ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعطلة بتحقيقد‪ /‬أ‪ٞ‬بد عطية كد‪ /‬علي انصر‪ ،‬كىو من مطبوعات ا‪١‬بامعة اإلسبلمية‪.‬‬
‫‪ 795‬انظر‪ :‬التحفة ا‪٤‬بهدية ص ‪340‬‬
‫‪315‬‬
‫ك أشهر ىذه األنواع ىو توحيد األفعاؿ‪ ،‬كىو أف خالق العادل كاحد‪ ،‬كيظنوف أف ىذا ىو التوحيد‬
‫ا‪٤‬بطلوب كيستدلوف عليو بدليل التمانع‪ ،‬كىو يقوـ على أنو لو كاف للعادل صانعاف أحدٮبا يريد أف‬
‫يكوف ذلك ا‪١‬بسم حيا كاآلخر يريده ميتا أك غّب ذلك فإما أف تتحقق إرادهتما معا‪ ،‬كىو مستحيل‪،‬‬
‫إذ ال ٲبكن ا‪١‬بمع بْب النقيضْب‪ ،‬أك ال تتحقق إرادهتما معا لعجز كل كاحد عن قهر اآلخر فتسقط‬
‫ألوىيتهما ‪ ،‬فنتج عن ىذا أف هللا كحده خالق لكل شيء كأنو رب كل شيء‪.‬‬

‫كيفسركف معُب ال إلو إال هللا معناىا القدرة على االخَباع ‪ ،‬كىذا التفسّب ابطل من كجهْب ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أف ىذا قوؿ مبتدع ال يعرؼ أحد قالو من العلماء كال من أئمة الغة ‪.‬‬

‫ب‪-‬على تقدير تسليمو فهو تفسّب ابلبلزـ لئللو ا‪٢‬بق‪ ،‬فإف البلزـ لو أف يكوف خالقا قادرا على‬
‫االخَباع‪ ،‬كمٌب دل يكن كذلك فهو ليس إبلو حق‪.‬‬

‫كىكذا ٯبعلوف توحيد الربوبية الذم دل يقع ا‪٣‬ببلؼ فيو أصبل بْب األنبياء كأ‪٩‬بهم ىو أساس التوحيد‪،‬‬
‫كقد أخرب القرآف عن إٲباف كفار قريش بتوحيد الربوبية كمع ذلك دل ينفعهم ‪.‬‬

‫فدعوة الرسل كلهم كنت إذل توحيد األلوىية {كإ‪٥‬بكم إلو كاحد ال إلو إال ىو الر‪ٞ‬بن الرحيم} كقاؿ‬
‫تعاذل ‪ { :‬كما أرسلنا من رسوؿ إال نوحي إليو أنو ال إلو إال أان فاعبدكف}سورة األنبياء آية ‪25‬‬

‫فاإللو ىو الذم يستحق العبادة كا‪٣‬بضوع لو‪ ،‬كىذا ىو التفسّب ا‪٢‬بق‪ ،‬كأما تفسّب اإللو ابلقادر على‬
‫االخَباع فهو تفسّب ابطل‪. 796‬‬

‫تعطيل النصوص عن مدلوالهتا‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫دل تلتزـ الطوائف ا‪٤‬بخالفة ألىل السنة اب‪٤‬بفاىيم الواضحة للنصوص بل كاف حا‪٥‬بم حاؿ من يفسر‬
‫الواضح حٌب ٯبعلو غامضا ‪ ،‬فقد جاؤكا ٗبعاف دل يهتد إليها الصحابة كال حٌب الرسوؿ صلى هللا عليو‬
‫كسلم كإف دل يصرحوا بذلك فتسَبكا ٗبصطلحات لدس أفكارىم الضالة ‪ ،‬ككانوا أذكياء ٕبق ُب‬
‫عرض شبهاهتم كأتكيبلهتم فا‪٬‬بدع كثّب من عواـ ا‪٤‬بسلمْب كطبلب العلم ‪.‬‬

‫ٍب إهنم ‪٠‬بٌوا أىل السنة أب‪٠‬باء منفرة ك‪٠‬بوا أنفسهم أبحسن األ‪٠‬باء كما يلي‪:‬‬

‫‪ 796‬انظر‪ :‬شرح الطحاكية ص ‪ 19‬كتيسّب العزيز ا‪٢‬بميد ص‪ 76‬كص ‪81‬‬


‫‪316‬‬
‫األ‪٠‬باء الٍب أطلقوىا على أنفسهم‪ :‬كىي أىل التوحيد‪ ،‬أىل العدؿ‪ ،‬الفرقة الناجية‪ ،‬أىل‬ ‫أ‪-‬‬
‫السنة ‪٧ ،‬بققْب‪ ،‬حكماء‪ ،‬كغّب ذلك من األلقاب‪.‬‬
‫األ‪٠‬باء الٍب أطلقوىا على أىل السنة كا‪١‬بماعة‪ :‬أىل التشبيو‪ ،‬أىل‬ ‫ب‪-‬‬
‫التجسيم‪،‬ا‪٢‬بشوية‪،‬خوارج‪،‬نوابت‪ ،‬كلذلك يقوؿ ابن القيم‪:‬‬

‫كمن العجائب قو‪٥‬بم ‪٤‬بن اقتدل ابلوحي من أثر كمن قرآف‬

‫حشوية يعنوف حشوا ُب الوجود كفضلة ُب أمة اإلنساف‬

‫فقد ‪٠‬بٌوا أىل السنة نوابت كعبدة أكاثف لقو‪٥‬بم إف هللا فوؽ عرشو بذاتو‪ ،‬كالركافض ‪٠‬بٌوا أىل السنة‬
‫نواصب‪ ،‬كا‪٤‬بعطلة ‪٠‬بوا أىل السنة مشبهة ك‪٦‬بسمة‪.‬‬

‫فهذه األ‪٠‬باء كغّبىا كلها على إطبلقها ظلم ككذب كزكر فهي أ‪٠‬باء ألىل الباطل‪ ،‬فأىل السنة يثبتوف ما‬
‫أثبتو هللا لنفسو كأف لو كل الصفات الواردة ُب القرآف كأف هلل ا‪٤‬بثل األعلى كىم يؤمنوف بكل ما جاء من‬
‫صفات هللا على التفصيل كيتوقفوف عن ا‪٣‬بوض ُب كيفياهتا‪.‬‬

‫ومن ادلراجع ادلفيدة يف دراسة أقوال علماء أىل الكالم‬


‫كالرد عليهم‪:‬‬

‫فتاكل شيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫القصيدة النونية لئلماـ ابن القيم مع شرحها للهراس‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الصواعق ا‪٤‬بنزلة البن القيم مع ‪ٙ‬بقيقها للدكتور أ‪ٞ‬بد عطية الغامدم‪ ،‬كالدكتور علي بن‬ ‫‪-3‬‬
‫انصر فقيهي‪.‬‬
‫بياف تلبيس ا‪١‬بهمية لشيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫كتاب التوحيد كإثبات صفات الرب عز كجل البن خزٲبة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫شرح األصوؿ ا‪٣‬بمسة للقاضي عبد ا‪١‬ببار‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪٨‬بتصر الصواعق ا‪٤‬برسلة على ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعطلة البن القيم‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اجتماع ا‪١‬بيوش اإلسبلمية على غزك ا‪٤‬بعطلة كا‪١‬بهمية البن القيم‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫رد اإلماـ الدارمي على بشر ا‪٤‬بريسي لعثماف بن سعيد الدارمي‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬شرح العقيدة الطحاكية البن أيب العز‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫‪ -11‬مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا‪٤‬بصليْب أليب ا‪٢‬بسن األشعرم‪.‬‬
‫‪ -12‬الفرؽ بْب الفرؽ للبغدادم‬
‫‪ -13‬الفصل ُب ا‪٤‬بلل كاألىواء كالنحل البن حزـ‪.‬‬
‫‪ -14‬اإلابنة أليب ا‪٢‬بسن األشعرم‪.‬‬
‫‪ -15‬ا‪٤‬بلل كالنحل للشهرستاين‪.‬‬
‫‪ -16‬كتاب اإلٲباف البن منده ‪ٙ‬بقيق الدكتور علي بن انصر‪.‬‬
‫‪ -17‬ا‪٤‬بعتزلة عواد بن عبد هللا ا‪٤‬بعتق‪.‬‬
‫‪ -18‬اتريخ ا‪٤‬بذاىب اإلسبلمية أليب زىرة‪.‬‬
‫‪ -19‬فتح اجمليد للشيخ عبد الر‪ٞ‬بن بن حسن آؿ الشيخ‪.‬‬
‫‪ -20‬تيسّب العزيز ا‪٢‬بميد للشيخ سليماف بن عبد هللا بن دمحم بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫‪ -21‬الصفات اإل‪٥‬بية للدكتور دمحم أماف ا‪١‬بامي‪.‬‬
‫‪ -22‬أبو ا‪٢‬بسن األشعرم للشيخ ‪ٞ‬باد األنصارم‪.‬‬
‫‪ -23‬عقيدة التوحيد ُب فتح البارم شرح صحيح البخارم للشيخ أ‪ٞ‬بد عصاـ الكاتب‪.‬‬
‫‪ -24‬اتريخ ا‪١‬بهمية كا‪٤‬بعتزلة للشيخ ‪ٝ‬باؿ الدين القا‪٠‬بي‪.‬‬
‫‪ -25‬العصريوف معتزلة اليوـ يوسف كماؿ‪.‬‬
‫‪ -26‬ا‪٤‬بعتزلة بْب الفكر كالعمل علي الشايب ‪ /‬أبو لبابة حسْب ‪ /‬عبد اجمليد النجار‪.‬‬
‫‪ -27‬خلق أفعاؿ العباد لئلماـ البخارم دمحم بن إ‪٠‬باعيل‪.‬‬
‫‪ -28‬ا‪٤‬بواقف للعضد اإلٯبي‪.‬‬
‫‪ -29‬الفتول ا‪٢‬بموية الكربل لشيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ -30‬التحفة ا‪٤‬بهدية شرح الرسالة التدمرية للشيخ فاحل بن مهدم آؿ مهدم‪.‬‬
‫‪ -31‬درء تعارض العقل كالنقل لشيخ اإلسبلـ ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ -32‬الصفات ا‪٣‬بربية بْب اإلثبات كالتأكيل للشيخ عثماف بن عبد هللا آدـ‪.‬‬

‫كمئات ا‪٤‬براجع الٍب كتبها العلماء ُب دراستهم ‪٥‬بذه الفرؽ ‪٩‬با ال ٱبفي على طبلب العلم‪ ،‬كقد ذكرت فيما‬
‫تقدـ مراجع قدٲبة كمراجع عصرية‪.‬‬
‫كأرغب ُب هناية دراسة ىذه الفرؽ أف أتقدـ بنصيحة إذل كل ‪٧‬بب من طبلب العلم أال يزىد عن كتابة‬
‫ا‪٤‬بتأخرين‪ ،‬فإف فيها صفوة كثّب من ا‪٤‬بعلومات إلطبلع ىؤالء على ما كتبو السابقوف كاستخبلص زبدة‬

‫‪318‬‬
‫أفكارىم ٍب تدكينها ُب كتاابهتم‪.‬‬
‫كليس من اإلنصاؼ اإلعراض عنها ٕبجة أهنم عالة على ما كتبو القدامى فهذا خطأ يفوتك فوائد قد‬
‫٘بتنيها بدكف عناء مع أنو ال يبعد عن الصدؽ ُب أف علماء ىذا العصر عالة ُب كثّب من األمور على ما‬
‫كتبو القدامى ‪٤‬بعايشتهم األحداث كصفاء عقو‪٥‬بم كإخبلصهم ُب نفع الناس‪.‬‬
‫كلكن ىذا ال ٲبنع أف توجد فوائد قد ال ‪٪‬بدىا ُب بعض كتاابت القدامى‪ ،‬كمن قاؿ ٖبطأ ىذا فقد زعم‬
‫ا‪٫‬بصار فضل هللا عز كجل على عباده‪ ،‬فإف هللا تعاذل ىو الوىاب كىو الفتاح العليم‪ .‬غفر هللا لعلمائنا‬
‫من تقدـ منهم كمن أتخر‪ ،‬كنسألو عز كجل أف يلحقنا هبم صا‪٢‬بْب غّب خزااي كال مفتونْب‬

‫‪ aa.g.alawaji@gmail.com‬لتلقي ا‪٤‬ببلحظات كاالقَباحات‬

‫‪319‬‬

You might also like