Professional Documents
Culture Documents
رئيس التحرير
د .سمير قطامي
مديرة التحرير
الرب
مجدولين أبو ُّ
سكرتيرة التحرير
منال حمدي
هيئة التحرير
د .غسان عبد الخالق
د .خالد الحمزة
د .خلدون امنيعم
نضال برقان
يل:
» تأمل هيئة تحرير المجلة من الكُ ّتاب مراعاة ما ي للن� ف ي� «
ش
لغ�
السفر ي ت
اإلخراج الف ّني الشخصية ،أو صورة لجواز ّ ّ ونيا مشفوعة بصورة عن الهويّة -ترسل المادة المطبوعة إلك� ً
ال�يد إ ت ف ال ي ف أ
محمد خضير و� للمجلة.
اللك� ي ردني� عل عنوان ب
ّ -أل تكون المادة قد شن�ت سابقاً.
القىص.ّ -أل يتجاوز عدد كلمات المادة 1500كلمة ف� حدها أ
ي ّ
يمكن تصفح المجلة عل موقع الوزارة: -الصور المرسلة للمادة يجب أن تكون عالية الدقة والوضوح عل أن ل تقل عن .MB 00 .1
www. culture. gov. jo للن� أو العتذار عن عدم شن�ها. المخولة بقبول المادة ش ّ -هيئة التحرير هي الجهة
ش
ال� تن�ها ويشمل هذا الحق الطباعة الورقية والن� ش ت ف
اليداع لدى دائرة المكتبة الوطنية:
رقم إ -تحتفظ المجلة بحقها ي� الترصف بالمواد ي
و� ،ول يجوز إعادة شن� مواد مجلة “أفكار” دون إذن خطي مسبق من هيئة تحرير المجلة. إ ت ف
( / 2010 )1090د اللك� ي
ردني�) ،ونبذة الوط� (للكتاب أ
ال ي ف ف الثال� ،واسم الشهرة الذي يُعرف به ،ورقمه -يرسل الكاتب اسمه ش
المراسـالت :باسم رئيـس التحرير ّ ّي ي
الوىل فقط). من س�ته الذاتية (للمرة أ
ال�يدي:
العنوان ب ي
الردن – عمان ص .ب6140 : أ ت
والشارة إىل المصدر الم� َجم عنه. ت
س�ة مؤلف النص الم� َجم ،إ ت
-يرفق مع المواد الم�جمة نبذة من ي
ال�يدي - 11118 :عمان الرمز ب -يخضع ترتيب المواد المنشورة لعتبارات فنية فقط.
تع� ض
بال�ورة عن رأي المجلة ض
E-mail: afkar@culture. gov. jo تع� عن آراء ك ّتابها ،وال ب ّ
المواد المنشورة ي� هذا العدد ب ّ
360 د .صالح ج ّرار 4
املحتويات | 360
والتخصصات العلم ّية ......................................................................
ّ مفتتحّ :
الشعر
-
ِّ
الشـعر
العلمية
ّ والتخصصات
ّ
المجتمع الرقمي:
من الشفافية إلى الديمقراطية
د .سعيد سهمي /المغرب
والجتماعية والذي يمكن نسانية ف الرقمية (paradigme du حل إبدال َلقَد َّ
ّ ال ّ ي� العالقات إ ّ
علمية
كث�ٍةّ : ميادين ي
َ جل ف ي�
أن يتمظهر بشكل ي )numériqueكبديل عالمي جديد ،بما تحمله
نظرا لما يطرحه من ف
وإعالمية،
ّ وثقافية وفكريّة
ّ وسياسية
ّ وتجاريّة الجدة من مع�ً ، ّ كلمة
النسان، ف
وهو ما يجعل المعلومة متاحة للجميع ويجعل متغ�ات جديدة لم تكن ي� حسبان إ ي
والتفوق من حق الجميع وليست ُّ التقدم
إمكانية ُّ
ّ ومن شأن ذلك أن يخلق نو ًعا من الشفافية
تع� ف ت
حكرا عل بعضهم. ً ال� ي العالمية ( )apparence mondialeي
النتقال من مرحلة الغموض وا ِّدخار المعلومة
اإلعالمية
ّ والشفافية
ّ الرقمية
ّ وانتشار النفاق الجتماعي والكذب والخديعة
لقد أصبح بإمكان الجميع الوصول إىل المعلومة وغ�ها من القيم السلبية ،إىل قيمة الوضوح ي
ال� ت
قياس من مختلف مواقع التواصل ي ي ف ي� وقت التكنولوجية
ّ ع� ما تتيحه الوسائل والشفافية ب ْ
ال تن�نت ،كما أصبح بإمكان الجميع إذاعة تتيحها إ الحديثة من إمكانيات لخلق مجتمع شفاف
ون�ها بمختلف الطرق وبالصوت المعلومات ش ف
معا� العولمة (la واضحَّ ،
ولعل ذلك من أهم ي
والصورة ،ولم ُتعد المعلومة محتكرة من طرف ال� سعت إىل جعل العالم ت
)mondialisationي
ال� كانت وحدها تحتكر المعلومةت أ
وكالت النباء ي صغ�ة.
الواسع يبدو كقرية ي
تجرد ت ف
قليمية بعد أن ِّ
ال ّ لبا� الوكالت إوتبيعها ي تع� الوضوحفإن الشفافية ي من هذا المنطلقَّ ،
ثقافة مدن ّية
7
وإن كان الواقع يتط ّلب رقابة وحكامة رشيدة ف ي� أن المعلومة لم ُتعد غوغل ( ،)googleكما َّ
ع� الوسائط العمومية ب ْ
ّ مجال مراقبة المؤسسات مقصورة عل أحد ،كما أصبح بإمكان الجميع
ال ت ومعرفيا ،وهو ما ينذر بنهاية زمن علميا
لك�ونية الحديثة من خالل خلق تواصل إ ًّ الرتقاء ًّ
يف
المسؤول� ب� المؤسسة العمومية ي ف
وب� دائم ي ف العبقريّة.
وكام�ات المراقبة ي ال تن�نت والمر ي ف
اقب� بع� إ أن الشفافية عل المستوى من جهة أخرى يبدو َّ
وفق ش�وط دقيقة من أهمها مراعاة أخالقيات حضورا بفعل ش
والكاديمي أصبحت أك� العلمي أ
ً
المجتمع ومراعاة ال� ف
المه� . لالطروحات الجامعية والبحوث التداول الرقمي أ
ي
العملية تحقيق إيجابيات عدة؛ ّ ع� هذه يمكن ب ْ غ� عن السفر آللف ال� تجعل الطالب ف� ف
ي ي
ت
ف
من أهمها منع الغش ي� المؤسسات التعليمية، جد ف ي� الجامعاتالكيلوم�ات لال ِّطالع عل ما َّ ت
كما يمكن أن تؤسس لتخليق المدرسة من خالل وأن عناوين ومعاهد البحث العلمي ،خاصة َّ
جعل الرقابة هادفة إىل الشفافية ف ي� التعامل مع تن�والطروحات الجامعية أصبحت ش البحوث أ
الكام�ات ،كما يمكن للجميع ي ما يجري بفضل ال تن�نت لتفادي إعادة وتكرار ما َّتم الوصول عل إ
ال�بوية وإيصاله �ف شن� ما يجري ف� الساحة ت ف
إليه من جهة ،فال داعي إلعادة الشتغال ي� بحث
ي ي
الجراءات حينه إىل الجهات المسؤولة لتِّخاذ إ علمي سبق أن َّتم الشتغال عليه ،ومن جهة ثانية
تس� عل هذه الشاكلة جميع الالزمة .ويمكن أن ي فإن العملية تساعد ف ي� تطوير البحث العلمي َّ
المؤسسات العمومية بحيث يمكن أن تستثمر من خالل تطوير البحوث الجاهزة مسبقًا ،وهو
المراقبة عن بُعد لمنع السلوكات المنحرفة والكاديميات والمؤسسات ما يدعو الجامعات أ
تاما
ن�ا ًّ ّ ش العلمية إىل شن� كل البحوث
مثل الرشوة والمحسوبية والزبونية ،ويمكن أن العلمية ً ّ
تصل هذه إىل الرقابة القانونية من خالل مراقبة أو عل القل شن� عناوينها وملخصاتها من أجل أ
ما يجري ف� الشوارع أ علمي ر ٍاق.
والزقة للرجوع إليه عند ي تواصل ٍّ ٍ
الرصورة ،لمحاربة الجريمة. ف
المؤسساتية
ّ والشفافية
ّ الرقمية
ّ
والديمقراطية
ّ الرقمية
ّ أصبح بإمكان الجميع ال ِّطالع عل المؤسسات
ح� تتحقَّق الشفافية ف ي� المجتمع ستكونيف الرغم من كيفية اشتغالها ،عل ّ
المختلفة وعل ّ
حاصال؛ أل َّن العالقات
ً ً
تحصيال الديمقراطية أ
الخالق والعراف الجتماعية ما تزال أن مسألة أ
َّ
وضوحا، ش
النسانية ستكون أك� ت ف
ً والمعامالت إ اللك�ونية الفعل ي� الرقابة إ
ي مانعة لالنخراط
ف
ولن ينخرط الفرد ي� الغش والخداع ،كما يمكن خاصة ف ي� الدول والمجتمعات المحافظة ،وهو
بفضل هذه الشفافية القضاء عل أشكال الغش ت�يل هذه الشفافية محدو ًدا، ما يجعل إمكان ف ف
ثقافة مدن ّية
9
ً
مستقبال النتخابات ال� يمكن أن تطال ت
إن نتائج الشفافية يمكنها أن تنقلب إىل عكس َّ والتدليس ي
كث�ا ما شاهدنا كيف ما نسعى إليه ،بحيث إنَّنا ي ً الرغم من ما يتطلبه ذلك من حكامة وغ�ها ،عل ّ ي
الرقميةّ أيضا ،يستغ ّلون يف
والبالغ� ً يف
اليافع�، أنَّ جيدة ،من طرف الدولة ثم من طرف هيئات
و� تداول ف ف الدوىل . المجتمع
للغش ي� المتحانات والمباريات ي ي
ف أن الجميع قادرون عل ف
تع� َّ
المعلومات المضللة ،وهو ما قد يؤدي إىل رصب إن الديمقراطية هنا ي َّ
ب� مبدأ الشفافية نفسه ومبدأ تكافؤ الفرص ي ف وأن زمن الحتكار قد انتهى، التطور والرتقاءَّ ،
غالبا ما يف يف المر باحتكار المعرفة أو احتكار العلم سواء تعلق أ
والباحث� الذين ً الممتحن� والمتبارين
سلبيا.
استثمارا ًّ
ً يستثمرون موارد البحث الرقمي ع�
أو احتكار المعلومات ،بحيث يمكن للجميع ب ْ
يجابية، ال ّ الرقمية لصالح القيم إ ّ وجه
يجب أن تُ َّ يروجين� وأن يكتب وأن يتعلم وأن ِّ الرقمية أن ش
ّ
ع� تضافر جهود ول يمكن أن يتم ذلك إل ب ْ الرقمية الحديثة
ّ المعلومة وأن يستثمر الوسائط
عالمية والتثقيف ال ّ ع� التوعية إ يف
الفاعل� ،ب ْ جميع للمطالبة بحقوقه والدفاع عن قضاياه.
المعلوميات؛ فلالسف ما تزال الدول أ ف
والتكوين ي�
ّ
وإن
أمرا ثانويًّاْ ، المعلوميات ً ّ النامية تجعل تع ُّلم الشفافية والحاجة إلى تخليق المجتمع
كان المجتمع الحديث ،كما أوضحنا سابقًا يدعو كيفية توجيه وترشيد هذه ّ يُقصد بالتخليق
والمعلوميات أهم ما ّ الرقمية
ّ إىل فرصورة اعتبار الرقمية من خالل رقابة شديدة وحكامة ّ الشفافية
يجب أن يفتح عليه المتعلم عينيه ،باعتبار ذلك رشيدة؛ ل َّن عملية الفضح وإذاعة المعلومات أ
ت
با� المواد التعليمية ،ما دام منطلقًا لتع ُّلم ي وغ� هادف بإمكانها أن تؤ ّدي بشكل يغ� ممنهج ي
وبوابتها. التعليم هو مدخل التنمية ّ إىل ما ل تُحمد عقباه من رصاعات اجتماعية
الرقمية ،بناء عل ما سبق ،تسمح لجميع ّ إن َّ فإن المؤسسات جميعها مطالبة وغ�ها ،ومن ثم َّ ي
الدول بالتقدم والرتقاء بما تتيحه من إمكانات ال�اهة ف
بتخصيص لجان مراقبة ت َّتسم بصفات ف
هائلة ،لهذا يبقى عل الدول النامية الراغبة للقيام بهذه العملية.
ف ي� التقدم أن تستثمرها لصالحها ف ي� القتصاد فإن شن� المعلومة يتط َّلب ش�و ًطا من جهة ثانيةَّ ،
ولعل وغ�ها من القطاعاتَّ ، والدارة والتعليم ي إ للن� ،وال�ت ال�عية القانونية ش دقيقة ،منها ش
ي
تأخر ي� النتقال إىل المجتمع الرقمي سيشكل ف ظل تدفُّق يتم تجاوزها ف� كث� من أ
الحيان ف ي� ِّ
أي ُّ ّ ي ي
نظرا لل�عة اجعا لسنوات طويلة إىل الوراء ً تر ً المعلومات بشكل �يع يمنع الحصول عل
فإن
تتغ� بها المجتمعات ،ولهذا َّ ي ت ال�وط للن� ،ومن هذه ش الحقيقية ش المصادر
ال� ي ّ الكب�ة ي ّ
ال بك� لالنتقال التجاه إىل الرقمية هو التحدي أ اح�ام الخصوصيات الثقافية والدينية والعرقية ت
ّ
إىل الحداثة بمفهومها المعارص. وغ�ها بما يضمن تكوين مجتمع رقمي متخلق. ي
10
ملف العدد:
العربية عن الفن
ّ الكتابة
الكتابة العرب ّية عن الفن
11
العربية
ّ الكتابة
عن الفن
العربية من الفنية ف الفنية الحديثة والكتابة عنها ،وما زلنا ننظر إليه.
ّ وآخر نظر ي� موقف الكتابة ّ ّ
أهمية المصطلح أ ف
العر� كذلك ،ي� حالة ف
ويبدو أنَّنا ي� العالم
اليدولوجيا .وهناك َمن عالج ّ بي
أهمية ف ي� ف ف ف الفنية وبالتأكيد لسباب مختلفة .إذ لم أ
و� ابتكاره ِلما له من ّ الف� ي� تعريبه ي ي الكتابة ّ
ف أي من أنواع علوم الفن ف
ينب� عليها من مسائل الفنية ،وما ي فاعلية الكتابة ّ ّ ترسخ لدينا الكتابة ي� ٍّ
الجمعية وخالفه. ّ ت َّتصل بال َّتحكيم والعروض التقليدية؛ وذلك لحداثة عهدنا بها ،ولختالف
عتيد ،أو بالحرى يضع الكتابة أ مدى التأثُّر بما يصل منها إلينا أحيانًا ،ولق ّلة
باحث ٌ ٌ ويضعنا
دائية أ ف معرفتنا بتاريخ كل منها ومناهجه أحيانًا أخرى.
المستجدات ال ّ ّ كب� أمام تحد ي ٍ العربية ،ي� ٍّ ّ
التشكيلية ،وبحث والنواع المعارصة من الفنون أ والحال كذلك ،فيمكن أن يكون معظم ما كُتب
ّ
وتحولته مشكلة علم تاريخ الفن ي� البالد العربية ُّ
ف العربية منذ بشائره إىل يومنا هذا ّ عن الفن ف ي�
ف المعارصة ف ي� الغرب، الفنية.
مهموكيفية ال َّنظر ي� قطاع ّ ّ يدخل ضمن الكتابة ّ
الفنية العربية ف ي� المهجر ،ونرى ّ ف ي� الممارسة الفنية
لن� هذا الملف عن الكتابة ّ نحرص ش ونحن ف ِّ ُ
العر�
بي الفنية ف ي� العالم ّ عرضا ألزمة الكتابة ً العربية ي� “أفكار” طرحنا عد ًدا من الموضوعات ف
ّ
وكيفية ك� عل نقد حالها الراهن ومشكالته بال� ي ف ت الفرعية عل من استكتبناهم للمشاركة برؤاهم �ف
ّ ي َ ّ
التغلب عليها. تطور الكتابة هذا الملف .وشملت الموضوعات ُّ
القضية ّ أن هذه المقالت قد عالجت وي َّتضح َّ العر� ،وخصائص وقيمة بي عن الفن ف ي� العالم
شموليا ي� أحيان ف
ًّ المطروحة جز ًّئيا أحيانًا ،أو الن� المختلفة ،ومدى ما ق ُِّدم منه ف ي� وسائل ش
يب� أنَّنا ما زلنا ي� حاجة ماسة ف مما ي ِّ ف أخرىّ ، العربية ف ي� توصيل الفن ف ي� ّ الفنية
فعالية الكتابة ّ ّ
ت المتلق� ،ومناهج الكتابة عن يف العر� إىل
ولنع�ف ونحن نتعامل لمعالجات أخرى لها. العالم ب ي
الفنية ف
مع نقد النقد أو نقد تاريخ الفن أو نقد النظرية تأث�ها عل الكتابة ّ الفن ي� العالم ،ومدى ي
العر� ،أنه ل يمكن ف وبالضافة إىل تلك العناوين ،طرحنا العربية .إ
الفنية ي� العالم ب ي والفلسفة ّ ّ
طي الموضوع .والحال لملف ،بل ملفات ،أن تغ ّ ُمكنة الكتابة ي� رؤيتنا لمستقبل الكتابة عن الفن ف
أ
كذلك ،يكفينا إثارته هنا ،وقد َّبي َنت البحاث الفنية العربية ف ي� ف ي� العربية ،وطبيعة الكتابة
ّ
يف
الباحث� أهميته ودعوة الخر القديم والمعارص. تناول فن آ
المنشورة ذلك ،وتأكيد ّ
لالهتمام به ف ي� إطار مراجعة المنجز وال َّنظر إىل يف
المتم�ين يف
الباحث� واستجابت هذه الثلة من
المستقبل. القضية المطروحة ّ وتناو َل كل منهم للمشاركةَ ،
ومهما وله رؤية فيه. ًّ واضحا
ً من جانب يراه
د .خالد الحمزة وسيجد القارئ من تناول الكتابة الفنية �ف
ّ ي ُ ِ
عضو هيئة التحرير ف
وح� اللحظة الحارصة، المغرب منذ البدايات ت
الكتابة العرب ّية عن الفن
13
الفلسفة وعلم الجتماع .من ذلك ،نذكر تجربة ل تنفصل الكتابة باللغة العربية حول الفنون
المسماة “جماعة ”65 ومساهمة الحركة الفنية التشكيلية ف� المغرب عن نظ�تها ف� أ
القطار
َّ ي ي ي
وانضمت ال� نشطت ت ص�ف
المتخص ي العربية ،لسيما من حيث ندرة النقاد
َّ (أو جماعة الدار البيضاء) ي ِّ
ال� كان يُديرهات ممارس الكتابة النقدية إىل تكوين وحاجة أغلب
لجماعة مجلة “أنفاس” اليساريّة ي ي
اللع�( )1إىل جانب ُك ّتابها بي الشاعر عبداللطيف ىص .ومر ُّد ذلك يعود إىل أسباب تخص ي
أكاديمي ُّ
الطاهر بن جلون ،مصطفى النيسابوري، وتخصصات ُّ كث�ة ،من بينها عدم وجود مسالك ي
خ�الدين ،محمد الخطي� ،محمد ي بي عبدالكب�
ي بجل الكليات العربية ،وكذا ضعف الدرس ِّ
البوعنا� ...وكلهم يكتبون ف الواك�ة ،أحمد
ي الجماىل وهشاشته ،إىل جانب الحاجة إىل منابر
ي ي
باللغة الفرنسية ،مع ما رافق ذلك من تساؤلت فضال عن قلة الصدارً ، إعالمية وثقافية منتظمة إ
ف
نكفو�” وتداعياته منذ يف
التحف� وضعف ش
التوجه “الفر ي وتأويالت لهذا ُّ الن� والتداول.
الما� ومطلع سبعيناته، أواخر ستينات القرن ف
ي
وعالقته برهانات هذا التأسيس وآفاقه ،وكذا إرهاصات نقدية محلية
الرغم من أ تف التشكيل تتصل الرهاصات أ
الوىل للكتابة والنقد
ال�اماته الدبية والثقافية والفنية عل ّ ي إ َّ
محلية تكتب باللغة العربية، ف
إنشاء النسخة العربية للمجلة ابتداء من أيار/ ي� المغرب بأقالم ّ
ون� أعداد لحقة مزدوجة اللغة. ماي 1971ش وذلك ف ي� ضوء تكتالت جمعويّة ثقافية ساهم
تعرضت هذه التجربة للمنع ،وانسحب بعض َّ ف ي� إنشائها وتفعيلها أدباء وفنانون وباحثون ف ي�
الكتابة العرب ّية عن الفن
14
ما ظهر منها ضمن مجلة “الثقافة الجديدة”، العروس ،حسن نجمي ،محمد القاسمي، ي موليم
والروا� محمد برادة صاحب رواية أ والناقد ف
والمرة الثانية متمثلة ي� تخصيص العدد 88/99
ي
أيضا الف� ،وله ً ي
ف “الضوء الهارب” بمضمونها من مجلة “آفاق” للفنون التشكيلية ف ي� المغرب
جياكومي�) ت ال�ي” (مرسم التشكيل الراحل فريد بلكاهية وفا ًء للمبدع
ي ترجمة لكتاب “الجرح ِّ ي
نىس “جان جينيه” كان صدر قبل للكاتب الفر ي وزع(حزيران /يونيو ،)2015مع كتاب مرفق ِّ
ت
الم�وع القومي لل�جمة عن سنوات ف ي� سلسلة ش بالمجان يحمل عنوان “قراءات ف ي� التصوير
العل للثقافة بمرص ،والشاعر محمد المجلس أ الول” ،وهو للفنان المغر� المعارص -الجزء أ
بي
باللغت� العربية يف ال�غي� الذي زاوج ي ف
ب� الكتابة ف والناقد التشكيل بنيونس عم�وش ،ساهم �ف
ي ي ي ي
والفرنسية ،والناقد الم�حي حسن المنيعي من كتابة مواد العدد نقاد وباحثون ،من ضمنهم:
خالل كتابه “آفاق مغربية” (مجموعة مقالت محمد الشيكَر ،محمد أديب السالوي ،بوعبيد
عن أ عم�وش ،محمد سعود ،أحمد
الدب والفن) الصادر بمكناس سنة،1981 بوزيد ،بنيونس ي
والقاص إدريس الخوري الذي واكب العديد فاس ،أحمد لطف الله ،نورالدين فاتحي ،أحمد ي
وخصها بنصوص من المعارض الفنية بالمغرب َّ جاريد...إلخ.
ومتابعات إعالمية جمعها ف ي� مؤلفه “كأس
حيا� /كتابات ف ي� التشكيل” ،الصادر سنة 2000 ي
ت خرائط النقد التشكيلي في المغرب
ضمن منشورات اتحاد كتاب المغرب ،والشاعر التشكيل ف ي� المغرب،
ي بال َّنظر إىل المنجز النقدي
خص مجموعة من أ يتنوع إىل نماذج نقديّة ومقاربات نجده
والروا� حسن نجمي الذي َّ ي َّ
الكاتالوغات الفنية بنصوص تقديمية مضيئة، وانطباعات ومتابعات متصلة بروافد ومرجعيات
وله كتاب موسوم بـ”الشاعر والتجربة” (نصوص أدبية وفلسفية وفنية متباينة ،ندرج منها ً
مثال ل
ويتضمن َّ نقدية) صادر بالدار البيضاء سنة 1999 حرصا النماذج التالية:
ً
لمبدع� عرب ومغاربة ،إىل جانب يف بورتريهات
اش�اكًا ديوان “الرياح البنية” Les vents ocresت أ -نقد بأبعاد أدبية
مع الشاعر الرسام الراحل محمد القاسمي نشط ضمن هذا الصنف من النقد أدباء وشعراء
الذي صدر ف ي� طبعة ثانية أنيقة سنة 2006 ساهموا بقسط وافر من النصوص التقديمية
التذك�
ي ضمن منشورات مرسم بالرباط ،مع Textes de présentationوالحوارات الفنية
بمساهمة الشاعر والناقد بوجمعة أشفري ،الذي يف
رسام� عل ضوء مصاحبات وصداقات مع
ب�له مؤلفات ف� الجماليات ،من ضمنها “الفن ي ف يف
ونحات� مغاربة ،نذكر من بينهم الشاعر محمد
ي
الكلمة والشكل” .2005 خصوصا بنيس بنصوصه أ
الدبية حول الفن
ً
الكتابة العرب ّية عن الفن
16
المغر� ي ف
ب� الثقافة 2013و”مصداقية التشكيل ب -نقد بأقالم تشكيل ّية
بي
التشكيل
ي الثقافة والتسويق” عن جمعية الفكر برز ف ي� الساحة النقدية التشكيلية المغربية فنانون
بدعم من وزارة الثقافة خالل سنة ،2013الفنان والتنظ�
ي ب� الممارسة تشكيليون مرموقون زاوجوا ي ف
التشكيل نورالدين فاتحي صاحب والناقد المعززة بمعرفة فنية وافية َّ الح�افية بكث� من ت ي
ي
الحدا� /مفاهيم وأجناس”، ش ف
“� التشكيل أ
ي كتاب ي ممتدة لشغال وتطبيقات المرسم، وبخ�ة تقنية ّ ب
التشكيل
ي (المحمدية ،)2002الفنان والناقد أبرزهم الفنان محمد شبعة من خالل مداخالته
الكث� من المقالت ي عم�وش ،له
بنيونس ي العميقة وحواراته الفنية الشيقة وكذا مقالته
ف
وال�جمات وصاحب كتاب “قراءات ي� التصوير ت الكث� منها ف ي� ت
ال� جمع ي المتخصصة ي ِّ التوثيقية
الول) الذي أصدره المغر� المعارص (الجزء أ كتابة الموسوم بـ”الوعي البرصي بالمغرب”
بي
اتحاد كتاب المغرب سنة ،2015الفنان بوزيد الصادر بالرباط سنة 2001ضمن منشورات
بوعبيد ،أستاذ تاريخ الفن والحضارات بالمعهد اتحاد كتاب المغرب ،والفنان محمد القاسمي
الوط� للفنون الجميلة وله كتاب بعنوان “قراءة ف أدل شاعرا ،ول ّ الذي ي َّ ف
ي شاعرا مبد ًعا ...ومبد ًعا ً تم� ً
ف ي� المخطوطات المزخرفة لرائد التشكيل بتطوان- البيض /باريس عل ذلك من مؤلفاته :الصيف أ
/ Les Creux du corps ،1990البيضاء،1997
صورا
تضمن ً مكناس مدينة تاريخية 1997 /وقد َّ
فوتوغرافية رائعة للفنانة “كريستيان راماد”،
“الظل المحمول” بالتعاون مع آلن غوريس/
رحال” أو “كلمة راحلة” ،الصاد، ،1998و”كالم َّ
ف
سنة 1999عن دار المنار ي� الدار البيضاء،
إضافة إىل الفنان الراحل عبدالسالم جسوس
نصوصا ومقاربات عديدة لسيما ً الذي كتب
يف
التشكيلي� المغاربة” موازاة مع أنشطة “جمعية
ال� كان يرأسها . ت
(ج .ت .م) ي
()2
كل” ،إىل جانب الصباغية مع تجربة الفنان “بول ي ّ سيدي المفضل أفيالل” (منشورات جمعية
ف
موقفه من ظاهرة الرسم الفطري ي� المغرب أسم� ،تطوان ،)2007الفنان والشاعر تطاوين ي
وتحق� ّبر ف يا� ووصاية ي وما صاحبها من تبخيس عزيز أزغاي صاحب كتاب “التشكيل وخطاباته-
المغر� .هذا إىل
بي الجماىل
ي أجنبية عل الوجدان التشكيل
ي تطور الخطاب النقدي حول الفن ُّ
التشكيلية
ّ جانب كتاباته حول بعض التجارب ف ي� المغرب” صادر عن دار ب يأ� رقراق للطباعة
العربية المعارصة وقد جمعها ف ي� مؤلف بعنوان الشارةوالن� (الرباط ،)2015 ،دون نسيان إ ش
العر� المعارص” صدر سنة ف يف يف
“مقدمات ي� الفن ب ي التشكيلي� أحمد جاريد، الفنان� إىل تجربة
2003ضمن منشورات عكاظ. وحسان بورقية ،ومحمد خصيف ،ومحمد سعود
العروس
ي الجماىل موليم ي يُضاف إىل ذلك الباحث المن�ة ف ي� حقل الكتابةمن خالل مساهماتهم ي
البح� بكتابات غزيرة ش الذي بصم مساره حول الفن ،وكذلك تجربة الفنانة التشكيلية
ي
مرجعية عديدة ،من بينها محكمة ومؤلفات ال� سبق لها أن ت
ّ والقاصة الراحلة زهرة زيراوي ي
المغر�
بي كتابه المعنون بـ”اتجاهات التصوير التشكيل جمعتها
ي أعدت سلسلة حوارات ف ي� الفن َّ
المعارص” الصادر -باللغة الفرنسية -سنة ،2002 ف
قبل سنوات من رحيلها ي� كتاب بعنوان “الفن
ومن آخر إصداراته باللغة العربية كتاب “الفن التشكيل -مقامات أوىل” (.)2005
ي
التشكيل بالمملكة المغربية” ،صادر بتونس سنة ي
ت
2015ضمن منشورات المنظمة العربية لل�بية ج -نقد برؤى فلسف ّية جمال ّية
والثقافة والعلوم. اغت� البحث النقدي والكتابة حول الفن �ف ف
ي
نزيد عل ذلك مساهمة الباحث وأستاذ الفلسفة المغرب بكتابات ومقاربات تمتح أسسها من
المعارصة والجماليات نورالدين أفاية من خالل النسانية ،أبرزها مجال الجماليات والعلوم إ
والمر� والخطاب أ اشتغاله المحكم عل الصورة الخطي� عبدالكب�
ي للكاتب والمفكر الراحل
ي بي
الجماىل محمد أيضا الباحث أ
السينما� .ونذكر ً أغ� مكتباتنا الفنية بأبحاث ودراسات الذي ف
ي ي
الشيكَر صاحب كتاب “الفن ف ي� أفق ما بعد عمقت الفهم للعالمات والرموز سوسيولوجية ّ
نموذجا” (منشورات ً المغر�
بي الحداثة -التشكيل المستوحاة من ذاكرتنا وثقافتنا الشعبيةً .
فضال
التشكيلَّ ،)2014 ،ثم الباحث جمعية الفكر الخطي� بمقارباته الفكرية تم�عن ذلك ،ي ّ ف
ي بي
كث� الذي أصدر كتابًا والم�جم إدريس ي ت المتم�ة ف ي� مجال الصورة والفنون ي ِّ ف والجمالية
بعنوان “هشاشة الفن المفرطة” (دراسات ف ي� تدل التشكيلية ولسيما الرسم والتصوير؛ كما ّ
للن� الفن التشكيل) ،وذلك عن دار مقاربات ش
ي العالما� ألعمال الفنان
ي
ت عل ذلك قراءاته وتحليله
أيضا والصناعات الثقافية سنة .2011ونجد ً ال�قاوي( ،)3وإنجاز مشابَ َهة لتجربته أحمد ش
الكتابة العرب ّية عن الفن
18
العل والعلوم الجتماعية” ف� مرص ”-المجلس أ تَ ْحف َُل الكتابات العربية ف ي� مجالت الفنون
ي
الرسم والحفر) حاليا -أن تكون (فنون َّ للثقافة” ًّ البرصية -عل اختالف تصنيفاتها وتفريعاتها-
ال� يتقدم بها من يرون �ف ت ً أ مستويات تشهد بحضور متعددة، بشواهد
ي َ َّ مجال لالعمال ي ٍ ُ ٍ َ
أ بقطعية التحديد ف
التأزم ،ي� ما يختص
التشجيعية”.
ّ لنيل “جائزة الدولة هلية ْ أنف ُِسهم ال ّ ّ متعددة من ٍُّ
أسفرت إجراءات الفرز والتحكيم عن َ آنذاك، لكث�
اللغوي ،والتوافق عل الدللت الواضحة ،ي ٍ
أ
همية والثر. أ ف يف المتداولة الصطالحية واللفاظ من المفاهيم أ
نتيجت� ،كادتا تتساويان ي� ال ّ َ ّ
الوىل كانت فوز رائد الجرافيك المرصي النتيجة أ ف ي� تلك المجالت ،سوا ٌء عل المستوى التأريخي
“الحس� فوزي” ( )1999 - 1905بالجائزة، يف العتيد التأط�ي التق� أو النقدي ،وكذا عل مستوى أو ف
ي
السمع والبرص أ ف يف الجماىل والفلسفي .ف ي� هذا السياق ،نجد أنفسنا
جده ،يمال َّ ح� كان ي� ذروة َم ِ ي
ش� الوسائط؛ وهو ما أثار وقتها بإبداعا ِته ف� ت التأمل، ُّ تاريخية دا ّلة تستوجب إزاء نماذج
ي ّ
(التشجيعية) مع
ّ تناسب الجائزة َج َد ًل حول مدى ُ وأن أصدا َءها لسيما َّ ّ وتستدعيها المناسبة؛
قامة “فوزي” ،وكذا مع ِس ِّنه؛ إ ْذ كان يبلغ آنذاك حارص ًة بقوة �ف وإشكالياتها الضبابية ما تزال ف
ي ّ ّ
مر. يف ثمانيةً الوقت الراهن.
الع ِ
عاما من ُ وخمس� ً
ف
ّأما النتيجة الثانية ،فقد تَ َم َّث َلت ي� عاما ،أي ي� العام ،1963 ف يف
نقاشات ِع ّدة،
ٍ وخمس� ً خمسة
ٍ منذ
معروف� ،و ُطرحت �ف يف ونقاد ب� ي ف
فنان� َجرت ي ف آ
قرر “المجلس العل لرعاية الفنون والداب أ
َِ ي ٍ َ َّ
الكتابة العرب ّية عن الفن
21
و(البعدالرسم)ُ ، حديثه عن (فضاء ورقة َّ خالل ِ أن “الخادم” يتوقَّف ي َّتضح من التعريف السابق َّ
والق َيم البرصيّة، أ
مؤكدا بذلك ً وال�اح)،
والقُرب) ،و(السعة ب دائية ِالم َح ِّددات ال ّ
عند بعض ُ
صفه ف
الملمسية
ّ الق َيم
قدرة الرسام عل توليد أغلب ِ (الرسم) ِ-ب َو ِ ُم َّت ِك ًئا عليها ي� تحديده لنطاق َّ
اغية ،اعتما ًدا عل الخط Line Texturalوالفر ّ فنيا مك َت ِم ًال بذا ِته -وهو ما نالحظه ف ي� ً
مجال ًّ
”ح ّد ف
غ�ه من عنارص التأليف البرصي فقط دون ي ِ (الخطية)؛ ي� استدعائه ل ِـ َ ّ إشارته للقيمة
ت تأكيده عل ِق َيم (الحذق والمرانة ف
المصور
ِّ ال� قد نراها لدى والخلق الفراغي ،ي و� ِ القلم” ،ي
أن “سعد الخادم” كان يتب ي َّ ف� َّ
.Painterمن هنا َ سمات أساسية ألداء الفنان ٍ صفها
والتحكُّم)ِ ،ب َو ِ
(الرسم)، ب� أعمال (الرسام) ،يمكن من خاللها التفريق ي ف
وعي بخصوصية َّ يؤسس تعريفَه عل ٍ ّ
ف ت
ال� قد تش�ك ت
غ�ه
محدد المعالم ،قد يشارك ي َ ف� َّ ٍّ كمجال ي
ٍ وغ�ها من التطبيقات ي الرسم ،ي َّ
الق َيم أ ف أ
معه ظاهريًا ،يغ� أنَّها تقوم عل الداء النمطي
دائية أو ِ
من المجالت ي� بعض مالمح ال ّ
البرصيّة ،يغ� أنه يختلف عنها من حيث الهوية ال يىل ،كالرسوم والتخطيطات التصميمية أو آ
والغاية وطرائق التنفيذ والمعالجة .بطبيعة الصناعية ً
مثال.
الحال لم يكن “الخادم” َّأول َمن ال َتفَت إىل اليهام لمهار� إ
يَ ت ي َّتضح كذلك استدعاء “الخادم”
قائما بذا ِته؛
(الرسم) ،باعتباره ف ًّنا ً خصوصية َّ الرسام؛ من واليهام المنظوري لدى ّ بالفراغ ،إ
الكتابة العرب ّية عن الفن
23
Jean Auguste Dominique Ingre )1780- أمرا َش ِه َدت إن إدراك هذه الخصوصية كان ً إذ َّ
بالرسم إىل أقىص حدود يف
أساط� مشاه� من ات ِع ّدة ،أُ ِث َرت عن به إشار ٌ
1867م) ،ليصل َّ ي
أن (التصوير) يدين بكل ِق َي ِمه مرجعيات مهمة، ف
بعضها ي� الفن العالمي ،و ُد ِّو َن ُ
مؤكدا َّ ً الحتفاء، ٍ
(الرسم)؛ ومكونا ِته البرصية -فيما عدا اللون -ل ِـ َّ قرون َخ َلت. تاريخ صدور بعضها ستة ٍ ُ يتجاوز
قرر فيها ت الشارات من القرن وتأتينا إحدى أقدم هذه إ
ال� َّ الشه�ة ،ي ي لخ َصته عبارته وهو ما َّ
“الرسم هو ضمانةُ انضباط يطاىل الرابع ش
أنَّ : تامة َّ احة ّ برص ٍ ال ي ع� الميالدي؛ بقلم الفنان إ
ش ي�” Cennino Cennini )1360- ف
سء باستثناء اللون. الفن؛ إنه يشتمل عل كل ي “ش ّنينوش ّن ي
مجرد استنساخ الخطوط َّ يع�
ي
الرسم ل ف
َّ الشه� “كتابان ف ي� ي ح� ذهب ف ي� مؤ َّل ِفه ،)1427ي ف
الم َح ِّوطة ،وهو ل يقوم عل محض خطوط؛ إنه ُ الفن” ،Il libro dell’arteإىل وجوب الهتمام
التعب� ،ومحتوى الشكل ،والخطة، ي دوما
يمثل ً غ� عنها بإتقان الرسم والمهارة فيه ،كوسيلة ل ف
َّ
ت
مصور يَروم الح�اف. أ
الرسم إن َّ والنموذج .انظر ماذا يتبقى بعد ذلك! َّ ل ّي ِّ
مما يمكن أن يُك َِّون أرباع ونصف الربع ّ المصور ع� ،تأتينا وصايا ومن القرن الخامس ش
يمثل ثالثة ٍ ِّ
التاريخية جس َدت مقولة “آنج” اللوحة” .وقد َّ “أل�شت ديورر” Albrecht Durer )1471- الحفّار ب
()2
ّ
ت ف
الج َدل ال� تُ َل ِّخص طبيعة َ تلك ُعقدة الذروة ،ي كتابات ِع ّد ٍة،ٍ الشمالية ،ي�
ّ ،)1528رائد النهضة
أ ف
خ�ة من القرن الواسع ،الذي ثار خالل العقود ال ي و� القرن الرسم و ُط ُرق تدريسه .ي أهمية َّمؤك ًِّدا ّ
نىس،الجماىل الفر ي ي ع� ،ف ي� دوائر الفكر الثامن ش النحات ع� ،يطالعنا المصور المعمار ّ السادس ش
الساس ف ي� بنائها :أهو حول عماد اللوحة أو أ تغاىل “فرانسيسكو دي هولندا” Francisco ال� ي ب
الرسم؟ أو ما يحدثه أ َل ُق اللون فيها؟ الرسم ،)de Holanda )1517- 1585وهو يصف َّ
البحث ف ي� خصوصية ُ نفسه ،أ ّدى وعل النحو ِ لش� فنون التصوير والنحت بأنه“ :عما ٌد وأساس ت
ٌ
فنية
لمجالت ٍ ٍ أصيل
ٍ وعماد
ٍ -كأساس
ٍ الرسم َّ والعمارة ،بل لكافة العلوم كذلك”ّ .أما القرن
خ� من القرن التاسع أ فتطالعنا فيه قامةٌ فارهةُ ،م َم َّثلةً ف ي� السابع ش
أخرى -خالل الثلث ال ي ُ ع�،
اعتبارا بالغ مفهوم دقيق ،يطرح ع� ،إىل بزوغ ش نىس “نيقول بوسان” Nicolas
ً ٍ المصور الرسام الفر ي
الرسم داخل صميم المجال أ
الهمية ِلفعل َّ ،)Poussin )1594- 1665الذي كان يؤمن -شأن
افيك؛ وهو المفهوم الذي تطرحه لفظة الجر ي الغربي� ف ي� أواسط القرن يف كث� من المصورين يٍ
ال� َر َسخت كاصطالح ت “جر ي ف ش السابع ش
اف�م” ،Graphismeي أهمية من اللون. الرسم أك� ّ بأن َّ
ع�َ -
و� الفرنسية ف أ ومن القرن الثامن ش
محدد داخل الثقافة الوروبية عامة ي َّ ع� ،يرتفع صوت َع ّراب
اعتبارا من عام .1875ويمكن مقاربة ً خاصة “الكالسيكية الجديدة” ،Neoclassicismالمصور
فَحوى هذا الصطالح بفكرة (العالمة الخطية آنج”نىس “جان أوجست دومينيك ْ الرسام الفر ي
الكتابة العرب ّية عن الفن
24
العر� ما يزال بي أن سياق الفن وتساؤلت -نرى َّ الجرافيكية) .وتؤدي هذه اللفظة المتخصصة،
ت الثر ت مع� أ عدد من اللغات الغربية ،ف ف
فصح ال� تُ ِ الضبابية ،ي ّ بعدد من المفاهيم ُم َح َّم ًال ٍ الم�وك ي� ٍ
آ وخدشا -بواسطة الريشة وحزا -خ ًّ
سياقات عدة ،منها ٍ عن نفسها من ٍآن لخر ِضمن ً ورسما ًّ ونقشا ً طا ً
ما يتصل بنطاق البحث الكاديمي ،ومنها ما أ أو القلم أو الفرشاة أو المسمار الحديدي،
ب� النقاد والكُ تاب ف ي� شؤون الفن ،ومنها تداو ُل ي ف
يُ َ الرسم وبالتاىل فهي تُ َج ّسد مفهوم “تحويل ِفعل َّ ي
يف يف ف وبالضافة لذلك فهي ح� الماديّة” .إ ف
الممارس�. الفنان� ما يتواتر ي� أحاديث أو الكتابة إىل ي ِّ
الضبابية هي السبب ّ أن هذه المفاهيم ونرى َّ تشكيل ،قد يُمزج بعنارص ي تطرح نفسها كعنرص
ال� ما تزال ت أ ف اللونية ،فيؤ ِّطرها تشكيلية أخرى ،كالمسطحات
أنماط بعينها من السئلة ،ي ي� ظهور ٍ ّ
تثار ف ي� نطاق الكتابة العربية حول الفن ،ك َّلما ُ رسم به أشكال مستقلة، ويرسم حدودها ،أو تُ َ
جرى الحديث عن الرسم؛ ِمن قبيل :ما الفرق خلفية لها .ومن اسمها اللونية ّ ّ تكون المساحات
ب� التصوير والرسم؟ هل أ يف اسمه ،لغَ َلبة
المائية خامة ّ اللوان اشتق فن الجرافيك َ Graphic َّ
للرسم أم خامة للتصوير؟ هل يمكن اعتبار سمات الخط والنقش والكشط عل وسائطه
مكتمال يستحق ً فنيا الرسم بالقلم الرصاص ً اش�اك وتقنياته؛ وهو اشتقاق يؤسس أصله عل ت
عمال ً َّ
لتي� واحد ،هو ،Graphicus ف ف ف
العرض؟ ما أثر إضافة اللون للعمل المرسوم؟ لفظت� ي� أصل ي ي
ً
أعمال ملونة أ ومعناه :يَخدش يل�سم.
هل تُ َع ُّد العمال المنفَّذة بأقالم َّ
مرسومة أم تصويريّة؟ تبعا لما يُمليه المنطق، المف�ضً ، وقد كان من ت
ََ
أ ف من هنا ي ّ ف تبلو َرت أن يؤدي هذا ت
أهمية إعادة النظر ي� السباب ّ تتب� ال�اكُم التاريخي ،الذي َ
المسؤولة عن استمرار ظهور أ -باعتباره ف ًّنا الم َح ِّددة للرسم
السئلة ،المشار ِ خالله المفاهيم ُ
إليها َس َلفًا ،داخل تيار الكتابة العربية عن الفن، وفيا معا ِل َمه وحدو َده -إىل استقرار المفهوم ُمس َت ً
ال� توحي بوجود حالة ِمن تذبذُ ب ت أ ووضوح الدللة ودقة الستعمال الصطالحي
تلك السئلة ي
اليق� ،ف ي� ما يتعلق بالحدود التصنيفية والدللت يف ح� يُضاف إىل ما وبخاصة ي ف العر�؛ ف
ٍ ي� السياق ب ي
مجالت
ٍ وغ�ه من الرسم ي ِ
ف
التعريفية ،الفارقة يب� َّ والمستجدات ،ف ي� المفاهيم ّ التحولت ُّ سبق آثار
موازية أو متقاطعة .ولع ّله من المفيد ،ف ي� هذا تتالحق ،وما تزال ،طيلة ال� ظلت َ ت
والممارسات ،ي َ
مصداقية بعض ّ التأمل ف ي� مدى السياق ،أن نُعيد ُّ نرصم وخالل مطلع القرن الراهن. الم َ ِ
القرن ُ
أ ت آ بغ� ذلك؛ إذ
يكمن أن أساس الزمة إنما ُ تذهب إىل َّ ُ ال�الراء ،ي أن الشواهد تؤدي إىل العتقاد ي يغ� َّ
ف ي� عدم قدرة اللغة العربية -كما يزعمون -عل ِبرصف النظر عن المثال الواضح الدللة ،والذي
ف –� ما يتعلق ف ف
والتعب� عنها ي الثقا�،
ي استيعاب نتاجات الوافد استنا هذه ي استدعيناه ي� فاتحة در ِ
اصطالحيا.
ًّ سم الفوارق بينها بما يؤدي إىل َح ِ “الحس� فوزي” وما أثارته من نقاشات يف بجائزة
الكتابة العرب ّية عن الفن
25
ف أ
أساسها،بقي من هذه الطاللُ ،م َم َّث ًال ي� تخطيط ِ ومجافا ِته ولبيان مدى تهافُت هذا الرأيُ ،
يبق
ح� لم َ تدم�ها ،ت ف
كنايةً عن إمعان الزمن ي� ي التفك� ،يكفي ي للحقيقة ،بل وللروح العلمية ف ي�
ال� ل ت أ
(الرسم) .كذلك يمكن أن نفهم منها إل شكل َّ �يعا لبعض اللفاظ العربية ،ي أن نعرض ً
تعب� العرب عن ّ ت
(المرتَ َسم)؛ الظل بلفظة ُ سبب ي وال� ي َّتضح منها تزال مستعملةً لحسن الحظ ،ي
ب� الخط التفاتًا إىل عمق الصلة العضوية ي ف مدى إدراك السليقة العربية للفوارق الدقيقة،
ّ
والظل. والشكال ب� العالمات أ بل البالغة الرهافة ،ل ي ف
كث�ا أمام وعل الشاكلة نفسها ،يمكن أن نتوقَّف ي ً البرصية القائمة عل أثر اللون والمساحة،
ح� يستعملها (ال� ُّسم) ،ي ف ت والشكال الناتجة عن أثر وغ�ها من العالمات أ
ُعمق دللة لفظة َ َ ي
يف
بالعين� إىل للتعب� عن ِفعل النظر العرب أ
وب� أنواع العالمات والشكال الخط َح ْسب ،بل ي ف
ي
تأمل الوجوه وال َتف َُّرس أ ح� يتفاوت الناجمة عن أثر الخط المرسوم ،ي ف
الشياء نظر ًة فاحصة ،أو ُّ
ف تتعدد والكيفية ،ي ف أ ف
أساسا جوهريًا لنشاط فيها .أليس هذا ي� حد ذا ِته ً وح� َّ ّ الشدة
ِفعل هذا الثر ،ي� َّ
بالعين� هو يف ال� ُّسم ت الثر .ونكتفي ف ي� هذا الوسائط المستقبلة لهذا أ
الرسام؟ بل ،أليس هذا َ َ ّ َ ِ
ح� نصح شباب ف تعب� عما ق ََصده “آنج”؛ ي أدق ي ّ المقام باستعراض بعض تَ َج ّليات أربع كلمات؛
قائال“ :ارسم بعينيك ي ف يف
الفنان� ً و”الو ْشم”. و”الر ْشم”َ ،
ح� ل يمكنك و”الو ْسم”َّ ، “الرسم”َ ، هيَّ :
أ أ يف
الرسم بالقلم”؟؟!! Dessiner des yeux quand َّ مر بتمثيل الشياء بالخطوط ،أو فح� يتع َّلق ال ُ
أ
ح�ف ّ .on ne peut dessiner avec le crayonأما ي يستحرصفِ ساسية وحدودها، بتخطيط مالمحها ال ّ
يتوقَّف حدوث أ كلفظة دالة .من هنا ً
مثال “الرسم”
الثر الخطي عل فعل السخونة ٍ العر� َّالذهن ب ي
الك ً ف الشارة لالطالل وبقايا المنازل أ
“الو ْسم” مثال -فهنا يكون َ والحرارة -كما ي� َ ي ّ يمكن فهم سبب إ
ك ف
المستعمل ي� َ ي َّ دال؛ لذا كان الخاتم ظا ًّ لف ً العر� القديمة؛ بي بـ(الرسوم) ف ي� قصائد الغزل ُّ
طح المختلفة بالعالمات يُ َس ّمى َ“م ِيس ًما”، الس ُ أ التعب� عن شكل ما ف
ح� ننتبه إىل ُمراد الشاعر ي� يف
ي
الكتابة العرب ّية عن الفن
26
ال�ميد” ،Grisailleو”رسم َّأوىل/ وهي“ :طريقة ت “الوسامة” ِصفةً ِلحسان الوجوه ولهذا كانت َ
ت
وسماء” -لما ت�كه -فيقال ٌ
بالبقعة” و”الرسم ُ تحض�ي (سكتش)” َّ ،Sketch ي “رجل وسيم” ،و”امرأ ٌة ْ
بالح�” ،Ink drawing و”الرسم ب َّ ،Blot drawing ف ي� القلوب الناظرة من حرارة النفعال والتأثُّر،
و”الرسم بالصبغات” ،Pigment drawing َّ الزمة لوجوه أصحابها؛ الم َ ولما يُ َم ي ّ ف�ها من أصالة ُ
و”الرسم بالقلم الرصاص” ،Pencil drawing َّ ستعارا بالزينة والتجميل، ً إذ إنها ليست َع َر ًضا ُم
الك . أ
و”الرسمَّ و”الرسم التوضيحي” ،Illustration َّ بل صفة راسخة رسوخ الثر الناتج عن َ ي ّ
العابث” .Doodle الخطية نافر ًة بارز ًة عن ّ وح� تكون العالمة يف
ف “الر ْشم”
أن النقاش العميق لهذه و� اعتقادي َّ ي استحضار لفظة َ ُ السطح ،Reliefيكون
المق�حة ،إضافةً إىل إعادة النظر الصطالحات ت لزما ،للتعب� عن كل ما برز من الرسوم؛ كما �ف
ََ ي ي ً
بالرسم، ف أ
تلك الناشئة عن أثر الضغط بالقوالب والختام
ي� الجذور اللغوية العربية ذات الصلة َّ
غائرا و� المقابل ،ي ف ف
ويتفرع عنهما، َّ والخط ،Lineوما يتعلق بهما يص� الخط ً ح� ي المحفورة .ي
ف حوه من ف اسخا ،ت
كث� من البهام عن ي ٍ فىص إىل نفي إ جدير بأن يُ ي
ٌ فردة ي �-الجلد ونَ ِ بصبغة ُم َ
ٍ مق�نًا ر ً
ألمحنا إليها؛ ال� سبق وأن َ ت بـ”الو ْشم” دللةً اصطالحية التعب� مواد -يكون
الضبابية يّ المفاهيم َ ي
ش�يطة أن يرتبط ذلك النقاش الصطالحي الخطية الغائرة ّ ب� هذه العالمة فارقة ،ي ف
اللغوي ،ارتبا ًطا وثيقًا ،بالخصائص أ
الدائية عالمات ٍ عرضه من وغ�ها مما َس َلف ُ المصبوغة ،ي
الرسم وأساليبه .عندها، ط ُرق َّ الم َح ِّددة ل ُ
والتقنية ُ خطي ٍة ،قد تتشابه ظاهريًّا ،يغ� أنها تختلف ّ
بسبيلنا جوهريًّا ،ي� المغزى والشكل وطريقة التنفيذ. ف
بكث� من التفاؤل إنَّنا سنكون ِ يمكن القول ي ٍ
وتجاوز حالة الرسم، الن -ما دمنا قد َع َّرجنا عل هذا نرى آ
ُ الجابة عن سؤال َّ إىل َحسم إ
فص ُح عن ال� ما زالت تُ ِ ت أن استدعا َء التأصيل اللغويَّ - الشتباك
السيولة الصطالحية ،ي ي
التق� ف ي� تج َّددت دواعي التصنيف ف الرسم، ف
ي نفسها كلما َ ِ بعض الصطالحات الدائرة ي� فلك َّ
حقل الكتابة العربية عن الفن. من شأنه توسيع سياق الطرح النظري ف ي� هذا
الذهان حول قضية الموضوع ،وكذا إثارة أ
هوامش: ب� العالقة المتشابكة -بل والملتبسة أحيانًا -ي ف
يف
“الحس� فوزي وجائزة الدولة ( )1سعد الخادم: و� مقدمتها ف
ساوقة له ،ي الم ِ الرسم والفنون ُ فن َّ
الرسم وتطبيقاته” ،مجلة ف ف ف َّ يَ� التصوير والجرافيك (الحفر والطباعة
التشجيعية ي� فنون َّ
“المجلة” ،ع ،97ص.142 نق� ُح إعادة الفنية) .Printmakingلذا فإننا ت
(André Lhote: De la palette à l’écritoire, )2 كرها ِمن ِق َبل النقاد آت
تأمل المصطلحات ال ي� ِذ ُ ُّ
Corréa, Paris, 1946, p. 176-177 المتخصص� ي� الفنون البرصية، ف يف والكُ ّتاب
الكتابة العرب ّية عن الفن
27
(السيميائية
َّ كب�َ ،ف َّن َدتْها مناهج النقد المعارص ي التشكيل ف ي�
ي تعكس الكتابة “النقديَّة” عن الفن
اتية) ،لكنها ما زالت تجد والتفكيكية والظاهر َّ
َّ أساسية منها ،جوانب َّ العر� ،ف ي� مساحةالوطن ب ي
ف بتعب� آخر أزمة يف
عموما، العربية المعارصة ً َّ موطئ قدم ي� الثقافة “الميتاف�يقا” ،أو ي مختلفة من أزمة
تتحاس “الزقة” المظلمة ،والعتبات أ ش غالبا ما ت أ
“المثالية” والحياديَّة ،والحكام النقديَّة المعاي�
ال� ً ي َّ ي
الرجراجة و”القلقة” .وهي تنأى بنفسها عن خوض جمالية منها أو َّ المستندة إىل مفاهيم “مطلقة”،
ف ال� تبحث عن “الحقيقة”. ت
والمعر� ،والمناطق ي غمار “الشك” النقدي خاصة تلك ي تحليليةَّ ، َّ
التفك� النظري والنقدي ،خاصة شكالية من أ
والنها�، وتلهث تلك الكتابة وراء الرأي “الصائب”
ي ال َّ إ ي
ف ف ي� “حقل” الفن ممن يكتبون
التشكيل .فهي تنأى ي� الوقت ي كث� َّ يتوهم ي أو “الموضوعي” ،كما َّ
التشكيل
ي بأن الفن بالع�اف َّ ت الذي تت� َّدد فيه العر�، بي التشكيل ف ي� الوطن ي اليوم عن الفن
ثقافية وجوديَّة َّ عربية بات اليوم يشكل حالة َّ وأن بعضهم يحمل ف ي� رأسه اعتقا ًدا خاصة َّ َّ
والتأسيىس للكلمة ،فترصب ي بالمع� العميق ف أساسية من َّ بأن ما يكتبه يكشف جوانب اسخا َّ ر ً
ف جذوره ف ي� أسس تكويننا بعضاالف� ،أو ً ف ت
الجماىل،
ي العر�
الثقا� ب ي ي “الحقيقة” المست�ة وراء العمل ي
أ ت
يؤهله يستمد حضوره منها( .)1المر الذي ِّ ُّ ال�
ي منها عل أقل تقدير .وهي رؤية متفائلة إىل حد
____________________________________________________________________________________________________________
بماد� الجرانيت والبازلت صعود الحضارة الفرعونية وسيادتها العالم ،مرورا أ
بالثر الذي أحدثته ( )1منذ الدور الحاسم الذي شكَّله «النحت» الحجري ت
ً َّ آ ي الفنون التشكيلية ف� الحضارات البابلية أ
ف
ال� قامت ي� المنطقة ت
وغ�ها من الحضارات ي امية ،ي
والفنيقية والر َّ
َّ الكنعانية
َّ والنبطية ،والحضارات
َّ ف
والشوريَّة َّ َّ ي
ً
أشكال راقية من «الفنون ال� عرفت ت
والرومانية ،ي
َّ كاليونانية
َّ ح� الحضارات الغازية منها العر� .ت
ي الثقا� ب
ي أساسية ف ي� التكوين
َّ مرجعية
َّ العربية وشكَّلت
َّ
العر� ،حيث لعبت
الثقافية» لالإنسان ب ي
َّ «الشخصية
َّ التشكيلية» (وفق المفهوم الحديث والمعارص للمصطلح) كالرسم والنحت ،كلها أسهمت ف ي� بناء َّ
أساسيا ف ي� بعثها وبنائها.
َّ جماليا
َّ مسوغا
التشكيلية المختلفة ّ
َّ الفنون
الكتابة العرب ّية عن الفن
28
ت ف لتحمل أشكال متباينة
ال� أصبح اليوم العر� ،ي المحتدم ي� العالم ب ي التشكيل) ُّ ي (وأقصد الفن
ولعلأساسيا منها ،شاء َمن شاء بوأ� َمن بأ� َّ . جز ًءا أيديولوجية، المب� عل منطلقات ف التنظ�
ي من
ًّ َّ ي
يؤهله أ أ
العر�”، تطور ما ُعرف باسم “الربيع ب ي مجريات ُّ أو عل القل الم َّتهمة ب ِـ”الدلجة” .كما ِّ
ف شكالية ،دون
يشهد عل استغالل أساليب ي� تأجيج الرصاع ال َّ لتحمل أقىس أشكال المقاربات إ ُّ
العر� ،طالما ُع َّدت جز ًءا من ف الخوف من انفراط عقده ،أو انكسار عوده
السياس ي� الشارع ب ي ي
ف
والبالغية المستخدمة ي� الفن َّ طابية
الخ َّ ال َّتقنيات ِ الصلب ،بما يفرضه حضوره ف ي� هذه المنطقة
التشكيل المعارص. ي والسياس
ي من العالم ،ف ي� تموضعه التاريخي
ثقا�ف ف أ ف
من ناحية ثانية ،تعكس الكتابة “النقديَّة” والثقا� والجتماعي واليديولوجي ي� إطار ي ي
خاصة العر�َّ ، بي التشكيل ف ي� الوطن ي عن الفن وعربية تارة،َّ وطنية تارة،
معينةَّ ، يملك خصائص َّ
تلك المتأثرة بالرؤية “المحافظة” السائدة �ف وإسالمية تارة أخرى .ويدفعه نحو “حياديَّة”
ي َّ
الكتابة العرب ّية المؤسسات أ ال� طالما ت التشكيلية المس َّ
العربية ،مظاهر مختلفة َّ كاديمية
َّ ال طحة ،ي َّ الرؤية النقديَّة
من أزمة الرؤية “البنيويَّة” ،وجوانب مختلفة من أ
وضعته خارج مناطق الرصاع اليديولوجي
“الستبطانية” (،)Introspectional َّ التوجهات ُّ
ف
تحليلية” ( )Psychoanalysisي� الفن. و”النفس-
َّ
عربيا عل مجريات الكتابة ت
ال� هيمنت َّ التوجهات ي ُّ
شكاىل” ي� طبيعته ف ف
“ال ي النقديَّة ي� هذا الحقل إ
الع�ين وتكوينه النظري ،منذ ثمانينات القرن ش
المح�ف النقدي السوري) ،بوصفها ت (خاصة ف ي� َّ
“الميتاف�يقي” نفسه ،والرؤية يف انعكاسا للمنظور ً
ال� تعزل الفن عن السياقات ت
“الحياديَّة” ذاتها ،ي
والسياسية
َّ والثقافية
َّ والجتماعية
َّ التاريخية
َّ
ال� ُولد فيها .وهي حالة ما زال ت أ
يديولوجية ي َّ وال
يعيش مفاعيلها وتداعياتها معظم َمن أسهموا
خاصة أو يسهمون اليوم بكتاباتهم النقديَّةَّ ،
ال� ل يكاد ينجو منها ت ف ي� ش
العر� .الحال ي الم�ق ب ي
اليس� من الك َّتاب والدراسات النقديَّة ي ال�ر إل ف ف
والخرى، ب� الفينة أ ال� تظهر ي ف ت
الجا َّدة والرصينة ي
وال� حاولت ت ت
عد عل أصابع اليد ،ي ال� بالكاد تُ ُّ ي
الكتابة العرب ّية عن الفن
29
إشكاىلي التوليفة المعقدة .فكل ِخطاب نقدي إشكاىل علمي ومنهجي ونقدي ي ترسيخ منظور
والثقافية والجتماعية التاريخية الطر متف ّلت من أ التحليلية .إنه يبحث دقيق ف ي� مصطلحاته وأدواته
َّ َّ َّ َّ
تحدد عالقة ال� ِّ ت
يديولوجية ي َّ
والسياسية ،وتاليا أ
ال ً َّ عن “المتاعب” ،ول يركن إىل المهادنة ،ألنه خارج
ف ال� ت
نسا�، ال ي والبداع إ النسان بالطبيعة والوجود إ إ والمؤسساتية ،ي
َّ عن هيمنة النظرة التقليديَّة
ب� هو ِخطاب مرفوض اليوم ،ول يجد مكانًا ي ف التشكيل إىل م�ح حولت حقل الفن غالبا ما َّ ً
ي
اصطراع المفاهيم النقديَّة المعارصة .والسبب الغيبية ،البعيدة عن الواقع، َّ للمجامالت والرؤى
شكاليات المرتبطة بالحضور ال� ل تمت للمنطق المادي التاريخي والختباري ت
ال َّ أنه يجعل من إ ي
إشكاليات مطلقة، َّ الف� ف ي� المجتمعات المختلفة ي
ف المدونة النقديَّة ّ أن جولة بسيطة عل علما َّ بصلةً .
معينةً ، أ
العر� تكفي لستجالء هذا المر .وهي ف
فضال عن تحاشيها ل تخص ثقافة أو بيئة َّ ي� العالم ب ي
ثقافية” بعينها. وتوجهات “جماعات َّ تب� مواقف ُّ ّي
ف طاها المبحث النقدي ف ي� معظم حقول حالة تخ َّ
فضال العر�ً ، د� ي� العالم ف أ ف ة عن الفن
الخطاب النقدي هو ومن المؤسف أن يكون هذا ِ بي الف� وال ب ي البداع ي إ
العربية التشكيلية الوساط النقديّة السائد ف� أ طيها عل المستوى النقدي التشكيل �ف عن تخ ّ
َّ َّ ي ي ي
اليوم. أك� براغماتية (بالمع�ف الغرب ،لصالح رؤى ش
َّ
التشكيل استثنا ًء نقديًّا ي هكذا بقي “حقل” الفن مب�يقي العام) ،عل ال ي التداوىل والختباري إ ي
وثقافيا يعوزه بداية التحديد النظري الالزم ًّ الرغم من بقائها تراوح يب� الرؤية “البنيويَّة”، ف
ّ
معر�” ونقدي ،يستند إىل ف لتأط�ه كـ”حقل والثقافية) تارةً، بصيغتها التحرريَّة (الجتماعية
ي ي َّ
وثقافية تؤطره كمنجز مادي َّ تحديدات نظريَّة طت “التفكيكية” تار ًة أخرى .وقد تخ ّ َّ والرؤية
الكونية ،لك َّنه الساس يتماهى مع خصائصه ف� أ كل الحدود والضوابط ،بما فيها الضوابط
َّ ي
الف� وتأويله .وعل ف ف أ
واجتماعية َّ وثقافية
َّ تاريخية
َّ خصوصية
َّ يحمل خالقية ،ي� قراءة العمل ي ال َّ
العر�، بي معينة (الوطن وأيديولوجية َّ َّ وسياسية
َّ الرغم من وجود محاولت جادة عل المستوى ّ
ف التشكيل النقدي ي� الفن ف جر المبحث
السالمي ،أو كالهما ي� حالتنا)، أو العالم إ ي ّ الغر� إىل ِّ بي
العربية مرتبطة بداهةً بتشكُّل المجتمعات إىل منطقة اليديولوجيا ،والرصاع التاريخي أ
َّ
توجهات الحديثة نفسها؛ تمثل مجتمعات ذوات ُّ والسياس العميق ،لكنه بقي خارج مجال ي
معينة .فقد أخذ هذا المنجز ي ّ ف ً
ح�ا أيديولوجية َّ
َّ أن هذا التجاه هو الذي علما َّ تحليق نقَّادناً .
العالمية ،ي� ظل غياب ف تاريخيا ف ي� ذاكرتها والذاكرة تطور النقد المعارص هيمن عل مجريات
َّ ًّ ُّ
الثا� من ف ف
إشكالية واضحة للتعامل معه َّ أطر نظريَّة ونقديَّة عل المستوى العالمي ،ي� النصف ي
نقديا عل المستوى المنهجي التاريخي والثقا�ف وصول إىل هذه اللحظة ،مع ً الع�ين، القرن ش
ي ًّ
الجماىل والجتماعي واليديولوجي ،خارج التفاعل أ “السيميا�” ،خارج هذه أ بقاء المبحث النقدي
ي ي
الكتابة العرب ّية عن الفن
30
العربية أل شك� من قرن، وبعيدا عن سطوة والتلقا� والبديهي، أ وىل أ
َّ الذي هيمن عل المنطقة ً ي ال ي
ومخيلة ّ بأيد وعقول أعمال َّتم إنجازها ٍ ً لتقدم الغر�، بي تعميمات الموروث الفلسفي والنقدي
ال� تحدد عل ضوئها أ
عربية ،ح� وإن بدت ظاهريًّا ت
وحاجات وأحالم َّ الثقافية والنقديَّة َّ الطر ت ي ُ َّ
العربية، َّ الغربية عل الثقافة َّ جز ًءا من الهجمة التفك� بها ي بداعية ،وآليات ال َّ لهذه الممارسة إ
ال� َّنماها ت ف
عربيا ،مع تجاهل تام لالختالف ي� الظروف
الثقافية ي َّ “التبعية”
َّ تكريسا لحالة ً أو َّ
ف ف الغر� ،ي ف
وب�
الثقا� ،كضمانة له لالستمرار ي الغرب ي� وجداننا التشكيل ب ي ي الثقافية الحاضنة للمنجز َّ
العربية بش� الوسائل .
()3 ت بالهيمنة عل المنطقة التشكيل الثقافية الحاضنة للمنجز الظروف
َّ ي َّ
ولعل تمثال “نهضة مرص” ( )1928الذي أنجزه َّ ببا� حقول البداع �ف العر� .نقول ذلك أسوة ت
ي إ ي بي
النحات المرصي محمود مختار ()1934 1891- كب�ة من تحررت إىل درجة ي ت
ال� َّ العر� ،ي الوطن ب ي
أك� مثال عل ذلك ،هذا الع�ين ب مطلع القرن ش سطوة تلك التعميمات ،وحفرت لنفسها مكانة
الشعب� المرصي يف التمثال الذي اكتتب إلنجازه عل خارطة النقد ف ي� العالم ،مشفوعة بفهم
الملكية المرصيَّة الذي َّ والسودا� ،ف ي� الحقبة ي
ف والسياسية َّ والجتماعية
َّ والثقافية َّ التاريخية
َّ للحالة
يديولوجية للمرصيّ ي ف� يحمل الرؤى والتطلعات أ
ال تطورت فيها العمال أ ت أ
َّ ال� َّ العامة ي يديولوجية َّ َّ وال
خاصة كافة ،ولم يقترص أ والسينمائية ،ف ي� إطار من أ
جمالية ََّّ المر عل ميول َّ والم�حية
َّ دبية ال َّ
الغر� ،أو نزعات ف
بالفنان تلقّاها ي� معاهد الفن ب ي التفاعل المستمر مع العوامل الحاملة للثقافة
معينة أحاطت ف
الشخىص أو ذوق فئة َّ ي تر� ذوقه ي مرجعيات َّ العربية الحديثة والمعارصة ،ضمن َّ
به .إنه عمل نابع من صميم العقيدة المرصيَّة، كب� سياسية محددة ،وبشكل منفصل إىل حد ي َّ
والتغي� التواقة للنهضة أ الغربية .ال ْوىل أن يتحقق ذلك أ مرجعياتها عن
ي الوطنية ّ َّ واليديولوجيا ()2
َّ َّ
ف العر� ال�ت ف ف
يطا�، ال� ي والستقالل ،والنعتاق من الستعمار ب التشكيلية ي� الوطن ب ي ي َّ الفصل ي� الحالة
بال�امن وأعقاب ثورة سعد زغلول ()1927 1857- تف بالتطور ُّ أخذت منذ منتصف القرن التاسع ش
ع�
ال� آمن بها مختار ،وأنجز مجموعة ت واجتماعية وثقافية تاريخية ذاتية بمفاعيل
عام ،1919ي َّ َّ َّ َّ
تخليدا لذكراها وذكرى قائدها ً أهم أعماله من ّ وأيديولوجية ،مكَّ نتها من النفصال َّ وسياسية
َّ
الكب�. ي الغر�، الخطاب الستعماري ب ي كب� عن ِ إىل حد ي
____________________________________________________________________________________________________________
ومخرجا ( )2هذا ما منح ،عل سبيل المثال ل الحرص ،أديبا مثل نجيب محفوظ ( )2006 1911-فرصة الحصول عل جائزة نوبل آ
لالداب عام ،1988
ً ً
الحصول عل تكريم عالمي ف� عدد من المهرجانات العالمية .وهي حالة ما كانت لتحصل لول التكامل �ف شاه� ( ،)2008 1926-فرصة مثل يوسف ي ف
ي َّ ي الرؤية النقدية العربية والغربية ف� العقدين أ
الف� وب� خصائص العمل ف ب� الظروف التاريخية ت
ال� أُنتجت فيها العمال ،ي ف ف ي ين، ش
الع� القرن من ين خ�
ي ال
ي َّ ي َّ ي َّ
ومكامن فرادته وريادته.
العر� ،لندن ،الملحق السبوعي ،العدد ،9377بتاريخ ( )3سعيد ي ف
يقط� :مقالة بعنوان “يتحدثون عن “ما بعد الستعمار”؟” ،صحيفة القدس ب ي
،25/11/2018ص.21
الكتابة العرب ّية عن الفن
31
ف ب� “المتلقي” ،ي ف يف تب� أطر نقديَّة ف
الف� ،بالستناد إىل وب� العمل ي أهمية ّ ي من هذا المنطلق نؤكد َّ
عملية إنتاج “العراف َّ ت دراسة أ إشكالية ف ي� التعاطي النقدي أيديولوجية ش
أك�
ال� تضبط َّ العامة” ي َّ َّ
تفىص إىل أنماط من العمل وتلقيه ،وهي غالبا ما ف العر� ،تُب�ف التشكيل ي� الوطن ف مع الفن
ي ً بي ي
ال�اءة أ عل فض بكارة التوافقات النظريَّة والتهدئات
النقد “اليديولوجي” ،الذي يرفض حالة ب
ال� روجت من قبل بعض أ
التشكيل .
ي زج فيها المبحث ال� يُ ُّ ت
والال اك�اث ،ي
ت يف
كاديمي� ال َِ الهشة ت ي ُ ّ ّ
فَـ”النظرية النقديَّة” الحديثة والمعارصة هي والنقاد ،بدعوى الحياد والموضوعية ،ال�ت
ي َّ
ف ف
ثقافية أطرا َّ أيديولوجية ي� عمقها ،تتطلب ً َّ نظرية بداعية المختلفة ي� الوطن ال َّ أ َّطرت الممارسات إ
وأيديولوجية محددة للتم ّثل فيها ،خارج الرؤية فعالية من الناحية ش
العر� ،لصالح رؤى أك�
َّ َّ بي
ال� تحاول ال�يُّن بها ،بوصفها نظريَّة ف ت ت خاصة لجهة محاولة موضعة النقد التفاعليةَّ ،
المثالية ي َّ َّ
تم�فعة عن اليديولوجيا ،لكنها ي� العمق جز ًءا ف أ وسياسيا واجتماعيا وثقافيا تاريخيا التشكيل
ًّ ًّ ًّ ًّ ي
تعت� ويع� ذلك وضعه ف� إطار ثقا�ف وأيديولوجيا .ف
أن ب ل يتجزأ منها .ول يصلح والحالة هذه ْ ي ي ي ًّ
التشكيل المعاي� النقديَّة السائدة ف ي� الفن بع� العتبار تلك مع� ،أو عل القل الخذ ي ف أ أ ي َّ ف
ي ي
ف الفنية ،وأكسبتها أ ت أ
وتوجهاته، ُّ مرجعياته
َّ الغر� ،ي� تنوعه وتعدد بي ال� ولدت فيها العمال َّ الطر ي
ال� تصلح ت وسياسية واجتماعية وثقافية خصوصية تاريخية
المعاي� النقديَّة والنظريَّة نفسها ي ي هي َّ َّ َّ َّ
ف ف معينة .وينبغي أن يتم ذلك
التشكيل ي� الوطن ي لبناء “نظرية نقديَّة” ي� الحقل طابية َّ وأيديولوجية ِخ َّ َّ
العر� من حيث المبدأ ،كما هو رائج ي� الكتاباتف والجتماعية التاريخية المرجعيات بالنفتاح عل
بي َّ َّ َّ
العر� اليوم، التشكيلية ي� الوطن ف النقديَّة العامة ال�ت يديولوجية أ
والسياسية وال والثقافية
بي َّ ي َّ َّ َّ َّ
أو بوصفها معاي� مطلقة ،تصلح للتطبيق �ف ثقا� حاضن ف
ي ي تحتضنها ،وترتبط بالمجتمع كإطار ي
مرجعية وحيدة للفن َّ كل زمان ومكان ،كحالة والسياسية َّ والجتماعية
َّ الثقافية
َّ يمل أعرافه لها ،ي
تنبه بعض النقاد التشكيل ف� العالم .ف� ي ف الخاصة ي� تفاعله معها .كما ف يديولوجية أ
وال
ح� َّ ي ي ي َّ َّ
أ
أهمية “النقد اليديولوجي” ،وباتوا الغربي ي ف� إىل َّ ّ وسياسية َّ ثقافية
مرجعية َّ َّ يكرس أنما ًطا ينبغي أن ّ
العربية َّ يستخدمونه كمعول لدكِّ أسس الثقافة خفية من ردود الفعل وأيديولوجية َّ َّ واجتماعية
َّ
“البديهيات”، تحولت إىل ما يشبه ال� َّ ت
الحديثة والمعارصة ،كما هي الحال لدى بعض َّ تجاهها ،ي
ت القراءات النقدية أ أساسيا ي� تحديد ف دورا
ال� السطحية ي َّ اليديولوجية َّ َّ التعب� ،لتلعب ً ي إذا جاز
خاصة تلك ق� الجدد”َّ ، “المست� ي ف ش قدمها بعض َّ الثقافية” َّ ب� الفرد و”الجماعة الخاصة ي ف َّ العالقة
والفنان� العرب يف طت بقلم بعض “النقاد” ال� ُخ َّ ت ال� ينتمي إليها الفنان ،أو يتوجه إليها العمل ت
ي ي
أيديولوجيا أكاديميا وتوجيها تعليما
ً الذين تلقُّوا البداعي من جهة وب� العمل إ الف� من جهة ،ي ف ف
ًّ ًّ ي
التشكيل ي
ف
غربيا ،سعت إىل التشكيك ي� المنجز ًّ أخرى ،ف ي� صيغة رؤية نقديَّة تنجح ف ي� ردم ال ُه َّوة
الكتابة العرب ّية عن الفن
32
العربية
ّ التشكيلية
ّ ارتباك الكتابة النقد ّية
التصوير إلى َّ
التحريك بفعل المرور اإلبداعي من َّ
د .محمد بن حمودة /تونس
أن اختفت ’الكينوتوسكوب ،Kinétoscopeأي فنان� أو يغ�هم للنخب الرسمية -سواء أكانوا ي ف
اخ�عها أديسون عام ،1891 ال� ت ت الرمزي� -حرصهم عل استيعاب يف من الفعلة
صناديق الفرجة ي
متعطشا بك� معها هوس الجمهور الذي كان ف
شفافية الجتماعي ي� تضاعيف شفافية معرفية
ً
بمجرد تثبيته سء لمشاهدة كيف سيبدو ّ ش أن تفرض أن رهان الكتابة هو ْ أو إبداعية .ذلك َّ
ّ أي ي
الكام�ا .ويذكر كذلك أنه “جاء عل لسان ي أمام قادرا عل
رسميا عل العالم يكون ً ًّ صوتًا مفر ًدا
أ
المسئول� عن العروض السينمائية الوىل، يف أحد وبالتاىل الشخصية المتعددة؛ أ
استيعاب الصوات
ي ّ
مث� وقوي أن الذوق المعارص اتَّجه إىل كل ما هو ي َّ قادرا عل تحوير الطاقة اللغوية من خالل يكون ً
النسان بالتفاصيل أ
تدج� طبيعتها التناصية الساسية. يف
ويمكن رؤية كل ما يقوم به إ
الدموية المؤلمة ،مثل عمليات الهجوم عل ب� الطاقة إجمال ،تهدف الكتابة إىل فكّ الرتباط ي ف ً
كالث�ان والثعالب ،أو اجتماع أسدين الحيوانات ي اللغوية langueوالعبارة paroleلتهمش عملية
عل قتل فيل عل سبيل المثال!” ،ويستنتج
()3
النطق الفردي بالقياس للنطق الحواري ،وبحيث
أن حدود الممنوع كانت التقرير المشار إليه َّ يتم تحييد اللغة langageعل نحو يسمح
ال� أصبحت اليوم ت
المشاهد ي تتوقف عند هذه َ للبعد الحواري باستيعاب البعد يغ� الرسمي
ال� نتم َّتع اليوم ت
المشاهد ي ل تمثل شي ًئا أمام َ غ�ت المنوال أن السينما ي ّ للنطق .ومعلوم كذلك ّ
بمشاهدتها مع أطفالنا. المتمدية
ّ الف� من جراء استبدالها لعيار النظرة ف
ّي
أ ف
عبدال يم� قوله“ :والطريف ي� المر أ ويضيف ليث ال� طالما ت
le regard éloignéبالنظرة القريبة ي
التغي� ي� الذوق العام والنظرة إىل ف أن راديكالية الكالسيك العالمة عل جموح اعت�ها ال َّتصوير
ي َّ ي ب
شعبية ش أ
المحظورات قد شملت الرياضة الك� وخيم العواقب .لنأخذ هذا المثال البسيط .هل
ّ
ف ي� العالم اليوم وهي كرة القدم؛ فقد كان رقابية ف ي� العالم أي سلطة ّ نتخيل إمكان وجود ّ َّ
إنجل�ا ،وهي البلد الذي بدأت ت لعبو الكرة ف ي� يمكن أن تمنع الجملة القائلة“ :اجتمع أسدان
خارج� عن يف عت�ون المدورة ،يُ ب ّ ف ي� ساحاته الكرة عل قتل فيل” ف ي� المقابل ،كانت الرقابة ف ي� كل
القانون بحسب لجنة الرقابة آنفة الذكر” .وبناء البلدان الغربية تمنع هذا المشهد خالل بدايات
أ
عبدال يم� عل جملة هذه المعطيات انتهى ليث أ
عبدال يم�” السينما .وبهذا الخصوص ذكر “ليث
الب� مس�ة ش ي تطور ُّ إىل الستنتاج أنه مع أنه عند تصفُّحه كتاب “تحت مقص الرقيب”
م�ت مراحل مهمة ت
وتط ُّلعاتهم إىل الحرية وال� ي َّ ف من تأليف “توم ديوي ماثيوز” شع� عل معلومة
ي
تتحول “الحدود” مع التجربة من الحداثة الغربية َّ تش� إىل أنه مع اتِّساع حجم الشاشة منذ طريفة ي
____________________________________________________________________________________________________________
السينما� :أفالم الحالت القصوى ،ضمن صحيفة “أخبار أ
الدب” 13 ،آذار /مارس ،2016ص.36 أ أ
عبدال يم� ،الواقع يتجاوز الخيال ( )3ليث
ي
الكتابة العرب ّية عن الفن
36
ال� ينفردون بها،ت تعب�ات تنترص س� عندما وجد نفسه قبالة ي ي ِّ أ
الشخصية ي
ّ إليها مأخذ العالمة
حساسية ف ي� هذه الحالة هي مجرد المخالفة ّ وال
إ لـ”الال فن” كما بلورته المدرسة النطباعية
لالخرين عل نمط يسطع به كل َمن يبغي الخالف آ “حاكمية الفن” .فقد كتب وتعمل عل تقويض
ّ
والشذوذ”(.)5 العقاد مش ّه ًرا بالفن المعارص بعد مشاهدته
الكب�ين (طه ي ف
حس� لمعرض له ف� القاهرة سنة ً 1928ف
لم يخطر ببال الناقدين ي “�
قائال :ي ي
أن تحريك الصورة يسمح بر ّد العتبار ف آ
والعقاد) َّ نىس الذي يُقام الن ي� القاهرة المعرض الفر ي
اعت�ه
قديما .وما ب
لل َّتعجيب كما تعاطاه العرب ً تقدم العلم، تقدم الفن يغ� ُّ إن ُّ يف
للقائل� َّ حجة ّ ة عن الفن
تحرر من
كاريكاتورا إنَّما هو البورتريه وقد َّ
ً العقاد وإن س ّنة الرتقاء ل ت�ي عل ال َّتصوير خاصة َّ
سطوة ديوان الهيئات الذي كان يمنع من إيالء ت
�يانها عل الصناعة والخ�اع ،ففي الصور
ال� رسمها عباقرة ال َّتصوير قبل مائة سنة ما هو ت
ي
والستاذيّة من وأدل عل القدرة أ أجمل وأفخم ّ
ال� ابتدعتها قرائح المعارصين. ت
أحدث الصور ي
أحدا من الناقدين ولو جاز لنا أن نوافق أو نخالف ً
ش�م’ الذي لهج به المصورون �ف ’ال بم� تلقلنا إن أ
ي ّ َّ
هذا العرص يهبط بالفن كلما تمادى إىل حيث
يك� فيه ال ِّدعاء ويضعف المرجع المصطلح ش
عليه ويصبح الشذوذ هو القاعدة” .ثم يضيف
فيقول“ :فالمصور الحديث الذي يجري عل
حساسي� المزعوم يريد أن ي َّتخذ له يف ال
أسلوب إ
ال�وز، ف
لونًا وسحنة بارزة ي� جميع مصنوعاته كل ب
فتوشك أن تقارب حدود الكاريكاتور وتلح عل
الذواق إىل ما يخالطها بالضجر والنفور ،وق ّلما أ
واللوان ليكون الشكال أ نرى فيهم من يحرف أ
ّ
أدل عل المع� وأبعث عل توجيه ف ال َّتحريف ّ
يحرفونالفكر إىل ناحيته المقصودة ،وإنَّما هم ِّ
لتدل عليهم وتؤخذ عند النظر واللوان ّ الشكال أ أ
____________________________________________________________________________________________________________
والعالم بحكومة الشارقة ومركز الشارقة لالإبداع الفكري ،ص.104
التشكيل ،دائرة الثقافة إ
ي ( )5ذكره بدرالدين غازي ،رواد الفن
الكتابة العرب ّية عن الفن
38
العر�
بي الجهاز .ولكن ماذا عن وضع ال َّتصوير ولمعاي�ها .مع ي للخ�ة الباطنية قيمة مركزيّة ب
المعارص ف� آ الكالسيك إن ال َّتصوير
جاهزا للعبورً الن وال ُهنا؟ هل أصبح ي ي أن يقول َّ لقائل ْ
فإن ٍ ذلكَّ ،
لمعارصة تعيد ترتيب عالقات الفن والال فن عل يتطور عندنا لدرجة أن يصبح سلطة مسيطرة، لم َّ
نحو يعطي للحقبة الوجدان الذي يليق بها؟ فإن الثورة عل يغ� سلطة هي أمر يغ� ولذلك َّ
نقرأ -ضمن كتابه الموسوم “فن البيداغوجيا مفهوم .ومثل هذا التأويل ل يُعدم المؤيدات
التاىل: ف ح� عام ضمن كتاب “ال َّتصوير الحديث ف� مرص ت
الريحا� ي
ي وبيداغوجيا الفن” -قول يوسف ي
ف خ� أنه أ
“مطروح أمامنا اليوم إعادة النظر ي� تعليمنا ”1961لصاحبه “إيميه آزار” .إذ يذكّر ال ي
أ أن هذه “فيما يتع ّلق
ساس عل وجه الخصوص .إذ وتعليمنا ال ي بالنطباعية ،فإنه يبدو يىل َّ ّ
تلق� أبنائنا فن تفكيك وتركيب مج�ون نحن عل ي ف ب المدرسة ل تُفهم إل بمقابلتها بتقاليد تصوير
والتمرس عل أ�ار صناعتها ،مع مواكبة ُّ الصور التقان البارد للرسم بعينه ،كرد فعل ضد إ غر� ْ
بي
التق� المذهل الذي تعرفه ف والكالسيكية النابوليونية لاللوان ،والموضوعاتأ
�عة وتراكم التقدم ي
والتفاعلية اليوم .علينا أن ننتبه ّ الرقمية
ّ الفنون وإما التاريخية ،البورجوازية ّإما الدراميةّ ،
أن الفنون بشكلها المتعارف عليه قد جيدا إىل َّ
ً ل ِـ”دافيد” و”آنج” و”كورو” ،أو قد ل تُفهم هذه
أعلنت موتها منذ نهاية القرن المنرصم .أجل، كاشم�از من الرومانتيكية، أف أيضا إل
النطباعية ً
الن لم نعد نتحدث عن الم�ح ،وإنَّما فنحن آ بجاذبيتها ،وتفحشها وغرائبيتها ،وطموحاتها
عن ما بعد الم�ح أو ما يسمى “فنون أ أسميه ثرثرتها أ
الداء ال بك� من الطبيعة ،وأحيانًا بما قد ّ
ب� جسد المؤدي المعارصة” حيث المزج المذهل ي ف اللونية العالية .وقد كانت النطباعية ف ي� فرنسا
اضية .كما لم ت
الواقعي وإمكانات الفيديو الف� ّ تماما ما كانت عليه الرمزية ف ي� الشعر ،وكما تناظر ً
نعد نتكلم عن السينما التقليدية أ أن أدبًا بال شعر سوف يبدأ
النالوجية ،بل تصور َّ
أنه ل يمكن ُّ
الح� واللحظة دونما عن سينما رقمية تنجز ف� ي ف نموذجا له ،ل ً بمحاولة الشعر متخذً ا “مالرميه”
ي
حاجة إىل تقنيات التحميض القديمة ،ونتحدث أعتقد أن بالمكان تصور أن فن التصوير يبدأ �ف
ي َّ ُّ َّ َّ إ
أك� عن أفالم ال َّتحريك Animationوالفيديو ش ومعلما” .
()6
ً بلد بال تصوير متخذً ا له “مانيه” أستاذًا
المجسمة ثالثية آرت وأفالم الموبايل أ
والفالم بكالم آخر ،لقد جابه الفنان النطباعي ما لمسه
َّ
البعاد .لم نعد نتذكر اليوم ف ي� خضم هذا أ يف
الكالسيكي�، من موت إرادة الفن لدى نظرائه
الرقمية ،تقنية ّ الهجوم الكاسح آللت ال َّتصوير فهرع إىل تلك الوسيلة الكالسيكية ليقلب الفن
ف ف ت ال� ح ّنطها ت ف
خ�ال� صارت ي� ب تحميض الفيلم الفوتوغر يا� ي عل نفسه ويبعث الحياة ي� القوة ي
____________________________________________________________________________________________________________
لل�جمة ،المجلس أ
العل للثقافة، الم�وع القومي ت ( )6إيميه آزار’ ،ال َّتصوير العارص ف� مرص ت
ح� عام ،1961ترجمة إدوار الخراط ونعيم عطية ،ش ي
،2005ص.22
الكتابة العرب ّية عن الفن
39
الجناس ال شن�وبولوجيا (علم أ المختلفة مع أ والتقىص ال�تيب والدقةف� حاجة إىل المزيد من ت
ي ي
الب�ية) ،بينما تمتد دراسة الفنون الشعبية إىل ش ضمن ما تقتضيه المؤهالت العلمية لمؤرخ الفن
يتع� استحضار مبادئ علم الجتماع( ،)2كما ي َّ ف بالمع� الحقيقي ،خاصة وقد تضاعفت رقعة ف
الحىس . الدراك ف ت
ي علم النفس ي� دراسة عمليات إ ال� لحقت طبيعة الغموض مع المستجدات ي
ناهيك عن مسائل التحليل الراديوغر فا� أ
لاللوان إن كان عل مستوى ف
ي التعب� ي� ضوء العولمةْ ،
ي
والمواد وما يتطلبه من معدات تكنولوجية ف
طبيعة “الفن” الراهن ي� حد ذاته ،أو عل صعيد
“علما منً يعت� تاريخ الفن خاصة .من ثم ب “الخطاب” ( )Discoursالمرافق له.
البي َنة وليس مسألةالعلوم ،له قواعده وطرائقه ِّ
تخم�” كما يعرفُه مارك روكسل(� .)3ف حدس أو ي ف مداخل تاريخ الفن
ي ُ َ ِّ
الرصف ،يقوم ال�وع ت وبعيدا عن ف ف يف ف
الذا� َّ
ي ً ح�، الف� من حيث ويحدد العمل ي ِّ يدرس تاريخ الفن
تاريخ الفن عل منطق ترابط آراء وأحكام مختلف ت
الحقبة والتصنيف وال�تيب والتبويب والمصدر
الف� (محافظو المتاحف، ف ف ف
المتدخل� ي� الشأن ي ي والتفس�
ي والتحول
ُّ والسياق والنتماء والتقنية
مدراء الروقةُ ،ج ّماع ،Collectionneursق َِّيمون أ يف
والتمي� والمحتوى والمقارنة والتحقيق والفصل
،Curateursصحفيو الفن ،)...ومن بينهم، والحكم ،ما يح ِّتم عل مؤرخ النجاز ُ وطريقة إ
بالساس ،نقاد الفن الذين يقوم عملهم بدوره أ أ
حد ما ،لنه مطالب، ناقدا إىل ٍّ الفن أن يكون ً
الدوات والمجالت المعرفية الموصولة عل تلك أ كث�ة ،بتوضيح كيفيات تطور أعمال ف� ي ف
أحاي� ي ي
بخ�ة مؤرخ الفن ،بما فيها النظريات الجمالية ب الفنان من مرحلة إىل أخرى ومن زوايا مختلفة
ال� ترتبط بالفلسفة عامة ،فيما يتوغل جوهرها ت والسناد ب� الموضوع والتقنية والمواد إ تتوزع ي ف
ي
المتخصص ف ي� أصول النقد. وغ�ها من الجوانب ،فيما يمكن أن أ
والسلوب ي
يتناول بالنقد مجموع نتاج الفنان الواحد ف ي�
الفن المعاصر ومشكلة المعيار اتجاه تقديم تحليله الذي يصيغ من خالله حكمه
بناء عل ما سبق ،نالمس جسامة المعرفة مج�ا
الخاص .ويجد ُم ْمتهن تاريخ الفن نفسه ب ً
ال� يقوم عليها تاريخ الفن الذيت الح� الذي ي َّ ف عل اعتماد علم الجمال ،ف� ي ف
وطرق التقدير ي يتع� ي
التبدل
ومعقدا أمام مجال شديد ُّ
ً يبدو بطي ًئا التعب�ي عليه دراسة منظومة الذوق وقواعد
أ
الكث� من العمال الفنية ظلت ت معي َن ي ْ ف� .من جهة
إن ي والتطور ،ح� َّ
ُّ المخصوصة ببيئة وعرص َّ
باستمرار موضوع مراجعة للمزيد من المعاينة فإن دراسة الفنون القديمة تستوجب أخرىَّ ،
ت
ال� آ
والكتشاف عل الرغم من الستنتاجات ي التوسل بقواعد علم الثار ،فيما تتداخل دراسة
تم التوصل إليها من لدن مؤرخي الفن ،بحيث الفنون البدائية ودراسة مقارنة فنون الثقافات
الكتابة العرب ّية عن الفن
43
فنحن نعرف أنه تغذّ ى بعنارص من حضارات الفنان� من أنحاء العالم كافة يف بأن عدم تواجد َّ
ً و� مؤسساتنا التعليمية عائد إىل عدم ف ف
أشكال حقبا وثقافات محددة خلقت وأن ً أخرىَّ ، ي� ثقافتنا ي
ف
ال� ظهرت ي� القرن ت أ اعتبارهم جز ًءا من التيار الرئيس لتاريخ الفن،
فنية سبقت الشكال الفنية ي
الفنان� الثْني ف� آ
أن الحركة الحديثة منذ ولدتها الع�ين ،يغ� َّ ش (الخرين) ي ف إ ِ ّي فتاريخ الفن ل يهمل
دولية ،وباستثناء بعض آ
حسب ،بل ينكر كذلك الدور الذي لعبه الخرون
أظهرت نفسها عل أنها ّ
يف أ إن هذا الفن ما كان ف
الغر� الحديث لم فإن الفن ب ي المعزول�َّ ، الفراد ي� مأسسة الفن الحديثَّ .
ف ت ف أن آ
الف� (المعارض متحمسا ليع�ف ي� نظامه ي ً يكن ليكون ما هو عليه لول دور الخرين ،يغ� َّ
والمجالت والمتاحف والمجموعات) بمجموعات هذا الدور تم إنكاره بفضاضة( .)7ونجد ف ي� رأي
اي�“ف ف
معارصة وحركات من ثقافات أخرى ،و”تضيف “طو� مار ي
ي اليطالية
مشابه ،مؤرخة الفن إ
نع� به ف ف ف ف
)Toni Maraini )1989ي� سياق حديثها عن
الغر� ياي�” ،عندما نذكر يغ� ب ي طو� مار ي ي
لفنا� الغرب المعارصين من أمثال ف أن الفن الحديث المغر� تؤكد َّ التشكيل الفن
مصدر إلهام ي بي ي
تش� ت ف
“كي� زايلمانس”، ي “بيكاسو” و”كالي”( .)8ي ولد ي� الغرب ،يغ� أنه ليس غ َْر ًّبيا بشكل خاص،
ف ي� المقابل ،إىل أطلس “جون أونيانس” John
Oniansالموسوم ِبـAtlas of World Art
الصادر ف ي� ،2004ضمن القيام بمحاولت
لمقاربة تاريخ الفن من منطلق إطار عولمي،
الف� العالمي منذ ف
لالنتاج ي بتقديم نظرة شاملة إ
أيضا إىل كتاب ما قبل التاريخ ت آ
تش� ً ح� الن .كما ي
“دافيد سامرس” David Summersبعنوان:
World Art History and the Rise of Western
Modernismالصادر ف ي� ،2003كر ّد فعل عل
التاريخية ال� واجهها “سامرس” من فئات ت
ّ القيود ي
أن الصناعة الفنية ف ي� الغربية ،لتخلص إىل َّ ّ الفنية
ّ
الع�ين ،لم تقترص عل الغرب فقط، القرن ش
الن فعلينا أخذ الصناعة العالمية كنقطة أما آ
ّ
انطالق لكتابة تاريخ الفنون والوصول إىل تواريخ
منطقية ومتعددة الثقافات(.)9 ّ للفنون ،تواريخ
“كي� زايلمانس” :هل يمكننا ت
ومن َّثم ،تتساءل ي
طوني مارايني
الكتابة العرب ّية عن الفن
46
بابلو بيكاسو
ت
كي� زايلمانس“ ،تاريخ الفنون والخطاب حول العولمة”، التحول الذي طرأ نتصور مدى وأم�كا ،كما لنا أن
( )5ي ُّ َّ ي
كاتالوغ معرض المغرب :الفن المعارص والديزاين ،2005 مثال من
()13
عل الفن السوري الحديث والمعارص ً
متحف فنون العالم بروتردام ،هولندا ،تنظيم :متحف وم ْن ِت َجة بالخارج ،بعد سنة خالل تك ُّتالت فاعلة ُ
فنون العالم بروتردام ووزارة الثقافة المغربية ،شباط/
العر�”.
،2011تاريخ اندلع حركات “الربيع ب ي
بف�اير 2005-أيار /ماي ،2006ص.80
( ،Ibid )6ص.79
(Ibid )7 الهــوامش
العر� المعارص ف
(Ibid )8 ( )1ي� هذا الصدد ،انظر أسعد عر ب يا�“ ،الفن ب ي
( ،Ibid )9ص.78 العربية،
ّ مع� الحداثة ف ي� اللوحة
تاريخ لم يكتب بعد!” ،ف
( ،Ibid )10ص.80 نينوي للدراسات ش
والن� والتوزيع.2006 ،
مع� تاريخ الفن ،ترجمة :فخري خليل، ( )2مارك روسكل ،ف
( ،Ibid )11ص.78
يف
جيمين� ،Op- Cit ،ص.424 ( )12مارك والن� ،يب�وت ،ص.12-13 العربية للدراسات ش
ّ المؤسسة
( )13لالطالع ،انظر مقالنا“ :بعض تجليات الهجرة واللجوء ( ،Ibid )3ص.7
ف� الفن التشكيل السوري الراهن” ،مجلة ذوات ت جيمين� ،ما الجمالية؟ ترجمة :ش�بل داغر، يف ( )4مارك
(إلك�ونية)، ي ي
ت
العربية لل�جمة ،يب�وت ،ص.428 المنظمة
ت/2نون� .2016
ب ع،30 ّ
الكتابة العرب ّية عن الفن
48
العربية
ّ إشكالية المؤ ّلفات
ّ
عن الفنون البصر ّية
ياسر جاد /مصر
العربية ،ول فلسفات طرح بإشكاليات الحياة المبا�ة ش الصيل ذي العالقة وب� المؤ َّلف العر� أ يف
ّ بي
ملحة ،ول لغة برصيّة ناتجة عن اختالط عربية ّ ّ حقيقية. ّ بما ينجزه العرب من أطروحات برصيّة
فلسفية ووجهات نظر ّ عنارص برصيّة وأبجديّات التشكيل
ي كما وقع معظمنا ف ي� فخ التناول للمنجز
كث� من والمه�ئ عل ي ت مهمومة بواقعنا المعارص العر� بشكل عام عل خلفية مرجعيات بي
التشكيلية الصعدة ،ول توجد إدارة للحركات أ وأيدلوجيات وفلسفات ذات عالقة بالمجتمع
ّ
وثقا� ينمو ف
العربية الحديثة والمعارصة قادرة عل وضع ّ الغر� بكل ما فيه من واقع اجتماعي ي بي
أ يضم عادات وتقاليد ومفاهيم ف ي� تسارع من َّ
قص�ة ومتوسطة وطويلة الجل، نوعية ي سياسات ّ ظمّ ،
الف� وواعية بأهمية وغرض وفاعلية الفعل ف ونظريات لتلك المجتمعات المتقدمة ،فبات
ي
والبرصي ،ومدى أهميته باعتباره أحد حلول العر� ف ي� تقييمه ره ًنا بتلك بي التشكيل
ي المنجز
العر� ،وقدرته عل نفض غبار إصالح مجتمعنا ب ي والسقاطات والفلسفات والمفاهيم القياسات إ
زمن غيبوبته الطويلة ،وإنعاش جسده العجوز والمعاي� ،وأصبحنا نؤصل لفنوننا والسس أ
ي
وال� ت
المشوه لرسمه وجسمه. ّ ترهله وإزالة ُّ البرصيّة عل تلك الخلفيات المستوردة ي
عر� للفن الحديث كيف نبحث عن مؤلف ب ي تحجج بعضهم مبا�ة ،وإن َّ ل تمت لنا بصلة ش
والمعارص ف ي� الوقت الذي لم يكن له مقومات إنسانيةً بحتة ،وهو ما أجده عب ًثا َّ صالت ٍ بكونها
أ إن ً
الرغم من وجود الفنان الوجود من الصل؟ وعل ّ وجاهال تار ًة أخرىَّ . متبجحا تارةً، ً وتفاخرا
ً وريا ًء
المح�م والمنجز البرصي ت العر� ذي الطرح التح� لالصول من صنف العنرصيّة المحمودة أ ي ُّ ف
بي
تشكيلية الرص� والصيلّ ،إل أننا ل نملك حركة أ يف الصل وسيبقى ما بقيت الحياة ،والنحياز إىل أ
ّ
حقيقية ،ول مؤسسات رعاية ذات سياسات ّ عربيةّ واقع ل ريب فيه ،ومغازلة الغرب ف ي� الفعل
العر� ،فقد ننخدع ببنايات لمتاحف خادمة للفن ب ي أبدا لن تجعلنا عل قدم المساواة معه، البرصي ً
العربية ،وقد تأخذ ّ حديثة مبهرة ف ي� بعض البلدان كطارح� ومنجزين يف بصورة ما
ٍ ح� وإن ِقب َل بنا ت
وف� . ٍّ ف
أعيننا بعض الفعاليات الهيكلية المزيفة عقيمة ّ برصي ي لشكل ٍ
ت شكالية وهو ف
وال� تذيَّل بمفردة (الدولية) .وقد ننجرف الطرح ي ال ّ ولكن يبقى السؤال الرئيس ي� تلك إ
تر� وال� ل ت ت كيف يكون هناك مؤلف فف� وتشكيل عر� �ف
الربحية ي
ّ مع بعض تلك المؤسسات ي بي ي ي
الفنية الواعية بالفعل غالبيتها لقيمة المؤسسة ّ تشكيليةّ واقعنا المعارص؟ كيف ول توجد حياة
المؤسىس ذي الطبيعة التنمويّة والداعمــة للفن ف
حقيقية ،ول مؤسسات ذات طموح ي� تهيئة
ي
ف
والفنان� ،بل ظلت قابعة ي� منطقة السم�ة يف المناخات المناسبة لوجود مثل هذا الحراك،
العر�
التجارية والستخدام (الستغالل) للفنان ب ي وسياسات ثقافية تتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا
جل ما يوجد هو عينات فإن َّ كسلعة مادية .وبذا َّ فنية فاعلة ومهمومة وماهيتها ،ول حركات ّ
الكتابة العرب ّية عن الفن
50
تأث� ف ي� مجتمعاتها ولها فاعلة ومتفاعلة وذات ي القيم إىل تلك وب� نظرائه .ويضيف ِّ المقارنة بينه ي ف
الهمية ف ي� إشكالتها ،ولكنها تزيد تلك الحالة أ المهارات الجانب التسويقي بكل عنارصه بد ًءا من
ف مرورا بتفاعالت ف
العر� ،وتزيد من حالة من اللتباس ي� واقعنا ب ي الف� ومكانهً ، تصميم العرض ي
استغراب الفن الحديث والمعارص لدى المتلقي التسع�ي وصول إىل عمليات ً المتلق� معه،يف
حارصا ف ي� المشهد ً
العر� .المتلقي الذي ربما يكون ف
بي المثل .ويختتم ذلك الدور وقنوات القتناء ُ
الف� هو ف
الستهالك العالمي بقوة ،ولكنه بالتأكيد غائب ي فالقيم ي التوثيقيةِّ .
ّ المهم بتلك الذاكرة
والتشكيل بشكل واضح ،ول ف
الثقا� عن المشهد والخط�ة وال�ت َمن يدير تلك العملية الحساسة
ي ي ي ي
الثم� ،وهو ما يستطيع تمحيص الغث فيه من ي ف تسهم ف ي� تشكيل الذوق العام وتنمية الفكر
العر�” يرتع ف ي� هذا الف� ب ي
ف
“القيم ي جعل ما نسميه ِّ والمفهوم.
المشهد دون خجل ،فهو يراهن بكونه يتحدث الحاىل ،فيشهد هذا التآكل ي العر�
بي ّأما واقعنا
لغة ل يقف عل دللتها سوى نخبة. ممن يطلق عل نفسه وتلك الركاكة من العديد َّ
ف المدعون ف
وأخ�ا هناك ذلك التناول النقدي ي� الواقع يً ف�) ،ويشكل معظم هؤلء َّ (قيم ي لقب ِّ
عربية ف أ
واحدا
ً العر� الحديث والمعارص ،والذي يُ ُّ
عد بي أحد أهم السباب ي� عدم وجود كتابات ّ
شكالية البرصيّة بشكل عام .وعل ال ّ من أسباب إ عن الفن ،فجهلهم بجوهر مفردة (الفن) وقيمته
الرغم من وجود العديد من الكتاب والنقاد ال بك� ،فالمنتج وغرضه وتنميته هو شبحهم أ
ّ
والمنظرين الجيدين والجديرين بمثل تلك الف� البرصي ومبدعه ل يمثالن لغالبيتهم سوى ف
ي
الشكالية ومدى ما تعانيه والمدرك� لتلك إ يف المهام سلعة ،ووجود تلك السلعة هو المحرك الرئيس
ف أن
مر سنوات القرن المدون عل ّ َّ من فقر ي� منجزها ويالحظ َّ لمضخة المال والسم�ة والعمولتَ . ّ
المنرصم ،إل أننا نجدهم يعانون من معضالت المهنة المدعاة قد نقلت العديد منهم نقالت
وت�ز من تلك المعوقات ندرة دعمه الن� .ب ش اجتماعية نوعية سواء أكانت عل المستوى
والدعا� ،وقلة قنوات طرحه سواء أكانت أ المادي المادي أو عل المستوى الوظيفي أو عل مستوى
ي
ال�ول أكاديميا بشكل تربوي يطمح إىل ف ف ًّ الموظفة التأث� ف ي� اتخاذ القرار، تشعب العالقات ذات ي ُّ
أ بعض
ساس،بمنهجية مدروسة إىل مراحل التعليم ال ي ّ الذي أصبح يفصل عل طموح وأحالم ٍ
ويأخذها متصاعدا نحو المراحل الالحقة أ
والك�ش الط� ب ّلة هو ذلك الوهم منهم .ولكن ما زاد ي ف
ً
وعيا ،أو تلك المصدرة والمستهدفة للعوام من ً ف ي� صناعة أشباه النجوم عل حساب العديد من
العر� والهادفة إىل إثراء الثقافة والطروحات البرصيّة الجيدة والهادفة التجارب أ
أفراد المجتمع ب ي
العر� عل بي والفنية لدى المجتمع ّ البرصيّة تحت مظلة فنون الحداثة وما بعدها ،ليأتوا لنا
المكونة لقوامه. ِّ الجتماعية
ّ اختالف ش�ائحه بأعمال تنتمي أليديولوجيات أجنبية قد تكون
دراسات
53
الب�ي؛ يقول “فيليب بريتون”: مثيل ف ي� التاريخ ش ِم ْن تأليف “فيليب بريتون” وترجمة حسن إياس
مكرس بالكامل النسان عل أنه كائن َّ “إن تقديم إ َّ َص َد َر عن دار الينابيع كتاب “يوتيبيا التِّصال:
لالتِّصال وخاضع لطغيان الصورة ،صورته هو، الكونية”؛ وهو كتاب يقع ف ي� 228
ّ أسطورة القرية
تقدمها له الميديا، ت ف صفحة من الحجم المتوسط ،مقسم إىل ي ف
قسم�
ال� ِّو� الوقت نفسه تلك ي ي
مسيطرا بشكل واسع .يتم كل يوم شن� أصبح الول بعنوان “نشأة المفهوم الحديث كب�ين؛ أ
ً ي
سي� ف يا�
كوكبية عل شكل فضاء ب فانتازم قرية الق َيم وصعودوالثا� بعنوان “أزمة ِ ف لالتِّصال”،
ّ ي
تقدم الطرائق ال�يعة للمعطيات شديدة خلف ُّ اليوتيبيا”.
الميدياتية”.
ّ يرى “فيليب بريتون” ضمن مقدمة كتابه هذا
أ
ف ي� القسم ال َّول من هذا الكتاب يتساءل المؤلف أن مجموعة من العلماء الذين كانوا وراء ثورة َّ
العالمية ال� حصلت بعيد الحرب ت
بالقول :لماذا تضفي مجتمعاتنا منذ منتصف ّ التِّصالت ي
الع�ين هذا القدر من أ ش النسان؛
الهمية عل القرن الثانية عملوا عل تكريس نمط جديد من إ
التصال؟ ف� الوقت الذي نرى فيه أن من آ النسان
الثار َّ ي ِّ المس� من الخارج ،أي إ ي َّ النسانهو إ
السيئة لتمجيد مجتمع التِّصال بالوسائل كافّة ِّ المنفعل الذي ي َّتصف بتعامله مع المعلومة
ال� سنستخلصها ت
الحقيقية ي
ّ جعلنا نخ� الفائدة ويك� فيهايقل فيها الحتكاك ش ف ي� أجواء مغلقة ّ
أن لهذه اليوتيبيا أيضا َّ من وسائل التِّصال .ويرى ً بالتاىل يوتيبيا التِّصال ،فنحن
التِّصال ،فتتحقَّق ي
مالمح حداثة كاذبة ،وهي تظهر بعض سمات اليوم نعيش ف ي� مجتمع تأكّدت فيه سلطة الميديا
وأن وجود التقنيات ف ي� حياتنا بشدةَّ . محافظة ّ واحتكارها شبه الكامل للمعلومة بشكل ليس له
دراسات
54
ه�وشيما وناكاز ياك ،ف ي� هذه الظروف ف ُرصبت بهما ي وأن الحداثة بديهية للحداثةَّ ، ّ اليومية ليس عالمة ّ
أن هذه سياسية ،وبعد ذلك ف
الحقيقية تكون ي� البدء
ظهرت يوتيبيا التِّصال الجديدة ،ويرى َّ ّ ّ
ف تقنية.
مثاىل،
اليوتيبيا تظهر ي� ثالثة مستويات :مجتمع ي تكون ّ
ف
وال�ويجلالنسان ،ت َّ أن�بولوجي آخر إ وتعريف ش أن
أيضا يرى “فيليب بريتون” َّ و� هذا القسم ً ي
وست�كّز هذه المستويات لالتِّصال بوصفه قيمة .ت الب� ،لكن مجتمع التصال ليس له أعداء من ش
يع� أنه ل يتعارض من أجل بقائه مع ف
نىس
“ال ي ّ
حول ثيمة إنسان جديد يسميه المؤلف إ ذلك ل ي
صاىل”.
التِّ ي تظل يوتيبيا التِّصال عل تهدده .إذنّ ، عوامل ِّ
عدو هذه سء يوتيبيا رصاع؛ ّ ش
الجديد الذي يخرج من أنقاض َ نسان
ال َ إن إ َّ الرغم من كل ي ّ
مس� منإنسان ي َّ ٌ ٌ الع�ين هو منتصف القرن ش الضجيج اليوتيبيا الجديدة هو ما أسماه الكاتب َّ
الخارج ،يحصل عل طاقته وعل مادته الحية التأث� ،بل يكاد “ال تن�وبيا” وهو عدو ليس عديم ي إ
ليس من خصاله الداخلية آ وإن النتقال الحر
التية من أعماقه ّ بالسيطرة عل العالمَّ ، يهدد َِّّ
هو ،إنَّما من قدرته كفرد موصول مع “أنظمة للمعلومة وحده يسمح باحتوائه.
أن فكرة ف ف
اتِّصال واسعة” عل تجميع المعلومة ومعالجتها الثا� ،يرى “فيليب بريتون” َّ ي� القسم ي
لك يعيش. ت مجتمع التِّصال انبثقت خالل اضطرابات
ال� يحتاجها يوتحليلها ،تلك المعلومة ي
مس�ا من الداخل ،ولم ُيعد وكونه لم ُيعد ي َّ ً أدق ف ي� الع�ين ،وبتحديد ّ ش منتصف القرن
وعية الفعل أو القرار من خالل م� ّ يبحث عن ش تحول العام 1942؛ وهو التاريخ الذي وسم ُّ
نها� � .ف أ
فإن
داخلَّ ، ي داخل أو تناغم
ي توافقه مع حدس ال�بريّة بشكل ي ي الرصاع العالمي نحو ب
الب�يّة ال� غرقت فيها ش ت ِّ
الق َيم سي َّتجه نحو الخارج ،نحو البحث عن ِ ظل هذه الظروف ي
ال� هي إىل ت ت�؛ ظاهرة معسكرات بالوحشية � أبرز ظاهر ي ف ف
أنماط من التِّصال ومن السلوك ي ّ ي
إن دور للتوجه ضمن العالمَّ . كب� بوصالت ُّ حد يّ ت� ت� ال ّل ي ف القنبلت� النوويَّ ي ف
يف العتقال ،وظاهرة
دراسات
55
صاىل إذن ،وخالفاً إلنسان القرن اللة الميديا مصمم هكذا بشكل أجوف ،مثل آ
فالنسان التِّ ي إ َّ
ف ع� ت التاسع ش لالنسان بأن ينفعل بشكل ت أ
الثا� من القرن ي وح� النصف ال� تسمح إ ساسية ي ال ّ
انية” ،دون “جو ّ الع�ين ،ي َّتصف بأنه كائن دون ّ ش يتناسب مع ردود الفعل المحيطة به.
ي ِّ ف سء ،من ف ش
لكن محتواه كائن محددَّ ، ح� خاص ،موقعه يغ� َّ النسان الجديد إذن ل يتوافق ي� ي هذا إ
نسانية
ال ّ ال�عة إ النسان ف� ف ف يحدد شخصيته؛ إ ِّ منظور الكاتبّ ،إل مع محاولة تجميع القطع
ي
تأ� من ت أيضا بع�تها حضارة منهزمة ،ويرى الكاتب ً ال� ش ت
مس� من ذاته ،ي الكالسيكية هو إنسان ي َّ ّ ي
تعاب� مثل ُعمق المشاعر أو غ�ف “جوانية” صاىل كائن دون
التصور ي ُّ هذا ّ النسان التِّ ي أن هذا إ َّ
الداخلية ،وسيسهم “فرويد” من خالل الحياة ودون جسد ،يعيش ي� مجتمع دون أ�ار ،كائن ف
ّ
التصور عن اكتشافه الالشعور ي� تغذية هذا ف يتوجه بالكامل نحو الجتماعي ،وهو ل يوجد ّإل
ُّ َّ
نسا� كمتحرك من الداخل. الكائن إ ف ف
بع� المعلومة وال َّتبادل ،ي� مجتمع أصبح شفّافًا
ال ي
لالنسان بديال إ قدم اليوتيبيا الجديدة ً لكن ،تُ ِّ بفضل “آلت التِّصال” الجديدة .هذه صفات
النسان الجديد ،فهو المس� من ذاته ،هو إ ي َّ إنسان التِّصال ،وهو الذي يسهم ف ي� تغذية
وال� تبدو كبدائل لتقويض ت
صاىل”الكالسيك ،هو “كائن اتِّ ي ي النسان عكس إ النسان الحديث ،ي إ
ال� ت ف النسان؛ ال َّتقويض ال ّناتج عن إعصار القرن
الرسائل ي جوانيته موجودة بكاملها ي� الخارجّ ، ّ إ
ذاتية أسطوريّة ،إنَّما تأتيه من يتلقّاها ل تأتيه من ّ الع�ين. ش
محيطه ،إنه ل يفعل بل ينفعل ،ل ينفعل تجاه إنسانيا
َّ إنسان التِّصال الجديد لم ُيعد كائ ًنا
فعل ،بل ينفعل تجاه ر ّد فعل. اجتماعيا،
ًّ بحسب “فيليب بريتون” ،بل صار كائ ًنا
و� ختام هذا الكتاب يتساءل الكاتب :ما ف يُعرف بالكامل من خالل قدرته عل التصال
ي
السياسية لمثل هذا الدارة هو بالفعل نمط إ “فاي�”، السي�يانية ف اجتماعيا .وبالعودة إىل ب يأ�
ّ ب ّ ًّ
بأن هناك ثالث خطوات المجتمع؟ ويجيب ّ يرى المؤلف أنه يقف وراء إعادة ال َّتمركز ال�ت
ي
ف
الرشيدة :ي� البدء الدارة َّ فرصوريّة لتحقيق هذه إ النسان ،ليس كذات فرديّة، تسمح بتوصيف إ
ف
بالنسان عل أنه ع�ف إ الرصورة المطلقة بأن يُ ت ف َّ إنَّما بد ًءا من نشاطه ي� ال َّتبادل الجتماعي ،وهو
ف يؤسس لرؤية جديدة للمساواة من خالل
المع�، صاىل ،وأن تستخدم ملكاته بهذا كائن اتِّ ي بهذا ِّ
ثم أن تمتلك اللت ي� المجتمع الكيان الذي ف آ معزول ومن ً استبعاد مسألة الذات بصفتها فر ًدا
عمليات ّ مسؤولية
ّ تستحقّه ،وأن تُنقل إليها خالل نقلها صوب النشاط الجتماعي لل َّتبادل.
ذاتيا
وأخ�ا أن ينتظم المجتمع ًّ الب� كافّة ،لكن يمكن تخص ش نسانية الجديدة ّ فال ّ
السيطرة والقرار ،ي ً إ
بفضل التلقيم والنفتاح اللذين تتصف بهما المرشحة لكيان أيضا إىل الكائنات كافّة َّ تتوسع ً أن َّ
طرائق التِّصال. صاىل كامل الحقوق. ال�يك التِّ ي ش َّ
دراسات
56
قامات أردنية
سماحة الشيخ عبدالله شحادة غوشة
(تشرين األول 1977/5/24 -1907م)
سالمية تضمن ال ّ وأن الدولة إ القانون والقضاءَّ . الخوض ف ي� أمور الحرب ،وأوقات القتال ،وأسباب
العائلية
ّ المسلم� حقوقهم يف لرعاياها من يغ� اليمان بالله والعتقاد بالحق الذي النرص ومنها :إ
والشخصية. وب�يًّا ثم أ
يجاهد ف ي� سبيله ،وحشد المة ماديًّا ش
ّ
الرق ،والعدالة �ف ف المة، وتأم� ما تحتاجه أ يف والسلحة، التدريب أ
ي السالم من ّ وبحث ي� موقف إ
والص ب�. أ ف
سالمية ال ّ الخارجية للدولة إ ّ السالم ،ثم السياسة إ والثبات ي� الميدان وتوحيد كلمة المة َّ
الهادفة إىل تحقيق المنافع المتبادلة ،ثم قارن وتضمنت خاتمة الكتاب احتالل بيت المقدس َّ
وغ�ها من الدول. يف والعتداء عل الرض والمقدسات وانتهاك أ
سالمية ي
ال ّ إنسانية الدولة إ ّ ب�
الفعال” “ -الدعاية المنظمة وأثرها ّ فرضا عي ًنا عل كل قادر الحرمات ،فأصبح الجهاد ً
َو َض َع عبدالله غوشة هذا الكتاب عام 1972بعد ف
بال َّنفس والمال(ص .)199وترجم ي� نهاية الكتاب
الغربية عل ّ رحلة إىل الوليات المتحدة وأوروبا صحابيا رتَّب أسماءهم ًّ علما
وخمس� ً يف لثالثة
يف
فلسط� رأس وفد إسالمي -مسيحي شل�ح ّ
قضية هجائيا.
ًّ
ومكانـة القـدس وعروبتهـا؛ بعد مـا لمـس من االسالم ّية دولة إنسان ّية” “الدولة إ َّ -
الصهيونية.
ّ خالل رحلته أثر الدعاية عده غوشة لتقديمه إىل مؤتمر مجمع وهو كتاب أُ َّ
وتضمن َّ تأ ّلف الكتاب من تمهيد وأربعة فصول، سالمية ف ي� القاهرة عام 1971م ف ي� ال ّ البحوث إ
ب� الحق والباطل ،ثم تمهيدا عن الرصاع ي ف ً السالم جامع أن إ تمهيد وسبعة فصول ،جاء فيه َّ
والعربية سالمية أ لمصالح الروح والجسد وهو دين ودولة وعقيدة
ّ ال ّ قلية إ
مالحظاته عن أوضاع ال ّ
قلية اليهوديّة ف ي� بالد الغرب ،وعن الدعاية أ السالم أن تكون له دولة
وال ّ وأن من لوازم إ ونظامَّ ،
سالمية أك� ما جاء به من الحدود والعقوبات ل أل ّن ش
ال ّ تأخر الدعاية إ وسلبيات ُّ ّ الصهيونية،
ّ
تحدث عن مسؤولية الشعوب الفراد ،وإنَّما هو من يدخل تنفيذه ف� اختصاص أ
والعربية ،ثم ّ ّ ي
والسياسية، الدينية والمؤسسات ي� تنفيذ الدعاية ف اختصاص الحاكم والدولة.
ّ ّ
واستخدام مختلف أ وأن من ف
الساليب إليصالها. سالمية َّال ّ فصل ي� صفات الدولة إ ثم َّ
ض ال� يختلف تطبيقها باختالف ت يّ ف
االسالم” -بحث بعنوان“ :فلسفة الحريات ي� إ مم�اتها الشورى ي
وأن ف أ
السالمية والحياة المعارصة، ق ُِّدم لمؤتمر الثقافة إ أحوال المة الجتماعية ي� المكان والزمانَّ ،
جامعة برنستون ،الوليات المتحدة1953 ،م. مستبدة؛ ثم عرض ّ سالمية دولة يغ� ال ّ الدولة إ
السالم ف ي� معارك الحرية، وأن واجبها ف
تمهيداعن دور إ ً تضمن
ّ سالمية؛ َّال ّ المثالية ي� الدولة إ ّ نسانية
لال ّ إ
وقرر الحريات لالفراد والجماعات ضمن نطاق أ ب� جميع رعاياها عل تنفيذ ال َّتكافل الجتماعي ي ف
ّ
الحكمة والمصلحة العامة ،وتحدث عن حرية اختالف أجناسهم وأديانهم ،وتحقيق المساواة
والتفك� ،وحرية الملكية الفردية ي العتقاد والرأي والسياسية وأمامّ المدنيةّ ف ي� الحقوق والواجبات
دراسات
61
يف
المثقف� ظا من شهرة أو تقدير ،ولو ي ف
ب� لم ينل ح ًّ يف
المثقف� كث�ون ،بمن فيهم جمهور ُربَّما ل يعرفه ي
ف بالسماءجل اهتمامهم أ أن ّ
الصالح والتجديد، ومدعي البحث ي� تاريخ إ ّ أنفسهم؛ ذلك َّ
ظا من شهرة وذيوع ،بسبب ال� نالت ح ًّ ت
ولربما كانت هجرته إىل “الروسيا” ووفاته بها المعروفة ي
الهمال والنسيان ،لكنه ل يشفع ذك ذلك إ ً
عامال ّ كليا أو جز ًّئيا ،بدوائر السياسة والحكم ارتباطهاًّ ،
س�ته ونسيان إنتاجه ف أنموذجا والذي والنفوذ ،منهم رفاعة الطهطاوي
ي� تجهيل الرجل ،وطمر ي ً
عر� يدخل روسيا العلمي والفكري ،كأول أستاذ ب ي كان قرين مصلحنا المجهول ف ي� الدراسة والطلب،
ف ي� العام 1840م ،بدعوى خمول ذكره ،الذي ع� سنوات ،لكن لم يك�ه س ًّنا بنحو ش وإن كان ب
أن النخبة المثقفة اعتمدت عل ما كان سببه إل َّ ينل مصلحون آخرون ،مثل ما نال أهل الذيوع
ت أ أن أسماء بعضهم تكون
ال� أسبغ عليها التاريخ ألقابًا السماء المعتادة ي والشهرة ،عل الرغم من َّ
ونعوتًا ربّما لو قمنا بتحليلها وتفكيك بنيتها ثم دائما ،عند َمن
بالكبار والتقدير والثناء ً مقرونة إ
إعادة تركيبها وتجميعها ،أللفينا مفاجآت تت�ى، اهتموا
ّ ق� ،الذينالمست� ي ف
ش خصوصا
ً يعرفها،
مجددين ف وحفلوا بهم اهتماما بالغً ا ،لم نستطع تقليدهم
تصب ي� مصلحة َمن حسبناهم ّ ّ ل
إصالحي� بحكم التقليد ف ي� النقل ،والتكرار ف ي� يف عمدا،
جهال ل ً يف
مهمل� إياه ً فيه ،أو الطالع عليه؛
البحث!! يف
صالحي� الذين ال
تجديدا ،ومن أولئك إ ً وتقليدا ل
ً
ُولد الشيخ الطنطاوي بقرية “نجريد” ،التابعة وتقليدا ،بي�ز اسم شيخ أزهري ً نسيناهم ً
جهال
لمح ّلة مرحوم ،وهي إحدى قرى محافظة جليل ،هو الشيخ محمد عياد الطنطاوي ،الذي
دراسات
63
ولما يزل ف ي� الثالثة أ الغربية بالقرب من مدينة طنطا ،ف ي� العام
إىل القاهرة ليلتحق بالزهر ّ
ع�ة من سنيه ،وتتلمذ لعدد من أشياخ أ
الزهر ش ،1810وحفظ القرآن الكريم ً
كامال قبل أن يرحل
ِِ
دراسات
64
تالمذته ف ي� أمــــور كانوا يرونها من البدع!! المرموق� ،من أبرزهم الشيخ حسن العطار (ت يف
كث�ين من تضم تالمذة ي ّ وكانت حلقة الشيخ 1250هـ) ،لكنه اضطر بعد ذلك إىل العودة إىل
لعل أبرزهم “رودلف فرنيل” ،و”نقول روسياَّ ، طنطا عقب وفاة أبيه ،الذي كان ي َّتجر ف ي� الزيوت
موخ�” ،وهما اللذان لفتا انتباه أستاذهما إىل يف سنت� ،كان يختلف فيهما والصابون ،فمكث بها ي ف
روسيا والسفر إليها ،وراساله تف�ة طويلة ف ي� الحمدي إللقاء بعض بانتظام إىل المسجد أ
والقامة محاولة منهما لح ّثه عل زيارة روسيا إ الدروس ف ي� الحديث والبالغة ،ثم رجع مرة أخرى
ولما يتجاوز أ
بها ،فقام “مسيو فرنيل” بتقديم طنطاوي إىل مدر ًسا به ّإىل الزهر بالقاهرة ليعمل ّ
الكب� “كونت ميدن” ،وصادف الروس ي القنصل الع�ين من ِس ِنيه. ش
ي
ال�قية ي� بطرسبورج ف أ
أن طلبت مدرسة اللسن ش الزهر لم يكن الطنطاوي مدرسا كسائر مدرس أ
ّ ي ًّ
العر� كانت أ ف
معلما للغة العربية ،فطلب “كونت ميدن” من ً أن دروسه ي� الدب ب ي آنذاك؛ ذلك َّ
عل باشا ،ابتعاث الشيخ تع� بقراءة مقامات الحريري ،فكان شي�حها ف
واىل مرص ،محمد ي ي
أ
طنطاوي إىل مدرسة اللسن. لطالبه وتالمذته بطريقة ماتعة شائقة ،كما كان
عل عل الفور ،ووافق عل سفر قبل محمد ي أيضا، يقرأ لهم ديوان الحماسة ويقوم شب�حه ً
الروس، الشيخ ،وطلب إليه الجد بتع ّلم اللسان الكب� “أغناطيوس الروس ي ش
المست�ق إن
ح� َّ ت
ي ي
التقدم العلمي والجتماعي الذي ّ ليعرف مدى أن الشيخ س�ته ،ذهب إىل َّ اتشكوفسك” ،كاتب ي ي كر
ف
ائدا لم يسبق إليه ي� ذلك
مرسوما ،مهرهً وصلت إليه روسيا ،بل كتب له الطنطاوي كان ر ً
بالكرام والحظوة إن فعل، بخاتمه ،ووعده إ الميدان.
فسافر طنطاوي إىل روسيا ،فبلغها بعد سفر اخت� الطنطاوي ف� ذلك الوقت للتدريس �ف
ي ي ي
طويل استغرق زهاء أربعة أشهر ،وما إن وصل إنجل�ية بالقاهرة ،ربما هي المدرسة يف مدرسة
ف ت ف
النجليكانية ي� تلك ت
يع�
كب�ين ،ما ي ح� اس ُت ِقبل بحفاوة وترحيب ي الرسالية إ ال� كانت تديرها إ ي
الوساط العلمية أن الشيخ كان ذائع الصيت ف� أ طلعا اليام ،وهو ما جعل الشيخ الطنطاوي م ّ أ
ي َّ
أن تلميذيه قد كتبا والثقافية ي� روسيا ،ويبدو َّ
ف عل مناهج أوروبية وطرق جديدة ف ي� التعليم
عنه هنالك ،وأشارا إىل علمه وريادته. إن ح ْلقته التدريسية ح� َّ والتصال واللغة ،ت
ف ف أك� الح ْلقات قاطبة، أ
محارصاته ودروسه و� روسيا ،واصل الشيخ ي بالجامع الزهر كانت ب
كث�ون ،سمعوا ال� كان يحرص عليها طالب ي ت حرصا غف� من الطلبة ً فكان يحتشد بها جمع ي
ي
كث�ا قبل وفادته عليهم ،فكان يقوم عل الستماع والستمتاع بطريقة ش�ح الرجل �ف
عن الشيخ ي ً ي
ف
ال�قية ،ثم ي� الكلية بالتدريس ف ي� المدرسة ش ح� أنحى عليه وتفس� غريب المقامات ،ت الدب أ
ي
والدب ال�قية بالجامعة ،إذ درس النحو أ
ّ ش الزهر بالالئمة ألنه كان ينفق وقته ووقت أشياخ أ
دراسات
65
أعدها رحلة مهمة تضارع ع� الميالدي ،لذلك ّ ش كب�ة ف ي� الدوائروالخط والتاريخ ،ونال حظوة ي
رحلة الطهطاوي إىل باريس ،وتكشف عن أحوال مستشارا
ً السياسية والجتماعية هنالك ،فكان
والتأث�ات المة الروسية وتقاليدها المختلفة، أ للدولة ،وق ّلده قيرص روسيا أوسمة لنبوغ تالمذته
ي
ب� البلدين آنذاك. المتبادلة ي ف ونباهتهم ف ي� التحصيل منه ،وكان أولئك التالميذ
ال� كانت ذا ت ش
تنبه إىل أهمية الشيخ أن أول من ّ نش� إىل َّ بقي أن ي نواة لمدرسة الست�اق الروسية ،ي
ف كب� بعد ذلك.
محمد عياد الطنطاوي ،كرائد أزهري ي� مجال شأن ي
ش الدراسات اللغوية أ أن معظم مؤلفات الشيخ
والست�اقية ،هو والدبية ومما يؤسف عليه َّ
الشه�ة مقدمته ف
طنطاوي ما تزال محفوظة ي� مكتبة الدراسات
ي العالمة أحمد تيمور باشا؛ فكتب ّ
سماها باسم الشيخ ،ش ت المم و� خزانة معهد أ ف ش
ون�تها إذ ذاك مجلة ال� ّ ي ال�قية بجامعة ليننجراد ،ي
خصت مجلة “الرسالة” ف ي� السيوية ،وربما يبلغ عددها نحو 150مخطو ًطا، آ
“المجمع العلمي” ،كما ّ
فغا� ،الشيخ ف أ أ ولم تجد تلك المؤلفات باح ًثا ينتصب لتحقيقها
الكب� سعيد ال ي مقالة بقلم الستاذ ي
فغا� عل جهود أ ف
طنطاوي بالذكر؛ إذ ّنبه ال ي
يف
الباحث� أهميتها ،ربما أل َّن أغلب ّ واللماع إىل
إ
تيمور باشا ف ي� الكتابة عن الشيخ الطنطاوي ،وهو أ
ف ي� حقل الدراسات اللغوية والدبية ل يكادون
يف
المهتم� الن ،ويدعو باحثينا وكتابنا ما يدعونا آ يعرفون عن الرجل وقيمته وحياته ومصنفاته
ف سء ول تروي ف ش
تتبع مخطوطات الشيخ الثقا� ،إىل ّ ي بالشأن سوى شذرات ونتف ل تفيد ي� ي
والتشم� طنطاوي ي� مكتبات روسيا وتركيا، ف غليل باحث أو كاتب.
ي
عن ساعد الجد لتهذيبها وتحقيقها ومراجعتها أ
من أجل ذلك ،أهملت البحاث والدراسات كتابًا
ودراستها ف ي� مجالت اللغة والتاريخ وعلم الكالم الذكياء من أهم كتب الشيخ ،وهو كتاب “تحفة أ
ح� أثمرت وغ�ها من علوم برع فيها الشيخ ،ت ي بأخبار بالد الروسيا” ،وفيه يصف روسيا وأهلها
الست�اق ش ف
جهوده عن إنشاء مدرسة عظيمة ي� وعاداتهم وتقاليدهم وأحوالهم الجتماعية
أ وغ�ها من أحوال جغرافية ومكانية
ورو� عامة ،فكشف عن وجه الروس خاصة ،وال ب ي ي والسياسية ي
ف
كب� أثر ي� تاريخ
السالم الحقيقي بسماحته وشموليته ،وأبان إ وسكانية ،ومع ذلك لم يكن له ي
عن حيوية اللغة العربية وآدابها وتاريخها ت العر� الحديث ككتاب زميله رفاعة رافع
ح� الفكر ب ي
تع ّلمت منه أجيال وطبقات روسية وأوروبية، البريز ي� تلخيص باريز”،ف
الطهطاوي “تخليص إ
آ يعد وثيقة علمية
الرغم من سهولة لك َّننا مقرصون الن عل َّ أن كتابه ذلك ّ عل الرغم من َّ
الوصول إىل مخطوطاته ومؤ ّلفاته ،فهل يلتفت وأدبية ولغوية مهمة؛ لتبيان العالقات المرصية-
باحثونا إىل ذلك ،أم يتناسون مجهودات ذلك العر� ف ي�
وتأث� الفكر ب ي الروسية ي� ذلك الزمان ،ي
ف
الكب�؟! أ الست�اقية ف ي� القرن التاسع ش المدارس الروسية
المصلح الزهري ي
دراسات
66
مترجما
ً فخري صالح
د .زياد أبولبن /األردن
ويغ� العالم” ،وهذا ما يرفع من قيمة الكتاب ف و”بول دي مان” ،و”جاك دريدا” ،و”نورثروب
ي
الثقافة الكونية أو العالمية ،بما تمثله من تيارات فراي” ،و”إدوارد سعيد” ،و”جوليا كريستيفا”،
أساسية ف ي� النقد المعارص .إذًا مهمة الكتاب تقوم ال�جمة ،وتقديمه و”ت�ي إيجلتون” ،يستحق ت ي
عل “تقديم قراءة للمشهد النقدي المعارص ف ي� العر� لما يحمله من رؤى واعية للعالم، للقارئ ب ي
وقدم له ،فما وحرره َّ ت
أن
العالم من خالل شهادات النقاد أنفسهم ،إل َّ ف�جم صالح الكتاب َّ
سؤال عالقة النقد بالمجتمع يظل معلقًا ف ي� فضاء جاء ف ي� المقدمة ما هو إل معرفة نقديّة واعية
فعال ما يشغل أساتذة هذه الحوارات” ،وهذا ً بالمنجز النقدي ف ي� الغرب ،وانشغالت النخبة
الجامعات ف ي� العالم عربًا وأجانب عن المنهج الم�جم و� المقدمة أبرز ت ف
المثقفة هناك ،ي
وعالقة النقد بالمجتمع ،كما ينشغل النقاد مهمت� وهما :النقد داخل أسوار يف يف
مسألت�
الدب والنقد بالمؤسسات ،وعالقة ف� عالقة أ الجامعات ،والنقد خارجه ،وانحاز إىل النقد
ي
أ ف يتوجه إىل
التعليم الجامعي ي� أقسام الدب وبتطوير الذي “يكون ذا طابع تنويري تعليمي َّ
ساس أ ش�يحة واسعة من القراء ،إذ يتخفّف من لغته
المؤسسة النقديّة ،فما هو دور الجامعة ال ي
المف�ض أنها ت ف ي� تنمية الممارسة النقديّة؟ من المعقدة وانشغالته النخبويّة البارزة”( ،)3باعتبار
تسمح بنمو تيارات نقديّة قد تكون مخالفة دورا ف ي� حياة المجتمع ،وهذا الدور أن للناقد ً َّ
ال�ائح المتحكمة ف ي� المجتمع، أليديولوجيا ش جزء من الممارسة النقديّة ،كما يقول صالح،
وما هي وظيفة النقد وعالقته بالمجتمع ،بعدما ويشدد عل طابعها الدنيوي “إدوارد سعيد”، ِّ
انح� النقد ف ي� دائرة مغلقة نخبويّة من القراء؟ فكرا
أن “صالح” متأثر ب ِـ”سعيد” ً ومن المالحظ َّ
يعزو صالح ف ي� مقدمته إىل نمو وترعرع النقد كث�ا ي� كتاباته ،وليس ف
ونقدا ،ويستشهد بأقواله ي ً ً
داخل الجامعة ،فانشغل ف ي� “اللغة الصطالحية هذا يقلل من معرفة صالح وثقافته وعلمه ،وإنَّما
التأث� عل النقاد العرب ف
الفخمة وغموضها الساحر وانشغالها بالنظرية كب� ي� ي لـ”سعيد” دور ي
تفك�ها فبرصورة إقامة جسور للتواصل ف
أيضا ،وينشغل صالح ي� مقدمة يف
والغربي� ً
وعدم ي
مع المجتمع ومشكالته الفعلية”. مهم� ف ي� الثقافة العربية ،وهما: بسؤال� ي ف يف الكتاب
يوجه صالح سهام نقده الشديد للمؤسسات ِّ ً
منشغال تنازل إذ يصبح تنويريًّا هل يقدم الناقد ً
“إن الجامعات الجامعية العربية ،حيث يقولَّ : اع�الهت
بالهموم العامة؟ وهل يربح النقد من ف
نسبيا ،عن المشهد النقدي ًّ العربية غائبة، النصية؟
ّ الناس وانسحابه داخل دائرته
ال� تتابعت ت ف
المعارص ،ونظرة عجل عل ما يدرسه الطلبة الجابة عنهما ي� تلك الحوارات ي نجد إ
أ ف ف حاورون “يشكلون أجزاء ف
أن ي� أقسام الدب ي� هذه الجامعات تثبت لنا َّ الم َ
ي� الكتاب ،وهؤلء ُ
الكاديمي عن المشكلة ل تقوم ف� عزلة النقد أ مقتطعة من المشهد النقدي المعارص ف ي�
ي
دراسات
70
االستشراق
“الست�اق: ش الم�جم ف ي� مقدمته لكتاب يقف ت
()5
الداب والمعارف الغربية” ال�ق ف� آ صورة ش
ي
باكستا� ،عل ف للكاتب ضياء ساردار ،وهو باحث
ي
إشكالية المفهوم ف ي� الثقافات العالمية ،بوصف
ال�ق “الست�اق جهاز مفاهيمي لدراسة ش ش أن
َّ
ّ
وتحليله والحكم عليه وإحكام السيطرة حوله” ،
()6
الهوامش
ا� ي ف أ ف
القص�ة ي� الر ي ( )1فخري صالح ،القصة
المحتلة ،دار العودة ،يب�وت.1982 ،
يف
باخت� المبدأ ( )2تزفيتان تودوروف ،ميخائيل
للن� الحواري ،ترجمة :فخري صالح ،رؤية ش
والتوزيع ،القاهرة.2012 ،
( )3النقد والمجتمع ،حوارات ،ترجمة وتحرير:
فخري صالح ،الهيئة العامة لقصور الثقافة، ال�ق ،وإعادة الملتبس من المعارف حول ش
القاهرة. الست�اق بوصفه ممارسة معارصة، ش النظر حول
( )4فخري صالح ،شعرية التفاصيل :أثر ريتوس الست�اقية” .
()10 ش الحدا� للعملية ش تأمل البعد ثم ّ
ي
العر� المعارص :دراسة ومختارات، بي ف ي� الشعر المعر� حول
ي
ف فالم�جم بوعيه ونظرته للمنجز ت
والن� ،يب�وت، ش المؤسسة العربية للدراسات جاهدا لتقريب المفاهيم ً الست�اق يسعى ش
.1998 ف ي� عملية التلقي ،ونقد “ساردار” الذي أنكر عل
ال�ق �ف “الست�اق :صورة ش ش ( )5ضياء ساردار،
ي التيان بأي جديد ،وانحاز المؤلف إدوارد سعيد إ
أبوظ� للسياحة آ وغ�ها ،فلم يكتف ت
الداب والمعارف الغربية ،هيئة ب ي الم�جم إىل إنجازات عربية ي
(م�وع كلمة)،2012 ، والثقافة ش قدم وجهة نظره بتقديم الكتاب للقارئ ،وإنَّما ّ
( )6المرجع السابق ،ص.9 ووجه سهام نقده ،ولم بي�ز دفاعه عن النقديّةّ ،
(www.wikipedia.org )7 سعيد ،وإنَّما استشهد بقول “كيث ويندسكاتل”
الستت�اق ،ترجمة :كمال ش ( )8إدوارد سعيد، ف ي� مقالة له نُ ش�ت ف ي� مجلة “المعيار الجديد”،
أ
أبوديب ،مؤسسة البحاث العربية ،يب�وت، ف
“إن
واحدا ي� إشارة إلدوارد سعيدَّ : شاهدا ً ً واقتبس
.1981 الفلسطي� هو من الضخامة ف أ
الدب ال يم� يك تأث� أ
ي ي
(www. Saaid.net )9 ال� تكتب ت أن عد ًدا ً
هائال من التعليقات ،ي بحيث َّ
ال�ق ف ي�الست�اق :صورة ش ش ( )10ضياء ساردار، حول الفن والدب والسينما والموسيقى والتاريخ أ
آ أ
الداب والمعارف الغربية ،ص.10 طقسية ف ي� محراب ّ تتعبد بصورة ّ ورو�،
ال ب ي
( )11المرجع السابق ،ص.16 أفكاره”(.)11
دراسات
73
المستقبلية
ّ الرؤية
فانتازيا ُّ
رواية “حرب الكلب الثانية”
أنموذجا
ً لـ ”إبراهيم نصرالله”
هدى أبو غنيمة /األردن
الشع� وانتها ًء فنتازي بد ًءا من حكايات الموروث الروا� عنرص الثبات أ الخاصة “ففي مرونة الشكل
بي ي
مهما كمدخل للمادة يعد ًّ
بقصص الخيال العلمي ُّ الوحيد ،الذي أنقذها من غوائل الزوال .وهي
التفس�
ي تتقبل
إن أية صورة أو حكاية َّ الالواعيةَّ ... قادرة عل التهام أنواع المعارف جميعها ف ي� هذا
حملة النفىس ،تتعامل عل أساس أنها ُم ّ ي التحليل
ي بأن تدخل إىل كيانها جميع أنواع العرص ،وتسمح ْ
الحساس الشعري القوي. ”... ف ف الدبية وجميعها تت�اءى �ف الدبية وغ� أ الجناس أ أ
()5
بالمعا� بمقتىص إ ي ي ّ ّ ي
وغ�ها من مرجعية “حرب الكلب الثانية” ي ّ َّ
لعل الرواية حاملة لغاتها الخاصة.)2(”...
رواياته كامنة ف ي� تجربة الشاعر والفنان إبراهيم أترى كيف تلتقي الرؤى الفانتازية الغربية ،ف ي�
المرجعيات المتنوع ف
المعر� نرصالله وإطاره الحدية؟
ّ ِّ ي تم ُّثل الكاتب للمستقبل ،بالواقعية ِّ
نسانية ،ومهما حاولنا ال ّ إضافة إىل تجربته إ الجابات المتعلقة ،بطبيعة “قد ل يكون بمقدور إ
تظل محتفظة بسلطة والتفس� ّ
ي إخضاعها للتأويل الشكالت ،ال�ت تحل إ التخيالت الفانتازيّة أن َّ
ي ُّ
المستقبلية وتأثره بالمنجزات الكاتب ورؤيته التأث� الذي ت�كه الفنتازيا مرهون ت أ
ّ تث�ها؛ ل َّن ي ي
ال� حقَّقتها الثورة التقنية الحديثة عل صعيد ت أن العالم الذي تطرحه يبدو بحقيقة قوامهاَّ ،
ي
ال تن�نت أو ثقافة الصورة ً
عموما. السينما أو إ أد� ريب ...وهدف الفنتازيا وغايتها عالمنا دون ف
نظ�هما ف ي� الدب ،ل يختلفان ف ف� أ
بالرصورة عن ي ي
الرواية وثقافة الصورة جدا.
الحدية ً الواقعية ّ
ّ
ف ي� إحدى شهاداته يقول نرصالله“ :ثمة تداخالت ف ف
فما يعرف بأنه الحقيقة ي� القص ،يكون ي� أغلب
اكتشفت ب� الفنون ...ي ف
ح� قائمة باستمرار ي ف اضيا.)3(”... ت أ
ُ الحيان اف� ًّ
اكتشفت شي ًئا آخر ف ي� الكتابة ،لم أكن أراه
ُ الكام�ا
ي تخيالت كما يراها فهل الفانتازيا هلوسات أو ُّ
سء ما ي� الصورة أحاول فيه ف ش القراء الذين يرون ف ي� الرواية وسيلة تسلية
من قبل ...وثمة ي بعض ّ
التقاط ما لم أستطع التقاطه بالكالم”(.)6 لالقناع حسب؟ أو هي كما يقول علم النفس: إ
“إم�اطورية النظرة هل اكتشف إبراهيم نرصالله ب “إن أدب الفنتازيا يستخدم تداعيات أقرب إىل َّ
نىس “ميشيل المحدقة” كما يسميها العالم الفر ي ّ اجية ...ويهدف إىل إشباع الرغبات التداعيات المز ّ
ت
النسان فيها أيقونة اف�اضية، ت ف
الالواعية ،تي� َّدد فرويد ي� رسم الحدود الفاصلة،
ال� أصبح إ فوكو”؟ ي
ف
تشكل مواقفها وأفكارها الصور ي� عالم يجتاحه النفىس والفن ،ويزعم أنه ب� نظرية التحليل يف
ي
بالما�، ف طوفان من الصور يكاد يقطع صلته النفىس ،ل بد أن يقف أن التحليل مما يؤسف له َّ ّ
ي ي
ال� جهدت النسانية �ف ت أ مكتوف اليدين أمام مشكلة الفنان المبدع. ”...
وبالنماط الثقافية ،ي
()4
إ ّ ي
إنجازها بع� القرون. الن ل “تتباين ردود الفعل إزاء الفنتازيا ،لكنها آ
ّ
ت
نسانية أو يح�م وأي عمل تحظى بالتقدير حسب ،بل إنها رائجة ّ
ال ّ عالم لم ُيعد يهتم بالمشاعر إ
دراسات
76
طواب� من طفل أعمى ،ثم أمامها ٌ يستحرص الراوي قصةَ ف و� موازاة هذا الفعل، ف
يَ امرأ ًة عرجا َء َ ُ ي
محطة ِ أمام
الدو َر َ العجائز والنساء ينتظرون ْ يوسف عندما يَ ْعمدون إىل إلقاء أخيهم َ إخوة
ِ
باريق بالكاز ،ثم أ ولعل هذا َّ الذئب بأكله. ف ي� الب� ،ويتهمون أ
محروقات لملء الجالونات وال َ َ
فيتب� ف� النهاية يرى َص َّبية تَعرض شعرها للبيع؛ ي َّ ف الستحضار ،مع أنه جاء مفاج ًئا ،يغ� أنه َ
َ ِ ي
غ�ها من ومآس ي ِ ي بأن وراءها َمن صنع مأساتها له َّ بالضافة إىل طلب الزعيم من جماعته أن يَ ُم ّدوا إ
الفقراء ،وهؤلء هم َمن يستحقون العقاب. قدم فائد ًة عم َلهم دفن النهر باتجاه الغرب يُ ِّ
ب� أشكال الفقر التمي� ي ف يف توج َه القصة إىل إنَّنا نرى ُّ ومحمولت الفعل ِ دللت النهر، ِ كب�ة ف ي� فهم ي
سببوا هذا الفقر .يبدو هذا من موقف وب� الذين َّ يف بعض ال�دي الفكرية؛ فهو يَكشف ما يقوم به ُ
عبدالقوي ف ي� الهتمام بالبحث عن أشكال الفقر العرب من محاولت لوأد القضية الفلسطينية،
ف يف يقاوم المحتل عمن
مقد ِمتهم؛ فهو يدرك ب� الناس ،الذين هو ي� ِّ ُ والتخل َّ ي والتآمر عليها، ِ بل
أن من وراء ذلك هم أ ح� ف
الرصاص وحده � ،ي ف واج ُه
أصحاب ُ الغنيا ُء المتخمون َ َّ َ ي َ من أهلها ،وتركه يُ ِ
ت مكيفة حولها حر ٌاس ف
ليوزع عل الفقر َّ ُ ال� يُ َع ّد عليها الك�ى ي “الموائد ب آمنة ّ أنّهم يُقيمون ي� غرف ِ
كو َجبات جاهزة”(ص.)11 الخالئق َ بالبنادق والدبابات دون اهتمام بما يقومون به
ت ال� ينظرون إليها مرآ ٌة ت أ
جدا بعنوان “خزائن”؛ القص�ة ً ي وتأ� القصة ي “الم ْرآ َة ي من خيانة؛ ل ّن ِ
تخل ال� ّ ت
استحاىل تلك المدينةَ ي ي قدم ف ي� جو ل ُت ِّ ومشوهة ...وكلما وقفوا أمامها لطختهم ّ ُمخيفة
ت
يتعرضوا إىل عقاب أه ُلها عن عقولهم؛ ح� ل ّ بياض أسنانهم بالسواد ،لذلك ل يرون فيها سوى ِ ّ
حم ُل فكر ًة أحد بإصبع ش� إليهم ٌ ت
بأن كل َمن يَ ِ هد ُدهم ّ الحاكم عندما يُ ِّ ال� يَصكُّون عليها عندما يُ ي ُ ي
فسيعا� من عقوبات ي
ف عما يجول ي� رأسه ف
تختلف ّ النهار”(ص .)14ولكن لن ينجحوا ف ي� ذلك فالقضية
وال�د؛ فقرروا “نزع رؤوسهم الجوع والعطش ب ِ وشامخا. ً حية ،والنهر سيظل متدفقًا ما تزال َّ
ائن الحاكم”(ص .)53 وإيداعها خز َ ِ يش� عنوانُها ال� ي ت
رجال ” ي ف ي� قصة “لو كان الفقر ً
ف عمر
المدينة
ِ أن أهل تلك نالحظ ي� هذه القصة َّ لعل بن ب يأ� طالب أو َ إىل القول المشهور ي
يستسلمون وينصاعون لرأي الحاكم؛ ويبدو رجال لقتلته” ينتقل بن الخطاب“ :لو كان الفقر ً
واضحا ف ي� افتتاحية القصة برفض ً صوت السارد ُ القول إىل مرحلة الفعل عل يد عبدالقوي، هذا ُ
هذا الموقف عندما يصفُهم بالحمق ،ل يحملون الشخصية الوىل ي� القصة ،وهو الذي نتعرف ف أ
ف ال� ل ت يمر بالشارع متأب ً
“� مدينة حمقاء، رؤوسا عل أجسادهم .يقول :ي ً طا أوراقَه ي إليه بأنه أديب ُّ
أ
سارت الجثث بال رؤوس”(ص.)53 خ�ا كما تُعجب زوج ُته بهيجة؛ لنها ل تُطعم ب ف ً
ف
ّأما التجاه الواقعي الذي ظهر ي� مجموعة الفقر، فيع�م عبدالقوي هذا عل قتل ترى؛ ت ف
ِ
القص�ة ي فيمكن تم ّث ُل ُه بالقصة “يدفنون النهر” ُ متسول ،ثم ً فيجد ُم ِس ًّنا ُ الكون منه. ِ وتخليص
ِ
دراسات
79
ذلك الوباء الذي يجتاح العالم والمتمثل ف ي� بقايا الديبف� روايته “زهور تأكلها النار” يواصل أ
ي
ف أم� تاج ال� بذر أسئلته الوجودية، ف
و�فكر متطرف يؤمن بالعنف لتحقيق غاياته ،ي السودا� ي
ي
تب� الرواية بنهايته ،وأنه يلفظ الوقت نفسه ش تاركًا للقارئ البحث عن أجوبته ...وهي المرة
أ ال� تصل فيها إحدى رواياته إىل القائمة ت
خ�ة.أنفاسه ال ي الثانية ي
متخيل...
يم� هذا العمل ابتكار الكاتب لمكان َّ ما ي ِّ ف ال�قات”()2011 القص�ة للبوكر ،فبعد “صائد ي ي
مكان ل يشبه أي مكان ،فمدينة “السور” وموقعها واصلت “زهور تأكلها النار” صعودها لتضعه عل
يجعلنا نتساءل :هل هي ف ي� شمال السودان؟ العمال المرشحة للبوكر. ب� أبرز أ
لئحة التنافس ي ف
ب� تشاد وليبيا؟ أم أنها أم جنوب مرص؟ أم ي ف المتتبع لتجربة تاج ال� يجد استخدامه لتقنية
ليتوصل القارئ مع نهاية الرواية َّ ف ي� مكان آخر! ب� صفحات أعماله ،إضافة البداعية ي ف
الفجوة إ
أن تلك المدينة ل تقع إل ف ي� خيال الكاتب، إىل َّ الك�ى
إىل أنه ل يقدم معالجات لتلك القضايا ب
إنسانيا يتعايش بسالم... مزيجا
ً وقد أرادها ال� تطرحها رواياته ،ول تجيب عن ما تطرحه ت
ًّ ي
واحة للمدينة الفاضلة؛ تلك المدينة قد تماثلها من أسئلة وجودية؛ وبذلك يفسح ً
مجال لمشاركة
أك� ف� أفريقيا أو آسيا أو ت مدينة أو ش ويقدم متعة ف
ح� أوروبا أو ي القارئ ي� البحث عن أجوبة ممكنةِّ ،
تهددها بوادر عاصفة عاتية ،وذلك ال يم� ي ف أ مضاعفة يمنحها الكاتب لقارئه.
كيت�ِّ ،
دور فيه ،بل هو ف تناقش رواية “زهور تأكلها النار” معضلة العرص؛
التهديد ليس لموقعها الجغر يا� ٌ
دراسات
82
ولك يكمل الكاتب الصورة ،لم يقترص عل ي التفس� المنحرف أل ّي دين ،فكان ذلك الخطري
متخي ًال ،ليجمعّ مجتمعا
ً المكان ،بل أضاف الذي داهم مجتمع “السور” وأنهى استقراره...
نسيجا شب�يًّا من ً خلف أسوار تلك المدينة التفس� الخاطئ للدين لم يكن العنرص ي أن
إل َّ
وروبي� والهنود ...بكلوال ي ف والفارقة أ
العرب أ الوحيد لنهاية تلك المدينة ،فعنرص آخر كان
عاداتهم وثقافاتهم وأديانهم ،ليتشاركوا ف ي� إدارة داعما بالمال والسالح ويتمثل بدوائر استخباراتً
ال� تسعى إليجاد ت أ
مصو ًرا
ِّ مصالحهم المتداخلة بسالسة مدهشة، الدول المص ِّنعة لالسلحة ،ي
“السور” واحة عطاء وإنتاج وسط محيط قاحل، منافذ بيع ألسلحتها بإبرام صفقات التسليح
تربطها بالتجمعات السكانية خارج أسوارها تخىس اجتثاثها منبمليارات الدولرات ألنظمة ش
المحملة منهاّ المنافع المتبادلة عل القوافل قبل تلك الجماعات المتطرفة.
دراسات
83
ال� يكدام�” ت
القبطي جامع ثروات“ ،يوسف ي
ف
حاكم السور“ ،فارس” الحالق ،و”مرتىص” بائع
الماء“ ،إيزاك” اليهودي صائغ الذهب ،و”فندوري
اليونا�” بائع الخمور ،و”مارتا” القبطية خادمة ف
ي
و”باسيل” الكاتب والمثقف“ ،إ�افيل” ي منازل،
خياط ،و”طانيوس” تاجر الفول السودا�ف
ي
والسمسم“ ،جريح سمراوية” مطرب“ ،ولهان
“طو�” قس“ ،جحفل” ف حي ونسة،
ي خمري” قواد ّ
مؤذن مسجد“ ،مهران” طبيب“ ،عبيد المشاء”
ناقل رسائل“ ،نديمة مشعول” صاحبة مقهى
طباخ“ ،سيبوا” الفنان، الع�”“ ،ملهم” ّ “خزي ي ف
“حرة” غسالة ثياب“ ،مرغديش” شاذ“ ،عرديب”
قائم مقام ،وعازف الناي هندي ،وهناك بائعات
والمدرس ...وهناك صانع ِّ الطح� ...بائع العطر... يف
القمشة .ومن خالل ما أسلفنا القفال ...وبائع أ أ
البداع والخلق.همه إ أن ذلك المجتمع كان ّ ندرك َّ
وليكمل الكاتب الصورة حول تلك المدينة الصبية
ّ وإليها ،وقد جعل من “خميلة” تلك
“كاه�”
ي مكوناتها؛ ومنها حي قدم لنا ّ المتخيلة َّ
َّ الحالمة شخصية محورية وساردة الحكايات
وال� أصبح اسمها “نعناعة” ت
الذي يسكنه ذوي المال والجاه ،وحي “ونسة” المتداخلة للرواية ،ي
المخصص لبيع المتعة ،حي “لونا” ،وحي “كف يف
الملثم� للمدينة .وخميلة فتاة من بعد اجتياح
الطراف ،حي “الثعبان الميت” وهو عفريت” ف� أ أب قبطي “جماري عازر” تاجر الذرة ،ومن أم
ي
ف
الحياء ..وحي “تمارص” ...سوق ب يأ� جهل أفقر أ “فال�ينا” من فلورنسا ...عاشقة لفن ي إيطالية
التنوع استطاع أن يقدم للقارئ بمنشآته .وبذلك ُّ الرسم.
بقية أ
المتخيل بخصائصه القتصادية َّ ذلك العالم قدم الكاتب أفراد تلك ال�ة ومثلها ّ وقد َّ
يتك عل والدارية والدينية والثقافية ...دون أن أ منتج� ،ما يعكس تلك يف كمهني ي ف�
ّ أ� “السور”
إ
أ
ح� ي� مسميات المكنة... ف الواقع ت ب� أفراد ذلك المجتمع، اليجابية ي ف العالقات إ
ع�ات أ وكذلك نحت تاج ال� ش ال� أسهمت �ف ت
السماء لشخصيات ي النتاجية هي ي أن العالقة إ مؤكدا ًَّ
وتع� عن مجتمع الرواية ت بناء وازدهار ذلك المجتمعً ...
فمثال “ميخائيل “
العمل بوعي ل�مز ب ِّ
دراسات
84
حول “المتقي” ورجاله تلك ف المكون من ساللت وأتباع أديان مختلفةً ...
فمثال
ي� معاناة قاسية ،وقد َّ
المدينة إىل خرائب وحرائق ،وزع سكانها الذكور خىص استقدم من الجزيرة العربية، ي “الغازي”
معت�ا جميع نسائها سبايا يتوزعن عل المذابح ،ب ً “زمام” غجرية شامية “ ،ماريكار” قبطية سودانية،
للتطه� ف
ب� رجاله ...بعد أن ُجمعن ي� عدة منازل يف سودا�“ ،أمبيكا بسواس” ف ش“�ف الدين” مسلم
ي ي
بإ�اف مجموعة من الجالدات ،يعملن عل ش بوذية“ ،نديمة مشغول” كردية“ ،جيالل” فرنسية،
غ�ن تهيئتهن لتوزيعهن عل أمراء الحرب ...وقد ي َّ سنيغاىل ...وهكذا سنجد اليهودية ي “ملهم عبيدو”
جميع أسمائهن. نجل�ية والمرصي ...إىل وال ي ف واليطالية إ وال� يك إ ت
الكاتب أراد ف ي� نهاية روايته أن يمنح خميلة فسحة ال� يوحي لنا �د خميلة ت
آخر تلك الشخصيات ي
المل بحياة أخرى ،بعيدة عن المدينة جديدة من أ بأنه مجتمع خليط من كل أ
العراق ،ومتعايش ف ي�
المنكوبة ،وجماعات بسطت قبحها عل وجه وئام.
لتطه�ها ...حياة المدينة المسالمة ،ف ي� مسعاهم أ
تم�ت هذه الرواية بتلك البعاد ولذلك ،ي ف
ي
ال� نسجها الكاتب كثيمات متعددة، ت
بعيدا عن قسوة “أم الطيبات” ودورات أخرى ً النسانية ي إ
ال� تمارسها عل السبايا ،وغلظة ت أ
ب� العراق والديان ،الحب أ منها :التآلف ي ف
التطه� ي ي
ت أ اليمان بالعمل ف ي� تحقيق الذات.
جسدت شخصية المرأة ال� ّ الكب�ة” ي ي “الم والوفاء ،إ
ليأ� أحدهم؛ ت وقد مثلت حياة “خميلة” ملحمة إنسانية؛ فتاة
الجالدة بامتهانها لجميع النساء .ي
ممن يحملون السبايا ألمراء خ�” َّ وهو “واسطة ي اليطاليةف� وفرته لها أمها إ ف
ترعرعت ي� بيت ي
ف
التطه� القاسية ...ويكون هو ي بعد دورات العاشقة لفن التشكيل ...وسط رغد العيش لوالد
الخىص”لولو” الذي وعدها بالخالص ،لتكتشف ي ثري يحتكر زراعة الذرة ف ي� مساحات شاسعة
بعيدا عن كل ذلك الخراب ...دون أم بأنها أمست ً خارج محيط السور ،ويتاجر بها .وخميلة كان لها
أو أب أو خطيب. اس ،ثم رحلت إىل مرص لتعود تحصيلها الدر ي
للتطرف ،ودعوة ُّ الروا� إدانة
ي
أ ف ي� هذا العمل بشهادة ف ي� علم الجمال إىل مدينتها النائية ،وقد
نسا� ،إذ يجد القارئ نفسه للسالم والتآخي إ ف تغ�ت نظرتها للوجود ولكل ما يعتمل حولها...
ال ي ي
مشدوها قدرة الكاتب عل تصوير ذلك ً يتأمل الكب� لميخائيل
لتأ� النهاية وقد اكتشفت حبها ي ت
ّ ي
النسان تجاه أخيه القبح والعفن الذي يحمله إ العدة لحفلّ يعدانجامع ال�وات ،وكانا ّ ش
س�ته شهوة التس ُّلط والتم ُّلك النسان ...وقد ي َّ إ الزفاف ،ولم تكن نهاية تلك المدينة المسالمة...
ليحيل كل أرض يطأها إىل خراب ،وكل كائنات إل نهاية آلمال وتطلعات خميلة ،بعد أن وجدت
يق�ب منها إىل جثث متعفنة ...وكل ذلك باسم ت الملثم� ...بعد أن فقدت والدتها يف نفسها ف ي� أتون
الله! ووالدها وخطيبها وصديقاتها ومعارفها ،لتدخل
دراسات
85
قراءة في كتاب
ناقدا”
ً نقد النقد “ -يوسف ّ
بكار
عمار الجنيدي /األردن
ربع� مؤلفًا ف ي� مجالت النقد ال ي ف ال� تربو عل أ ت يَ ْد ُر ُس الباحث “أحمد الرقب” ف ي� كتابه“ :نقد النقد”
ي
وال ش�اف ،بأنه ذو ت ردني� الذين كان ال ي ف حياة واحد من أبرز النقاد أ
وال�جمة والتحرير والتحقيق إ
وثقافية ي ف دبية أ ف
متم�ة نادرة ،ل عل الصعيد ّ عقلية فكريّة
ّ واضح ي� الحياة ال ّ ٌ إسهام
ٌ لمنجزهم النقدي
وبارز ي� الحياة النقديّة ف أ
أيضا.العر� ً المحل فقط ،بل عل المستوى ب ي ي واضح ٌ ٌ وإسهام
ٌ ردنية،
ال ّ
ف
الدكتور يوسف بكّار الذي درس ي� إربد وبغداد العربية.
ّ
الداب- والقاهرة ،ليحصل عل شهادة الدكتوراه ف� آ يقع الكتاب ي� ستة فصول ،تناول فيها الباحث ف
ي
الد� ،من جامعة القاهرة ،عمل أستاذًا �ف أ حياة الدكتور يوسف بكّار ونقده وترجماته ومواقفه
ي النقد ب ي
ال�يطانية، و� الجامعات ب
ف
اليرانية ،ي الجامعات إ المتم�ة ف ي� مجمل هذا المنجز يف منهما ،وجهوده
جما ت
نجل�ية ،م� ً وال ي ف اللغت� الفارسية إ بسبب إتقانه ي ف الذي أثرى الحياة الثقافية وبالتحديد النقديّة منها.
قبا� ،وكتب ف فف أ الول لحياة الناقد خصص الباحث الفصل أ
إليها بعض العمال الشعريّة ل�ار ي َّ
بهما أبحاثًا وكتابات أخرى. العلمية
ّ ومس�ته
ي متتبعا آثاره
ً ومكوناته الثقافية، ّ
تكون فإن الناقد يوسف بكّار قد ّ وبحسب الباحث َّ أن
والمالحظ َّ
َ الكث�ة. ي والعملية وعن مؤلفاته ّ
ال� تق ّلدها، ت ف ف معنيا بتفاصيل حياة بكّار بقدر
والمعر� من المناصب ي ي الثقا�
فضاؤه ي الباحث لم يكن ًّ
ال� شأ�ف ت ت أ ال� شكّلت ت
العلمية ي ّ ال� كتبها ،والرسائل والبحاث ي معنيا بدراسة المؤثرات الثقافية ي ما كان ًّ
عليها ،والمؤتمرات والندوات والمهرجانات الثقافية ح� غدا فضاؤه الثقا�ف والمعر� ،ت ف مخزونه الثقا�ف
ي ي ي
اش�ك فيها ،وعمله ف ي� البحوث ،والتقويم ف ي� ال� ت
ي
ت والتعدد والتمكُّن؛ في َّتضح ُّ الغ� والتبلور بهذا ف
المجالت أ الكث�ة،
الكاديمية. من خالل دراسة منجزاته وكتبه وأبحاثه ي
دراسات
89
واستند (الباحث) لما كتبه بكّار عن الشاعر الكث�ون عندما مقالة له عن الخطأ الذي يقع به ي
ال�جمات العديدة عن الفارس عمر الخيام وعن ت وال�جمة ،فهم يقعون �ف ب� التعريب ت ل يفرقون ي ف
ي ي ِّ
اللغة الفارسية وإليها ،حيث أكَّد الدكتور بكّار المصطلح� ،كذلكف ي ف
يم�ون يب� ف الشكال عندما ل ي ِّ إ
التفاعلية بدأت برسم معالم ّ أن هذه العالقة َّ ب� المصدر والمرجع ،كما يقف التمي� ي ف
يف عدم
ال�ق ب� حضارات ش التبادل المعر� والفكري ي ف ف أ
طويال أمام استخدام الدباء والك ّتاب لبعض ً
ي
ال� يعتقدون أنها تراكيب ت ت
الكث� عن بعضها مع بعض ،فالفارسية أخذت ي ال�اكيب والمفردات ي
العمال الفكريّة العربية ،وترجمت إليها الكث� من أ ومفردات عربية فصحى.
ي
أ
ال�اف ف ي� شيوع بعض اللفاظ ،أو
والفلسفية وعلم الجتماع ،وكذلك فعلت حركة كذلك عن إ
ت وأخ ِذ ِه أ
ال�جمة العربية منذ القديم. العامية والخاطئةْ . ّ شيوع استخدام اللفاظ
يف
والدارس�، يف
الباحث� فالخيام استأثر باهتمام أ
عل بعضهم استخدام نماذج خاطئة؛ المر الذي
ّ
يكتف أ يجيء من بعض ت
ومدى التأثر من الشعراء العرب به ،كعرار وشعراء ال�جمات الوروبية .ولم ِ
وغ�هم. جماعة الديوان والعقاد ،ي بكّار بال َّتعييب ،بل ع ّلل أسباب هذا ال َّتعييب.
ف
وتناول الباحث الجهد الذي بذله بكّار ي� كتابه السلوب وكشف الباحث ف� الفصل السادس عن أ
ي
أمىص (ال�جمات العربية لرباعيات الخيام) حيث ف ت المتم� والمتمرس الذي برع به الناقد الدكتور يف
قرابة الثالث سنوات ف ي� تأليفه ،ففيه ثالث وثالثون بكّار ،وهو النقد المقارن ،فقد رصد من خالل ذلك
ع�ة ترجمة شن�ية ف ي� اللغة ترجمة شعريّة وخمس ش ال� مكّ نت يوسف بكّار من تبيان ت
ائية ي الثر ّ العالقة إ
ناقدا إيّاها ومح ِّل ًال. آ
ب� الداب العالقة المتينة والستفادة المتبادلة ي ف
العربيةً ،
ال� توصل إليها �ف
ي واختتم الباحث ببعض النتائج ت ي َّ العر� ،وبالعكس. الغربية والمتلقي ب ي
يتضمن 243صفحة، ّ ال� جاءت ف ي� كتاب ت
دراسته ي العر� للنقد المقارن ،فهو كما وأخذ عل المنظور ب ي
والن� وبدعم وصدر عن دار اليازوري للطباعة ش يرى لم ير ِتق إىل مستوى المنهج ،عل الرغم من
أن :يوسف من وزارة الثقافة ،حيث خلص فيه إىل َّ أن العلوم ممن كتبوا فيه ،وكما يرى َّ الكث� َّ براعة ي
ال ي ف بكّار من أقدر وأشهر النقاد أ أ
تأث� الدب.
ردني� ،وهو من تأث�ها أوضح من ي ي
يف
الرص�، المشتغل� بالبحث العلمي يف القالئل أ
ّأما عن أثر العرب ي� المم الخرى فإنه (الناقد) أ ف
أ ف
والمحقق� � مجال تف تأث� قوي خاصة عند
ال�اث والنقد المقارن ،لنه ي ي أن العرب كان لهم ي يؤكد َّ
وممن الفرس ي� الموسيقى والبالغة واللغة والشعر، ف
ممن اكتملت لديهم أدوات النقدَّ ، واحد َّ
بغ� دراسة أو بحث، اعتنوا ت يف
بوشك� وتأثره الروس (كما ف ي� أعمال الدب وكذلك أ
خصه ي بال�اث؛ فقد ّ ي
وهو ل يناصب أي منهج نقدي العداء ،ألنه مؤمن نىس (كما ف ي� أعمال أ
بالقرآن الكريم) ،والدب الفر ي
بإسهامات كل منهج. يف
لفونت�). الشاعر
دراسات
92
ا ْل َك ْبت
غادة حاليقة /األردن
تشويهها وتناسيها ،ويأَ ت ي� َر ُّد ا ْل ِف ْع ِل هذا لحماية َاعي ٍة يلة ِدف َّالنفىس ،هو ِع َبارة عن ِح ٍ ي ف ُّ ا ْلكَ ْب ُت أَ ْو الق َْم ُع
الدر ياك يُ ْس ِه ُم
ِص َّح ِة الفرد ،حيث ِإ َّن هذا الغياب إ حالة الالوعي ،نتيجةَ ِفك ٍْر نفسي ٍة ،يَ ْل َجأُ َل َها الفر ُد ي� ِ َّ
آ ف ف ف
الج َس ِديَّة الناجمة عن تلك ي� حمايته من الثار َ نكارالما�َ ،ك َن ْو ٍع من ِإ ِ ي ؤلم َوق ََع له ي� أَو َح َد ٍث ُم ٍ
وال� يمكن أَن تجع َله رصيعا أ أ
لالمراض الَفكار ،ت ي ُ ْ ِ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ً وقوع هذا الحدث.
ا ْل َج َسديَّة. َويُ َع َّر ُف الكَ ْب ُت أَيْ ًضا بأَنَّه ِعبار ٌة عن (نسيان ُم َحفَّز)،
يجب أَ ًول فهم وللتعمق ف� فهم ف الَفكار والذكريات والمشاعر، وذلكَ من خالل إزالة أ
مع� الكبتُ ، ُّ ِ ي ِ ِ
الدفاع. يغ� المرغوب فيها ي� العقل ال َّن ِشط الالواعي. ف
آليات ِّ
الدراسات ِإىل أَ َّن الف َْر َد بعد تلقيه شارت ِّ وقد أَ ِ
َ
الق ْمع تعم ٍد ِع َو ًضا عن بشكل ُم َّالصدمة ،يَ ْل َجأُ إىل نسيانها ٍ َّ
الفكار ،هي آ
ال َّلية اكتشف “فرويد” بأَن قمع أ َ قَمعها ،حي ُث إن القمع عبار ٌة عن مكَون متعدد �ف
َ َّ ُ ِّ ٍ ُ َ َ ِّ ٍ ي َ َِ ْ ِ َ ْ ِ َّ
آ أ ف ت ت ت
همية هذه ال ّليةالرغم من أَ َّ الُوىل للدفاع ،وعل ّ جار َب ال� تَ ْخ َ ِ� ُن ال َّت ِ كو ُن من الذَّ اكرة ي أَبْ َع ِاده ي
ال� تَ َت َّ
من وجهة نظرهِ ،إ َّل أَنَّ ُه َع َّد بأَنَّها يغ� ناجحة الم ْؤلمة ف ي� حالة الالوعي والوعي، والذِّ كريات ُ
عل المدى الطويل؛ أل َ َّن الفر َد ل يملكُ خيار ِات التجارب
ُ سببة لالمراض ،وتطغى تلكَ أ
الم ِّ والثار ُ
آ
الستخدام أَ ْو عدم الستخدامَ ،وي ْن ُت ُج ذلك من الَمر ا َّلذي يُ َحف ُِّز عل والَفكار عل غَالبية ا ْلب ش� ،أ أ
َّ َ َ ُ
ُوب فيها ،كا ْلغَ َضب ومشاعر يغ� َم ْرغ ٍ
َ َخ ْل ِق ِه أَ َ
فكار السبب الرئيس ف ي� ُ الم َت َع َّمد ،وهذا هو النسيان يغ� ُ
الَفكار المندفعة من والقلق ،بسبب دفع تلك أ الَفراد من فقدان ُم َع ي َّ ف� للذاكرة ،وهو ر ُّد معاناة أ
العقل الالواعي. للتعامل مع فكرة أَو تجربة مؤلمة من خالل ِ ِف ْع ٍل
دراسات
93
ور هذا ظهور ،ويرى “فرويد” بأَ َّن ُظ ُه َ بعدها بال ُّ الدفاع هي نَ ْو ٌع من ِ َو َّض َح “فرويد” بأَ َّن ّ
آلي ِات
السلوكَ العص� بعد تطور ا ْلكَ بت تحت الَناأ واع؛ ت
ُّ ِ ْ ِ َ ْ ْ
معروف بأَن أ ب ي َّ ُّ كل ل ٍ الم ْس َت ْخ َد َم ِة ِب َش ٍ
اتيجي ِات ال َنف ِْس َّي ِة ُ
الس� َّ ْ
النا ا ْلعليا �ف ا ْل ُعليا للفرد ،وكما هو
ُ ي ٌ َّ المشاعر
ِ القلق ال َّن ِاج َم ِة عنِالفرد من آثار ِ لحماية ِ
ت أ فكار يغ� المقبولة ،حيث أَ ْو َض َح ِبأَ َّن أ
وال� ُ
تقع ضم� العقل ،ي الَساس هي عبار ٌة عن ي استخدام
َ وال ِ
العص�َ ،ويَ ْن ِت ُج عن ال َّلي ِات؛ لحماية ال َّنفس من تَ َس ُّل ِل بعض تلك آ
لوك ف ب ي ِّ الس ِ جنبا ِإىل َج ْن ٍب مع ُّ ً
هذا تَو ِّل ُد ال َق َلق ،والذي يُؤ ِّدي ي� نهاية المطاف ِإىل ت
وال� تَ ْن ِت ُج والشعور بالذَّ نب ،ي المشاعر ،كالقلق ُّ
أ
الذاتي ِة ا ْل ُم َد ِّمرة،
لوكي ِة َّ الس َّ وادث ُّ احتمال وقوع ا ْل َح ِ الدماغ الشعور بالتهديد؛ ل َ َّن أَ ْج َزا ًء من ِّ َعاد ًة عن ُّ
خالل
المشاكل من ِ َ الطبيب َح َّلُ ومن هنا يُ ُ
حاول الدماغ، طلَّبةً من أَ ْج َز ٍاء أُخرى من ِّ الب ش َ�يَّة تكون ُم َت َ َ
المكْ ُبوتة لعقل المريض استخالص الذِّ كريات َ ِ المشاعر تَق َْب ُع َ
خارج َ َح ْي ُث يَ ْع َت ِق ُد “فرويد” بأَ َّن تلكَ
أ ف الس ْيطرة عليها.
يتمك َُّن من الواعيَ ،و ِإ ْن نَ َج َح ي� هذا المرِ ،فإنَّ ُه َس َ حدود َّ ِ
إزالة حالة ا ْلق َْمع للذكريات. تخدمالدماغ تَ ْس ُ َويَ ِج ُب ال َّت ْنويه ِإىل أَ َّن أَ ْج َزا ًء من ِّ
أ
العديد منَ وص َل “فرويد” لحقًا ِإىل أَ َّن وقد تَ َّ حداث للتعامل مع ال َ ِ ِ الدفاع آلي ِات َّ واع ِمن َّ س ّتة أَنْ ٍ
ف الذِّ ِ العق ُْل ا ْلق َْم َع ِب َشك ٍْل َالبا َما يَ ْس َت ْخ ِد ُم َ
المكبوتة لدى المر� الذين عانوا منها ِ كريات والمشاكلَ ،وغ ً ِ
ُم ْنذُ الطفولة ،هي يجابية. ش َ
ذكريات يغ� صحيحة ،وهذا َما ٌ ُم َؤق ٍَّت َوأك� ِإ َّ
تطوير فرويد َ
للق ْمع
� داخل بحاث ِإىل أَ َّن أ
الع َص ِب ي َّ النظام َ َ
ف
لت ال ُ تَ َو َّص ِ
عملية الق َْمع ،عل الرغم دماغ الفرد ،يَ َت َحك َُّم ي� َّ
المطاف ِإىل أَ َّن ِ استخلص ف ي� نهاية َ من أَ َّن فرويد
يحدث ِب ْشك ٍْل ُ الذكريات يغ� المرغوب فيها ِ ق َْم َع
ف
َط ْو ِع ٍّي ي� الوعي الواعي.
الُوىل تتمث ُل �ف كانت نظريةُ فرويد ف� السنوات أ
َّ ي ي َّ ْ
العقْل الواعي مع الحتفاظ بها ق َْم ِع الذِّ كريات من َ
العقل الالواعي َ واعتقد بأَ َّن
َ ف ي� العقل الالواعي،
ينظر
ُ الفكار؛ ألَنَّ ُه كان قام بإيقاف تدفِّق تلك أ
َ ِ َ
خص الش ِرفاهي ِة َّ َّ ِإليها عل أَنَّها َض َّارةٌَ ،وتَ ِح ُّد من
فكار أ
حارصة تلك ال ِ ِ العقلية ،وعل الرغم من ُم ّ
ْسية تبدأُ المشاكل ال َّنف َّ َ ف ي� العقل الالواعيِ ،إ َّل أَ َّن
دراسات
94
كية ي ف أ
الم ْؤلم. اكية للحدث ُ الدر َّ تقييماته ِإ “إل�ابيث لوفتوس”، فس ال يم� ّ أَك ََّدتْه َعا ِل َمةُ ال َّن ِ
ف أ
حاث ي� علم لت مجموعةٌ من الَبْ ِ وقد تَ َو َّص ْ خاطئة ٍ ذكرياتٍ كن َز ْر ِع الم ْم ِ َح ْي ُث قالت إنّ ُه من ُ
ال� أَ َش َار ْت إىل أَ َّن ال َّلوز َة ت أ أ أ ف
اكي ِة ي الدر َّ عصاب ِإ ال ِ العديد
َ مر ِفإ َّن ي� رؤوس الَفراد ،ونتيجةً لهذا ال ِ
تعمل عل تعزيز الذِّ كريات ،وأَ َّن هذا يعتقدون ِبأَ َّن ق َْم َع أَ ْو أ
اغية ُ الد َم َّ
ِّ َ فسطباء وعلماء ال َّن ِ من ال َ َّ
� ل َّل ِ ت ادر ا ْل ُح ُدوثَ ،ح ْي ُث أَ َش َار أَ َح ُد الذاكرة أَ ْم ٌر نَ ُ
وزة شاط ا ْل َع َص ِب ي ِّيزيد من ال َّن ِ الس�جا َع لهاُ ، ِ ك َْب َت
والحص�َ ،وأَ َّن يف َ�ِة ا ْلف َِّص الجبهي ش استخدام الق َْم ِع يَ ْح ُد ُث نتيجة النقاش بأَ َّن جوانب ِ
الد َم ِاغ َّيةَ ،وق ْ َ ِّ َ ِ
ياكل ا ْل َع َص َّبي ِة ف ال�اب َ ت مر ا َّلذي يَ ْن ِت ُج عنه أ
ط الوظيفي ي� تلك ال َه ِ هذا َّ ادث ُم َر ِّو ٍع ،ال ُ الفرد ِل َح ٍ تَ َع ُّر ِض ِ
أ ت ف
مر ا َّلذي يُؤ ِّدي إىل لحظة ال َّنشاط ي� الس�جاع ،ال َ ُ تام. بشكل ٍ الذاكرة ٍ ِ منعَ
الدماغيةَ ، استذكارها ،ومن المعروف بأَ َّن اللوز َة آخر من أشكال ال ِّنقاش ،بأَ َّن ف
َّ وقد ا ْع ُت ِق َد ي� َشك ٍْل ُ
الذكريات يغ� المرغوب فيها، ِ بتخزين
ِ تقوم ل ُ تعمل عل ُ عة مرو ٍ اتجة عن تَ ْج ِر ٍبة ِّ دمة ال َّن َ الص َ َّ
أ ف
العصبي ِة الُخرى ّ الشبكات
ِ تحف�
تعمل عل ي ِ لك َّنها ُ اكرةيعتقدون بأَ َّن حيويَّةَ الذَّ ِ َ تقوية الذاكرةَ ،ح ْي ُث
ف� عملية ت ال� تو َّلدت لدى الفَرد �ف ت
المشاعر
ُ تلعب
الس�جاع؛ لهذا السبب ُ ِّ ي ِ ي ْ ناتجةٌ عن َش َّد ِة العواطف ي
ت ف تعر ِض ِه ِل ْل َح َدث.
عملي ِة الس�جاع الذاكرة خالل َّ ِ تغي�هما ي� ي ُج ْز ًءا ُم ًّ لحظة ُّ ِ
منظور علم الَعصابَ ،ح ْي ُث تُؤثِّر أ والنْكار ،يغ� أَ َّن ط يف يتم الخل َ
الشبكات
ُ ِ من ب� الكَ ْب ِت إ غالبا ما ُّ ً
ت ا ْلكَ ْب َت أَ ْو ا ْلق َْم َع يرتب ُ
ال� بالعواطف عل ا ْلكَ ْي ِف َّي ِة ي ِ العصبيةُ المرتبطةُ ّ قلي ٍة ذاتي ٍة َع َّ ط ِب ُم َح ِّفز ٍات ّ
يَ ْس ت َ ْ� ِج ُع بها الفر ُد ط بمحفِّزات خارجية؛ أ
مؤلم.لحدث ٍ ٍ ولَنَّه النكار يف�تب ُ ِ ُ َ ٍ َ َّ داخلية ،أَ َّما ِإ َّ
فريق بينهما. معا ِفإنَّ ُه يَ ْص ُع ُب ال َّت َ َعا َد ًة ما يعمالن ً
أ المشك ي ف
َق ْم ُع ا ْل َق ْمع ّك� ِبأَ َّن الَفرا َد ا َّل َ
ذين يَ ْع َت ِق ُد َع َد ٌد من ُ
اف بالحدثَ ،ح ْي ُث الع� ِعدم ت عند ِ يَ ْح ُد ُث ا ْلق َْم ُع َ للوصول تخ َد ِام ا ْلق َْم ِع ك ٍ
َوسيلة يميلون إىل ْاس ْ َ
ِ
ظ ُّن الفر ُد بأَ َّن ا ْل َح َد َث ا َّلذي تَ َع َّر َض له لم يَ ْح ُد ُث يَ ُ غالبا، قائق ً ويه ا ْل َح َ خاطئة أَ ْو تَ ْش ِ ٍ استنتاجات
ٍ ِإىل
وه ُم ُه بأَ َّن ا ْل َح َد َث لم ِإ ْطالقًاَ ،ح ْي ُث ِإ َّن َعق َْل الف َْرِد يُ ِ ْبوت يواجه صعوبةً المك َ وقد اف�ضوا بأَ َّن الفر َد َ ت
إيالم ِه. يَ ْح ُد ْث َق ُّ ف ف� ت
ط ِل َش َّد ِة ِ المرو ِع ّ ادث الح ِ لحظات ُم َع َّينة ي� َ ٍ اس�داد ي
ِم ْن َجا ِن ٍب َآخ َر ف َِإ َّن ا ْلكَ ْب َت هو ِع َبار ٌة عن ُج ْه ٍد اض تَ ِد ُّل َ
لكن تَ ْح ُد ُث ِع ْن َده أعر ٌ ا َّلذي تَ َع َّر َض لهْ ،
ف
الفرد وأَ َ
فكار ُه َو َرغ ََبا ِت ِه ،وا َّد َعاء مشاعر ِ ِ واع إلخفاء ٍ التعامل مع ِ ساءة ي� كال ِ لحادثة ما ،إ ٍ عرضه عل تَ ِّ
ف
أَ َّل وجو َد َل َها مع ِإ ْدر ِاكه لهاَ ،وبَذْ ِل ُج ْه ٍد ي� َع َد ِم أ
ال َسا َء ِة. لوكياتُهم عل تلكَ ِإ الطفالَ ،ح ْي ُث تَ ِد ُّل ُس ّ
ك� بها ِوإزالتهاِ ،وم ْن ُهنا يَ َّتخذُ َقر ًارا ِب َع َد ِم ال� ي فت النهائيةُ للنظريّة فقد َح َّد َد ْت الستنتاجات
ُ أَ َّما
ّ
الترص ِف،
ُّ لمثل هذا الفرد ِ فك� بهاَ ،و َس َب ُب ُل ُج ِوء ِ ال َّت ي ِ ساعد الفر َد عل � للذاكرة ،يُ ُ الع َص ِب ي َّ مثيل َ بأَ َّن ال َّت َ
َ� ُم َناسب ،أَ ْو أَ َّن ف
اعر غ ي ْ ُالم َش َ وقيت تلكَ َ هو أَ َّن تَ َ الم ْؤلمة ،من أجل تعديل ال َّتحك ِِّم ي� ذكرياته ُ
دراسات
95
الجون َب�َ ،وق َْد َل َجأَ ا ْل ُم َع ُ للج َد ِل ِب َشك ٍْل ك ي ٍ الم يث�ِة َ ُ أي َس َب ٍب َآخ َر. فكاره يغ� صائبة ،أَ ْو ّ أَ َ
ف ب� ا ْلكَ ْب ِت َوا ْلق َْم ِع هو أَ َّن ا ْلكَ ْب َت ئيس ي ف
رصم؛ ريقة ي� نهاية القرن ا ْل ُم ْن َ ِ ط ِ ون لهذه ال َّ ال َّنف ِْس ُّي َ َوا ْلف َْر ُق الر ُ
لمساعدة ال َّن ِاس عل تَذَ ك ِِّر نَ ْو ِع َّي ٍة ُم َع َّي َن ٍة من فكار عل المستوى أ
ِ والمشاعر وال َ َ الرغ ََب ِاتيُ ْن ِك ُر َّ
ت
ا ْل َح َو ِاد ِث ا َّل ي� تَ َع َّر ُضوا َل َها -كال ْع َتد ِاء ِّ الذكريات عل نكار ُ الواعي ،أَ َّما ا ْلق َْم ُع
ىس- الج ْن ِ ي ِّ ِ فيعمل عل ِإ ِ
ف
واد ِث ال ْع َتد ِاء لم ديد ِم ْن َح ِ َوتَ َو َّص ُلوا إىل أَ َّن ا ْل َع َ بابالمستوى الالواعي ،ي� ا ْلكَ ْب ِت يُ ْد ِركُ الفر ُد أَ ْس َ
أ ف
اث ط؛ َونتيجةً لهذا فقد تَ َو َّص َلت البْ َح ُ تَ ْح ُد ْث َق ُّ حالة ا ْلق َْم ِع ف َِإ َّن الفر َد ربما ل َو َد َو ِاف َع ا ْلق َْمع ،أَ َّما ي� ِ
ت ف
ويم تائج ال َّت ْن ِ ون ِإ َش َار ٍات ِل َن ِ ف� ُض َ ِإىل أَ َّن ال َّن َاس يَ ِ علم ال َّنفس، و� ِ يكون عل ِع ْل ٍم ِب ِك ِّل َما يَ ْح ُد ُث ،ي
الم َعا ِل ُجون ُون ُ مكن أَ ْن يَك َ اطيىس ،أَ ْو يُ ُ ي ِّ المغْ َن ِ تكر ٍر؛ ألَنَّ ُه
الدفاع ا ْلق َْم ِع ِب َشك ٍْل ُم ِّ ِ ات
آلي ُ تُ ْس َت ْخ َد ُم ّ
فس ُّيون ق َِد اف َ َْ� ُضوا -ربَّ َما دون ق َْص ٍدِ -ذك َْريَ ٍات ت ال َّن ِ العقل الالواعي (العقل الباطن). ينطوي عل
ِ
ِل أالَفراد ا ْل ُم َّنو ِم ي ف� ،وا َّل ي� لم تَ ْح ُد ْث ِف ْع ًّليا ي� الواقع.
ف ت الغضب ِ مشاعر
ُ كن أَ ْن يَ ْن ُت َج عنه حالة الق َْم ِع ،يُ ْم ُ و� ِ ي
ف
ونونتيجةً ِل ِّكل َما َس َبق ،ف َِإ َّن ُع َل َما َء ال َّنف ِْس يُ َجاد ُل َ ات ا ْلق َْم ِع ِإىل تح َّو ُل تَ َد ِاع َي ُ والحزن والرص ِاعَ ،وربَّ َما تَ َ ِ
وت يُ ْم ِك ُن أَ ْن أ
َث� ِم َن كد ك ي ٌ شائعة ،ويُ ُؤ ُ
ٍ المكْ ُبو ِت ِة غ ي ْ َِ� ِبأَ َّن الذِّ ك َْريَ ِات َ الش ْخ َص ا ْل َمكْ ُب َ كث�؛ ل َّن َّ نَ َتا ِئ َج أَسوأَ ِب ي ٍ
أ أ يَ ت
المفقودة.
ِ ال َ ِط َّب ِاء أَنّ ُه ل يُ ْم ِك ُن ْاس ت� َدا َد الذَّ ِ
اكرة مر ل يُ ْم ِك ُن الح َد َث أَ ْو َما ق ََام به ،وهذا ال ُ س� َّد َ
الف ْع ِل ا ْل َج َسديَّ ِة ،أَ ْو مر ا َّلذي يُ ْم ِك ُن أَ ْن يُ َؤ ِّد َي ِإىل أ
أَ َّما “فرويد” ف ََي ْع ِتق ُد ِبأَ َّن ُر ُدو َد ِ الج ُه ِب ُس ُهو َل ٍة ،ال ُ ِع َ
ف أ
الكالم ،نَا ِت ٌج َع ْن اكرِة ،أَ ْو ِط ِأ ا َّلذي يَ ْح ُد ُث ي� الذَّ َ ا ْل َخ َ مر يَ ْح َت ُاج الفر ُد نتائج أَ ْس َوأَ ،و ِل َت َج ِّن ِب هذا ال َ وث َ ُح ُد ِ
ف ش
س ٍء َم ْخ ِف ٍّي ي� لوعي الفرد. َ يْ بالعواطف
ِ الشعور ماح َل ُه ُّ للس ِ واع َّ ِإىل بَذْ ِل ُج ْه ٍد ٍ
السعي إىل ق َْم ِعها أَ ْو ك َْب ِت َها، لحظةَ حدو ِثها دون َّ
* المراجع: النفسي ِة لحقًا.
ّ الوقوع ف ي� ا ْل َم َشا ِك ِل ِ وذلك؛ ِل َت َج ُّن ِب
ال يم�كية ،APAقاموس موجز -جمعية علم النفس أ
لعلم النفس Washington، DC: American س ا ْل ُم َع ِ
اصر الن ْف ِ ا ْل َك ْب ُ
ت في عِ ْل ِم َّ
.Psychological Association، 2009. Print يَ ْس َت ْخ ُد ُم ُع َل َما ُء ال َّنف ِْس المعارصون ،ك َِل َمةَ ك َْب ٍت
-كولمان AM، Oxford ،قاموس علم النفس، كريات ا ْل َمق ُْمو َع ِة شارة ِإىل الذِّ ِ لال ِ أَ ْو ق َْم ٍع غ ً
َالبا ِإ
نيويورك ،جامعة أكسفورد.2006 ، أَ ْو المكبوتة ،وهي ِعبار ٌة َع ْن َح ِاد ٍث أَ ْو َم ْج ُمو َع ٍة
(نوفم� ،)2013رابط
ب -مقالت ،المملكة المتحدة واد ِث ا َّل ت ي� يَ َت َع َّر ُض َل َها الفر ُد ف ي� َحيا ِته، الح ِ
من َ
يف
ب� النسيان والتشويه وقمع الذكريات. َوا َّل ت ي� يَ ْع َج ُز عن تَذَ ك ِِّر َها ،أَ ْو يُ ْم ِك ُن َل ُه ْاس� َجا َع َها
ت
-غارسن ،ب .)2007( .القمع :إيجاد طريقنا بيب أَ ْن ط ِ الج ،ويُ ْم ِك ُن ِل ْل َّ
بيب ُم َع ٍ معاونة َط ٍ
ِ دون
ف ي� متاهة المفاهيمJournal of Behavioral . أ
الج َّي ِة ِوم ْنها (التنويم يَ ْل َجأَ ِل َع َد ٍد ِم ِن ال َ ِ
دوات ا ْل ِع ِ
.)Medicine، 30 )6 الَدا ُة من أَهم ْ أ
ال َ َد َو ِات أ
المغناطيىس) ،وهذه َ ِ ْ َ ِّ ي
فنون
96
لتطوير الذات والرتقاء بالوعي وتع ُّلم وسائل الدوىل للم�ح ي ُم ْنذُ تأسيس مهرجان القاهرة
حارص �ف رد� ف ف أ
تعب� جديدة وتقنيات مغايرة ،مع الحفاظ عل ي ي التجري� عام 1988والم�ح ال ي بي
المعر� والحضاري ،دون ف خصوصية كل بلد وإرثه الم�حية أو دوراته كافة ،سواء من خالل العروض
ي ّ
دهال� العزلة و�اديب النطواء. الدخول ف� ي ف حرصا بداعية ،وذلك ً ال ّ الندوات الفكريّة أو الورش إ
ي
رسمية ردنية بوفود أ ردني� عل التواصل مع نظرائهم ال ي ف الم�حي� أ
يف من
ّ من هنا بدأت مشاركتنا ال ّ
العام� 1988-1989برئاسة يف وطواقم إداريّة ف ي� والجانب ،ومساهمة منهم �ف المرصي� والعرب أ
يف
ي
وزير الثقافة آنذاك د.محمد الحموري ،بهدف إنجاح المهرجان الذي كانوا وما زالوا عل قناعة
ال� يط ّلون من ت
وآلية المشاركة
الستطالع وفهم أهداف المهرجان ّ راسخة بأنه نافذتهم الحقيقية ي
الم�حية المطلوب
ّ فيه ،وطبيعة العروض والعالمية،
ّ العربية
ّ الم�حية
ّ خاللها عل التجربة
ترشيحها له ،ومحاولة التوصل لتعريف حقيقي آ
بأهمية النفتاح عل الخر وتحقيق وإيمانًا منهم
ّ
يتس� لنا المشاركة فيه ح� ف لمفهوم التجريب ،ت حالة التواصل والتفاعل والمثاقفة والتالقح الفكري
بعيدا عن الرتجالبشكل فاعل وعلمي ومثمرً ، بعيدا عن كافة أشكال والبداعً ، الذي يولد المعرفة إ
و ف
الفو�. أن النفتاح المقصود العزلة والنغالق ،مؤكدين َّ
الم�حية وهكذا بدأت أوىل مشاركاتنا أ
الردنية يجتث الجذور ويسلب الهوية، ليس ذاك الذي
ّ ّ
الفعلية عام 1991بم�حية “عرس أ يجا� تهدف
العراس” ّ ّ ال ب ي التأث� والتأثر إ
بل هو حالة من ي
فنون
97
أ سبا� “لوركا”، عدة عن نص “عرس الدم” إ ف
مريك “وليم سارويان” ،وهي محاولة للتجريب ال ي لال ي والم َّ ُ
الجنبية عل النص العالمي وتجريده من البيئة أ الم�حية من إخراج “خالد الطريفي”، حيث كانت
ّ
العر�
بي والعمل عل تطويعه للبيئة والمتلقي م�حية تتضمن ّ وقد حاول خاللها عمل توليفة
وتقديمه ضمن رؤية جديدة معارصة. عد ًدا من قصائد “لوركا” ونصه “عرس الدم”،
الردنية الثالثة ف� العام 1993كانت المشاركة أ طارحا العمل بشكل فانتازي يحاول التجريب
ي ً
آ
م�حية “هناك عل الشاطئ الخر” من خالل عل لغة الجسد والمؤثرات الضوئية والموسيقية،
ّ
الشع�، شاه�” لفرقة الم�ح يف إخراج “ذياب احتفاىل. بهدف الوصول لعمل م�حي ذي طابع
بي ي
الم�حية الفائزة ي� مهرجان م�ح الشباب ف وهي الردنية الثانية و� العام 1992كانت مشاركتنا أ ف
ّ ي
بعا ينص ف ف أ والراجوز” للمخرج من خالل م�حية “المتمردة أ
تقليدا م َّت ً
الثا� ،حيث أصبح ذلك ً رد� ي ال ي ّ
عل مشاركة العمل الفائز ف ي� مهرجان الشباب وم�حية “من هناك” للمخرج “غنام ّ “حكيم حرب”
الردن ف ي� مهرجان القاهرة لتمثيل أ عدة عن أ
الدوىل للم�ح ي م�حية “المتمردة والراجوز” ُم َّ ّ غنام”.
التجري� ،بعد فوز م�حية “المتمردة أ نىس “جان آنوي” وهي ف
والراجوز” ّ بي “أنتيجو�” للكاتب الفر ي ي نص
تجريبا عل ً الم�حية
ّ عدبالجائزة الدولية .وتُ ُّ لفرقة “م�ح الرحالة” وكانت قد حصلت عل ست
مما ال ف أ جوائز ف� مهرجان م�ح الشباب أ
الكو� “خوسيه النص العالمي “ليلة القتلة” للكاتب ب ي رد� الولّ ، ي ي
ترييانا” ،حيث تم تقديم العرض داخل إطار حلبة الدوىل ف
أهلها لتمثيل الردن ي� مهرجان القاهرة أ
ي َّ
وتحول الممثلون خالله إىل مجموعة من مصارعةّ ، الم�حية علّ التجري� ،وقد حصلت بي للم�ح
آ
المتقاتل� الذين يحاول كل منهم أن يهزم الخر، يف جائزة أفضل ممثلة وكانت من نصيب الفنانة “كفاح
“أنتيجو�” ،مناصفة مع ف ال� أ َّدت دور ت
كدللة عل العالم الذي نعيشه والذي تحول ي سالمة” ي
بسبب الرصاعات والحروب إىل ما يشبه حلبة الم�حية
ّ الممثلة البولندية “بارارا ديزيكان” ،وتعد
المصارعة. الكالسيك ،حيث مزج المخرج ي تجريبا عل النص ً
أ
ف ي� العام 1994كانت المشاركة الردنية الرابعة، الكالسيك والحكايا الشعبية العربية، ب� النص يف
ي
م�حيت� هما“ :هاملت يُصلب من يف من خالل يف
والم�حي� وقدم العرض بأسلوب “الرحالة” َّ
جديد” للمخرج “حكيم حرب” فرقة م�ح الرحالة، الم�حية العربية ّ الجوال� ،موظفًا الظواهر يف
وم�حية “الصابرون” للمخرج “عبدالكريم الراجوز ،خيال الظل ،العرائس الحكوا� ،أ ت مثل:
ّ ي
ف الغريقية أ مازجا ي ف
م�حية “هاملت ّ و�الجراح”“ -وزارة الثقافة” .ي ب� السطورة إ وصندوق العجبً ،
يصلب من جديد” واصل المخرج “حكيم حرب” م�حية “من هناك” ّ والحكاية الشعبية العربيةّ .أما
اخ�ل نص تجريبه عل النص الكالسيك ،حيث ت ف “مخت� موال ب للمخرج “غنام غنام” فهي لفرقة
ي
ممثل�ف ف الم�حي” والتجريب فيها كان عل نص الكاتب
وقدمه ي� ثالثة ي شكسب�َّ ، ي “هاملت” لوليم
فنون
98
التمثيل بالرقص والغناء ،مثلما تختلط الكوميديا فقط ،وقام بربط جريمة قتل الملك “والد هاملت”
ت
بال�اجيديا. عل يد أخيه “كلوديوس” بأول جريمة حدثت ف ي�
الردنية السابعة، و� عام 1997كانت المشاركة أ
ي
ف التاريخ أل وهي جريمة قتل قابيل ألخيه هابيل،
نص�ات م�حية “الحفرة” للمخرج خليل ي ّ من خالل الجريمت� -بالصلب، يف مستبدل فعل القتل ف ي�- ً
ف
بع�ة جوائز ي� مهرجان الم�حية الفائزة ش وهي أ أ أ
كإشارة لستمرار مسلسل قتل الخ لخيه منذ الزل
ّ
رد� الخامس ،حيث كان التجريب ف أ م�حية “الصابرون” الفائزة ف ي� وح� آ
النّ .أما ف ي� ت
م�ح الشباب ال ي ّ
ف رد� الثالث ،فقد كان أ ف
“� انتظار جودو” و”الزمن فيها عل النص العالمي ي مهرجان م�ح الشباب ال ي
ش�اوس” والتجريب عل مادة والحجرة” ل ِـ”بوتو ت التجريب عل النص العالمي الذي من تأليف
درامية تنتمي إىل م�ح العبث ومحاولة استنهاض أودي� ت ي�” ومحاولة تطويعه ليالئم المتلقّي “جاك ب
النسان ف ي� ومص� إ ي هذه المادة ف ي� زمن التكنولوجيا العر� ،وإعداده برؤية جديدة تتناول الهموم بي
ظلها كمستهلك لها ومطحون فيها ،فكانت بمثابة والقضايا العربية.
نمر بها اليوم. ت أ
و� عام 1995كانت المشاركة الردنية الخامسة، ف
ال� ّ تنبؤ لوسائل التكنولوجيا ي ي
الردنية الثامنة ،من و� عام 1998كانت المشاركة أ ف م�حية “كالكيت” للمخرج “حسن من خالل
ي ّ
م�حية “ذاكرة الصناديق الثالثة” للمخرجة خالل ف
الم�حية الفائزة ي� مهرجان السبايلة” ،وهي
ّ ّ
رد� الرابع ،حيث حاول المخرج ف أ
“سوسن دروزة” ،حيث كان التجريب فيها عل م�ح الشباب ال ي
النسان المعارص للتعب� عن أزمة إ ي المحل، ي النص المحل للكاتبي من خاللها التجريب عل النص
تدريجيا، عالم عل وشك النهيار ف “عل الكردي” وطرحه ضمن رؤية وصورة فانتازية،
ًّ الذي يعيش ي� ٍ ي
أ
وذلك من خالل حكاية مجموعة من الصدقاء من من خالل تقديم عدد من اللوحات الفنية ال�ت
ي
مختلف التخصصات والثقافات والذين يعيشون وح� رحيله عن النسان منذ ولدته ت تخ�ل رحلة إ تف
ف ي� بيت آيل للسقوط التدريجي. الجيال هذا العالم ثم استمراره وخلوده ع� أ
ب
الردنية التاسعة، و� عام 1999كانت المشاركة أ ف لالسئلة الوجودية ذاتها. القادمة وطرحه أ
ي
ت� للمخرج “حكيم حرب” م�حي ي ف من خالل الردنية السادسة، و� عام 1996كانت المشاركة أ ف
ّ ي
م�حية “ميديا” ّ فرقة “م�ح الرحالة” ،وهما م�حية “كأنك يا أبو زيد” تأليف ّ من خالل
الم�حية
ّ وم�حية “ملهاة عازف الكمان”. ّ الم�حية الفائزة
ّ وإخراج “غنام غنام” وهي
أ والخراج ف ي� مهرجان الم�ح ت
الوىل “ميديا” ،واصل “حكيم حرب” من خاللها بجائز� التأليف إ أ يَ
تجريبه عل أ رد� ف ي� العام ذاته .حيث التجريب فيها عل ف
الكالسيك ،حيث ي السطورة والنص ال ي
مستندا غريقية “ميديا” أ الهالىل” وعرضها ضمن الس�ة الشعبية “أبو زيد
ً ال ّ أعاد كتابة السطورة إ ي ي
لعدة نصوص ولعدد من الكتاب الذين تناولوها م�حية ذات طابع فرجوي ،يختلط فيها ّ احتفالية
فنون
99
ح� الموت” للمخرج ّأما ف� م�حية “كوميديا ت كور�” و”جان آنوي” ف و”ب� مثل“ :يوروبيدس” ي
ّ ي ي
“حكيم حرب” فكان التجريب فيها مجد ًدا عل مخ�لة أقرب إىل ت
وقدمها عل شكل لوحات فنية ف َّ
“ألب� نىس ي
كالسيك هو “كاليجول” للكاتب الفر ي ي نص مستخدما تقنية “الفوتو مونتاج” ً لغة السينما،
كامو” ،وذلك من خالل تجريد النص من شكله السطورة ال�ت و”الفالش باك” ف� تلخيص أحداث أ
ي ي
الروما� القديم وطرحه ضمن رؤية ف الكالسيك قدمها ضمن عرض يستند إىل “م�ح الصورة”
ي ي
وشكل معارصين ينتميان للزمن الذي عرضت فيه التعب� الجسديّ .أما م�حيته الثانية “ملهاة ي ولغة
روما� ف الم�حية ،ونقل بيئة العرض من قرص عازف الكمان” فالتجريب فيها كان عل نص
ي ّ
ف “ألب� كامو” حيث
السفل الذي ي قديم إىل وكر عصابات ي� العالم نىس ي “سوء تفاهم” للكاتب الفر ي
م�حية و� ف قام “حكيم حرب” بتحويل النص من واقعي إىل
ّ يعيش فيه الخارجون عن القانون .ي
نص�ات” كان التجريب “فلنتاين” للمخرج “خليل ي الم�حية من ّ أسطوري ،من خالل نقل أحداث
الم�حية ،حيث استخدمت كلمة ّ فيها عل اللغة مما أضفى فندق معارص إىل دير قديم للراهباتّ ،
العالمية التفاق ولكنها لم تستطع بث “ألو” السطورية والطقسية ال�ت عل العرض السمة أ
ّ ي
ف
ب� امرأة ورجل يقيمان ي� سجن الحياة، التواصل ي ف ت َّتسم بها معظم تجارب المخرج حكيم حرب.
حيث تم طرح أزمة اللغة وعجزها عن التواصل العا�ة، الردنية ش و� عام 2000كانت المشاركة أ ف
ي
الب�. ب� ش يف م�حية “نشيد الصعاليك” للمخرج ّ من خالل
الردنية الثانية و� عام 2002كانت المشاركة أ ف الم�حية، “عبدالكريم الجراح” ،فرقة طقوس
ي ّ
م�حية “الزائر” تأليف الكاتب ّ ع�ة ،من خالل ش الم�حية الفائزة بجائزة أفضل منظر برصي ّ وهي
اللبنا� “بول شاؤول” إخراج “باسم عوض” ف والناقد أ ف
ف ي� مهرجان “ب�ا” الم�حي ي� الردن .حيث ت
ي
ف
الم�حية الفائزة بست جوائز ي� مهرجان وهي الردن التجريب فيها عل الس�ة الذاتية لشاعر أ
ّ ي
رد� عام ،2000وكان التجريب ف أ “عرار” من خالل عرض م�حي يستند إىل جماليات
م�ح الشباب ال ي
التعب� بالجسد ي العب� من خالل فيه عل النص ش السينوغرافيا والمنظر البرصي ولغة الجسد،
ي
نسا� والفراغ والضوء عن انقطاع التواصل إ ف بال�اجيديا مثلما يختلط وتختلط فيه الكوميديا ت
ال ي
وال�وع نحو العزلة والنطواء عل الذات كأحد فف التمثيل بالرقص والغناء تحقيقًا لفكرة الم�ح
افرازات الحروب. الشموىل.
ي
أ
و� عام 2003كانت المشاركة الردنية الثالثة ف أ
و� عام 2001كانت المشاركة الردنية الحادية ف
ي ي
“ألب� م�حية “كاليجول” تأليف ي ع�ة ،من خالل ش ح� الموت” ع�ة ،من خالل م�حية “كوميديا ت ش
ّ ّ
يف
الفنان� كامو” إخراج “رائد عودة” ،لفرقة نقابة الحي، للمخرج “حكيم حرب” ،فرقة الم�ح
ّ
ردني� ،وهي الم�حية الفائزة بعدة جوائز �ف ال ي ف أ نص�ات”،
ي ّ وم�حية “فلنتاين” للمخرج “خليل ي ّ
فنون
100
التعب� عن
ي والحكايا العربية الكنعانية ،بهدف مهرجان م�ح الشباب .حيث تم التجريب فيها
ائيل ،من خالل حكاية القاتل ال� ي العر� إ
الرصاع ب ي عل تقديم العمل بشكل فانتازي ل ينتمي لزمان
المغتصب “مكبث” والضحية المقتول “كنعان”، ومكان محددين ،داخل إطار رقعة شطرنج يتحرك
أساط� وخرافات الكهنة ي حيث يستند القاتل إىل بأن ما يحدث اليحاء َّ فوقها الممثلون ،كنوع من إ
للنيل من الملك “كنعان” واحتالل أرضه وتنصيب عبارة عن لعبة ،وقد تم توزيع دور “كاليجول” عل
نفسه ملكًا عل “أورشليم” ،مثل استناد مكبث للتعب� عن الشخصية المركّبة. ي ثالثة ي ف
ممثل�
م�حية “طقوس إىل خزعبالت الساحراتّ .أما ف ي� الردنية الرابعة و� عام 2004كانت المشاركة أ ف
ّ ي
ف
الريمو�” فرقة الحرب والسالم” للمخرج “فراس م�حية “سيمفونية الدم.. ع�ة ،من خالل ش
ي ّ
الم�حية ،فيواصل المخرج نهج فرقته ّ طقوس مكبث” للمخرج “حكيم حرب” ،فرقة الم�ح
الم�حية من خالل التجريب عل المادة الدرامية ّ وم�حية “طقوس الحرب والسالم” ّ الحي،
ف م�حية “سيمفونية و�ف ف
م�حيا ي� الفضاء ً طقسا
ً الطقسية ،فيقدم ّ الريمو� .ي
ي للمخرج فراس
للتعب� عن رفض معاهدات ي الخارجي المفتوح، الدم ..مكبث” يؤكد المخرج “حكيم حرب”
أ
الم�مة مع أعداء المة. نهجه الم�حي بمواصلته التجريب عل النص
السالم ب
أ
و� عام 2005كانت المشاركة الردنية الخامسة ف الكالسيك ،من خالل رؤية معارصة لنص
ي ي
المهلهل” من م�حية “مأساة ّ ع�ة ،من خالل ش الشكسب�ي “مكبث”ي ف
“شكسب�” تمزج يب� النص
ي
ِ
صوفيا” م�حية “الملك يل� و� ف وم�حية “الخروج تأليف وإخراج “حكيم حرب”،
ًّ ّ “عيىس الجراح” ،ي ّ
الشكسب�ي ،وتقديم ي كان التجريب فيها عل النص م�حية
ّ البراهيميّ ،أما إىل الداخل” إخراج “محمد إ
صو� ،وقد ف المهلهل” لحكيم حرب فهي حاصلة عل “مأساة
شخصية “الملك يل�” انطالقًا من بعد ي ِ
طابعاانعكس ذلك عل شكل العرض الذي أخذ ً جائزة الدولة التشجيعية وخمس جوائز عربية
احتفاليا ،ت ف رد� بدورته العربية عام أ ف ف
ام�ج فيه التمثيل مع الرقص والغناء، ً ي� مهرجان الم�ح ال ي
ف ت
ال� يك� عل لغة الجسد أك� من ال� يك� عل ش ف بع� ت ال�اثية ،2004حيث التجريب هنا عل المادة ت
اللغة المنطوقة ،وهو ما يعرف ب ِـ”Physical والس�ة الشعبية ،ومن خاللها يرتقي ي العربية
.”theater الشع� “الزير سالم” إىل مصاف بي المخرج بالبطل
ف الغريقية القديمة، ف ال� ي ف البطال ت أ
عر� م�حية “كارمن” كان التجريب عل نص ب ي ّ و� ي اجيدي� ي� المأساة إ
الم�حية حس�” وهي يف “عل ت فيقدمه كبطل وجودي يخوض رصا ًعا عاموديًا مع
ّ للكاتب العر يا� ي
الحاصلة عل جائزة أفضل إخراج ف ي� مهرجان كليبا
الشه�“ :أريد ً ي القدر أو الزمن ،استنا ًدا لطلبه
رد� ف ي� دورته السابعة ،حيث أ ف حيا” والذي يحتج فيه عل فكرة الموت العب�ش
م�ح الشباب ال ي ي ً
الم�حية ،من خالل ّ التجريب هنا عل الصورة لالنسان ول مبالة الزمن الذي يرفض العودة إىل إ
تعب�ية تدين الحروب وأثرها عل تقديم لوحات ي وب� اس�داد أخيه القتيل ت الوراء ،فيحول بينه ي ف
أ أ ويع� “حكيم حرب” عن ذلك من خالل
المهات الثكاىل والنساء الرامل. “كليب” ،ب ِّ
الردنية السابعة ف� عام 2007كانت المشاركة أ شكل فنتازي لسكة حديد وعربة قطار يقودها
ي
س�ات” للمخرج أ ش شخص خفي يحمل الشخصيات -كدمى مقنعة-
م�حية “ال ي ّ ع�ة ،من خالل
ال� يراها مناسبة ،دون ت ف فف
وم�حية “القناع” للمخرجة ّ نص�ات”، “خليل ي بعربته وي�لهم ي� المحطة ي
“مجد القصص” فرقة الم�ح الحديث .و�ف
ي ال� ُّدد ف ي� دوس من يقف ف ي� العودة إىل الوراء ودون ت
س�ات” الحاصلة عل جائزة الملك أ م�حية “الخروج إىل الداخل” لمحمد طريقهّ .أما
م�حية “ال ي ّ ّ
لالبداع ،حيث التجريب أثناء تلك الثا� إ ف ف
الم�حية الفائزة ي� مهرجان البراهيمي فهي
عبدالله ي ّ إ
ف
ال� عاشتها المة العربية ي� احتالل العراق أ ت م�ح الشباب ،حيث التجريب فيها عل نص
الغفلة ي
وما تبعها من جرائم ارتكبت بحق الشعب العر ت يا� محل أقرب إىل الكوميديا السوداء ،حاول المخرج ي
ك� خالل العرض عل ال� ي ف من قبل المحتل ،فتم ت والعر� بأسلوب المحل من خالله معالجة الواقع
بي ي
صل أ ف أ
كاريكات�ي ساخر ،فاستحق الداء الجماعي.
قضية استغالل المرأة كما وردت ي� النص ال ي ي
”أوغوب�” وإسقاطها ت “جريمة ف ي� جزيرة الماعز” ل ِـ أ
ف ي� عام 2006كانت المشاركة الردنية السادسة
ي
م�حية “القناع” ّ عل واقع المرأة العراقيةّ .أما ف ي� صوفيا”ًّ م�حية “الملك يل� ّ ع�ة ،من خالل ش
فقد واصلت د.مجد القصص التجريب عل لغة وم�حية “كارمن” للمخرج ّ إخراج “مجد القصص”،
فنون
102
ُ
سأرجئ رسم مالمحها
شعر :أحمد الخطيب /األردن
***
خمسون
ْ
شعر :محمد خضير /األردن
� ،وكان ُع ْم َ
ـري ِفكـر ًة الص ب ي َّ
كنت َّ
ُ
لوم ِذرا َعها:
ست إىل ك ٍَف تَ ُ َه َم ْ
ت آ
وال َن ف قـلـبـهـا لـمـا تـفـ َّت َـح
شاع ًرا
مو� ِ
نحو ي َ أمىص َ
يْ ُ لكـ َّنـهـا ّ
بلحظة ...وأضا َعها
ٍ َم َلكَ َ
الحيا َة للسوال قنا َعهاوألقت ُّْ رت،
َه َج ْ
إبداع
110
فتوى
شعر :عارف عواد الهالل /األردن
َا�ف فس بَ ي ف َ
عب أشق ِ ي الص ُ هر َع ِط ٌيف َوذَاكَ َّ ُم ٌ إن َر َخ َم ْت
الخ ِيل ْ
� َ يَا ِح ي َ� َة ال َّن ِ
َا� ف
الس ْه ِد أجف ِ ي أو� الكَ َرى ِب ُّ وق ف َ الش ُ َو َّ وق يُ َس ِّه ُد َها
ضب ُح ِم ْن َش ٍغ ََّرا ُء تَ َ
أقر ِ ف يا� أ
يف ال َل ِوم َ َل َّـما تَ َما َدى ِب َز ِ إن ُلم َن َها َح َس ًَدا
تَشكُو ِلتر ِاب َها ْ
لح ِ ف يا� عد يَ َ
ُلت َم ْن ِم ْن بَ ُ قَا َل ْت بَ َل ق ُ جم ُع َنا
الو ْج ُد يَ َ
يس َُلت أ َل َ
قَا َل ْت َوق ُ
وح ِ ف يا� ال� َر َ ُوت ِّ ِّ فس ِم ْن َم َلك ِ كَال َّن ِ درك ُُهوع تُ ِ الر ِ
ِب َّ شق نَف ٌْح ِس َوى َالع ُ ف ِ
أنس ِ ف يا� الر ِاء َ ط ُف َّ يت ِم ُنه َو َق ْ أوح ُ َ � يُ َخا ِل ُج ِ ف ي� ِ ٍّ ور ِ ف ي� مح ِم َن ال ُّن ِ َل ٌ
أشج ِ ف يا� مس َ فن َوك َْم ِبال َه ِ إيما ُء ِج ٍ َ رصف ُُه َول يَ ِ ع� الق ِ معي ِل َم ف َ َيت َس ِ ألق ُ
أنب ِ ف يا�
ط ِق َ الرِف ُيف ِب ِص ْد ِق ال ُّن ْ ِمن َها َّ � تُ ِزجي َع َل ِر ْس ٍل َم َر ِاس َل َها َالع ي ف ُ
ف َ
الد ِ ف يا� أ مت ِ ف ي� َو َل ٍه
قر َب َّ ُنت ال َ ذت َوك َ َيف ان َت َب َ ك َ الص ِ يق َّ ك َْم قَد َأراكَ َع ِم َ
أقص ِ ف يا� عد َ الب ِ إن ِب ُ رص ف ي� بَ ْع ُد ْ ف
َما َ َّ ِ ُلت ال ُه َو ف َي� َر ِش ُيق الق َِّد ِ ف ي� َخ َل ِدي ق ُ
أسم ِ ف يا� الع ي ِف� َمرق َُد ُه ف
وح َ الر ِ يق ُّ �ي ِل َم ْن بَ َرِف ِ يَ ِ َاف َ َع َّل ال َه َوى ِ ي� ِضف ِ
فت أف َن ِ ف يا� عد َما َط َّو َ الو َخل ُف َ ل أُ ِ هد تُ َؤ ِّم ُل ُه قَا َل ْت َو ف يِّإ� َع َل َع ٍ
أ� ِ ف يا�
َ ط ُيف آ ِتيكَ آنًَا إ َليكَ ال َّ ظ ِ ف ي�لح ُ َج ِّل ْل ُح ُروفَكَ ِبالغَ َّر ِاء تَ َ
أوح ِ ف يا� عر َ
الش ُ حر الق َِص ِيد كَذَ اكَ ِّ بَ َ َت � َم َلك ْ ت
أمر ْي ِل ُيم َناكَ ا َّل ِ ي ْ ْت ِ َم َّلك ُ
الج ِ ف يا� َالم ِب ِه يَا َرأفَةَ َ يح الك ِ ِر ُ الذي َد َر َج ْت
َ� َِل ِك َّن ْأو َب ال َه َوى غ ي ُ
كر ِان أض َن ِ ف يا� ِبال َّن ِأي َوالغَ ْد ِر َوال ُّن َ أبدى َم َع ِاذ َر ُه إن َص َّد أو َ َرو ْ ل غ َ
أسد ِ ف يا� ف
الس ْه َد َ
الج َوى َو ُّ مر الغَ ف َىص ِ ي� َ
َج َ وق َسائ َل ِ ت ي� الش ِاب َّ فت ث ََو َ َه َّال َع َر ِ
إحس ِ ف يا� يت َأسد ُ س� َفق َْد َ ف
َان ُح َ ً ْأو ك َ أهونُ ُه
ال� َ ش
َان ك ُْر ًَها ف ََخ ي ُ� َّ ِّ إن ك َ ْ
ف
َا�
الر ِأي يَلق ِ ي َأي َّ الد ِل ُيل ف ُّتَا َه َّ عر قَد َو َج َب ْت
الش ِ اي ِم ْنك ُُم َ
أهل ِّ َتو َ
ف َ
إبداع
112
أجراس العودة
ّ
تدق داخل القلب
قصة :إبراهيم درغوثي /تونس
ّ
-1-
-6-
مفكرون سيئون
لماذا يعتقد بعض الناس بنظريات المؤامرة؟ إنها مسألة ذات طابع فكري
كسام*
ّ قاسم
إن النظريات الغريبة حول كل أنواع ف تَ َع َّر ْف إىل “أوليفر” .مثل العديد من أصدقائه
ي� الواقعَّ ،
منت�ة آ الشياء ش أ سبتم�. خب� ف ي� أحداث 11
الن .هناك نظريات المؤامرة ب يعتقد “أوليفر” أنه ي
اليدز ،والهبوط عل سطح القمر ف
يقىص معظم وقت فراغه باح ًثا ي� المواقع، وهو ف
حول انتشار إ ي
أ الرهابية عل
عام ،1969والجسام الطائرة الغريبة ،واغتيال بأن الهجمات إ وقد أقنعته أبحاثه َّ
أن نظريات جون كنيدي .ف� بعض أ
الحيان ،ي َّ ف سبتم� ف
نيويورك وواشنطن العاصمة ي� 11أيلول/
يتب� َّ ي ب
المؤامرة عل حق ،فقد كانت “ووترجيت” مؤامرة تأث� الطائرة وما داخليا .لم يكن ي
ًّ 2001كانت ً
عمال
بالفعل ،ولكن ف ي� الغالب كانت حبيسة .إنها ف ي� ف
يتسبب ي� انهيار نجم عنها من حرائق يمكن أن َّ
حية لحقيقة مدهشة توضيحية ّ
ّ الواقع صور التوأم� لمركز التجارة العالمي .ويؤكد يف ال� ي ف
ج� ب
الب�يّة :مهما كان ذكاؤنا ومعرفتنا، عن الكائنات ش أن عمالء التفس� الوحيد القابل للتطبيق هو َّ ي أنَّ
الكث�ون م ّنا يعتقدون ولكن بطرق أخرى ،ما يزال ي الحكومة قاموا مسبقًا بزرع متفجرات .وهو يدرك،
أ أن الحكومة تلقي باللوم عل
بالمور الغريبة .يمكنك العثور عل أشخاص بطبيعة الحالَّ ،
وأن يف
فضائي�َّ ، يعتقدون أنهم ُخطفوا من قبل سبتم� ،لكن ر ّده المتوقَّع ب القاعدة ف ي� أحداث 11
وأن ال�طان يمكن أبداَّ ،
المحرقة لم تحدث ً هو :كانوا يقولون ذلك ،أليس كذلك؟
يجا� .ووجد استطالع أجرته ال ب ي بالتفك� إ
ي عالجه أن آراء “أوليفر” حول تش� أدلة الستطالعات إىل َّ ي
أن ما ي ف ف أ
بأي حال من الحوال.
ب� ربع مؤسسة “هاريس” ي� العام َّ 2009 9/11ليست يغ� عادية ّ
ترجمات
117
به هو كيف يف�ون ويستجيبون للكميات الهائلة كي� يؤمنون بالتناسخ والتنجيم ال يم� ي ف خمس وربع أ
من المعلومات ذات الصلة المتاحة لهم .أو ُّد أن أن
سمه ما تشاء ،وستجد ،ربَّماَّ ، ووجود السحرةِّ .
ال� ت ف أ ت شخصا ما يعتقد به. هناك
أن هذا هو ي� الساس سؤال الطريقة ي أق�ح َّ ً
هم عليها“ .أوليفر” ليس مجنونا (أو عل أ أن نظرية “أوليفر” حول
القل، ً أنت تدرك ،بالطبعَّ ،
فإن
ل يحتاج إىل أن يكون كذلك) .ومع ذلكَّ ، سبتم� ليس لها سوى ب ع� من أيلول/ الحادي ش
سبتم� هي نتيجة لخصائص ب معتقداته حول 11 القليل من الحظ ،وهذا قد يجعلك تتساءل عن
وبمع� أدق ،خصائص شخصيته ف بنيته الفكرية- سبب تصديقها .السؤال “لماذا يعتقد أوليفر أن
الفكرية. داخليا؟” هو مجرد نسخة ًّ عمالسبتم� كان ً ب 11
عادةً ،عندما يحاول الفالسفة ش�ح لماذا يعتقد أ
من سؤال أك� عمومية يطرحه المتشكك ال يم� يك ش
شخص ما أشياء (غريبة أو يغ� ذلك) ،فإنهم ش�مر” :لماذا يصدق الناس أشياء غريبة؟ “مايكل ي
بدل من سماته يركّزون عل أسباب ذلك الشخص ً ش
العتقاد الغرب ،أنه كلما كان العتقاد أك� غرابة أ
فإن طريقة الشخصية .من وجهة النظر هذهَّ ، كلما كان هناك شخص ما يصدقه .نسأل لماذا
يعتقد الناس أن أ
سبتم� كانت ب أن 11 ش�ح لماذا يعتقد “أوليفر” َّ الشياء الغريبة ل تشبه السؤال َّ
داخليا هي لتحديد أسبابه لتصديق ذلك، ًّ ً
عمال عن سبب اعتقادهم بأنها تمطر بينما هم ينظرون
ليخ�ه عن ف من النافذة ويرون المطر ينهمر .من الواضح لماذا
والشخص الذي هو ي� أفضل وضع ب
أسبابه هو “أوليفر” نفسه .عندما شت�ح إيمان يعتقد الناس أنها تمطر عندما يكون لديهم أدلة
“تفس�ا
يً “أوليفر” بإعطاء أسبابه ،فأنت تعطي مقنعة ،ولكن من يغ� الواضح لماذا يعتقد أوليفر
منطقيا” إليمانه.
ً داخليا عندما ًّ سبتم� كانت ً
عمال ب أن أحداث 11
التفس�ات يأخذك أن ترشيد ف يكون لديه إمكانية الوصول إىل أدلة دامغة عل أنها
ي المشكلة ي� هذا هو َّ
إىل حيث أنت فقط .إذا سألت “أوليفر” لماذا يعتقد داخليا.
ًّ لم تكن ً
عمال
داخليا ،فسيكون من ًّ سبتم� كان ً
عمال ب أن 11 َّ مث�ا للجدل ،عل الرغم من أمرا ي ً أريد أن أناقش ً
ويرص دواعي �ورنا ،بالطبع ،أن نعطيك أسبابه، ادعا� هو: أ أيضا بديهي ومنطقي. اعتقادي بأنه ً
ّ ي
تأث�ات أ عليها“ :يجب أن تكون ً أ
يؤمن “أوليفر” بما يفعله ل َّن هذا هو نوع المفكر
داخليا ،ل َّن ي
ًّ عمال
أ
الطائرات ل يمكن لها إسقاط البراج” .إنه مخطئ أك� ،أل َّن هناك خطأ الذي هو عليه أو ،برصاحة ش
أي حال هذه هي قصته وهو ي� ذلك ،لكن عل ّ
ف تفك�ه .المشكلة ف ي� نظرية المؤامرة ما ي� طريقة ي
ف
مل�م بها .ما فعله ،ف ي� الواقع ،هو ش�ح واحد من تف ال يم� يك “كاس القانو� أف ليست ،كما يقول الباحث
ي
معتقداته المشكوك فيها بالرجوع إىل اعتقاد آخر أن لديهم القليل من المعلومات ذات سنشتاين”َّ ،
يخ�نا أ مشكوك فيه ش أ
الصلة .المفتاح إىل ما ينتهي بهم المر لالعتقاد
أك� من سابقه .لالسف ،هذا ل ب
ترجمات
118
سبتم� ألنه ساذج. ب هجمات 11 عن سبب تب ّنيه أل ّي من هذه المعتقدات .هناك
ال� ل ت ف شعور واضح بأنَّنا ما نزال نجهل ما يحدث معه.
إنه ي� طبيعة العديد من السمات الفكرية ي
وبالتاىل ل تدرك المدى الحقيقي تدرك أنك تملكها، قليال: والن ،دعونا نجعل قصة “أوليفر” متألقة ً آ
ي
السذَّ ج الكث� من نظريات المؤامرة أن ي فلنف�ض أنه يعتقد َّ ت
ونادرا ما يعتقد ُ ً تفك�ك به. الذي يتأثر ي
أنهم ُسذَّ ج ،ول يعتقد أصحاب العقلية المغلقة سبتم� .ويعتقد الخرى تختلف عن نظريات 11 أ
ب
المل الوحيد ف ي� التغلب عل أنهم منغلقون .أ مزورة، أن عمليات الهبوط عل سطح القمر كانت َّ َّ
الجهل ت ف أم�ة ويلز ،قُتلت عل يد جهاز ،MI6
بأن
الذا� ي� مثل هذه الحالت هو القبول َّ ي وأن “ديانا” ،ي َّ
ف
الشخاص الخرون -زمالؤك ي� العمل ،وزوجك/ آ أ وأن يف�وس “إيبول” هو أحد السلحة البيولوجية أ
َّ
زوجتك ،وأصدقاؤك -ربما يعرفون شخصيتك جيدا يقولون إنه الم�بة .أولئك الذين يعرفونه ً َّ
ح� الفكرية بشكل أفضل من شخصيتك .لكن ت يمكن خداعه بسهولة ،ولديك أدلة مستقلة عل
بالرصورة .ف ي� النهاية ،قد يكون ذلك لن يساعد ف تفك�ه ،ولديه فهم ضئيل للفرق ف
مبال ي� يأنه يغ� ٍ
الخرون عنك هو أحد رفض الستماع إىل ما يقوله آ الدلة الحقيقية والتكهنات يغ� المثبتة .فجأة ب� أ يف
صفاتك الشخصية الفكرية .بعض العيوب يغ� ك� قد ال� ي ف سيبدو كل شسء منطقيا ،لكن فقط أل َّن ت
ًّ ي
قابلة للشفاء. شخصيته .يمكنك ّ تحول من أسباب “أوليفر” إىل َّ
السذاجة والالمبالة والعقلية المنغلقة هي سبتم� ي� سياق ف الن رؤية آرائه حول أحداث 11 آ
ب
ال يم�كية “لينداأمثلة عل ما أسمته الفيلسوفة أ إمكانية سلوكه الفكري بشكل عام ،وهذا يفتح
ّ
اجزبيسك” ف ي� كتابها “فضائل العقل” (،)1996 ي ز أك� من الذي تفس� مختلف وأعمق لمعتقده ش ي
أ أ
“الرذائل الفكرية” .وتشمل المثلة الخرى عل داخليا. سبتم� كان ً
عمال يقدمه :فهو يعتقد أن 11
ًّ ب
الهمال والكسل والستعالء والنسداد الفكري إ ألنه ساذج بطريقة معينة .لديه ما يسميه علماء
والتعصب وعدم الدقة وعدم مراعاة التفاصيل. النفس الجتماعي “عقلية المؤامرة”.
تفس�ا ت
سمات الشخصية الفكرية هي عادات أو أساليب تفس� الشخصية المق�ح ليس ي ً أن ي لحظ َّ
تفك� .لوصف “أوليفر” بأنه ساذج أو يغ� مبال ي سببا لالعتقاد عد السذاجة ً منطقيا .ففي النهاية ل تُ ُّ ًّ
سء ،عل الرغم من أنها قد تكون السبب ّ ش
هو أن يقول شي ًئا عن أسلوبه الفكري أو عقله- بأي ي
سبتم� كانت أن أحداث 11 ف
عل سبيل المثال ،حول كيفية محاولته اكتشاف ب أن “أوليفر” يعتقد َّ ي� َّ
سبتم� .سمات ب أشياء عن أحداث مثل أحداث 11 أن “أوليفر” ربما داخليا .وعل الرغم من َّ ً عمال ً
ال� تساعد عل التحقيق ت أن أحداث الحادي يتوقع أن يعرف أسباب اعتقاده َّ
الشخصية الفكرية ي
ح� الفعال والمسؤول هي فضائل فكرية ،ف� ي ف داخليا ،فإنه ًّ (سبتم�) كانت ً
عمال ب ع� من أيلول ش
ي
أن الرذائل الفكرية هي سمات الشخصية الفكرية َّ آخر شخص يدرك أنه يؤمن بما يعتقده بشأن
ترجمات
119
المقبولة” .التحدي هو العمل عل كيفية القيام الفالسفة أن يفكروا ف ي� الفضائل عل أنها تمتلك
بذلك. دوافع جيدة ،وبالرذائل عل أنها ذات دوافع
تغي�
بعيدا ول يستطيع ي أن “أوليفر” ذهب ً ماذا لو َّ بالرصورة سيئة. سيئة ،لكن دوافع “أوليفر” ليست ف
ح� لو أراد ذلك؟ مثل العادات السيئة طرقه ت قد يكون لديه الدافع نفسه للمعرفة مثل الشخص
الخرى ،يمكن أن تكون العادات الفكرية السيئة أ ضل الفاضل من الناحية الفكرية ،ومع ذلك فقد َّ
ف ال� ت
يع� العيش مع للتغي� .هذا ي ي متجذرة ومقاومة وعقلية المؤامرة ي ّ عن الطريق بواسطة سذاجته
أ
التفك� المنطقي مع الشخاص عواقبها .محاولت يمتلكها .لذلك ،ف ي� ما يتعلق بدوافعه ومسؤوليته
ي
العقائدي� أو مغلقي العقول من يف يف
المتعصب� أو ملوثًا عن رذائله الفكرية ،قد ل يكون “أوليفر” َّ
إن العالج الوحيد ف ي� مثل يغ� المحتمل أن تكونَّ . بىسء ش
يع� أنه ل يتوجب القيام ي
ف
تماما .هذا ل ي ً
ف
هذه الحالت هو محاولة تخفيف الرصر الذي تجاهه أو تجاهها .إذا ك ّنا نهتم بالحقيقة فعلينا أن
تلحقه رذائلهم بأنفسهم آ
وبالخرين. ب�ويد الناس بالوسائل الفكرية للوصول إىل نهتم ت ف
الثناء ،يجب عل أولئك الذين لديهم ف� هذه أ الحقيقة وتج ُّنب الباطل.
ي
آ تعت�
المقدرة عل تقديم المواعظ حول رذائل الخرين التعليم هو أفضل طريقة للقيام بذلك .ب
يتقبلوا أنَّهم آ للتفك� بطرق معينة، الرذائل الفكرية مجرد نزعات
الفكرية لالخرين -وأنا من ضمنهم -أن َّ ي
الرجح بعيدون عن الكمال .ف ي� هذا السياق، عل أ وال�عات يمكن مواجهتها .تتوازن رذائلنا الفكرية فف
فإن القليل من التواضع أ ف مع فضائلنا الفكرية من خالل السمات الفكرية
كما ي� السياقات الخرىَّ ،
الكث� .ل يجب أن تدخل ف ي� محاولة “أوليفر” يصنع ي مثل النفتاح والفضول والدقة .الشخصية الفكرية
التفك�
ي لقلب الطاولة عليك ،ومع ذلك يتوجب هي مزيج من الفضائل والرذائل الفكرية ،ويجب
أن الرذائل بأمر مهم :ل أحد م ّنا يستطيع أن ينكر َّ أن تشمل أهداف التعليم زراعة الفضائل الفكرية
تفك�نا. ف يتحدث الفيلسوف والحد من الرذائل الفكرية.
دورا ي� بعض ي الفكرية ،عل أنواعها ،تلعب ً َّ ّ
أن تكون عل قيد الحياة لهذا الحتمال ،هو عالمة “جيسون يب�” عن “التعليم من أجل الفضائل
عل العقل السليم. الفكرية” ،وهذه هي من حيث المبدأ أفضل
طريقة للتعامل مع أشخاص مثل “أوليفر” .تقرير
-- - - - - - - - - - - - - - - - 2010لمجلس جامعة كلية لندن حول قضية
*قاسم كسام أستاذ الفلسفة ف� جامعة وارويك �ف عبدالمطلب جاء بنتيجة مماثلة .أو� التقرير
ي ي ّ
كل :ماذا تعلمنا ت بـ”تطوير التدريب أ
كوفن�ي .أحدث كتبه هي “لغز يب� ي الكاديمي للطالب لتشجيعهم،
التجربة؟”.)2014( ، للتفك� بالدوات الالزمة ،ليس فقط وتزويدهم أ
ي
https://aeon.co بشكل نقدي ،بل لتحدي وجهات النظر يغ�
نوافذ ثقاف ّية
124
الموضوعية،
ّ العالم وينقلها إىل مجال المعرفة
ف
فإن الفن يقوم بدور مماثل ،ولكن ي� مجال َّ
الوجدا� للعالم. ف المضمون
ي
ف
• جمال الفن وعظمته ينحرصان ي� قدرته عل
المحلية
ّ تجاوز جميع الصور الفرديّة والعادات
وش� أنواع التفاصيل والجزئيات. ت
أعم وأبقىيقية :الفن هو ّ يف
الميتاف� ّ • الفرضية
جميعا ،فما من أداة أخرى ً ف
الدي� التعب�
ي صور
ي
النسان مثلما أسعفه لنقل النفعال قد أسعفت إ
الفن ،وما من فيض من طرب الروح ّإل هو واجد
تتوله وتَحدوه. ف ي� الفن قناة ّ
والخالق موكلة • الفن موكل بمقولة “الستطيقي” أ
إ
“الستطيقي” أن مقولة إ “الخ�” ،وبديه َّ ي بمقولة
وأن الفن يوصف بالجودة أو “الخ�”َّ ، يغ� مقولة ي
(الفنية) ،ول يصح أن يوصف ش
بال� أو ّ الرداءة
ف
ومن يفعل ذلك يقع ي� خطأ. ت أ
خال�)َ ، الخ� (ال ي ي