You are on page 1of 11

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطي ــة الشعبي ــة‬

‫وزارة التعليـ ـ ـ ــم العال ـ ـ ــي والبحث العلمـ ـ ـ ــي‬


‫السنة ال ّثانية‪ :‬دراسات ّ‬
‫أدبية‪. .‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫العاملية "‪.‬‬ ‫املادة‪ " :‬مدخل إلى لاداب‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫أ‪.‬د‪ .‬بن عبد الله ألاخضر‪.‬‬

‫تكملة ملا شرعنا فيه ‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬


‫‪-1‬محاضرة‬
‫‪ – 2‬مقترح لعمل تطبيقي‬
‫خاصين ب ـ ـ ــ‪:‬‬
‫ألادب الهـ ــندي‬
‫طاغور (رابندرانات ) أنموذجا ‪)Rabindranathe( Tagor‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أدب عريق عراقة لغته السنسكريتية التي خط بها و خــطت بها روائعه ألادبية والدينية‬
‫الخالدة ‪ ،‬أما اليوم ‪ ،‬فاملسمى أدبا هنديا فهو أدب تتوازعه لغات متعددة أشهرها "الهندية"‬
‫باستقطاب لنحو ‪ 033‬مليون متحدث بها ‪ ،‬ثم ‪ le télougou‬بـ ‪ 03‬مليون نسمة وتليها ثالثة اللغة‬
‫ألاوردية ‪ l’ourdou‬ب ـ‪00 -‬مليونا ناطقا بها ‪...،‬إنها لغات متعددة ال تقل عن ‪ 22‬لغة محلية تمثل أداة‬
‫بملحمته‬ ‫الخصوص‬ ‫وجه‬ ‫اشتهر على‬ ‫أدب‬ ‫وهو‬ ‫أدبا هنديا‬ ‫للمسمى‬ ‫كتابة‬
‫املقدس‬ ‫الديني‬ ‫بنصه‬ ‫أيضا ‪ Rāmāyana‬وكذا‬ ‫الرائعة ‪"Mahâbhârata‬املهابهارتا" وتدعى‬
‫"الفيدا" ‪.les Védas‬‬
‫ألادب الهندي أدب يتوزع على مساحة شاسعة ‪ ،‬شبه قارة تمتد على ما قرابته ‪0‬ماليين‬
‫و‪ 033‬ألف كلم‪ 2‬تقطنها ساكنة من نحو ‪1‬مليار و‪ 033‬مليون فرد في أغلبيتهم يدينون‬
‫َ‬
‫بالهندوسية إلى جانب أقلية مسلمة ال تزيد عن ‪11‬في املئة ‪:‬معتقدان دينيان هما الغالبان غلبة‬
‫على املشهد الديني ودون املسيحية والبوذية واليهودية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الشــمال إلى اليمين وبألفبائية خاصة بها‬
‫أما فيما يخص اللغة الهندية فتلك لغة تكتب من ِّ‬
‫هي ال تقل حروفها عن ‪ 03‬عالمة ‪.‬‬
‫الهندية هي اللغة الرسمية الوطنية إلى جانب إلانكليزية ذات الانتشار الواسع في أوساط‬
‫التجارة والسياحة واملثقفين ‪ ،‬وهي اللغة التي ستنقل إليها روائع ألادب الهندي ومن بينها املطولة‬
‫الشعرية املوسومة بـ"جيتنجالي"لشاعر الهند الكبير "طاغور" ‪ :TAGORE‬بهذا املختصر الاسمي‬
‫ندعوه هنا وملاما بدل اسمه بالكامل "رابندرانات طاغور"وذاك الشتهاره به وتالفيا لبعض صعوبة‬
‫قد يجدها الطالب في نطقه ‪.‬‬
‫تراه من عساه يكون " طاغور" هذا الحائز على جائزة نوبل لألدب عام ‪ 1110‬كأول أديب‬
‫ضمن أدباء القارة ألاسيوية ؟‬
‫للرد ‪ ،‬ال بأس من التدرج في بسط القول حوله وفق الخطاطة التالية ‪:‬‬
‫َ‬
‫مقتضب من السيرة الذاتية للشاعر طاغور‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬ألاعمال ‪:‬جرد نسبي للمترجم من أعماله إلى العربية‬
‫‪ -0‬وقفة نقدية ألبيات من مطولته " جيتنجالي"الفائزة بجائزة نوبل‬
‫‪ -0‬أقوال مأثورة عن طاغور‬

‫‪ -1‬بعض مراجع املحاضرة‬


‫‪ -1‬املولد والنشأة ‪:‬‬
‫ْ‬
‫رأى النور في مدينة كــلـكوتا الهندية عام ‪ 1601‬ونشأ في عائلة ثرية ‪ ،‬درس القانون في انكلترا‬
‫لينصرف بعدها إلى أمالك العائلة وعقاراتها متكفال بها بدل مزاولة القضاء أو املحاماة‪ ، .‬تعاطى‬
‫طاغور الشعر الحماس ي الوطني في البداية فقط ليتخلى عنه الحقا ويركز جهده إلابداعي على‬
‫الكتابة الشعرية على التعبير الجميل وعنصرالتأمل ‪ ،‬كان شعره تطبعه صيغة في التشكيل‬
‫الصوري واختيار املواضيع التي ال تخلو من فرادة أو قل غرابة مما جعله يشد الانتباه إليه‬
‫انتباه النقاد وكبار املثقفين ومن ثم تحقيق مقروئية واسعة له وشهرة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫نتاجه إلابداعي كان متوزعا على أكثر من تعبير فني وقالب‪ :‬شعر ‪ ،‬نثر ‪ ،‬رسم وموسيقي‬
‫وفلسفة وسوى ذلك مما شكل قائمة طويلة من العناوين نحسبها نافت عن مئة ديوان شعري‬
‫و‪ 13‬مسرحية و ‪ 03‬مجموعة قصصية ناهيك كتابات في السياسة والفلسفة والتربية ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد ألاخير ‪،‬ال بأس من وقفة للقول إن إعجاب شاعر الهند الكبير‬
‫طاغور بالغرب و ثقافته الراقية املتميزة إعجاب لم يمض به إلى حد الانبهار فاالنجراف أو الانسالخ‬
‫عن هويته وروحانيته ‪ ،‬لقد ظل في كثير مما كتب يأخذ على تلك املدنية الغربية وما طرحته من‬
‫َ َ‬
‫نصوص تــكــلسها املادي وعقالنيتها املفرطة‪ ،‬ومن ثم ‪ ،‬جفافها الروحي ‪ .‬ألنها كانت كذلك في رأيه ‪،‬‬
‫فقد عارضها وحدث نفسه ببديل يحل محلها على ألاقل في محيطه الهندي البنغالي وهو ما فعل‬
‫ذات عام ‪ 1131‬إذ راح يلقيها أسس مدرسة وبماله الخاص‪:‬مدرسة لم يقصر برنامجها التعليمي‬
‫على املواد العلمية والنظرية فقط بل حرص على إثرائه إثراء بمضافات تطبيقية‬
‫َ‬
‫متعلقة بالصناعات املحلية والريفية وهـذا كله قناعة منه واقتناعا مبدئيا أن إلاصالح السياس ي ال‬
‫يمكنه أن يتقدم على نظيره الاجتماعي ‪ :‬فهذا ألاخير ال سبيل لالستغناء عنه أو قهقرته ليصبح شبه‬
‫ثانوي أو كمالي ‪ .‬مدرسة "رابندرانات طاغور" والتي أطلق عليها اسم "شتتينك ـ ـتــان" (أي دار السالم‬
‫)‪ ،‬مدرسة سعت إلى تنفيذه حلما تكوينيا أو قل برنامجا تربويا هو النظري العلمي "العاملي" ومثله‬
‫التطبيقي لكن املتجاوب املتساوق مع املحيط الهندي البنغالي يتعايشان مترافدين متفاعلين ‪ ،‬بل‬
‫َ‬
‫إن الجرأة في الطرح والتصور لدى "طاغور" قد تبلغ حدا ليس من السهل تصديقه وتـ َـمــث ـ َـل هذا في‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأغر ْب ـ صادر عن رجل مصلح يريد أن ينأى عن سلوكيات‬ ‫ِّ‬ ‫أعجـ ْـب له من تساهل‬
‫تساهــل سلوكي ِّ‬
‫غرب مستهتر بالقيم ألاخالقية ‪ ،‬فمدرسة طاغور ال تمانع في منح املنتسبين إليها بعض اتصال ما‬
‫بين الطرفين ذكور في حدود العفة والعلن ال التستر والتخفي‪ :‬إطالق لعنان من أعنة املكبوت‬
‫املشاعري ألاحاسيس ي ال الغرائزي أبدا لدى املنتسبين إلى مدرسته وهذا تح ُّـررا نسبيا من مكبوت‬
‫مشاعري أحاسيس ي عاطفي كان يعتقد طاغور أنه عائق لطاملا عرقل حركية التلقي لدى طالب‬
‫العلم بل واكتماله الروحي‪ :‬اجتهاد في الطرح بل وجرأة من مصلح اجتماعي سيجعل من مدرسة‬
‫َ َ ُّ‬
‫طاغور ذات تمايز يضمن لها توافدا كبيرا عليها‪ ،‬ومن ث َـم تــحقـ ُـق حظوة مادية مشهودة‬
‫َ‬
‫ستدفع بطاغور إلى الارتقاء بها إلى َمصافة جامعة وهو ما تم عام ‪ 1122‬إذ أنشأها مؤسسة‬
‫ْ‬
‫ـتش طاغور بما تحقق له من طموح‬ ‫للتعليم العالي مطلقا عليها اسم "فيستفابهراتي " ‪ .‬ولم ين ِّ‬
‫ُّ‬
‫علمي ونجاح مؤسساتي بل ظل ـ رغم عديد التنقالت تنق ــالته عبر ربوع املعمورة مدعوا إما‬

‫‪3‬‬
‫للمحاضرة أو إلقاء شعره‪ -‬يعمل على إمداد جامعته بكبار رجاالت العلم والفكر إلى أن وافته املنية‬
‫على إثر عملية جراحية في مستشفى ملدينة ‪ Calcutta‬مسقط رأسه عام ‪.1101‬‬
‫توفي طاغور في أوج تألقه العلمي مخلفا وراءه قائمة طويلة جدا من النصوص إلابداعية‬
‫ُ‬
‫والكتابات الفكرية التي ترجم منها الكثير إلى لغات العالم بما في ذلك العربية والتي نكتفي بإيراد‬
‫بعض ما لنا به دراية غير مستبعدين وجود سواها ترجمات قديمة أو حديثة الصدور ‪.‬‬

‫ُ‬
‫‪" -2‬طاغور"‪ :‬وما ترجم له إلى العربية‬

‫وهي دون ترتيب كرونولوجي كاآلتي ‪ :‬البستاني ‪َ ،‬جـ ُ‬


‫ـني الثمار ‪ ،‬البيت والعالم ‪ ،‬الزنابق الحمر ‪،‬‬
‫ومسرحيتي "مكتب البريد" و "شيترا " إلى جانب مؤلفه‬ ‫ْ‬ ‫‪،‬رعاة الحب ‪ ،‬الهالل ‪ ،‬دورة الربيع‬
‫الفلسفي املوسوم بـ"سادهانا " ووو‬
‫تلك مؤلفات نضعها جانبا لنستفرد برائعة طاغور الشعرية "جيتنجالي " والتي سنخصها‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫بوقفة ناقدة استعجالية كـ ْـونها مطولة "طاغور " إلابداعية التي تم له بها افتكاك جائزة نوبل‬
‫عقـ َـب ترجمة لها من البنغالية إلى إلانكليزية وتنقيح وتقديم لها بقلم‬
‫لألدب عام ‪ 1110‬وهذا ِّ‬
‫ْ‬
‫الشاعر إلانكليزي الكبير ِّي ــيتس ‪ : "Yeats(william Butler( 1865-1931‬رائعة شعرية ستجد طريقها‬
‫مترجمة إلى الرف املكتبي العربي على يد الناقد واملترجم السوري الدكتور بديع حقي (‪-1122‬‬
‫‪،)2333‬ومن مئات أبياتها نقتطف ما يلي ‪:‬‬

‫يا رفيقي ‪ ،‬هل كنت خارج البيت في هذه الليلة العاصفة ن متابعا رحلة حبك العاشقة‬
‫إن السماء تنحب كالولهى اليائسة‬
‫يا رفيقي لم يجد النعاس الليلة سبيال إلى جفني ‪ ،‬في كل لحظة ‪ ،‬أفتح الباب‬
‫وأتقرى الظلمات بعيني‬
‫ال أملح شيئا أمامي ن وإني ألحار ين تمتد دربك ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يارفيقي ‪ ،‬ترى اي ضفة مبهمة من النهر ألاسود كاملداد ‪ ،‬وفي أي طرف ق ِّص ِّي من الغابة‬

‫‪4‬‬
‫املتوعدة تنشد طريقك لتأتي إلي ؟‬
‫ال يزال السأم يستبد بقلبك ن وال يزال النعاس يجاذب عينيك ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ألم تسمع بأن الوردة تزهى رائعة كامللكة بين الشوك ؟ استيقظ ‪،‬آه استيقظ‬
‫َ‬
‫وال تذ ْر الوقت يمر عبثا ‪.‬‬
‫في نهاية الدرب الوعثاء وفي بلد الوحدة العـذراء ‪ ،‬يجلس رفيقي وحيدا‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فال تخيب انتظاره ‪ ،‬استيقظ ‪،‬آه استيقظ‬
‫َ‬
‫إذا خفــق الفضاء ‪،‬وارتعش في َحـر الهاجرة ن وإذا َم َّدت الرمال سربال الظمإ‪...‬‬
‫ُ‬
‫أفال تشعر بالفرح في أعماق قلبك ؟ أفال يردد ِّم ْـع َـزف الطريق على وقع كل خطوة‬
‫من خطاك موسيقى ألالم العذبة ؟‬
‫تحليل ونقــد‬
‫قصيدة "طاغور" الناظر فيها يلفيها ‪:‬‬
‫ْ َُ‬
‫‪ -1-‬تشكيال جماليا ‪ :‬قصيدة مستوفاة البهاء والرواء ‪ ،‬لغتها منتقاة املعجم الشعري ُم َهف َهفته‪،‬‬
‫َ‬
‫واه من السببية أو الش َبه ‪ ،‬متفاوتة في درجة‬ ‫َُ ُ‬
‫ص ـورها تتوالى متالحقة ال يكاد يربط بينها إال خيط ِّ‬
‫صورا كثيرا ما وجدناها ال تخضع لسلطان من املعهود الاعتيادي من الصور ‪:‬‬ ‫الغرابة ‪ ،‬في تشكيلها ُ‬
‫ُْ ْ‬
‫اب ذاك مستفز قد يغريك بتجريب محاولة الفهم لها أو القبض على سرية تكوينيتها‬ ‫ِّشــبه ِّإغ ـر ِّ‬
‫َ ْ َ َ‬
‫ولكنك تبهت‪ ،‬ف ــأليا عبثا تبحث لعدد من تلك الصور عن معادل موضوعي في واقع ألاشياء املعيش‬
‫أو مرجعية تراثية ‪:‬إبداع في التشكيل الصوري والكتابة الشعرية ال نخفي قارئنا حيرتنا في الوصول‬
‫إلى نسبتها لتيار فني بعينه أو مدرسة ‪ ،‬وما نكاد نفعل أحيانا حتى تنازعنا صورة أو فقرة إلى مراجعة‬
‫القرار‪ :‬أرومانسية هذه أم سوريالية أم حداثية قبل ألاوان؟ إنه نص شعري ذو نفس رومانس ي‬
‫لكنه يتجاوزه إلى شبه سوريالي في بعض ألابيات وحتى إلى ذلك الحداثي بما انطوى عليه‬
‫من غموض نسبي وجرأة تعبيرية أسلوبية ‪ ،‬إنه باختصار ‪ -‬ومن وجهة نظر خاصة بنا ‪ -‬تشكيل‬
‫لغوي صوري ال يكاد يستقر على خصائص مدرسة أدبية أو تيار وكأنما هو يهزأ بهم جميعا إال قليال‬
‫ْ‬
‫عنصريــه الاثنين ‪:‬اللغوي والصوري‬ ‫‪ .‬وعليه ‪ ،‬النص املتدارس ُهنا له في‬
‫ما يشفع له ما تمتع به من اعتبار نقدي وتقدير ونحسبه جديرا به مستحقا ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫هذا‪ ،‬أما إن جئت إلى ِّبــنيته الفكرية أو قل املضمون بلغة القدامى – فهنا يقوم مربط‬
‫ْ َ‬
‫الفرس أي إلاشكال وخالفنا مع النقاد ممن تعرضوا لهذا النص ُم ــث ـ ِّنين عليه ثناءهم ونحن ال‬
‫َ‬
‫نجاريهم فيما فعلوا ‪ ،‬ذاك أن هذا النص ـ إذا ما استثنيت جانبه الشكلي التشكيلي فإنه ـ مضموناـ‬
‫وعال عن ذلك الظمآن املاض ي في اتجاه ما‬ ‫جل َ‬‫يغدو قابال ألن ينطبق عليه إجماال مؤدى قول الحق َ‬
‫يحسبه ماء‪،‬حتى إذا جاءه لم يجده شيئا‪ ،‬بمعنى أنه من املتعذر على قارئ هذا النص القبض على‬
‫ما يمكن الاعتداد به كفكرة متراصة العناصر متناميتها متكاملتها ‪ ،‬القصيدة ‪ ،‬على خالف‬
‫َ‬
‫مستواها الشكالني الفني‪ ،‬تسقط على طول مئات أبياتها في تهويمات ُمناجاتية ال يكاد َيـ ْـرشح من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬
‫تأو ُه ت َحـ ُّـسـ ُـر يتلوه تأ ُّوه آخر ُمعاتب متحسر وهكذا دواليك‬ ‫خالل صوائتها وصوامتها ما ينفع الناس ‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ذاتوي‬ ‫إلى آخر بيت في الفقرة ‪ ،‬الفقرات والتي ال يغيض لها معين تشـ ِّـك‬
‫َ‬
‫أن ِّوي لدى شاعرنا الهندي الكبير‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫والسؤال‪ :‬هل ُسلـ ُـم العاملية ذاك تراه ُيرتقى بمثل هذه الطروح الشعرية التي ال تكاد تخرج‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫من الذات إال لتعود إليها ؟ وهل تراها دنيا البشر خــلت من املقرفات واملنغصات الكبريات وألا ْول ــى‬
‫ُ‬
‫هي باملعالجة من مثله تكالبا على الذات غرق في لجته قلم هذا الشاعر ؟ ال أحد أنكر أو ينكر على‬
‫الشاعر حق الالتفات إلى الذات مستبطنا همومها بين الفينة والفينة لكن ال نخاله من حقه‬
‫املشروع – بوصفه ترجمان الجموع كان قديما وسيظل ‪ -‬أن يستنزف أغلب حبره في استرجاعها‬
‫أسطوانات شعرية مستهلكة النوتة ‪ ،‬فإن ابتغى ذلك لنفسه وارتضىاه كما فعل طاغور في مطولته‬
‫ُ‬
‫"جيتنجالي" فعند ذاك تصبح أهليته للعاملية وكذا الفوز بجائزة كبرى كجائزة نوبل َموضع جدل‬
‫َ‬
‫املنجــز‬ ‫املحدد لشروط منحها يشترط اشتراطا أن يكون العمل‬ ‫وذلك لكون هذه الجائزة ميثاقها‬
‫ِّ‬
‫سواء كان اختراعا أو إبداعا أو سوى ذلك قد جاء بما يخدم الناس أجمعين والسؤال ‪ :‬هل قصيدة‬
‫"جيتنجالي" لطاغور تضرب في هذا الاتجاه الخدماتي للبشرية جمعاء ؟‬
‫َْ‬
‫مالبسات جيوسياسية تاريخية لعام ‪ 1110‬وهو زمن فوز طاغور بجائزة نوبل لألدب تكـ ِّـش ــف‬
‫حرب عاملية أولى ‪ :‬التوتر هو على أشده وبراميل البارود على وشك الانفجار ‪،‬‬
‫غداة اندالع ِّ‬
‫ِّ‬ ‫لنا عن‬
‫وما أحوج البشرية يومها إلى من يأخذ بيدها‪ ،‬يهديها سبلها سبل السالم ‪ ،‬ال إلى من يوليها‬
‫القفا ليتقوقع على الذات بمعنى يخذلها خذالنا كما فعل "طاغور"‪":‬رابندرانات طاغور" في مثلها‬
‫َ‬
‫ساعة للعسرة ‪ ،‬كانت أو كادت تكون شجرة شعره على ورافة أغصانها وعديد أكمامها شجرة من‬

‫‪6‬‬
‫الصعب العثور فيها على ما يمكن اعتباره ثمرة فيها نفع للناس ‪ ،‬وقصيدة " جيتنجالي " املحصل‬
‫بها على جائزة نوبل شاهد نص ي على ذلك‪،‬فهي ال تتجاوب ملقتضيات أو متطلبات‪:‬‬
‫‪ - 1‬زمكانية محلية واملقصود بهذا واقعا هنديا غارقا إلى ألاذقان في وحل الاستعباد والفقر بل‬
‫قل املجاعة الجماعية ‪ ،‬ومئات املاليين من بني الوطن ُيــداسون بأقدام ومجنزرات إلانكليز الغرباء‬
‫املحتلين‪.‬‬
‫‪ -2‬زمكانية عاملية ‪ :‬العالم هو في طور التملمالت ألاخيرة السابقة لوقوعها طامة عاملية كبرى ؟‬
‫والظرف الزمكاني ‪ :‬عامليا ومحليا هو على ذلك الحال من التشنج والتكهرب ‪ ،‬كيف‬
‫وهام ِّته أن يفكر في طرحه مولودا شعريا على هذه الشاكلة‬ ‫َ‬ ‫يكون لشاعر في قامة طاغور‬
‫والنحو أي سلسلة طويلة من ألابيات عشراتها بل مئاتها متصاممة عن الهم العاملي وإلاقليمي ‪:‬‬
‫اك من‬‫غا قة غرقا في سديمية ذات مأزومة بهموم لها خاصة والتي ال تكاد ُتـ ْـفهم لها ماهية ملا إ ْنـ َـح َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬
‫حولها وحواليها من صور معتمة مبهمة إال قليال؟‬
‫َ‬ ‫ـرده البعض علينا َ‬ ‫إنه تساؤل قد َيـ ُّ‬
‫متح ِّج ـ ِّـجين بما هو من قبيل قولة في الشعر شهيرة‬
‫وقاصـها الكبير‪ ،‬مؤداها ‪ :‬أن الشعر‬ ‫ُّ‬ ‫لبورخيس (خورخي لويس ) ( ‪: )1160-1611‬شاعر ألارجنتين‬
‫"ينبع من مكان عميق فيما وراء الذكاء ‪ ،‬وقد ال يرتبط حتى بالحكمة ‪ ،‬إنه الش يء في ذاته ‪ ،‬له‬
‫طبيعة تختص به "‪:‬‬
‫تصور غريب للشعر طرحه "بورخيس" في مجال الشعر يتعين على الناقد الحصيف أن يتبين‬‫ُّ‬
‫إن كان مثل هذا التصور قد عمل به صاحبه وحققه فيما َأمـ َّـد به الناس من نصوص شعرية؟هذا‬
‫وعلى ذكر "بورخيس" ال بأس من التذكير بأنه أحد املعاصرين للشاعر الهندي واملتمتعين بحضور‬
‫إعالمي عاملي واسع وربما فاق شهرة وتجديدا ِّنــده الهندي إال أنه لم يفز بها جائزة لنوبل طول‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حياته ووقع الاختيار وباكرا جدا على "طاغور " وقصيدته "جيتنجالي" تحديدا ؟ فـ ِّـلـ َـم تم هذا‬
‫الاختيار والتفضيل لطاغور على سواه؟‬
‫الرد ردنا نسوقه في التالي من السطور ‪:‬‬
‫ُ‬
‫جائزة نوبل أحسبها كانت قـ َـب ْيل عام ‪ 1110‬قد ُع ِّقدت ِّخطبتها سرا في الكواليس على‬
‫"طاغور" خدمة ألغراض سياسية مكيافيلية بوصفه فرس سباق رابحة لبلد شاسع شساعة تلك‬
‫ُ َ‬
‫ومـ َّـدخ ـراته على مدى قرابة قرن من الزمن وكان‬ ‫بريطانيا الاستعمارية كانت قد استنفذت خيراته‬

‫‪7‬‬
‫التذمر الجماهيري يتصاعد وينذر بقرب انفجار‪ ،‬ولتفادي الخطر الداهم البد من مغازلة الحس‬
‫الشعبي الهندي واسترضائه فكان املنح للجائزة لطاغور مما ترتب عنه شبه تكميم للفم فمه وكذا‬
‫قلمه عن كل دعم ولو أدبي لحركة التحرر واملقاومة املسلحة ‪ :‬حياد سلبي تشهد عليه قصائد‬
‫بالعشرات واملئات غارقة في أحالمها الوردية وتأمالتها الفلسفية وكأن الهند كان ينعم بنعيمه‬
‫ألارض ي على زمن الاحتالل البريطاني ‪ ،‬احتالل لم يكفه ما سلطه على الشعب الهندي من ويالت من‬
‫ُ ْ‬
‫مثل املجاعتين الك ْبـ َـري ـين‪:‬‬
‫‪ -‬ألاولى‪ :‬عام ‪ 1600‬والتي ْأودت بما ال يقل عن مليون من الساكنة الهندية وتلك‬
‫املجاعة املجاعة الثانية لعام ‪ 1611‬وقد حصدت ما ال يقل عن ‪ 1‬ماليين من ساكنة الـمقاطعة‬
‫الهندية املعروفة بـ ‪، Dekkan‬‬
‫أضف إلى واقع راهن كله جوع وإدقاع واضطهاد شعبي جماعي هو ذا املسمى طاغور شاعر‬
‫َ ُْ‬
‫صل ُح كمادة للكتابة والشجب ألادبي ما‬ ‫الهند لم يجد في فواجعها املجتمعية ومآسيها املتعاقبة ما ي‬
‫يقدح قريحته أي ما يقدح قريحته الشعرية‪.‬‬
‫ُ‬
‫شاد به عامليا أنه‪:‬‬
‫املحير في ألامر أمر هذا الشاعر الهندي امل ِّ‬
‫ـ بدل التصدي لهذا الغازي البريطاني ولو ِّبحد السالح الشعري أو سواها من وسائل استرداد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الكرامة ولو كانت مقاومة بصيغة "ال خوف ‪،‬العنف" السلمية التي اعتمدها الزعيم الهندي‬
‫َ ُّ‬
‫املهاتما غاندي (‪، )1106 – 1601‬فإن املسمى طاغور‪ ،‬وعلى عكس كل تـ َـوقــع ‪ ،‬راح َيريش بسهام‬
‫النقد نقده الشديد بطل املقاومة الشهير غاندي ‪ .‬وموقف طاغور هذا من غاندي رمز‬
‫املقاومة الهندية يكاد يطابق تمام املطابقة موقف شاعر مصر الكبير أحمد شوقي الذي لم يجد ما‬
‫ينظمه في بطل املقاومة املصرية أحمد عرابي غداة قرار إلانكليز بنفيه إال قوله‪:‬‬
‫صغار في الذهاب وفي إلاياب أهذا كل شأنك يا عرابي ؟‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُمماألة للمحتــل البريطاني في كلتي الحالتين من طرف الشاعرين الكبيرين شوقي وطاغور مع‬
‫مبالغة مفرطة من ِّق َبل هذا ألاخير في املهادنة واملساملة شاهدة عليه تهويماته الشعرية الغارقة في‬
‫سماوات الجمال والتأمل الفلسفي التصوفي وابتعاده إن لم يكن تطليقه للشعر الحماس ي الوطني‬
‫املستنهض للهمم ‪ ،‬وهو الحياد السلبي إن لم يكن الانهزامي الذي اطمأنت له السلطات البريطانية‬
‫الحاكمة فبادرت عن طريق ملكها جورج الخامس إلى منحه "وسام الفارس" والذي ظل طاغور‬

‫‪8‬‬
‫يوشح به صدره ولم يكن ليطرحه إال يوم أن جاءه النبأ بتقتيل الجيش البريطاني ملا ال يقل عن‬
‫‪ 033‬مواطن هندي كانوا في مظاهرة احتجاجية سلمية‪.‬‬
‫ُ‬
‫كتابة طاغور الشعرية قد توهم الواقف عليها‪ ،‬املتتبع لشطحاتها شبه الصوفية أو‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫متخف في غورها البعيد ‪ ،‬ولو سلمنا بذلك ‪،‬فهل ما يكون‬ ‫ِّ‬ ‫الفلسفية بوجود مضمون عميق رفيع‬
‫ُْ‬
‫من حق كل قارئ قارئ ـ وعلى وجه الخصوص املنتمي إلى الهند ـ التساؤل ‪ :‬هل ِّمثــله‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫املطلوب شكله الكتابي وأسلوبه في املرحلة الراهنة بالنسبة‬ ‫مضمونا متلبسا ُسـ ُـدف الغموض هو‬
‫لشعب ذي البطالة والجهالة والتخلف ضاربة أطنابها في عمق أعماق جموعه؟‬
‫إن لجنة التحكيم العاملية بقبولها منح جائزة نوبل لطاغور البن الخمسين سنة لم تقم به‬
‫فعال دون احتساب للربح والخسارة ونحسب أن الثمن الواجب دفعه من جانب طاغور مقابل هذا‬
‫التكريم العاملي له هو صمته وإقالعه عن التحريض على مخازي املستعمر إلانكليزي وهو ما تحقق‬
‫‪:‬صمت ‪ ،‬حياد سلبي ليس هو ألاول وال ألاخير في تاريخ املساومات ‪ ،‬فما وقع لشاعر الهند الكبير‬
‫طاغور نحسب مثيله وقع ألمير املقاومة الجزائرية محي الدين عبد القادر الجزائري حين ر ِّضـ َـي‬
‫ُ‬
‫املـ ْـه َ‬
‫دى له من طرف عدوه الفرنس ي نابليون بونابارتالفرنس ي ‪ :‬كال الكبيرين‬ ‫باستالم السيف الذهبي‬
‫طاغور وألامير عبد القادر أخالهما انهزما يومئذ إذ ألقيا باملنشفة كمالكمين في جولة من جوالت‬
‫الصراع الحاسمة وهذا ليخلدا َسـ ِّـويا إلى التأمل الفلسفي التصوفي وغير ذلك من ألامور إال ما تعلق‬
‫باملقاومة التحررية لبلديهما ‪.‬‬
‫إن طاغور هذا الاسم املتألق في سماء الشعر العاملي نخاله بموقفه السلبي من قضية تحرير‬
‫وطنه من قبضة إلانكليز ليس هو املوقف السلبي الوحيد املسجل عليه وإنما هناك ما ال يقل عنه‬
‫سلبية وغرابة ويتمثل فيي موقفه مما يعرف بقضية "املنبوذين" أو ‪ les intouchables‬بالفرنسية‬
‫‪،‬أو ‪ Dalits‬باالنكليزية ‪ :‬موقفه منهم ومن قضيتهم املأساوية أقل ما يمكن وصفه به هو الفتور‬
‫وعدم التحمس حتى ال نقول التغاض ي ‪ ،‬فمن عساهم يكون هؤالء املسمون "املنبوذين" ‪les‬‬
‫‪intouchables‬؟‬
‫للتذكير‪ ،‬يجدر التنبيه إلى أن املجتمع الهندي مجتمع طبقي بامتياز ال يزال ُي َميز ما بين أبناء‬
‫َ‬
‫الطينة البشرية الواحدة فيقسمها ومن لحظة الوالدة وبحكم الوراثة إلى طبقات خمسة يقف َعلى‬
‫ْ‬
‫أعلى هرميتها التراتبية ‪":‬الـ َـبر ْاه َمة " وأدناها املسمون ‪":‬املنبوذون"‬
‫ْ‬

‫‪9‬‬
‫إنهم ـ أي املنبوذون ‪ -‬في الاعتبار الهندي أنجاس ِّدنـ ُـسون ال َحـ َّـق لهم في ما ِّلسواهم من الفئات‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ألاربعة ألاخرى من حقوق ‪َ :‬سكــنا كان أو تعليما‪،‬وال حتى استفادة من ماء بئر جماعي وذاك املوت‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫قد يكون‬
‫نصيبهم في حال التماس الجسدي مع أحد البراهمة ‪ ،‬أما إن تقاطع ظل املنبوذ الهندي‬
‫ـلوث ِّبدنس َووجب الغسل بل التطهر وفق‬ ‫بمثله لواحد من البراهمة فإن في ذلك ما ُيمثل ش ْبه َتـ ُّ‬
‫ِّ‬
‫ُ ْ ُ َ‬
‫طقوسية البراهمة في التطهر وووو ‪:‬ظلم ‪ ،‬تعسفات بل قــل حوبا كبيرا مسلطا على من ال نحسبهم‬
‫أقلية عددية حتى ُي ـظـ َّـن أن ذلك سبب الاستهانة بهم ‪ ،‬بل هم أولئك ووفق إحصائية لعام ‪ 2311‬ال‬
‫ينأون عن ما ال يقل عن ‪ 211‬مليون منبوذ‪:‬‬
‫والسؤال الحتمي ‪:‬أينهم ُ‬
‫كمدانين مهانين هنود من شعر طاغور؟‬
‫عدا اهتمامة محتشمة من َ‬
‫قبله في بداية املسار الحياتي ‪ ،‬فتيمة املنبوذين ال تكاد تكر ضمن‬
‫مركزية الهواجس الشغرية لطاغور؟ أيكون لذلك من سبب مقنع عن هذا التراجع وشبه الاستقالة‬
‫من قبل طاغور عن أوجب واجباته الشعرية ؟ ِّول ـ َـم فعلها طاغور وربما آخرون من مثله‬
‫لسانا وموطنا ؟‬
‫َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال سبب في رأينا الخاص لذاك التجاهل إال ِّثــق ـ َـل ما استلمت يدا شاعرنا الهندي "ر ِّابندرانات‬
‫طاغور" ذات عام ‪ 1110‬من ريع جائزة نحن ال نشكك في نبل الفكرة املبدئية التي قامت عليها واردة‬
‫في نص الوصية مخطوطة بيد مؤسسها العالم الكبير ألفرد نوبل عام ‪ ،1131‬وإنما الخبث كامن‬
‫كمونا فيما علق بها من شبهات شابتها مع تعاقب ألايام على يد من وظفوها ألغراضهم الدنيئة‬
‫منطلقين من مؤدى ما يلخصه أيما تلخيص بليغ بيت شهير للمسمى أبي الفتح البستي جاء فيه‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ـعبــد إلانسان إحسان‬‫فطاملا استـ‬ ‫تستعبد ُق َ‬
‫لوبهم‬ ‫ْ‬ ‫أح ِّسـ ْـن إلى الناس‬
‫ْ‬

‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬


‫حكمت‬‫هذا وإن السقوط ال يحسبن الحاسب أنه حدث يستثني الكبير أو الصغير‪ ،‬فالفخ إن ِّ‬
‫أ‬
‫ْ ُ‬
‫وصن ـ َـعــت ُه لم يترفق بأحد وهو ما نراه حصل حاصله لطاغور إذ وجدنا شعره يغرق في‬
‫أحبولته ِّ‬
‫اللغويات والبالغيات ويتخلى عن قضايا أمة له وعلى رأسها قضايا ‪ :‬مشكل الاحتالل ومشكل فئة‬
‫ُ‬
‫املنبوذين شبه ألاحياء ألاموات وكال املشكلين في نظرنا ال يمكن لشعر شعر أو مسرح مسرح أو‬
‫سواهما من فنون التعبير البشري أن يجدا أو يجدوا لهم ذريعة للتنصل من واجب الطرح لهما‬
‫واملبدع املبدع من أوجد الصيغة املناسبة التي ال تفقد الشعر شعريته وال الفن فنيته وال يمكن‬
‫ْ‬
‫محاصرة املكتوب ألادبي شعرا أو نثرا كان بطبيعة موضوع دون آخر ومن ثم نحن َعــكس ما قال‬

‫‪10‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫شاعر ألارجنتين بورخيس ـ ليس بامل َلزم ضرورة‪ :‬ضرورة سرمدية أن يكون الشعر معاديا للحكمة أو‬
‫السياسة أو غير ذلك من شواغل الحياة وهمومها وإن كان هناك لزاما من تضحية تقدم خدمة‬
‫َ‬
‫للبشري املقهور فال ت َر ُّد َد عندنا من التضحية بزخرفيات النص إذا كان في ذلك ما يمكن من إسماع‬
‫صوت املقهورين وتمكينهم على أمد من آلاماد من حقوقهم املشروعة وهو ما لم يتحقق شرطه‬
‫الفني واملوضوعاتي وال السياس ي في نصية طاغور التي بها ألالسن وألاقالم الناقدة ال تنفك الهجة‬
‫ممتدحة‪.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like