You are on page 1of 111

‫األدبيــة‬

‫َّ‬ ‫الدراســات‬
‫ّ‬
‫للسنة األولى‬ ‫ّ‬
‫انوي‬
‫مبرحلة ال ّتعليم ال ّث ّ‬

‫متخصصة‬
‫ّ‬ ‫إعداد جلنة‬
‫عليمية والبحوث ال ّتربو ّية‬
‫بتكليف من مركز املناهج ال ّت ّ‬

‫‪1441 -1440‬هـ‪.‬‬
‫‪2020-2019‬م‪.‬‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫حقوق احلقوق حمفوظة‪ :‬الجيوز نشر أي جزء من هذا الكتاب‪ ،‬أوختزينه‪،‬‬
‫أوتسجيله‪ ،‬أوتصويره بأية وسيلة داخل ليبيا دون موافقة خطية من‬
‫إدارة املناهج مبركز املناهج التعليمية والبحوث الرتبوية بليبيا‪.‬‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الفهرس‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫‪5‬‬ ‫املقدمة‬
‫‪7‬‬ ‫الدراسة ال ّنظر ّية‬
‫القسم األ ّول ّ‬
‫‪8‬‬ ‫األدب‪ :‬مفهومه ووظيفته‬
‫‪11‬‬ ‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫العصور‬
‫‪16‬‬ ‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫األجناس‬
‫‪18‬‬ ‫أ ّو ًال‪ -‬الشعر‬
‫‪21‬‬ ‫ثاني ًا‪ -‬ال َّنثر‬
‫‪21‬‬ ‫‪ -‬النثر الفني القدمي‬
‫‪28‬‬ ‫‪ -‬النثر الفني احلديث‬
‫‪32‬‬ ‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫املذاهب‬
‫‪35‬‬ ‫النقد‪ :‬مفهومه‪ ،‬ودوره‬
‫‪37‬‬ ‫البالغة‪ :‬مفهومها‪ ،‬ووظيفتها‬
‫‪39‬‬ ‫األسلــوب‬
‫‪43‬‬ ‫القيم اجلمالية لألسلوب‬
‫‪46‬‬ ‫ال ّتعبير واإلنشاء‬
‫‪49‬‬ ‫الدراسة التطبيقية‬
‫القسم ال ّثاني ّ‬
‫‪50‬‬ ‫وحرب‪ -‬لألعشى‬
‫ٌ‬ ‫القصيدة الغنائية املركّ بة‪ٌّ :‬‬
‫حب‬
‫‪55‬‬ ‫الر َّمة‬ ‫ٌ‬
‫أطالل وذكريات ‪ -‬لذي ُّ‬ ‫القصيدة املركّ بة يف العصر ا ُألموي‪:‬‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫‪59‬‬ ‫القصيدة الغنائية البسيطة يف العصر العباسي‪ِ :‬ش ْع ُب َب ّوان‪ -‬للمتنبي‬
‫‪63‬‬ ‫األندلسي‪:‬زهدوتوب ٌة ‪ -‬البن زمرك األندلسي‬
‫ٌ‬ ‫القصيدة املوشّ حة يف األدب‬
‫‪69‬‬ ‫الساخرة‬
‫الهمذاني ومقاماته ّ‬
‫ّ‬ ‫املقامات يف األدب القدمي بديع ال ّزمان‬
‫‪74‬‬ ‫كلمات لنازك املالئكة‬
‫َ‬ ‫الشعر احلديث‪:‬‬
‫من ّ‬
‫‪79‬‬ ‫القصيدة الغنائية احلديثة ‪ :‬رسالة إلى طفلتي ‪ -‬لعلي الفزاني‬
‫‪84‬‬ ‫الشعر املسرحي ‪ :‬أحزان إفريقيا ‪ -‬حملمد الفيتوري‬
‫ّ‬
‫‪92‬‬ ‫احلكم واألمثال يف األدب القدمي‬
‫ُ‬ ‫ال ّنثر ‪:‬‬
‫‪96‬‬ ‫اخلطابـــــــــة‬
‫‪96‬‬ ‫خطبة عمر بن عبدالعزيز‬
‫‪98‬‬ ‫خطبة عبداهلل ال ّندمي‬
‫‪101‬‬ ‫الوصية يف األدب القدمي‪ :‬أ ٌّم توصي ابنها‬
‫ّ‬
‫‪105‬‬ ‫القصة القصيرة يف األدب احلديث ‪ :‬املعاش ‪ -‬لعبد العزيز جنم‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املقدمة‬
‫الر ِح ِ‬
‫يم‬ ‫الر ْح َمنِ َّ‬ ‫ِب ْس ِم ا ِ‬
‫هلل ّ‬

‫الشــعوب َو ِح َك ِم َهــا وأمثالهــا وثقافتهــا‪ ،‬وهــو مــرآة أفكارهــا ومــا تؤمــن‬


‫األدب هــو وعــاء جتــارب ّ‬
‫بــه مــن ِقيــم و ُمثــل وعــادات وتقاليــد‪ ،‬وهــو ‪-‬إلــى جانــب ذلــك‪ -‬منجــم لغاتهــا‪ ،‬واألســاس ا ّلــذي‬
‫تبنــي عليــه حضارتهــا‪ ،‬ومــن أجــل ذلــك ال جتــد أمــة مــن األمم إ ّال معتنيــة بأدبهــا‪ ،‬دراســة لــه‪،‬‬
‫وساعية يف تطويره‪ ،‬ومورثة إياه لألجيال الالحقة‪.‬‬
‫و ُي َعــدُّ األدب العربــي مــن أغنــى اآلداب اإلنســانية؛ لكثــرة مــا أُنتــج فيــه مــن نصــوص تنتمــي‬
‫األدبيــة‪ ،‬و ِلَــا تتم ّتــع بــه هــذه النصــوص مــن أســاليب متنوعــة رائعــة‬ ‫ّ‬ ‫إلــى مختلــف األجنــاس‬
‫قويــة محكمــة‪ ،‬أساســها اللغــة الثريــة اجلميلــة‪ ،‬ومضمونهــا املعانــي الطريفــة املبتكــرة‪ ،‬وا ِ‬
‫حل َكــم‬
‫الســامية البالغــة‪ ،‬واألمثــال الشــاملة الســائرة‪ ،‬والتأمــات الفلســفية الثاقبــة‪ ،‬واملعاجلــات الواعيــة‬
‫ملختلــف مشــكالت احليــاة وقضايــا الوجــود‪ .‬وقــد قامــت اللجنــة املكلفــة مــن مركــز املناهــج‬
‫التعليمية والبحوث التربوية بتيسير هذا الكتاب وتهذيبه‪ ،‬وتصحيح ما به من أخطاء‪.‬‬
‫الطالب‬‫واهلل تعالى نسأل أ ْن يجعل فيه ال ّنفع ألبنائنا ُ‬

‫‪5‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫القسم األوّل‬
‫ّراسة النّظريّة‬
‫الد‬

]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫األدب‪ :‬مفهومه ووظيفته‬

‫مفهومه‪:‬‬
‫األدب هــو تلــك املجموعــة مــن النصــوص املنتميــة إلــى مختلــف األجنــاس األدبيــة شــعر ًا‬
‫ونثــر ًا‪ ،‬كمــا يشــمل اجلانــب الــذي ُي ْع َنــى بدراســة هــذه النصــوص وحتليلهــا وتقييمهــا‪ ،‬وهــو‬
‫قسمان‪:‬‬
‫‪ - 1‬األدب اإلنشائي‪:‬‬
‫ويشمل الشعر والنثر بفروعهما املتعددة‪.‬‬
‫‪ - 2‬األدب الوصفي‪:‬‬
‫وهــو الــذي يقــوم بوصــف النصــوص الشــعرية والنثريــة ودراســتها وحتليلهــا‪ ،‬ويطلــق الدارســون‬
‫على هذا القسم مصطلح النقد‪ ،‬وتعلقه بوظيفة األدب واجتاهاته ونظرياته‪.‬‬
‫ـن أداتــه ومادتــه اللغــة وهــي أداة التفكيــر والعاطفــة والوجــدان‪ ،‬فــإذا اســتخدمها‬ ‫واألدب؛ فـ ٌّ‬
‫الفــن الــذي‬
‫ِّ‬ ‫األدب ســما بهــا‪ ،‬وبذلــك ميكننــا أن نقــول‪ :‬إن األدب هــو ذلــك اجلانــب مــن‬
‫يســتخدم فيــه األديــب اللغــة وســيلة إلــى اإلبــداع‪ ،‬وهكــذا ميكننــا أن نعـ ّـرف األدب بأنــه‪ :‬ذلــك‬
‫الفن الذي يستخدم فيه األديب اللغة وسيلة إلى اإلبداع‪.‬‬ ‫اجلانب من ّ‬
‫وينبغــي أيضــ ًا أ ْن ُينظــر إلــى األدب مــن حيــث عالقتــه مبظاهــر احلضــارة‪ ،‬مــن علــم ّ‬
‫وفــن‬
‫ـن‬‫وســلوك‪ ،‬كــي ميكــن تعريفــه التعريــف األمثــل‪ ،‬وهــو مــن هــذه الناحيــة يبــدو األقــرب إلــى الفـ ّ‬
‫ا يؤثّــر يف النفــوس‬ ‫مــن حيــث كونــه إبداعــ ًا يطمــح فيــه األديــب إلــى أ ْن ُيحــدث أثــر ًا جميــ ً‬
‫النحــات احلجــر‪،‬‬
‫ويخلــب األلبــاب‪ ،‬وهــو يســتخدم اللغــة لتحقيــق غرضــه ذلــك كمــا يســتخدم ّ‬
‫املوســيقي األصــوات‪ ،‬ويســتخدم اخلطــاط احلــروف‬ ‫ّ‬ ‫ويســتخدم الرســام األلــوان‪ ،‬ويســتخدم‬
‫املكتوبة‪.‬‬
‫وظيفته‪:‬‬
‫‪1.1‬األدب يحقق التواصل ال بني األفراد فحسب‪ ،‬وإمنا بني األجيال والشعوب أيض ًا‪.‬‬
‫‪ُ 2.2‬ي َعــدُّ األدب وعــاء للفكــر والعلــم‪ ،‬وأداة لتبليغهمــا إلــى املســتويات كا ّفــة‪ ،‬متخطي ـ ًا يف‬
‫ذلــك حــدود املــكان والزمــان‪ ،‬فمــن حيــث تخطيــه حــدود املــكان يالحــظ أنــه مــا إ ْن‬
‫ويعم‬
‫‪ 8‬تظهر فكرة أو اكتشاف علمي إلى الوجود إال وقد تناوله األدب حتى ينتشر ّ‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـإن كثيــر ًا ممــا تفتقــت عنــه‬
‫‪1.1‬مختلــف البــاد‪ ،‬وأ َّمــا مــن حيــث تخطيــه حــدود الزمــان فـ َّ‬
‫أذهــان أســافنا مــن أفــكار مــا كان لهــا أ ْن تصــل إلينــا لــوال األدب‪ ،‬وهــو إلــى جانــب‬
‫ذلك قد حفظ لنا اجلانب األكبر من تاريخ اإلنسان وحضارته‪.‬‬
‫‪2.2‬يســهم األدب يف إثــراء ال ّلغــة التــي هــي األدب التــي يعمــل فيهــا األديــب فيشــكل منهــا‬
‫ما شاء له خياله من صور وأخيلة وتراكيب‪.‬‬
‫عبــر ُاألدب عــن جتــارب احليــاة‪ ،‬وعــادة مــا حتمــل تلــك التجــارب يف طياتهــا دعــوة إلــى‬
‫‪ُ 3.3‬ي ِّ‬
‫املثل والقيم واألخالق السامية التي يؤمن بها املجتمع اإلنساني ويطبقها‪.‬‬
‫‪4.4‬يصـ ّـور األدب عواطــف األديــب ومشــاعره وانفعاالتــه وآمالــه وأحالمــه وطموحاتــه‪ ،‬وهــو‬
‫أمــر مشــترك بــن البشــر‪ ،‬فمــا يــكاد األديــب يبــدع نصـ ًا يف جنــس أدبــي مــا ح َّتــى يجــد‬
‫طوائــف مــن البشــر تتلقــاه فتنفعــل معــه وتشــاركه يف أحاسيســه فيــه‪ ،‬ممــا ُيحــدث لــدى‬
‫املتلقي شعور ًا بالراحة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬زاوج العمود (أ) مبا سيناسبه من العمود (ب)‪:‬‬


‫(ب)‬ ‫(أ)‬
‫وظيفة اجتماعية‬ ‫األدب اإلنشائي‬
‫وظيفة شخصية‬ ‫األدب الوصفي‬
‫مثل الشعر والنثر‬ ‫ُيسهم األدب يف ثراء اللغة‬
‫وصف النصوص وحتليلها‬ ‫صور األدب عواطف الكاتب‬
‫ُي ّ‬
‫وظيفة لغوية‬ ‫ُيلقي األدب ظالله على املشكل االجتماعي‬
‫ـدت فيــه مــن معـ ٍ‬
‫ـان‬ ‫خلــص مــا وجـ َ‬ ‫ـث يف معجمــك اللغــوي عــن كلمــة (أدب)‪ ،‬و ِّ‬ ‫‪ 2.2‬ابحـ ْ‬
‫حول هذه الكلمة‪.‬‬
‫ـن مــن الفنــون يســتخدم فيــه الكاتــب اللغــة وســيلة إلــى اإلبــداع‪ .‬ناقــش هــذا‬
‫‪3.3‬األدب فـ ّ‬
‫التعريف‪ ،‬موضح ًا ذلك بنموذج ألديب‪.‬‬
‫‪4.4‬كيف ترى إسهام األدب يف معاجلة املشكالت االجتماعية؟‬
‫اذكــر شــخصية أدبيــة عربيــة‪ ،‬نالــت جائــزة نوبــل يف األدب‪ ،‬وبــن كيــف حققــت‬ ‫ْ‬ ‫‪5.5‬‬
‫التواصل بني الشعوب‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫العصور‬

‫األدب كغيــره مــن الفنــون املختلفــة األخــرى ليــس حكـ ًـرا علــى أمــة دون أمــة‪ ،‬وال هــو مختص‬
‫بعصــر دون عصــر‪ ،‬وال ببيئــة دون بيئــة‪ ،‬بــل هــو نتــاج إنســاني عــام تشــترك يف إبداعــه الشــعوب‬
‫كافة‪ ،‬يف مختلف العصور واألزمنة‪.‬‬
‫الدراســات ال ّت ّ‬
‫اريخيــة التــي تراقــب ســيره وتعنــي بتطــوره‪،‬‬ ‫ـدم فيــه ّ‬ ‫وال بــد لــكل أدب مــن أ ْن ُت َقـ َّ‬
‫وتقتضــي هــذه الدراســات عــادة أ ْن ينظــر الــدارس يف املراحــل املختلفــة التــي ميــر بهــا‪ ،‬خاصــة إذا‬
‫كان هــذا األدب يشــغل فتــرة طويلــة متتــد إلــى مئــات الســنني كمــا هــو شــأن األدب العربــي الــذي‬
‫يشغل قرابة خمسة عشر قرن ًا من الزمان‪.‬‬
‫وإليك املراحل التي مر بها األدب العربي عبر العصور‪:‬‬
‫‪1.1‬عصر ما قبل اإلسالم‪:‬‬
‫وهــو العصــر الــذي ســبق ظهــور اإلســام‪ ،‬ومــن هــذا العصــر ورثنــا روائــع األدب الــذي ســيظل‬
‫باقي ـ ًا بقــاء الزمــان‪ ،‬كاملعلقــات التــي هــي مجموعــة مــن القصائــد الطــوال اجليــاد تصــل إلــى‬
‫الســبع أو تتجاوزهــا‪ ،‬واملختــارات الشــعرية باإلضافــة إلــى مجموعــة مــن اخلطــب واحلكــم واألمثال‬
‫والوصايا‪ ،‬ومتيزت لغة هذا األدب بالقوة والصفاء واجلزالة‪.‬‬
‫‪2.2‬العصر اإلسالمي‪:‬‬
‫ويقســمه الباحثــون ‪-‬يف العــادة‪-‬‬
‫وهــو العصــر الــذي جــاء بعــد عصــر مــا قبــل اإلســام‪ِّ ،‬‬
‫إلى فترات ثالث هي‪:‬‬
‫ ‪ .‬أفتــرة النبــوة‪ :‬ومتتــد قرابــة ثالثــة وعشــرين عا ًمــا (‪13‬ق هـــ‪ 11-‬هـــ)‪ .‬و ُت َعــدُّ هــذه الفتــرة أســمى‬
‫الفتــرات يف تاريــخ العــرب واإلســام‪ ،‬وقــد ظهــرت يف تلــك الفتــرة أنــواع مــن األدب لــم تكــن‬
‫معروفــة قبــل ذلــك عنــد العــرب انعكــس فيهــا تأثــر املجتمــع العربــي بالقيــم اجلديــدة‪ ،‬فظهــر‬
‫الشــعر الــذي يدافــع عــن اإلســام يف شــخص نبيــه ‪ --‬حيــث ظهــرت القصائــد التــي‬
‫تشــيد بأخالقــه وســيرته ‪ ،-‬وقصائــد احلماســة التــي تدعــو إلــى نصــرة الديــن اجلديــد‪،‬‬
‫وخُ طب الوعظ التي تدعو املسلمني إلى االلتزام باألخالق احلميدة‪.‬‬
‫ ‪ .‬بفترة اخلالفة‪11( :‬هـ‪40 -‬هـ) (عصر صدر اإلسالم)‬
‫استمرت هذه الفترة قرابة الثالثني عام ًا‪َ ،‬م َّر املجتمع فيها بأحداث جسام منها‪ :‬حروب‬
‫‪11‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الـ ّـردة‪ ،‬والفتوحــات‪ ،‬وقالقــل داخليــة‪ ،‬وقــد أثــرت هــذه األحــداث يف احليــاة األدبيــة فظهــرت‬
‫أنــواع جديــدة مــن األدب متمثلــة يف الشــعر السياســي وشــعر الفتوحــات‪ ،‬إلــى جانــب األنــواع‬
‫األخرى التي كانت معروفة قبل تلك الفترة‪.‬‬
‫ ‪.‬جالفترة األموية (‪ 41‬هـ ‪ 132 -‬هـ)‬
‫امتــازت هــذه الفتــرة مــن هــذا العصــر بكثــرة الفتوحــات‪ ،‬وكثــرة املنازعــات القبليــة واملذهبيــة‬
‫واملعارضــات السياســية‪ ،‬وشــهدت نوع ـ ًا مــن النمــو االقتصــادي‪ ،‬والتوســع العمرانــي يف فتــرات‬
‫منهــا‪ ،‬ومــن الناحيــة العلميــة والثقافيــة بــدأ االتصــال بــاألمم األخــرى مــا أ ّدى إلــى الترجمــة مــن‬
‫اللغات األخرى‪ ،‬كما ُو ِض َع ْت يف هذا العصر األسس األولى لقواعد اللغة‪.‬‬
‫وقــد حتقــق ثــراء األدب يف تطــور شــكل القصيــدة وموضوعاتهــا‪ ،‬وظهــور الكتابــة املتمثلــة يف‬
‫عمالهــم يف مختلــف األمصــار‪ ،‬ومنــو حركــة‬ ‫الرســائل الديوانيــة التــي كان احلــكام يرســلونها إلــى ّ‬
‫النقد الذي جتاوز املالحظات العابرة إلى املوازنات والتأمالت والتحليالت املكتوبة‪.‬‬
‫‪3.3‬العصر العباسي (‪ 132‬هـ ‪ 656 -‬هـ)‪:‬‬
‫امتــد هــذا العصــر خمســة قــرون كاملــة كانــت مــن أخصــب العصــور اإلنســانية ثقافــة وحضارة‬
‫ونتاج ًا أدبي ًا وعلمي ًا؛ ونظر ًا لطول هذه الفترة قسمها بعض الباحثني إلى عصرين‪:‬‬
‫ ‪ .‬أالفتــرة العباســية األولــى (العصــر العباســي األول) (‪ 248-132‬هـــ) وهــي تلــك الفتــرة التــي‬
‫اتســمت بالوحــدة السياســية حتــت حكــم خليفــة امتــدت ســيطرته مــن حــدود الصــن شــرق ًا‬
‫إلى أقاصي املغرب غرب ًا‪ ،‬باستثناء األندلس التي انفصلت عن احلكم العباسي‪.‬‬
‫ ‪ .‬ب الفتــرة العباســية الثانيــة (العصــر العباســي الثانــي‪ ،‬عصــر الدويــات)‪ :‬وهــذه أطــول‬
‫عصــور األدب العربــي جميعــ ًا‪ ،‬إذ امتــدت أربعــة قــرون كاملــة‪ ،‬تبــدأ مــن ســنة ‪ 248‬هـــ‬
‫وتنتهــي ســنة ‪ 656‬هـــ‪ ،‬وكانــت مفعمــة بشــتى ضــروب اخلالفــات والنزاعــات واألحــداث‬
‫السياســية التــي أحدثــت هـ ّزات خطيــرة يف العالــم اإلســامي آنــذاك‪ ،‬مــن غــزوات صليبيــة‬
‫ومغولية إلى اضطرابات داخلية‪.‬‬
‫ويالحــظ أن األدب شــهد يف هــذا العصــر تطــور ًا كبيــر ًا جت َّلــى فيمــا ظهــر مــن تيــارات فكريــة‬
‫وفلســفية أغنــت األدب وزودتــه باملوضوعــات اجلديــدة واألفــكار العميقــة‪ ،‬كمــا جت َّلــى يف ظهــور‬
‫والقص الفلســفي‪،‬‬‫ّ‬ ‫كثيــر مــن األجنــاس األدبيــة التــي لــم تكــن معروفة مــن قبــل‪ ،‬مثل‪:‬املقامــات‬
‫والشــعر الفلســفي‪ ،‬والشــعر التعليمــي‪ ،‬والرســائل اإلخوانيــة‪ ،‬مــع ميــل بعــض األســاليب نحــو‬
‫اإلغراق يف السجع واحملسنات البديعية‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪4.4‬األدب األندلسي‪:‬‬
‫دراســة األدب األندلســي تســتغرق معظــم العصــور القدميــة؛ إذ متتــد مــا يربــو علــى الثمانيــة‬
‫قــرون‪ ،‬أي‪ :‬منــذ أن دخــل العــرب األندلــس إلــى ســقوط غرناطــة ســنة ‪897‬هـــ‪1492 -‬م‪ ،.‬وهي‬
‫بذلــك تقابــل شــطر ًا مــن اآلداب األمويــة‪ ،‬والعباســية‪ ،‬واململوكيــة وشــطر ًا مــن األدب العثمانــي‪،‬‬
‫وســبب دراســتها منفصلــة يكمــن فيمــا ظهــر فيهــا مــن مالمــح حضاريــة جعلتهــا بقعــة متميــزة‬
‫مــن بقيــة البقــع اإلســامية‪ ،‬وأدبهــا ينطــق باللغــة العربيــة الصافيــة‪ ،‬ويحمــل اخلصائــص نفســها‬
‫التــي يحملهــا األدب العربــي يف املشــرق‪ ،‬وتتنــاول املوضوعــات واألغــراض التــي تناولهــا‬
‫املشرقيون‪ ،‬إذ إن معظم األدباء كانوا متتلمذين على يد أدباء مشارقة أو نازحني من املشرق‪.‬‬
‫وقــد أســهم األندلسـ ّـيون بإضافــات كثيــرة إلــى األدب تشــهد مبــدى إبداعهــم وأصالتهــم‪ ،‬ومــن‬
‫ذلك‪:‬‬
‫الشعرية‪.‬‬
‫قدموها يف مجال األجناس ّ‬ ‫‪َّ - 1‬‬
‫املوشحات وهي من أبرز هذه اإلضافات التي ّ‬
‫ـفي املتم ّثــل يف قصــة «حــي بــن يقظــان» البــن طفيــل‪ ،‬وقصــة «ال ّتوابــع‬
‫ـص الفلسـ ّ‬
‫‪ - 2‬القـ ّ‬
‫النقدي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القص‬
‫وال ّزوابع» التي ابتدعها «ابن شهيد» يف مجال ّ‬
‫خاص وقد مت ّثل يف‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الشعر الذي ُطبع بطابع‬
‫‪ّ -3‬‬
‫ميزه عن األدب يف املشرق‪.‬‬ ‫مزجا ّ‬ ‫أ ‪ -‬مزج األغراض مبشاهد ّ‬
‫الطبيعة ً‬
‫تخــص البيئــة‬
‫ّ‬ ‫ب ‪ِ -‬شــ ْع ِر احلنــن واالغتــراب ومــا يتصــل بالقضايــا ذات العالقــة التــي‬
‫األندلسية‪.‬‬
‫والرقــي‬‫مــر هــذا األدب كمــا هــو شــأن األدب العربــي عامــة مبراحــل مــن التطــور ّ‬ ‫وقــد ّ‬
‫واالنحطــاط‪ ،‬وشــهد مــا شــهده األدب يف املشــرق مــن ّتيــارات أ ّثــرت فيــه ســلب ًا وإيجابـ ًا‪ ،‬ودفعــت‬
‫بــه أحيان ـ ًا إلــى اإلبــداع وال ّتجديــد‪ ،‬كمــا دفعــت بــه أحيان ـ ًا إلــى اجلمــود وال ّتقليــد ح ّتــى إ ّنــه‬
‫ليالحظ مدى ال ّتناظر بني هذا األدب ومثيله يف املشرق‪.‬‬
‫‪5.5‬العصر اململوكي والعثماني‪:‬‬
‫ ‪ .‬أالفترة اململوكية (العصر اململوكي‪656 :‬هـ‪923 -‬هـ)‪:‬‬
‫اقتصــرت ســيطرة املماليــك يف فتــرة مــن الفتــرات علــى مصــر والشــام‪ّ ،‬‬
‫فكونــوا بذلــك دويلــة‬
‫ـن مــا ّمييزهــم هــو أثرهــم الواضــح يف‬
‫الدويــات التــي تقاســمت ذلــك العالــم آنــذاك‪ ،‬لكـ ّ‬
‫مــن ّ‬
‫ليبيــن‪ ،‬ويف التفــاف احلركــة الفكر ّيــة واحلضاريــة حولهــم‪ ،‬ثــم يف التفافهــم‬
‫الص ّ‬‫مقاومــة الغــزاة ّ‬
‫حول ما بقي من أثر للعباسيني يف بغداد‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ ‪ .‬أالفترة العثمانية (‪1213 -923‬هـ)‪:‬‬
‫الدارســون علــى األدب العربــي يف هــذه الفتــرة بضعفــه وتدهــوره مبــا ا ّتســم بــه مــن‬ ‫حكــم ّ‬
‫بديعيــة ركيكــة‪ ،‬ولكــن مــع ذلــك يلحــظ‬ ‫ّ‬ ‫ضحالــة يف املوضوعــات واألفــكار‪ ،‬ومــن اصطنــاع للغــة‬
‫ـي مبــا أبدعــوه مــن أدب أصيــل ومــن‬ ‫أنّ كثيــر ًا مــن األدبــاء اســتطاعوا أن يجــاروا األدب العباسـ ّ‬
‫الرحلــة وأدب‬ ‫األدبيــة‪ ،‬كأدب ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقــدمي إضافــات كثيــرة إليــه متثلــت يف تطــور بعــض األجنــاس‬
‫الســيرة الذاتيــة‪ ،‬كمــا متثلــت يف ظهــور بعــض األجنــاس األدبيــة التــي لــم تكــن معروفــة مــن قبــل‬
‫الشــعر نفســه خطــوات ملحوظــة يف‬ ‫مثــل األدب التمثيلــي املتمثــل يف (خيــال الظــل)‪ ،‬وقــد خطــا ّ‬
‫الصليبيــن واملغــول‪ ،‬وكذلــك يف‬
‫ّ‬ ‫املجــال ا ّلــذي يصــور شــعر املعــارك التــي خاضهــا املســلمون ضــد‬
‫«البديعيــات»‪ ،‬ويف شــعر احلكمــة واملوعظــة‬
‫ّ‬ ‫شــعر املديــح النبــوي الــذي ظهــر فيــه مــا ُيعــرف بـــ‪:‬‬
‫املطولة‪.‬‬
‫الذي أنشئت يف إطاره القصائد ّ‬
‫‪6.6‬األدب احلديث واملعاصر (‪1213‬هـ‪ -‬إلى وقتنا احلاضر)‬
‫أ ‪ -‬الفتــرة احلديثــة‪ :‬وهــي فتــرة جيــل النهضــة والتــي متيــزت بأنهــا كانــت فتــرة البطــوالت‬
‫والتضحيــات‪ ،‬والعطــاء‪ ،‬والنضــال ضــد املســتعمرين‪ ،‬كمــا كانــت فتــرة العــودة إلــى إحيــاء‬
‫والعلميــة والدينيــة ومحاولــة النســج علــى منوالهــا‪ ،‬ومــن‬
‫ّ‬ ‫املاضــي املجيــد‪ ،‬وبعــث آثــاره األدبيــة‬
‫ناحيــة أخــرى كانــت فتــرة االتصــال بالغــرب يف حضارتــه عــن طريــق البعثــات والترجمــة‪ ،‬ثـ ّـم‬
‫محاولة تقليده واإلفادة مما ق ََّدم‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الفتــرة املعاصــرة‪ :‬وهــي الفتــرة التــي نشــهدها اآلن ونعايــش أدباءهــا ومــا يبدعونــه مــن‬
‫األدبية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نصوص يف ش ّتى األجناس‬
‫صراعــا بــن القــدمي واحلديــث‪،‬‬
‫ً‬ ‫ـي يف الفترتــن ‪ -‬احلديــث واملعاصــر‪-‬‬ ‫وقــد شــهد األدب العربـ ّ‬
‫أدبيــة‬
‫إلــى جانــب ال ّتالقــح بــن ال ّت ّيــارات األدبيــة الكثيــرة الوافــدة‪ ،‬أدى إلــى ظهــور أجنــاس ّ‬
‫جديــدة لــم تعرفهــا العصــور القدميــة‪ ،‬كاملســرح الشــعري والنثــري‪ ،‬وامللحمــة‪ ،‬والروايــة‪ ،‬والقصــة‬
‫القصيرة‪ ،‬والشعر احلر واملرسل واملنثور‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬زاوج العمود (أ) مبا سيناسبه من العمود (ب)‪:‬‬


‫(ب)‬ ‫(أ)‬
‫(‪ 41‬هـ‪132 -‬هـ)‬ ‫فترة ما قبل اإلسالم‬
‫(‪923‬هـ‪1213 -‬هـ)‬ ‫فترة صدر اإلسالم‬
‫(‪132‬هـ ‪248 -‬هـ)‬ ‫الفترة األموية‬
‫(‪656‬هـ ‪932 -‬هـ)‬ ‫الفترة العباسية األولى‬
‫(‪248‬هـ‪656 -‬هـ)‬ ‫الفترة العباسية الثانية‬
‫(‪11‬هـ ‪41 -‬هـ)‬ ‫الفترة اململوكية‬
‫الفترة العثمانية‬

‫‪2.2‬ضع عالمة ( ‪ ) ‬أمام العبارة الصحيحة وعالمة ( ‪ ) ‬أمام العبارة اخلاطئة‪:‬‬


‫( )‬ ‫ ‪.‬أ يحمل األدب األندلسي اخلصائص نفسها التي يحملها األدب يف املشرق‪ .‬‬
‫ ‪.‬ب امتازت الفترة ا ُألموية بأنها الفترة التي ُجمع فيها الشعر‪ ،‬وحتق ََّق فيها ثراء األدب ‪) ( .‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬جيقصد باألدب املعاصر‪ :‬الفترة التي نشهدها اآلن‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬دمتثل املعلقات منوذج ًا متميز ًا لشعر ما قبل اإلسالم‪.‬‬
‫‪3.3‬يقســم بعــض النقــاد الدراســة األدبيــة يف عصــر الدولــة العباســية إلــى فترتــن‪ ،‬مــا‬
‫أسباب ذلك‪ ،‬وهل لك رأي مخالف؟‬

‫‪15‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫األجناس‬
‫التّعريف‪:‬‬
‫اجلنــس األدبــي هــو كل عمــل يتضمــن مجموعــة مــن اخلصائــص تلحقــه مبجموعــة مــن‬
‫كل جــزء منــه‪،‬‬ ‫ـب عمــل لــه إيقــاع وحــروف يتفــق يف االنتهــاء بهــا ّ‬ ‫األعمــال األدبيــة‪ ،‬فــإذا ُك ِتـ َ‬
‫وكانــت تلــك األجــزاء متناظــرة متناســبة‪ ،‬وكان ذلــك العمــل ُم َحلِّقـ ًا يف ســماء اخليــال سـ ّـميناه‬
‫ـب عمــل وكان خاليـ ًا مــن ذلــك اإليقــاع و ُت َناقــش فيه‬‫الشــعر‪ ،‬وإذا ُك ِتـ َ‬
‫قصيــدة وأحلقنــاه مبــا يسـ ّـمى ِّ‬
‫بعض القضايا بواقعية وتفصيل سمينا ذلك مقا ًال‪ ،‬وأحلقناه مبا يسمى (النثر)‪.‬‬
‫مكو ًنــا مــن مجموعــة مــن األحــداث املتسلســلة التــي تقــوم بهــا‬ ‫عمــل وكان ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وإذا ُك ِت َ‬
‫ــب‬
‫شــخصيات خياليــة متاثــل الشــخصيات الواقعيــة‪ ،‬ســمينا ذلــك (قصــة) وأحلقناهــا مبــا يســمى‬
‫(قصــة شــعر ّية)‪ ،‬وإذا‬‫(الشــعر) نطلــق عليــه ّ‬ ‫ـص يف أســلوبه إلــى ّ‬ ‫ـص)‪ ،‬وإذا انتمــى ذلــك القـ ّ‬ ‫(القـ ّ‬
‫ـكل أسـ ٌـر ُنطلــق عليهــا مصطلــح (األجنــاس‬ ‫انتمــى إلــى (النثــر) كان (قصــة نثر ّيــة) وبذلــك تتشـ ّ‬
‫األدبيــة)‪ ،‬إذ ًا‪ ،‬فاجلنــس األدبــي‪ :‬مجموعــة مــن‬ ‫ّ‬ ‫األدبيــة)‪ ،‬أو (الفنــون‬
‫ّ‬ ‫األدبيــة)‪ ،‬أو (األنــواع‬
‫ّ‬
‫األدبية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تكون نظا ًما تندرج حتته مجموعة من األعمال‬ ‫األدبية التي ّ‬‫ّ‬ ‫اخلصائص‬
‫والدارســون العــرب القدمــاء إلــى تفـ ّـرع األدب العربــي إلــى مجموعــة مــن‬ ‫وقــد تنبــه النقــاد ّ‬
‫والوصيــة‪ ،‬واملُناظــرة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والقصــة‪ ،‬واملقامــة‪ ،‬واخلطبــة‪ ،‬واملوعظــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األجنــاس منهــا‪ :‬القصيــدة‪،‬‬
‫واملُنافرة‪.‬‬
‫تطورها‪:‬‬
‫ـل وتتحـ ّـول إلــى أجنــاس أخــرى بحســب‬ ‫األدبيــة) وتنمــو وتتطـ ّـور وتضمحـ ّ‬
‫ّ‬ ‫تنشــأ (األجنــاس‬
‫كل عصــر‪ ،‬فمــن ذلــك املالحــم واملقامــات‬ ‫يتميــز بهــا ّ‬
‫املعطيــات ال ّثقافيــة واالجتماعيــة التــي ّ‬
‫الروايــة‬
‫التــي كانــت رائجــة يف فتــرة زمنيــة‪ ،‬ولــم يعــد لهــا كبيــر اهتمــام اآلن‪ ،‬يف حــن أن جنــس ّ‬
‫حظــي باهتمــام واســع يف هــذا العصــر‪ ،‬ولك ّنــه لــم يكــن معروف ـ ًا يف القــدمي‪ ،‬وكذلــك ّ‬
‫القصــة‬
‫القصيرة ا ّلتي لم ُتعرف إ ّال يف اآلداب احلديثة‪.‬‬
‫ـرحية مـ ّـرت بتطـ ّـورات كبيــرة‪ ،‬إذ حتولــت‬
‫ومــن حيــث تطـ ّـور هــذه األجنــاس فإننــا نالحــظ أن املسـ ّ‬
‫والشــروط ا ّلتــي كانــت تتميــز بهــا يف‬
‫الشــعر إلــى ال ّنثــر‪ ،‬وتخ ّلصــت مــن كثيــر مــن اخلصائــص ّ‬ ‫مــن ّ‬
‫الشــعر وحتى عصرنــا احلاضر‪،‬‬ ‫القــدمي‪ ،‬كمــا ُيلْحــظ أن القصيــدة قــد تطــورت تطـ ً‬
‫ـورا كبيـ ًـرا منذ نشــأة ّ‬
‫من القصيدة البسيطة إلى القصيدة املركبة‪ ،‬ومن قصيدة البحر إلى قصيدة ال ّتفعيلة‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬زاوج العمود (أ) مبا سيناسبه من العمود (ب)‪:‬‬


‫(ب)‬ ‫(أ)‬
‫الشعر‪.‬‬
‫تنتمي يف أسلوبها إلى ِّ‬ ‫القصة النثرية‬
‫تنتمي يف أسلوبها إلى النثر‪.‬‬ ‫القصة الشعرية‬
‫مجموعــة مــن اخلصائــص تكـ ّـون نظامـ ًا تنــدرج‬ ‫اجلنس األدبي‬
‫حتته مجموعة من األعمال األدبية‬
‫الرواية والقصيدة واخلطبة‬ ‫من األجناس األدبية‬
‫‪2.2‬ضع عالمة (‪ )‬أمام العبارة الصحيحة وعالمة ( ‪ ) ‬أمام العبارة اخلاطئة‪:‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬أاألدب نتاج إنساني للشعوب كافّة‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬
‫الشعري‪.‬‬
‫ ‪.‬بليس من الضروري معرفة العصر األدبي لل ّنص النثري أو ِّ‬
‫ ‪.‬جتتطور األجناس األدبية وتتحول إلى أجناس أخرى حسب املعطيات الثقافية واالجتماعية‬
‫)‬ ‫)‬ ‫ ‬
‫التي يتميز بها كل عصر‪.‬‬
‫)‬ ‫ ‪.‬داملقامة جنس أدبي ُعرف يف اآلداب القدمية وال يزال موجود ًا حتى اآلن‪( .‬‬
‫‪3.3‬املقــال جنــس أدبــي ُي َناقــش قضيــة أدبيــة‪ ،‬ومــن ذلــك مــا ينشــر يف املجــات‪ .‬ابحــث‬
‫عن مقال واقرأه‪َ ،‬وب ِّي الفكرة الرئيسة فيه‪ ،‬واذكر أهم خصائصه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أو ًال‪ -‬الشعر‬
‫ّ‬
‫الغنائي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ّ 1.1‬‬
‫الشعر‬
‫الشــاعر فيــه يتغ ّنــى بذاتــه واصف ـ ًا مشــاعرها وأحالمهــا وآمالهــا‬
‫الشــعر بذلــك؛ ألنّ ّ‬‫ـم َي ّ‬
‫ُسـ ِّ‬
‫وآالمهــا‪ ،‬ومــا ُتــب ومــا تكــره‪ ،‬مدافع ـ ًا عنهــا ومفتخــر ًا بهــا‪ ،‬متوص ـ ً‬
‫ا إلــى بلــوغ ذلــك مــن‬
‫خــال املشــاهد الطبيعيــة التــي يصفهــا‪ ،‬أو مــن خــال وصــف احلــروب التــي يخــوض غمارهــا‪،‬‬
‫أو من خالل مدح األشخاص‪.‬‬
‫وقــد كان القدمــاء يترنّ ــون بــه علــى ظهــور رواحلهــم ويف مراعيهــم ومزارعهــم ومعاركهــم‪ ،‬ويف‬
‫مختلــف شــؤون حياتهــم عندمــا يحتاجــون إلــى ال ّترفيــه عــن أنفســهم أو االســتعانة بــه علــى‬
‫الشــعوب ال يف القــدمي وال يف احلديــث لــم‬
‫مشــاغل احليــاة ومتاعبهــا‪ ،‬وال يوجــد شــعب مــن ّ‬
‫األدبيــة جميع ـ ًا‪ ،‬يف مختلــف‬
‫ّ‬ ‫الشــعر‪ ،‬بــل إ ّنــه لَ ُي َعــدُّ أقــدم األجنــاس‬
‫يعــرف هــذا النــوع مــن ّ‬
‫قســمه إلــى أغــراض‬‫ـي فلــم يعــرف غيــره يف القــدمي‪ ،‬وقــد ّ‬ ‫العامليــة‪ ،‬أمــا األدب العربـ ّ‬
‫ّ‬ ‫اآلداب‬
‫الرثــاء‪ ،‬الفخــر‪ ،‬احلماســة‪ ،‬الهجــاء‪ ،‬الوصــف‪ ،‬علــى أنّ منــه‬ ‫رئيســة‪ ،‬وهــي‪ :‬الغــزل‪ ،‬املــدح‪ّ ،‬‬
‫الشعر الذي يتناول السياسة‪ ،‬والشعر الفلسفي‪ ،‬وشعر احلكمة‪ ،‬والشعر التعليمي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والقصيدة الشعرية الغنائية نوعان‪:‬‬
‫● ●القصيدة البسيطة‪ :‬وهي التي تتناول موضوع ًا واحد ًا أو غرض ًا واحد ًا‪.‬‬
‫املركبــة‪ :‬وهــي التــي تتنــاول مجموعــة مــن األغــراض‪ ،‬أو غرضـ ًا واحــد ًا مــن جوانب‬
‫● ●القصيــدة َّ‬
‫مختلفة‪ ،‬وتفتتح عادة بالغزل أو الوقوف على األطالل‪.‬‬
‫الشكلية‪ ،‬ميكن أن نصنف القصائد احلديثة إلى نوعني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ •وبسبب التغييرات الكثيرة‬
‫● ● القصيدة احملافظة‪ :‬وهي التي تنظم بحسب البحور القدمية املعروفة‪.‬‬
‫● ●القصيدة احلديثة‪ :‬وهي التي تنظم حسب التفعيالت‪.‬‬
‫امللحمي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشعر‬
‫امللحمــة هــي قصيــدة طويلــة يبلــغ عــدد أبياتهــا اآلالف‪ ،‬تتغ ّنــى بأمجــاد األ ّمــة وتصــف بعــض‬
‫ـطوري‬
‫ـي مشـ ّـوق‪ ،‬ويف ثــوب أسـ ّ‬ ‫األحــداث التاريخيــة اجلســام التــي مـ ّـرت بهــا‪ ،‬يف أســلوب قصـ ّ‬
‫ـعري قــدمي لــم َي ُع ـ ْد مطروق ـ ًا اآلن‪ ،‬وقــد كان األغريــق‬
‫يجنــح إلــى اخليــال‪ ،‬وامللحمــة جنــس شـ ّ‬
‫والفُرس أول من عرفه من القدماء‪ ،‬أ ّما األدب العربي فلم يعرف هذا النوع من الشعر يف‬
‫‪18‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫قدميــه إ ّال تلــك القصــص البطوليــة القدميــة التــي صيغــت نثــرا‪ ،‬وكانــت زاخــرة بالقصائــد‬
‫واألناشــيد التــي يرددهــا األبطــال مثــل‪( :‬ســيرة عنتــرة) و(ســيرة الزيــر ســالم)‪ ،‬و(تغريبــة بنــي‬
‫هالل)‪.‬‬
‫وقــد حــاول بعــض األدبــاء احملدثــن إدخــال هــذا اجلنــس الشــعري إلــى األدب العربــي احلديث‬
‫عــن طريــق ترجمــة بعــض املالحــم األجنبية مثــل‪« :‬اإلليــاذة»‪ ،‬التــي ترجمها ســليمان البســتاني‬
‫العربيــة‪ ،‬أو عــن طريــق ابتــداع مالحــم جديــدة اعتمــاد ًا علــى التاريــخ العربــي‬
‫ّ‬ ‫شــعر ًا إلــى‬
‫محرم‪.‬‬
‫الشاعر أحمد ّ‬ ‫العربي) التي كتبها ّ‬
‫ّ‬ ‫بي‬
‫اإلسالمي القدمي‪ ،‬مثل‪ :‬ملحمة (محمد ال ّن ّ‬
‫‪ّ 1.1‬‬
‫الشعر القصصي‪:‬‬
‫قصــة ُتصــاغ شــعر ًا‪ ،‬علــى أ ّنــه لــم يكــن ذا شــأن يف اآلداب العامليــة ك ّلهــا‪ ،‬ومــا ُو ِجـ َ‬
‫ـد منــه‬ ‫هــو ّ‬
‫الشــعرية التــي تــروي قصــص األبطــال‪،‬‬ ‫األوروبيــة كان مكتوبــ ًا مثــل‪ :‬احلكايــات ّ‬‫ّ‬ ‫يف ال ّلغــات‬
‫الشعرية يف األدب اليوناني القدمي‪.‬‬ ‫الرعاة ّ‬
‫ومثل‪ :‬قصص ّ‬
‫وميكــن أن منثــل لهــذا اجلنــس مــن الشــعر يف األدب العربــي القــدمي بقصــص احليــوان املنظومــة‬
‫شــعر ًا مثــل‪ :‬قصــة «كليلــة ودمنــة» التــي ترجمهــا إلــى العربيــة ابــن املقفــع ونقلهــا إلــى الشــعر‬
‫ـي» املُ َتو َّفــى ســنة ‪200‬هـــ‪ .‬كمــا ميكــن أن منثــل لــه يف األدب احلديــث‬
‫ـي «ا ّلالحقـ ّ‬
‫الشــاعر العباسـ ّ‬
‫(الشوقيات)‪.‬‬‫الشهير ّ‬ ‫حيوانية ضم ّنها ديوانه ّ‬
‫ّ‬ ‫مبا نظمه أحمد شوقي من حكايات‬
‫املسرحي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪2.2‬الشعر‬
‫ـي يقــدم علــى خشــبة املســرح‪ ،‬ويجــري فيــه احلــوار بــن‬ ‫ـعري قصصــي متثيلـ ّ‬
‫هــو جنــس شـ ّ‬
‫ـخصيات شــعر ًا‪ ،‬ومــن أهــم عناصــره‪ :‬الشــخصيات‪ ،‬واألحــداث‪ ،‬واحلــوار‪ ،‬و ُي َعــدُّ مــن أرقــى‬ ‫الشـ ّ‬
‫ظــل محافظــ ًا علــى‬ ‫العامليــة يف القــدمي واحلديــث‪ ،‬ورغــم قدمــه َّ‬
‫ّ‬ ‫األجنــاس الشــعرية يف اآلداب‬
‫مكانتــه إلــى وقــت متأخــر جـ ّـدا مــن النهضــة العامليــة احلديثــة‪ ،‬وقــد ُعــرف يف بعــض اآلداب‬
‫العامليــة القدميــة‪ ،‬كاألدبــن اإلغريقــي والرومانــي‪ ،‬وكان مــن أشــهر ك ّتابــه يف اآلداب الغربيــة‬
‫ـب مجموعــة مــن املســرحيات الشــعرية لــم تــزل‬ ‫الشــاعر اإلجنليــزي الكبيــر شكســبير الــذي كَ َتـ َ‬
‫ـي يف القــدمي فقــد عرفــه حديثـ ًا علــى أيــدي‬‫ُتقــرأ ومت ّثــل ح ّتــى اليــوم‪ ،‬ومــا لــم يعرفــه األدب العربـ ّ‬
‫عبدالصبور‪ ،‬ومحمد الفيتوري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعض الشعراء‪ ،‬مثل‪ :‬أحمد شوقي‪ ،‬وعزيز أباظة‪ ،‬وصالح‬

‫‪19‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪ 1.1‬ضع عالمة (‪ )‬أمام العبارة الصحيحة وعالمة (‪ )‬أمام العباراة اخلاطئة‪:‬‬


‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬أالشعر الغنائي يتغ َّنى فيه الشاعر باآلخرين‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‪.‬بكان قدماء العرب يترمنون بالشعر امللحمي على ظهور رواحلهم‪ .‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬جالشعر امللحمي قصيدة قصيرة ذات أبيات محدودة‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬
‫ ‪.‬داحلوار بني الشخصيات يف الشعر املسرحي من جنس النثر‪.‬‬
‫‪2.2‬مــن أجنــاس الشــعر‪ :‬الغنائــي‪ ،‬وامللحمــي‪ ،‬والقصصــي‪ ،‬واملســرحي‪ .‬يف حــوار مــع‬
‫ي خصائص ٍّ‬
‫كل منها‪.‬‬ ‫زمالئك َب ِّ ْ‬
‫‪َ ِ 3.3‬ب تتميز القصيدة الغنائية املركبة من القصيدة الغنائية البسيطة؟‬

‫‪20‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬ال َّنثر‬
‫اليوميــة كثيــرة‬
‫ّ‬ ‫النثــر أكثــر تطــور ًا مــن الشــعر ملجموعــة عوامــل منهــا‪ :‬شــدة التصاقــه باحليــاة‬
‫والتطور‪ ،‬وق ّلة خضوعه للقيود األدبية التي يخضع لها الشعر عادةً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التغير‬
‫ّ‬
‫وتنشــأ أجنــاس النثــر يف اآلداب املختلفــة تبعـ ًا للحاجــة احلضاريــة إليهــا‪ ،‬فقــد ظهــرت ّ‬
‫الرســالة‬
‫ـوي نظــر ًا حلاجــة احلــكام والــوالة ملخاطبــة عمالهــم‪ ،‬فيمــا ي ّتصــل بشــؤون‬
‫الديوانيــة يف العصــر األمـ ّ‬
‫الدولــة‪ ،‬ونشــأت املقامــات يف العصــر العباســي للشــعور باحلاجــة إلــى معاجلــة مشــكالت احليــاة‬ ‫ّ‬
‫وعرفــت املقالــة يف العصــر احلديــث للحاجــة إلــى‬ ‫معاجلــة قصيــة تتســم باملوضوعيــة واحليــاد‪ُ ،‬‬
‫مخاطبة اجلمهور من خالل الصحافة‪ ،‬وفيما يلي دراسة للنثر قدميه وحديثه‪.‬‬
‫‪1.1‬النثر الفني القدمي‬
‫النثــر الفنــي القــدمي هــو مــا كان مقتصــر ًا علــى األدب العربــي يف عصــوره القدميــة‪ ،‬بــدء ًا مــن‬
‫فتــرة مــا قبــل اإلســام وإلــى نهايــة العصــر العثمانــي‪ ،‬ومنــه‪ :‬اخلطابــة‪ ،‬والوصايــا‪ ،‬واملنافــرات‪،‬‬
‫واحلكم واألمثال‪ ،‬واملناظرات‪ ،‬والقصص‪ ،‬واحلكايات‪ ،‬واملقامات‪ ،‬والرسائل‪.‬‬
‫ ‪.‬أاخلطابة‪:‬‬
‫اخلطابــة جنــس نثــري يتوجــه فيــه شــخص يتميــز بالبالغــة والفصاحــة والقــدرة علــى التعبيــر‬
‫إلــى مخاطبــة اجلمهــور مباشــرة‪ ،‬وهدفــه‪ :‬التأثيــر يف مســتمعيه يف قضيــة اجتماعيــة أو دينيــة أو‬
‫ويســمى العمــل األدبــي املنتمــي إلــى هــذا اجلنــس (خُ ْط َبــة)‪ ،‬وللخطبــة‬
‫ّ‬ ‫سياســية يطرحهــا‪،‬‬
‫واخلطيب خصائص منها‪:‬‬
‫• •البنــاء اللغــوي احملكــم القائــم علــى أســاس املفــردات القريبــة الســهلة‪ ،‬واجلمــل القصيــرة‬
‫باملقدمات‪،‬‬
‫املترابطــة الواضحــة‪ ،‬فاألســلوب القــوي البــارع املؤثــر هــو الذي ترتبــط فيــه النتائــج ّ‬
‫ويقوم فيه اإلقناع الفني بدوره إلى جانب اإلقناع العقلي‪.‬‬
‫• •طالقــة لســان اخلطيــب‪ ،‬وجهوريــة صوتــه‪ ،‬وقــوة شــخصيته‪ ،‬ووضــوح ُح َج ِجــه‪ ،‬وقدرتــه علــى‬
‫التأثير‪.‬‬
‫وتتألــف اخلطبــة مــن مقدمــة ووســط وخامتــة حيــث يلجــأ اخلطيــب يف املقدمــة إلــى محاولــة‬
‫اســتمالة مســتمعيه وتشــوقيهم بعــرض القضيــة عرضـ ًا موجــز ًا أو اإلشــارة إليهــا‪ ،‬ثـ ّـم يعرضهــا يف‬
‫مدعمــة بالبراهــن واحلجــج العقليــة املتمثلــة يف االســتدالل باملسـ َّلمات‪ ،‬واحلجــج‬
‫مفصلــة ّ‬
‫الوســط َّ‬
‫يلخص‬ ‫حل َكم واألمثال‪ ،‬ثم ِّ‬ ‫النقلية املتمثلة يف إيراد اآليات القرآنية‪ ،‬واألحاديث النبو ّية وا ِ‬
‫‪21‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫مــا توصــل إليــه يف اخلامتــة‪ ،‬واملعتــاد يف اخلطــب اإلســامية أن تبــدأ بالبســملة واحلمــد‪،‬‬
‫النبي‪ ،‬وتختم بالدعاء‪.‬‬ ‫والصالة على ّ‬
‫وقــد ُعرفــت اخلطابــة يف مختلــف العصــور األدبيــة العربيــة القدميــة‪ ،‬فقــد كانــت اخلطــب قبــل‬
‫اإلســام تلقــى يف األســواق العامــة واملنتديــات‪ ،‬مثــل‪ :‬خطبــة قــس بــن ســاعدة اإليــادي التــي‬
‫ألقاهــا يف ســوق عــكاظ ُقبيــل البعثــة‪ ،‬وعندمــا ظهــر اإلســام أَولَــى اخلطابــة عنايــة خاصــة حتــى‬
‫غــدت جــزء ًا مهمــا يف كثيــر مــن العبــادات‪ ،‬كاجلمعــة‪ ،‬واألعيــاد‪ ،‬واحلــج‪ ،‬وأصبحــت يف صــدر‬
‫اإلســام ويف العصــور التاليــة لــه تقليــد ًا يؤديــه القــادة أمــام اجلنــود‪ ،‬واحلــكام والــوالة أمــام رعيتهــم‬
‫عند توليهم األمر‪ ،‬كما كانت أداة العلماء واألئمة يف نصحهم ووعظهم‪.‬‬
‫ ‪.‬أالوصايا‪:‬‬
‫يتوجــه بــه املتك ّلــم إلــى املخاطــب وموضوعهــا املســائل التــي‬ ‫الوصيــة هــي خطــاب مباشــر ّ‬ ‫ّ‬
‫والصلــح‪ ،‬وإذا كانــت اخلطبــة ُتفتتــح بنــداء اجلمــوع مثــل‪:‬‬ ‫تتعلــق باألســرة‪ ،‬كال ـ ّزواج وامليــراث ّ‬
‫الشــخص الواحد‪،‬‬ ‫الوصيــة عــادة مــا كانــت ُتف َت َتح بنــداء ّ‬
‫ّ‬ ‫(أ ّيهــا ال ّنــاس)‪ ،‬أو (أ ّيهــا املؤمنــون)‪ ،‬فــإنّ‬
‫ني) أو (أي ُبنية)‪( ،‬أو ما شابه ذلك‪.‬‬ ‫ني) أو (أي ُب َّ‬ ‫مثل‪( :‬يا ُب ّ‬
‫ ‪.‬باملنافرات‪:‬‬
‫قوليــة يحتكــم فيهــا اثنــان مــن فصحــاء العــرب إلــى أحــد احلكمــاء‪،‬‬ ‫املنافــرة خصومــة ّ‬
‫أدبيــة ّ‬
‫ويتفاخــران فيهــا باألنســاب‪ ،‬واألحســاب‪ ،‬والقــوة‪ ،‬واجلــاه‪ ،‬واملجــد‪ ،‬والكــرم‪ ،‬والشــجاعة‪،‬‬
‫والســؤدد‪ ،‬ومــن خصائصهــا أن تكــون مســجوعة قصيــرة اجلمــل ‪-‬يف األعــم األغلــب‪ -‬و ُيكثــر فيهــا‬
‫اســتخدام ضميــر املتك ّلــم للمفــرد أو للجمــع‪ ،‬وقــد اقتصــر شــيوع هــذا اجلنــس األدبــي علــى عصــر‬
‫وأميــة بــن عبــد شــمس‪،‬‬‫مــا قبــل اإلســام‪ ،‬ومــن أشــهر مناذجــه منافــرة هاشــم بــن عبــد منــاف‪ّ ،‬‬
‫ومنافرة علقمة وعامر بن طفيل أمام الفزاري‪.‬‬
‫حل َكم واألمثال‪:‬‬ ‫ ‪.‬جا ِ‬
‫األغلــب هــو أن ال تنشــأ احلكــم واألمثــال إ ّال يف إطــار جنــس أدبـ ّ‬
‫ـي آخــر‪ ،‬وهــي لذلــك قــد‬
‫الشــعر‪ ،‬أو يف مقولــة نثر ّيــة‪ ،‬وقــد تــرد يف حكايــة‪ ،‬أو يف قصيــدة‪ ،‬أو‬
‫تكــون يف شــكل بيــت مــن ّ‬
‫تلخــص جتربــة صاحبهــا يف‬
‫وصيــة‪ ،‬واحلكمــة أو املثــل مقولــة موجــزة مك ّثفــة ّ‬‫يف خطبــة‪ ،‬أو يف ّ‬
‫احلياة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫وإذا كان املثــل ُيلقــى يف موقــف خــاص ويكــون م ّتصــا بــه ا ّتصــا ًال وثيقـ ًا يف معانيــه ومفرداتــه‪،‬‬
‫ثـ ّـم ُي َع َّمــم معنــاه فيكــون صاحلـ ًا للتعبيــر عــن املواقــف املشــابهة‪ ،‬فاحلكمــة تكــون عا ّمــة شــاملة يف‬
‫معناها ويف مفرداتها‪.‬‬
‫ـنِ)‪ ،‬وهــو ُيضــرب ملــن يرجــع خائب ـ ًا خاســر ًا لــم‬ ‫(ر َجـ َـع ِبخُ ّفــي ُح َنـ ْ‬
‫ومــن األمثــال قولهــم‪َ :‬‬
‫ـي بــأن ألقــى لــه خفّيــه واختفــى‪،‬‬ ‫يظفــر مبــا كان يريــد‪ ،‬وأصلــه َّأن ُحنينـ ًا هــذا احتــال علــى أعرابـ ّ‬
‫فعثــر األعرابــي علــى أحدهمــا وجعــل يبحــث عــن اآلخــر ح ّتــى ابتعــد عــن راحلتــه فاســتولى‬
‫عيــر‬
‫فعيــره النــاس بذلــك‪ ،‬ثـ ّـم صــار ُي ّ‬ ‫ـنِ)‪ّ ،‬‬ ‫(ر َجـ َـع ِبخُ ّفــي ُح َنـ ْ‬
‫عليهــا ُحنــن وكان نصيبــه هــو أنْ‪َ :‬‬
‫كل مــن يفعــل فعــل ذلــك الرجــل‪ ،‬فانظــر كيــف صــار ذلــك املثــل عا ًّمــا‪ ،‬ومــن ا ِ‬
‫حل َكــم قــول‬ ‫بــه ّ‬
‫الطمــع‬ ‫ـد»‪ ،‬وهــو قــول يحـ ّـذر مــن ّ‬ ‫ـي بــن أبــي طالــب ‪-‬رضــي اهلل عنــه‪َّ :-‬‬
‫«الط َمـ ُـع ِر ٌّق ُم َو َّبـ ٌ‬ ‫علـ ّ‬
‫حدد‪.‬‬ ‫بصورة عا ّمة دون أن يرتبط مبوقف ُم ّ‬
‫ ‪.‬أاملناظرات‪:‬‬
‫املناظــرة حــوار بــن شــخصني أو أكثــر يف قضيــة مــا فيتناظــران‪ ،‬أي‪ :‬يتبــادالن احلجــج يف تأييــد‬
‫ٍّ‬
‫كل رأيــه‪ ،‬ودحــض الــرأي اآلخــر‪ ،‬واملناظــرة األدبيــة هــي تلــك القضايــا املطروحــة ممّــا يهتــم بــه‬
‫كقضيــة اللفــظ واملعنــى‪ ،‬أو قضيــة املفاضلــة بــن صناعــة احلســاب وصناعــة اإلنشــاء‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫األدب‪،‬‬
‫كاملناظرات التي جتري بني املتخاصمني يف ميداني السياسة والفكر‪.‬‬
‫ـي العتمــاده علــى العقــل واملنطــق اللذيــن‬ ‫وقــد شــاع هــذا اجلنــس األدبــي يف العصــر العباسـ ّ‬
‫أبوحيــان ال ّتوحيــدي يف كتابــه (اإلمتــاع‬
‫ّ‬ ‫كانــا ســمة العصــر‪ ،‬وقــد اشــتهر يف النــوع األول منــه‬
‫ـوردي املُ َتو َّفــى ســنة‬
‫واملؤانســة)‪ ،‬كمــا اشــتهر يف النــوع ال ّثانــي عــد ّد مــن األدبــاء‪ ،‬منهــم‪ :‬ابــن الـ ّ‬
‫السيف والقلم)‪.‬‬ ‫‪749‬هـ يف مناظرته (بني ّ‬
‫ ‪.‬بال ِقصص واحلكايات‪:‬‬
‫األدبيــة هــو أنّ هنــاك نوعـ ًا منهــا يبــدو محاولــة لتقليــد مــا يحــدث‬‫ّ‬ ‫مــا ُيلحــظ علــى األجنــاس‬
‫خيــل للمشــاهد أنّ هــذا ال ّتقليــد هــو الواقــع نفســه‪،‬‬ ‫علــى أرض الواقــع ومحاكاتــه ح ّتــى إ ّنــه ُلي ّ‬
‫ـخصيات‬
‫الشـ ّ‬‫الشــخصيات يف القيــام مبــا تقــوم بــه ّ‬ ‫يوظــف ّ‬ ‫ومــن أهــم ســمات هــذا ال ّتقليــد أ ّنــه ّ‬
‫ـخصيات فاعلــة تتطـ ّـور وفــق مجموعــة مــن األحــداث املتسلســلة‬ ‫احلقيقيــة يف احليــاة‪ ،‬فهــي شـ ّ‬‫ّ‬
‫هينــة بســيطة ثـ ّـم تتطـ ّـور وتتع ّقــد ح ّتــى تبلــغ الـ ّـذروة يف تعقّدهــا‪ ،‬ثـ ّـم تبــدأ يف ّ‬
‫الســير‬ ‫التــي تبــدأ ّ‬
‫تدريجيا ح ّتى تبلغه يف ال ّنهاية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نحو ّ‬
‫احلل‬

‫‪23‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ويظهــر هــذا اجلنــس األدبــي يف أشــكال مختلفــة ال يجمــع بينهــا مــن أوجــه ال ّتشــابه إال‬
‫مطولــة‬
‫ـدم يف شــكل جمــل وعبــارات متعاقبــة‪ ،‬قــد تكــون ّ‬ ‫ـخصيات‪ ،‬وهــي ُت َقـ َّ‬
‫والشـ ّ‬ ‫األحــداث ّ‬
‫تعــرض حيــاة كاملــة‪ ،‬أو قصيــرة موجــزة تصــف مشــهد ًا مــن مشــاهد احليــاة‪ ،‬وقــد تكــون دقيقــة‬
‫وأمينــة يف نقــل الواقــع‪ ،‬وقــد تتجــاوزه إلــى آفــاق اخليــال احمل ّلــق‪ ،‬وهــذا النــوع هــو‪ :‬القصــص‬
‫حيوانيــة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫قصــة قصيــرة أو أســطورة أو حكايــة‬ ‫تاريخيــة أو روايــة أو ّ‬
‫ّ‬ ‫الســردي ا ّلــذي قــد يكــون ّ‬
‫قصــة‬
‫وإذا ُقـ ِّد َم العمــل الفنــي يف شــكل حــوار فهــو مــا نطلــق عليــه مصطلــح (املســرحية)‪ ،‬ولــم يعــرف‬
‫ـي مــن‬ ‫ـي القــدمي املســرح الشــعري‪ ،‬وال املســرح النثــري إ ّال مــا ُعــرف يف األدب اململوكـ ّ‬ ‫األدب العربـ ّ‬
‫الظل)‪.‬‬‫املسمى بـ‪( :‬خيال ّ‬ ‫الهزلي ّ‬
‫ّ‬ ‫مثيلي‬
‫القصص ال ّت ّ‬
‫ـص الســردي يف ســير األنبيــاء واألبطــال وقصــص ال ُع ّشــاق‪ ،‬ثـ ّـم األســاطير ا ّلتــي‬ ‫ويتمثــل القـ ّ‬
‫كالســيرة الهالليــة‪ ،‬وســيرة ال ّزيــر ســالم‪ ،‬وســيرة عنتــرة‪ ،‬والقصــص‬ ‫الشــعبية‪ّ ،‬‬ ‫الســير ّ‬‫مت ّثلهــا ّ‬
‫قضيــة‬
‫الصفــا)‪ ،‬ومــن بينهــا رســالة ّ‬ ‫قدمتهــا جماعــة (إخــوان ّ‬ ‫ـفي املتمثــل يف القصــص ا ّلتــي ّ‬ ‫الفلسـ ّ‬
‫حــي بــن يقظــان ا ّلتــي صاغهــا الفالســفة‬ ‫اجلــن‪ ،‬وقصــة ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنســان واحليــوان أمــام محكمــة‬
‫ـي‪ ،‬وال ينبغــي أن تغيــب عــن‬ ‫القصــة التــي ألفهــا ابــن طفيــل األندلسـ ّ‬ ‫صياغــات متعــددة أشــهرها ّ‬
‫املعري‪.‬‬
‫الشاعر الفيلسوف أبو العالء ّ‬ ‫األذهان (رسالة الغفران) ا ّلتي وضعها ّ‬
‫ ‪.‬أاحلكاية‪:‬‬
‫واحلكايــة اخلرافيــة واحليوانيــة معروفــة يف األدب العربــي ومنهــا‪( ،‬ألــف ليلــة وليلــة) ومــا‬
‫العشــاق‪ ،‬واحلكايــات احليوانيــة املتمثلــة يف (كليلــة ودمنــة) ومــا شــابهها‪،‬‬
‫شــابهها‪ ،‬وأســمار ّ‬
‫الســابقة‬
‫ـي أحفــل العصــور القدميــة بهــذا اجلنــس األدبــي‪ ،‬وإن كانــت العصور ّ‬‫العباسـ ّ‬
‫ويعـ ّـد العصــر ّ‬
‫لــه لــم تخــل مــن وجــود القصــة واحلكايــة غيــر أنّ أكثرها لــم يصلنــا‪ ،‬وجميــع األجنــاس القصصية‬
‫ا ّلتــي أشــرنا إليهــا كانــت معروفــة يف اآلداب اإلنســانية جميعهــا‪ ،‬إذ لــم يكــن هنــاك أدب خـ ٍ‬
‫ـال‬
‫اخلرافية أو حكايات احليوان أو القصص الفلسفي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من سير األبطال أو احلكايات‬
‫ ‪.‬باملقامات‪:‬‬
‫ـخصيات وأحــداث مــن صميــم اخليــال كــي‬ ‫ـي يتم ّثــل يف صنــع شـ ّ‬ ‫تخيلـ ّ‬
‫وهــي جنــس قصصــي ّ‬
‫متاثــل الواقــع‪ ،‬فــا هــي باألســطورة ا ّلتــي تتجــاوز الواقــع‪ ،‬وال هــي بال ّتاريــخ ا ّلــذي هــو الواقــع‬
‫نفســه‪ ،‬وقــد عرفهــا العــرب يف العصــر العباســي علــى يــد بديــع الزمــان الهمذانــي الــذي أتــاح لــه‬
‫ـخصية روايتــه‬
‫ـكندري‪ ،‬وشـ ّ‬‫ّ‬ ‫ـخصية البطــل األديــب أبــي الفتــح اإلسـ‬
‫خيالــه الواســع أن يبتكــر شـ ّ‬
‫عيسى بن هشام‪ ،‬وأ ْن يكتب حولهما مجموعة من املقامات‪ ،‬ولك ّنها لم تصلنا كاملة وال‬
‫‪24‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـخصية أديــب‪ ،‬هــو‪ :‬أبوزيــد‬
‫الشــهيرة حــول شـ ّ‬
‫ـري؛ فوضــع مقاماتــه ّ‬
‫مر ّتبــة‪ ،‬وجــاء بعــده احلريـ ّ‬
‫السروجي وشخصية ٍ‬
‫راو يقوم برواية مغامراته وأدبه هو‪ :‬احلارث بن همام‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وقــد وصلتنــا هــذه املقامــات كاملــة ناضجــة‪ ،‬لهــا بدايــة تتم ّثــل يف التقــاء ّ‬
‫الراويــة بالبطــل أل ّول‬
‫«الصنعانيــة»‪ ،‬نســبة إلــى مدينــة صنعــاء باليمــن‪ ،‬كمــا أن لهــا نهايــة‬ ‫مـ ّـرة يف املقامــة األولــى ّ‬
‫تتم ّثل يف افتراقهما بعد توبة البطل يف املقامة اخلمسني (البصر ّية)‪.‬‬
‫ـي ح ّتــى كانــت بدايــات ال ّنهضــة يف هــذا‬ ‫وقــد أغــرم األقدمــون بالكتابــة يف هــذا اجلنــس األدبـ ّ‬
‫اليازجــي مقاماتــه الشــهيرة واملعروفــة بـــ (مجمــع‬
‫ّ‬ ‫العصــر‪ ،‬فوضــع الكاتــب ال ّلبنانــي ناصيــف‬
‫الروايــة فأ ْغ ِر ُمــوا بهــا‪ ،‬وقــد‬ ‫البحريــن)‪ ،‬ثــم كَ ـ َّ‬
‫ـف األدبــاء عــن الكتابــة يف املقامــات عندمــا ظهــرت ّ‬
‫الســاخر‪ ،‬ومغامــرات البطــل األديــب وراويتــه وتنقلهمــا بــن املــدن‬ ‫ــل األســلوب املســجوع ّ‬ ‫َظ َّ‬
‫تؤسس عليها بنية املقامات‪.‬‬ ‫أهم اخلصائص ا ّلتي ّ‬ ‫واألحياء وهذه من ّ‬
‫الرسائل‪:‬‬‫ ‪.‬أ ّ‬
‫يوجهــه األديــب إلــى شــخص قريــب أو‬ ‫أدبيــة نثر ّيــة مؤثــرة‪ّ ،‬‬ ‫الرســالة خطــاب يف صياغــة ّ‬ ‫ّ‬
‫صديــق‪ ،‬متنــاو ًال شــأن ًا مــن الشــؤون ا ّلتــي تهـ ّـم املُ ِ‬
‫رســل واملُ َ‬
‫رســل إليــه‪ ،‬وقــد شــاعت الرســائل يف‬
‫العصــر العباســي‪ ،‬وكان أ ّول ظهورهــا يف أواخــر العصــر ا ُألمــوي علــى يــدي عبداحلميــد الكاتــب‬
‫وف سنة ‪132‬هـ‪ ،.‬وقد عرفت عدة من الرسائل منها‪:‬‬ ‫الذي ُت ِّ‬
‫يوجههــا األدبــاء إلــى األصدقــاء أو اإلخــوان‪ ،‬يب ّثونهم‬
‫الرســائل التــي ّ‬ ‫اإلخوانيــة وهــي ّ‬
‫ّ‬ ‫الرســائل‬
‫فيهــا أشــواقهم أو يعاتبونهــم علــى مــا بــدر منهــم‪ ،‬أو ينصحــون لهــم ويح ّثونهــم علــى القيــام بأمــر‬
‫يحبونه‪.‬‬
‫ّ‬
‫عمالهــم يف املُــدن واألمصــار‬ ‫يوانيــة وهــي ا ّلتــي يوج ّههــا احلــكام والــوالة إلــى ّ‬
‫الد ّ‬
‫الرســائل ّ‬
‫الدولة‪.‬‬
‫ملخاطبتهم يف شأن من شؤون ّ‬
‫األدبيــة وهــي التــي يوج ّههــا األدبــاء إلــى عا ّمــة ال ّنــاس يف موضــوع مــن املوضوعــات‬
‫ّ‬ ‫الرســائل‬
‫ّ‬
‫االجتماعية أو األدبية‪.‬‬
‫ولــكل نــوع مــن هــذه الرســائل خصائــص ت ّتصــل بوظيفتهــا مــن ناحيــة‪ ،‬وبالعصــر الــذي‬
‫ظهرت فيه من ناحية أخرى‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الرحالت‪:‬‬
‫ ‪.‬أأدب ّ‬
‫الرحلــة جنــس أدبــي نثــري ينتمــي إلــى أجنــاس القصــص لقيامــه علــى األحــداث‬ ‫أدب ّ‬
‫ــردي‬
‫الس ّ‬ ‫ووصــف الشــخصيات واألماكــن‪ ،‬واعتمــاده علــى الزمــن‪ ،‬وانتمائــه إلــى القصــص ّ‬
‫الرحالــة‬ ‫ّ‬
‫يســجل فيهــا ّ‬ ‫بســبب قلــة األحــداث‪ ،‬ويكــون يف جمــل وعبــارات مترابطــة متعاقبــة‬
‫مشاهداته يف األماكن التي زارها يف أسلوب أدبي يعتمد على اإلثارة والتشويق‪.‬‬
‫عامليــا مرموقـ ًا معروفـ ًا يف اآلداب اإلنسـ ّ‬
‫ـانية جميعهــا قدميـ ًا وحديث ًا‪،‬‬ ‫الرحلــة جنسـ ًا ّ‬
‫أدبيــا ّ‬ ‫و ُت َعــدُّ ّ‬
‫علميــة جغرافيــة أساســها رغبــة اإلنســان يف التعــرف إلــى العالــم مــن‬ ‫رغــم أ ّنــه ابتــدأ بدايــة ّ‬
‫حولــه‪ ،‬وإيصــال معارفــه تلــك إلــى بنــي وطنــه عــن طريــق تســجيل مــا ميـ ّـر بــه مــن مشــاهدات يف‬
‫الرحلــة عنــد العــرب منــذ عصــر مــا قبــل‬ ‫ـي فقــد عرفــت ّ‬ ‫أثنــاء رحالتــه‪ ،‬أ ّمــا يف األدب العربـ ّ‬
‫يترحلــون للتأمــل واملعرفــة ولقضــاء مختلــف أغراضهــم املعيشـ ّـية‪ ،‬ويف العصــر‬ ‫اإلســام إذ كانــوا ّ‬
‫الرحالــة ا ّلذيــن دو ّنــوا رحالتهــم‪ ،‬مثــل‪:‬‬
‫وعـرِف كثيــر مــن ّ‬ ‫العباســي شــاع هــذا اجلنــس األدبــي ُ‬
‫ـوي‪ ،‬وابــن بطوطــة‬ ‫ـي‪ ،‬وابــن جبيــر‪ ،‬وياقــوت احلمـ ّ‬‫ـي‪ ،‬واإلدريسـ ّ‬ ‫ـعودي‪ ،‬واملقدسـ ّ‬
‫ـي‪ ،‬واملسـ ّ‬ ‫اليعقوبـ ّ‬
‫العربي القدمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّلذي كانت رحلته أطول رحلة عرفها األدب‬

‫‪26‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬ضع عالمة (‪ ) ‬أمام العبارة الصحيحة وعالمة (‪ )‬أمام العبارة اخلاطئة‪:‬‬


‫)‬ ‫ ‪.‬أاخلطابة‪ :‬جنس شعري يتوجه فيه الشخص باخلطابة إلى اجلمهور مباشرة‪( .‬‬
‫)‬ ‫َ‬
‫املخاطب أو املخاطبني يتعلق عادة باألسرة‪( .‬‬ ‫ ‪.‬بالوصية‪ :‬خطاب مباشر إلى‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬جاملنافرة‪ :‬خصومة أدبية قولية‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫كل رأيه باحلجج‪.‬‬‫ ‪.‬داملناظرة حوار بني شخصني أو أكثر‪ ،‬يؤيد ٌّ‬
‫‪2.2‬زاوج بني العمود (أ) مبا يناسبه من العمود (ب)‪.‬‬
‫(ب)‬ ‫(أ)‬
‫شــاعت املناظــرات يف العصــر هــو النثــر منــذ مــا قبــل اإلســام إلــى نهايــة العصــر‬
‫العثماني‬ ‫العباسي‬
‫العتمادهــا علــى العقــل واملنطــق اللذيــن كانــا ســمة‬
‫لم يعرف املسرح الشعري‬
‫العصر‬
‫ظهــرت أواخــر العصــر األمــوي علــى يــد عبداحلميــد‬
‫الرسائل الديوانية‬
‫الكاتب‬
‫يف األدب العربي قدمي ًا‬ ‫النثر الفني القدمي‬
‫‪3.3‬مــن النثــر الفنــي القــدمي (املثــل)‪ ،‬الــذي ميثــل موقف ـ ًا خاص ـ ًا ثــم يصيــر صاحل ـ ًا للتعبيــر‬
‫عــن املواقــف املشــابهة‪ .‬ابحــث عــن بعــض األمثــال العربيــة وناقــش مضمونهــا مــع‬
‫زمالئك‪.‬‬
‫‪4.4‬مــن أدبــاء الرحــات ابــن بطوطــة‪ .‬اكتــب طرفـ ًا مــن ســيرته‪ ،‬مبينـ ًا مــا قدمــه لإلنســانية‬
‫بطوافه ومذكراته‪.‬‬
‫القصــة جنــس أدبــي‪ ،‬أحداثهــا متسلســلة‪ ،‬تبــدأ بســيطة‪ ،‬ثــم تتطــور وتتعقــد حتــى تبلــغ‬ ‫‪ّ 5.5‬‬
‫توضــح هــذه اخلطــوات‬ ‫ـل تدريجيـ ًا‪ .‬مــع زمالئــك حــاول أ ْن ِّ‬ ‫الــذروة‪ ،‬ثــم تســير نحــو احلـ ّ‬
‫من خالل قصة قصيرة‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الفني احلديث‬
‫ّ‬ ‫‪2.2‬النّثر‬
‫ـاري الــذي حــدث يف جوانــب‬‫خطــت أجنــاس النثــر خطــوات كبيــرة‪ ،‬مواكبــة لل ّتطـ ّـور احلضـ ّ‬
‫خاصــةً يعـ ّـد تعبيــر ًا مباشــر ًا عــن تلــك اجلوانــب‪ ،‬وهكــذا‬
‫احليــاة كافــة‪ ،‬انطالقــا مــن أنّ النثــر ّ‬
‫ظهــرت اخلاطــرة‪ ،‬واملقالــة األدبيــة‪ ،‬واملســرحية النثريــة‪ ،‬والســيرة الذاتيــة‪ ،‬والقصــة القصيــرة‪،‬‬
‫والرواية‪.‬‬
‫ ‪.‬أاخلاطرة‪:‬‬
‫تســجيل أدبــي للمشــاعر‪ ،‬فهــي مــا يخطــر ببالــك مــن أفــكار ومــا جتيــش بــه العواطــف‪ ،‬يف‬
‫األدبيــة‪ ،‬وأســهلها‬
‫ّ‬ ‫متميــز‪ ،‬وعبــارات رشــيقة قصيــرة‪ ،‬واخلاطــرة أبســط األجنــاس‬ ‫ـي ّ‬ ‫أســلوب أدبـ ّ‬
‫تنــاو ًال ولهــذا ُيكثــر ال ّنــشء مــن كتابتهــا‪ ،‬وقــد شــاع هــذا اجلنــس النثــري يف العصــر احلديــث مــع‬
‫الصحافــة‪ ،‬وشــعور الهــواة مــن األدبــاء باحلاجــة إلــى ال ّتعبيــر عــن مشــاعرهم وإلــى املشــاركة‬
‫ظهــور ّ‬
‫الصحافية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يف احلركة‬
‫ ‪.‬باملقالة‪:‬‬
‫الرســالة األدبيــة‪ ،‬فكالهمــا‬ ‫الصحافــة‪ ،‬وهــي نتــاج تطـ ّـور جنــس ّ‬ ‫ظهــرت املقالــة مــع ظهــور ّ‬
‫اليوميــة‪ ،‬وهــذا اجلنــس النثري‬
‫ّ‬ ‫ُي ْع َنــى بتنــاول مشــكالت احليــاة االجتماعيــة والثقافيــة والسياســية‬
‫احلديــث يبــدو أكثــر واقعيــة‪ ،‬وأحفــل مبواكبــة احليــاة مــن الرســالة األدبيــة‪ ،‬علــى َّأن كاتبــه ال‬
‫واحملســنات اللفظيــة‪ ،‬مــع ّمتيــز املقالــة بطــول اجلمــل وتعقّدهــا يف الغالــب‪ ،‬وللمقالــة‬
‫بالســجع ّ‬ ‫يعبــأ ّ‬
‫يتيسر من احللول‪.‬‬‫عناصر تتم ّثل يف طرح املشكلة‪ ،‬ثم اقتراح ما ّ‬
‫القصة القصيرة‪:‬‬
‫ ‪.‬ج ّ‬
‫ومميــزات منحتــه هــذا االســم وجعلتــه أقصــر أجنــاس القصــص‪،‬‬ ‫لهــذا اجلنــس النثــري عناصــر ّ‬
‫منها‪:‬‬
‫القصــة القصيــرة موقف ـ ًا معقــد ًا‪ ،‬وال موضوع ـ ًا‬
‫• •معاجلــة املوقــف الواحــد البســيط‪ ،‬فــا حتتمــل ّ‬
‫ال‪ ،‬وإنّ ا حسبها أن تعالج أزمة بسيطة ّمتر بها الشخصية أو الشخصيات‪.‬‬ ‫واسع ًا شام ً‬
‫ـخصيتني أو‬
‫القصــة الواحــدة الشـ ّ‬ ‫ـخصيات ّ‬‫• •ق ّلــة عــدد الشــخصيات‪ ،‬فــا يــكاد يتجــاوز عــدد شـ ّ‬
‫ال ّثالث‪ ،‬وقد ُيكتفى بشخصية واحدة‪.‬‬
‫الســمة غيــر ملزمــة‪ ،‬وإن كانــت ممّــا يحــرص الكاتــب‬
‫• •وحــدة ال ّزمــان واملــكان واحلــدث‪ ،‬وهــذه ّ‬
‫عليه يف أغلب األحيان‪ ،‬فقد يلجأ بعض الك ّتاب إلى االنتقال احملدود بشخصيات‬
‫‪28‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫• •قصصهم من زمان إلى آخر‪ ،‬ومن مكان إلى آخر‪.‬‬
‫ ‪.‬أال ّرواية‪:‬‬
‫ـردي حليــاة كاملــة‬
‫تعالــج الروايــة مجموعــة مــن املواقــف املتعــددة املع ّقــدة‪ ،‬مــن خــال طــرح سـ ّ‬
‫االجتماعيــة‪ ،‬وقــد تتج ّلــى مــن خــال ذلــك ّ‬
‫الطــرح ســيرة املجتمــع‬ ‫ّ‬ ‫إلحــدى الشــخصيات‬
‫بكامله‪ ،‬ومن أجل ذلك يتبني القارئ فيها مجموعة من العناصر منها‪:‬‬
‫يلخــص‬ ‫‪1.1‬املواقــف املتعـ ّـددة املع ّقــدة املتشــابكة التــي تؤلــف يف نهايــة األمــر موقف ـ ًا واحــد ًا ّ‬
‫املشكلة ا ّلتي تعاجلها ّ‬
‫الرواية‪.‬‬
‫‪2.2‬تعـ ّـدد األحــداث وتسلســلها وســيرها مــن البدايــة إلــى العقــدة‪ ،‬ثــم إلــى احلـ ّ‬
‫ـل وتآلفهــا‬
‫يسمى باحلبكة‪.‬‬ ‫فيما ّ‬
‫ـخصيات الشــريرة‪ ،‬ومن‬ ‫الشــخصيات وتنوعهــا‪ ،‬فمــن الشــخصيات اخليــرة إلــى الشـ ّ‬ ‫‪3.3‬كثــرة ّ‬
‫الشــخصيات التــي تأخــذ أدوار البطولــة إلــى الشــخصيات الثانويــة‪ ،‬مــع تطــور هــذه‬
‫الشخصيات من ظهور واختفاء كما يف احلياة‪.‬‬
‫ ‪.‬هاملسرحية النثرية‪:‬‬
‫القصــي النثــري يف العصــر احلديــث إ ّال بعــد أن ضــاق ُ‬
‫الك َّتــاب‬ ‫لــم ُيعــرف هــذا اجلنــس ّ‬
‫بتك ّلــف الشــعر يف املســرح فــأرادوا التخلــص منــه‪ ،‬وهكــذا كانــت املســرحية النثريــة تطور ًا أســلوبيا‬
‫للمسرحية الشعرية‪.‬‬
‫ ‪.‬والسيرة الذاتية والغيرية‪:‬‬
‫الســيرة بعا ّمــة هــي ذلــك املســلك الــذي ُيـ ْـر َوى وتتناقلــه األجيــال مشــافهة وهــي نوعــان‪:‬‬
‫ّ‬
‫ذاتية‪ ،‬وغيرية‪.‬‬
‫ـص فيهــا الشــخصية صاحبــة الســيرة نفســها حصيلــة جتاربها‬ ‫‪1.1‬الذاتيــة‪ :‬هــي تلــك التــي تقـ ّ‬
‫ويتوخــى‬
‫ّ‬ ‫ســردي متماســك ُي ْع َنــى بالتفاصيــل‬
‫ّ‬ ‫يف حياتهــا‪ ،‬عارضــة ذلــك يف أســلوب‬
‫والصراحــة والوضــوح‪ ،‬مقدمــ ًا املعلومــات التــي يحتفــظ بهــا يف ذاكرتــه إلــى‬ ‫الصــدق َّ‬ ‫ّ‬
‫القارئ فيما يشبه االعتراف‪ ،‬ومنوذجه‪ :‬طه حسني يف األيام‪.‬‬
‫‪2.2‬الغيريــة‪ :‬يقــوم فيهــا أديــب مــن األدبــاء بروايــة ســيرة شــخصية مــن الشــخصيات‬
‫ـص جانبـ ًا مــن حيــاة تلــك الشــخصية مــع التركيــز علــى أهــم‬‫االجتماعيــة املرموقــة‪ ،‬فيقـ ّ‬
‫وواقعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫موضوعية‬
‫ّ‬ ‫سردي متماسك‪ ،‬ويف‬
‫ّ‬ ‫األحداث التي مرت بها يف أسلوب‬
‫‪29‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـانية كافــة واألدب العربــي خاصــة إذ عرفــت يف‬ ‫وقــد كانــت الســيرة مــن اهتمــام اآلداب اإلنسـ ّ‬
‫قدمــه‬
‫ـي ‪ --‬ثــم متمثلــة فيمــا ّ‬ ‫قدميــه متمثلــة يف ســير األنبيــاء واألبطــال‪ ،‬مثــل ســيرة ال ّنبـ ّ‬
‫اخلاصــة‪ ،‬مثــل‪ :‬ســيرة ابــن ســينا‪ ،‬وســيرة الغزالــي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بعــض العلمــاء واألدبــاء مــن ســرد لســيرهم‬
‫وسيرة ابن خلدون كما عرفها األدب احلديث فيما نشهده مما ُي َق َّدم إلى اليوم‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪ -1‬االختيار من متع ِّدد‪:‬‬


‫● ●اخلاطرة‪:‬‬
‫ ‪.‬جشعر قصصي‬ ‫ ‪.‬أشعر ملحمي‬
‫ ‪.‬دشعر تعليمي‬ ‫ ‪.‬بنثر‬
‫الرواية‪:‬‬
‫●● ّ‬
‫ ‪.‬ججنس شعري‬ ‫ ‪.‬أتعالج موقف ًا واحد ًا‬
‫ ‪.‬دأقــل مــن القصــة القصيــرة يف عــدد‬ ‫ ‪.‬بب‪ -‬تعالج مجموعة من املواقف‬
‫شخصياتها‬
‫● ●السيرة الذاتية‪:‬‬
‫ ‪.‬أتعرض يف أسلوب سردي متماسك يعنى بالتفاصيل ويتوخى الصدق‪.‬‬
‫ ‪.‬بيقوم فيها األديب برواية سيرة شخصية يف الشخصيات االجتماعية‪.‬‬
‫ ‪.‬جأسلوبها شعري‪.‬‬
‫تعد مصدر ًا لألدب‪.‬‬
‫ ‪.‬دال ّ‬
‫‪«1.1‬السيرة الذاتية يف األدب قيمة»‪ .‬يف حوار ثقايف مع زمالئك ناقش ذلك‪.‬‬
‫‪2.2‬ما السبيل إلى حتديد العمل األدبي‪ ،‬أهو قصة‪ ،‬أم قصة قصيرة‪ ،‬أم رواية؟‬
‫‪3.3‬شــاعت كتابــة الروايــة يف األدب الليبــي‪ .‬ابحــث مبســاعدة معلمــك عــن روايــات لك ّتــاب‬
‫ليبيني‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫املذاهب‬
‫بقيــة جوانــب احليــاة‪ -‬عــن اجتاهــات‬ ‫يعــده األدبــاء ومــا يكتبونــه يكشــف ‪ -‬مثــل ّ‬ ‫َّإن مــا ّ‬
‫ـن يف إبــراز قدرتــه علــى اإلبــداع‪ ،‬فيبــذل‬ ‫ـجيتها‪ ،‬وذاك يتفـ ّ‬ ‫مختلفــة فهــذا يرســل نفســه علــى سـ ّ‬
‫ـس بــه ومــا يعانيــه‪ ،‬وهــذا يصطنــع األســلوب اجلــا ّد‪،‬‬‫عمــا يحـ ّ‬
‫جهــده يف تصويــر مشــاعره وال ّتعبيــر ّ‬
‫والسخرية‪.‬‬ ‫وآخر مييل إلى الفكاهة ّ‬
‫والدارســون هــذه االختالفات أ ْن يدرســوا األدب مــن خاللها‪،‬‬ ‫ومــن الطبيعــي إذ يالحــظ ال ّن ّقــاد ّ‬
‫وأ ْن يص ّنفــوه بحســبها فيمــا درجــوا علــى تســميته (املذاهــب األدبيــة)‪ ،‬التــي تذكرنــا باملذاهــب‬
‫الفلســفية والسياســة واالجتماعيــة والدينيــة التــي عرفتهــا حضــارات األمم‪ ،‬وأغلــب املذاهــب‬
‫األدبيــة تبــدو متأثــرة باملذاهــب املذكــورة‪ ،‬أو مؤثــرة فيهــا بنــاء علــى َّأن األدب هــو ابــن احليــاة‬
‫ّ‬
‫ونتاج احلضارة‪ ،‬وتفاعله معهما يبدو ضرور ًّيا ومحتم ًا‪.‬‬
‫وقــد ُعرفــت املذاهــب األدبيــة يف القــدمي كمــا ُعرفــت يف احلديــث‪ ،‬وإن اختلفــت هــذه املعرفــة‬
‫وطرقهــا‪ ،‬ومــن أجــل ذلــك ســنتعرض لهــذه املذاهــب يف قدميهــا وحديثهــا يف األدب العربــي‬
‫خاصة‪.‬‬
‫‪1.1‬املذاهب األدبية القدمية (مذهبا الطبع والصنعة)‬
‫ُيلحــظ َّأن أكثــر مــا ركــز عليــه ال ّنقــاد العــرب القدمــاء عند دراســتهم األدب شــعر ًا هو األســلوب‬
‫والصياغــة اللغويــة‪ ،‬ومــن أجــل ذلــك الحظــوا َّأن هنــاك مــن الشــعراء والكتــاب مــن يرســل نفســه‬
‫علــى ســجيتها فــا يتكلــف وال يتصنــع وال يجهــد نفســه يف صياغــة عملــه األدبــي‪ ،‬فنســبوه إلــى‬
‫(مذهــب الطبــع)‪ ،‬كمــا الحظــوا َّأن منهــم مــن يعنــى بأســلوبه ويتفــن يف إبــراز مقدرتــه اللغويــة‬
‫ويهتــم باحملســنات البديعيــة فنســبوه إلــى (مذهــب الصنعــة)‪ ،‬وصنفوا الشــعراء بحســب األغراض‬
‫التــي اشــتهروا بهــا‪ :‬شــعراء الغــزل ال ُعـ ْذري ومنهــم‪ :‬جميــل بــن َم ْع َمــر‪ ،‬وشــعراء الغــزل الصريــح‬
‫ومنهــم‪ :‬عمــر بــن أبــى ربيعــة‪ ،‬وشــعراء السياســة مثــل‪ :‬الكميــت األســدي‪ ،‬وشــعراء خمريــات‬
‫التصوف مثل‪ :‬ابن الفارض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مثل‪ :‬أبي نواس‪ ،‬وشعراء الزهد مثل‪ :‬أبي العتاهية‪ ،‬وشعراء‬
‫‪2.2‬املذاهب األدب ّية احلديثة (الكالسيكية‪ -‬الرومانتيك ّية ‪...‬إلخ)‬
‫ُعرفت يف األدب احلديث مذاهب أدبية كثيرة منها‪:‬‬
‫● ●الكالســيكية و َت ْع ِنــي الســير علــى أســاليب القدمــاء وطرقهــم يف الكتابــة مبراعــاة القيــود التــي‬
‫التزموها‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫● ●الرومانتيكية وتعني النزوع إلى الطبيعة والتغني بها وإيثار املشاعر الفردية‪.‬‬
‫االجتماعية لإلنسان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫● ●الواقعية وهي تصوير مباشر للواقع واهتمام باملشكالت‬
‫● ●الرمزيــة التــي تــرى َّأن أمثــل طريقــة لإلبــداع األدبــي تتجلــى يف اإليحــاء والرمــز عــن طريــق‬
‫الصور املجازية‪.‬‬
‫● ● البرناســية التــي يؤمــن أنصارهــا باملبــدأ القائــل بـــ‪« :‬الفــن للفــن» َّ‬
‫وأن هــدف األدب هــو تصوير‬
‫اجلمال والتغني به يف مناذج أدبية جميلة رائعة‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪ 1.1‬ضع عالمة ( ‪ ) ‬أمام العبارة الصحيحة وعالمة ( ‪ ) ‬أمام العبارة اخلاطئة‪:‬‬


‫( )‬ ‫ ‬
‫ ‪.‬أ‪ -‬مذهب الطبع‪ :‬الكتابة على أساليب القدماء مبراعاة القيود التي التزموها‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬ب‪ -‬املذهب األدبي‪ :‬تصنيف األدب من حيث ّاتاهه‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬
‫ ‪.‬ج‪ -‬مذهب الصنعة‪ :‬النزوع إلى الطبيعة والتغني بها‪ ،‬وإثارة املشاعر الفردية‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬د‪ -‬الرومانسية‪ :‬االيحاء هو الطريق لإلبداع األدبي‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬ه‪ -‬الكالسيكية‪ :‬الفن للفن‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬و‪ -‬الواقعية‪ :‬االعتناء باألسلوب واالهتمام باحملسنات اللغوية‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‪.‬ز‪ -‬الرمزية‪ :‬تصوير للواقع‪ .‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬ح‪ -‬البرناسية‪ :‬الكتابة من دون تك ّلف‪.‬‬
‫متعدد‪:‬‬
‫‪2.2‬االختيار من ّ‬
‫● ●من شعراء الغزل الصريح‪:‬‬
‫ ‪.‬جاإلجابتان صحيحتان‬ ‫ ‪.‬ب عمر بن أبي ربيعة‬ ‫ ‪.‬أأبو العتاهية‬
‫● ●من شعراء الغزل العذري‪:‬‬
‫ ‪.‬ججميل بن معمر‬ ‫ ‪.‬بالكميت‬ ‫ ‪.‬أابن الفارض‬
‫● ●من شعراء الزهد‪:‬‬
‫ ‪.‬جأبو العتاهية‬ ‫ ‪.‬بابن الفارض‬ ‫ ‪.‬أعمر بن أبي ربيعة‬
‫● ●من املذاهب األدبية احلديثة‪:‬‬
‫ ‪.‬جالكالسيكية‬ ‫ ‪.‬بمذهب الصنعة‬ ‫ ‪.‬أمذهب الطبع‬
‫ابحث عن أسماء شعراء ليبيني معروفني‪ ،‬واذكر بعض دواوينهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫‪3.3‬مبساعدة معلمك‬

‫‪34‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫النقد‪ :‬مفهومه‪ ،‬ودوره‬
‫ال ّنقــد هــو األداة ا ّلتــي تتــم مــن خاللهــا دراســة األدب ضمــن مناهــج ومعــارف‪ ،‬وكل األمم‬
‫تعــرف ال ّنقــد مــادام األدب هــو بعــض نتاجهــا‪ ،‬وقــد عــرف النقــد منــذ فتــرة مبكــرة مــن تاريــخ‬
‫األدب العربــي‪ ،‬وإن كانــت تلــك املعرفــة ذات بدايــات ســاذجة فطريــة جتلــت يف تلــك اآلراء‬
‫واالنطباعــات التــي يفصــح عنهــا األديــب احملتــرف عندمــا يســمع بيتــا أو قصيــدة فيســتجيدها‪ ،‬أو‬
‫يســتهجنها يف مفرداتهــا‪ ،‬أو يف معانيهــا‪ ،‬أو يف صورهــا‪ ،‬ثــم يطلــب مــن الشــاعر تصويــب مــا يــراه‬
‫مــن خطــأ‪ ،‬غيــر أنــه لــم يعــرف مصطلــح النقــد إال يف بدايــات عصــر ال ّتدويــن‪ ،‬وذلــك عندمــا بــدأ‬
‫العــرب املســلمون يكتبــون تراثهــم وإبداعاتهــم األدبيــة‪ ،‬ولــم يعــودوا يعتمــدون علــى احلفــظ‬
‫كشــأنهم قدمي ـ ًا‪ ،‬ومــن الطبيعــي أ ْن يرتبــط تطــور النقــد بتطــور احليــاة الثقافيــة وانتشــار الكتابــة‬
‫وشيوع التدوين‪.‬‬
‫تعريف النّقد‪:‬‬
‫اشــتق مصطلــح (النقــد) مــن نقــد العملــة‪ ،‬وهــو الضــرب عليهــا‪ ،‬بغيــة معرفــة صحيحهــا مــن‬
‫زائفهــا‪ ،‬ويعـ ّـرف الدارســون النقــد بأنــه‪« :‬فــن تقــومي األعمــال الفنيــة واألدبيــة وحتليلهــا حتلي ـ ً‬
‫ا‬
‫قائمــ ًا علــى أســاس علمــي»‪ ،‬ومــن بدايــة هــذا التعريــف نــدرك أن النقــد ليــس حكــر ًا علــى‬
‫األدب وإمنــا يشــاركه فيــه الفــن أيضـ ًا‪ ،‬وهــو الــذي يعــد األدب فرعـ ًا مــن فروعــه‪ ،‬كمــا نــدرك بعــد‬
‫هــذا أن النقــد هــو عمليــة حتليــل‪ ،‬والتحليــل يعنــي تفكيــك العمــل ومعرفــة عناصــره املكونــة لــه‪،‬‬
‫ومــن البدهــي أ ْن يقــوم ذلــك التحليــل علــى أســاس علمــي‪ ،‬إذ تراعــى فيــه األســس واملبــادئ‬
‫التــي تراعــى يف أي بحــث علمــي إال َّأن الــذوق يبــدو شــرط ًا مهمــا يف عمليــة حتليــل العمــل الفنــي‬
‫واألدبي حيث َّإن الفن جمال‪ ،‬واجلمال يدرك بالذوق‪.‬‬
‫النّقد القدمي‪ ،‬والنّقد احلديث‪:‬‬
‫النقــد تبــع لــأدب‪ ،‬وبحســب تنــوع األدب وتعــدد اجتاهاتــه يكــون النقــد‪ ،‬ومــن هنــا يتبــن لنــا‬
‫أن النقــد القــدمي كان قائم ـ ًا علــى أســاس مــن توجيــه األديــب وتعليمــه وتقييــم مــا ينتــج مــن‬
‫ـا‪ -‬يحاســب علــى مــا قــد يرتكبــه مــن أخطــاء لغويــة أو‬ ‫أعمــال أدبيــة‪ ،‬فقــد كان الشــاعر ‪-‬مثـ ً‬
‫ذوقيــة أو تاريخيــة‪ ،‬وكان يلجــأ إلــى تنقيــح عملــه ومراجعتــه خو ًفــا مــن ال ّنقــاد وســطوتهم‪ُ ،‬‬
‫وك ُتــب‬
‫النقــد القدميــة مليئــة بالتعليمــات والتوجيهــات التــي حتــاول أ ْن ترســم طريق ـ ًا لألديــب ال يحيــد‬
‫عنها‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ويختلــف ال ّنقــد احلديــث عــن ذلــك يف كونــه أكثــر مي ـ ً‬
‫ا إلــى املناهــج العلميــة التــي تتنــاول‬
‫عمــل األديــب بالوصــف والتحليــل‪ ،‬هادفــة إلــى كشــف أســراره وإلــى الوقــوف علــى مــا يتضمنــه‬
‫من قيم ومبادئ‪ ،‬وإلى مناقشة ما يعاجله من موضوعات وما يقدمه من أفكار‪.‬‬

‫األسئلة‬

‫‪1.1‬ضع عالمة (‪ )‬أمام العبارة الصحيحة وعالمة (‪ )‬أمام العبارة اخلاطئة‪:‬‬


‫)‬ ‫(‬ ‫ال إلى املناهج العلمية‪ .‬‬ ‫ ‪.‬أالنقد القدمي كان أكثر مي ً‬
‫)‬ ‫ ‪.‬ب ارتبط تطور النقد بتطور احلياة الثقافية وانتشار الكتابة وشيوع التدوين‪( .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬ج النقد احلديث كان قائم ًا على أساس من توجيه األديب وتعليمه‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬دالنقد هو عملية حتليل وتفكيك للعمل األدبي ومعرفة عناصره‪.‬‬
‫ي الفرق َب ْي النقد القدمي والنقد احلديث‪.‬‬ ‫‪َ 2.2‬ب ِّ ْ‬

‫‪36‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫البالغة‪ :‬مفهومها‪ ،‬ووظيفتها‬
‫إن كل مــا يتعلــق بــاألدب إمنــا يرتكــز علــى ركيــزة أساســية البــد منهــا‪ ،‬وهــي التــي جتعلــه ذا‬
‫تأثيــر يف النفــوس‪ ،‬وجتعــل القــارئ يشــعر بــأن هــذا العمــل الــذي يطلــع عليــه إمنــا هــو إبــداع‪ ،‬وأ ّنــه‬
‫ينتمي إلى الفن‪ ،‬ولعل السر يف ذلك كله يكمن يف البالغة‪.‬‬
‫تعريف البالغة‪:‬‬
‫أي‪ :‬قبــل أن تخضــع للعلــم والبحــث‪ ،‬وقــد‬ ‫حــاول األدبــاء تعريــف البالغــة يف بدايــة األمــر‪ْ ،‬‬
‫وردت فيهــا تعريفــات كثيــرة تــدل علــى مــدى اهتمــام العــرب بالبالغــة وســعيهم يف معرفتهــا‬
‫وكشــف أســرارها بغيــة كشــف أســرار اإلعجــاز القرآنــي؛ للوقــوف علــى ســر بالغــة اآلثــار األدبيــة‬
‫التــي ورثوهــا عــن أســافهم‪ ،‬إلــى جانــب رغبتهــم يف تعليــم النــشء مــن أبنائهــم أســس البالغــة‬
‫حتــى تنفتــح أمامهــم ســبل اإلبــداع الــذي هــو غايــة الرقــي اإلنســاني‪ ،‬ثــم إنهــم مــا زالــوا يعيدون‬
‫النظــر فيهــا بعــد أن اكتملــت لديهــم أدوات البحــث حتــى بــدا لهــم أنهــا تتمثــل يف ال َّن ْظــم‪ ،‬أي‬
‫صياغــة الــكالم‪ ،‬وهــو مــا قــال بــه جماعــة مــن العلمــاء‪ ،‬كمــا أدركــوا َّأن البالغــة تتمثــل يف‬
‫الصــور البيانيــة التــي يصوغهــا األديــب للتعبيــر عــن فكرتــه‪ ،‬ثــم يف احملســنات البديعيــة التــي‬
‫تكمــن يف رصــف املفــردات بطريقــة جماليــة خاصــة داخــل النــص‪ ،‬وكان آخــر مــا توصلــوا إليــه‬
‫هــو أنهــم َع َّرفــوا البالغــة بأنهــا «مطابقــة الــكالم الفصيــح ملقتضــى حــال املخاطبــن‪ ،‬ومراعــاة‬
‫ـال مــن الثقافــة ُو ِّجــه إليهــم كالم‬‫املوقــف الــذي يقــال فيــه» فــإن كان املخاطبــون علــى قــدر عـ ٍ‬
‫يناســبهم وإ ْن كانــوا متوســطي الثقافــة واملعرفــة ُو ِّجــه إليهــم كالم يناســب حالهــم‪ ،‬والــكالم الــذي‬
‫يقال يف الفخر غير الكالم الذي يقال يف موقف الهجاء وهكذا‪.‬‬
‫الفصاحة وعالقتها بالبالغة‪:‬‬
‫الفصاحــة مــن الشــروط التــي ينبغــي توفرهــا يف ال ّنــص ويف األديــب لتتــم لديــه آلــة البالغــة‪،‬‬
‫وقــد َعـ َّـرف البالغيــون الفصاحــة بأنهــا‪( :‬الوضــوح والظهــور وعــدم الغمــوض)‪ ،‬وبينــوا َّأن الفصاحة‬
‫ميكن أ ْن توصف بها الكلمة‪ ،‬والكالم‪ ،‬واملتكلم‪.‬‬
‫والبالغــة ال تتــم وال تتحقــق يف العمــل األدبــي إال إذا حتققــت فيهــا الفصاحــة‪ ،‬أ َّمــا البالغــة‬
‫فليســت شــرط ًا يف الفصاحــة؛ لكــون البالغــة أعـ ّـم وأشــمل‪ ،‬ثــم لكونهــا املرتبــة الكالميــة التــي‬
‫يهــدف كل متكلــم إلــى بلوغهــا‪ ،‬والتــي ميكنــه عــن طريقهــا أ ْن يؤثــر يف املخاطــب الــذي يتوجــه‬
‫إليه بكالمه‪ ،‬وبهذا ندرك أن البالغة تقتصر على الكالم واملتكلم وال توصف بها الكلمة‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫وهــو مــا قــرره الســابقون وا ّلالحقــون مــن علمــاء البالغــة إلدراكهــم َّأن الكلمــة عندمــا تكــون‬
‫خــارج نطــاق التركيــب إمنــا هــي مــادة خــام‪ ،‬ولبنــة خــارج البنــاء‪ ،‬فــا يحكــم عليهــا بجمــال وال‬
‫بقبح‪.‬‬

‫األسئلة‬

‫السر يف ذلك؟‬
‫‪1.1‬اهتم العرب بالبالغة‪ ،‬وسعوا إلى معرفتها وكشف أسرارها‪ .‬فما ّ‬
‫‪2.2‬أكمل‪:‬‬
‫الفصاحة تعني ‪ ...................‬والظهور وعدم ‪.............‬‬
‫البالغة هي ‪....................‬‬
‫‪3.3‬هل البالغة شرط يف الفصاحة؟ َو َّض ْح‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسلــوب‬
‫األســلوب هــو أهــم مــا َت َّت ِجـ ُه علــوم البالغــة إلــى دراســته‪ ،‬وإلــى توجيــه األديــب واملتعلــم إلــى‬
‫معرفتــه‪ ،‬والوقــوف علــى أنواعــه ومــا يتميــز بــه مــن خصائــص‪ ،‬ثــم معرفــة مــا ميكــن أن يتعــاوره‬
‫من عيوب‪ ،‬وما يتحلى به من صفات اجلمال‪ ،‬والكمال‪ ،‬واإلبداع‪.‬‬
‫مفهوم األسلوب‪ ،‬وعناصره‪:‬‬
‫األســلوب يف اللغــة هــو الطريقــة التــي يتعامــل بهــا اإلنســان مــع األشــياء ومــع النــاس يف‬
‫ّ‬
‫فلــكل واحــد منــا أســلوبه يف املــأكل واملشــرب وامللبــس‪ ،‬ويف التعامــل مــع‬ ‫حياتــه اليوميــة‪،‬‬
‫اآلخريــن‪ ،‬ثــم يف التفكيــر واحلديــث والكتابــة‪ ،‬ولذلــك قــال بعــض العلمــاء‪« :‬إن األســلوب هــو‬
‫الرجــل نفســه»‪ ،‬وال تــكاد حقيقــة األســلوب يف األدب تختلــف عنهــا يف االســتعمال الســابق‪ ،‬إذ‬
‫يبــدو َّأن لــكل كاتــب صبغتــه التــي يصطبــغ بهــا عملــه األدبــي‪ ،‬ولــكل كاتــب مفرداتــه اخلاصــة‬
‫التــي يكثــر مــن اســتعمالها‪ ،‬كمــا َّأن لــكل كاتــب صياغتــه اخلاصــة لتلــك املفــردات ضمــن‬
‫التراكيــب التــي تســمح بهــا قواعــد اللغــة‪ ،‬ومــن هنــا ميكــن تعريــف األســلوب بأ ّنــه «طريقــة‬
‫اإلنسان يف التعبير عن نفسه كتابة ومشافهة»‪ ،‬ويكون ذلك تبع ًا لعناصر ثالثة هي‪:‬‬
‫‪1.1‬شخصية الكاتب‪ :‬وتتضمن املوقف النفسي والثقافة واملعتقد والبيئة‪.‬‬
‫‪ 2.2‬اللغــة التــي يســتخدمها‪ :‬وهــي املفــردات والتراكيــب التــي مييــل الكاتــب إليهــا‪ ،‬فلــكل‬
‫كاتــب معجمــه اخلــاص ولغتــه اخلاصــة‪ ،‬مهمــا بــدا أنــه يشــترك مــع اآلخريــن يف طريقــة‬
‫تعامله مع اللغة‪.‬‬
‫‪3.3‬املوضــوع الــذي يتناولــه‪ :‬ويشــمل ذلــك طريقــة تنــاول الكاتــب للموضــوع‪ ،‬وطبيعــة‬
‫املوضــوع نفســه مــن حيــث التنــاول اجلــاد أو الســاخر‪ ،‬ثــم مــن حيــث اتصــال املوضــوع‬
‫بهذا اجلانب من احلياة أو ذاك‪.‬‬
‫فاملوضــوع األدبــي غيــر املوضــوع العلمــي‪ ،‬واملوضــوع التاريخــي غيــر املوضــوع االجتماعــي‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫وقــد الحــظ الباحثــون ‪-‬وفــق هــذه العناصــر‪َّ -‬أن أســاليب األدبــاء تختلــف بحســب العصــور‬
‫والبيئــات‪ ،‬وبحســب الثقافــات واللغــات واللهجــات‪ ،‬فمــا مــن عصــر وال بيئــة يظهــر فيهــا هــذا‬
‫العمــل األدبــي أو ذاك‪ ،‬ومــا مــن ثقافــة وال لغــة وال لهجــة إ ّال ويبــدو أن األديــب قــد خضــع فيهــا‬
‫للمؤثرات املختلفة التي تفرضها طبيعة تعامله معها‪ ،‬وكذلك يختلف من جنس أدبي إلى‬

‫‪39‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫آخــر‪ ،‬ثــم بحســب املوضوعــات واملضامــن التــي تناولهــا وطبيعتهــا األدبيــة أو العلميــة أو مــا‬
‫شابه ذلك‪ ،‬كما يختلف بحسب التراكيب اللغوية التي ُيعنى بها علماء النحو والبالغة‪.‬‬
‫أنواع األساليب‪:‬‬
‫يص ّنــف الدارســون األســلوب مــن حيــث شــكله األدبــي‪ ،‬وتنــوع تراكيبــه‪ ،‬فمــن حيث شــكله‬
‫الشــعر والنثــر‪ ،‬وهمــا أظهــر األســاليب وأوضحهــا؛ لقيــام االختالف‬ ‫يقســمونه إلــى قســمني همــا‪ِّ :‬‬
‫فيمــا بينهمــا علــى أســاس اختــاف املوســيقا واإليقــاع‪ ،‬حيــث يبــدو اإليقــاع منتظمـ ًا واضحـ ًا يف‬
‫وخفيــا وغيــر منتظــم يف النثــر‪ ،‬ومــن أجــل ذلــك سـ ّـمي الشــعر نظمـ ًا النتظامــه‬ ‫ًّ‬ ‫الشــعر‪ ،‬ومتنوعـ ًا‬
‫العـ ُـروض‪ ،‬وسـ ّـمي النثــر نثــر ًا؛ أل ّنــه غيــر منتظــم يف ذلــك النســق فكأ ّنه‬
‫يف نســق واحــد هــو نســق َ‬
‫حباتــه‪ ،‬ويصنــف أســلوب النثــر مــن حيــث مضمونــه وطبيعــة مــا يتناولــه مــن‬ ‫عقــد قــد انتثــرت ّ‬
‫موضوعات إلى ثالثة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬
‫األدبي‪ ،‬والعلمي املتأدب‪ ،‬والعلمي‪:‬‬
‫‪1.1‬األسلوب األدبي‪.‬‬
‫‪2.2‬األسلوب العلمي املتأدب‪.‬‬
‫‪3.3‬األسلوب العلمي‪.‬‬
‫وجنمل الفروق بني هذه األساليب الثالثة فيما يأتي‪:‬‬
‫‪1.1‬يركــز األســلوب األدبــي علــى إبــراز ذات األديــب‪ ،‬وعلــى موقفــه مــن املوضــوع املطــروح‪،‬‬
‫أ َّمــا األســلوبان العلمــي املتــأدب والعلمــي فيســتبعدان هــذا اجلانــب متامـ ًا‪ ،‬مــع االعتمــاد‬
‫على جانب املوضوعية‪.‬‬
‫‪2.2‬مييــل األســلوب األدبــي إلــى التعبيــر عــن العاطفــة‪ ،‬وإلــى تصويــر مــا تختلــج بــه النفــس‬
‫مــن مشــاعر وأحاســيس‪ ،‬أ َّمــا األســلوبان اآلخــران فيعبــران عــن احلقائــق العلميــة‬
‫املجردة‪.‬‬
‫‪3.3‬يتميــز األســلوب األدبــي بتكثيــف الصــور البيانية املاثلــة يف التشــبيه‪ ،‬واملجــاز‪ ،‬والكناية‪،‬‬
‫ويقتصــد األســلوب العلمــي املتــأدب يف اســتعمالها‪ ،‬أ ّمــا األســلوب العلمــي فيســتبعدها‬
‫متاما إ َّال ما يختص من أنواع التشبيه بالكشف عن احلقيقة املجردة‪.‬‬
‫‪4.4‬يتصــف األســلوبان األدبــي والعلمــي املتــأدب بجمــال الصياغــة ورشــاقة اجلمــل‬
‫والعبارات‪ ،‬ويظل األسلوب العلمي يف ذلك رهينة املوضوع الذي يتناوله‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪1.1‬ال يســتخدم األســلوب األدبــي شــيئ ًا مــن املصطلحــات‪ ،‬أ ّمــا األســلوب العلمــي املتــأدب‬
‫فيحــاول التخلــص مــن املصطلحــات وال يســتخدمها إال عنــد الضــرورة‪ ،‬ويظــل األســلوب‬
‫العلمي هو مجال املصطلحات ومسرحها‪.‬‬
‫وينبغــي أ ْن نــدرك أنّ القدمــاء مــن النقــاد كانــوا يصنفــون أســاليب النثــر عامــة يف نوعــن همــا‬
‫(أسلوب السجع وأسلوب الترسل)‪:‬‬
‫‪1.1‬أســلوب الســجع‪ :‬هــو األســلوب النثــري الــذي تتســاوى فيــه جملتــان أو أكثــر يف املقاطــع‬
‫وتتفقان يف أحرف الفواصل‪ ،‬كما ميتاز بكثرة احملس ّنات البديعية‪.‬‬
‫‪2.2‬أســلوب الترســل‪ :‬وهــو األســلوب الــذي يخلــو مــن كل ذلــك إذ يسترســل فيــه الكاتــب‬
‫دون االعتنــاء بالفواصــل واألســجاع‪ ،‬ودون االعتنــاء باحملســنات البديعيــة إ َّال مــا جــاء‬
‫منها عفو اخلاطر ودون قصد‪.‬‬
‫ويقســم علمــاء البالغــة األســاليب مــن حيــث تنــوع تراكيبهــا داخــل النــص الواحــد إلــى‪:‬‬
‫أسلوب خبري‪ ،‬وأسلوب إنشائي‪.‬‬
‫‪1.1‬األســلوب اخلبــري‪ :‬وهــو الــذي يصــاغ لإلخبــار عــن أمــر مــا قــد حــدث يف املاضــي أو‬
‫يحــدث يف احلاضــر أو ســيحدث يف املســتقبل‪ ،‬ويعــرف البالغيــون اجلملــة اخلبريــة بأنهــا‪:‬‬
‫«قــول يحتمــل الصــدق أو الكــذب لذاتــه»‪ ،‬أي َّأن مضمونهــا ميكــن نفيــه أو تصديقــه‪،‬‬
‫فــإذا أخبــر شــخص مــا عــن قيــام فــان يف املاضــي فقــال‪« :‬قــام فــان» جــاز لــك أن‬
‫تشــكك يف حــدوث هــذا اخلبــر ولذلــك قيــدوا التعريــف بقولهــم «لذاتــه» مــن دون النظــر‬
‫إلى قائله‪.‬‬
‫‪2.2‬األســلوب اإلنشــائي‪ :‬وهــو الــذي يصــاغ للداللــة علــى طلــب القيــام بفعــل مــن األفعــال‬
‫يف الزمــن املســتقبل‪ ،‬أو يصــاغ لالســتفهام عــن حقيقــة حــدوث أمــر مــا يف املاضــي أو‬
‫احلاضر أو إمكان حدوثه يف املستقبل‪.‬‬
‫وجميــع ذلــك يتحقــق يف نوعــن مــن اجلمــل وهمــا اجلمــل الطلبيــة‪ ،‬وهــي أنــواع أهمهــا‪:‬‬
‫األمــر‪ ،‬والدعــاء‪ ،‬والنهــي‪ ،‬واالســتفهام‪ ،‬والنــداء‪ ،‬والتمنــي‪ ،‬واجلمــل غيــر الطلبيــة وهــي‪:‬‬
‫الترجي‪ ،‬والتعجب‪ ،‬واملدح‪ ،‬والذم‪ ،‬والقسم‪ ،‬واإلشفاق‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬ضع عالمة (‪ )‬أمام العبارة الصحيحة وعالمة (×) أمام العبارة اخلاطئة‪:‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬أميتاز األسلوب العلمي بتكثيف الصور البيانية‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬بيستخدم األسلوب األدبي الكثير من املصطلحات‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‪.‬جمييل األسلوب العلمي إلى التعبير عن العاطفة‪ .‬‬
‫( )‬ ‫ ‬ ‫ ‪.‬دأسلوب الترسل هو الذي يصاغ للداللة على طلب القيام بفعل‪.‬‬
‫( )‬ ‫ ‬
‫ ‪.‬هاألسلوب يف اللغة هو الطريقة التي يتعامل بها اإلنسان مع األشياء‪.‬‬
‫‪2.2‬ما الفرق بني األسلوب اخلبري‪ ،‬واألسلوب اإلنشائي؟‬

‫‪42‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫القيم اجلمالية لألسلوب‬
‫القيــم جمــع قيمــة‪ ،‬والقيمــة كل مبــدأ جميــل أو خيــر نؤمــن ونهتــدي بــه يف شــؤوننا احلياتية‪،‬‬
‫والقيــم اجلماليــة لألســلوب هــي تلــك الســمات والشــروط التــي جتعــل منــه أثــر ًا بليغـ ًا ً‬
‫محببــا إلــى‬
‫النفــس‪ ،‬ومــن البدهــي َّأن هــذه القيــم هــي ممــا تهتــم بــه علــوم البالغــة‪ ،‬وما يهمنــا هما األســلوبان‬
‫األدبي والعلمي املتآدب أ ّما األسلوب العلمي فعالقته باألدب محدودة‪.‬‬
‫من القيم اجلمالية لألسلوب‪:‬‬
‫‪1.1‬الترابط ووحدة املوضوع‪:‬‬
‫متالحمــا مترابــط اجلمــل والعبــارات‪ ،‬حتــى أَنــك ال حتــذف‬
‫ً‬ ‫ـص‬
‫ونعنــي بذلــك أن يكــون ال ّنـ ّ‬
‫منــه كلمــة أو عبــارة أو جملــة إال أحدثــت فيــه ثغــرة‪ ،‬وأشــعرت القــارئ بــأن هنــاك شــيئ ًا مــا‬
‫ينقصــه‪ ،‬فــإذا كان األســلوب مفـ ً‬
‫ـككا أو كان يتنــاول عــدد ًا مــن املوضوعــات يف وقــت واحــد ُعـ َّ‬
‫ـد‬
‫عيب ًا من عيوبه‪.‬‬
‫‪2.2‬التطور والنمو‪:‬‬
‫وهــو أن يتنــاول الكاتــب املوضــوع الــذي هــو بصــدده فيبتدئــه مــن أوله‪ ،‬ثــم يســعى يف توضيحه‬
‫ا فينتهــي العمــل األدبــي بانتهائــه‪ ،‬ويكــون‬ ‫وإظهــاره شــيئ ًا فشــيئ ًا حتــى يبــدو واضح ـ ًا مكتم ـ ً‬
‫العمــل بذلــك قــد اكتســب أهــم شــرطني مــن شــروط اكتمالــه وهمــا النمــو والتطــور اللــذان يكــون‬
‫افتقاده إياهما مدعاة لتشوشه واضطرابه وافتقاده أهم مقومات جماله‪.‬‬
‫‪3.3‬الدقة والوضوح وعدم الغموض‪:‬‬
‫بــأن يســتخدم الكاتــب الكلمــات يف مواضعهــا الصحيحــة‪ ،‬وأن تخضــع عباراتــه للقواعــد‬
‫اللغوية‪ ،‬وأن يبتعد عن األلفاظ الغريبة‪.‬‬
‫‪4.4‬اإليحاء والعمق وعدم السطحية واالبتذال‪:‬‬
‫وأهــم مــا يحقــق ذلــك هــو تكثيــف العبــارة‪ ،‬والســعي إلــى أ ْن تــورد املعانــي الكثيــرة يف األلفــاظ‬
‫القليلــة‪ ،‬ويكــون ذلــك يف اختيــار األلفــاظ القويــة املوحيــة‪ ،‬ويف الصــور البيانيــة اجلديــدة الطريفــة‬
‫املبتكرة‪ ،‬واالبتعاد عن األلفاظ والتعبيرات السوقية املبتذلة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪1.1‬احليوية والنشاط‪:‬‬
‫أ ْن تكــون التراكيــب املســتعملة قويــة حيــة مبتكــرة‪ ،‬وأ ْن يكــون الســياق مشــوق ًا يثير التســاؤالت‬
‫ويدعــو إلــى البحــث والتفكيــر‪ ،‬كمــا ينبغــي ‪-‬يف هــذا الصــدد‪ -‬أ ْن تكــون العواطــف جياشــة تثيــر‬
‫املتلقــي وتدفعــه إلــى االنفعــال وإلــى مواكبــة العمــل الفنــي‪ ،‬وأ ْن تكــون الصياغــة بعيــدة عــن ّ‬
‫كل‬
‫ما يحدث امللل والضجر من حشو وتكرار وإطالة‪.‬‬
‫‪2.2‬املوسيقا الداخلية واخلارجية‪:‬‬
‫أ ْن تكــون املعانــي واأللفــاظ منســجمة متناغمــة‪ ،‬وأن تكــون اجلمــل متقابلــة متالحمة‪ ،‬فيشــعر‬
‫والروايــة وغيرهــا مــن أجنــاس‬
‫املتلقــي بالغنــى املوســيقي يف القصيــدة‪ ،‬أو يف اخلطبــة واملقالــة ّ‬
‫النثر‪.‬‬
‫واملوســيقا الداخليــة هــي االنســجام يف املعنــى‪ ،‬والتــاؤم بــن األلفــاظ واملعانــي‪ ،‬أمــا املوســيقا‬
‫اخلارجية فهي السجع واجلناس وغير ذلك مما هو ظاهر يف اللفظ‪.‬‬
‫اجل َّدة والطرافة‪:‬‬
‫‪ِ 3.3‬‬
‫واملقصــود بهمــا أ ْن يكــون املوضــوع املتنــاول جديــد ًا‪ ،‬أو متنــاو ًال بطريــق فيهــا ِجـ َّ‬
‫ـدة وطرافــة‪،‬‬
‫وأن تكون التراكيب والصور جديدة مبتكرة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬كيف يتحقّق جمال األسلوب؟‬


‫‪2.2‬كيف تتحقّق احليوية والنشاط يف األسلوب؟‬
‫‪3.3‬ما الفرق بني املوسيقا الداخلية واملوسيقا اخلارجية؟‬
‫‪ِ 4.4‬م ْن أهم القيم اجلمالية لألسلوب‪( :‬الترابط ووحدة املوضوع)‪ ،‬ناقش ذلك؟‬
‫‪5.5‬ما الذي يهتم به األدب من األساليب؟ وملاذا؟‬

‫‪45‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ّ‬
‫التعبير واإلنشاء‬
‫مــا أكثــر مــا يتســاءل الطــاب عندمــا يطلــب منهــم املعلــم أ ْن يكتبــوا يف موضــوع إنشــائي‪ ،‬عــن‬
‫الطريقــة التــي يكتبــون بهــا‪ ،‬مــن أيــن يبــدؤون؟ وكيــف يرتبــون أفكارهــم؟ ومــا نــوع املعلومــات‬
‫التي يستعينون بها؟ وكيف تكون خامتة املوضوع؟‬
‫وتكــون اإلجابــة عــن ذلــك بالقــول إ ّنــه إذا كان علــى الطالــب أن يــدرك َّأن مــا يدرســه مــن‬
‫ـص‬ ‫األدب والنصــوص والبالغــة والنقــد والنحــو والصــرف إنّ ــا هــو تدريــب لــه علــى تفكيــك النـ ّ‬
‫وفهمــه واســتيعابه‪ ،‬فــإن عليــه أن يــدرك أيضـ ًا َّأن تكليفــه بكتابــة املوضوعــات اإلنشــائية إمنــا هــو‬
‫تدريــب لــه علــى طريقــة تركيــب النصــوص‪ ،‬أي‪ :‬صياغتهــا‪ ،‬فعمليــة تعليــم اللغــة واألدب إمنــا‬
‫تقــوم علــى هذيــن املبدأيــن األساســيني‪( :‬التفكيــك والتركيــب)‪ ،‬وكل مــا يدرســه الطالــب يف‬
‫اجلانــب األول مــن هــذه العمليــة التعليميــة‪ ،‬وهــو الــذي يقــوم علــى املبــدأ األول مبــدأ التفكيــك‬
‫عليــه أ ْن يفيــد منــه يف اجلانــب الثانــي الــذي يقــوم علــى مبــدأ التركيــب‪ ،‬فــا ميكــن ألي إنســان‬
‫‪-‬مهمــا كانــت إمكاناتــه ومهاراتــه‪ -‬أ ْن يتمكــن مــن الكتابــة مــا لــم يكــن كثيــر القــراءة‪ ،‬واســع‬
‫االطــاع علــى اآلثــار األدبيــة يف اللغــة التــي يريــد الكتابــة بهــا‪ ،‬كمــا أ ّنــه لــن يتمكــن مــن إجــادة‬
‫أيــة لغــة مــا لــم يكــن علــى صلــة مســتمرة بــكل مــا يبــدع فيهــا مــن نصــوص أدبيــة‪ ،‬إلــى جانــب‬
‫وقوفــه علــى قواعدهــا وأســرارها البالغيــة‪ ،‬ومــن اخلطــوات التــي ينبغــي أ ْن تراعــى عند االســتعداد‬
‫للكتابة ما يأتي‪:‬‬
‫‪1.1‬اســتيعاب املوضــوع الــذي يــود الكاتــب الكتابــة فيــه واســتحضاره يف الذهــن‪ ،‬حيــث َّإن‬
‫مــن أهــم مــا يبــدو عقبــة يف عمليــة الكتابــة ‪-‬حتــى عنــد كبــار ُ‬
‫الك َتــاب‪ -‬هــو التشــوش‬
‫يف املوضوع وعدم التمكن منه‪.‬‬
‫‪2.2‬تبويــب املوضــوع وتقســيمه إلــى عناصــر؛ كــي يســتطيع املبــدع أ ْن يصــوغ أفــكاره ويرتبهــا‬
‫بنجــاح‪ ،‬وســيرى َّأن هــذه الطريقــة ســتجنبه اخللــط والتكــرار‪ ،‬واألفضــل هــو أ ْن يضــع‬
‫مخططــ ًا مبدئيــ ًا‪ ،‬علــى أن يراعــي َّأن لــكل جنــس أدبــي بدايــة وخامتــة ووســط ًا‪ ،‬وأن‬
‫البدايــة هــي مــا تطــرح فيهــا الفكــرة العامــة للموضــوع‪ ،‬كمــا أن الصلــب هــو مــا تعالــج‬
‫فيــه التفاصيــل وتقــدم فيــه االســتدالالت‪ ،‬أمــا اخلامتــة فهــي مخصصــة يف العــادة لذكــر‬
‫النتائج والتوصل إلى احللول‪.‬‬
‫‪3.3‬احلــرص علــى أ ْن يفكــر الكاتــب فيمــا يبــدأ بــه موضوعــه‪ ،‬وعــادة مــا تكــون البدايــة‬
‫بالفكرة العامة الشاملة التي ينطلق منها إلى اخلوض يف التفاصيل‪ ،‬وينبغي أن‬
‫‪46‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪1.1‬يتنبه إلى أهمية أن تكون البداية قوية مثيرة لالنتباه‪.‬‬
‫ألن اجلمل‬ ‫‪2.2‬التفكيــر املســتمر يف كيفيــة صياغــة اجلمــل والعبــارات املتينــة الصائبــة‪ ،‬ذلــك َّ‬
‫والعبــارات هــي أســاس العمــل األدبــي وهــي لبناتــه التــي يبنــى منهــا‪ ،‬ومــن املهــم جــد ًا‬
‫أ ْن يشــمل ذلــك التفكيــر يف مــدى الترابــط بــن اجلزئيــات‪ ،‬ولتحقيــق ذلــك ينبغــي علــى‬
‫الكاتــب أن يــدرك أن عليــه معرفــة الوظيفــة التــي تؤديهــا كل أداة مــن أدوات الربــط‪ ،‬ومــن‬
‫أهمهــا‪ :‬حــروف العطــف‪ ،‬وحــروف اجلر‪ ،‬وأدوات الشــرط‪ ،‬واألســماء املوصولــة‪ ،‬وحروف‬
‫النصب‪ ،‬وأدوات اجلزم‪ ،‬والنواسخ‪.‬‬
‫ـكل فقــرة مســتقلة إنّ ــا هــي عمــل صغيــر داخــل‬ ‫‪3.3‬مراعــاة تقســيم العمــل إلــى فقــرات‪ ،‬فـ ّ‬
‫العمــل الكبيــر‪ ،‬إ ْذ تعبــر عــن فكــرة واحــدة مــن األفــكار التــي يطرحهــا الكاتــب والتــي‬
‫تشكل يف النهاية الفكرة الكبرى الواحدة للعمل الواحد املتكامل‪.‬‬
‫‪4.4‬ترتيــب الفقــرات يفضــي إلــى وضــوح الفكــرة العامــة‪ ،‬فعلــى الكاتــب أن يعــرف هنــا أنــه‬
‫مــن املهــم ‪-‬لتحقيــق العمــل املتكامــل‪ -‬مراعــاة أن تــؤدي كل فقــرة إلــى الفقــرة التاليــة‬
‫لها مع جتنب احلشو واالستطراد‪.‬‬
‫‪5.5‬املراجعــة والتنقيــح مــن أســباب تكامــل العمــل األدبــي‪ ،‬ويعنــي ذلــك أن يراجــع الكاتب‬
‫ـب‪ ،‬ويكــون دائمـ ًا علــى اســتعداد أ ْن يغيــر ويبــدل متــى مــا الحــظ وجــود خطــأ أو‬ ‫مــا كَ َتـ َ‬
‫ا‬ ‫ضعــف يف بعــض جزئيــات عملــه‪ ،‬ورمبــا اقتضــى األمــر أ ْن يعيــد كتابــة العمــل كام ـ ً‬
‫مرتــن أو مــرات‪ ،‬وينبغــي التنبيــه هنــا إلــى َّأن معظــم ُ‬
‫الك َّتــاب الكبــار يفعلــون ذلــك دون‬
‫أن يجــدوا فيــه حرج ـ ًا؛ ألنهــم يدركــون أن اإلبــداع أمــر لــه عظمتــه وخطورتــه وقيمتــه‬
‫االجتماعيــة واإلنســانية‪ ،‬وأ َّنــه ال خســارة يف بــذل اجلهــد ‪-‬مهمــا كان‪ -‬مــن أجــل‬
‫إجناحه‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬مــن املهــم أ ْن يحــرص الكاتــب علــى التــزود مــن النصــوص اجليــدة مبــا يعينــه علــى‬
‫حتقيــق مــا يطمــح إليــه‪ ،‬فمــا األعمــال األدبيــة التــي متيــل إلــى قراءتهــا؟ ومــا الــذي‬
‫أفدته منها يف كتابة موضوعات اإلنشاء؟‬
‫‪2.2‬هناك خطوات ينبغي أن تراعى عند االستعداد للكتابة‪ ،‬اذكرها‪.‬‬
‫‪3.3‬اكتب يف موضوع ترغبه‪ ،‬مستعين ًا باخلطوات التي ينبغي أن تراعيها يف الكتابة‪.‬‬
‫‪4.4‬حــاول أن تضــع خطــة تســير عليهــا يف قراءتــك احلــرة‪ ،‬واســتعن مبعلمــك يف اختيــار‬
‫األعمال اجليدة من األدب القدمي واحلديث‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫القسم الثّاني‬
‫ّراسة التطبيقية‬‫الد‬

]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫ّ‬
‫املركبة‬ ‫القصيدة الغنائية‬
‫وحرب‪ -‬لألعشى‬
‫ٌ‬ ‫حب‬
‫ٌّ‬
‫ابتكــر اجلاهليــون وعلــى رأســهم امــرؤ القيــس املــزج الرائع بــن ال ّتغـ ّزل أو الوقوف علــى األطالل‬
‫وبــن أغراضهــم ومواقفهــم املختلفــة ُتــاه احليــاة‪ ،‬مــن فخــر ومــدح ووصــف للصحــراء احمليطــة‬
‫بهــم‪ ،‬إلــى وصــف املعــارك الطاحنــة التــي تــدور رحاهــا فيمــا بــن القبائــل العربيــة‪ ،‬أو بــن‬
‫العربي وبني أعدائه من الفرس والروم آنذلك‪.‬‬
‫وهــذه القصيــدة مــن ديــوان األعشــى (ميمــون بــن قيــس) مت ّثــل هــذا النــوع مــن القصائــد‪،‬‬
‫الشــاعر يصــور‬
‫وهــي تصـ ّـور انتصــار العــرب علــى الفــرس يف موقعــة (ذي قــار) الشــهيرة‪ ،‬علــى أنّ ّ‬
‫يف مطلعهــا موقــف توديعــه لِ ُه َريْـ َـرة صاحبتــه التــي قــال فيهــا معظــم شــعره‪ ،‬معرج ـ ًا علــى ذكــر‬
‫وصايا َج ِدهم الثالث‪ ،‬ويخصص املقطع األخير لوصف انتصارهم الكبير على الفرس‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫صاحب الن ّ‬
‫هــو الشــاعر اجلاهلــي األعشــى (ميمــون بــن قيــس) مــن كبــار الشــعراء اجلاهليــن‪ ،‬وأحــد‬
‫ا لضعــف يف بصــره‬‫شــعراء املع ّلقــات‪ُ ،‬ولــد باليمامــة يف قومــه بنــي قيــس‪ ،‬وكان ال يبصــر لي ـ ً‬
‫وك ّن َي بأبي بصير على عادة العرب يف التفاؤل‪.‬‬ ‫فلقّب باألعشى‪ُ ،‬‬
‫شــرع يطــوف يف بــاد العــرب منــذ قويــت شــاعريته وشــب عــن الطــوق‪ ،‬ومــدح يف رحالتــه‬
‫املنــاذرة والغساســنة‪ ،‬وقــد ســمع بأمــر اإلســام يف أُخريــات حياتــه فــأراد الوفــود علــى النبــي‬
‫ فصدتــه قريــش وكان ذلــك يف الســنة الســابعة للهجــرة‪ ،‬ولــه ديــوان مطبــوع مشــتمل علــى‬
‫معظم فنون الشعر‪ ،‬كالغزل‪ ،‬واملدح‪ ،‬والوصف‪ ،‬واحلماسة‪ ،‬والهجاء‪ ،‬واخلمر ّيات‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ّص ‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫‪1‬‬
‫َــو َأ َّن َص ْح َ‬
‫بــك إ ْذ َنا َدي َت ُه ْ‬
‫ــم َو َقفُــوا‬ ‫ل ْ‬ ‫ــات َل َنــا كَ ف ُ‬
‫َــف‬ ‫اج ٌ‬ ‫ــت َو َصــا ٌة َو َح َ‬
‫كَ ا َن ْ‬

‫ــر ُف‬ ‫ٍ‬


‫إطــار ُدو َن َهــا َش َ‬ ‫َــد َأ َتــى ِم ْ‬
‫ــن‬ ‫وق ْ‬ ‫ــت ُت َو ِّد ُع َنــا‬ ‫ــر َة إِذ ق َ‬
‫َام ْ‬ ‫َعلَــى ُه َريْ َ‬
‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫يــب ال ِّن َّيــ ُة ال َقــذَ ف‬
‫حل ِب َ‬ ‫َــد ُتز ُ‬
‫ِيــل ا َ‬ ‫َوق ْ‬ ‫َــو َأ َّن َهــا َو َقف ْ‬
‫َــت‬ ‫َأ ْح ِب ْ‬
‫ــب بِ َهــا ُخ َّلــةً ل ْ‬

‫‪4‬‬
‫ــا ٍث إِ َّن ِنــي َت ِل ُ‬
‫ــف‬ ‫ــم بِ َث َ‬
‫يك ُ‬ ‫ُأ ِ‬
‫وص ُ‬ ‫ان َقــالَ َل َنــا‬ ‫إِ ّن ا َ‬
‫أل َعــ َّز أبانــا كَ َ‬

‫ــرف‬ ‫َــي ف َُأ ِ‬


‫عطيــ ِه َو َأ ْع َت ُ‬ ‫ح ّقًــا َعل َّ‬ ‫الضيْ ِ‬
‫ــف إِ َّن لَــ ُه‬ ‫ــم بِ َّ‬
‫يك ْ‬ ‫ــف ُأ ِ‬
‫وص ُ‬ ‫الضيْ ُ‬
‫َّ‬
‫‪5‬‬
‫الد ْهــ ِر يث ّنيــه َ‬
‫فينصــرف‬ ‫َي ْو َمــا ِم ْ‬
‫ــن َّ‬ ‫ــم بِاجلَــا ِر إِ َّن لَــ ُه‬
‫يك ْ‬ ‫َواجلَــا ُر ُأ ِ‬
‫وص ُ‬

‫ــر ُف‬
‫ــم ال ُع ُ‬ ‫إِذَا َتلَــ َّوى بِ َك ِّ‬
‫ــف املَ ْع ِص ِ‬ ‫َوقَاتِ ُلــوا ال َق ْ‬
‫ــو َم إِ َّن ال َقتْــلَ َم ْك ُر َمــ ٌة‬
‫‪6‬‬

‫‪7‬‬
‫ـو َت فَانْ َص َر ُفــوا‬ ‫ِم َّنــا كَ َتائِـ ُ‬
‫ـب ُت ْز ِجــي ا ْلَـ ْ‬ ‫ـدا َة ا ِ‬
‫حلنْ ـ ِو َص َّب َح ُهـ ْ‬
‫ـم‬ ‫ـد ِك ْسـ َـرى غَ ـ َ‬
‫َو ُجنْـ ُ‬
‫‪8‬‬
‫ــم ِف آذَانِ َهــا ال ُّن َط ُ‬
‫ــف‬ ‫اج ِ‬ ‫ــن ْ َ‬
‫ال َع ِ‬ ‫ِم َ‬ ‫ــح َو َب ُنــو ُملْ ٍ‬
‫ــك غَ َطا ِرفَــ ٌة‬ ‫اج ُ‬‫َج َح ِ‬

‫ــف‬ ‫ِملْ َنــا بِ ِب ٍ‬


‫يــض ف ََظ َّ‬
‫ــل الْ َهــا ُم ُي ْق َت َط ُ‬ ‫ــاب َأيْ ِد َي ُه ْ‬
‫ــم‬ ‫إِذَا َأ َما ُلــوا إِلــى ال ُّن ّش ِ‬
‫‪9‬‬

‫ــو ُم َينْ َت ِص ُ‬
‫ــف‬ ‫َح َّتــى َت َو َّل ْ‬
‫ــوا َوكَ ا َد الْ َي ْ‬ ‫ــر ف ََمــا َتنْف ُّ‬
‫َــك َت ْط َح ُن ُهــم‬ ‫َو َخيْ ُ‬
‫ــل َب ْك ٍ‬

‫ـار َمــا َأ ْخ َطا ُهـ ُ‬


‫ـم الشَّ ـ َـر ُف‬ ‫ـو ِم ِذي َقـ ٍ‬
‫ِف َيـ ْ‬ ‫ــاركَ َنا‬ ‫َــو َأ َّن ُك َّل َم َعــدٍّ كَ َ‬
‫ان َش َ‬ ‫ل ْ‬

‫ـد ُف‬ ‫ض َي ْغ َشــا َها بِ ِهـ ْ‬


‫ـم َسـ َ‬ ‫ـق ْ َ‬
‫ال ْر ِ‬ ‫ُم َط ِّبـ َ‬ ‫لَ َّــا َأ َت ْو َنــا كَ َأ َّن ال َّليْــلَ َي ْق ُد ُم ُه ْ‬
‫ــم‬
‫‪10‬‬

‫‪11‬‬
‫ت ُ‬
‫ــف‬ ‫ــرى َ ِ‬ ‫َأك َْبا ُد َهــا ُو ُج ٌ‬
‫ــف ِمَّــا َت َ‬ ‫ا َم َدا ِم ُع َهــا‬ ‫ُ‬
‫وظ ْع ُن َنــا َخلْ َف َنــا ُك ْحــ ً‬
‫‪12‬‬
‫ــف‬ ‫ال َهــا ُغبْ َ‬
‫ــر ٌة ُك ُس ُ‬ ‫َوال ََح َهــا َو َع َ‬ ‫ــت ِع َبــر ًا‬
‫ــد ٍود َع َاي َن ْ‬
‫ــن َخ ُ‬
‫ــر َع ْ‬
‫اس ُ‬‫َح َو ِ‬

‫ــد ُف‬ ‫اصهــا ووقاهــا ِطي َنهــا َّ‬


‫الص َ‬ ‫غو ُ‬
‫ّ‬ ‫ــة ِف الْ َب ْحــ ِر َأ ْخ َر َج َهــا‬
‫ــن ُك ِّل َم ْر َجا َن ٍ‬
‫ِم ْ‬
‫‪51‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املعجم ال ُّلغوي ‪:‬‬
‫‪1.1‬الكفــف مــن العيــش‪ :‬الــكايف منــه‪ ،‬أي‪ :‬الــذي يسـ ّـد الرمــق‪ ،‬وال ُو َصــاة هنــا هــي طلــب‬
‫العون‪ ،‬أي ‪:‬أنّ َص ْح َبنا لو أعانونا واستجابوا لوصاتنا وندائنا لكفانا ذلك منهم‪.‬‬
‫‪2.2‬إطار‪ :‬هنا مكان‪ ،‬والشرف هو املكان املرتفع‪.‬‬
‫أحبهــا لــو أنهــا تراجعــت‬ ‫الرحلــة البعيــدة‪ ،‬وا ُ‬
‫خل َّلــة هــي احلبيبــة‪ ،‬أي مــا ّ‬ ‫‪3.3‬ال ّن ّيــة القــذف‪ّ :‬‬
‫عن فراقنا فالرحلة البعيدة قد تنسيك احلبيب‪.‬‬
‫‪4.4‬األعـ ّز‪ :‬هــو القــوي املنيــع اجلانــب الــذي ال يســتطيع أحــد االعتــداء عليــه‪ ،‬والتلــف هــو‬
‫الهالك‪.‬‬
‫اجلار‪ :‬هنا من يستجير بالقبيلة أو الرجل يطلب احلماية والنصرة‪.‬‬ ‫‪ّ 5.5‬‬
‫‪6.6‬ال ُعـ ُـرف‪ :‬الفــرس التــي يركبهــا‪ ،‬واملعصــم هــو الراكــب املمســك بعــرف دا ّبتــه‪ ،‬ويف ذلــك‬
‫كناية عن احلرب والقتال‪.‬‬
‫حلنْو‪ :‬مكان‪ ،‬وهو منحنى الوادي‪ ،‬وتزجي‪ :‬تسوق‪.‬‬ ‫‪7.7‬ا ِ‬
‫طف‪ :‬األقراط‪.‬‬ ‫اجح‪ :‬هم السادة‪ ،‬والغطارفة هم األبطال الشجعان األقوياء‪ ،‬وال ّن ُ‬ ‫جل َح ِ‬ ‫‪8.8‬ا َ‬
‫‪9.9‬ال ُّنشَّ اب‪ :‬السهام‪ ،‬والبيض‪ :‬هي السيوف‪ ،‬وال َهام‪ :‬الرؤوس‪.‬‬
‫السدف‪ :‬من الغبار وكل ما يحجب الضياء‪.‬‬ ‫‪َّ 1010‬‬
‫وت ُف‪ :‬ترتعد من اخلوف‪.‬‬ ‫هن النساء الراحالت يف الهوادج‪ِ َ ،‬‬ ‫الظعن‪ّ :‬‬ ‫‪ّ 1111‬‬
‫حواســر عــن خــدود‪ ،‬أي‪ :‬كاشــفات وجوههــن‪ ،‬وعاينــت ِعبــر ًا‪ :‬شــاهدت األهــوال‪،‬‬ ‫‪ِ 1212‬‬
‫وك ُسف‪ :‬حزينة خائفة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫املعنى اإلجمالي‪:‬‬
‫يفتتــح األعشــى قصيدتــه بتصويــر موقــف الفــراق بينــه وبــن صاحبتــه (هريــرة) التــي قــال‬
‫فيهــا كثيــر ًا مــن قصائــده‪ ،‬ويبــدو هــذا االفتتــاح قصيــر ًا إذ لــم يخصــص لــه ســوى ثالثــة أبيــات‬
‫كافيــا لتصويــر ذلــك املوقــف‪ ،‬خاصــة وقــد‬
‫خاليــة مــن الصــور املجازيــة‪ ،‬ولكنــه مــع ذلــك يبــدو ً‬
‫حــرص فيــه األعشــى علــى أن يجمــع بــن وقوفــن‪ ،‬أحدهمــا يتحســر علــى عــدم حدوثــه وهــو‬
‫الصحــب ومؤازرتهــم وتعزيتهــم فيمــا أصابــه‪ ،‬والثانــي يتحســر علــى حدوثــه‪ ،‬وهــو وقوفــه‬ ‫وقــوف ّ‬
‫منفــرد ًا يــو ّدع صاحبتــه‪ ،‬ويشــاهدها وهــي ظاعنــة تســير بهــا ّ‬
‫الرواحــل‪ ،‬وحتــول بينــه وبينهــا اجلبــال‬
‫واملسافات‪ ،‬ثم ينتقل انتقا ًال سريع ًا وغير مم ّهد إلى موضوع آخر يبدو بعيد ًا عن املوضوع‬

‫‪52‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الســابق‪ ،‬وإ ْن كان هنــاك مــا يربــط بــن املقطعــن‪ ،‬وذلــك هــو ذكــر (ال ُو َصــاة) يف بدايــة املقطــع‬
‫ـم تخصيــص املقطــع الثانــي لســرد الوصايــا الثــاث جلدهــم األكبــر عندما حضــره املوت‪،‬‬ ‫األول ‪ُ ،‬ثـ َّ‬
‫تلــك الوصايــا التــي تدلــك علــى مــدى حــرص العربــي علــى احملافظــة علــى قيمــه ومــا يعتنقــه‬
‫يورثها أبناءه وأحفاده من بعده‪.‬‬ ‫من مبادئ‪ ،‬وعمله على أ ْن ّ‬
‫تلخصــت تلــك الوصايــا يف إكــرام الضيــف‪ ،‬و ُنصــرة املســتجير‪ ،‬ومقاتلــة العــدو‪ ،‬وهــي‬ ‫وقــد ّ‬
‫ُتــر َدف إثــر ذلــك مبــا يفســر احلــرص عليهــا ويجعــل مــن كل منهــا قيمــة ومبــدأ‪ ،‬فإكــرام الضيــف‬
‫حــقٌّ ال ينبغــي التهــاون فيــه‪ ،‬و ُنصــرة اجلــار عــادة اعتادتهــا العــرب‪ ،‬وقتــال العــد ّو فيــه العــزة‬
‫والكرامــة‪ ،‬وهــو إذ يسترســل يف املقطــع األخيــر يف تصويــر املعركــة التــي خاضهــا مــع قومــه ضــد‬
‫الفرس فإمنا يشير إلى تنفيذ وصية جده‪.‬‬
‫ويحــرص األعشــى عنــد تصويــر املعركــة مــع العــد ّو علــى التذكيــر بأنــه لــم يخضهــا هــو وقومــه‬
‫ظلم ًا وعدوان ًا‪ ،‬بل دفع ًا للظلم ورد ًا للغزو الذي يشرع يف تصويره بهذا البيت‪:‬‬
‫ــد ُف‬ ‫األرض َي ْغشــاها ب ِه ْ‬
‫ــم َس َ‬ ‫ِ‬ ‫ُمطَ ِّب َ‬
‫ــق‬ ‫لَ َّــا أ َت ْو َنــا‪ ،‬كَ ّأن ال ّليْــلَ َي ْق ُد ُم ُه ْ‬
‫ــم‬

‫ــن‬
‫اللتــي فاجأهــن الغــزو َف ُه َّ‬ ‫َــم بهــذه الصــورة الرائعــة لل ّنســاء يف الهــوادج‪َّ ،‬‬ ‫ليردفــه مــن ث َّ‬
‫خائفــات مرتعــدات‪ ،‬وقــد عالهــن الغبــار فبــدون حزينــات رغــم جمالهــن ومــا يتمتعــن بــه مــن‬
‫بالد ّرة املصونة‪.‬‬
‫رونق وصفاء يذكرك ّ‬
‫ــرى َ ِت ُ‬
‫ــف‬ ‫َأكبا ُدهــا ُو ُج ٌ‬
‫ــف ِمَّــا َت َ‬ ‫ـا َم َدا ِم ُع َها‬
‫َو ُظ ْع ُن َنــا خلفنــا كحـ ً‬

‫اخلصائص الفن ّية‪:‬‬


‫قســم قصيدتــه املركّ بــة هــذه إلــى مقاطــع متتاليــة‪ ،‬يبــدو لــك ألول‬ ‫َيلْحــظ القــارئ أنّ الشــاعر ّ‬
‫وهلــة أنهــا تتنــاول عــدة موضوعــات ال جتمــع بينهــا رابطــة‪ ،‬لكــن ســرعان مــا يتبــن لــك اخليــط‬
‫اخلفــي الــذي يجمــع بينهــا‪ ،‬كمــا تالحــظ متاســك القصيــدة وقــوة اللفــظ وجزالتــه‪ ،‬وطرافــة املعنى‬
‫والصــور احليــة القويــة املتتابعــة‪ ،‬رغــم عــدم اعتمــاد الصــور املجازيــة إال فيمــا نــدر‪ ،‬وإذا وردت‬
‫هــم)‪،‬‬
‫حص ُد ْ‬ ‫فهــي صــور قريبــة واضحــة‪ ،‬فمــن ذلــك االســتعارة املاثلــة يف قولــه‪( :‬ال ِهنْ ِ‬
‫ــد ُّي َي ُ‬
‫ـب ُت ْزجــي املَـ ْـو َت)‪ ،‬ثــم هــذه الصــورة التشــبيهية‬ ‫ـل ال َهــا ُم ُي ْق َت َطـ ُ‬
‫ـف)‪ ،‬وقولــه‪( :‬كَ تائـ ُ‬ ‫وقولــه‪َ :‬‬
‫(ظـ ّ‬
‫املاثلة يف قوله‪:‬‬
‫ــد ُف‬ ‫اص َهــا َو َوقَا َهــا ِطي َن َهــا َّ‬
‫الص َ‬ ‫غَ ّو ُ‬ ‫ِمــن ُك ّل َم ْرجا َنـ ٍـة يف َ‬
‫البح ـ ِر ْ‬
‫أخ َر َجهــا‬

‫‪53‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬تنتمــي هــذه القصيــدة إلــى نــوع القصائــد املركّ بــة‪ ،‬فكيــف ذلــك؟ وفيــم تختلــف عــن‬
‫القصائد البسيطة؟‬
‫قدم الشاعر لقصيدته؟ وكيف تفهم ارتباط هذه املقدمة ببقية القصيدة؟‬ ‫‪2.2‬كيف ّ‬
‫اجلد الثالث يف القصيدة؟‬ ‫‪3.3‬ما الذي تد ّلك عليه وصايا ّ‬
‫‪4.4‬ح ّلل هذه الصورة‪ ،‬وبني قيمتها البالغية ووظيفتها داخل القصيدة‪:‬‬
‫األرض َيغشاها ب ِه ْم َس َد ُف‬
‫ِ‬ ‫ملّا أ َت ْو َنا كَ ّأن ال ّليْلَ َي ْق ُد ُم ُه ْم ُم َط ِّب َق‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫● ●اكتب يف أحد املوضوعني‪:‬‬
‫ ‪.‬أحقُّ َّ‬
‫الضيف‬
‫اجلار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ ‪.‬بحقُّ‬

‫‪54‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املركبة في العصر ُ‬
‫األموي‬ ‫ّ‬ ‫القصيدة‬
‫الر َّمة‬ ‫ٌ‬
‫أطالل وذكريات ‪ -‬لذي ُّ‬
‫ســارت القصيــدة املركّ بــة يف العصــور التاليــة علــى النهــج الــذي اختطــه لهــا امــرؤ القيــس‪ ،‬مــن‬
‫ابتــداء بالوقــوف علــى األطــال أو الغــزل‪ ،‬ومــن تخ ّلــص مــن موضــوع إلــى موضــوع‪ ،‬أو مــن‬
‫غــرض إلــى غــرض علــى نحــو يجعــل منهــا جســم ًا متآلف ـ ًا مــن مجموعــة مــن املقاطــع التــي‬
‫الر ّمــة أحــد أكبــر شــعراء‬
‫ُيفضــي بعضهــا إلــى بعــض‪ ،‬وهــذه إحــدى القصائــد التــي د ّبجهــا ذو ُّ‬
‫الغزل يف العصر األموي‪ ،‬يقف فيها على األطالل‪ ،‬ويستعرض ذكرياته مع صاحبته ( َم َّية)‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫صاحب الن ّ‬
‫الر َّمــة العــدوي‪ ،‬وهــو غيــان بــن عقبــة مــن قبيلــة‬ ‫شــاعر الصحــراء والغــزل العــذري‪ ،‬ذو ُّ‬
‫بدويــة ألفــت الصحــراء والتنقــل والترحــال‪ُ .‬ولــد ســنة ‪77‬هـــ‪ ،‬ونشــأ يف الباديــة ُمغرمــا بالصحراء‪،‬‬
‫وصافـ ًا لهــا يف شــعره‪ ،‬وكان مــع ذلــك كثيــر التــر ّدد إلــى الكوفــة والبصــرة فتع ّلــم بهمــا مــا يتعلمــه‬
‫ّ‬
‫أهل احلضر من القراءة والكتابة وبعض العلوم املعروفة يف عصره‪.‬‬
‫التقــى ( َم َّيــة) يف بعــض أســفاره وتنقالتــه فأحبهــا‪ ،‬وقــال فيهــا معظــم شــعره‪ ،‬فلمــا يئــس‬
‫منهــا مــال إلــى امــرأة أخــرى يقــال لهــا (خرقــاء)‪ ،‬فأنشــأ فيهــا بعــض قصائــده‪ ،‬وقــد ُتــويف يف‬
‫األربعني من عمره عام ‪117‬هـ‪.‬‬
‫ّص ‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫ــع‬
‫واج ُ‬ ‫ضــن َر ِ‬ ‫اللئــي َم ْ َ‬ ‫ــن َّ‬ ‫َهــلِ ا ْ‬
‫ألز ُم ُ‬ ‫ــي َســا ٌم َعلَيْ ُك َمــا‬ ‫ــي َم ٍّ‬ ‫َأ َمنْ ِز َل َت ْ‬
‫ال ِق ُ‬
‫ــع ‪1‬‬ ‫الب َ‬
‫والر ُســو ُم َ‬ ‫ثــاف ُّ‬ ‫ثــاث ا َأل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـف الْ َع َمــى‬ ‫يم َأ ْو َي ْك ِشـ ُ‬‫ـل َي ْر ِجـ ُـع ال َّت ْسـ ِل َ‬‫َو َهـ ْ‬
‫ــع‬ ‫ِ‬
‫اخلواض ُ‬ ‫ــس بهــا إ َّال ِّ‬
‫الظبــا ُء‬ ‫ولَيْ َ‬ ‫اح ِبــي‬ ‫ــت لِ َص ِ‬ ‫َت َو َّه ْم ُت َهــا َي ْومــ ًا َف ُقلْ ُ‬
‫ــع ‪2‬‬ ‫الب َرا ِق ُ‬
‫مج َّللــ ٌة ُحــ ٌّو َعلَي َهــا َ‬ ‫ياصــي كَ َأ َّن َهــا‬ ‫الص ِ‬ ‫ــح ُم َّ‬ ‫ــي ٌة ُس ْ‬ ‫َو َم ْو ِش َّ‬
‫ــع ‪3‬‬ ‫ــن َدا ِء َّ‬
‫الص َب َابــ ِة َنا ِف ُ‬ ‫َاك ِم ْ‬ ‫ــل ذ َ‬ ‫َف َه ْ‬ ‫ــر ًة ِف ِد َيا ِر َهــا‬
‫ــر َن ْظ َ‬ ‫يــس َننْ ُظ ْ‬ ‫ــف ال ِع َ‬ ‫ِق ِ‬
‫ـل أنــت َرابِـ ُـع ‪4‬‬ ‫ـت ‪َ :‬هـ ْ‬‫ض إِ َّال ُقلْـ َ‬ ‫ـن ْ َ‬
‫ال ْر ِ‬ ‫ِمـ َ‬ ‫فقــالَ ‪ :‬أمــا َت ْغ َشــى ِل َّيــ َة َمنْــ ِز ًال‬
‫ــرش ا ْل ََدا ِم ُ‬
‫ــع‬ ‫ُ َت َّيــى بِ َهــا َأ ْو َأ ْن ُت َّ‬ ‫ــي َ ِت َّيــ ٌة‬ ‫ــا ِل َم ّ ِ‬ ‫َــل إِلَــى َأ ْط َ‬ ‫وق َّ‬

‫‪55‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ــع ‪5‬‬ ‫واس ُ‬‫ــر ُان الشَّ ِ‬ ‫ــي َوالْ ِع َ‬ ‫َم َنــاز ُِل َم ٍّ‬ ‫ــت بِــ ِه‬‫ــذي َب َّر َح ْ‬ ‫ــب ا َّل ِ‬‫َأ َل َأ ُّي َهــا الْ َقلْ ُ‬
‫َــن َنــاز ُِع ‪6‬‬ ‫ون الْ َو ِظيف ْ ِ‬
‫ــر ُ‬‫ــن َم ْق ُ‬ ‫كَ َمــا َح َّ‬ ‫ــك َح َّنــ ٌة‬ ‫َأ ِف ُك ّ ِل َأ ْط َــا ٍل َل َهــا ِمنْ َ‬
‫ن َصانِ ُ‬
‫ــع‬ ‫ــن َها َتــ َ‬
‫يمــا َب ْ َ‬ ‫ــت ِف َ‬ ‫ف ََمــا َأنْ َ‬ ‫َــد ِحيــلَ ُدو َن َهــا‬ ‫ــي َوق ْ‬ ‫ــر َء ِم ْ‬
‫ــن َم ٍّ‬ ‫َو َل ُب ْ‬
‫الض ِمي ـ ِر ف ََجــاز ُِع‬
‫ـدي َّ‬ ‫ـد َأ ْم ُمبْـ ِ‬‫َع َلــى الْ َو ْجـ ِ‬ ‫ــم‬
‫اظ ٌ‬ ‫الص ُبــو ِر ف ََك ِ‬
‫ــر َّ‬ ‫َأ ُم ْســ َت ْو ِج ٌب َأ ْج َ‬
‫املعجم اللغوي ‪:‬‬
‫الرســوم‬
‫‪1.1‬األثــايف‪ :‬احلجــارة التــي توقــد فيمــا بينهــا النــار وتوضــع عليهــا القــدور‪ ،‬أ ّمــا ُّ‬
‫البالقع‪ :‬فهي بقايا الديار التي اندثرت وضاعت معاملها ولم يبق فيها شيء‪.‬‬
‫الصياصــي‪ :‬ســود القــرون واألســحم‪ :‬األســود‪ ،‬وأصيــل‬ ‫ــية‪ :‬منقوشــة‪ُ ،‬ســحم َ‬ ‫وش ّ‬‫‪َ 2.2‬م ِ‬
‫حل ّوة‪ :‬حمرة يف سواد‪ ،‬والبراقع هي املالبس‪.‬‬ ‫الصياصي احلصون واملعاقل‪ ،‬وا ُ‬ ‫ّ‬
‫‪3.3‬ال ِعيس‪ :‬اإلبل الرواحل‪َّ ،‬‬
‫الصباب ُة‪ :‬شدة َ‬
‫الو ْجد‪.‬‬
‫‪َ 4.4‬ت ْغ َشى املنزل‪ :‬تأتي إليه وتزوره‪ ،‬را ِبع‪ :‬مقيم يف الربيع‪.‬‬
‫البعد والشواسع‪ :‬أيض ًا البعيدةُ‪.‬‬ ‫‪َ 5.5‬ب َّرحت به‪ :‬زادته أمل ًا وحسرةً‪ ،‬وال ِع َران‪ُ :‬‬
‫ـن‪ :‬اشــتاق‪ ،‬ومقــرون الوظيفــن‪ :‬البعيــر الــذي ُع ِق َلـ ْ‬
‫ـت َيــدا ُه‪ ،‬والنــازع ‪:‬املشــتاق إلــى‬ ‫‪َ 6.6‬حـ َّ‬
‫أهله ووطنه‪.‬‬
‫املعنى اإلجمالي‪:‬‬
‫ميــة التــي غادرتهــا منــذ زمــن‬ ‫يفتتــح الشــاعر قصيدتــه بالوقــوف علــى أطــال ديــار صاحبتــه ّ‬
‫متوهمــا أنهــا تعقــل‪ ،‬عــن إمــكان‬
‫ً‬ ‫ـائل إياهــا‪ ،‬وهــو يف ذروة انفعاالتــه وأشــواقه‬ ‫ويحييهــا سـ ً‬ ‫بعيــد‪ّ ،‬‬
‫ن رواجـ ُـع؟‪ ،‬مخاطب ـ ًا‬
‫اللئــي مض ـ َ‬ ‫ـن ّ‬ ‫ميــة‪ :‬هـ ْ‬
‫ـل األزمـ ُ‬ ‫رجــوع األيــام اجلميلــة التــي قضاهــا مــع ّ‬
‫إياهــا بضميــر املثنــى‪ ،‬إذ يبــدو أنــه يتوجــه فيهــا إلــى بقعتــن كانتــا محــل لقــاءات احلبيبــن‪ ،‬ثــم‬
‫يستفيق يف البيت الثاني متنبها إلى احلقيقة املرة فيعود ليسأل نفسه مستنكر ًا‪:‬‬
‫البالقع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والرسو ُم‬
‫الث َِاف ُّ‬ ‫يم َأ ْو َي ْك ِش ُف الْ َع َمى ث ُ‬
‫َالث ْ َ‬ ‫جع ال َّت ْس ِل َ‬
‫َو َه ْل َي ْر ُ‬
‫تنبــه بعــده‬
‫ومــا عنــاه هنــا ســوى توهمــه رجــوع تلــك األيــام التــي مضــت‪ ،‬ذلــك العمــى الــذي ّ‬
‫فاكتشــف أنّ هــذه األطــال مــا هــي إال بقايــا أثــايف ورســوم اندثــرت‪ ،‬وأنهــا لــن جتيــب عــن ســؤال‬
‫ولن ُتعيد ماضي ًا‪.‬‬
‫يتوجه إثر ذلك إلينا محدث ًا عن حكاية تلك الوقفة‪ ،‬عندما طلب من صاحبه أ ْن‬ ‫ثم ّ‬

‫‪56‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ا‪ ،‬ولــم يكــن‬ ‫يوقــف راحلتيهمــا لينظــر يف تلــك الديــار؛ لعلهــا تطفــئ ظم ـ ًأ‪ ،‬أو تشــفي غلي ـ ً‬
‫بهــا إذ ذاك ســوى الغــزالن وبقــر الوحــش التــي يشــبهها بالنســوة املتلفعــات يف براقعهــن‪ ،‬تأثــر ًا‬
‫ٍ‬
‫ببيت المرئ القيس يف معلقته‪:‬‬
‫ف ََع َّن لَنا ِس ْر ٌب كَ َأ َّن نِ َع َ‬
‫اج ُه َعذَ َارى َد َوارٍ ِف ُم ٍ‬
‫الء ُمذَ َّيل‪.‬‬
‫ـي فيــه‪ ،‬وهــو ينقــل يف أمانــة رد‬ ‫ـدل وجودهــا يف املــكان علــى أنــه مــكان خــال ال إنسـ َّ‬ ‫وا ّلتــي يـ ّ‬
‫صاحبــه الــذي كان يلومــه علــى هــذا اإلصــرار منــه علــى الوقــوف بالديــار اخلاليــة التــي لــن يفيــد‬
‫الوقــوف عليهــا شــيئا‪ ،‬ولكنــه ُيدافــع عــن موقفــه بــأن ذلــك إمنــا هــو أدنــى درجــات الوفــاء لتلــك‬
‫األماكن التي آوت حبيبته يوم ًا‪ ،‬وهو ما يصوره يف هذا البيت‪:‬‬
‫حتي ٌة ُ َت َّيى َأ ْو بِ َها َأ ْن ُتر َّ‬
‫ِش ا ْل ََدا ِم ُع‬ ‫ِ‬
‫أطالل َم ِّي َّ‬ ‫وق ََّل إلى‬
‫وينتقــل يف املقطــع الثانــي نقلــة أخــرى إذ يتوجــه إلــى قلبــه باللــوم والعتــاب علــى هــذا احلنــن‬
‫الدائــم إلــى األطــال والــذي ال يرجتــى منــه نفــع وال شــفاء‪ ،‬مقدمـ ًا إليــه ذلــك اللــوم يف تســاؤل‬
‫ـل صاحبــه‪ ،‬ليربــط بــن التســاؤلني علــى نحــو‬ ‫مياثــل ذلــك التســاؤل الــذي قدمــه إليــه مــن قبـ ُ‬
‫يجعــل األمــر كلــه موجهـ ًا إلــى القلــب؛ احلــب والشــوق والتذكــر واحلنــن إلــى االطــال‪ ،‬ذلــك‬
‫احلنــن الــذي مياثــل حنــن البعيــر املقيــد (مقــرون الوظيفــن) يف أنــه ال أمــل مــن ورائــه‪ ،‬وهــو مــن‬
‫أجــل ذلــك يخيــره يف نبــرة إميانيــة واضحــة فيهــا تأثــر والتــزام بتعاليــم الديــن احلنيــف‪ ،‬بــن أ ْن‬
‫يصبر فينال الثواب على ذلك‪ ،‬أو أ ْن يجزع فيكون له اخلسران جزا ًء‪.‬‬
‫اخلصائص الفنية‪:‬‬
‫ـص الغنائــي أنّ االســتفتاح بالغــزل‪ ،‬أو بالوقــوف علــى األطــال هــو‬ ‫ُيلحــظ مــن خــال هــذا ال ّنـ ّ‬
‫أ ّول مــا مييــز القصيــدة املركّ بــة ا ّلتــي تتأ ّلــف مــن مجموعــة مــن املقاطــع‪ّ ،‬‬
‫وكل مقطــع يصــور فكــرة‬
‫ولتتكــون الفكــرة الشــاملة واملوقــف‬
‫ّ‬ ‫ال‪ ،‬ليتآلــف بعــد ذلــك مــع بقيــة املقاطــع‬ ‫أو موقفــ ًا مســتق ً‬
‫الواحــد مــع التنبيــه هنــا إلــى أن هــذه املقاطــع قــد تنتمــي إلــى مجموعــة مــن األغــراض‪ ،‬كمــا‬
‫تبــن لــك عنــد دراســتك لقصيــدة األعشــى‪ ،‬وقــد تنتمــي إلــى غــرض واحــدة تتناولــه القصيــدة‬
‫ـص الــذي تنــاول غــرض الغــزل مــن جانــب الوقــوف علــى‬ ‫مــن جوانــب مختلفــة كمــا يف هــذا ال ّنـ ّ‬
‫األطالل‪ ،‬ثم من جانب استعراض الذكريات‪.‬‬
‫ـص إلــى األدب القــدمي فيالحــظ فيــه قــوة الســبك‪ ،‬وسالســة‬‫أ ّمــا مــن حيــث انتمــاء هــذا ال ّنـ ّ‬
‫العبــارة‪ ،‬وجزالــة األلفــاظ وفخامتهــا‪ ،‬واالعتناء بالتشــبيهات‪ ،‬ووضــوح املعاني وقوتها‪ ،‬وذلــك من أهم‬
‫الرمة خير متثيل‪ ،‬وهو امللقب بــ‪( :‬شاعر الصحراء)‪.‬‬ ‫ما يتميز به أدب الصحراء الذي ميثله ذو ُّ‬
‫‪57‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬ما الذي يجعلك حتكم بانتماء هذه القصيدة إلى نوع القصيدة املركّ بة؟‬
‫‪2.2‬تتنــاول هــذه القصيــدة غرضـ ًا واحــد ًا وهــو الغــزل‪ ،‬ولكنهــا تتناولــه مــن جوانــب مختلفة‪.‬‬
‫كيف ذلك؟‬
‫‪3.3‬ح ّلل التشبيهات يف البيتني التاليني مركز ًا على إبراز ما فيها من قيم جمالية‪:‬‬
‫ُم َج َّلل ٌة ُح ٌّو َعليها البرا ِق ُع‬ ‫ياصي كَ َأ َّن َها‬ ‫َو َم ْو ِش َّي ٌة ُس ْح ُم َّ‬
‫الص ِ‬
‫َي َناز ُِع‬ ‫َأ ِف ُك ّ ِل َأ ْطال ٍَل َل َها ِمنْ َك َح َّن ٌة كَ َما َح َّن َم ْق ُر ُ‬
‫ون الْ َو ِظيف ْ ِ‬
‫‪4.4‬علق على معاني العبارات اآلتية‪:‬‬
‫رواجع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ني‬
‫األزمن الالئي مض َ‬ ‫ُ‬ ‫•• ْ‬
‫هل‬
‫• • َم َنا ِز ُل َم ٍّي َوال ْ ِع َر ُان الشَّ ِ‬
‫واس ُع‪.‬‬
‫• • َع َلى ال ْ َو ْج ِد أَ ْم ُمبْ ِدي َّ‬
‫الض ِمي ِر ف ََج ُ‬
‫ازع‪.‬‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫اكتــب يف هــذا‬
‫ْ‬ ‫ا‪.‬‬‫‪1.1‬وقفــت يف موطــن كان ســكنك منــذ زمــن فتذكــرت ماضيــ ًا جميــ ً‬
‫املعنى‪ ،‬ثم اختر عنوان ًا يتفق مع نوع الذكريات التي استحضرتها‪.‬‬
‫‪2.2‬اختــر مشــهد ًا مــن املشــاهد الطبيعيــة التــي أعجبتــك‪ ،‬ثــم صفــه فيمــا ال يتجــاوز‬
‫الصفحتني‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫القصيدة الغنائية البسيطة في العصر العباسي‬
‫ِش ْع ُب َب َّوان ‪ُ -‬‬
‫للمتَ نَ ِّبي‬
‫عرفــت عنــد دراســتك ألجنــاس الشــعر أنّ القصيــدة البســيطة تتنــاول موضوعــ ًا واحــد ًا أو‬
‫غرض ـ ًا واحــد ًا‪ ،‬وتكــون تلــك القصيــدة وليــدة حلظتهــا يف العــادة وغيــر مخطــط لهــا‪ ،‬وكثيــر ًا مــا‬
‫يرجتلها الشعراء ارجتا ًال‪ ،‬معبرين من خاللها عن موقف نفسي واحد بسيط مركز‪.‬‬
‫ويبــدو هــذا النــوع مــن الشــعر يف نشــأته ســابق ًا للنــوع املركّ ــب؛ ألنّ البســاطة تســبق التعقيــد‬
‫والتركيــب عــادة‪ ،‬ثــم ألنــه قــد وجــد يف األدب العربــي أ ّوال‪ ،‬وذلــك بحســب مــا نقلــه إلينــا‬
‫الــرواة‪ ،‬ثــم ألنــه ظــل األكثــر اســتعما ًال يف العصــور التاليــة حتــى إنــه ميكــن القــول َّإن القصيــدة‬
‫املركّ بــة بحســب مقاييســها القدميــة قــد اختفــت‪ ،‬أو أوشــكت أ ْن تختفــي يف عصرنــا احلديــث‪،‬‬
‫تخيرنــا هــذه القصيــدة البســيطة مــن العصــر العباســي‪ ،‬أوســط العصــور األدبيــة‬ ‫ومــن أجــل ذلــك ّ‬
‫(شــعب بـ ّـوان) بفــارس وهــو‬‫العربيــة‪ ،‬وهــي ألبــي الطيــب املتنبــي الشــاعر الكبيــر‪ ،‬يصــور فيهــا ِ‬
‫معروف بكثرة مياهه وأشجاره‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫صاحب الن ّ‬
‫هــو أبــو ّ‬
‫الطيــب املتنبــي‪ُ ،‬ولــد بالكوفــة ســنة ‪303‬هـــ مــن أســرة رقيقــة احلــال‪ ،‬وانتقــل إلــى‬
‫الشــام يف صبــاه واشــتغل بــاألدب‪ ،‬ولقــي هنــاك كثيــر ًا مــن العلمــاء وأخــذ عنهــم‪ ،‬وكان بذلــك‬
‫مثقف ًا بارع ًا يف مختلف مجاالت الفكر والعلم‪ ،‬مدرك ًا للغة وأسرارها‪.‬‬
‫ا ّتصــل بســيف الدولــة احلمدانــي‪ ،‬وشــهد معــه حروبــه علــى الثغــور الشــمالية مــع الــروم‪،‬‬
‫ومدحــه بقصائــد ُتعــد مــن أروع مــا قيــل مــن الشــعر‪ُ ،‬تــويف مقتــو ًال يف ســنة ‪ 354‬هـــ‪ ،‬عندمــا‬
‫تعرضــت لــه عصابــة‪ ،‬وهــو يف طريــق عودتــه مــن فــارس إلــى العــراق‪ ،‬فآثــر املواجهــة علــى الفــرار‪،‬‬
‫ّ‬
‫ا مبختلــف أغــراض‬ ‫ولــم يكــن معــه غيــر ابنــه وخادمــه‪ ،‬فقتلــوا جميعـ ًا‪ ،‬وقــد تــرك ديوانـ ًا حافـ ً‬
‫الشعر‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ّص ‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫ـ�ن ال ّز َمــا ِن‬ ‫الربيـ� ِع ِم َ‬ ‫ِبَنْ ِزلَـ� ِة َّ‬ ‫الش�� ْع ِب ِطيباـ ًـ يف املَ َغانــي‬ ‫َم َغانِــي ِّ‬
‫ِ ‪1‬‬
‫��د َوال ّل َسـ�ان‬‫الي ِ‬
‫الو ْج�� ِه َو َ‬ ‫غَ ر ُ‬
‫ِي��ب َ‬ ‫بيــ ِفي َهــا‬ ‫الع َر َّ‬
‫َ‬ ‫نــ الفَتــى‬ ‫َول َِك َّ‬
‫ــار ب َت ْر ُج َمــا ِن‬ ‫ُس��لَيْ َما ٌن ل ََس َ‬ ‫�اـر ِفي َهــا‬‫َوــ َس َ‬ ‫ةــ ل ْ‬ ‫بــ ِج َّن ٍ‬ ‫َمال ِع ُ‬
‫ِ‪2‬‬
‫حلـ َـران‬ ‫��ن م��ن ا ِ‬ ‫َخ ِش ُ‬
‫��يت َوإ ْن كَ ُر َم ْ‬ ‫تــ ُف ْر َس��ا َن َنا َواخلَيلــَ َح ّتــى‬ ‫َط َب ْ‬
‫ِ‪3‬‬
‫جل َمــان‬ ‫عل��ى أ ْعرا ِف َه��ا ِمثْـ�لَ ا ُ‬ ‫ُــض األغ َْصاــ ُن ِفي َهـ�ا‬ ‫غَ َد ْو َنـ�ا َتنْف ُ‬
‫الض َي�اـ ِء ِبَــا كَ فَانِــي‬‫منــ ِّ‬‫نــ َ‬ ‫َو ِجئْ َ‬ ‫مــس َع ِّنـ�ي‬
‫َ‬ ‫ن الشَّ‬ ‫َــد َح َجــ َ‬ ‫�رـ ُت َوق ْ‬ ‫ف َِس ْ‬
‫��ر ِم َ‬ ‫َد َنانِيـ�ر ًا َت ِف ُّ‬ ‫�رـ ُق ِمنْ َهـ�ا يف ثِ َيابـ�ي‬
‫ِ ‪4‬‬
‫��ن َ‬
‫الب َنـ�ان‬ ‫َوألْ َقـ�ى الشَّ ْ‬
‫ْ��ن بِ�لا أ َوا ِن‬ ‫بأشْ ��ر َِب ٍة َو َقف َ‬ ‫ــك ِمنْــ ُه‬ ‫شيــر إلَيْ َ‬ ‫ــر ُت ُ‬ ‫ل َهـ�ا ث ََم ٌ‬
‫ِ ‪5‬‬
‫��دي ال َغ َواني‬ ‫احلل��ي ِف َأيْ ِ‬
‫ِ‬ ‫َصلي��لَ‬ ‫َح َصا َهـ�ا‬ ‫ــل َ ب َهـ�ا‬ ‫أم��وا ٌه َي ِص ُّ‬ ‫َو َ‬
‫‪6‬‬
‫ان��ي ال ِقيـ�ا ِن‬ ‫أج َابتْ�� ُه أغَ ُّ‬ ‫َ‬ ‫إِذَا غَ َّنــى احل ََم�اـ ُم ال�� ُو ْر ُق في َهــا‬
‫الط َعــا ِن‬‫ـ�ن َهـ�ذا ُي َســا ُر إل��ى ِ‬ ‫َأ َع ْ‬ ‫��و ٍان ِح َصانـ�ي‬ ‫�عـ ِب َب ّ‬ ‫بش ْ‬ ‫ِ‬ ‫َيق ُ‬
‫ُوــل‬

‫املعجم ال ُّلغوي ‪:‬‬


‫‪1.1‬غريــب الوجــه لســمرته وهــم ُشــقر‪ ،‬وغريــب اليــد أل َّنــه؛ يســتخدم الرمــح وســاحهم‬
‫القسى‪ ،‬وغريب اللسان؛ أل ّنه عربي وهم أعاجم‪.‬‬
‫‪َ 2.2‬ط َب ْت‪ :‬دعت واستمالت‪ ،‬وا ِ‬
‫حل َران ‪:‬عدم االنقياد‪.‬‬
‫جل َمان‪ :‬اللؤلؤ‪.‬‬ ‫‪3.3‬ا ُ‬
‫‪4.4‬يريد بالشرق‪ :‬الشَّ مس املشرقة‪.‬‬
‫‪َ 5.5‬ت ِص ُّل‪ُ :‬ت َص ِّوت‪.‬‬
‫‪6.6‬حمامة َورْقاء‪ :‬يف لونها بياض إلى سواد‪ ،‬وال ِقيان‪ :‬جمع قَيْ َنة وهي املغنية‪.‬‬
‫املعنى اإلجمالي‪:‬‬
‫إن أماكــن ِشــعب َبـ ّـو ٍان بــن األماكــن‪ ،‬كالربيــع بــن أيــام العــام لطيبهــا وجمالهــا‪ ،‬غيــر أن‬
‫الفتــى العربــي يشــعر بنفســه غريبــ ًا فيهــا‪ ،‬فهــو أســمر بــن قــوم بيــض‪( ،‬ســاحه الرمــح)‪،‬‬
‫وسالحهم (القسي)‪ ،‬ويتكلم العربية وهم أعاجم‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫هــذه املغانــي فــذة غريبــة باهــرة اجلمــال‪ ،‬تتعــدد فيهــا لغــات ســكانها‪ ،‬فلــو ســار فيهــا‬
‫(ســليمان) ‪--‬العالــم بلغــات الطيــر الحتــاج إلــى ترجمــان يترجــم لــه هــذه اللغــات املتباينــة‪،‬‬
‫وقــد ســحرت هــذه األماكــن الفرســان كمــا ســحرت اخليــل حتــى خفــت علــى خيلنــا أن نقــف ؛‬
‫ـت مغادرتهــا‪ ،‬وأصـ ّـرت علــى البقــاء فيهــا فــا تنقــاد لنــا وقــد‬
‫لشـ ّـدة حبهــا لتلــك األماكــن فأبـ ْ‬
‫أخــذت األغصــان تنثــر علــى أعــراف اخليــل حبــات نــدى كأنهــا اللؤلــؤ‪ ،‬وحجبــت هــذه األغصــان‬
‫عنــي ضــوء الشــمس الســاطع‪ ،‬وســمحت بضــوء ال أطلــب أكثــر منــه ومــن خــال أوراقهــا تناثرت‬
‫علــى ثيابــي دوائــر مــن ضــوء الشــمس كأنهــا دنانيــر صفــراء غيــر أن اليــد ال تســتطيع القبــض‬
‫عليها‪.‬‬
‫ويف هــذه املغانــي أشــجار ذات ثمــار َّ‬
‫رق قشــرها ر ّقــة بالغــة‪ ،‬حتــى لتظــن مــا فيهــا مــن العصيــر‬
‫شــراب ًا بــا آنيــة أمــا أمواههــا (وهــي امليــاه) فتنســاب بــن احلصــى تصــل كمــا يصــل احللـ ّ‬
‫ـي يف‬
‫أيــدي الغوانــي‪ ،‬واحلمــام يغنــي علــى أغصانهــا‪ ،‬كمــا تغنــي القيــان يف رحابهــا‪ ،‬فــإذا غنــى‬
‫احلمــام أجابتــه أغانــي القيــان يقــول حصانــي‪ :‬وقــد أعجــب بشــعب بـ ّـوان‪ :‬أَ ِمـ َ‬
‫ـن العقــل أ ْن أتــرك‬
‫هذا املكان اجلميل إلى ميدان القتال؟‬
‫اخلصائص الفنية‪:‬‬
‫لهــذه القطعــة الوصفيــة طرافتهــا‪ ،‬فاملتنبــي معــروف بقصائــده الكبــرى يف الرؤســاء واألمــراء ويف‬
‫حــروب ســيف الدولــة مــع الــروم‪ ،‬ومعــروف بحكمــه الكثيــرة الــورود يف شــعره‪ ،‬ولــم يعهــد فيــه‬
‫غــرام بالطبيعــة أو حفــل بتصويــر جمالهــا‪ ،‬ويف هــذه القصيــدة حــاول املتنبــي أ ْن يصــف ناحيــة‬
‫حســه الفنــي بجمالهــا‪ ،‬وقــد جــاء وصفــه لهــا‬ ‫مــن الطبيعــة شــاهدها‪ ،‬واســتمتع بهــا‪ ،‬وتأثــر ّ‬
‫الشــعب بــن املغانــي‬ ‫وصــف املشــاهد املصــور‪ ،‬ال وصــف املتــذوق املســحور باجلمــال‪ ،‬فمغانــي ِّ‬
‫ـن‪ ،‬والنــدى الــذي‬ ‫كأنهــا الربيــع مــن فصــول الزمــان‪ ،‬وهــي بكثــرة لغاتهــا أشــبه مبالعــب ا ِ‬
‫جلـ ّ‬
‫جلمــان‪ ،‬وقطع الضــوء املتســاقطة شــبيهة بالدنانير‪،‬‬ ‫تنفضــه األغصــان علــى أعــراف اخليــل شــبيه با ُ‬
‫ـي يف‬‫وثمــار األشــجار أشــبه بالشــراب مــن غيــر آنيــة‪ ،‬وصليــل حصــى األمــواه شــبيه بصليــل احللـ ّ‬
‫يــد الغوانــي‪ ،‬وهكــذا يصبــح وصــف الطبيعــة يف يــد املتنبــي مجموعــة صــور تقــوم علــى أســلوب‬
‫التشبيه‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬لــم يعهــد مــن املتنبــي أنــه كان مغرمــ ًا بالطبيعــة‪ ،‬فكيــف جــاء وصفــه لهــا يف هــذا‬
‫القصيد؟‬
‫‪2.2‬صف املكان الذي زاره املتنبي كما تصورته من خالل أبياته‪.‬‬
‫‪3.3‬ع ّلق على معنى البيتني التاليني‪:‬‬
‫من من ا ِ‬
‫حل َرا ِن‬ ‫يت َوإ ْن كَ ُر َ‬‫َخ ِش ُ‬ ‫َط َب ْت ُف ْر َسا ُن َنا َواخل ُ‬
‫َيل ح َّتى‬
‫أعن َهذا ُي َسـا ُر إلى ِ‬
‫الط َعا ِن‬ ‫ْ‬ ‫بش ْع ِب َب ّو ٍان ِح َصاني‬
‫ُول ِ‬ ‫َيق ُ‬

‫‪62‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ّ‬
‫املوشحة في األدب األندلسي‬ ‫القصيدة‬
‫ٌ‬
‫وتوبة ‪ -‬ابن زمرك األندلسي‬ ‫زهد‬
‫ٌ‬
‫املوشــحات جنــس شــعري غنائــي ظهــر يف األندلــس أواخــر القــرن الهجــري الثالــث‪ ،‬علــى أنــه‬ ‫َّ‬
‫محاولــة للتجديــد يف إطــار الشــعر العربــي‪ ،‬متأثــر ًا بالبيئــة األندلســية التــي ظهــر فيهــا‪ ،‬ومســتفيد ًا‬
‫من اإلرهاصات التجديدية يف الشعر العربي التي سبقته يف املشرق‪.‬‬
‫وكان مــن أهــم مــا تضمنــه مــن خصائــص ومالمــح هــو أنــه اســتحدث أوزانـ ًا جديــدة لــم تكــن‬
‫معروفــة يف الشــعر العربــي القــدمي‪ ،‬إلــى جانــب اســتعماله األوزان القدميــة أحيان ـ ًا‪ ،‬كمــا نـ ّـوع يف‬
‫القــوايف يف إطــار املوشــحة الواحــدة‪ ،‬وا ّلتــي تتكـ ّـون مــن أجــزاء ومقاطــع متمثلــة يف املطلــع واألقفــال‬
‫واألبيات واخلرجة‪.‬‬
‫وقــد وظــف الشــعراء العــرب يف األندلــس املوشــحة يف كافــة األغــراض التــي تتناولهــا القصيــدة‬
‫التقليديــة‪ ،‬كالغــزل‪ ،‬والوصــف‪ ،‬واملــدح‪ ،‬والرثــاء‪ ،‬والهجــاء‪ ،‬والزهــد والتوبــة‪ ،‬لكنهــم حرصــوا‬
‫فيهــا علــى تنــاول املعانــي واملوضوعــات القريبــة الســهلة التــي تصلــح للغنــاء‪ ،‬وابتعــدوا بهــا عــن‬
‫املعاني واملوضوعات الفلسفية العميقة التي يتناولها الشعر التقليدي‪.‬‬
‫موشــحة البــن زمــرك األندلســي يلــوم فيهــا نفســه علــى تفريطهــا‪ ،‬معلنـ ًا توبتــه‬
‫وبــن أيدينــا َّ‬
‫قدم يف زمن شبابه وطيشه‪.‬‬ ‫وندمه على ما ّ‬
‫ّص‪:‬‬
‫صاحب الن ّ‬
‫هــو أبوعبــداهلل‪ ،‬محمــد بــن يوســف بــن زمــرك‪ُ .‬ولِـ َ‬
‫ـد ســنة ‪733‬هـــ‪ ،‬ونشــأ يف غرناطــة يف كنف‬
‫أســرته الفقيــرة‪ ،‬وعــاش فتــرة االضطرابــات السياســية واحلــروب مــع األســبان‪ ،‬ولكنــه حــرص‬
‫علــى التــزود بالعلــم واألدب‪ ،‬ونــال بذلــك مكانــة مرموقــة‪ ،‬وقــد كتــب يف مختلــف أغــراض‬
‫الشــعر وخاصــة شــعر احلنــن‪ ،‬كمــا بــرع يف فــن التوشــيح واشــتهر بــه‪ ،‬وكانــت وفاتــه ســنة‬
‫‪796‬هـ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ّص ‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫املطلع‪:‬‬
‫يب‬‫اق ِذك َْرى َح ِب ْ‬ ‫ل َْم َت ْق َد ِح ا َألشْ َو ُ‬ ‫اب‬ ‫ل َْو َت ْر ِج ُع ا َأل َيا ُم َب َع َد َّ‬
‫الذ َه ْ‬
‫يـــــــب‬
‫ْ‬ ‫هر بِ ُص َب ِح امل َِش‬ ‫ُيو ِق ُظ ُه َّ‬
‫الد ُ‬ ‫ــــاب‬
‫ْ‬ ‫وك ُّل َم ْن َنا َم بِ َليلِ الشَّ َب‬ ‫ُ‬
‫البيت‪:‬‬
‫هر َعلَيْ َك امل ََج ْ‬
‫ــــال‬ ‫الد ُ‬
‫ق َْد َض َّي َق َّ‬ ‫الع ْج ِز َأ َال َن ْه َضــــ ٌة‬
‫َيا َرا ِك َب َ‬
‫ــــــــل ْل‬
‫َ‬ ‫ف ِء ِّ‬
‫الظ‬ ‫َت َنا ُم ِفي َها َتْ َت َ ْ‬ ‫ب َأ َّن ِّ‬
‫الص َبا َر ْو َضـــــ ٌة‬ ‫ال َتْ ِس َ ْ‬
‫ْ‬
‫ـــــــال‬ ‫مــــا كَ ا َ‬
‫خل َي‬ ‫واملَ ْر ُء َما َبيْ َن ُه َ‬ ‫ْـظـــــ ٌة‬
‫َ‬ ‫الر َدى َيق‬ ‫َفاْ َلعيْ ُ‬
‫ش َن ْو ٌم َو َّ‬
‫القفل‪:‬‬
‫ِيــــــــب‬
‫ْ‬ ‫واملُلْ َت َقى بِاهللِ َع َّما َقر‬ ‫ـــاب‬
‫الس َح ْ‬
‫وال ُع ْم ُر ق َْد َم َّر كَ م ِّر َّ‬
‫َتْ ِس ُب ُه َما ًء وال َت ْســــــــــ َتر ْ‬
‫ِيب‬ ‫راب‬
‫الســـ ْ‬
‫َّ‬ ‫َوأنْ َت َم ْخ ُدو ٌع ِب َل ْم ِع‬
‫البيت‪:‬‬
‫إِ َال ِظ َل ٌل ُتو ِه َم ال َغافــــــــِ َل‬ ‫حـــــ َوى‬
‫َ‬ ‫الكو ُن ِبَا ق َْد‬‫َواهللِ َما َ‬
‫َ‬
‫ـــــــــــل‬ ‫ال َزائِ‬
‫بص ُر ُه ُمنْ َت ِق ً‬
‫ُت ِ‬ ‫تـــــ َوى‬ ‫الظ ِّل إذَا َما ْ‬
‫اس َ‬ ‫و َعا َد ُة ِّ‬
‫َ‬
‫الـــب ِ‬
‫اط َل‬ ‫ل َْم َن ْعر ِ‬
‫ِف احل ََّق و َال َ‬ ‫ــــــــوى‬
‫َ‬ ‫يد ال َه‬ ‫إِ ّنا إِلَى اهللِ َع ِب ُ‬

‫القفل‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ـــــــيب‬
‫ْ‬ ‫َوإِ َّنَا الف َْو ُز لِ َعبْ ٍد ُم ِن‬ ‫ف َُك ُّل َم ْن َي ْر ُجو ِس َوى اهللِ َخ ْ‬
‫اب‬
‫الر ِق ْ‬
‫يب‬ ‫اهلل الشَّ ِه َ‬
‫يـــد َّ‬ ‫وير ُق ُب َ‬ ‫الر ْج َعى بِ ِص ْد ِق املَ َت ْ‬
‫اب‬ ‫َي ْس َت ْق ِب ُل ُّ‬
‫َْ‬
‫البيت‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫ُص ا َألث ْ‬
‫َــــر‬ ‫و َأق َْبلَ الشَّ يْ ُب َيق ُّ‬ ‫الصبا وان َق َضـــــى‬ ‫يا َح ْس َر َتا َم َّر ِّ‬
‫‪3‬‬
‫َــب ْر‬ ‫َوما َب ِقي ِف ا ُ‬
‫خلبْ ِر غَ يْ ُر اخل َ‬ ‫ضـــــا‬
‫َ‬ ‫الر ْح ُل ق َْد ُق ِّو‬
‫اخ ْج َل َتا َو َّ‬‫َو َ‬
‫‪64‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫َـــــر‬
‫السف ْ‬ ‫َأ َّد ِخ ُر ال َّزا َد لِ ُط ِ‬
‫ول َّ‬ ‫َولَيْ َت ِني ل َْو ُكنْ ُت ِف َ‬
‫يما َم َضـــى‬
‫القفل‪:‬‬
‫الرشْ ِد َأ َطالَ املَ ِغ ْ‬
‫يب ‪4‬‬ ‫ياب َو َرائِ ُد ُّ‬ ‫ق َْد َحا َن ِم ْن َرك ِ‬
‫ْب ال ّت َصابِي إِ ْ‬
‫يك ف ََل َت ْس َت ِج ْ‬
‫يب ‪5‬‬ ‫ــاب كَ ْم ذَا ُأ َنا ِد َ‬
‫حل َج ْ‬‫ني ا ِ‬‫يا َأك َْم َه ال َقلْ ِب بِ َغ ِ‬
‫البيت‪:‬‬
‫َوا ْلُ ْص َطفَى الْ َها ِدي َش ِفي ٌع ُم َطا ْع؟‬ ‫َه ْل ُي ْح َم ُل ال َّزا ُد لِ َدا ِر الْ َكـــ ِرميْ‬
‫َتـــــــــا ْع‬
‫َ‬ ‫َو ُح ُّب ُه َزا ِدي ونِ ْع َم امل‬ ‫ِ‬
‫ـــــــدميْ‬ ‫ف ََجا ُه ُه ُذ ْخ ُر ال َف ِقي ِر الْ َع‬
‫ُ‬
‫ضــــا ْع‬ ‫ف ََجا ُر ُه ا ْل َْكف ُ‬
‫ُول َما إِ ْن ُي َ‬ ‫الر ِح ْ‬
‫ـــيم‬ ‫وف َّ‬ ‫الر ُؤ َ‬‫واهلل َس َّما ُه َّ‬
‫‪6‬‬

‫القفل‪:‬‬
‫الكــــروب‬
‫ْ‬ ‫وملْ َج ُأ ا َ‬
‫خللْ ِق لِ َرفْ ِع‬ ‫َ‬ ‫اب‬ ‫اس َي ْو َم ا ِ‬
‫حل َس ْ‬ ‫يع ال َّن ِ‬ ‫َع َسى َش ِف ُ‬
‫ُوب ‪7‬‬
‫الذن ْ‬ ‫َي ْشف َُع لِي يف ُموبِ َق ِ‬
‫ات ُّ‬ ‫ــــــاب‬
‫ْ‬ ‫ول ُم َج‬ ‫َيلْ َح ُق ِني ِمنْ ُه ق َُب ٌ‬
‫البيت‪:‬‬
‫َوالْ َك ْو ُن ل َْم َي ْف ِت ْق ِك َما َم الْ ُو ُجو ْد‬ ‫اللْ ُق َر ْه ُن الْ َع َد ْم‬
‫َيا ُم ْص َطفَى َو ْ َ‬
‫بِ َها َعلَى ُك ِّل َن ِب ٍّي َت ُســـــــو ْد‬ ‫َم ِز َّي ٌة ُأ ْع ِطي َتـــ َها ِف الْ ِق َ‬
‫ـــــد ْم‬
‫أل َّم ِة َو ْع َد ُّ‬ ‫َأ ْ َن َز لِ ُ‬ ‫َم ْولِ ُد َك ا ْلَــر ُق ُ‬
‫الســــــ ُعو ْد‬ ‫وب لَ َّا َن َ‬
‫ــــــ ْم‬
‫‪8‬‬

‫اخلرجة‪:‬‬
‫لوب‬
‫القــــ ْ‬
‫ُ‬ ‫‪:‬يا َربِ َ‬
‫يع‬ ‫َش ْه َر َربِ ٍيع َ‬ ‫َنا َديْ ُت ل َْو َي ْس َم ُح لِي بِ ْال ْ‬
‫َواب‪:‬‬
‫َش ْم َس ًا َول َِك ْن َما َل َها ِم ْن ُغ ُر ْ‬
‫وب‬ ‫َأ ْط َل ْع َت لِلْ َه ْد ِي بِ َغيْ ِر ْ‬
‫اح ِت َج ْ‬
‫اب‬
‫املعجم ال ّلغوي ‪:‬‬
‫‪1.1‬املنيب‪ :‬التائب الراجع‪.‬‬
‫يقص األثر‪ :‬يتتبعه ‪.‬‬
‫‪ّ 2.2‬‬
‫واحمليا وكل ما تستشف من خالله خبر ًا‪.‬‬ ‫‪3.3‬اخلبر‪ :‬املرأى ّ‬
‫‪4.4‬ال َّتصابــي‪ّ :‬‬
‫الطيــش وال ّتهــور‪ ،‬وكل مــا هــو مــن فعــل الصبيــة الصغــار‪ ،‬ورائــد الرشــد‪:‬‬
‫العقل‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪1.1‬غَ ْي احلجاب‪ّ :‬‬
‫كل ما يغطي القلب ويحول بينه وبني التعقل واإلدراك‪.‬‬
‫‪2.2‬ما إ ْن ُي َضاع‪ :‬ال يضيع‪.‬‬
‫‪3.3‬املوبقات‪ :‬املهلكات‪.‬‬
‫‪َ َ 4.4‬نم‪َ :‬ظ َه َر‪.‬‬
‫املعنى اإلجمالي‪:‬‬
‫تتكـ ّـون القصيــدة مــن مجموعــة مــن املقاطــع املتعاقبــة التــي تصــور موقــف الشــاعر مــن قضيــة‬
‫مــا مــن قضايــا احليــاة‪ ،‬وقــد وقــف شــاعرنا يف هــذه املوشــحة أمــام قضيــة التوبــة وال ّزهــد يف هــذه‬
‫احليــاة الزائلــة‪ ،‬والتــزود للحيــاة اآلخــرة‪ ،‬متخــذ ًا مــن ذكــرى ميــاد النبــي‪ --‬مناســبة‬
‫لذلــك‪ ،‬متنــاو ًال إياهــا مــن زوايــا مختلفــة‪ ،‬وإن كانــت الفكــرة العامــة تــدور حــول ذلــك الشــيب‬
‫الــذي ُينــذر بدنــو األجــل‪ ،‬وينبــئ بضيــاع العمــر‪ ،‬والتحســر علــى زمــن الشــباب الــذي هــو زمــن‬
‫العبث والتفريط‪ ،‬والنظر إلى احلياة الدنيا على أنها نومة تعقبها يقظة املوت‪.‬‬
‫وهكــذا يجمــل املقطــع األول الــذي يســمى املطلــع مــا يريــد الوشّ ــاح أ ْن يفصلــه فيمــا بعــد‪،‬‬
‫وذلــك يف شــكل حكمــة أفادهــا مــن جتربتــه اخلاصــة‪ ،‬ومفــاد تلــك احلكمــة هــو أن األيــام املاضيــة‬
‫ال تعــود‪ ،‬وأن عــدم عودتهــا هــو مــا ُيلهــب حــر األشــواق‪ ،‬ويدفــع إلــى اســترجاع ذكريــات األيــام‬
‫وأن مــن ينــام ويغفــل يف زمــن الشــباب البــد مــن أن يصحــو ويســتيقظ عندمــا يفاجئــه‬ ‫اخلاليــة‪َّ ،‬‬
‫زمــن الشــيب‪ ،‬واالســتعارة يف البيــت الثانــي مــن املطلــع أفادهــا الوشّ ــاح مــن كــون الشــباب‬
‫متميــز ًا بســواد الشــعر فهــو ليــل‪ ،‬أ ّمــا زمــن املشــيب فالشــعر يكــون فيــه أبيــض‪ ،‬ولذلــك يبــدو‬
‫صبح ًا‪.‬‬
‫ثــم يســتأنف تفصيــل هــذه القضيــة يف املقطــع الــذي يليــه واملكــون مــن ثالثــة أبيــات‪ ،‬والــذي‬
‫يســمى البيــت‪ ،‬وهــو يتكــرر عــادة مــع التنــوع يف القافيــة‪ ،‬أي‪ :‬إنــه ُيبنــى علــى قافيــة جديــدة يف‬
‫كل مرة يتكرر فيها‪ ،‬على أنه يقدم لنا صورة جديدة ملوضوع التوبة يف كل مرة‪.‬‬
‫ففــي البيــت األول ينــادي نفســه العاجــزة ويحثهــا علــى النهــوض‪ ،‬وأن ال حتســب الصبــا‬
‫روضــة مــن الريــاض تنــام فيهــا وتســترخي يف ظلهــا‪ ،‬وينبههــا علــى َّأن مــن نــام يف الشــباب‬
‫سيســتيقظ يف املشــيب‪ ،‬ويف البيــت الثانــي تأكيــد بالقســم علــى َّأن الكــون مبــا فيــه إمنــا هــو وهــم‬
‫مــن األوهــام‪ ،‬وظــل ســرعان مــا ينتقــل ويختفــي‪ ،‬ثــم يؤكــد أن البشــر جميع ـ ًا قــد اســتعبدهم‬
‫الهــوى فلــم مييــزوا احلــق مــن الباطــل‪ ،‬ويف البيــت الثالــث َ َت َّسـ َـر علــى انقضــاء زمــن الصبــا‪،‬‬
‫وحزن على إقبال الشيب‪ ،‬مع متني الشاعر أن يكون قد ا ّدخر العمل الصالح‪ ،‬وهو يظهر‬
‫‪66‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ا‪ ،‬ومــن العمــل الصالــح‬ ‫هــذا التمنــي يف شــكل اســتعارة إذ يجعــل مــن املــوت ســفر ًا طوي ـ ً‬
‫للتوســل بالنبــي‪ ،‬ويرجــوه يف مناجــاة املؤمــن أ ْن يكــون‬ ‫يخصــص البيــت الرابــع ّ‬ ‫زاد ًا‪ ،‬ثــم ّ‬
‫الشــفيع لــه يــوم القيامــة‪ُ ،‬مذكــر ًا إيــاه يف البيــت اخلامــس مبــا فضــل بــه مــن االصطفــاء قبــل أن‬
‫ُيخلق اخللق‪.‬‬
‫ويلــي البيــت (ال ُق ْفــل) ليتمــم هــذه الصــور‪ ،‬وهــو يشــابه املطلــع يف كونــه أقــل مــن البيــت مــن‬
‫حيــث عــدد األبيــات‪ ،‬إذ يتكــون هنــا مــن بيتــن‪ ،‬ثــم إنــه يلتــزم فيــه بقافيــة واحــدة (وروي‬
‫واحــد) مهمــا تكــرر‪ ،‬ويكــون بذلــك موافقـ ًا للمطلــع‪ ،‬ثــم موافقـ ًا للخرجــة التــي نالحــظ هنــا أنهــا‬
‫جتعــل مــن ذكــر مناســبة كتابــة املوشّ ــحة خامتــة لهــا‪ ،‬وتلــك املناســبة هــي ذكــرى مولــده ‬
‫كل عام‪.‬‬
‫حتل يف شهر ربيع األول من ِّ‬ ‫كما تبني آنف ًا‪ ،‬وهي التي ُّ‬
‫اخلصائص الفنية‪:‬‬
‫أ ّول مــا يتبــن يف هــذه املوشــحة هــو هــذه النغمــة الهادئــة الهامســة التــي بــدت مناســبة ملوضوع‬
‫الزهــد والتوبــة‪ ،‬علــى أنّ املفــردات واللغــة عامــة تتســم برقــة ورشــاقة جتعــان مــن املوشّ ــحة صاحلة‬
‫للغناء‪ ،‬وإذا كان ذلك الغناء يبدو حزين ًا باكي ًا يف غير صراخ وال ُنواح‪.‬‬
‫وال شــك يف َّأن الــوزن الهــادئ الرصــن قــد أعــان علــى أداء هــذه النغمــة‪ ،‬وكذلــك القــوايف‬
‫املتنوعــة التــي ســيطرت عليهــا البــاء الســاكنة التــي أعقبــت حــرف املـ ّـد املتــراوح بــن اليــاء والــواو‬
‫ـن قــوا َ‬
‫يف‬ ‫يف املطلــع واألقفــال واخلرجــة‪ ،‬وكذلــك الــام والعــن والــدال والــراء الســواكن الالتــي كـ َّ‬
‫ال على ذلك احلزن الهادئ‪.‬‬ ‫لألبيات‪ ،‬وقد كان حري ًا بالسكون أن يكون دلي ً‬
‫َويلْفــت النظــر يف هــذه املوشــحة تكثيــف الصــور البيانيــة تكثيفــ ًا يوشــك أن يجعــل يف كل‬
‫بيت صورة بيانية أو أكثر‪ ،‬ويكفي أن نستدل على ذلك بهذه األبيات‪:‬‬
‫املشــيب‬
‫ْ‬ ‫الدهــر بصبــح‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يوقظــ ُه‬ ‫ـن نــا َم بليــلِ الشـ ْ‬
‫ـباب‬ ‫تشــبيه‪ُّ :‬‬
‫وكل َمـ ْ‬
‫َــر ُء مــا َبيْ َنهمــا كاخل ْ‬
‫َيــال‬ ‫وامل ْ‬ ‫ـش نــو ٌم والـ َّـر َدى َي ْق َظ ـ ٌة‬‫تشــبيه‪ :‬فالعيـ ُ‬
‫واملُل َت َقــى بــاهللِ َع َّمــا ق ْ‬
‫َريــب‬ ‫ـحاب‬‫تشــبيه‪ :‬والعمـ ُـر قــد َمـ َّـر كم ِّر السـ ْ‬
‫تســتريب‬
‫ْ‬ ‫مــاء وال‬ ‫ً‬ ‫َتْ ِس ُ‬
‫ــب ُه‬ ‫ـراب‬ ‫وأنت مخــدو ٌع بلمع السـ ْ‬ ‫اســتعارة‪َ :‬‬
‫ــق ِكمــا َم الوجــو ْد‬
‫والكــون لــم َي ْف ِت ُ‬
‫ُ‬ ‫ـن َ‬
‫الع َد ْم‬ ‫خللْ ُق َر ْهـ ُ‬
‫صطفــى وا َ‬‫اســتعارة‪ :‬يا ُم َ‬

‫‪67‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫اذكر أجزاء املوشّ حة‪.‬‬


‫‪ْ 1.1‬‬
‫يم تبدو لك النغمة الهادئة الهامسة يف املوشحة؟ وعالم تدلك؟‬‫‪ِ 2.2‬ف َ‬
‫‪3.3‬تبدو هذه املوشحة مليئة بالصور البيانية‪ِ ،‬‬
‫هات ما أمكنك منها‪.‬‬
‫‪4.4‬ع ّلق على معاني العبارات التالية‪:‬‬
‫حبيب‪.‬‬
‫ْ‬ ‫• •لَ ْم َتق َْد ِح األيا ُم ذكرى‬
‫• • َيا َرا ِك َب َ‬
‫الع ْج ِز أ َال َن ْه َضةٌ‪.‬‬
‫ُول ما إ ْن ُيضا ْع‪.‬‬ ‫• • َجا ُر ُه ا ْل َ ْكف ُ‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫• •اكتب موضوع ًا من إنشائك تبني فيه أهمية االستقامة وثمراتها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املقامات في األدب القدمي‬
‫الساخرة‬
‫الهمذاني ومقاماته ّ‬
‫ّ‬ ‫بديع ال ّزمان‬
‫تقدمي‪:‬‬
‫ـي كانــت تــدور حــول أديــب متشـ ّـرد يــروى عنــه‬‫املقامــات ا ّلتــي اخترعهــا بديــع ال ّزمــان الهمذانـ ّ‬
‫الســاخر فيمــا تطرحــه مــن قضايــا كان األدب ا ّلــذي مي ّثله‬
‫إبداعاتــه ومغامراتــه‪ ،‬وقــد نحــى املنحــى ّ‬
‫ـلوكيات‬
‫ـري فيمــا ميارســه مــن سـ ّ‬‫البطــل األديــب محورهــا‪ ،‬إذ يواجــه ذلــك البطــل املجتمــع البشـ ّ‬
‫يقدمــه مــن أدب‪ ،‬أو مبــا يلجــأ إليــه مــن حيــل وأالعيــب تبــدو‬ ‫ال ُتعجبــه‪ ،‬ثـ ّـم يســخر منهــا مبــا ّ‬
‫غايةً يف اخلديعة واملكر‪.‬‬
‫الهمذانيــة‪ ،‬نضعهــا بــن يديــك‪ ،‬لتــدرك مــدى‬
‫ّ‬ ‫وهــذه هــي إحــدى املقامــات أو (املواقــف)‬
‫الســاخرة ا ّلتــي ّ‬
‫يقدمها هــذا األديب‬ ‫األدبي؛ولتقــف علــى مــدى طرافــة احليــل ّ‬
‫ّ‬ ‫قيمــة هــذا اجلنــس‬
‫الساخر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫صاحب النص‪:‬‬
‫ـي‪ ،‬نســبة إلــى موطنــه ومســقط‬‫هــو بديــع ال ّزمــان أبــو الفضــل‪ ،‬أحمــد بــن احلســن الهمذانـ ّ‬
‫رأســه همــذان‪ ،‬ا ّلتــي ولــد بهــا ســنة ‪348‬هــــــ‪ ،‬وهــو مــن أســرة ّ‬
‫عربيــة ذات علــم وفضــل ومكانــة‬
‫اجتماعيــة مرموقــة‪ ،‬وقــد نشــأ وتعلــم علــى علمائهــا‪ ،‬ولكــن مــا لبثــت احلــال أن ضاقــت بــه‪،‬‬
‫ّ‬
‫مطوفـ ًا يف البــاد يســعى مــن أجــل رزقــه‪ ،‬إلــى أن وافتــه ّ‬
‫املنيــة يف بهــرات ســنة ‪398‬هـــ‪،‬‬ ‫فغادرهــا ّ‬
‫وكان من أشهر ما ُعرِف به إبداعه للمقامات‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫مين َّي ُة‪:‬‬ ‫َام ُة َ‬
‫األ ْر ِ‬ ‫الْ َق َ‬
‫ـا ُة إِلَــى أَ ْط َفالِ َهــا‪،2‬‬ ‫ـار ٍة أَرْ ِمي ِن َّيـ ٍـة أَ ْه َدتْ َنــا ال ْ َفـ َ‬ ‫ـال‪َ :‬لَّــا َق َفلْ َنــا‪ِ 1‬مـ ْ‬
‫ـن ِ َتـ َ‬ ‫ـام َقـ َ‬ ‫ـن ِه َشـ ٍ‬ ‫يســى بْـ ُ‬ ‫َح َّد َث َنــا ِع َ‬
‫ٍ‬ ‫ـم ِف أَ ْذيالِ َهــا‪َ ،‬وأَ َناخُ ــوا ِب ـ َأرْ ِ‬
‫اس ـ َتنْ َظفُوا َح َقا ِئ َب َنــا‪َ ،‬وأَ َر ُ‬
‫احــوا َركَ ا ِئ َب َنــا‪،‬‬ ‫ض َن َعا َمــة َح َّتــى ْ‬ ‫َو َع َث ْر َنــا ِب ِهـ ْ‬
‫ـت خُ ُيولُ َنــا ا ْغ ِت َصا ًبــا‪َ ،‬ح َّتــى‬ ‫ـدي ال ْ َقـ ْـو ِم‪َ ،‬قـ ْد َن َظ َم َنــا ال ْ ِقــدُّ ‪ 3‬أَ ْح َزا ًبــا‪َ ،‬و ُر ِب َطـ ْ‬ ‫ـاض ال ْ َيـ ْـو ِم ِف أَيْـ ِ‬‫َو َب ِقي َنــا َب َيـ َ‬
‫ـا ِة َوأَخ ْذ َنــا َص ْد َر َهــا ‪ ،‬و َه ُلـ َّ‬
‫ـم‬ ‫ـم انْ َت َحـ ْـوا َع ُج ـ َز ال ْ َفـ َ‬ ‫ـم أَ ْط َن َاب ـ ُه‪ُ ،‬ثـ َّ‬‫ـد ال َّن ْجـ ُ‬ ‫ـل أ ْذ َن َاب ـ ُه‪َ ،‬و َمـ َّ‬ ‫أَرْ َد َف ال َّليْـ ُ‬
‫‪4‬‬

‫اب‬‫ــر ِ‬‫ــن ِق َ‬ ‫ــح ِم ْ‬


‫الصبْ ِ‬ ‫ــي َســيْ ُف ُّ‬ ‫ــم ِة‪َ ،‬وانْ ُت ِض َ‬ ‫ال ْش َ‬‫ــاب ْ ِ‬‫ــن ِن َق ِ‬ ‫ــن ال ْ َف ْجــ ِر ِم ْ‬ ‫ــع ُح ْس ُ‬ ‫ــرا‪َ ،‬ح َّتــى َط َل َ‬ ‫َج ًّ‬
‫س ال َّن َها ِر إِ َّال َع َلى ا َألشْ َعا ِر َواألبْ َشا ِر‪.5‬‬ ‫الظلْ َم ِة‪ ،‬ف ََما َط َل َع ْت شَ ْم ُ‬ ‫ُّ‬

‫‪69‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ات َنق َْطـ ُـع َنْ َب َهــا‪َ ،‬ح َّتــى َح َللْنــا ا ْلَ َرا َغـ َة َو ُك ٌّل ِم َّنــا انْ َت َظـ َـم‬ ‫َو َمــا ِزل ْ َنــا ِبا َأل ْهـ َـو ِال َنـ ْد َرأُ ُح ْج َبهــا‪َ ،‬و ِبال ْ َف َلـ َـو ِ‬
‫ـح‬ ‫ـار‪ُ ،‬ي َك َّنــى أَ َبــا ال ْ َفتْـ ِ‬ ‫ـار ‪َ ،‬و َت ْع ُلــو ُه أَ ْط َمـ ٌ‬
‫‪6‬‬
‫ـاب َي ْع ُلــو ُه َص َغـ ٌ‬ ‫ـي شَ ـ ٌّ‬ ‫أخـ َـذ ِف َطرِيـ ٍـق‪َ ،‬وانْ َضـ َّـم إِلَـ َّ‬ ‫إِلَــى َر ِفيـ ٍـق‪َ ،‬و َ‬
‫ـج ُر ِبال ْ َغ َضــا‪ ،‬ف ََع َمـ َـد‬ ‫َات لَ َظــى‪ُ ،‬ت ْسـ َ‬ ‫ـن ذ ِ‬ ‫ـب أَ ِبــي َجا ِبــرٍ ‪ ،7‬ف ََو َج ْد َنــا ُه َي ْط ُلـ ُـع ِمـ ْ‬ ‫ـكنْ َد ِر َّي‪َ ،‬و ِسـ ْـر َنا ِف َط َلـ ِ‬ ‫اإل ِْسـ َ‬
‫ـال لِلْ َخ َّبــا ِز‪ :‬أَ ِع ْر ِنــي َرأ ْ َس ال َّت ُّنــو ِر‪ ،‬فَإنِّــي َم ْقـ ُـر ٌور‪،9‬‬ ‫ـف ِملْـ ٍـح‪َ ،8‬و َقـ َ‬ ‫اح ُه َكـ َّ‬ ‫ـكنْ َد ِر ُّي إِلَــى َر ُجـ ٍـل ْ‬
‫فاسـ َت َم َ‬ ‫اإل ِْسـ َ‬
‫ـن‬‫ـح ِف ال َّت ُّنــو ِر ِمـ ْ‬ ‫اخ ِت َللِ ـ ِه ‪َ ،‬و َينْشُ ـ ُـر ا ْلِلْـ َ‬
‫‪10‬‬
‫َو َلَّــا َفـ َـر َع َس ـ َنا َم ُه َج َعــلَ ُي َح ـ ِّد ُث ال ْ َقـ ْـو َم ِب َحالِ ـ ِه‪َ ،‬و ُي ْخ ِب ُر ُهـ ْ‬
‫ـم ِب ْ‬
‫ـك‪َ ،‬ف َق ـ ْد‬ ‫اج َم ـ ْع أَ ْذ َيالَـ َ‬ ‫ـك‪ْ ،‬‬ ‫ـك َل أَ َبــا لَـ َ‬ ‫ال َّبــا ُز‪َ :‬مالَـ َ‬ ‫ـال ْ َ‬‫ـم أَ َّن أ ًذى ِب ِث َيا ِب ـ ِه‪َ ،‬ف َقـ َ‬ ‫ـت أَذ ََيالِ ـ ِه‪ُ ،‬يو ِه ُم ُهـ ْ‬ ‫َتْـ ِ‬
‫ــكنْ َد َر ُّي َيلْق ُُط َهــا‪َ ،‬و َي َت َأ َّب ُط َهــا‪،‬‬ ‫ــان ف ََر َما َهــا‪َ ،‬و َج َعــلَ اإل ِْس َ‬ ‫الر ْغ َف ِ‬ ‫البْــ َز َع َليْ َنــا‪َ ،‬وقَــا َم إِلَــى ُّ‬ ‫أَف َْســ ْد َت ْ ُ‬
‫ال ِحي َل َة َم َع ال ْ ُع ْد ِم‪.11‬‬ ‫أل ْد ِم‪َ ،‬ف َ‬ ‫ال لِ ُ‬ ‫اص ِب ْر َح َّتى أَ ْح َت َ‬ ‫ال‪ْ :‬‬ ‫يما ف ََعلَ ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َف َأ ْع َج َبتْ ِني ِحي َل ُت ُه ِف َ‬
‫ـان‪،‬‬ ‫ـان‪ ،‬ف ََس ـ َألَ ُه َعــنِ ا َألث َْمـ ِ‬ ‫ـن ا َألل ْ َبـ ِ‬ ‫ـي َن ِظي َفــةً ِفي َهــا أَلْـ َـوانٌ ِمـ َ‬ ‫ـف أَ َوا ِنـ َ‬ ‫ـار إِلَــى َر ُجـ ٍـل َق ـ ْد َص َّفـ َ‬ ‫َو َصـ َ‬
‫ـال‪:‬‬ ‫ـب شَ ــيْئ ًا َض َّي َعـ ُه‪ُ ،‬ثـ َّـم َقـ َ‬ ‫إص َب َعـ ُه‪َ ،‬ك َأ َّنـ ُه َي ْط ُلـ ُ‬ ‫ـل‪َ .‬فـ َأ َد َار ِف اآل ِن َيـ ِة ْ‬ ‫ـال‪ :‬اف َْعـ ْ‬ ‫اسـ َتأْ َذ َن ُه ِف الـ َّـذ ْو ِق‪َ ،‬ف َقـ َ‬ ‫َو ْ‬
‫ـم‪ ،‬ف ََع َمـ َـد‬ ‫ـت َح َّجــا ٌم‪َ .‬قـ َ‬ ‫اهلل أَنْـ َ‬ ‫ـك ُ‬ ‫ـال‪ :‬ق ََّب َحـ َ‬ ‫ال َجا َم ـ ِة‪َ ،‬ف َقـ َ‬ ‫ـك َر ْغ َب ـ ٌة ِف ْ ِ‬ ‫ـل لَـ َ‬‫َم ِعــي ث ََم ُن ـ ُه‪َ ،‬و َهـ ْ‬
‫ـال‪َ :‬ن َعـ ْ‬
‫ال اإل ِْس َكنْ َد ِر ُّي‪:‬‬ ‫اض ِه َي ُس ُّب َها‪َ ،‬وإِلَى اآل ِن َي ِة َي ُص ُّب َها‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َأل ْع َر ِ‬
‫ـك ِفي َهــا‪َ ،‬ف َأ َخ ْذ َنا َهــا َوأَ َويْ َنــا إِلَــى َخلْـ َـو ٍة َوأَ َكلْ َنا َها‬ ‫ـال‪ :‬خُ ْذ َهــا َال ُبــو ِر َك لَـ َ‬ ‫آ ِث ْر ِنــي َع َلــى الشَّ ــيْ َط ِان‪َ .12‬ف َقـ َ‬
‫ِب َدف َْع ٍة‪.13‬‬
‫ال َما َعـ ِة َف ًتــى إِلَــى َمنْ ِزلِـ ِه ف ََج َاء َنــا‬ ‫ـن ْ َ‬ ‫اسـ َت ْط َع ْم َنا أَ ْه َل َهــا‪ ،‬ف ََبا َد َر َنــا ِمـ ْ‬
‫ـن َبـ ْ ِ‬ ‫َو ِسـ ْـر َنا َح َّتــى أَ َتيْ َنــا ق َْر َيــةً ْ‬
‫اسـ َت ْوفَيْ َنا َها‪َ ،‬و َسـ َأل ْ َنا ُه ُم‬ ‫اسـ َها‪َ ،‬ح َّتــى َب َلـ َغ َرأ ْ َسـ َها‪ ،‬ف ََج َعلْ َنا َن َت َح َّســا َها َح َّتــى ْ‬ ‫ـن أَنْ َف َ‬‫ِب َص ْح َفـ ٍـة َقـ ْد َسـ َّـد ال َّلـ َ ُ‬
‫البْ ـ َز إ َّال ِبالث ََّمــنِ ‪،‬‬ ‫ـنِ‪َ ،‬و َت ْ َن ُعــونَ ْ ُ‬ ‫ـم َ ُتــو ُدونَ ِبال َّلـ َ‬ ‫ـكنْ َد ِر ُّي‪َ :‬مالَ ُكـ ْ‬ ‫اإلسـ َ‬
‫ـال ْ‬ ‫البْ ـ َز َف َأ َبـ ْـوا إِ َّال ِبالث ََّمــنِ ‪َ ،‬ف َقـ َ‬ ‫ُْ‬
‫ــد ُق ِبــ ِه َع َلــى‬ ‫ــن َن َت َص َّ‬ ‫ــت ِفيــ ِه فَــأْ َر ٌة‪َ ،‬ف َن ْح ُ‬‫ــار ٍة‪ ،14‬قَــ ْد َوق ََع ْ‬ ‫ــن ِف غ ََض َ‬ ‫ــذا ال َّل َ ُ‬ ‫ُــا ُم‪ :‬كَانَ َه َ‬ ‫ــال الْغ َ‬ ‫َف َق َ‬
‫اح َر َبــا ُه‬ ‫ــي‪َ :‬و َ‬ ‫الص ِب ُّ‬
‫ــال َّ‬ ‫ــر َها‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫فك َّس َ‬ ‫الص ْح َفــ َة َ‬ ‫ــذ َّ‬ ‫ــكنْ َد ِر ُّي‪ :‬لَ َنــااهلل‪َ ،‬وأَ َخ َ‬ ‫ــال اإل ِْس َ‬ ‫ــي َار ِة‪َ .15‬ف َق َ‬ ‫الس َّ‬
‫َّ‬
‫ـت‪َ :‬هـ َـذا‬ ‫ـت َع َليْ َنــا ا ْل ِ ْعـ َـدةُ‪َ ،‬و َن َفضْ َنــا َمــا ُك َّنــا أَ َكلْ َنــا ُه‪َ ،‬و ُقلْـ ُ‬
‫اللْـ َـدةُ‪َ ،‬وانْ َق َل َبـ ْ‬ ‫َوا َم ْح ُر َوبــا ُه‪ ،‬فَاق َْشـ َـع َّر ْت ِم َّنــا ْ ِ‬
‫َج َزا ُء َما ِبا َأل ْم ِس ف ََعلْ َنا ُه‪.‬‬

‫َوأَنْ َش َأ أَ َبو ال ْ َفتْ ِح اإل ِْس َكنْ َد ِر ُّي َيق ُ‬


‫ُول‪:‬‬
‫فَالشَّ ْه ُم َال َي َت َغـثَّا‬ ‫ــــــــي‬
‫ْ‬ ‫ْس َال َت َت َغ ِّث‬ ‫َيا َنف ُ‬
‫ِفي ِه َس ِمي ًنا َوغَــثَّا‬ ‫الد ْه َر َي َأ ُك ُل‬
‫َم ْن َي ْص َح ِب َّ‬
‫آلخ َر َر َّثا‬
‫س َ‬ ‫َوالْ َب ْ‬ ‫يدا‬ ‫جـــــ ِد ً‬
‫َ‬ ‫س لِ َد ِه ٍر‬ ‫فَالْ َب ْ‬
‫‪70‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املعجم الّلغوي‪:‬‬
‫‪1.1‬قفلنا‪ :‬رجعنا‪.‬‬
‫الصحراء‪.‬‬ ‫الطرق يف ّ‬ ‫‪2.2‬أطفال الفالة هم ُق َّطاع ّ‬
‫‪3.3‬ال ِقدُّ ‪ :‬املصنوع من اجللد‪.‬‬
‫ال من الفريقني ذهب يف طريق‪.‬‬ ‫‪4.4‬يف هذا ال ّتعبير كناي ٌة عن أنّ ك ًّ‬
‫الشــمس عليهــم وهــم ُعــراة؛‬
‫‪5.5‬األشــعار‪ :‬جمــع شــعر‪ ،‬واألبشــار جمــع بشــرة‪ ،‬أي طلعــت ّ‬
‫جردوهم من مالبسهم‪.‬‬ ‫ألنّ ُق َّط َاع ُّ‬
‫الط ُرق ّ‬
‫الصغار‪ :‬هنا عالمات الفقر‪.‬‬ ‫‪ّ 6.6‬‬
‫‪(7.7‬أبو جابر) كنية اخلبز عند العرب‪.‬‬
‫‪8.8‬طلب منه مقدار ًا من امللح ميأل ّ‬
‫الكف‪.‬‬
‫‪ُ 9.9‬م َصاب بالبرد‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتحكم يف نفسه‪.‬‬ ‫مختل اجلسم والعقل‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫‪ُ 1010‬يخ ِبرهم بأ َنه‬
‫‪1111‬ال ْ ُع ْدم‪ :‬الفقر واحلاجة‪.‬‬
‫أي‪ :‬هبني ال ّلنب وال ُترِقه‪.‬‬ ‫‪ْ 1212‬‬
‫شيء منها‪.‬‬ ‫أي‪ :‬أكلناها بسرعة ولم ُنبق على ٍ‬ ‫‪ْ 1313‬‬
‫قصعة واسعة‪.‬‬‫ٍ‬ ‫‪1414‬أي‪ :‬يف‬
‫بالس ّيارة هنا‪ :‬قوا ِفلَ املسافرين ا ّلتي ّمتر بالقرية‪.‬‬ ‫‪1515‬يقصد ّ‬
‫اخلصائص الفن ّية‪:‬‬
‫ّ‬
‫بقيــة القصــص ا ّلتــي درســتها‬ ‫أ ّول مــا ميكــن أ ْن تالحظــه علــى هــذه املقامــة‪ ،‬ومــا ّمييزهــا مــن ّ‬
‫هنــا‪ ،‬هــو أنّ لهــا مؤ ّلفًــا قــام بوضعهــا وصاغهــا مــن خيالــه‪ ،‬وألبســها ُح َّلــ َة الواقــع‪ ،‬فبــدت‪،‬‬
‫ـص‬‫تخييليــة تنتمــي إلــى جنــس القـ ّ‬
‫ّ‬ ‫اريخيــة وإ ْن لــم تكــن ممّــا ينتمــي إلــى ال ّتاريــخ‪ ،‬فهــي‬
‫كال ّت ّ‬
‫خييلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال ّت‬
‫ـن مــن ســياقها أنّ الكاتــب يعالــج فيهــا ظاهــرة ال ّتحايــل واخلــداع‪ ،‬وأخــذ أمــوال ال ّنــاس‬ ‫ويتبـ ّ‬
‫ـكندري) وراويتــه (عيســى بــن هشــام)‪ ،‬يف‬‫ّ‬ ‫بالباطــل؛ إذ يصـ ّـور تعـ ّـرض بطلــه (أبــو الفتــح اإلسـ‬
‫الصحــراء‪ ،‬ثـ ّـم‬
‫كل مــا لديهــم‪ ،‬ح ّتــى مالبســهم وتركهــم عــرا ًة يف ّ‬ ‫قافلــة كانــا فيهــا‪ ،‬إلــى ســلب ّ‬
‫يصور كيف جلأ هذان بعد ذلك إلى احليلة من أجل احلصول على بعض ّ‬
‫الطعام يف أ ّول‬ ‫ّ‬
‫‪71‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـي وكان‬ ‫قريــة وصــا إليهــا‪ ،‬ثـ ّـم كيــف نــاال جزاءهمــا بشــربهما لب ًنــا تصـ ّـدق بــه عليهمــا صبـ ّ‬
‫ذلك ال ّلنب قد وقعت فيه فأرة‪.‬‬
‫الهمذانــي علــى‬ ‫ّ‬ ‫الضاحكــة ا ّلتــي يحــرص‬ ‫والســخرية يف املشــاهد ّ‬ ‫تتج ّلــى روح الفكاهــة ّ‬
‫ـكندري بجلوســه‬ ‫ّ‬ ‫الصحــراء‪ ،‬ثـ ّـم احتيال اإلسـ‬ ‫تســجيلها‪ ،‬وأ ّولهــا صــورة أهــل القافلــة وهــم ُعــراة يف ّ‬
‫اخلبــاز أ ّنــه قــد لـ ّـوث اخلبــز مبــا ألقــى عليــه مــن‬ ‫علــى ال َّتنــور وا ّدعائــه اإلصابــة بالبــرد‪ ،‬وإيهامــه ّ‬
‫حجــام لكــي يعافــه‬ ‫فضالتــه‪ ،‬ثـ ّـم احتيالــه علــى ال ّل ّبــان بغمســه إصبعــه يف اآلنيــة‪ ،‬وإيهامــه أ ّنــه ّ‬
‫ـكندري‬
‫ّ‬ ‫ال ّل ّبــان فيتخ ّلــص مــن لبنــه ويكــون مــن نصيبــه هــو‪ ،‬وآخــر تلــك املشــاهد شــرب اإلسـ‬
‫وراويته ال ّلنب ا ّلذي وقعت فيه الفأرة‪ ،‬لكي يكون ذلك اجلزاء ا ّلذي هو من جنس العمل‪.‬‬
‫الســجع ا ّلــذي تظهــر فيــه هــذه املقامــة‪ ،‬وا ّلذي يبــدو من أهـ ّـم خصائص‬ ‫ـك يف أنّ أســلوب ّ‬ ‫ال شـ ّ‬
‫جل َمــل‬ ‫الطريفــة طرافــةً أخــرى جت ّلــت يف خ ّفــة ا ُ‬ ‫الســاخرة ّ‬ ‫الصــور ّ‬ ‫املقامــات‪ ،‬قــد أضفــى علــى هــذه ّ‬
‫وقصرهــا‪ ،‬ثـ ّـم يف رشــاقة الفواصــل وا ّتفاقهــا؛ ليبــدو هــذا األســلوب بذلــك هــو األكثـ َـر تواف ًقــا مــع‬
‫الساخرة‪.‬‬‫الطريفة ّ‬ ‫املوضوعات ّ‬
‫الســاذجة ا ّلتــي تنطلــي عليهــا‬ ‫االجتماعيــة ّ‬
‫ّ‬ ‫ـخصيات‬
‫الســخر ّية يف رســم الشـ ّ‬ ‫كمــا تتج ّلــى هــذه ّ‬
‫ـخصية ال ّل ّبــان‪ ،‬ثـ ّـم يف تشــكيل األحــداث‬ ‫اخلبــاز‪ ،‬وشـ ّ‬ ‫ـخصية ّ‬ ‫احليلــة ويســهل خداعهــا‪ ،‬مثــل‪ :‬شـ ّ‬
‫كل حدث منها إلى احلدث ال ّتالي ببساطة ودون تعقيد‪.‬‬ ‫اخلفيفة املتسارعة ا ّلتي ُيفضي ّ‬
‫الرصينــة اجلــا ّدة‪ ،‬مبفرداتهــا اجلزلــة الفخمــة‪،‬‬ ‫ـل عــن اصطنــاع ال ّلغــة ّ‬ ‫وهــي مــع ذلــك لــم تتخـ َّ‬
‫الدقيقــة العميقــة‪ ،‬املتأ ّثــرة مبعانــي القــرآن الكــرمي ومفرداتــه؛ وذلــك يف مثــل‪َ « :‬و ِسـ ْـر َنا‬ ‫ومعانيهــا ّ‬
‫اســ َت ْط َع ْم َنا أَ ْه َل َهــا»‪ ،‬وهــو مأخــوذ مــن قولــه تعالــى‪:‬‬ ‫َح َّتــى أَ َتيْ َنــا ق َْر َيــةً ْ‬
‫تفــن يف أســاليب البديــع؛‬ ‫ثــم مــع ّ ٍ‬ ‫(الكهــف‪ّ ،)77 :‬‬
‫ا ِة َوأَ َخ ْذ َنــا َص ْد َر َهــا»‪ ،‬ومــع حتذلــق يف صــوغ‬ ‫ـم انْ َت َحـ ْـوا َع ُجـ َز ال َفـ َ‬‫الطبــاق يف قولــه‪ُ « :‬ثـ َّ‬ ‫وذلــك مثــل ّ‬
‫ـم ِة‪َ ،‬وانْ ُت ِضـ َ‬
‫ـي‬ ‫ـاب ْ ِ‬
‫ال ْشـ َ‬ ‫ـن ِن َقـ ِ‬
‫ـن ال ْ َف ْج ـ ِر ِمـ ْ‬
‫االســتعارة الباديــة يف مثــل قولــه‪ « :‬ح َّتــى َط َلـ َـع ُح ْسـ ُ‬
‫اب ُّ‬
‫الظلْ َم ِة»‪.‬‬ ‫الصبْ ِح ِم ْن ِق َر ِ‬ ‫َسيْ ُف ُّ‬
‫الشــعر ّية تقليــد ًا حافظــت عليــه املقامــات يف‬ ‫قطعــات والقصائــد ّ‬ ‫ُثـ ّـم يبــدو تضمــن األبيــات واملُ َّ‬
‫الطويلة‪ ،‬ومي ّثله األبيات ال ّثالثة ا ّلتي خُ تمت بها املقامة‪.‬‬ ‫رحلتها ّ‬

‫‪72‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫تؤسس عليها بنية املقامات؟‬ ‫أهم العناصر ا ّلتي ّ‬ ‫‪1.1‬ما ّ‬


‫‪2.2‬ما موضوع هذه املقامة؟ وكيف متّت معاجلته؟‬
‫الساخرة يف هذه املقامة؟ وعالم تد ّلك؟‬ ‫الفكاهية ّ‬
‫ّ‬ ‫‪3.3‬أين جتد العناصر‬
‫الشــخصيات يف هــذه املقامــة‪ ،‬ثـ ّـم اكتــب نبــذ ًة مختصــرة عــن‬ ‫ـن مالمــح ّ‬ ‫‪4.4‬حــاول أ ْن تتبـ ّ‬
‫شخصية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل‬‫ّ‬
‫‪5.5‬مــا ال ّتخييــل ا ّلــذي تنتمــي إليــه هــذه املقامــة؟ وكيــف تُ َ ِّي ـ ُز بينــه وبــن أجنــاس القـ ّ‬
‫ـص‬
‫ا ّلتي ظهرت فيها القصص واحلكايات ا ّلتي درستها من قبل؟‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫إنشائيا يكون هذا املثل عنوانه‪.‬‬
‫ً‬ ‫• •اجلزاء من جنس العمل‪ ».‬اكتب موضوع ًا‬
‫• • ِص ْف موقف ًا طريف ًا ّ‬
‫مر بك‪ّ ،‬ثم اختر له عنوان ًا مناسب ًا‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫من ّ‬
‫الشعر احلديث‬
‫كلمات‪ -‬نازك املالئكة‬
‫ممــا ُيحفــظ لــأدب احلديــث هــو أنــه ســار خطــوات إلــى األمــام متطــور ًا تطــور ًا كبيــر ًا‪ ،‬نتيجــة‬
‫اتصالــه بالتيــارات الثقافيــة العامليــة احلديثــة‪ ،‬فقــدم بذلــك إضافــات جتــاوزت األغــراض إلــى‬
‫تصويــر موقــف اإلنســان يف صراعــه املســتمر يف هــذه احليــاة‪ ،‬ذلــك التصويــر الــذي يبلــغ بالشــعر‬
‫الغنائــي أحيان ـ ًا مرحلــة التصويــر الدرامــي (املســرحي) ملختلــف املشــاعر واالنفعــاالت التــي ميـ ُّـر‬
‫بها الشاعر‪.‬‬
‫وبني أيدينا قصيدة للشاعرة املعاصرة نازك املالئكة متثل هذا االجتاه‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫صاحبة الن ّ‬
‫الشــاعرة العربيــة املعاصــرة املجـ ّـددة نــازك املالئكــة (‪1923‬م‪2007-‬م)‪ ،‬ولــدت يف بغــداد‪،‬‬
‫هــي ّ‬
‫وتلقــت تعليمهــا مبدارســه حتــى أمتــت املرحلــة اجلامعيــة‪ ،‬ثــم أســهمت يف احلركــة األدبيــة يف‬
‫خاصــة‪ ،‬إضافــة‬
‫بالدهــا مبــا قدمتــه مــن دراســات نقديــة تناولــت الشــعر عامــة‪ ،‬وشــعر التفعيلــة ّ‬
‫إلى دواوينها الشعرية التي حرصت على التجديد فيها‪.‬‬
‫ّص ‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫ـح َو ْحــد َة َقلْ ِبــي َو ُطــولَ انْ ِف َرا ِدي‬ ‫الريـ ِ‬‫وت إِ َلــى ّ‬ ‫ـك ُ‬ ‫َشـ َ‬
‫ِ‪1‬‬
‫ِيــج ل ََيالِــي ْال ََصــاد‬ ‫ــاء ْت ُم َع َّطــر ًة بأر ِ‬ ‫ف ََج َ‬
‫َــوقَ ُســ َها ِدي‬ ‫ــو ْر ِد ف ْ‬ ‫ــج والْ َ‬
‫يــر الْ َب َنف َْس ِ‬
‫ــت َع ِب َ‬ ‫َو َألْ َق ْ‬
‫ِ‪2‬‬
‫ــكا َن الْو َِســاد‬‫َــدي الْ َك ِليــلِ َم َ‬ ‫ــد ْت َشــذَ ا َها ِل ّ‬ ‫َو َم َّ‬
‫ــوا ِد‬
‫يــر ُي َغ ِّنــي لِ َ‬ ‫ــوى غَ ِد ٍ‬ ‫َو َر َّد ْت َح ِني ِنــي بِ َن ْج َ‬
‫َــو ُن الْ ِو َهــا ِد‬
‫يــر َول ْ‬‫ــك كَ ا َن الْ َع ِب ُ‬ ‫َــت‪َ ِ :‬ل ْج ِل ِ‬ ‫َوقَال ْ‬
‫يل‬‫ال ِم ْ‬‫ـت الْ ُو ُجــو َد ْ َ‬ ‫ـد ِك ِجئْـ ُ‬ ‫ـك وحـ َ‬ ‫ـن َأ ْجــلِ َقلْ ِبـ ِ‬ ‫َو ِمـ ْ‬
‫َف ِف َ‬
‫يم الْ َعو ْ‬
‫ِيل؟‬
‫الطو ْ‬
‫ِيــل‬ ‫َّ‬ ‫ــاء ا ْل ََســا ُء‬ ‫ــم َج َ‬ ‫ــم ُث َّ‬ ‫َو َص ّدق ُت ُه ْ‬
‫‪3‬‬
‫ــا ِم ال َّث ِق ْ‬
‫يــل‬ ‫الظ َ‬ ‫ــاب َّ‬ ‫ــكو ُن ُع َب َ‬ ‫الس ُ‬ ‫َو َســا َد ُّ‬
‫يــاح؟‬
‫يــث ال ِّر ْ‬ ‫ــاءلْ ُت لَيْ ِلــي‪َ :‬أ َحــقٌّ َح ِد ُ‬ ‫ف ََس َ‬
‫‪74‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪4‬‬
‫ات‬
‫ــم ْ‬ ‫ــاخ َر ال َق َس َ‬ ‫َــر ّد الدُّ َجــى َس ِ‬ ‫ف َ‬
‫ات!‬ ‫َأ َص َّدقْ ِتها؟ إِ َّن َها كَ ِل َم ْ‬
‫الب َشـ ْـر‬‫ـات َ‬ ‫ــت ِف ف َْجــ ِر ُع ْمــرِي إِلَــى ُأ ْغ ِن َيـ ِ‬ ‫َو َأ ْص َغيْ ُ‬
‫وب ل ََيالِــي ال َق َم ْ‬
‫ــر‬ ‫ــح ِ‬ ‫ــم ِف شُ ُ‬ ‫ــار ْك ُت ُه ْم َرق َْص ُه ْ‬ ‫َو َش َ‬
‫ــعا َد ِة‪ ،‬بِا ْلُنْ َت َظ ْ‬
‫ــر‬ ‫الس َ‬ ‫ــم بِ َّ‬ ‫ِمثْ َل ُه ُ‬ ‫َوغَ َّنيْ ُ‬
‫ــت‬
‫ــر‬ ‫بِ َشــي ٍء َســيأْتِي‪ ،‬بِ ُيو ُتوبِيــا ِف ِســ ِن َ ُ‬
‫ني أ َخ ْ‬
‫‪5‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ــر‬‫ــدى وال َّز َه ْ‬ ‫َــو ِن ال َّن َ‬ ‫ــت َأ َّن َح َيــا ًة بِل ْ‬ ‫وآمنْ ُ‬ ‫َ‬
‫‪6‬‬
‫ــر‬
‫الض َج ْ‬ ‫ــا ِت بِ ِعــب ِء َّ‬ ‫ــح أ َّي َام َنــا ا ْلُثْ َق َ‬
‫ستمس ُ‬ ‫َ‬
‫ــدو ْن‬ ‫ــم‪ :‬إِ َّن َنــا َخالِ ُ‬ ‫ِيد ِه ْ‬ ‫َوقَا ُلــوا َل َنــا ِف َأغَ ار ِ‬
‫ُخ ُلو َد الْق ُُرو ْن‬
‫يــق‬ ‫الص ِد ُ‬ ‫َّ‬ ‫ــاء ا ْل ََســا ُء‬ ‫ــم َج َ‬ ‫ــم ُث َّ‬ ‫َو َص َّدقْ ُت ُه ْ‬
‫يــق‬‫ــود َو ِض ْ‬ ‫ُج ُم ٍ‬ ‫َس َل ِســ َل ُه ِف‬ ‫ــر‬
‫َي ُج ُّ‬
‫ف ََح َّدقَ بِي َصائِحاً‪َ :‬يا َف َتاةْ‬
‫ات!‬ ‫َأ َص َّدقْ ِت ِه ْم؟ إِ َّن َها كَ ِل َم ْ‬

‫املعجم ال ُّلغوي ‪:‬‬


‫الرا ِئحة الطيبة الزكية‪.‬‬
‫‪1.1‬األريج‪َّ :‬‬
‫الشذا‪ :‬العطر‪ ،‬والكليل‪ :‬املُتْ َعب الضعيف‪.‬‬‫‪َّ 2.2‬‬
‫‪ُ 3.3‬عباب املاء‪ :‬مجموعه وكثرته‪.‬‬
‫‪4.4‬الدُّ جى‪ :‬الظالم احلالك‪.‬‬
‫‪5.5‬اليوتوبيا‪ :‬لفظة أجنبية معربة تعني (احلياة املثالية)‪.‬‬
‫‪6.6‬العبء‪ :‬الثقل ‪ -‬الضجر‪ :‬امللل‪.‬‬
‫املعنى اإلجمالي‪:‬‬
‫إذا وردت (كلمــات) يف صيغــة النكــرة‪ ،‬وبلهجــة ســاخرة حــادة غاضبــة كمــا ينطقهــا ممثــل على‬
‫خشــبة املســرح‪ ،‬فذلــك يعنــي أنهــا كلمــات خاويــة جوفــاء حتمــل يف طياتهــا وعــود ًا كاذبــة‪،‬‬
‫وعلى هذا املعنى اختارتها نازك املالئكة عنوان ًا لهذه القصيدة‪ ،‬التي تصور فيها بحدة‬
‫‪75‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫وانفعال كذب األماني والوعود‪.‬‬
‫ويبــدو مــن النظــرة األولــى أنّ القصيــدة مقســمة إلــى مقاطــع‪ ،‬كل مقطــع لــه نبــرة خاصــة بــه‬
‫تتفــق مــع املضمــون‪ ،‬وكل مقطــع مكــون مــن ثالثــة أجــزاء‪ ،‬فاجلــزء األ ّول ســرد وتصويــر لألمانــي‬
‫ـل)‪( ،‬خُ ُلــو َد ال ُقـ ُـرونْ)‪َ ( ،‬و َي ْر َضــى‬ ‫والوعــود‪ ،‬أمــا اجلــزء الثانــي فهــو مــن تفعيلتــن‪َ ( :‬ف ِفيـ َ‬
‫ـم ال ْ َعويـ ْ‬
‫ا َأللَــم)‪ ،‬وهــو يشــبه أ ْن يكــون إشــارة صارمــة تعلــن عــن إيقــاف اجلــزء األول‪ ،‬وأمــا اجلــزء الثالــث‬
‫فهــو ميثــل الــرد علــى اجلــزء األول‪ ،‬بــل هــو يشــبه احلــوار املســرحي القصيــر الــذي يتــم مــن خاللــه‬
‫حسم مسألة األماني والوعود‪.‬‬
‫ومع االسترسال يف قراءة املقطع األول يتبني أن الشاعرة تشكو الوحدة واالنفراد‪:‬‬
‫يح َوحد َة قلبي ُ‬
‫وط َ‬
‫ول انفرادي‬ ‫شَ َك ْو ُت إِلى ّ‬
‫الر ِ‬
‫الريــح جنيــ ًا تب ّثــه همومهــا وأحزانهــا علــى نحــو مــا هــو شــائع لــدى الشــعراء‬
‫م ّتخــذة مــن ّ‬
‫الريــح بأنهــا‪« ،‬معطــرة‬
‫احملدثــن يف جلوئهــم إلــى بعــض مظاهــر الطبيعــة‪ ،‬ويبــدو مــن وصفهــا تلــك ّ‬
‫أريــج احلصــاد» أنهــا ريــح الربيــع‪ ،‬التــي تبــدو وفــق هــذا الوصــف رمــز ًا ملــدى زخرفــة األمانــي‬
‫والوعــود الكاذبــة‪ ،‬وتصاحــب ذلــك االســتعارات اجلميلــة التــي جتعــل مــن الريــح شــخص ًا عاق ً‬
‫ال‪،‬‬
‫وأُ ًّما رؤوما‪ ،‬تهدهد الشاعرة وحتنو عليها ومتنيها مبختلف األماني‪:‬‬
‫العبير ُ‬
‫ولون الوهـــــــــــاد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ألجلك كان‬ ‫وقالت‪:‬‬
‫ْ‬
‫ْ‬
‫اجلميل‬ ‫وحد ِك جئت الوجو َد‬ ‫ِ‬
‫قلبك َ‬ ‫ومن أجلِ‬
‫وكأنهــا متســح دموعهــا التــي تكشــف عــن مــدى حزنهــا بســبب الواقــع األليــم الــذي تعيشــه‪،‬‬
‫حتى إنها تخاطبها مستفهمة يف حنان ورقة‪« :‬ففيم العويل؟»‬
‫فــإذا كان اجلــزء األخيــر مــن املقطــع بــدت الشــاعرة فرحــة جذلــة مبــا قالتــه الريــح معلنــة عــن‬
‫وصدقتهــم» مســتخدمة ضميــر اجلمــع يف حديثهــا عــن‬ ‫تلــك الفرحــة يف هــذه اجلملــة القصيــرة « ّ‬
‫الريح هنا لتوحي بأ ّنها داخلة يف عداد متكلمني كثيرين‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ثــم يأتــي املســاء الطويــل الــذي يبــدو أنــه مســاء الشــتاء بظالمــه الثقيــل وكأنــه ُعبــاب البحــر‪،‬‬
‫الريــاح؟» ويجيبهــا ُمنكــر ًا عليهــا تصديقهــا الريــح يف صيغــة‬ ‫فتســأله الشــاعرة « أَ َحــقٌّ حديــث ّ‬
‫االســتفهام اإلنــكاري‪« :‬أَ َص َّدقْ ِت َهــا ؟ ثــم يضيــف ســاخر ًا‪« :‬إنهــا كلمــات»؛ ليبــن لهــا أنهــا‬
‫كلمات جوفاء ال معنى لها‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫وتعــود الشــاعرة يف املقطــع الثانــي ســنني إلــى الــوراء‪ ،‬بــل إلــى عهــد الطفولــة املبكــرة الــذي‬
‫وصفتــه بأنــه فجــر عمرهــا‪ ،‬لتصــور كيــف أنهــا كانــت تصغــي إلــى أغنيــات البشــر «احململــة‬
‫باألمنيــات اجلميلــة‪ ،‬ثــم كيــف كانــت تشــاركهم «رقصهــم يف شــحوب ليالــي القمــر»‪ ،‬وقــد‬
‫وردت كلمــة « شــحوب» هنــا لإليحــاء مبــا حتــس بــه الشــاعرة مــن أســى جتــاه الواقــع‪ ،‬علــى أنّ‬
‫البشــر الذيــن تتحــدث عنهــم هنــا هــم أنفســهم ال يعيشــون الفــرح باحلاضــر‪ ،‬بــل «باملنتظــر‪،‬‬
‫بشــيء ســيأتي»‪ ،‬ومــا الفــرح مبــا ســيأتي ســوى أمنيــات تــراود النفــس قــد تصــدق وقــد تكــذب‪،‬‬
‫لكــن مــع ذلــك يبــدو أن شــعور هــؤالء بنشــوة الرقــص والغنــاء قــد قادهــم إلــى التمــادي يف هــذه‬
‫األمانــي‪ ،‬ومــن ثــم إلــى الفــرح باملســتقبل الــذي أخرجهــم عــن طورهــم‪ ،‬فســاورهم االعتقــاد‬
‫بأنهــم خالــدون «خلــود القــرون»‪ ،‬ويــكاد هــذا املقطــع الصغيــر أن يضــع بــن يــدي املتلقــي كــذب‬
‫هذه األماني وزيفها‪.‬‬
‫ثــم يأتــي املســاء الــذي يبــدو غيــر املســاء األول‪ ،‬وذلــك مــن وصفهــا إيــاه بأنــه «املســاء‬
‫الصديــق» وتســأله عــن حقيقــة هــذه األمنيــات‪ «:‬أَ ُهـ َـو َحــقٌّ هتــاف البشــر؟» فيجيبهــا يف غضــب‬
‫«فحدق بي صائح ًا‪ :‬يا فتاة‪ ،‬أَ َص َّدقْ ِت ِه ْم ؟ إنها كلمات»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫توحي به هذه العبارة‬
‫اخلصائص الفن ّية‪:‬‬
‫القصيــدة بنــاء متماســك مــن االســتعارات املتآلفــة التــي تشــكل موقــف الشــاعرة مــن ال ّزمــان‬
‫والوعــود الكاذبــة‪ ،‬وهــي متثــل إلــى جانــب ذلــك ظاهــرة مــن ظواهــر التجديــد املتمثــل يف اإلغــراق‬
‫يف توظيــف االســتعارات‪ ،‬ثــم يف البنــاء املوســيقي الــذي لــم يألفــه شــعرنا العربــي يف تاريخــه‬
‫الطويــل‪ ،‬وإن كانــت تذكرنــا علــى نحــو مــا ببنــاء املوشــحات‪ ،‬إضافــة إلــى أنهــا تعتمــد يف‬
‫صوغهــا علــى احلــوار واحلركــة‪ ،‬فهــي علــى ذلــك متــت إلــى الفــن املســرحي ببعــض الصــات‬
‫رغــم انتمائهــا إلــى الشــعر الغنائــي ثــم هــي أخيــر ًا تتنــاول موضوع ـ ًا قدميــا قــدم اإلنســان نفســه‬
‫وهو موضوع األماني والوعود بجدة وطرافة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬ما املوضوع الذي عاجلته نازك املالئكة؟ وكيف عاجلته؟‬


‫حتدث عن مظاهر التجديد يف تلك القصيدة‪.‬‬ ‫‪ْ 2.2‬‬
‫‪3.3‬اختــارت الشــاعرة الليــل تبثــه شــكواها‪ ،‬وتســأله عــن حقيقــة الكلمــات التــي تســمعها‪،‬‬
‫فما سبب اختيارها ذاك؟‬
‫‪4.4‬تبدو هذه القصيدة متأثرة بالفن املسرحي رغم كونها غنائية‪َ ،‬و َّض ْح ذلك‪.‬‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫اكتب عن أُمنية لديك تسعى إلى حتقيقها‪.‬‬
‫•• ْ‬

‫‪78‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫القصيدة الغنائية احلديثة‬
‫رسالة إلى طفلتي ‪ -‬علي الفزاني‬
‫تطــور الشــعر يف األدب العربــي احلديــث وظهــر مــا يعــرف بقصيــدة التفعيلــة تأثــر ًا بالتيــارات‬
‫الغربيــة الوافــدة‪ ،‬وكان الشــكل العروضــي أبــرز ســمات ذلــك التأثــر‪ ،‬إذ لــم تعــد القصيــدة تبــدو‬
‫يف ذلــك الشــكل ذي األجــزاء املقطعــة تقطيعــ ًا متســاوي ًا‪ ،‬واملعروفــة باألبيــات التــي تســير يف‬
‫إيقاعهــا وفــق وزن معــن ُيعــرف بالبحــر وعلــى قافيــة واحــدة تتفــق فيهــا جميــع أبياتهــا‪ ،‬بــل‬
‫اعتمــدت التفعيلــة وحــدة لهــا بــدل البحــر‪ ،‬ولــم تلتــزم بطــول واحــد لألبيــات‪ ،‬فبــدت األبيــات‬
‫روي إلــى روي قبــل أن‬ ‫فيهــا غيــر متســاوية‪ ،‬كمــا بــدت القــوايف متنوعــة إذ ينتقــل الشــاعر مــن ّ‬
‫وي األول‪.1‬‬
‫الر ّ‬
‫يعود إلى ّ‬
‫وقــد أحــدث هــذا النــوع مــن الشــعر تطويــر ًا يف املوضوعــات أيضـ ًا‪ ،‬حيــث ابتعــد عــن األغراض‬
‫التقليديــة وأخــذ يف تنــاول القضايــا ذات البعــد اإلنســاني واالجتماعــي‪ ،‬يف أســلوب ُمغــرق يف‬
‫التصوير والرمز واإليحاء واستعمال االستعارات التجسيمية‪.2‬‬
‫املعجم اللغوي‪:‬‬
‫ـروي هــو احلــرف األخيــر يف البيــت الــذي تتفــق فيــه جميــع أبيــات القصيــدة التــي‬
‫‪1.1‬الـ ّ‬
‫تسير على النمط القدمي‪.‬‬
‫‪2.2‬هي االستعارة املكنية التي تبدو فيها املعاني شخوص ًا مجسمة‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫صاحب الن ّ‬
‫الشــاعر علــي عبدالســام الفزانــي‪ ،‬ولــد بقريــة مــن قــرى مدينــة صرمــان غربــي طرابلــس‬ ‫هــو ّ‬
‫عــام ‪ ،1935‬وحفــظ القــرآن الكــرمي يف الثانيــة عشــرة مــن عمــره‪ ،‬وتلقــى بعــض علــوم الفقــه علــى‬
‫يــدي والــده‪ ،‬ثــم انتقــل إلــى بنغــازي ‪ ،1947‬وتق ّلــب يف الوظائــف املختلفــة‪ ،‬ثــم واصــل تعليمــه‬
‫يف املعهــد الدينــي فــدرس بــه أصــول اللغــة‪ ،‬فــكان ذلــك دافعـ ًا لــه لدراســة الشــعر الــذي بــرع فيــه‬
‫صغير ًا‪ ،‬ثم عمل على تطويره مقتفي ًا أثر كبار املجددين من الشعراء العرب‪.‬‬
‫وقــد أصــدر عــدد ًا مــن الدواويــن منــذ عــام ‪ ،1967‬وكان أهمهــا‪( :‬رحلــة الضيــاع)‪ ،‬و(أســفار‬
‫احلــزن املضيئــة)‪ ،‬و(قصائــد مهاجــرة)‪ ،‬و(املــوت فــوق املئذنــة)‪ ،‬و(مواســم الفقــدان)‪ ،‬وكانــت‬
‫وفاته يف أواخر سنة ‪.2000‬‬

‫‪79‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ّص ‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫ر َِسا َل ٌة إِلَى ِطفْل ِتي‬
‫وع ِم ْن َم َح ِ‬
‫اج ِر الْ َغرِيب ‪1‬‬ ‫َص ِغ َيرتِي ‪َ ...‬ت َساق َُط الدُّ ُم ُ‬
‫ال ِن ِ‬
‫ني لِ ُّلر ُبو ِع َوالدُّ ُروب‬ ‫َو َي ْخ ِف ُق الْ ُف َؤا ُد بِ ْ َ‬
‫َو ِف ا ْل ََسا ِء َي ْ َضغُ ُّ‬
‫الس َها ُد َج ْف ِن َي‬
‫ال َسى‬ ‫َيشُ دُّ َي ْق َظ ِتي إِلَى ُذ َرى ْ َ‬
‫ور‬
‫الس ُر ْ‬
‫ال َو ُّ‬ ‫ُأ ِح ُّ‬
‫س ُرغ َْم َب ْه َج ِة ْال ََيا ِة ِف َم َعالِ ِم ْال ََم ِ‬
‫ُأ ِح ُّ‬
‫س َو ْح َش َة ا ْل ََسا ِء َوالْ ِب َعاد‬
‫َو َت ْه ِت ُف ِّ‬
‫الشفَا ُه ‪ . . .‬آه‬

‫َو َي ْص ُرخُ الْ ُف َؤاد ‪. . .‬آه‬


‫ُ‬
‫أ َّوا ُه ل َْو َأ ِط ْ‬
‫ير‬
‫اح غَ يْ َم ٍة َص ِغ َيرة‬ ‫َعلَى َج َن ِ‬
‫اط َم ْو َج ٍة ِم ْن َن ْس َم ِة َّ‬
‫الس َح ْر‬ ‫َعلَى بِ َس ِ‬
‫الس َل ِم َو ْ َ‬
‫ال َنا ْن‬ ‫لِ َكي َأ َرى َعيْ َنيْ ِك َتْ ُض َنا ِن ِر َّق َة َّ‬
‫ور ‪2‬‬ ‫السرو ُر َو ْ ُ‬
‫ال ُب ْ‬ ‫لِ َكي َأ َرا ُه َما َو ِفي ِه َما ُّ‬
‫( َو ِفي ِه َما ال ِّن َدا ُء لِي ( ( َأبِي َم َتى َي ُعو ْد؟)‬
‫غَ َد ًا َص ِغ َيرتِي َأ ُعو ْد ‪..‬غَ َد ًا َأ ُع ْود‪.‬‬
‫املعجم ال ُّلغوي ‪:‬‬
‫املَاجر‪ :‬ال ِعظام التي ُت ُ‬
‫يط بالعني‪.‬‬ ‫‪َ 1.1‬‬
‫والسعادة‪.‬‬ ‫‪2.2‬ا ُ‬
‫حل ُبـــــــور‪ :‬الفرح ّ‬

‫‪80‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املعنى اإلجمالي‪:‬‬
‫ـت يف‬‫ِمّــا يفتــح أمامنــا مغاليــق هــذه القصيــدة هــو ورودهــا يف الديــوان موثقــة بأنهــا قــد كتبـ ْ‬
‫القاهــرة ســنة‪ ،1965‬ثــم ذكــر النيــل فيهــا «واحلقــول واجلمــال والســحر»‪ ،‬مناظــر طبيعيــة خالبــة‬
‫لــم تتمكــن مــن أن ُتنســي الشــاعر غربتــه وحنينــه إلــى ابنتــه التــي يد ّبــج لهــا قصيدتــه هــذه‬
‫‪،‬ويبعث بها إليها‪.‬‬
‫ا يف احلنــن إلــى تلــك الطفلــة‬‫فموضــوع القصيــدة هــو احلنــن إلــى الوطــن واألهــل‪ ،‬متمث ـ ً‬
‫ـن هــي إليــه أيضـ ًا فيتخيلهــا متســائلة‪:‬‬ ‫الصغيــرة التــي خلفهــا هنــاك يف ديــار الوطــن‪ ،‬والتــي حتـ ّ‬
‫«أبــي متــى يعــود؟» ثــم يجيــب هــو عــن ذلــك التســاؤل يف أمــل واضــح يغمــره القلــق املتمثــل يف‬
‫هذا التكرار‪:‬‬
‫غَ د ًا َص ِغيرتِي ُأعود ‪ ..‬غَ د ًا ُأعود‬
‫ويبــدو ذلــك أيضــا مــن خــال هــذه الصــور احلزينــة القامتــة والرائعــة يف آن واحــد؛ لتصويــر‬
‫ذلك احلنني الذي يبدو يف أ ّول القصيدة خطاب ًا مباشر ًا موجه ًا إلى تلك الطفلة البعيدة‪:‬‬
‫اج ِر الغريب‬‫صغيرتي‪َ ...‬ت َساق َُط الدموع من َم َح ِ‬
‫ويخ ِف ُق الفؤاد باحلنني ُّ‬
‫للر ُبو ِع والدُّ ُروب‪.‬‬
‫ومــا تلــك الربــوع والــدروب التــي يصــرح بهــا هنــا ســوى ربــوع الوطــن ودروبــه‪ ،‬الــذي يتمنــى‬
‫هــذا الشــاعر العــودة القريبــة إليــه‪ ،‬وهــو مــا نفهمــه أيض ـ ًا مــن ثنايــا هــذه الصــورة الرقيقــة التــي‬
‫ينتزعها من رقة تلك الطبيعة التي يعيش يف أحضانها‪:‬‬

‫أطير‬ ‫ُ‬
‫أ ّوا ُه لو ْ‬
‫غيمة صغيرةْ‬ ‫جناح ٍ‬
‫ِ‬ ‫على‬
‫على بساط موجه من َن َس َم ِة َّ‬
‫الس َح ْر‬
‫لكي أرى عينيك حتضنان ِر َّق َة السالم واحلنا ْن‬
‫واحلبور‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الس ُرور‬ ‫لكي أراهما وفيهما ُّ‬
‫الســحر‪ ،‬والســرور‪ ،‬واحلبــور هــي بعــض مكونــات تلــك الطبيعــة‬ ‫فالغيمــة الصغيــرة‪ ،‬و َن َسـ َ‬
‫ـمة َّ‬
‫التي يريد لها أن تكون‪ -‬مبا تظهر فيه من رقة وجمال‪ -‬أداة تفاؤل وعنوان أمل يرى من‬
‫‪81‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫خاللــه قــرب عودتــه إلــى وطنــه‪ ،‬وقــد كان ذلــك األمــل يلــح عليــه ويــداوره عبــر مقاطــع‬
‫القصيدة‪ ،‬حتى َت َأ َّتى أ ْن يكون هو اخلامتة السعيدة لذلك العذاب الطويل‪.‬‬
‫اخلصائص الفنية‪:‬‬
‫تعالــج هــذه القصيــدة احلديثــة قضيــة شــاعر يعانــي االغتــراب يف عالــم ال يعتــرف بــه وال بفنــه‬
‫وإبداعــه‪ ،‬وال مبــا يحملــه مــن مبــادئ‪ ،‬ولكنهــا تقــدم تلــك املعاجلــة مــن خــال موضــوع واضــح‬
‫بسيط هو احلنني إلى الوطن‪ ،‬وهي طريقة يف املعاجلة درج عليها ر ّواد القصيدة احلديثة‪.‬‬
‫وهــي تعــرض ذلــك كلــه يف شــكل موســيقي لــم يكــن معهــود ًا يف الشــعر القــدمي‪ ،‬إذ تتخــذ‬
‫الرجــز «مســتفعلن» إيقاعـ ًا مســتمر ًا لهــا ووحــدة تعتمــد عليهــا‪ ،‬دون أن تلتــزم بطــول‬
‫مــن تفعيلــة ّ‬
‫معــن لألبيــات‪ ،‬أمــا القافيــة فتتنــاوب فيهــا األحــرف‪« :‬البــاء» و «الــراء» و«الــدال» والهــاء»‬
‫بطريقة غير منتظمة‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‪1.1‬كيف تختلف القصيدة احلديثة عن القصيدة التقليدية؟‬


‫‪2.2‬احلنــن إلــى الوطــن هــو موضــوع هــذه القصيــدة‪ ،‬ولكــن يبــدو أيض ـ ًا أنهــا تعالــج قضيــة‬
‫أخرى من خالل هذا املوضوع‪َ ،‬و ِّض ْح ذلك‪.‬‬
‫‪3.3‬ع ّلق على معاني العبارات اآلتيـــــــــــــة‪:‬‬
‫ميضغ السها ُد َج ْف ِن َي الكئيب‪.‬‬
‫ُأ ِح ُّ‬
‫س َو ْح َش َة املسا ِء والبعاد‪.‬‬
‫غد ًا صغيرتي أعود‪ ..‬غد ًا أعود‪.‬‬
‫‪4.4‬ناقــش مــع زمالئــك حتــت إشــراف معلمــك قضيــة هجــرة العقــول العربيــة إلــى الــدول‬
‫الغربية ‪.‬‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫اكتب رسالة شعرية أو نثرية لصديق لك افترقت عنه منذ زمن‪.‬‬
‫ْ‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ - 2‬األمل هو أروع مايعيش عليه اإلنسان ‪.‬اكتب يف هذا املعنى ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ّ‬
‫الشعر املسرحي‬
‫أحزان إفريقيا ‪ -‬حملمد الفيتوري‬
‫املســرح عامــة واملســرح الشــعري خاصــة لــم يعرفــا ّإل يف األدب العربــي احلديــث‪ ،‬نتيجــة‬
‫التأثــر بالتيــارات الغربيــة الوافــدة‪ ،‬هــذا علــى أن املســرح الشــعري ظلــت معرفتــه محــدودة والكتابة‬
‫فيــه مقتصــرة يف األغلــب علــى اســتلهام التاريــخ واألســطورة‪ ،‬وذلــك مثــل مــا هــو مالحــظ عنــد‬
‫شــوقي‪ ،‬وعزيــز أباظــة‪ ،‬وصــاح عبدالصبــور‪ ،‬ثــم شــاعرنا محمــد الفيتــوري الــذي كتــب يف‬
‫إطــاره مســرحيتني‪ ،‬وهــذه املســرحية التــي بــن أيدينــا هــي إحداهمــا‪ ،‬وتســتعرض فتــرة مــن تاريخ‬
‫اجلهــاد العربــي الليبــي يف مقاومــة االحتــال اإليطالــي‪ ،‬مــن خــال شــخصية بطــل مــن أبطالــه‪،‬‬
‫وهــو البطــل الشــهيد عمــر املختــار‪ ،‬ويف أســلوب شــعري يقــوم علــى أســاس املــزج بــن شــعر‬
‫البيت وشعر التفعيلة‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫صاحب الن ّ‬
‫محمــد الفيتــوري شــاعر معاصــر‪ ،‬هاجــرت أســرته إلــى الســودان ف ُولــد وتربــى وتل ّقــى تعليمــه‬
‫األول هنــاك‪ ،‬ثــم انتقــل إلــى مصــر ليتــم تعليمــه يف اإلســكندرية‪ ،‬ثــم عــاد إلــى موطنــه ليبيــا‬
‫وواصــل نتاجــه األدبــي‪ ،‬ومــن أهــم دواوينــه‪« :‬أغانــي إفريقيــا»‪ ،‬و»اذكرينــي يــا إفريقيــا»‪،‬‬
‫و«عاشــق مــن إفريقيــا»‪ ،‬و«معزوفــة لدرويــش متجــول»‪ ،‬ومــن مســرحياته «أحــزان إفريقيــا»‪،‬‬
‫وتتألــف مــن ثالثــة فصــول‪ ،‬ومــن تســعة مشــاهد يتصاعــد عددهــا مــع تصاعــد الفصــول علــى‬
‫التوالي‪.‬‬
‫ملخص املسرحية‪:‬‬
‫يتكون الفصل األول من مشهدين يصوران معاناة الشعب ال ّليبي يف املعتقالت وخارجها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ويتكـ ّـون الفصــل الثانــي مــن ثالثــة مشــاهد‪ ،‬فيصـ ّـور األ ّول بعــض أبطــال املســرحية «أُ ُّم ســلمى‬
‫حولهــا جنود املســتعمر إلــى خرائب‪ ،‬وتشــاهدان‬ ‫وابنتهــا ســلمى» وهمــا يتجــوالن يف البيــوت التــي ّ‬
‫الضحايــا التــي ُشــنقت مــن الرجــال والنســاء األبريــاء ال ُعـ ّزل‪ ،‬ويصـ ّـور الثانــي عمــر املختــار وبعض‬
‫رفاقــه وهــم يســتعدون خلــوض إحــدى املعــارك‪ ،‬ويصــور الثالــث غرازيانــي وهــو يتــداول مــع بعــض‬
‫ضباطه وجنوده كيفية القضاء على املجاهدين‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ويتكـ ّـون الفصــل ال ّثالــث مــن أربعــة مشــاهد يصــور مــن خاللهــا الكاتــب بعــض مــا لقيــه‬
‫الشــعب مــن ويــات يف املعتقــات‪ ،‬لينتقــل إثــر ذلــك إلــى تصويــر مــا لقيــه املختــار‪ ،‬ثــم يأتــي‬
‫ليصور إصرار الشعب ‪-‬بعد مقتل أحد قادته‪ -‬على مواصلة اجلهاد‪.‬‬ ‫املشهد األخير ّ‬
‫والزمــان الــذي جتــري فيــه أحــداث املســرحية هــو الفتــرة الواقعــة فيما بــن عــام ‪ 1925‬و‪1931‬م‪،‬‬
‫وأ ّما املكان فهو منطقة اجلبل األخضر التي شهدت معارك جهاد ّية عظيمة‪.‬‬
‫منوذج من مسرح ّية أحزان إفريقيا‬
‫(مقــر قيــادة عمــر املختــار‪ ،‬يف أحــد كهــوف اجلبــل األخضــر عــدد مــن املجاهديــن باخلــارج‬
‫يراقبــون حركــة العــدو‪ ،‬عمــر يقــف ببــاب الكهــف‪ ،‬شــيخ وقــور جتــاوز الســتني‪ ،‬وجهــه أميــل إلــى‬
‫الســمرة الداكنــة‪ ،‬ذو حليــة بيضــاء مســتديرة‪ ،‬أُ ُّم ســلمى يف مواجهــة عمــر‪ ،‬وقــد أعطــت ظهرهــا‬
‫للمشــاهدين بحيــث ال تتضــح شــخصيتها متامــ ًا‪ ،‬قائــدان مقنعــان‪ ،‬أحدهمــا راشــد واآلخــر‬
‫سالح ُه يف ُمتناول يده‪).‬‬
‫ُ‬ ‫كل منهم‬ ‫املنصور‪ ،‬يتحدثان‪ٌّ ،‬‬
‫كَ ِث ٌير ُه ْم‪...‬‬ ‫أ ّم َسلْ َمى‪ :‬‬
‫َوقَبْ ُل ُه ْم كَ ِثير‬ ‫ُع َم ُر املختار‪ :‬‬
‫يح ُه ْم َوغَ َدوا ِر َم َال‬ ‫َت َب َّد َد ِر ُ‬ ‫ ‬
‫ف ََل ُتْ ِزنْ َك كَ ثْ َر ُت ُه ْم‬ ‫ ‬
‫ِب ِإشْ َف ٍاق َوأَ ْخ َشى‬ ‫أ ّم َسلْ َمى‪ :‬‬
‫َع َليْ ِك ال ْ َغ ْد َر‪َ ،‬ل أَ ْخ َشى ال ْ ِق َت َال‬ ‫ ‬
‫َال ْص ُم َص ٍاح‬ ‫) ِب َت َو ُّسل ْ) ِب َر ِب َك َل َت ْ‬
‫نم ف ْ َ‬ ‫ ‬
‫ يُدُّ إِلَيْ َك َي ُاع َم ُر ا ِ‬
‫حل َب َال‬ ‫َ‬
‫وك‪ ،‬ويْ ِحي‬ ‫وك أَ ْو َق َت ُل َ‬
‫َولَ ْو أَ َس ُر َ‬ ‫ ‬
‫إذ ًا َق َت ُلوا اإل َِرا َد َة َو ِّ‬
‫الن َض َال‬ ‫ ‬
‫ر َع ِ ُ‬
‫اك اهلل‪َ ،‬ه ْل َت ْد ِر َ‬
‫ين َماذَا‬ ‫َ‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫ال ُفق‪...‬؟‬ ‫َو َر َاء ْ ُ‬ ‫ ‬
‫َاق َت َوالَى‬
‫آف ٌ‬ ‫أ ّم َسلْ َمى‪ :‬‬

‫‪85‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ات‪ ،‬لَيْ َس ْت‬ ‫عمر املختار‪ :‬كَ َذلِ َك ُتولَ ُد الث َّْو َر ُ‬
‫ُوت‪َ ،‬و َت َ ُْل الدُّ نْ َيا ِر َج َال‬ ‫ ت ْ‬
‫َ‬
‫َس َأ ْم ِضي ( َت َت َأ َّه ُب لِلْخُ ُروج)‬ ‫أ ّم َسلْ َمى‪ :‬‬
‫ان اهلل‪َ ،‬ل َح َرج َو َل َض َّراء‬ ‫ِف أَ َم ِ‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫(تخرج دون أن تلتفت‪ ،‬عمر يعود إلى مكانه بجانب الْقواد الثالثة)‬
‫اشد أَ َت ْعر ُِف َم ْن َت ُكونْ؟‬
‫عمر املختار‪ :‬لِلْ َقا ِئد َر ِ‬
‫َنع ْم‪َ ،‬و َت ْعر ُِف َخ ْط َو َها َّ‬
‫الص ْح َراء‬ ‫ ‬ ‫َر ِ‬
‫اشد‪:‬‬
‫َو َي ْع ِر ُف َها ْ َ‬
‫الخُ ا ْلَنْ ُصور‬ ‫ ‬
‫ات َم َسا ْء‬ ‫أَ ْذ ُك ُر َها‪ ،‬ف ََذ َ‬ ‫ ‬
‫املنصور‪:‬‬
‫ال ْع َدا ْء‬ ‫َوأَنْ َت ِبِ ْص َر ِحي َن ِئ ٍذ َو َر َاء َم ْو ِق ِع ْ َ‬ ‫ ‬
‫ال ْغ َرا ْء‬ ‫َّي َو ْ ِ‬
‫ال ْذ َلنَ ِبال ْ َكف ْ َ‬ ‫َو ُك َّنا َن ْدف َُع ْ ِ‬ ‫ ‬
‫الو ِع َو ْ ِ‬
‫ال ْع َيا ْء‬ ‫ل ْر ِب ْ ُ‬ ‫ُول كَ َفى ِ َ‬ ‫وش ُك أَ ْن َنق َ‬ ‫َو ُن ِ‬ ‫ ‬
‫وء ٍة ِب َد َها ْء‬ ‫َوإِ ْذ ِب ُو َريْ َق ٍة ُم َصغ ََّر ٍة َم ْخ ُب َ‬ ‫ ‬
‫ تي ُء ِب َها إِلَيْ َنا ِم ْن لَ ُدنْ َك كَ ِرميَ َة ْ َ‬
‫النْ َبا ْء‬ ‫َِ‬
‫اب ُك ِّل َر َجا ْء‬ ‫الص ِغ َير ُة َب َ‬‫لَ َق ْد كَ ا َن ْت ِر َسالَ ُت َك َّ‬ ‫ ‬
‫َو َل َتنْ َس ْوا َف َق ْد َض َّح ْت ِب َأرْ َب َع ٍة ِم َن ْ َ‬
‫البْ َنا ْء‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫البيْ َضا ْء‬ ‫وب َوال َّزاو َِي ِة َ‬ ‫ق ََض ْوا ِف ا ْلَ ْر ِج َو ْ َ‬
‫ال ْغ ُب ِ‬ ‫ ‬
‫يجى ْء لِ ْلن؟‬ ‫ِ‬
‫ لَاذَا لَ ْم ِ‬
‫املنصور‪:‬‬
‫َم ْن؟‬ ‫ ‬ ‫َر ِ‬
‫اشد‪:‬‬
‫الس َلم‪.‬‬ ‫َعبْ ُد َّ‬ ‫ ‬
‫املنصور‪:‬‬
‫(ي َت َط َّل ُع ِف َس َاع ِت ِه) ْالنَ َس ْو َف َي ِجي ْء‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫َر ِ‬
‫اشد‪:‬‬
‫السو َدا ِني) ٍآه‪ُ ،‬ه َو ذَا!‬‫الس َلم ُّ‬ ‫(ي ْدخُ ُل َعبْ ُد َّ‬ ‫َ‬ ‫ ‬
‫وع َليْ َك َي ُاع َم ُر َّ‬
‫الس َلم‬ ‫ال ِمي ْع َ‬
‫الس َل ُم َع َلى ْ َ‬‫َّ‬ ‫عبدالسالم‪ :‬‬
‫‪86‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫َع َليْ َك َي َاعبْ َّ‬
‫دالس َلم‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫ِب َح ْم ِد اهلل قَا ِف َل ُة الْع َتا ِد أَ َت ْت‬ ‫عبدالسالم‪ :‬‬
‫وج َها ِف ِر ْح َل ِة َّ‬
‫الس ّلو ْم‬ ‫َوكَ انَ خُ ُر ُ‬ ‫ ‬
‫اط َرةً‪َ ،‬ف َق ْد َع ِل َم ال ْ َعدُّ و ِب َها‬
‫ُم َخ َ‬ ‫ ‬
‫اك َي ُحو ْم‬ ‫وس ًا ُه َن ْ‬‫اس َ‬ ‫ُت َرى َه ْل أَ َّن َج ُ‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫أَ ْم كَ ا َن ْت ُم َصا َدفَة؟‬ ‫ ‬
‫ال َبيا ِر‪َ ،‬ه ْل كَ ا َن ْت ُم َصا َدفَة؟‬ ‫َو ِف ْ ْ‬ ‫ ‬ ‫َر ِ‬
‫اشد‪:‬‬
‫الطرِيق َع َليْ َك َي ْو َم َر َج ْع َت َي ُاع َمر؟‬ ‫أَ َما ق ََط ُعوا َّ‬ ‫ ‬
‫أَلَ ْم َ ِت ِد ال ْ َع ُد َّو ُه َن ْ‬
‫اك َينْ َت ِظ ْر؟‬ ‫ ‬
‫أَ َما كَ ا َن ْت أَ َيا ِدي ِه ْم َت ُط ُ‬
‫ول إِلَيْ َك لَ ْو َل أَ َّن ُه ال ْ َق َدرْ؟‬ ‫ ‬
‫َّب الث َُّو َار أَ ْو ُم ْر َت ّد‬
‫ُه َنالِ َك َخا ِئ ٌن َي َت َعق ُ‬ ‫ ‬
‫املنصور‪:‬‬
‫ان ِبه‬ ‫َس َتلْ َح ُق ُه ِخ َيا َن ُت ُه َوإِ ْن َط َ‬
‫ال ال َّز َم ُ‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫َو َماذَا َب ْعد؟‬ ‫ ‬
‫َاج َأ َنا ال ْ َع ُد ُّو ِب َنا ِر ِه َّ‬
‫حتى لَ َق ْد ِك ْد َنا‬ ‫ف َ‬ ‫عبدالسالم‪ :‬‬
‫ِ‬
‫ولك َّنا َت َذ َّك ْر َنا‬ ‫ ‬
‫ث ََرى لِي ِب َيا ف ََعا َو ْد َنا‬ ‫ ‬
‫َو َج َّدد َنا َع َزا ِئ َم َنا َوشَ َّددنا‬ ‫ ‬
‫َع َليْ ِه ُم‪ُ ،‬ث ْم ق ََّربْ َنا َوأَبْ َع ْد َنا‬ ‫ ‬
‫آخ ُر ُه ْم‪َ ،‬ف َغا َدرْ َناهْ‬‫ات ِ‬ ‫إِلَى أَ ْن َم َ‬ ‫ ‬
‫ان الدُّ َجى َتنْ َعاهْ‬ ‫َو ِغ ْر َب ُ‬ ‫ ‬
‫اب ال ْ َك ْه ِف ُم َت َطلِّع ًا)‬ ‫(ي ِق ُف َع َلى َب ِ‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫َر ِ‬
‫اشد‪:‬‬
‫َت َل َّب َد ِت َّ‬
‫الس َما ُء‬ ‫ ‬
‫لِ َن ْس َت ِع ْد‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫‪87‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أَ َج ْل‬ ‫ ‬
‫املنصور‪:‬‬
‫لَ َديْ َنا كَ ْم ِم َن الف ُْر َس ِ‬
‫ان‬ ‫عبدالسالم ‪ :‬‬
‫مئة َوأَل ْ ُف ُم َجا ِه ْد‬
‫خمس ٍ‬ ‫ُ‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫َو َعدُّ و َنا؟‬ ‫عبدالسالم ‪ :‬‬
‫َح ْش ٌد ِب َل َع َد ْد‪ِ ،‬خ َل َف َم َدا ِف ِع ا ْلَيْ َدا ْن‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫َوكَ ْم َط َّي َارة؟‬ ‫عبدالسالم‪ :‬‬
‫ِم َئ َت ِ‬
‫ان غَ يْ َر َت َد ُّفقِ ا ْلَ َدد‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫ات َض ْخ َم ٍة‬ ‫و ِت ْس ُع ُم َصف ََّح ٍ‬ ‫ ‬
‫َو ْالنْ؟‬ ‫ ‬ ‫َر ِ‬
‫اشد‪:‬‬
‫عمر املختار‪َ :‬قلْ ُب ْ ُ‬
‫ال َّط ِة ا ْلَيْ َدا ْن‬
‫اشد‪:‬‬ ‫ال ِديث إِلَى َر ِ‬
‫ُي َو ِج ُه ْ َ‬
‫ِيق ْ َ‬
‫ال ْس َفلَ ا ْلُلْ َتف ِبال ْ َوا ِدي‬ ‫الطر َ‬ ‫َس َت َّت ِخ ُذ َّ‬ ‫ ‬
‫السو ْد‬
‫ال ُّ‬‫ال َب ِ‬
‫ي ِْ‬ ‫(لِلْ َمنْ ُصور) َو َت ْك ُم ُن أَنْ َت َما َب ْ َ‬ ‫ ‬
‫َح َتى إِ ْذ َه َج ْم ُت أَ َنا َع َلى أَ ْس َوا ِر َدرْ َنة‪ ،‬أَ ْط ِلقُوا ِّ‬
‫الن َيرا ْن‬ ‫ ‬
‫ات أَ ْخ َط ُر َما ُن َو ِ‬
‫اج ُهه‬ ‫َو َل َت ِقفُوا َف ِإ َّن َت َد ُفق ال َّن ْج َد ِ‬ ‫ ‬
‫ض املُلْ َت َقى ا َ‬
‫جل َب َل ْن‬ ‫ون أَرْ ُ‬ ‫َو َس ْو َف َي ُك ُ‬ ‫ ‬
‫فباس ِم اهلل‬
‫ْ‬ ‫ ‬
‫باس ِم اهلل‬ ‫ْ‬ ‫ ‬
‫اجلميع‪:‬‬
‫هيا أَ ُّي َها ْال ِْخ َوا ْن‬
‫َّ‬ ‫عمر املختار‪ :‬‬
‫ـم ُع أصــوات املعركة‬
‫(يختطفــون بنادقهــم ويخرجــون‪ ،‬عمــر يف املقدمــة‪ ،‬حــن يســود الظــام ُت ْسـ َ‬
‫تتالشى تدريجيا)‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫اخلصائص الفنية‪:‬‬
‫ـظ أن املســرحية تصــور جهــاد الشــعب الليبــي ضــد املســتعمرين‪ ،‬بتصويرهــا اللحظــات‬ ‫َتلْ َحـ ُ‬
‫األخيــرة جلهــاد أحــد رمــوزه (عمــر املختــار)‪ ،‬فهــي مــن نــوع املســرح الــذي يســتلهم التاريــخ يف‬
‫صــوغ أحداثــه‪ ،‬دون االلتــزام الكامــل باألحــداث والشــخصيات التاريخيــة‪ ،‬إذ يحــدث أن يضيــف‬
‫الكاتــب شــخصيات مــن صميــم خيالــه‪ ،‬وذلــك‪ ،‬مثــل شــخصية العجــوز العميــاء (أُ ُّم ســلمى)‪،‬‬
‫الــذي يذكرنــا حضورهــا بالشــاعرة العربيــة القدميــة «اخلنســاء» التــي استشــهد بنوهــا األربعــة يف‬
‫معركــة القادســية‪ ،‬كمــا استشــهد بنــو هــذه العجــوز يف جهادهــم ضــد املســتعمر اإليطالــي‪ ،‬كمــا‬
‫شــخصية البطــل ا ّلتــي ينــدر ظهورهــا علــى خشــبة املســرح‬
‫ّ‬ ‫تلحــظ أنّ الكاتــب ال يركّ ــز علــى‬
‫الشــعب نفســه‪ ،‬إذ يعمــد لتصويــر بعــض شــرائحه ا ّلتــي مت ّثــل‬‫لتفســح بذلــك املجــال إلبــراز جهــاد ّ‬
‫ـخصية العجــوز ا ّلتــي تصـ ّـر مــع ابنتهــا (ســلمى) رغــم كبــر س ـ ّنها وعاهتهــا علــى املشــاركة يف‬
‫شـ ّ‬
‫الشــاب ال ّثائــر (زهيــر) ا ّلذي‬
‫ـخصية ّ‬
‫حركــة اجلهــاد مبــا حتملــه مــن زاد ورســائل للمجاهديــن‪ ،‬ثـ ّـم شـ ّ‬
‫يصمــد لل ّتعذيــب بعــد أن قبضــوا عليــه‪ ،‬ويواصــل اجلهــاد ح ّتــى يشــهد مقتــل بطلــه وقائــده‪ ،‬ثـ ّـم‬
‫الســام)‪ ،‬ا ّلتــي مت ّثــل أعــوان البطــل‬
‫ـخصيات األخــرى املجاهــدة (راشــد‪ ،‬واملنصــور‪ ،‬وعبــد ّ‬ ‫الشـ ّ‬
‫والشيخ اإلمام واملص ّلون امللتفّون حوله‪.‬‬
‫وامللتفّني حوله‪ّ ،‬‬
‫شــخصية اجلنــرال اإليطالــي املتعجــرف (غرازيانــي) وجنــوده‬ ‫ّ‬ ‫وتأتــي يف اجلانــب املقابــل‬
‫ـلبية ا ّلتــي ترمــز للخيانــة بإعانتهــا املســتعمر علــى‬
‫السـ ّ‬
‫الوطنيــة ّ‬
‫ّ‬ ‫ـخصيات‬‫الشـ ّ‬ ‫وأعوانــه‪ ،‬وال تغيــب ّ‬
‫الداعيــة إلــى االســتكانة‬
‫الرجــل احلليــق‪ّ ،‬‬ ‫ـخصية ّ‬ ‫حتقيــق أطماعــه‪ ،‬وا ّلتــي مت ّثلهــا يف املسـ ّ‬
‫ـرحية شـ ّ‬
‫والذل‪ ،‬واخلنوع‪ ،‬واالستسالم وال ّتخاذل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ومــن حيــث البنيــة فاملالحــظ هــو غيــاب احلبكــة القصصيــة ا ّلتــي تتم ّثــل يف توالــي األحــداث‬
‫الصــور‬
‫ـرحية ومشــاهدها مجموعــة مــن ّ‬ ‫وتطورهــا ح ّتــى بلــوغ ال ّنهايــة‪ ،‬لتبــدو فصــول هــذه املسـ ّ‬
‫ّ‬
‫القــوة يف هــذه‬
‫قصــة ميكــن ســردها وحكايتهــا‪ ،‬ويبــدو ذلــك مــن مكامــن ّ‬ ‫احليــة املتآلفــة‪ ،‬ال ّ‬
‫ّ‬
‫ـرحية‪ ،‬ال نقطــة ضعــف فيهــا‪ ،‬ملــا يســتدعيه املوضــوع املعالــج مــن تنــوع‪ ،‬تصلــح لــه هــذه‬ ‫املسـ ّ‬
‫الطريقة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فصلنــا احلديــث عنهــا‬‫الشــعر ا ّلتــي ّ‬
‫ـرحية بعــد ذلــك لوحــة شــعر ّية تنتمــي إلــى أجنــاس ّ‬
‫واملسـ ّ‬
‫يف القســم ال ّنظــري مــن هــذا الكتــاب‪ ،‬علــى أنّ الكاتــب يحــرص فيهــا ‪-‬فيمــا يبــدو مــن هــذا‬
‫والطريقــة احلديثــة يف ال ّنظــم‪ ،‬أي‪:‬‬‫الطريقــة القدميــة ّ‬
‫املشــهد املعــروض هنــا‪ -‬علــى املزاوجــة بــن ّ‬
‫جتمع بني شعر البحر وشعر ال ّتفعيله‪ ،‬إذ نلحظ احلوار ا ّلذي يدور بني عمر املختار وأ ّم‬

‫‪89‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫سلمى منظوم ًا على بحر الوافر‪:‬‬
‫َيُدُّ إِلَيْ َك َيا ُع َم ُر ا ِ‬
‫حل َبا َال‬ ‫ـــــــاح‬
‫ٍ‬ ‫َص ُم َص‬ ‫بِ َر ِّب َك َال َت َن ْم ف ْ‬
‫َال ْ‬
‫إِ ْذ ًا َق َت ُلوا ْال َِرا َد َة َوال ِّن َضـــــا َال‪.‬‬ ‫وك َأ ْو َق َت ُل َ‬
‫وك‪َ ،‬ويْ ِحي‬ ‫َول َْو َأ َس ُر َ‬
‫فالوزن ا ّلذي يظهر يف هذين البيتني هو‪:‬‬
‫مفاعلنت مفاعلنت فعولن…مفاعلنت مفاعلنت فعولن‪.‬‬
‫ـن احلــوار يتحـ ّـول إثــر ذلــك إلــى شــعر التفعيلــة ا ّلتي هــي تفعيلــة الوافــر نفســها (مفاعلنت)‪،‬‬ ‫لكـ ّ‬
‫كما يف املقطع اآلتـــــــــــــــي‪:‬‬
‫ف ََجأ َنا الْ َع ُد ُّو بِ َنا ِر ِه َح َّتى َل َق ْد ِك ْد َنا‬
‫َول َِك َّنا َتذَ َّك ْر َنا‬
‫ث ََرى لِي ِب َيا ف ََعا َود َنا‬
‫َو َج َّد ْد َنا َع َزائِ َم َنا‬
‫َو َش َّد ْد َنا‬
‫َعلَيْ ِه ْم‪ُ ،‬ث َّم ق ََّربْ َنا َو َأبْ َع ْد َنا‬
‫ات ِ‬
‫آخ ُر ُه ْم َف َغا َد ْر َنا ُه‬ ‫إِلَى َأ ْن َم َ‬
‫َو ِغ ْر َبا ُن الدُّ َجى َتنْ َعا ُه‪.‬‬
‫واملالحــظ أنّ البيــت لــم ُيلتــزم فيــه بعــدد محـ ّـدد مــن ال ّتفعيــات‪ ،‬فقــد يتكـ ّـون البيــت مــن‬
‫أربــع تفعيــات كمــا هــو البيــت األ ّول‪ ،‬وقــد يتكـ ّـون مــن تفعيلتــن كمــا هــو يف ال ّثانــي‪ ،‬وال ّثالــث‪،‬‬
‫يتكون من تفعيلة واحدة كما هو يف اخلامس‪.‬‬ ‫والرابع‪ ،‬وقد ّ‬
‫ّ‬

‫‪90‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫املسرحية؟‬
‫ّ‬ ‫األدبية تنتمي هذه‬
‫ّ‬ ‫أي جنس من األجناس‬ ‫‪1.1‬إلى ّ‬
‫‪2.2‬ما املوضوع ا ّلذي عاجلته؟ وكيف متّت معاجلته‬
‫خصيات اآلتية‬
‫الش ّ‬ ‫كل من ّ‬ ‫‪3.3‬ما حقيقة األدوار ا ّلتي تؤ ّديها ّ‬
‫(ع َمر‪-‬أُ ُّم سلمى‪-‬املنصور‪-‬عبد ّ‬
‫السالم)؟‬ ‫ُ‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫ضد املستعمرين‪.‬‬
‫عمر املختار هو أحد أهم رموز البطولة يف نضالنا ّ‬
‫اكتب حتت هذا العنوان ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ال ّنثر‬
‫احلِ َكم واألمثال في األدب القدمي‬
‫قــد تبــن فيمــا ســبق مــن القســم األ ّول يف هــذا الكتــاب أن احلكــم واألمثــال هــي مقــوالت‬
‫ا بعــد جيل‪،‬‬ ‫تلخــص جتربــة صاحبهــا يف احليــاة‪ ،‬ثــم تظــل األجيــال تتناقلهــا جيـ ً‬‫موجــزة مكثفــة ّ‬
‫ا مبــا يف املواقــف املشــابهة للموقــف الــذي قيلت فيــه عندما أُنشــئت‬ ‫إميانـ ًا بصــدق مضمونهــا‪ ،‬ومتثـ ً‬
‫أ ّول مــرة‪ ،‬وقــد كان العــرب يف قدميهــم وحديثهــم مــن األمم التــي ُعرفــت ببالغــة أمثالهــا وحكمهــا‬
‫كمــا ُعرفــت باعتنائهــا بهــا وبجمعهــا ودراســتها‪ ،‬ثــم بكثــرة االستشــهاد بهــا يف خطبهــا ورســائلها‬
‫وأشعارها ويف قصصها وأساطيرها‪.‬‬
‫وبــن أيدينــا اآلن مجموعــة مــن احلكــم واألمثــال‪ ،‬اقتبســناها مــن كتــاب ( َم ْج َمــع ا َأل ْم َثــال)‬
‫للميداني‪.‬‬
‫وامليدانــي هــو‪ :‬أحمــد بــن محمــد بــن أحمــد بــن إبراهيــم امليدانــي‪ ،‬أبوالفضــل النيســابوري‪،‬‬
‫وامليــدان‪ :‬محلــة مــن محــال نيســابور كان يســكنها فنســب إليهــا‪ ،‬وهــو أديــب فاضــل‪ ،‬عالــم‪،‬‬
‫نحــوي‪ ،‬لغــوي‪ .‬تــويف يف رمضــان ســنة ثمانــي عشــرة وخمــس مئــة (‪518‬هـــ) ليلــة القــدر‪ ،‬ولــه‬
‫مــن املؤلفــات كتــاب (مجمــع األمثــال)‪ ،‬وكتــاب (الســامي يف األســامي)‪ ،‬وكتــاب (األمنــوذج يف‬
‫النحو)‪ ،‬وكتاب (الهادي للشادي)‪.‬‬
‫احلكم واألمثال‪:‬‬
‫تقــدمي‪ :‬احلكمــة يف األصــل مأخــوذة مــن أحكمــت األمــر؛ أي وثقتــه وقويتــه‪ ،‬أمــا املثــل فهــو‬
‫مأخوذ من املماثلة‪ ،‬وهي املطابقة بني األمرين‪ ،‬أو الشيئني يف بعض األوجه‪.‬‬
‫واإلحلاح‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املواظبة‬ ‫‪ -‬أَ ْو َلى األمور بالنجاح‬
‫للحث على املداومة‪ ،‬فإنّ فيها النجاح والظفر باملراد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تقال‬
‫‪َ -‬ز َّل ُة اللسان ال ُ‬
‫تقال‪.‬‬
‫ُتقــال للتحذيــر مــن هفــوات اللســان وكثــرة التحــدث فيمــا ال يفيــد‪ ،‬فمــا أكثــر مــا يــورد‬
‫اللسان صاحبه موارد الهلكة‪.‬‬
‫بؤس ونعيم زائل‪.‬‬ ‫‪ُّ -‬‬
‫كل ٍ‬
‫النعم واالغترار بها‪ ،‬وللتهوين من املصائب ا ّلتي‬
‫ُي َت َمثَّل بها للتحذير من الركون إلى ِّ‬
‫‪92‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫شر يدوم يف هذه احلياة‪.‬‬
‫قد حتل باملرء‪ ،‬فإنه ال خير وال ّ‬
‫ِّ‬
‫الكف أمانٌ من الفقر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الصناعة يف‬ ‫‪-‬‬
‫يف هــذه احلكمــة حـ ٌّ‬
‫ـث للنــشء علــى تعلــم الصناعــات التــي تفيدهــم يف مســتقبل حياتهــم‪،‬‬
‫شر احلاجة‪ ،‬وآمنته من الفقر‪.‬‬ ‫فمن تع ّلم حرفة نال بها رزقه‪ ،‬وكفته َّ‬
‫الق ْدر يتح ّرك‪.‬‬
‫‪َ -‬ح ِّرك ِ‬
‫ـث علــى الســفر‪ ،‬وذلــك أنــه ينبغــي علــى العاقــل أ ْن ال ينــام عــن رزقــه‪ ،‬أو‬
‫ُيضْ ـ َـر ُب يف احلـ ّ‬
‫على الضيم الذي يلحقه‪ ،‬وينتظر أ ْن يسعى له القدر يف ذلك دون أ ْن يسعى هو‪.‬‬
‫أَبلغُ من ُق ّس‪.‬‬
‫ـس بــن ســاعدة اإليــادي‪ ،‬كان مــن حكمــاء العــرب‪ ،‬وأعقــل مــن ُســمع بــه منهــم‪ ،‬وهــو‬ ‫هــو قـ ّ‬
‫أ ّول مــن كتــب «مــن فــان إلــى فــان»‪ ،‬وأول مــن قــال «أمــا بعــد» وأول مــن قــال «البينــة علــى‬
‫من ادعى واليمني على من أنكر»‪.‬‬
‫وح َّج اجلمل‪.‬‬
‫أنفقت مالي َ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫قالَه رجل فسد عليه حجه‪ ،‬وهو ُيضْ َر ُب للمرء‪ ،‬ينفق على األمر فيستفيد منه غيره‪.‬‬
‫بقليل أنفعك بكثير‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫برج ِل َ‬
‫ك َغد ًا‪.‬أي‪ :‬انفعني‬ ‫‪ُ -‬خ ْد بيدي ال َيوم ُ‬
‫آخذ ْ‬
‫بارقة جتود مبائها‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ -‬ما ُك ُّل‬
‫يضــرب للرجــل يكــون ذا مــال‪ ،‬أو علــم‪ ،‬أو نحــو ذلــك‪ ،‬مــن وجــوه اخليــر‪ ،‬ثــم ال يســتفيد‬
‫منه من حوله‪ ،‬والبارقة هي السحابة ا ّلتي يكون فيها البرق ّ‬
‫والرعد‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ويؤخ ُر أخرى‪.‬‬ ‫‪ُ -‬يق َِّد ُم ِر ْج ًال‬
‫ُيضْ َر ُب ملن يتر ّدد يف أمره‪.‬‬
‫اخلصائص الفن ّية‪:‬‬
‫ُنالحــظ ِق ْصـ َـر هــذه األقــوال وتكثيفهــا‪ ،‬وداللتهــا علــى املعانــي الكثيــرة العميقــة‪ ،‬وهــذا مــن‬
‫أهــم شــروط املثــل واحلكمــة وســماتهما‪ ،‬التــي أدت إلــى ســهولة التمثــل باملقــوالت املنتميــة‬
‫إليهمــا وتداولهــا بــن النــاس‪ ،‬كمــا ُنالحــظ أنهــا تظهــر يف أشــكال متنوعــة‪ ،‬إذ تختلــف يف طريقــة‬
‫عرضهــا للفكــرة‪ ،‬كمــا تختلــف يف طريقــة تعبيرهــا عــن املوقــف الــذي قيلــت فيــه‪ ،‬علــى أنّ‬
‫املالحظ أيض ًا يف هذه احلكم واألمثال هو انتماؤها إلى العصر الذي قيلت فيه‪ ،‬وتأثرها‬
‫‪93‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أدل على ذلك من تردد األسماء التاريخية القدمية‪.‬‬ ‫بالثقافة التي هي وليدتها‪ ،‬وال ّ‬
‫ـن فيمــا تقـ ّـدم أن احلكــم واألمثــال توشــك أ ّال تكــون أجناسـ ًا أدبيــة مســتقلة نالحــظ هنــا‬ ‫تبـ ّ‬
‫انتمــاء بعضهــا ‪-‬وهــو األغلــب‪ -‬إلــى النثــر‪ ،‬كمــا نالحــظ انتمــاء بعضهــا إلــى الشــعر؛ ممــا بــدا‬
‫أنــه شــطر مــن بيــت مــن الشــعر‪ ،‬وذلــك مثلمــا هــو األمــر يف هــذه احلكمــة‪ُّ :‬‬
‫«كل ُبـ ْؤ ٍس و َنعيـ ٍـم‬
‫كل َبا ِرق ٍَة َ ُتو ُد مبا ِئ َها»‪.‬‬
‫َزا ِئ ٌل»‪ّ ،‬ثم يف هذا املثل‪« :‬ما ُّ‬

‫‪94‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫‬‬‬‬‬
‫بينهما؟‬ ‫‪1.1‬ما ا ّلذي يجمع بني املثل واحلكمة؟ وما ا ّلذي ّمييز‬
‫الشــعر‪ ،‬وبعضهــا إلــى جنــس ال ّنثــر‪ ،‬فكيف‬
‫‪2.2‬بعــض احلكــم واألمثــال ينتمــي إلــى جنــس ّ‬
‫ّمتيز بني ال ّنوعني؟‬
‫‪3.3‬مبساعدة معلمك أجمع بعض احلكم العربية واألمثال وبني أصلها ومضاربها‪.‬‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫ـب موضوعـ ًا‬
‫ـث عــن صاحــب ال ّنــص‪ :‬أحمــد بــن محمــد امليدانــي (ت ‪518‬هــــ)‪ ،‬واكتـ ْ‬
‫ابحـ ْ‬
‫عن كتابه «مجمع األمثال»‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫اخلطابـــــــــة‬
‫يعــد هــذا اجلنــس مــن أكثــر األجنــاس النثريــة ًّ‬
‫حظــا مــن اعتنــاء األمم؛ لكونــه مــن أجنــح أدوات‬
‫التواصــل فيمــا بــن أفرادهــا وطوائفهــا وشــرائحها املختلفــة‪ ،‬ثــم لكونــه مــن أهــم وســائل اإلقنــاع‬
‫واستثارة احلماسة‪ ،‬إذا تعلق األمر بالدفاع عن األمة وبناء حضارتها وأمجادها‪.‬‬
‫كمــا ُي َعــدُّ مــن أكثرهــا تأ ّثــر ًا بالبيئــة والعصــر‪ ،‬إذ تختلــف املوضوعــات ا ّلتــي يتناولهــا مــن عصــر‬
‫إلــى عصــر‪ ،‬ومــن بيئــة إلــى بيئــة‪ ،‬كمــا تختلــف أســاليبه وطرائــق تناولــه لتلــك املوضوعــات‬
‫للسبب نفسه‪.‬‬
‫خطبة عمر بن عبدالعزيز‬
‫ّص‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫خطب عمر بن عبدالعزيز عند توليه اخلالفة فقال‪:‬‬
‫أ ُّيهــا ال ّنــاس‪ ،‬إِ ّنــي قــد ابتليــت بهــذا األمــر مــن غيــر رغبــة منــي‪ ،‬وال مشــورة كانــت مــن‬
‫املسلمني‪ ،‬وإ ّني قد خلعت ما يف أعناقكم من بيعتي فاختاروا ألنفسكم‪...‬‬
‫وصيكــم بتقــوى اهلل‪ ،‬فــإن تقــوى اهلل خلــف مــن كل شــيء‪ ،‬وليــس مــن تقــوى‬ ‫أيهــا ال ّنــاس أُ ِ‬
‫اهلل عــز وجــل َخ َلــف‪ ،‬واعملــوا آلخرتكــم‪ ،‬فــإن مــن عمــل آلخرتــه كفــاه اهلل تعالــى أمــر دنيــاه‪،‬‬
‫وأصلحــوا ســرائركم ُيصلــح اهلل الكــرمي عالنيتكــم‪ ،‬وأكثــروا مــن ذكــر املــوت‪ ،‬وأحســنوا االســتعداد‬
‫قبل أ ْن ينزل بكم هاد ُم ا ّللذات‪.1‬‬
‫نبيهــا ص َّلــى اهلل عليــه وســلم‪ ،‬وال يف‬
‫ـل‪ ،‬وال يف ّ‬‫وإن هــذه ا ُأل َّمــة لــم تختلــف يف ربهــا عـ ّز وجـ ّ‬
‫َّ‬
‫كتابهــا‪ ،‬وإمنــا اختلفــوا يف الدينــار والدرهــم‪ ،‬وإ ّنــي واهلل ال أعطــي أحــد ًا باطـ ً‬
‫ا‪ ،‬وال أمنــع أحــد ًا‬
‫حق ًا‪ ،‬وإ ّني لست بخازن‪ ،‬ولكني أضع حيث أُ ِم ْر ُت‪.2‬‬
‫أيهــا ال ّنــاس‪ ،‬إنــه كان قبلــي أنــاس جتتـ ّـرون‪ 3‬مودتهــم بــأن تدفعــوا بذلــك ظلمهــم عنكــم‪ ،‬أ َال‬
‫َال طاعــة ملخلــوق يف معصيــة اخلالــق‪ ،‬فمــن أطــاع اهلل وجبــت طاعتــه‪ ،‬ومــن عصــى اهلل فــا طاعــة‬
‫لــه‪ ،‬أطيعونــي مــا أطعــت اهلل فيكــم‪ ،‬فــإذا عصيــت اهلل فــا طاعــة لــي عليكــم‪ ،‬أقــول قولــي هــذا‬
‫وأستغفر اهلل العظيم لي ولكم»‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪96‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املعجم اللغوي‪:‬‬
‫‪1.1‬هادم ال ّلذات‪ :‬املوت‪.‬‬
‫‪2.2‬أي أني أنفق األموال فيما أَ َم َر به اهلل تعالى‪.‬‬
‫جتترون‪ :‬تكثرون التم ُّلق لهم وتظهرون لهم املو ّدة‪.‬‬ ‫‪ّ 3.3‬‬

‫‪97‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫خطبة عبدالله ال ّندمي‬
‫ّص‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫خطــب عبــداهلل النــدمي يف بنــي أمتــه يحثهــم علــى العلــم والعمــل‪ ،‬وعــدم الركــون إلــى‬
‫الشــرق‪ ،‬أيــن أحالمكــم العظيمــة وذكاؤكــم البديــع؟ كفاكــم مــن‬ ‫األجنبــي‪ ،‬فقــال‪ :‬يــا َب ِنــي ّ‬
‫ـد ال ِّثقــة فيكــم‪ ،‬وعــدم الركــون إليكــم يف أعمــال وطنكــم‪ ،‬كفاكــم مــا رميتــم بــه علــى‬‫العــار فقـ ُ‬
‫ألسنة اجلرائد اإلفرجنية وبعض الوطنية من ُبعدكم عن مدارك العلوم والصناعة واإلدارة‪.‬‬
‫كفاكــم أنّ أشــغالكم وأمتعتكــم وأثاثكــم يقدمهــا إليكــم الغربــي‪ ،‬ويســتنزف بهــا ثــروة بالدكــم‬
‫وأنتم ال تشعرون‪.‬‬
‫كفاكــم أ َّنكــم ال تتوصلــون إلــى العلــوم الصناعيــة َ‬
‫والرياضيــة إال بتعاليــم األجنبــي وأنتــم‬
‫غافلون‪.‬‬
‫وتكــدرت أفكاركــم وصــرمت ال‬
‫ّ‬ ‫كفاكــم أ َّنكــم ا َّتبعتــم اخلرافــات حتــى فســدت أخالقكــم‪،‬‬
‫تصلحون إلدارة أموركم‪.‬‬
‫كفاكــم أ َّنكــم ِصـ ْـرمت يف البيــوت املتهدمــة‪ ،‬واحلــارات القــذرة‪ ،‬وال يســكن القصــور‪ ،‬ويتمتــع‬
‫بنز َهة البساتني إال َم ْن َع ُظ َم مبا لديكم وأنتم نائمون‪ ،‬تتأملون من الفقر وأنتم له جالبون‪.‬‬
‫اخلصائص الفنية‪:‬‬
‫اخلطبتــان موجهتــان إلــى اجلماعــة‪ ،‬أو إلــى الشــعب‪ ،‬أو إلــى األمــة‪ ،‬يف أمــر يتصــل بشــؤونها‬
‫الدينيــة‪ ،‬أو السياســية‪ ،‬أو االجتماعيــة‪ ،‬ولذلــك جندهــا مبتدئــة بصيغــة مــن صيــغ النــداء‬
‫الشــرق‪ ،‬كمــا تتفــق يف أنهــا تهــدف إلــى اإلقنــاع عــن طريــق‬ ‫ياب ِنــي ّ‬
‫اجلماعــي‪ :‬أيهــا النــاس‪َ ،‬‬
‫اســتثارة العواطــف‪ ،‬واســتنهاض الهمــم بالتركيــز علــى مــا يهــم هــذه اجلماعــة أو تلــك‪ ،‬ثــم‬
‫باعتمــاد األســاليب البالغيــة التــي تعــن علــى ذلــك‪ ،‬كالتأكيــد عــن طريــق األدوات املعروفــة‪ ،‬أو‬
‫عــن طريــق التكــرار‪ ،‬وكاالســتدالل مبــا يؤثــر يف قلــوب املســتمعني عــادة‪ ،‬مــن نصــوص دينيــة‬
‫وأقــوال مأثــورة‪ ،‬لكنهــا تختلــف يف أســلوبها (أو يف طريقــة صياغتهــا ملــا تطرحــه مــن أفــكار‪ ،‬ومــا‬
‫تتناوله من موضوعات)؛ الختالف العصور التي ظهرت فيها واملوضوعات التي تتناولها‪.‬‬
‫وهكــذا إذ تقتــرب اخلطبــة األولــى مــن عصــر الســليقة والفصاحــة املبنيــة علــى اإليجــاز‪،‬‬
‫حيــث جندهــا تتســم بتكثيــف العبــارة‪ ،‬ومتيــل إلــى التركيــز‪ ،‬علــى أنهــا تقــدم مجموعــة مــن‬
‫املواعظ املتصلة بالتقوى والصالح‪ ،‬ثم بالعالقة فيما بني احلاكم والرعية‪ ،‬تلك العالقة‬
‫‪98‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫التــي يؤكــد عمــر أنّ أساســها طاعــة اهلل وتقــواه‪ ،‬وأن تذكــر املــوت هــو مــن أســس هــذه الطاعــة‬
‫وهذه التقوى‪.‬‬
‫وأ َّمــا اخلطبــة الثانيــة فهــي تختلــف عــن األولــى يف ميلهــا إلــى اإلطنــاب والتكــرار‪ ،‬والشــرح‬
‫والتفصيــل‪ ،‬إذ تقتضــي املســألة ذلــك‪ ،‬وهــي تلــك املســألة احلضاريــة التــي تتعلــق بتخلــف أبنــاء‬
‫الشــرق وتعلقهــم بالغــرب‪ ،‬والتــي يلــح «ابــن النــدمي» علــى أبنــاء الشــرق يف أ ْن يعيــدوا فيهــا النظر‪،‬‬
‫مركــز ًا علــى لفــت انتباههــم إلــى مظاهــر ذلــك التخلــف؛ مــن فقــر وقــذارة وكســل وخمــول‪،‬‬
‫واعتمــاد علــى مــا ينتجــه الغــرب‪ ،‬ويبــدو ذلــك اإلحلــاح يف اســتفتاح اخلطبــة بهــذا االســتفهام‬
‫التحريضــي‪« :‬أيــن أحالمكــم العظيمــة وذكاؤكــم البديــع؟» ثــم يف هــذه الفقــرات التــي يســتفتح‬
‫كل واحدة منها بكلمة‪« :‬كفاكم»‪ ،‬ذلك إلى جانب َّأن اخلطبتني تعتمدان أسلوب ّ‬
‫الترسل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪99‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫حظا من اعتناء األمم؟‬ ‫‪1.1‬ملاذا ُي َعدُّ جنس اخلطابة من أكثر األجناس ال ّنثرية ًّ‬
‫‪2.2‬ما وسائل اإلقناع ا ّلتي اعتمدتها اخلطبتان؟‬
‫الســامعني‪،‬‬ ‫‪3.3‬يبــدو ال ّتكــرار أحيانـ ًا مــن وســائل اإلقنــاع ا ّلتي يلجــأ إليها اخلطيب الســتمالة ّ‬
‫فأين جتد ذلك يف اخلطبتني‪.‬‬
‫ـف)‪َ ( ،‬ت َت َأ َّلُــونَ‬ ‫ـس ِمـ ْ‬
‫ـن َت ْقـ َـوى اهلل َعـ َّز َو َجـ َّ‬
‫ـل َخ َلـ ٌ‬ ‫‪4.4‬ع ّلــق علــى معانــي العبــارات اآلتيــة‪( :‬ولَيْـ َ‬
‫ِم َن ال ْ َف ْق ِر وأَنْ ُت ْم لَ ُه َجالِ ُبون)‪.‬‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫اكتــب موضوعـ ًا إنشـ ًّ‬
‫ـائيا تخاطــب فيــه زمــاءك‪ ،‬حتثهــم علــى االبتعــاد عــن التقليــد األعمــى‬
‫للغرب‪.‬‬
‫ابحث عن خطيب الثورة العرابية (عبداهلل بن الندمي)‪ ،‬واكتب طرف ًا من سيرته‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الوصية في األدب القدمي‬
‫ّ‬
‫ُأ ٌّم توصي ابنها‬
‫الوصيــة جنــس أدبــي قــدمي‪ ،‬اهتــم بــه القدمــاء لكونــه إحــدى الســبل التــي يتخذونهــا حلمــل‬
‫أبنائهــم وأحفادهــم واألجيــال التــي تأتــي مــن بعدهــم علــى مــا يؤمنــون بــه مــن ُمثــل‪ ،‬ومــا‬
‫يعتقدونه من مبادئ‪ ،‬وما يحملونه من أفكار‪.‬‬
‫ولئــن كان هــذا اجلنــس األدبــي قــد اضمحــل وتالشــى يف هــذا العصــر فــإن قبســات منــه لــم‬
‫تــزل باقيــة ُت َذ ِّكـ ُـر النــشء بالقيــم التــي كان يؤمــن بهــا أجدادهــم‪ ،‬وتدعوهــم إلــى الســير عليهــا؛‬
‫لكونها أحد املشاعل التي تنير لهم طريق املستقبل‪.‬‬
‫وهــذه وصيــة مــن أُ ّم البنهــا وقــد أراد الســفر حتثــه فيهــا علــى حســن اخللــق والتمســك بالديــن‬
‫وكرم املعاملة‪.‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫الوصيـ َة أجــدى عليــك‪ 1‬مــن كثيــر‬ ‫ّ‬ ‫ـك وصيتــي‪ ،‬وبــاهلل توفيقــك‪ ،‬فـ َّ‬
‫ـإن‬ ‫ـس أمنحـ َ‬ ‫ـي‪ ،‬اجلـ ْ‬ ‫أي ُب َنـ َّ‬
‫ْ‬
‫عقلك‪.‬‬
‫ـي‪ ،‬إيــاك وال َّنميمــة‪ ،‬فإنهــا تــزرع الضغينــة‪ ،2‬وتفــرق بــن احملبــن‪ ،‬وإيــاك والتعــرض‬ ‫أَ ْي ُب َنـ َّ‬
‫الســهام‪ ،‬وقلمــا اعتــورت‬ ‫ـق‪ 4‬أ ْن ال يثبــت الغــرض علــى كثــرة ِّ‬ ‫ـذ غرض ـ ًا‪ ،3‬وخليـ ٌ‬ ‫للعيــوب َف ُت َّتخـ َ‬
‫ـي‪ 6‬مــا اشــتد مــن قوتــه‪ ،‬وإيــاك واجلــود بدينــك والبخــل‬ ‫الســهام غرضــا إال كَ َّل َمتْـ ُه‪ ،5‬حتــى َي ِهـ َ‬ ‫ِّ‬
‫مبالك‪.‬‬
‫ـن لهزتــك‪ ،‬وال تهــزز اللئيــم فإنــه صخــرة ال ينفجــر ماؤهــا‪ ،‬و َم ِّثـ ْ‬
‫ـل‬ ‫وإذا هــززت‪ 7‬فا ْهـ ُززْ كرميــا َي ِلـ ْ‬
‫لنفســك‪ 8‬مثــال مــا استحســنت مــن غيــرك فاعمــل بــه‪ ،‬ومــا اســتقبحت مــن غيــرك فاجتنبــه‪،‬‬
‫فإن املرء ال يرى عيب نفسه‪.‬‬
‫ـت مودتــه بشــره‪ ،9‬وخالــف ذلــك منــه فعلــه‪ ،‬كان صديقــه منــه علــى مثــل الريــح‬ ‫ـن كَ انـ ْ‬
‫و َمـ ْ‬
‫يف تصرفهــا‪ 10‬والغــدر أقبــح مــا تعامــل بــه النــاس بينهــم‪ ،‬ومــن جمــع ا ِ‬
‫حللْــم والســخاء فقــد أجــاد‬
‫حل َّلة ريطت َها ِ‬
‫وس ْربالَها‪.11‬‬ ‫ا ُ‬

‫‪101‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫املعجم اللغوي‪:‬‬
‫‪1.1‬أجدى عليك‪ :‬أنفع لك‪.‬‬
‫‪2.2‬الضغينة‪ :‬احلقد والكراهية‪.‬‬
‫‪3.3‬الغرض‪ :‬الهدف‪.‬‬
‫خليق‪ :‬جدير‪.‬‬‫‪ٌ 4.4‬‬
‫‪5.5‬ك َّل َمتْ ُه‪ :‬جرحته‪.‬‬
‫‪َ 6.6‬ي ِهي‪ :‬يضعف‪.‬‬
‫ـززت املـ َـرء‪ :‬طلبــت منــه مــا ًال أو معونــة‪ ،‬اســتعارة مكنيــة أصلهــا تشــبيه املــرء الــذي‬
‫‪7.7‬هـ ُ‬
‫تطلب منه حاجتك بالشجرة التي تهزها طلب ًا لثمارها‪.‬‬
‫‪َ 8.8‬م ِّث ْل لنفسك الشيء‪ ،‬أو األمر‪ :‬اجعله نصب عينيك‪ ،‬وتذكره دائم ًا‪.‬‬
‫ـن تــودد للنــاس بابتســامة وطالقــة وجهــه فقــط مــن دون أن‬ ‫‪9.9‬ومــن كانــت مودتــه بشــره‪َ :‬مـ ْ‬
‫كالريح يف تصرفها‪.‬‬ ‫ال حقيقي ًا كان ّ‬ ‫يكون الو ّد منه عم ً‬
‫‪1010‬أي‪ :‬من لم يجد صديق ًا يصادقه‪ ،‬وإذا صادق أمر ًا سرعان ما يتركه‪.‬‬
‫والســربال هــو‬ ‫‪1111‬ا ُ‬
‫حل َّلــة اللبــاس‪ّ ،‬‬
‫والريطــة جــزء منــه‪ ،‬وهــي الـ ِّـرداء الــذي يلتــف بــه املــرء‪ِّ ،‬‬
‫حللْــم والســخاء يشــبهان اللبــاس املتكامــل املتكــون مــن‬ ‫الثــوب الطويــل‪ ،‬واملعنــى‪َّ :‬إن ا ِ‬
‫والسربال‪ ،‬ومن اتصف بهما معا كان كَ َم ْن أحسن اللباس‪.‬‬ ‫الريْطة ِّ‬ ‫َّ‬
‫املعنى اإلجمالي‪:‬‬
‫الوصيــة مرتبطــة لــدى العــرب بوقــوع الفــراق مهمــا كان شــكله‪ ،‬ذلــك الفــراق ا ّلــذي‬ ‫ّ‬ ‫تبــدو‬
‫الســيرة احلســنة وحســن اخللــق‬ ‫والعربيــة إلــى أن يوصيــا أبناءهمــا مبــا يضمــن لهــم ّ‬‫ّ‬ ‫ـي‬
‫يدعــو العربـ ّ‬
‫مســك باملبــادئ والقيــم ا ّلتــي ألفوها‪،‬‬ ‫ا صاحلـ ًا قــادر ًا علــى ال ّت ّ‬
‫بــن ال ّنــاس‪ ،‬ومبــا يجعــل منهــم جيـ ً‬
‫الوصيــة بالفــراق مــا يوحــي أيضـ ًا بحــرص املوصــي علــى ذلــك ال ّتواصــل املعنـ ّ‬
‫ـوي‬ ‫ّ‬ ‫ولعــل يف ارتبــاط‬
‫الســير علــى املنهــج الواحــد ويف العيــش‬ ‫ـدي‪ ،‬ذلــك ال ّتواصــل املتح ّقــق يف ّ‬ ‫رغــم االفتــراق اجلسـ ّ‬
‫علــى املُ ُثــل والقيــم الواحــدة ا ّلتــي يؤمــن بهــا اآلبــاء‪ ،‬ويحرصــون علــى أن يرثهــا عنهــم األبنــاء‬
‫حتملها‪.‬‬
‫ويشاركونهم يف ّ‬
‫وصيتهــا مــا ُيســعف ابنهــا إذا مــا غــاب عنــه‬ ‫األعرابيــة احلكيمــة تــرى يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫َع َلــى أنّ هــذه‬
‫يدل عليه قولها‪َ « :‬ف ِإ َّن ال ْ َو ِص َّي َة أَ ْج َدى‬‫العقل‪ ،‬وعجز عن ال ّتفكير وأعيته احليلة‪ ،‬وهو ما ّ‬

‫‪102‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـدل عليــه أســاليب ال ّتحذيــر هــذه ا ّلتــي حرصــت علــى أن‬ ‫ـك»‪ ،‬كمــا تـ ّ‬ ‫ـن كَ ِثيـ ِر َع ْق ِلـ َ‬‫ـك ِمـ ْ‬ ‫َع َليْـ َ‬
‫الض ِغي َنة‪،‬‬ ‫ـاك وال َّن ِم َ‬
‫يمـةَ‪ ،‬ف ِإ َّنهــا َتـ ْز َر ُع َّ‬ ‫وصيتهــا‪« :‬إِ َّيـ َ‬ ‫تصـ ّـدر بهــا بعــض عبــارات الفقــرة األولــى مــن ّ‬
‫ـك»‪ .‬مــع‬ ‫ـاك ْ ُ‬
‫والــو َد ِب ِدي ِنـ َ‬ ‫رضــا» «وإ َّيـ َ‬ ‫ـذ غَ ً‬ ‫ض لِلْ ُع ُيـ ِ‬
‫ـوب َف ُت َّت َخـ ُ‬ ‫املِ ِّبـ َـن» «وِإ َّيـ َ‬
‫ـاك وال َّت َعـ ُّـر َ‬ ‫ـن ُ‬ ‫و ُت َفـ ِّـر ُق َبـ ْ َ‬
‫كل حتذيــر علــى ذكــر العواقــب املتر ّتبــة علــى عــدم األخــذ بــه‪ ،‬إ ّال ال ّتحذيــر مــن‬ ‫حرصهــا إثــر ّ‬
‫بالديــن والبخــل باملــال‪ ،‬فــإنّ عواقــب عــدم األخــذ بهمــا تبــدو أكبــر مــن أن ُتذكــر‪ ،‬وال‬ ‫اجلــود ّ‬
‫ـك يف أنّ صــورة األمومــة باديــة يف هــذه ال ّتحذيــرات ا ّلتــي تذكّ ــرك بتلــك ال ّتحذيــرات ا ّلتــي‬ ‫شـ ّ‬
‫يضره‪.‬‬‫الصغير خوف ًا عليه من ارتكاب ما ّ‬ ‫ترعى بها األ ّم وليدها ّ‬
‫عمــا يقابلهــا‪:‬‬ ‫إيجابيــة مردفــةً بال ّنهــي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ ّمــا الفقــرة ال ّثانيــة فقــد بــدت علــى شــكل نصائــح‬
‫اس َت ْح َسـنْ َت‬ ‫ـال مــا ْ‬ ‫ـك ِم َثـ َ‬ ‫ـل لِ َنف ِْسـ َ‬‫ـم‪ ،»...‬ثـ ّـم‪َ « :‬م ِّثـ ْ‬ ‫«وإِذَا َهـ َززْ َت فَا ْهـ ُزرْ كَ رِميـ ًا‪َ ...‬و َال َت ْهـ ُز ِز ال َّل ِئيـ َ‬
‫َاج َت ِنبْ ُه»‪.‬‬‫اس َتق َْب ْح َت ِم ْن غَ يْر َِك ف ْ‬ ‫ِم ْن غَ يْر َِك فَا ْع َم ْل ِب ِه‪ ،‬و َما ْ‬
‫ـن»‬ ‫الشــرط « َمـ ْ‬ ‫ـرطية صـ ّـدرت عباراتهــا بــأداة ّ‬ ‫وأ ّمــا الفقــرة ال ّثالثــة فقــد جعلــت منهــا حكمـ ًا شـ ّ‬
‫العمومية‪ ،‬وجتعل منها نصائح غير مباشرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ا ّلتي متنحها صفة‬
‫ـوي املباشــر‪ ،‬وال ّنصائــح اخلفيفة‬ ‫وصيتهــا البنهــا بــن ال ّتحذيــر القـ ّ‬ ‫وهكــذا جمعــت هــذه األ ّم يف ّ‬
‫حل َكم العا ّمة؛ رغبةً يف ال ّتنويع ودفع ًا للملل‪.‬‬ ‫املترفّقة‪ّ ،‬ثم ا ِ‬
‫البيانيــة البديعــة املتم ّثلــة يف ال ّتشــبيه‬ ‫ّ‬ ‫القيمــة مــن الصــور‬ ‫ذلــك مــع مــا تبــرز فيــه هــذه الوصايــا ّ‬
‫صر ِف َهــا»‪ ،‬وقولهــا‪« :‬إِ َّنــه َص ْخـ َـر ٌة َال‬ ‫ـح ِف َت ُّ‬ ‫الريـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البــادي يف قولهــا‪« :‬كَ انَ َصدي ُق ـ ُه منْ ـ ُه َع َلــى مثْــلِ ِّ‬
‫الض ِغي َن ـةَ»‪ ،‬ويف قولهــا‪« :‬اه ـ ُزرْ‬ ‫َينْ َف ِجـ ُـر َما ُؤ َهــا»‪ُ ،‬ثـ ّـم االســتعارة الباديــة يف قولهــا‪َ « :‬ف ِإ َّن َهــا َت ـ ْز َر ُع َّ‬
‫وس ْربالها»‪.‬‬ ‫حل َّلة َريْ َط َتها ِ‬ ‫والس َخاء َف َق ْد أَ َجا َد ا ُ‬ ‫حللْ َم َّ‬ ‫كَ ِر ًميا»‪ ،‬وقولها‪َ « :‬م ْن َج َم َع ا ِ‬
‫اخلصائص الفن ّية‪:‬‬
‫رســل؛ خللـ ّـوه مــن ا ّتفــاق نهايــات اجلمــل‬
‫الوصيــة إلــى أســلوب ال ّت ّ‬
‫ّ‬ ‫ـظ انتمــاء أســلوب هــذه‬‫ُيلْ َحـ ُ‬
‫البديعيــة األخــرى؛ وذلــك النتمائــه إلــى بدايــات العصــر‬‫ّ‬ ‫احملســنات‬
‫والعبــارات‪ ،‬ثـ ّـم خللـ ّـوه مــن ّ‬
‫اسي ال ّثاني‪.‬‬
‫العب ّ‬ ‫السجع كما شاع يف العصر ّ‬ ‫اسي ا ّلذي لم يشع فيه أسلوب ّ‬ ‫العب ّ‬ ‫ّ‬
‫الوصيــة دائمــ ًا‪ -‬تكثيــف العبــارة‪ ،‬وعــدم اإلطالــة‪،‬‬‫ّ‬ ‫كمــا يالحــظ فيهــا ‪ -‬كمــا هــو شــأن‬
‫الشــذوذ والغرابــة‪ ،‬مــع ّ‬
‫تفــكك‬ ‫واملفــردات اجلزلــة القو ّيــة‪ ،‬وال ّتعابيــر الواضحــة اخلاليــة مــن ّ‬
‫ـث علــى مــكارم‬‫العبــارات وتناولهــا موضوعــات مختلفــةً ال ترتبــط بينهــا رابطــة ســوى أ ّنهــا حتـ ّ‬
‫الوصيــة‬
‫ّ‬ ‫الطريقــة ا ّلتــي ُعرِضــت بهــا‪ ،‬وهــي ا ّلتــي أوضحناهــا عنــد تقســيمنا‬ ‫األخــاق‪ ،‬غيــر أنّ ّ‬
‫إلى فقرات منحها شيئ ًا من االنسجام والتآلف‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫األعرابية ابنها‪ ،‬وعالم ّ‬


‫يدل؟‬ ‫ّ‬ ‫‪1.1‬ما ا ّلذي أوصت به‬
‫وصيتها؟ وعلى أي شيء يد ّلك هذا ال ّتقسيم؟‬ ‫قسمت املرأة ّ‬ ‫‪2.2‬كيف ّ‬
‫ـن ُق َّو ِتــه‪َ /‬م ِّث ْل لِ َنف ِْسـ َ‬
‫ـك‪/‬‬ ‫ـي مــا اشْ ـ َت َّد ِمـ ْ‬ ‫‪3.3‬اشــرح العبــارات اآلتيــة‪ُ :‬ت َّت َخـ ُ‬
‫ـذ غَ َرضـ ًا‪َ /‬ح َّتــى َي ِهـ َ‬
‫أَ َجا َد ْ ُ‬
‫ال َّل َة َريْ َط َت َها َو ِس ْر َبالَ َها‪.‬‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫الشاعر‪:‬‬ ‫اكتب موضوع ًا يكون عنوانه قول ّ‬
‫ال ُق ُه ُم َذ َه ُبوا‬
‫َفإِ ْن ُه ُمو َذ َه َب ْت أخ َ‬ ‫َوإِ َّنَا ا ُأل َ ُم ا َأل ْخال َُق ما َب ِق َي ْت‬

‫‪104‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫القصة القصيرة في األدب احلديث‬

‫املعاش‪ -‬عبدالعزيز جنم‬


‫القصــة القصيــر َة يف العصــر احلديــث أُغـرِم بها ا ُألدباء‪ ،‬فانتشــرت‬ ‫ـي ّ‬ ‫ُمنْـ ُ‬
‫ـذ أن َعـ َـرف األدب العربـ ّ‬
‫الك ُتــب ا ّلتــي تضـ ّـم منهــا املجموعــات‬‫ات‪ُ ،‬ثـ ّـم يف ُ‬ ‫الصحــف واملج ـ ّ‬ ‫انتشــار ًا واســع ًا مــن خــال ّ‬
‫معبــر ًا عــن الفكــرة‪ ،‬أو الهــدف ا ّلــذي َت ّتفــق فيــه‬
‫يتخيــره الكاتــب ويكــون يف العــادة ّ‬ ‫حتــت عنــوان ّ‬
‫األدبيــة التصاق ـ ًا بالبيئــة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫قصــص املجموعــة الواحــدة‪ ،‬علــى أ ّنهــا غــدت مــن أشـ ّـد األجنــاس‬
‫اخلاصــة‬
‫ّ‬ ‫ـفية‪ ،‬وأقربهــا إلــى نفــوس‬ ‫ـانية والفلسـ ّ‬
‫االجتماعيــة واإلنسـ ّ‬
‫ّ‬ ‫وأكثرهــا معاجلــةً للمشــكالت‬
‫وواقعية‪ ،‬وسهولة انتشار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والعا ّمة؛ ملا ت ّتصف به من خفّة وبساطة‪،‬‬
‫ـاص عبدالعزيــز‬ ‫ـي‪ ،‬وهــي للقـ ّ‬ ‫وهــذه إحــدى القصــص ا ّلتــي تنتمــي إلــى هــذا اجلنــس األدبـ ّ‬
‫ات؛ لقصرهــا ا ّلــذي يتناســب مــع منهج‬ ‫العربيــة إحــدى املجـ ّ‬
‫ّ‬ ‫تخيرناهــا مــن مجلــة الثقافــة‬
‫جنــم‪ّ ،‬‬
‫اليومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫هذا الكتاب‪ ،‬ولطرافتها‪ّ ،‬ثم أل ّنها ُتعالج مشكلة لصيقةً باحلياة‬
‫ّص‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫لســت أدري ملــاذا يختارنــي دون غيــري يف هــذه احلديقــة الفســيحة الوديعــة‪ ،‬يجلــس إلــى‬
‫جواري‪ ،‬يحكي حكايات آلته‪ ،‬تلك الساعة الثمينة التي اشتراها منذ فترة قريبة‪.‬‬
‫لــم يحــدد لــي تاريــخ الشــراء‪ ،‬لكنــه أخبرنــي بإحالتــه علــى املعــاش منــذ شــهور قليلــة‪ ،‬وأنــه‬
‫يحضــر هنــا بعــد خروجــه مــن املستشــفى لتنشــيط عضــات فخذيــه علــى إثــر ســقوطه مــن فــوق‬
‫درجــات ســ ّلم املصلحــة احملطمــة‪ ،‬تلــك التــي عاشــرها ألربعــن ســنة ال يخطئهــا‪ ،‬دومــ ًا كان‬
‫ينجــح يف اجتيازهــا حتــى لــو كان منهمــكا يف حديــث مــع عامــل‪ ،‬إال يــوم اســتالمه أوراق املعــاش‬
‫ومكافأته‪.‬‬
‫علــى أنِّــي ال أدرك سـ ّـر فشــلي يف محاوالتــه معــي‪ ،‬حتــى حرمــت نفســي مــن شــمس اخلريف‬
‫الدافئــة وغيــرت ميعــادي‪ .‬ينجــح يف اللحــاق بــي‪ ،‬يدهشــني إصــراره علــى جملتــه التــي تقــدم‬
‫إلي أ ّو َل مرة حتى أقبله شريك ًا لي على األريكة الرخامية‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫بها َّ‬
‫ـل‪ ،‬وألنــي ال أجــد هاتــن‬ ‫‪ -‬إنــي أمتــدح ذكاءك يف اختيــار هــذا املوقــع الهــادئ‪ ،‬وأمتــدح ال ِّظـ ّ‬
‫ا مــن النغمــة التــي يتحــدث بهــا‪ ،‬و ِم ْ‬
‫ــن َهالــة الوقــار‬ ‫امليزتــن ال أطلــب تفســير ًا‪ ،‬رمبــا خجــ ً‬
‫الهائمة حول َس ْحنته‪.‬‬
‫تساءلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ثم‬
‫‪105‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪ -‬لعلها املصادفة!؟‬
‫أيقنــت أنــه يتربصنــي‪ ،‬تعــودت اقتحامــه املباغــت‪ ،‬رأيــت مــن بعيــد يرفــع إطــار َّ‬
‫نظارتــه‬
‫املدعمــة بالشــريط الالصــق الطبــي‪ ،‬يلتقمنــي بعينيــه املجردتــن‪ ،‬قــال لــي إنــه َو ِرث عــن أبيــه‬
‫ُ‬
‫ويفيــض يف وصفــه لنعمــة طــول النظــر عليــه‪ ،‬وأعجــ ُز أنــا عــن إفهامــه الفــارق‬ ‫ُبعــد النظــر‪،‬‬
‫بين ُه َما‪.‬‬
‫الرقبــة‪ ،‬منحنــي اجلــذع‪ ،‬حتــى‬ ‫يقطــع املســافة بــن موقعينــا يف خطــوات وئيــدة‪ ،‬منثنــي َّ‬
‫يرتطمني من فرط انهماكه يف العبث بأزرار ساعته الفخمة‪.‬‬
‫عمــا يريــد احلديــث عنــه‪.‬‬ ‫ِحـ ْـر ُت يف أمــره‪ ،‬لــم أعــد أســأله يف شــيء‪ ،‬فهــو ال يجيــب إال ّ‬
‫تعــودت أن يبــدأ معــي بالســؤال عــن موقــع َعق َْر َبــي ســاعتي‪ ،‬أجيــب بالســاعة والدقيقــة والثانيــة‪،‬‬
‫مــرة واحــدة حاولــت االعتــراض بأنهــا غيــر دقيقــة وقــد ورثتهــا عــن جـ ّـدي‪ ،‬هــاج يف وجهــي‬
‫ف‪.‬‬‫الشباب ِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ولعن ُك َّل‬
‫مليــا‪ ،‬أتأمــل إطارهــا الذهبــي الالمــع‪ ،‬وكيــف‬ ‫فانقضضــت عليهــا‪ ،‬أحتسســها وأنظــر فيهــا ًّ‬
‫ُ‬
‫تصبــح بوصلــة حتــدد القبلــة‪ ،‬وميقاتــه يــدق جرســها يف مواقيــت الصــاة‪ ،‬تكشــف عــن ذاكــرة‬
‫ألرقــام الهواتــف‪ ،‬وأكثــر مــا بهرنــي هــو أنهــا تســجل األجــزاء مــن الثانيــة‪ ،‬وهــو مــا يجعلهــا‬
‫صاحلــة ملســابقات العــدو‪ ،‬كمــا ميكنهــا حتديــد اليــوم والشــهر والســنة‪ ،‬وإن كان الوقــت نهــار ًا أو‬
‫ال‪ ،‬كان شيخنا يستخدمها وهو حتت سطح احمليط‪.‬‬ ‫لي ً‬
‫انقضــت شــهور وأنــا داخــل غابــة همــوم الشــيخ مــع ســاعته ّ‬
‫القيمــة‪ ،‬حتــى فاجأنــي يف عصرية‬
‫يوم شتوي جديد باالختفاء‪.‬‬
‫الفنية‪:‬‬
‫اخلصائص ّ‬
‫القصــة نــدرك أ ّنهــا تعالــج مشــكلةً تتع ّلــق بحيــاة ذلك اإلنســان‬ ‫دون أن نتط ّلــع إلــى عنــوان هــذه ّ‬
‫ـن ال ّتقاعــد فيحــال علــى املعــاش‪ ،‬وينتابــه الشــعور بأ ّنــه أُزيــح إلــى هامــش احليــاة‬ ‫ا ّلــذي يبلــغ سـ ّ‬
‫بالســاعات والدقائــق وال ّثوانــي مــا بقــى يف عمــره مــن‬ ‫ا يعـ ّـد ّ‬ ‫كمــا مهمـ ً‬
‫اجلــا ّدة املثمــرة‪ ،‬وأصبــح ًّ‬
‫كل مــا‬ ‫يلخــص ّ‬ ‫الســاعة ا ّلتــي أفلــح الكاتــب يف جعلهــا رمــز ًا ّ‬ ‫ـام‪ ،‬ومــن هنــا كان اقتنــاؤه لهــذه ّ‬ ‫أ ّيـ ٍ‬
‫الشيخ العجوز‪.‬‬ ‫ميكن أن يقوله يف وصف هذا ّ‬
‫ـي رمــز ًا آخــر ملــا يشــك ّله ثقــل االنتظــار علــى نفــس لــم َت ُعـ ْد‬ ‫الرخامـ ّ‬
‫ـد ّ‬‫وتبــدو لنــا صــورة امل ْ َق َعـ ِ‬
‫ـيح ِة ال ْ َو ِد َيع ـ ِة»‬ ‫ـذ ِه ْ َ‬
‫ال ِدي َق ـ ِة ال ْ َف ِسـ َ‬ ‫خاصــة وهــو يتمركــز يف « َهـ ِ‬
‫تصنــع شــيئ ًا غيــر أن تنتظــر‪ ،‬ذلــك ّ‬
‫ا ّلتي بدت مسرح ًا وحيد ًا ألحداث ّ‬
‫القصة‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـخصيات‬ ‫الشـ ّ‬ ‫القصــة القصيــرة‪ ،‬ومــدى بســاطة تركيبهــا الحــظ عــدد ّ‬ ‫ـن لــك مــدى قصــر ّ‬ ‫وليتبـ ّ‬
‫الشــيخ العجــوز املتقاعــد‪،‬‬ ‫شــخصية ّ‬‫ّ‬ ‫ــخصيتني؛‬‫ّ‬ ‫الش‬
‫القصــة؛ لتجــد أ ّنــه ال يتجــاوز ّ‬ ‫يف هــذه ّ‬
‫ـخصية الـ ّـراوي ا ّلتــي مي ّثلهــا الكاتــب‪ُ ،‬ثـ ّـم الحــظ املــكان فيهــا لتجــد أ ّنــه ال يتعـ ّـدى كونــه‬ ‫وشـ ّ‬
‫خامي) يف تلك احلديقة‪.‬‬ ‫الر ّ‬ ‫الساحة (أو ذلك املقعد ّ‬ ‫تلك ّ‬
‫الســاعة‪ ،‬و ُيعــرض الكاتــب عــن‬ ‫و ُيلحــظ احلــوار القصيــر املختــزل ا ّلــذي يــدور قســم منــه حــول ّ‬
‫ــوا ِري‪َ ،‬ي ْح ِكــي‬ ‫ــس إلَــى ِج َ‬ ‫«ي ْج ِل ُ‬‫طلع َنــا علــى شــيء منــزه إِ ّال يف هــذه اإلشــارة املقتضبــة‪َ :‬‬ ‫أن ُي َ‬
‫ــن َم ْو ِقــ ِع َعق َْر َب ْ‬
‫ــي‬ ‫ــدأَ َم ِعــي ِب ُّ‬
‫الســ َؤ ِال َع ْ‬ ‫ِح َك َايــات آلَ ِتــ ِه»‪ ،‬أو يف هــذه اإلشــارة‪َ « :‬ت َعــ َّو ْد ُت أَ ْن َيبْ َ‬
‫والد ِقي َقــ ِة والثَّا ِن َيــة»‪ ،‬وأ ّمــا القســم اآلخــر فيتجلــى يف عبارتــن‪ ،‬إذ‬ ‫ــاع ِة َّ‬
‫الس َ‬ ‫ــاع ِتي‪ ،‬أُ ِج ُ‬
‫يــب ِب َّ‬ ‫َس َ‬
‫ـدة منهمــا‪ ،‬ثـ ّـم ال تلقــى عليهــا ر ًّدا‪ ،‬األمــر ا ّلــذي ُيشــعرك بخلـ ّـو‬ ‫الشــخصيتني بواحـ ٍ‬ ‫كل مــن ّ‬ ‫تنطــق ّ‬
‫ـخصيتني مــن أي معنــى أو أي هــدف ســوى تزجيــة الوقــت واالنتظــار‬ ‫الشـ ّ‬ ‫ذلــك ال ّلقــاء ك ّلــه بــن ّ‬
‫القصة‪.‬‬‫الشيخ يف نهاية ّ‬ ‫ا ّلذي ُيفضي إلى العدم املاثل يف اختفاء ّ‬
‫القصــة احلديثــة ومــا عرضنــاه عليــك ممّــا ينتمــي إلــى أجنــاس‬ ‫وإذا شــئت املوازنــة بــن هــذه ّ‬
‫القصــص القدميــة فعليــك أن تالحــظ مــدى دقّــة الوصــف واالعتنــاء بال ّتفاصيــل املتع ّلقــة‬
‫بالشخصيات وباملكان‪ ،‬وهو أمر يبدو غائب ًا عن األجناس القصصية القدمية‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسئلة‬

‫ـح ذلــك مــن خــال‬ ‫القصــة القصيــرة هــو البســاطة والقصــر‪َ .‬و َّضـ ْ‬ ‫‪1.1‬مــن أهـ ّـم مــا تتميــز بــه ّ‬
‫القصة‪.‬‬ ‫هذه ّ‬
‫الشــخص املتقاعــد؟ وكيــف يبــدو املقعــد ا ّلــذي يجلــس‬ ‫الســاعة يف يــد ّ‬ ‫‪2.2‬كيــف تبــدو ّ‬
‫عليه؟ وكيف أفلح الكاتب يف توظيف هاتني األداتني؟‬
‫ضح ذلك‪.‬‬ ‫القصة احلديثة‪َ .‬و ْ‬ ‫أهم ّمميزات ّ‬ ‫‪3.3‬يبدو االعتناء بال ّتفاصيل من ّ‬
‫الشــرا ِء‪ ،‬لَك ّنــه أَ ْخ َب َر ِنــي‬
‫ـخ ِّ‬ ‫ـم ُي َحـ ِّد ْد لِــي تاريـ َ‬
‫ـن مــا تد ّلــك عليــه العبــارات التاليــة‪« :‬لَـ ْ‬ ‫‪4.4‬بـ ّ‬
‫اج ِت َيا ِزهــا َح ّتــى لــو كَ ان‬ ‫ـح يف ْ‬ ‫ـذ ُش ـ ُه ٍور َق ِلي َلــة‪َ /‬د ْو ًمــا كانَ َينْ َجـ ُ‬
‫ـاش ُمنْـ ُ‬
‫ِبإحالَتــه َع َلــى املَ َعـ ِ‬
‫حديث َعا ِمل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُمنْ َه ِم ًكا يف‬
‫اإلنشاء‪:‬‬
‫اجتماعيــا َمـ َّـر بــك أو ســمعت عنــه‪ ،‬واختــر اجلنــس األدبــي ا ّلــذي تكتــب يف‬
‫ًّ‬ ‫ِصـ ْ‬
‫ـف موقف ـ ًا‬
‫قصة قصيرة أو مقالة‪ ،‬أو رسالة‪.‬‬ ‫إطاره‪ّ ،‬‬

‫‪108‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
109
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
110
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
111
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵

You might also like