You are on page 1of 14

‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬

‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫‪The drug addiction phenomenon: between the motives and the theories explaining‬‬
‫‪them‬‬

‫‪.1‬سارة خلفة ‪ ، Sara khalfa‬جامعة سطيف‪Psy.sara@hotmail.fr ، Univ –setif 2/2‬‬


‫)‬
‫‪.2‬سارة تيتيلة ‪ ،Sarra Titila‬جامعة سطيف‪titila.sarah@gmail.com ، univ-setif 2/2‬‬

‫تاريخ القبول‪/ 05 :‬جانفي‪2021/‬‬ ‫تاريخ االستالم‪/ 29 :‬ديسمبر‪2020/‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة للكشف عن الدوافع الوراثية والنفسية واالجتماعية املؤدية لإلدمان على املخدرات واألطر النظرية املفسرة لها‪ ،‬املتمثلة في النظرية‬
‫الوراثية والتي ترجع اإلدمان على أساس وراثي‪ ،‬في حين ترى نظرية التحليل النفس ي عدم وجود شخصية إدمانية موحدة‪ ،‬وبأن مشكلة السلوك اإلدمانى يخص كل‬
‫البنيات النفسية الذهانية والعصابية والحاالت الحدية‪ .‬بينما يتجه التفسير السلوكي لظاهرة اإلدمان على نظرتي التعلم وخفض التوتر‪ ،‬بينما تذهب نظرية التعلم‬
‫االجتماعي إلى أن الجماعات املرجعية لها دور كبير في بلورة السلوك االجتماعي ومن بينها ظاهرة اإلدمان‪ ،‬وأخيرا تؤكد النظرية املعرفية على أن الناس ال يقعون فجأة‬
‫وبشكل ال يقبل التفسير ضحايا إلدمان املخدرات‪ ،‬حيث أنهم يتطورون بشكل نشط في استخدامهم لها‪ ،‬وتلعب اتجاهاتهم ومعتقداتهم ونواياهم وتوقعاتهم دورا مهما‬
‫في هذا التورط بها‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪ :‬املخدرات‪ ،‬اإلدمان‪ ،‬األطر النظرية‪ ،‬دوافع االدمان‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study aims to uncover the genetic, psychological and social that lead to drug‬‬
‫‪addiction and the theoretical that explaining them, represented by genetic theory, which‬‬
‫‪returns addiction on a genetic basis, while the psychoanalytic theory considers the absence of‬‬
‫‪a unified addictive personality, and that the problem of addictive behavior concerns. While‬‬
‫‪the behavioral explanation theory of addiction is directed it to the learning and reducing‬‬
‫‪stress, however. the social learning theory goes that reference groups have a major role in‬‬
‫‪crystallizing social behavior, including the phenomenon of addiction, and finally the‬‬
‫‪The theory of knowledge confirm that people do not suddenly and inexplicably fall victim to‬‬
‫‪drug addiction. As they actively develop in their use of it, and their attitudes, beliefs,‬‬
‫‪intentions and expectations play an important role in this involvement.‬‬
‫‪Keywords: Addiction; Drugs; theoretical frameworks; Addictive motives‬‬

‫ص ‪67‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫مقدمـ ـ ـ ــة‪:‬‬
‫تعرف املجتمعات اليوم العديد من التغيرات والتحديات على مختلف االصعدة وامليادين االقتصادية منها‬
‫والسياسية والثقافية واالجتماعية ‪ ،...‬وان كان التغيير أمر طبيعي كشريعة كونية‪ ،‬فإن التحديات واملشاكل تختلف‬
‫من مجتمع إلى أخر وفق تطعيمه وحصانته‪ ،‬وكيفية رصده لها والبحث عن حلول وميكانزمات لتجاوزها‪.‬‬
‫وتعد ظاهر ة االدمان على املخدرات من الظواهر الخطيرة التي استفحلت في كل املجتمعات وباتت كالطاعون‬
‫ً‬
‫تنخر في أجزاءه‪ ،‬فوفقا ألطلس منظمة الصحة العاملية‪(-‬الوحدة الخاصة)‪ ،‬فإن نسبة ‪% 5,7-%3,5‬ممن تتراوح‬
‫يقدر ما بين ‪ %10‬و‪%15‬‬ ‫أعمارهم بين ‪ 15‬و ‪ 64‬سنة على الصعيد العالمي يستخدمون مخدرات غير مشروعة‪ ،‬بينما َّ‬
‫‪1‬‬
‫منهم يصابون باالعتماد أو بنمط من االستخدام الضار‪.‬‬
‫لتعاني كل الدول املتقدمة واملتخلفة من مخاطر هذه الظاهرة‪ ،‬ما دفع العديد من املتخصصين والخبراء‬
‫للبحث في دوافعها ومسبباتها‪ ،‬إليجاد تفسيرات من شأنها االجابة عن تساؤالت لطاملا اثار ت الجدل وأسالت الحبر‬
‫في العديد من الدراسات ومن أهمها؛ هل املدمن شخصية غير سوية يجب عقابه والتخلص منه‪ ،‬ام ان ادمان‬
‫املخدرات وتعاطيها هو ظاهر اجتماعية ونفسية ووراثية‪ ،‬أو هو طريقة دفاعية للهروب من براثن واقع مرير‪ ،‬وان كان‬
‫كذلك فلماذا يتعاطى االغنياء املخدرات واملشاهير‪ ،‬وإن كل هذه التساؤالت وغيرها تضعنا أمام تعقد املشكلة وتشعب‬
‫مؤشراتها‪.‬‬
‫ولقد قطعت الدول املتقدمة أميال كبيرة في البحث عن جذور املشكلة واليقظة بكافة مسبباتها وتأثيراتها‬
‫على املجتمع إليجاد حلول واستراتجيات كفيلة للتخلص أو التخفيف من حدتها‪ ،‬بينما حاولت الدول النامية استيراد‬
‫هذه الدراسات الجاهزة وتطبيقها في املجتمع‪ ،‬رغم خواصه املغايرة‪ ،‬ما يدفعنا ملحاولة رصد والتعريف بأهم نظريات‬
‫االدمان على املخدرات املفسرة لها ومناقشتها‪ ،‬ايمانا منا بما تحمله هذه القضية من أبعاد سلبية وأثار وخيمة‬
‫على مستقبل أبنائنا ومستقبل وطننا‪.‬‬
‫اشكالية الدراسة ‪:‬‬
‫يعتبر االدمان على املخدرات من بين أهم املواضيع التي أثارت اهتمام الباحثين في مختلف التخصصات‬
‫الوراثية والنفسية واالجتماعية ‪ ،...‬محاولين البحث في أصولها وأسبابها وطرق عالجها‪ .‬القتراح جملة من النظريات‬
‫املفسرة لها ملساعدة هذه الفئة واملجتمع ككل‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬ونظرا ملخاطر االدمان على املخدرات على الفرد واملجتمع‪ ،‬وقلة املراجع العربية التي تعالج‬
‫النظريات املفسرة لها‪،‬حاولنا من خالل هذه الدراسة اإلحاطة بهذه الظاهرة من خالل اإلجابة التساؤل املركزي‪:‬‬
‫ما هي الدوافع واألطر النظرية املفسرة لظاهرة تعاطي املخدرات؟‬
‫وتتفرع منه مجموعة من التساؤالت الفرعية ‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي الدوافع املؤدية لظاهرة اإلدمان املخدرات؟‬
‫‪ -‬كيف تفسر النظرية الوراثية ظاهرة تعاطي املخدرات؟‬
‫‪ -‬كيف تفسر نظرية التحليل النفس ي ظاهرة تعاطي املخدرات؟‬
‫‪ -‬كيف تفسر النظرية السلوكية ظاهرة تعاطي املخدرات؟‬
‫‪ -‬كيف تفسر النظرية التعلم االجتماعي ظاهرة تعاطي املخدرات؟‬
‫‪ -‬كيف تفسر النظرية املعرفية ظاهرة تعاطي املخدرات؟‬

‫ص ‪68‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫‪ -‬كيف تفسر النظرية االجتماعية ظاهرة تعاطي املخدرات؟‬
‫‪ -2‬أهمية الدراسة ‪:‬‬
‫‪ .‬تنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية املوضوع الذي يتناول "الدوافع واألطر النظرية املفسرة لظاهرة‬
‫اإلدمان على املخدرات"‪ ،‬ففي ظل تزايد عدد املتعاطين واملدمنين على هذه السموم القاتلة‪ ،‬حيث "كونها مست هذه‬
‫الظاهرة ‪ 220‬مليون شخص في العالم أي ما يعادل ‪ %3‬إلى ‪2 ،"%5‬ما دفع العديد من املتخصصون في مختلف‬
‫املجاالت لالهتمام بها وفي هذا اإلطار حاولنا من خالل هذه الورقة الكشف عن مختلف األسباب والعوامل املؤدية‬
‫بالشباب إلى اإلدمان عليها من خالل طرح مجموعة من النظريات واملقاربات التي شخصت هذه الظاهرة ومن أهمها‬
‫الوراثية والتحليلية( التحليل النفس ي) و االجتماعية‪ ،‬والسلوكية ‪ ،‬واملعرفية‪...‬‬
‫‪ -3‬أهداف الدراسة‪ :‬تهدف الدراسة للكشف عن‪:‬‬
‫‪ -‬الدوافع املؤدية لظاهرة اإلدمان املخدرات؛‬
‫‪ -‬تفسير النظرية الوراثية لظاهرة تعاطي املخدرات؛‬
‫‪ -‬تفسير نظرية التحليل النفس ي لظاهرة تعاطي املخدرات؛‬
‫‪ -‬تفسير النظرية السلوكية لظاهرة تعاطي املخدرات؛‬
‫‪ -‬تفسير النظرية التعلم االجتماعي لظاهرة تعاطي املخدرات؛‬
‫‪ -‬تفسير النظرية املعرفية لظاهرة تعاطي املخدرات؛‬
‫‪ -‬تفسير النظرية االجتماعية لظاهرة تعاطي املخدرات‪.‬‬
‫‪-4‬مفاهيم ومصطلحات الدراسة‪:‬‬
‫‪ 1-4‬مفهوم االدمان‪ :‬واإلدمان لغة هو دمن علة الش يء لزمه وأدمن شرابه وغيره‪ ،‬أدامه ولم يقلع عنه‪ ،‬ويقال أدمن‬
‫‪3‬‬
‫األمر‪ ،‬واظب عليه‪.‬‬
‫واصطالحا قد عرفت منظمة الصحة العاملية االعتماد(االدمان) بأنه‪ :‬حالة من التسمم الدوري أو املزمن‬
‫الضار للفرد واملجتمع‪ ،‬وينشأ بسبب االستعمال للعقار الطبيعي أو املصنع‪ ،‬ويتصف بقدرته على إحداث رغبة‪ ،‬أو‬
‫حاجة ملحة‪ ،‬ال يمكن قهرها أو مقاومتها‪ ،‬لالستمرار في تناول العقار والسعي الجاد للحصول عليه بأي وسيلة ممكنة‪،‬‬
‫لتجنب اآلثار املزعجة املترتبة على عدم توفره‪ ،‬كما يتصف بامليل نحو زيادة كمية الجرعة‪ ،‬ويسبب حالة من االعتماد‬
‫النفس ي أو العضوي على العقار‪ ،‬وقد يدمن املتعاطي على أكثر من مادة واحدة‪(.‬اتجاهات الشباب البطال نحو تعاطي‬
‫‪4‬‬
‫املخدرات ‪.‬‬
‫‪ 2-4‬مفهوم املخدر‪ :‬هناك مجموعة من التعريفات االصطالحية للمخدرات‪ ،‬منها أنها‪:‬‬
‫املادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقد الوعي أو دونه‪ ،‬وتعطي هذه املادة شعورا كاذبا‬
‫بالنشوة والسعادة‪ ،‬مع الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال‪.‬‬
‫مجموعة من العقاقير التي تؤثر على النشاط الذهني والحالة النفسية ملتعاطيها إما بتنشيط الجهاز العصبي‬
‫املركزي أو بابطاء نشاطه او بتسببها للهلوسة والتخيالت وهذه العقاقير تسبب االدمان وينتج عن تعاطيها الكثير من‬
‫‪5‬‬
‫مشكالت الصحة العامة واملشكالت االجتماعية( التصنيف الدولي لالضطرابات النفسية ‪ ICD10‬اإلصدار العاشرة‪.‬‬

‫ص ‪69‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬

‫‪ 3-4‬اإلدمان عن املخدرات من الناحية اإلجرائية وتقصد به الباحثة تناول للمادة املخدرة بشكل مستمر‬
‫ومنتظم خالل فترات زمنية محددة بحيث تحدث للمتعاطي النشوة واملتعة املرغوب فيها مما ينعكس سلبا على ححته‬
‫النفسية والعقلية والجسدية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬العوامل والدوافع املؤدية إلى تعاطي املخدرات‪:‬‬
‫من خالل استقرائنا للمداخل النظرية املفسرة ملشكلة تعاطي املخدرات واإلدمان عليها‪ ،‬نجد أنه من الصعب‬
‫إرجاع هذه املشكلة لسبب واحد ومحدد‪ ،‬كما ال يوجد لها سبب مباشر‪ ،‬بل ثمة أسباب عديدة وراثية ونفسية‬
‫واجتماعية وأخرى بيئية واقتصادية تتداخل بعضها ببعض لتقدم لنا التفسير املناسب للمشكلة ويمكن تقسيمها‬
‫كاآلتي‪.‬‬
‫‪ 1-5‬العوامل الوراثية‪:‬‬
‫وثمة بعض الدراسات والنظريات التي ترجع جزءا من دوافع االنحراف واإلجرام إلى هذه العوامل التي تتركز‬
‫حول نظرية الوراثة والجينات الوراثية التي يكتسبها الفرد من األسرة‪ ،‬وقد أكدت دراسة قام بها العالم (دوجدال)‬
‫ألسرة أمريكية كان فيها األب مدمنا على املخدرات أن تاريخ العائلة على مدى عدة أجيال كان غنيا باالنحرافات ما بين‬
‫اإلجرام والدعارة واإلدمان والتشرد واألمراض العقلية‪.‬‬
‫كذلك بينت بعض اإلحصائيات أن اإلدمان على املخدرات وتعاطي الخمور لهما تأثير بيولوجي على السلوك‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫وهذا التأثير الخطير ينتقل إلى األبناء واملجتمع بأسره‪.‬‬
‫‪-2-5‬العوامل النفسية‪ :‬وتتمثل فيما يلي‬
‫‪-‬شخصية املدمن‪:‬‬
‫يرجع الكثير من الباحثين أسباب اإلدمان إلى سمات معينة تعتبر من العوامل املساهمة في إدمان املخدرات‪،‬‬
‫فأسباب اإلدمان ولو تنوعت ال تعدو أن تكون ذات داللة على أن املدمنين يتميزون بخلل واضطراب في الشخصية‬
‫حيث يرى "رأفت عسكر" أن هناك عالقة وثيقة بين اضطرابات الشخصية وتعاطي األشخاص للمخدرات ليخففوا‬
‫من حدة اضطراباتهم أو ربما ليزيدوا من تفاعلهم مع البيئة التي يعيشون فيها كي تساعدهم املخدرات على توافقهم‬
‫أكثر مع حياتهم‪.‬‬
‫ولقد دلت العديد من الدراسات في هذا املجال على وجود عالقة بين اضطرابات الشخصية وإدمان املخدرات‪،‬‬
‫ومن بين هذه الدراسات نذكر بإيجاز ما يلي‪:‬‬
‫الدراسة التي أجراها سعد املغربي (عام‪ )1966‬عن "سيكولوجية تعاطي األفيون" التي تبين منها أن إدمان‬
‫األفيون هو عرض الضطرابات عنيفة في الشخصية‪ ،‬وفي الدراسة التي أجراها "مخرجي وشرر" عن "شخص ي املدمن"‬
‫والتي أجريت على (‪ )36‬طالبا جامعيا و(‪ )36‬طالبة جامعية من متعاطي األفيون وجد فروق بين غير املتعاطين ألي‬
‫عقار وبين متعاطي األفيون في درجة استبصار الذات‪ ،‬كما توصل "هلر"وموردكوف" "‪"Heller and Mordmoff‬‬
‫عام (‪ )1982‬إلى وجود سمتين لشخصية املدمنين‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫األولى السيكوباتي‪ ،‬والثانية هي الشخصية املضادة للمجتمع‪.‬‬
‫وفي يلي عرض ألهم تصنيفات الشخصية االدمانية‬
‫‪-‬الشخصية املتهيبة اجتماعيا ‪SchizoidPersonality‬‬

‫ص ‪70‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫املتهيب أو الهياب اجتماعيا ‪ SociallyPhobic‬شخص خجول يفضل العزلة ويهرب من الناس ومن‬
‫التجمعات‪ ،‬وال يقوى على مواجهتهم وال يقوى على التعبير عن رأيه ويشعر باضطراب شديد حين يضطر للتعامل مع‬
‫الناس في ظروف اضطرارية‪ ،‬وقد يكتشف هذا اإلنسان أن إحدى املواد املخدرة تزيل خجله‪ ،‬وتلغي توتره وتطلق‬
‫لسانه وتهدئ من فزع قلبه‪ ،‬فيستطيع التعامل مع الناس بسهولة وبدون خجل‪ ،‬ويجد نفسه مضطرا الستعمال هذه‬
‫املادة كلما اضطرته الظروف ملواجهة مسئولياته مع الناس‬
‫وهذا ما يجعله يلجأ إليها بشكل متقطع أو مستمر‪ ،‬وقد يقوده سوء االستعمال لهذه املادة إلى التعود عليها أو‬
‫إدمانها‪ ،‬ولكن ال عالج لحالته إال هذه املادة التي يعرف أنها تغير من شخصيته تماما فينعم ولو لوقت قصير بنعمة‬
‫‪8‬‬
‫التعامل الجري بال خوف من الناس‪.‬‬
‫‪-‬الشخصية االكتئابية‪DepressivePersonality‬‬
‫يمتاز صاحب هذه الشخصية بمزاج هابط معظم ساعات النهار‪ ،‬والشعور الدائم بالتعب وفقدان الطاقة‪،‬‬
‫كذلك بتناقص في القدرة على التركيز‪ ،‬والتردد وعدم القدرة على القرارات الحاسمة‪ ،‬وتكون لديه مشاعر من اليأس‬
‫واإلحباط الدائم‪ ،‬وهذا اإلنسان معرض لنوبات حادة من هبوط املعنويات لعدة أيام قد يقاومها بإحدى املواد‬
‫املخدرة أو املنشطة بشكل متقطع أو مستمر‪ ،‬وقد يقود سوء االستعمال ملثل هذه املواد إلى التعود عليها أو إدمانها‬
‫ولكن ال سوى له إال هذه املادة التي يعرف أنها ترفع معنوياته وتجلب له بعض السرور الذي يفقده بشكل دائم‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫واملدمن عموما مكتئب ويلجأ للمخدرات للتخفيف من حدة اكتئابه‪.‬‬
‫‪-‬الشخصية السيكوباتية‪PsychopathicPersonality:‬‬
‫ما يميز أححاب هذه الشخصية عدم اإلحساس بما هو صواب وما هو خطأ فهم يميلون إلى معيشة اللحظة‬
‫الراهنة فقط ويرغبون في لذة فورية من الدوافع العابرة دون التأجيل‪ ،‬وتتصف بالالمباالة والكذب والخداع‪ ،‬ويسعى‬
‫الشخص السيكوباتي نحو تحقيق ملذاته وإرضاء نزواته‪ ،‬وعلى حساب كل القيم املتعارف عليها من مجتمعه‪ ،‬فهو‬
‫يسرق‪ ،‬يرتش ي‪ ،‬يؤذي‪ ،‬يدمن يفعل أي ش يء دون أن يتحرك لديه أدنى إحساس بألم أو ندم وبشكل عام فان‬
‫السيكوباتي ال يتعلم من أخطائه وال يجدي معه العقاب‪.‬‬
‫وقد تطرق العديد من العلماء لدراسة خصائص الشخصية السيكوباتية منهم "رابين" الذي حدد هذه‬
‫الخصائص فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬نقص الضمير‬
‫‪ -‬عدم اإلفادة من التجارب السابقة‬
‫‪ -‬عدم وجود خطة ثابتة للحياة‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬العجز عن الحب‪.‬‬
‫‪-‬الشخصية القلقة‪:‬‬
‫تعاني هذه الشخصية من القلق والتوتر‪ ،‬وسهولة االستثارة والعصبية واالندفاع وعدم الصبر مما يعرضه‬
‫للخطأ‪ ،‬وغالبا ما يدمن الشخص املكروب حتى يقلل من مشاعر القلق والتوتر ليحل محلها االسترخاء والطمأنينة‪،‬‬
‫حيث يكتشف أن بعض املواد املخدرة تزيل كل التوترات وتجعله هادئا باردا ومسترخيا ومتأنيا‪ ،‬ويجد نفسه مضطر‬
‫الستعمال مثل هذه املواد ومن ثمة التعود عليها أو إدمانها‪ .‬ولكن ال خالص له من عذابه إال بهذه املواد املخدرة التي‬
‫‪11‬‬
‫تمحو كل مشاعر القلق والتوتر وتحل محلها االسترخاء والطمأنينة‪.‬‬
‫‪-‬الشخصية املغتربة‪:‬‬
‫ص ‪71‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫يتمثل االغتراب في شعور اإلنسان بانفصاله عن ذاته أو عن اآلخرين أو كليهما‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى اليأس‬
‫والقنوط والعجز وفقدان املعنى وعدم اإلحساس بالقيمة‪ ،‬ويعتقد الشخص الذي تنطبق عليه هذه الحالة أن‬
‫‪12‬‬
‫املخدرات يمكن أن تساعده على أن يحقق تقديرا أعلى لذاته‪ ،‬وتجلب له تقدير الجماعة له على نحو يرضيه‪.‬‬
‫ووجد كذلك أن هناك مالمح معينة تميز شخصية املدمن‪:‬‬
‫‪ ‬عدم النضوج االنفعالي‪ :‬يتميز املدمن بعدم قدرته على االعتماد على نفسه‬
‫‪ ‬الشخصية النرجسية‪ :‬فالشخص املدمن يتميز بشخصية نرجسية تريد أن تحقق كل ما تريده فورا وفي‬
‫الحال‬
‫‪ ‬الشخصية املريضة جنسيا‪ :‬في هذه الحال يكون اإلنسان(الشخص املدمن) مصاب بالضعف الجنس ي‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫فيخدر نفسه هربا من مشاكله‪.‬‬
‫وهناك عوامل أخرى متعلقة دائما بشخصية املدمن وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ ‬ضعف الوازع الديني‪:‬إذ يعد الدين بما يحمله من مبادئ وتعاليم سمحة إحدى أبرز آليات الضبط‬
‫االجتماعي للفرد‪ ،‬فهو كما يزوده بمنظومة قيمية تجعل منه فردا صالحا في املجتمع‪ ،‬فهو يعمل على تقويم سلوكه‬
‫وضبطه كلما حاد عن الطريق الصحيح‪ ،‬وقد كشفت كثير من الدراسات أنه كلما كانت درجة التدين لدى الفرد عالية‬
‫‪14‬‬
‫كلما قل اتجاهه نحو االنحراف وتعاطي املخدرات والعكس ححيح‪.‬‬
‫‪ ‬حب اإلثارة‪:‬إذ تروج كثير من األقاويل أن املخدرات تلهب مشاعر اللذة‪ ،‬وتحدث متعة عارمة لدى ممارسة‬
‫الجنس‪ ،‬فيقبل الشباب عليها بشغف طلبا ملزيد من اإلثارة واللذة‪.‬‬
‫‪ ‬امللل‪ :‬إن الحياة الروتينية‪ ،‬وغياب مشاريع مستقبلية‪ ،‬والفراغ النفس ي وتدني الطموح قد يجعل من‬
‫املخدرات مهربا‬
‫‪-‬األمراض النفسية والجسمية‪:‬‬
‫وهي حاالت مرضية يضطر املريض فيها إلى التعامل مع بعض أنواع األدوية‪ ،‬ولكن االستعمال املتكرر دون‬
‫مراقبة طبية‪ ،‬يمكن أن يؤدي إلى استعمال تلك األدوية لغرض آخر غير التداوي‪ ،‬مما قد يوقع صاحبه في بؤرة‬
‫‪15‬‬
‫التعاطي‪.‬‬
‫‪ ‬حب التقليد‪:‬قد يرجع ذلك إلى ما يقوم به بعض املراهقين من محاوالت إلثبات ذاتهم وسعيهم للوصول‬
‫إلى الرجولة قبل أوانها عن طريق تقليد الكبار‪ ،‬وخاصة األفعال املتعلقة بتعاطي املخدرات من أجل إطفاء طابع‬
‫‪16‬‬
‫الرجولة عليهم أمام الزمالء أو الجنس اآلخر‪.‬‬
‫‪ 3-5‬العوامل االجتماعية‪:‬‬
‫يقصد بالعوامل االجتماعية جميع الظروف واملتغيرات التي تحيط بالفرد منذ والدته وعبر مراحل حياته‬
‫املختلفة‪ ،‬وهي متعددة ومختلفة في آن واحد ويتداخل في معطياتها عدة متغيرات متباينة األدوار ومتفاوتة األداء‪،‬‬
‫ترتبط جميعها بالبيئة االجتماعية املحيطة بالفرد‪ ،‬والتي يمكن إدراجها فيما يلي‪:‬‬

‫ص ‪72‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫‪-‬األسرة‪:‬‬
‫بما أن األسرة هي الفضاء األول والرئيس ي الذي يتعلم فيه الفرد السلوك السوي والسلوك املنحرف‪ ،‬فلقد أولى‬
‫لها العلماء والباحثون نصيبا وافرا من البحث واالهتمام في مجال تأثيرها على اتجاه األفراد نحو تعاطي املخدرات‬
‫واإلدمان عليها‪ .‬إذ ال يختلف اثنان في أن األسرة هي الخلية األولى التي ينمو فيها الطفل ويكتسب أنماط السلوك التي‬
‫تؤهله للتكيف مع املجتمع‪ ،‬حيث يتعلم منها عادات وتقاليد وقيم املجتمع ومنها يتعلم الحالل والحرام‪ ،‬املستحب‬
‫واملستهجن‪ ،‬وعن طريقها يعرف الفضيلة والرذيلة والسلوكات الحسنة والقبيحة‪.‬‬
‫تقوم األسرة بدور رئيس ي في عملية التطبيع االجتماعي للشباب‪ ،‬فهي الجماعة التي يرتبط فيها بأوثق العالقات‬
‫باعتبارها املؤسسة األولى املسؤولة على عملية التنشئة االجتماعية‪ ،‬فالفرد يقض ي في األسرة وقتا أكثر مما يقضيه في‬
‫املدرسة ومع أقرانه أو في العمل‪ ،‬لذلك فالخلفية األسرية التي يهيئها الوالدان لها تأثير بالغ على نمو شخصية الشاب‬
‫وتوازنها‪ ،‬وتكوين منظومة املبادئ والقيم االجتماعية والدينية والثقافية التي تجعل سلوك الفرد سلوكا سويا متوازنا‪،‬‬
‫ومتكيفا مع نظام املجتمع‪ .‬لذا فانه ال يمكن ألي جماعة أن تحل محل األسرة في إعداد أفراد صالحين أسوياء‪ .‬فإذا‬
‫استمرت األسرة في تربية أبنائها تربية اجتماعية سليمة فقد يساعد ذلك على الحيلولة بين أفرادها وبين أنماط‬
‫السلوك االنحرافي‪ ،‬وإن أخفقت في طريقة تربيته لتحقيق أهدافها فقد تكون النتيجة فتح البوابة الرئيسية النحرافهم‬
‫نحو طرق السوء والضياع التي تقودهم إلى سبل االنحراف الكثيرة والتي منها تعاطي املخدرات ومن بين تلك العوامل‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تفكك األسرة وانحالل الروابط العائلية في حاالت كثيرة مثل وفاة أحد الوالدين أو كليهما أو عمل األم‬
‫لفترات طويلة خارج املنزل‪ ،‬وغياب األب عن البيت لفترات متواصلة‪ ،‬وزواج األب بأكثر من واحدة‪ ،‬مع قسوة زوجة‬
‫األب‪ ،‬وعدم االست قرار العاطفي‪ ،‬وفقدان االحترام املتبادل بين أفراد األسرة كل هذا يؤدي إلى تراجع الرقابة األسرية‪،‬‬
‫وتنعكس نتائجه على األبناء مما يؤدي إلى التشرد واللجوء إلى السرقة وتعاطي املخدرات‪ ،‬وتدل معظم الدراسات على‬
‫أن الطالق من العوامل املسببة للتصدع األسري وانحراف األبناء‬
‫‪ -‬جهل الوالدين بأساليب التربية وعدم القدرة على النصح والتوجيه لألبناء‪ ،‬أو اإلهمال والنبذ أو الحماية‬
‫الزائدة والتدليل املفرط واالعتماد الدائم على الوالدين‪ ،‬وعدم االعتدال في التعامل مع األبناء بين القسوة واللين‪،‬‬
‫‪17‬‬
‫جميعها تولد عند بعض األوالد شخصية عدوانية تسلطية تعجز عن التفاعل مع املجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬املشاكل األسرية‪ :‬فانعدام الضبط االجتماعي داخل األسرة يشكل احتمالية للوقوع في تعاطي املخدرات‪،‬‬
‫كما أن املشاكل األسرية التي تخلق جوا أسريا مضطربا ومنفرا يدفع إلى التهرب من املنزل‪ ،‬ويتيح فرص لتعاطي‬
‫‪18‬‬
‫املخدرات ومن ثم إدمانها لنسيان تلك املشاكل والهروب منها‪.‬‬
‫العالقات السيئة بين الوالدين واألبناء‪ ،‬وما ينتج عنها من خالفات ومشاجرات مستمرة تؤدي إلى سوء‬ ‫‪-‬‬
‫تكيف الصغار وكثير من أشكال السلوك الخاطئ للكبار‪ ،‬وذلك يدفع األبناء إلى االنحراف واإلدمان‪.‬‬
‫‪ -‬سفر أولياء األمور أو اآلباء للخارج‪ ،‬أو عدم تواجدهم ا في محل إقامة واحدة‪ ،‬يعتبر من أكثر العوامل التي‬
‫‪19‬‬
‫تدفع باألبناء إلى اإلدمان‪.‬‬

‫ص ‪73‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫‪ -‬إدمان أحد الوالدين للمخدرات أو املسكرات يؤثر تأثيرا مباشرا على الروابط األسرية نتيجة ما تعانيه‬
‫األسرة من الشقاق والخالفات الدائمة لسوء العالقات بين املدمن وبقية أفراد أسرته مما يدفع األبناء إلى االنحراف‬
‫‪20‬‬
‫والضياع‪.‬‬
‫‪-‬تأثير الحي السكني‪:‬‬
‫إذ إن طبيعة املنطقة واملجتمع الذي يوجد فيها لها تأثير كبير خاصة إذا ما كانت املنطقة موبؤة ويكثر مثل هذا‬
‫في املناطق الهامشية أو الفقيرة أو املناطق العشوائية نتيجة ملا تعانيه من أمراض ححية ونفسية واجتماعية وأزمات‬
‫‪21‬‬
‫اقتصادية‪ .‬ففي مثل هذه املجتمعات يصبح التعاطي واإلدمان أمرا معتادا دون أي حياء أو خوف‪.‬‬
‫‪-‬جماعة الرفاق‪:‬‬
‫تلعب جماعات الرفاق واألصدقاء دورا مهما في عملية تعاطي املخدرات‪ ،‬وتبرز تلك األهمية إذا علمنا أن‬
‫املوقف االجتماعي الذي غالبا ما يحيط بأول مرة ملمارسة التعاطي قد اتصف بأنه عادة ما يكون جلسة أححاب‪،‬‬
‫فعضوية الفرد في الجماعة تتيح له فرصة محاولة تجربة املخدر فضال عن وجود متعاطين آخرين بالفعل داخل‬
‫الجماعة يشجعونه‪ ،‬وأحيانا ما يدفعونه إلى التعاطي‪ ،‬ويصبح التعاطي في حد ذاته مفتاح االستمرار في عضوية تلك‬
‫‪22‬‬
‫لجماعة‪.‬‬
‫‪ 4-5‬عوامل خاصة باملادة املتعاطاة‪:‬‬
‫‪ ‬توفر املخدر وسهولة الحصول عليه‪ :‬مما يجعل سعره في متناول الكثيرين فتتسع بالتالي الفرصة للتعاطي‬
‫واإلدمان‪.‬‬
‫‪ ‬طريقة التعاطي مثل تعاطي املخدرات بالفم أو الشم فانه يسهل اإلدمان عليها‪ ،‬بينما يقلل استخدامها بطريقة‬
‫الحقن من فرص اإلدمان يضاف إلى ذلك مرات التعاطي‪ ،‬فالتعاطي املستمر واليومي يزيد من فرص اإلدمان‬
‫بخالف االستخدام املؤقت والذي يحدث في املناسبات كاألعياد واألفراح وغيرها فانه يقلل من فرص اإلدمان‪.‬‬
‫‪ ‬نظرة املجتمع للمادة املخدرة‪ ،‬كأن ينظر إليها بش يء من التسامح لسبب غير ححيح مثل الظن بأن اإلسالم‬
‫حرم الخمر ولم يحرم املخدرات ألنه لم يرد لها ذكر في القران وال في السنة‪ ،‬وهو ظن خاطئ‪.‬‬
‫‪ ‬الخواص الكيميائية والبيولوجية للمخدر‪ ،‬فقد ثبت علميا أن لكل مخدر خواصه وتأثيراته املختلفة على‬
‫اإلنسان‪ ،‬كذلك ثبت أن أي شخص بعد أن يستخدم أنواعا مختلفة من املخدرات فانه ال يلبث أن يفضل‬
‫"صنفا" منها ويدمن عليه‪ ،‬وذلك لوجود نوع من التوافق بين هذا املخدر وتأثيراته من جهة وشخصية هذا‬
‫اإلنسان من جهة أخرى‪ ،‬لدرجة أنه قيل إن الشخص يبحث عن املخدر الذي يناسب شخصيته‪ ،‬وهو ما يقول‬
‫عنه العوام "املزاج"‬
‫فالشخص املصاب باالكتئاب يستخدم مخدرات تسبب له اإلحساس بالرضا والسرور والتعالي‪ ،‬في حين أن‬
‫الشخص الذي يعاني من التفكك الداخلي في الذات واضطراب في العالقات باآلخرين أو في الوجدان واملشاعر وهو ما‬
‫‪23‬‬
‫يعرف بـ ـ "الشخصية الفصامية" يفضل املخدرات التي تساعده على إعادة االنتظام واإلحساس بالواقع‪.‬‬
‫نستخلص مما تم ذكره أن املخدرات ظاهرة مرضية اجتماعية تتداخل فيها مجموعة من العوامل‪ ،‬فمنها ما‬
‫يتعلق بالعوامل النفسية التي ترجع لشخصية املدمن منها القلق واالكتئاب وحب االستطالع وامللل وضعف الوازع‬

‫ص ‪74‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫الديني‪ ...‬الخ‪ ،‬ومنها كذلك ما يتعلق بالعوامل االجتماعية وبالتحديد العوامل األسرية كالشجارات والخالفات العائلية‪،‬‬
‫جهل الوالدين بأساليب التربية الصحيحة والقدوة السيئة للوالدين نحو أبنائهم‪...‬كذلك العوامل االقتصادية سواء‬
‫متعلقة باألسرة أو املجتمع كلها عوامل تسهم بشكل كبير في تفاقم من حجم هذه الظاهرة‪.‬‬
‫‪ -6‬النظريات املفسرة لسلوك اإلدمان على املخدرات‬
‫لإلدمان أسباب تتمثل في دوافعه املتعددة واملتباينة‪ ،‬وملا كانت لإلدمان أبعاده البيولوجية والسيكولوجية‬
‫واالجتماعية والبيئية فقد جاءت الكثير من النظريات العلمية املفسرة لهذه الظاهرة وموضحة ملسبباتها‪ ،‬وفقا لكل‬
‫جانب علمي ومعرفي من جوانبها املتعددة‪ ،‬وفيما يلي سنعرض مجموعة من املداخل النظرية لتفسير إدمان املخدرات‬
‫والتي هي كالتالي‪:‬‬
‫‪-1-6‬النظرية الوراثية‪:‬‬
‫تفسر هذه النظرية فكرة اإلدمان على أساس وراثي‪ ،‬أي أن خاصية اإلدمان تنتقل من اآلباء إلى األبناء كما هو‬
‫الحال بالنسبة للصفات الوراثية األخرى‪.‬‬
‫وقد استمدت أدلتها انطالقا من دراسة الحيوانات في املختبر‪ ،‬ودراسة التاريخ العائلي ودراسة التوائم‪ ،‬ودراسة‬
‫التبني‪ ،‬ودراسة السمات السلوكية والنفس عصبية‪ ،‬وتؤكد هذه النظرية أنه تم التمكن من مالحظة أن الفئران التي‬
‫تعلم آباؤها إدمان املخدرات‪ ،‬كانت تدمن أيضا هذه املواد دون تدريب‪ ،‬وهو ما أوضحته دراسة (ولكر ‪ ،)Walker‬كما‬
‫أكد نفس الباحث أن نسبة حدوث اإلدمان ألبناء من آباء يتعاطون املخدرات تتراوح بين (‪ 13‬و‪ )17‬أمثال نسبة‬
‫حدوث ذلك من أبناء آباء ال يتعاطون املخدرات‬
‫وهذا يعني أن امليول االدمانية تظهر عند األفراد من نفس العائلة‪ ،‬وقد أوضحت هيئة األمم املتحدة في دراسة‬
‫على األطفال واملخدرات‪ ،‬أن آالف األطفال في العالم يولدون مدمنين على الهيروين بسبب إدمان أمهاتهم على هذا‬
‫‪24‬‬
‫املخدر‪ ،‬فيكون أول ش يء يعرفونه في العالم هو األلم الحاد بسبب االنقطاع عن تعاطيه‪.‬‬
‫وأخيرا يمكننا القول بأن أححاب هذه النظرية يرجعون سلوك التعاطي إلى دور املوروثات التي حملها‬
‫املتعاطي من الوالدين أو من األسرة املدمنة والدور الذي يمكن أن تلعبه في التأثير أو خلق االستعداد للتعاطي‬
‫واإلدمان على املواد املخدرة‬
‫‪-2-6‬نظرية التحليل النفس ي‪:‬‬
‫أجمع أنصار نظرية التحليل النفس ي على عدم وجود شخصية إدمانية موحدة‪ ،‬حيث يرى بارجوري ( ‪Bergeret,‬‬
‫‪ ،)1981‬والفنستاين (‪ )Olivenstie ،1991‬أن مشكل اإلدمان يخص كل البنيات النفسية الذهانية والعصابية‬
‫والحاالت الحدية‪.‬‬
‫ولذا تفسر ظاهرة إدمان املخدرات في ضوء االضطرابات التي تعتري املدمن في طفولته األولى‪ ،‬ومن هنا فان‬
‫ظاهرة اإلدمان ترجع في أساسها إلى اضطراب العالقات الحبية بين املدمن ووالديه‪ ،‬اضطرابات يتضمن ثنائية‬
‫العاطفة أي الحب والكراهية للوالد في نفس الوقت‪ ،‬هذه العالقة املزدوجة تنقل للمخدر الذي يصبح رمزا ملوضوع‬
‫الحب األصلي‪.‬‬
‫عالوة على ذلك فإن املدمن يقبل على املخدر بحثا عن التوازن بينه وبين واقعه‪ ،‬فالعقار هنا وسيلة عالج ذاتي‬
‫يلجأ إليها الشخص إلشباع حاجات طفلية ال شعورية‪ ،‬فنمو املدمن النفس ي الجنس ي مضطرب لتثبيت الطاقة‬

‫ص ‪75‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫الغريزية في الفم‪ ،‬وعندما يكبر تظهر على شخصيته صفات التثبيت منها‪ :‬السلبية واالتكالية‪ ،‬عدم القدرة على تحمل‬
‫التوتر النفس ي واإلحباط‪.‬‬
‫فاإلدمان حسب هذه النظرية يعتبر نكوصا إلى املرحلة الفمية‪ ،‬واملدمن هو فرد يلجأ للمخدر بسبب صعوبة‬
‫مواجهة الصراعات التي تعبر عن الشعور بفقدان املوضوع‪ ،‬فالتنظيم العقلي للمدمن يشير إلى نرجسيته الهشة والى‬
‫‪25‬‬
‫التقدير املنخفض للذات‪ ،‬فنجد بارجوري يشير إلى أن معظم املدمنين ينتمون إلى شخصية ذات طبيعة اكتئابية‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص تفسير مدرسة التحليل النفس ي لإلدمان في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تعبير وظيفي لذات عليا ناقصة؛‬
‫‪ -‬تعويض عن إشباع شديد نتج عن حرمان من إشباع بعض الحاجات األساسية؛‬
‫‪ -‬سلوك شخص ي يشكل عصابا؛‬
‫‪ -‬سلوك يعبر عن فقد املعايير االجتماعية؛‬
‫‪26‬‬
‫‪ -‬التعاطي للمخدرات مظهرا من مظاهر االضطراب والسلوك الشاذ‪.‬‬
‫وخالصة القول إن أغلبية أححاب هذه النظرية يرجعون سلوك تعاطي املخدرات واإلدمان عليها إلى الصراعات‬
‫النفسية التي تعود أساسا إلى‪:‬‬
‫الحاجة إلى اإلشباع الجنس ي النرجس ي في املرحلة الفمية‬
‫الحاجة إلى الشعور باألمن والراحة النفسية‬
‫الحاجة إلى تقدير الذات‪.‬‬
‫‪-3-6‬النظرية السلوكية‪:‬‬
‫يعتمد التفسير السلوكي لظاهرة اإلدمان على نظرتي التعلم وخفض التوتر‪ ،‬فحسب هذا التفسير فان سلوك‬
‫اإلدمان أو التعاطي هو سلوك متعلم ومكتسب عن طريق االستمرار واملداومة على أخذ الجرعات والكميات من املادة‬
‫املخدرة‪ ،‬ومن ثم فان املداومة على فعل أي ش يء يؤدي إلى تعلم هذه الفعل‪.‬‬
‫يرى أححاب نظرية التعلم أن املدمن يلجأ إلى الشراب أو التعاطي للشعور بالسكينة والهدوء‪ ،‬مما يدفعه إلى‬
‫التكرار في ذلك في مرات مقبلة ليحصل على نفس الشعور فحسب نظرية التعلم فان سلوك التعاطي يكون عن طريق‬
‫التكرار فتلك الرغبة القاهرة في الحصول على املخدر لتخفيف اآلثار املزعجة تجعل املدمن يكرر تناول املادة التي‬
‫اعتاد عليها وبالتالي يصبح هذا السلوك معتاد ومألوف أي متعلم‪.‬‬
‫أما نظرية خفض التوتر فتجعل كل السلوكات واألفعال التي نقوم بها تهدف إلى تحقيق هدف واحد ومحدد هو‬
‫خفض التوتر الذي نشعر به‪ ،‬حيث تعتبر كل السلوكات جهدا يهدف إلى خفض التوتر‪ ،‬ومثال عن ذلك املدمن الذي‬
‫يسعى وراء الحصول على املخدر‪ ،‬فسلوكه هذا يهدف إلى الحصول على املتعة واالنشراح وتجنب القلق والتوتر‬
‫‪27‬‬
‫الناجمين عن انسحاب املخدر‪.‬‬
‫وخالصة النظرية السلوكية ترى أن تعاطي الشخص للمخدرات هو في األساس سلوك متعلم تعلمه الفرد من‬
‫البيئة التي يعيش فيها‪ ،‬وكذلك تعزى هذه النظرية سلوك التعاطي إلى الحالة النفسية وما يشعر به املدمن من توتر‬
‫وقلق واكتئاب تولد له الحاجة للتعاطي وبالتالي تعزز لديه سلوك التعاطي وتكون بمثابة املثير الشرطي الشتهاء تعاطي‬
‫املخدرات‪.‬‬

‫ص ‪76‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫‪-4-6‬نظرية التعلم االجتماعي‪:‬‬
‫تذهب نظرية التعلم االجتماعي إلى أن الجماعات املرجعية لها دور كبير في بلورة السلوك االجتماعي‪ ،‬إذ تؤكد‬
‫النظرية على أن سلوكيات اإلنسان هي سلوكيات متعلمة من اآلخرين‪ ،‬عن طريق املحاكاة واالختالط‪ ،‬فالطفل يتعلم‬
‫كيف يأكل وكيف ينام بواسطة الجماعة املرجعية (األسرة)‪ ،‬فالسلوك اإلنساني سلوك غير موروث وإنما يكتسبه‬
‫اإلنسان عن طريق التعلم وبواسطة التفاعل والتواصل مع أشخاص آخرين‪ ،‬وقد تكون الجماعة املرجعية تنتهج‬
‫سلوكا ايجابيا وهذا محفز إلى أن تكون سلوكيات أفراد الجماعة سلوكيات ايجابية‪ ،‬وقد تكون الجماعة املرجعية‬
‫تنتهج سلوكا سلبيا وهذا محفز الى أن تكون سلوكيات األفراد سلبية‪ ،‬ويؤكد أححاب هذه النظرية على مفهوم التقليد‬
‫حيث يختار الفرد لنفسه مثال يحذو حذوه‪ ،‬كما يؤكدون على ظاهرة االندماج التي تعني ضرورة اندماج الشخص مع‬
‫الجماعة وعلى ذلك تفسر نظرية التعلم االجتماعي تعاطي املخدرات واإلدمان عليها‪ ،‬بأنه سلوك متعلم‪ ،‬ناتج عن‬
‫مخالطة املتعاطي للجماعة املرجعية (املتعاطين) بحيث يستمر الفرد في التعاطي ليشعر باالنتماء إلى الجماعة كما أن‬
‫‪28‬‬
‫الجماعة تدعم هذا السلوك‪.‬‬
‫وأخيرا نستنتج أن نظرية التعلم االجتماعي أكدت على أن سلوك التعاطي ماهو اال سلوك متعلم من الجماعة‬
‫املرجعية( األسرة‪ ،‬األقران‪ ،‬األصدقاء‪ )..‬عن طريق املالحظة والتقليد واملحاكاة ‪ ،‬فإذا كانت الجماعة تمارس سلوكات‬
‫سلبية ( سلوك التعاطي) فإنها حتما ستؤثر على الفرد بانصياعه نحو ممارسة مثل هذه السلوكات والعكس ححيح‬

‫‪-5-6‬النظرية املعرفية‪:‬‬
‫تؤكد النظرية املعرفية على أن الناس ال يقعون فجأة وبشكل ال يقبل التفسير ضحايا إلدمان املخدرات‪ ،‬حيث‬
‫أنهم يتطورون بشكل نشط في استخدامهم للمخدر‪ ،‬وتلعب اتجاهاتهم ومعتقداتهم ونواياهم وتوقعاتهم دورا مهما في‬
‫هذا التورط مع املخدر‪،‬‬
‫ويؤكد أححاب هذه النظرية على دور التوقعات االيجابية من تعاطي املخدر على استمرار التعاطي وزيادة‬
‫الجرعة منه‪ ،‬أيضا املعتقدات غير الواقعية تلعب دورا كبيرا في حدوث اإلدمان‪ ،‬حيث يعتقد البعض أن املخدرات‬
‫تزيد من القدرة الجنسية‪ ،‬وأنها تجعل الفرد يستطيع التعبير عن مشاعره بصورة أفضل‪.‬‬
‫أيضا إحكام السيطرة على التوتر والحزن واملشاعر املؤملة التي تعتري الفرد وتوفير مشاعر الراحة‪...‬الخ من‬
‫املعتقدات غير املنطقية التي تعتري ذهن الفرد والتي تؤدي به إلى استخدام املواد املخدرة ومن ثمة الوقوع في‬
‫اإلدمان‪ ،‬وكذلك فاإلدمان هو ناتج عن الطريقة التي يفسر بها الفرد املواقف الحياتية التي يمر بها‪ ،‬واألفكار التي تراود‬
‫األفراد بشأن هذه املواقف‪ ،‬هذه األفكار التي تؤدي باألفراد إلى الشعور باأللم والكدر والحزن والقلق فتجدهم‬
‫‪29‬‬
‫يلجؤون إلى املخدرات كحل للحصول على الراحة والتخلص من كل تلك املشاعر املؤملة‪.‬‬
‫وأخيرا يتضح لنا من خالل هذه النظرية أن سلوك التعاطي يتولد من خالل معتقدات واألفكار الغير عقالنية‬
‫للمتعاطي التي كونها ويحملها عن املواد املخدرة ‪ ،‬فعلى حسب اعتقاده أن املخدرات هي مواد تشعر الفرد بالراحة‬
‫وتمكنه من التحرر من جميع مشاكله‪.‬‬
‫‪-7-6‬النظرية االجتماعية‪:‬‬
‫لقد أولى علم االجتماع اهتماما كبيرا بظاهرة اإلدمان وأعطاها تفسيرا نظريا يعتبرها سلوكا انحرافيا يتخذه‬
‫الفرد تعبيرا عن رفض االمتثالية واملسايرة للمعايير والقيم السائدة في املجتمع‬

‫ص ‪77‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫فسلوك التعاطي هو سلوك سلبي يظهره الفرد نتيجة مشاعر االغتراب والتباعد القوي عن املجتمع‪ ،‬ورفض‬
‫كل ثقافة فرعية أخرى‪ ،‬ألنه تبنى ثقافة التعاطي كثقافة فرعية خاصة به‪ ،‬وأكثر من ذلك دخلت ضمن أهداف الفرد‬
‫الذاتية‪ ،‬ويرجع بذلك انتشار ظاهرة إدمان املخدرات في كل املجتمعات إلى التغير في تركيب األسرة ووظيفتها‪ ،‬والى‬
‫ضعف القيم الروحية‪ ،‬واالتجاه نحو املادية املطلقة التي تجعل اإلنسان عموما و املراهق خصوصا يشعر بعدم‬
‫االطمئنان والثقة في املجتمع الذي ينتمي إليه‪ ،‬فيتمرد عليه بتكوين جماعات فرعية خاصة به‪ ،‬من سماتها تعاطي‬
‫املخدرات‪ ،‬وهذا يشعره أنه فرد فعال له قيمته االجتماعية‪ ،‬لكن تحركاته في حقيقة األمر ما هي إال سلوكات انحرافية‬
‫وخطيرة على حياته‪.‬‬
‫وال يقتصر تفسير علم االجتماع لظاهرة التعاطي على الثقافة واملعايير االجتماعية والقيم‪ ،‬ومشاعر االغتراب‪،‬‬
‫بل يتعدى ذلك إلى إعطاء أهمية لحالة الضغط التي يعانيها الشباب‪ ،‬واملترتبة عن الوضع االقتصادي األسري املتردي‪،‬‬
‫والبطالة واملشكالت األسرية والتعرض املستمر لإلحاطات‪.‬‬
‫كما تعطي هذه النظرية دورا بارزا وعالقة وطيدة للضبط االجتماعي بظاهرة اإلدمان على املخدرات وسواه من‬
‫الظواهر االنحرافية األخرى‪ ،‬ويقصد بالضبط االجتماعي جميع القوانين الرسمية مثل القوانين التي تحكم االقتصاد‬
‫‪30‬‬
‫واألسرة وغيرها‪ ،‬وحتى القوانين غير الرسمية التي يضعها األب‪ ،‬سيد العشيرة ‪...‬إلخ ‪.‬‬
‫ومما جاءت به هذه النظرية يتبين لنا أن لألسرة والبيئة الثقافية والعوامل االجتماعية دورا كبيرا وبارزا في‬
‫تفسير اإلدمان‪ ،‬وأن ثمة ضغوط وظروف اجتماعية( جماعة الرفاق‪ ،‬الفقر‪ ،‬البطالة‪ ،‬التهميش‪...‬الخ) تدفع بالفرد إلى‬
‫التعاطي واالنحراف‪ ،‬وبشكل عام إلى اإلدمان‬

‫‪ -7‬الخاتمة‪:‬‬
‫أكدت ‪ )2007(Nora D. Volkow, M.D.‬بأن معظم علماء القرون املاضية درسوا تعاطي املخدرات في ظل‬
‫األساطير واملفاهيم الخاطئة‪ .‬كما أن العديد من العلماء الذين حاولوا دراسة السلوك أإلدماني في ‪ ،1930‬توصلوا إلى‬
‫أن مدمن املخدرات يفتقر إلى األخالق وقوة اإلرادة‪ .‬لتترجم هذه اآلراء كاستجابات ضمن املجتمع ضد تعاطي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املخدرات‪ ،‬بل وعاملته كإخفاق أخالقي بدال من مشكلة ححية‪ ،‬مما أدى إلى التركيز على العقوبة بدال من الوقاية‬
‫‪31‬‬
‫والعالج‪.‬‬
‫غير أنه اليوم بفضل العلم والنظريات املفسرة لظاهرة اإلدمان اختلفت نظرة املجتمع إلى اإلدمان واملدنين‪،‬‬
‫حيث أكدت الدراسة بأن اإلدمان اضطراب ينتج بناء للعديد من العوامل من أهمها العوامل الوراثية والنفسية‬
‫واالجتماعية وضعف الوازع الديني‪ ...‬ما دفع العديد من املتخصصين ملحاولة الكشف وتفسير هذه الظاهرة لتعميق‬
‫فهمها بهدف محاولة مساعدة هذه الفئة‪ ،‬حيث ركزت كل نظرية على بعد معين‪ .‬ولقد خلصت الدراسة بأن االدمان‬
‫على املخدرات ظاهرة معقدة قد ترجع لعدة أسباب نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬ترجع النظرية الوراثية االدمان على املخدرات الى الجينات الوراثية لألسرة والتي تنتقل الى االبناء‪ ،‬حيث تؤكد‬
‫بأن خاصية اإلدمان تنتقل من اآلباء إلى األبناء كما هو الحال بالنسبة للصفات الوراثية األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬ترجع النظرية النفسية االدمان على املخدرات الى سمات الشخصية التي يكتسبها املدمن في الطفولة‪ ،‬فهي‬
‫مشكل يخص كل البنيات النفسية الذهانية والعصابية والحاالت الحدية‪ .‬وقد تظهر وتتطور الى ادمان‬
‫نتيجة لشخصية املدمن التي قد تكون سيكوباتية أو معادية للمجتمع‪ ،‬كما قد تقع الشخصيات التي تتصف‬

‫ص ‪78‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬
‫بالخجل والعزلة والهرب من الناس‪ ،‬واالكتئاب‪ ،‬والقلق‪ ،‬واالغتراب‪ ،‬والنرجسية‪ ،‬واملريضة جنسيا‪ ،‬والتي‬
‫تعاني ضعف الوازع الديني‪ ،‬باالضافة الى املحبة االثارة أو التقليد فريسة لالدمان‪.‬‬
‫‪ -‬ترجع النظرية االجتماعية االدمان على املخدرات بأنه سلوك انحرافي يتخذه الفرد تعبيرا عن رفض االمتثاله‬
‫للمعايير والقيم السائدة باملجتمع‪ ،‬وقد تنتج هذه الظاهرة نتيجة لعوامل كثيرة تحيط بالفرد أهمها تفكك‬
‫ومشاكل االسرة وانحالل الروابط وجهل الوالدين بأساليب التربية‪ ،‬وتأثير الحي أو الرفاق‬
‫ترجع النظرية السلوكية ظاهرة اإلدمان إلى نظرية التعلم وخفض التوتر‪ ،‬فحسب هذا التفسير فان سلوك‬ ‫‪-‬‬
‫اإلدمان أو التعاطي هو سلوك متعلم ومكتسب عن طريق االستمرار واملداومة على أخذ الجرعات والكميات‬
‫من املادة املخدرة‪.‬‬
‫‪ -‬ترجع النظرية املعرفية االدمان على املخدرات النظرية إلى املعتقدات غير املنطقية التي تعتري ذهن الفرد‬
‫والتي تؤدي به إلى استخدام املواد املخدرة ومن ثمة الوقوع في اإلدمان‪ .‬كالشعور بالحزن والخوف والتوتر‪.‬‬
‫وبناء على املعطيات السابقة فإن فهم هذه ظاهرة من شأنه أن يساهم في تصميم برامج عالجية قائمة على‬
‫أسس علمية بعيدا عن األحكام الشخصية واالجتماعية ‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1‬منظمة الصحة العاملية(دت)‪ .‬معاقرة املخدرات‪.‬تاريخ االسترجاع ‪ .2020/09/18‬متاح على الخط‪:‬‬


‫‪http://www.emro.who.int/ar/health-topics/substance-abuse/index.html‬‬
‫‪2‬براهمة‪ ،‬نصيرة‪.)2013(.‬ادمان املخدرات في املجتمع الجزائري‪.‬ص ‪ .14‬تاريخ االسترجاع ‪ .2020/09/18‬متاح على الخط‪:‬‬
‫‪http://dspace.univ-eloued.dz/xmlui/handle/123456789/6532‬‬
‫‪ 3‬سالم‪ ،‬مها رحيم‪ .)2012(.‬الجريمة واالدمان على المخدرات‪ .‬مجلة العلوم النفسية‪ .‬ص‪ . .132‬تاريخ االسترجاع ‪ .2020/09/18‬متاح على‬
‫الخط‪https://www.iasj.net/iasj/download/de0c838b4e5518a1:‬‬
‫‪4‬نويبات‪ ،‬قدور‪ .)2006( .‬اتجاهات الشباب البطال نحو تعاطي املخدرات دراسة استكشافية على عينة من شباب مدينة ورقلة‪.‬‬
‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ .‬ص‪62‬‬
‫‪ 5‬حاج أحمد‪ ،‬أم العز يوسف املبارك‪ )2014( .‬تعاطي املخدرات وسط طالبات الجامعات‪ .‬مركز دراسات املرأة‪ ،‬جامعة نايف العربية‬
‫للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪.‬ص ‪12‬‬
‫‪6‬الدوسري‪ ،‬فهد بجاد شافي‪ .)2012( .‬دور وسائل االعالم الكويتية في الوقاية من االدمان على املخدرات من وجهة نظر متلقي العالج‪.‬‬
‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في االعالم‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ .‬ص‪29‬‬
‫‪7‬عبد املعطي‪ ،‬حسن مصطفى‪ .)2002( .‬األسرة وموجهة اإلدمان‪ .‬القاهرة‪ :‬دار قباء للنشر والتوزيع‪.‬ص‪48-47‬‬
‫‪8‬سعيدي‪ ،‬عتيقة (‪ ،)2016‬أبعاد االغتراب النفس ي وعالقتها بتعاطي املخدرات لدى املراهق "دراسة ميدانية على عينة من تالميذ‬
‫ثانويات‪-‬مدينة بسكرة‪ -‬دراسة مقارنة‪ .‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪.‬ص ‪،157‬‬
‫‪9‬أبريعم‪ ،‬سامية‪ .)2008( .‬الرهاب االجتماعي وعالقته بإدمان املخدرات‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة املاجستير في علم النفس املرض ي‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر بسكرة‪ .‬ص‪105‬‬
‫‪10‬سعيدي‪ ،‬عتيقة‪ .‬املرجع السابق‪.‬ص ‪158‬‬
‫‪11‬أبريعم ‪ ،‬سامية‪.‬املرجع السابق‪.‬ص ‪31‬‬

‫‪12‬املشرف‪ ،‬عبد اإلله بن عبد هللا‪ .‬والجوادي‪ ،‬رياض بن علي‪ .)2011( .‬املخدرات واملؤثرات العقلية (ط‪ .)1‬الرياض‪ :‬جامعة نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية‪.‬ص‪92‬‬

‫ص ‪79‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬
‫العدد السادس جويلية (‪ / )2021‬ص‪80-67‬‬ ‫مجلة التميز الفكري للعلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫ظاهرة اإلدمان على املخدرات‪ :‬بين الدوافع واألطر النظرية املفسرة لها‬

‫‪13‬حسين‪ ،‬أحمد شحاتة‪ .)2006( .‬التدخين واإلدمان واعاقة التنمية (ط‪ .)1‬القاهرة‪ :‬مكتبة دار املعرفة‪.‬ص‪102‬‬
‫‪14‬البداينية‪ ،‬ذياب موس ى‪ .)2012( .‬الشباب واالنترنيت واملخدرات (ط‪ .)1‬مركز الدراسات والبحوث‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم‬
‫األمنية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪.‬ص ‪24‬‬
‫‪(.15‬نويبات ‪،‬قدور‪ .‬الرمجع السابق‪.‬ص ‪)75- 73‬‬
‫‪ 16‬الحراشة‪ ،‬حسن‪ .‬الجزاري‪ ،‬بالل جالل علي‪ .)2002( .‬إدمان املخدرات والكحوليات وأساليب العالج ‪ .‬األردن‪ :‬دار حامد للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬ص‪36‬‬
‫‪17‬جحيش‪ ،‬لطيفة‪ .)2012( .‬الخصائص االجتماعية والديمغرافية ملتعاطيات املخدرات في املجتمع الجزائري‪ .‬مذكرة ماجستير في علم‬
‫االجتماع‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪.‬ص‪34‬‬
‫‪18‬البريثن‪ ،‬عبد العزيز بن عبد هللا‪ .)2002( .‬الخدمة االجتماعية في مجال إدمان املخدرات (ط‪ .)1‬الرياض‪ :‬أكاديمية نايف العربية‬
‫للعلوم األمنية‪.‬ص‪100-99‬‬
‫‪ .19‬غباري‪ ،‬محمد سالمة‪ .)2002( .‬اإلدمان‪ :‬أسبابه‪ ،‬نتائجه‪ ،‬وعالجه (ط‪ .)2‬اإلسكندرية‪ :‬املكتب الجامعي الحديث‪.‬ص ‪55-54‬‬
‫‪20‬ناسو‪ ،‬صالح سعيد‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬دور املرشد النفس ي في املؤسسات التعليمية لوقاية الشباب من آفة املخدرات‪ .‬مجلة البحوث النفسية‬
‫والتربوية‪ .‬العدد السادس والعشرون‪.‬ص‪272‬‬
‫‪21‬حاج أحمد‪ ،‬أم العز يوسف املبارك‪.‬املرجع السابق‪.‬ص‪54‬‬
‫‪22‬الجوهري‪ ،‬محمد محمود‪ .‬السمري‪ ،‬عدلي محمود‪ .)2011( .‬املشكالت االجتماعية (ط‪ .)1‬األردن‪ :‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‬
‫والطباعة‪..‬ص‪373‬‬
‫‪ .23‬املشرف‪ ،‬عبد اإلله بن عبد هللا‪ .‬والجوادي‪ ،‬رياض بن علي‪ .‬املرجع السابق‪.‬ص ‪87-85‬‬
‫‪(.24‬نويبات‪،‬قدور‪ .‬املرجع السابق‪.‬ص ‪)66‬‬
‫‪25‬صادقي‪ ،‬فاطمة‪( .‬جوان ‪ .)2004‬اآلثار النفسية لإلدمان على املخدرات‪ .‬دراسات نفسية وتربوية مخبر تطوير املمارسات النفسية‬
‫والتربوية‪ ،‬عدد ‪.12‬ص‪194-194‬‬
‫‪26‬املشرف‪ ،‬عبد اإلله بن عبد هللا‪ .‬والجوادي‪ ،‬رياض بن علي‪ .‬املرجع السابق‪.‬ص‪86‬‬
‫‪27‬سليماني‪ ،‬فتيحة‪ .)2012( .‬اإلدمان على املخدرات وأثر على الوسط األسري‪ .‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في علم النفس‪،‬‬
‫جامعة وهران‪ .‬ص‪41‬‬
‫‪28‬ابريعم ‪،‬سامية‪.‬املرجع السابق‪.‬ص ‪111‬‬
‫‪29‬املرجع نفسه‪.‬ص‪111‬‬
‫‪(30‬نويبات‪ ،‬قدور‪ .‬املرجع السابق‪.‬ص‪)71 -70‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Nora D. Volkow, M.D(n.d). Drugs, Brains, and Behavior The Science of Addiction. .(25/09/2020).from :‬‬
‫‪https://www.drugabuse.gov/sites/default/files/soa_2014.pdf‬‬

‫ص ‪80‬‬ ‫تصدر عن كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬

You might also like