Professional Documents
Culture Documents
الدراسات الأدبية
الدراسات الأدبية
َّ الدراســات
ّ
للسنة األولى ّ
انوي
مبرحلة ال ّتعليم ال ّث ّ
متخصصة
ّ إعداد جلنة
عليمية والبحوث ال ّتربو ّية
بتكليف من مركز املناهج ال ّت ّ
1441 -1440هـ.
2020-2019م.
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
حقوق احلقوق حمفوظة :الجيوز نشر أي جزء من هذا الكتاب ،أوختزينه،
أوتسجيله ،أوتصويره بأية وسيلة داخل ليبيا دون موافقة خطية من
إدارة املناهج مبركز املناهج التعليمية والبحوث الرتبوية بليبيا.
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الفهرس
الصفحة املوضوع
5 املقدمة
7 الدراسة ال ّنظر ّية
القسم األ ّول ّ
8 األدب :مفهومه ووظيفته
11 األدبية
ّ العصور
16 األدبية
ّ األجناس
18 أ ّو ًال -الشعر
21 ثاني ًا -ال َّنثر
21 -النثر الفني القدمي
28 -النثر الفني احلديث
32 األدبية
ّ املذاهب
35 النقد :مفهومه ،ودوره
37 البالغة :مفهومها ،ووظيفتها
39 األسلــوب
43 القيم اجلمالية لألسلوب
46 ال ّتعبير واإلنشاء
49 الدراسة التطبيقية
القسم ال ّثاني ّ
50 وحرب -لألعشى
ٌ القصيدة الغنائية املركّ بةٌّ :
حب
55 الر َّمة ٌ
أطالل وذكريات -لذي ُّ القصيدة املركّ بة يف العصر ا ُألموي:
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الصفحة املوضوع
59 القصيدة الغنائية البسيطة يف العصر العباسيِ :ش ْع ُب َب ّوان -للمتنبي
63 األندلسي:زهدوتوب ٌة -البن زمرك األندلسي
ٌ القصيدة املوشّ حة يف األدب
69 الساخرة
الهمذاني ومقاماته ّ
ّ املقامات يف األدب القدمي بديع ال ّزمان
74 كلمات لنازك املالئكة
َ الشعر احلديث:
من ّ
79 القصيدة الغنائية احلديثة :رسالة إلى طفلتي -لعلي الفزاني
84 الشعر املسرحي :أحزان إفريقيا -حملمد الفيتوري
ّ
92 احلكم واألمثال يف األدب القدمي
ُ ال ّنثر :
96 اخلطابـــــــــة
96 خطبة عمر بن عبدالعزيز
98 خطبة عبداهلل ال ّندمي
101 الوصية يف األدب القدمي :أ ٌّم توصي ابنها
ّ
105 القصة القصيرة يف األدب احلديث :املعاش -لعبد العزيز جنم
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
املقدمة
الر ِح ِ
يم الر ْح َمنِ َّ ِب ْس ِم ا ِ
هلل ّ
5
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
القسم األوّل
ّراسة النّظريّة
الد
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األدب :مفهومه ووظيفته
مفهومه:
األدب هــو تلــك املجموعــة مــن النصــوص املنتميــة إلــى مختلــف األجنــاس األدبيــة شــعر ًا
ونثــر ًا ،كمــا يشــمل اجلانــب الــذي ُي ْع َنــى بدراســة هــذه النصــوص وحتليلهــا وتقييمهــا ،وهــو
قسمان:
- 1األدب اإلنشائي:
ويشمل الشعر والنثر بفروعهما املتعددة.
- 2األدب الوصفي:
وهــو الــذي يقــوم بوصــف النصــوص الشــعرية والنثريــة ودراســتها وحتليلهــا ،ويطلــق الدارســون
على هذا القسم مصطلح النقد ،وتعلقه بوظيفة األدب واجتاهاته ونظرياته.
ـن أداتــه ومادتــه اللغــة وهــي أداة التفكيــر والعاطفــة والوجــدان ،فــإذا اســتخدمها واألدب؛ فـ ٌّ
الفــن الــذي
ِّ األدب ســما بهــا ،وبذلــك ميكننــا أن نقــول :إن األدب هــو ذلــك اجلانــب مــن
يســتخدم فيــه األديــب اللغــة وســيلة إلــى اإلبــداع ،وهكــذا ميكننــا أن نعـ ّـرف األدب بأنــه :ذلــك
الفن الذي يستخدم فيه األديب اللغة وسيلة إلى اإلبداع. اجلانب من ّ
وينبغــي أيضــ ًا أ ْن ُينظــر إلــى األدب مــن حيــث عالقتــه مبظاهــر احلضــارة ،مــن علــم ّ
وفــن
ـنوســلوك ،كــي ميكــن تعريفــه التعريــف األمثــل ،وهــو مــن هــذه الناحيــة يبــدو األقــرب إلــى الفـ ّ
ا يؤثّــر يف النفــوس مــن حيــث كونــه إبداعــ ًا يطمــح فيــه األديــب إلــى أ ْن ُيحــدث أثــر ًا جميــ ً
النحــات احلجــر،
ويخلــب األلبــاب ،وهــو يســتخدم اللغــة لتحقيــق غرضــه ذلــك كمــا يســتخدم ّ
املوســيقي األصــوات ،ويســتخدم اخلطــاط احلــروف ّ ويســتخدم الرســام األلــوان ،ويســتخدم
املكتوبة.
وظيفته:
1.1األدب يحقق التواصل ال بني األفراد فحسب ،وإمنا بني األجيال والشعوب أيض ًا.
ُ 2.2ي َعــدُّ األدب وعــاء للفكــر والعلــم ،وأداة لتبليغهمــا إلــى املســتويات كا ّفــة ،متخطي ـ ًا يف
ذلــك حــدود املــكان والزمــان ،فمــن حيــث تخطيــه حــدود املــكان يالحــظ أنــه مــا إ ْن
ويعم
8تظهر فكرة أو اكتشاف علمي إلى الوجود إال وقد تناوله األدب حتى ينتشر ّ
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـإن كثيــر ًا ممــا تفتقــت عنــه
1.1مختلــف البــاد ،وأ َّمــا مــن حيــث تخطيــه حــدود الزمــان فـ َّ
أذهــان أســافنا مــن أفــكار مــا كان لهــا أ ْن تصــل إلينــا لــوال األدب ،وهــو إلــى جانــب
ذلك قد حفظ لنا اجلانب األكبر من تاريخ اإلنسان وحضارته.
2.2يســهم األدب يف إثــراء ال ّلغــة التــي هــي األدب التــي يعمــل فيهــا األديــب فيشــكل منهــا
ما شاء له خياله من صور وأخيلة وتراكيب.
عبــر ُاألدب عــن جتــارب احليــاة ،وعــادة مــا حتمــل تلــك التجــارب يف طياتهــا دعــوة إلــى
ُ 3.3ي ِّ
املثل والقيم واألخالق السامية التي يؤمن بها املجتمع اإلنساني ويطبقها.
4.4يصـ ّـور األدب عواطــف األديــب ومشــاعره وانفعاالتــه وآمالــه وأحالمــه وطموحاتــه ،وهــو
أمــر مشــترك بــن البشــر ،فمــا يــكاد األديــب يبــدع نصـ ًا يف جنــس أدبــي مــا ح َّتــى يجــد
طوائــف مــن البشــر تتلقــاه فتنفعــل معــه وتشــاركه يف أحاسيســه فيــه ،ممــا ُيحــدث لــدى
املتلقي شعور ًا بالراحة.
9
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
10
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األدبية
ّ العصور
األدب كغيــره مــن الفنــون املختلفــة األخــرى ليــس حكـ ًـرا علــى أمــة دون أمــة ،وال هــو مختص
بعصــر دون عصــر ،وال ببيئــة دون بيئــة ،بــل هــو نتــاج إنســاني عــام تشــترك يف إبداعــه الشــعوب
كافة ،يف مختلف العصور واألزمنة.
الدراســات ال ّت ّ
اريخيــة التــي تراقــب ســيره وتعنــي بتطــوره، ـدم فيــه ّ وال بــد لــكل أدب مــن أ ْن ُت َقـ َّ
وتقتضــي هــذه الدراســات عــادة أ ْن ينظــر الــدارس يف املراحــل املختلفــة التــي ميــر بهــا ،خاصــة إذا
كان هــذا األدب يشــغل فتــرة طويلــة متتــد إلــى مئــات الســنني كمــا هــو شــأن األدب العربــي الــذي
يشغل قرابة خمسة عشر قرن ًا من الزمان.
وإليك املراحل التي مر بها األدب العربي عبر العصور:
1.1عصر ما قبل اإلسالم:
وهــو العصــر الــذي ســبق ظهــور اإلســام ،ومــن هــذا العصــر ورثنــا روائــع األدب الــذي ســيظل
باقي ـ ًا بقــاء الزمــان ،كاملعلقــات التــي هــي مجموعــة مــن القصائــد الطــوال اجليــاد تصــل إلــى
الســبع أو تتجاوزهــا ،واملختــارات الشــعرية باإلضافــة إلــى مجموعــة مــن اخلطــب واحلكــم واألمثال
والوصايا ،ومتيزت لغة هذا األدب بالقوة والصفاء واجلزالة.
2.2العصر اإلسالمي:
ويقســمه الباحثــون -يف العــادة-
وهــو العصــر الــذي جــاء بعــد عصــر مــا قبــل اإلســامِّ ،
إلى فترات ثالث هي:
.أفتــرة النبــوة :ومتتــد قرابــة ثالثــة وعشــرين عا ًمــا (13ق هـــ 11-هـــ) .و ُت َعــدُّ هــذه الفتــرة أســمى
الفتــرات يف تاريــخ العــرب واإلســام ،وقــد ظهــرت يف تلــك الفتــرة أنــواع مــن األدب لــم تكــن
معروفــة قبــل ذلــك عنــد العــرب انعكــس فيهــا تأثــر املجتمــع العربــي بالقيــم اجلديــدة ،فظهــر
الشــعر الــذي يدافــع عــن اإلســام يف شــخص نبيــه --حيــث ظهــرت القصائــد التــي
تشــيد بأخالقــه وســيرته ،-وقصائــد احلماســة التــي تدعــو إلــى نصــرة الديــن اجلديــد،
وخُ طب الوعظ التي تدعو املسلمني إلى االلتزام باألخالق احلميدة.
.بفترة اخلالفة11( :هـ40 -هـ) (عصر صدر اإلسالم)
استمرت هذه الفترة قرابة الثالثني عام ًاَ ،م َّر املجتمع فيها بأحداث جسام منها :حروب
11
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الـ ّـردة ،والفتوحــات ،وقالقــل داخليــة ،وقــد أثــرت هــذه األحــداث يف احليــاة األدبيــة فظهــرت
أنــواع جديــدة مــن األدب متمثلــة يف الشــعر السياســي وشــعر الفتوحــات ،إلــى جانــب األنــواع
األخرى التي كانت معروفة قبل تلك الفترة.
.جالفترة األموية ( 41هـ 132 -هـ)
امتــازت هــذه الفتــرة مــن هــذا العصــر بكثــرة الفتوحــات ،وكثــرة املنازعــات القبليــة واملذهبيــة
واملعارضــات السياســية ،وشــهدت نوع ـ ًا مــن النمــو االقتصــادي ،والتوســع العمرانــي يف فتــرات
منهــا ،ومــن الناحيــة العلميــة والثقافيــة بــدأ االتصــال بــاألمم األخــرى مــا أ ّدى إلــى الترجمــة مــن
اللغات األخرى ،كما ُو ِض َع ْت يف هذا العصر األسس األولى لقواعد اللغة.
وقــد حتقــق ثــراء األدب يف تطــور شــكل القصيــدة وموضوعاتهــا ،وظهــور الكتابــة املتمثلــة يف
عمالهــم يف مختلــف األمصــار ،ومنــو حركــة الرســائل الديوانيــة التــي كان احلــكام يرســلونها إلــى ّ
النقد الذي جتاوز املالحظات العابرة إلى املوازنات والتأمالت والتحليالت املكتوبة.
3.3العصر العباسي ( 132هـ 656 -هـ):
امتــد هــذا العصــر خمســة قــرون كاملــة كانــت مــن أخصــب العصــور اإلنســانية ثقافــة وحضارة
ونتاج ًا أدبي ًا وعلمي ًا؛ ونظر ًا لطول هذه الفترة قسمها بعض الباحثني إلى عصرين:
.أالفتــرة العباســية األولــى (العصــر العباســي األول) ( 248-132هـــ) وهــي تلــك الفتــرة التــي
اتســمت بالوحــدة السياســية حتــت حكــم خليفــة امتــدت ســيطرته مــن حــدود الصــن شــرق ًا
إلى أقاصي املغرب غرب ًا ،باستثناء األندلس التي انفصلت عن احلكم العباسي.
.ب الفتــرة العباســية الثانيــة (العصــر العباســي الثانــي ،عصــر الدويــات) :وهــذه أطــول
عصــور األدب العربــي جميعــ ًا ،إذ امتــدت أربعــة قــرون كاملــة ،تبــدأ مــن ســنة 248هـــ
وتنتهــي ســنة 656هـــ ،وكانــت مفعمــة بشــتى ضــروب اخلالفــات والنزاعــات واألحــداث
السياســية التــي أحدثــت هـ ّزات خطيــرة يف العالــم اإلســامي آنــذاك ،مــن غــزوات صليبيــة
ومغولية إلى اضطرابات داخلية.
ويالحــظ أن األدب شــهد يف هــذا العصــر تطــور ًا كبيــر ًا جت َّلــى فيمــا ظهــر مــن تيــارات فكريــة
وفلســفية أغنــت األدب وزودتــه باملوضوعــات اجلديــدة واألفــكار العميقــة ،كمــا جت َّلــى يف ظهــور
والقص الفلســفي،ّ كثيــر مــن األجنــاس األدبيــة التــي لــم تكــن معروفة مــن قبــل ،مثل:املقامــات
والشــعر الفلســفي ،والشــعر التعليمــي ،والرســائل اإلخوانيــة ،مــع ميــل بعــض األســاليب نحــو
اإلغراق يف السجع واحملسنات البديعية.
12
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
4.4األدب األندلسي:
دراســة األدب األندلســي تســتغرق معظــم العصــور القدميــة؛ إذ متتــد مــا يربــو علــى الثمانيــة
قــرون ،أي :منــذ أن دخــل العــرب األندلــس إلــى ســقوط غرناطــة ســنة 897هـــ1492 -م ،.وهي
بذلــك تقابــل شــطر ًا مــن اآلداب األمويــة ،والعباســية ،واململوكيــة وشــطر ًا مــن األدب العثمانــي،
وســبب دراســتها منفصلــة يكمــن فيمــا ظهــر فيهــا مــن مالمــح حضاريــة جعلتهــا بقعــة متميــزة
مــن بقيــة البقــع اإلســامية ،وأدبهــا ينطــق باللغــة العربيــة الصافيــة ،ويحمــل اخلصائــص نفســها
التــي يحملهــا األدب العربــي يف املشــرق ،وتتنــاول املوضوعــات واألغــراض التــي تناولهــا
املشرقيون ،إذ إن معظم األدباء كانوا متتلمذين على يد أدباء مشارقة أو نازحني من املشرق.
وقــد أســهم األندلسـ ّـيون بإضافــات كثيــرة إلــى األدب تشــهد مبــدى إبداعهــم وأصالتهــم ،ومــن
ذلك:
الشعرية.
قدموها يف مجال األجناس ّ َّ - 1
املوشحات وهي من أبرز هذه اإلضافات التي ّ
ـفي املتم ّثــل يف قصــة «حــي بــن يقظــان» البــن طفيــل ،وقصــة «ال ّتوابــع
ـص الفلسـ ّ
- 2القـ ّ
النقدي.
ّ القص
وال ّزوابع» التي ابتدعها «ابن شهيد» يف مجال ّ
خاص وقد مت ّثل يف:
ّ الشعر الذي ُطبع بطابع
ّ -3
ميزه عن األدب يف املشرق. مزجا ّ أ -مزج األغراض مبشاهد ّ
الطبيعة ً
تخــص البيئــة
ّ ب ِ -شــ ْع ِر احلنــن واالغتــراب ومــا يتصــل بالقضايــا ذات العالقــة التــي
األندلسية.
والرقــيمــر هــذا األدب كمــا هــو شــأن األدب العربــي عامــة مبراحــل مــن التطــور ّ وقــد ّ
واالنحطــاط ،وشــهد مــا شــهده األدب يف املشــرق مــن ّتيــارات أ ّثــرت فيــه ســلب ًا وإيجابـ ًا ،ودفعــت
بــه أحيان ـ ًا إلــى اإلبــداع وال ّتجديــد ،كمــا دفعــت بــه أحيان ـ ًا إلــى اجلمــود وال ّتقليــد ح ّتــى إ ّنــه
ليالحظ مدى ال ّتناظر بني هذا األدب ومثيله يف املشرق.
5.5العصر اململوكي والعثماني:
.أالفترة اململوكية (العصر اململوكي656 :هـ923 -هـ):
اقتصــرت ســيطرة املماليــك يف فتــرة مــن الفتــرات علــى مصــر والشــامّ ،
فكونــوا بذلــك دويلــة
ـن مــا ّمييزهــم هــو أثرهــم الواضــح يف
الدويــات التــي تقاســمت ذلــك العالــم آنــذاك ،لكـ ّ
مــن ّ
ليبيــن ،ويف التفــاف احلركــة الفكر ّيــة واحلضاريــة حولهــم ،ثــم يف التفافهــم
الص ّمقاومــة الغــزاة ّ
حول ما بقي من أثر للعباسيني يف بغداد.
13
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
.أالفترة العثمانية (1213 -923هـ):
الدارســون علــى األدب العربــي يف هــذه الفتــرة بضعفــه وتدهــوره مبــا ا ّتســم بــه مــن حكــم ّ
بديعيــة ركيكــة ،ولكــن مــع ذلــك يلحــظ ّ ضحالــة يف املوضوعــات واألفــكار ،ومــن اصطنــاع للغــة
ـي مبــا أبدعــوه مــن أدب أصيــل ومــن أنّ كثيــر ًا مــن األدبــاء اســتطاعوا أن يجــاروا األدب العباسـ ّ
الرحلــة وأدب األدبيــة ،كأدب ّ ّ تقــدمي إضافــات كثيــرة إليــه متثلــت يف تطــور بعــض األجنــاس
الســيرة الذاتيــة ،كمــا متثلــت يف ظهــور بعــض األجنــاس األدبيــة التــي لــم تكــن معروفــة مــن قبــل
الشــعر نفســه خطــوات ملحوظــة يف مثــل األدب التمثيلــي املتمثــل يف (خيــال الظــل) ،وقــد خطــا ّ
الصليبيــن واملغــول ،وكذلــك يف
ّ املجــال ا ّلــذي يصــور شــعر املعــارك التــي خاضهــا املســلمون ضــد
«البديعيــات» ،ويف شــعر احلكمــة واملوعظــة
ّ شــعر املديــح النبــوي الــذي ظهــر فيــه مــا ُيعــرف بـــ:
املطولة.
الذي أنشئت يف إطاره القصائد ّ
6.6األدب احلديث واملعاصر (1213هـ -إلى وقتنا احلاضر)
أ -الفتــرة احلديثــة :وهــي فتــرة جيــل النهضــة والتــي متيــزت بأنهــا كانــت فتــرة البطــوالت
والتضحيــات ،والعطــاء ،والنضــال ضــد املســتعمرين ،كمــا كانــت فتــرة العــودة إلــى إحيــاء
والعلميــة والدينيــة ومحاولــة النســج علــى منوالهــا ،ومــن
ّ املاضــي املجيــد ،وبعــث آثــاره األدبيــة
ناحيــة أخــرى كانــت فتــرة االتصــال بالغــرب يف حضارتــه عــن طريــق البعثــات والترجمــة ،ثـ ّـم
محاولة تقليده واإلفادة مما ق ََّدم.
ب -الفتــرة املعاصــرة :وهــي الفتــرة التــي نشــهدها اآلن ونعايــش أدباءهــا ومــا يبدعونــه مــن
األدبية.
ّ نصوص يف ش ّتى األجناس
صراعــا بــن القــدمي واحلديــث،
ً ـي يف الفترتــن -احلديــث واملعاصــر- وقــد شــهد األدب العربـ ّ
أدبيــة
إلــى جانــب ال ّتالقــح بــن ال ّت ّيــارات األدبيــة الكثيــرة الوافــدة ،أدى إلــى ظهــور أجنــاس ّ
جديــدة لــم تعرفهــا العصــور القدميــة ،كاملســرح الشــعري والنثــري ،وامللحمــة ،والروايــة ،والقصــة
القصيرة ،والشعر احلر واملرسل واملنثور.
14
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
15
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األدبية
ّ األجناس
التّعريف:
اجلنــس األدبــي هــو كل عمــل يتضمــن مجموعــة مــن اخلصائــص تلحقــه مبجموعــة مــن
كل جــزء منــه، ـب عمــل لــه إيقــاع وحــروف يتفــق يف االنتهــاء بهــا ّ األعمــال األدبيــة ،فــإذا ُك ِتـ َ
وكانــت تلــك األجــزاء متناظــرة متناســبة ،وكان ذلــك العمــل ُم َحلِّقـ ًا يف ســماء اخليــال سـ ّـميناه
ـب عمــل وكان خاليـ ًا مــن ذلــك اإليقــاع و ُت َناقــش فيهالشــعر ،وإذا ُك ِتـ َ
قصيــدة وأحلقنــاه مبــا يسـ ّـمى ِّ
بعض القضايا بواقعية وتفصيل سمينا ذلك مقا ًال ،وأحلقناه مبا يسمى (النثر).
مكو ًنــا مــن مجموعــة مــن األحــداث املتسلســلة التــي تقــوم بهــا عمــل وكان ّ ٌ وإذا ُك ِت َ
ــب
شــخصيات خياليــة متاثــل الشــخصيات الواقعيــة ،ســمينا ذلــك (قصــة) وأحلقناهــا مبــا يســمى
(قصــة شــعر ّية) ،وإذا(الشــعر) نطلــق عليــه ّ ـص يف أســلوبه إلــى ّ ـص) ،وإذا انتمــى ذلــك القـ ّ (القـ ّ
ـكل أسـ ٌـر ُنطلــق عليهــا مصطلــح (األجنــاس انتمــى إلــى (النثــر) كان (قصــة نثر ّيــة) وبذلــك تتشـ ّ
األدبيــة) ،إذ ًا ،فاجلنــس األدبــي :مجموعــة مــن ّ األدبيــة) ،أو (الفنــون
ّ األدبيــة) ،أو (األنــواع
ّ
األدبية.
ّ تكون نظا ًما تندرج حتته مجموعة من األعمال األدبية التي ّّ اخلصائص
والدارســون العــرب القدمــاء إلــى تفـ ّـرع األدب العربــي إلــى مجموعــة مــن وقــد تنبــه النقــاد ّ
والوصيــة ،واملُناظــرة،
ّ والقصــة ،واملقامــة ،واخلطبــة ،واملوعظــة، ّ األجنــاس منهــا :القصيــدة،
واملُنافرة.
تطورها:
ـل وتتحـ ّـول إلــى أجنــاس أخــرى بحســب األدبيــة) وتنمــو وتتطـ ّـور وتضمحـ ّ
ّ تنشــأ (األجنــاس
كل عصــر ،فمــن ذلــك املالحــم واملقامــات يتميــز بهــا ّ
املعطيــات ال ّثقافيــة واالجتماعيــة التــي ّ
الروايــة
التــي كانــت رائجــة يف فتــرة زمنيــة ،ولــم يعــد لهــا كبيــر اهتمــام اآلن ،يف حــن أن جنــس ّ
حظــي باهتمــام واســع يف هــذا العصــر ،ولك ّنــه لــم يكــن معروف ـ ًا يف القــدمي ،وكذلــك ّ
القصــة
القصيرة ا ّلتي لم ُتعرف إ ّال يف اآلداب احلديثة.
ـرحية مـ ّـرت بتطـ ّـورات كبيــرة ،إذ حتولــت
ومــن حيــث تطـ ّـور هــذه األجنــاس فإننــا نالحــظ أن املسـ ّ
والشــروط ا ّلتــي كانــت تتميــز بهــا يف
الشــعر إلــى ال ّنثــر ،وتخ ّلصــت مــن كثيــر مــن اخلصائــص ّ مــن ّ
الشــعر وحتى عصرنــا احلاضر، القــدمي ،كمــا ُيلْحــظ أن القصيــدة قــد تطــورت تطـ ً
ـورا كبيـ ًـرا منذ نشــأة ّ
من القصيدة البسيطة إلى القصيدة املركبة ،ومن قصيدة البحر إلى قصيدة ال ّتفعيلة.
16
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
17
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أو ًال -الشعر
ّ
الغنائي:
ّ ّ 1.1
الشعر
الشــاعر فيــه يتغ ّنــى بذاتــه واصف ـ ًا مشــاعرها وأحالمهــا وآمالهــا
الشــعر بذلــك؛ ألنّ ّـم َي ّ
ُسـ ِّ
وآالمهــا ،ومــا ُتــب ومــا تكــره ،مدافع ـ ًا عنهــا ومفتخــر ًا بهــا ،متوص ـ ً
ا إلــى بلــوغ ذلــك مــن
خــال املشــاهد الطبيعيــة التــي يصفهــا ،أو مــن خــال وصــف احلــروب التــي يخــوض غمارهــا،
أو من خالل مدح األشخاص.
وقــد كان القدمــاء يترنّ ــون بــه علــى ظهــور رواحلهــم ويف مراعيهــم ومزارعهــم ومعاركهــم ،ويف
مختلــف شــؤون حياتهــم عندمــا يحتاجــون إلــى ال ّترفيــه عــن أنفســهم أو االســتعانة بــه علــى
الشــعوب ال يف القــدمي وال يف احلديــث لــم
مشــاغل احليــاة ومتاعبهــا ،وال يوجــد شــعب مــن ّ
األدبيــة جميع ـ ًا ،يف مختلــف
ّ الشــعر ،بــل إ ّنــه لَ ُي َعــدُّ أقــدم األجنــاس
يعــرف هــذا النــوع مــن ّ
قســمه إلــى أغــراضـي فلــم يعــرف غيــره يف القــدمي ،وقــد ّ العامليــة ،أمــا األدب العربـ ّ
ّ اآلداب
الرثــاء ،الفخــر ،احلماســة ،الهجــاء ،الوصــف ،علــى أنّ منــه رئيســة ،وهــي :الغــزل ،املــدحّ ،
الشعر الذي يتناول السياسة ،والشعر الفلسفي ،وشعر احلكمة ،والشعر التعليمي. ّ
والقصيدة الشعرية الغنائية نوعان:
● ●القصيدة البسيطة :وهي التي تتناول موضوع ًا واحد ًا أو غرض ًا واحد ًا.
املركبــة :وهــي التــي تتنــاول مجموعــة مــن األغــراض ،أو غرضـ ًا واحــد ًا مــن جوانب
● ●القصيــدة َّ
مختلفة ،وتفتتح عادة بالغزل أو الوقوف على األطالل.
الشكلية ،ميكن أن نصنف القصائد احلديثة إلى نوعني:
ّ •وبسبب التغييرات الكثيرة
● ● القصيدة احملافظة :وهي التي تنظم بحسب البحور القدمية املعروفة.
● ●القصيدة احلديثة :وهي التي تنظم حسب التفعيالت.
امللحمي:
ّ ّ
الشعر
امللحمــة هــي قصيــدة طويلــة يبلــغ عــدد أبياتهــا اآلالف ،تتغ ّنــى بأمجــاد األ ّمــة وتصــف بعــض
ـطوري
ـي مشـ ّـوق ،ويف ثــوب أسـ ّ األحــداث التاريخيــة اجلســام التــي مـ ّـرت بهــا ،يف أســلوب قصـ ّ
ـعري قــدمي لــم َي ُع ـ ْد مطروق ـ ًا اآلن ،وقــد كان األغريــق
يجنــح إلــى اخليــال ،وامللحمــة جنــس شـ ّ
والفُرس أول من عرفه من القدماء ،أ ّما األدب العربي فلم يعرف هذا النوع من الشعر يف
18
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
قدميــه إ ّال تلــك القصــص البطوليــة القدميــة التــي صيغــت نثــرا ،وكانــت زاخــرة بالقصائــد
واألناشــيد التــي يرددهــا األبطــال مثــل( :ســيرة عنتــرة) و(ســيرة الزيــر ســالم) ،و(تغريبــة بنــي
هالل).
وقــد حــاول بعــض األدبــاء احملدثــن إدخــال هــذا اجلنــس الشــعري إلــى األدب العربــي احلديث
عــن طريــق ترجمــة بعــض املالحــم األجنبية مثــل« :اإلليــاذة» ،التــي ترجمها ســليمان البســتاني
العربيــة ،أو عــن طريــق ابتــداع مالحــم جديــدة اعتمــاد ًا علــى التاريــخ العربــي
ّ شــعر ًا إلــى
محرم.
الشاعر أحمد ّ العربي) التي كتبها ّ
ّ بي
اإلسالمي القدمي ،مثل :ملحمة (محمد ال ّن ّ
ّ 1.1
الشعر القصصي:
قصــة ُتصــاغ شــعر ًا ،علــى أ ّنــه لــم يكــن ذا شــأن يف اآلداب العامليــة ك ّلهــا ،ومــا ُو ِجـ َ
ـد منــه هــو ّ
الشــعرية التــي تــروي قصــص األبطــال، األوروبيــة كان مكتوبــ ًا مثــل :احلكايــات ّّ يف ال ّلغــات
الشعرية يف األدب اليوناني القدمي. الرعاة ّ
ومثل :قصص ّ
وميكــن أن منثــل لهــذا اجلنــس مــن الشــعر يف األدب العربــي القــدمي بقصــص احليــوان املنظومــة
شــعر ًا مثــل :قصــة «كليلــة ودمنــة» التــي ترجمهــا إلــى العربيــة ابــن املقفــع ونقلهــا إلــى الشــعر
ـي» املُ َتو َّفــى ســنة 200هـــ .كمــا ميكــن أن منثــل لــه يف األدب احلديــث
ـي «ا ّلالحقـ ّ
الشــاعر العباسـ ّ
(الشوقيات).الشهير ّ حيوانية ضم ّنها ديوانه ّ
ّ مبا نظمه أحمد شوقي من حكايات
املسرحي:
ّ 2.2الشعر
ـي يقــدم علــى خشــبة املســرح ،ويجــري فيــه احلــوار بــن ـعري قصصــي متثيلـ ّ
هــو جنــس شـ ّ
ـخصيات شــعر ًا ،ومــن أهــم عناصــره :الشــخصيات ،واألحــداث ،واحلــوار ،و ُي َعــدُّ مــن أرقــى الشـ ّ
ظــل محافظــ ًا علــى العامليــة يف القــدمي واحلديــث ،ورغــم قدمــه َّ
ّ األجنــاس الشــعرية يف اآلداب
مكانتــه إلــى وقــت متأخــر جـ ّـدا مــن النهضــة العامليــة احلديثــة ،وقــد ُعــرف يف بعــض اآلداب
العامليــة القدميــة ،كاألدبــن اإلغريقــي والرومانــي ،وكان مــن أشــهر ك ّتابــه يف اآلداب الغربيــة
ـب مجموعــة مــن املســرحيات الشــعرية لــم تــزل الشــاعر اإلجنليــزي الكبيــر شكســبير الــذي كَ َتـ َ
ـي يف القــدمي فقــد عرفــه حديثـ ًا علــى أيــديُتقــرأ ومت ّثــل ح ّتــى اليــوم ،ومــا لــم يعرفــه األدب العربـ ّ
عبدالصبور ،ومحمد الفيتوري. ّ بعض الشعراء ،مثل :أحمد شوقي ،وعزيز أباظة ،وصالح
19
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
20
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ً
ثانيا -ال َّنثر
اليوميــة كثيــرة
ّ النثــر أكثــر تطــور ًا مــن الشــعر ملجموعــة عوامــل منهــا :شــدة التصاقــه باحليــاة
والتطور ،وق ّلة خضوعه للقيود األدبية التي يخضع لها الشعر عادةً. ّ التغير
ّ
وتنشــأ أجنــاس النثــر يف اآلداب املختلفــة تبعـ ًا للحاجــة احلضاريــة إليهــا ،فقــد ظهــرت ّ
الرســالة
ـوي نظــر ًا حلاجــة احلــكام والــوالة ملخاطبــة عمالهــم ،فيمــا ي ّتصــل بشــؤون
الديوانيــة يف العصــر األمـ ّ
الدولــة ،ونشــأت املقامــات يف العصــر العباســي للشــعور باحلاجــة إلــى معاجلــة مشــكالت احليــاة ّ
وعرفــت املقالــة يف العصــر احلديــث للحاجــة إلــى معاجلــة قصيــة تتســم باملوضوعيــة واحليــادُ ،
مخاطبة اجلمهور من خالل الصحافة ،وفيما يلي دراسة للنثر قدميه وحديثه.
1.1النثر الفني القدمي
النثــر الفنــي القــدمي هــو مــا كان مقتصــر ًا علــى األدب العربــي يف عصــوره القدميــة ،بــدء ًا مــن
فتــرة مــا قبــل اإلســام وإلــى نهايــة العصــر العثمانــي ،ومنــه :اخلطابــة ،والوصايــا ،واملنافــرات،
واحلكم واألمثال ،واملناظرات ،والقصص ،واحلكايات ،واملقامات ،والرسائل.
.أاخلطابة:
اخلطابــة جنــس نثــري يتوجــه فيــه شــخص يتميــز بالبالغــة والفصاحــة والقــدرة علــى التعبيــر
إلــى مخاطبــة اجلمهــور مباشــرة ،وهدفــه :التأثيــر يف مســتمعيه يف قضيــة اجتماعيــة أو دينيــة أو
ويســمى العمــل األدبــي املنتمــي إلــى هــذا اجلنــس (خُ ْط َبــة) ،وللخطبــة
ّ سياســية يطرحهــا،
واخلطيب خصائص منها:
• •البنــاء اللغــوي احملكــم القائــم علــى أســاس املفــردات القريبــة الســهلة ،واجلمــل القصيــرة
باملقدمات،
املترابطــة الواضحــة ،فاألســلوب القــوي البــارع املؤثــر هــو الذي ترتبــط فيــه النتائــج ّ
ويقوم فيه اإلقناع الفني بدوره إلى جانب اإلقناع العقلي.
• •طالقــة لســان اخلطيــب ،وجهوريــة صوتــه ،وقــوة شــخصيته ،ووضــوح ُح َج ِجــه ،وقدرتــه علــى
التأثير.
وتتألــف اخلطبــة مــن مقدمــة ووســط وخامتــة حيــث يلجــأ اخلطيــب يف املقدمــة إلــى محاولــة
اســتمالة مســتمعيه وتشــوقيهم بعــرض القضيــة عرضـ ًا موجــز ًا أو اإلشــارة إليهــا ،ثـ ّـم يعرضهــا يف
مدعمــة بالبراهــن واحلجــج العقليــة املتمثلــة يف االســتدالل باملسـ َّلمات ،واحلجــج
مفصلــة ّ
الوســط َّ
يلخص حل َكم واألمثال ،ثم ِّ النقلية املتمثلة يف إيراد اآليات القرآنية ،واألحاديث النبو ّية وا ِ
21
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
مــا توصــل إليــه يف اخلامتــة ،واملعتــاد يف اخلطــب اإلســامية أن تبــدأ بالبســملة واحلمــد،
النبي ،وتختم بالدعاء. والصالة على ّ
وقــد ُعرفــت اخلطابــة يف مختلــف العصــور األدبيــة العربيــة القدميــة ،فقــد كانــت اخلطــب قبــل
اإلســام تلقــى يف األســواق العامــة واملنتديــات ،مثــل :خطبــة قــس بــن ســاعدة اإليــادي التــي
ألقاهــا يف ســوق عــكاظ ُقبيــل البعثــة ،وعندمــا ظهــر اإلســام أَولَــى اخلطابــة عنايــة خاصــة حتــى
غــدت جــزء ًا مهمــا يف كثيــر مــن العبــادات ،كاجلمعــة ،واألعيــاد ،واحلــج ،وأصبحــت يف صــدر
اإلســام ويف العصــور التاليــة لــه تقليــد ًا يؤديــه القــادة أمــام اجلنــود ،واحلــكام والــوالة أمــام رعيتهــم
عند توليهم األمر ،كما كانت أداة العلماء واألئمة يف نصحهم ووعظهم.
.أالوصايا:
يتوجــه بــه املتك ّلــم إلــى املخاطــب وموضوعهــا املســائل التــي الوصيــة هــي خطــاب مباشــر ّ ّ
والصلــح ،وإذا كانــت اخلطبــة ُتفتتــح بنــداء اجلمــوع مثــل: تتعلــق باألســرة ،كال ـ ّزواج وامليــراث ّ
الشــخص الواحد، الوصيــة عــادة مــا كانــت ُتف َت َتح بنــداء ّ
ّ (أ ّيهــا ال ّنــاس) ،أو (أ ّيهــا املؤمنــون) ،فــإنّ
ني) أو (أي ُبنية)( ،أو ما شابه ذلك. ني) أو (أي ُب َّ مثل( :يا ُب ّ
.باملنافرات:
قوليــة يحتكــم فيهــا اثنــان مــن فصحــاء العــرب إلــى أحــد احلكمــاء، املنافــرة خصومــة ّ
أدبيــة ّ
ويتفاخــران فيهــا باألنســاب ،واألحســاب ،والقــوة ،واجلــاه ،واملجــد ،والكــرم ،والشــجاعة،
والســؤدد ،ومــن خصائصهــا أن تكــون مســجوعة قصيــرة اجلمــل -يف األعــم األغلــب -و ُيكثــر فيهــا
اســتخدام ضميــر املتك ّلــم للمفــرد أو للجمــع ،وقــد اقتصــر شــيوع هــذا اجلنــس األدبــي علــى عصــر
وأميــة بــن عبــد شــمس،مــا قبــل اإلســام ،ومــن أشــهر مناذجــه منافــرة هاشــم بــن عبــد منــافّ ،
ومنافرة علقمة وعامر بن طفيل أمام الفزاري.
حل َكم واألمثال: .جا ِ
األغلــب هــو أن ال تنشــأ احلكــم واألمثــال إ ّال يف إطــار جنــس أدبـ ّ
ـي آخــر ،وهــي لذلــك قــد
الشــعر ،أو يف مقولــة نثر ّيــة ،وقــد تــرد يف حكايــة ،أو يف قصيــدة ،أو
تكــون يف شــكل بيــت مــن ّ
تلخــص جتربــة صاحبهــا يف
وصيــة ،واحلكمــة أو املثــل مقولــة موجــزة مك ّثفــة ّيف خطبــة ،أو يف ّ
احلياة.
22
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
وإذا كان املثــل ُيلقــى يف موقــف خــاص ويكــون م ّتصــا بــه ا ّتصــا ًال وثيقـ ًا يف معانيــه ومفرداتــه،
ثـ ّـم ُي َع َّمــم معنــاه فيكــون صاحلـ ًا للتعبيــر عــن املواقــف املشــابهة ،فاحلكمــة تكــون عا ّمــة شــاملة يف
معناها ويف مفرداتها.
ـنِ) ،وهــو ُيضــرب ملــن يرجــع خائب ـ ًا خاســر ًا لــم (ر َجـ َـع ِبخُ ّفــي ُح َنـ ْ
ومــن األمثــال قولهــمَ :
ـي بــأن ألقــى لــه خفّيــه واختفــى، يظفــر مبــا كان يريــد ،وأصلــه َّأن ُحنينـ ًا هــذا احتــال علــى أعرابـ ّ
فعثــر األعرابــي علــى أحدهمــا وجعــل يبحــث عــن اآلخــر ح ّتــى ابتعــد عــن راحلتــه فاســتولى
عيــر
فعيــره النــاس بذلــك ،ثـ ّـم صــار ُي ّ ـنِ)ّ ، (ر َجـ َـع ِبخُ ّفــي ُح َنـ ْ
عليهــا ُحنــن وكان نصيبــه هــو أنَْ :
كل مــن يفعــل فعــل ذلــك الرجــل ،فانظــر كيــف صــار ذلــك املثــل عا ًّمــا ،ومــن ا ِ
حل َكــم قــول بــه ّ
الطمــع ـد» ،وهــو قــول يحـ ّـذر مــن ّ ـي بــن أبــي طالــب -رضــي اهلل عنــهَّ :-
«الط َمـ ُـع ِر ٌّق ُم َو َّبـ ٌ علـ ّ
حدد. بصورة عا ّمة دون أن يرتبط مبوقف ُم ّ
.أاملناظرات:
املناظــرة حــوار بــن شــخصني أو أكثــر يف قضيــة مــا فيتناظــران ،أي :يتبــادالن احلجــج يف تأييــد
ٍّ
كل رأيــه ،ودحــض الــرأي اآلخــر ،واملناظــرة األدبيــة هــي تلــك القضايــا املطروحــة ممّــا يهتــم بــه
كقضيــة اللفــظ واملعنــى ،أو قضيــة املفاضلــة بــن صناعــة احلســاب وصناعــة اإلنشــاء ،أو ّ األدب،
كاملناظرات التي جتري بني املتخاصمني يف ميداني السياسة والفكر.
ـي العتمــاده علــى العقــل واملنطــق اللذيــن وقــد شــاع هــذا اجلنــس األدبــي يف العصــر العباسـ ّ
أبوحيــان ال ّتوحيــدي يف كتابــه (اإلمتــاع
ّ كانــا ســمة العصــر ،وقــد اشــتهر يف النــوع األول منــه
ـوردي املُ َتو َّفــى ســنة
واملؤانســة) ،كمــا اشــتهر يف النــوع ال ّثانــي عــد ّد مــن األدبــاء ،منهــم :ابــن الـ ّ
السيف والقلم). 749هـ يف مناظرته (بني ّ
.بال ِقصص واحلكايات:
األدبيــة هــو أنّ هنــاك نوعـ ًا منهــا يبــدو محاولــة لتقليــد مــا يحــدثّ مــا ُيلحــظ علــى األجنــاس
خيــل للمشــاهد أنّ هــذا ال ّتقليــد هــو الواقــع نفســه، علــى أرض الواقــع ومحاكاتــه ح ّتــى إ ّنــه ُلي ّ
ـخصيات
الشـ ّالشــخصيات يف القيــام مبــا تقــوم بــه ّ يوظــف ّ ومــن أهــم ســمات هــذا ال ّتقليــد أ ّنــه ّ
ـخصيات فاعلــة تتطـ ّـور وفــق مجموعــة مــن األحــداث املتسلســلة احلقيقيــة يف احليــاة ،فهــي شـ ّّ
هينــة بســيطة ثـ ّـم تتطـ ّـور وتتع ّقــد ح ّتــى تبلــغ الـ ّـذروة يف تعقّدهــا ،ثـ ّـم تبــدأ يف ّ
الســير التــي تبــدأ ّ
تدريجيا ح ّتى تبلغه يف ال ّنهاية.
ّ نحو ّ
احلل
23
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ويظهــر هــذا اجلنــس األدبــي يف أشــكال مختلفــة ال يجمــع بينهــا مــن أوجــه ال ّتشــابه إال
مطولــة
ـدم يف شــكل جمــل وعبــارات متعاقبــة ،قــد تكــون ّ ـخصيات ،وهــي ُت َقـ َّ
والشـ ّ األحــداث ّ
تعــرض حيــاة كاملــة ،أو قصيــرة موجــزة تصــف مشــهد ًا مــن مشــاهد احليــاة ،وقــد تكــون دقيقــة
وأمينــة يف نقــل الواقــع ،وقــد تتجــاوزه إلــى آفــاق اخليــال احمل ّلــق ،وهــذا النــوع هــو :القصــص
حيوانيــة،
ّ قصــة قصيــرة أو أســطورة أو حكايــة تاريخيــة أو روايــة أو ّ
ّ الســردي ا ّلــذي قــد يكــون ّ
قصــة
وإذا ُقـ ِّد َم العمــل الفنــي يف شــكل حــوار فهــو مــا نطلــق عليــه مصطلــح (املســرحية) ،ولــم يعــرف
ـي مــن ـي القــدمي املســرح الشــعري ،وال املســرح النثــري إ ّال مــا ُعــرف يف األدب اململوكـ ّ األدب العربـ ّ
الظل).املسمى بـ( :خيال ّ الهزلي ّ
ّ مثيلي
القصص ال ّت ّ
ـص الســردي يف ســير األنبيــاء واألبطــال وقصــص ال ُع ّشــاق ،ثـ ّـم األســاطير ا ّلتــي ويتمثــل القـ ّ
كالســيرة الهالليــة ،وســيرة ال ّزيــر ســالم ،وســيرة عنتــرة ،والقصــص الشــعبيةّ ، الســير ّمت ّثلهــا ّ
قضيــة
الصفــا) ،ومــن بينهــا رســالة ّ قدمتهــا جماعــة (إخــوان ّ ـفي املتمثــل يف القصــص ا ّلتــي ّ الفلسـ ّ
حــي بــن يقظــان ا ّلتــي صاغهــا الفالســفة اجلــن ،وقصــة ّ ّ اإلنســان واحليــوان أمــام محكمــة
ـي ،وال ينبغــي أن تغيــب عــن القصــة التــي ألفهــا ابــن طفيــل األندلسـ ّ صياغــات متعــددة أشــهرها ّ
املعري.
الشاعر الفيلسوف أبو العالء ّ األذهان (رسالة الغفران) ا ّلتي وضعها ّ
.أاحلكاية:
واحلكايــة اخلرافيــة واحليوانيــة معروفــة يف األدب العربــي ومنهــا( ،ألــف ليلــة وليلــة) ومــا
العشــاق ،واحلكايــات احليوانيــة املتمثلــة يف (كليلــة ودمنــة) ومــا شــابهها،
شــابهها ،وأســمار ّ
الســابقة
ـي أحفــل العصــور القدميــة بهــذا اجلنــس األدبــي ،وإن كانــت العصور ّالعباسـ ّ
ويعـ ّـد العصــر ّ
لــه لــم تخــل مــن وجــود القصــة واحلكايــة غيــر أنّ أكثرها لــم يصلنــا ،وجميــع األجنــاس القصصية
ا ّلتــي أشــرنا إليهــا كانــت معروفــة يف اآلداب اإلنســانية جميعهــا ،إذ لــم يكــن هنــاك أدب خـ ٍ
ـال
اخلرافية أو حكايات احليوان أو القصص الفلسفي. ّ من سير األبطال أو احلكايات
.باملقامات:
ـخصيات وأحــداث مــن صميــم اخليــال كــي ـي يتم ّثــل يف صنــع شـ ّ تخيلـ ّ
وهــي جنــس قصصــي ّ
متاثــل الواقــع ،فــا هــي باألســطورة ا ّلتــي تتجــاوز الواقــع ،وال هــي بال ّتاريــخ ا ّلــذي هــو الواقــع
نفســه ،وقــد عرفهــا العــرب يف العصــر العباســي علــى يــد بديــع الزمــان الهمذانــي الــذي أتــاح لــه
ـخصية روايتــه
ـكندري ،وشـ ّّ ـخصية البطــل األديــب أبــي الفتــح اإلسـ
خيالــه الواســع أن يبتكــر شـ ّ
عيسى بن هشام ،وأ ْن يكتب حولهما مجموعة من املقامات ،ولك ّنها لم تصلنا كاملة وال
24
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـخصية أديــب ،هــو :أبوزيــد
الشــهيرة حــول شـ ّ
ـري؛ فوضــع مقاماتــه ّ
مر ّتبــة ،وجــاء بعــده احلريـ ّ
السروجي وشخصية ٍ
راو يقوم برواية مغامراته وأدبه هو :احلارث بن همام. ّ
وقــد وصلتنــا هــذه املقامــات كاملــة ناضجــة ،لهــا بدايــة تتم ّثــل يف التقــاء ّ
الراويــة بالبطــل أل ّول
«الصنعانيــة» ،نســبة إلــى مدينــة صنعــاء باليمــن ،كمــا أن لهــا نهايــة مـ ّـرة يف املقامــة األولــى ّ
تتم ّثل يف افتراقهما بعد توبة البطل يف املقامة اخلمسني (البصر ّية).
ـي ح ّتــى كانــت بدايــات ال ّنهضــة يف هــذا وقــد أغــرم األقدمــون بالكتابــة يف هــذا اجلنــس األدبـ ّ
اليازجــي مقاماتــه الشــهيرة واملعروفــة بـــ (مجمــع
ّ العصــر ،فوضــع الكاتــب ال ّلبنانــي ناصيــف
الروايــة فأ ْغ ِر ُمــوا بهــا ،وقــد البحريــن) ،ثــم كَ ـ َّ
ـف األدبــاء عــن الكتابــة يف املقامــات عندمــا ظهــرت ّ
الســاخر ،ومغامــرات البطــل األديــب وراويتــه وتنقلهمــا بــن املــدن ــل األســلوب املســجوع ّ َظ َّ
تؤسس عليها بنية املقامات. أهم اخلصائص ا ّلتي ّ واألحياء وهذه من ّ
الرسائل: .أ ّ
يوجهــه األديــب إلــى شــخص قريــب أو أدبيــة نثر ّيــة مؤثــرةّ ، الرســالة خطــاب يف صياغــة ّ ّ
صديــق ،متنــاو ًال شــأن ًا مــن الشــؤون ا ّلتــي تهـ ّـم املُ ِ
رســل واملُ َ
رســل إليــه ،وقــد شــاعت الرســائل يف
العصــر العباســي ،وكان أ ّول ظهورهــا يف أواخــر العصــر ا ُألمــوي علــى يــدي عبداحلميــد الكاتــب
وف سنة 132هـ ،.وقد عرفت عدة من الرسائل منها: الذي ُت ِّ
يوجههــا األدبــاء إلــى األصدقــاء أو اإلخــوان ،يب ّثونهم
الرســائل التــي ّ اإلخوانيــة وهــي ّ
ّ الرســائل
فيهــا أشــواقهم أو يعاتبونهــم علــى مــا بــدر منهــم ،أو ينصحــون لهــم ويح ّثونهــم علــى القيــام بأمــر
يحبونه.
ّ
عمالهــم يف املُــدن واألمصــار يوانيــة وهــي ا ّلتــي يوج ّههــا احلــكام والــوالة إلــى ّ
الد ّ
الرســائل ّ
الدولة.
ملخاطبتهم يف شأن من شؤون ّ
األدبيــة وهــي التــي يوج ّههــا األدبــاء إلــى عا ّمــة ال ّنــاس يف موضــوع مــن املوضوعــات
ّ الرســائل
ّ
االجتماعية أو األدبية.
ولــكل نــوع مــن هــذه الرســائل خصائــص ت ّتصــل بوظيفتهــا مــن ناحيــة ،وبالعصــر الــذي
ظهرت فيه من ناحية أخرى.
25
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الرحالت:
.أأدب ّ
الرحلــة جنــس أدبــي نثــري ينتمــي إلــى أجنــاس القصــص لقيامــه علــى األحــداث أدب ّ
ــردي
الس ّ ووصــف الشــخصيات واألماكــن ،واعتمــاده علــى الزمــن ،وانتمائــه إلــى القصــص ّ
الرحالــة ّ
يســجل فيهــا ّ بســبب قلــة األحــداث ،ويكــون يف جمــل وعبــارات مترابطــة متعاقبــة
مشاهداته يف األماكن التي زارها يف أسلوب أدبي يعتمد على اإلثارة والتشويق.
عامليــا مرموقـ ًا معروفـ ًا يف اآلداب اإلنسـ ّ
ـانية جميعهــا قدميـ ًا وحديث ًا، الرحلــة جنسـ ًا ّ
أدبيــا ّ و ُت َعــدُّ ّ
علميــة جغرافيــة أساســها رغبــة اإلنســان يف التعــرف إلــى العالــم مــن رغــم أ ّنــه ابتــدأ بدايــة ّ
حولــه ،وإيصــال معارفــه تلــك إلــى بنــي وطنــه عــن طريــق تســجيل مــا ميـ ّـر بــه مــن مشــاهدات يف
الرحلــة عنــد العــرب منــذ عصــر مــا قبــل ـي فقــد عرفــت ّ أثنــاء رحالتــه ،أ ّمــا يف األدب العربـ ّ
يترحلــون للتأمــل واملعرفــة ولقضــاء مختلــف أغراضهــم املعيشـ ّـية ،ويف العصــر اإلســام إذ كانــوا ّ
الرحالــة ا ّلذيــن دو ّنــوا رحالتهــم ،مثــل:
وعـرِف كثيــر مــن ّ العباســي شــاع هــذا اجلنــس األدبــي ُ
ـوي ،وابــن بطوطــة ـي ،وابــن جبيــر ،وياقــوت احلمـ ّـي ،واإلدريسـ ّ ـعودي ،واملقدسـ ّ
ـي ،واملسـ ّ اليعقوبـ ّ
العربي القدمي.
ّ ا ّلذي كانت رحلته أطول رحلة عرفها األدب
26
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
30
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
31
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األدبية
ّ املذاهب
بقيــة جوانــب احليــاة -عــن اجتاهــات يعــده األدبــاء ومــا يكتبونــه يكشــف -مثــل ّ َّإن مــا ّ
ـن يف إبــراز قدرتــه علــى اإلبــداع ،فيبــذل ـجيتها ،وذاك يتفـ ّ مختلفــة فهــذا يرســل نفســه علــى سـ ّ
ـس بــه ومــا يعانيــه ،وهــذا يصطنــع األســلوب اجلــا ّد،عمــا يحـ ّ
جهــده يف تصويــر مشــاعره وال ّتعبيــر ّ
والسخرية. وآخر مييل إلى الفكاهة ّ
والدارســون هــذه االختالفات أ ْن يدرســوا األدب مــن خاللها، ومــن الطبيعــي إذ يالحــظ ال ّن ّقــاد ّ
وأ ْن يص ّنفــوه بحســبها فيمــا درجــوا علــى تســميته (املذاهــب األدبيــة) ،التــي تذكرنــا باملذاهــب
الفلســفية والسياســة واالجتماعيــة والدينيــة التــي عرفتهــا حضــارات األمم ،وأغلــب املذاهــب
األدبيــة تبــدو متأثــرة باملذاهــب املذكــورة ،أو مؤثــرة فيهــا بنــاء علــى َّأن األدب هــو ابــن احليــاة
ّ
ونتاج احلضارة ،وتفاعله معهما يبدو ضرور ًّيا ومحتم ًا.
وقــد ُعرفــت املذاهــب األدبيــة يف القــدمي كمــا ُعرفــت يف احلديــث ،وإن اختلفــت هــذه املعرفــة
وطرقهــا ،ومــن أجــل ذلــك ســنتعرض لهــذه املذاهــب يف قدميهــا وحديثهــا يف األدب العربــي
خاصة.
1.1املذاهب األدبية القدمية (مذهبا الطبع والصنعة)
ُيلحــظ َّأن أكثــر مــا ركــز عليــه ال ّنقــاد العــرب القدمــاء عند دراســتهم األدب شــعر ًا هو األســلوب
والصياغــة اللغويــة ،ومــن أجــل ذلــك الحظــوا َّأن هنــاك مــن الشــعراء والكتــاب مــن يرســل نفســه
علــى ســجيتها فــا يتكلــف وال يتصنــع وال يجهــد نفســه يف صياغــة عملــه األدبــي ،فنســبوه إلــى
(مذهــب الطبــع) ،كمــا الحظــوا َّأن منهــم مــن يعنــى بأســلوبه ويتفــن يف إبــراز مقدرتــه اللغويــة
ويهتــم باحملســنات البديعيــة فنســبوه إلــى (مذهــب الصنعــة) ،وصنفوا الشــعراء بحســب األغراض
التــي اشــتهروا بهــا :شــعراء الغــزل ال ُعـ ْذري ومنهــم :جميــل بــن َم ْع َمــر ،وشــعراء الغــزل الصريــح
ومنهــم :عمــر بــن أبــى ربيعــة ،وشــعراء السياســة مثــل :الكميــت األســدي ،وشــعراء خمريــات
التصوف مثل :ابن الفارض. ّ مثل :أبي نواس ،وشعراء الزهد مثل :أبي العتاهية ،وشعراء
2.2املذاهب األدب ّية احلديثة (الكالسيكية -الرومانتيك ّية ...إلخ)
ُعرفت يف األدب احلديث مذاهب أدبية كثيرة منها:
● ●الكالســيكية و َت ْع ِنــي الســير علــى أســاليب القدمــاء وطرقهــم يف الكتابــة مبراعــاة القيــود التــي
التزموها.
32
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
● ●الرومانتيكية وتعني النزوع إلى الطبيعة والتغني بها وإيثار املشاعر الفردية.
االجتماعية لإلنسان.
ّ ● ●الواقعية وهي تصوير مباشر للواقع واهتمام باملشكالت
● ●الرمزيــة التــي تــرى َّأن أمثــل طريقــة لإلبــداع األدبــي تتجلــى يف اإليحــاء والرمــز عــن طريــق
الصور املجازية.
● ● البرناســية التــي يؤمــن أنصارهــا باملبــدأ القائــل بـــ« :الفــن للفــن» َّ
وأن هــدف األدب هــو تصوير
اجلمال والتغني به يف مناذج أدبية جميلة رائعة.
33
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
34
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
النقد :مفهومه ،ودوره
ال ّنقــد هــو األداة ا ّلتــي تتــم مــن خاللهــا دراســة األدب ضمــن مناهــج ومعــارف ،وكل األمم
تعــرف ال ّنقــد مــادام األدب هــو بعــض نتاجهــا ،وقــد عــرف النقــد منــذ فتــرة مبكــرة مــن تاريــخ
األدب العربــي ،وإن كانــت تلــك املعرفــة ذات بدايــات ســاذجة فطريــة جتلــت يف تلــك اآلراء
واالنطباعــات التــي يفصــح عنهــا األديــب احملتــرف عندمــا يســمع بيتــا أو قصيــدة فيســتجيدها ،أو
يســتهجنها يف مفرداتهــا ،أو يف معانيهــا ،أو يف صورهــا ،ثــم يطلــب مــن الشــاعر تصويــب مــا يــراه
مــن خطــأ ،غيــر أنــه لــم يعــرف مصطلــح النقــد إال يف بدايــات عصــر ال ّتدويــن ،وذلــك عندمــا بــدأ
العــرب املســلمون يكتبــون تراثهــم وإبداعاتهــم األدبيــة ،ولــم يعــودوا يعتمــدون علــى احلفــظ
كشــأنهم قدمي ـ ًا ،ومــن الطبيعــي أ ْن يرتبــط تطــور النقــد بتطــور احليــاة الثقافيــة وانتشــار الكتابــة
وشيوع التدوين.
تعريف النّقد:
اشــتق مصطلــح (النقــد) مــن نقــد العملــة ،وهــو الضــرب عليهــا ،بغيــة معرفــة صحيحهــا مــن
زائفهــا ،ويعـ ّـرف الدارســون النقــد بأنــه« :فــن تقــومي األعمــال الفنيــة واألدبيــة وحتليلهــا حتلي ـ ً
ا
قائمــ ًا علــى أســاس علمــي» ،ومــن بدايــة هــذا التعريــف نــدرك أن النقــد ليــس حكــر ًا علــى
األدب وإمنــا يشــاركه فيــه الفــن أيضـ ًا ،وهــو الــذي يعــد األدب فرعـ ًا مــن فروعــه ،كمــا نــدرك بعــد
هــذا أن النقــد هــو عمليــة حتليــل ،والتحليــل يعنــي تفكيــك العمــل ومعرفــة عناصــره املكونــة لــه،
ومــن البدهــي أ ْن يقــوم ذلــك التحليــل علــى أســاس علمــي ،إذ تراعــى فيــه األســس واملبــادئ
التــي تراعــى يف أي بحــث علمــي إال َّأن الــذوق يبــدو شــرط ًا مهمــا يف عمليــة حتليــل العمــل الفنــي
واألدبي حيث َّإن الفن جمال ،واجلمال يدرك بالذوق.
النّقد القدمي ،والنّقد احلديث:
النقــد تبــع لــأدب ،وبحســب تنــوع األدب وتعــدد اجتاهاتــه يكــون النقــد ،ومــن هنــا يتبــن لنــا
أن النقــد القــدمي كان قائم ـ ًا علــى أســاس مــن توجيــه األديــب وتعليمــه وتقييــم مــا ينتــج مــن
ـا -يحاســب علــى مــا قــد يرتكبــه مــن أخطــاء لغويــة أو أعمــال أدبيــة ،فقــد كان الشــاعر -مثـ ً
ذوقيــة أو تاريخيــة ،وكان يلجــأ إلــى تنقيــح عملــه ومراجعتــه خو ًفــا مــن ال ّنقــاد وســطوتهمُ ،
وك ُتــب
النقــد القدميــة مليئــة بالتعليمــات والتوجيهــات التــي حتــاول أ ْن ترســم طريق ـ ًا لألديــب ال يحيــد
عنها.
35
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ويختلــف ال ّنقــد احلديــث عــن ذلــك يف كونــه أكثــر مي ـ ً
ا إلــى املناهــج العلميــة التــي تتنــاول
عمــل األديــب بالوصــف والتحليــل ،هادفــة إلــى كشــف أســراره وإلــى الوقــوف علــى مــا يتضمنــه
من قيم ومبادئ ،وإلى مناقشة ما يعاجله من موضوعات وما يقدمه من أفكار.
األسئلة
36
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
البالغة :مفهومها ،ووظيفتها
إن كل مــا يتعلــق بــاألدب إمنــا يرتكــز علــى ركيــزة أساســية البــد منهــا ،وهــي التــي جتعلــه ذا
تأثيــر يف النفــوس ،وجتعــل القــارئ يشــعر بــأن هــذا العمــل الــذي يطلــع عليــه إمنــا هــو إبــداع ،وأ ّنــه
ينتمي إلى الفن ،ولعل السر يف ذلك كله يكمن يف البالغة.
تعريف البالغة:
أي :قبــل أن تخضــع للعلــم والبحــث ،وقــد حــاول األدبــاء تعريــف البالغــة يف بدايــة األمــرْ ،
وردت فيهــا تعريفــات كثيــرة تــدل علــى مــدى اهتمــام العــرب بالبالغــة وســعيهم يف معرفتهــا
وكشــف أســرارها بغيــة كشــف أســرار اإلعجــاز القرآنــي؛ للوقــوف علــى ســر بالغــة اآلثــار األدبيــة
التــي ورثوهــا عــن أســافهم ،إلــى جانــب رغبتهــم يف تعليــم النــشء مــن أبنائهــم أســس البالغــة
حتــى تنفتــح أمامهــم ســبل اإلبــداع الــذي هــو غايــة الرقــي اإلنســاني ،ثــم إنهــم مــا زالــوا يعيدون
النظــر فيهــا بعــد أن اكتملــت لديهــم أدوات البحــث حتــى بــدا لهــم أنهــا تتمثــل يف ال َّن ْظــم ،أي
صياغــة الــكالم ،وهــو مــا قــال بــه جماعــة مــن العلمــاء ،كمــا أدركــوا َّأن البالغــة تتمثــل يف
الصــور البيانيــة التــي يصوغهــا األديــب للتعبيــر عــن فكرتــه ،ثــم يف احملســنات البديعيــة التــي
تكمــن يف رصــف املفــردات بطريقــة جماليــة خاصــة داخــل النــص ،وكان آخــر مــا توصلــوا إليــه
هــو أنهــم َع َّرفــوا البالغــة بأنهــا «مطابقــة الــكالم الفصيــح ملقتضــى حــال املخاطبــن ،ومراعــاة
ـال مــن الثقافــة ُو ِّجــه إليهــم كالماملوقــف الــذي يقــال فيــه» فــإن كان املخاطبــون علــى قــدر عـ ٍ
يناســبهم وإ ْن كانــوا متوســطي الثقافــة واملعرفــة ُو ِّجــه إليهــم كالم يناســب حالهــم ،والــكالم الــذي
يقال يف الفخر غير الكالم الذي يقال يف موقف الهجاء وهكذا.
الفصاحة وعالقتها بالبالغة:
الفصاحــة مــن الشــروط التــي ينبغــي توفرهــا يف ال ّنــص ويف األديــب لتتــم لديــه آلــة البالغــة،
وقــد َعـ َّـرف البالغيــون الفصاحــة بأنهــا( :الوضــوح والظهــور وعــدم الغمــوض) ،وبينــوا َّأن الفصاحة
ميكن أ ْن توصف بها الكلمة ،والكالم ،واملتكلم.
والبالغــة ال تتــم وال تتحقــق يف العمــل األدبــي إال إذا حتققــت فيهــا الفصاحــة ،أ َّمــا البالغــة
فليســت شــرط ًا يف الفصاحــة؛ لكــون البالغــة أعـ ّـم وأشــمل ،ثــم لكونهــا املرتبــة الكالميــة التــي
يهــدف كل متكلــم إلــى بلوغهــا ،والتــي ميكنــه عــن طريقهــا أ ْن يؤثــر يف املخاطــب الــذي يتوجــه
إليه بكالمه ،وبهذا ندرك أن البالغة تقتصر على الكالم واملتكلم وال توصف بها الكلمة،
37
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
وهــو مــا قــرره الســابقون وا ّلالحقــون مــن علمــاء البالغــة إلدراكهــم َّأن الكلمــة عندمــا تكــون
خــارج نطــاق التركيــب إمنــا هــي مــادة خــام ،ولبنــة خــارج البنــاء ،فــا يحكــم عليهــا بجمــال وال
بقبح.
األسئلة
السر يف ذلك؟
1.1اهتم العرب بالبالغة ،وسعوا إلى معرفتها وكشف أسرارها .فما ّ
2.2أكمل:
الفصاحة تعني ...................والظهور وعدم .............
البالغة هي ....................
3.3هل البالغة شرط يف الفصاحة؟ َو َّض ْح.
38
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسلــوب
األســلوب هــو أهــم مــا َت َّت ِجـ ُه علــوم البالغــة إلــى دراســته ،وإلــى توجيــه األديــب واملتعلــم إلــى
معرفتــه ،والوقــوف علــى أنواعــه ومــا يتميــز بــه مــن خصائــص ،ثــم معرفــة مــا ميكــن أن يتعــاوره
من عيوب ،وما يتحلى به من صفات اجلمال ،والكمال ،واإلبداع.
مفهوم األسلوب ،وعناصره:
األســلوب يف اللغــة هــو الطريقــة التــي يتعامــل بهــا اإلنســان مــع األشــياء ومــع النــاس يف
ّ
فلــكل واحــد منــا أســلوبه يف املــأكل واملشــرب وامللبــس ،ويف التعامــل مــع حياتــه اليوميــة،
اآلخريــن ،ثــم يف التفكيــر واحلديــث والكتابــة ،ولذلــك قــال بعــض العلمــاء« :إن األســلوب هــو
الرجــل نفســه» ،وال تــكاد حقيقــة األســلوب يف األدب تختلــف عنهــا يف االســتعمال الســابق ،إذ
يبــدو َّأن لــكل كاتــب صبغتــه التــي يصطبــغ بهــا عملــه األدبــي ،ولــكل كاتــب مفرداتــه اخلاصــة
التــي يكثــر مــن اســتعمالها ،كمــا َّأن لــكل كاتــب صياغتــه اخلاصــة لتلــك املفــردات ضمــن
التراكيــب التــي تســمح بهــا قواعــد اللغــة ،ومــن هنــا ميكــن تعريــف األســلوب بأ ّنــه «طريقــة
اإلنسان يف التعبير عن نفسه كتابة ومشافهة» ،ويكون ذلك تبع ًا لعناصر ثالثة هي:
1.1شخصية الكاتب :وتتضمن املوقف النفسي والثقافة واملعتقد والبيئة.
2.2اللغــة التــي يســتخدمها :وهــي املفــردات والتراكيــب التــي مييــل الكاتــب إليهــا ،فلــكل
كاتــب معجمــه اخلــاص ولغتــه اخلاصــة ،مهمــا بــدا أنــه يشــترك مــع اآلخريــن يف طريقــة
تعامله مع اللغة.
3.3املوضــوع الــذي يتناولــه :ويشــمل ذلــك طريقــة تنــاول الكاتــب للموضــوع ،وطبيعــة
املوضــوع نفســه مــن حيــث التنــاول اجلــاد أو الســاخر ،ثــم مــن حيــث اتصــال املوضــوع
بهذا اجلانب من احلياة أو ذاك.
فاملوضــوع األدبــي غيــر املوضــوع العلمــي ،واملوضــوع التاريخــي غيــر املوضــوع االجتماعــي
وهكذا.
وقــد الحــظ الباحثــون -وفــق هــذه العناصــرَّ -أن أســاليب األدبــاء تختلــف بحســب العصــور
والبيئــات ،وبحســب الثقافــات واللغــات واللهجــات ،فمــا مــن عصــر وال بيئــة يظهــر فيهــا هــذا
العمــل األدبــي أو ذاك ،ومــا مــن ثقافــة وال لغــة وال لهجــة إ ّال ويبــدو أن األديــب قــد خضــع فيهــا
للمؤثرات املختلفة التي تفرضها طبيعة تعامله معها ،وكذلك يختلف من جنس أدبي إلى
39
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
آخــر ،ثــم بحســب املوضوعــات واملضامــن التــي تناولهــا وطبيعتهــا األدبيــة أو العلميــة أو مــا
شابه ذلك ،كما يختلف بحسب التراكيب اللغوية التي ُيعنى بها علماء النحو والبالغة.
أنواع األساليب:
يص ّنــف الدارســون األســلوب مــن حيــث شــكله األدبــي ،وتنــوع تراكيبــه ،فمــن حيث شــكله
الشــعر والنثــر ،وهمــا أظهــر األســاليب وأوضحهــا؛ لقيــام االختالف يقســمونه إلــى قســمني همــاِّ :
فيمــا بينهمــا علــى أســاس اختــاف املوســيقا واإليقــاع ،حيــث يبــدو اإليقــاع منتظمـ ًا واضحـ ًا يف
وخفيــا وغيــر منتظــم يف النثــر ،ومــن أجــل ذلــك سـ ّـمي الشــعر نظمـ ًا النتظامــه ًّ الشــعر ،ومتنوعـ ًا
العـ ُـروض ،وسـ ّـمي النثــر نثــر ًا؛ أل ّنــه غيــر منتظــم يف ذلــك النســق فكأ ّنه
يف نســق واحــد هــو نســق َ
حباتــه ،ويصنــف أســلوب النثــر مــن حيــث مضمونــه وطبيعــة مــا يتناولــه مــن عقــد قــد انتثــرت ّ
موضوعات إلى ثالثة أقسام ،هي:
األدبي ،والعلمي املتأدب ،والعلمي:
1.1األسلوب األدبي.
2.2األسلوب العلمي املتأدب.
3.3األسلوب العلمي.
وجنمل الفروق بني هذه األساليب الثالثة فيما يأتي:
1.1يركــز األســلوب األدبــي علــى إبــراز ذات األديــب ،وعلــى موقفــه مــن املوضــوع املطــروح،
أ َّمــا األســلوبان العلمــي املتــأدب والعلمــي فيســتبعدان هــذا اجلانــب متامـ ًا ،مــع االعتمــاد
على جانب املوضوعية.
2.2مييــل األســلوب األدبــي إلــى التعبيــر عــن العاطفــة ،وإلــى تصويــر مــا تختلــج بــه النفــس
مــن مشــاعر وأحاســيس ،أ َّمــا األســلوبان اآلخــران فيعبــران عــن احلقائــق العلميــة
املجردة.
3.3يتميــز األســلوب األدبــي بتكثيــف الصــور البيانية املاثلــة يف التشــبيه ،واملجــاز ،والكناية،
ويقتصــد األســلوب العلمــي املتــأدب يف اســتعمالها ،أ ّمــا األســلوب العلمــي فيســتبعدها
متاما إ َّال ما يختص من أنواع التشبيه بالكشف عن احلقيقة املجردة.
4.4يتصــف األســلوبان األدبــي والعلمــي املتــأدب بجمــال الصياغــة ورشــاقة اجلمــل
والعبارات ،ويظل األسلوب العلمي يف ذلك رهينة املوضوع الذي يتناوله.
40
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
1.1ال يســتخدم األســلوب األدبــي شــيئ ًا مــن املصطلحــات ،أ ّمــا األســلوب العلمــي املتــأدب
فيحــاول التخلــص مــن املصطلحــات وال يســتخدمها إال عنــد الضــرورة ،ويظــل األســلوب
العلمي هو مجال املصطلحات ومسرحها.
وينبغــي أ ْن نــدرك أنّ القدمــاء مــن النقــاد كانــوا يصنفــون أســاليب النثــر عامــة يف نوعــن همــا
(أسلوب السجع وأسلوب الترسل):
1.1أســلوب الســجع :هــو األســلوب النثــري الــذي تتســاوى فيــه جملتــان أو أكثــر يف املقاطــع
وتتفقان يف أحرف الفواصل ،كما ميتاز بكثرة احملس ّنات البديعية.
2.2أســلوب الترســل :وهــو األســلوب الــذي يخلــو مــن كل ذلــك إذ يسترســل فيــه الكاتــب
دون االعتنــاء بالفواصــل واألســجاع ،ودون االعتنــاء باحملســنات البديعيــة إ َّال مــا جــاء
منها عفو اخلاطر ودون قصد.
ويقســم علمــاء البالغــة األســاليب مــن حيــث تنــوع تراكيبهــا داخــل النــص الواحــد إلــى:
أسلوب خبري ،وأسلوب إنشائي.
1.1األســلوب اخلبــري :وهــو الــذي يصــاغ لإلخبــار عــن أمــر مــا قــد حــدث يف املاضــي أو
يحــدث يف احلاضــر أو ســيحدث يف املســتقبل ،ويعــرف البالغيــون اجلملــة اخلبريــة بأنهــا:
«قــول يحتمــل الصــدق أو الكــذب لذاتــه» ،أي َّأن مضمونهــا ميكــن نفيــه أو تصديقــه،
فــإذا أخبــر شــخص مــا عــن قيــام فــان يف املاضــي فقــال« :قــام فــان» جــاز لــك أن
تشــكك يف حــدوث هــذا اخلبــر ولذلــك قيــدوا التعريــف بقولهــم «لذاتــه» مــن دون النظــر
إلى قائله.
2.2األســلوب اإلنشــائي :وهــو الــذي يصــاغ للداللــة علــى طلــب القيــام بفعــل مــن األفعــال
يف الزمــن املســتقبل ،أو يصــاغ لالســتفهام عــن حقيقــة حــدوث أمــر مــا يف املاضــي أو
احلاضر أو إمكان حدوثه يف املستقبل.
وجميــع ذلــك يتحقــق يف نوعــن مــن اجلمــل وهمــا اجلمــل الطلبيــة ،وهــي أنــواع أهمهــا:
األمــر ،والدعــاء ،والنهــي ،واالســتفهام ،والنــداء ،والتمنــي ،واجلمــل غيــر الطلبيــة وهــي:
الترجي ،والتعجب ،واملدح ،والذم ،والقسم ،واإلشفاق.
41
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
1.1ضع عالمة ( )أمام العبارة الصحيحة وعالمة (×) أمام العبارة اخلاطئة:
( ) .أميتاز األسلوب العلمي بتكثيف الصور البيانية.
( ) .بيستخدم األسلوب األدبي الكثير من املصطلحات.
( ) .جمييل األسلوب العلمي إلى التعبير عن العاطفة .
( ) .دأسلوب الترسل هو الذي يصاغ للداللة على طلب القيام بفعل.
( )
.هاألسلوب يف اللغة هو الطريقة التي يتعامل بها اإلنسان مع األشياء.
2.2ما الفرق بني األسلوب اخلبري ،واألسلوب اإلنشائي؟
42
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
القيم اجلمالية لألسلوب
القيــم جمــع قيمــة ،والقيمــة كل مبــدأ جميــل أو خيــر نؤمــن ونهتــدي بــه يف شــؤوننا احلياتية،
والقيــم اجلماليــة لألســلوب هــي تلــك الســمات والشــروط التــي جتعــل منــه أثــر ًا بليغـ ًا ً
محببــا إلــى
النفــس ،ومــن البدهــي َّأن هــذه القيــم هــي ممــا تهتــم بــه علــوم البالغــة ،وما يهمنــا هما األســلوبان
األدبي والعلمي املتآدب أ ّما األسلوب العلمي فعالقته باألدب محدودة.
من القيم اجلمالية لألسلوب:
1.1الترابط ووحدة املوضوع:
متالحمــا مترابــط اجلمــل والعبــارات ،حتــى أَنــك ال حتــذف
ً ـص
ونعنــي بذلــك أن يكــون ال ّنـ ّ
منــه كلمــة أو عبــارة أو جملــة إال أحدثــت فيــه ثغــرة ،وأشــعرت القــارئ بــأن هنــاك شــيئ ًا مــا
ينقصــه ،فــإذا كان األســلوب مفـ ً
ـككا أو كان يتنــاول عــدد ًا مــن املوضوعــات يف وقــت واحــد ُعـ َّ
ـد
عيب ًا من عيوبه.
2.2التطور والنمو:
وهــو أن يتنــاول الكاتــب املوضــوع الــذي هــو بصــدده فيبتدئــه مــن أوله ،ثــم يســعى يف توضيحه
ا فينتهــي العمــل األدبــي بانتهائــه ،ويكــون وإظهــاره شــيئ ًا فشــيئ ًا حتــى يبــدو واضح ـ ًا مكتم ـ ً
العمــل بذلــك قــد اكتســب أهــم شــرطني مــن شــروط اكتمالــه وهمــا النمــو والتطــور اللــذان يكــون
افتقاده إياهما مدعاة لتشوشه واضطرابه وافتقاده أهم مقومات جماله.
3.3الدقة والوضوح وعدم الغموض:
بــأن يســتخدم الكاتــب الكلمــات يف مواضعهــا الصحيحــة ،وأن تخضــع عباراتــه للقواعــد
اللغوية ،وأن يبتعد عن األلفاظ الغريبة.
4.4اإليحاء والعمق وعدم السطحية واالبتذال:
وأهــم مــا يحقــق ذلــك هــو تكثيــف العبــارة ،والســعي إلــى أ ْن تــورد املعانــي الكثيــرة يف األلفــاظ
القليلــة ،ويكــون ذلــك يف اختيــار األلفــاظ القويــة املوحيــة ،ويف الصــور البيانيــة اجلديــدة الطريفــة
املبتكرة ،واالبتعاد عن األلفاظ والتعبيرات السوقية املبتذلة.
43
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
1.1احليوية والنشاط:
أ ْن تكــون التراكيــب املســتعملة قويــة حيــة مبتكــرة ،وأ ْن يكــون الســياق مشــوق ًا يثير التســاؤالت
ويدعــو إلــى البحــث والتفكيــر ،كمــا ينبغــي -يف هــذا الصــدد -أ ْن تكــون العواطــف جياشــة تثيــر
املتلقــي وتدفعــه إلــى االنفعــال وإلــى مواكبــة العمــل الفنــي ،وأ ْن تكــون الصياغــة بعيــدة عــن ّ
كل
ما يحدث امللل والضجر من حشو وتكرار وإطالة.
2.2املوسيقا الداخلية واخلارجية:
أ ْن تكــون املعانــي واأللفــاظ منســجمة متناغمــة ،وأن تكــون اجلمــل متقابلــة متالحمة ،فيشــعر
والروايــة وغيرهــا مــن أجنــاس
املتلقــي بالغنــى املوســيقي يف القصيــدة ،أو يف اخلطبــة واملقالــة ّ
النثر.
واملوســيقا الداخليــة هــي االنســجام يف املعنــى ،والتــاؤم بــن األلفــاظ واملعانــي ،أمــا املوســيقا
اخلارجية فهي السجع واجلناس وغير ذلك مما هو ظاهر يف اللفظ.
اجل َّدة والطرافة:
ِ 3.3
واملقصــود بهمــا أ ْن يكــون املوضــوع املتنــاول جديــد ًا ،أو متنــاو ًال بطريــق فيهــا ِجـ َّ
ـدة وطرافــة،
وأن تكون التراكيب والصور جديدة مبتكرة.
44
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
45
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّ
التعبير واإلنشاء
مــا أكثــر مــا يتســاءل الطــاب عندمــا يطلــب منهــم املعلــم أ ْن يكتبــوا يف موضــوع إنشــائي ،عــن
الطريقــة التــي يكتبــون بهــا ،مــن أيــن يبــدؤون؟ وكيــف يرتبــون أفكارهــم؟ ومــا نــوع املعلومــات
التي يستعينون بها؟ وكيف تكون خامتة املوضوع؟
وتكــون اإلجابــة عــن ذلــك بالقــول إ ّنــه إذا كان علــى الطالــب أن يــدرك َّأن مــا يدرســه مــن
ـص األدب والنصــوص والبالغــة والنقــد والنحــو والصــرف إنّ ــا هــو تدريــب لــه علــى تفكيــك النـ ّ
وفهمــه واســتيعابه ،فــإن عليــه أن يــدرك أيضـ ًا َّأن تكليفــه بكتابــة املوضوعــات اإلنشــائية إمنــا هــو
تدريــب لــه علــى طريقــة تركيــب النصــوص ،أي :صياغتهــا ،فعمليــة تعليــم اللغــة واألدب إمنــا
تقــوم علــى هذيــن املبدأيــن األساســيني( :التفكيــك والتركيــب) ،وكل مــا يدرســه الطالــب يف
اجلانــب األول مــن هــذه العمليــة التعليميــة ،وهــو الــذي يقــوم علــى املبــدأ األول مبــدأ التفكيــك
عليــه أ ْن يفيــد منــه يف اجلانــب الثانــي الــذي يقــوم علــى مبــدأ التركيــب ،فــا ميكــن ألي إنســان
-مهمــا كانــت إمكاناتــه ومهاراتــه -أ ْن يتمكــن مــن الكتابــة مــا لــم يكــن كثيــر القــراءة ،واســع
االطــاع علــى اآلثــار األدبيــة يف اللغــة التــي يريــد الكتابــة بهــا ،كمــا أ ّنــه لــن يتمكــن مــن إجــادة
أيــة لغــة مــا لــم يكــن علــى صلــة مســتمرة بــكل مــا يبــدع فيهــا مــن نصــوص أدبيــة ،إلــى جانــب
وقوفــه علــى قواعدهــا وأســرارها البالغيــة ،ومــن اخلطــوات التــي ينبغــي أ ْن تراعــى عند االســتعداد
للكتابة ما يأتي:
1.1اســتيعاب املوضــوع الــذي يــود الكاتــب الكتابــة فيــه واســتحضاره يف الذهــن ،حيــث َّإن
مــن أهــم مــا يبــدو عقبــة يف عمليــة الكتابــة -حتــى عنــد كبــار ُ
الك َتــاب -هــو التشــوش
يف املوضوع وعدم التمكن منه.
2.2تبويــب املوضــوع وتقســيمه إلــى عناصــر؛ كــي يســتطيع املبــدع أ ْن يصــوغ أفــكاره ويرتبهــا
بنجــاح ،وســيرى َّأن هــذه الطريقــة ســتجنبه اخللــط والتكــرار ،واألفضــل هــو أ ْن يضــع
مخططــ ًا مبدئيــ ًا ،علــى أن يراعــي َّأن لــكل جنــس أدبــي بدايــة وخامتــة ووســط ًا ،وأن
البدايــة هــي مــا تطــرح فيهــا الفكــرة العامــة للموضــوع ،كمــا أن الصلــب هــو مــا تعالــج
فيــه التفاصيــل وتقــدم فيــه االســتدالالت ،أمــا اخلامتــة فهــي مخصصــة يف العــادة لذكــر
النتائج والتوصل إلى احللول.
3.3احلــرص علــى أ ْن يفكــر الكاتــب فيمــا يبــدأ بــه موضوعــه ،وعــادة مــا تكــون البدايــة
بالفكرة العامة الشاملة التي ينطلق منها إلى اخلوض يف التفاصيل ،وينبغي أن
46
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
1.1يتنبه إلى أهمية أن تكون البداية قوية مثيرة لالنتباه.
ألن اجلمل 2.2التفكيــر املســتمر يف كيفيــة صياغــة اجلمــل والعبــارات املتينــة الصائبــة ،ذلــك َّ
والعبــارات هــي أســاس العمــل األدبــي وهــي لبناتــه التــي يبنــى منهــا ،ومــن املهــم جــد ًا
أ ْن يشــمل ذلــك التفكيــر يف مــدى الترابــط بــن اجلزئيــات ،ولتحقيــق ذلــك ينبغــي علــى
الكاتــب أن يــدرك أن عليــه معرفــة الوظيفــة التــي تؤديهــا كل أداة مــن أدوات الربــط ،ومــن
أهمهــا :حــروف العطــف ،وحــروف اجلر ،وأدوات الشــرط ،واألســماء املوصولــة ،وحروف
النصب ،وأدوات اجلزم ،والنواسخ.
ـكل فقــرة مســتقلة إنّ ــا هــي عمــل صغيــر داخــل 3.3مراعــاة تقســيم العمــل إلــى فقــرات ،فـ ّ
العمــل الكبيــر ،إ ْذ تعبــر عــن فكــرة واحــدة مــن األفــكار التــي يطرحهــا الكاتــب والتــي
تشكل يف النهاية الفكرة الكبرى الواحدة للعمل الواحد املتكامل.
4.4ترتيــب الفقــرات يفضــي إلــى وضــوح الفكــرة العامــة ،فعلــى الكاتــب أن يعــرف هنــا أنــه
مــن املهــم -لتحقيــق العمــل املتكامــل -مراعــاة أن تــؤدي كل فقــرة إلــى الفقــرة التاليــة
لها مع جتنب احلشو واالستطراد.
5.5املراجعــة والتنقيــح مــن أســباب تكامــل العمــل األدبــي ،ويعنــي ذلــك أن يراجــع الكاتب
ـب ،ويكــون دائمـ ًا علــى اســتعداد أ ْن يغيــر ويبــدل متــى مــا الحــظ وجــود خطــأ أو مــا كَ َتـ َ
ا ضعــف يف بعــض جزئيــات عملــه ،ورمبــا اقتضــى األمــر أ ْن يعيــد كتابــة العمــل كام ـ ً
مرتــن أو مــرات ،وينبغــي التنبيــه هنــا إلــى َّأن معظــم ُ
الك َّتــاب الكبــار يفعلــون ذلــك دون
أن يجــدوا فيــه حرج ـ ًا؛ ألنهــم يدركــون أن اإلبــداع أمــر لــه عظمتــه وخطورتــه وقيمتــه
االجتماعيــة واإلنســانية ،وأ َّنــه ال خســارة يف بــذل اجلهــد -مهمــا كان -مــن أجــل
إجناحه.
47
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
1.1مــن املهــم أ ْن يحــرص الكاتــب علــى التــزود مــن النصــوص اجليــدة مبــا يعينــه علــى
حتقيــق مــا يطمــح إليــه ،فمــا األعمــال األدبيــة التــي متيــل إلــى قراءتهــا؟ ومــا الــذي
أفدته منها يف كتابة موضوعات اإلنشاء؟
2.2هناك خطوات ينبغي أن تراعى عند االستعداد للكتابة ،اذكرها.
3.3اكتب يف موضوع ترغبه ،مستعين ًا باخلطوات التي ينبغي أن تراعيها يف الكتابة.
4.4حــاول أن تضــع خطــة تســير عليهــا يف قراءتــك احلــرة ،واســتعن مبعلمــك يف اختيــار
األعمال اجليدة من األدب القدمي واحلديث.
48
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
القسم الثّاني
ّراسة التطبيقيةالد
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّ
املركبة القصيدة الغنائية
وحرب -لألعشى
ٌ حب
ٌّ
ابتكــر اجلاهليــون وعلــى رأســهم امــرؤ القيــس املــزج الرائع بــن ال ّتغـ ّزل أو الوقوف علــى األطالل
وبــن أغراضهــم ومواقفهــم املختلفــة ُتــاه احليــاة ،مــن فخــر ومــدح ووصــف للصحــراء احمليطــة
بهــم ،إلــى وصــف املعــارك الطاحنــة التــي تــدور رحاهــا فيمــا بــن القبائــل العربيــة ،أو بــن
العربي وبني أعدائه من الفرس والروم آنذلك.
وهــذه القصيــدة مــن ديــوان األعشــى (ميمــون بــن قيــس) مت ّثــل هــذا النــوع مــن القصائــد،
الشــاعر يصــور
وهــي تصـ ّـور انتصــار العــرب علــى الفــرس يف موقعــة (ذي قــار) الشــهيرة ،علــى أنّ ّ
يف مطلعهــا موقــف توديعــه لِ ُه َريْـ َـرة صاحبتــه التــي قــال فيهــا معظــم شــعره ،معرج ـ ًا علــى ذكــر
وصايا َج ِدهم الثالث ،ويخصص املقطع األخير لوصف انتصارهم الكبير على الفرس.
ّص:
صاحب الن ّ
هــو الشــاعر اجلاهلــي األعشــى (ميمــون بــن قيــس) مــن كبــار الشــعراء اجلاهليــن ،وأحــد
ا لضعــف يف بصــرهشــعراء املع ّلقــاتُ ،ولــد باليمامــة يف قومــه بنــي قيــس ،وكان ال يبصــر لي ـ ً
وك ّن َي بأبي بصير على عادة العرب يف التفاؤل. فلقّب باألعشىُ ،
شــرع يطــوف يف بــاد العــرب منــذ قويــت شــاعريته وشــب عــن الطــوق ،ومــدح يف رحالتــه
املنــاذرة والغساســنة ،وقــد ســمع بأمــر اإلســام يف أُخريــات حياتــه فــأراد الوفــود علــى النبــي
فصدتــه قريــش وكان ذلــك يف الســنة الســابعة للهجــرة ،ولــه ديــوان مطبــوع مشــتمل علــى
معظم فنون الشعر ،كالغزل ،واملدح ،والوصف ،واحلماسة ،والهجاء ،واخلمر ّيات.
50
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّص :
الن ّ
1
َــو َأ َّن َص ْح َ
بــك إ ْذ َنا َدي َت ُه ْ
ــم َو َقفُــوا ل ْ ــات َل َنــا كَ ف ُ
َــف اج ٌ ــت َو َصــا ٌة َو َح َ
كَ ا َن ْ
3
يــب ال ِّن َّيــ ُة ال َقــذَ ف
حل ِب َ َــد ُتز ُ
ِيــل ا َ َوق ْ َــو َأ َّن َهــا َو َقف ْ
َــت َأ ْح ِب ْ
ــب بِ َهــا ُخ َّلــةً ل ْ
4
ــا ٍث إِ َّن ِنــي َت ِل ُ
ــف ــم بِ َث َ
يك ُ ُأ ِ
وص ُ ان َقــالَ َل َنــا إِ ّن ا َ
أل َعــ َّز أبانــا كَ َ
ــر ُف
ــم ال ُع ُ إِذَا َتلَــ َّوى بِ َك ِّ
ــف املَ ْع ِص ِ َوقَاتِ ُلــوا ال َق ْ
ــو َم إِ َّن ال َقتْــلَ َم ْك ُر َمــ ٌة
6
7
ـو َت فَانْ َص َر ُفــوا ِم َّنــا كَ َتائِـ ُ
ـب ُت ْز ِجــي ا ْلَـ ْ ـدا َة ا ِ
حلنْ ـ ِو َص َّب َح ُهـ ْ
ـم ـد ِك ْسـ َـرى غَ ـ َ
َو ُجنْـ ُ
8
ــم ِف آذَانِ َهــا ال ُّن َط ُ
ــف اج ِ ــن ْ َ
ال َع ِ ِم َ ــح َو َب ُنــو ُملْ ٍ
ــك غَ َطا ِرفَــ ٌة اج َُج َح ِ
ــو ُم َينْ َت ِص ُ
ــف َح َّتــى َت َو َّل ْ
ــوا َوكَ ا َد الْ َي ْ ــر ف ََمــا َتنْف ُّ
َــك َت ْط َح ُن ُهــم َو َخيْ ُ
ــل َب ْك ٍ
11
ت ُ
ــف ــرى َ ِ َأك َْبا ُد َهــا ُو ُج ٌ
ــف ِمَّــا َت َ ا َم َدا ِم ُع َهــا ُ
وظ ْع ُن َنــا َخلْ َف َنــا ُك ْحــ ً
12
ــف ال َهــا ُغبْ َ
ــر ٌة ُك ُس ُ َوال ََح َهــا َو َع َ ــت ِع َبــر ًا
ــد ٍود َع َاي َن ْ
ــن َخ ُ
ــر َع ْ
اس َُح َو ِ
52
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الســابق ،وإ ْن كان هنــاك مــا يربــط بــن املقطعــن ،وذلــك هــو ذكــر (ال ُو َصــاة) يف بدايــة املقطــع
ـم تخصيــص املقطــع الثانــي لســرد الوصايــا الثــاث جلدهــم األكبــر عندما حضــره املوت، األول ُ ،ثـ َّ
تلــك الوصايــا التــي تدلــك علــى مــدى حــرص العربــي علــى احملافظــة علــى قيمــه ومــا يعتنقــه
يورثها أبناءه وأحفاده من بعده. من مبادئ ،وعمله على أ ْن ّ
تلخصــت تلــك الوصايــا يف إكــرام الضيــف ،و ُنصــرة املســتجير ،ومقاتلــة العــدو ،وهــي وقــد ّ
ُتــر َدف إثــر ذلــك مبــا يفســر احلــرص عليهــا ويجعــل مــن كل منهــا قيمــة ومبــدأ ،فإكــرام الضيــف
حــقٌّ ال ينبغــي التهــاون فيــه ،و ُنصــرة اجلــار عــادة اعتادتهــا العــرب ،وقتــال العــد ّو فيــه العــزة
والكرامــة ،وهــو إذ يسترســل يف املقطــع األخيــر يف تصويــر املعركــة التــي خاضهــا مــع قومــه ضــد
الفرس فإمنا يشير إلى تنفيذ وصية جده.
ويحــرص األعشــى عنــد تصويــر املعركــة مــع العــد ّو علــى التذكيــر بأنــه لــم يخضهــا هــو وقومــه
ظلم ًا وعدوان ًا ،بل دفع ًا للظلم ورد ًا للغزو الذي يشرع يف تصويره بهذا البيت:
ــد ُف األرض َي ْغشــاها ب ِه ْ
ــم َس َ ِ ُمطَ ِّب َ
ــق لَ َّــا أ َت ْو َنــا ،كَ ّأن ال ّليْــلَ َي ْق ُد ُم ُه ْ
ــم
ــن
اللتــي فاجأهــن الغــزو َف ُه َّ َــم بهــذه الصــورة الرائعــة لل ّنســاء يف الهــوادجَّ ، ليردفــه مــن ث َّ
خائفــات مرتعــدات ،وقــد عالهــن الغبــار فبــدون حزينــات رغــم جمالهــن ومــا يتمتعــن بــه مــن
بالد ّرة املصونة.
رونق وصفاء يذكرك ّ
ــرى َ ِت ُ
ــف َأكبا ُدهــا ُو ُج ٌ
ــف ِمَّــا َت َ ـا َم َدا ِم ُع َها
َو ُظ ْع ُن َنــا خلفنــا كحـ ً
53
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
1.1تنتمــي هــذه القصيــدة إلــى نــوع القصائــد املركّ بــة ،فكيــف ذلــك؟ وفيــم تختلــف عــن
القصائد البسيطة؟
قدم الشاعر لقصيدته؟ وكيف تفهم ارتباط هذه املقدمة ببقية القصيدة؟ 2.2كيف ّ
اجلد الثالث يف القصيدة؟ 3.3ما الذي تد ّلك عليه وصايا ّ
4.4ح ّلل هذه الصورة ،وبني قيمتها البالغية ووظيفتها داخل القصيدة:
األرض َيغشاها ب ِه ْم َس َد ُف
ِ ملّا أ َت ْو َنا كَ ّأن ال ّليْلَ َي ْق ُد ُم ُه ْم ُم َط ِّب َق
اإلنشاء:
● ●اكتب يف أحد املوضوعني:
.أحقُّ َّ
الضيف
اجلار.
ّ .بحقُّ
54
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
املركبة في العصر ُ
األموي ّ القصيدة
الر َّمة ٌ
أطالل وذكريات -لذي ُّ
ســارت القصيــدة املركّ بــة يف العصــور التاليــة علــى النهــج الــذي اختطــه لهــا امــرؤ القيــس ،مــن
ابتــداء بالوقــوف علــى األطــال أو الغــزل ،ومــن تخ ّلــص مــن موضــوع إلــى موضــوع ،أو مــن
غــرض إلــى غــرض علــى نحــو يجعــل منهــا جســم ًا متآلف ـ ًا مــن مجموعــة مــن املقاطــع التــي
الر ّمــة أحــد أكبــر شــعراء
ُيفضــي بعضهــا إلــى بعــض ،وهــذه إحــدى القصائــد التــي د ّبجهــا ذو ُّ
الغزل يف العصر األموي ،يقف فيها على األطالل ،ويستعرض ذكرياته مع صاحبته ( َم َّية).
ّص:
صاحب الن ّ
الر َّمــة العــدوي ،وهــو غيــان بــن عقبــة مــن قبيلــة شــاعر الصحــراء والغــزل العــذري ،ذو ُّ
بدويــة ألفــت الصحــراء والتنقــل والترحــالُ .ولــد ســنة 77هـــ ،ونشــأ يف الباديــة ُمغرمــا بالصحراء،
وصافـ ًا لهــا يف شــعره ،وكان مــع ذلــك كثيــر التــر ّدد إلــى الكوفــة والبصــرة فتع ّلــم بهمــا مــا يتعلمــه
ّ
أهل احلضر من القراءة والكتابة وبعض العلوم املعروفة يف عصره.
التقــى ( َم َّيــة) يف بعــض أســفاره وتنقالتــه فأحبهــا ،وقــال فيهــا معظــم شــعره ،فلمــا يئــس
منهــا مــال إلــى امــرأة أخــرى يقــال لهــا (خرقــاء) ،فأنشــأ فيهــا بعــض قصائــده ،وقــد ُتــويف يف
األربعني من عمره عام 117هـ.
ّص :
الن ّ
ــع
واج ُ ضــن َر ِ اللئــي َم ْ َ ــن َّ َهــلِ ا ْ
ألز ُم ُ ــي َســا ٌم َعلَيْ ُك َمــا ــي َم ٍّ َأ َمنْ ِز َل َت ْ
ال ِق ُ
ــع 1 الب َ
والر ُســو ُم َ ثــاف ُّ ثــاث ا َأل ِ ُ ـف الْ َع َمــى يم َأ ْو َي ْك ِشـ ُـل َي ْر ِجـ ُـع ال َّت ْسـ ِل ََو َهـ ْ
ــع ِ
اخلواض ُ ــس بهــا إ َّال ِّ
الظبــا ُء ولَيْ َ اح ِبــي ــت لِ َص ِ َت َو َّه ْم ُت َهــا َي ْومــ ًا َف ُقلْ ُ
ــع 2 الب َرا ِق ُ
مج َّللــ ٌة ُحــ ٌّو َعلَي َهــا َ ياصــي كَ َأ َّن َهــا الص ِ ــح ُم َّ ــي ٌة ُس ْ َو َم ْو ِش َّ
ــع 3 ــن َدا ِء َّ
الص َب َابــ ِة َنا ِف ُ َاك ِم ْ ــل ذ َ َف َه ْ ــر ًة ِف ِد َيا ِر َهــا
ــر َن ْظ َ يــس َننْ ُظ ْ ــف ال ِع َ ِق ِ
ـل أنــت َرابِـ ُـع 4 ـت َ :هـ ْض إِ َّال ُقلْـ َ ـن ْ َ
ال ْر ِ ِمـ َ فقــالَ :أمــا َت ْغ َشــى ِل َّيــ َة َمنْــ ِز ًال
ــرش ا ْل ََدا ِم ُ
ــع ُ َت َّيــى بِ َهــا َأ ْو َأ ْن ُت َّ ــي َ ِت َّيــ ٌة ــا ِل َم ّ ِ َــل إِلَــى َأ ْط َ وق َّ
55
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ــع 5 واس ُــر ُان الشَّ ِ ــي َوالْ ِع َ َم َنــاز ُِل َم ٍّ ــت بِــ ِهــذي َب َّر َح ْ ــب ا َّل َِأ َل َأ ُّي َهــا الْ َقلْ ُ
َــن َنــاز ُِع 6 ون الْ َو ِظيف ْ ِ
ــر ُــن َم ْق ُ كَ َمــا َح َّ ــك َح َّنــ ٌة َأ ِف ُك ّ ِل َأ ْط َــا ٍل َل َهــا ِمنْ َ
ن َصانِ ُ
ــع ــن َها َتــ َ
يمــا َب ْ َ ــت ِف َ ف ََمــا َأنْ َ َــد ِحيــلَ ُدو َن َهــا ــي َوق ْ ــر َء ِم ْ
ــن َم ٍّ َو َل ُب ْ
الض ِمي ـ ِر ف ََجــاز ُِع
ـدي َّ ـد َأ ْم ُمبْـ َِع َلــى الْ َو ْجـ ِ ــم
اظ ٌ الص ُبــو ِر ف ََك ِ
ــر َّ َأ ُم ْســ َت ْو ِج ٌب َأ ْج َ
املعجم اللغوي :
الرســوم
1.1األثــايف :احلجــارة التــي توقــد فيمــا بينهــا النــار وتوضــع عليهــا القــدور ،أ ّمــا ُّ
البالقع :فهي بقايا الديار التي اندثرت وضاعت معاملها ولم يبق فيها شيء.
الصياصــي :ســود القــرون واألســحم :األســود ،وأصيــل ــية :منقوشــةُ ،ســحم َ وش َّ 2.2م ِ
حل ّوة :حمرة يف سواد ،والبراقع هي املالبس. الصياصي احلصون واملعاقل ،وا ُ ّ
3.3ال ِعيس :اإلبل الرواحلَّ ،
الصباب ُة :شدة َ
الو ْجد.
َ 4.4ت ْغ َشى املنزل :تأتي إليه وتزوره ،را ِبع :مقيم يف الربيع.
البعد والشواسع :أيض ًا البعيدةُ. َ 5.5ب َّرحت به :زادته أمل ًا وحسرةً ،وال ِع َرانُ :
ـن :اشــتاق ،ومقــرون الوظيفــن :البعيــر الــذي ُع ِق َلـ ْ
ـت َيــدا ُه ،والنــازع :املشــتاق إلــى َ 6.6حـ َّ
أهله ووطنه.
املعنى اإلجمالي:
ميــة التــي غادرتهــا منــذ زمــن يفتتــح الشــاعر قصيدتــه بالوقــوف علــى أطــال ديــار صاحبتــه ّ
متوهمــا أنهــا تعقــل ،عــن إمــكان
ً ـائل إياهــا ،وهــو يف ذروة انفعاالتــه وأشــواقه ويحييهــا سـ ً بعيــدّ ،
ن رواجـ ُـع؟ ،مخاطب ـ ًا
اللئــي مض ـ َ ـن ّ ميــة :هـ ْ
ـل األزمـ ُ رجــوع األيــام اجلميلــة التــي قضاهــا مــع ّ
إياهــا بضميــر املثنــى ،إذ يبــدو أنــه يتوجــه فيهــا إلــى بقعتــن كانتــا محــل لقــاءات احلبيبــن ،ثــم
يستفيق يف البيت الثاني متنبها إلى احلقيقة املرة فيعود ليسأل نفسه مستنكر ًا:
البالقع.
ُ والرسو ُم
الث َِاف ُّ يم َأ ْو َي ْك ِش ُف الْ َع َمى ث ُ
َالث ْ َ جع ال َّت ْس ِل َ
َو َه ْل َي ْر ُ
تنبــه بعــده
ومــا عنــاه هنــا ســوى توهمــه رجــوع تلــك األيــام التــي مضــت ،ذلــك العمــى الــذي ّ
فاكتشــف أنّ هــذه األطــال مــا هــي إال بقايــا أثــايف ورســوم اندثــرت ،وأنهــا لــن جتيــب عــن ســؤال
ولن ُتعيد ماضي ًا.
يتوجه إثر ذلك إلينا محدث ًا عن حكاية تلك الوقفة ،عندما طلب من صاحبه أ ْن ثم ّ
56
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ا ،ولــم يكــن يوقــف راحلتيهمــا لينظــر يف تلــك الديــار؛ لعلهــا تطفــئ ظم ـ ًأ ،أو تشــفي غلي ـ ً
بهــا إذ ذاك ســوى الغــزالن وبقــر الوحــش التــي يشــبهها بالنســوة املتلفعــات يف براقعهــن ،تأثــر ًا
ٍ
ببيت المرئ القيس يف معلقته:
ف ََع َّن لَنا ِس ْر ٌب كَ َأ َّن نِ َع َ
اج ُه َعذَ َارى َد َوارٍ ِف ُم ٍ
الء ُمذَ َّيل.
ـي فيــه ،وهــو ينقــل يف أمانــة رد ـدل وجودهــا يف املــكان علــى أنــه مــكان خــال ال إنسـ َّ وا ّلتــي يـ ّ
صاحبــه الــذي كان يلومــه علــى هــذا اإلصــرار منــه علــى الوقــوف بالديــار اخلاليــة التــي لــن يفيــد
الوقــوف عليهــا شــيئا ،ولكنــه ُيدافــع عــن موقفــه بــأن ذلــك إمنــا هــو أدنــى درجــات الوفــاء لتلــك
األماكن التي آوت حبيبته يوم ًا ،وهو ما يصوره يف هذا البيت:
حتي ٌة ُ َت َّيى َأ ْو بِ َها َأ ْن ُتر َّ
ِش ا ْل ََدا ِم ُع ِ
أطالل َم ِّي َّ وق ََّل إلى
وينتقــل يف املقطــع الثانــي نقلــة أخــرى إذ يتوجــه إلــى قلبــه باللــوم والعتــاب علــى هــذا احلنــن
الدائــم إلــى األطــال والــذي ال يرجتــى منــه نفــع وال شــفاء ،مقدمـ ًا إليــه ذلــك اللــوم يف تســاؤل
ـل صاحبــه ،ليربــط بــن التســاؤلني علــى نحــو مياثــل ذلــك التســاؤل الــذي قدمــه إليــه مــن قبـ ُ
يجعــل األمــر كلــه موجهـ ًا إلــى القلــب؛ احلــب والشــوق والتذكــر واحلنــن إلــى االطــال ،ذلــك
احلنــن الــذي مياثــل حنــن البعيــر املقيــد (مقــرون الوظيفــن) يف أنــه ال أمــل مــن ورائــه ،وهــو مــن
أجــل ذلــك يخيــره يف نبــرة إميانيــة واضحــة فيهــا تأثــر والتــزام بتعاليــم الديــن احلنيــف ،بــن أ ْن
يصبر فينال الثواب على ذلك ،أو أ ْن يجزع فيكون له اخلسران جزا ًء.
اخلصائص الفنية:
ـص الغنائــي أنّ االســتفتاح بالغــزل ،أو بالوقــوف علــى األطــال هــو ُيلحــظ مــن خــال هــذا ال ّنـ ّ
أ ّول مــا مييــز القصيــدة املركّ بــة ا ّلتــي تتأ ّلــف مــن مجموعــة مــن املقاطــعّ ،
وكل مقطــع يصــور فكــرة
ولتتكــون الفكــرة الشــاملة واملوقــف
ّ ال ،ليتآلــف بعــد ذلــك مــع بقيــة املقاطــع أو موقفــ ًا مســتق ً
الواحــد مــع التنبيــه هنــا إلــى أن هــذه املقاطــع قــد تنتمــي إلــى مجموعــة مــن األغــراض ،كمــا
تبــن لــك عنــد دراســتك لقصيــدة األعشــى ،وقــد تنتمــي إلــى غــرض واحــدة تتناولــه القصيــدة
ـص الــذي تنــاول غــرض الغــزل مــن جانــب الوقــوف علــى مــن جوانــب مختلفــة كمــا يف هــذا ال ّنـ ّ
األطالل ،ثم من جانب استعراض الذكريات.
ـص إلــى األدب القــدمي فيالحــظ فيــه قــوة الســبك ،وسالســةأ ّمــا مــن حيــث انتمــاء هــذا ال ّنـ ّ
العبــارة ،وجزالــة األلفــاظ وفخامتهــا ،واالعتناء بالتشــبيهات ،ووضــوح املعاني وقوتها ،وذلــك من أهم
الرمة خير متثيل ،وهو امللقب بــ( :شاعر الصحراء). ما يتميز به أدب الصحراء الذي ميثله ذو ُّ
57
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
1.1ما الذي يجعلك حتكم بانتماء هذه القصيدة إلى نوع القصيدة املركّ بة؟
2.2تتنــاول هــذه القصيــدة غرضـ ًا واحــد ًا وهــو الغــزل ،ولكنهــا تتناولــه مــن جوانــب مختلفة.
كيف ذلك؟
3.3ح ّلل التشبيهات يف البيتني التاليني مركز ًا على إبراز ما فيها من قيم جمالية:
ُم َج َّلل ٌة ُح ٌّو َعليها البرا ِق ُع ياصي كَ َأ َّن َها َو َم ْو ِش َّي ٌة ُس ْح ُم َّ
الص ِ
َي َناز ُِع َأ ِف ُك ّ ِل َأ ْطال ٍَل َل َها ِمنْ َك َح َّن ٌة كَ َما َح َّن َم ْق ُر ُ
ون الْ َو ِظيف ْ ِ
4.4علق على معاني العبارات اآلتية:
رواجع.
ُ ني
األزمن الالئي مض َ ُ •• ْ
هل
• • َم َنا ِز ُل َم ٍّي َوال ْ ِع َر ُان الشَّ ِ
واس ُع.
• • َع َلى ال ْ َو ْج ِد أَ ْم ُمبْ ِدي َّ
الض ِمي ِر ف ََج ُ
ازع.
اإلنشاء:
اكتــب يف هــذا
ْ ا.1.1وقفــت يف موطــن كان ســكنك منــذ زمــن فتذكــرت ماضيــ ًا جميــ ً
املعنى ،ثم اختر عنوان ًا يتفق مع نوع الذكريات التي استحضرتها.
2.2اختــر مشــهد ًا مــن املشــاهد الطبيعيــة التــي أعجبتــك ،ثــم صفــه فيمــا ال يتجــاوز
الصفحتني.
58
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
القصيدة الغنائية البسيطة في العصر العباسي
ِش ْع ُب َب َّوان ُ -
للمتَ نَ ِّبي
عرفــت عنــد دراســتك ألجنــاس الشــعر أنّ القصيــدة البســيطة تتنــاول موضوعــ ًا واحــد ًا أو
غرض ـ ًا واحــد ًا ،وتكــون تلــك القصيــدة وليــدة حلظتهــا يف العــادة وغيــر مخطــط لهــا ،وكثيــر ًا مــا
يرجتلها الشعراء ارجتا ًال ،معبرين من خاللها عن موقف نفسي واحد بسيط مركز.
ويبــدو هــذا النــوع مــن الشــعر يف نشــأته ســابق ًا للنــوع املركّ ــب؛ ألنّ البســاطة تســبق التعقيــد
والتركيــب عــادة ،ثــم ألنــه قــد وجــد يف األدب العربــي أ ّوال ،وذلــك بحســب مــا نقلــه إلينــا
الــرواة ،ثــم ألنــه ظــل األكثــر اســتعما ًال يف العصــور التاليــة حتــى إنــه ميكــن القــول َّإن القصيــدة
املركّ بــة بحســب مقاييســها القدميــة قــد اختفــت ،أو أوشــكت أ ْن تختفــي يف عصرنــا احلديــث،
تخيرنــا هــذه القصيــدة البســيطة مــن العصــر العباســي ،أوســط العصــور األدبيــة ومــن أجــل ذلــك ّ
(شــعب بـ ّـوان) بفــارس وهــوالعربيــة ،وهــي ألبــي الطيــب املتنبــي الشــاعر الكبيــر ،يصــور فيهــا ِ
معروف بكثرة مياهه وأشجاره.
ّص:
صاحب الن ّ
هــو أبــو ّ
الطيــب املتنبــيُ ،ولــد بالكوفــة ســنة 303هـــ مــن أســرة رقيقــة احلــال ،وانتقــل إلــى
الشــام يف صبــاه واشــتغل بــاألدب ،ولقــي هنــاك كثيــر ًا مــن العلمــاء وأخــذ عنهــم ،وكان بذلــك
مثقف ًا بارع ًا يف مختلف مجاالت الفكر والعلم ،مدرك ًا للغة وأسرارها.
ا ّتصــل بســيف الدولــة احلمدانــي ،وشــهد معــه حروبــه علــى الثغــور الشــمالية مــع الــروم،
ومدحــه بقصائــد ُتعــد مــن أروع مــا قيــل مــن الشــعرُ ،تــويف مقتــو ًال يف ســنة 354هـــ ،عندمــا
تعرضــت لــه عصابــة ،وهــو يف طريــق عودتــه مــن فــارس إلــى العــراق ،فآثــر املواجهــة علــى الفــرار،
ّ
ا مبختلــف أغــراض ولــم يكــن معــه غيــر ابنــه وخادمــه ،فقتلــوا جميعـ ًا ،وقــد تــرك ديوانـ ًا حافـ ً
الشعر.
59
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّص :
الن ّ
ـ�ن ال ّز َمــا ِن الربيـ� ِع ِم َ ِبَنْ ِزلَـ� ِة َّ الش�� ْع ِب ِطيباـ ًـ يف املَ َغانــي َم َغانِــي ِّ
ِ 1
��د َوال ّل َسـ�انالي ِ
الو ْج�� ِه َو َ غَ ر ُ
ِي��ب َ بيــ ِفي َهــا الع َر َّ
َ نــ الفَتــى َول َِك َّ
ــار ب َت ْر ُج َمــا ِن ُس��لَيْ َما ٌن ل ََس َ �اـر ِفي َهــاَوــ َس َ ةــ ل ْ بــ ِج َّن ٍ َمال ِع ُ
ِ2
حلـ َـران ��ن م��ن ا ِ َخ ِش ُ
��يت َوإ ْن كَ ُر َم ْ تــ ُف ْر َس��ا َن َنا َواخلَيلــَ َح ّتــى َط َب ْ
ِ3
جل َمــان عل��ى أ ْعرا ِف َه��ا ِمثْـ�لَ ا ُ ُــض األغ َْصاــ ُن ِفي َهـ�ا غَ َد ْو َنـ�ا َتنْف ُ
الض َي�اـ ِء ِبَــا كَ فَانِــيمنــ ِّنــ َ َو ِجئْ َ مــس َع ِّنـ�ي
َ ن الشَّ َــد َح َجــ َ �رـ ُت َوق ْ ف َِس ْ
��ر ِم َ َد َنانِيـ�ر ًا َت ِف ُّ �رـ ُق ِمنْ َهـ�ا يف ثِ َيابـ�ي
ِ 4
��ن َ
الب َنـ�ان َوألْ َقـ�ى الشَّ ْ
ْ��ن بِ�لا أ َوا ِن بأشْ ��ر َِب ٍة َو َقف َ ــك ِمنْــ ُه شيــر إلَيْ َ ــر ُت ُ ل َهـ�ا ث ََم ٌ
ِ 5
��دي ال َغ َواني احلل��ي ِف َأيْ ِ
ِ َصلي��لَ َح َصا َهـ�ا ــل َ ب َهـ�ا أم��وا ٌه َي ِص ُّ َو َ
6
ان��ي ال ِقيـ�ا ِن أج َابتْ�� ُه أغَ ُّ َ إِذَا غَ َّنــى احل ََم�اـ ُم ال�� ُو ْر ُق في َهــا
الط َعــا ِنـ�ن َهـ�ذا ُي َســا ُر إل��ى ِ َأ َع ْ ��و ٍان ِح َصانـ�ي �عـ ِب َب ّ بش ْ ِ َيق ُ
ُوــل
60
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
هــذه املغانــي فــذة غريبــة باهــرة اجلمــال ،تتعــدد فيهــا لغــات ســكانها ،فلــو ســار فيهــا
(ســليمان) --العالــم بلغــات الطيــر الحتــاج إلــى ترجمــان يترجــم لــه هــذه اللغــات املتباينــة،
وقــد ســحرت هــذه األماكــن الفرســان كمــا ســحرت اخليــل حتــى خفــت علــى خيلنــا أن نقــف ؛
ـت مغادرتهــا ،وأصـ ّـرت علــى البقــاء فيهــا فــا تنقــاد لنــا وقــد
لشـ ّـدة حبهــا لتلــك األماكــن فأبـ ْ
أخــذت األغصــان تنثــر علــى أعــراف اخليــل حبــات نــدى كأنهــا اللؤلــؤ ،وحجبــت هــذه األغصــان
عنــي ضــوء الشــمس الســاطع ،وســمحت بضــوء ال أطلــب أكثــر منــه ومــن خــال أوراقهــا تناثرت
علــى ثيابــي دوائــر مــن ضــوء الشــمس كأنهــا دنانيــر صفــراء غيــر أن اليــد ال تســتطيع القبــض
عليها.
ويف هــذه املغانــي أشــجار ذات ثمــار َّ
رق قشــرها ر ّقــة بالغــة ،حتــى لتظــن مــا فيهــا مــن العصيــر
شــراب ًا بــا آنيــة أمــا أمواههــا (وهــي امليــاه) فتنســاب بــن احلصــى تصــل كمــا يصــل احللـ ّ
ـي يف
أيــدي الغوانــي ،واحلمــام يغنــي علــى أغصانهــا ،كمــا تغنــي القيــان يف رحابهــا ،فــإذا غنــى
احلمــام أجابتــه أغانــي القيــان يقــول حصانــي :وقــد أعجــب بشــعب بـ ّـوان :أَ ِمـ َ
ـن العقــل أ ْن أتــرك
هذا املكان اجلميل إلى ميدان القتال؟
اخلصائص الفنية:
لهــذه القطعــة الوصفيــة طرافتهــا ،فاملتنبــي معــروف بقصائــده الكبــرى يف الرؤســاء واألمــراء ويف
حــروب ســيف الدولــة مــع الــروم ،ومعــروف بحكمــه الكثيــرة الــورود يف شــعره ،ولــم يعهــد فيــه
غــرام بالطبيعــة أو حفــل بتصويــر جمالهــا ،ويف هــذه القصيــدة حــاول املتنبــي أ ْن يصــف ناحيــة
حســه الفنــي بجمالهــا ،وقــد جــاء وصفــه لهــا مــن الطبيعــة شــاهدها ،واســتمتع بهــا ،وتأثــر ّ
الشــعب بــن املغانــي وصــف املشــاهد املصــور ،ال وصــف املتــذوق املســحور باجلمــال ،فمغانــي ِّ
ـن ،والنــدى الــذي كأنهــا الربيــع مــن فصــول الزمــان ،وهــي بكثــرة لغاتهــا أشــبه مبالعــب ا ِ
جلـ ّ
جلمــان ،وقطع الضــوء املتســاقطة شــبيهة بالدنانير، تنفضــه األغصــان علــى أعــراف اخليــل شــبيه با ُ
ـي يفوثمــار األشــجار أشــبه بالشــراب مــن غيــر آنيــة ،وصليــل حصــى األمــواه شــبيه بصليــل احللـ ّ
يــد الغوانــي ،وهكــذا يصبــح وصــف الطبيعــة يف يــد املتنبــي مجموعــة صــور تقــوم علــى أســلوب
التشبيه.
61
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
1.1لــم يعهــد مــن املتنبــي أنــه كان مغرمــ ًا بالطبيعــة ،فكيــف جــاء وصفــه لهــا يف هــذا
القصيد؟
2.2صف املكان الذي زاره املتنبي كما تصورته من خالل أبياته.
3.3ع ّلق على معنى البيتني التاليني:
من من ا ِ
حل َرا ِن يت َوإ ْن كَ ُر ََخ ِش ُ َط َب ْت ُف ْر َسا ُن َنا َواخل ُ
َيل ح َّتى
أعن َهذا ُي َسـا ُر إلى ِ
الط َعا ِن ْ بش ْع ِب َب ّو ٍان ِح َصاني
ُول ِ َيق ُ
62
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّ
املوشحة في األدب األندلسي القصيدة
ٌ
وتوبة -ابن زمرك األندلسي زهد
ٌ
املوشــحات جنــس شــعري غنائــي ظهــر يف األندلــس أواخــر القــرن الهجــري الثالــث ،علــى أنــه َّ
محاولــة للتجديــد يف إطــار الشــعر العربــي ،متأثــر ًا بالبيئــة األندلســية التــي ظهــر فيهــا ،ومســتفيد ًا
من اإلرهاصات التجديدية يف الشعر العربي التي سبقته يف املشرق.
وكان مــن أهــم مــا تضمنــه مــن خصائــص ومالمــح هــو أنــه اســتحدث أوزانـ ًا جديــدة لــم تكــن
معروفــة يف الشــعر العربــي القــدمي ،إلــى جانــب اســتعماله األوزان القدميــة أحيان ـ ًا ،كمــا نـ ّـوع يف
القــوايف يف إطــار املوشــحة الواحــدة ،وا ّلتــي تتكـ ّـون مــن أجــزاء ومقاطــع متمثلــة يف املطلــع واألقفــال
واألبيات واخلرجة.
وقــد وظــف الشــعراء العــرب يف األندلــس املوشــحة يف كافــة األغــراض التــي تتناولهــا القصيــدة
التقليديــة ،كالغــزل ،والوصــف ،واملــدح ،والرثــاء ،والهجــاء ،والزهــد والتوبــة ،لكنهــم حرصــوا
فيهــا علــى تنــاول املعانــي واملوضوعــات القريبــة الســهلة التــي تصلــح للغنــاء ،وابتعــدوا بهــا عــن
املعاني واملوضوعات الفلسفية العميقة التي يتناولها الشعر التقليدي.
موشــحة البــن زمــرك األندلســي يلــوم فيهــا نفســه علــى تفريطهــا ،معلنـ ًا توبتــه
وبــن أيدينــا َّ
قدم يف زمن شبابه وطيشه. وندمه على ما ّ
ّص:
صاحب الن ّ
هــو أبوعبــداهلل ،محمــد بــن يوســف بــن زمــركُ .ولِـ َ
ـد ســنة 733هـــ ،ونشــأ يف غرناطــة يف كنف
أســرته الفقيــرة ،وعــاش فتــرة االضطرابــات السياســية واحلــروب مــع األســبان ،ولكنــه حــرص
علــى التــزود بالعلــم واألدب ،ونــال بذلــك مكانــة مرموقــة ،وقــد كتــب يف مختلــف أغــراض
الشــعر وخاصــة شــعر احلنــن ،كمــا بــرع يف فــن التوشــيح واشــتهر بــه ،وكانــت وفاتــه ســنة
796هـ.
63
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّص :
الن ّ
املطلع:
يباق ِذك َْرى َح ِب ْ ل َْم َت ْق َد ِح ا َألشْ َو ُ اب ل َْو َت ْر ِج ُع ا َأل َيا ُم َب َع َد َّ
الذ َه ْ
يـــــــب
ْ هر بِ ُص َب ِح امل َِش ُيو ِق ُظ ُه َّ
الد ُ ــــاب
ْ وك ُّل َم ْن َنا َم بِ َليلِ الشَّ َب ُ
البيت:
هر َعلَيْ َك امل ََج ْ
ــــال الد ُ
ق َْد َض َّي َق َّ الع ْج ِز َأ َال َن ْه َضــــ ٌة
َيا َرا ِك َب َ
ــــــــل ْل
َ ف ِء ِّ
الظ َت َنا ُم ِفي َها َتْ َت َ ْ ب َأ َّن ِّ
الص َبا َر ْو َضـــــ ٌة ال َتْ ِس َ ْ
ْ
ـــــــال مــــا كَ ا َ
خل َي واملَ ْر ُء َما َبيْ َن ُه َ ْـظـــــ ٌة
َ الر َدى َيق َفاْ َلعيْ ُ
ش َن ْو ٌم َو َّ
القفل:
ِيــــــــب
ْ واملُلْ َت َقى بِاهللِ َع َّما َقر ـــاب
الس َح ْ
وال ُع ْم ُر ق َْد َم َّر كَ م ِّر َّ
َتْ ِس ُب ُه َما ًء وال َت ْســــــــــ َتر ْ
ِيب راب
الســـ ْ
َّ َوأنْ َت َم ْخ ُدو ٌع ِب َل ْم ِع
البيت:
إِ َال ِظ َل ٌل ُتو ِه َم ال َغافــــــــِ َل حـــــ َوى
َ الكو ُن ِبَا ق َْدَواهللِ َما َ
َ
ـــــــــــل ال َزائِ
بص ُر ُه ُمنْ َت ِق ً
ُت ِ تـــــ َوى الظ ِّل إذَا َما ْ
اس َ و َعا َد ُة ِّ
َ
الـــب ِ
اط َل ل َْم َن ْعر ِ
ِف احل ََّق و َال َ ــــــــوى
َ يد ال َه إِ ّنا إِلَى اهللِ َع ِب ُ
القفل:
1
ـــــــيب
ْ َوإِ َّنَا الف َْو ُز لِ َعبْ ٍد ُم ِن ف َُك ُّل َم ْن َي ْر ُجو ِس َوى اهللِ َخ ْ
اب
الر ِق ْ
يب اهلل الشَّ ِه َ
يـــد َّ وير ُق ُب َ الر ْج َعى بِ ِص ْد ِق املَ َت ْ
اب َي ْس َت ْق ِب ُل ُّ
َْ
البيت:
2
ُص ا َألث ْ
َــــر و َأق َْبلَ الشَّ يْ ُب َيق ُّ الصبا وان َق َضـــــى يا َح ْس َر َتا َم َّر ِّ
3
َــب ْر َوما َب ِقي ِف ا ُ
خلبْ ِر غَ يْ ُر اخل َ ضـــــا
َ الر ْح ُل ق َْد ُق ِّو
اخ ْج َل َتا َو ََّو َ
64
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
َـــــر
السف ْ َأ َّد ِخ ُر ال َّزا َد لِ ُط ِ
ول َّ َولَيْ َت ِني ل َْو ُكنْ ُت ِف َ
يما َم َضـــى
القفل:
الرشْ ِد َأ َطالَ املَ ِغ ْ
يب 4 ياب َو َرائِ ُد ُّ ق َْد َحا َن ِم ْن َرك ِ
ْب ال ّت َصابِي إِ ْ
يك ف ََل َت ْس َت ِج ْ
يب 5 ــاب كَ ْم ذَا ُأ َنا ِد َ
حل َج ْني ا ِيا َأك َْم َه ال َقلْ ِب بِ َغ ِ
البيت:
َوا ْلُ ْص َطفَى الْ َها ِدي َش ِفي ٌع ُم َطا ْع؟ َه ْل ُي ْح َم ُل ال َّزا ُد لِ َدا ِر الْ َكـــ ِرميْ
َتـــــــــا ْع
َ َو ُح ُّب ُه َزا ِدي ونِ ْع َم امل ِ
ـــــــدميْ ف ََجا ُه ُه ُذ ْخ ُر ال َف ِقي ِر الْ َع
ُ
ضــــا ْع ف ََجا ُر ُه ا ْل َْكف ُ
ُول َما إِ ْن ُي َ الر ِح ْ
ـــيم وف َّ الر ُؤ َواهلل َس َّما ُه َّ
6
القفل:
الكــــروب
ْ وملْ َج ُأ ا َ
خللْ ِق لِ َرفْ ِع َ اب اس َي ْو َم ا ِ
حل َس ْ يع ال َّن ِ َع َسى َش ِف ُ
ُوب 7
الذن ْ َي ْشف َُع لِي يف ُموبِ َق ِ
ات ُّ ــــــاب
ْ ول ُم َج َيلْ َح ُق ِني ِمنْ ُه ق َُب ٌ
البيت:
َوالْ َك ْو ُن ل َْم َي ْف ِت ْق ِك َما َم الْ ُو ُجو ْد اللْ ُق َر ْه ُن الْ َع َد ْم
َيا ُم ْص َطفَى َو ْ َ
بِ َها َعلَى ُك ِّل َن ِب ٍّي َت ُســـــــو ْد َم ِز َّي ٌة ُأ ْع ِطي َتـــ َها ِف الْ ِق َ
ـــــد ْم
أل َّم ِة َو ْع َد ُّ َأ ْ َن َز لِ ُ َم ْولِ ُد َك ا ْلَــر ُق ُ
الســــــ ُعو ْد وب لَ َّا َن َ
ــــــ ْم
8
اخلرجة:
لوب
القــــ ْ
ُ :يا َربِ َ
يع َش ْه َر َربِ ٍيع َ َنا َديْ ُت ل َْو َي ْس َم ُح لِي بِ ْال ْ
َواب:
َش ْم َس ًا َول َِك ْن َما َل َها ِم ْن ُغ ُر ْ
وب َأ ْط َل ْع َت لِلْ َه ْد ِي بِ َغيْ ِر ْ
اح ِت َج ْ
اب
املعجم ال ّلغوي :
1.1املنيب :التائب الراجع.
يقص األثر :يتتبعه .
ّ 2.2
واحمليا وكل ما تستشف من خالله خبر ًا. 3.3اخلبر :املرأى ّ
4.4ال َّتصابــيّ :
الطيــش وال ّتهــور ،وكل مــا هــو مــن فعــل الصبيــة الصغــار ،ورائــد الرشــد:
العقل.
65
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
1.1غَ ْي احلجابّ :
كل ما يغطي القلب ويحول بينه وبني التعقل واإلدراك.
2.2ما إ ْن ُي َضاع :ال يضيع.
3.3املوبقات :املهلكات.
َ َ 4.4نمَ :ظ َه َر.
املعنى اإلجمالي:
تتكـ ّـون القصيــدة مــن مجموعــة مــن املقاطــع املتعاقبــة التــي تصــور موقــف الشــاعر مــن قضيــة
مــا مــن قضايــا احليــاة ،وقــد وقــف شــاعرنا يف هــذه املوشــحة أمــام قضيــة التوبــة وال ّزهــد يف هــذه
احليــاة الزائلــة ،والتــزود للحيــاة اآلخــرة ،متخــذ ًا مــن ذكــرى ميــاد النبــي --مناســبة
لذلــك ،متنــاو ًال إياهــا مــن زوايــا مختلفــة ،وإن كانــت الفكــرة العامــة تــدور حــول ذلــك الشــيب
الــذي ُينــذر بدنــو األجــل ،وينبــئ بضيــاع العمــر ،والتحســر علــى زمــن الشــباب الــذي هــو زمــن
العبث والتفريط ،والنظر إلى احلياة الدنيا على أنها نومة تعقبها يقظة املوت.
وهكــذا يجمــل املقطــع األول الــذي يســمى املطلــع مــا يريــد الوشّ ــاح أ ْن يفصلــه فيمــا بعــد،
وذلــك يف شــكل حكمــة أفادهــا مــن جتربتــه اخلاصــة ،ومفــاد تلــك احلكمــة هــو أن األيــام املاضيــة
ال تعــود ،وأن عــدم عودتهــا هــو مــا ُيلهــب حــر األشــواق ،ويدفــع إلــى اســترجاع ذكريــات األيــام
وأن مــن ينــام ويغفــل يف زمــن الشــباب البــد مــن أن يصحــو ويســتيقظ عندمــا يفاجئــه اخلاليــةَّ ،
زمــن الشــيب ،واالســتعارة يف البيــت الثانــي مــن املطلــع أفادهــا الوشّ ــاح مــن كــون الشــباب
متميــز ًا بســواد الشــعر فهــو ليــل ،أ ّمــا زمــن املشــيب فالشــعر يكــون فيــه أبيــض ،ولذلــك يبــدو
صبح ًا.
ثــم يســتأنف تفصيــل هــذه القضيــة يف املقطــع الــذي يليــه واملكــون مــن ثالثــة أبيــات ،والــذي
يســمى البيــت ،وهــو يتكــرر عــادة مــع التنــوع يف القافيــة ،أي :إنــه ُيبنــى علــى قافيــة جديــدة يف
كل مرة يتكرر فيها ،على أنه يقدم لنا صورة جديدة ملوضوع التوبة يف كل مرة.
ففــي البيــت األول ينــادي نفســه العاجــزة ويحثهــا علــى النهــوض ،وأن ال حتســب الصبــا
روضــة مــن الريــاض تنــام فيهــا وتســترخي يف ظلهــا ،وينبههــا علــى َّأن مــن نــام يف الشــباب
سيســتيقظ يف املشــيب ،ويف البيــت الثانــي تأكيــد بالقســم علــى َّأن الكــون مبــا فيــه إمنــا هــو وهــم
مــن األوهــام ،وظــل ســرعان مــا ينتقــل ويختفــي ،ثــم يؤكــد أن البشــر جميع ـ ًا قــد اســتعبدهم
الهــوى فلــم مييــزوا احلــق مــن الباطــل ،ويف البيــت الثالــث َ َت َّسـ َـر علــى انقضــاء زمــن الصبــا،
وحزن على إقبال الشيب ،مع متني الشاعر أن يكون قد ا ّدخر العمل الصالح ،وهو يظهر
66
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ا ،ومــن العمــل الصالــح هــذا التمنــي يف شــكل اســتعارة إذ يجعــل مــن املــوت ســفر ًا طوي ـ ً
للتوســل بالنبــي ،ويرجــوه يف مناجــاة املؤمــن أ ْن يكــون يخصــص البيــت الرابــع ّ زاد ًا ،ثــم ّ
الشــفيع لــه يــوم القيامــةُ ،مذكــر ًا إيــاه يف البيــت اخلامــس مبــا فضــل بــه مــن االصطفــاء قبــل أن
ُيخلق اخللق.
ويلــي البيــت (ال ُق ْفــل) ليتمــم هــذه الصــور ،وهــو يشــابه املطلــع يف كونــه أقــل مــن البيــت مــن
حيــث عــدد األبيــات ،إذ يتكــون هنــا مــن بيتــن ،ثــم إنــه يلتــزم فيــه بقافيــة واحــدة (وروي
واحــد) مهمــا تكــرر ،ويكــون بذلــك موافقـ ًا للمطلــع ،ثــم موافقـ ًا للخرجــة التــي نالحــظ هنــا أنهــا
جتعــل مــن ذكــر مناســبة كتابــة املوشّ ــحة خامتــة لهــا ،وتلــك املناســبة هــي ذكــرى مولــده
كل عام.
حتل يف شهر ربيع األول من ِّ كما تبني آنف ًا ،وهي التي ُّ
اخلصائص الفنية:
أ ّول مــا يتبــن يف هــذه املوشــحة هــو هــذه النغمــة الهادئــة الهامســة التــي بــدت مناســبة ملوضوع
الزهــد والتوبــة ،علــى أنّ املفــردات واللغــة عامــة تتســم برقــة ورشــاقة جتعــان مــن املوشّ ــحة صاحلة
للغناء ،وإذا كان ذلك الغناء يبدو حزين ًا باكي ًا يف غير صراخ وال ُنواح.
وال شــك يف َّأن الــوزن الهــادئ الرصــن قــد أعــان علــى أداء هــذه النغمــة ،وكذلــك القــوايف
املتنوعــة التــي ســيطرت عليهــا البــاء الســاكنة التــي أعقبــت حــرف املـ ّـد املتــراوح بــن اليــاء والــواو
ـن قــوا َ
يف يف املطلــع واألقفــال واخلرجــة ،وكذلــك الــام والعــن والــدال والــراء الســواكن الالتــي كـ َّ
ال على ذلك احلزن الهادئ. لألبيات ،وقد كان حري ًا بالسكون أن يكون دلي ً
َويلْفــت النظــر يف هــذه املوشــحة تكثيــف الصــور البيانيــة تكثيفــ ًا يوشــك أن يجعــل يف كل
بيت صورة بيانية أو أكثر ،ويكفي أن نستدل على ذلك بهذه األبيات:
املشــيب
ْ الدهــر بصبــح
ُ ُ
يوقظــ ُه ـن نــا َم بليــلِ الشـ ْ
ـباب تشــبيهُّ :
وكل َمـ ْ
َــر ُء مــا َبيْ َنهمــا كاخل ْ
َيــال وامل ْ ـش نــو ٌم والـ َّـر َدى َي ْق َظ ـ ٌةتشــبيه :فالعيـ ُ
واملُل َت َقــى بــاهللِ َع َّمــا ق ْ
َريــب ـحابتشــبيه :والعمـ ُـر قــد َمـ َّـر كم ِّر السـ ْ
تســتريب
ْ مــاء وال ً َتْ ِس ُ
ــب ُه ـراب وأنت مخــدو ٌع بلمع السـ ْ اســتعارةَ :
ــق ِكمــا َم الوجــو ْد
والكــون لــم َي ْف ِت ُ
ُ ـن َ
الع َد ْم خللْ ُق َر ْهـ ُ
صطفــى وا َاســتعارة :يا ُم َ
67
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
68
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
املقامات في األدب القدمي
الساخرة
الهمذاني ومقاماته ّ
ّ بديع ال ّزمان
تقدمي:
ـي كانــت تــدور حــول أديــب متشـ ّـرد يــروى عنــهاملقامــات ا ّلتــي اخترعهــا بديــع ال ّزمــان الهمذانـ ّ
الســاخر فيمــا تطرحــه مــن قضايــا كان األدب ا ّلــذي مي ّثله
إبداعاتــه ومغامراتــه ،وقــد نحــى املنحــى ّ
ـلوكيات
ـري فيمــا ميارســه مــن سـ ّالبطــل األديــب محورهــا ،إذ يواجــه ذلــك البطــل املجتمــع البشـ ّ
يقدمــه مــن أدب ،أو مبــا يلجــأ إليــه مــن حيــل وأالعيــب تبــدو ال ُتعجبــه ،ثـ ّـم يســخر منهــا مبــا ّ
غايةً يف اخلديعة واملكر.
الهمذانيــة ،نضعهــا بــن يديــك ،لتــدرك مــدى
ّ وهــذه هــي إحــدى املقامــات أو (املواقــف)
الســاخرة ا ّلتــي ّ
يقدمها هــذا األديب األدبي؛ولتقــف علــى مــدى طرافــة احليــل ّ
ّ قيمــة هــذا اجلنــس
الساخر. ّ
صاحب النص:
ـي ،نســبة إلــى موطنــه ومســقطهــو بديــع ال ّزمــان أبــو الفضــل ،أحمــد بــن احلســن الهمذانـ ّ
رأســه همــذان ،ا ّلتــي ولــد بهــا ســنة 348هــــــ ،وهــو مــن أســرة ّ
عربيــة ذات علــم وفضــل ومكانــة
اجتماعيــة مرموقــة ،وقــد نشــأ وتعلــم علــى علمائهــا ،ولكــن مــا لبثــت احلــال أن ضاقــت بــه،
ّ
مطوفـ ًا يف البــاد يســعى مــن أجــل رزقــه ،إلــى أن وافتــه ّ
املنيــة يف بهــرات ســنة 398هـــ، فغادرهــا ّ
وكان من أشهر ما ُعرِف به إبداعه للمقامات.
ّص:
الن ّ
مين َّي ُة: َام ُة َ
األ ْر ِ الْ َق َ
ـا ُة إِلَــى أَ ْط َفالِ َهــا،2 ـار ٍة أَرْ ِمي ِن َّيـ ٍـة أَ ْه َدتْ َنــا ال ْ َفـ َ ـالَ :لَّــا َق َفلْ َنــاِ 1مـ ْ
ـن ِ َتـ َ ـام َقـ َ ـن ِه َشـ ٍ يســى بْـ ُ َح َّد َث َنــا ِع َ
ٍ ـم ِف أَ ْذيالِ َهــاَ ،وأَ َناخُ ــوا ِب ـ َأرْ ِ
اس ـ َتنْ َظفُوا َح َقا ِئ َب َنــاَ ،وأَ َر ُ
احــوا َركَ ا ِئ َب َنــا، ض َن َعا َمــة َح َّتــى ْ َو َع َث ْر َنــا ِب ِهـ ْ
ـت خُ ُيولُ َنــا ا ْغ ِت َصا ًبــاَ ،ح َّتــى ـدي ال ْ َقـ ْـو ِمَ ،قـ ْد َن َظ َم َنــا ال ْ ِقــدُّ 3أَ ْح َزا ًبــاَ ،و ُر ِب َطـ ْ ـاض ال ْ َيـ ْـو ِم ِف أَيْـ َِو َب ِقي َنــا َب َيـ َ
ـا ِة َوأَخ ْذ َنــا َص ْد َر َهــا ،و َه ُلـ َّ
ـم ـم انْ َت َحـ ْـوا َع ُج ـ َز ال ْ َفـ َ ـم أَ ْط َن َاب ـ ُهُ ،ثـ َّـد ال َّن ْجـ ُ ـل أ ْذ َن َاب ـ ُهَ ،و َمـ َّ أَرْ َد َف ال َّليْـ ُ
4
69
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ات َنق َْطـ ُـع َنْ َب َهــاَ ،ح َّتــى َح َللْنــا ا ْلَ َرا َغـ َة َو ُك ٌّل ِم َّنــا انْ َت َظـ َـم َو َمــا ِزل ْ َنــا ِبا َأل ْهـ َـو ِال َنـ ْد َرأُ ُح ْج َبهــاَ ،و ِبال ْ َف َلـ َـو ِ
ـح ـارُ ،ي َك َّنــى أَ َبــا ال ْ َفتْـ ِ ـار َ ،و َت ْع ُلــو ُه أَ ْط َمـ ٌ
6
ـاب َي ْع ُلــو ُه َص َغـ ٌ ـي شَ ـ ٌّ أخـ َـذ ِف َطرِيـ ٍـقَ ،وانْ َضـ َّـم إِلَـ َّ إِلَــى َر ِفيـ ٍـقَ ،و َ
ـج ُر ِبال ْ َغ َضــا ،ف ََع َمـ َـد َات لَ َظــىُ ،ت ْسـ َ ـن ذ ِ ـب أَ ِبــي َجا ِبــرٍ ،7ف ََو َج ْد َنــا ُه َي ْط ُلـ ُـع ِمـ ْ ـكنْ َد ِر َّيَ ،و ِسـ ْـر َنا ِف َط َلـ ِ اإل ِْسـ َ
ـال لِلْ َخ َّبــا ِز :أَ ِع ْر ِنــي َرأ ْ َس ال َّت ُّنــو ِر ،فَإنِّــي َم ْقـ ُـر ٌور،9 ـف ِملْـ ٍـحَ ،8و َقـ َ اح ُه َكـ َّ ـكنْ َد ِر ُّي إِلَــى َر ُجـ ٍـل ْ
فاسـ َت َم َ اإل ِْسـ َ
ـنـح ِف ال َّت ُّنــو ِر ِمـ ْ اخ ِت َللِ ـ ِه َ ،و َينْشُ ـ ُـر ا ْلِلْـ َ
10
َو َلَّــا َفـ َـر َع َس ـ َنا َم ُه َج َعــلَ ُي َح ـ ِّد ُث ال ْ َقـ ْـو َم ِب َحالِ ـ ِهَ ،و ُي ْخ ِب ُر ُهـ ْ
ـم ِب ْ
ـكَ ،ف َق ـ ْد اج َم ـ ْع أَ ْذ َيالَـ َ ـكْ ، ـك َل أَ َبــا لَـ َ ال َّبــا ُزَ :مالَـ َ ـال ْ َـم أَ َّن أ ًذى ِب ِث َيا ِب ـ ِهَ ،ف َقـ َ ـت أَذ ََيالِ ـ ِهُ ،يو ِه ُم ُهـ ْ َتْـ ِ
ــكنْ َد َر ُّي َيلْق ُُط َهــاَ ،و َي َت َأ َّب ُط َهــا، ــان ف ََر َما َهــاَ ،و َج َعــلَ اإل ِْس َ الر ْغ َف ِ البْــ َز َع َليْ َنــاَ ،وقَــا َم إِلَــى ُّ أَف َْســ ْد َت ْ ُ
ال ِحي َل َة َم َع ال ْ ُع ْد ِم.11 أل ْد ِمَ ،ف َ ال لِ ُ اص ِب ْر َح َّتى أَ ْح َت َ الْ : يما ف ََعلَ َ ،ف َق َ َف َأ ْع َج َبتْ ِني ِحي َل ُت ُه ِف َ
ـان، ـان ،ف ََس ـ َألَ ُه َعــنِ ا َألث َْمـ ِ ـن ا َألل ْ َبـ ِ ـي َن ِظي َفــةً ِفي َهــا أَلْـ َـوانٌ ِمـ َ ـف أَ َوا ِنـ َ ـار إِلَــى َر ُجـ ٍـل َق ـ ْد َص َّفـ َ َو َصـ َ
ـال: ـب شَ ــيْئ ًا َض َّي َعـ ُهُ ،ثـ َّـم َقـ َ إص َب َعـ ُهَ ،ك َأ َّنـ ُه َي ْط ُلـ ُ ـلَ .فـ َأ َد َار ِف اآل ِن َيـ ِة ْ ـال :اف َْعـ ْ اسـ َتأْ َذ َن ُه ِف الـ َّـذ ْو ِقَ ،ف َقـ َ َو ْ
ـم ،ف ََع َمـ َـد ـت َح َّجــا ٌمَ .قـ َ اهلل أَنْـ َ ـك ُ ـال :ق ََّب َحـ َ ال َجا َم ـ ِةَ ،ف َقـ َ ـك َر ْغ َب ـ ٌة ِف ْ ِ ـل لَـ ََم ِعــي ث ََم ُن ـ ُهَ ،و َهـ ْ
ـالَ :ن َعـ ْ
ال اإل ِْس َكنْ َد ِر ُّي: اض ِه َي ُس ُّب َهاَ ،وإِلَى اآل ِن َي ِة َي ُص ُّب َهاَ ،ف َق َ َأل ْع َر ِ
ـك ِفي َهــاَ ،ف َأ َخ ْذ َنا َهــا َوأَ َويْ َنــا إِلَــى َخلْـ َـو ٍة َوأَ َكلْ َنا َها ـال :خُ ْذ َهــا َال ُبــو ِر َك لَـ َ آ ِث ْر ِنــي َع َلــى الشَّ ــيْ َط ِانَ .12ف َقـ َ
ِب َدف َْع ٍة.13
ال َما َعـ ِة َف ًتــى إِلَــى َمنْ ِزلِـ ِه ف ََج َاء َنــا ـن ْ َ اسـ َت ْط َع ْم َنا أَ ْه َل َهــا ،ف ََبا َد َر َنــا ِمـ ْ
ـن َبـ ْ ِ َو ِسـ ْـر َنا َح َّتــى أَ َتيْ َنــا ق َْر َيــةً ْ
اسـ َت ْوفَيْ َنا َهاَ ،و َسـ َأل ْ َنا ُه ُم اسـ َهاَ ،ح َّتــى َب َلـ َغ َرأ ْ َسـ َها ،ف ََج َعلْ َنا َن َت َح َّســا َها َح َّتــى ْ ـن أَنْ َف َِب َص ْح َفـ ٍـة َقـ ْد َسـ َّـد ال َّلـ َ ُ
البْ ـ َز إ َّال ِبالث ََّمــنِ ، ـنَِ ،و َت ْ َن ُعــونَ ْ ُ ـم َ ُتــو ُدونَ ِبال َّلـ َ ـكنْ َد ِر ُّيَ :مالَ ُكـ ْ اإلسـ َ
ـال ْ البْ ـ َز َف َأ َبـ ْـوا إِ َّال ِبالث ََّمــنِ َ ،ف َقـ َ ُْ
ــد ُق ِبــ ِه َع َلــى ــن َن َت َص َّ ــت ِفيــ ِه فَــأْ َر ٌةَ ،ف َن ْح ُــار ٍة ،14قَــ ْد َوق ََع ْ ــن ِف غ ََض َ ــذا ال َّل َ ُ ُــا ُم :كَانَ َه َ ــال الْغ َ َف َق َ
اح َر َبــا ُه ــيَ :و َ الص ِب ُّ
ــال َّ ــر َهاَ ،ف َق َ فك َّس َ الص ْح َفــ َة َ ــذ َّ ــكنْ َد ِر ُّي :لَ َنــااهللَ ،وأَ َخ َ ــال اإل ِْس َ ــي َار ِةَ .15ف َق َ الس َّ
َّ
ـتَ :هـ َـذا ـت َع َليْ َنــا ا ْل ِ ْعـ َـدةَُ ،و َن َفضْ َنــا َمــا ُك َّنــا أَ َكلْ َنــا ُهَ ،و ُقلْـ ُ
اللْـ َـدةَُ ،وانْ َق َل َبـ ْ َوا َم ْح ُر َوبــا ُه ،فَاق َْشـ َـع َّر ْت ِم َّنــا ْ ِ
َج َزا ُء َما ِبا َأل ْم ِس ف ََعلْ َنا ُه.
72
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
73
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
من ّ
الشعر احلديث
كلمات -نازك املالئكة
ممــا ُيحفــظ لــأدب احلديــث هــو أنــه ســار خطــوات إلــى األمــام متطــور ًا تطــور ًا كبيــر ًا ،نتيجــة
اتصالــه بالتيــارات الثقافيــة العامليــة احلديثــة ،فقــدم بذلــك إضافــات جتــاوزت األغــراض إلــى
تصويــر موقــف اإلنســان يف صراعــه املســتمر يف هــذه احليــاة ،ذلــك التصويــر الــذي يبلــغ بالشــعر
الغنائــي أحيان ـ ًا مرحلــة التصويــر الدرامــي (املســرحي) ملختلــف املشــاعر واالنفعــاالت التــي ميـ ُّـر
بها الشاعر.
وبني أيدينا قصيدة للشاعرة املعاصرة نازك املالئكة متثل هذا االجتاه.
ّص:
صاحبة الن ّ
الشــاعرة العربيــة املعاصــرة املجـ ّـددة نــازك املالئكــة (1923م2007-م) ،ولــدت يف بغــداد،
هــي ّ
وتلقــت تعليمهــا مبدارســه حتــى أمتــت املرحلــة اجلامعيــة ،ثــم أســهمت يف احلركــة األدبيــة يف
خاصــة ،إضافــة
بالدهــا مبــا قدمتــه مــن دراســات نقديــة تناولــت الشــعر عامــة ،وشــعر التفعيلــة ّ
إلى دواوينها الشعرية التي حرصت على التجديد فيها.
ّص :
الن ّ
ـح َو ْحــد َة َقلْ ِبــي َو ُطــولَ انْ ِف َرا ِدي الريـ ِوت إِ َلــى ّ ـك ُ َشـ َ
ِ1
ِيــج ل ََيالِــي ْال ََصــاد ــاء ْت ُم َع َّطــر ًة بأر ِ ف ََج َ
َــوقَ ُســ َها ِدي ــو ْر ِد ف ْ ــج والْ َ
يــر الْ َب َنف َْس ِ
ــت َع ِب َ َو َألْ َق ْ
ِ2
ــكا َن الْو َِســادَــدي الْ َك ِليــلِ َم َ ــد ْت َشــذَ ا َها ِل ّ َو َم َّ
ــوا ِد
يــر ُي َغ ِّنــي لِ َ ــوى غَ ِد ٍ َو َر َّد ْت َح ِني ِنــي بِ َن ْج َ
َــو ُن الْ ِو َهــا ِد
يــر َول ْــك كَ ا َن الْ َع ِب ُ َــتَ ِ :ل ْج ِل ِ َوقَال ْ
يلال ِم ْـت الْ ُو ُجــو َد ْ َ ـد ِك ِجئْـ ُ ـك وحـ َ ـن َأ ْجــلِ َقلْ ِبـ ِ َو ِمـ ْ
َف ِف َ
يم الْ َعو ْ
ِيل؟
الطو ْ
ِيــل َّ ــاء ا ْل ََســا ُء ــم َج َ ــم ُث َّ َو َص ّدق ُت ُه ْ
3
ــا ِم ال َّث ِق ْ
يــل الظ َ ــاب َّ ــكو ُن ُع َب َ الس ُ َو َســا َد ُّ
يــاح؟
يــث ال ِّر ْ ــاءلْ ُت لَيْ ِلــيَ :أ َحــقٌّ َح ِد ُ ف ََس َ
74
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
4
ات
ــم ْ ــاخ َر ال َق َس َ َــر ّد الدُّ َجــى َس ِ ف َ
ات! َأ َص َّدقْ ِتها؟ إِ َّن َها كَ ِل َم ْ
الب َشـ ْـرـات َ ــت ِف ف َْجــ ِر ُع ْمــرِي إِلَــى ُأ ْغ ِن َيـ ِ َو َأ ْص َغيْ ُ
وب ل ََيالِــي ال َق َم ْ
ــر ــح ِ ــم ِف شُ ُ ــار ْك ُت ُه ْم َرق َْص ُه ْ َو َش َ
ــعا َد ِة ،بِا ْلُنْ َت َظ ْ
ــر الس َ ــم بِ َّ ِمثْ َل ُه ُ َوغَ َّنيْ ُ
ــت
ــر بِ َشــي ٍء َســيأْتِي ،بِ ُيو ُتوبِيــا ِف ِســ ِن َ ُ
ني أ َخ ْ
5
َ َ ْ
ــرــدى وال َّز َه ْ َــو ِن ال َّن َ ــت َأ َّن َح َيــا ًة بِل ْ وآمنْ ُ َ
6
ــر
الض َج ْ ــا ِت بِ ِعــب ِء َّ ــح أ َّي َام َنــا ا ْلُثْ َق َ
ستمس ُ َ
ــدو ْن ــم :إِ َّن َنــا َخالِ ُ ِيد ِه ْ َوقَا ُلــوا َل َنــا ِف َأغَ ار ِ
ُخ ُلو َد الْق ُُرو ْن
يــق الص ِد ُ َّ ــاء ا ْل ََســا ُء ــم َج َ ــم ُث َّ َو َص َّدقْ ُت ُه ْ
يــقــود َو ِض ْ ُج ُم ٍ َس َل ِســ َل ُه ِف ــر
َي ُج ُّ
ف ََح َّدقَ بِي َصائِحاًَ :يا َف َتاةْ
ات! َأ َص َّدقْ ِت ِه ْم؟ إِ َّن َها كَ ِل َم ْ
76
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
وتعــود الشــاعرة يف املقطــع الثانــي ســنني إلــى الــوراء ،بــل إلــى عهــد الطفولــة املبكــرة الــذي
وصفتــه بأنــه فجــر عمرهــا ،لتصــور كيــف أنهــا كانــت تصغــي إلــى أغنيــات البشــر «احململــة
باألمنيــات اجلميلــة ،ثــم كيــف كانــت تشــاركهم «رقصهــم يف شــحوب ليالــي القمــر» ،وقــد
وردت كلمــة « شــحوب» هنــا لإليحــاء مبــا حتــس بــه الشــاعرة مــن أســى جتــاه الواقــع ،علــى أنّ
البشــر الذيــن تتحــدث عنهــم هنــا هــم أنفســهم ال يعيشــون الفــرح باحلاضــر ،بــل «باملنتظــر،
بشــيء ســيأتي» ،ومــا الفــرح مبــا ســيأتي ســوى أمنيــات تــراود النفــس قــد تصــدق وقــد تكــذب،
لكــن مــع ذلــك يبــدو أن شــعور هــؤالء بنشــوة الرقــص والغنــاء قــد قادهــم إلــى التمــادي يف هــذه
األمانــي ،ومــن ثــم إلــى الفــرح باملســتقبل الــذي أخرجهــم عــن طورهــم ،فســاورهم االعتقــاد
بأنهــم خالــدون «خلــود القــرون» ،ويــكاد هــذا املقطــع الصغيــر أن يضــع بــن يــدي املتلقــي كــذب
هذه األماني وزيفها.
ثــم يأتــي املســاء الــذي يبــدو غيــر املســاء األول ،وذلــك مــن وصفهــا إيــاه بأنــه «املســاء
الصديــق» وتســأله عــن حقيقــة هــذه األمنيــات «:أَ ُهـ َـو َحــقٌّ هتــاف البشــر؟» فيجيبهــا يف غضــب
«فحدق بي صائح ًا :يا فتاة ،أَ َص َّدقْ ِت ِه ْم ؟ إنها كلمات».
ّ توحي به هذه العبارة
اخلصائص الفن ّية:
القصيــدة بنــاء متماســك مــن االســتعارات املتآلفــة التــي تشــكل موقــف الشــاعرة مــن ال ّزمــان
والوعــود الكاذبــة ،وهــي متثــل إلــى جانــب ذلــك ظاهــرة مــن ظواهــر التجديــد املتمثــل يف اإلغــراق
يف توظيــف االســتعارات ،ثــم يف البنــاء املوســيقي الــذي لــم يألفــه شــعرنا العربــي يف تاريخــه
الطويــل ،وإن كانــت تذكرنــا علــى نحــو مــا ببنــاء املوشــحات ،إضافــة إلــى أنهــا تعتمــد يف
صوغهــا علــى احلــوار واحلركــة ،فهــي علــى ذلــك متــت إلــى الفــن املســرحي ببعــض الصــات
رغــم انتمائهــا إلــى الشــعر الغنائــي ثــم هــي أخيــر ًا تتنــاول موضوع ـ ًا قدميــا قــدم اإلنســان نفســه
وهو موضوع األماني والوعود بجدة وطرافة.
77
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
78
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
القصيدة الغنائية احلديثة
رسالة إلى طفلتي -علي الفزاني
تطــور الشــعر يف األدب العربــي احلديــث وظهــر مــا يعــرف بقصيــدة التفعيلــة تأثــر ًا بالتيــارات
الغربيــة الوافــدة ،وكان الشــكل العروضــي أبــرز ســمات ذلــك التأثــر ،إذ لــم تعــد القصيــدة تبــدو
يف ذلــك الشــكل ذي األجــزاء املقطعــة تقطيعــ ًا متســاوي ًا ،واملعروفــة باألبيــات التــي تســير يف
إيقاعهــا وفــق وزن معــن ُيعــرف بالبحــر وعلــى قافيــة واحــدة تتفــق فيهــا جميــع أبياتهــا ،بــل
اعتمــدت التفعيلــة وحــدة لهــا بــدل البحــر ،ولــم تلتــزم بطــول واحــد لألبيــات ،فبــدت األبيــات
روي إلــى روي قبــل أن فيهــا غيــر متســاوية ،كمــا بــدت القــوايف متنوعــة إذ ينتقــل الشــاعر مــن ّ
وي األول.1
الر ّ
يعود إلى ّ
وقــد أحــدث هــذا النــوع مــن الشــعر تطويــر ًا يف املوضوعــات أيضـ ًا ،حيــث ابتعــد عــن األغراض
التقليديــة وأخــذ يف تنــاول القضايــا ذات البعــد اإلنســاني واالجتماعــي ،يف أســلوب ُمغــرق يف
التصوير والرمز واإليحاء واستعمال االستعارات التجسيمية.2
املعجم اللغوي:
ـروي هــو احلــرف األخيــر يف البيــت الــذي تتفــق فيــه جميــع أبيــات القصيــدة التــي
1.1الـ ّ
تسير على النمط القدمي.
2.2هي االستعارة املكنية التي تبدو فيها املعاني شخوص ًا مجسمة.
ّص:
صاحب الن ّ
الشــاعر علــي عبدالســام الفزانــي ،ولــد بقريــة مــن قــرى مدينــة صرمــان غربــي طرابلــس هــو ّ
عــام ،1935وحفــظ القــرآن الكــرمي يف الثانيــة عشــرة مــن عمــره ،وتلقــى بعــض علــوم الفقــه علــى
يــدي والــده ،ثــم انتقــل إلــى بنغــازي ،1947وتق ّلــب يف الوظائــف املختلفــة ،ثــم واصــل تعليمــه
يف املعهــد الدينــي فــدرس بــه أصــول اللغــة ،فــكان ذلــك دافعـ ًا لــه لدراســة الشــعر الــذي بــرع فيــه
صغير ًا ،ثم عمل على تطويره مقتفي ًا أثر كبار املجددين من الشعراء العرب.
وقــد أصــدر عــدد ًا مــن الدواويــن منــذ عــام ،1967وكان أهمهــا( :رحلــة الضيــاع) ،و(أســفار
احلــزن املضيئــة) ،و(قصائــد مهاجــرة) ،و(املــوت فــوق املئذنــة) ،و(مواســم الفقــدان) ،وكانــت
وفاته يف أواخر سنة .2000
79
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّص :
الن ّ
ر َِسا َل ٌة إِلَى ِطفْل ِتي
وع ِم ْن َم َح ِ
اج ِر الْ َغرِيب 1 َص ِغ َيرتِي َ ...ت َساق َُط الدُّ ُم ُ
ال ِن ِ
ني لِ ُّلر ُبو ِع َوالدُّ ُروب َو َي ْخ ِف ُق الْ ُف َؤا ُد بِ ْ َ
َو ِف ا ْل ََسا ِء َي ْ َضغُ ُّ
الس َها ُد َج ْف ِن َي
ال َسى َيشُ دُّ َي ْق َظ ِتي إِلَى ُذ َرى ْ َ
ور
الس ُر ْ
ال َو ُّ ُأ ِح ُّ
س ُرغ َْم َب ْه َج ِة ْال ََيا ِة ِف َم َعالِ ِم ْال ََم ِ
ُأ ِح ُّ
س َو ْح َش َة ا ْل ََسا ِء َوالْ ِب َعاد
َو َت ْه ِت ُف ِّ
الشفَا ُه . . .آه
80
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
املعنى اإلجمالي:
ـت يفِمّــا يفتــح أمامنــا مغاليــق هــذه القصيــدة هــو ورودهــا يف الديــوان موثقــة بأنهــا قــد كتبـ ْ
القاهــرة ســنة ،1965ثــم ذكــر النيــل فيهــا «واحلقــول واجلمــال والســحر» ،مناظــر طبيعيــة خالبــة
لــم تتمكــن مــن أن ُتنســي الشــاعر غربتــه وحنينــه إلــى ابنتــه التــي يد ّبــج لهــا قصيدتــه هــذه
،ويبعث بها إليها.
ا يف احلنــن إلــى تلــك الطفلــةفموضــوع القصيــدة هــو احلنــن إلــى الوطــن واألهــل ،متمث ـ ً
ـن هــي إليــه أيضـ ًا فيتخيلهــا متســائلة: الصغيــرة التــي خلفهــا هنــاك يف ديــار الوطــن ،والتــي حتـ ّ
«أبــي متــى يعــود؟» ثــم يجيــب هــو عــن ذلــك التســاؤل يف أمــل واضــح يغمــره القلــق املتمثــل يف
هذا التكرار:
غَ د ًا َص ِغيرتِي ُأعود ..غَ د ًا ُأعود
ويبــدو ذلــك أيضــا مــن خــال هــذه الصــور احلزينــة القامتــة والرائعــة يف آن واحــد؛ لتصويــر
ذلك احلنني الذي يبدو يف أ ّول القصيدة خطاب ًا مباشر ًا موجه ًا إلى تلك الطفلة البعيدة:
اج ِر الغريبصغيرتيَ ...ت َساق َُط الدموع من َم َح ِ
ويخ ِف ُق الفؤاد باحلنني ُّ
للر ُبو ِع والدُّ ُروب.
ومــا تلــك الربــوع والــدروب التــي يصــرح بهــا هنــا ســوى ربــوع الوطــن ودروبــه ،الــذي يتمنــى
هــذا الشــاعر العــودة القريبــة إليــه ،وهــو مــا نفهمــه أيض ـ ًا مــن ثنايــا هــذه الصــورة الرقيقــة التــي
ينتزعها من رقة تلك الطبيعة التي يعيش يف أحضانها:
أطير ُ
أ ّوا ُه لو ْ
غيمة صغيرةْ جناح ٍ
ِ على
على بساط موجه من َن َس َم ِة َّ
الس َح ْر
لكي أرى عينيك حتضنان ِر َّق َة السالم واحلنا ْن
واحلبور.
ْ الس ُرور لكي أراهما وفيهما ُّ
الســحر ،والســرور ،واحلبــور هــي بعــض مكونــات تلــك الطبيعــة فالغيمــة الصغيــرة ،و َن َسـ َ
ـمة َّ
التي يريد لها أن تكون -مبا تظهر فيه من رقة وجمال -أداة تفاؤل وعنوان أمل يرى من
81
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
خاللــه قــرب عودتــه إلــى وطنــه ،وقــد كان ذلــك األمــل يلــح عليــه ويــداوره عبــر مقاطــع
القصيدة ،حتى َت َأ َّتى أ ْن يكون هو اخلامتة السعيدة لذلك العذاب الطويل.
اخلصائص الفنية:
تعالــج هــذه القصيــدة احلديثــة قضيــة شــاعر يعانــي االغتــراب يف عالــم ال يعتــرف بــه وال بفنــه
وإبداعــه ،وال مبــا يحملــه مــن مبــادئ ،ولكنهــا تقــدم تلــك املعاجلــة مــن خــال موضــوع واضــح
بسيط هو احلنني إلى الوطن ،وهي طريقة يف املعاجلة درج عليها ر ّواد القصيدة احلديثة.
وهــي تعــرض ذلــك كلــه يف شــكل موســيقي لــم يكــن معهــود ًا يف الشــعر القــدمي ،إذ تتخــذ
الرجــز «مســتفعلن» إيقاعـ ًا مســتمر ًا لهــا ووحــدة تعتمــد عليهــا ،دون أن تلتــزم بطــول
مــن تفعيلــة ّ
معــن لألبيــات ،أمــا القافيــة فتتنــاوب فيهــا األحــرف« :البــاء» و «الــراء» و«الــدال» والهــاء»
بطريقة غير منتظمة.
82
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
83
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ّ
الشعر املسرحي
أحزان إفريقيا -حملمد الفيتوري
املســرح عامــة واملســرح الشــعري خاصــة لــم يعرفــا ّإل يف األدب العربــي احلديــث ،نتيجــة
التأثــر بالتيــارات الغربيــة الوافــدة ،هــذا علــى أن املســرح الشــعري ظلــت معرفتــه محــدودة والكتابة
فيــه مقتصــرة يف األغلــب علــى اســتلهام التاريــخ واألســطورة ،وذلــك مثــل مــا هــو مالحــظ عنــد
شــوقي ،وعزيــز أباظــة ،وصــاح عبدالصبــور ،ثــم شــاعرنا محمــد الفيتــوري الــذي كتــب يف
إطــاره مســرحيتني ،وهــذه املســرحية التــي بــن أيدينــا هــي إحداهمــا ،وتســتعرض فتــرة مــن تاريخ
اجلهــاد العربــي الليبــي يف مقاومــة االحتــال اإليطالــي ،مــن خــال شــخصية بطــل مــن أبطالــه،
وهــو البطــل الشــهيد عمــر املختــار ،ويف أســلوب شــعري يقــوم علــى أســاس املــزج بــن شــعر
البيت وشعر التفعيلة.
ّص:
صاحب الن ّ
محمــد الفيتــوري شــاعر معاصــر ،هاجــرت أســرته إلــى الســودان ف ُولــد وتربــى وتل ّقــى تعليمــه
األول هنــاك ،ثــم انتقــل إلــى مصــر ليتــم تعليمــه يف اإلســكندرية ،ثــم عــاد إلــى موطنــه ليبيــا
وواصــل نتاجــه األدبــي ،ومــن أهــم دواوينــه« :أغانــي إفريقيــا» ،و»اذكرينــي يــا إفريقيــا»،
و«عاشــق مــن إفريقيــا» ،و«معزوفــة لدرويــش متجــول» ،ومــن مســرحياته «أحــزان إفريقيــا»،
وتتألــف مــن ثالثــة فصــول ،ومــن تســعة مشــاهد يتصاعــد عددهــا مــع تصاعــد الفصــول علــى
التوالي.
ملخص املسرحية:
يتكون الفصل األول من مشهدين يصوران معاناة الشعب ال ّليبي يف املعتقالت وخارجها. ّ
ويتكـ ّـون الفصــل الثانــي مــن ثالثــة مشــاهد ،فيصـ ّـور األ ّول بعــض أبطــال املســرحية «أُ ُّم ســلمى
حولهــا جنود املســتعمر إلــى خرائب ،وتشــاهدان وابنتهــا ســلمى» وهمــا يتجــوالن يف البيــوت التــي ّ
الضحايــا التــي ُشــنقت مــن الرجــال والنســاء األبريــاء ال ُعـ ّزل ،ويصـ ّـور الثانــي عمــر املختــار وبعض
رفاقــه وهــم يســتعدون خلــوض إحــدى املعــارك ،ويصــور الثالــث غرازيانــي وهــو يتــداول مــع بعــض
ضباطه وجنوده كيفية القضاء على املجاهدين.
84
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ويتكـ ّـون الفصــل ال ّثالــث مــن أربعــة مشــاهد يصــور مــن خاللهــا الكاتــب بعــض مــا لقيــه
الشــعب مــن ويــات يف املعتقــات ،لينتقــل إثــر ذلــك إلــى تصويــر مــا لقيــه املختــار ،ثــم يأتــي
ليصور إصرار الشعب -بعد مقتل أحد قادته -على مواصلة اجلهاد. املشهد األخير ّ
والزمــان الــذي جتــري فيــه أحــداث املســرحية هــو الفتــرة الواقعــة فيما بــن عــام 1925و1931م،
وأ ّما املكان فهو منطقة اجلبل األخضر التي شهدت معارك جهاد ّية عظيمة.
منوذج من مسرح ّية أحزان إفريقيا
(مقــر قيــادة عمــر املختــار ،يف أحــد كهــوف اجلبــل األخضــر عــدد مــن املجاهديــن باخلــارج
يراقبــون حركــة العــدو ،عمــر يقــف ببــاب الكهــف ،شــيخ وقــور جتــاوز الســتني ،وجهــه أميــل إلــى
الســمرة الداكنــة ،ذو حليــة بيضــاء مســتديرة ،أُ ُّم ســلمى يف مواجهــة عمــر ،وقــد أعطــت ظهرهــا
للمشــاهدين بحيــث ال تتضــح شــخصيتها متامــ ًا ،قائــدان مقنعــان ،أحدهمــا راشــد واآلخــر
سالح ُه يف ُمتناول يده).
ُ كل منهم املنصور ،يتحدثانٌّ ،
كَ ِث ٌير ُه ْم... أ ّم َسلْ َمى :
َوقَبْ ُل ُه ْم كَ ِثير ُع َم ُر املختار :
يح ُه ْم َوغَ َدوا ِر َم َال َت َب َّد َد ِر ُ
ف ََل ُتْ ِزنْ َك كَ ثْ َر ُت ُه ْم
ِب ِإشْ َف ٍاق َوأَ ْخ َشى أ ّم َسلْ َمى :
َع َليْ ِك ال ْ َغ ْد َرَ ،ل أَ ْخ َشى ال ْ ِق َت َال
َال ْص ُم َص ٍاح ) ِب َت َو ُّسل ْ) ِب َر ِب َك َل َت ْ
نم ف ْ َ
يُدُّ إِلَيْ َك َي ُاع َم ُر ا ِ
حل َب َال َ
وك ،ويْ ِحي وك أَ ْو َق َت ُل َ
َولَ ْو أَ َس ُر َ
إذ ًا َق َت ُلوا اإل َِرا َد َة َو ِّ
الن َض َال
ر َع ِ ُ
اك اهللَ ،ه ْل َت ْد ِر َ
ين َماذَا َ عمر املختار :
ال ُفق...؟ َو َر َاء ْ ُ
َاق َت َوالَى
آف ٌ أ ّم َسلْ َمى :
85
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ات ،لَيْ َس ْت عمر املختار :كَ َذلِ َك ُتولَ ُد الث َّْو َر ُ
ُوتَ ،و َت َ ُْل الدُّ نْ َيا ِر َج َال ت ْ
َ
َس َأ ْم ِضي ( َت َت َأ َّه ُب لِلْخُ ُروج) أ ّم َسلْ َمى :
ان اهللَ ،ل َح َرج َو َل َض َّراء ِف أَ َم ِ عمر املختار :
(تخرج دون أن تلتفت ،عمر يعود إلى مكانه بجانب الْقواد الثالثة)
اشد أَ َت ْعر ُِف َم ْن َت ُكونْ؟
عمر املختار :لِلْ َقا ِئد َر ِ
َنع ْمَ ،و َت ْعر ُِف َخ ْط َو َها َّ
الص ْح َراء َر ِ
اشد:
َو َي ْع ِر ُف َها ْ َ
الخُ ا ْلَنْ ُصور
ات َم َسا ْء أَ ْذ ُك ُر َها ،ف ََذ َ
املنصور:
ال ْع َدا ْء َوأَنْ َت ِبِ ْص َر ِحي َن ِئ ٍذ َو َر َاء َم ْو ِق ِع ْ َ
ال ْغ َرا ْء َّي َو ْ ِ
ال ْذ َلنَ ِبال ْ َكف ْ َ َو ُك َّنا َن ْدف َُع ْ ِ
الو ِع َو ْ ِ
ال ْع َيا ْء ل ْر ِب ْ ُ ُول كَ َفى ِ َ وش ُك أَ ْن َنق َ َو ُن ِ
وء ٍة ِب َد َها ْء َوإِ ْذ ِب ُو َريْ َق ٍة ُم َصغ ََّر ٍة َم ْخ ُب َ
تي ُء ِب َها إِلَيْ َنا ِم ْن لَ ُدنْ َك كَ ِرميَ َة ْ َ
النْ َبا ْء َِ
اب ُك ِّل َر َجا ْء الص ِغ َير ُة َب َلَ َق ْد كَ ا َن ْت ِر َسالَ ُت َك َّ
َو َل َتنْ َس ْوا َف َق ْد َض َّح ْت ِب َأرْ َب َع ٍة ِم َن ْ َ
البْ َنا ْء عمر املختار :
البيْ َضا ْء وب َوال َّزاو َِي ِة َ ق ََض ْوا ِف ا ْلَ ْر ِج َو ْ َ
ال ْغ ُب ِ
يجى ْء لِ ْلن؟ ِ
لَاذَا لَ ْم ِ
املنصور:
َم ْن؟ َر ِ
اشد:
الس َلم. َعبْ ُد َّ
املنصور:
(ي َت َط َّل ُع ِف َس َاع ِت ِه) ْالنَ َس ْو َف َي ِجي ْء.. َ َر ِ
اشد:
السو َدا ِني) ٍآهُ ،ه َو ذَا!الس َلم ُّ (ي ْدخُ ُل َعبْ ُد َّ َ
وع َليْ َك َي ُاع َم ُر َّ
الس َلم ال ِمي ْع َ
الس َل ُم َع َلى ْ ََّ عبدالسالم :
86
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
َع َليْ َك َي َاعبْ َّ
دالس َلم عمر املختار :
ِب َح ْم ِد اهلل قَا ِف َل ُة الْع َتا ِد أَ َت ْت عبدالسالم :
وج َها ِف ِر ْح َل ِة َّ
الس ّلو ْم َوكَ انَ خُ ُر ُ
اط َرةًَ ،ف َق ْد َع ِل َم ال ْ َعدُّ و ِب َها
ُم َخ َ
اك َي ُحو ْم وس ًا ُه َن ْاس َ ُت َرى َه ْل أَ َّن َج ُ عمر املختار :
أَ ْم كَ ا َن ْت ُم َصا َدفَة؟
ال َبيا ِرَ ،ه ْل كَ ا َن ْت ُم َصا َدفَة؟ َو ِف ْ ْ َر ِ
اشد:
الطرِيق َع َليْ َك َي ْو َم َر َج ْع َت َي ُاع َمر؟ أَ َما ق ََط ُعوا َّ
أَلَ ْم َ ِت ِد ال ْ َع ُد َّو ُه َن ْ
اك َينْ َت ِظ ْر؟
أَ َما كَ ا َن ْت أَ َيا ِدي ِه ْم َت ُط ُ
ول إِلَيْ َك لَ ْو َل أَ َّن ُه ال ْ َق َدرْ؟
َّب الث َُّو َار أَ ْو ُم ْر َت ّد
ُه َنالِ َك َخا ِئ ٌن َي َت َعق ُ
املنصور:
ان ِبه َس َتلْ َح ُق ُه ِخ َيا َن ُت ُه َوإِ ْن َط َ
ال ال َّز َم ُ عمر املختار :
َو َماذَا َب ْعد؟
َاج َأ َنا ال ْ َع ُد ُّو ِب َنا ِر ِه َّ
حتى لَ َق ْد ِك ْد َنا ف َ عبدالسالم :
ِ
ولك َّنا َت َذ َّك ْر َنا
ث ََرى لِي ِب َيا ف ََعا َو ْد َنا
َو َج َّدد َنا َع َزا ِئ َم َنا َوشَ َّددنا
َع َليْ ِه ُمُ ،ث ْم ق ََّربْ َنا َوأَبْ َع ْد َنا
آخ ُر ُه ْمَ ،ف َغا َدرْ َناهْات ِ إِلَى أَ ْن َم َ
ان الدُّ َجى َتنْ َعاهْ َو ِغ ْر َب ُ
اب ال ْ َك ْه ِف ُم َت َطلِّع ًا) (ي ِق ُف َع َلى َب ِ َ َر ِ
اشد:
َت َل َّب َد ِت َّ
الس َما ُء
لِ َن ْس َت ِع ْد عمر املختار :
87
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أَ َج ْل
املنصور:
لَ َديْ َنا كَ ْم ِم َن الف ُْر َس ِ
ان عبدالسالم :
مئة َوأَل ْ ُف ُم َجا ِه ْد
خمس ٍ ُ عمر املختار :
َو َعدُّ و َنا؟ عبدالسالم :
َح ْش ٌد ِب َل َع َد ْدِ ،خ َل َف َم َدا ِف ِع ا ْلَيْ َدا ْن عمر املختار :
َوكَ ْم َط َّي َارة؟ عبدالسالم :
ِم َئ َت ِ
ان غَ يْ َر َت َد ُّفقِ ا ْلَ َدد عمر املختار :
ات َض ْخ َم ٍة و ِت ْس ُع ُم َصف ََّح ٍ
َو ْالنْ؟ َر ِ
اشد:
عمر املختارَ :قلْ ُب ْ ُ
ال َّط ِة ا ْلَيْ َدا ْن
اشد: ال ِديث إِلَى َر ِ
ُي َو ِج ُه ْ َ
ِيق ْ َ
ال ْس َفلَ ا ْلُلْ َتف ِبال ْ َوا ِدي الطر َ َس َت َّت ِخ ُذ َّ
السو ْد
ال ُّال َب ِ
ي ِْ (لِلْ َمنْ ُصور) َو َت ْك ُم ُن أَنْ َت َما َب ْ َ
َح َتى إِ ْذ َه َج ْم ُت أَ َنا َع َلى أَ ْس َوا ِر َدرْ َنة ،أَ ْط ِلقُوا ِّ
الن َيرا ْن
ات أَ ْخ َط ُر َما ُن َو ِ
اج ُهه َو َل َت ِقفُوا َف ِإ َّن َت َد ُفق ال َّن ْج َد ِ
ض املُلْ َت َقى ا َ
جل َب َل ْن ون أَرْ ُ َو َس ْو َف َي ُك ُ
فباس ِم اهلل
ْ
باس ِم اهلل ْ
اجلميع:
هيا أَ ُّي َها ْال ِْخ َوا ْن
َّ عمر املختار :
ـم ُع أصــوات املعركة
(يختطفــون بنادقهــم ويخرجــون ،عمــر يف املقدمــة ،حــن يســود الظــام ُت ْسـ َ
تتالشى تدريجيا).
88
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
اخلصائص الفنية:
ـظ أن املســرحية تصــور جهــاد الشــعب الليبــي ضــد املســتعمرين ،بتصويرهــا اللحظــات َتلْ َحـ ُ
األخيــرة جلهــاد أحــد رمــوزه (عمــر املختــار) ،فهــي مــن نــوع املســرح الــذي يســتلهم التاريــخ يف
صــوغ أحداثــه ،دون االلتــزام الكامــل باألحــداث والشــخصيات التاريخيــة ،إذ يحــدث أن يضيــف
الكاتــب شــخصيات مــن صميــم خيالــه ،وذلــك ،مثــل شــخصية العجــوز العميــاء (أُ ُّم ســلمى)،
الــذي يذكرنــا حضورهــا بالشــاعرة العربيــة القدميــة «اخلنســاء» التــي استشــهد بنوهــا األربعــة يف
معركــة القادســية ،كمــا استشــهد بنــو هــذه العجــوز يف جهادهــم ضــد املســتعمر اإليطالــي ،كمــا
شــخصية البطــل ا ّلتــي ينــدر ظهورهــا علــى خشــبة املســرح
ّ تلحــظ أنّ الكاتــب ال يركّ ــز علــى
الشــعب نفســه ،إذ يعمــد لتصويــر بعــض شــرائحه ا ّلتــي مت ّثــللتفســح بذلــك املجــال إلبــراز جهــاد ّ
ـخصية العجــوز ا ّلتــي تصـ ّـر مــع ابنتهــا (ســلمى) رغــم كبــر س ـ ّنها وعاهتهــا علــى املشــاركة يف
شـ ّ
الشــاب ال ّثائــر (زهيــر) ا ّلذي
ـخصية ّ
حركــة اجلهــاد مبــا حتملــه مــن زاد ورســائل للمجاهديــن ،ثـ ّـم شـ ّ
يصمــد لل ّتعذيــب بعــد أن قبضــوا عليــه ،ويواصــل اجلهــاد ح ّتــى يشــهد مقتــل بطلــه وقائــده ،ثـ ّـم
الســام) ،ا ّلتــي مت ّثــل أعــوان البطــل
ـخصيات األخــرى املجاهــدة (راشــد ،واملنصــور ،وعبــد ّ الشـ ّ
والشيخ اإلمام واملص ّلون امللتفّون حوله.
وامللتفّني حولهّ ،
شــخصية اجلنــرال اإليطالــي املتعجــرف (غرازيانــي) وجنــوده ّ وتأتــي يف اجلانــب املقابــل
ـلبية ا ّلتــي ترمــز للخيانــة بإعانتهــا املســتعمر علــى
السـ ّ
الوطنيــة ّ
ّ ـخصياتالشـ ّ وأعوانــه ،وال تغيــب ّ
الداعيــة إلــى االســتكانة
الرجــل احلليــقّ ، ـخصية ّ حتقيــق أطماعــه ،وا ّلتــي مت ّثلهــا يف املسـ ّ
ـرحية شـ ّ
والذل ،واخلنوع ،واالستسالم وال ّتخاذل. ّ
ومــن حيــث البنيــة فاملالحــظ هــو غيــاب احلبكــة القصصيــة ا ّلتــي تتم ّثــل يف توالــي األحــداث
الصــور
ـرحية ومشــاهدها مجموعــة مــن ّ وتطورهــا ح ّتــى بلــوغ ال ّنهايــة ،لتبــدو فصــول هــذه املسـ ّ
ّ
القــوة يف هــذه
قصــة ميكــن ســردها وحكايتهــا ،ويبــدو ذلــك مــن مكامــن ّ احليــة املتآلفــة ،ال ّ
ّ
ـرحية ،ال نقطــة ضعــف فيهــا ،ملــا يســتدعيه املوضــوع املعالــج مــن تنــوع ،تصلــح لــه هــذه املسـ ّ
الطريقة. ّ
فصلنــا احلديــث عنهــاالشــعر ا ّلتــي ّ
ـرحية بعــد ذلــك لوحــة شــعر ّية تنتمــي إلــى أجنــاس ّ
واملسـ ّ
يف القســم ال ّنظــري مــن هــذا الكتــاب ،علــى أنّ الكاتــب يحــرص فيهــا -فيمــا يبــدو مــن هــذا
والطريقــة احلديثــة يف ال ّنظــم ،أي:الطريقــة القدميــة ّ
املشــهد املعــروض هنــا -علــى املزاوجــة بــن ّ
جتمع بني شعر البحر وشعر ال ّتفعيله ،إذ نلحظ احلوار ا ّلذي يدور بني عمر املختار وأ ّم
89
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
سلمى منظوم ًا على بحر الوافر:
َيُدُّ إِلَيْ َك َيا ُع َم ُر ا ِ
حل َبا َال ـــــــاح
ٍ َص ُم َص بِ َر ِّب َك َال َت َن ْم ف ْ
َال ْ
إِ ْذ ًا َق َت ُلوا ْال َِرا َد َة َوال ِّن َضـــــا َال. وك َأ ْو َق َت ُل َ
وكَ ،ويْ ِحي َول َْو َأ َس ُر َ
فالوزن ا ّلذي يظهر يف هذين البيتني هو:
مفاعلنت مفاعلنت فعولن…مفاعلنت مفاعلنت فعولن.
ـن احلــوار يتحـ ّـول إثــر ذلــك إلــى شــعر التفعيلــة ا ّلتي هــي تفعيلــة الوافــر نفســها (مفاعلنت)، لكـ ّ
كما يف املقطع اآلتـــــــــــــــي:
ف ََجأ َنا الْ َع ُد ُّو بِ َنا ِر ِه َح َّتى َل َق ْد ِك ْد َنا
َول َِك َّنا َتذَ َّك ْر َنا
ث ََرى لِي ِب َيا ف ََعا َود َنا
َو َج َّد ْد َنا َع َزائِ َم َنا
َو َش َّد ْد َنا
َعلَيْ ِه ْمُ ،ث َّم ق ََّربْ َنا َو َأبْ َع ْد َنا
ات ِ
آخ ُر ُه ْم َف َغا َد ْر َنا ُه إِلَى َأ ْن َم َ
َو ِغ ْر َبا ُن الدُّ َجى َتنْ َعا ُه.
واملالحــظ أنّ البيــت لــم ُيلتــزم فيــه بعــدد محـ ّـدد مــن ال ّتفعيــات ،فقــد يتكـ ّـون البيــت مــن
أربــع تفعيــات كمــا هــو البيــت األ ّول ،وقــد يتكـ ّـون مــن تفعيلتــن كمــا هــو يف ال ّثانــي ،وال ّثالــث،
يتكون من تفعيلة واحدة كما هو يف اخلامس. والرابع ،وقد ّ
ّ
90
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
املسرحية؟
ّ األدبية تنتمي هذه
ّ أي جنس من األجناس 1.1إلى ّ
2.2ما املوضوع ا ّلذي عاجلته؟ وكيف متّت معاجلته
خصيات اآلتية
الش ّ كل من ّ 3.3ما حقيقة األدوار ا ّلتي تؤ ّديها ّ
(ع َمر-أُ ُّم سلمى-املنصور-عبد ّ
السالم)؟ ُ
اإلنشاء:
ضد املستعمرين.
عمر املختار هو أحد أهم رموز البطولة يف نضالنا ّ
اكتب حتت هذا العنوان .
91
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ال ّنثر
احلِ َكم واألمثال في األدب القدمي
قــد تبــن فيمــا ســبق مــن القســم األ ّول يف هــذا الكتــاب أن احلكــم واألمثــال هــي مقــوالت
ا بعــد جيل، تلخــص جتربــة صاحبهــا يف احليــاة ،ثــم تظــل األجيــال تتناقلهــا جيـ ًموجــزة مكثفــة ّ
ا مبــا يف املواقــف املشــابهة للموقــف الــذي قيلت فيــه عندما أُنشــئت إميانـ ًا بصــدق مضمونهــا ،ومتثـ ً
أ ّول مــرة ،وقــد كان العــرب يف قدميهــم وحديثهــم مــن األمم التــي ُعرفــت ببالغــة أمثالهــا وحكمهــا
كمــا ُعرفــت باعتنائهــا بهــا وبجمعهــا ودراســتها ،ثــم بكثــرة االستشــهاد بهــا يف خطبهــا ورســائلها
وأشعارها ويف قصصها وأساطيرها.
وبــن أيدينــا اآلن مجموعــة مــن احلكــم واألمثــال ،اقتبســناها مــن كتــاب ( َم ْج َمــع ا َأل ْم َثــال)
للميداني.
وامليدانــي هــو :أحمــد بــن محمــد بــن أحمــد بــن إبراهيــم امليدانــي ،أبوالفضــل النيســابوري،
وامليــدان :محلــة مــن محــال نيســابور كان يســكنها فنســب إليهــا ،وهــو أديــب فاضــل ،عالــم،
نحــوي ،لغــوي .تــويف يف رمضــان ســنة ثمانــي عشــرة وخمــس مئــة (518هـــ) ليلــة القــدر ،ولــه
مــن املؤلفــات كتــاب (مجمــع األمثــال) ،وكتــاب (الســامي يف األســامي) ،وكتــاب (األمنــوذج يف
النحو) ،وكتاب (الهادي للشادي).
احلكم واألمثال:
تقــدمي :احلكمــة يف األصــل مأخــوذة مــن أحكمــت األمــر؛ أي وثقتــه وقويتــه ،أمــا املثــل فهــو
مأخوذ من املماثلة ،وهي املطابقة بني األمرين ،أو الشيئني يف بعض األوجه.
واإلحلاح.
ُ ُ
املواظبة -أَ ْو َلى األمور بالنجاح
للحث على املداومة ،فإنّ فيها النجاح والظفر باملراد.
ّ تقال
َ -ز َّل ُة اللسان ال ُ
تقال.
ُتقــال للتحذيــر مــن هفــوات اللســان وكثــرة التحــدث فيمــا ال يفيــد ،فمــا أكثــر مــا يــورد
اللسان صاحبه موارد الهلكة.
بؤس ونعيم زائل. ُّ -
كل ٍ
النعم واالغترار بها ،وللتهوين من املصائب ا ّلتي
ُي َت َمثَّل بها للتحذير من الركون إلى ِّ
92
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
شر يدوم يف هذه احلياة.
قد حتل باملرء ،فإنه ال خير وال ّ
ِّ
الكف أمانٌ من الفقر. ُ
الصناعة يف -
يف هــذه احلكمــة حـ ٌّ
ـث للنــشء علــى تعلــم الصناعــات التــي تفيدهــم يف مســتقبل حياتهــم،
شر احلاجة ،وآمنته من الفقر. فمن تع ّلم حرفة نال بها رزقه ،وكفته َّ
الق ْدر يتح ّرك.
َ -ح ِّرك ِ
ـث علــى الســفر ،وذلــك أنــه ينبغــي علــى العاقــل أ ْن ال ينــام عــن رزقــه ،أو
ُيضْ ـ َـر ُب يف احلـ ّ
على الضيم الذي يلحقه ،وينتظر أ ْن يسعى له القدر يف ذلك دون أ ْن يسعى هو.
أَبلغُ من ُق ّس.
ـس بــن ســاعدة اإليــادي ،كان مــن حكمــاء العــرب ،وأعقــل مــن ُســمع بــه منهــم ،وهــو هــو قـ ّ
أ ّول مــن كتــب «مــن فــان إلــى فــان» ،وأول مــن قــال «أمــا بعــد» وأول مــن قــال «البينــة علــى
من ادعى واليمني على من أنكر».
وح َّج اجلمل.
أنفقت مالي َ
ُ -
قالَه رجل فسد عليه حجه ،وهو ُيضْ َر ُب للمرء ،ينفق على األمر فيستفيد منه غيره.
بقليل أنفعك بكثير.
ٍ برج ِل َ
ك َغد ًا.أي :انفعني ُ -خ ْد بيدي ال َيوم ُ
آخذ ْ
بارقة جتود مبائها.
ٍ -ما ُك ُّل
يضــرب للرجــل يكــون ذا مــال ،أو علــم ،أو نحــو ذلــك ،مــن وجــوه اخليــر ،ثــم ال يســتفيد
منه من حوله ،والبارقة هي السحابة ا ّلتي يكون فيها البرق ّ
والرعد.
ِّ
ويؤخ ُر أخرى. ُ -يق َِّد ُم ِر ْج ًال
ُيضْ َر ُب ملن يتر ّدد يف أمره.
اخلصائص الفن ّية:
ُنالحــظ ِق ْصـ َـر هــذه األقــوال وتكثيفهــا ،وداللتهــا علــى املعانــي الكثيــرة العميقــة ،وهــذا مــن
أهــم شــروط املثــل واحلكمــة وســماتهما ،التــي أدت إلــى ســهولة التمثــل باملقــوالت املنتميــة
إليهمــا وتداولهــا بــن النــاس ،كمــا ُنالحــظ أنهــا تظهــر يف أشــكال متنوعــة ،إذ تختلــف يف طريقــة
عرضهــا للفكــرة ،كمــا تختلــف يف طريقــة تعبيرهــا عــن املوقــف الــذي قيلــت فيــه ،علــى أنّ
املالحظ أيض ًا يف هذه احلكم واألمثال هو انتماؤها إلى العصر الذي قيلت فيه ،وتأثرها
93
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أدل على ذلك من تردد األسماء التاريخية القدمية. بالثقافة التي هي وليدتها ،وال ّ
ـن فيمــا تقـ ّـدم أن احلكــم واألمثــال توشــك أ ّال تكــون أجناسـ ًا أدبيــة مســتقلة نالحــظ هنــا تبـ ّ
انتمــاء بعضهــا -وهــو األغلــب -إلــى النثــر ،كمــا نالحــظ انتمــاء بعضهــا إلــى الشــعر؛ ممــا بــدا
أنــه شــطر مــن بيــت مــن الشــعر ،وذلــك مثلمــا هــو األمــر يف هــذه احلكمــةُّ :
«كل ُبـ ْؤ ٍس و َنعيـ ٍـم
كل َبا ِرق ٍَة َ ُتو ُد مبا ِئ َها».
َزا ِئ ٌل»ّ ،ثم يف هذا املثل« :ما ُّ
94
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
بينهما؟ 1.1ما ا ّلذي يجمع بني املثل واحلكمة؟ وما ا ّلذي ّمييز
الشــعر ،وبعضهــا إلــى جنــس ال ّنثــر ،فكيف
2.2بعــض احلكــم واألمثــال ينتمــي إلــى جنــس ّ
ّمتيز بني ال ّنوعني؟
3.3مبساعدة معلمك أجمع بعض احلكم العربية واألمثال وبني أصلها ومضاربها.
اإلنشاء:
ـب موضوعـ ًا
ـث عــن صاحــب ال ّنــص :أحمــد بــن محمــد امليدانــي (ت 518هــــ) ،واكتـ ْ
ابحـ ْ
عن كتابه «مجمع األمثال».
95
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
اخلطابـــــــــة
يعــد هــذا اجلنــس مــن أكثــر األجنــاس النثريــة ًّ
حظــا مــن اعتنــاء األمم؛ لكونــه مــن أجنــح أدوات
التواصــل فيمــا بــن أفرادهــا وطوائفهــا وشــرائحها املختلفــة ،ثــم لكونــه مــن أهــم وســائل اإلقنــاع
واستثارة احلماسة ،إذا تعلق األمر بالدفاع عن األمة وبناء حضارتها وأمجادها.
كمــا ُي َعــدُّ مــن أكثرهــا تأ ّثــر ًا بالبيئــة والعصــر ،إذ تختلــف املوضوعــات ا ّلتــي يتناولهــا مــن عصــر
إلــى عصــر ،ومــن بيئــة إلــى بيئــة ،كمــا تختلــف أســاليبه وطرائــق تناولــه لتلــك املوضوعــات
للسبب نفسه.
خطبة عمر بن عبدالعزيز
ّص:
الن ّ
خطب عمر بن عبدالعزيز عند توليه اخلالفة فقال:
أ ُّيهــا ال ّنــاس ،إِ ّنــي قــد ابتليــت بهــذا األمــر مــن غيــر رغبــة منــي ،وال مشــورة كانــت مــن
املسلمني ،وإ ّني قد خلعت ما يف أعناقكم من بيعتي فاختاروا ألنفسكم...
وصيكــم بتقــوى اهلل ،فــإن تقــوى اهلل خلــف مــن كل شــيء ،وليــس مــن تقــوى أيهــا ال ّنــاس أُ ِ
اهلل عــز وجــل َخ َلــف ،واعملــوا آلخرتكــم ،فــإن مــن عمــل آلخرتــه كفــاه اهلل تعالــى أمــر دنيــاه،
وأصلحــوا ســرائركم ُيصلــح اهلل الكــرمي عالنيتكــم ،وأكثــروا مــن ذكــر املــوت ،وأحســنوا االســتعداد
قبل أ ْن ينزل بكم هاد ُم ا ّللذات.1
نبيهــا ص َّلــى اهلل عليــه وســلم ،وال يف
ـل ،وال يف ّوإن هــذه ا ُأل َّمــة لــم تختلــف يف ربهــا عـ ّز وجـ ّ
َّ
كتابهــا ،وإمنــا اختلفــوا يف الدينــار والدرهــم ،وإ ّنــي واهلل ال أعطــي أحــد ًا باطـ ً
ا ،وال أمنــع أحــد ًا
حق ًا ،وإ ّني لست بخازن ،ولكني أضع حيث أُ ِم ْر ُت.2
أيهــا ال ّنــاس ،إنــه كان قبلــي أنــاس جتتـ ّـرون 3مودتهــم بــأن تدفعــوا بذلــك ظلمهــم عنكــم ،أ َال
َال طاعــة ملخلــوق يف معصيــة اخلالــق ،فمــن أطــاع اهلل وجبــت طاعتــه ،ومــن عصــى اهلل فــا طاعــة
لــه ،أطيعونــي مــا أطعــت اهلل فيكــم ،فــإذا عصيــت اهلل فــا طاعــة لــي عليكــم ،أقــول قولــي هــذا
وأستغفر اهلل العظيم لي ولكم». ُ
96
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
املعجم اللغوي:
1.1هادم ال ّلذات :املوت.
2.2أي أني أنفق األموال فيما أَ َم َر به اهلل تعالى.
جتترون :تكثرون التم ُّلق لهم وتظهرون لهم املو ّدة. ّ 3.3
97
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
خطبة عبدالله ال ّندمي
ّص:
الن ّ
خطــب عبــداهلل النــدمي يف بنــي أمتــه يحثهــم علــى العلــم والعمــل ،وعــدم الركــون إلــى
الشــرق ،أيــن أحالمكــم العظيمــة وذكاؤكــم البديــع؟ كفاكــم مــن األجنبــي ،فقــال :يــا َب ِنــي ّ
ـد ال ِّثقــة فيكــم ،وعــدم الركــون إليكــم يف أعمــال وطنكــم ،كفاكــم مــا رميتــم بــه علــىالعــار فقـ ُ
ألسنة اجلرائد اإلفرجنية وبعض الوطنية من ُبعدكم عن مدارك العلوم والصناعة واإلدارة.
كفاكــم أنّ أشــغالكم وأمتعتكــم وأثاثكــم يقدمهــا إليكــم الغربــي ،ويســتنزف بهــا ثــروة بالدكــم
وأنتم ال تشعرون.
كفاكــم أ َّنكــم ال تتوصلــون إلــى العلــوم الصناعيــة َ
والرياضيــة إال بتعاليــم األجنبــي وأنتــم
غافلون.
وتكــدرت أفكاركــم وصــرمت ال
ّ كفاكــم أ َّنكــم ا َّتبعتــم اخلرافــات حتــى فســدت أخالقكــم،
تصلحون إلدارة أموركم.
كفاكــم أ َّنكــم ِصـ ْـرمت يف البيــوت املتهدمــة ،واحلــارات القــذرة ،وال يســكن القصــور ،ويتمتــع
بنز َهة البساتني إال َم ْن َع ُظ َم مبا لديكم وأنتم نائمون ،تتأملون من الفقر وأنتم له جالبون.
اخلصائص الفنية:
اخلطبتــان موجهتــان إلــى اجلماعــة ،أو إلــى الشــعب ،أو إلــى األمــة ،يف أمــر يتصــل بشــؤونها
الدينيــة ،أو السياســية ،أو االجتماعيــة ،ولذلــك جندهــا مبتدئــة بصيغــة مــن صيــغ النــداء
الشــرق ،كمــا تتفــق يف أنهــا تهــدف إلــى اإلقنــاع عــن طريــق ياب ِنــي ّ
اجلماعــي :أيهــا النــاسَ ،
اســتثارة العواطــف ،واســتنهاض الهمــم بالتركيــز علــى مــا يهــم هــذه اجلماعــة أو تلــك ،ثــم
باعتمــاد األســاليب البالغيــة التــي تعــن علــى ذلــك ،كالتأكيــد عــن طريــق األدوات املعروفــة ،أو
عــن طريــق التكــرار ،وكاالســتدالل مبــا يؤثــر يف قلــوب املســتمعني عــادة ،مــن نصــوص دينيــة
وأقــوال مأثــورة ،لكنهــا تختلــف يف أســلوبها (أو يف طريقــة صياغتهــا ملــا تطرحــه مــن أفــكار ،ومــا
تتناوله من موضوعات)؛ الختالف العصور التي ظهرت فيها واملوضوعات التي تتناولها.
وهكــذا إذ تقتــرب اخلطبــة األولــى مــن عصــر الســليقة والفصاحــة املبنيــة علــى اإليجــاز،
حيــث جندهــا تتســم بتكثيــف العبــارة ،ومتيــل إلــى التركيــز ،علــى أنهــا تقــدم مجموعــة مــن
املواعظ املتصلة بالتقوى والصالح ،ثم بالعالقة فيما بني احلاكم والرعية ،تلك العالقة
98
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
التــي يؤكــد عمــر أنّ أساســها طاعــة اهلل وتقــواه ،وأن تذكــر املــوت هــو مــن أســس هــذه الطاعــة
وهذه التقوى.
وأ َّمــا اخلطبــة الثانيــة فهــي تختلــف عــن األولــى يف ميلهــا إلــى اإلطنــاب والتكــرار ،والشــرح
والتفصيــل ،إذ تقتضــي املســألة ذلــك ،وهــي تلــك املســألة احلضاريــة التــي تتعلــق بتخلــف أبنــاء
الشــرق وتعلقهــم بالغــرب ،والتــي يلــح «ابــن النــدمي» علــى أبنــاء الشــرق يف أ ْن يعيــدوا فيهــا النظر،
مركــز ًا علــى لفــت انتباههــم إلــى مظاهــر ذلــك التخلــف؛ مــن فقــر وقــذارة وكســل وخمــول،
واعتمــاد علــى مــا ينتجــه الغــرب ،ويبــدو ذلــك اإلحلــاح يف اســتفتاح اخلطبــة بهــذا االســتفهام
التحريضــي« :أيــن أحالمكــم العظيمــة وذكاؤكــم البديــع؟» ثــم يف هــذه الفقــرات التــي يســتفتح
كل واحدة منها بكلمة« :كفاكم» ،ذلك إلى جانب َّأن اخلطبتني تعتمدان أسلوب ّ
الترسل. ّ
99
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
حظا من اعتناء األمم؟ 1.1ملاذا ُي َعدُّ جنس اخلطابة من أكثر األجناس ال ّنثرية ًّ
2.2ما وسائل اإلقناع ا ّلتي اعتمدتها اخلطبتان؟
الســامعني، 3.3يبــدو ال ّتكــرار أحيانـ ًا مــن وســائل اإلقنــاع ا ّلتي يلجــأ إليها اخلطيب الســتمالة ّ
فأين جتد ذلك يف اخلطبتني.
ـف)َ ( ،ت َت َأ َّلُــونَ ـس ِمـ ْ
ـن َت ْقـ َـوى اهلل َعـ َّز َو َجـ َّ
ـل َخ َلـ ٌ 4.4ع ّلــق علــى معانــي العبــارات اآلتيــة( :ولَيْـ َ
ِم َن ال ْ َف ْق ِر وأَنْ ُت ْم لَ ُه َجالِ ُبون).
اإلنشاء:
اكتــب موضوعـ ًا إنشـ ًّ
ـائيا تخاطــب فيــه زمــاءك ،حتثهــم علــى االبتعــاد عــن التقليــد األعمــى
للغرب.
ابحث عن خطيب الثورة العرابية (عبداهلل بن الندمي) ،واكتب طرف ًا من سيرته.
100
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الوصية في األدب القدمي
ّ
ُأ ٌّم توصي ابنها
الوصيــة جنــس أدبــي قــدمي ،اهتــم بــه القدمــاء لكونــه إحــدى الســبل التــي يتخذونهــا حلمــل
أبنائهــم وأحفادهــم واألجيــال التــي تأتــي مــن بعدهــم علــى مــا يؤمنــون بــه مــن ُمثــل ،ومــا
يعتقدونه من مبادئ ،وما يحملونه من أفكار.
ولئــن كان هــذا اجلنــس األدبــي قــد اضمحــل وتالشــى يف هــذا العصــر فــإن قبســات منــه لــم
تــزل باقيــة ُت َذ ِّكـ ُـر النــشء بالقيــم التــي كان يؤمــن بهــا أجدادهــم ،وتدعوهــم إلــى الســير عليهــا؛
لكونها أحد املشاعل التي تنير لهم طريق املستقبل.
وهــذه وصيــة مــن أُ ّم البنهــا وقــد أراد الســفر حتثــه فيهــا علــى حســن اخللــق والتمســك بالديــن
وكرم املعاملة.
ّص:
الن ّ
الوصيـ َة أجــدى عليــك 1مــن كثيــر ّ ـك وصيتــي ،وبــاهلل توفيقــك ،فـ َّ
ـإن ـس أمنحـ َ ـي ،اجلـ ْ أي ُب َنـ َّ
ْ
عقلك.
ـي ،إيــاك وال َّنميمــة ،فإنهــا تــزرع الضغينــة ،2وتفــرق بــن احملبــن ،وإيــاك والتعــرض أَ ْي ُب َنـ َّ
الســهام ،وقلمــا اعتــورت ـق 4أ ْن ال يثبــت الغــرض علــى كثــرة ِّ ـذ غرض ـ ًا ،3وخليـ ٌ للعيــوب َف ُت َّتخـ َ
ـي 6مــا اشــتد مــن قوتــه ،وإيــاك واجلــود بدينــك والبخــل الســهام غرضــا إال كَ َّل َمتْـ ُه ،5حتــى َي ِهـ َ ِّ
مبالك.
ـن لهزتــك ،وال تهــزز اللئيــم فإنــه صخــرة ال ينفجــر ماؤهــا ،و َم ِّثـ ْ
ـل وإذا هــززت 7فا ْهـ ُززْ كرميــا َي ِلـ ْ
لنفســك 8مثــال مــا استحســنت مــن غيــرك فاعمــل بــه ،ومــا اســتقبحت مــن غيــرك فاجتنبــه،
فإن املرء ال يرى عيب نفسه.
ـت مودتــه بشــره ،9وخالــف ذلــك منــه فعلــه ،كان صديقــه منــه علــى مثــل الريــح ـن كَ انـ ْ
و َمـ ْ
يف تصرفهــا 10والغــدر أقبــح مــا تعامــل بــه النــاس بينهــم ،ومــن جمــع ا ِ
حللْــم والســخاء فقــد أجــاد
حل َّلة ريطت َها ِ
وس ْربالَها.11 ا ُ
101
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
املعجم اللغوي:
1.1أجدى عليك :أنفع لك.
2.2الضغينة :احلقد والكراهية.
3.3الغرض :الهدف.
خليق :جدير.ٌ 4.4
5.5ك َّل َمتْ ُه :جرحته.
َ 6.6ي ِهي :يضعف.
ـززت املـ َـرء :طلبــت منــه مــا ًال أو معونــة ،اســتعارة مكنيــة أصلهــا تشــبيه املــرء الــذي
7.7هـ ُ
تطلب منه حاجتك بالشجرة التي تهزها طلب ًا لثمارها.
َ 8.8م ِّث ْل لنفسك الشيء ،أو األمر :اجعله نصب عينيك ،وتذكره دائم ًا.
ـن تــودد للنــاس بابتســامة وطالقــة وجهــه فقــط مــن دون أن 9.9ومــن كانــت مودتــه بشــرهَ :مـ ْ
كالريح يف تصرفها. ال حقيقي ًا كان ّ يكون الو ّد منه عم ً
1010أي :من لم يجد صديق ًا يصادقه ،وإذا صادق أمر ًا سرعان ما يتركه.
والســربال هــو 1111ا ُ
حل َّلــة اللبــاسّ ،
والريطــة جــزء منــه ،وهــي الـ ِّـرداء الــذي يلتــف بــه املــرءِّ ،
حللْــم والســخاء يشــبهان اللبــاس املتكامــل املتكــون مــن الثــوب الطويــل ،واملعنــىَّ :إن ا ِ
والسربال ،ومن اتصف بهما معا كان كَ َم ْن أحسن اللباس. الريْطة ِّ َّ
املعنى اإلجمالي:
الوصيــة مرتبطــة لــدى العــرب بوقــوع الفــراق مهمــا كان شــكله ،ذلــك الفــراق ا ّلــذي ّ تبــدو
الســيرة احلســنة وحســن اخللــق والعربيــة إلــى أن يوصيــا أبناءهمــا مبــا يضمــن لهــم ّّ ـي
يدعــو العربـ ّ
مســك باملبــادئ والقيــم ا ّلتــي ألفوها، ا صاحلـ ًا قــادر ًا علــى ال ّت ّ
بــن ال ّنــاس ،ومبــا يجعــل منهــم جيـ ً
الوصيــة بالفــراق مــا يوحــي أيضـ ًا بحــرص املوصــي علــى ذلــك ال ّتواصــل املعنـ ّ
ـوي ّ ولعــل يف ارتبــاط
الســير علــى املنهــج الواحــد ويف العيــش ـدي ،ذلــك ال ّتواصــل املتح ّقــق يف ّ رغــم االفتــراق اجلسـ ّ
علــى املُ ُثــل والقيــم الواحــدة ا ّلتــي يؤمــن بهــا اآلبــاء ،ويحرصــون علــى أن يرثهــا عنهــم األبنــاء
حتملها.
ويشاركونهم يف ّ
وصيتهــا مــا ُيســعف ابنهــا إذا مــا غــاب عنــه األعرابيــة احلكيمــة تــرى يف ّ ّ َع َلــى أنّ هــذه
يدل عليه قولهاَ « :ف ِإ َّن ال ْ َو ِص َّي َة أَ ْج َدىالعقل ،وعجز عن ال ّتفكير وأعيته احليلة ،وهو ما ّ
102
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـدل عليــه أســاليب ال ّتحذيــر هــذه ا ّلتــي حرصــت علــى أن ـك» ،كمــا تـ ّ ـن كَ ِثيـ ِر َع ْق ِلـ َـك ِمـ ْ َع َليْـ َ
الض ِغي َنة، ـاك وال َّن ِم َ
يمـةَ ،ف ِإ َّنهــا َتـ ْز َر ُع َّ وصيتهــا« :إِ َّيـ َ تصـ ّـدر بهــا بعــض عبــارات الفقــرة األولــى مــن ّ
ـك» .مــع ـاك ْ ُ
والــو َد ِب ِدي ِنـ َ رضــا» «وإ َّيـ َ ـذ غَ ً ض لِلْ ُع ُيـ ِ
ـوب َف ُت َّت َخـ ُ املِ ِّبـ َـن» «وِإ َّيـ َ
ـاك وال َّت َعـ ُّـر َ ـن ُ و ُت َفـ ِّـر ُق َبـ ْ َ
كل حتذيــر علــى ذكــر العواقــب املتر ّتبــة علــى عــدم األخــذ بــه ،إ ّال ال ّتحذيــر مــن حرصهــا إثــر ّ
بالديــن والبخــل باملــال ،فــإنّ عواقــب عــدم األخــذ بهمــا تبــدو أكبــر مــن أن ُتذكــر ،وال اجلــود ّ
ـك يف أنّ صــورة األمومــة باديــة يف هــذه ال ّتحذيــرات ا ّلتــي تذكّ ــرك بتلــك ال ّتحذيــرات ا ّلتــي شـ ّ
يضره.الصغير خوف ًا عليه من ارتكاب ما ّ ترعى بها األ ّم وليدها ّ
عمــا يقابلهــا: إيجابيــة مردفــةً بال ّنهــي ّ ّ أ ّمــا الفقــرة ال ّثانيــة فقــد بــدت علــى شــكل نصائــح
اس َت ْح َسـنْ َت ـال مــا ْ ـك ِم َثـ َ ـل لِ َنف ِْسـ َـم ،»...ثـ ّـمَ « :م ِّثـ ْ «وإِذَا َهـ َززْ َت فَا ْهـ ُزرْ كَ رِميـ ًاَ ...و َال َت ْهـ ُز ِز ال َّل ِئيـ َ
َاج َت ِنبْ ُه».اس َتق َْب ْح َت ِم ْن غَ يْر َِك ف ْ ِم ْن غَ يْر َِك فَا ْع َم ْل ِب ِه ،و َما ْ
ـن» الشــرط « َمـ ْ ـرطية صـ ّـدرت عباراتهــا بــأداة ّ وأ ّمــا الفقــرة ال ّثالثــة فقــد جعلــت منهــا حكمـ ًا شـ ّ
العمومية ،وجتعل منها نصائح غير مباشرة. ّ ا ّلتي متنحها صفة
ـوي املباشــر ،وال ّنصائــح اخلفيفة وصيتهــا البنهــا بــن ال ّتحذيــر القـ ّ وهكــذا جمعــت هــذه األ ّم يف ّ
حل َكم العا ّمة؛ رغبةً يف ال ّتنويع ودفع ًا للملل. املترفّقةّ ،ثم ا ِ
البيانيــة البديعــة املتم ّثلــة يف ال ّتشــبيه ّ القيمــة مــن الصــور ذلــك مــع مــا تبــرز فيــه هــذه الوصايــا ّ
صر ِف َهــا» ،وقولهــا« :إِ َّنــه َص ْخـ َـر ٌة َال ـح ِف َت ُّ الريـ ِ ِ ِ ِ
البــادي يف قولهــا« :كَ انَ َصدي ُق ـ ُه منْ ـ ُه َع َلــى مثْــلِ ِّ
الض ِغي َن ـةَ» ،ويف قولهــا« :اه ـ ُزرْ َينْ َف ِجـ ُـر َما ُؤ َهــا»ُ ،ثـ ّـم االســتعارة الباديــة يف قولهــاَ « :ف ِإ َّن َهــا َت ـ ْز َر ُع َّ
وس ْربالها». حل َّلة َريْ َط َتها ِ والس َخاء َف َق ْد أَ َجا َد ا ُ حللْ َم َّ كَ ِر ًميا» ،وقولهاَ « :م ْن َج َم َع ا ِ
اخلصائص الفن ّية:
رســل؛ خللـ ّـوه مــن ا ّتفــاق نهايــات اجلمــل
الوصيــة إلــى أســلوب ال ّت ّ
ّ ـظ انتمــاء أســلوب هــذهُيلْ َحـ ُ
البديعيــة األخــرى؛ وذلــك النتمائــه إلــى بدايــات العصــرّ احملســنات
والعبــارات ،ثـ ّـم خللـ ّـوه مــن ّ
اسي ال ّثاني.
العب ّ السجع كما شاع يف العصر ّ اسي ا ّلذي لم يشع فيه أسلوب ّ العب ّ ّ
الوصيــة دائمــ ًا -تكثيــف العبــارة ،وعــدم اإلطالــة،ّ كمــا يالحــظ فيهــا -كمــا هــو شــأن
الشــذوذ والغرابــة ،مــع ّ
تفــكك واملفــردات اجلزلــة القو ّيــة ،وال ّتعابيــر الواضحــة اخلاليــة مــن ّ
ـث علــى مــكارمالعبــارات وتناولهــا موضوعــات مختلفــةً ال ترتبــط بينهــا رابطــة ســوى أ ّنهــا حتـ ّ
الوصيــة
ّ الطريقــة ا ّلتــي ُعرِضــت بهــا ،وهــي ا ّلتــي أوضحناهــا عنــد تقســيمنا األخــاق ،غيــر أنّ ّ
إلى فقرات منحها شيئ ًا من االنسجام والتآلف.
103
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
104
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
القصة القصيرة في األدب احلديث
107
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسئلة
ـح ذلــك مــن خــال القصــة القصيــرة هــو البســاطة والقصــرَ .و َّضـ ْ 1.1مــن أهـ ّـم مــا تتميــز بــه ّ
القصة. هذه ّ
الشــخص املتقاعــد؟ وكيــف يبــدو املقعــد ا ّلــذي يجلــس الســاعة يف يــد ّ 2.2كيــف تبــدو ّ
عليه؟ وكيف أفلح الكاتب يف توظيف هاتني األداتني؟
ضح ذلك. القصة احلديثةَ .و ْ أهم ّمميزات ّ 3.3يبدو االعتناء بال ّتفاصيل من ّ
الشــرا ِء ،لَك ّنــه أَ ْخ َب َر ِنــي
ـخ ِّ ـم ُي َحـ ِّد ْد لِــي تاريـ َ
ـن مــا تد ّلــك عليــه العبــارات التاليــة« :لَـ ْ 4.4بـ ّ
اج ِت َيا ِزهــا َح ّتــى لــو كَ ان ـح يف ْ ـذ ُش ـ ُه ٍور َق ِلي َلــةَ /د ْو ًمــا كانَ َينْ َجـ ُ
ـاش ُمنْـ ُ
ِبإحالَتــه َع َلــى املَ َعـ ِ
حديث َعا ِمل.
ِ ُمنْ َه ِم ًكا يف
اإلنشاء:
اجتماعيــا َمـ َّـر بــك أو ســمعت عنــه ،واختــر اجلنــس األدبــي ا ّلــذي تكتــب يف
ًّ ِصـ ْ
ـف موقف ـ ًا
قصة قصيرة أو مقالة ،أو رسالة. إطارهّ ،
108
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
109
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
110
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
111
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵