Professional Documents
Culture Documents
كلية الحقوق
محاضرات
في
2022-2021
1
مقدمة:
إن دراس ة الم دخل إلى الش ريعة اإلس المية ،بالنس بة لطلب ة كلي ات الحق وق والمهتمين بالدراس ات
القانونية عموما له أهمية بالغة.
فالط الب في حاج ة ماس ة إلى الموض وعات ال تي تتناوله ا ه ذه الم ادة ،ذل ك أن هذاالرص يد المع رفي،
وإ ن كان متواضعا ،يشكل مرشدا معينا لمستقبل الطالب الدراسي والمهني.
وق د حاولن ا-من خالل ه ذه المحاض رات –تن اول موض وعات ه ذه الم ادة بش يء من المقارن ة
بينالشريعة والقانون ،مع علمنا بسمو هذه الشريعة وكمالها.
وفي ضوء ما ذكرنا ،فإننا سنتعرض –بقليل من االختصار والتبسيط-ألهم محاور هذه المادة ،وهي
كاآلتي:
2
المحور األول:
اإلطارالمفاهيمي لمادة الشريعة االسالمية
تحت ه ذا العن وان ،س نتناول بش يء من التبسيطـ ،تعري ف الش ريعة اإلس المية ،لغ ة
واص طالحا ،ومع نى :التش ريع اإلس المي ،وس نبين العالق ة بين الش ريعة اإلس المية
والشرائع السماوية السابقة ،وكذا العالقة بين الشريعة والفقه اإلسالمي ،وأخيرا الفرق
بين التشريع السماوي والوضعي.
تطلق الشريعة في لغة العرب ،على الطريقة المستقيمة ،ومن هذا المعنى قوله تعالى":
ثم جعلن::اك على ش::ريعة من األم::ر فاتبعه::ا ،وال تتب:ع :أه::واء ال::ذين ال يعلم::ون".الجاثي ة:
.18ومثلها في ذلك :الشرعة،بكسرالشين ،قالتعالى " :لكل جعلنا منكم ش::رعة ومنهاج::ا"
المائ دة(،)48أي طريق ة مس تقيمة ،ال اعوج اج فيه ا وال الت واء ،كم اتطلق على ش رعة
هي ":األحك ام ال تي ش رعها اهلل لعب اده على لس ان رس ول من الرس ل" ( .راج ع :د .محم د مص طفى
)1
شلبي ،المدخل للفقه اإلسالمي ،ص).27
وس ميت ه ذهاألحكام" ش::ريعة" ،الس تقامتها وع دم انحرافه ا عن الطري ق المس تقيم ،كم ا أنه ا ش بيهة
بمورد الماء في أن كال منهما سبيل للحياة ،فهي تحيي النفوس والعقول ،وهو يحيي األبدان.
3
وكلم ة":اإلس::المية " :نس بة إلىاإلس الم ،واإلس الم لغ ة ،مص در أس لم ،وه و يس تعمل في االص طالح
الش رعي بمع نى الخض وع واالنقي اد ألمراهلل ،والتس ليم لقض ائه وأحكام ه والرض ا به ا،ومنه ا ،قول ه
تعالى:
التش::ريع،معن اه :س ن القواع د ،وبي ان األحك اموالنظم ،ق ال تع الى":ش::رع لكم من ال::دين م::ا وص::ى ب::ه
نوحا"الش ورى( ،)13أي بين من التوحي د م ا وص ى ب ه نوح ا،وق ال" :أم لهم شركاء ش:رعوا لهم من
ال::دين م::ا لم ي::أذن ب::ه اهلل" الش ورى( ،)20أي بين وا لهم من األحك ام والنظم م ا لم ينزل ه اهلل تع الى.
)2
(راجع:عبد العزيز الخياط ،المجتمع المتكافل في اإلسالم ،ص).48
وبذلك ،يكونمعنى" التشريع اإلسالمي" هو :بيان األحكام من األوامر والنواهي ،التي تنظم عالقات
الناس بعضهم ببعض،وهو بهذا،السبيل إلى السعادة البشرية،ورفاهها وطمأنينتها ،ألنه من الشريعة
اإلسالمية ،وهي الدين الكامل الذي انزله الحق تبارك وتعالى على سيدنا محمد عليه الصالة والسالم
ليه دي ب ه البش ر،وله ذا اختص ال دين اإلس المي باس م":الش::ريعة " ،فال تطل ق على س واه ،ألنه ا هي
ش ؤون البش ر كاف ة،ورض يها اهلل تع الى لعب اده خاتم ة الش رائع،ق ال تع الى":الي:: :وم أكملت لكم
4
فأما العقيدة،فلم يختلف مضمونها منذ بعثة آدم عليه السالم إلى بعثته صلى اهلل عليه وسلم،فقد كان
ك ل ن بي ي دعو قوم ه إلى توحي د اهلل وت نزيههم من ك ل م ا ال يلي ق ب ه من الص فات،واإليم ان ب اليوم
اآلخر،والحساب والجنة والنار،وكان كل منهم يأتي مصدقا لدعوة من قبله،ومبشرا ببعثة من سيأتي
بع ده ،يق ول الح ق تب ارك وتع الى":ش::رع لكم من ال::دين م::ا وص::ى ب::ه نوح::ا،وال::ذي أوحيناإلي::ك،وم::ا
وأم ا التش::ريع،فق د ك ان يختل ف في الكيف والكم م ا بين بعث ة ن بي وآخ ر،ألن أص ل التش ريع ق ائم على
أساس ما تقتضيه مصالح العباد في دنياهم وآخرتهم،باإلضافة إلى أن دعوة كل من األنبياء السابقين
فق د بعث موس ى علي ه الس الم إلى ب ني إس رائيل بش ريعة ش ديدة ،قائم ة على أس اس العزيم ة ال
الرخص ة،ثم بعث عيس ى علي ه الس الم بش ريعة أس هل وأيس ر،يق ول تع الى على لس ان ن بيهم(علي ه
السالم)":ومصدقا لما بين يدي من التوراة،وألحل لكم بعض الذي حرم عليكم"آل عمران(.)50
فق د بين لهم أن ه فيم ا يتعل ق ب أمور العقي دة ،مص دق لم ا ج اء في الت وراة ومؤك د ل ه ،ومج دد لل دعوة
إذن،فشريعة كل رسول ناسخة للشريعة السابقة ،إال ما أيده التشريع المتأخر ،أو سكت عنه ،وذلك
على مذهب من يقول":شريعة من قبلنا شريعة لنا إذا لم يرد ما يخالفها"( .راجع :محمد سعيد رمضان
)3
البوطي ،فقه السيرة ،ص ص)13- 10
من األفك ار المغلوط ة ل دى الكث يرين الخل ط بين الش ريعة والفق ه اإلس المي،وق د اس تقر ه ذا الفهم في
أذه ان كث يرة من ذ ق رون ،نتيج ة لعص ور التخل ف ال تي ط رأت على المس لمين بع د تراج ع الحض ارة
اإلسالمية.
5
والواقع ،أن الفرق بين الشريعة والفقه مثل الفرق بين السماء واألرض ،وبين ما هو إلهي وما هو
بشري،وقد أدى هذا الخلط إلىإضفاء طابع القداسة على آراء الفقهاء السابقين ،لدرجة جعلت بعضهم
يعتقد أن الخروج على هذه اآلراء يعد خروجا على الدين نفسه.
وقد كان الفقه يقصد به ،فيالبداية ،جميع األحكام الدينية التي جاءت بها الشريعة اإلسالمية في أمور
العقي دة واألخالقوالعب ادات والمع امالت ،ولكن ،ح دث تط ور في مع نى الفق ه جعل ه يقتص ر على العلم
باألحك ام العملي ة من أدلته ا التفص يلية باالس تدالل ،وب ذلك ،خ رج من ه مفه وم األحك ام االعتقادي ة
واألخالقية،وصارمدلوله قاصرا على األحكامالعملية ،أي على العباداتوالمعامالت( .راجع :عبد الكريم
زيدان ،المدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية ،ص 62وما بعدها .ومحمد حمدي زقزوق ،مقاصد الشريعة اإلسالمية،
)4
وضرورات التجديد ،ص)26-23
أما الشريعة ،فإنها كلها تستند إلى الوحي اإللهي ،وال مجال فيها الجتهاد اإلنسان ،وغني عن البيان
أن الفق ه اإلس المي ليس ك ذلك ،فه وإ ذ يعتم د على الق رآن والس نة،فإن ه يعتم د ،في ال وقت نفس ه ،على
مص درين آخ رين هم ا:اإلجم اع والقي اس،حيث هن اك مج ال لرأياإلنس ان واجته اده ،فيم ا ع دا م ا ه و
أما ما عدا ذلك من األحكام الفقهية،فإنها تخضع لالجتهاد ،ويراعى فيها ظروف الزمان والمكان،
والمص الح المرس لة واألع راف ،وغ ير ذل ك من االعتب ارات ،فالفقهاإلس الميإذن ال يع دو ،في نهاي ة
األمر ،أن يكون فهما بشريا ،وتفسيرا وبيانا لنصوص الشريعة وأحكامها.
التش ريع ،إم ا أن يك ون من اهلل ،وإ م ا أن يك ون من اإلنس ان ،ف إذا أن زل اهلل التش ريع على رس ول من
الرسل وأمره بالتبليغ ،كان ذلك تشريعا سماويا ،وإ ذا قام الناس بوضع ما ينظم عالقاتهم في قوانين
6
فالتش::ريع الس::ماوي ،ه و األوام ر والنواهيوالقواعدواإلرش ادات ،ال تي ش رعها الح ق تب ارك وتع الى
أم ا التش::ريع الوض::عي ،فه و مجموع ة التنظيم ات ال تي يض عها البش ر لض بط العالق ات البش رية،ف إذا
)5
اختارتها الدولة أصبحت قوانين يعمل بها( .راجع ،عبد العزيز الخياط ،المرجع السابق)
وال ش ك أن التش ريع الس ماوي أكم ل وأش مل ،وأك ثر ض بطا للعالق ات ومنع ا للفس اد ،لم ا يحم ل من
خص ائص ومم يزات،س نقف على أهمه ا في المحاض رات المقبل ة ،وذل ك عن د ح ديثنا عن خص ائص
الشريعة اإلسالمية.
المحور الثاني:
امتازت شريعة اإلسالم بمجموعة من المزايا والخصائص ،استطاعت بموجبها أن تفي بحاجات كل
المجتمع ات ال تي حكمته ا ،وأن تع الج كاف ة المش كالت ،في ك ل البيئ ات ال تي حلت به ا ،رغم تنوعه ا
وتعددها،بأعداللحلول وأمثل األحكام( .راج ع ،د .يوسف القرضاوي ،شريعة اإلس الم خلودها وصالحها لكل
أي أنه ا اس توعبت ك ل قض ايا الحي اة ،ففيه ا:تنظيم الف رد بنفس ه ،وعالقت ه بخالق ه ،وعالقتهبأس رته،
وعالقتهبمجتمع ة ،وفيهابي ان لألص ول والقواع د ال تي تحكم س ير المجتم ع والن اس ،وف ق نظ رة
اإلس المللكون واإلنس ان والحي اة،و"ش ريعة ش املة ألم ور األف راد والجماع ات وال دول ،فهي تنظم
7
األح وال الشخص ية والمع امالت وش ؤون الحكم واإلدارة والسياس ة ،كم ا تنظم عالق ة ال دول بعض ها
)7
ببعض فيالحرب والسلم"(.راجع ،عبد القادر عودة ،اإلسالم بين جهل أبنائه وعجز علمائه ،ص).16
والمقصود بربانية المصدر ،أن أحكام هذه الشريعة وأسسها من وضع اهلل،فهو شارعها وهو صاحب
الخلق واألمر في هذا الكون ،فهو الذي خلق والذي يعلم ما يصلح لعباده وما يصلحهم":أال يعلم من
خلق وهو اللطيف الخبير"،أما البشر ،فيعتريهم النقص والقصور ،والظلم والجور.
أماربانية الوجهة:فمعناها ،أن هدف الشريعة األعلىواألسمى:هو ربط الناس بخالقهم حتى يعرفونه
فإذن،ميزة الربانية في هذه الشريعة،تجعل المسلمين يحترمونها وينقادون ألحكامها ويطيعونها ألنها
حكم اهلل تعالى":ومن أحسن من اهلل حكما لقوم يوقنون" .ومن ثم لم يكن للمس لم خي ار في قب ول هذه
الشريعة وأحكامها،فإن هذا مقتضى اإليمان وعقد اإلسالم،كما قال تعالى"فال وربك ال يؤمنون حتى
يحكموك فيما شجر بينهم،ثم ال يجدوا في أنفسهم :حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما"النساء(.)56
ليس في الش ريعة م ا يش ق على الن اس ،أو يخ رج عن نط اق اس تطاعتهم ،ف الحج لمن اس تطاع
إليه سبيال ،والصوم للقادر عليه ،والزكاة على من عنده فضل مال...الخ.
كما قرر القرآن الكريم هذا التيسير في قوله":يريد اهلل بكم اليسر وال يري::د بكم العس::ر"البق رة(
.)185
8
فهي عالمية :انزلها الحق سبحانه وتعالى على رسوله محمد صلى اهلل عليه وسلم،ليبلغها إلى
الن اس كاف ة ،من ع رب وعجم ،ش رقيهموغربيهم،على اختالفمش اربهم وتب اين ع اداتهم وتقالي دهم
)8
وتاريخهم":وما أرسلناكإال رحمة للعالمين"( .راجع ،عبد القادر عودة ،المرجع السابق ،ص).14
وهي ش ريعة عالمي ة،فليس ت تش ريعا لجنس خ اص من البش ر ،أو إلقليم معين من األرض،ب ل
هي لإلنس ان من حيث ه و إنس ان،وال ف رق بين ع ربي وعجمي وال أبيض وال أس ود إال ب التقوى،فال
عنصرية في هذا التشريع وال عصبية وال طبقية،وإ نما الناس فيه سواء(.راجع ،د .يوسف القرضاوي،
)9
المرجع السابق ،ص).19
وهذه الميزة ،هي أثر من آثار الصبغة الربانية في هذا التشريع ،فلو كان واضعه من البشر
من مزاي ا التش ريع اإلس المي ،أن هدف ه إقام ة الع دل المطل ق بين الن اس جميع ا ،وتحقيقاإلخ اء
بينهم ،وص يانة دم ائهم وأعراض هموأموالهم وعق ولهم ،بع د أن ص ان دينهم وأخالقهم ،فغايت ه تحقي ق
ومن مزايا التشريع اإلسالمي ،موازنت ه بين مصلحة الفرد ومص الح الجماعة ،دون جور على أحد
منهما.
فالقوانين في البالد الليبرالية ،منذ قامت الثورة الفرنسية تحابي الفرد،وتسرف فيالحقوقالممنوحة له،
9
أم ا في البالد االش تراكية،ف ان الق وانين هن اك تض غط على الف رد وتطغى على حقوق ه من أج ل
الجماعة(،فال تملك ،وال حرية وال تعبير ،وال نقد للحاكم ،وال حرية اجتماع)...وبهذا تذبل شخصية
ومث ال الت::وازن في الش ريعة ،يتجلى في مس ألة التمل ك ،فق د أب احت التمل ك ،ولكنه ا تقي د ح ق الملكي ة
الفردي ة بقي ود كث يرة لمص لحةالمجتمع ،ق ال تع الى " :أنفق::وا :مم::ا جعلكم مس::تخلفين في::ه"الحدي د(،)7
فالمالك الحقيقي للمال ،ليس الفرد وإ نمااهلل ،فتصرفه فيه تصرف الوكيل المقيد بأوامرالموكل( .راجع،
10
يوسف القرضاوي ،المرجع السابق ،ص).22
من المعل وم أن الش ريعة تتف ق م ع الق انون الوض عي في توقي ع الج زاء على المخ الف ألحكامه ا في
ال دنيا،في حين ال تمت د ي د الق انون الوض عي إلى معاقب ة اإلنس ان في آخرت ه،بينم ا تعاقبالش ريعة
-فهي بثب ات أص ولهاوأهدافها تستعص ي على الخض وع لك ل تغي ير ،وهيبمرونته ا،بإمكانه ا التكي ف
وليس معنى هذا أن الناس يقفون أمام هذا التشريع موقف المشلول،كال،فان لالجتهاد البشري مجاال
كب يرا في هذا التشريع،االجته اد في فهم نصوص ه،واالس تنباط منه ا،وتف اوت درج ات هذه النصوص
في ثبوتها وداللتها من حيث القطعية والظنية،يعطي فسحة الجتهاد المجتهدين ،واالجتهاد في استنباط
10
األحكام لما ال نص فيه ،عن طريق القياس الصحيح أو اعتبار المصالح المرسلة ،أو غير ذلك من
فهن اك منطق ة محرم ة ال ي دخلها االجته اد ،وهي منطق ة "القطعي ات" من األحك ام،ال تي ج اءت به ا
النص وص المحكم ة ،واجتمعت عليه ا األم ة ،وتلقته ا األم ة جيال بع د جي ل،كفرض ية الص الة والزك اة
(وباقي األركان) فهي ليست-بأي حال من األحوال-قابلة للنقاش،كأن يبحث بعض الناس في جواز
وهن اك منطق ة ،ب ل من اطق مفتوح ة لالجته اد البش ري في مج ال التش ريع اإلس المي ،وهي
وهناك االجتهاد فيما ال نص فيه ،ومجاله فسيح اعتمادا على القياس أو المصلحة أواالستحسان...إلى
وهن اك قواع::د تش::ريعيةمأخوذة من اس تقراء النص وص والوق ائع الش رعية مث ل :الض رورات ت بيح
المحظورات ،والضرورة تقدر بقدرها ،المشقة تجلب التيسير( .راجع ،يوسف القرضاوي ،المرجع السابق،
ومن أجل هذه المرونة في هذه الشريعة الخالدة ،يجد أهل االجتهاد في األمة المسلمة أمامهم مجاال
فس يحا في ب اب السياس:: :ة الش:: :رعية-أي سياس ة األم ة بأحك ام الش رع-بحيث تس تطيع الدول ة
بهذا كله ،يتضح لنا أن أمام ولياألمر المسلم مجاال رحبا في اتخاذ العقوبات المالئمة ،لقطع
دابر الفساد ،وتحقيق مصالح العباد ،ولهأن يقنن هذه العقوبات ان تعينت المصلحة في ذلك ،على أن
ي ترك مج اال ،ويجع ل ح دين:أقص ىوأدنى للعقوب ة،يخت ار أيهماانس ب،حس ب حال ة ال دعوى ،وعلى أن
تكون هذه القوانين خاضعة للتعديل بين حين وآخر،كلمااقتضت األوضاع ذلك.
11
المحور الثالث
أجمع علماء المسلمين،على أن اهلل سبحانه وتعالى ما شرع حكما إال لمصلحة عباده،وأجملوا مقاصد
الشريعة في خمس مسائل هي:حفظ النفس ،حفظ الدين ،حفظ العقل ،حفظ العرض ،حفظ المال (راجع،
صالح الدين جباري ،تاريخ النظم القانونية ،ص ،83وما بعدها) .)12والتي سنلخصها فيما يلي من سطور.
أوال:حفظ النفس.
أوجب الشارع حفظ النفس ،فحرم قتلها بغير حق ،وشرع حماية اإلنسان من االعتداء وعدم اإللقاء
اوجب اإلسالم المحافظة على الدين الذي هو أهم شيء في حياة اإلنسان وشرع الدفاع عنه بالجهاد
أوجب حف ظ العق ل ،وح رم الخم ر والمس كرات والمخ درات ،ورص د العقوب ات لك ل من يتناوله ا أو
يروجها.
المحور الربع
مصادر التشريع اإلسالمي
يقصد بمصادر التشريع اإلسالمي،مجموعة األحكام الشرعية المستقاة من أدلتها التفصيلية في
الكت اب والس نة واإلجماعوالقي اس .ووج ه االس تدالل في حجي ة ه ذه المص ادر،اآلي ة الكريم ة ،قول ه
تعالى":يا أيها الذين آمنوا أطيعوا :اهلل،وأطيعوا الرسول ،وأولي األمر منكم ،ف::إن تن::ازعتم في ش::يء
فردوه إلى اهلل والرسول،إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخ::ر ،ذل:ك خ::ير وأحس::نتأويال"س ورة النس اء(
.)59
فاألمربإطاعة اهلل وإ طاعة رسوله ،هو أم ر بإتب اع القرآن والسنة ،واألمربإطاع ةأولىاألمر من
المسلمين ،هو أمربإتباع ما اتفقت عليه كلمة المجتهدين من األحكامأي اإلجماع ،ألنهم أولوااألمر.
واألمر برد الوقائع المتنازع فيها إلى اهلل والرسول ،هوأمربإتباعالقياس ،بالنسبة للوقائع التي
ال يك ون له ا حكم في النص أو اإلجم اع ،ألن القي اس ه و إلح اق واقع ة لم ي رد نص بحكمه ا بواقع ة
ورد النص بحكمهما لتساوي الواقعتين في علة الحكم.
فاآلية الكريمة السابقة تدل على وجوب إتباع المصادر التشريعية األربعة ،فمصادر التشريع
اإلسالمياألساس يةأربعة:الق::رآن ،الس::نة ،اإلجم::اع ،القي::اس ،وهي مرتب ة كم ا هي في اآلي ة وكم ا هي
في حديث معاذ.
أم ا المص ادر االحتياطي ة فهي:االستحس ان ،المص الح المرس لة ،الع رف ،االستص حاب ،م ذهب
الصحابي ،شرع من قبلنا ،وسد الذرائع ،وهي مصادر أو أدلة مختلف فيها.
-1تعريفه:
ه و كالم اهلل تع الى الم نزل على س يدنا محم د ص لى اهلل علي ه وس لم ،باللف ظ الع ربي،
المنقوإللين ا ب التواتر ،المكت وب بالمص احف ،المتعب د بتالوت ه ،المب دوء بس ورة الفاتح ة،
المختوم بسورة الناس.
-2حجيته:
اتفق جميع المسلمين على حجية القرآن الكريم ،ووجوب العمل بمقتضى حكم ورد فيه،
ويع د المرج ع األول ال ذي يع ود إليهالمجته د لمعرف ة حكم اهلل ،وال ينتق ل إلى غ يره من
المصادر إال عند عدم وجود الحكم المبتغى فيه.
-3بعض وجوه إعجازه:
اقتض ت حكم ة اهلل ع ز وج ل أن يؤي د أنبي اءه ورس له ب المعجزات للدالل ة على أن ه
مرسلهم،ومكلفهم بتبليغ دينه،وقد خص اهلل الرسول محمدا صلى اهلل عليه وسلم بأعظم
معجزة تمثلت في "القران الكريم".
وفي هذا المقام نكتفي بذكر بعضها اختصارا على الوجه اآلتي:
-(1فصاحة ألفاظه وبالغة عباراته:
وقدبلغ القران في ذلك أعلى المستويات،وبذلك شهد علماء اللغة وأئمة البيان،وقد تحدى
اهلل العرب وهم عمالقة الفصاحة والبالغة باإلتيان بمثل القرآن فعجزوا،ثم تحداهم بأن
يأتوا بعشر سور فلم يقدروا ،ثمتحداهم بأن يأتوا بسورة فعجزوا،قالتعالى:
14
... "-ق::ل لئن اجتمعت اإلنس والجن على أن ي::أتوا بمث :ل :ه::ذا الق::رآن الي::أتون بمثل::ه
ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا"اإلسراء(.)88
..."-ق::ل ف::أتوا بعش::ر س::ور مثل::ه مفتري::ات وادع::وا من اس::تطعتم من دون اهلل إن كنتم
صادقين" هود(.)13
"-ق::ل ف::أتوا بس::ورة مثل::ه وادع::وا من اس::تطعتم من::دون اهلل إن كنتم ص::ادقين"ي ونس (
.)38
ثم يؤكد عجز البشر عن اإلتيان بسورة واحدة-حاضرا ومستقبال-فقال:
"وإ ن كنتم في ريب مما نزلنا على عب::دنا ف::أتوا بس::ورة من مثل::ه وادع::وا ش::هداءكم من
دون اهلل إن كنتم ص::ادقين،ف::إن لم تفعل::وا ولن تفعل::وا ف::اتقوا الن::ار ال::تي وقوده::ا الن::اس
إن الق رآن الك ريم كت اب هداي ة وتش ريع ولكن ه ذا ال يمن ع وج ود إش ارات إلى حق ائق
علمي ة أك دها العلم الح ديث،منه ا قول ه تع الى":أيحسب اإلنسان أن لن نجم::ع عظام::ه،بلى
ق :: : :ادرين على أن نس :: : :وي بنانه ":القيام ة( )4-3وهي إش ارة إلى اختالف بص مات
-3اإلخبار عن الغيبيات:
إخبار اهلل تعالى عن انتصار الروم على الفرس ،قبل وقوع الحرب":ألمغلبت الروم في
أدنى::األرض وهم من بع::د غلبهم س::يغلبون في بض::ع س::نين.هلل األم::ر من قب::ل ومن بع::د
15
ويومئذ :يفرح المؤمنون بنص:ر :اهلل ينص:ر :من يش:اء وه:و العزي:ز ال:رحيم"ال روم(.)5-1
وغيرها كثير.
إنآيات القران الكريم ثابتة بطريق قطعي ،ألنها نقلت إلينا بالتواتر الذي يوحي بالجزم
أناآلية التي يقرأها كل مسلم في بقاع األرض ،هي نفسها التي تالها الرسول صلى اهلل
علي ه وس لم على أص حابه ،وهي ال تي ن زل به ا جبري ل علي ه الس الم من الل وح المحف وظ
من غ ير تب ديل وال تغي ير،تحقيق ا لقول ه تع الى":إن :: :ا نحن نزلن :: :ا ال :: :ذكر وإ ن :: :ا ل :: :ه
لحافظون"الحجر(.)9
أم ا دالل ة النص الق رآني على الحكم فليس ت واح دة،فمنه ا م ا ه و قطعي الدالل ة،
-1ف النص القطعي الدالل ::ة :ه و م ا دل على مع نى متعين فهم ه من ه،وال يحتم ل
تأويال آخر معه،وذلك مثل النصوص التي وردت فيها أعدادا معينة أو أنصبة محددة
في المواريثوالح دود ،ق ال تع الى":ولكم نص:::::ف م:::::ا ت:::::رك أزواجكم:::::إن لم يكن لهن
ول :: :د"...النس :: :اء( ،)12ف إن دالل ة النص قطعي ة على أن ف رض ال زوج النص ف،
16
الدالل ة في مق دار ح د الزن ا،وق ال تع الى في كف ارة اليمين..."":فص ::يام ثالث ::ة أي ::ام"...
المائدة( )89فالعدد قطعي الداللة ،وال تقبل الكفارة بأقل من ذلك والبأكثر منه.
وغيره،ويحتمل أن يراد منه ثالث حيضات كما قال اإلمامأبو حنيفة ومن معه.
ثانيا:السنة النبوية
تحت ه ذا العن وان ،س نتناول تعري ف الس نة لغ ة واص طالحا ،كم ا نتع رض لحجيته ا،
ومرتبتها في االحتجاج بها ،وأقسامها،وأخيرا مسألة قطعية السنة وظنيتها ،وذلك على
النحو التالي:
-1تعريف السنة لغة:السنة في اللغة هي الطريقة ،حمودة كانت أو مذمومة ،ومنها قوله
ص لى اهلل علي ه وس لم ":من س ن س نة حس نة ،فل ه أجره ا وأج ر من عم ل به ا الى ي وم
القيامة،
ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة" .رواه مسلم
17
-2تعري::ف الس::نة اصطالحا:ي راد بالس نة م ا ص در عن الن بي ص لى اهلل علي ه وس لم ،غ ير
الق رآن ،من ق ول أو فع ل أو تقري ر :فمث ال الق ول ،كقول ه علي ه الص الة والس الم ":انم ا
األعمال بالنيات " .ومثال الفعل ما نقله الصحابة من أفعال النبي صلى اهلل عليه وسلم،
في شؤون العبادة وغيرها ،كأداء الصلوات ،ومناسك الحج ،وغيرها .ومثال التقرير ،ما
أقره الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،من أفعال صدرت عن بعض أصحابه ،بسكوت منه
او بإظهار استحسان وتأييد .كإقراره الجتهاد أصحابه في أمر صالة العصر ،في غزوة
بني قريظة .حين قال لهم" :ال يصلين أحدكم العصر اال في بني قريظة" .البخاري عن
ب-حجيتها:
اتفق العلماء على أن السنة الصحيحة الثابتة ،التي صدرت عن رسول اهلل صلة اهلل عليه وسلم
بقص د التش ريع واالقت داء ،حج ة على المس لمين ومص در تش ريعي لهم ،م تى ثبتت بطري ق القط ع او
غلبة الظن.
قال تعالى:
18
"-يا أيها الذين آمنواأطيعوا اهلل وأطيعوا الرسول وأولياألمر منكم"...النساء(.)59
هذه النصوص القرآنية-وغيرها كثير-برهان ودليل قاطع على حجية السنة ،واعتبارها مصدرا من
مصادر التشريع اإلسالمي ،وأن أحكام السنة تشريع إلهي ،واجب اإلتباع.
قوله صلى اهلل عليه وسلم( :تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم :بهما:كتاب اهلل وسنتي).
وما رويعن معاذ بن جبل ،أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن ،قال له:
" كي::ف تص::نع ان ع::رض ل::ك قض::اء؟ق::ال:اقض::ي بم::ا في كت::اب اهلل ،ق::ال:ف::إن لم يكن في كت::اب اهلل،
قال:فبسنة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،قال:فإن لم يكن في سنة رسول اهلل؟قال:
اجتهد رأيي ال ألو،قال معاذ:فضرب رسول اهلل صدري ثم قال:الحمد هلل الذي وف::ق رسولرس::ول اهلل
-3إجماع الصحابة:
أجمع صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في حياته وبعد مماته على وجوب إتباع سنته
والعمل بها ،وااللتزام بما ورد فيها من أحكام ،وتنفيذ ما فيها من أوامر واالنتهاء عما فيها من نواه.
تأتي السنة النبوية –في االحتجاج بها-في المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم ،فالمفتي والمجتهد
يرجع إلىالكتاب أوال ،ثم إلى السنة ثانيا ،في كل ما يطرح من سؤال أو يقع من قضية.
19
د-أقسام السنة:
-سنة قولية:وهي ما نقل عن الرسول ص لى اهلل عليه وسلم من قول على س بيل التشريع،مث ل (ال
ضرر وال ضرار) و(إنما األعمال بالنيات ،وإ نما لكل امرئ ما نوى).
-سنة فعلية:كل ما فعله على سبيل التشريع ،مثل :كيفية أدائه لصالته ،وأدائه مناسك الحج.
عن الصحابة.
األول :يمثله علماء الحديث وجمهور علماء األصول ،ويقسمون السنة إلى:سنة متواترة وسنةآحاد.
تواط ؤهم على الك ذب ،أي ينقل ه عنرس ول اهلل ص لى اهلل عل ه وس لم ع دد كب ير من
الصحابة ،ثم ينقله عنهم عدد من التابعين،وهكذا حتى يصل العلماء الذين قاموا بتدوين
والس نة المت واترة تك ثر في الس نة العملي ة،وتق ل في الس نة القولي ة،والس نة المت واترة حج ة
كاملة وتفيد العلم اليقيني القطعي في صحتها وثبوتها عنرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم.
-2السنة المشهورة:وهي ما رواها عن النبي صلى اهلل عليه وسلم واحد أو اثنان ،أي
ع دد ال يبل غ ح د الت واتر ،ثم اش تهرت فنقله ا جم وع الت واتر في عص ر الت ابعين وت ابعي
20
التابعين ،مثل ما رواه عمر ابن الخطاب عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنه قال:
-3سنة اآلحاد:وهي ما يرويها عن النبي صلى اهلل عليه وسلم عدد لم يبلغ حد التواتر،
ثم يرويها عنهم مثلهم وهكذا حتى تصل إلى عهد التدوين.
األول:ما صدر عن النبي صلى اهلل عليه وسلم ،باعتباره نبيا ومبلغا عن اهلل ،فهذا يعتبر
والتزاور...
-3ما صدر عنه بمقتضى الخبرة البشرية التي استقاها من تجاربه الخاصة في الحياة،
-4ما كان خاصا بالنبي صلى اهلل عليه وسلم مثل وصاله في الصوم والتزويج بأكثر
من أرب ع زوج ات والتهج د باللي ل،واكتفائ ه في إثب ات ال دعوى بش هادة خزيم ة وح ده في
21
و-قطعية السنة وظنيتها:
إن الس نة النبوي ة ق د تك ون ظني ة الثب وت والنس بة إلى الرس ول ص لى اهلل علي ه
وسلم،إذا كانت مشهورة أو كانت أحادية ،ثم هي بعد ذلك-سواء أكانت قطعية الثبوت أم
ظني ة الثب وت وال ورود-ق د تك ون قطعي ة الدالل ة على معناه ا،إذا لم تحتم ل مع نى
غيره،وقد تكون ظنية الداللةإذا احتملت معنى آخر،فقوله عليه الصالة والسالم( :اطعموا
الجدة السدس) ظني في ثبوته،ألنه حديث أحادي قطعي في داللته على أن فرض الج دة
الس دس،وقول ه علي ه الص الة والس الم (ال ص الة لمن لم يق رأ بفاتح ة الكت اب) ظ ني في
ثبوت ه لكون ه ح ديثا أحادي ا،وظ ني في داللت ه أيض ا الحتم ال توج ه النفي إلى ص حة
الص الة ،كم ا ق ال الش افعي أي ال ص الة ص حيحة أوتوجي ه إلى كم ال الص الة كم ا ق ال
مث ل ح ديث( :ال يح::ل م::ال ام::رئ مس::لم إال بطيب من نفس::ه) ،فان ه مواف ق ومؤك د
لقول ه تع الى":يا أيها الذين آمن::وا ال ت::أكلواأموالكم بينكم بالباط::ل إالأن تك::ون تج::ارة عن
تراض منكم ).النساء( )29ومثله أيضا ما جاء في السنة من النهي عن عقوق الوالدين
وشهادة الزور وقتل النفس بغير حق ووجوب الصالة والزكاة والصوم والحج...
22
-1بتفصيل :مجمله :كالسنة العملية في كيفية الصالة ومناسك الحج.
-2بتخصيص :عامة :كح ديث(:نحن معاشر األنبياء ،ال نورث ،م::ا تركن::ا ص::دقة) ،ال ذي
خصص عم وم قول ه تع الى":يوصيكم اهلل في أوالدكم للذكر مثل ح::ظ األنث::يين"...النس اء(
-3بتقييد :مطلقه :كحديث سعد بن أبي وقاص في الوصية التي قال فيها الرسول عليه
الص الة والس الم( :الثلث والثلث كث::ير) ،فق د قي د مطل ق الوص ية في قول ه تع الى...":من
بعد وصية يوصي بها أو دين "...النساء( )12بعدم الزيادة على ثلث التركة.
-النوع الثالث :أحكام جديدة لم يذكرها الق::رآن ،ألن الس نة مس تقلة بتش ريع األحك ام،
وهي ك القرآن في ذل ك ،وق د ثبت عن ه علي ه الص الة والس الم أن ه ق ال( :أال وإ ني أوتيت
الق::رآن ومثل::ه مع::ه)،ومن ه ذا الن وع ،تح ريم ال ذهب والحري ر على الرج ل ،وت وريث
الجدة ...وغيره.
ثالثا:اإلجماع
وه و اتف اق جمي ع المجته دين من المس لمين في عص ر من العص ور ،بع د وف اة
ة. ة معين رعي ،في واقع لم على حكم ش ه وس لى اهلل علي ول ص الرس
ولإلجماعأركانوأنواع:
23
أ-أركانه:
/1أن يعاص ر الحادث ة ع دد من المجته دين العلم اء ،ألن االتف اق ال يتص ور إال في ع دة
آراء متوافقة.
/2أن يتفق جميع المجتهدين من المسلمين على الحكم الشرعي في الواقعة وقت وقوعها
/3أن يب دي ك ل واح د منهم رأي ه ص ريحا في الواقع ة ،ويك ون موافق ا آلراء العلم اء
/4أن يتحق ق االتف اق من جمي ع المجته دين على الحكم ،فال ينعق د اإلجم اع باتف اق أك ثر
المجته دين مهم ا ق ل ع دد المخ الفين وكثرع دد المتفقين ،ألن ه م ا دام ق د وج د االختالف،
ب:أنواعه:
24
/1اإلجماع الصريح:وه و أن يتف ق مجته دوا العص ر على حكم واقع ة ،بإب داءرأيهمبفتوى
أو قضاء.
أما الن::وع األول ،وه و اإلجم اع الص ريح ،فه و اإلجماع الحقيقي،وه و حج ة ش رعية في
م ذهب الجمه ور،أي جمهورالعلم اء.أم ا الن::وع الث::اني ،وه و اإلجم اع الس كوتي ،فه و
إجماع اعتباري ،ألن الساكت ال يجزم بأنه موافق طبقا للقاعدة الفقهية":ال ينسب لس::اكت
لرأيهم.
رابعا :القياس
القياس في االصطالح ،هوإ لحاق حكم واقعة ال نص على حكمها بحكم واقعة ورد
-1تحريم شرب النبيذ قياسا على تحريم شرب الخمر التحاد العلة،التي هي السكر،وهذا
التحريم دل عليه قوله تعالى":يا أيها الذين آمنوا إنما الخم::ر والميس::ر واألنص::ابواألزالم
25
-2حرمانالموص ى ل ه،ال ذي يقت ل الموص ي ،من اس تحقاق الوص ية ،قياس ا على حرم ان
القاتل من الميراث،ألن قتل الوارث لمورثه واقعة ثبت بالنص حكمها،وهو منع القاتل
من اإلرث لقول ه ص لى اهلل علي ه وس لم (:ال ي::رث القات::ل) ،بعل ة أن قتل ه في ه اس تعجال
استحقاق الوصية.
وهكذا ،فإن القياس هو المصدر التشريعي الذي يساير الوقائع المتجددة ويكشف
ب-أركان القياس:
يقوم القياس على أربعة أركان هي:األصل ،والفرع ،حكم األصل ،والعلة.
-3حكم األصل:وهو الحكم الشرعي الذي ورد به النص في األصل ويراد به أن يكون
حكما للفرع.
-4العل::ة:وهي الوص ف ال ذي ب ني علي ه حكم األص ل ،وبن اء على وج وده في الف رع،
يسوىاألصل في حكمه.
26
أوال :االستحسان:
االستحسان اصطالحا ،هو عدول المجتهد عن قياس وضحت علته،إلى قياس خفيت علته
ومثاله:تنص القاعدة الفقهية على أنه ال يجوز بيع المعدوم ،إال أنه أجيزاالستصناع من
معدوم وقت العقد،فكان القياس هو بطالن هذا العقد،إال أنه أجيز استحسانا.
يقص د بالمص الح المرس لة ،ك ل م ا في ه مص لحة للعب اد ب دون تقيي د ،فهي مص لحة
مطلقة ،فيها نفع للناس ،أو دفع ضرر عنهم ،غير أنه لم يرد بشأنها نص شرعي يحلها
أو يحرمها ،فهي مرسلة ومطلقة تختلف باختالف متطلبات كل زمان ومكان.
وس وف نض رب أمثل ة عملي ة عن المص الح المرس لة ،ون بين ش روط األخ ذ به ذا
27
من أبرز األمثلة الواقعية على األخذ بالمصالح المرسلة:
-1المصلحة التي من أجلها أمر عمر بن الخطاب ،رضي اهلل عنه ،بإبقاء أرض السواد
في أيدي أهلها ووضع الخراج عنها ،بعد فتح تلك البالد من طرف الجيش اإلسالمي.
-2والمصلحة التيمن أجلها أمر الخليفة عثمان بن عفان ،رضي اهلل عنه،بصناعة األسطول البحري
-3والمصلحة التي من أجلها أمر الخليفة عثمان بن عفان ،رضي اهلل عنه بجمع القرآن في مص حف
:1أن تكون هناك مصلحة لألمة في األخذ بها كرفع حرج أو جلب منفعة راجحة.
:2أن تك ون ه ذه المص لحة مرس لة أي مطلق ة ،فال يوج د حكم ث ابت ب النص أو اإلجم اع أو القي اس
يحلها أو يحرمها.
28
ثالثا:العرف
ويقصد بالعرف ما تعارف عليه الناس من عادات وتقاليد واستقامت عليه أمورهم.
أ-أهمية العرف:
ان األخ ذ ب العرف كمص دراحتياطي ،يس تمد دليل ه من الح ديث الش ريف (:م::ا رآه المس::لمون
وق د ج اءت الش ريعة اإلس المية رحم ة للعب اد وموافق ة لفط رة الن اس ال تي فط رهم اهلل
عليه ا،ف أقرت الكث ير من األعرافالس ائدة بين الع رب،وه ذبت بعض ها ونهت عن بعض ها،كم ا ج اءت
بأحكام جديدة الستيعاب حاجات ومصالح العباد ورفع الحرج عنهم،فالشريعة اإلسالمية تقر الحسن
من العادات وتحرم القبيح الفاسد منها،وتبرز أهمية العرف كمصدرللتشريع ،خاصة لدى الشعوب
-1أن تكون هناك عادة معروفة بين الناس منذ أمد طويل وقد رضوا بها وخضعوا لحكمها طوعا
-2ان يكون العرف حسنا ،فيه مصلحة للعباد ،فال يعتد باألعراف الفاسدة
-3أال يخالف العرف أحكام الشريعة كأن يحل حراما أو يحرم حالال أو يبطل واجبا أو يحول دون
المحور الخامس
29
القواعد الفقهية
ال ض رر وال ض رار،المش قة تجلب التس يير،درأ المفاس د يق دم على جلب المص الح...إلى غ ير ذل ك،
مم ا ه و منش ور في كتب الفق ه،ومجم وع في كتب القواع د واألش باه والنظ ائر،وق د اخترن ا منه ا ه ذه
هذه القاعدةاألصولية تمنع التمسك بالجهل باألحكام ،وهي قاعدة شرعية معمول بها في الفقه
فبالتالي فإنه ال يجوز القياس عليه ،كما أنه تفريعا على ذلك فإنه ال يجوز التوسع في تفسيره
وإ نما يتم ذلك في حدود الضرورة التي دعت لهذا االستثناء.
االس تثناء،والقي اس ه و إثب ات حكم للف رع حكم األص ل بن اء على وج ود مماثل ة في العل ة بين المقيس
والمقيس عليه،أو بين المشبه والمشبه به،ويتبين من ذلك أن القياس يكون على أصل.
ومثال ذلك أن تشرط المرأة على زوجها أن يدفع لها تعويضا إذا أراد أن يرجعها بعد طالق
رجعي ،ثم وقع الطالق الرجعي وأراد رجعتها فان ذلك له ،بدون أن يدفع لها تعويضا ،ألن الرجعة
30
ومثال ذلك الطهارة بالنسبة للصالة ال تصح إال بها فهي إذن واجبة والتوبة ال يتوصل إليهاإال
بمعرف ة ال ذنوب،إذن فمعرف ة ال ذنوب إذن واجب ة وفهم الكت اب والس نة ف رض لكن ه ذا الفهم ال يمكن
وهي قاعدة أصولية مبناها مرتبط بعلته،فمتى وجدت العلة وجد الحكم،بصرف النظر عن أي
اعتبار ،فال يجوز بناء الحكم على الحكمة ولو تخلفت العلة-كما أن الحكم يتحقق بتحقيق العلة وأن
السفر،وبالتالي إذا تحقق السفر ،وهو العلة،أبيحاإلفطار وهو الحكم ،ولو لم تتحقق الحكمة،أي ولو
فال يرتفع اليقين القوي بالشك الضعيف،أما اليقين فيزول باليقين اآلخر،وهذه القاعدة مأخوذة
منقاع دة (م ا ثبت بيقين ال ي ترفع بالش ك وم ا ثبت بيقين ال يرتف ع إال بيقين) والمقص ود بالش ك هن ا
ومثال ذلك:إذا سافر رجل إلى بالد بعيدة فانقطعت أخباره مدة طويلة،فانقطاع أخباره يجعل
شكا في حياته،أال أن ذلك الشك ال يزيل وهو حياته المتبقية قبال،وعلى ذلك فال يجوز الحكم بموته
وليس لورثته اقتسام تركته ما لم يثبت موته يقينا،وبالعكس إذا سافر آخر بسفينته وثبت غرقها فيحكم
مث ال آخ ر:ل و اق ر ش خص بمبل غ آلخ ر ق ائال (أظن أن ه يوج د ل ك ب ذمتي ك ذا) ف إقراره ه ذا ال
ي ترتب علي ه حكم ،إذن ف إن إق راره لم ينش أ من ه عن يقين ب ل عن ش ك وظن،وه ذا ال يزي ل اليقين
31
-7األصل بقاء ما كان على ما كان:
وه ذا األص ل يس مى االستص حاب وه و اعتب ار الحال ة الثابت ة في وقت م ا مس تمرة في س ائر
فلو أدعى المقترض دفع الدين إلى المقرض أو أدعى المشتري دفع الثمن إلى البائع أو أدعى
المستأجر دفع األجرإ لى المؤجر أو البائع كان القول لهؤالء المنكرين مع اليمين،أي أن هذه الديون
تعتبر باقية في ذمة الملتزمين بها ما لم يثبتوا الدفع،ألنها كانت مستحقة عليهم بيقين ،فاألصل بقاؤها
في ذممهم حتى يثبت سقوطها وإ مامهم تحليف الدائنين اليمين على دم القبض فإذا حلفوا قضى لهم.
وأس اس ه ذه القاع دة أن الم رء يول د خالي ا من ك ل دين أو ال تزام أو مس ؤولية وك ل ش غل لذمت ه من
الحقوق إنما يطرأ ألسباب عارضة بعد الوالدة واألصل في األمور العارضة العدم،فمن أدعى إلى
غيره التزاما بدين أو عمل أيا كان سببه من عقد أوإ تالف أو أي سبب من أسباب الضمان فعليه هو
اإلثباتإذاأنكر الخصم ألن هذا الخصم يتمسك بحالة أصلية هي براءة الذمة فيكون ظاهر الحال شاهدا
وتع ني أن م ا ك ان معن اه واض حا كقول ه تع الى":أح::ل اهلل ال::بيع وح::رم الربا" ال يس وغ الحكم
فلو قضى القاضي بجواز بيع متروك التسمية وحل أكله ال ينفذ مع جواز بيعه عند الشافعي
رحم ه اهلل تع الى ،لمخالفت ه قول ه تع الى":وال ت::أكلوا مم::ا لم ي::ذكر اس::م اهلل عليه" وألن ص حة القي اس
واالجتهاد بشروط النص في الفرع وحينئذ إن وافقه القياس فيها،وإ ن خالفه رد.
32
وتعني أن الصعوبة تصير سببا للتسهيل ويلزم التوسيع في وقت المضايقة ويتفرع على هذا
وهذه القاعدة نص حديث نبوي شريف ،وهي من أركان الشريعة ،وتشهد لها نصوص كثيرة وهي
أس اس لمن ع الفع ل الض ار ،وت رتب نتائجه افي التع ويض الم الي والعقوب ة ،كم ا أن ه س ند مب دأ
ونص ها ي وجب من ع الض رر مطلق ا ،عام ا أو خاص ا ،كم ا يش مل دفع ه قب ل الوق وع ب الطرق
والمقصود بمنع الضرر ،نفي فكرة الثأر المحض الذي يزيد في الضرر وال يفيد سوى توسيع
-12الضرر يزال:
وقد شرعت كثير من الخيارات في العقود إلزالةاألضرار الواقعة على أحد المتعاقدين ،كخيار
33
وتع ني إذا ن زل باإلنس ان احتي اج ملجئ ،ك الجوع المميت يب اح ل ه أكاللميت ةواألكل من م ال
أجنبي بغير رضاه ونحو ذلك ،من الممنوعات وقت الرخاء والسعة واالختيار.
ومن ثم ج از أكاللميت ة عن د المخمص ة ،واس اغة اللقم ة ب الخمر ،والتلف ظ بكلم ة الكف ر
لإلك راه،وك ذا إتالف الم ال وأخ ذ م ال الممتن ع األداء عن اليمين بغ ير إذن ه ،ودف ع الص ائل ول و
وتع ني ،أن م ا أبيح لض رورة إنم ا تك ون إباحت ه على ق در إزال ة الض رورة ،فال تب اح الزي ادة
على ذلك ،بل يجب االقتصار على ما يبقى الرمق ويكون سدادا من عوز ،ومن فروعه ،المضطر
ال يأكل من الميتة إال قدر سد الرمق ،والطعام في دار الحرب يؤخذ على سبيل الحاجة ،ألنه إنما
أبيح للضرورة.
وس ببها أن للمفاس د س ريانا وتوس عا كالوب اء والحري ق ،فمن الحكم ة والح زم القض اء عليه ا في
مه دها ول و ت رتب على ذل ك حرم ان من من افع أو تأخيره ا ،ومن ثم ح رص الش ارع على من ع
وقد روي عن رسول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم أن ه ق ال( :ما نهيتكم عنه فاجتبوه وما أم:رتكم
وعلى ه ذا يجب ش رعا من ع التج ارة بالمحرم ات ،من خم ر ومخ درات ،ول و أن فيه ا أرباح ا
ومنافع اقتصادية.
34
والشائع هو األمر الذي يصبح معلوما للناس وذائعا بينهم،وما الى ذلك،كالحكم بموت المفقود
لمرور تسعين سنة من عمره،مستندا على الشائع الغالب بين الناس ،من أن اإلنسان ال يعيش أكثر
من تسعين عاما ،على أن البعض قد يعيش أكثر من ذلك إال أنه نادر ،والنادر ال حكم له ،بل يحكم
وفي الكتب الفقهي ة عب ارات أخرىله ذه القاع دة مث ل (الث ابت ب العرف كالث ابت ب دليل ش رعي)
و(المع روف عرف ا كالمش روط ش رطا) و(الث ابت ب العرف كالث ابت ب النص) و(المع روف ب العرف
كالمشروط باللفظ) ومن أمثلتهاإذا اتفق شخص مع أجير ولم يتفق على األجر،دفع له أجرة المثل،
عمال بالعرف والعادة،وكمن ينام في فندق يدفع أجرته المتعارف عليها ،وإ ذا اشترى قصاب بقرة فال
يجوز له ردها على أنها غير حلوب ،ألنه من المعروف انه يشتري للذبح.
فمثال ،لو حفر إنسان في ملكه بئرا ،فوقع فيه حيوان او رجل ،وهلك ،ال يضمن حافر البئر
شيئا ،فإن حفر بئرا في ملكه لم يضمن ،وكذا إذا حفر في فناء داره ،وقيل هذا إذا كان الفناء مملوكا
ل ه ،أو ك ان ل ه ح ق الحف ر في ه ،أم ا إذا ك ان لجماع ة المس لمين أو مش اركا ،ب أن ك ان في س كة غ ير
نافذة ،يضمن.
وتعني حيث أن األصل براءة الذمة يكون المنكر متمسكا باألصل فيقبل قوله مع يمينه،أي دائما ألنها
تك ون من ج انب الم دعى علي ه ،وه و منك ر ،وم ا يك ون من ج انب المنك ر يك ون على النفي،
35
ف اليمينيكون على النفي ،روى ابن عب اس رض ي اهلل عن ه ،عنهص لى اهلل علي ه وس لم ،أن ه ق ال:
وتعني ،لو قتل إنسان وارثه مثال ،يحرم من ارثه ،كمن قطف ثمرة بستانه قبل صالحيتها يحرم من
االنتف اع به ا في أوان قطافه ا،وأمثل ة ذل ك كث يرة ال تحص ى (ومن اس تعجل الش يء قب ل أوان ه ع وقب
بحرمان ه) ومن فروعه ا :حرم ان القات ل مورث ه من اإلرث (ومن فروعه ا) ،ل و طلقه ا بال رض اها
قائمة المراجع:
-1د.محمد مصطفى شلبي،المدخل في الفقه اإلسالمي ،ط ،10الدار الجامعية ،بيروت.1985 ،
36
-2د.مص طفى الس باعي،الس نة ومكانته ا في التشريعاإلس المي ،ط ،4المكتب اإلس المي ،ب يروت،
.1985
-3د.مصطفى احمد الزرقاء ،شرح القواعد الفقهية ،ط ،10دار القلم ،دمشق.2012 ،
-6د.محم ود حم دي زق زوق،مقاص د الش ريعة اإلس المية وض رورات التجدي د ،ط ،2المجلس األعلى
-7د.عبد العزيز الخياط،المجتمع المتكافل في اإلسالم ،د .ط ،مؤسسة الرسالة.1972 ،
مالحظة هامة
37
هذه المطبوعة تحتوي على آيات قرآنية،وأحاديث نبوية شريفة
38