You are on page 1of 9

‫مقدمة‪:‬‬

‫الكونفوشيوسية ديانة(*) أهل الصني‪ ،‬وهي ترجع إىل الفيلسوف كونفوشيوس الذي ظهر يف القرن‬
‫السادس قبل امليالد داعياً إىل إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية اليت ورثها الصينيون عن أجدادهم‬
‫مضيفاً إليها جانباً من فلسفته وآرائه يف األخالق واملعامالت والسلوك القومي‪ .‬وهي تقوم على عبادة إله(*)‪A‬‬
‫السماء أو اإلله األعظم‪ ،‬وتقديس املالئكة‪ ،‬وعبادة أرواح اآلباء واألجداد‪.‬‬

‫التأسيس وأبرز الشخصيات‪:‬‬

‫•‪ ‬كونفوشيوس‪:‬‬

‫‪ -‬يعترب كونفوشيوس املؤسس احلقيقي هلذه العقيدة الصينية‪.‬‬

‫‪ -‬ولد سنة ‪ 551‬ق‪.‬م يف مدينة تسو ‪ Tsou‬وهي إحدى مدن مقاطعة لو ‪.Lu‬‬

‫‪ -‬امسه كونج ‪ Kung‬وهو اسم القبيلة اليت ينتمي إليها‪ ،‬وفوتس ‪ Futze‬معناه الرئيس أو الفيلسوف‪،‬‬
‫فهو بذلك رئيس كونج أو فيلسوفها‪.‬‬

‫‪ -‬ينتسب إىل أسرة عريقة‪ ،‬فج ّده كان والياً على تلك الوالية‪ ،‬ووالده كان ضابطاً حربيًّا ممتازاً‪ ،‬وكان هو‬
‫مثرة لزواج غري شرعي‪ ،‬تويف والده وله من العمر ثالث سنوات‪.‬‬

‫‪ -‬عاش يتيماً‪ ،‬فعمل يف الرعي‪ ،‬وتزوج يف مقتبل عمره قبل العشرين‪ ،‬ورزق بولد وبنت‪ ،‬لكنه فارق‬
‫زوجته بعد سنتني من الزواج لعدم استطاعتها حتمل دقته الشديدة يف املأكل وامللبس واملشرب‪.‬‬

‫‪ -‬تلقى علومه الفلسفية على يدي أستاذه الفيلسوف لوتس ‪ Laotse‬صاحب النِحلة الطاوية‪ ،‬حيث كان‬
‫يدعو إىل القناعة والتسامح املطلق‪ ،‬ولكن كونفوشيوس خالفه فيما بعد داعياً إىل مقابلة السيئة مبثلها وذلك‬
‫إحقاقاً للعدل‪.‬‬
‫‪ -‬عندما بلغ الثانية والعشرين من عمره أنشأ مدرسة لدراسة أصول الفلسفة(*)‪ ،‬تكاثر تالميذه حىت بلغوا‬
‫ثالثة آالف تلميذ‪ ،‬بينهم حوايل مثانني شخصاً عليهم أمارات‪.‬‬

‫‪ -‬تنقل يف عدد من الوظائف فقد عمل مستشاراً لألمراء والوالة‪ ،‬وعنّي قاضياً وحاكماً‪ ،‬ووزيراً للعمل‪،‬‬
‫ووزيراً للعدل ورئيساً للوزراء يف سنة ‪ 496‬ق‪.‬م حيث أقدم حينها على إعدام بعض الوزراء السابقني‬
‫وعدداً من رجال السياسة وأصحاب الشغب حىت صارت مقاطعة لو منوذجية يف تطبيق اآلراء واملبادئ‬
‫الفلسفية املثالية اليت ينادي هبا‪.‬‬

‫‪ -‬رحل بعد ذلك وتنقل بني كثري من البلدان ينصح احلكام ويرشدهم ويتصل بالناس يبث بينهم تعاليمه‬
‫حاثًّا هلم على األخالق(*) القومية‪.‬‬

‫يلخصها‪ ،‬ويرتبها‪،‬‬
‫‪ -‬أخرياً عاد إىل مقاطعة لو فتفرغ لتدريس أصدقائه وحمبيه منكبًّا على كتب األقدمني ّ‬
‫ويضمنها بعض أفكاره‪ ،‬وحدث أن مات وحيده الذي بلغ اخلمسني من عمره‪ ،‬وفقد كذلك تلميذه احملبّب‬
‫مرا‪.‬‬
‫إليه هووي فبكى عليه بكاءً ًّ‬

‫استمر حىت منتصف القرن العشرين احلايل‪.‬‬


‫‪ -‬مات يف سنة ‪ 479‬ق‪.‬م بعد أن ترك مذهباً(*) رمسيًّا وشعبيًّا ّ‬

‫•‪ ‬صفاته الشخصية‪:‬‬

‫حيب النكتة‪ ،‬يتأثر لبكاء اآلخرين‪ ،‬يبدو قاسياً وغليظاً يف بعض األحيان‪ ،‬طويل‪،‬‬
‫مؤدب‪ّ A،‬‬
‫‪ -‬دمث‪ ،‬مرح‪ّ ،‬‬
‫دقيق يف املأكل وامللبس واملشرب‪ ،‬مولع بالقراءة والبحث والتعلم والتعليم واملعرفة واآلداب‪.‬‬

‫‪ -‬مغرم بالبحث عن منصب سياسي بغية تطبيق مبادئه السياسية واألخالقية لتحقيق املدينة الفاضلة اليت‬
‫يدعو إليها‪.‬‬

‫مفوه‪ ،‬ال مييل إىل الثرثرة‪ ،‬وعباراته موجزة جتري جمرى األمثال القصرية واحلكم‬
‫‪ -‬خطيب بارع‪ ،‬ومتكلّم ّ‬
‫البليغة‪.‬‬
‫‪ -‬لديه شعور ديين‪ ،‬حيرتم اآلهلة اليت كانت معبودة يف زمانه‪ ،‬ويداوم على تأدية الشعائر الدينية‪ ،‬يتوجه يف‬
‫عباداته إىل ا ِإلله (*) األعظم أو إله السماء‪ ،‬يصلي صامتاً‪ ،‬ويكره أن يرجو اإلله النعمة أو الغفران إذ إن‬
‫الصالة لديه ليست إال وسيلة لتنظيم سلوك األفراد‪ ،‬وال ّدين(*) – يف نظره – أداة لتحقيق التآلف بني‬
‫الناس‪.‬‬

‫‪ -‬كان يغين‪ ،‬وينشد‪ ،‬ويعزف املوسيقى‪ ،‬وقد ترك كتاب األغاين ‪ Book of Songs‬كما أنه كان‬
‫مغرماً باحلفالت والطقوس‪ A،‬إىل جانب اهتمامه بالرماية وقيادة العربات والقراءة والرياضة (احلساب)‬
‫ودراسة التاريخ‪.‬‬

‫•‪ ‬انقسمت الكونفوشيوسية إىل اجتاهني‪:‬‬

‫‪ -‬مذهب(*) متشدد حريف وميثله منسيوس إذ يدعو إىل االحتفاظ حبرفية آراء كونفوشيوس وتطبيقها بكل‬
‫دقة‪ ،‬ومنسيوس هذا تلميذ روحي لكونفوشيوس إذ إنه مل يتلق علومه مباشرة عنه بل إنه أخذها عن حفيدة‬
‫وهو ‪ Tsesze‬الذي قام بتأليف كتاب االنسجام املركزي ‪.Central Harmony‬‬

‫‪ -‬واملذهب التحليلي‪ ،‬وميثله هزنتسي ‪ Hsuntse‬وياجنتسي ‪ ،Yangtse‬إذ يقوم مذهبهما على أساس‬
‫حتليل وتفسري آراء املعلم واستنباط األفكار باستلهام روح النص الكونفوشيوسي‪.‬‬

‫• األفكار واملعتقدات اإلجتماعية لكونفوشيوس‬

‫الكتب‪:‬‬

‫هناك جمموعتان أساسيتان متثالن الفكر الكونفوشيوسي فضالً عن كثري من الشروح والتعليقات‬
‫والتلخيصات‪ ،‬اجملموعة األوىل تسمى الكتب اخلمسة‪ ،‬والثانية تسمى الكتب األربعة‪.‬‬

‫الكتب اخلمسة‪ :‬وهي الكتب اليت قام كونفوشيوس ذاته بنقلها عن كتب األقدمني وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬كتاب األغاين أو الشعر‪ :‬فيه ‪ 350‬أغنية إىل جانب ستة تواشيح دينية تغين مبصاحبة املوسيقى‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب التاريخ‪ :‬فيه وثائق تارخيية تعود إىل التاريخ الصيين السحيق‪.‬‬

‫حوله كونفوشيوس إىل كتاب علمي‬


‫‪ -3‬كتاب التغيريات‪ :‬فيه فلسفة تطور احلوادث اإلنسانية‪ ،‬وقد ّ‬
‫لدراسة السلوك اإلنساين‪.‬‬

‫‪ -4‬كتاب الربيع واخلريف‪ :‬كتاب تارخيي يؤرخ للفرتة الواقعة بني ‪ 481 – 722‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪ - 5‬كتاب الطقوس‪ :‬فيه وصف للطقوس الدينية الصينية القدمية مع معاجلة النظام األساسي ألسرة تشو‬
‫تلك األسرة اليت لعبت دوراً هاماً يف التاريخ الصيين البعيد‪.‬‬

‫مدونني فيها أقوال أستاذهم مع التفسري تارة‬


‫الكتب األربعة‪ :‬وهي الكتب اليت ألفها كونفوشيوس وأتباعه ِّ‬
‫والتعليق أخرى‪ ،‬إهنا متثل فلسفة كونفوشيوس ذاته وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب األخالق(*) والسياسة‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب االنسجام املركزي ‪Central Harmony.‬‬
‫‪ -3‬كتاب املنتجات ‪ Analects‬ويطلق عليه اسم إجنيل كونفوشيوس‪.‬‬
‫‪ -4‬كتاب منسيوس‪ :‬وهو يتألف من سبعة كتب‪ ،‬ومن احملتمل أن يكون مؤلفها منسيوس نفسه‪.‬‬

‫• املعتقدات األساسية ‪:‬‬

‫تتمثل املعتقدات األساسية لديهم يف اإلله(*)‪ A‬أو إله السماء‪ ،‬واملالئكة‪ ،‬وأرواح األجداد‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلله‪:‬‬

‫يعتقدون باإلله األعظم أو إله السماء ويتوجهون إليه بالعبادة‪ ،‬كما أن عبادته وتقدمي القرابني إليه خمصوصة‬
‫بامللك‪ ،‬أو بأمراء املقاطعات‪.‬‬

‫لألرض إله‪ ،‬وهو إله األرض‪ ،‬ويعبده عامة الصينيني‪.‬‬


‫الشمس والقمر‪ ،‬والكواكب‪ ،‬والسحاب‪ ،‬واجلبال‪ ..‬لكل منها إله وعبادهتا وتقدمي القرابني إليها خمصوصة‬
‫باألمراء‪.‬‬

‫‪ -2‬املالئكة ‪ :‬إهنم يقدسون املالئكة ويقدمون إليها القرابني‪.‬‬

‫‪ -3‬أرواح األجداد‪ :‬يقدس الصينيون أرواح أجدادهم األقدمني‪ ،‬ويعتقدون ببقاء األرواح‪ ،‬والقرابني عبارة‬
‫عن موائد يدخلون هبا السرور على تلك األرواح بأنواع املوسيقى‪ ،‬ويوجد يف كل بيت معبد ألرواح‬
‫األموات وآلهلة املنزل‪.‬‬

‫• معتقدات وأفكار أخرى‪:‬‬

‫مل يكن كونفوشيوس نبيًّا(*)‪ A،‬ومل ي ّدع هو ذلك‪ ،‬بل يعتقدون أنه من الذين وهبوا تفويض السماء هلم‬
‫ليقوموا بإرشاد الناس وهدايتهم‪ ،‬فقد كان مداوماً على إقامة الشعائر والطقوس الدينية‪ ،‬وكان يعبد اإلله‬
‫األعظم واآلهلة األخرى على غري معرفة هبم ودون تثبُّت من حقيقة اآلراء الدينية تلك‪.‬‬

‫كان كونفوشيوس مغرماً‪ A‬بالسعي لتحقيق املدينة الفاضلة اليت يدعو إليها وهي مدينة مثالية لكنها ختتلف عن‬
‫مدينة أرسطو الفاضلة‪ ،‬إذ إ ّن مدينة كونفوشيوس مثالية يف حدود واق ٍع ممكن التحقيق والتطبيق‪ ،‬بينما مدينة‬
‫أرسطو جتنح إىل مثالية خيالية بعيدة عن مستوى التطبيق البشري القاصر‪ .‬وكال الفيلسوفني متعاصران‪.‬‬

‫منصب على إصالح احلياة الدنيا‪،‬‬


‫ّ‬ ‫اجلنة والنار‪ :‬ال يعتقدون هبما‪ ،‬وال يعتقدون بالبعث أصالً‪ ،‬إذ إ ّن مهَّهم‬
‫وال يسألون عن مصري األرواح بعد خروجها من األجساد‪ .‬وقد سأل تلمي ٌذ أستاذه كونفوشيوس عن‬
‫املوت‪ ،‬فقال‪" :‬إننا مل ندرس احلياة بعد‪ ،‬فكيف نستطيع أن ندرس املوت"‪.‬‬

‫شرا فشر‪.‬‬
‫اجلزاء والثواب‪ :‬إمنا يكونان يف الدنيا‪ ،‬إن خرياً فخري‪ ،‬وإن ًّ‬

‫القضاء والقدر(*)‪ A:‬يعتقدون بذلك‪ ،‬فإن تكاثرت اآلثام والذنوب كان عقاب السماء هلم بالزالزل‬
‫والرباكني‪.‬‬
‫ليحل‬
‫احلاكم ابن للسماء‪ :‬فإذا ما قسا وظلم وجانب العدل فإن السماء تسلّط عليه من رعيته من خيلعه ّ‬
‫حملّه شخص آخر عادل‪.‬‬

‫األخالق(*)‪ :‬هي األمر األساسي الذي تدعو إليه الكونفوشيوسية‪ ،‬وهي حمور الفلسفة(*) وأساس‬
‫الدين(*)‪ A،‬وهي تسعى إليه برتبية الوازع الداخلي لدى الفرد ليشعر باالنسجام الذي يسيطر على حياته‬
‫النفسية مما خيضعها للقوانني االجتماعية بشكل تلقائي‪.‬‬
‫كنفوشيوص كمصلح إجتماعي ‪:‬‬
‫تظهر األخالق يف‪:‬‬
‫‪ -1‬طاعة الوالد واخلضوع له‪.‬‬
‫‪ -2‬طاعة األخ األصغر ألخيه األكرب‪.‬‬
‫‪ -3‬طاعة احلاكم واالنقياد إليه‪.‬‬
‫‪ -4‬إخالص الصديق ألصدقائه‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم جرح اآلخرين بالكالم أثناء حمادثتهم‪.‬‬
‫‪ -6‬أن تكون األقوال على قدر األفعال‪ ،‬وكراهية ظهور الشخص مبظهر ال يتفق مع مركزه وحاله‪.‬‬
‫‪ -7‬البعد عن احملسوبية يف الوساطة أو احملاباة‪.‬‬

‫وتظهر أخالق احلاكم يف‪:‬‬


‫‪ -1‬احرتام األفراد اجلديرين باحرتامه‪.‬‬
‫التودد إىل من تربطهم به صلة قرىب وقيامه بالتزاماته حياهلم‪.‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫‪ -3‬معاملة وزرائه وموظفيه باحلسىن‪.‬‬
‫‪ -4‬اهتمامه بالصاحل العام‪ ،‬مع تشجيعه للفنون النافعة والنهوض هبا‪.‬‬
‫‪ -5‬العطف على رعايا الدول األخرى املقيمني يف دولته‪.‬‬
‫‪ -6‬حتقيق الرفاهية ألمراء اإلمرباطورية ولعامة أفرادها‪.‬‬

‫حترتم الكونفوشيوسية العادات والتقاليد املوروثة‪ ،‬فهم حمافظون إىل أبعد احلدود‪ ،‬فيق ّدسون العلم واألمانة‪،‬‬
‫وحيرتمون املعاملة اللينة من غري خضوع وال استجداء جلربوت‪.‬‬
‫يقوم اجملتمع الكونفوشيوسي على أساس احرتام امللكية الفردية مع ضرورة‪ A‬رسم برنامج إصالحي يؤدي إىل‬
‫تنمية روح احملبّة بني األغنياء والفقراء‪.‬‬

‫يعرتفون بالفوارق بني الطبقات‪ ،‬ويظهر هذا جليًّا حني تأدية الطقوس الدينية ويف األعياد الرمسية وعند تقدمي‬
‫القرابني‪.‬‬

‫النظام الطبقي لديهم نظام مفتوح‪ ،‬إذ بإمكان أي شخص أن ينتقل من طبقته إىل أية طبق اجتماعية أخرى‬
‫إذا كانت لديه إمكاناته تؤهله لذلك‪.‬‬

‫ليس اإلنسان إال نتيجة لتزاوج القوى السماوية مع القوى األرضية أي لتقمص األرواح السماوية يف‬
‫جواهر العناصر األرضية اخلمسة‪ .‬ومن هنا وجب على اإلنسان أن يتمتع بكل شيء يف حدود األخالق‬
‫اإلنسانية القومية‪.‬‬

‫يبنون تفكريهم على فكرة "العناصر اخلمسة"‪:‬‬

‫‪ -1‬فرتكيب األشياء‪ :‬معدن – خشب – ماء – نار – تراب‪.‬‬

‫‪ -2‬األضاحي والقرابني مخسة‪.‬‬

‫‪ -3‬املوسيقى هلا مخسة مفاتيح‪ ،‬واأللوان األساسية مخسة‪.‬‬

‫‪ -4‬اجلهات مخس ‪ :‬شرق وغرب ومشال وجنوب ووسط‪.‬‬

‫أخوة‪.‬‬
‫بنوة – ّ‬
‫أبوة – أمومة – زوجية – ّ‬
‫‪ -5‬درجات القرابة مخس‪ّ :‬‬

‫تلعب املوسيقى دوراً هاماً يف حياة الناس االجتماعية‪ ،‬وتسهم يف تنظيم سلوك األفراد وتعمل على تعويدهم‬
‫الطاعة والنظام‪ ،‬وتؤدي إىل االنسجام واأللفة واإليثار‪.‬‬
‫الرجل الفاضل هو الذي يقف موقفاً وسطاً بني ذاته املركزية وبني انفعاالته ليصل إىل درجة االستقرار‬
‫الكامل ‪.‬‬

‫• اجلذور الفكرية والعقائدية‪:‬‬


‫ترجع الكونفوشيوسية إىل معتقدات الصينيني القدماء‪ ،‬تلك املعتقدات اليت ترجع إىل ‪ 2600‬سنة قبل‬
‫امليالد‪ .‬وقد قبلها كونفوشيوس أوالً‪ ،‬والكونفوشيوسيون ثانياً‪ ،‬دون مناقشة أو جدال(*) أو متحيص‪.‬‬

‫يف القرن الرابع قبل امليالد حدثت إضافة جديدة وهي عبادة النجمة القطبية العتقادهم بأهنا احملور الذي‬
‫تدور السماء حوله‪ ،‬ويعتقد الباحثون بأن هذه النزعة قد وفدت إليهم من ديانة بعض سكان حوض البحر‬
‫املتوسط‪.‬تغلبت الكونفوشيوسية على النزعة الشيوعية والنزعة االشرتاكية(*) اللتان طرأتا عليها يف القرنني‬
‫السابقني للميالد وانتصرت عليهما‪ .‬كما أهنا استطاعت أن تصهر البوذية بالقالب الكونفوشيوسي الصيين‬
‫وتنتج بوذية صينية خاصة متميزة عن البوذية اهلندية األصلية‪.‬‬

‫ال تزال املعتقدات الكونفوشيوسية موجودة يف عقيدة أكثر الصينيني املعاصرين على الرغم من السيطرة‬
‫السياسية للشيوعيني‪.‬‬

‫االنتشار ومواقع النفوذ ‪:‬‬

‫انتشرت الكونفوشيوسية يف الصني‪.‬‬

‫منذ عام ‪1949‬م أبعدت الكونفوشيوسية عن املسرحني السياسي والديين لكنها ما تزال كامنة يف روح‬
‫الشعب الصيين األمر الذي يؤمل أن يؤدي إىل تغيري مالمح الشيوعية املاركسية يف الصني‪.‬‬

‫ما تزال الكونفوشيوسية ماثلة يف النظم االجتماعية يف فرموزا أو (الصني الوطنية)‪.‬‬

‫انتشرت كذلك يف كوريا ويف اليابان حيث درست يف اجلامعات اليابانية‪ ،‬وهي من األسس الرئيسية اليت‬
‫تشكل األخالق(*) يف معظم دول شرق آسيا وجنوهبا الشرقي يف العصرين الوسيط واحلديث‪.‬‬
‫حظيت الكونفوشيوسية بتقدير بعض الفالسفة الغربيني كالفيلسوف ليبنتز (‪1716 – 1646‬م) وبيرت‬
‫نويل الذي نشر كتاب كالسيكيات كونفوشيوس سنة ‪1711‬م كما ترمجت كتب الكونفوشيوسية إىل‬
‫معظم اللغات األوروبية‪.‬‬

‫خامتة ‪:‬‬

‫أن الكونفوشيوسية ليست ديناً(*) مساوياً معروفاً‪ .‬وقد تتضمن بعض تعاليمها دعوة إىل خلق محيد أو رأي‬
‫سليم أو سلوك قومي‪ ،‬ولكنها ليست مما يتقرب إىل اهلل به‪{ :‬ومن يبتغ غري اإلسالم ديناً فلن يقبل منه وهو‬
‫يف اآلخرة من اخلاسرين}‪ .‬وهي متاثل البوذية واهلندوسية وغريها من األديان الباطلة‪.‬‬

‫جب اإلسالم ما قبله من األديان(*) {إن الدين عند اهلل اإلسالم}‪ .‬وللحق فليس هناك ما‬
‫وعموماً فقد َّ‬
‫ينفي أو يثبت ابتعاث رسول معني إىل الشعوب األخرى ودعوى‪ A‬ذلك ال ختلو من احلدس والتخمني‬
‫والقرآن الكرمي يقول‪{ :‬ولقد أرسلنا رسالً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من مل نقصص‬
‫عليك}‪.‬‬

‫وقد كان املزج احملكم بني الفلسفة اخللقية والتعاليم الدينية على أمت وضوح يف الكونفوشيوسية وصاحبها‬
‫كونفوشيوس الذي مل يكن رسوالً (*) مبعوثاً وال مدعياً لرسالة‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------‬‬
‫مراجع للتوسع ‪:‬‬
‫‪ -‬احلوار‪ ،‬كونفوشيوس فيلسوف الصني األكرب‪ ،‬ترمجة حممد مكني – املطبعة السلفية – القاهرة –‬
‫‪1354‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬كونفوشيوس‪ :‬النيب الصيين‪ ،‬د‪ .‬حسن شحاتة سعفان – مكتبة هنضة مصر‪A.‬‬
‫‪ -‬امللل والنحل للشهرستاين‪ ،‬الطبعة الثانية – دار املعرفة – بريوت‪ .‬انظر الذيل الذي هو من تأليف حممد‬
‫سيد كيالين صفحة ‪.19‬‬
‫‪-‬حماضرات يف مقارنات األديان‪ ،‬حممد أبو زهرة مطبعة يوسف – مصر‪.‬‬

You might also like