You are on page 1of 3

‫أبو حنيفة بيقول إيه‪ :‬البيرة حالل‪ ..

‬طب والنووي‪ :‬الصحابة‬


‫كانوا يشربون النبيذ‬
‫ال ننسى الهجمة الشرسة التي تعرض لها الدكتور سعد الدين الهاللي عضو مجمع البحوث اإلسالمية‪ ،‬وأستاذ الفقه المقارن‬
‫بجامعة األزهر‪ ،‬التي جاءت إثر فتوى له عبر أحد الفضائيات في العام ‪ ،2012‬والذي قال فيها‪ ،‬إن «تناول قليل من البيرة‬
‫المصنوعة من الشعير‪ ،‬والخمر المصنوع من التمر والنبيذ من غير العنب‪ ،‬الذي ال يسكر حالل‪ ،‬ما دام ال يسبب حالة من‬
‫السكر‪ ،‬وذهاب أو غياب العقل‪ ،‬أما الكثير الذي يسكر فحرام»‪ ،‬ولم نكلف خاطرنا في البحث عن مصدر تلك الفتوى‪.‬‬

‫وثارت مختلف أوساط المجتمع بما فيها العلماء المتخصصين في الفقه والشريعة‪ ،‬لتشجب وتستنكر تلك الفتوى‪ ،‬ووجهت له‬
‫اتهامات بأنه يدعوا لتناول الخمر‪ ،‬ويحلل ما حرم هللا‪ ،‬وما نسوقه في تحقيقنا التالي ليس دفاعا عن الفتوى أو تحليال لشرب‬
‫الخمر‪ ،‬ولكن نسعى الستيضاح الحقائق ومعرفة األحكام الشرعية من أهل االختصاص‪.‬‬

‫وعثرت« صوت األمة »على كتاب له طبعة واحدة صحيحة كاملة‪ ،‬وهو «كتاب‪ :‬المجموع‪ -‬في شرح المهذب للشيرازي»‬
‫لإلمام النووي وهو من كبار علماء السنة والفقه اإلسالمي‪ ،‬حيث وجدنا في ذلك الكتاب مايؤكد صحة فتوى الدكتور الهاللي في‬
‫شرب الخمر‪ ،‬وهو ماساقه الكتاب في رأي لإلمام أبي حنيفة النعمان‪ ،‬صاحب المذهب اإلسالمي السني األكثر انتشارا بين‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫ويوضح الكتاب المطبوع بالمملكة العربية السعودية ماذكره اإلمام أبي حنيفة في رأيه حول تناول النبيذ والبيرة‪ ،‬فيقول‪« :‬وأما‬
‫النبيذ فقسمان‪ :‬مسكر وغير مسكر‪ ،‬فالمسكر نجس عند جمهور الفقهاء ويأخذ حكم الخمر في التحريم‪ ،‬أما عند أبي حنيفة وطائفة‬
‫قليلة‪ ،‬هو طاهر ويحل ربه وفي رواية عنه يجوز الوضوء به في السفر في عدم وجود الماء‪».‬‬

‫ذلك الرأي الذي ساقه الكتاب‪ ،‬لإلمام أبي حنيفة جعلنا نتساءل عن شرعية تلك الفتوى‪ ،‬وعرضها على أهل العلم واالختصاص‬
‫من علماء األزهر لبيان األحكام الشرعية والفقهية حول تلك المسألة‪.‬‬

‫الدين بيقول إيه؟‬

‫يوضح الدكتور أحمد عمر هاشم عو هيئة كبار العلماء‪ ،‬بأن الخمر حرام بإجماع الفقهاء عمال بقول النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫«كل مسكر خمر‪ ،‬وكل مسكر حرام‪ ،‬وما أسكر كثيره فقليله حرام»‪ ،‬مشيرا إلى أن كل ماء اسكر وأذهب العقل حرام حرام‪،‬‬
‫حتى وإن كان قليلة غير مسكر فحرام أيضا‪.‬‬

‫وأوضاف عضو هيئة كبار العلماء بأن ما ذهب إليه اإلمام أبي حنيفة النعمان في رأيه حول الخمر‪ ،‬فهو يطلق على األحكام التي‬
‫ساقها للمضطرين الذين اشرفوا على الهالك ولم يجدوا شيئا سوى الخمر أو مشتقاتها‪ ،‬فأجاز لهم مايسد رمقهم منها‪ ،‬ألن اإلسالم‬
‫رفع الحرج للمضطرين‪ ،‬وهو الرأي الذي أفتى به جمهور الفقهاء‪ ،‬فليس على المضطر حرج‪.‬‬

‫ويشير الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث اإلسالمية‪ ،‬واستاذ الفقه بجامعة األزهر‪ ،‬بأن ماذهب إليه جمهور أهل العلم‬
‫والفقهاء هو التحريم للخمر ومشتقاتها إال في حاالت الضرورة‪ ،‬التي اوضحها اإلسالم كالتداوي‪ ،‬وفاقد وجود الماء‪ ،‬وغير ذلك‬
‫من الحاالت الضرورية‪.‬‬
‫وأوضح عضو مجمع البحوث‪ ،‬بأن ماذهب إليه اإلمام أبي حنيفة في رأيه جاء لما عرف به الخمر عنده‪ ،‬فيرى أبي حنيفة بأن‬
‫الخمر هي التي تتخذ من عصير العنب إذا اشتد أي تخمر‪ ،‬ويتحقق السكر عنده بغياب العقل وإتيان أمور توضح على السكر‬
‫التام‪ ،‬ولهذا استخدم األحناف لفظ الخمر ليطلق على سائر العصائر المتخذه من العنب مجازا وليس حقيقيا‪.‬‬

‫ونوه أستاذ الفقه بأن الخمر الذي يسكر هو حرام كثيره وقليله‪ ،‬وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة‪ ،‬وأما مااليسكر فقد اختلف‬
‫الفقهاء في قليله‪ ،‬لكن التحريم يقع على الكثير منه‪ ،‬وعلة التحريم هي السكر ومخالفة أوامر هللا تعالى‪ ،‬وهذا ماذهب إليه‬
‫األحناف‪.‬‬

‫البيرة والنبيذ‬
‫ونعرض هنا بعض اآلراء والفتاوى لكبار العلماء الذين آباحوا الخمر على غرار اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬حيث يرى ابن حزم‬
‫طبخ‪ ،‬وشرب نقيع التمر إذا طبخ‪ ،‬وشرب عصير العنب إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه‪ ،‬وإن أسكر‬ ‫األندلسي أن شرب نقيع الزبيب إذا ُ‬
‫كل ذلك‪ ،‬فهو حالل‪ ،‬وال حد فيه ما لم يشرب منه القدر الذي يسكر‪.‬‬
‫بينما يرى الحافظ األندلسي‪ ،‬في التمهيد في شرح الموطأ‪ ،‬أن فقهاء أهل العراق قالوا إنما الحرام منها المسكر‪ ،‬وهو فعل‬
‫الشارب‪ ،‬وأما النبيذ في نفسه فليس حراما‪ ،‬وال نجسا‪ ،‬ألن الخمر من العنب‪.‬‬

‫فيما يشير الفقيه أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني اآلثار‪ ،‬قائال‪« :‬ونحن نشهد على هللا عز وجل أنه حرم عصير العنب إذا‬
‫حدث فيه صفات الخمر‪ ،‬وال نشهد عليه أنه حرم ما سوى ذلك إذا حدث فيه مثل هذه الصفة‪ ،‬فما كان من خمر فقليله وكثيره‬
‫حرام‪ ،‬وما كان سوى ذلك من األشربة‪ ،‬فالسكر منها حرام‪ ،‬وما سوى ذلك مباح‪ ،‬هذا هو النظر عندنا‪ ،‬وهو قول أبي حنيفة‪،‬‬
‫وأبي يوسف‪ ،‬ومحمد رحمهم هللا‪ ،‬غير نقيع الزبيب والتمر خاصة‪ ،‬فإنهم كرهوا‪».‬‬
‫فيما يروي اإلمام النووي حديثا مرفوعا عن اإلمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي هللا عنه قال‪ :‬كان رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ينتبذ له في أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء والغد والليلة األخرى‪ ،‬والغد إلى العصر‪ ،‬فإن‬
‫بقي شيء سقاه الخادم‪ ،‬أو أمر به فصب‪.‬‬

‫ام ُح أل ًوا لَ أم يَتَغَيَّر َولَ أم‬


‫ش أرب النَّ ِبيذ َما دَ َ‬ ‫ويشرح اإلمام النووي الحديث قائال‪ :‬فِي َه ِذ ِه أاأل َ َحادِيث دَ َاللَة َعلَى َج َواز ِاال أنتِبَاذ‪َ ،‬و َج َواز ُ‬
‫َّللا َعلَ أي ِه‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫ي َ‬ ‫صبّه‪ ،‬فَ ِِلَنَّهُ َال يُؤأ َمن َب أعد الث َّ َالث ت َ َغيُّره‪َ ،‬و َكانَ النَّ ِب ّ‬ ‫س أقيه أالخَادِم َب أعد الث َّ َالث َو َ‬ ‫َي أغ ِل‪َ ،‬و َهذَا َجا ِئز ِبإِجأ َماعِ أاأل ُ َّمة‪َ ،‬وأ َ َّما َ‬
‫ف‬‫صبّهُ‪َ ،‬وذَلِكَ ِاال أختِ َالف ِال أختِ َال ِ‬ ‫َارة يَ ُ‬ ‫أ‬
‫َارة‪ :‬يَ أس ِقيه الخَادِم ‪َ ،‬وت َ‬ ‫صبَّهُ ) َم أعنَاهُ ت َ‬ ‫َ‬
‫سقَاهُ الخَادِم أ أو َ‬ ‫أ‬ ‫سلَّ َم يَتَن ََّزه َع أنهُ بَ أعد الث َّ َالث‪َ ،‬وقَ أوله ( َ‬ ‫َو َ‬
‫ش أربه‬ ‫ضا َعته‪َ ،‬و َيتأ ُرك ُ‬ ‫إ‬
‫ُ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫حأ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أل‬ ‫ُ؛‬ ‫ه‬ ‫يق‬ ‫ُر‬ ‫ي‬
‫َ ِ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫و‬ ‫ِم‬ ‫د‬ ‫َا‬
‫خ‬ ‫أ‬
‫ال‬ ‫ه‬
‫َ ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫س‬ ‫َار‬ ‫ك‬‫س‬‫أ‬ ‫أ‬
‫اإل‬
‫ِ‬ ‫ِئ‬‫د‬ ‫ا‬ ‫ب‬‫م‬
‫ِ ََ‬ ‫أ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫وه‬ ‫َحأ‬ ‫ن‬‫و‬‫َ‬ ‫ُّر‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫غ‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫ف‬ ‫ر‬
‫أ َ َ ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫أ‬
‫ظ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫انَ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫أ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫يذ‪،‬‬‫ب‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ال‬ ‫َح‬
‫سا فَي َُراق َو َال يَ أس ِقيه‬ ‫ار َح َرا ًما َون َِج ً‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اإل أسكَار َوالت َغيُّر أ َراقَهُ ؛ ِألنَّهُ إِذَا أ أسك ََر َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬
‫ش أيء ِم أن َمبَادِئ ِ‬ ‫َ‬
‫تَن َُّزهًا‪َ ،‬وإِ أن َكانَ قَدأ ظ َه َر فِي ِه َ‬
‫أث َال تَغَيُّر‪،‬‬ ‫سلَّ َم قَبأل الث َّ َالث فَ َكانَ َحي ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َّ‬
‫َّللا‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫به‬ ‫ر‬‫أ‬ ‫ُ‬
‫ش‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َ َّ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫به‪،‬‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫ش‬ ‫وز‬ ‫ج‬‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ِم‬ ‫د‬ ‫َا‬‫خ‬ ‫أ‬
‫ال‬ ‫يه‬ ‫أ‬
‫ق‬ ‫أالخَادِم؛ ِأل َ َّن أال ُم أس ِكر َال َي ُجوز َ‬
‫س‬
‫َو َال َمبَادِئ تَغَيُّر َو َال شَكّ أَ أ‬
‫ص ًال‪.‬‬

You might also like