You are on page 1of 14

‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬


‫تاريخ النشر ‪26-01-2008 :‬‬

‫مضامين المؤسسة التربوية


‫عبد العزيز قريش


‫مفتش تربوي

‫مقدمة

‫تشكل المؤسسة التربوية امتدادا مجتمعيا منظما ومجردا في قوالب وإطارات رمزية مليئة بمعطيات ثقافية‬
‫وتاريخية وحضارية وعلمية ومعرفية وقيمية ومهارية و‪ ، ...‬وعالقات بينية‪ ،‬وتفاعالت واقعية‪ ،‬ممارسة‬
‫في فضاء مكاني وزماني معينين بواسطة نظام معين وطاقم بشري مؤهل لذلك في مختلف مستويات‬
‫التأهيل المهني‪ .‬ومن هذا المنطلق االجتماعي تعد المؤسسة التربوية مؤسسة اجتماعية بامتياز؛ تعمل على‬
‫اجتماعية المتعلم‪ ،‬بمعنى تصييره إنسانا اجتماعيا مقبوال في وسطه االجتماعي وفئته االجتماعية‪ ،‬منسجما‬
‫مع مكونات مجتمعه‪ ،‬ومتفاعال معها‪ ،‬ومتضامنا مع قضاياها ‪ ...‬والمؤسسة التربوية في ظل طبيعتها‬
‫االجتماعية تتأثر بما تتأثر به هذه الطبيعة نفسها في المجتمع‪ ،‬من سياسة واقتصاد وثقافة وتقدم علمي‬
‫وحضاري إلخ؛ حيث يعدها الكثير من المفكرين والعلماء االجتماعيين والتربويين والنفسيين معمال إلعادة‬
‫إنتاج الطبقات االجتماعية والمحافظة عليها؛ لكن ليس على اإلطالق‪ ،‬نظرا للتطور الذي يحصل في‪/‬على‬
‫الطبقات االجتماعية نفسها‪ ،‬نتيجة تفكك بنيات المجتمع المتنوعة عبر الزمن ونشوء بنيات أخرى جديدة‪.‬‬
‫غير أن الفعل االجتماعي في المؤسسة التربوية يبقى حاضرا بقوة‪ ،‬وهذا من مهمات هذه المؤسسة‬
‫االجتماعية التي تحولت بالفعل إلى مؤسسة مرهونة بنوعية نظام المجتمع الرسمي بدل رهنها للمجتمع‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪1/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫العام من خالل هويته العامة بمميزاتها العامة والدالة عن خصوصياته العامة المشتركة التي تعبر عن‬
‫المجموع اإلنساني المشكل للمجتمع‪ .‬واجتماعية اإلنسان تسير في المؤسسة التربوية ـ رغم استحضار كل‬
‫أبعاد التنوع واالختالف في هذه االجتماعية ـ في اتجاهين متالزمين متداخلين‪
:‬‬

‫أ ـ اتجاه فردي‪ :‬تساعد المؤسسة التربوية المتعلم على معرفة نفسه‪ ،‬لبناء ذاته باستمرار‪ ،‬من خالل‬
‫الروافد‪ :‬البيولوجي‪ ،‬والفسيولوجي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬واإلنساني‪ ،‬والعلمي‬
‫‪ ...‬فهذا االتجاه‪( :‬مبدأ مساعدة الكائن على أن يعرف نفسه‪ ،‬ويجد نفسه ويعيد بناء ذاته إلى ما ال

‫نهاية من خالل عمليات النضج البيولوجي واالندماج االجتماعي واالندماج المهني والحضاري )‪
.‬‬

‫ب ـ اتجاه مجتمعي‪ :‬تساعد المؤسسة التربوية المتعلم على معرفة اآلخر لبناء عالقات تفاعل إيجابي‪،‬‬
‫وتفاعل ديمقراطي وحضاري إنساني‪ ،‬يستوعب الفروق والحدود‪ ،‬واالختالف‪ ،‬والتباين‪ ،‬والتكامل‬
‫االجتماعي في إطار من التفاهم والتراضي بين األنا واآلخر للعيش سوية في مجتمع مؤسس منهما‪،‬‬
‫وتنبثق هويته االجتماعية من هويتهما معا‪ .‬فضال عن مساعدة المتعلم على معرفة األنا الجمعية معرفة‬
‫دقيقة والتماهي بها‪ ،‬وبخصائصها المختلفة‪ ،‬والتشبث بها كداللة اجتماعية عن كيان الفرد وهويته التي‬
‫تميزه عن غيره من الكيانات األخرى والهويات األخرى‪ .‬وبهذين االتجاهين تظهر اجتماعية اإلنسان في‬
‫المؤسسة التربوية‪ ،‬لتشكل موضوع الفعل التربوي االجتماعي عبر مناشط فعلية ‪ :‬التعليم‪/‬التعلم التي‬
‫تتمحور حول المتعلم نفسه ومضمون المنهاج الدراسي والمدرس واإلدارة واألدوات واآلليات وغيرها‪.‬‬
‫وتشكل حقال معرفيا يقاربه علم االجتماع التربوي وعلم النفس االجتماعي‪ .‬واجتماعية اإلنسان تشكل‬
‫داللة من دالالت

‫بنية المؤسسة التربوية المختلفة‪ ،‬والتي يمكن استشفاف معالم منها من خالل خمس مضامين متالزمة‬
‫ومتداخلة‪ ،‬متجلية في‪
:‬‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪2/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫‪
1‬‬

‫ـ مضمون مادي

‫يعبر عن نفسه في البناءات‪ ،‬والتجهيزات‪ ،‬والمعينات البيداغوجية‪ ،‬والموارد البشرية‪ ،‬والنظم القانونية‪،‬‬
‫والممارسات الفعلية‪ ،‬التي تعطي لهذا المضمون داللته األنطولوجية ووظيفته المهنية؛ حيث يتصف كل‬
‫مكون مادي بمواصفات خاصة‪ ،‬واردة من أدبيات مجاله وموضوعه‪ ،‬ومواصفات متقاطعة بينها ‪ ،‬واردة‬
‫من اإلطارات‪ :‬الهندسية‪ ،‬والبيداغوجية‪ ،‬والديداكتيكية‪ ،‬واإلنسانية‪ ،‬ألجل أداء وظيفته‪ .‬ويلعب دوره من‬
‫خالل كلية النسق‪ ،‬حتى تضمن المؤسسة تناغم مكوناتها‪ ،‬وتتكامل فيما بينها ألجل خلق فضاء مادي‬
‫يساعد اإلدارة والمدرسين والمتعلمين على أداء وظائفهم في جو مناسب‪ ،‬وظروف زمكانية‪ ،‬حدثية‪،‬‬
‫مساعدة من أجل تحقيق أهداف المضمون المادي الذي ال تقوم بنية المؤسسة إال به‪ .‬وللمضمون المادي‬
‫وظيفة اجتماعية مباشرة في العالقة االجتماعية‪ ،‬من حيث هو الفضاء الذي تمارس فيه هذه العالقة‪،‬‬
‫والمحيط الذي تتخذ داخله نشاطات معينة ‪ ،‬كما أنه الفضاء ذو الوظيفة االجتماعية المركزة في الداللة‬
‫الرمزية والثقافية واالجتماعية‪ .‬حيث يؤكد بونتا أن‪( :‬معاني األشياء ليست كامنة فيها‪ ،‬بل إنها تصبح ذات‬
‫معنى بسبب معرفتنا بها‪ ،‬وبصورة أخرى بسبب وظيفتها االجتماعية)‪ ،‬إذ تعبر عن نمط العيش أو التفكير‬
‫أو السلوك السائد في المجتمع‪ ،‬فمثال‪ :‬اتساع مساحة الفصل أو شساعة الساحة المدرسية لها داللة رمزية‬
‫لالعتناء بالمؤسسة التربوية‪ ،‬وللحرية وسعة التفكير‪ ،‬ورحابة اآلفاق‪ ،‬واالهتمام بالجانب النفسي للمتعلم‪،‬‬
‫فالشساعة تسمح له بالحركة الجسمية والتخيل ‪ ...‬بينما ضيقها داللة رمزية على ضيق األفق والتفكير‪،‬‬
‫وكذا موقع المؤسسة التربوية في الرقعة الجغرافية داخل الحي أو القرية أو الدوار أو خارجه‪ ،‬يدل داللة‬
‫رمزية وفعلية على مكانة المؤسسة التربوية داخل منظومة حياة المجتمع االجتماعية‪ ،‬فإما مقبولة‬
‫اجتماعيا‪ ،‬أو مرفوضة اجتماعيا‪ .‬فالموقع الجغرافي والطبيعي للمؤسسة يعبر عن مجموع القيم التي تربط‬
‫المجتمع بمؤسساته‪ ،‬حيث ( يتضح أن طريقة استخدام الفراغ العمراني وارتباطه بالفراغات األخرى أكثر‬
‫تعبيرا عن القيم االجتماعية المشتركة من الصورة البصرية الخارجية)‪ .‬كما أن المضمون المادي يربط‬
‫الوقائع بتذكرها مكانيا أو زمنيا‪ ،‬خاصة تلك الذكريات االجتماعية التي مورست وحدثت في فضاء‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪3/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫المؤسسة التربوية‪ ،‬لما لها من أثر في النفس من حيث انطباعها في زمن مبكر من عمر المتعلم‪ .‬وفي‬
‫مرحلة معينة من الحياة المهنية لإلدارة ولهيئة التدريس‪ .‬واختزانها للصفاء أو التكدر االجتماعي‬
‫اإلنساني‪ ،‬بما يفيد أن المضمون المادي بكل تجلياته يشكل مفتاحا للتعليم وللتنشئة االجتماعية وللتثقيف في‬
‫نفس الوقت‪ .‬وأما المضمون المادي بالنسبة لإلدارة وهيئة التدريس فإنه الفضاء الذي تتأسس فيه العالقات‬
‫االجتماعية الواسعة التي تحدد نظرة وسلوك المدرس تجاه اإلدارة والزمالء‪ ،‬فكثيرا ما يتدخل المضمون‬
‫المادي في إنجاح العالقات االجتماعية من مكونات العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬ويعمل على نجاح أو فشل‬
‫الفعل البيداغوجي‪ ،‬فمثال‪ :‬تثار في بعض األحيان نقاشات حادة من أجل العمل داخل قسم معين دون آخر‪،‬‬
‫وكثيرا ما تؤثر قاعة المدرسين في نفسيتهم حيث في حضنها تتبلور العالقات االجتماعية بينهم‪ ،‬من خالل‬
‫التفاعل مع هموم المهنة‪ ،‬أو هموم المعيش اليومي وتذكرهم بذكريات مختلفة‪ ،‬وفي كنفها تناقش مشاكل‬
‫القطاع التربوي‪ ،‬وكذا بعض المشاكل الشخصية‪ ،‬أو تنطلق بوادر االتحاد واالنخراط في جمعيات‬
‫ومنظمات وأحزاب وجماعات معينة‪ .‬وأما موقع اإلدارة التربوية من المؤسسة التعليمية فله أهمية قصوى‬
‫في تشكيل وجهات نظر ومواقف لدى اإلداريين والمدرسين والمتعلمين‪ ،‬من حيث يؤدي الموقع في بعض‬
‫األحيان أو أكثرها إلى توتر العالقات االجتماعية‪ ،‬من منطلق الرقابة والتجسس والضبط المرفقي أو من‬
‫منطلق التسيب والالمباالة أو من منطلق المقاومة الثقافية السائدة في المجتمع تجاه اإلدارة‪ ،‬لرمزية هذه‬
‫اإلدارة لعقلية نظامية معينة‪ ،‬تختزل السلبيات واإليجابيات وفق ما ترشح في الذاكرة الثقافية الجمعية‪ .‬وفي‬
‫ظل دالالت المضمون المادي‪ ،‬نجد داللة التعليم والتعلم ؛ من حيث أن البناء المدرسي لم يقم اعتباطا‬
‫وإنما تطلب دراسة هندسية وتعليما تقنيا وآخر فنيا‪ ،‬حتى تم تخطيط المضمون المادي من خالل كفايات‬
‫وكفاءات المهندسين والتقنيين والفنيين والبنائين وغيرهم من المتدخلين في تشييده‪ .‬وبذلك يرتبط المضمون‬
‫المادي للمؤسسة التعليمية بمفهوم العلم والتعلم والتعليم‪ ،‬كلها في تساوق تام يستحضرها هذا البناء الجامد‬
‫عند تفقهه وتمعنه بعين المتفكر في جدرانه وساحاته وأغراسه وناسه ومؤثثاته ‪ ...‬فالفكر العلمي حاضر‬
‫بطريقة أو بأخرى في المضمون المادي‪ ،‬فـ(الشكل المعماري كوسيلة للتعبير عن الظرف التصميمي‬
‫والفكر الذي بلور بصدده يستهدف اإلقناع بهذا الفكر أو الموقف ) ‪ .‬كما أن الفضاء المادي يدفع المتعلم‬
‫إلى التساؤل حول من بنى المدرسة ومن ساهم في التدريس في رحابها‪ ،‬وما عطائها العلمي والثقافي‬
‫واالجتماعي إلى غير ذلك‪ .‬وكل تلك األسئلة مدخل إلى البحث والدراسة‪ ،‬وهما أساس آفاق العلم‪ .‬ومما‬
‫سبق‪ ،‬ومن غيره من األمثلة يتضح أن للمضمون المادي للمؤسسة التربوية على اختالف مكوناتها عالقة‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪4/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫ارتباط بالعالقات االجتماعية بناء واحتضانا وتوجيها‪ ،‬ألنه سجل المخزون االجتماعي للمجتمع‪ ،‬فقد أكد‬
‫مثال بارنس أن (العمارة هي سجل لعقائد المجتمع) ‪ ،‬وقد استدل بها القرآن الكريم في أكثر من آية‪،‬‬
‫استشفافا للعبر أو استثمارا للفضائل‪ ،‬حيث يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه ‪ ( :‬والبيت المعمور‪،‬‬
‫والسقف المرفوع ) ‪ .‬ويؤكد مشاري بن عبد هللا النعيم على أن في العمارة أو البيئة العمرانية آلية للمقاومة‬
‫الثقافية‪ ،‬ألجل‪ ( :‬حماية الذات الجماعية من عوامل الذوبان أو التعرية )‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالمؤسسة التربوية‬
‫محفورة في شخصيتنا كما هو محفور بيتنا( بشكل مادي في داخلنا ) على حد قول غاستون باشالر‪.‬‬
‫وتكون بذلك العمارة المدرسية ( منظومة فراغية وبصرية واجتماعية ال تقتصر على فضاء الحاجة‬
‫الوظيفية لإلنسان المرتبطة بزمان ومكان معينين‪ ،‬بل لها وظائف تتعدى الحدود الزمانية والمكانية وحتى‬
‫البيولوجية للوجود المادي‪ ،‬فعلى المستوى الجماعي تمكن العمارة المجموعات البشرية من تسجيل وحفظ‬
‫ذاكرتها الجماعية والمحافظة عليها وتخليدها‪ ،‬وذلك رغم اندثار وجودها العضوي والبيولوجي‪ ...‬لتضفي‬
‫على الحياة مظهرها الرمزي الحيوي) ‪
.‬‬

‫‪2‬ـ مضمون قانوني


‫المؤسسة التربوية مرفق عمومي يؤدي خدمة عامة للناشئة والوطن‪ ،‬تتضمن قوانين مؤسسة وتنظيمية‬
‫ونظامية ضابطة‪ .‬منها القوانين العامة ومنها القوانين الخاصة ومنها العرف التعليمي والتربوي‪ ،‬وجدت‬
‫للضبط والتنظيم والتسيير‪ .‬في إطارها تخلق العالقات االجتماعية‪ ،‬وتتحرك بين اإلدارة والمدرسين‬
‫والمتعلمين حركة دائرية أو أفقية أو عمودية وفق القانون المؤطر للعالقة‪ .‬كما أن المضمون القانوني‬
‫يتضمن عقدا بيداغوجيا غير معلن بين المتعلم والمدرس‪ ،‬تنبع منه العالقات البيداغوجية واالجتماعية‬
‫بينهما‪ ،‬وفق واجبات وحقوق كل منهما‪ .‬بجانب مضمون قانوني غير صريح‪ ،‬وغير مكتوب متمثل في‬
‫الطقوس واألعراف والتقاليد واألدبيات التربوية التي تراعيها اإلدارة وهيئة التدريس والمتعلم في‬
‫عالقاتهم االجتماعية‪ .‬وهو (مجموعة وسائل ضبطية مكتوبة تستخدم في المؤسسات والتنظيمات‬
‫والجماعات الرسمية إللزام أعضائها على االمتثال لقواعدها وأهدافها وقوانينها المعلنة والظاهرة)‪ .‬في‬
‫ظل المضمون القانوني‪ ،‬تتجه العالقات االجتماعية إلى الضبط والوضوح؛ حيث تتحدد موضوعيا‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪5/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫بالواجب والحق‪ ،‬اللذين يلزمان مصدر العالقة االجتماعية بأداء واجب اتجاه مستقبل العالقة االجتماعية‬
‫صاحب الحق‪ .‬وتكون هذه العالقة في تجاه واحد ذي موجهة واحدة‪ .‬وفق الشكل التالي‪
:‬‬

‫مصدرالعالقةاالجتماعية مستقبل العالقة االجتماعية


‫( الطرف األول‪ :‬الواجب ) أداء الواجـــــب ( الطرف الثاني‪ :‬الحق )


‫كما أنهاعالقة؛ إما أفقية إن كانت من زميل لزميله‪ ،‬مثل العالقات االجتماعية الناشئة في المجالس‬
‫التعليمية أو التربوية أو في القانون الداخلي للمؤسسة‪ ،‬أو في جماعة القسم أثناء الحوار بين أعضائها‪،‬‬
‫وإما عمودية إن كانت من اإلدارة إلى هيئة التدريس أو إلى جماعة القسم‪ ،‬مثل العالقات االجتماعية‬
‫الناشئة عن اللوائح التنظيمية اإلدارية والتربوية الصادرة عن اإلدارة ( المذكرات الداخلية‪ /‬المحلية )‪ .‬أو‬
‫كانت من اإلدارة إلى هيئة التدريس أو إلى جماعة القسم‪ ،‬مثل العالقات االجتماعية الناشئة عن الواجبات‬
‫المنزلية‪ ،‬أو األداء الصفي‪ ،‬أو كانت من قائد أو قواد زمرة أو زمر جماعة القسم إلى أعضاء الزمرة‪.‬‬
‫فالعالقات االجتماعية الناشئة في هذا اإلطار تكون عمودية‪ ،‬فمثال توزيع األدوار في الزمرة أو تقسيم‬
‫العمل فيها‪ .‬وإما دائرية إن كانت صادرة من جهة وراجعة إليها‪ ،‬فالعالقات االجتماعية الناشئة عن‬
‫االستشارة القانونية أو التربوية أو اإلدارية تكون دائرية‪ ،‬حيث تنطلق من طالب االستشارة وترجع إليه‬
‫التخاذ القرار المناسب‪ ،‬أو العالقات االجتماعية الناشئة عن أطر قانونية خارجية‪ ،‬فإنها تكون دائرية بين‬
‫مكونات المؤسسة‪ .‬وهذه العالقات االجتماعية الناشئة في إطار المضمون القانوني‪ ،‬تحقق تنظيم مناشط‬
‫الكيان التربوي إزاء إشباع حاجات األشخاص ضمن الكيان التربوي تحقيقا للواجب أو استيفاء للحق‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى تحمي الفرد والمؤسسة التربوية من االنحراف والجنوح والتحيز والتجاوز والشذوذ عن‬
‫المعايير والقواعد الواردة في المضمون القانوني الذي يضمن بعدا اجتماعيا لها والذي يراه إميل‬
‫دوركهايم رمزا للتضامن االجتماعي‪ ،‬وحتى تؤدي المؤسسة التربوية وظيفية التعليم‪/‬التعلم من الوجهة‬
‫التعليمية‪ ،‬ووظيفة التنشئة االجتماعية من الوجهة االجتماعية‪ .‬فالمضمون القانوني للمؤسسة التربوية يعمل‬
‫على خلق عالقات اجتماعية حسب طبيعة السلطة

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪6/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫التي ينتجها‪ ،‬وهي عند ماكس فيبر‪


:‬‬

‫أ ـ سلطة المنقذ‪ :‬وتعني القدرة على المستوى العادي الموجود في القائد‪ ،‬تسمح له بقيادة أتباعه بنجاح‬
‫ودراية‪
.‬‬

‫ب ـ سلطة تقليدية‪ :‬وهي السلطة الموروثة والمنمطة والمتسيدة والمقدسة كما في األسرة أو النظام‬
‫البطريقي أو الملكية المطلقة أو الديكتاتورية السياسية‪
.‬‬

‫ج ـ سلطة قانونية‪ :‬وتعني السلطة النابعة من القواعد التشريعية في المؤسسات الرسمية‪ .‬حيث يجب أن‬
‫يسود النوع الثالث المؤسسة التربوية حتى يسود القانون ال المزاج‪ .‬وبذلك يسود منطق المأسسة ال منطق‬
‫األفراد والموظفين‪
.‬‬

‫‪
3‬‬

‫ـ مضمون اجتماعي

‫المؤسسة التربوية بجانب متدخلين آخرين تكون طبع المتعلم؛ ليتجسد في كيانه الفردي وفي سلوكاته‪،‬‬
‫قصد االندماج في المجتمع‪ ،‬وفي زمرة اجتماعية معينة‪ .‬يكتسب تصوراتها الجمعية بانغماسه وغرقه في‬
‫نسقيتها‪ ،‬فتنشأ العالقات االجتماعية بينه وبين مكونات النسق األخرى‪ :‬اإلدارة وهيئة التدريس والزمالء‪،‬‬
‫والنظام المدرسي‪ ،‬ومن ثم كان ضروريا وجود مضمون اجتماعي للمؤسسة التربوية‪ ،‬لتؤطر به تلك‬
‫العالقات البينية‪ ،‬وتمتاحه من المنظومة االجتماعية العامة للمجتمع‪ ،‬ومن المنظومة الخاصة بها‪ ،‬من‬
‫تراث وتاريخ وأعراف وتقاليد من التاريخ التربوي‪ ،‬خاصة منه آداب المتعلم في الفكر اإلسالمي‪ ،‬التي‬
‫تنظم العالقة االجتماعية والتربوية بين األستاذ والمتعلم‪ ،‬ومن سلوكيات مكونات المؤسسة‪
.‬‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪7/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫فالمضمون االجتماعي‪ ،‬هو الذي يعطي للعالقات االجتماعية قيمتها‪ ،‬من حيث اإليجاب والقبول أو السلب‬
‫والرفض‪ .‬فالعالقات التي تقوم على معايير اجتماعية موجبة تكون مقبولة اجتماعيا‪ ،‬والتي ال تكون كذلك‬
‫ترفض؛ فمثال‪ :‬العالقة المبنية على الهدية غير العالقة المبنية على الرشوة‪ ،‬أو العالقة المبنية على الحرية‬
‫غير العالقة المبنية على التسلط واإلجبارية‪ ،‬والعالقات المؤسسة على االحترام والتقدير غير التي تؤسس‬
‫على االحتقار‪ .‬كما يفصح عن نفسه في أعراف وتقاليد وطقوس وأمثال وحكم‪ ،‬وفي رمزية االنضباط‬
‫والنظام والمسؤولية‪ ،‬من خالل تحمل نتائج القوانين واألوامر وتبعيات القرارات ونتائج العالقات التي‬
‫تقوم بين مختلف األطراف‪ ،‬والشعور بالمشترك وبالمتباين وبالتمايز الوظيفي‪ ،‬وبتقسيم العمل وفق‬
‫المضمون االجتماعي للمجتمع‪ .‬فمثال المجتمع الذي تسود عالقاته االجتماعية الفوضى أو التسلط أو‬
‫الالمباالة‪ ،‬تكون العالقات االجتماعية لمؤسسته التربوية حسب سمة عالقات المجتمع تلك‪ ،‬إما فوضوية أو‬
‫تسلطية أو ال مبالية‪ .‬وقس على هذا‪
.‬‬

‫والمضمون االجتماعي للمؤسسة التربوية يعمل على موافقة العالقات االجتماعية القائمة بالمؤسسات‬
‫للمعتقدات السائدة وانسجامها مع العادات الشائعة في المضمون االجتماعي العام‪ ،‬وهو يلزم الفرد على‬
‫االستجابة للصورة التي كونها المجتمع عنه‪ .‬وال يهمه انطباق الصورة مع جوهرها‪ .‬كاألحكام االعتباطية‬
‫التي نطلقها على بعض المتعلمين‪ ،‬من تكاسل وتقاعس وفوضوية دون ضبطها بوقائعها العلمية‬
‫ومؤشراتها الدالة‪ .‬ويتكون هذا المضمون في جوهره من التصورات الجمعية المؤدية إلى تصورات معينة‬
‫للروابط االجتماعية‪ ،‬تنطبع في البنية النفسية للمؤسسة تجري فيها مجرى اآللية والميكانيكية في التعامل‬
‫بها‪ .‬فتصبح مشخصة واقعيا ومنمطة يشترك فيها الجميع‪ ،‬ممتثلين لقواعدها ومحدداتها ومعاييرها‪،‬‬
‫شاعرين بتضامنهم وتماسكهم االجتماعي وانتمائهم لمؤسستهم التربوية‪ ،‬ألن النمطية في معظمها آلية‬
‫إلزامية خفية‪ ،‬وهي من وسائل الضبط االجتماعي الذي تأخذ به المؤسسة التربوية لتحديد السلوك السوي‬
‫والمنحرف‪ ،‬ولتحقيق النظام االجتماعي فيها إزاء تحقيق الفعل البيداغوجي‪ .‬ففي المضمون االجتماعي‬
‫للمؤسسة؛ تعتبر (العالقات الشخصية بين األفراد عنصرا أساسيا في خلق الجو االجتماعي الصالح في‬
‫المدرسة‪ ،‬فليس الحكم الذاتي وحده أو مالءمة الجدول المدرسي لمختلف المواد كفيال ببث روح الجماعة‬
‫الصالحة في المدرسة ما لم يشعر أفراد هذه المدرسة بشعور الرضا الشخصي‪ ،‬والعالقة الوظيفية الطيبة‬
‫بين بعضهم‪ ،) ...‬كما ( تعد المدرسة بحق الوكالة االجتماعية الثانية‪ ،‬بعد األسرة‪ ،‬للقيام بوظيفة التنشئة‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪8/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫االجتماعية لألطفال‪ ،‬واألجيال الشابة‪ .‬حيث تقوم المدرسة بإعداد األجيال الجديدة روحيا ومعرفيا وسلوكيا‬
‫وبدنيا وأخالقيا ومهنيًا‪ ،‬وذلك من أجل أن تحقق لألفراد اكتساب عضوية الجماعة والمساهمة في نشاطات‬
‫الحياة االجتماعية المختلفة)‪ ..‬وهي بذلك(ليست أداة ووسيلة من أجل الحياة بل هي الحياة عينها )‪ .‬وعليه‪،‬‬
‫المدرسة مضمون اجتماعي يحمل أبعادا اجتماعية عديدة ليس هذا مقالها‪ .‬ونؤكد بأن المناخ االجتماعي‬
‫السائد في المؤسسة التعليمية متغير حاسم في أداء وتحصيل المتعلمين‪ ،‬وفق دراسة قام بها الباحث‬
‫بروكوفر وأصدقاؤه‪
.‬‬

‫‪
4 .‬‬

‫ـ مضمون رمزي

‫الرمزية االجتماعية من طبيعة المؤسسة التربوية انطالقا من موضوعها الذي تشتغل عليه‪ ،‬وهو تربية‬
‫وتعليم اإلنسان‪ .‬وبما أن اإلنسان اجتماعي بطبعه‪ ،‬محمل بنظام رموز تعبر عن كينونته االجتماعية‬
‫والثقافية واإليديولوجية والدينية ‪ ...‬وتميزه عن الحيوانات‪ .‬ومهما تطورت الرموز واختلفت وتنوعت ( ال‬
‫يمنع أن تظل هذه الرموز جوهر النفسية الجماعية‪ ،‬وأن تكون موغلة في جميع ميادين الفكر والعمل‪،‬‬
‫ونستطيع أن نفهم مدى نظام الرموز هذا واتساعه إذا ذكرنا أن جميع ضروب التقدم في الفكر االجتماعي‬
‫المقنن تحدث عن طريق اتساع التجربة وتعميقها كما تحدث أيضا عن طريق تكثيفها وتبسيطها‪ ،‬وهذا هو‬
‫شأن العلوم‪ ،‬التي تضع في صيغة واحدة مظهرا كامال من مظاهر الكون‪ ،‬بل إن اللغة والكتابة‪ ،‬قبل العلم‪،‬‬
‫تصورات ترمز إلى العالم المادي واالجتماعي‪ .‬فعن طريق اللغة توسع النفسية الجماعية انتصاراتها في‬
‫الزمان‪ ،‬وعن طريق الكتابة تقتنص الزمان وتثبته‪ ،‬ولكن اإلشارة الملفوظة والمكتوبة ما هي إال رمز‪،‬‬
‫ورموز كذلك مصطلحات جميع العلوم ومبادئها ونظرياتها‪ ،‬وما زلنا في حاجة بعد إلى التدليل على دور‬
‫الرمزية في األدب والفن والدين‪ ،‬والحق إن جميع العالئق االجتماعية محملة بالرموز‪ ،‬من حركات‬
‫التأدب والتحية وحتى الحفالت المقدسة‪ ،‬ومن الوثائق التأمينية حتى تحرير األحكام القانونية‪ ...‬وأيا كان‬
‫الجانب الذي ننظر إليه في الحياة االجتماعية‪ ،‬لم نعثر على لفظ أو أداة أو بناء أو أي شيء ال يحمل سوى‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪9/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫معنى طبيعي خالص بحيث يدركه مباشرة أفراد غير أفراد الزمرة التي هو فيها‪ .‬هكذا نجد أن الموضوع‬
‫الذي يستخدم رمزا يظل دوما مثقال بالقوة االنفعالية المنبثقة عن المجتمع‪ ،‬فالعلم يشتمل على كل ما لدى‬
‫أمة من األمم من تاريخ ومن إدارة في الحياة‪ ...‬والواقع االجتماعي يبدو على هذا النحو بمثابة شبكة‬
‫واسعة من الرموز ومشدودة فوق الواقع المادي‪ ...‬وتجاه الرموز االجتماعية تتبدى التربية ضربا من‬
‫التدريب الغامض المستتر‪ .‬وفيما يتصل بالروحانية المحضة تمثل الرموز االجتماعية ضربا من الترجمة‬
‫والنقل لها يجعلها مدركة‪ ،‬حتى لكأن هذه الرموز االجتماعية أقنعة تلبسها الروحانية كيما يستطيع المجتمع‬
‫الوصول إليها‪ ...‬وهو الذي يملك وحده معنى الرموز التي يستخدمها‪ ،‬والذي يسهر على اإلبقاء على‬
‫جاللها حفاظا على بقائه هو‪ ،‬يعني بالضرورة أيضا بنقل هذا المعنى من جيل إلى جيل‪ ،‬وإليه وحده يوكل‬
‫هذا األمر القمين به)‪.‬من حيث أن ( اإلنسان كائن رمزي‪ ،‬إنه رمزي بكل المعاني التي يمكن أن تحيل‬
‫عليها كلمة رمز‪ .‬فهو يختلف عن كل الموجودات األخرى من حيث قدرته على التخلص من المعطى‬
‫المباشر وقدرته على الفعل فيه وتحويله وإعادة صياغته وفق غايات جديدة‪ .‬ويختلف عنها أيضا من حيث‬
‫قدرته على العيش مفصوال عن الواقع ضمن عوالم هي من نسج أحالمه وآالمه وآماله)‪ .‬وهي القدرة التي‬
‫يؤديها المضمون الرمزي للمؤسسة التربوية‪ ،‬ويربي المتعلم عليها وعلى تقديريها‪ .‬فكثيرا ما وجدنا‬
‫المدرسة تربي على طاعة القائد الرمز‪ ،‬وسلوك تقاليد معينة في األكل والشرب واللباس وغيرها لرمزيتها‬
‫في الذاكرة الجمعية للمجتمع‪ ،‬وحصانتها بالمقدس أو التقديس! فضال عن ممارسة المؤسسة التعليمية فعال‬
‫رمزيا بكل امتياز‪ ،‬حيث المعرفة التي تبنيها لدى المتعلم تعتمد على الرمز بكل تالوينه الحركية والصوتية‬
‫والخطية واللونية ‪ ...‬وتتطلب

‫لتخزينها تحويلها إلى تمثالت وتسنينات وشفرات رمزية‪ ،‬يتم استدعاؤها عبر تنشيط مفاتيح معينة‪
.‬‬

‫‪
5‬‬

‫ـ مضمون سياسي

‫تشكل المؤسسة التعليمية حاضنة للفعل السياسي في صورة تعليم النشء المفاهيم والقيم والنظم السياسية‪،‬‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪10/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫من خالل المنهاج الدراسي‪ ،‬وتشكل النشء وفق رسميات السياسة التعليمية؛ حيث الغاية الكبرى والمعلنة‪،‬‬
‫هي المواطن الصالح أو المواَطَنة الفاعلة في المجتمع والمنفعلة به‪ ،‬لكن في ثنايا هذه الغاية تكمن أهداف‬
‫غير معلنة وصريحة مثل‪ :‬تشكيل مواطن وفق سحنة مميزة بمواصفات محددة أو بناء إيديولوجية ما‬
‫ضمن إطار القولبة الفكرية والثقافية؛ بما يضمن للفعل السياسي مشاركة الفرد في الحقل السياسي العام‬
‫مشاركة بنوعية ما معينة وبكمية ما محددة سلفا في بنيته الذهنية‪ ،‬ال تتجاوز مواصفات المنتوج السياسي‪.‬‬
‫وبهذا‪ ،‬تعد المؤسسة التعليمية بمضمونها التشريعي‪ ،‬وبتنظيمها القانوني ونظامها الداخلي‪ ،‬وبتقاليدها‬
‫وأعرافها المجتمعية حقال سياسيا صريحا ( تمارس اإليديولوجية الصريحة والرسمية بشكل متين‬
‫ومقصود من خالل العالقات واألدوار الرسمية) حيث(في المدرسة يخرج الطفل إلى عالم المدنية ألول‬
‫مرة ويتعلم قانونها الذي هو قانون المواطنية‪ .‬تمر اإليديولوجية الرسمية في المدرسة من خالل المناهج‬
‫الدراسية بما لها من توجهات فكرية وعقائدية وسلوكية وتاريخية‪ ،‬فهذه المناهج ال تنقل المعرفة فقط بل‬
‫تقوم بدور قولبة التوجه عند التلميذ نحو المجتمع والوطن والتاريخ‪ ،‬وهو ما يشكل جميعا البعد الرسمي‬
‫للتنشئة وخصوصا على صعيد القولبة الذهنية‪ ،‬إال أن دور اإليديولوجية الخفية للمدرسة أكثر انتشارا‬
‫وعمقا‪ ،‬فهو يمر حتى من خالل بعض المواد التي قد تبدو محايدة ظاهريا كالعلوم)‪ .‬فالنظام المدرسي‬
‫(ليس مجرد إطار لالنضباط بل أنه يعكس أنماط عالقات السلطة الشائعة‪ ،‬أو النماذج المفضلة لعالقات‬
‫السلطة‪ :‬العالقات الضمنية‪ ،‬العالقات مع اإلدارة والجهاز التعليمي‪ ،‬األنظمة المدرسية التي تضبط‬
‫السلوك‪ ،‬المثل والنماذج المدرسية‪ ،‬التلميذ النجيب والطالب المثالي‪ ،‬والتلميذ المشاغب والطالب الفاشل )‬
‫‪ ،‬والمدرسة غير محايدة سياسيا نتيجة ذلك‪ ،‬بل تعد القناة الرسمية والرئيسة للتنشئة السياسية‪ .‬حيث (‬
‫تلعب المدرسة دورًا مهمًا في عملية التربية السياسية للطالب عن طريق التثقيف السياسي من ناحية‪،‬‬
‫وطبيعة النظام المدرسي من ناحية أخرى‪ .‬ويتم التثقيف السياسي من خالل مقررات‪ ...‬تهدف إلى تعريف‬
‫التلميذ بحكومة بلده وتحديد السلوك المتوقع منه‪ ،‬وغرس مشاعر الحب والوالء للوطن‪ ...‬وفيما يتعلق‬
‫بطبيعة النظام المدرسي‪ ،‬يالحظ أن المدرسة بمثابة وحدة اجتماعية لها جوها الخاص الذي يساعد‪ ،‬بدرجة‬
‫أو بأخرى على تشكيل إحساس التلميذ بالفاعلية الشخصية وتحديد نظرته تجاه البناء االجتماعي والسياسي‬
‫القائم)‪ .‬وهذا الدور السياسي للمؤسسة التعليمية معلن في كثير من المناهج‪ ،‬التي ال تقف عند تبيان النظام‬
‫السياسي للبلد والتعريف به‪ ،‬وتبيان خصائصه وخصوصياته فضال عن سلبياته وإيجابياته‪ ،‬بل تذهب إلى‬
‫تمجيد األشخاص وتقديسهم بدل المؤسسات‪ ،‬ومنه تبث في النشء نوعا معينا من السياسة وتقولبهم فيه‪،‬‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪11/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫وتعمل على تعليم ( المرء مجموعة القيم والمعايير السياسية المستقرة في ضمير المجتمع بما يضمن‬
‫بقاءها عبر الزمن ) التي تشكل الدعائم األساس للفكر السياسي‪ ،‬مثل اإليمان بضرورة التنظيم السياسي‬
‫للمجتمع كمدخل للمدنية واالجتماع البشري‪ ،‬قائم على الديمقراطية والعدل والمساواة‪ ...‬والمضمون‬
‫السياسي للمؤسسة التعليمية ال ينفك أن يكون مضمونا عالئقيا‪ ،‬ترتبط في إطاره المؤسسات السياسية‬
‫والقانونية والخدماتية بعالقات بينية متنوعة ضمن أطر قانونية واجتماعية وثقافية واقتصادية وفكرية‬
‫وعقائدية معينة‪ .‬ويلتزم فيه األفراد بالقيم والمعايير والقوانين الناظمة لعالقاتهم المتنوعة‪ ،‬مما ينتج مجتمعا‬
‫منضبطا لمبادئه وقيمه وأخالقياته المجتمعية التي تحصنه من التآكل من الداخل‪ ،‬وتحفظ عليه لحمته‬
‫الداخلية في إطار من تدبير االختالف فيما بين أفراده بآليات الفعل السياسي الديمقراطي الملتزم نحو شعبه‬
‫وأمته‪
.‬‬

‫خاتمة

‫إن المؤسسة التعليمية في عمقها مؤسسة خدمية متعددة األغراض‪ ،‬منها ما هو صريح ومنها ما هو خفي‬
‫مضمر‪ .‬تتظافر فيها المضامين من أجل خلق فرد وفق سحنة محددة ومعينة‪ .‬فإن تنافرت مضامينها‬
‫وتناقض فيما بينها خلقت فردا مشوها‪ ،‬ال يملك سحنة‪ ،‬بل يتماهي بماهية اإلناء الموجود فيه! وبذلك تعد‬
‫أخطر مؤسسة رسمية في المجتمع‪ .‬يجب بناؤها على أسس متينة وقوية‪ ،‬مرتبطة بماهية المجتمع‪ ،‬منفتحة‬
‫على اآلخر دون الذوبان فيه‪
.‬‬

‫المراجع العربية

‫‪ -‬القرآن الكريم

‫‪ -‬رونيه أوبير‪ ،‬التربية العامة‪ ،‬ترجمة عبد هللا عبد الدائم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،1979 ،‬ط‪
.4‬‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪12/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫‪ -‬مشاري بن عبد هللا النعيم‪ :‬المقاومة الثقافية في المجتمع السعودي المعاصر‪ ،‬دراسة للبيئة السكنية‪،‬‬
‫الدارة‪ ،‬دارة الملك عبد العزيز‪ ،‬الرياض‪ ،‬م‪.‬ع‪ .‬السعودية‪ ،1421 ،‬السنة‪ ،26 :‬العددان ‪ 1‬ـ ‪
.2‬‬

‫‪ -‬حازم راشد النجيدي‪ ،‬ما يراد تحقيقه وما يتحقق فعال في العمارة العربية المعاصرة‪
،‬‬

‫‪ -‬توفيق أحمد عبد الجواد‪ ،‬تاريخ العمارة الحديثة في القرن العشرين‪ ،‬المطبعة الفنية الحديثة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،1972 ،‬ص‪
4 :.‬‬

‫‪ -‬غاستون باشالر‪ ،‬جماليات المكان‪ ،‬ترجمة غالب هالسا‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪
1996 ،‬‬

‫‪ -‬معن خليل عمر‪ ،‬البناء االجتماعي أنساقه ونظمه‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،1992‬ط‪
1‬‬

‫‪ ..co. London, 1969 .‬ـ عبد العزيز صالح‪ ،‬التربية وطرق التدريس‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ط‪ ،10‬ج‪
2‬‬

‫‪ .‬ـ سعد صحن مرزوق الهاجري‪ ،‬المدرسة والتنشئة االجتماعية‪


،‬‬

‫ـ علي أسعد وطفة‪ ،‬هل يمكن للمدرسة أن تكون ديمقراطية في مجتمع غير ديمقراطي؟ ديمقراطية التربية‬
‫في مجتمع طبقي‪ ،‬جريدة األسبوع األدبي العدد ‪ 1025‬تاريخ ‪
.30/9/2006‬‬

‫ـ سعيد بنكراد‪ ،‬السيميائيات‪ :‬النشأة والموضوع‪ ،‬عالم الفكر‪،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪،‬‬
‫الكويت‪ ،2007 ،‬مج ‪ ،35‬عدد ‪
3‬‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪13/14‬‬
‫‪13/11/2021 12:48‬‬ ‫مضامين المؤسسة التربوية بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬

‫‪ .‬ـ مصطفى حجازي وآخرون‪ ،‬ثقافة الطفل العربي بين التعريب واألصالة‪ ،‬سلسلة ثقافتنا القومية‪،2‬‬
‫منشورات المجلس القومي للثقافة العربية‪ ،‬الرباء المغرب‪ ،1990 ،‬ط‪
.1‬‬

‫ـ عيسى أبو زهيرة ‪ ،‬المنهاج الفلسطيني والتنشئة السياسية للطفل في فلسطين‪


،‬‬

‫ـ مصطفى أحمد تركي‪ ،‬السلوك الديمقراطي‪ ،‬عالم الفكر‪،‬وزارة اإلعالم‪ ،‬الكويت‪ ،1993 ،‬المجلد ‪،22‬‬
‫العدد‪
.2‬‬

‫المراجع األجنبية‬

‫‪http://www.albenaamagazine.com.sa/Issues%20Record/Iss%20170-‬‬
‫‪
171/Opinion.htm‬‬

‫‪..The Macmillan co. London, 1969 .‬ـ ‪MAX WEBER : Coser, L.A and‬‬
‫‪
Rosenbery; eds‬‬

‫‪
http://www.kuwait25.com/ab7ath/view.php?tales_id=502‬‬

‫‪
.http://www.sis.gov.ps/arabic/roya/8/page4.htm‬‬

‫مصدر المقال‪ :‬مجلة التنشئة‪ ،‬مجلة علمية تربوية متخصصة‪ ،‬المجلد ‪ ،1‬العدد ‪ ،3‬ماي ‪،2007‬‬
‫ص‪.‬ص‪ 40 :.‬ـ ‪ .48‬مجلة تصدر في المغرب‪.‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة لدنيا الوطن © ‪2017 - 2003‬‬

‫‪https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/120418.html‬‬ ‫‪14/14‬‬

You might also like