You are on page 1of 75

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫السويس ي الرباط‬
‫مادة‪ :‬النشاط اإلداري‬

‫األستاذ خالد بوشمال‬


‫السنة الجامعية‬
‫‪2020-2019‬‬
‫القسم األول‪ :‬نشاط اإلدارة ووظائفها‬

‫الفصل األول‪ :‬الشرطة اإلدارية‬

‫• المبحث الثالث‪ :‬وسائل الضبط اإلداري‬ ‫• المبحث األول‪ :‬أنواع الضبط اإلداري‬
‫• المطلب األول‪ :‬الشرطة اإلدارية والشرطة‬
‫• المطلب األول‪ :‬القرارات التنظيمية‬ ‫القضائية‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬القرارات الفردية‬ ‫• المطلب الثاني‪ :‬الشرطة العامة والشرطة الخاصة‬
‫• المبحث الثاني‪ :‬أهداف الضبط اإلداري أو الشرطة‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬القوة المادية أو التنفيذ الجبري‬ ‫اإلدارية‬
‫إلجراءات الشرطة اإلدارية‬ ‫• المطلب األول‪ :‬األمن العام‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬السكينة العامة‬
‫• المبحث الرابع‪ :‬رقابة القضاء على أعمال الضبط‬ ‫• المطلب الثالث‪ :‬الصحة العمومية‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المرافق العمومية‬

‫• المبحث الثالث‪ :‬عناصر المرفق العام‬ ‫• المبحث األول‪ :‬تطور فكرة المرفق العام‬

‫• المطلب األول‪ :‬المرفق العام هو نشاط‬ ‫• المبحث الثاني‪ :‬مدلول المرفق العام‬

‫• المطلب الثاني‪ :‬نشاط يهدف إلى تحقيق المصلحة‬ ‫• المطلب األول‪ :‬المفهوم العضوي والمادي للمرفق‬
‫العامة‬ ‫العام‬

‫• الفقرة األولى‪ :‬المفهوم العضوي للمرفق العام‬


‫• المطلب الثالث‪ :‬نشاط تمارسه الدولة أو أحد‬
‫األشخاص المعنوية العامة األخرى‬ ‫• الفقرة الثانية‪ :‬المفهوم المادي للمرفق العام‬

‫• المطلب الرابع‪ :‬تتمتع الدولة بحق اإلشراف على‬ ‫• المطلب الثاني‪ :‬التعريفات الفقهية والقضائية للمرفق‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المرافق العمومية‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬المرافق العامة حسب النطاق‬ ‫• المبحث الرابع‪ :‬أنواع المرافق العامة‬
‫الجغرافي لنشاطها‬
‫• المطلب األول‪ :‬تقسيم المرافق العامة حسب‬
‫• الفقرة األولى‪ :‬المرافق العامة الوطنية‬
‫موضوع نشاطها‬
‫• الفقرة الثانية‪ :‬المرافق العامة المحلية‬
‫• الفقرة األولى‪ :‬المرافق العامة اإلدارية‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬تصنيف المرافق من حيث تمتعها‬
‫بصفة الشخصية المعنوية من عدمها‬ ‫• الفقرة الثانية‪ :‬المرافق العامة اإلقتصادية‬

‫• المطلب الرابع‪ :‬المرافق العامة حسب سلطة الدولة‬ ‫• الفقرة الثانية‪ :‬المرافق العامة اإلجتماعية‬
‫في إنشائها‬
‫• الفقرة الرابعة‪ :‬المرافق العامة المهنية‬
‫• الفقرة األولى‪ :‬المرافق العامة اإلجبارية‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المرافق العمومية‬

‫• المبحث الخامس‪ :‬المبادئ العامة للمرافق العامة‬


‫• المبحث السادس‪ :‬طرق إدارة المرفق العام‬
‫• المطلب األول ‪ :‬مبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام‬
‫• المطلب األول‪ :‬االستغالل المباشر‬ ‫واطراد‬

‫• المطلب الثاني‪ :‬المؤسسة العمومية‬ ‫• الفقرة األولى‪ :‬نظرية الظروف الطارئة‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي‬ ‫•‬
‫• المطلب الثالث‪ :‬مرافق الدولة المسيرة‬ ‫الفقرة الثالثة‪ :‬تنظيم اإلضراب‬ ‫•‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬االستقالة‬ ‫•‬
‫بطريقة مستقلة‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬قاعدة منع الحجز على األموال العامة‬ ‫•‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ قابلية المرفق العام للتبديل‬ ‫•‬
‫• المطلب الرابع‪ :‬أسلوب االمتياز‬ ‫والتغيير‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مبدأ المساواة‬ ‫•‬
‫مقدمة‬
‫يتفاوت النشاط الذي تقوم به اإلدارة من دولة ألخرى تبعا لنظامها السياسي واإلقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬ففي النظام الليبرالي يكون تدخل الدولة جد محدود‪ ،‬وتحت ضغط األفكار االشتراكية‬
‫تطور دور الدولة لتتدخل شيئا فشيئا في النظام اإلقتصادي واإلجتماعي‪.‬‬

‫والنشاط اإلداري يتم حسب طريقتين‪ ،‬فالطريقة األولى يتم بمقتضاها إنتاج وتزويد الناس بما‬
‫يحتاجونه من الخدمات الالزمة لحياة الجماعة ويتم ذلك عن طريق المرافق التي تسيرها الدولة‪،‬‬
‫وبمقتضى الطريقة الثانية فإن بعض الخدمات يتم القيام بها من طرف الخواص ويقتصر فيها دور‬
‫اإلدارة على ما يعرف بالضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية أي تنظيم ومراقبة وتتبع هذه األنشطة‪.‬‬

‫فعندما تقرر السلطة العامة تعهدها ببعض األنشطة فإن هذا التدخل يتم عن طريق ما يعرف بالمرفق‬
‫العمومي وهو ما يختلف عن الضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية‪ ،‬حيث أنه في حالة الضبط اإلداري‬
‫يظل النشاط بين يدي األفراد مع وضع ضوابط وقيود للنشاط تقتضيها المحافظة على النظام العام‪.‬‬
‫فالنشاط اإلداري يعني الوظيفة اإلدارية التي يمارسها أشخاص القانون اإلداري والوسائل التي من‬
‫خاللها تمارس هذه الوظيفة‪ ،‬والوظيفة اإلدارية تهدف من ناحية إلى تحقيق المصلحة العامة التي تعتبر‬
‫أساسا تنطلق منه كل األشخاص االعتبارية العامة فيما تقوم به من وظائف ‪،‬ولعل هذا ما يميز النشاط‬
‫اإلداري عن النشاط الخاص ‪،‬ففي الوقت الذي يسعى فيه النشاط الخاص إلى تحقيق المصالح الذاتية‬
‫ألولئك القائمين عليه ‪،‬فإن النشاط اإلداري ال غاية له إال المصلحة العامة ‪،‬ولعل الهدف العام هو الذي‬
‫يفسر سبب االعتراف ألشخاص القانون اإلداري الذين يمارسون هذه الوظيفة بامتيازات السلطة العامة‬
‫التي ال يتمتع بها أشخاص القانون الخاص في ممارسة نشاطهم ‪ ،‬ومن ناحية مضمونها ال يتوقف تعبير‬
‫الوظيفة اإلدارية وتحقيق ذاتيتها عند حد يميزها بغايتها وإنما هي أيضا تتميز بمضمونها الذي يتمثل في‬
‫أداء خدمة عامة قد تكون وظيفة أمنية مرتبطة بالضبط اإلداري‪ .‬انطالقا من كل ما سبق يمتاز النشاط‬
‫اإلداري بأساليبه ووسائله التي تتميز عن أساليب ممارسة النشاط الخاص من حيث تنوعها من جهة وما‬
‫تنطوي عليه من امتيازات وما يرد عليها من قيود ال نظير لها في القانون الخاص من جهة أخرى‬
‫وتتمثل في الموظفين العموميين الذين تمارس السلطة اإلدارية وظائفها من خاللهم وأخيرا الوسائل‬
‫المادية وتتمثل في األموال التي تستعين بها هذه السلطة في القيام بهذه الوظائف ‪.‬‬

‫فتساهم اإلدارة في تحديد النظام اإلداري للمجتمع وبالتالي تمارس أحد أدوارها حيث أن مجموعة من‬
‫المعايير يتم إصدارها أو تحديدها كالسماح ببعض التصرفات و منع البعض منها وهي وظيفة‬
‫(الضبط اإلداري) ومن جهة أخرى المرفق العمومي والذي يهدف إلى توزيع الخدمات على أصحابها‬
‫وبالتالي تمارس اإلدارة وظيفة خدماتية‪.‬‬

‫وتمارس اإلدارة أنشطتها أو صالحياتها باالعتماد على وسائلها القانونية وفي هذه الحالة فإنها‬
‫تتصرف وفق صالحيات السلطة العامة وفي ممارستها ألنشطتها فإن اإلدارة يمكن أن تلجأ إلى الطرق‬
‫التي يمنحها إياها القانون الخاص أي وفق تسيير أو تدبير خاص وخصوصا باعتماد العقود كالتي‬
‫يعقدها الخواص بينهم‪ ،‬لكنها غالبا ما تلجأ إلى استعمال وسائل القانون العام بصفتها قوة عمومية ‪،‬وفي‬
‫القسم األول‪ :‬نشاط اإلدارة ووظائفها‬

‫إن اإلدارة قد ترى أن بعض األنشطة التي تقوم بسد حاجيات المواطنين يستطيع الخواص‬
‫القيام بها بشكل مرض فتتركهم أحرارا للقيام بتلك األنشطة‪ ،‬في حين تكتفي بتنظيمها ومراقبتها‬
‫بوضع قيود وقواعد تمنع وقوع االضطراب‪ ،‬والمراقبة التي تمارسها اإلدارة على هذا النشاط‬
‫وكذا القيود والضوابط التي تضعها يطلق عليها الشرطة اإلدارية أو الضبط اإلداري‪ ،‬كما أن‬
‫اإلدارة ولحساسية بعض األنشطة المرتبطة باألمن والدفاع تمارس هذه المهام بصفة مباشرة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الشرطة اإلدارية‬
‫يقصد بالضبط اإلداري كوظيفة من وظائف اإلدارة مجموع القيود والضوابط التي تمارسها‬
‫اإلدارة على ممارسة الخواص لنشاطاتهم أي تنظيم ومراقبة وتتبع هذه األنشطة حيث تظل في يد‬
‫األفراد ويقتصر دور اإلدارة على تنظيمها‪ ،‬فعبارة الشرطة اإلدارية تشمل جميع أعمال اإلدارة‬
‫الرامية إلى ضمان المحافظة على النظام العام عن طريق تنظيم أعمال األفراد‪ .‬ويعد الضبط‬
‫اإلداري بمثابة الوظيفة األولى لإلدارة والتي تمثل السلطة التنفيذية في كل دولة وهي الوظيفة‬
‫األكثر أهمية ‪،‬وبرزت هذه الوظيفة منذ نشوء الدولة وأصبحت مظهر جوهري لوجودها وتعبير‬
‫رئيسي عن سيادة السلطة الحاكمة وذلك من أجل تنظيم نشاطات األفراد ووضع القيود الضرورية‬
‫على تلك النشاطات حتى ال تسيئ ألمن المجتمع واستقراره بهدف حماية النظام العام ‪،‬لكن‬
‫وتمارس الشرطة اإلدارية وظيفتها عن طريق إصدار القرارات التنظيمية والفردية واستخدام‬
‫القوة المادية فصيانة النظام العام تقتضي فرض قيود على كيفية استخدام الحقوق في المجتمع‬
‫وعلى ممارسة الحريات العامة لذلك تبقى العالقة قائمة بين الضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية‬
‫وحقوق األفراد وحرياتهم هذه العالقة التي قد تضيق وقد تتسع وذلك حسب ما إذا تعلق األمر‬
‫بحرية يضمنها القانون ويحدد شروط ممارستها فالنشاط الهادف إلى المحافظة على النظام العام‬
‫يتمثل في مجموعة من األشكال فهي من جهة تتمثل في إصدار مجموعة من المعايير القانونية‬
‫التي تعتبر جزائية حيث أن مخالفة القوانين الجاري بها العمل يشكل موضوع عقاب‪ ،‬هذه‬
‫المعايير قد تكون ذات صبغة تنظيمية كتنظيم عملية السير وعملية توقف السيارات كما قد تكون‬
‫بشكل انفرادي كحجز رخصة السياقة ومنع نشاط معين أو حجز جريدة معينة‪ ،‬وتترجم كذلك في‬
‫إن القيام بأعمال الشرطة اإلدارية اليجب خلطه مع نشاطات اإلدارة األخرى حيث تسعى الشرطة‬
‫اإلدارية إلى المحافظة على النظام العام ‪،‬والنظام العام المطبق من طرف الشرطة اإلدارية يختلف‬
‫عن نشاط السلطات اإلدارية األخرى على كثير من المستويات فسلطات الشرطة اإلدارية تمكن من‬
‫إصدار مجموعة من التدابير الهادفة إلى الحد من الحريات العامة‬

‫لكن مبدأ الحد من الحريات من طرف سلطات الشرطة ال يمكن أن تكون مشروعة إال إذا تم القيام بها‬
‫من أجل الحفاظ على النظام العام وكان مضطرا لذلك ‪ ،‬فالقيام بالشرطة اإلدارية يعني القيام بخدمة‬
‫عمومية والتي تتمثل في الحفاظ على النظام العام حيث أن أنشطة الشرطة ال يمكن التنازل عليها‬
‫للخواص أو ألية هيئة أخرى‪،‬وتنقسم الشرطة اإلدارية إلى أنواع مختلفة تبعا للهدف الذي تسعى إلى‬
‫تحقيقه وتبعا للنشاط الذي تقوم به وتبعا للنطاق الترابي لممارسة هذا النشاط وتستعمل في تحقيق‬
‫مهامه مراسيم تنظيمية وقرارات فردية والقوة المادية إذا تطلبت الضرورة ذلك ‪.‬‬
‫وتلك الحريات بحيث اليؤدي ممارستها إلى االخالل بالنظام العام ومن هنا ظهرت سلطة‬
‫الضبط اإلداري التي يعهد إليها بذلك التنظيم ‪ ،‬فالشرطة اإلدارية أو الضبط اإلداري إذن هو‬
‫نوع من التوازن بين المصالح التي تهدفها الجماعة واالحترام الواجب نحو نشاط الفرد وهو‬
‫بذلك ضرورة ال غنى عنها في كل مجتمع قوامه مبدأ سيادة القانون حيث يجسد دائما الصراع‬
‫األبدي بين السلطة والحرية أي بين ما ينبغي أن يتوافر للدولة من سلطات للحفاظ على النظام‬
‫العام من ناحية وبين ما يجب أن يتمتع به األفراد من حريات وضمانات كافية لممارسة‬
‫حقوقهم الدستورية من ناحية أخرى ‪.‬‬

‫فالشرطة اإلدارية هي التي شكلت إحدى ركائز مفهوم الدولة وهي الجهاز الرئيسي‬
‫والضروري الذي تعود إليه مهمة الحفاظ على األمن العام‪ ،‬وبصرف النظر عن االختالفات‬
‫المبحث األول‪ :‬أنواع الضبط اإلداري‬
‫قبل أن نتطرق إلى أهداف الضبط اإلداري البد أن نميز في أنواعه بين الضبط اإلداري والضبط‬
‫القضائي والتطرق بعد ذلك للتمييز بين الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الشرطة اإلدارية والشرطة القضائية‬

‫توجه الشرطة اإلدارية أساسا إلى المحافظة على النظام العام بالحرص عن طريق اتخاذ تدابير مالئمة‬
‫على اتقاء األعمال التي يمكن أن تمس به‪ ،‬فالصبغة الوقائية التي تطبع أساسا الشرطة اإلدارية هي‬
‫التي تساعد على التمييز بينها وبين الشرطة القضائية‪.‬‬

‫ويهدف الضبط اإلداري أيضا إلى الحفاظ على النظام العام وذلك بالحيلولة دون اإلخالل بالضوابط‬
‫التي سنتها سلطاته ‪ ،‬عن طريق القيام بواسطة تدابير مناسبة لالحتراز من األعمال التي من شأنها‬
‫المساس بالنظام العام ‪،‬ويمكن القول أن مهمة الضبط اإلداري هي مهمة وقائية في حين أن مهمة‬
‫للقوانين وإلقاء القبض عليهم وإحالتهم على المحاكم ‪،،‬فوظيفة الشرطة القضائية هي وظيفة عالجية إال‬
‫أن هذا ال يعني أنه من اليسر التمييز بين هاتين الشرطتين ألن السلطات المعهود بها إليها وكذا‬
‫الموظفين المساهمين في عملياتها غالبا ما تكون نفس السلطات ونفس الموظفين فضباط الدرك‬
‫يمارسون الوظيفيتين معا تبدأ مهمتهم بتولي ضبط إداري هو مراقبة سير السيارات في المناطق القروية‬
‫وعند مخالفة قانون السير يقومون بزجر المخالفين عن طريق إجبارهم على أداء غرامة مالية محددة‬
‫وفي حالة وقوع حادثة سير ينقلب دورهم إلى ضباط الشرطة القضائية وذلك إلعداد محضر الحادثة‬
‫والبحث عن الدالئل التي تثبت المتسبب في الحادثة وإحالته على المحكمة ‪،‬ويضاف إلى هذا أن عمليات‬
‫الشرطة اإلدارية وعمليات الشرطة القضائية يستخدم فيها نفس الموظفون حيث يمكن استدعاء نفس‬
‫األعوان للمحافظة على النظام خالل تجمع عمومي والمساهمة بهذه الصفة في عملية من عمليات‬
‫الشرطة اإلدارية ‪،‬لكن التمييز بين الشرطة اإلدارية والشرطة القضائية تترتب عليه آثارا هامة على‬
‫التعويض عنها من عدمه محل أخذ ورد في أغلب الدول وتختلف السلطات المكلفة بإدارة الشرطة كلما‬
‫تعلق األمر بالشرطة اإلدارية أو القضائية ففي الحالة األولى تتحمل السلطات اإلدارية مسؤولية العمليات‬
‫المتعلقة بالشرطة وفي الحالة الثانية تقوم السلطات القضائية بإدارة هذه األنشطة ‪،‬وتسير النيابة العامة‬
‫أعمال ضباط الشرطة القضائية وتجري مراقبة رئيس النيابة على أعمالهم وتمتد هذه المراقبة إلى أعمال‬
‫ضباط الشرطة القضائية والموظفين المعهود إليهم ببعض مهام الشرطة القضائية أما فيما يتعلق‬
‫بالمنازعات يتجلى أكثر مبدأ وحدة القضاء في جعل غاية هذا التمييز أقل أهمية ألن الخالفات التي يمكن أن‬
‫تنشأ عن مختلف العمليات تعرض على نفس القاضي دون أن يمس في شيء استقالل السلطات القضائية‬
‫‪،‬ويتنوع الضبط اإلداري بالنظر إلى طبيعة نشاطه إلى ضبط إداري عام وضبط إداري خاص وبالنظر إلى‬
‫النطاق الترابي إلى ضبط إداري وطني وضبط إداري محلي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشرطة العامة والشرطة الخاصة ‪ :‬إن اختصاصات الشرطة المسندة إلى السلطات اإلدارية‬
‫يمكن تحديدها بطريقتين وتقسيمها إلى اختصاصات شرطة عامة واختصاصات شرطة خاصة ‪،‬ويعتبر‬
‫العامة ‪،‬إال أن األستاذ روني شابيس أضاف إلى هذه الثالثية التقليدية األخالق العامة حيث تأتي‬
‫المحافظة على األخالق العامة في إطار المحافظة على النظام العام ذا الطابع المعنوي وهي رابع‬
‫مكون من مكونات النظام العام ‪،‬وتهدف الشرطة اإلدارية العامة إلى المحافظة على النظام العام‬
‫بمدلوالته الثالث في حين أن الشرطة اإلدارية الخاصة تهدف إلى صيانة عنصر من عناصر‬
‫النظام العام كمنع االضطراب في نشاط أو قطاع معين كشرطة الصيد البحري أو محاربة الزيادة‬
‫في األسعار المحددة ‪،‬كما أن الفرق يتجلى في أن الشرطة اإلدارية العامة تخضع للمبادئ العامة‬
‫للقانون في حين أن الشرطة اإلدارية الخاصة تخضع إلى مبادئ قانونية مقننة فكل نوع صدر‬
‫بشأنه نص قانوني خاص ينظمه ويحدد مداه ( المعامل – الفنادق‪-‬الحانات‪ -‬المقاهي ) ‪،‬غير أنه‬
‫يمكن أن تتميز الشرطة الخاصة كذلك بالغاية المعينة المتوخاة منها مثل شرطة الصيد البحري‬
‫والبري الهادفين إلى المحافظة على المجال البحري والبري من اإلتالف واالندثار أو مثل الشرطة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهداف الضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية‬
‫يقصد بالضبط اإلداري وضع القيود والحدود من طرف السلطة اإلدارية للنشاط الفردي وتهدف هذه‬
‫القيود والضوابط الى تحقيق المصلحة العامة وصيانة النظام العام فالضبط اإلداري يهدف الى تحقيق‬
‫أغراض ثالثة بل باألحرى إلى حماية غايات ثالثة وهي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األمن العام‬

‫يقصد باألمن العام استتباب األمن والطمأنينة في المدن واألحياء والقرى ومختلف األماكن بما يحققه‬
‫الهدوء واالطمئنان لدى كل المواطنين على أنفسهم وأوالدهم وأموالهم من خطر االعتداءات‬
‫واالنتهاكات التي قد تمسهم في الطرق واألماكن العامة ‪،‬كما يشمل مفهوم األمن العمومي حماية الناس‬
‫من الجرائم والحوادث المختلفة سواء كانت سرقة أو تهديد بالقتل أو جرائم هتك العرض وحماية‬
‫المواطنين من الحيوانات الخطيرة والمختلين عقليا ‪،‬كما يتضمن مفهوم األمن العام حماية األرواح من‬
‫أخطار الكوارث الطبيعية كالعواصف والحرائق والفيضانات وانهيار المباني ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬السكينة العامة ويقصد بها المحافظة على الهدوء والسكون في الطرق واألماكن العامة‬
‫ومنع االزعاج في االحياء السكنية أو بالقرب من المستشفيات والمدارس ومنع استخدام الوسائل المقلقة‬
‫للراحة كمكبرات الصوت ويشمل ذلك منع الباعة المتجولين لما في ذلك من مضايقة للسير والجوالن‪،‬‬
‫فهذه األعمال ولو أنها ال ترقى إلى درجة اإلخالل باألمن العمومي ال أنها تتسبب لألفراد مضايقات‬
‫على درجة من القلق تستلزم تدخل اإلدارة لمنعها ‪،‬ويدخل في مدلول السكينة العامة حماية االخالق‬
‫اآلداب العامة وهو ما يطلق عليه بالنظام االدبي وتبعا لذلك ليس لسلطة اإلدارة الحق في مس المشاعر‬
‫أو االخالق أو األمور الدينية إال إذا اتخذت تلك األمور مظهرا خارجيا من شأنه التأثير في النظام‬
‫األدبي وبالتالي اإلخالل بالنظام العام ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الصحة العمومية ‪ :‬ويتحقق هذا الغرض بالتدخل للعمل على وقاية األفراد من‬
‫األمراض المعدية أو من كل مسبباتها كمنع انتشار األوبئة ورقابة األغذية واللحوم واألسماك وإعداد‬
‫المبحث الثالث‪ :‬وسائل الضبط اإلداري‬

‫تتوفر الشرطة اإلدارية على أساليب ووسائل قانونية متعددة تساعدها على اتخاذ تدابير‬
‫الشرطة الالزمة على أنه يجوز لها أن تستخدم عند الضرورة القوة العمومية في نطلق عمليات‬
‫الشرطة‪ ،‬فقد يتم اللجوء إلى تطبيق مقتضيات وأحكام األنظمة بواسطة قرارات تتضمن أوامر‬
‫ونواهي إلى شخص معين أو عدة اشخاص معنيين أما الوسيلة الثالثة كما ورد لدى بعض‬
‫الفقهاء هي الجزاءات اإلدارية ‪،‬وسندرس تباعا أساليب الضبط اإلداري ثم نتطرق لحاالت‬
‫وشروط االلتجاء إلى القوة العمومية من أجل تطبيق الضوابط اإلدارية والمحافظة على النظام‬
‫العام ‪.‬‬

‫تدابير الشرطة اإلدارية نوعان فهي إما تدابير جماعية تحدد بوجه عام الشروط التي يمكن أن‬
‫وتتغير مدى سلطة الشرطة اإلدارية حسب طبيعة األنشطة المعنية فعندما تتمثل هذه األعمال في‬
‫حريات يضمنها الدستور أو القانون لن يكون في وسع سلطة الشرطة سوى تحديد شروط القيام بها‬
‫دون أن تستطيع مبدئيا منعها أو فرض ترخيص عليها‪ ،‬وعلى العكس من ذلك إذا كان النشاط ال‬
‫يكتسي سوى صبغة إمكانية معترف بها لألفراد جاز لسلطة الشرطة أن تجعل القيام به متوقفا على‬
‫ترخيص أو تصريح سابق ويمكنها حتى منعها عند االقتضاء‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القرارات التنظيمية‬

‫األصل أن السلطة التنظيمية هي المختصة لإلشراف على تنفيذ القوانين وضمان النظام العام‬
‫‪،‬وتستلزم هذه الوظيفة التنفيذية إصدار أنواع من القواعد العامة المجردة الشبيهة بالتشريع والتي‬
‫تسمى األنظمة ويطلق عليا في الشرق العربي اللوائح ‪،‬فالقرارات التنظيمية تصدرها سلطة الضبط‬
‫اإلداري قصد المحافظة على النظام العام بمدلوالته الثالث ‪،‬وتتخذ أنظمة الضبط اإلداري مظاهر‬
‫بالدستور أو القانون فال يجوز لسلطات الضبط اإلداري أن تعطل ممارسة الحرية بتنظيم منع أحد‬
‫مظاهرها منعا شامال ودائما وأقصى ما يباح لهيئات الضبط هو تعطيل ممارسة الحرية ألمد مؤقت ينتفي‬
‫بزوال مقتضياته قد يتخذ نظام الضبط اإلداري مظهرا اشتراط الحصول على اذن سابق قبل ممارسة‬
‫احدى الحريات ‪،‬كما أن تقييد النشاط الفردي بنظام من أنظمة الضبط اإلداري يتخذ مظهر ضرورة‬
‫إخطار السلطة اإلدارية مقدما والغرض من ذلك أن تكون هيئة الضبط اإلداري على علم بمباشرة النشاط‬
‫لتتخذ بشأنه ما تراه مناسبا ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القرارات الفردية‬

‫لسلطة الضبط اإلداري الحق في استصدار القرارات الفردية الالزمة للمحافظة على النظام العام سواء‬
‫كانت هذه القرارات أوامر أو نواه أو تراخيص موجهة لألفراد ‪،‬فاألوامر الفردية قد تتخذ صورا مختلفة‬
‫بحسب األحوال قد تتضمن األمر بعمل شيء كاألمر بهدم منزل آيل للسقوط وقد تصدر باالمتناع عن‬
‫عمل شيء معين كاألمر بمنع اجتماع عام أو منع إلقاء‬
‫محاضرة كما قد يتضمن األمر الفردي منع ترخيص مزاولة نشاط معين وال تختلف هذه األوامر الفردية‬
‫عن سائر األوامر اإلدارية األخرى إال فيما يتعلق بأهدافها وغاياتها ولهذا فإنها تخضع لألحكام العامة‬
‫للقرارات اإلدارية ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬القوة المادية أو التنفيذ الجبري إلجراءات الشرطة اإلدارية‬
‫ال يقف حق اإلدارة عند إصدار قرارات تنظيمية أو أوامر فردية ملزمة لألفراد بل إنها تملك فوق ذلك حق‬
‫تنفيذ هذه األوامر جبرا إذا لم ينفذها األفراد وذلك باستخدام القوة المادية وذلك دون اللجوء إلى القضاء‬
‫وإجراءاته البطيئة بمنع اختالل النظام العام واجبار األفراد على احترام أحكام القانون وذلك باالستعانة بالقوة‬
‫العمومية ( القوات العمومية ‪،‬الشرطة ‪،‬الدرك القوات المسلحة الملكية ) ويعتبر التنفيذ الجبري امتياز من‬
‫امتيازات اإلدارة بل يعتبر من أهم امتيازاتها فاإلدارة تصدر بنفسها القرارات التنفيذية فالتنفيذ الجبري يفترض‬
‫أن الموجه إليه التدبير الصادر عن الشرطة اإلدارية ال يريد طواعية تحقيق أثر هذا التدبير بصورة قاهرة ‪.‬‬

‫على أن التنفيذ الجبري إلجراءات الشرطة اإلدارية ليس معناه إعفاء اإلدارة من الخضوع لرقابة القضاء بل‬
‫من نتيجته أن يغير الوقت الذي يتدخل فيه القضاء فبدال من أن يتدخل قبل التنفيذ فإنه يتدخل بعد التنفيذ ‪،‬ومن‬
‫حق االفراد دائما االلتجاء إلى القضاء لوقف اعتداء اإلدارة ومع ذلك فإنه قد يترتب على التنفيذ الجبري‬
‫لتدابير الشرطة اإلدارية نتائج خطيرة ال يسهل تداركها ‪،‬كما لو منعت اإلدارة اجتماعا سياسيا في مناسبة‬
‫معينة فال يمنع بعد ذلك إلغاء القضاء لهذا المنع حتى ولو قضى بالتعويض لهذه الهيئة التي طلبت عقد‬
‫االجتماع‪ ،‬من أجل هذا كله كان من الضروري إحاطة التنفيذ الجبري إلجراءات الشرطة اإلدارية بسياج من‬
‫المبحث الرابع‪ :‬رقابة القضاء على أعمال الضبط اإلداري‬
‫إن األعمال التي تقوم بها سلطات الشرطة اإلدارية بهدف الحفاظ على النظام على العام تخضع‬
‫للمراقبة مثلها مثل باقي األعمال الصادرة عن اإلدارة بصفة عامة وهو المبدأ الذي استقر عليه‬
‫كل من االجتهاد الفقهي واالجتهاد القضائي والتشريع وذلك نظرا لما يهدف إليه من غاية أسمى‬
‫تتمثل في جعل اإلدارة تعمل على ضمان سيادة القانون انطالقا من خضوعها ألحكامه ‪،‬فالشرطة‬
‫اإلدارية ملزمة باحترام الشرعية وإال اعتبرت إجراءاتها باطلة معنى ذلك أن هذه األعمال‬
‫واإلجراءات قد تلحق أضرارا باألفراد أو الجماعات عندما تكون مشوبة بعيب من عيوب‬
‫الشرعية وتتمثل المراقبة في مساءلة أجهزة الشرطة اإلدارية عما تقوم به من أعمال في مجال‬
‫المحافظة على النظام العام ‪،‬ومن األعمال التي قد تكون معرضة للطعن أمام المحاكم اإلدارية‬
‫كأن تكون قرارات الشرطة اإلدارية قد تتخذ في مجاالت غير التي هي كأن تكون قرارات‬
‫لها مما ينتج عنه متضررين من اإلجراءات المتخذة من طرف أجهزة الشرطة اإلدارية يستوجب‬
‫مطالبة القضاء بإلغائها بسبب الشطط في استعمال السلطة ‪،‬فبمقتضى المبادئ العامة للقانون تكون‬
‫جميع األعمال الصادرة عن اإلدارة خاضعة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة كما ينص‬
‫الفصل ‪ 8‬من القانون ‪ 90 41‬المحدث للمحاكم اإلدارية يتضمن من بين القضايا التي يبث فيها‬
‫القضاء اإلداري طلبات إلغاء قرارات السلطات اإلدارية بسبب الشطط في استعمال السلطة ومادام‬
‫أن سلطات الشرطة اإلدارية هي أجهزة إدارية فمعنى ذلك أن القرارات التي تصدر عنها هي‬
‫قرارات إدارية ‪،‬وقد لعب االجتهاد القضائي دورا رئيسيا من أجل اثبات مبدأ مراقبة اإلجراءات‬
‫الصادرة عن سلطات الشرطة اإلدارية ويدخل هذا التطور في إطار التطور العام الذي عرفه نظام‬
‫إلغاء القرارات اإلدارية بسبب الشطط في استعمال السلطة خصوصا في ظل النظام القضائي‬
‫الفرنسي الذي يعد فيه مجلس الدولة الفرنسي أحد ركائز االجتهاد القضائي ‪،‬وقد مارس مجلس‬
‫الدولة الفرنسي هذا االختصاص بإصداره منذ وقت مبكر مجموعة منالقرارات في مجال الشرطة‬
‫إن أعمال الشرطة اإلدارية باعتبارها صادرة عن سلطات إدارية فهي تخضع للمبدأ القاضي بضرورة‬
‫التعويض عن األضرار التي يكون ضحيتها األفراد نتيجة ممارسة اإلدارة لنشاطها‪ ،‬فعندما تتسبب‬
‫الشرطة اإلدارية في أضرار لألغيار أثناء قيامها بعملها فإنها تكون مسؤولة عن األضرار ويترتب‬
‫عن هذه المسؤولية تخصيص تعويض مواز لها فمبدأ خضوع أعمال الشرطة اإلدارية يجد أساسه‬
‫كذلك في التشريع واالجتهاد القضائي ‪،‬فاألضرار التي يتعرض لها األفراد من جراء األعمال التي‬
‫تقوم بها أجهزة الشرطة اإلدارية تستوجب بالضرورة قيام مسؤولية هذه األجهزة يترتب عليها‬
‫التعويض فمهما كانت طبيعة الخطأ فإن الدولة هي التي تعتبر مسؤولة عن تعويض األضرار التي‬
‫تلحق باألفراد بمناسبة ممارسة اإلدارة لنشاطها ومن ضمنها نشاط سلطات الشرطة اإلدارية ‪،‬أما‬
‫بالنسبة لالجتهاد القضائي فيمكن القول أن مسؤولية اإلدارة عن األضرار التي تسبب فيها لألفراد هي‬
‫في األصل من صنع القضاء اإلداري (قرار بالنكو الصادر عن محمة التنازع الفرنسية بتاريخ ‪8‬‬
‫فبراير ‪ ) 1873‬وقد عمل االجتهاد القضائي بالنسبة لنشاط الشرطة اإلدارية على التمييز بين ما يسمى‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المرافق العمومية‬
‫كما سبقت اإلشارة لذلك فإن النشاط اإلداري يتم حسب طريقتين‪ ،‬الطريقة األولى تتولى من‬
‫خاللها اإلدارة ضبط وتنظيم ومراقبة وتتبع األنشطة التي يقوم بها الخواص هذه الضوابط التي‬
‫تقتضيها المحافظة على النظام العام وهو ما يعرف بالضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية‬
‫والطريقة الثانية يتم بمقتضاها إنتاج وتزويد الناس بما يحتاجونه من الخدمات الالزمة لحياتهم‬
‫ويتم عن طريق المرافق التي تسيرها الدولة ويكون ذلك عندما تقرر السلطة العامة تعهدها‬
‫ببعض األنشطة فإن هذا التدخل يتم عن طريق المرافق العمومية‬
‫المبحث األول‪ :‬تطور فكرة المرفق العام‬
‫قبل بزوغ فكرة المرفق العام اعتمد فقهاء القرن التاسع عشر في فرنسا على فكرة السلطة العامة لتبرير‬
‫قواعد القانون اإلداري وانعقاد االختصاص للقضاء اإلداري عندما تتصرف اإلدارة كسلطة آمرة وناهية‬
‫ومستفيدة من نظام قانوني متميز يقرر شروطا وأوضاعا غير مألوفة في القانون الخاص لذلك ساهمت‬
‫فكرة السلطة العامة في إبراز قواعد القانون اإلداري وتطبيقها في عالقات اإلدارة وهي تؤدي المهام‬
‫التقليدية المتمثلة في األمن والدفاع واألمن والقضاء والتي يسهل تمييزها عن أنشطة الخواص ‪،‬تبعا لذلك‬
‫وفي ظل اإليديولوجية الليبرالية كان مفهوم السلطة العامة كافيا لتحديد نطاق القانون اإلداري بيد أنه مع‬
‫تطور مهام الدولة نتيجة انتشار المبادئ االشتراكية كان على الدولة أن تتدخل إلشباع الحاجيات العامة‬
‫الضرورية لألفراد كالتعليم والصحة لذلك أنشأت الدولة مشروعات عامة تقوم بتسييرها أو تشرف على‬
‫تدبيرها فطهرت مرافق جديدة ‪،‬من هنا يتبين بجالء أن حاجة اإلدارة لقانون مستقل ومتميز في مبادئه‬
‫المختلفة عن تلك التي يقوم عليها القانون الخاص ال تعود إلى كون اإلدارة صاحبة سلطة أو سيادة ولكن‬
‫‪،‬ومن هنا ظهرت أيضا فكرة المرفق العام كأساس جديد لتحديد مجال القانون والقضاء اإلداريين‬
‫تقوم على التمييز بين ما يتعلق بمرفق عمومي وما ال يتعلق به ‪،‬وبعبارة أخرى فإن ما يتعلق‬
‫بنشاط المرفق العام يتصل بالقانون اإلداري فيخضع الختصاص القضاء اإلداري وما ال يتعلق‬
‫بنشاط المرفق العام يتصل بالقانون الخاص فيخضع الختصاص القضاء العادي ‪،‬فمفهوم المرفق‬
‫العام يوجد في صلب القانون اإلداري نتيجة ارتباطه الوثيق بمفهوم السلطة العمومية ‪ ،‬والقضاء‬
‫اإلداري والقانون اإلداري ال يتناول من نشاط اإلدارة إال ما كان يتعلق بالمرفق العمومي للقانون‬
‫اإلداري بل إن اإلدارة حرة في أن تلجأ تارة إلى وسائل القانون الخاص تحت مراقبة أشخاص‬
‫القانون العام وسواء انطلقنا من المعنى التقليدي الذي تقوم عليه وظائف الدولة والذي ينطوي‬
‫على المحافظة على النظام العام أو بالمعنى الحديث لهذه الوظائف فإن فكرة المرفق العام قد تعتبر‬
‫إحدى مظاهر تدخل الدولة في كل الحياة سواء منها المجال اإلداري المحض الذي هو مجالها‬
‫لقد ساهمت عدة عوامل في تجاوز المفهوم التقليدي للمرفق العام وإلى األخذ بمفهوم حديث يواكب‬
‫ويستوعب التغيرات الهامة في وظائف الدولة هذه األخيرة التي وجدت نفسها مضطرة إلى التدخل‬
‫إلشباع حاجات عامة متطورة لصالح المواطنين كتوزيع الماء والكهرباء الصحة التدريس وهذا ما‬
‫أدى إلى كثرة وتنوع المرافق العمومية التي تديرها اإلدارة مباشرة أو تترك للخواص تدبيرها‬
‫تحقيقا للصالح العام ‪،‬وبالمقابل تنوعت صورة تدخل الدولة في إدارة المرفق العام بحيث خضعت‬
‫بعض األنشطة الحتكار اإلدارة وتم تقاسم أنشطة أخرى مع الخواص والمشاركة معهم أو االكتفاء‬
‫فقط بمراقبة وتنظيم أنشطة معينة ‪.‬‬

‫وقد أثرت هذه التطورات في الجوهر األصلي لنظرية المرفق العام الكامن في ارتباط تطبيق‬
‫القانون العام والقانون اإلداري بمفهوم المرفق العام وابتعاد تطبيق قواعد القانون الخاص على‬
‫العالقة القانونية المرتبطة بالمرفق العام‪ ،‬هذه الصورة لم تصمد أمام اهتمام نشاط اإلدارة ونشاط‬
‫‪ -‬تفوق المضمون المادي ( طليعة النشاط الذي يقوم به المرفق العام) عن المعنى العضوي (الهيئة‬
‫العامة التي تدير النشاط لتحقيق المصلحة العامة والخاضعة للقانون والقضاء اإلداريين) وعدم‬
‫تطابقهما‬

‫‪ -‬اتساع مفهوم المصلحة العامة بتنامي الحاجيات العامة التي بات األفراد يطالبون بتلبيتها مثل‬
‫التعليم النقل الصحة مما دفع بالخواص إلى القيام بمشروعات تقوم على خدمة المنفعة العامة‪ ،‬لذلك‬
‫لم يعد المرفق العمومي خاضعا بالضرورة للسلطة اإلدارية التي أحدثته‬

‫‪ -‬تجاوز قاعدة القانون اإلداري هو قانون المرافق العامة مادام أن المرافق العامة التجارية‬
‫والصناعية أضحت في حاجة إلى قواعد القانون الخاص أكثر من قواعد القانون العام وبذلك لم يعد‬
‫المرفق العام يتميز بتطبيق قواعد القانون اإلداري عليه بل يمكن أن تخضع لمزيج من القانون‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مدلول المرفق العام‬
‫تستعمل كلمة مرفق عام في القانون اإلداري للداللة على معنيين إما النشاط الذي يصدر عن الدولة أو‬
‫إحدى هيئاتها إلشباع حاجة عامة تحقيقا للمصلحة العامة‪ ،‬أو تطلق كلمة مرفق عام على الهيئة التي تزاول‬
‫ذلك النشاط وهو االتجاه العضوي أو الشكلي في تعريف المرفق العام وهكذا توجد نظرة مادية تنصرف‬
‫إلى نشاط المرفق ونظرة عضوية تنصرف إلى الجهة الممارسة لهذا النشاط‪.‬‬

‫ومن الفقهاء من اعتمد في تعريفه للمرفق العام على المعنى العضوي وآخرون اعتمدوا على المعنى‬
‫المادي في حين اعتمد البعض اآلخر على المعنيين معا وذلك باعتبار المرفق العام منظمة تعمل بانتظام‬
‫واطراد تحت إشراف أعضاء الحكومة بقصد أداء خدمة للجمهور مع خضوعها لنظام قانوني معين ‪،‬فكلمة‬
‫منظمة تدل على المعنيين المادي والعضوي معا ألنها تضم كل من العاملين واألموال واألنشطة التي‬
‫تتوالها ألداء الخدمة العمومية ‪،‬وأهمية التفرقة بين المرافق العضوية والمادية ال تظهر إال في الحاالت‬
‫وهو النشاط المرفقي أما إذا كانت الهيئة العامة هي التي تدير النشاط المرفقي نكون أمام مرفق‬
‫عضوي وهو الهيئة وآخر مادي وهو النشاط وتبعا لذلك تختفي التفرقة بين نوعي المرافق العامة‬
‫العضوية والمادية ‪ ،‬وتظهر أهمية التفرقة كذلك بين النوعين من المرافق في مسألة الخضوع ألحكام‬
‫أي القانونين العام أو الخاص‬
‫المطلب األول‪ :‬المفهوم العضوي والمادي للمرفق العام‬

‫يتجاذب اصطالح المرفق العام معنيين األول شكلي أو عضوي والثاني مادي أو موضوعي‬
‫‪،‬فالمعنى األول يفيد الهيئة العامة التي تدير النشاط القائم إلشباع الحاجات العامة فعندما يدار‬
‫المشروع بواسطة سلطة عامة نكون أمام مرفق عام عضوي ومن أمثلة ذلك الوزارات‬
‫والمستشفيات والجامعات ‪،‬حيث ينسحب مدلول المرفق العضوي على الجهاز اإلداري القائم لتلبية‬
‫أنشطة ذات منفعة عامة أما حين تتولى إدارة المشروع هيئة خاصة كما هو الشأن في أسلوب‬
‫االمتياز نكون أمام مرفق مادي حيث ينسحب معنى المرفق العام على النشاط المؤدى المتصل‬
‫بالصالح العام (التعليم ‪،‬الصحة ‪،‬توزيع الماء والكهرباء ) دون الهيئة الخاصة التي تؤديه ‪،‬ففي حالة‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المفهوم العضوي للمرفق العام‬

‫ويقصد بهذا المفهوم أن المرفق العام هو جهاز عام مكلف بتسيير نشاط ذي مصلحة عامة فهو‬
‫تنظيم تقوم الدولة بإحداثه وتتولى شؤونه بغاية إشباع الحاجات العامة وهكذا فإن الدولة تنشأ‬
‫مرافق عامة وتنظم سير نشاطها تحقيقا للمصلحة العامة إال أن هذا المفهوم أصبح متجاوزا على‬
‫اعتبار أنه يعير اهتماما بالغا بالناحية العضوية أي الجهة التي يصدر عنها نشاط المرفق في حين‬
‫أن االتجاه الحديث يعتمد على نشاط المرفق العام فذلك النشاط هو األصل في المرفق العام وهو‬
‫التجسيد الحي لفكرته بغض النظر عن الجهة أو الهيئة التي تدير المرافق ‪،‬كما أن األمر قد‬
‫استعصى عن التمييز عندما ظهرت إلى الوجود أنواع مختلفة من األنشطة إلشباع الحاجات‬
‫العامة وجعلت منها السلطات العامة مرافق عامة مع إناطة إدارتها باألفراد أو شركات خاصة‬
‫األمر الذي جعل القضاء اإلداري في فرنسا (مجلس الدولة الفرنسي)يؤكد بالنسبة لهذه المرافق‬
‫أنها مرافق عامة وقد عبر فالين عن ذلك صراحة عندما قال "إن الفكرة التقليدية القائمة على‬
‫فمن جهة نجد أن بعض الهيئات العامة ال تعتبر مرافق عامة ألنه ليس من غرضها تحقيق‬
‫المصلحة العامة ومن جهة أخرى ال نجد من بعض أنواع النشاط التي يعتبرها القضاء اإلداري‬
‫من المرافق العامة العناصر الالزمة للمشروع ‪،‬ومن هنا يتبين أن ال محل لذكر الهيئة في‬
‫صلب التعريف للمرفق العام كما أنه ال محل العتبارها من أركان المرفق العام " وبهذا يكون‬
‫القضاء والفقه في تعريفه للمرفق العام قد تبنى المعنى المادي فقد اعترف مجلس الدولة‬
‫الفرنسي للمرافق االقتصادية والتجارية بصفة المرفق العام كما يعرف موريس هوريو المرفق‬
‫العام انطالقا من العنصر العضوي الذي يعد في نظره "منظمة عامة تملك سلطات‬
‫واختصاصات وتستخدمها لتكفل تقديم خدمة معينة تقدمها للجمهور بانتظام واطراد "‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المفهوم المادي للمرفق العام‬

‫ويقصد به أن المرفق العام ما هو إال ذلك النشاط الذي تقوم به شخصية عامة تحقيقا للمصلحة‬
‫العامة‪ ،‬وفقا لهذا المفهوم فإن فكرة المرفق العام تتحدد على أساس النشاط الذي تمارسه هيئة‬
‫وجدير بالذكر أن هذا المفهوم أخذ به مجلس الدولة الفرنسي في حكمه المتعلق بالسيد كيريي حيث‬
‫قضى أن النشاط الذي قامت به اإلدارة المحلية إلبادة الحيوانات الصغيرة كاألفاعي قصد حماية‬
‫السكان يعتبر في حد ذاته مرفقا عاما‪.‬‬

‫إال أن هذا المفهوم على الرغم من استقالليته فإنه لم يسلم ومنذ قديم من التداخل مع المفهوم‬
‫العضوي وذلك نتيجة لكون نشاط اإلدارة ال يمكن ممارسته آنذاك إال في إطار هيئة عامة إدارية‬
‫‪،‬واعتمادا على هذا التداخل تم تعريفه على أن المرفق العام ما هو إال نشاط ذو مصلحة عامة تباشره‬
‫هيئة عامة ‪،‬ويستخلص من ذلك أن االتجاه في البداية سار على تغليب المعيار العضوي أو الشكلي‬
‫في تعريف المرفق العام إال أن التطورات التي جاءت فيما بعد جعلت المعيار الموضوعي أو المادي‬
‫يطفو على السطح وأصبح تعريف المرفق العام يعتمد على طبيعة النشاط أو الهدف الذي يسعى‬
‫لتحقيقه المشروع بغض النظر عن التنظيم الذي يمارس في ظله النشاط‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعريفات الفقهية والقضائية للمرفق العام‬

‫إن مدرسة المرفق العام ظهرت مالمحها بعد القراءة الجديدة لحكم بالنكو الذي يعتبر من بين األحكام‬
‫األولى الصادرة عن محكمة التنازع الفرنسية وقد قررت المحكمة لحل النزاع الذي حدث بين اإلدارة‬
‫ووالد الضحية ما يلي " حيث أن المسؤولية التي يمكن أن تتحملها الدولة نتيجة األضرار التي أصيب بها‬
‫الخواص من جراء أعمال األشخاص الذين تشغلهم في المرفق العمومي ال يمكن أن تحدد بالمبادئ‬
‫المقررة في القانون المدني والمنظمة للعالقات بين الخواص مع بعضهم البعض أن هذه المسؤولية ليست‬
‫عامة ومطلقة لها قواعدها الخاصة التي تختلف تبعا لحاجيات المرفق ولضرورة التوفيق بين حقوق الدولة‬
‫والحقوق الخاصة " إال أن الفقيه ‪ G.TIESSIER‬أحد مفوضي الحكومة لدى مجلس الدولة قال "إن‬
‫المرفق العمومي يمكن اعتباره أساس نظرية شاملة لالختصاص وكذلك للقانون اإلداري " وبفضل كونه‬
‫عضوا في مجلس الدولة الفرنسي فقد قام بمجهودات متوالية قصد إقناع تلك المحكمة بتبني أفكاره ‪.‬‬

‫إال أن الفقيه ‪ DEGUIT‬هو رائد نظرية المرفق العام والدولة بالنسبة إليه ليست شخصا يتمتع بالسيادة‬
‫‪ ،‬ويضيفون أن السلطة السياسية ال تملك أي حق من حقوق هذه السلطة وال يكون استخدامها لحقوقها‬
‫وامتيازاتها مشروعا خارج نطاق المرافق العامة‪.‬‬

‫ويعرف األستاذ دولوبادير المرفق العام " هو ذلك النشاط الذي تباشره سلطة عامة بقصد الوفاء بحاجة‬
‫عامة ذات نفع عام " أما األستاذ ريفيرو فتبنى التعريف المادي للمرفق العام الذي في نظره "نشاط يهدف‬
‫إلى تحقيق الصالح العام " ويعرف األستاذ سليمان الطماوي المرفق العام بأنه "مشروع يعمل باطراد‬
‫وانتظام تحت إشراف رجال الحكومة بقصد أداء خدمة عامة للجمهور مع خضوعه لنظام قانوني معين"‬
‫كما يعرفه األستاذ محمد فؤاد مهنا بأنه "مشروعات تنشئها الدولة أو تشرف على إدارتها وتعمل بانتظام‬
‫واستمرار متشبعة بسلطات اإلدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التي يتطلبها ال بقصد الربح ولكن‬
‫بقصد المساهمة في صيانة النظام وخدمة المصالح العامة في الدولة " ومن خالل هذه التعاريف يمكن أن‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عناصر المرفق العام‬
‫المطلب األول‪ :‬المرفق العام هو نشاط ‪ :‬لقد كان مدلول المرفق العام في السابق ينسحب على الجهاز‬
‫اإلداري الذي أحدثه لتلبية حاجيات ذات نفع عام وبذلك كان نشاط المرفق يتميز عادة بوجود هيئة أو‬
‫منظمة تشرف على تنظيمه ‪،‬وبهذه الصورة يتحدد المرفق العام الذي ينظر إليه كجهاز إذ ال أهمية‬
‫للنشاط في تحديد كمدلوله ‪،‬إال أنه مع ظهور أنشطة متنوعة قائمة على حاجيات عامة يديرها أفراد‬
‫أوهيئات خاصة بات المعنى الحديث للمرفق العام يرتكز على النشاط حيث يعد المرفق العام نشاط‬
‫يمارس من طرف الدولة أو األشخاص العامة األخرى التابعة لها مباشرة أو من قبل أشخاص آخرين‬
‫لكن تحت مراقبتها ‪.‬المطلب الثاني‪ :‬نشاط يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة ‪ :‬يمكن اعتبار عنصر‬
‫المصلحة العامة التي يرمي نشاط المرفق العام إلى تحقيقها أحد العناصر الجوهرية في المرفق العام‬
‫وتتحقق المنفعة العامة بإشباع الحاجات العامة وهي الحاجات التي يرى أفراد بالمجتمع أو الرأي العام‬
‫أهمية النشاط وما سيؤديه من منافع وبالمقابل‪ ،‬إذا اتخذ نشاط معين صبغة المنفعة العامة فإننا نكون أمام مرفق‬
‫عام حتى عندما ال تدير الدولة مباشرة ذلك النشاط وتشرف عليه إذ ال ينبغي أن يكون الهدف األساسي من ذلك‬
‫النشاط هو الربح‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النشاط تمارسه الدولة أو أحد األشخاص المعنوية العامة األخرى ‪:‬‬

‫مع تطور دور الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة التي تتدخل في الميادين االقتصادية والصناعية والتجارية‬
‫أصبح تدخلها متشعبا وتعددت المرافق العامة المنشأة من قبل الدولة وهيئاتها العامة من تلك التي تطبق قواعد‬
‫القانون العام والتي تطبق قواعد القانون الخاص‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬تتمتع الدولة بحق اإلشراف على المرفق العام ‪:‬‬

‫يعد خضوع المرفق العام إلشراف الدولة أو إحدى هيئاتها أحد العناصر األساسية لوجود المرفق العام ذاته‬
‫حيث يعود للدولة تقدير المجاالت والميادين التي من الضروري التدخل فيها لتلبية حاجات عامة غير أن درجة‬
‫خضوع تلك المرافق لرقابة الدولة تختلف حسب األسلوب الذي اختارت اإلدارة إدارة المرفق العام به‪ ،‬وبصفة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أنواع المرافق العامة‬
‫لقد أدى توسع وتنوع نشاط الدولة وتدخلها في مختلف الميادين واألنشطة سعيا إلى تحقيق الصالح العام إلى‬
‫أن يتنوع تبعا لذلك هذا النشاط المتمثل في المرافق العامة مما أدى إلى اختالف المعايير المعتمدة في تصنيفها‬
‫أو تقسيمها من حيث موضوع نشاطها إلى مرافق عامة إدارية واقتصادية واجتماعية ومهنية ‪،‬ومن حيث‬
‫نطاق نشاط المرفق يمكن تقسيمها إلى مرافق وطنية ومرافق محلية ‪،‬كذلك يمكن تقسيم المرافق حسب‬
‫اكتسابها للشخصية المعنوية من عدمها إلى مرافق عامة تتمتع بالشخصية المعنوية ومرافق غير متمتعة بها‬
‫‪،‬أو حسب سلطة الدولة في إنشائها إلى مرافق عامة اختيارية ومرافق عامة إجبارية ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تقسيم المرافق العامة حسب موضوع نشاطها‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المرافق العامة اإلدارية‬

‫وهي المرافق التي شكلت أساس القانون اإلداري واكتسبت صبغة المرفق العام في األصل وهي المرافق‬
‫العامة التقليدية التي تديرها الدولة وتظهر فيها بوصفها صاحبة مبادرة أو سلطة واآلمر والناهي كما تخضع‬
‫وتخضع في ذلك لقواعد القانون اإلداري وتديرها الدولة بواسطة األموال العامة والموظفين العموميين كما‬
‫تعد القرارات الصادرة عنها قرارات إدارية والعقود التي تبرمها عقودا إدارية والمنازعات المترتبة عن‬
‫نشاطها منازعات إدارية تخضع الختصاص القضاء اإلداري وتؤدي كذلك خدماتها للمواطنين بالمجان ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المرافق العامة االقتصادية‬

‫على إثر تزايد تدخل الدولة لتأمين حاجيات عامة جديدة ظهرت مرافق عامة اقتصادية ويقصد بها المرافق‬
‫العامة التي تقوم بأنشطة اقتصادية ذات صبغة صناعية وتجارية ومالية مماثلة للتي يزاولها الخواص‬
‫وتخضع لنظام قانوني مختلط بين القانون العام والخاص وقد ثبت مجلس الدولة الفرنسي في قرارات كثيرة‬
‫صفة المرافق العامة لهذه األنواع من األنشطة وذلك لتضمنها واحتوائها لفكرة المرفق العام القائمة على‬
‫إشباع الحاجات العامة لغرض تحقيق المصلحة العامة من قبل اإلدارة العامة وتحت إشرافها ومن أمثلتها‬
‫مرافق البريد والمواصالت وتوزيع الماء والكهرباء واألبناك وشركات التأمين ‪،‬كما أن طرق تدبير الدولة‬
‫لهذا النوع من المرافق العامة قد تختلف طبقا لما يالئم طبيعة النشاط االقتصادي للمرفق ووفقا لألسلوب‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المرافق العامة االجتماعية‬

‫يعرفها دولوبادير بكونها مرافق تهدف إلى تقديم خدمات اجتماعية للمستفيدين منها هذه الخدمات التي‬
‫تسعى إلى توفير ضمانات لبعض المواطنين ذوي الدخل المحدود ضد المخاطر الناجمة عن ظروفهم‬
‫االجتماعية‪ ،‬وهي المرافق التي تتولى بشأنها تقديم الخدمات االجتماعية للمنتفعين منها وقد ازداد هذا‬
‫النوع من المرافق انتشارا مع ازدياد تدخل الدولة وانتشار األفكار االشتراكية ومن أمثلتها المرافق العامة‬
‫للمساعدة االجتماعية‪ ،‬الضمان االجتماعي وتخضع عادة لمبادئ القانون اإلداري والقانون العام‪.‬‬

‫ومن حيث النظام القانوني الذي تخضع له المرافق االجتماعية فهو مختلط بين القانون العام والخاص إذ‬
‫نجد بعضها يتم تنظيمه بأساليب القانون العام وتتولى منازعاتها الختصاص القضاء اإلداري في حين أن‬
‫بعضها اآلخر يتم تسييره بأساليب القانون الخاص فتطبق عليها قواعد القانون الخاص وتؤول منازعاتها‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬المرافق العامة المهنية‬

‫يقصد بالمرافق المهنية تلك المرافق التي تتولى تنظيم وتوجيه مهنة معينة من لدن أعضائها أنفسهم مع‬
‫تمتع الهيئات التي تضطلع بإدارتها ببعض امتيازات وسلطات المرفق العام ومن أمثلتها نجد الغرف‬
‫المهنية والهيئات والنقابات كنقابة المحامين وهيئة األطباء والمهندسين والصيادلة وغيرها‪.‬‬

‫ويدخل تنظيم هذه المهن في صميم اختصاصات الدولة بوصفها قائمة على المصالح العامة فإذا رأت‬
‫الدولة أن تتخلى عن هذا األمر ألعضاء المهنة أنفسهم ألنهم أقدر عليه مع تخويلهم نصيبا من السلطة‬
‫العامة يستعينون به على تأدية رسالته مع االحتفاظ بحقها في اإلشراف والرقابة تحقيقا للصالح العام فإن‬
‫ذلك ال يغير من التكييف القانوني لهذه المهن بوصفها مرافق عامة‪.‬‬

‫إن تنظيم هذه المرافق يتخذ شكل هيئة أو نقابة تكون اإلدارة فيها لمجلس منتخب من بين أعضاء الهيئة‬
‫نفسها كما أن االنضمام إلى هذه النقابة يكون بصفة إجبارية بالنسبة ألعضاء الهيئة ‪،‬وتتولى النقابة‬
‫وقد أقر مجلس الدولة الفرنسي مرافق التنظيم المهني بمثابة مرافق عامة فهي أشخاص معنوية‬
‫تتولى تدبير مرافق عامة وتجدر اإلشارة إلى أن النقابات المهنية تخضع لنظام قانوني مختلط يجمع‬
‫بين القانون العام والخاص رغم أن الشطر الهام من نشاطها يحكمه القانون الخاص السيما ما يتعلق‬
‫بممارسة أعمالها المدنية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المرافق العامة حسب النطاق الجغرافي لنشاطها ‪ :‬تنقسم المرافق العامة من حيث‬
‫النشاط المكاني لنشاطها إلى مرافق عامة وطنية يمثل نشاطها مجموع التراب الوطني ومرافق عامة‬
‫محلية ينحصر نشاطها على حيز محدد من الدولة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المرافق العامة الوطنية ‪ :‬يقصد بالمرافق العامة الوطنية تلك المرافق التي يتسع‬
‫نشاطها ليشمل كل أجزاء التراب الوطني بحيث تهدف لتلبية حاجيات جميع المواطنين ومن أمثلة‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المرافق العامة المحلية ‪ :‬وتتحدد عناصر المرفق العام المحلي في ضرورة وجود مشروع‬
‫تمارسه مجموعة تستعين بوسائل مادية وبشرية من أجل هدف معين يتمثل في أداء خدمة لفائدة الجماعة‬
‫وسد حاجياتها وتكتسي هذه الخدمة طابعا محليا حيث تؤدى على الصعيد المحلي‪ ،‬فالمرفق العام المحلي‬
‫يؤدي خدماته من لدن هيئة محلية تمثل اإلرادة المعنية لسكان الجماعة المحلية وتكون غالبا الهيئة منتخبة‬
‫تعكس تطلعات السكان في تدبير الشؤون المحلية وتخضع هذه المرافق لرقابة السلطة المركزية‪.‬‬

‫وترتيبا على ذلك فإن المرافق العامة المحلية هي تلك المرافق التي يسير نشاطها على رقعة جغرافية‬
‫محددة ويستفيد من خدماتها سكان الوحدة الترابية المحلية سواء كانت جهة أو إقليم أو جماعة قروية‬
‫أوحضرية ومن أمثلة ذلك التطهير وتوزيع الماء والكهرباء والنقل الحضري وفي هذا الصدد أحدث‬
‫المشرع المغربي مؤسسات عمومية محلية إشباعا للحاجات المحلية وتلبية لرغبات السكان في مجال‬
‫الخدمات المحلية كالوكاالت المستقلة مثال‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تصنيف المرافق من حيث تمتعها بصفة الشخصية المعنوية من عدمها‬

‫يمكن تصنيف المرافق العامة كذلك من حيث مدى سلطة الدولة في مراقبتها وإدارتها إلى مرافق‬
‫عامة غير متمتعة بالشخصية المعنوية ومرافق عامة متمتعة بالشخصية المعنوية ‪،‬فبالنسبة لمعظم‬
‫المرافق العامة التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية أي التي ال تمارس نشاطها بدرجة من االستقالل‬
‫اإلداري والمالي تظل مرتبطة باألشخاص اإلدارية المنشأة لها وهي غالبا المرافق العمومية الوطنية‬
‫والتي لها أهمية بالنسبة لمجموع سكان الدولة كمرافق العدل واألمن ‪،‬أما بالنسبة للمرافق العامة‬
‫المتمتعة بالشخصية المعنوية فهي التي تتمتع باالستقالل اإلداري والمالي في نشاطها مع خضوعها‬
‫للرقابة والوصاية اإلدارية من لدن السلطات المركزية فيكون الغرض من إنشاء هذه المرافق هو‬
‫تفادي سلبيات اإلدارة المباشرة لبعض األنشطة المتمثلة في البطئ والتعقيد ‪،‬فالمصلحة العامة‬
‫تقتضي تمتع بعض المرافق العامة بالشخصية العامة بغية تحسين أداء خدماتها وتعرف هذه‬
‫المطلب الرابع‪ :‬المرافق العامة حسب سلطة الدولة في إنشائها‬

‫تنقسم المرافق العامة حسب سلطة الدولة في إنشائها إلى مرافق عامة اختيارية ومرافق عامة‬
‫إجبارية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المرافق العامة اإلجبارية ‪ :‬األصل أن للدولة وباقي األشخاص المعنوية العامة السلطة‬
‫التقديرية في إحداث المرافق العامة فيما يظهر لها ضرورة إشباع إحدى الحاجات العامة بواسطة‬
‫المرفق العام وال يملك األفراد إلزامها بذلك ‪،‬لكن قد تلزم اإلدارة بإحداث المرافق العامة بصفة‬
‫إجبارية إذ ال تملك الحرية واالختيار في إنشائها أو عدم إنشائها ألنها تتعلق بممارسة الوظائف‬
‫األساسية للدولة كمرافق الدفاع واألمن والقضاء والتعليم وإما ألن نصا دستوريا يلزم اإلدارة بإنشائها‬
‫‪،‬كما تحدث المرافق العامة بشكل إجباري نتيجة معاهدات دولية ‪،‬كما قد يلزم القانون الهيئات‬
‫الالمركزية إنشاء بعض المرافق العمومية المحلية إذ يتم إحداثها بموجب قانون ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المرافق العامة االختيارية ‪ :‬بالنسبة للمرافق العامة االختيارية يبقى لإلدارة حق إنشائها‬
‫المبحث الخامس‪ :‬المبادئ العامة للمرافق العامة‬
‫إذا كانت المرافق العامة تتباين من حيث نشاطها إلى مرافق عامة إدارية واقتصادية واجتماعية‬
‫ومهنية وتتباين أيضا تبعا لطبيعة الهيئة التي تشرف عليها فإنها تهدف جميعها إلى تحقيق‬
‫المصلحة العامة ‪ ،‬وفي سبيل حسن أداء المرافق العامة وتلبية حاجيات الجمهور في أحسن وجه‬
‫فإنها تخضع لقواعد ومبادئ أساسية دأب الفقه والقضاء على حصرها في ثالث مبادئ وهي‬
‫المساواة أمام المواطنين ومبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام واطراد أو ما يعرف بمبدأ‬
‫االستمرارية ثم مبدا قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير حسب مقتضيات المصلحة العامة ‪.‬‬

‫المرافق العامة تهدف إلى سد حاجات عامة وخدمات أساسية تقتضي المصلحة العامة ضرورة‬
‫توفيرها بطريقة مستمرة ومنتظمة لذا يعتبر سير المرافق العامة بانتظام واطراد أول قاعدة عامة‬
‫تحكم سير المرافق العامة على اختالف أنواعها ‪،‬كما أن المرافق العمومية من جهة ثانية تنشأ‬
‫وتدار لمصلحة الجمهور بغير تفرقة أو تمييز لذا كان واليزال مبدأ المساواة أمام المنتفعين من‬
‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية لهذا كان مبدأ مسايرة المرافق العامة للمقتضيات المستجدة ثالث‬
‫القواعد العامة التي تحكم سير المرافق العامة‬

‫• ‪ - 1‬مبدأسير المرافق العامة بانتظام واطراد أو مبدأ االستمرارية‬

‫• ‪ -2‬مبدأ مسايرة المرفق العام للمقتضيات المستجدة أو مبدأ قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير‬

‫• ‪ -3‬مبدأ مساواة المنتفعين أمام المرافق العامة أو مبدأ المساواة‬

‫وقد طور هذه المبادئ الفقيه لوي روالن ‪ louis Rolland‬حتى أصبحت تعرف بمبادئ لوي روالن‬
‫‪ Rolland‬حيث وصف المبادئ الثالث ب "القوانين الثالث للمرافق العامة " إال أنه مع التطور الذي‬
‫عرفته المرافق العامة من حيث آليات تدبيره وأهدافه اقترح األستاذ رشيد المرابط إضافة مبدأ الفعالية‬
‫كمبدأ رابع حيث أضاف أن مبدأ الفعالية يجب أن يصبح من مبادئ المرفق العام على غرار المبادئ‬
‫الثالث األخرى ومن المفروض أن يصبح مبدأ أساسيا وليس اختياريا‬
‫المطلب األول‪ :‬مبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام واطراد أو مبدأ االستمرارية‬

‫يعد مبدأ استمرارية المرفق العام في أداء أنشطته بانتظام واطراد من أول المبادئ التي تحكم سير‬
‫المرافق العامة بمختلف أنواعها وهو من المبادئ التي تم إقرارها من قبل االجتهاد القضائي‬
‫ويقتضي هذا المبدأ أن يقوم المرفق العام بمهامه ونشاطه وتقديم خدماته على سبيل الدوام‬
‫واالستمرار دون انقطاع أيا كانت الظروف التي يواجهها في مساره السيما أن تحقيق المصلحة‬
‫العامة تقترن باالستمرارية وبالدوام ألن توقف سير المرافق العامة أو تعطلها عن العمل ولو كان‬
‫عرضيا تكون له نتائج سيئة على المرتفقين الرتباط تلك المرافق بمصالحهم اليومية كما هو الشأن‬
‫بالنسبة لمرفق النقل والتعليم والصحة ‪،‬عالوة على أن ذلك قد يؤثر على النظام العام ويمكن‬
‫لألفراد الدفع أمام القضاء بعدم احترام مبدأ االستمرارية أو المطالبة بالتعويض عن األضرار التي‬
‫تلحقهم بسبب اإلخالل بواجب تأمين سير المرافق العامة ‪.‬‬
‫ويعتبر مبدأ استمرارية المرفق العام وسيره بانتظام من المبادئ العامة للقانون الذي ال يحتاج إلى تقرير‬
‫نص تشريعي ألن طبيعة المرفق العام تستلزم ضمان سيره بانتظام لخدمة المصلحة العامة‪.‬‬

‫غير أن هذا المبدأ ال يطبق بصفة مطلقة إذ ال يعني أن المرافق العامة يجب أن تشتغل في كل وقت‬
‫وطيلة أيام األسبوع لذلك هناك نسبية في تطبيق هذا المبدأ إذ يختلف طابعه اإللزامي من موقف آلخر‬
‫لذلك فإن االستمرارية تتحدد في كل حالة حسب القواعد المنظمة للمرفق‪.‬‬

‫تحدث المرافق العامة لتلبية حاجات عامة وتقديم خدمات أساسية لألفراد بصفة دائمة ومنتظمة ألن‬
‫المنتفعين يرتبون أمور حياتهم على أساس وجود المرفق واستمرار سيره ويمكن تصور االرتباك في‬
‫الحياة العامة واالضطراب االجتماعي الذي قد ينجم عن انقطاع خدمات األمن أو الماء أو الكهرباء ولو‬
‫لفترة قصيرة لذلك فقد قضى القضاء بإخضاع المرافق العامة لمبدأ االستمرارية وألزم السلطة العامة‬
‫بضمان ذلك مهما كانت الصعوبات والعراقيل‪ ،‬أما إذا كان المرفق يتم تدبيره من لدن أشخاص متعاقدين‬
‫مع اإلدارة فيقع على عاتق هؤالء التزام باالستمرار في أداء النشاط المرفقي مهما كانت الصعوبات التي‬
‫تعترضهم ‪،‬لذلك فتطبيق مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام على أعمال اإلدارة يقر ثالثة نتائج‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نظرية الظروف الطارئة‬

‫وهي من النظريات التي أحدثها االجتهاد القضائي ذلك انه من الممكن في العقود اإلدارية الطويلة األمد‬
‫أن تظهر خالل تنفيذها ظروف لم تكن متوقعة عند إمضاء العقد وهاته الظروف ال دخل إلرادة‬
‫المتعاقدين في ظهورها وتجعل تنفيذ العقد أمرا مرهقا وصعبا بل وتجعل االستمرار في تنفيذه غير ممكنا‬
‫‪،‬فإنه من حق المتعاقد أن يطالب من اإلدارة المشاركة معه في تحمل تلك األعباء الجديدة الطارئة إما من‬
‫خالل تعويضه جزئيا عن الخسائر التي لحقته من جراء الظروف الطارئة وإما عن طريق تعديل شروط‬
‫العقد ليتمكن المتعاقد من االستمرار في تنفيذ التزاماته ضمان لدوام سير المرفق العام الذي يرتبط به‬
‫العقد بانتظام وإطراد‪ .‬وأصل ظهور نظرية الظروف الطارئة يكمن في أحكام مجلس الدولة الفرنسي‬
‫التي أقرها خروجا عن المبدأ في عقود القانون الخاص التي تقوم على قاعدة العقد شريعة المتعاقدين‬
‫ضمان الستمرار المرفق العام والحيلولة دون توقف المتعاقد مع اإلدارة عن تنفيذ التزاماته وتعطيل‬
‫المرافق العامة ‪،‬وهكذا ظهرت هذه النظرية من خالل حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية شركة غاز‬
‫وبالتالي قد تؤدي إلى توقفه وتوقف خدماته فقد ارتأى المجلس أن المصلحة العامة تقتضي‬
‫مساعدة الشركة للتغليب على الصعاب الناجمة عن ارتفاع سعر الفحم‪ ،‬وطبقت بعد ذلك‬
‫نظرية الظروف الطارئة على أنواع عديدة من العقود اإلدارية ترتبط بالنقل واالشغال العامة‬
‫وأصبحت بالتالي نظرية قابلة للتطبيق عندما تتحقق شروط تطبيقها وهي كالتالي ‪:‬‬

‫‪ −‬أن يكون الظرف طارئا غير متوقع حين التعاقد‬

‫‪ −‬أن يؤدي الظرف الطارئ إلى جعل تنفيذ العقد عسيرا او مرهقا‬

‫‪ −‬أن يكون الظرف الطارئ مؤقتا وعرضيا‬

‫‪ −‬عدم إعفاء الملتزم من تنفيذ التزامه رغم الظرف الطارئ‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي‬

‫تعد نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي من النظريات التي تنبثق عن مبدأ دوام سير المرفق العام‬
‫بانتظام فإذا كان الموظف الرسمي هو الشخص الذي عين تعيينا صحيحا وفقا للمقتضيات القانونية‬
‫فإن الموظف الفعلي أو الواقعي هو ذلك الشخص الذي يعترف القضاء بصحة ومشروعية بعض‬
‫األعمال والتصرفات التي يأتيها وهو مزاول للوظيفة المرتبطة بسير المرفق العام وذلك دون أن‬
‫يكون معينا وفقا للقانون وعين تعيينا معيبا أو لم يصدر قرار بتعيينه أصال‪ .‬وبالرغم من أن األصل‬
‫األعم يفرض بطالن األعمال الصادرة عن الموظف الفعلي أو الواقعي باعتبارها أعماال صادرة‬
‫عن غير مختص أو مغتصب أو منتحل للوظيفة فإن القضاء أكد صحة وسالمة تلك األعمال ضمانا‬
‫الستقرار سير المرافق العامة‪ ،‬وترتبط تطبيق نظرية الموظف الفعلي باعتبارات تختلف حسب‬
‫الظروف التي قد تكون ظروفا استثنائية أو عادية‬

‫‪ -‬في الظروف االستثنائية‪ :‬حيث تقع بعض الظروف مثل الحروب واالضطرابات تؤدي إلى اختفاء‬
‫ممارسة صالحيات واختصاصات وظيفة معينة بالنظر لدواعي الفعل والواقع دون القانون وضمان‬
‫لسير المرفق العام بانتظام فإن الفقه والقضاء أقر بصحة األعمال التي يقومون بها وهم مزاولين‬
‫الختصاصات إحدى الوظائف العامة المرتبطة بالمرافق العامة مع ترتيب جميع اآلثار القانونية‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪-‬في الظروف العادية ‪ :‬حيث يحدث أن يتم تعيين أحد األشخاص على نحو غير قانوني في إحدى‬
‫الوظائف العامة أو انتخاب أفراد في إحدى الهيئات الالمركزية بصفة غير مشروعة ‪،‬وهكذا فاألصل‬
‫يقتضي بطالن تصرفات وأعمال هؤالء األشخاص من الموظفين الفعليين أو الواقعيين لكن الفقه‬
‫والقضاء أقر بصحة ومشروعية األعمال والتصرفات التي يأتونها استنادا إلى فكرة األوضاع‬
‫الظاهرة مادام أن الغير ال يعلم أن األشخاص الموجودين في الوظائف العامة ليسوا بموظفين‬
‫قانونيين وأن العيب الذي رافق تعيينهم خفي وغير ظاهر واستنادا أيضا لضرورة سير المرافق‬
‫العامة بانتظام ‪،‬ومثال ذلك كان يتم انتخاب أحد األعضاء خطأ ليشغل إحدى الوظائف العامة أو أن‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬تنظيم اإلضراب‬

‫يقصد باإلضراب امتناع الموظفين في المرافق العامة عن تأدية أعمالهم لفترة معينة وبصفة‬
‫مؤقتة دون أن تتجه النية إلى التخلي عن وظائفهم بشكل نهائي‪ ،‬واإلضراب بذلك يعد من أخطر‬
‫اإلجراءات التي تتعارض مع مبدأ دوام سير المرافق العامة ‪،‬ومن القواعد األساسية التي دأبت‬
‫عليها معظم الدول فيما يخص تنظيم اإلضراب تلك القاعدة التي تنطلق من أنه إذا كان من الجائز‬
‫اللجوء إلى اإلضراب في القطاع الخاص فإن ذلك ال يجوز إطالقا في المرافق العامة القائمة‬
‫على تحقيق الصالح العام لذلك بادرت معظم الدول إلى تحريمه واإلضراب هو اتفاق مجموعة‬
‫من العمال على التوقف عن العمل لفترة مؤقتة قصد إبراز استيائهم من أمر ما أو تحقيق بعض‬
‫المطالب المتعلقة بظروف العمل والحياة بصفة عامة ‪،‬ونظرا لخطورة اإلضراب على سير‬
‫المرفق العام فقد سارع المشرع واالجتهاد القضائي الى تحريمه وإذا كانت بعض التشريعات قد‬
‫سباقا إلى تحريم االضراب في حكم وينكل حيث جاء فيه "ومن حيث أن موظفي المرفق العام‬
‫بإضرابهم لم يتركبوا خطأ شخصيا فحسب وإنما قد وضعوا أنفسهم بهذا العمل السياسي خارج‬
‫نطاق القوانين واللوائح التي تضمن لهم مباشرة حقوقهم" وفي حكم مينيير قضى مجلس الدولة‬
‫الفرنسي كذلك " أن الموظف المضرب عن العمل يجعل نفسه بقيامه باإلضراب خارجا عن‬
‫إطار نظام الوظيفة العمومية فهو بذلك يحرم من صفة الموظف ومن الضمانات التأديبية‬
‫المقررة في مجال التأديب" وفي هذا الصدد يقرر ريفير بأن شرعية فصل الموظفين المضربين‬
‫دون إتاحة الفرصة إلطالعهم على ملف خدمتهم تستند إلى مكونين متميزين األولى أن‬
‫الموظف المضرب يكون قد ساهم في تعطيل سير العمل وهذا يعد خروجا عن القوانين واللوائح‬
‫التي تكفل له الضمانات التأديبية ومنها إطالعه مقدما على ملف خدمته قبل محاكمته تأديبيا‬
‫والثانية أن اإلدارة على إثر هذا اإلضراب تكون مهددة بتعطيل سير مرافقها العامة لذلك يجب‬
‫التي تكفل سير مرافقها العامة دون انقطاع ومنها سرعة فصل المضربين دون أن تمنحهم فرصة‬
‫اإلطالع على ملف خدمتهم قبل المحاكمة ‪،‬ولم يقتصر مجلس الدولة الفرنسي على حرمان‬
‫الموظف المضرب من الضمانات التأديبية وإنما قضى كذلك بأن مبدأ استمرار المرافق العامة‬
‫يخول اإلدارة أن تتخذ في حالة اإلضراب أو التهديد به كافة اإلجراءات الكفيلة باستمرار سير‬
‫المرافق العامة دون أن يقال أن هناك انحراف بالسلطة من جانبها ‪،‬وهكذا وانطالقا من دستور‬
‫‪ 1946‬ومقدمة دستور ‪ 1958‬الذي يحيل إلى إعالن حقوق االنسان والمواطن لسنة ‪1789‬‬
‫وماورد في حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية ديهين يستنتج أن اإلضراب حق لكن ضرورة‬
‫دوام سير المرافق العامة تقتضي تقييده والتضييق من نطاقه وال يعني ذلك إلغاء هذا الحق‬
‫ومصادرته كليا بل تنظيمه صونا للصالح العام ‪،‬غير أنه في سنة ‪ 1938‬صدر قانون بشأن‬
‫حقوق وواجبات الموظفين ليؤكد أن " يمارس الموظفون حق اإلضراب في إطار القوانين التي‬
‫‪ -‬لم يعد اإلضراب عمال غير مشروع ولكن حق الحكومة في أن تحرم اإلضراب في بعض‬
‫المجاالت وأن تقنن ممارسته بأن تفرض عليه قيودا وإجراءات ضمانا للصالح العام‪.‬‬

‫‪ --‬الحكومة من حقها اتخاذ بعض التدابير الوقائية من أجل التخفيف من آثار اإلضراب‬

‫في المغرب أثارت وضعية حق اإلضراب جدال قانونيا وفقهيا وسياسيا قبل دستور ‪ 1962‬كان‬
‫اإلضراب محرما بمقتضى الفصل الخامس من مرسوم ‪ 2‬فبراير ‪ 1958‬الذي نص "كل توقف‬
‫عن العمل بصفة مدبرة يمكن المعاقبة عليه خارج الضمانات التأديبية" والذي استندت إليه الغرفة‬
‫اإلدارية في قضية الحيحي ضد وزير التربية الوطنية ‪،‬ومع صدور دستور ‪ 1962‬والدساتير التي‬
‫لحقته أصبح حق اإلضراب مضمون وسيتولى قانون تنظيمي تبيان كيفية ممارسة هذا الحق غير‬
‫أن منع ممارسة اإلضراب المضمون بالدستور ال يمكن أن تظهر مشروعيته إال ضمن الحدود‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬االستقالة‬

‫يقصد باالستقالة ترك الموظف لوظيفته بحرية بصفة نهائية فهي عبارة عن عمل إرادي من جانب‬
‫الموظف يفصح فيه عن رغبته في ترك الخدمة نهائيا‬

‫إن اعتبارات المصلحة العامة وضرورة سير المرافق العامة بانتظام واطراد يجعل المشرع يحرص‬
‫عند تنظيم االستقالة على التوفيق بين حق الموظف في التمتع بهذا الحق والحق في القيام بالخدمات‬
‫التي يقتضيها المرفق العام‪.‬‬

‫وبما أن االستقالة يمكن أن تؤثر في سير المرافق العامة خاصة إذا حدثت في وقت غير مناسب أو‬
‫قبل أن تستعد اإلدارة لشغل الفراغ الذي ينتج عنها لذلك وجب تنظيمها على نحو يوفق بين الحفاظ‬
‫على مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد وحق الموظف أو العامل في ترك الخدمة وذلك‬
‫بوضع مقتضيات قانونية لتنظيمها ‪،‬وإذا تمت االستقالة وفقا لشروطها وقبلتها السلطة لمختصة فإنها‬
‫‪ −‬أن تكون االستقالة مكتوبة‪.‬‬

‫‪ −‬أال يقدم المعني باألمر طلبا لالستقالة تحت إكراه مادي‪.‬‬

‫‪ −‬أن يستمر الموظف في عمله إلى أن تقبل االستقالة صراحة أو ضمنيا بمضي ‪ 30‬يوما على‬
‫تقديمها‪.‬‬

‫وتعتبر االستقالة إحدى الصور التي تهدد قاعدة ومبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد‬
‫لذلك سلك القاضي اإلداري نهجا استهدف منه خلق توازن بين مصلحة الموظف من جهة‬
‫ومبدأ استمرارية المرفق العام من جهة أخرى ‪،‬فالممارسة العملية أظهرت أن اإلدارة في‬
‫الغالب تقبل طلب االستقالة إذا كانت ال تضر بالمصلحة العامة وال تؤثر على مبدأ استمرارية‬
‫المرفق العام ‪،‬واالستقالة تختلف عن االضراب حيث أنها أقل خطورة من اإلضراب ألنها‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬قاعدة منع الحجز على األموال العامة‬

‫إن تطبيق مبدأ دوام استمرارية المرفق العام بانتظام واطراد يقتضي عدم الحجز على أموال المرافق العامة‬
‫‪،‬إذ خالفا للقاعدة العامة التي تتيح الحجز على ممتلكات المدين الذي يمتنع عن الوفاء بديونه فإن المرافق‬
‫العامة ال يمكن الحجز على أموالها التي تعتمد عليها في تلبية الحاجات العامة ذات المنفعة العامة ‪،‬وبذلك فان‬
‫أموال المرافق العامة تخضع لنظام قانوني يحميها فباإلضافة إلى أنها غير قابلة للتفويت والتملك فإنه يمنع‬
‫الحجز عليها ألن في الحجز على أموال أشخاص القانون العام تعطيل لخدمات المرافق العامة وتهديد لها‬
‫بالتوقف واالنقطاع وهذا ما يناقض ومبدأ استمرارية المرفق العام‪ .‬والحماية المقررة لألموال العامة تقتضي‬
‫بأنه ال يجوز للغير الحجز على المال العام وفاء لدين أو ألي سبب آخر العتبارات عدة من أهمها عدم تعطيل‬
‫سير المرافق العامة‪ ،‬لكن هذا المبدأ طرأت عليه تغييرات خصوصا على مستوى أحكام القاضي اإلداري غير‬
‫أن الفقه اختلف حول مسألتين‪:‬‬

‫فيما يخص المرافق العامة التي تدار بواسطة االستغالل المباشر فيكاد يجمع الفقه على عدم جواز الحجز‬
‫أما المرافق العامة التي تدار بأسلوب المؤسسة العمومية والتي تتمتع باستقالل ما عن الدولة‬
‫في الجانب المالي فيرى بعض الفقه جواز الحجز على أموالها ذلك أن الدولة بمنحها تلك‬
‫المرافق الشخصية المعنوية أرادت أن تمنحها قدرا من االستقالل في التعامل وتحمل‬
‫المسؤولية المالية‪.‬‬

‫أما المرافق العامة التي تدار بأسلوب االمتياز فهي ال تتمتع بأية سلطات غير عادية ونشاطها‬
‫يخضع بالكامل لقواعد القانون الخاص األمر الذي يبرر استغالل طرق التنفيذ جميعها على‬
‫كافة أموالها‪ .‬ويرى بعض الفقهاء جواز الحجز على أموال المرافق العامة اعتبارا أنه ال‬
‫يمكن اعتبار جميع تلك األموال من الملك العام فهناك أموال ليست مخصصة لخدمة‬
‫الجمهور وهناك منتجات المرافق العامة المعروضة للبيع والتي تكون قابلة للتصرف بها‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير‬

‫تهدف المرافق العامة بطبيعتها إلى اشباع الحاجات العامة والتي هي بطبيعتها تتطور بفعل التقدم‬
‫العلمي والتكنولوجي والظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تمر بها الدولة والتي قد‬
‫تفترض إدخال تغييرات في نوعية الخدمة المؤداة وفي كيفية تأديتها‪ ،‬ومن تم فإن القواعد القانونية‬
‫المنظمة لمرفق ما يجب أن تكون قابلة للتغيير والتبديل في أي وقت طبقا لما تقتضيه للمصلحة‬
‫العامة دون أن يكون الحق ألي كان في الدعوة إلى اإلبقاء على المرفق العام على حالته‬
‫واالحتجاج بالحقوق المكتسبة ذلك أن اإلدارة هي التي يعود إليها االختصاص في توضيح وضعية‬
‫هذه المرافق العامة وضرورة تكييفها مع ما يحدث من مستجدات يقتضي القيام بالتغييرات‬
‫الالزمة وهذا المبدأ هو ما يعرف بمبدأ المالئمة ‪،‬وهكذا تسند إلى السلطة اإلدارية مهمة تكييف‬
‫المرفق قصد إرضاء الحاجة المرتبطة به ‪،‬وتختص هذه السلطة كذلك بإلغاء المرفق العام إذا‬
‫اختفت الحاجة التي أحدثت من أجله أو إذا كان من الممكن إرضاء هذه الحاجة طبق شروط‬
‫أماكن تعيين األعوان وظروف عملهم وتنظيم المرفق كما يمكن إلغاء المناصب رغم ما يقتضيه هذا‬
‫التدبير من احترام بعض القواعد ومن تخويل حقوق في التعويض عن اإلعفاء عن العمل ويتحمل‬
‫المنتفعون جميع التغييرات التي ترى السلطة المسؤولة أنه من الضروري إدخالها على المرفق ‪.‬‬

‫وقد استقر القضاء على األخذ بهذا المبدأ ‪،‬وفي هذا الصدد قضى مجلس الدولة الفرنسي بصحة‬
‫اإلجراء المتخذ من قبل اإلدارة بتعديل تعرفة تزويد الغاز كما قضت الغرفة اإلدارية بالمجلس‬
‫األعلى في نازلة الشركة الكهربائية العمومية سنة ‪1967‬تملك اإلدارة حق التعديل بصفة انفرادية‬
‫فيما يخص االمتيازات المتعلقة بالمرفق العمومي وبالخدمة التي يؤديها أصحابها إلى الجمهور وقد‬
‫استقر الفقه والقضاء على أن يسري مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير والتبديل وفقا لمقتضيات‬
‫المصلحة العامة على جميع المرافق العامة سواء تلك التي يتم تدبيرها من لدن اإلدارة نفسها في‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مبدأ المساواة‬

‫إذا كانت المرافق العامة قد وجدت إلشباع الحاجات العامة فإنها قانونيا تلتزم بتقديم خدماتها على أساس‬
‫المساواة بين جميع األفراد دون تمييز بينهم بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة حينما‬
‫تتوفر فيهم شروط االستفادة من تلك الخدمات ‪،‬لذلك يعد مبدأ المساواة من المبادئ األساسية المترتبة عن‬
‫وجود المرفق العام حيث يتساوى الجميع أمامه سواء في االستفادة من خدماته أو المساهمة في تحمل‬
‫أعبائه وقد ورد هذا المبدأ في إعالن الحقوق والمواطن في فرنسا لسنة ‪" 1789‬مبدأ المساواة أمام‬
‫المرافق العامة "وحق جميع المواطنين في تقلد الوظائف "كما ينص على واجب أداء الضرائب والحق‬
‫في مراقبة إنفاقها‬
‫واستعمالها ‪،‬وقد أكد الدستور المغربي كذلك على مبدأ المساواة أمام خدمات المرافق العامة حيث نص في‬
‫ديباجة الدستور على إرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع باألمن والحرية والكرامة والمساواة‬
‫وتكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية والفصل الذي ينص ‪ "19‬يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة‬
‫بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والفصل ‪" 28‬تعمل الدولة والمؤسسات‬
‫والفصل ‪" 154‬يتم تنظيم المرافق العمومية على أساسي المساواة بين المواطنات والمواطنين‬
‫في الولوج إليها واالستمرارية في أداء الخدمات " والمساواة أمام المرافق العامة ال يقصد بها‬
‫المساواة المطلقة حيث يجوز لكل فرد في المجتمع أن يستفيد من خدمات المرفق العام بدون‬
‫قيد أو شرط وإنما يقصد به المساواة بين جميع األفراد الذين تتحقق فيهم الشروط التي فرضها‬
‫المرفق العام لالستفادة من خدماته لذلك ليس هناك أي تناقض مع مبدأ المساواة حين تقرر أو‬
‫تضع اإلدارة شروطا يتعين استيفائها من لدن األشخاص الذين يريدون االستفادة من خدماتها‬
‫كاشتراط التوفر على الشهادة أو اشتراط التوفر على مستوى تعليمي قصد ولوج إحدى‬
‫الوظائف العامة أو دفع رسوم نظير االستفادة من خدمات المرفق العام تبعا لذلك فمبدأ‬
‫المساواة يطبق بالنسبة للمرتفقين الموجودين في نفس المركز وفي نفس الظروف وبالتالي‬
‫فمبدأ المساواة ال يتناقض مع تعامل المرفق العام تعامال مختلفا مع فئات متباينة من‬
‫‪ ،‬فالتمييز في جميع الحاالت السابقة ليس تمييزا بين فرد أو آخر وإنما هو تمييز راجع الختالف‬
‫المراكز والظروف التي تقتضي مبادئ العدالة ومصلحة المرفق العام أو الصالح العام التمييز بينهم‬
‫وينطبق ذلك مثال على التعيين في الوظائف السامية لإلدارة ‪،‬ومن جهة أخرى فقد تقرر بعض‬
‫القوانين امتيازات تمنح بصفة خاصة لكل من تتوفر فيهم شروط معينة وذلك تحقيقا ألغراض سياسية‬
‫أو اجتماعية كتخصيص نسبة من الوظائف ألبناء المقاومين أو تخصيص منح دراسية للمتفوقين‬
‫وأبناء الفقراء فتمثل هذه المعاملة الخاصة فضال عن أنها تقررت بنصوص عامة فإنها ليست خاصة‬
‫بأفراد معينين بل تقررت بصفة عامة لكل من يتوفر على الشروط المنصوص عليها مما يجعلها‬
‫تتالءم مع مبدأ المساواة ‪ .‬ومادام مبدأ المساواة هو أحد المبادئ األساسية التي تحكم المرافق العامة‬
‫فإن أي إخالل به يجعل العمل اإلداري باطال ويتيح لألفراد الحق في الطعن بإلغاء ذلك العمل‬
‫والتعويض عن األضرار التي لحقت بهم من جراء ذلك وبغض النظر عن طبيعة الهيئة المسيرة‬
‫المبحث السادس‪ :‬طرق إدارة المرفق العام‬
‫إن تدبير المرافق العامة يقتضي إتباع بعض األساليب حيث ال تدبر هذه المرافق بكيفية موحدة نظرا لتعدد‬
‫طرق التدبير‪ ،‬وتتحدد هذه الطرق واألساليب حسب طبيعة النشاطات المعنية ومدى درجة تدخل السلطات‬
‫وطنية أو محلية في إدارة هذه النشاطات‪ ،‬ومن تم فإن طرق إدارة المرافق العامة قد تتخذ أشكاال مختلفة‬
‫وتتحدد أهم الطرق في‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االستغالل المباشر‬

‫ويقصد بهذه الطريقة ان تقوم الدولة بنفسها بإدارة وتنظيم وتسيير المرفق العام مباشرة عن طرق أموالها‬
‫وموظفيها مستخدمة في ذلك وسائل القانون العام وأن تتحمل مسؤوليتها عن جميع المخاطر الناجمة عن‬
‫الناجمة عن إدارة المرفق العام ‪،‬وتتبع طريقة االستغالل المباشر عادة في إدارة المرافق العامة اإلدارية وذلك‬
‫نظرا ألهميتها والرتباطها بمصالح المواطنين الحيوية لذلك كانت الدولة حريصة على إدارتها بنفسها ضمان‬
‫لتحقيق واستمرارية خدماتها ‪،‬غير أن هذا ال يعني عدم إمكانية استعمال هذا األسلوب في إدارة بعض المرافق‬
‫العامة الصناعية والتجارية إال أن اتباع هذا األسلوب بالنسبة للمرافق العامة اإلقتصادية من شأنه أن يقلص‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المؤسسة العمومية‬

‫إن المؤسسة العمومية هي أسلوب من األساليب المتبعة في إدارة المرافق العامة فلما تبينت بعض‬
‫مساوئ اإلدارة المباشرة لبعض المرافق العامة المتعلقة بالروتين وبطئ اإلجراءات أو مخالفة‬
‫القواعد المتعلقة بطبيعة النشاط للمرفق العام وخاصة المرافق الصناعية والتجارية ‪،‬اتجهت الدول‬
‫إليجاد واستخدام أساليب أخرى إلدارة المرافق العامة إلى جانب هذا األسلوب ومنها المؤسسة‬
‫العمومية ‪،‬والمؤسسة العمومية أسلوب آخر من أساليب إدارة المرافق العامة من قبل األشخاص‬
‫العامة وهي تشبه طريقة إدارة المرافق العامة باالستغالل المباشر من حيث أنها تدار من قبل‬
‫األشخاص العامة ولكن مع الفارق المتمثل في أن طريقة االستغالل المباشر تعني اإلدارة‬
‫المباشرة للمرفق العام من قبل الشخص العام بينما المؤسسة العمومية تعني ذلك المرفق العام‬
‫الذي يتمتع بالشخصية المعنوية فيكون له بموجبها قدر من االستقالل اتجاه الشخص العام الذي‬
‫ويبدو هذا األسلوب كطريقة لتمكين المرافق العامة التي تحصل على الشخصية المعنوية أن‬
‫تدير شؤونها وبصورة مستقلة عن السلطة العامة اإلدارية التي كانت تتبعها‬

‫أصال هذا االستقالل للمؤسسات العمومية في إدارة شؤونها وتحقيق أغراضها يبرز بجالء‬
‫الشق اآلخر من الالمركزية اإلدارية وهي الالمركزية المرفقية القائمة على استغالل‬
‫المرافق العامة عن السلطات اإلدارية التي تتبعها ‪،‬وهكذا فالمؤسسات العامة هي من‬
‫األشخاص العامة المرفقية والمتخصصة في إشباع حاجات عامة معنية ومن عناصر وجود‬
‫مرفق عام يتمتع بالشخصية المعنوية أن يكون غرض المؤسسة العمومية تأدية نشاط مرفق‬
‫عام أي إشباع حاجات معينة والمهم في هذا التخصص هو اقتصاره على غرض محدد هو‬
‫إشباع حاجات عامة معينة ومحددة واليجب أن يتعارض نشاطها مع تخصصها أي الغرض‬
‫من إنشائها‪ ،‬باإلضافة إلى أن االستقاللية ال يجب أن تخرج عن القواعد المقررة لها بقانون‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مرافق الدولة المسيرة بطريقة مستقلة‬

‫رغبة من المشرع المغربي في تحسين التدبير المالي لبعض المرافق العامة غير المتمتعة‬
‫بالشخصية المعنوية ورغبة في منه في عقلنة المسؤوليات المنوطة بإدارة المرفق العام والتي‬
‫يجب أن ترتكز باألساس على ال تمركز المهام وإمكانية اتخاذ القرارات ‪،‬ونظرا ألهمية بعض‬
‫المرافق العامة التي تقوم بأنشطة اقتصادية وتجارية وإدارية ومهنية واجتماعية تم إحداث نوع‬
‫جديد من المرافق العامة تسمى مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ‪،‬وقد نص مرسوم‬
‫المحاسبة العمومية على أنه " تعتبر بمثابة مصالح تسيرها الدولة بصفة مستقلة مصالح الدولة‬
‫التي تغطي بموارد خاصة بعض نفقاتها غير المقتطعة من الميزانية العامة للدولة " في حين‬
‫عرفها القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ "7.98‬بأنها مصالح الدولة غير المتمتعة بالشخصية‬
‫المعنوية والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتها غير المقتطعة من االعتمادات المقيدة في‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أسلوب االمتياز‬

‫اذا كانت طريقة االستغالل المباشر تعني إدارة المرفق العام من قبل السلطات العامة أو األشخاص‬
‫العامة عن طريق موظفيها وأعوانها وأن أسلوب المؤسسة العامة يعني منح المرفق العام شخصية‬
‫معنوية تجعله في عداد األشخاص العامة المستقلة في إدارة شؤونها ‪،‬فإن أسلوب االمتياز يختلف عن‬
‫االسلوبين السابقين في إدارة المرافق العامة باعتبار أن الشخص العام ينيط استغالل المرفق العام إلى‬
‫شخص خاص قد يكون شركة من الشركات وقد يكون فردا من األفراد ويعرف االجتهاد الفقهي هذا‬
‫األسلوب بانه أسلوب يسند بواسطة شخص عمومي الذي هو مانح االمتياز إلى شخص ذاتي واعتباري‬
‫يسمى صاحب االمتياز بغية تسيير مرفق عمومي تحت مراقبة السلطة مانحة االمتياز‪ ،‬يتضح إذن من‬
‫خالل التعريف أن امتياز المرفق العمومي هو عقد من طبيعة خاصة تجعله يخضع لشروط ومبادئ‬
‫تميزه عن باقي العقود األخرى فامتياز المرفق العمومي تخضع من الناحية المبدئية للشروط المتبعة‬
‫في مجال التعاقد فهو يخضع من الناحية المبدئية للشروط المتبعة في مجال التعاقد كما يخضع للشروط‬
‫التي ال يكون من حق اإلدارة أن تتدخل لتغييرها بشكل انفرادي والشروط التنظيمية التي رغم كونها تبدو‬
‫شروط تعاقدية إال أنها تستمد قوتها من موافقة صاحب االمتياز بل من السلطة التي تتوفر عليها اإلدارة‬
‫والتي يكون من حقها أن تغيرها بشكل انفرادي إذا ما اقتضت المصلحة العامة ذلك ‪.‬‬

‫ويخضع االمتياز لمجوعة من المبادئ حيث يعتبر عقد االمتياز من العقود اإلدارية التي تلعب فيها السلطة العمومية‬
‫دورا أساسيا باعتبارها مانحة االمتياز ومن تم فهي تتمتع بمجموعة من الحقوق التي تمكنها من التدخل قصد‬
‫ضمان سير مجدي للمرفق العام موضوع االمتياز ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬حرية اإلدارة في اخيار صاحب االمتياز ‪ -‬حق اإلدارة في المراقبة ‪ -‬حق اإلدارة في تغيير الشروط التنظيمية‬
‫للعقد ‪ -‬حق اإلدارة في استرداد المرفق العمومي‬

‫وإذا كان صاحب االمتياز يخضع لمجوعة من الواجبات التي من شأنها تأمين تسيير المرفق العام فانه يتمتع اتجاه‬
‫اإلدارة بمجوعة من الحقوق التي تمكنه من تحقيق هذا الغرض ومنها‪:‬‬

‫‪-‬حق االستفادة من امتيازات المرفق العمومي ‪-‬حق فرض الرسوم على المرتفقين ‪-‬الحق في الحفاظ على التوازن‬

You might also like