You are on page 1of 4

‫تعريف التفاوض‪:‬‬

‫التفاوض هو عملية يمكن من خاللها حل النزاعات أو تسوية المعامالت بمختلف أنواعها‪ ،‬أو إنش اء اتفاقي ات‬
‫بين األفراد والجماعات‪ ،‬ويتم اعتب اره نوع ًا من النق اش ال ذي يتم بطريق ة اس تراتيجية لح ل المش كلة بش كل‬
‫مقبول للطرفين‪ ،‬إذ إّن كل طرف يعمل على إقناع الطرف اآلخر بالموافق ة على وجه ة نظ ره‪ ،‬وتك ون ه ذه‬
‫النقاشات بين أفراد لديهم أهداف مختلفة يحاولون من خاللها التوصل إلى اتف اق‪ ،‬خاص ًة في مج ال األعم ال‬
‫أو السياسة‪.‬‬

‫خطوات عملية التفاوض‪:‬‬


‫أوًال ‪ :‬مرحلة اإلعداد والتهيئة للتفاوض‬
‫يمثل عنصر المعلومات أهم أسس التفاوض المثم ر‪ ،‬ألن من يمتل ك المعلوم ات ه و ال ذي تت وافر لدي ه‬
‫قدرات التأثير في الطرف اآلخر‪ ،‬بالحجج المقنعة‪ ،‬المعتمدة على الوثائق‪ ،‬ومن خالل معرفة مفاتيح شخصية‬
‫من يفاوضه واألسلوب المناسب إلقناعه والتأثير فيه‪.‬‬
‫ومن يملك المعلومات‪ ،‬أيضًا‪ ،‬يستطيع أن يحدد أغراضه من عملية التفاوض بدقة‪ ،‬اعتمادا على معرف ة‬
‫وثيقة بإمكاناته وإمكانات الطرف اآلخر‪.‬‬
‫فعلى المف اوض أن يك ون متأك دا من ك ل األه داف‪ ،‬ال تي ي رمي إلى تحقيقه ا‪ ،‬وأن يرتبه ا حس ب‬
‫األولويات‪ ،‬حتى تظل نصب عيني ه ط وال جلس ات التف اوض‪ ،‬م ع ض رورة أن يتس م بالمرون ة‪ ،‬وأن يك ون‬
‫واقعيًا فال يبالغ في طلباته ويتشدد فيه ا‪ ،‬وأن يك ون مح ددا حجم التن ازالت ال تي يمكن أن يق دمها‪" .‬وتتك ون‬
‫المعلومات‪ ،‬التي ينبغي أن يسعى المفاوض إلى امتالكها من عنصرين أساسيين‪:‬‬
‫المعلومات‪ ،‬التي يحتاج إليها لتحديد أهدافه من عملية التفاوض وبلورتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المعلومات‪ ،‬التي تمكنه من معرفة الطرف أو األطراف األخرى‪ ،‬التي يتفاوض معها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫والواقع أن توافر هذه المعلومات وما يماثلها للمفاوض‪ ،‬يزي د من قدرات ه على التحكم في مس ار عملي ة‬
‫التفاوض‪ ،‬والتأثير في سلوك الطرف أو األطراف األخرى؛ باستناده إلى المعلومات‪ ،‬التي تمكنه من التعرف‬
‫على خصائصهم وردود الفعل المتوقعة منهم‪ ،‬كما ت دعم حجت ه في إقن اعهم‪ ،‬وتع ديل م واقفهم بالق در‪ ،‬ال ذي‬
‫يجعل سلوكهم متسقًا مع ما يبتغيه من مصلحة"‪.‬‬
‫ولهذا السبب‪ ،‬فإن أهم ما تتضمنه مرحلة اإلعداد هو جم ع المعلوم ات‪ ،‬التـي تمث ل الرك يزة األساس ية‬
‫لعملية المفاوضات‪ ،‬وتتعلق هذه المعلومات بفهم موضوع التفاوض بش كل واض ح ال لبس في ه‪" ،‬حيث يتعين‬
‫معرفة وتحديد وتشخيص القضية المتفاوض بشأنها‪ ،‬ومعرفة كل عناصرها وعوامله ا المتغ يرة ومرتكزاته ا‬
‫الثابتة‪ ،‬وتحديد كل طرف من أطراف القضية‪ ،‬والذين سيتم التفاوض معهم"‪.‬‬
‫ومن ال يبذل الجهد في هذه المرحلة لتعرف القضية‪ ،‬التي تتم بشأنهـا المفاوض ات‪ ،‬يج د نفس ه كمن وق ع في‬
‫مصيدة‪ ،‬لم يعم ل له ا حس ابًا‪ ،‬الفتق اره الق درة على المب ادأة والمب ادرة‪ ،‬وع دم امتالك ه الحج ة المس تندة إلى‬
‫الحقائق في الدفاع عن وجهة نظره‪ ،‬وقد يتورط‪ ،‬نتيجة لذلك‪ ،‬في تقديم تنازالت كبيرة‪.‬‬
‫ومن متطلبات هذه المرحلة‪ ،‬تحدي د الب دائل لح ل الص راع في حال ة فش ل عملي ة التف اوض‪ ،‬علم ًا ب أن‬
‫"العوائق‪ ،‬التي تحول دون ابتداع العديد من البدائل الممكنة تتمثل في اآلتي‪:‬‬
‫األحكام المستعجلة السابقة ألوانها‪.‬‬
‫البحث عن الحل المفرد‪.‬‬
‫االفتراض القائم على هوس القطعة الثانية‪.‬‬
‫التفكير بأن حل مشكالت اآلخرين شأن يخصهم‪.‬‬
‫إن األحكام المتصّو رة سلفًا تحد من الخيال‪ ،‬كما أن البحث عن حل مفرد يغلق المجال أمام عملية اتخ اذ‬
‫قرارات‪ ،‬تتوافر فيها الظروف لالختيار من بين كم أكبر من الحلول الممكنة‪ ..‬وافتراض القطعة الثاني ة يق وم‬
‫على مبدأ أن كسب أحد األطراف هو خسارة للطرف اآلخر‪ ..‬وتصور حل مشكالت اآلخرين على أن ه ش أن‬
‫يخصهم وال يعنينا‪ ،‬يمثل نظرة حقيقية تقود إلى اتخاذ مواقف مبنية على مصالح طرف واح د‪ ،‬وتب ني حجج ًا‬
‫وحلوًال تمثل رغبات ذلك الطرف‪ ،‬من دون اعتبار للطرف أو األطراف األخرى"‪.‬‬
‫ويستطيع المفاوض من خالل ما يجمعه من معلومات تحديد الموقف التفاوضي‪ ،‬بمعرفة األوراق‪ ،‬ال تي‬
‫يعتمد عليها في دعم حججه وتفنيد حجج الطرف اآلخر‪ ،‬إذ تساعده المعلومات على توق ع م ا لدي ه من أفك ار‬
‫وآراء حول القضية موضع النزاع‪ ،‬وكلما انطلق المفاوض من حقائق الواقع‪ ،‬كان أقدر على تحقي ق أهداف ه‪،‬‬
‫ألن المفاوضات ال تعترف بالتفاؤل المفرط‪ ،‬ولعبة االحتماالت القائمة على غير أساس‪.‬‬
‫وبعد أن يحدد المفاوض أهدافه‪ ،‬بناء على معرف ة تام ة بج وانب القض ية‪ ،‬ومعرف ة الط رف اآلخ ر ودوافع ه‬
‫وأهدافه‪ ،‬وما يمكن أن يقدمه من تنازالت‪ ،‬ومدى تحمسه للتف اوض؛ يق وم بوض ع اإلس تراتيجية‪ ،‬ال تي يب ني‬
‫عليها عملية التفاوض‪ ،‬وهي تعني وس ائله في تق دير أهداف ه ووس ائله وترتيبه ا‪ ،‬إذ لك ل ه دف من األه داف‬
‫وسائله‪.‬‬
‫وال شك أن اإلستراتيجية‪ ،‬التي يجب أن يتبعها المفاوض‪ ،‬مهمة في تحديد اتجاه المفاوضات‪ ،‬ويجب أن‬
‫تمث ل ه ذه اإلس تراتيجية إط ارًا عام ًا يتس م بالمرون ة‪ ،‬ويق وم على أس اس تق دير ق وة أط راف التف اوض‪،‬‬
‫واألوراق‪ ،‬التي يلعبون بها في عملية التفاوض‪.‬‬
‫وفي هذه المرحلة يتم اختيار فريق المفاوضين بناء على موضوع القض ية‪ ،‬حيث يفض ل أن يك ون ه ذا‬
‫الفريق من المتخصصين في هذا الموضوع‪ ،‬والع ارفين ببواطن ه وتطورات ه‪ ،‬وأن يك ون رئيس ه ذا الفري ق‬
‫صاحب خبرة واسعة في عملية المفاوضات‪ ،‬وعلى معرفة كبيرة بالقضية وبالطرف اآلخر‪ .‬كما يتعين تحديد‬
‫اختصاصات معينة لكل فرد في هذا الفريق‪ ،‬بحيث تقسم األدوار بطريقة مدروسة للتأثير في الطرف اآلخ ر‪،‬‬
‫وتحقيق ما يمكن تحقيقه في اتجاه األهداف المطلوبة‪.‬‬
‫وال بد‪ ،‬قبل بدء المفاوضات‪ ،‬من التأك د من أن الط رف المف اوض يمل ك ص الحيات اتخ اذ الق رار‪ ،‬ح تى ال‬
‫يكون هناك إهدار للوقت‪.‬‬
‫وتتضمن هذه المرحلة تحديد جدول األعمال‪ ،‬وينبغي أن يكون البدء بالقض ايا‪ ،‬ال تي ليس عليه ا خالف‬
‫شديد‪ ،‬لوضع إرهاصات عالقات تعاونية بين فريقي التفاوض‪ ،‬وُينص ح بالمب ادرة ب اقتراح ج دول لألعم ال‪،‬‬
‫ألن ذل ك يعطي فرص ة ب امتالك زم ام األم ور من البداي ة‪ ،‬كم ا يتم االتف اق في ه ذه المرحل ة على مك ان‬
‫المفاوضات وموعدها‪.‬‬

‫ثانيًا ‪:‬مرحلة إجراء المفاوضات‪:‬‬


‫عندما تبدأ المفاوضات بين الفريقين‪ُ ،‬ينصح بأن تكون هناك محاولة إليجاد مناخ من التع اون‪ ،‬يزي ل‬
‫التوتر‪ ،‬ويخفف من المواقف العدائية‪ ،‬ويحتاج ذلك إلى جهد من المفاوض ين إلظه ار مش اعر ال ود‪ ،‬والتغلب‬
‫على األحكام المتصّو رة سلفًا‪ ،‬التي تشوه صورة كل منهما في ذهن اآلخر‪ .‬وسيتطلب خلق ه ذا المن اخ اتب اع‬
‫أسلوب موضوعي في النقاش‪ ،‬والبعد عن التجريح الشخصي‪ ،‬وإب داء االع تراض بطريق ة مهذب ة‪ ،‬واح ترام‬
‫الرأي اآلخر‪ ،‬مهما كان الخالف‪ ،‬وتقدير حق االستماع واإلنصات‪ .‬وتشتمل ه ذه الخط وة على مجموع ة من‬
‫العمليات األساس ية‪ ،‬ال تي ال يتم التف اوض ب دونها‪ ،‬ب ل إن من المس تحيل تص ور ع دم القي ام به ا في عملي ة‬
‫التفاوض‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫اختي ار التكتيك ات التفاوض ية المناس بة‪ ،‬من حيث تن اول ك ل عنص ر من عناص ر القض ية التفاوض ية أثن اء‬
‫التفاوض على القضية‪ ،‬وداخل كل جلسة من جلسات النقاش‪.‬‬
‫ـ االستعانة باألدوات التفاوضية المناسبة‪ ،‬وبصفة خاص ة تجه يز المس تندات والبيان ات والحجج والمس تندات‬
‫المؤيدة لوجهة نظرنا‪ ،‬والمعارضة لوجهات نظر الطرف اآلخر‪.‬‬
‫ـ ممارسة الضغوط التفاوضية على الطرف اآلخ ر‪ ،‬س واء داخ ل جلس ة التف اوض أو خارجه ا وتش مل ه ذه‬
‫الضغوط عوامل‪( :‬الوقت‪ ،‬والتكلفة‪ ،‬والجهد‪ ،‬وعدم الوصول إلى نتيجة‪ ،‬والضغط اإلعالمي والنفسي)‪.‬‬
‫ـ تبادل االقتراحات وعرض وجهات النظر في إطار الخطوط العريضة لعملية التفاوض‪ ،‬وفي ال وقت نفس ه‪،‬‬
‫دراسة الخيارات المعروضـة‪ ،‬واالنتقاء التفضيلي منها‪.‬‬
‫ـ استخدام كل العوام ل األخ رى الم ؤثرة على الط رف اآلخ ر؛ إلجب اره على اتخ اذ موق ف معين‪ ،‬أو القي ام‬
‫بسلوك معين يتطلبه كسبنا القضيـة التفاوضية‪ ،‬أو إحراز نصر أو الوص ول إلى اتف اق بش أنها أو بش أن أح د‬
‫عناصره أو جزئياته"‪.‬‬
‫وبعد الشد والجذب واألخذ والعطاء بين فريقي التفاوض‪ ،‬يتم التوصل إلى اتفاق مبدئي بينهم ا‪ ،‬ويس هل‬
‫التوصل إلى هذا االتفاق‪ ،‬إذا قام الطرفان بالتركيز على المصالح المشتركة‪ ،‬أكثر من الترك يز على المس ائل‬
‫الخالفية‪ .‬ويساعد تلخيص ما أحرز من تقدم في المفاوضات على توضيح النقطة‪ ،‬التي وصل إليه ا الطرف ان‬
‫كما أن هذا يساعد على صياغة االتفاق بشكل أسرع‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مرحلة إبرام االتفاق‬
‫ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي واضح‪ ،‬تظل المفاوض ات مج رد وجه ات نظ ر متبادل ة‪ ،‬وينبغي أن‬
‫يكون هذا االتفاق شامًال وتفصيليًا‪ ،‬وواضحًا في صياغته‪ ،‬ومفهوم ًا ل دى الط رفين‪ ،‬باختي ار األلف اظ الس هلة‬
‫وص ياغتها بأس لوب دقي ق ال لبس في ه‪ ،‬ح تى ال تك ون هن اك مش كالت عن د التنفي ذ‪ ،‬ال ذي ال ب د أن تتح دد‬
‫تواريخه‪ ،‬كما ينبغي تجنب الصيغ المملة بالنسبة إلى القضايا‪ ،‬التي لم يتم االتف اق عليه ا في محاول ة للتموي ه‬
‫بنجاح المفاوضات‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬مرحلة تنفيذ االتفاق‬


‫ال يمكن الحكم على نجاح أي مفاوضات‪ ،‬ما لم يجد االتفاق‪ ،‬الذي ينتج عنها طريقة إلى التقي د ب الواقع‪،‬‬
‫وال بد أن ُيرفق باالتفاق برنامج زمني للتنفيـذ‪ ،‬واألسلوب‪ ،‬الذي س يتم وفق ًا ل ه ه ذا التنفي ذ‪ ،‬من خالل فري ق‬
‫مشترك بين الطرفين‪ ،‬يقوم بمتابعة عملية التنفيذ في مراحله المختلفة‪ ،‬وال بد للمعلومات المتعلقة بالتنفي ذ‪ ،‬أن‬
‫تصل إلى األطراف المتأثرة به‬

‫خامسًا‪ :‬تقويم التفاوض‬


‫بعد نجاح عملية التفاوض وبلوغها مرحل ة التنفي ذ‪ ،‬ال ب د من متابع ة عملي ة التنفي ذ للوق وف على م دى‬
‫االلتزام بمراحله‪ ،‬وحل المشكالت‪ ،‬التي تعترضها‪ ،‬وذلك حتى يمكن التثبت من مدى جدي ة الط رف اآلخ ر‪،‬‬
‫والعمل على حل ما يعترض هـذه العملية من مشكالت‪ .‬ومن أكثر المعوقات‪ ،‬التي تواجه مرحلة التنفي ذ ع دم‬
‫معرفة األطراف المتأثرة باالتفاق بمضمونه‪ ،‬وما يتطلبه منهم هذا االتفاق‪ ،‬ك أن يك ون هن اك اتف اق مثًال بين‬
‫دولتين على تهجير السكان من منطقة معينة متنازع عليها‪ ،‬وال يكون السكان على علم بم ا ي ترتب على ه ذا‬
‫االتفاق‪ ،‬أو أن يكون قد تّم تجاهل ردود أفعالهم‪ ،‬عند التوقيع على االتفاق‪ ،‬مما يجعلهم يتمردون عند محاول ة‬
‫التنفيذ‪ ،‬وإبداء درجة كبيرة من االعتراض‪ ،‬الذي يصل إلى حد العنف‪ .‬ويزيد من خطورة مثل هذه الترتيبات‬
‫ونتائجها‪ ،‬ما يمكن أن يقوم به اإلعالم في إثارة القضية‪ ،‬وبلورتها على أن في االتفاق خرقًا لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫وال بد من األخذ في الحسبان‪ ،‬إمكان تغيير أحد أطراف االتفاق رأي ه في ه‪ ،‬إذا تغ يرت م وازين الق وى‪،‬‬
‫ومالت إلى ص الحه‪ ،‬وق د يب دي تفس يرًا آخ ر لمض مونه‪ ،‬مم ا يه دد بت وتر العالق ات م رة أخ رى‪ ،‬ل ذا يب دو‬
‫ضروريًا االحتفاظ بأي وثيقة اتفاق على اختالف المستوى‪ ،‬الذي يتم عليه هذا االتف اق‪ ،‬ألن ذل ك يع د داعم ا‬
‫رئيسًا في مواقف تفاوضية مستقبلية حول القضية نفسها‪.‬‬

You might also like