Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الأولى مقدمة عامة
المحاضرة الأولى مقدمة عامة
مقدمة عامة:
يقتض ي تنازل مادة مساطر صعوبات املقاولة التقديم لها بتدقيق بعض املفاهيم ،وبيان أسباب نزول
نظام صعوبات املقاولة ،قبل الوقوف على اهم مالمح هذا النظام.
-1التعريف باملادة:
يتعلق األمر بمادة مساطر صعوبات املقاولة ،وللوقوف على مدول هذه املادة ال بد من تفكيك العنوان .أي
أننا أمام مساطر يتعين اتباعها من أجل االستفادة من الحلول الوقائية والعالجية التي تضمنها الكتاب
الخامس من مدونة التجارة.
تحيل الصعوبات لغويا على كل واقعة طارئة أو وضع غير عادي يحول دون سير األمور وفق مجراها
العادي؛ وهو ذات املعنى املقصود في الكتاب الخامس .وقد أورد املشرع الصعوبات بصيغة الجمع للداللة
على تنوعها من حيث الطبيعة ودرجة الجسامة والتأثير على املقاولة.
أما املقاولة فتحيل على املقاولة التجارية دون غيرها من املقاوالت ،بحيث أوضحت املادة 546بأن األمر
يتعلق باملقاولة التجارية أي الشخص الذاتي التاجر أو الشخص االعتباري التاجر.
وقد خصص املشرع كتابا مستقال ملساطر صعوبات املقاولة ضمن مدونة التجارة ،مما يترجم األهمية
البالغة لهذه املساطر.
-2أسباب النزول
فرض كون التعاقد املدني شانا خاصا يمس أطراف العقد تطبيقا ملبدأ نسبية أثر العقد ،تعامال خاصا من
املشرع ،بحيث ترك مسافة لحرية اإلرادة بالنسبة للمتعاملين.
غير أن هذه القاعدة يتم عكسها في التعاقد التجاري ،ألنه وإن بدأ كشأن خاص ينتهي ويؤول إلى شأن عام
يؤثر اإلخالل به على عدة مصالح تشكل في مجموعها املصلحة العامة؛ مما فرض تدخل املشرع في التعاقد
التجاري من أجل حماية االئتمان الذي يقوم عليه هذا التعاقد.
1
هذا التدخل تم عبر آليتين ،أولهما تنظيم آجال أداء الديون التجارية من جهة ،وآلية املساطر الجماعية
للمقاوالت التي تواجه صعوبة ،والتي بدأت بنظام اإلفالس كنظام عقابي يعقب التاجر املخل باالئتمان
وينصف الدائن ،ثم تطورت إلى نظام مساطر صعوبات املقاولة الذي يرمي إلى إنقاذ املقاولة مع استحضار
املصالح األخرى من جهة ثانية.
يرتكز تدخل املشرع هنا على مبدأ استباقي وعند االقتضاء مبدأ عالجي ،وال يصار إلى إنهاء املقاولة إال
عندما يتعذر اإلبقاء عليها في الحياة التجارية.
يتسم نظام مساطر صعوبات املقاولة بمجموعة من املبادئ التي تستفاد من مقتضياته ،وتشكل في
مجموعها مالمح لهذا النظام .وفيما يلي أهم هذه املبادئ.
يمثل نظام مساطر صعوبات املقاولة قواعد استثنائية ملواجهة وضعية غير عادية في ▪
املقاولة ،مما يبرر الخروج عن هذه القواعد العامة وعكسها في كثير من األحوال ،من أجل
إنقاذ املقاولة
يمثل نظام مساطر صعوبات املقاولة طفرة مهمة في تطور تعامل املشرع مع املقاولة ▪
التاجرة املدينة ،بحيث أصبح التركيز على إنقاذها ملا فيه من مصلحة عامة ،عوض
معاقبتها إلخاللها باالئتمان ومن تم إنصاف الدائن.
أسس املشرع املغربي مساطر صعوبات املقاولة على قاعدة التناسب بين الصعوبات من ▪
حيث الطبيعة ودرجة التأثير على املقاولة ،وبين الحلول أو وصفات الوقاية والعالج ،على
نحو يفي في أحوال خاصة أي دور للمقاولة في حد ذاتها ولو أنها هي املقصودة بهذه
املساطر.
يتميز كذلك نظام مساطر صعوبات املقاولة بهيمنة للدور التدخلي للقضاء ،الذي منحه ▪
املشرع سلطة التدخل من تلقاء نفسه ولو دون طلب ،وحتى إن تدخل بناء
إشراك الدائنين في املساطر ،إذ بينما كان الدائن في املاض ي خصما يال يهمه سوى استيفاء ▪
دينه ولو أدى ذلك إلى إنهاء حياة املدين ،أصبح شريكا في املساطر يراد له أن يساهم
ويقدم تنازالت قصد املساعدة على إنقاذ املقاولة.
2