You are on page 1of 4

‫سالم هللا علٌكم بداٌة نعلم أن المغرب بدأ رحلته فً وضع المواعد الدستورٌة بعد استمالله‪ ،‬حٌث كان‬

‫من األولوٌات وضع نظام حكم مؤسسة على أسس دستورٌة‪ .‬تطورت الدساتٌر المغربٌة على مر الزمن‬
‫لتعكس التحوالت السٌاسٌة وااللتصادٌة فً البالد‪.‬‬

‫فً عام ‪ ،0691‬تأسس مجلس الدستور لوضع األسس الدستورٌة‪ ،‬ولكن تعثرت أعماله‪ ،‬مما دفع إلى‬
‫إصدار المانون األساسً للمملكة فً عام ‪ .0690‬فً نوفمبر ‪ ،0691‬أعلن الملن الحسن الثانً عن‬
‫استفتاء شعبً العتماد الدستور الجدٌد‪ ،‬مما ألغى فكرة المجلس التأسٌسً ورسخ التوجه نحو‬
‫الشرعٌة الملكٌة فً وضع الدستور‪.‬‬

‫على مر العمود‪ ،‬شهدت الدساتٌر التحوالت لتعكس التحوالت فً المجتمع‪ ،‬مثل تحدٌث الدستور فً عام‬
‫‪ 0669‬الذي شمل تعزٌز حموق اإلنسان وتموٌة المبادئ الدٌممراطٌة‪ .‬تمثل تطورات الدساتٌر المغربٌة‬
‫رحلة مستمرة نحو تحمٌك التوازن بٌن الشرعٌة الملكٌة ومتطلبات المجتمع المتغٌر‪ ،‬وسنموم فً هذا‬
‫العرض بدراسة التحوالت التً شهدتها الدساتٌر من عام ‪ 0691‬إلى ‪ ،0669‬وكذلن تحلٌل دستور‬
‫‪ 1100‬والمستجدات التً جلبها معه‪.‬‬

‫فً المطلب االول متعلك بالتطور الموضوعً للوثٌمة الدستورٌة إلى حدود سنة‪ 0669‬سنتطرق خالل‬
‫هذا المطلب غلى تارٌخ الوثٌمة الدستورٌة المغربٌة منذ دستور سنة ‪0691‬وصوال الى دستور ‪0669‬‬
‫وما عرفته الوثٌمة من تغٌرات وتعدٌالت إضافة إلى االحداث التارٌخٌة التً واكبة ظهورها‪ ،‬لكل هذا‬
‫خصصنا الفمرة االولى للحدٌث عن الدستور ‪ 0691‬ودستور ‪ 0691‬والفمرة الثانٌة سنتناول فٌها‬
‫الدساتٌر الثالث التً ستموم بإللمائها الزمٌلة عائشة من بعدي‬

‫تارٌخٌا‪ ،‬شهد المغرب سلسلة من التحوالت السٌاسٌة والدستورٌة خالل المرن العشرٌن‪ ،‬حٌث تأثرت‬
‫باالستعمار الفرنسً والتغٌٌرات االجتماعٌة وااللتصادٌة‪ ،‬وٌعتبر دستور ‪ 0691‬احد اهم النماط فً هذه‬
‫الرحلة الدستورٌة‪ ،‬اذ انه شكل خطوة هامة نحو التحول من االستعمار الى االستمالل السٌاسً‪.‬‬

‫تم إصدار أول دستور للمغرب فً ‪ 41‬دٌسمبر ‪ 4691‬بعد فترة انتمالٌة من حصول المغرب على‬
‫استمالله فً عام ‪ .4699‬تم إعداد مشروع هذا الدستور بمشاركة الملن الحسن الثانً وخبراء فً‬
‫المانون الدستوري مثل مورٌس دو فرجٌه وجورج فٌدٌن ومشٌل روسً وعبد الهادي بوطالب‪ .‬تمت‬
‫منالشة محتواه مع أعضاء من الحكومة التً شكلها الملن فً ٌونٌو ‪ ،4694‬وتم عرضه على‬
‫ا‬
‫إلباال‬ ‫االستفتاء فً ‪ 7‬دٌسمبر ‪ .4691‬رغم مماطعة االتحاد الوطنً للموات الشعبٌة‪ ،‬شهد االستفتاء‬
‫بنسبة ‪ ،%21.1‬وأٌد ‪ %67‬من المصوتٌن الدستور الجدٌد‪ .‬وكان هذا الدستور هو األساس ألول‬
‫انتخابات برلمانٌة فً العام التالً‪ ،‬عام ‪4691‬‬

‫فً الفترة بٌن عامً ‪ 4699‬و‪ ،4691‬كان هنان صراع سٌاسً فً المغرب حول كٌفٌة تنظٌم الحكم‪.‬‬
‫الملكٌة كانت تسعى للحفاظ على سلطتها‪ ،‬وخاصة بعد االستمالل‪ ،‬وذلن من خالل إعداد دستور جدٌد‬
‫فً عهد الملن الحسن الثانً‪ .‬تم تمدٌم مشروع الدستور لالستفتاء العام فً عام ‪ ،4691‬ولد أكد هذا‬
‫الدستور سلطة الملن وسموه‪ ،‬دون تمٌٌده بشكل كبٌر‪.‬‬
‫بفضل هذا الدستور‪ ،‬تم تحدٌث الحكومة والبرلمان‪ ،‬ولكن مع اإلبماء على سلطة الملكٌة‪ .‬هذا ٌعكس‬
‫دستورا حدٌثاا‬
‫ا‬ ‫نجاح الفكر التملٌدي فً المغرب‪ ،‬وتأكٌد الملكٌة على سلطتها‪ .‬وبالتالً‪ ،‬أصبح للمغرب‬
‫ٌمنح المزٌد من الدٌممراطٌة‪ ،‬وٌتماشى مع الدول اللٌبرالٌة األوروبٌة‬

‫الدستور سنة ‪ 4691‬تألف من ‪ 441‬فصالا تم تناولها فً ‪ 41‬باباا‪ ،‬حٌث أكد الدستور على الطابع‬
‫العربً واإلسالمً والمغاربً واإلفرٌمً للدولة المغربٌة‪ .‬تضمن مبادئ وحمولاا والتزامات ومواثٌك‬
‫المنظمات الدولٌة‪ ،‬وبدأ الدستور بتأكٌد أن المغرب دولة ملكٌة دستورٌة ودٌممراطٌة واجتماعٌة‪.‬‬

‫ٌمكن تلخٌص المضمون العام للدستور فً ثالثة مظاهر رئٌسٌة‪:‬‬

‫البنٌة المؤسسٌة‪ٌ :‬تناول الدستور تنظٌم السلطات الثالثة‪ :‬التنفٌذٌة (الملن والحكومة)‪ ،‬والتشرٌعٌة‬
‫(مجلس النواب ومجلس المستشارٌن)‪ ،‬والمضائٌة (المضاء العادي والدستوري)‪ .‬كما ٌشمل الدستور‬
‫أٌضاا الجماعات المحلٌة‪.‬‬

‫حدود السلطة‪ٌ :‬نص الدستور على الفصل بٌن السلطات واحترام حموق اإلنسان‪ ،‬وٌؤكد على استماللٌة‬
‫المضاء‪.‬‬

‫حموق المواطن‪ٌ :‬ضمن الدستور حمولاا سٌاسٌة والتصادٌة واجتماعٌة للمواطنٌن‪ ،‬مثل حك االنتخاب‬
‫والترشح‪ ،‬وحرٌة الرأي والتعبٌر‪ ،‬وحك التعلٌم والعمل‪.‬‬

‫بهذه الطرٌمة‪ٌ ،‬سعى الدستور المغربً لتأسٌس دولة تتمتع بالدٌممراطٌة وحموق اإلنسان‪ ،‬مع الحفاظ‬
‫على الهوٌة الثمافٌة والدٌنٌة للبالد‪.‬‬

‫الدستور ‪ ،4691‬على الرغم من إلراره للتعددٌة الحزبٌة‪ ،‬لٌّد حرٌة األحزاب السٌاسٌة بسبب تأكٌد‬
‫السلطة الملكٌة التارٌخٌة وسٌادتها المطلمة على الحكم والدٌن فً البالد‪ .‬هذا التحكم الملكً فً صنع‬
‫كبٌرا‪ ،‬ووصلت بعض األحزاب إلى مطالبة بمماطعة االستفتاء‬
‫ا‬ ‫المرار أثار جدال ا واسعا ا وغطا اء سٌاسٌاا‬
‫الشعبً‪.‬‬

‫أثارت هذه الخطوة جدال ا واسعاا‪ ،‬حٌث اعتبرت بعض األحزاب‪ ،‬مثل الحزب الشٌوعً المغربً وحزب‬
‫الشورى واالستمالل والحركة الشعبٌة‪ ،‬أن تجاهل مطالبهم فً صٌاغة الدستور ٌعد خٌانة لها‪ .‬فً‬
‫الممابل‪ ،‬أٌدت بعض األحزاب‪ ،‬مثل حزب االستمالل‪ ،‬وجود دستور ٌمثل منعطفاا نحو نظام دستوري‬
‫واعد‪.‬‬

‫ومع ذلن‪ ،‬لم تستمر هذه التجربة لفترة طوٌلة‪ ،‬حٌث أعلن الملن فً ٌونٌو ‪ 4699‬حالة استثناء‪ ،‬وذلن‬
‫بسبب أحداث الدار البٌضاء فً مارس ‪ 4699‬والتً شهدت احتجاجات بسبب مذكرة وزٌر التربٌة‬
‫الوطنٌة بمنع ولوج التالمٌذ للسلن الثانوي‪ .‬وفً ٌولٌو ‪ ،4671‬أعلن الملن عن تمدٌم مشروع دستور‬
‫جدٌد‪ ،‬حٌث تم إلغاء الدستور المغربً لعام ‪ 4691‬وتنفٌذ الدستور الجدٌد‪.‬‬

‫بهذا‪ ،‬تجسدت التوترات السٌاسٌة والمطالب الدٌممراطٌة فً المغرب خالل هذه الفترة‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫تغٌٌرات دستورٌة وسٌاسٌة متتالٌة‪.‬‬

‫دستور ‪4671‬‬
‫أمام تصاعد االحتجاجات ضد توجهه السلطوي‪ ،‬اتخذ الملن الحسن الثانً منهج العنف الرمزي‬
‫والجسدي لتعزٌز سٌطرته على الحكم‪ .‬أعلن حالة االستثناء فً ‪ٌ 7‬ونٌو ‪ ،4699‬مما منحه حك تعطٌل‬
‫الدستور وحل البرلمان‪ ،‬وهذه الفترة شهدت تمدٌم دستور جدٌد فً ‪ٌ 2‬ولٌو ‪ ،4671‬الذي لم ٌكن‬
‫ٌهدف إلى إعطاء ا‪k‬طاللة الجدٌدة للحٌاة السٌاسٌة‪ ،‬بل كان ٌهدف إلى تعزٌز سلطات الملن على‬
‫حساب المؤسسات األخرى‪ .‬ولد تم اعتماد هذا الدستور بنسبة كبٌرة فً االستفتاء‪ .‬هذا الدستور ٌعتبر‬
‫تراجعا ا بالنسبة للدستور األول‪ ،‬حٌث ٌعمل على تموٌة سلطة الملن على الحكومة والبرلمان‪.‬‬
‫تمت تعدٌالت هامة على المؤسسة الملكٌة لتعزٌز سلطة العرش ووظائف اإلمام‪ ،‬مما ٌعكس توجها ا‬
‫نحو نظام حكم ٌتسم باالستمرار والتوازن بٌن السلطات المختلفة‪ .‬كما تم تعدٌل تنظٌم البرلمان لتحوٌله‬
‫إلى هٌئة تشرٌعٌة واحدة‪ ،‬مع تأكٌد حك المواطنٌن فً المشاركة السٌاسٌة وتحدٌد البرلمان كممثل‬
‫إلرادة الشعب‪ .‬وبالنسبة لحصانة النواب‪ ،‬فمد تم التوازن بٌن حرٌتهم فً أداء واجباتهم وبٌن االلتزام‬
‫بالموانٌن‪ ،‬مما ٌضمن نزاهة العمل البرلمانً واستماللٌة النواب فً اتخاذ المرارات‪.‬‬

‫تم تملٌص صالحٌات البرلمان فً حالة إعالن الحرب‪ ،‬حٌث ٌحصل الملن على سلطة تعلٌك الدستور‬
‫بعد إعالم مجلس النواب بذلن‪ ،‬مما ٌعزز دعم السلطة الملكٌة فً الظروف الطارئة للحفاظ على‬
‫االستمرار الوطنً‪.‬‬

‫بالنسبة للباب الرابع‪ ،‬تبمى النصوص مشابهة للدستور السابك فً تنظٌم الحكومة والعاللات السلطوٌة‬
‫ودور المضاء‪ ،‬مما ٌضمن االستمرار السٌاسً والمانونً وٌحفظ التوازن بٌن السلطات المختلفة‪.‬‬

‫فٌما ٌتعلك بالجماعات المحلٌة‪ ،‬لم تطرأ تغٌٌرات كبٌرة باستثناء بعض التعدٌالت العملٌة‪ ،‬مما ٌعكس‬
‫التوجه نحو تحسٌن إدارة الموارد المحلٌة وتحمٌك التنمٌة المستدامة‪.‬‬

‫تم تغٌٌر الدستور لٌمنح الملن حك اتخاذ المبادرة للمراجعة بدال ا من رئٌس الحكومة والبرلمان‪ ،‬وهو ما‬
‫ٌعكس التوجه نحو تمكٌن الملن من دور أكبر فً صٌاغة السٌاسات الدستورٌة‪.‬‬

‫وفٌما ٌتعلك باألحكام االنتمالٌة‪ ،‬تم تعدٌل فمط فصل واحد (الفصل ‪ )414‬لمنح الملن صالحٌة اتخاذ‬
‫كافة اإلجراءات التشرٌعٌة والتنظٌمٌة فً حالة عدم تواجد البرلمان‪ ،‬مما ٌضمن استمرارٌة العمل‬
‫السٌاسً والتشرٌعً فً حالة فراغ بالسلطة التشرٌعٌة‪.‬‬

‫كانت ردود األفعال متباٌنة تجاه دستور ‪ ،4671‬حٌث كان حزب الحركة الشعبٌة وحزب الدستور‬
‫الدٌممراطً من بٌن المؤٌدٌن للمشروع‪ ،‬بٌنما اكتفى حزب االشتراكً الدٌممراطً بالتجاهل‪ .‬على‬
‫الجانب اآلخر‪ ،‬اعتبرت بعض األحزاب مثل حزب االستمالل وحزب التحرر واالشتراكٌة وحزب االتحاد‬
‫الوطنً للموات الشعبٌة أن الدستور الجدٌد ٌموض الدٌممراطٌة وٌجسد تمنٌناا للحكم المطلك‪ .‬ولد تمكن‬
‫حزب االستمالل واالتحاد الوطنً للموات الشعبٌة من تشكٌل تحالف حول مٌثاق جدٌد‪ ،‬وعمدوا اجتماعاا‬
‫وطنٌاا فً سال فً ٌولٌوز ‪ 4671‬لصٌاغة مولف موحد ضد الدستور‪ ،‬ونجحوا فً إٌماف مشروع‬
‫الدستور فً النهاٌة‪.‬‬

‫صا لصالحٌات الحكومة والبرلمان لصالح تعزٌز سلطة الملن‪ ،‬مما أثار‬ ‫دستور عام ‪ 4671‬شهد تملٌ ا‬
‫اعتراضات وانتمادات بسبب انحٌازه للسلطة الملكٌة على حساب األجهزة الحكومٌة والبرلمانٌة‪ .‬تمت‬
‫تعدٌالت عدٌدة تؤكد على دور الملن كممثل أعلى لألمة‪ ،‬مما أدى إلى تحول البرلمان إلى هٌئة تشرٌعٌة‬
‫واحدة وإلحاق المنظمات النمابٌة والمجالس الجماعٌة بجانب األحزاب السٌاسٌة فً العمل التشرٌعً‪.‬‬
‫كما أصبح الملن ٌمتلن السلطة التنظٌمٌة دون مشاركة الوزٌر األول‪ ،‬وتم التملٌل من دور البرلمان فً‬
‫صنع المرارات‪ ،‬مما أثار استٌاء بعض األحزاب والمواطنٌن الذٌن رأوا فً ذلن انتكاسة عن المسار‬
‫الدٌممراطً السابك‪.‬‬

‫كرس مبادئ‬ ‫باختصار‪ ،‬دستور ‪ 4691‬كان خطوة هامة نحو التشرٌع الدٌممراطً فً المغرب‪ ،‬حٌث ّ‬
‫الحكم الدٌممراطً وحموق المواطنٌن وحدود السلطات‪ .‬كان ٌعتبر تمدما ا ملموسا ا فً طرٌك بناء دولة‬
‫تموم على مبادئ العدالة والمساواة‪.‬‬

‫أما دستور ‪ ،4671‬فمد شهد تملٌصا ا فً صالحٌات البرلمان والحكومة لصالح تعزٌز سلطة الملن‪ ،‬مما‬
‫أثار انتمادات بسبب تحوله إلى نظام شبه ملكً‪ .‬هذا الدستور أدى إلى تراجع فً التمدم الدٌممراطً‬
‫الذي بدأ فً الدستور السابك‪.‬‬

‫ممارنة بٌن الدستورٌن تظهر فارلا ا كبٌراا‪ ،‬حٌث كان دستور ‪ٌ 4691‬ؤكد على مبادئ الدٌممراطٌة‬
‫وتوزٌع السلطات‪ ،‬بٌنما دستور ‪ 4671‬عزز نفوذ الملن على حساب السلطات األخرى‪ ،‬مما أثار‬
‫استٌاء بعض األحزاب والمواطنٌن‪.‬‬

You might also like