You are on page 1of 107

‫انــجًٓــٕز‪ٚ‬ت انـجصائس‪ٚ‬ــتاند‪ًٚ‬ـقساطـ‪ٛ‬ت انشؼب‪ٛ‬ت‬

‫ٔشازة انخؼــه‪ٛ‬ـى انؼان‪ٔ ٙ‬انــبذـث انؼهً‪ٙ‬‬


‫جـايـؼـت انشاذنـ‪ ٙ‬بٍ جد‪ٚ‬ـد ـ انطـازف‬
‫كه‪ٛ‬ت انؼهٕو االجخًاػ‪ٛ‬ت ٔاإلَساَ‪ٛ‬ت‬
‫قسى ػهى االجخًاع‬

‫( السنة الثالثة‪ ،‬علم االجتماع تسيير موارد بشرية‪ ،‬نظام ‪) L.M.D‬‬

‫إعداد األستاذ‪ :‬تريكـي حسـان‬

‫السنـة الجامعيـة‪4102 - 4102 :‬‬


‫‪1‬‬
‫وزارة التــعــلــيــم الـــعــالــي والــبـــحــــث العـــلـــمــي‬
‫جــامـــعـــة الشــاذلـــي بن جـــديـــد ـ الــطــارف‬
‫كـلـيــة الـعــلـوم االجــتــماعية واإلنسانيـة‬
‫قـسـم عـلــــــم االجــتـــمـاع‬

‫َظس‪ٚ‬اث انًؤسست‬ ‫إسى انًــق‪ٛ‬اض ‪3‬‬

‫ههجخ انغُخ انضبنضخ ن‪ٛ‬غبَظ َظبو ل‪.‬و‪.‬د رخقـ رغ‪ٛٛ‬ش يٕاسد ثؾش‪ٚ‬خ‬ ‫يطبٕػت يٕجٓت إنٗ‪3‬‬

‫‪ -‬يذخم ػبو‪.‬‬
‫‪ -‬انغزٔس انفكش‪ٚ‬خ نذساعخ انًإعغخ‪.‬‬
‫‪ -‬انُظش‪ٚ‬بد ٔانًذاخم انًخزهفخ نذساعخ انًإعغخ‪.‬‬
‫انبسَايج انسسً‪ٙ‬‬
‫‪ -‬انُظش‪ٚ‬بد انكالع‪ٛ‬ك‪ٛ‬خ أٔ انؼمالَ‪ٛ‬خ ف‪ ٙ‬دساعخ انًإعغخ‪.‬‬ ‫نـهـــًـــقــ‪ٛ‬ـــاض‪3‬‬
‫‪ -‬انًذاسط انغهٕك‪ٛ‬خ‪.‬‬
‫‪َ -‬ظش‪ٚ‬بد انًإعغخ كُغك يفزٕػ‪ٔ ،‬األفشاد كفبػه‪ ٍٛ‬اعزًبػ‪ٍٛٛ‬‬
‫‪ -‬ؽهمبد انغٕدح‪ :‬رؼش‪ٚ‬فٓب‪ ،‬أْذافٓب ٔانغزٔس انزبس‪ٚ‬خ‪ٛ‬خ ٔع‪ٛ‬ش ػًهٓب‪.‬‬

‫‪ -‬رؾذ‪ٚ‬ذ يفٕٓو انًإعغخ ٔانزؼشف ػهٗ يخزهف إَٔاع انًإعغبد‪.‬‬


‫‪ -‬ئكغاابة انلبناات يؼاابسف ؽاإل انجؼااذ ا عزًاابػ‪ ٙ‬فاا‪ ٙ‬رؾه‪ٛ‬اام يغاابن‪ ٙ‬انزُظاا‪ٛ‬ى‬
‫ٔانؼًاام‪ٔ ،‬رًك‪ُٛ‬ااّ يااٍ رٕفاا‪ٛ‬ف ٔرم‪ٛ‬اا‪ٛ‬ى انًااذاخم ٔانُظش‪ٚ‬اابد انًخزهفااخ انزاا‪ٙ‬‬
‫أْداف انًـق‪ٛ‬اض ‪3‬‬
‫رُبٔنذ يٕمٕع انًإعغخ‪.‬‬
‫‪ -‬انمااذسح ػهااٗ رٕا‪ٛ‬اااف انُظش‪ٚ‬اابد ٔانًاااذاخم انًخزهفااخ فااا‪ ٙ‬دساعااخ ٔرؾه‪ٛ‬ااام‬
‫يخزهف انظٕاْش انًزقهخ ثبنزُظ‪ٛ‬ى‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فػػػػيػػػػػرس الػمػػكضػػػػػػػػػػػكعػػػػػػػػػػػات‬

‫الفػػػػػيػػػػػػػػػػػرس‬
‫(ﺃ‪ ،‬ب)‬ ‫المػػػػقػػػدمػػػػػػػػة‬
‫‪00 - 0‬‬ ‫المحكر األكؿ‪ :‬مدخػػػػؿ عاـ لدراسػػة المػؤسسػػػة‬
‫‪4‬‬ ‫* تمييػػد‬
‫‪4‬‬ ‫أوال‪ -‬مفيوـ المؤسسة‬
‫‪2‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬الصفات األساسية لممؤسسة‬
‫‪2‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬أنواع المؤسسات‬
‫‪7‬‬ ‫رابعا‪ -‬التطور التاريخي لنظريات المؤسسة‬
‫‪01 - 04‬‬ ‫المحكر الثاني‪ :‬ال جتااىات النظرية لدراسة المؤسسة‬
‫‪00‬‬ ‫* تمييػػد‬
‫‪00‬‬ ‫أوال ‪ -‬اإلتجاه الماركسي‬
‫‪00‬‬ ‫‪ – 1‬الماركسية التقميدية‬
‫‪02‬‬ ‫‪ – 2‬الماركسية المحدثة‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -‬نقد وتقييـ لئلتجاه الماركسي‬
‫‪07‬‬ ‫ثانيا‪ -‬االتجاه البنائي الوظيفي‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -1‬تالكػوت بارسػونز‪T.Parsons‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪ -2‬روبرت ميرتوف ‪R.Merton‬‬

‫‪40‬‬ ‫‪ -3‬فيميب سمزنيؾ ‪P.Salznick‬‬

‫‪42‬‬ ‫‪ -4‬ألف ػ ػػف جولدنػر ‪A. Goldner‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪ -5‬أميت ػػاي اتػزيوني ‪A.Etzioni‬‬

‫‪47‬‬ ‫‪ -‬نقد وتقييـ االتجاه البنائي الوظيفي‬

‫‪42‬‬ ‫* خبلص ػػة‬


‫‪24 - 00‬‬ ‫انًذٕز انثانث‪ 3‬انًدزسـت انكالس‪ٛ‬ك‪ٛ‬ـت ف‪ ٙ‬دزاست انًؤسست‬
‫‪04‬‬ ‫* تمييػػد‬
‫‪04‬‬ ‫أوال – نشﺄة المدرسة الكبلسيكية‬
‫‪04‬‬ ‫ثانيا – نظريات المدرسة الكبلسيكية‬
‫‪04‬‬ ‫‪ –1‬اإلدارة العممية لفردريؾ تايمور ‪F.W. Taylor‬‬

‫‪3‬‬
‫‪02‬‬ ‫‪ -2‬نظرية التقسيـ اإلداري لفايػوؿ ‪Henri Fayol‬‬

‫‪01‬‬ ‫‪ -3‬التنظيـ البيروقراطي لماكس فيبر‪Max Weber‬‬

‫‪20‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬نقد وتقييـ لممدرسة الكبلسيكية‬


‫‪20‬‬ ‫* خبلص ػػة‬
‫‪22 – 20‬‬ ‫المحكر الرابع‪ :‬النظريات السمػػككػػيػػػػػػة‬
‫‪22‬‬ ‫* تمييػػد‬
‫‪22‬‬ ‫أوال ‪ -‬حركة العبلقات اإلنسانيػة‬
‫‪21‬‬ ‫ثانيا – نظريات الدافعية‬
‫‪21‬‬ ‫‪ .1‬نظرية الحاجات ألبراىاـ ماسمو ‪Abraham Maslow‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪ .2‬نظرية ذات العامميف لفرددريؾ ىيرزبرغ ‪Herzberg‬‬

‫‪24‬‬ ‫‪ .3‬نظرية ماكميبلند ‪David C. McClelland‬‬

‫‪22‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬نظرية (‪ )X‬و (‪ )y‬لدوجبلس ماجريجور ‪Douglas McGregor‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪ -‬نقد وتقييـ المدرسة السموكية‬


‫‪21‬‬ ‫* خبلص ػػة‬
‫‪70 - 11‬‬ ‫المحكر الخامس‪ :‬إجتااه األنسػاؽ المفجتكحػة في دراسة المؤسسة‬
‫‪10‬‬ ‫* تمييد‬
‫‪10‬‬ ‫أوال ‪ -‬الخصائص الرئيسيػة لؤلنسػاؽ المفتوحػة حسب كاتز و كاىف (‪)Katz et Kahn‬‬

‫‪10‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬نظرية األنساؽ العامة (النظـ) )‪(Théorie des systèmes généraux‬‬

‫‪12‬‬ ‫ثالثا‪ -‬نظرية األنساؽ السوسيوتقنية (‪)Théorie des systèmes sociotechniques‬‬

‫‪71‬‬ ‫رابعا ‪ -‬النظرية الموقفية )‪(Théorie de contingence‬‬

‫‪70‬‬ ‫* خبلص ػػة‬


‫‪14 - 72‬‬ ‫المحكر السادس‪ :‬مدخؿ الجتحميؿ السجتػػراجتػيػاػي لممؤسسة‬
‫‪72‬‬ ‫* تمييػػد‬
‫‪72‬‬ ‫أٔ ‪ -‬يغهًبد انزؾه‪ٛ‬م ا عزشار‪ٛ‬غ‪ٙ‬‬
‫‪71‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مبادئ التحميؿ االستراتيجي‬
‫‪71‬‬ ‫المبدأ األوؿ‪ :‬مبدأ السمطة‬ ‫‪-‬‬
‫‪71‬‬ ‫المبدأ الثاني‪ :‬منطقة الشؾ‬ ‫‪-‬‬
‫‪72‬‬ ‫المبدأ الثالث‪ :‬نسؽ الفعؿ الممموس‬ ‫‪-‬‬

‫‪4‬‬
‫‪72‬‬ ‫رابعا ‪ -‬استراتيجية الفاعميف عند ميشاؿ كروزيو ‪Michel Crozier‬‬

‫‪10‬‬ ‫خامسا‪ -‬مقارنة بيف مختمؼ المدارس التنظيمية‬


‫‪10‬‬ ‫* خبلصػػة‬
‫‪22 - 10‬‬ ‫المحكر السابع‪ :‬مدخؿ ادارة الاكدة الشاممة‬
‫‪12‬‬ ‫* تمييػػد‬

‫‪12‬‬ ‫أوال‪ -‬مفيوـ إدارة الجودة الشاممة‬


‫‪11‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬نشﺄة وتطور مفيوـ إدارة الجودة الشاممة‬
‫‪12‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬أىداؼ إدارة الجودة الشاممة‬
‫‪21‬‬ ‫رواد إدارة الجػ ػ ػػودة الش ػ ػػاممة‬
‫رابعا ػ أىـ ّ‬
‫‪21‬‬ ‫‪ - 1‬ادوارد ديمنج ‪Edward Deming‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪ - 2‬فميب كروسبي ‪Philip B. Crosby‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪ - 3‬جوزيؼ جورف ‪Joseph juran‬‬

‫‪22‬‬ ‫خامسا ‪ -‬فوائ ػػد تطبيؽ إدارة الجودة الشػػاممة‬


‫‪22‬‬ ‫سادسا ‪ -‬متطمبات تطبيؽ إدارة الجودة الشاممة‬
‫‪21‬‬ ‫* خبلص ػػة‬
‫‪011‬‬ ‫‪ - -‬الخػػاجتػػػمػػػػػػػػػػػػػة‬
‫‪010‬‬ ‫‪ - -‬قائمة المرااع‬
‫‪010‬‬ ‫أوال‪ -‬مراجع بالمغة العربية‬
‫‪010‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مراجع بالمغة األجنبية‬

‫‪5‬‬
‫* المقدمػػة‪:‬‬

‫الرِح ِيم والصالة والسالم على رسولو الكريم وعلى آلو وصحبو الطيبين الطاىرين‪ ،‬وبعد‪..‬‬ ‫‪،‬‬ ‫بِ ْس ِم اللَّ ِو َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬

‫تتضمف ىذه المطبوعة سمسمة مف المحاضرات في مقياس نظريات المؤسسة‪ ،‬تـ اعدادىا طبقا‬
‫لمبرنامج الرسمي المقرر لطمبة السنة الثالثة عمـ اجتماع تسيير الموارد البشرية نظاـ ‪ .L.M.D‬وقد‬
‫حرصنا في ىذه المطبوعة عمى تقديـ عرض مفصؿ ومركز لمختمؼ االتجاىات النظرية في دراسة‬
‫المؤسسة‪ ،‬بشكؿ يسمح لمطالب بتكويف رؤية نظرية تمكنو مف دراسة وتحميؿ قضايا العمؿ والتنظيـ‪،‬‬
‫وكذا تفسير مختمؼ الظواىر المتصمة بو‪ ،‬خاصة وأف اإللماـ بﺄدبيات التنظيـ واالدارة يعتبر مف‬
‫األمور الضرورية إلنجاز البحوث االجتماعية في ىذا المجاؿ‪ .‬ومف أجؿ اإللماـ بالبرنامج‪ ،‬وتقديـ‬
‫كؿ المادة العممية المقررة‪ ،‬تضمنت المطبوعة سبعة محاور‪ ،‬وذلؾ عمى النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬المحكر األكؿ‪ " :‬مدخػػػػؿ عاـ لدراسػػة المػؤسسػػػة " ‪ ،‬تضمف تحديد مفيوـ المؤسسة‪ ،‬وكذلؾ‬
‫التطرؽ لمختمؼ أنواع المؤسسات‪ ،‬اضافة إلى تسميط الضوء عمى التطور التاريخي لنظريات‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫‪ -‬المحكر الثاني‪ ":‬الجتااىات النظرية لدراسة المؤسسة"‪ ،‬تناولنا في ىذا المحور أبرز االتجاىات‬
‫النظرية في دراسة المؤسسة‪ ،‬حيث تطرقنا إلى كؿ مف اإلتجاه الماركسي واإلتجاه البنائي الوظيفي‬
‫في دراسة المؤسسة‪ ،‬مف خبلؿ إبراز إسيامات رواد كؿ مف ىذيف االتجاىيف في دراسة وتحميؿ‬
‫مختمؼ قضايا المؤسسة والسموؾ التنظيمي فييا‪.‬‬

‫‪ -‬في حيف تعرضنا في المحكر الثالث‪" :‬المدرسػة الكالسيكيػة في دراسة المؤسسة"‪ ،‬إلى المدرسة‬
‫الكبلسيكية‪ ،‬والتي تضـ كؿ مف اإلدارة العممية لتايمور ونظرية فايوؿ في اإلدارة‪ ،‬والتنظيـ‬
‫البيروقراطي لماكس فيبر‪.‬‬

‫‪ -‬المحكر الرابع‪" :‬النظريات السمػػككػػيػػػػػػة" ‪ ،‬تناولنا فيو أىـ النظريات السموكية في دراسة المؤسسة‪،‬‬
‫حيث ركزنا عمى كؿ مف مدرسة العبلقات االنسانية‪ ،‬ونظريات الدافعية والتحفيز‪ ،‬المتمثمة في نظرية‬
‫الحاجات لماسمو ونظرية ذات العامميف لفرددريؾ ىيرزبرغ ونظرية ماكميبلند ‪ ،‬إضافة إلى نظرية‬
‫لماجريجور‪.‬‬ ‫(‪)y‬‬ ‫نظرية (‪ )X‬و‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬المحكر الخامس‪" :‬إجتااه األنسػاؽ المفجتكحػة في دراسة المؤسسة"‪ ،‬تطرقنا فيو إلى الخصائص‬
‫الرئيسيػة لؤلنسػاؽ المفتوحػة‪ ،‬إضافة إلى أبرز النظريات الفرعية التي تندرج ضمف إتجاه األنساؽ‬
‫المفتوحة‪ ،‬وىي‪ :‬نظرية األنساؽ العامة ونظرية األنساؽ السوسيوتقنية‪ ،‬إضافة إلى النظرية الموقفية‪.‬‬

‫‪ -‬المحكر السادس‪" :‬مدخؿ الجتحميؿ السجتػػراجتػيػاػي لممؤسسة"‪ ،‬تناولنا في ىذا المحور‪ ،‬التحميؿ‬
‫االستراتيجي لممؤسسة‪ ،‬مف خبلؿ التطرؽ إلى مسممات ومبادئ نموذج التحميؿ االستراتيجي‬
‫لػ"كروزيو" و"فريدبيرغ " وابراز فوائد التحميؿ االستراتيجي في دراسة مختمؼ قضايا التنظيـ‪ ،‬وتفسير‬
‫الظواىر المتصمة بو‪.‬‬

‫‪ -‬المحكر السابع‪" :‬مدخؿ ادارة الاكدة الشاممة"‪ ،‬حاولنا في ىذا المحور‪ ،‬إعطاء تحميبلً لئلطار‬
‫المفاىيمي والتطبيقي لمنيجية إدارة الجودة الشاممة كمدخؿ تنظيمي حديث‪ ،‬أثبت تفوقاً وكفاءة عالية‬
‫في مجاؿ الفكر التنظيمي‪ .‬وىذا مف خبلؿ التطرؽ الى األصوؿ التاريخية لحركة الجودة الشاممة‪،‬‬
‫ثـ تعرضنا الى المرتكزات الفكرية والفمسفية إلدارة الجودة الشاممة وأىـ روادىا‪ ،‬وبعدىا لمبادئ إدارة‬
‫الجودة الشاممة وتطبيقيا‪.‬‬

‫وأخي ار قمنا بعرض قائمة المراجع التي اعتمدنا عمييا في إعداد المطبوعة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المحور األول‪:‬‬
‫مدخــــل عام لدراســة المـؤسســـة‬

‫* تمهيــد‬

‫أكل‪ -‬مفيكـ المؤسسة‬

‫ثانيا ‪ -‬الصفات األساسية لممؤسسة‬

‫ثالثا ‪ -‬أنواع المؤسسات‪:‬‬

‫‪ - 1‬تصنيؼ المؤسسات حسب طبيعة النشاط‬

‫‪ -2‬تصنيؼ المؤسسات حسب الحجـ‬

‫‪ -3‬تصنيؼ المؤسسات حسب المعايير القانونية‬

‫‪ -4‬تصنيؼ المؤسسات حسب ممكية رأس الماؿ‬

‫رابعا‪ -‬الجتطكر الجتاريخي لنظريات المؤسسة‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬جتمييد‪:‬‬
‫شغمت المؤسسة حي از معتب ار في كتابات وأعماؿ المفكريف بمختمؼ تخصصاتيـ واتجاىاتيـ‬
‫االيديولوجية لكونيا كتمة مف األنشطة الديناميكية المتفاعمة فيما بينيا‪ ،‬وبإعتبارىا النواة األساسية في‬
‫النشاط االقتصادي لممجتمع‪ ،‬كما أنيا تعبر عف عبلقات اجتماعية‪ ،‬كوف العممية االنتاجية داخميا أو‬
‫نشاطيا بشكؿ عاـ يتضمف مجموعة مف العناصر البشرية المتفاعمة فيما بينيا‪ .‬وقد اتخذت المؤسسة‬
‫أشكاال مختمفة‪ ،‬كما تعددت المجاالت التي تنشط فييا‪ ،‬فباإلضافة إلى الدور االقتصادي واالجتماعي‬
‫تطور دورىا إلى الناحية السياسية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬االعبلمية‪ ،‬وحتى العسكرية أيضا‪.‬‬

‫أكل‪ -‬مفيكـ المؤسسة‪:‬‬

‫ىناؾ عدة تعريفات قدمت لممؤسسة وفؽ االتجاىات وااليديولوجيات المختمفة التي تبناىا‬
‫الباحثوف في تعريفيـ ليا‪ ،‬ويتميز مفيوـ المؤسسة بالشمولية‪ ،‬اذ يمكف أف ينظر إلييا مف زوايا‬
‫متعددة‪ .‬كما أف حصر كؿ أنواع المؤسسات وفروعيا االقتصادية وبﺄحجاميا وبﺄىدافيا المختمفة في‬
‫تعريؼ واحد‪ ،‬يكوف صعبا لمغاية‪ ،‬وىذا يعود إلى(‪:)1‬‬

‫‪ ‬التطور المستمر الذي شيدتو المؤسسة في طرؽ تنظيميا وفي أشكاليا القانونية منذ‬
‫ظيورىا‪.‬‬
‫‪ ‬تشعب واتساع نشاط المؤسسات االقتصادية‪ ،‬سواء الخدمية منيا أو االنتاجية‪ ،‬وقد‬
‫ظيرت مؤسسات تقوـ بعدة أنواع مف النشاطات في نفس الوقت‪ ،‬وفي أمكنة مختمفة‪،‬‬
‫مثؿ المؤسسات متعددة الجنسيات‪.‬‬
‫‪ ‬اختبلؼ االتجاىات الفكرية وااليديولوجية عند تقديـ تعريفات ليا‪.‬‬
‫وانطبلقا مف ذلؾ‪ ،‬قدـ الباحثوف العديد مف التعاريؼ لممؤسسة‪ ،‬ومف أبرز ىذه التعاريؼ‪:‬‬
‫يعرؼ ستيفاف روبف ‪ Stephen Robbins‬المؤسسة بﺄنيا‪" :‬كياف اجتماعي منسؽ بوعي‪ ،‬لو‬
‫ّ‬
‫حدود واضحة المعالـ يعمؿ عمى أساس دائـ لتحقيؽ ىدؼ معيف أو مجموعة أىداؼ"(‪. )2‬‬

‫يتضح لنا مف خبلؿ ىذا التعريؼ السمات األساسية لممؤسسة‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ ‬اجتماع مجموعة مف األفراد بشكؿ واعي وبتخطيط مسبؽ‪ -‬ليس صدفة – فيشكموف كيانا‬
‫اجتماعيا‪.‬‬
‫‪ ‬التﺄكيد عمى صفة الثبات النسبي لممؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬وجود أىداؼ تسعى لتحقيقيا مف خبلؿ توزيع األدوار عمى العامميف الذيف يشاركوف في‬
‫تحقيقيا‪.‬‬

‫ويعرؼ فﺭنسًﺍ بيﺭً‪ François Piroux .‬المؤسسة عمى أنيا‪" :‬منظمة تجمع أشخاصا ذوي‬
‫كفاءات متنوعة تستعمؿ رؤوس األمواؿ وقدرات مف أجؿ انتاج سمعة ما‪ ،‬والتي تباع بسعر أعمى مما‬
‫تكمفو(‪.)3‬‬

‫كما ينظر بيير كوزو ‪ Pierre conso‬لممؤسسة عمى أنيا‪" :‬عبارة عف خمية اقتصادية وبشرية‪،‬‬
‫والتي تشكؿ مرك از مستقؿ ماليا في صنع القرار‪ ،‬بحيث إدارة ومراقبة ىذا المركز تعتمد عمى شروط‬
‫تقسيـ رأس الماؿ بيف الشركاء‪ ،‬وكذلؾ حسب خصائص كؿ مؤسسة"(‪.)4‬‬

‫وتعتبر المؤسسة لدى بعض الدارسيف" حقيقة اجتماعية قوية "يفترض تحميميا السوسيولوجي ربط‬
‫مستوييف مف القراءة‪ ،‬األوؿ ىو عبلقة المؤسسة بالنظاـ االجتماعي والثاني ىو عبلقتيا بنسقيا‬
‫الداخمي‪ .‬ىذاف المستوياف مف القراءة يفضياف إلى القوؿ بﺄف المؤسسة ىي كؿ مترابط عبر ثبلثة‬
‫أنساؽ مستقمة ‪ :‬نظاـ اإلنتاج والبناء التنظيمي ونسؽ التشريعات(أي النظاـ القانوني)‪ ،‬وذلؾ في‬
‫ترابط كبير مع بيئة المؤسسة‪ .‬وىنا يبلحظ تجاو از لمطرح الكبلسيكي الذي يتعامؿ مع المؤسسة‬
‫كفضاء لئلنتاج فحسب‪ ،‬ذلؾ أنيا تمثؿ مجموعة أفراد أو جسما اجتماعيا مشكبل يعكس المبلمح‬
‫الرئيسية لممجتمع الذي يحيط بيا‪ ،‬يربطيا ما يسمى بالتنظيـ وىو الشكؿ الذي تبدعو المؤسسة‬
‫باجتماع األفراد‪ ،‬فبل وجود لممؤسسة خارج االعتراؼ المتواصؿ بوجود مجموعة تربطيا عبلقات‬
‫تفاىـ أو تناقض بيف أفرادىا(‪.)5‬‬

‫مف خبلؿ التعاريؼ السابقة‪ ،‬يتضح لنا أف المؤسسة تعبر عف واقع اقتصادي‪ ،‬وبشري‬
‫واجتماعي‪ ،‬وىي تنظيـ اقتصادي واعي ومقصود‪ ،‬يسعى إلى تحقيؽ أىداؼ محددة‪ ،‬فيي عبارة عف‬
‫مجموع العناصر المادية والبشرية التي تتفاعؿ فيما بينيا بغرض تحقيؽ ىدؼ معيف‪.‬‬

‫‪ -‬الفرؽ بيف المؤسسة كالجتنظيـ‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫في العديد مف المؤلفات يستعمؿ مصطمح المنظمة أو التنظيـ ومصطمح المؤسسة كمفيوميف‬
‫مترادفيف‪ ،‬إال أنو في الواقع ىناؾ فروؽ نوعية وجوىرية بينيما‪ ،‬مما يستوجب توضيحيا لتحديد‬
‫الفواصؿ والفوارؽ الموجودة بينيا‪ ،‬وفقا لمقتضيات التﺄصيؿ العممي‪.‬‬
‫المنظمة أو التنظيـ ‪ Organisation‬ىو عبارة تطمؽ عمى كؿ تجمع يتـ تنظيمو وفؽ قواعد‬
‫وأسس معينة اجتماعية كانت أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو غير ذلؾ‪ ،‬وىو بشكؿ عاـ‪:‬‬
‫"مجموعة مف األفراد يوحدوف جيودىـ لغرض تحقيؽ اليدؼ المسطر‪ ،‬سواء كاف ىذا التنظيـ‬
‫مستشفى أو مدرسة أو جمعية‪.)6( ...‬‬

‫أما المؤسسة ‪ Entreprise‬فيي تنظيـ منتج‪ ،‬فيي تتميز بطابعيا االنتاجي الممموس في غالب‬
‫الوقت‪ .‬كيجتمثؿ الفرؽ بيف المنظمة كالمؤسسة في ككف كؿ مؤسسة ىي منظمة‪ ،‬كليس بالضركرة‬
‫كؿ منظمة ىي مؤسسة‪ ،‬كما أف ىذه األخيرة تسعى الى تحقيؽ الربح‪ .‬فالمنظمة ىي ‪ :‬مجموعة مف‬
‫االفراد ليـ ىدؼ معيف‪ ،‬يستخدموف طريقا أو أكثر لموصوؿ إليو‪ .‬فمثبلً ىناؾ منظمات إنسانية‪،‬‬
‫منظمات بيئية‪ ،‬منظمات عمالية‪ ...‬الخ‪ ،‬أما المؤسسة فيي ىيكؿ اقتصادي واجتماعي يظـ فرد أو‬
‫عدة أفراد يعمموف بطريقة منظمة مف أجؿ خمؽ منتجات أو خدمات إلى زبائف‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬الصفات األساسية لممؤسسة‪:‬‬

‫إذا كانت المؤسسة عبارة عف نسؽ منظـ مف األفراد والطاقة بصفة عامة‪ ،‬ييدؼ إلى تحقيؽ‬
‫أىداؼ معينة‪ ،‬فإف ىذا النسؽ ال يمكف أف يدوـ أو أف يحقؽ أىدافو إذا لـ تتوفر بعض الشروط‬
‫األساسية لضماف حياة وفعالية المؤسسة‪ ،‬ويمكف تمخيص الصفات األساسية لممؤسسة فيما يمي(‪:)7‬‬

‫‪ .1‬تتكوف المؤسسة مف شخصيف أو أكثر‪ ،‬ومف جماعات عمؿ رسمية وغير رسمية‪.‬‬
‫‪ .2‬التوجيو‪ :‬تعمؿ المؤسسة عمى تحقيؽ ىدؼ أو أىداؼ معينة تخدـ مصالح األفراد والجماعات‬
‫العاممة‪ ،‬فبل يمكف تصور قياـ مؤسسة ما دوف أف يكوف ليا ىدؼ أو أىداؼ محددة إلشباع‬
‫حاجات معينة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ .3‬األساليب‪ :‬تتبنى المؤسسة أسموبا تنظيميا معينا لتحقيؽ التسيير الفعاؿ‪ ،‬ويتـ ذلؾ بواسطة‬
‫تمييز الوظائؼ وتقسيـ العمؿ وتجزئتو‪ ،‬وتوزيع األدوار والمراكز والتنظيـ اليرمي لمسمطة‬
‫وتنظيـ االتصاؿ وغير ذلؾ‪..‬‬
‫‪ .4‬التنسيؽ الواعي لمنشاط الذي يقوـ بو األفراد‪ ،‬وذلؾ باالعتماد عمى العقبلنية والعمميات‬
‫المنطقية في التخطيط والتنفيذ ولتقييـ‪.‬‬
‫‪ .5‬االستم اررية عبر الزمف‪ ،‬وذلؾ لضماف تحقيؽ األىداؼ المرجوة مف انشاء المؤسسة‪ ،‬فضماف‬
‫االستم اررية يوفر جو الطمﺄنينة واالحساس باألمف واالستقرار لؤلفراد‪ ،‬مما يدفعيـ لمعمؿ أكثر‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬أنكاع المؤسسات‪:‬‬

‫تصنؼ المؤسسات عموما حسب أربعة معايير‪ ،‬وىي؛ حسب طبيعة النشاط‪ ،‬األىمية‪ ،‬الشكؿ‬
‫القانوني ومصدر األمواؿ‪.‬‬

‫‪ - 1‬جتصنيؼ المؤسسات حسب طبيعة النشاط‪ :‬و ىنا تصنؼ المؤسسات إلى(‪:)8‬‬

‫أ ‪ -‬المؤسسات الصناعية‪ :‬ونجد في ىذا النوع جميع المؤسسات التي عمميا األساسي تحويؿ المواد‬
‫الموجودة في الطبيعة إلى منتجات نيائية قابمة لبلستعماؿ‪ ،‬وىذه المؤسسات عموما تتمثؿ في‬
‫مؤسسات الصناعة الثقيمة ومؤسسات الصناعة الخفيفة ( التحويمية )‪.‬‬

‫ب ‪ -‬المؤسسات الفالحية‪ :‬وتضـ المؤسسات التي تختص في كؿ مف الزراعة وتربية المواشي‪،‬‬


‫إضافة إلى أنشطة الصيد البحري‪.‬‬

‫ج ‪ -‬المؤسسات الجتاارية‪ :‬يعمؿ ىذا النوع مف المؤسسات في النشاط التجاري‪ ،‬أي يقوـ بعمؿ‬
‫توزيع السمع أو تقديـ خدمات‪ ،‬مثؿ نقؿ البضائع لؤلسواؽ‪.‬‬

‫د ‪ -‬المؤسسات المالية‪ :‬وىي التي تيتـ بالنشاط المالي‪ ،‬كمؤسسات التﺄميف والبنوؾ التجارية‬
‫والمركزية‪....‬الخ‪.‬‬

‫‪ -2‬جتصنيؼ المؤسسات حسب الحاـ‪ :‬يقاس حجـ المؤسسة بطرؽ مختمفة‪ ،‬باستعماؿ عدة معايير‬
‫أىميا؛ عدد العماؿ ورقـ األعماؿ السنوي والقيمة المضافة واألرباح المحققة وقيمة التجييزات‬

‫‪12‬‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬إلخ‪ ،‬ولكف المعايير األكثر استخداما تتمثؿ في عدد العماؿ‪ ،‬رقـ األعماؿ‪ ،‬والقيمة‬
‫المضافة‪ .‬ويمكف تقسيـ المؤسسات حسب حجميا الى أربع انواع وىي‪:‬‬

‫أ‪ -‬مؤسسات صغيرة‪.‬‬

‫ب‪ -‬مؤسسات متوسطة‪.‬‬

‫ج‪ -‬مؤسسات كبيرة‪.‬‬

‫د‪ -‬مؤسسات عمبلقة‪.‬‬

‫تصنؼ المؤسسات حسب الشكؿ القانوني‪ ،‬كما‬ ‫‪ -1‬جتصنيؼ المؤسسات حسب المعايير القانكنية‪:‬‬
‫يمي(‪:)9‬‬

‫‪ -‬المؤسسات الفردية‪ :‬الشخصية القانونية لممؤسسة تتطابؽ مع شخصية رجؿ األعماؿ‪.‬‬

‫‪ -‬شركات األشخاص‪ :‬وىي تمؾ المؤسسات التي تعود ممكيتيا لمجموعة مف األفراد‪.‬‬

‫‪ -‬شركات رؤكس األمكاؿ‪ :‬وتتمثؿ في شركات المساىمة‪.‬‬

‫‪ -‬الشركات ذات المسؤكليات المحدكدة‪ :‬تتمثؿ فيما يمي‪:‬‬

‫المحدودة ‪- La SARL : société à responsabilité limité‬‬ ‫*شركات ذات المسؤولية‬

‫* لمؤسسة ذات الشخص الوحيد وبمسؤولية محدودة‪:‬‬


‫‪- L’EURL : entreprise unipersonnelle à responsabilité limitée.‬‬

‫ىذا الشكؿ القانوني يسمح لرجاؿ األعماؿ بإنشاء شركة ذات مسؤولية محدودة‪ ،‬بموجبيا تقوـ‬
‫بوظائؼ مختمفة في نفس الوقت‪ ،‬كسمطة اإلدارة‪ ،‬والجمعية العامة‪.‬‬

‫‪ -4‬جتصنيؼ المؤسسات حسب ممكية رأس الماؿ‪ :‬ترتبط الطبيعة القانونية لممؤسسات بشكؿ‬
‫ممكيتيا‪ ،‬عمى اعتبار أف شكؿ الممكية‪ ،‬ىو المحدد لنمط القوانيف واألنظمة التي تحكـ إجراءات‬
‫وقواعد تسييرىا‪ ،‬وتصنؼ المؤسسات حسب ىذا المعيار إلى نوعيف ىما(‪:)10‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ ‬المؤسسات الخاصة‪ :‬وىي تمؾ المؤسسات التي تعود ممكية األمواؿ فييا لفرد‪ ،‬أو لمجموعة مف‬
‫األشخاص‪ ،‬كشركات األشخاص والشركات ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وشركات المساىمة‪.‬‬
‫‪ ‬المؤسسات العامة كالمخجتمطة‪ :‬وىي مؤسسات ذات طبيعة قانونية مختمفة‪ ،‬وتتمثؿ فيما يمي‪:‬‬
‫‪ .1‬المؤسسات العامة‪ :‬وىي التي تعود ممكيتيا لمدولة كالشركات الوطنية والمحمية‪.‬‬
‫‪ .2‬المؤسسات المخجتمطة‪ :‬وىي التي تشترؾ الدولة أو أحد ىيئاتيا مع األفراد في ممكية األمواؿ‬
‫وفي سمطة القرار‪.‬‬
‫رابعا – الجتطكر الجتاريخي لنظريات المؤسسة‪:‬‬
‫مع تطور المجتمعات في مختمؼ مجاالت الحياة‪ ،‬أصبح لمتجمع اإلنساني معنى أوسع يميزه‬
‫التطور والتنظيـ‪ .‬ىذا األخير الذي يعد بمثابة السمة األساسية التي تميز المجتمعات اإلنسانية‬
‫الحديثة‪ ،‬إذ نجد األفراد والجماعات ينتظموف في وحدات وأنساؽ اجتماعية متباينة وفؽ نموذج بنائي‬
‫معيف‪ ،‬يسمح بتحقيؽ أىداؼ محددة ينشﺄ مف أجميا التنظيـ ‪ .‬ومف ىنا بدأت مشكمة إدارة ىذا التنظيـ‬
‫وأىميتيا منذ أف كبر حجـ المشاريع واحتياج صاحب العمؿ إلى مف يساعده‪ ،‬أيف برزت فكرة‬
‫االنتظاـ وضرورة التعاوف مع اآلخريف‪ ،‬مف خبلؿ تقسيـ األعماؿ وتنظيـ الجيود لبمػوغ أىداؼ محددة‬
‫لـ يكف الفرد وحده قاد ار عمى بموغيا‪ .‬ومع كبر حجـ المؤسسات وازدياد أنشطتيا وارتفاع عدد األفراد‬
‫العامميف بيا‪ ،‬ازدادت الحاجة إلى ايجاد أساليب وطرؽ أكثر تطو ار تساعد في تسيير شؤوف تمؾ‬
‫المؤسسات وتعظيـ األرباح‪ .‬مف أجؿ ىذا الشﺄف تطور الفكر التنظيمي خبلؿ سنوات طويمة مف‬
‫الممارسات اإلدارية في المؤسسات المختمفة‪ ،‬بفضؿ إسيامات دراسات وبحوث عدد كبير مف‬
‫المفكريف والعمماء‪ ،‬الذيف قاموا بإثرائو بكثير مف اآلراء واألفكار المفيدة‪ ،‬مف خبلؿ طرحيـ لنماذج‬
‫ونظريات تفسر اإلدارة كظاىرة اجتماعية‪ .‬وفي أثناء ىذا التطور اتسـ الفكر التنظيمي بسمات ميزت‬
‫كؿ مرحمة مف المراحؿ التي مر بيا ‪ ،‬مف حيث المداخؿ واالتجاىات التي وجو إلييا ىؤالء العمماء‬
‫اىتماماتيـ‪ ،‬األمر الذي نتج عنو أكثر مف رافد فكري‪ ،‬تمثؿ في أكثر مف مدرسة‪ ،‬لكػؿ منيا نظرياتيا‬
‫وأراءىا وروادىا الذيف أثرت بيـ ىذا المجاؿ‪ ،‬ىذه النظريات التي ال تزاؿ تحظى حتى وقتنا ىذا‪،‬‬
‫باىتماـ الباحثيف والدارسيف والممارسيف لئلدارة‪ ،‬لما تقدمو مف مفاىيـ ومبادئ وقواعد وأساليب منظمة‬
‫(‪)11‬‬
‫لؤلنشطة واألعماؿ اليادفة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ويعكس التطور في نظريات المؤسسة نمطا تراكميا في المعرفة‪ ،‬فالمبادئ والنظريات تـ الوصوؿ‬
‫إلييا مف خبلؿ دراسات وتجارب في مواقع العمؿ‪ ،‬ما ىي إال أجوبة وحموؿ لمشاكؿ موجودة أو تـ‬
‫التنبؤ بإمكانية وقوعيا‪ .‬ويرى العديد مف الميتميف بالفكر التنظيمي‪ ،‬أف ىناؾ محوريف أساسيف يمكف‬
‫استخداميما في دراسة التطورات الحاصمة في ىذا الحقؿ وىما‪:‬‬
‫‪ - 1‬المحكر النسقي‪:‬‬
‫يؤكد عمى أف التنظيمات ىي أنساؽ‪ ،‬ويركز عمى عبلقة التنظيـ بالبيئة المحيطة‪ ،‬وفي ىذا‬
‫االطار إنتقمت النظرة لمتنظيـ مف نسؽ مغمؽ ييتـ فقط بتسيير التغيرات الداخمية‪ ،‬إلى إعتبار التنظيـ‬
‫كنسؽ مفجتكح‪ ،‬يﺄخذ بعيف االعتبار الظروؼ الخارجية المحيطة سواء كانت اقتصادية‪ ،‬سياسية‪،‬‬
‫ثقافية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬تكنولوجية أو قانونية‪.‬‬
‫‪- 2‬المحكر الغائي‪:‬‬
‫تعامؿ مع نيايات أو غايات ىيكؿ المنظمة‪ ،‬ووفؽ ىذا المحور يمكف التمييز بيف اتجاىيف‬
‫أساسيف في تطور التنظيـ وىما‪:‬‬
‫‪ ‬المنظكر العقالني (الرشيد)‪ :‬يرى أف ىيكؿ المنظمة ىو وسيمة لتحقيؽ األىداؼ التنظيمية‬
‫بفعالية‪ ،‬أي التركيز فقط عمى النتائج االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬المنظكر الاجتماعي‪ :‬عمى نقيض المنظور األوؿ‪ ،‬فإف ىذا المنظور يسعى إلى البحث عف‬
‫توافؽ انتاجي ينبثؽ مف الديناميكية النابعة مف اشباع حاجات العامميف وزيادة دافعيتيـ نحو‬
‫العمؿ‪.‬‬
‫مثمما يوضحو الشكؿ التالي‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫شكؿ رقـ (‪ :)10‬يكضح الجتطكر الجتاريخي لنظريات المؤسسة‬

‫انًقازبت انؼقالَ‪ٛ‬ت‬

‫انًدزست انكالس‪ٛ‬ك‪ٛ‬ت (‪)0201-0211‬‬ ‫االحجاِ انظسف‪) 0271-0211 ( ٙ‬‬


‫‪Ecole Classique‬‬ ‫‪Courant de Contingence‬‬

‫انـًـؤسســت‬
‫كُسق يغهق‬ ‫انـًـؤسســـــت‬
‫كُسق يفخٕح‬

‫يدزست انؼالقاث االَساَ‪ٛ‬ت (‪)0211-0201‬‬ ‫انخذه‪ٛ‬م االسخساح‪ٛ‬ج‪) -0211(ٙ‬‬


‫‪Ecole des Relations Humaines‬‬ ‫‪L’analyse Stratégique‬‬

‫انًقازبت االجخًاػ‪ٛ‬ت‬

‫ويمخص الباحث مؤيد السالـ في كتابو "تنظيـ المنظمات"‪ ،‬أىـ التطورات الحاصمة في نظرية‬
‫المؤسسة ‪ -‬في ضوء البعد النسقي والغائي ‪ -‬في الجدوؿ التالي‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫ادكؿ رقـ(‪ :)11‬جتطكرات نظريات المؤسسة في ضكء بعدي النسؽ كالغاية خالؿ القرف العشريف‬

‫اإلطػػػػػػػػػػػػار الػػػػػػػػػػػػزمػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػنػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػي‬
‫الخصائص‬
‫‪-4111‬ا‪ٌٜ‬‬ ‫‪-0221‬‬ ‫‪-0211‬‬ ‫‪-0211‬‬ ‫‪-0201‬‬ ‫‪-0211‬‬
‫‪4111‬‬ ‫‪0221‬‬ ‫‪0211‬‬ ‫‪0211‬‬ ‫‪0201‬‬
‫المؤسسة‬ ‫المؤسسة‬ ‫المؤسسة‬ ‫المؤسسة‬ ‫المؤسسة‬ ‫المؤسسة‬ ‫المنظكر‬
‫نظاـ مفتوح‬ ‫نظاـ مفتوح‬ ‫نظاـ مفتوح‬ ‫نظاـ مفتوح‬ ‫نظاـ مغمؽ‬ ‫نظاـ مغمؽ‬ ‫النظمي‬
‫السموؾ‬ ‫السموؾ‬ ‫السموؾ‬ ‫السموؾ‬ ‫السم ػ ػ ػوؾ‬ ‫السموؾ‬ ‫المنظكر‬
‫اجتماعي‬ ‫اجتماعي‬ ‫عقبلني مقيد اجتماعي‬ ‫اجتماعي‬ ‫عقبلني‬ ‫الغائي‬
‫التعمـ‬ ‫الثقافة‬ ‫الػقػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوة‬ ‫التصاميـ‬ ‫األفراد‬ ‫الكفاءة‬ ‫المكضكع‬
‫التنظيمي‬ ‫الوطنية‬ ‫والسياسػ ػ ػة‬ ‫الظرفيػ ػ ػ ػ ػة‬ ‫والعبلقات‬ ‫الميكانيكية‬ ‫األساسي‬
‫االنسانية‬
‫معرفي‬ ‫ثقافي‬ ‫سياسي‬ ‫ظرفي‪/‬‬ ‫االنساف‬ ‫تقميدي‬ ‫نكع المدخؿ‬
‫موقفي‬ ‫االجتماعي‬ ‫ميكانيكي‬
‫المصدر‪ :‬مؤيد السالـ‪ ،‬تنظيـ المنظمات‪ ،‬دراسة في تطور الفكر التنظيمي خبلؿ مئة عاـ‪ ،‬دار عالـ الكتاب‬
‫الحديث‪ ،‬االردف‪ ،2002 ،‬ص ص ‪.30-28‬‬

‫انطبلقا مف ىذا الجدوؿ‪ ،‬يتضح لنا أف ىناؾ سجتة مداخؿ أساسية متتابعة زمنيا في ضوء‬
‫المنظور النسقي والمنظور الغائي‪ ،‬وتجدر االشارة إلى أف المدى الزمني لكؿ مدخؿ ىو موضوع‬
‫تقريبي‪ ،‬كما أف ىذه المداخؿ متداخمة ببعضيا البعض‪ ،‬واف ىذا التداخؿ يزداد تشابكا كمما اقتربنا‬
‫نحو الحاضر‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬ىكامش المحكر األكؿ‪:‬‬
‫‪ -1‬عالهُ‪ٛ‬خ ثهمبعى‪ ،‬انؼاللبد ا َغبَ‪ٛ‬خ ف‪ ٙ‬انًإعغخ‪ ،‬يغهخ انؼهٕو ا َغبَ‪ٛ‬خ‪ ،‬رقذسْب عبيؼخ يؾًذ خ‪ٛ‬نش‬
‫ثغكشح‪ ،‬انؼذد انخبيظ‪ ،‬ف‪ٛ‬فش٘ ‪ ،2114‬ؿ‪. 28‬‬
‫‪2- Stephen Robbins, Organization theory; structure design and applications third,‬‬
‫‪edition New Jersey, prentice hall, 1990, P3.‬‬
‫‪َ -3‬بفش داد٘ ػذٌٔ‪ ،‬الزقبد انًإعغخ‪ ،‬داس انًؾًذ‪ٚ‬خ انؼبيخ‪ ،1998 ،‬ؿ ‪.11‬‬
‫‪4- Pierre Conso, Gestion Financière de l’entreprise, Dunod, 8 ème ED, Paris,‬‬
‫‪2000, P59-60.‬‬
‫‪ -5‬عبنى نج‪ٛ‬ل‪ ،‬صمبفخ انًإعغخ ٔ أصش انؼٕنًخ ف‪ ٙ‬انًغشة انؼشث‪ :ٙ‬يضبل رَٕظ‪ ،‬يغهخ اَغبَ‪ٛ‬بد‪ٚ ،‬قذسْب‬
‫انًشكض انٕهُ‪ ٙ‬نهجؾش ف‪ ٙ‬األَضشٔثٕنٕع‪ٛ‬ب ا عزًبػ‪ٛ‬خ ٔانضمبف‪ٛ‬خ ثْٕشاٌ‪ ،‬انؼذد ‪.2113 ،22‬‬
‫‪6- Michel Amiel et autres, Management de l’administration, Imprimerie du‬‬
‫‪Culot, 2 ème ED, Paris, 1998, P21.‬‬
‫‪ -7‬يقلفٗ ػؾٕ٘‪ ،‬أعظ ػهى انُفظ انقُبػ‪ٔ ٙ‬انزُظ‪ ،ًٙٛ‬انًإعغخ انٕهُ‪ٛ‬خ نهكزبة‪ ،‬انغضائش‪،1992 ،‬‬
‫ؿ ‪.39 – 38‬‬
‫‪َ -8‬بفش داد٘ ػذٌٔ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.65‬‬
‫‪9- Jean Longatte et Jacques Muller, Economie d’entreprise, Dunod, 2 ème ED,‬‬
‫‪Paris, 1999, P06.‬‬
‫‪10- Ibid, P07.‬‬
‫‪ -11‬دَجـش٘ نلف‪ ،ٙ‬انزُظ‪ٛ‬ى ٔئداسح انغهٕن انجؾش٘ ف‪َ ٙ‬ظش‪ٚ‬خ انجُبئ‪ٛ‬خ انٕا‪ٛ‬ف‪ٛ‬خ ٔانُظش‪ٚ‬خ انًؼذنخ‪ ،‬ػهٗ‬
‫انًٕلغ‪ http://nsalharbi.blogspot.com/2009/04/blog-post_1149.html :‬ثزبس‪ٚ‬خ‪:‬‬
‫‪.2115.12.24‬‬

‫‪18‬‬
‫المحػػػػكر الثاني‪:‬‬
‫ال جتااىات النظرية لدراسة المؤسسة‬

‫* جتمييػػد‬

‫أكل ‪ -‬اإلجتااه الماركسي‬

‫‪ – 1‬الماركسية التقميدية‬
‫‪ – 2‬الماركسية المحدثة‬
‫‪ -‬نقد وتقييـ االتجاه الماركسي‬

‫ثانثا – اإل جتااه البنائي الكظيفي‬

‫‪ - 1‬تالكػوت بارسػونز‪T.Parsons‬‬
‫‪ -2‬روبرت ميرتوف ‪R.Merton‬‬
‫‪ -3‬فيميب سمزنيؾ ‪P.Salznick‬‬
‫‪ -4‬ألف ػ ػػف جولدنػر ‪A. Goldner‬‬
‫‪ - 5‬أميت ػػاي اتػزيوني ‪A.Etzioni‬‬

‫‪ -‬نقد وتقييـ االتجاه البنائي الوظيفي‬

‫* خالصة‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬تمييد‪:‬‬

‫سنتطرؽ في ىذا المحور‪ ،‬إلثنيف مف أىـ النظريات االجتماعية الرائدة في مجاؿ الفكر‬
‫التنظيمي‪ ،‬وىما؛ اإلتجاه الماركسي واإلتجاه البنائي الوظيفي‪ ،‬وسنحاوؿ إبراز إسيامات رواد كؿ مف‬
‫ىذيف االتجاىيف في تطوير الفكر التنظيمي‪ ،‬وتبياف الكيفية التي تناوؿ كؿ منيما قضايا العمؿ‬
‫والمؤسسة‪.‬‬

‫أكل ‪ -‬اإلجتااه الماركسي‪:‬‬

‫تعالج النظرية الماركسية كثي ار مف القضايا المتعمقة بالتنظيمات‪ ،‬ومقدار تﺄثيرىا في مستويات‬
‫األداء واالنتاجية‪ ،‬كالصراع الطبقي‪ ،‬والبناء االجتماعي وقضايا االنتاج‪ ،‬وظروؼ العمؿ المتنوعة‬
‫وقضايا التغير والتطور واالغتراب‪ ،‬ضمف التنظيمات الصناعية وخارجيا(‪ .)1‬وفي ىذا االتجاه‬
‫سنتطرؽ إلى كؿ مف اسيامات الماركسية التقميدية والماركسية المحدثة‪.‬‬

‫‪ -1‬الماركسية الجتقميدية‪:‬‬

‫درس ماركس)‪ (K. Marx‬فكر ىيجؿ بتعمؽ‪ ،‬وتﺄثر بمذىب الديالكتؾ عنده‪ ،‬وقد أخذ ماركس‬
‫حوؿ الجدلية إلى تفسير مادي لتاريخ المجتمعات اإلنسانية‪،‬‬
‫المدخؿ الجدلي لفكرة ىيجؿ‪ ،‬ولكف ّ‬
‫فاألصؿ في وجود اإلنساف واستمرار نوعو يتوقؼ عمى الفعؿ اإلنتاجي في العممية اإلنتاجية‪ ،‬التي‬
‫يترتب عمى وجودىا وتطورىا‪ ،‬ظيور التشكيبلت االجتماعية وتطورىا‪ ،‬بما تتضمنو ىذه التشكيبلت‬
‫مف نظـ سياسية وتشريعية ومعرفية وثقافية وما يرتبط بيا مف وعي‪ .‬وبيذا يكوف ماركس قد فسر‬
‫أنماط اإلنتاج تفسي اًر مادياً‪ ،‬مف خبلؿ مفاىيـ شممت (قوى اإلنتاج وعبلقات اإلنتاج) (‪ ،)2‬فبالنسبة‬
‫ل قوى اإلنتاج فيي تفاعؿ القوة العاممة وخصائص أعضائيا مع األدوات والتجييزات والمباني‬
‫واآلالت‪ ،‬وكؿ ما يدخؿ بوسائؿ اإلنتاج مف مواد أولية وتجييزات‪ ،‬أما عبلقات اإلنتاج فيي نمط‬
‫الممكية السائد‪ ،‬وخاصة ممكية وسائؿ اإلنتاج‪.‬‬

‫ويرى ماركس بﺄف التقدـ التكنولوجي في األنظمة الرأسمالية‪ ،‬قد قسـ المجتمعات إلى طبقتيف‬
‫متمايزتيف‪ :‬طبقة مالكي وسائؿ اإلنتاج وطبقة الكادحيف‪ .‬وحسب التحميؿ الماركسي فإف البنيات‬
‫التحتية ىي التي تحدد نوعية العبلقات الصناعية بيف مختمؼ الطبقات‪ ،‬التي تدخؿ في صراع شديد‪،‬‬

‫‪21‬‬
‫يؤدي في النياية بصفة حتمية إلى ﺇنتصار البروليتاريا‪ .‬ويبدو واضحا أف الماركسية تؤكد عمى ما‬
‫يسمى بالحتمية التكنولوجية‪ ،‬أي أف التغير التكنولوجي وما يتبعو مف تمايز وصراع سيؤدي‬
‫بالضرورة إلى تغير ﺇجتماعي‪ ،‬حيث يحؿ النظاـ اإلشتراكي فالشيوعي محؿ النظاـ الرأسمالي بعد‬
‫ﺇنتصار ثورة البروليتاريا(‪.)3‬‬

‫ويتكوف البناء االجتماعي لمتنظيـ وفؽ المنظور الماركسي مف بنيتيف أساسيتيف ىما البنية‬
‫التحتية والبنية الفوقية‪ .‬حيث تؤمف الماركسية بﺄف البناء الفوقي (االيديولوجيا‪ ،‬القانوف‪ ،‬السياسة‪،‬‬
‫الديف‪ ،‬األدب ‪ ،‬الفف والفمسفة)‪ ،‬ما ىو اال إنعكاس لمنظاـ االقتصادي األساسي‪ ،‬وأف أي تغيير في‬
‫البناء التحتي ( االنتاج‪ ،‬وسائؿ االنتاج وعبلقات االنتاج ) يصاحبو تغير في البناء الفوقي‪ ،‬أي أف‬
‫التنمية االقتصادية تؤدي إلى تغير النسؽ القيمي وتشكمو‪ ،‬كما أف البناء الفوقي قد يؤخر عممية‬
‫التطور أو يعجؿ بيا‪ .‬وىذا يعني أف القيـ بإعتبارىا مكونا مف مكونات البناء الفوقي قد يكوف ليا‬
‫تﺄثير سمبي في التنمية‪ ،‬فتعوؽ وتؤخر عممية التنمية‪ ،‬وبالتالي أكدت الماركسية عمى ضرورة توافؽ‬
‫القيـ مع أسموب اإلنتاج‪ ،‬لما لمنسؽ القيمي مف تﺄثير بالغ عمى مكونات البناء االجتماعي وعممية‬
‫التنمية‪ ،‬ولذا ال ينبغي إسقاط النسؽ القيمي عند وضع الخطط والبرامج اإلنمائية(‪ .)4‬ويرى‬
‫الماركسيوف أف طبقة العماؿ‪ ،‬ىي التي تستطيع بحركيتيا أف تقضي عمى االغتراب اإلنساني‪ ،‬إنيا‬
‫الطبقة في نظرىـ التي تستطيع أف تتحرر مف القيـ الوىمية وأف تخمؽ قيميا الخاصة(‪.)5‬‬

‫وتعد مشكمة الغجتراب واحدة مف القضايا التي يمكف مف خبلليا معرفة العناصر األساسية‬
‫المتعمقة بقضايا التنظيـ عامة‪ ،‬والمؤسسة الصناعية خاصة‪ .‬ويشير المفيوـ عند ماركس إلى حالة‬
‫انفصاؿ اإلنساف عف بيئة االنتاج التي ينتمي إلييا‪ ،‬سواء كاف المنتج أشياء مادية أو أفكار‪ .‬ومف‬
‫وجية نظر ماركس يمثؿ المجتمع البرجوازي ذروة اغتراب االنساف عف ذاتو‪ ،‬فتنظيمات العمؿ في‬
‫المجتمع الصناعي الرأسمالي وفؽ التحميؿ الماركسي‪ ،‬ىي تنظيمات بيروقراطية‪ ،‬وىي ال تشغؿ‬
‫وضعا عضويا في البناء االجتماعي‪ ،‬فضبل عف أنيا ال ترتبط بعممية االنتاج ارتباطا مباشرا‪،‬‬
‫فوجودىا مؤقت‪ ،‬ونموىا نمو طفيمي‪ ،‬وميمتيا األساسية ىي االحتفاظ باألوضاع الراىنة التي تتمثؿ‬
‫في استغبلؿ الطبقات الحاكمة لمطبقات المحكومة‪ ،‬وفي ىذه الظروؼ يصبح نمو ىذه التنظيمات‬

‫‪21‬‬
‫أم ار حتميا في مجتمع ينقسـ إلى طبقات‪ ،‬ويسعى بإستمرار إلى تدعيـ التقسيمات الطبقية والحفاظ‬
‫عمييا(‪.)6‬‬

‫‪ -2‬الماركسية المحدثػة‪:‬‬

‫ترجع جذور الماركسية المحدثة الى ﺇسيامات الماركسية التقميدية ومحاولتيا تطوير ﺃفكارىا‬
‫وﺇفتراضاتيا التصورية‪ ،‬التي ﺇتخذت مف الصراع مدخبل لتفسير العديد مف الظواىر اإلجتماعية‪ .‬وقد‬
‫جاءت الماركسية المحدثة‪ ،‬كرد فعؿ عمى إخفاؽ الماركسية التقميدية في تفسير التغير السريع‬
‫والمستمر في المجتمعات الحديثة‪ .‬ويتخذ ﺃنصار الماركسية المحدثة مف الصراع‪ ،‬كمدخبل لتفسير‬
‫العديد مف الظواىر اإلجتماعية‪ ،‬ولكف جاء فيميـ إليو ليس كالمنظور الماركسي التقميدي‪ ،‬ﺇذ‬
‫ينظروف الى الصراع بإعتباره ﺃداة لمتغيير والتحديث‪ ،‬حيث رأى ﺃنصار الماركسية المحدثة ﺇمكانية‬
‫ﺃف يطور عمـ اإلجتماع ذاتو عف طريؽ دراستو لعناصر الصراع والتغير‪.‬‬

‫ومف ﺃنصار الماركسية المحدثة البارزيف نجد عالـ اإلجتماع األلماني رالؼ داىرندركؼ‬
‫)‪ ، (R.Dahrendrof‬الذي سعى ﺇلى تفنيد ﺁراء ماركس حوؿ الصراع الطبقي‪ ،‬الذي كاف قائما عمى‬
‫وجود نوع مف الوعي العمالي الذي يبنى عمى سياسات القير مف ﺃصحاب العمؿ‪ ،‬حيث الحظ‬
‫داىردروؼ ﺃثناء دراسة المؤسسات الصناعية الحديثة‪ ،‬وجود طبقة مف العماؿ األثرياء تختمؼ عف‬
‫طبقة ماركس البرولتارية‪ ،‬ومف ىنا تيقف ﺃف اإلعتماد عمى التفسيرات الماركسية التقميدية‪ -‬التي ترجع‬
‫ﺇلى العبلقة المتبادلة بيف البناء التحتي والفوقي‪ -‬لـ يعد مقبوال‪.‬‬

‫وحرص داىرندروؼ عمى ﺃف يحمؿ الصراع في ﺇطار معرفتو قواعد المعبة بيف الجماعات‬
‫المتصارعة حوؿ المصالح وتوزيع الموارد اإلقتصادية والمالية والسياسية‪ ،‬ومف ثـ ال يمكف فيـ‬
‫الصراع ومصدره األساسي‪ ،‬بﺄنو يبنى عمى عبلقات الممكية فقط حسب ماركس(‪.)8‬‬

‫كما ﺃكد داىرندروؼ ﺃف الفيـ الصحيح لنظريات التغيير يجب ﺃف يعالج في ضوء نظرية‬
‫الصراع‪ ،‬الذي يختمؼ عف الصراع في المفيوـ الماركسي‪ ،‬ويؤكد ﺃف الصراع ﺇنما يرجع ﺇلى التوزيع‬
‫غير العادؿ لمقوة )‪ (power‬في المجتمع‪ ،‬حيث يريد الذيف يممكوف القوة والسمطة اإلحتفاظ بيا ويريد‬
‫الذيف يعيشوف تحت ىذا الضبط تغيير عبلقات القوة‪ ،‬ومف ىنا يﺄتي الصراع الذي يؤدي ﺇلى التغيير‬

‫‪22‬‬
‫في المجتمع(‪ .)9‬وعميو ينطمؽ داىرندروؼ في تفسيره لمصراع داخؿ التنظيمات مف خبلؿ مفيوـ‬
‫السمطة والعبلقات السمطوية‪ ،‬فﺄساس الصراع ىو التفاوت في توزيع السمطة والمراكز السمطوية‪.‬‬
‫ويشمؿ الصراع عمى كؿ العناصر التي ليا صفة التناقض‪ ،‬وسواء تجمت العبلقات التناقضية‪ ،‬في‬
‫حالة عنؼ أو سمـ وىدوء‪ ،‬فإنيا ترتبط بمصدر الصراع وىو التمايز السمطوي‪ ،‬وتتـ بمورتيا تحت‬
‫ظروؼ معينة‪ ،‬فعممية الصراع إذف ترتبط بدرجة الوعي والتنظيـ‪ ،‬وىي دائمة بدواـ البلمساواة في‬
‫ألف ح ّؿ المشكبلت والتناقضات يولد مشكبلت وتناقضات جديدة‪ ،‬وىكذا يمكف رؤية‬
‫توزيع السمطة‪ّ ،‬‬
‫عممية التغيير كعممية أساسية مستمرة نتيجة العبلقات الجدلية بيف أطراؼ الصراع وبيف مف يممكوف‬
‫السمطة والخاضعيف ليا ‪.‬‬

‫مف جية ﺃخرى نجد لكيس ككزر )‪ (L. Coser‬ئْزى ثزؾه‪ٛ‬م َزبئظ ٔٔابئف انقشاع‪ ، ،‬ويرى أف‬
‫الصراع االجتماعي في المجتمعات الحديثة ليس الصراع عمى الممكية‪ ،‬كما زعـ كارؿ ماركس‪ ،‬بؿ‬
‫صراع عمى القيـ وطمب المكانة والموارد النادرة‪ ،‬بحيث ال تكوف بوسع ىذه الجماعات المتصارعة‬
‫تحقيؽ القيـ المرغوبة فحسب‪ ،‬بؿ تحييد وايذاء أو حتى اقصاء الجماعات المتنافسة‪ .‬وقد ﺇىتـ كوزر‬
‫بتحميؿ نتائج ووظائؼ الصراع‪ ،‬التي غالبا ما تؤدي ﺇلى حدوث التغيير‪ ،‬وقد حرص عمى ضرورة‬
‫تحميؿ الدور الوظيفي لمصراع‪ ،‬حيث يرى كوزر ﺃف لمصراع الداخمي عدة وظائؼ ايجابية‪ ،‬حيث‬
‫يعيد الحيوية لممعايير الموجودة في المجتمع‪ ،‬ينمي اتحادات وائتبلفات جديدة‪ ،‬يقمؿ العزؿ‬
‫االجتماعي‪ ،‬كما أنو يزيد تماسؾ وبقاء الجماعة‪.‬‬

‫‪ -‬نقد كجتقييـ لإلجتااه الماركسي‪:‬‬

‫نمذ أخفقت الماركسية في تفسير الواقع المتغير في المجتمعات الحديثة‪ .‬ويصنؼ االتجاه‬
‫الماركسي في إطار النظريات الحتمية‪ ،‬كونو يحدد عامبل واحدا بعينو دوف غيره عند تفسير التغير‪،‬‬
‫حيث أف الحتمية االقتصادية التي تقرر أف التغيرات التي تط أر عمى أنماط تنظيـ النشاط اإلنتاجي‬
‫ليا أكبر األثر في تغير كؿ مظاىر الثقافة في المجتمع‪ .‬إذ يرى ماركس أف الحقائؽ الفعمية في أي‬
‫مجتمع تتمثؿ في الروابط التي تربط األفراد بعضيـ ببعض في عممية إنتاجيـ لوسائؿ عيشيـ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وبالرغـ مف ﺃف الماركسية المحدثة جاءت كرد فعؿ لكؿ مف النظرية التقميدية والبنائية الوظيفية‪،‬‬
‫حيث ﺇستخدـ روادىا العديد مف المفاىيـ واألفكار المرتبطة بياتيف النظريتيف‪ ،‬اال أنيا ظمت تدور في‬
‫فمؾ الوظيفية تارة والماركسية التقميدية‪ ،‬ويمكف النظر ﺇلييا عؿ أنيا مجرد فرع مف البنائية الوظيفية‪،‬‬
‫ألنيا لـ تفمح في تقديـ مفاىيـ خاصة بيا‪.‬‬

‫كذلؾ مف اإلنتقادات التي وجيت إلى الماركسية المحدثة‪ ،‬نجد أف أنصار ىذه النظرية‬
‫ﺇعتبروا الصراع ناتجا لظروؼ واقعية ومجتمعية‪ ،‬دوف وصؼ وتحميؿ ىذه الظروؼ التي يمكف مف‬
‫خبلليا فيـ الصراع كػﺂداة لمتغيير والتطور‪ ،‬كما ﺃكد عمى ذلؾ ﺃنصار الماركسية المحدثة ﺃنفسيـ(‪.)10‬‬

‫ثانيا ‪ -‬الجتااه البنائي الكظيفي‪:‬‬

‫برزت مساىمات البنائية الوظيفية في الفكر التنظيمي بعد االنتقادات التي وجيت إلى النظريات‬
‫الكبلسيكية في االدارة والتنظيـ‪ ،‬وخاصة إزاء عجزىا عف حؿ المشكبلت القائمة في التنظيمات‬
‫الرأسمالية آنذاؾ‪ .‬وقد استعاف ىذا االتجاه بالمماثمة العضوية في دراسة النظـ االجتماعية‪ ،‬حيث‬
‫ينطمؽ مف فكرة مفادىا أف التنظيمات عبارة عف أنظمة اجتماعية تتكوف مف مجموعة مف األنساؽ‬
‫االجتماعية الفرعية‪ ،‬تتشابؾ وتتفاعؿ فيما بينيا وتيدؼ إلى تحقيؽ التكيؼ مع الكؿ الذي تعتبر ىي‬
‫جزء منو‪ .‬فيذا االتجاه ينظر إلى المؤسسة بوصفيا بناء كمي يتكوف مف مجموعة مف األنظمة‬
‫الفرعية الفعالة‪ ،‬التي تتفاعؿ فيما بينيا لتحقيؽ اليدؼ‪ ،‬أو بصيغة أخرى‪ ،‬المؤسسة نسؽ اجتماعي‬
‫يعمؿ ضمف نسؽ أكبر‪ ،‬وتحتوي في نفس الوقت عمى أنساؽ فرعية تعاونية تتفاعؿ فيما بينيا‬
‫لتحقيؽ وظيفة في بنائية النسؽ األكبر‪ .‬وقد تطور االتجاه البنائي الوظيفي بفضؿ أعماؿ كؿ مف‬
‫تالكػوت بارسػونز‪ ،T.Parsons‬روبرت ميرتوف ‪ ،R.Merton‬فيميب سمزنيؾ‪ ،P.Salznick‬ألف ػ ػػف‬
‫جولدنػر ‪ ،A. Goldner‬أميت ػػاي اتػزيوني ‪.A.Etzioni‬‬

‫‪ .1‬جتالكػكت بارسػكنز‪: T.Parsons‬‬

‫انطمؽ بارسونز مف فكرة أف التنظيـ عبارة عف نسؽ اجتماعي‪ ،‬يتكوف مف وحدات فرعية (أقساـ‬
‫‪ ،‬وظائؼ ‪ ،‬جماعات مينية ‪ ،‬إدارات) ‪ ،‬وىي في نفس الوقت وحدات فرعية داخؿ نسؽ اجتماعي‬
‫أكبر (اقتصادي‪ ،‬سياسي ‪ .)...‬وينظر بارسونز لمتنظيـ بوصفو نسؽ مفتوح‪ ،‬يؤثر ويتﺄثر بالبيئة‬

‫‪24‬‬
‫الخارجية‪ ،‬التي يحصؿ منيا عمى مدخبلتو ويصرؼ فيو منتجاتو‪ .‬ولكي يقوـ التنظيـ بوظيفتو عمى‬
‫أكمؿ وجو‪ ،‬واذا أراد البقاء واالستمرار‪ ،‬عميو أف يقوـ بالمتطمبات الوظيفية الضرورية‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪ ‬لمجتكيؼ أك المكاءمة‪ :‬وىي القدرة عمى بناء العبلقة مع البيئة ومواردىا‪ ،‬فكؿ نسؽ اجتماعي‬
‫عميو أف يتكيؼ مع البيئة االجتماعية والمادية التي يوجد فييا‪ ،‬وتشمؿ الحاجة الوظيفية‬
‫لمتكيؼ كافة الوسائؿ التي يستعيف بيا التنظيـ في أف يحصؿ مف بيئتو عمى ما يحتاجو‬
‫بناؤه الستم ارريتو‪.‬‬

‫ثـ برمجة الطرؽ والوسائؿ الجماعية‬


‫‪ ‬جتحقيؽ األىداؼ‪ :‬وىذا يتطمب تحديد األىداؼ بوضوح ّ‬
‫التي تمكف الجماعة مف تحقيؽ تمؾ األىداؼ‪ ،‬وأف يمتثؿ األفراد ليذه الوسائؿ وأف يتحقؽ‬
‫اإلجماع عمى األىداؼ‪.‬‬

‫‪ ‬الجتكامؿ‪ :‬يفترض بارسونز ضرورة بناء قاعدة ثقافية مشتركة كﺄساس رمزي معياري مشترؾ‬
‫وكإطار مشترؾ في بناء أنماط شخصية متماثمة ومتفقة في توجياتيا مع ثقافة الجماعة‬
‫وتوقعاتيا‪ ،‬لضماف عبلقة تكاممية بيف المستوى الفردي والجماعي‪.‬‬

‫‪ ‬الكمكف‪ :‬أو ما يطمؽ عميو بإدارة التوترات و المحافظة عمى النمط‪.‬‬

‫ع ال ُكموف بدوره إلى مطمبيف آخريف ىما (‪:)11‬‬


‫ويتفر ْ‬

‫أ‪ -‬جتدعيـ النمط‪ :‬والذي يتعمؽ بمدة االنسجاـ والتطابؽ بيف األدوار التي يؤدييا الفرد في التنظيـ‬
‫واألدوار التي يقوـ بيا في الجماعات الخارجة عف التنظيـ (المجتمع) ‪ ،‬مما يفرض ضرورة وجود‬
‫ميكانيزمات تساعد عمى خمؽ االنسجاـ و التوازف النسبي بيف التوقعات التنظيمية والتوقعات التي‬
‫تحدث خارج نطاؽ التنظيـ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬مطمب احجتكاء الجتكجترات الجتنظيمية‪ ،‬واستيعابيا الذي يتحقؽ مف خبلؿ ضماف وجود دافعية‬
‫كافية لدى الفرد لكي يستطيع أداء ميامو التنظيمية‬

‫وبالنظر لممتطمبات الوظيفية الضرورية‪ ،‬التي حددىا بارسونز نجد أف اثناف منيا ييتماف بفعالية‬
‫التنظيـ وىما‪ :‬التكيؼ (المواءمة) وتحقيؽ اليدؼ‪ ،‬واثناف آخراف يرتكزاف حوؿ استقرار التنظيـ وثباتو‬

‫‪25‬‬
‫وىما ‪ :‬التكامؿ والكمػوف‪ .‬ويحمؿ بارسونز النماذج األربعة‪ ،‬ويؤكد أف مطمب التكيؼ أو المواءمة في‬
‫التنظيـ يقابمو أو تعبر عنو مشكمة تدبير كؿ الموارد البشرية والمادية لتحقيؽ األىداؼ‪ ،‬ومطمب‬
‫تحقيؽ اليدؼ يتحدد في حشد الموارد التنظيمية مف أجؿ تحقيؽ األىداؼ‪ ،‬ىذه الموارد التي يكوف قد‬
‫تـ تدبيرىا في تحقيؽ مطمب المواءمة والتكيؼ‪ ،‬والنجاح في تحقيؽ اليدؼ يعتمد بدرجة كبيرة عمى‬
‫مبلئمة الوسائؿ لمغايات واألىداؼ"(‪.)12‬‬

‫وقد ميز بارسونز في تحميمو لمتنظيمات بيف ثبلثة مستويات‪ ،‬وىي‪:‬‬


‫‪ ‬المستويات الفنية‪.‬‬
‫‪ ‬المستويات االدارية‪.‬‬
‫‪ ‬المستويات النظامية‪.‬‬

‫ويرى أف المستوى الفني يمثمو العماؿ‪ ،‬ويقوـ بترجمة األىداؼ إلى عمؿ فعمي‪ ،‬أما المستوى االداري‬
‫فيو مسؤوؿ عمى توفير الموارد األولية التي يحتاجيا المستوى الفني ونجده ممثبل في االدارييف‬
‫النظامي فييتـ بتحقيؽ االنسجاـ بيف التنظيـ الذي يحمؿ قيما‬
‫والمديريف التنفيذييف‪ ،‬أما المستوى ّ‬
‫وأىدافا خاصة مع المجتمع الذي يحمؿ قيما ويطمح لتحقيؽ أىدافو ىو أيضا‪ .‬ويرى بارسونز أنو إذا‬
‫النظامي‬
‫كاف التنظيـ الفني يخضع لمتنظيـ االداري‪ ،‬فإف التنظيـ االداري يخضع بدوره لمتنظيـ ّ‬
‫وأجيزة المجتمع‪ ،‬وىكذا يصبح المستوى النظامي قاد ار عمى التوسط بيف المستويات الفنية واالدارية‬
‫والمجتمع األكبر(‪.)13‬‬

‫واذا أمعنا النظر في التصور الذي قدمو بارسونز لدراسة التنظيـ‪ ،‬نجد أف تحميبلتو عمى‬
‫مستوى عالي مف العمومية وتفتقد لدراسات ميدانية تؤكدىا‪ ،‬اضافة إلى ذلؾ فإف الكثير مف‬
‫الصياغات التي قدميا اكتنفيا الغموض كمفيوـ القيـ مثبل‪ ،‬كما تجاىؿ بارسونز دراسة بناء القوة‬
‫والصراع داخؿ التنظيمات‪ ،‬إذ ركز بصفة أساسية عمى مسﺄلة التوازف واالستقرار‪ ،‬وكذا الوسائؿ التي‬
‫تمكف مف تحقيؽ األىداؼ‪ ،‬حيث يرى أف التغير والصراع ىما بمثابة مرض عرضي يصيب النسؽ‪،‬‬
‫وماداـ النسؽ قد حقؽ قد ار مف االستقرار‪ ،‬فإنو يميؿ إلى عدـ التغير‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ .2‬ركبرت ميرجتكف ‪R.Merton :‬‬

‫انطمؽ ميرتوف في دراستو لمتنظيـ مف خبلؿ بحثو في الجوانب السمبية لمتنظيـ البيروقراطي الذي‬
‫قدمو ماكس فيبر‪ ،‬ومف خبلؿ ذلؾ حاوؿ أف يقدـ نموذجا تحميميا يبيف فيو النتائج المعوقة وظيفيا‬
‫لمتنظيـ البيروقراطي‪ .‬ويرى ميرتوف أف البيروقراطية برشدىا وعقبلنيتيا وبتحديدىا األىداؼ المرجوة‬
‫مف التنظيـ وتحديد المسؤوليات وتنظيـ العمؿ‪ ،‬فعبل تساعد عمى ضبط السموؾ والتنبؤ بو‪ ،‬لكنيا‬
‫تيمؿ شيئا أساسيا في نظر ميرتوف ىو اتجاىات األفراد ومشاعرىـ والجماعات غير الرسمية التي‬
‫تتكوف داخؿ التنظيـ الرسمي‪ ،‬والتي تمعب دو ار ميما‪ .‬ويعتبر ميرتوف مف أوائؿ الذيف تنبيوا لآلثار‬
‫غير المتوقعة‪ ،‬أي النتائج التي تتخذ اتجاىا معاكسا ألىداؼ الفعؿ وأسسو‪ .‬إذ يرى أف اإلشراؼ‬
‫الدقيؽ والقواعد الصارمة قد تؤدي إلى عدـ المرونة‪ ،‬كما أف التشدد في القواعد قد يؤدي إلى المزيد‬
‫مف الجور‪ ،‬وغالباً ما يستخدميا البعض لتحقيؽ أغراض شخصية‪ ،‬وبيذه الطريقة تصبح القواعد‬
‫ىدفاً في حد ذاتيا‪ ،‬وليست وسيمة لتحقيؽ أىداؼ التنظيـ‪ ،‬ويؤدي ىذا التحوؿ إلى جمود السموؾ‬
‫التنظيمي‪.‬‬

‫وبالنسبة لميرتوف فإف ثبات السموؾ التنظيمي‪ ،‬ال يولد الرغبة والحاجة إلى الشعور بالمسؤولية والقدرة‬
‫عمى التنبؤ ويترتب عمى ذلؾ النتائج التالية(‪:)14‬‬

‫‪ ‬تضاؤؿ العبلقات الشخصية‪ ،‬اذ تنحصر تمؾ العبلقات بيف الوظائؼ وليس بيف األفراد‬
‫شاغمي الوظائؼ‪.‬‬

‫‪ ‬زيادة استيعاب أعضاء التنظيـ لمقواعد والقوانيف واجراءات العمؿ نتيجة لتكرارىا‪.‬‬

‫‪ ‬كمما كاف السموؾ ثابتا كمما اعتمد التنظيـ عمى مقوالت موضوعية ثابتة ومحددة في اتخاذ‬
‫الق اررات‪ ،‬مما يؤدي إلى التقميؿ مف البحث عف البدائؿ‪.‬‬

‫ويمكف رصد مجموعة مف القضايا التي أضافيا ميرتوف إلى التحميؿ البنائي الوظيفي‪ ،‬منيا بشكؿ‬
‫أساسي تمييزه بيف الوظائؼ الظاىرة (العمنية) والوظائؼ الكامنة (المستترة) لمظاىرة االجتماعية‪،‬‬
‫وتحميمو البدائؿ الوظيفية‪ ،‬ومعالجتو المعوقات الوظيفية (الظواىر البلوظيفية)؛‬

‫‪ .1‬الكظائؼ الظاىرة كالكظائؼ الكامنة ‪ :‬قسـ ميرتوف الوظائؼ في المجتمع الى نوعيف‪:‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ -‬الكظائؼ الظاىرة‪ :‬وىي التي ترمي الى تحقيقو التنظيمات االجتماعية‪ .‬مثبل بﺄف تكوف الجامعات‬
‫مخصصة لمدراسة والبحث العممي والخدمة االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬الكظائؼ الكامنة‪ :‬وىي التي لـ تكف مقصودة أو متوقعة‪ ،‬مثاؿ ذلؾ دور الديف في تحقيؽ التكامؿ‬
‫االجتماعي‪ ،‬ىذا الدور مثمما قرر دوركايـ لـ يكف مقصودا‪ ،‬وعميو فإف التكامؿ االجتماعي يعتبر في‬
‫ىذه الحالة وظيفة كامنة لمديف‪ .‬ومثاؿ آخر عف ذلؾ تمارس الجامعة وظائؼ سياسية أو اقتصادية‬
‫أو تمثؿ فضاءات اجتماعية لمتسمية والترفيو أو تحقيؽ مكانات اجتماعية …الخ‪.‬‬

‫واألساس في طرح ميرتوف لموظائؼ الظاىرة مقابؿ الوظائؼ الكامنة ىو الخمط بيف الحوافز‬
‫الذاتية والوظيفية‪ ،‬مما يستدعي التمييز بيف الحاالت التي تتوافؽ فييا األىداؼ الذاتية مع النتائج‬
‫الموضوعية‪ ،‬وتمؾ التي تتجاوزىا أي ظيور نتائج لـ تكف متوقعة‪ ،‬فالوظائؼ الظاىرة ىي تمؾ النتائج‬
‫الموضوعية المقصودة والتي يعييا الفاعؿ عند قيامو بالفعؿ‪ ،‬أما النتائج الموضوعية التي جاءت‬
‫دوف قصد أو وعي مسبؽ‪ ،‬فيي الوظائؼ الكامنة‪ .‬وقد كاف معنى ىذا المفيوـ شائعاً لمتغمب عمى‬
‫الغموض الناتج عف الخمط بيف الحوافز الذاتية المدركة وراء السموؾ مف جية والنتائج الموضوعية‬
‫المترتبة عمى السموؾ مف جية ثانية‪ ،‬مما يؤدي إلى التساؤؿ حوؿ مقوالت عقبلنية الفعؿ اإلنساني‪،‬‬
‫حيث يبرز ىنا جانب ال عقبلني نتيجة عدـ إدراؾ بعض ما يمكف أف يظير مف نتائج‪.‬‬

‫‪ .2‬المعكقات الكظيفية‪ :‬طرح ميرتوف مفيومي الوظيفية والبلوظيفية رداً عمى وجية نظر الوظيفييف‬
‫أف أي عنصر اجتماعي أو ثقافي وجد‬
‫األوائؿ أمثاؿ مالينوفسكي وراد كميؼ‪ ،‬المذاف يؤكداف عمى ّ‬
‫أف وجوده يستمر ألنو يمبي حاجات وظيفية لمنسؽ‪ ،‬وعميو فك ّؿ‬
‫ليقدـ وظيفة ضرورية لمنسؽ الكمي‪ ،‬و ّ‬
‫عنصر وجد ويستمر‪ ،‬فإنو يساىـ في تكييؼ النسؽ وتحقيؽ أىدافو وتكاممو وتمبية حاجات كؿ‬

‫باف النظاـ يمكف أف يكوف وظيفياً لمبعض وال وظيفياً‬


‫مكوناتو ‪ .‬وقد رفض ميرتوف ىذا الطرح‪ ،‬وبيف ّ‬
‫أف العناصر االجتماعية أو الثقافية قد تكوف وظيفية بالنسبة لمجموعات‬
‫لمبعض اآلخر‪ ،‬إذ يرى ّ‬
‫معينة وغير وظيفية بالنسبة لمجموعات غيرىا‪ ،‬وضارة وظيفيا بالنسبة لمجموعات أخرى‪ ،‬وعميو‬
‫فبلبد مف تعديؿ فكرة أف أي عنصر اجتماعي أو ثقافي يكوف وظيفيا بالنسبة لممجتمع بﺄسره‪،‬‬
‫أف ىذا النظاـ جاء لزيادة الكفاءة بتقسيـ عقبلني لمعمؿ‬
‫وضرب مثبلً بالنظاـ البيروقراطي وبيف ّ‬

‫‪28‬‬
‫والتخصص والعبلقات غير الشخصية والتسمسؿ الوظيفي والسمطة‪ ،‬ولكنو قد يتحوؿ مف وسيمة إلى‬
‫غاية في ذاتو‪ ،‬فيصبح مف عوامؿ تعطيؿ اإلنتاج‪ .‬وأعطى مثاالً آخر ىو التشريعات التي وضعت‬
‫لصالح الطبقة الرأسمالية‪ ،‬فيي وظيفية ليذه الطبقة ألنيا تمبي حاجات نسقيا وأجزاءه‪ ،‬بينما تكوف ال‬
‫وظيفية لمعماؿ ألنيا تعرقؿ عممية تمبية احتياجاتيـ‪.‬‬

‫وبيذا يكوف روبرت ميرتوف قد قدـ اضافات ىامة لبلتجاه البنائي الوظيفي ‪ ،‬فتعديبلت ميرتوف‬
‫لمصيغ القديمة لمنظرية الوظيفية تعد تعديبلت ذات أىمية بالغة أعطت دفعا قويا ليذا االتجاه‪.‬‬

‫‪ .3‬البدائؿ الكظيفية‪ :‬يطرح ميرتوف فكرة البدائؿ الوظيفية كرد فعؿ عمى الحتمية الوظيفية التي تؤدي‬
‫إلى الجمود‪ ،‬وتكمف أىمية ىذا المفيوـ في التحميؿ‪ ،‬حينما نتخمى عف التسميـ بفكرة الوظيفية التي‬
‫ينطوي عمييا بناء اجتماعي معيف‪ ،‬فيبلحظ ميرتوف أف بنية الثقافة في كؿ مجتمع تسيـ دائماً في‬
‫تحقيؽ قدر كبير مف التكيؼ االجتماعي لؤلفراد مف خبلؿ ما يسميو بالبدائؿ الوظيفية‪ ،‬فالحاجة‬
‫اإلنسانية الواحدة يمكف أف تمبى في المجتمع الواحد بطرؽ عديدة‪ ،‬فإذا عجز الفرد عف تمبية حاجاتو‬
‫بيذه الطريقة أو تمؾ سرعاف ما تنتج الثقافة طرقاً أخرى يستطيع الفرد مف خبلليا تحقيؽ حاجاتو‪،‬‬
‫ذلؾ أف كؿ عنصر ثقافي في المجتمع يمكف أف يؤدي أكثر مف وظيفة واحدة‪ ،‬كما أف كؿ وظيفة‬
‫يمكف أف تؤدى بطرؽ عديدة‪ ،‬وأف ىذا التنوع في الوظائؼ التي تؤدييا األنساؽ الثقافية تساعد عمى‬
‫عممية التكيؼ عمى نطاؽ واسع‪ ،‬فالبدائؿ الوظيفية تتناغـ مع الواقع االجتماعي المتغير بإستمرار‪،‬‬
‫أف التفكير بالبدائؿ يفتح الفرص لئلبداع‬
‫فطرح البدائؿ يمكف أف يؤدي إلى االختيارات األفضؿ‪ ،‬كما ّ‬
‫والتجديد‪.‬‬

‫‪ .4‬فيميب سمزنيؾ ‪: P.Salznick‬‬

‫يعتبر سمزنيؾ مف أكبر ممثمي االتجاه البنائي الوظيفي‪ ،‬وقد جاءت مساىمتو مشابية إلى حد‬
‫كبير لمساىمات تالكوت بارسونز و روبرت ميرتوف‪ ،‬يختمؼ عنيما فقط في أنو اعتمد في وضع‬
‫نظريتو عمى دراسة فيزيقية (أمبريقية) عكس بارسونز و روبرت ميرتوف المذاف استندا إلى رؤية‬
‫نظرية مجردة‪ .‬وقد قدـ سمزنيؾ تحميبل نظريا يشبو تحميؿ ميرتوف مف حيث اشتراكيما في االنطبلؽ‬
‫مف النموذج الفيبري‪ ،‬غير أنو في الوقت الذي اىتـ فيو ميرتوف بالضبط داخؿ التنظيمات وما يترتب‬

‫‪29‬‬
‫عنو مف نتائج غير متوقعة‪ ،‬نجد أف سمزنيؾ قد اىتـ بمسﺄلة تفويض السمطة في التنظيـ وما يترتب‬
‫عنو مف نتائج غير متوقعة ‪.‬‬

‫وانطمؽ سمزنيؾ مف أف التنظيمات ىي أنساؽ تعاونية وأبنية تكيفية‪ ،‬كما اعتبر أف لكؿ تنظيـ‬
‫مجموعة مف الحاجات والمتطمبات البد مف اشباعيا‪ ،‬وتبقى عممية التكامؿ والمحافظة عمييا ىي‬
‫الحاجة األساسية التي عمى التنظيمات القياـ بإشباعيا مف أجؿ استمرار النسؽ واستم ارره‪ ،‬وتشبع‬
‫الحاجة الجوىرية عف طريؽ اشباع الحاجات الفرعية ألجؿ حماية التنظيـ وتﺄمينو في عبلقتو بالقوى‬
‫االجتماعية في البيئة المتواجد فييا(‪.)15‬‬

‫وتركز تفكير سمزنيؾ حوؿ فكرة ىامة‪ ،‬وىي أىمية البناءات غير الرسمية في البناء الرسمي‬
‫التنظيمي‪ ،‬لما ليا مف آثار ايجابية‪ .‬باإلضافة إلى ذلؾ يؤكد سمزنيؾ عمى فكرة تفويض السمطة وما‬
‫يترتب عمييا مف نتائج غير متوقعة‪ ،‬و في ذلؾ نجده ينطمؽ مف قضية أساسية ىي " أف التنظيـ‬
‫يواجو مطمب الضبط الذي تمارسو أعمى المستويات الرئاسية في التنظيـ‪ ،‬وىو ما يفرض بالضرورة‬
‫تفويض دائـ لمسمطة‪ ،‬بحيث يتخذ ىذا التفويض طابعا نظاميا يترتب عميو نتائج مباشرة‪ ،‬كزيادة‬
‫فرص التدريب عمى الوظائؼ المتخصصة واكتساب الخبرة وفي مياديف محددة‪ ،‬مما يم ّكف عضو‬
‫التنظيـ مف مواجية المشكبلت ومعالجتيا‪ .)16( ".‬ويذىب سمزنيؾ إلى أف البيروقراطية تواجو دائما‬
‫الحاجة إلى تفويض السمطة ألنساؽ فرعية داخؿ التنظيـ ( ىذا األخير الذي يتكوف مف مجموعة مف‬
‫األنساؽ الفرعية) نظ ار لتعقد مياـ اإلدارة وتعقد مسؤولياتيا‪ .‬بيد أف التفويض مف جية يؤدي إلى‬
‫تمييع األىداؼ العامة لمتنظيـ‪ ،‬ألف وحداتو الفرعية ستتجو أكثر فﺄكثر نحو تحقيؽ أىدافيا الخاصة‬
‫واعتبارىا غايات في حد ذاتيا‪.‬‬

‫ومما يعبر عف اتجاه سمزنيؾ البنائي الوظيفي ىو توضيحو لفكرة أف ىناؾ نتائج وظيفية وأخرى‬
‫غير وظيفية لمتفويض‪ ،‬أي معوقات وظيفية‪ ،‬و عالج ىذه األخيرة بصفة مغايرة عف ما ذىب إليو‬
‫ميرتوف‪ ،‬فﺄوضح النتائج المترتبة عف المعوقات الوظيفية وكشؼ عف الميكانيزمات المعالجة ليذه‬
‫المعوقات‪ ،‬مف خبلؿ تجربة مؤسسة الجتنسيفالي ‪ ،‬التي لجﺄت إلى إشراؾ األطراؼ المتعددة في‬
‫عممية اتخاذ القرار‪ ،‬حتى يكوف القرار جماعي‪ .‬ويمفت سمزنيؾ نظر اإلدارييف إلى فكرة أف األفراد‬

‫‪31‬‬
‫داخؿ النسؽ التنظيمي يميموف إلى مقاومة كؿ معاممة ليـ باعتبارىـ وسائؿ‪ ،‬وىـ يتفاعموف كجماعات‬
‫ويعمموف عمى تحقيؽ أىدافيـ وحؿ مشاكميـ‪ .‬ومما يتضمنو البناء الرسمي مف العناصر العقبلنية‬
‫التي تظير في السموؾ التنظيمي لؤلفراد‪ ،‬مما يتطمب وجود نسؽ تعاوني بيف مختمؼ بناءات التنظيـ‬
‫مف أجؿ تحقيؽ التوازف الداخمي والخارجي لمسموؾ‪ ،‬وتظير الحاجة ىنا إلى الجماعات غير الرسمية‬
‫كﺄنساؽ ضبط غير رسمية‪ ،‬تساىـ في انجاز األىداؼ التنظيمية الرسمية‪.‬‬

‫ومف النتائج التي استخمصيا فميب سمزنيؾ في دراسة التنظيمات‪ ،‬وجود ضغوط قوية يمارسيا‬
‫المجتمع المحمي عمى بناء التنظيـ وأىدافو‪ ،‬وىذا ما يجعؿ ربط العبلقات التنظيمية داخؿ المؤسسات‬
‫بالقيـ والثقافة االجتماعية السائدة داخؿ المجتمع المحمي‪ ،‬مف الضرورات النظرية إذا ما أردنا فيـ‬
‫وتطوير المؤسسات(‪ .)17‬كما اىتـ سمزنيؾ بكؿ مف الفرد والتنظيـ معا واعتبارىما ككؿ طبيعي‪،‬‬
‫واعتبار البناءات التنظيمية بناءات مختمطة ليا نتائج سيكولوجية معقدة‪ ،‬مما يتطمب ضرورة الموائمة‬
‫أو التكيؼ الديناميكي لممتغيرات الداخمية وعبلقاتيا بالبيئة الخارجية مف أجؿ معرفة الظروؼ الجديدة‬
‫التي تط أر كمشاكؿ تواجو كبل مف التنظيـ وأفراده‪ ،‬وتؤثر عمى تحقيؽ األىداؼ العامة أو تنفيذ‬
‫سياسات التنظيـ‪.‬‬

‫ويضيؼ سمزنيؾ في األخير أف حاجات األفراد ال ينبغي إشباعيا عف طريؽ الفعؿ الواعي‬
‫لؤلفراد‪ ،‬بؿ عف طريؽ النتائج غير الواقعة ألفعاليـ‪ ،‬وىكذا تنشﺄ البدائؿ الوظيفية عندما ال نستطيع‬
‫إشباع الحاجات بطرؽ مقبولة ثقافيا‪ .‬إذف فيو يعتمد عمى الميكانيزمات البلشخصية التي مف خبلليا‬
‫تؤدي التنظيمات وظائفيا أكثر مف اعتمادىا عمى الدافعية(‪.)18‬‬

‫‪ .5‬ألفػػػػػف اكلدنػر ‪:A. Goldner‬‬

‫يعتبر ألفػف جولدنر واحد مف أبرز ممثمي االتجاه البنائي الوظيفي‪ ،‬ينطمؽ كسابقيو دائما مف‬
‫تحميبلت ماكس فيبر‪ ،‬لكف ىذه المرة حاوؿ جولدنر اختبار متضمنات نظرية فيبر واقعيا‪ ،‬مف خبلؿ‬
‫تجربة قاـ بيا بﺄحد مصانع الجبس بﺄمريكا‪ ،‬التي أورد نتائجيا في كتابو " أنماط البيروقراطية في‬
‫الصناعة"‪ .‬وقد توصؿ جولدنر إلى التمييز بيف ثبلثة أنماط لمبيروقراطية(‪:)19‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ .1‬البيركقراطية المزيفة‪ :‬وفييا تفرض القواعد والموائح التنظيمية مف ىيئات أو جيات خارجية‪،‬‬
‫بمعنى أف ال دخؿ إلدارة التنظيـ أو عمالو في وضع أو تحديد القواعد التنظيمية والسياسية الخاصة‬
‫بالمنظمة‪ ،‬والقواعد ىنا ال تدعميا االدارة كما ال تحظى بطاعة وقبوؿ العماؿ‪ ،‬وبالتالي ال يحدث‬
‫صراع بيف الجماعتيف‪.‬‬

‫‪ .2‬البيركقراطية ذات الطابع الجتمثيمي (النيابية)‪ :‬وفييا توضع القواعد القانونية باالتفاؽ بيف االدارة‬
‫و العماؿ‪ ،‬وىكذا تحظى القواعد ىنا بتدعيـ االدارة وبطاعة العماؿ‪ ،‬وتؤدي ىذه القواعد إلى توترات‬
‫ولكنيا ناد ار ما تؤدي إلى صراع صريح‪ ،‬والتﺄييد المشترؾ لمقواعد تدعمو األفكار غير الرسمية‬
‫والمشاركة المتبادلة‪.‬‬

‫‪ .3‬البيركقراطية الازائية أك ذات الطابع العقابي‪ :‬تنشﺄ القاعدة في ىذا النمط استجابة لضغط‬
‫العماؿ أو االدارة‪ ،‬وبذلؾ الجماعة ال تساىـ في وضعيا‪ ،‬فتنظر إلييا عمى أنيا مفروضة عمييا‪،‬‬
‫والقواعد ىنا يدعميا أحد الطرفيف ويتجاىميا الطرؼ اآلخر‪ ،‬مما يؤدي إلى حدوث توترات وصراعات‬
‫كبيرة ومف ثـ يتـ تدعيـ ىذه القواعد بإستخداـ العقوبات والجزاءات‪ ،‬كما يتـ تدعيميا أيضا باألفكار‬
‫غير الرسمية لمعماؿ واالدارة‪.‬‬

‫ويمكف تمخيص النتائج غير المتوقعة لمقواعد في نموذج جولدنر في النقاط التالية(‪:)20‬‬

‫‪ .1‬إف رغبة المستويات العميا في التنظيـ البيروقراطي في الرقابة عمى أعماؿ وسموؾ التنظيـ‬
‫وأعضاءه تتبمور في تطبيؽ قواعد وتعميمات عامة تحدد اجراءات العمؿ‪.‬‬

‫‪ .2‬يترتب عمى تطبيؽ تمؾ القواعد العامة تخفيض الشعور بعبلقات القوة في التنظيـ وقمة‬
‫وضوح الفرؽ في مراكز القوة‪ ،‬حيث الجميع يخضع لذات القواعد‪.‬‬

‫‪ .3‬بناءا عمى تخفيض عبلقات القوة‪ ،‬فإف أعضاء الجماعة يميموف لقبوؿ السمطة ونفوذ‬
‫المشرفيف بحكـ مراكزىـ وطبيعة أعماليـ‪ ،‬وىذا يؤدي إلى تقميؿ حدة التوتر والصراع في‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫‪ .4‬عندما تتحقؽ تمؾ النتائج المتوقعة والمقصودة وتظير فعاليتيا في تخفيض التوتر والصراع‬
‫بيف جماعات العمؿ‪ ،‬يزيد الميؿ إلى تدعيـ وتﺄييد تمؾ القواعد العامة‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ .6‬أميجتػػػاي اجتػزيكني ‪3A.Etzioni‬‬

‫تؤكد تحميبلت اتزيوني كذلؾ عمى أىمية المدخؿ البنائي الوظيفي في دراسة التنظيمات‪ ،‬شﺄنو‬
‫في ذلؾ شﺄف كؿ مف تالكوت بارسونز‪ ،‬روبرت ميرتوف ‪ ،‬فيميب سمزنيؾ و ألفف جولدنر ‪ ،‬لكف ما‬
‫يفرقو عنيـ ىو تركيزه عمى التحميؿ المقارف واقامة النماذج التحميمية األكثر واقعية والتي تؤدي إلى‬
‫إثراء النظرية التنظيمية عموما‪ .‬تتمحور مساىمة اتزيوني حوؿ االىتماـ بظاىرتي الصراع واالغتراب‬
‫التنظيمي‪ ،‬وينطمؽ اتزيوني مف فكرة أساسية ىي أف التنظيـ وحدة اجتماعية معقدة يتفاعؿ داخميا‬
‫جماعات اجتماعية متباينة و كثيرة‪ ،‬ىذه األخيرة تشترؾ في بعض االىتمامات والمصالح‪ ،‬ولكنيا في‬
‫الوقت نفسو تحتوي عمى مصالح واىتمامات متعارضة‪ ،‬خاصة إذا ما تعمؽ األمر بطريقة توزيع‬
‫األرباح والفوائد في التنظيمات‪ ،‬ونفس الجماعات تمؾ نجدىا تشترؾ في بعض القيـ القومية‪ ،‬وتختمؼ‬
‫عمى أخرى‪ .‬فحسب اتزيوني‪ ،‬ىذه الجماعات أثناء نشاطيا قد تتعاوف في مجاالت معينة أيف تكوف‬
‫االىتمامات والمصالح مشتركة‪ ،‬وتتنافس في المجاالت األخرى التي تتعارض فييا المصالح‪.‬‬

‫ويشير اتزيوني إلى أف أكبر الجماعات التي يحدث بينيا الصراع عمى المصالح ىما جماعة‬
‫العمؿ وجماعة اإلدارة‪ .‬وجيود اإلدارة نحو جعؿ العامؿ يؤدي عممو‪ ،‬قد يجعؿ ىذا األخير يعيش‬
‫حالة مف الغربة اتجاه ىذا العمؿ‪ ،‬فيو ال يممؾ وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬ويفتقر إلى كؿ فرصة لبلبتكار‬
‫والتعبير عف الذات‪ ،‬نتيجة لرقابة وتكرار العمؿ الذي يؤديو‪ ،‬وألف عممو أصبح ال معنى لو‪ ،‬ولـ يعد‬
‫لو إال قدر ضئيؿ مف التحكـ في وقتو وفي المكاف الذي ينجز فيو ىذا العمؿ‪ ،‬وتميز حالة الغربة‬
‫(‪)21‬‬
‫‪.‬‬ ‫ىذه كؿ التنظيمات‬

‫وقد ربط اتزيوني بيف المتطمبات الوظيفية لمتنظيـ واحتياجات األفراد‪ ،‬باالعتماد عمى اآلداء‬
‫والكفاءة والفعالية واالنجاز لدى األفراد والتنظيـ كذلؾ‪ ،‬خاصة مف أجؿ تقوية التنظيمات لوظائفيا‬
‫بكفاءة ونجاح لبموغ أىدافيا وزيادة نجاعتيا وفعاليتيا‪ ،‬ويشير إلى عناصر الضبط االجتماعي‬
‫والتنظيمي المتكونة مف أبعاد تحميمية دقيقة متمثمة في كؿ مف األبعاد الفيزيقية والمادية والرمزية(‪.)22‬‬
‫ويوضح اتزيوني أنو توجد عدة تصنيفات لعناصر الضبط االجتماعي والتنظيمي ذات أبعاد تحميمية‬
‫واضحة‪ ،‬فيزيقية ومادية ورمزية‪ ،‬تتحدد حسب الوضع اإلداري الذي يشغمو الفرد والمكانة التنظيمية‬

‫‪33‬‬
‫التي يحتميا‪ ،‬وتختمؼ أنواع الضبط حسب أنواع التنظيـ سواء كانت التنظيمات معيارية أو تعبيرية‬
‫أو نفعية‪ ،‬ولكؿ منيا إطار مف القواعد الرسمية التي تحدد عناصرىا وعممياتيا الداخمية(‪.)23‬‬

‫‪ -‬نقد كجتقييـ الجتااه البنائي الكظيفي ‪:‬‬

‫مف خبلؿ ما تقدـ‪ ،‬نستنتج أف االتجاه البنائي الوظيفي يقوـ عمى مجموعة مف المبادئ تتمثؿ في‪:‬‬

‫‪ -1‬تتكوف المؤسسة ميما يكف غرضيا وحجميا مف اجزاء ووحدات‪ ،‬مختمفة بعضيا عف بعض‬
‫وعمى الرغـ مف اختبلفيا اال انيا مترابطة ومتساندة بنائيا ووظيفيا مع بعضيا البعض‪.‬‬

‫‪ -2‬المؤسسة يمكف تحميميا تحميبل بنيويا وظيفيا الى اجزاء وعناصر أولية‪ ،‬أي اف المؤسسة تتكوف‬
‫مف اجزاء أو عناصر لكؿ منيا وظائفيا االساسية‪.‬‬

‫‪ -3‬إف االجزاء التي تحمؿ الييا المؤسسة‪ ،‬إنما ىي اجزاء متكاممة‪ ،‬فكؿ جزء يكمؿ الجزء االخر واف‬
‫أي تغيير يط أر عمى احد االجزاء البد اف ينعكس عمى بقية االجزاء‪.‬‬

‫‪ -4‬الوظائؼ التي تؤدييا المؤسسة‪ ،‬تعمؿ عمى اشباع حاجات األفراد المنتميف إلييا وحاجات‬
‫المؤسسات االخرى ‪.‬‬

‫‪ -5‬وجود نظاـ قيمي أو معياري تسير البنى الييكمية المؤسسة‪ .‬فالنظاـ القيمي ىو الذي يقسـ العمؿ‬
‫عمى االفراد ويحدد واجبات كؿ فرد وحقوقو‪ ،‬كما يحدد أساليب اتصالو وتفاعمو مع االخريف‪.‬‬
‫اضافة الى تحديده لماىية االفعاؿ التي يكافﺄ عمييا الفرد او يعاقب‪.‬‬

‫أما فيما يتعمؽ باالنتقادات التي وجيت لبلتجاه البنائي الوظيفي‪ ،‬فمف المﺂخذ الشائعة عمى ىذا‬
‫االتجاه‪ ،‬ىو اعتباره وصفيا أكثر منو تفسيريا‪ ،‬وتناولو لمتنظيـ نابع مف أيديولوجية محافظة بتفسيره‬
‫لم اذا تستمر األشياء و ليس لماذا تتغير‪ ،‬كما أف أصحاب المدخؿ الوظيفي يركزوف في دراستيـ‬
‫لعوامؿ التغير عمى مجموعة مف العوامؿ السطحية التي ال تولد تغي ار جذريا في النسؽ‪ .‬إضافة إلى‬
‫تناولو لمواقع مف بعض أبعاده مف دوف األبعاد كميا‪ .‬كما يؤخذ عمى االتجاه البنائي الوظيفي اىمالو‬
‫لفكرة الصراع االجتماعي‪ ،‬مع أف ىذا المتغير أساسي في فيـ تغير وتطور المجتمعات االنسانية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫وقد انصب تركيز ىذا االتجاه عمى الجوانب الثابتة مف النسؽ االجتماعي اكثر مف االىتماـ‬
‫باألبعاد الديناميكية المتغيرة‪ ،‬حيث يرى أف مصدر التغير في خارج النظاـ االجتماعي‪ ،‬وأف وظيفة‬
‫النظاـ األساسية ىي إعادة التوازف‪ ،‬وعميو فإف النظاـ بﺄبنيتو المختمفة مقبوؿ كما ىو‪ ،‬ومف ىنا‬
‫وصفت ىذه النظرية بالمحافظة في نظريتيا لممجتمع والتغير االجتماعي فيو(‪.)24‬‬

‫كما يؤخذ عمى االتجاه البنائي الوظيفي‪ ،‬أنو بالغ في محاكاة نموذج العموـ الطبيعية‪ ،‬وخاصة‬
‫نموذج عموـ الحياة ‪ ،‬وكﺄف النسؽ االجتماعي كائف عضوي تحكمو نفس القوانيف التي تحكـ حركة‬
‫الكائنات الحية‪ .‬اضافة إلى ذلؾ ىناؾ صعوبة في اختبار كثير مف المفاىيـ والتصورات والقضايا‬
‫التي يستند الييا االتجاه البنائي الوظيفي في دراسة المؤسسة‪.‬‬

‫خالصػػػػة‪:‬‬
‫مما سبؽ‪ ،‬يتضح لنا وجود اختبلفا ممحوظا في وجيتي نظر كؿ مف االتجاه الماركسي واالتجاه‬
‫البنائي الوظيفي في تناوليما لقضايا التنظيـ‪ ،‬فالماركسية ركزت عمى دراسة مسائؿ الصراع‪ ،‬القوة‬
‫والتغير‪ ،‬كما أعارت اىتماـ كبير لمجانب االقتصادي ولقضايا االغتراب‪ ،‬في حيف نجد أف اإلتجاه‬
‫البنائي الوظيفي بما جاء بو مف مفاىيـ نسقية يشكؿ إطا ار فكريا محافظا في دراسة المؤسسات‪ ،‬حيث‬
‫اعتمد عمى فكرة االستقرار والتوازف في دراسة المؤسسة‪ ،‬ونظر إلييا كنسؽ اجتماعي يعمؿ ضمف‬
‫نسؽ أكبر‪ ،‬وتحتوي في نفس الوقت عمى أنساؽ فرعية تعاونية تتفاعؿ فيما بينيا لتحقيؽ وظيفة في‬
‫بنائية النسؽ األكبر‪ ،‬وبيذا يكوف تركيز ىذا االتجاه عمى الجوانب الثابتة مف النسؽ االجتماعي أكثر‬
‫مف االىتماـ باألبعاد الديناميكية المتغيرة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬ىكامش المحكر الثاني‪:‬‬
‫‪ .1‬ئؽغبٌ يؾًذ انؾغٍ‪ ،‬انًذخم ئنٗ ػهى ا عزًبع‪ ،‬داس انله‪ٛ‬ؼخ‪ ،‬ث‪ٛ‬شٔد‪ ،1988 ،‬ؿ‪.93‬‬
‫‪ .2‬ؽغ‪ ٍٛ‬فذ‪ٚ‬ك‪ ،‬ا رغبْبد انُظش‪ٚ‬خ انزمه‪ٛ‬ذ‪ٚ‬خ نذساعخ انزُظ‪ًٛ‬بد ا عزًبػ‪ٛ‬خ‪ -‬ػشك ٔرمٕ‪ٚ‬ى ‪ -‬يغهخ‬
‫عبيؼخ ديؾك‪ ،‬انًغهذ ‪ ،27‬انؼذد انضبنش ٔانشاثغ‪ ،‬ديؾك‪ ،2111 ،‬ؿ‪.326‬‬
‫‪َ .3‬فظ انًشعغ‪ ،‬ؿ ‪. 196‬‬
‫‪ .4‬كًبل انزبثؼ‪ ،ٙ‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.117‬‬
‫‪ .5‬انشث‪ٛ‬غ ي‪َ ،ًٌٕٛ‬ظش‪ٚ‬خ انم‪ٛ‬ى ف‪ ٙ‬انفكش انًؼبفش ث‪ ٍٛ‬انُغج‪ٛ‬خ ٔانًلهم‪ٛ‬خ‪ ،‬انؾشكخ انٕهُ‪ٛ‬خ نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪،‬‬
‫انغضائش‪ ،1981 ،‬ؿ ‪.214-213‬‬
‫‪ .6‬ؽغ‪ ٍٛ‬فذ‪ٚ‬ك‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.328‬‬
‫‪ .7‬ػجذ هللا يؾًذ ػجذ انشؽًبٌ‪ ،‬انُظش‪ٚ‬خ ف‪ ٙ‬ػهى اﻹعزًبع‪ ،‬انغضء انضبَ‪ ،ٙ‬انُظش‪ٚ‬خ انغٕع‪ٕٛ‬نٕع‪ٛ‬خ‬
‫انًؼبفشح‪ ،‬داس انًؼشفخ انغبيؼ‪ٛ‬خ‪ ،‬اﻹعكُذس‪ٚ‬خ ‪ ،‬د د ‪ ،‬ؿ‪. 82‬‬
‫‪َ .8‬فظ يشعغ‪ ،‬ؿ ‪.94‬‬
‫‪ .9‬ػجذ هللا يؾًذ ػجذ انشؽًٍ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ‪.82‬‬
‫‪َ .11‬فظ انًشعغ‪ ،‬ؿ ‪.122‬‬
‫‪ .11‬يؾًذ ػه‪ ٙ‬يؾًذ‪ ،‬ػهى اعزًبع انزُظ‪ٛ‬ى‪ ،‬يذخم نهزشاس ٔانًؾكالد ٔانًٕمٕع ٔانًُٓظ ‪ ،‬ه‪ ،2‬داس‬
‫انًؼشفخ انغبيؼ‪ٛ‬خ‪ ،‬اﻹعكُذس‪ٚ‬خ‪ ،2113 ،‬ؿ‪.339‬‬
‫‪ .12‬انغ‪ٛ‬ذ انؾغ‪ ،ُٙٛ‬ػهى اعزًبع انزُظ‪ٛ‬ى‪ ،‬داس انًؼشفخ انغبيؼ‪ٛ‬خ‪ ،‬ا عكُذس‪ٚ‬خ‪ ،1994 ،‬ؿ‪.76‬‬
‫‪ .13‬عؼذ ػ‪ٛ‬ذ يشع‪ ٙ‬ثذس‪ ،‬األ‪ٚ‬ذ‪ٕٚ‬نٕع‪ٛ‬ب َٔظش‪ٚ‬خ انزُظ‪ٛ‬ى‪ -‬يذخم َمذ٘‪ ،‬داس انًؼشفخ انغبيؼ‪ٛ‬خ‪ ،‬ا عكُذس‪ٚ‬خ‪،‬‬
‫‪ ،2111‬ؿ‪.161‬‬
‫‪ .14‬انغ‪ٛ‬ذ انؾغ‪ ،ُٙٛ‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.81‬‬
‫‪ .15‬ساثؼ كؼجبػ‪ ،‬ػهى اعزًبع انزُظ‪ٛ‬ى‪ ،‬يخجش ػهى اعزًبع ا رقبل‪ ،‬عبيؼخ لغُل‪ُٛ‬خ‪ ،2116 ،‬ؿ‪.183‬‬
‫‪ .16‬ؾغ‪ ٌٛ‬ػجد انؾً‪ٛ‬د أؾًد سؾٔاٌ‪ ،‬ػهو اغزًبع انزُا‪ٛ‬و‪ً ،‬ؤغغخ ؾجبة انغبًؼخ‪ ،‬اﻹغكُدس‪ٛ‬خ‪،2114 ،‬‬
‫ؿ‪.114‬‬
‫‪ .17‬فبنؼ ثٍ َٕاس‪ ،‬فؼبن‪ٛ‬خ انزُظ‪ٛ‬ى ف‪ ٙ‬انًإعغبد ا لزقبد‪ٚ‬خ‪ ،‬يخجش ػهى اعزًبع نهجؾش ٔانزشعًخ‪ ،‬عبيؼخ‬
‫لغُل‪ُٛ‬خ‪ ،2116 ،‬ؿ ؿ ‪..169-168‬‬
‫‪ .18‬انغ‪ٛ‬ذ انؾغ‪ ،ُٙٛ‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ‪91‬‬
‫‪ .19‬عؼذ ػ‪ٛ‬ذ يشع‪ ٙ‬ثذس‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ؿ ‪.251 - 249‬‬
‫‪ .21‬ػهٗ انغهً‪ ،ٙ‬رلٕس انفكش انزُظ‪ٔ ،ًٙٛ‬كبنخ انًلجٕػبد‪ ،‬انكٕ‪ٚ‬ذ‪ ،‬ه ‪ ،1981 ،2‬ؿ ‪.46‬‬
‫‪ .21‬ػجذ هللا يؾًذ ػجذ انشؽًٍ‪ ،‬يشعغ عبثك ‪ ،‬ؿ ‪.345‬‬
‫‪ .22‬ساثؼ كؼجبػ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ؿ ‪.188 - 187‬‬
‫‪ .23‬ؽُف‪ ٙ‬يؾًٕد عه‪ًٛ‬بٌ‪ٔ ،‬اـبئف ا داسح ‪ ،‬يلجؼخ ا ؽؼبع انفُ‪ ، ٙ‬يقش ‪ ، 1998‬ؿ ‪.36‬‬
‫‪ .24‬فًٓ‪ ٙ‬عه‪ٛ‬ى انغضٔ٘ ٔآخشٌٔ‪ ،‬انًذخم انٗ ػهى ا عزًبع‪ ،‬داس انؾشٔق‪ ،‬ػًبٌ‪ ،‬ا سدٌ‪،2114 ،‬‬
‫ؿ‪.311‬‬

‫‪36‬‬
‫المحكر الثالػث‬

‫المدرسػة الكالسيكيػة في دراسة المؤسسة‬

‫* تمييػػد‬

‫أوال – نشﺄة المدرسة الكبلسيكية‬

‫ثانيا – نظريات المدرسة الكبلسيكية‬

‫‪ .1‬اإلدارة العممية لتايمور‬

‫‪ .2‬نظرية التقسيـ اإلداري لفايػوؿ‪.‬‬

‫‪ .3‬التنظيـ البيروقراطي لماكس فيبر‬

‫ثالثا ‪ -‬نقد وتقييـ لممدرسة الكبلسيكية‬ ‫‪-‬‬

‫* خبلص ػػة‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬جتمييػد‪:‬‬

‫تمثؿ المدرسة الكبلسيكية المحاوالت األولى لوضع أسس ومبادئ عممية التنظيـ‪ ،‬حيث كانت‬
‫بمثابة المبنة األولى في ارساء الفكر التنظيمي‪ .‬وفي ىذا المحور‪ ،‬سنتناوؿ اسيامات ىذه المدرسة‪،‬‬
‫والتي تضـ كؿ مف اإلدارة العممية لتايمور ونظرية فايوؿ في اإلدارة‪ ،‬والتنظيـ البيروقراطي لماكس‬
‫فيبر‪ ،‬وسنحاوؿ التطرؽ إلى مبادئ وأفكار كؿ منيـ وابراز وجية نظرىـ خاصة حوؿ قضايا العمؿ‬
‫والتنظيـ‪ ،‬وكذا آلياتيـ في فيـ السموؾ البشري داخؿ التنظيـ بغية السيطرة عميو وتوجييو الوجية‬
‫المرغوبة‪.‬‬

‫أكل – نشأة المدرسة الكالسيكية‪:‬‬

‫في بداية الثورة الصناعية كاف أرباب العمؿ يمسكوف بزماـ السمطة يفعموف ما يريدوف‪ ،‬ينظروف‬
‫إلى العماؿ نظرة تشاؤمية؛ فيـ كسبلء ال بد مف مراقبتيـ وفي حالة عدـ فعاليتيـ يتـ تعويضيـ‪،‬‬
‫فالتحفيز تـ حصره في األجر والتيديد‪ ،‬والتنظيـ كاف فوضويا يبحث عف عقمنة(‪ .)1‬في ظؿ ىذا‬
‫المناخ الفكري واإلقتصادي‪ ،‬ظيرت المحاوالت األولى لممنظريف اإلدارييف لتقديـ مبادئ ونظريات‬
‫تيدؼ أساسا لحؿ المشكبلت القائمة وارساء مبادئ وأسس التنظيـ الرشيد‪.‬‬

‫وقد شكمت تمؾ المحاوالت اإلتجاه الكبلسيكي في الفكر التنظيمي‪ ،‬الذي يضـ نظريات التنظيـ‬
‫التي ظيرت في أوائؿ القرف العشريف والمتمثمة في‪ :‬نظرية اإلدارة العممية‪ ،‬نظرية ىنري فايوؿ في‬
‫اإلدارة والتنظيـ البيروقراطي لماكس فيبر‪ ،‬والتي تشترؾ في عدد مف المبادئ واألسس النظرية التي‬
‫تقوـ عمييا ومحاور اإلىتماـ التي تركز عمييا‪.‬‬

‫ثانيا – نظريات المدرسة الكالسيكية‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلدارة العممية لفردريؾ جتايمكر ‪: Frederick Winslow Taylor‬‬

‫ظيرت حركة اإلدارة العممية كػإستجابة لممشاكؿ التي تعاني منيا الصناعة األمريكية في ذلؾ‬
‫الوقت‪ ،‬والمتمثمة أساسا في ضعؼ اإلنتاجية ووجود نزاع بيف اإلدارة واألفراد‪ ،‬فكانت إسياماتيا‬
‫موجية لتحقيؽ أعمى مستوى مف الكفاية اإلنتاجية عف طريؽ إتباع أساليب اإلدارة الرشيدة‪ ،‬التي‬
‫ترتكز عمى أسس عممية في تحميؿ العمؿ ودراستو‪ ،‬بيدؼ التوصؿ إلى طريقة واحدة مثمى لؤلداء‬

‫‪38‬‬
‫(‪ ،(one best way‬وذلؾ مف خبلؿ استخداـ الزمف والحركة لتحقيؽ أعمى متوسط انتاج يومي‪،‬‬
‫كما ترتكز كذلؾ عمى التخصص الدقيؽ والتدريب‪.‬‬

‫ويعتبر الميندس األمريكي فردريؾ جتايمكر )‪ (1915-1856‬مؤسس مدرسة اإلدارة العممية‪،‬‬


‫حيث نشر أفكاره في كتابو الشيير ”مبادئ اإلدارة العممية“ سنة ‪ ،1911‬وتتمثؿ مبادئ اإلدارة‬
‫العممية‪ ،‬حسب تايمور في(‪:)2‬‬

‫‪ .1‬ٳحبلؿ الطرؽ العممية القائمة عمى التجارب محؿ الطرؽ البدائية القديمة‪.‬‬

‫‪ .2‬فصؿ العمؿ الفكري (التخطيط) عف التنفيذ‪ ،‬وتحميؿ المديريف مسؤولية التخطيط وتنظيـ‬
‫العمؿ وحؿ مشاكؿ اإلدارة ‪.‬‬

‫‪ .3‬ﺇختيار العماؿ وتدريبيـ حسب األساليب العممية‪ ،‬ووضع الرجؿ المناسب في المكاف‬
‫المناسب‪.‬‬

‫‪ .4‬تعاوف اإلدارة مع العماؿ إلنجاز األعماؿ‪.‬‬

‫‪ .5‬العدؿ في تقسيـ المسؤوليات بيف اإلدارة والعماؿ‪.‬‬

‫مف وجية نظر اإلدارة العممية يتـ إتخاذ الق اررات اليامة والتخطيط لكؿ ما يؤثر في العممية‬
‫اإلنتاجية بعيدا عف العماؿ‪ ،‬حيث تتخذ الق اررات مف طرؼ اإلدارة ويتولى العماؿ تنفيذىا‪ ،‬فوظيفتيـ‬
‫األساسية تتمثؿ في اإلنصياع لؤلوامر والتعميمات الصادرة عف السمطة التنظيمية دوف مناقشة‪،‬‬
‫فاإلدارة العممية تسعى إلى الوصوؿ إلى القرار المثالي بإختيار أحسف بديؿ مف بيف جميع البدائؿ‬
‫المقترحة لحؿ المشكمة‪.‬‬

‫كما ﺇىتمت اإلدارة العممية بالتنظيـ اليرمي لمسمطة وباإلتصاؿ العمودي الرسمي كوسيمة لتنفيذ‬
‫الق اررات وتطبيؽ اإلجراءات المتعمقة بالعمؿ‪ ،‬ولـ تراع اإلتصاؿ بيف العماؿ أنفسيـ(‪ .)3‬فاإلتصاؿ‬
‫النازؿ ىو السائد حيث يتـ مف خبللو نقؿ األوامر والتعميمات مف األعمى إلى أسفؿ لمعامؿ‪ ،‬وتعد‬
‫التقارير الخاصة بإنجاز العمؿ ىي الشكؿ األوحد لبلتصاؿ الصاعد‪ ،‬مف ىنا نستنتج أف في ظؿ‬
‫اإلدارة العممية اإلتصاؿ العمودي الرسمي ذو اإلتجاه الواحد ىو السائد‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫وفي مجاؿ الحوافز يعتمد فكر تايمور في ىذا الصدد عمى أف العامؿ ىو رجؿ إقتصادي‪ ،‬ومف‬
‫ثـ فإف األجر ىو المتغير الوحيد الذي يحرؾ دافعية الفرد لمعمؿ لمحصوؿ عمى المزيد مف األجر‬
‫النقدي‪ .‬فقد قدـ تايمور طريقة جديدة لمدفع وىي نظاـ ”المعدؿ المتغير لمقطعة“ والذي ربط مكاسب‬
‫العامؿ بمعايير آدائو لمعمؿ‪ ،‬وىذه الطريقة تعتمد عمى وضع معدؿ معياري تـ حسابو بدقة عمى‬
‫أساس محاسبة العامؿ‪ ،‬فإذا أنتج عددا مف الوحدات يزيد عف المعدؿ المعياري فإف أجره سيرتفع عف‬
‫األجر العادي‪ ،‬أما إذا حقؽ العامؿ المعدؿ المعياري فيحصؿ عمى الراتب األساسي‪ ،‬وليذا فإف‬
‫العامؿ سوؼ يحاوؿ تحقيؽ زيادة في اإلنتاج لمحصوؿ عمى األجر الزائد(‪.)4‬‬

‫مف جية أخرى‪ ،‬أصر تايمور عمى ضرورة أف يﺄخذ كؿ عامؿ أجره وفقا إلنتاجو الفردي وليس‬
‫وفقا إلنتاج جماعة العامميف التي ينتمي إلييا‪ ،‬وىناؾ جانب ىاـ مف فكر تايمور يؤكد فيو عمى‬
‫الطموح والتطمع الشخصي لؤلفراد‪ ،‬وأف الفرد يفقد دافعو الفردي إذا وضع في جماعة‪ ،‬فتايمور نظر‬
‫بعيف الشؾ إلى كؿ أشكاؿ الحوافز الجماعية وﺇعتبرىا غير فعالية وال تؤدي إلى رفع اإلنتاجية(‪.)5‬‬

‫ومما ساىـ بو تايمور أيضا ىو تﺄكيده عمى أىمية إعداد العماؿ عف طريؽ التكويف‪ ،‬بحيث‬
‫يستطيع العامؿ أداء العمؿ المكمؼ بو بالطريقة المطموبة وبالسرعة والمعدؿ المطموب‪ ،‬ومف وجية‬
‫نظر التايمورية تتـ عممية تدريب العماؿ وفؽ أسس عممية مضبوطة‪ ،‬مع ربطيا بﺄىداؼ العممية‬
‫اإلنتاجية وىو يشكؿ مبدأ ىاـ في مجاؿ إدارة الموارد البشرية‪ .‬وقد إستخدـ تايمور أسموب التدريب في‬
‫مجاؿ العمؿ الذي يمنح فرصة لمعامؿ لمقياـ بالعمؿ بصورة تجريبية‪ ،‬ويساىـ في صقؿ مياراتو‪.‬‬

‫‪ .1.1‬نقػد كجتقييػـ اإلدارة العممية ‪:‬‬

‫بالرغـ مف أىمية إسيامات اإلدارة العممية إال أف أفكار تايمور تعرضت لمعديد مف اإلنتقادات‬
‫نذكر منيا‪:‬‬

‫‪ ‬أغفمت اإلدارة العممية الجوانب اإلنسانية لمعامؿ‪ ،‬ونظرت إليو نظرة محدودة كرجؿ ﺇقتصادي‪،‬‬
‫يتـ توجييو عف طريؽ الحوافز المادية‪ ،‬دوف مراعاة الحاجات النفسية واإلجتماعية لمفرد‬
‫كعضو في الجماعة‪ ،‬كما جردت العامؿ مف كؿ إحساس باإلستقبللية أو المشاركة بالرأي في‬
‫إتخاذ الق اررات المتعمقة بالعمؿ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ ‬نظرت اإلدارة العممية لمعامؿ عمى أساس أنو آلة بيولوجية وأىممت صحتو الجسمية والنفسية‪،‬‬
‫ونظرت لمتنظيـ غير الرسمي عمى أنو شر يجب محاربتو إلعتقادىا أف العماؿ يسخروف ىذا‬
‫التنظيـ لمحاربة اإلدارة ومناوأتيا(‪.)6‬‬

‫‪ ‬ركز تايمور أبحاثو عمى مستوى العماؿ في الورشة وأىمؿ اإلدارة في مستوياتيا العميا‪.‬‬

‫‪ ‬يؤخذ عمى المبادئ التي توصؿ إلييا تايمور تﺄكيدىا عمى أىمية تعدد الرئاسات‪ ،‬في حيف أف‬
‫الدراسات الحديثة تؤكد عمى وحدة األوامر وعدـ تعددىا(‪.)7‬‬

‫‪ ‬تجاىؿ تايمور الفوارؽ الفردية بيف األفراد في القدرة ودرجة التحمؿ أثناء حساسبو لممعدؿ‬
‫المعياري في نظاـ المعدؿ المتغير لمقطعة‪.‬‬

‫‪ .2‬نظرية الجتقسيـ اإلداري لفايػكؿ ‪: H. Fayol‬‬

‫إنحصرت األساليب التي قدمتيا اإلدارة العممية لتايمور تقريبا في الوحدات اإلنتاجية وأىممت‬
‫مستويات التسمسؿ التنظيمي األخرى‪ ،‬فجاءت نظرية فايوؿ في اإلدارة لتحوؿ الترشيد مف مستوى‬
‫الوحدة اإلنتاجية إلى البناء التنظيمي بصفة عامة(‪.)8‬‬

‫عمؿ ىنري فايوؿ )‪ (1925-1841‬كميندس وخاض مسا ار مينيا ناجحا‪ ،‬حيث تدرج حتى تقمد‬
‫منصب مدير عاـ إلحدى المؤسسات المنجمية ببمده فرنسا‪ ،‬فكانت أفكاره واقعية وىي حصيمة لخبرتو‬
‫العممية في مجاؿ اإلدارة‪ .‬نشر فايوؿ أفكاره في كتابو ”اإلدارة العامة والصناعية ‪Administration‬‬
‫‪“ générale et industrielle‬سنة ‪ ،1916‬ويمكف تمخيص أىـ ﺇسياماتو فيما يمي‪:‬‬

‫‪ ‬يرى فايوؿ أف في أي مؤسسة صناعية ىناؾ ستة مجموعات مف األنشطة وىي‪ :‬األنشطة‬
‫الفنية‪ ،‬األنشطة المالية‪ ،‬األنشطة التجارية‪ ،‬األنشطة المتعمقة باألمف‪ ،‬األنشطة المحاسبية‬
‫واألنشطة اإلدارية‪ ،‬حيث ركز أبحاثو بصفة خاصة عمى األنشطة اإلدارية نظ ار ألىميتيا في‬
‫تحقيؽ الفعالية‪.‬‬

‫‪ ‬بيف فايوؿ أف عناصر العممية اإلدارية تضـ الوظائؼ الخمس اآلتية‪ :‬التخطيط‪ ،‬التنظيـ‪،‬‬
‫التوجيو‪ ،‬التنسيؽ والرقابة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ ‬وضع فايوؿ مبادئ اإلدارة األربعة عشر الشييرة والتي كانت وال تزاؿ ﺇلى حد كبير مصد ار‬
‫يستند إليو المديروف في األجيزة الحكومية والمصانع والمؤسسات‪ ،‬وىذه المبادئ ىي(‪:)9‬‬

‫‪ .1‬مبدأ التخصص وتقسيـ العمؿ‪.‬‬

‫‪ .2‬مبدأ السمطة والمسؤولية‪.‬‬

‫‪ .3‬مبدأ وحدة األمر‪.‬‬

‫‪ .4‬مبدأ الطاعة واإلنضباط‪.‬‬

‫‪ .5‬مبدأ وحدة التوجيو‪.‬‬

‫‪ .6‬مبدأ المركزية‪.‬‬

‫‪ .7‬مبدأ تدرج السمطة‪.‬‬

‫‪ .8‬مبدأ النظاـ‪.‬‬

‫‪ .9‬مبدأ المساواة‪.‬‬

‫‪ .10‬مبدأ تعويض العامميف‪.‬‬

‫‪ .11‬مبدأ إستقرار العمالة‪.‬‬

‫‪ .12‬مبدأ المبادأة‪.‬‬

‫‪ .13‬مبدأ التعاوف‪.‬‬

‫‪ .14‬مبدأ خضوع المصمحة الشخصية لممصمحة العامة‪.‬‬

‫ويشير مبدأ المركزية عند فايوؿ إلى ضرورة وجود سمطة واحدة عمى رأس اليرـ التنظيمي تعمؿ‬
‫عمى إصدار الق اررات والتوجييات‪ ،‬فسمطة إتخاذ الق اررات حسب نظرية فايوؿ مف صبلحية‬
‫المستويات العميا‪ ،‬مع تقميؿ الدور الذي يمعبو المرؤوسييف في إتخاذ تمؾ الق اررات‪.‬‬

‫وفي مبدأ تعويض العامميف ركز فايوؿ عمى ضرورة دفع أجور عادلة تتناسب مع ميارات الفرد‬
‫وجيده و مستواه داخؿ التنظيـ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫كما يرى فايوؿ أف مف عبلمات اإلدارة الجيدة‪ ،‬التدريب المنيجي المنظـ المستمر لكؿ الموظفيف‬
‫عمى كؿ المستويات‪ .‬ويؤكد عمى أف الخبرة الشخصية في العمؿ اإلداري ال يمكف أف تحؿ محؿ‬
‫مجموعة المبادئ والقواعد والمناىج واإلجراءات التي تـ إختيارىا بواسطة الخبرة العامة‪ .‬كما يرى أف‬
‫اإلدارة ليست موىبة شخصية و لكنيا ميارات يمكف تعمميا عف طريقة التدريب والتعميـ‪.‬‬

‫تعتبر ىذه النظرية الموارد البشرية أحد الوظائؼ األساسية الضرورية لبقاء المؤسسة حية‬
‫وناجحة‪ ،‬فالموارد البشرية تجاوزت صفة المورد الذي يدخؿ في إنجاز المياـ المطموبة فقط‪،‬‬
‫وأصبحت تيتـ بتخطيط وتنظيـ وتنفيذ ىذه المياـ بصورة منظمة ومييكمة‪.‬‬

‫‪ .1.2‬نقد كجتقييـ لنظرية فايػكؿ في اإلدارة ‪:‬‬

‫لقد ﺇعتبر فايوؿ مف طرؼ الكثير األب الحقيقي لنظرية اإلدارة الحديثة نظ ار إلسياماتو‬
‫اليامة خاصة في تحديد أسس ومبادئ اإلدارة العامة‪ ،‬إال أف أفكاره تعرضت إلى ﺇنتقادات نذكر‬
‫منيا‪:‬‬

‫‪ -‬رغـ تعدد المبادئ التي وضعيا فايوؿ‪ ،‬إال أنيا ال تشمؿ ﺃجزاء ىامة مثؿ وضع األىداؼ‪،‬‬
‫دوافع العامميف ونظـ المعمومات والتطوير‪ ،‬مما يجعؿ ىذه النظرية عاجزة عمى مواكبة‬
‫الظروؼ والتطورات التي حدثت بعد صدورىا‪.‬‬

‫‪ -‬يؤخذ عمى فايوؿ ﺇىمالو لدور الجماعات غير الرسمية‪ ،‬وتﺄثير الجوانب اإلجتماعية والنفسية‬
‫في مجاؿ العمؿ‪ ،‬وعدـ إعطاء أىمية لمعنصر البشري في التنظيـ‪.‬‬

‫‪ .3‬الجتنظيـ البيركقراطي لماكس فيبػر ‪3Max Weber‬‬

‫عندما كاف ماكس فيبػر (‪ )1920-1864‬ضابطا في الجيش األلماني عايش التنظيـ‬


‫العسكري‪ ،‬حيث األوامر والسمطة الصارمة التي ال يمكف معارضتيا‪ ،‬الكؿ يتحرؾ وفؽ أوامر‬
‫وتعميمات صارمة ومحددة سمفا‪ ،‬ىذه البيئة أثرت فيو وجعمتو يعتقد أف ىذا األسموب في اإلدارة ىو‬
‫األسموب الناجح وىو الذي يجب تطبيقو‪ ،‬فإقترح نموذجا مثاليا لمتنظيـ أطمؽ عميو ”النموذج‬
‫البيروقراطػي“(‪.)10‬‬

‫‪43‬‬
‫ويرتكز مفيوـ البيروقراطية عند فيبر عمى تقسيـ العمؿ عمى أساس التخصص الوظيفي‬
‫وتحديد المياـ ووجود ىرـ واضح لمسمطة‪ ،‬وﺇعتماد مبدأ الرسمية في جميع العمميات اإلدارية‪ ،‬وقد‬
‫حدد ماكس فيبر التنظيـ البيروقراطي وفؽ خصائص معنية وىي(‪:)11‬‬

‫‪ -‬جتقسيـ العمؿ كالجتخصصات‪:‬‬


‫يقوـ التنظيـ البيروقراطي عمى درجة عالية مف التخصص الوظيفي والتعييف في الوظائؼ يتـ‬
‫طبقا إلختبارات الكفاءة‪ .‬تتميز التنظيمات البيروقراطية بتقسيـ األعماؿ في التنظيـ‪ ،‬ويتـ اختيار‬
‫مف يشغمونيا حسب درجة تخصصيـ في األعماؿ المطموب القياـ بيا‪.‬‬

‫‪ -‬الجتسمسؿ الرئاسي‪:‬‬
‫وجود بناء ىرمي لمسمطة‪ ،‬ىذا البناء يتضمف سمسمة تحدد التوزيع الرسمي لمسمطة‪ ،‬كما تظير‬
‫حدود السمطة الممنوحة لكؿ مركز‪ .‬ويعني ذلؾ وجود عدة مستويات إدارية متفاوتة‪ ،‬يتبع كؿ‬
‫منيا المستوى الذي يعموه‪ ،‬مما يجعؿ التنظيـ اإلداري عمى شكؿ ىرـ تتسع قاعدتو وتضيؽ‬
‫مستوياتو كمما اتجينا إلى األعمى‪.‬‬

‫‪ -‬الرسمية كجتقنيف اإلاراءات‪:‬‬


‫التحديد القاطع لمواجبات والمراكز أي أف كؿ فرد في التنظيـ البيروقراطي يشغؿ مرك از معينا‬
‫محددا سمفا‪ ،‬مع وجود معايير محددة ألداء العمؿ ال بد عمى األفراد التمسؾ بيا‪ .‬العبلقات داخؿ‬
‫التنظيـ تكوف عبلقات بيف المراكز وليست عبلقات بيف األفراد الشاغميف ليذه المراكز‪ ،‬وبيذا‬
‫ينتفي الطابع الشخصي لمعبلقات‪ .‬ولذلؾ فإف مف صفات النظاـ البيروقراطي توحيد وتقنيف‬
‫اإلجراءات‪ ،‬بحيث يتـ رجوع الموظفيف إلييا كﺄساس التخاذ الق اررات‪ ،‬مما يضمف سرعة اإلنجاز‪،‬‬
‫وتماثؿ الق اررات التي تتخذ بشﺄف الحاالت المتماثمة‪ .‬كما أف جميع عمميات اإلتصاؿ وقواعد‬
‫واجراءات العمؿ في المؤسسة البيروقراطية توضع في شكؿ رسمي مكتوب‪ ،‬وينطبؽ ذلؾ عمى‬
‫جميع التصرفات داخؿ المؤسسة‪.‬‬

‫‪ -‬الالشخصية في اجتخاذ الق اررات‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫تعني البلشخصية أف تستند الق اررات التي يتخذىا البيروقراطيوف إلى أسس موضوعية وليس ألسس‬
‫شخصية‪ ،‬مما يضمف العدالة وعدـ المزاجية في التعرؼ والتعامؿ مع المستفيديف مف خدماتيا‪.‬‬
‫‪ -‬الجتعييف كالجترقية عمى أساس الادارة‪:‬‬
‫يقتضي ىذا المبدأ أف تحتكـ ق اررات تعييف وترقية الموظفيف إلى اعتبارات الكفاءة والتﺄىيؿ وليس‬
‫لبلعتبارات غير الموضوعية‪ ،‬مما يكفؿ األداء الممتاز‪ .‬وشغؿ الوظائؼ في التنظيمات‬
‫البيروقراطية يكوف عمى أساس التعييف وليس اإلنتخاب‪.‬‬

‫‪ -‬اعجتبار اإلدارة مينة دائمة‪:‬‬


‫أف الوظيفة التي يشغميا الموظؼ في التنظيـ البيروقراطي تمثؿ مينة رئيسية لو‪ ،‬ومف ثـ ال‬
‫يجوز الجمع بينيا وبيف ميمة أخرى‪ .‬وينظر لئلدارة باعتبارىا مينة تحتاج لمتﺄىيؿ والتدريب‬
‫المستمر وليس ىواية‪ .‬ومف شﺄف ذلؾ تحسيف ميارات العامميف‪ ،‬مما يضمف األداء الجيد الذي‬
‫يحقؽ األىداؼ التنظيمية المطموبة بالنوعية الجيدة وبﺄقؿ التكاليؼ‪.‬‬

‫‪ -‬الفصؿ بيف الحياة الشخصية لممكظؼ كالحياة الكظيفية‪:‬‬


‫يؤكد النظاـ البيروقراطي عمى ضرورة عدـ الخمط بيف الوظيفة كدور رسمي يقوـ بو الموظؼ‬
‫وفؽ القوانيف والتعميمات‪ ،‬وبيف الممتمكات الشخصية لمموظؼ الذي لو الحرية في استعماليا‪.‬‬

‫وفي التنظيـ البيروقراطي الذي اقترحو فيبر نجد أف سمطة إتخاذ الق اررات مركزة في أيدي‬
‫موظفيف يبعدوف بحكـ مناصبيـ عمى ميداف العمؿ الحقيقي‪ ،‬وتيدؼ المركزية في ىذا التنظيـ إلى‬
‫منع التحيز والمحسوبية ومنع الرؤساء مف التصرؼ وفؽ أىوائيـ الشخصية(‪ .)12‬وتتطمب‬
‫البيروقراطية تدريبا كامبل متخصصا‪ ،‬ويتـ ترقية الموظفيف وفقا لؤلقدمية أو اإلنجاز وبإقتراح مف‬
‫رؤسائيـ‪ .‬كما يخضع الموظفيف في التنظيـ البيروقراطي إلى قواعد إنضباط صارمة ويتقاضوف أجر‬
‫ثابت مع اإلستفادة مف منحة التقاعد‪.‬‬

‫‪ .1.3‬نقد كجتقييـ لمجتنظيـ البيركقراطػي‪:‬‬

‫بالرغـ مف األفكار والمفاىيـ اليامة التي قدميا فيبر‪ ،‬إال أف عيوب التنظيـ البيروقراطي تظير‬
‫عند التطبيؽ ومف أىميا‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ ‬اإلعتماد الصارـ عمى القواعد واإلجراءات يؤدي إلى الجمود ويقضي عمى كؿ فرص المبادرة‬
‫واإلبتكار‪ ،‬وىذا ما يجعؿ التنظيمات البيروقراطية أقؿ ﺇستجابة لمتغيير الداخمي والخارجي‪،‬‬
‫وعاجزة عمى التكيؼ مع الظروؼ المتغيرة لمبيئة الخارجية‪.‬‬

‫‪ ‬تركيز األفراد ﺇىتماميـ عمى ﺇستيفاء اإلجراءات وعدـ ﺇعتنائيـ بمصالح المؤسسة والسعي‬
‫إلى تحقيؽ أىدافيا‪ .‬ففي ظؿ النظاـ البروقراطي تصبح الوسائؿ المتبعة لتحقيؽ األىداؼ‬
‫غايات في حد ذاتيا‪.‬‬

‫‪ ‬إف التنظيـ البيروقراطي تنظيـ مثالي لـ يطبؽ في الواقع إال بصورة مشوىة أدت إلى التشدد‬
‫في اإلجراءات اإلدارية وعرقمة عممية التنفيذ ومركزية الق اررات وبطء عممية اإلتصاؿ المعتمدة‬
‫عمى اإلجراءات الكتابية‪ ،‬وىذا ما أدى إلى إقتراف كممة البيروقراطية بعدة معاف سمبية‬
‫كالتبلعب وعرقمة مصالح المتعامميف مع التنظيـ وعقـ اإلداء(‪.)13‬‬

‫وبالرغـ مف اإلنتقادات والتحفظات العديدة التي أثيرت حوؿ النموذج البيروقراطي‪ ،‬إال أف ىذا‬
‫النموذج تحدى الزمف وأصبح ”نموذج تصميـ“ تطبقو الكثير مف المؤسسات الكبيرة في العصر‬
‫الحالي في تصميميا ليياكميا التنظيمية(‪.)14‬‬

‫‪ -‬نقد كجتقييـ لممدرسة الكالسيكية ‪:‬‬

‫ال يمكف أف ننكر إسيامات المدرسة الكبلسيكية في نشﺄة وتطور الفكر اإلداري والتنظيمي‪،‬‬
‫حيث أف العديد مف أفكارىا ومبادئيا تحدت الزمف ومازالت تطبؽ في العديد مف المؤسسات الكبرى‬
‫اليوـ‪ ،‬إال أف ىذه المدرسة تعرضت إلى العديد مف اإلنتقادات نذكر منيا‪:‬‬

‫‪ ‬نظرت المدرسة الكبلسكية لئلنساف نظرة محدودة‪ ،‬حيث ترى فيو كائنا ﺇقتصاديا يمكف التﺄثير‬
‫عمى سموكو مف خبلؿ الحوافز المادية‪.‬‬

‫‪ ‬إعتبرت ىذه المدرسة التنظيـ كنسقا مغمقا متجاىمة بذلؾ تﺄثير الظروؼ المحيطة‪.‬‬

‫‪ ‬التحميبلت الكبلسكية تجاىمت الجماعات غير الرسمية‪ ،‬رغـ أف ليذه األخيرة تﺄثي ار كبي ار عمى‬
‫إتجاىات ودافع العامميف‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ ‬المدرسة الكبلسيكية ﺃنكرت حؽ األفراد في المشاركة في إتخاذ الق اررات التنظيمية‪.‬‬

‫‪ ‬ﺇف المتفحص لمنظريات الكبلسيكية يجد أنيا تؤدي إلى الجمود وفقداف القدرة عمى اإلبتكار‬
‫واإلبداع‪ ،‬وتكمف مظاىر الجمود في المبالغة في التنظيـ وعدـ المرونة في توزيع األفراد‬
‫ومنع تكيؼ التنظيـ مػع الظروؼ المتغيرة في البيئة الخارجيػة(‪.)15‬‬

‫‪ -‬خالصة‪:‬‬

‫مف خبلؿ تحميمنا السابؽ لممدرسة الكبلسيكية‪ ،‬الحظنا أنيا نظرت لئلنساف نظرة محدودة‬
‫وﺇعتبرتو آلة إنتاج‪ ،‬حيث ركزت عمى اإلشراؼ والرقابة الشديدة والتنظيـ الرسمي‪ ،‬وﺇىتمت بالتنظيـ‬
‫اليرمي لمسمطة واإلتصاؿ الرسمي وأنكرت حؽ األفراد في المشاركة في إتخاذ الق اررات التي تتعمؽ‬
‫بالعمؿ واقتصار التحفيز عمى الحوافز المادية‪ .‬كما أنيا نظرت إلى المؤسسة عمى ﺇعتبارىا نسقا‬
‫مغمقا وتجاىمت بذلؾ تغيرات البيئة الخارجية المحيطة بيا‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -‬ىكامش المحكر الثالث‪:‬‬
‫‪1. Laurence Baranski, Le management éclairé, piloter le changement, Ed‬‬
‫‪d’organisation, Paris, 2éme tirage, 2001, P 225.‬‬
‫‪ .2‬فإاد انؾ‪ٛ‬خ عبنى ٔآخشٌٔ‪ ،‬انًفبْ‪ٛ‬ى اﻹداس‪ٚ‬خ انؾذ‪ٚ‬ضخ‪ ،‬داس انؾشق األٔعو نهلجبػخ‪ ،‬ػًبٌ‪ ،‬األسدٌ‪ ،‬ه‬
‫‪ ،1995 ،5‬ؿ‪.35‬‬
‫‪ .3‬يقلفٗ ػؾٕ٘‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ‪.76‬‬
‫‪ .4‬يؾًذ فش‪ٚ‬ذ انقؾٍ ٔآخشٌٔ‪ ،‬يجبدئ اﻹداسح‪ ،‬انذاس انغبيؼ‪ٛ‬خ‪ ،‬اﻹعكُذس‪ٚ‬خ‪ ،2111 ،‬ؿ‪.51‬‬
‫‪ .5‬عؼذ ػ‪ٛ‬ذ يشع‪ ٙ‬ثذس‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ‪.127‬‬
‫‪ .6‬فإاد انؾ‪ٛ‬خ عبنى ٔآخشٌٔ‪ ،‬يشعغ عجبق‪ ،‬ؿ‪. 44‬‬
‫‪ .7‬ئثشاْ‪ٛ‬ى ػجذ انٓبد٘ انًه‪ٛ‬غ‪ ،ٙ‬ئعزشار‪ٛ‬غ‪ٛ‬بد ٔػًه‪ٛ‬بد اﻹداسح‪ ،‬انًكزت انغبيؼ‪ ٙ‬انؾذ‪ٚ‬ش‪ ،‬اﻹعكُذس‪ٚ‬خ‪،‬‬
‫‪ ،2112‬ؿ‪.46‬‬
‫‪َ .8‬فظ انًشعغ‪ ،‬ؿ‪.47‬‬
‫‪ .9‬عؼذ ‪ٚ‬ظ ػبيش ٔيؾًذ ػه‪ ٙ‬ػجذ انْٕبة‪ :‬انفكش انًؼبفش ف‪ ٙ‬انزُظ‪ٛ‬ى ٔاﻹداسح‪ ،‬يشكض ٔا‪ٚ‬ذ ع‪ٛ‬شف‪ٛ‬ظ‬
‫نالعزؾبساد ٔانزلٕ‪ٚ‬ش اﻹداس٘‪ ،‬انٕ ‪ٚ‬بد انًزؾذح‪ ،1984 ،‬ؿ ؿ ‪.16-15‬‬
‫‪ .11‬ػجذ انؼض‪ٚ‬ض فبنؼ ثٍ ؽجزٕس‪ ،‬اﻹداسح انؼبيخ انًمبسَخ‪ ،‬داس انضمبفخ نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪ ،‬ػًبٌ‪ ،‬األسدٌ‪،‬‬
‫‪ ،2111‬ؿ‪.111‬‬
‫‪ .11‬يؾًذ فش‪ٚ‬ذ انقؾٍ ٔآخشٌٔ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ؿ ‪.68-67‬‬
‫‪ .12‬ػه‪ ٙ‬انغهً‪ :ٙ‬رلٕس انفكش انزُظ‪ ،ًٙٛ‬داس غش‪ٚ‬ت نهلجبػخ ٔانُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪ ،‬انمبْشح‪ ،‬دد ‪ ،‬ؿ ‪.59‬‬
‫‪ .13‬يقلفٗ ػؾٕ٘‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ‪.76‬‬
‫‪ .14‬ؽغ‪ ٍٛ‬ؽش‪ٚ‬ى‪ ،‬ئداسح انًُظًبد‪ ،‬يُظٕس كه‪ ،ٙ‬داس ؽبيذ نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪ ،‬ػًبٌ‪ ،‬األسدٌ‪،2113 ،‬‬
‫ؿ‪.25‬‬
‫‪ .15‬عؼذ ػ‪ٛ‬ذ يشع‪ ٙ‬ثذس‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.153‬‬

‫‪48‬‬
‫المحػػػػػكر الرابع‬
‫النظريات السمػػػػككيػػػػػػػة‬

‫* تمييػػد‬

‫أكل ‪ -‬حركة العالقات اإلنسانيػة‬


‫ثانيا ‪ -‬نظريات الدافعية‬
‫‪ .1‬نظرية الحاجات ألبراىاـ ماسمو ‪Abraham Maslow‬‬

‫‪ .2‬نظرية ذات العامميف لفريدريؾ ىيرزبرغ ‪Herzberg‬‬


‫‪ .3‬نظرية ماكميبلند ‪David C. McClelland‬‬
‫ثالثا ‪ -‬نظرية (‪ )y( ٔ )X‬لدكاالس ماارياكر ‪McGregor‬‬

‫‪ -‬نقد وتقييـ المدرسة السموكية‬

‫* خبلص ػػة‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬جتمييد‪:‬‬

‫تعد النظريات السموكية أو كما تسمى بالمدرسة االنسانية اتجاىا فكريا متمي از في الفكر‬
‫التنظيمي‪ ،‬حيث تركزت اىتماماتيا عمى الجوانب االنسانية سواء كانت النفسية لمفرد أو ما يتعمؽ‬
‫بالجماعات الصغيرة أو التنظيـ غير الرسمي‪ ،‬بإعتبارىا تمثؿ الجوانب األساسية في العممية‬
‫االنتاجية‪ .‬وقد جاءت المدرسة السموكية بشكؿ أساسي لمواجية االنتقادات والنقائص التي إتسمت بيا‬
‫نظريات المدرسة التقميدية‪ ،‬والمتمثمة في التركيز عمى الجانب العممي لمعمؿ وتحقيؽ أعمى مستوى‬
‫مف اإلنتاج دوف إعطاء أي إعتبار لمعوامؿ اإلنسانية‪ ،‬وقد كانت نتائج التجارب التي أجرتيا حركة‬
‫العبلقات االنسانية‪ ،‬بمثابة إنطبلقة فكرية ميدت إلى نقد األفكار السائدة خاصة مبادئ وأفكار‬
‫المدرسة العممية واإلىتماـ بالمدخؿ السموكي في التنظيـ واإلدارة‪ ،‬وقد اىتمت ىذه المدرسة بدراسة‬
‫سموؾ الفرد والجماعة أثناء العمؿ سعيا وراء تحقيؽ الفعالية وتحسيف العمؿ‪ .‬وتندرج تحت ىذه‬
‫المدرسة مجموعة مف النظريات والمدارس منيا‪:‬‬

‫أكل‪ -‬حركة العالقات اإلنسانيػة‪:‬‬

‫تقوـ ىذه المدرسة عمى أفكار إلتوف مايو ‪ )1949-1881( Elton Mayo‬المستمدة مف نتائج‬
‫أبحاثو الميدانية خاصة في مصنع الغزؿ والنسيج بفيبلدلفيا‪ ،‬وتجارب مصانع ىاوثورف التابعة لشركة‬
‫وسترف ﺇلكتريؾ بالقرب مف شيكاغو (ما بيف عامي ‪1932-1927‬ـ)‪ .‬ففي مصنع الغزؿ والنسيج‬
‫قاـ إلتوف مايو بدراسة مشكمة ﺇرتفاع معدؿ دوراف العمؿ لتقديـ الحموؿ المناسبة لمتقميؿ منيا‪ ،‬حيث‬
‫أظيرت ىذه الدراسة أف اإلىتماـ بالعبلقات اإلنسانية عف طريؽ تقديـ فترات الراحة ومشاركة العماؿ‬
‫في بحث المشكبلت واتخاذ الق اررات يساعد عمى تحقيؽ مصالح العماؿ واإلدارة(‪.)1‬‬

‫مدير لقسـ البحوث الصناعية بجامعة ىارفارد‬


‫ا‬ ‫وفي مصانع الياوثورف‪ ،‬أجرى إلتوف مايو بصفتو‬
‫وفريقو عدة تجارب كانت في البداية موجية إلى دراسة تﺄثير الظروؼ الفيزقية لمعمؿ عمى اإلنتاجية‪،‬‬
‫لتتوسع فيما بعد وتتناوؿ دراسة جماعات العمؿ‪ ،‬الروح المعنوية والقيـ واإلتجاىات والدافعية‪.‬‬
‫وﺃسفرت نتائج ىذه الدراسات عمى أف اإلنتاجية تتﺄثر بالحاجات النفسية لمعامؿ وبجماعات العمؿ‬
‫غير الرسمية ومستويات اإلشراؼ واإلتصاؿ‪ ،‬مما أدى إلى ﺇكتشاؼ أىمية العوامؿ اإلجتماعية‬

‫‪51‬‬
‫والنفسية في زيادة اإلنتاج‪ .‬ويمكف تمخيص العكامؿ التي ساىمت في ظيور حركة العبلقات االنسانية‬
‫فيما يمي‪:‬‬

‫‪ .1‬جاءت ىذه النظرية نتيجة لظروؼ تدىور الصناعة في المؤسسات االنتاجية واعتبارىا أحد‬
‫العوامؿ الرئيسية التي شغمت اىتمامات كؿ مف أصحاب ىذه المؤسسات والطبقات العاممة‪.‬‬
‫‪ .2‬ظيور الحركات النقابية‪.‬‬
‫‪ .3‬زيادة ثقافة العامؿ‪ ،‬وارتفاع المستوى المعيشي‪.‬‬
‫‪ .4‬تقدـ البحوث اإلنسانية والتطبيقية‪.‬‬
‫‪ .5‬ازدياد الضغط عمى العماؿ والحاجة الممحة لمتنفيس عنيـ‪.‬‬
‫وقد أدت ىذه العوامؿ إلى ضرورة إعادة التفكير في أساليب االنتاج داخؿ ىذه الشركات‪ ،‬وذلؾ‬
‫عف طريؽ استخداـ األساليب العممية الحديثة والمتطورة‪ .‬ويمكف تمخيص مبادئ كأفكار مدرسة‬
‫العبلقات اإلنسانية فيما يمي‪:‬‬
‫‪ ‬التركيز عمى أىمية العنصر اإلنساني في العمؿ‪ ،‬حيث تنظر مدرسة العبلقات اإلنسانية إلى‬
‫الفرد كعضو في جماعة‪.‬‬

‫‪ ‬دوافع العمؿ ال تقتصر عمى المكافػﺁت المادية‪ ،‬فيناؾ حاجات نفسية واجتماعية عند‬
‫العامميف‪ ،‬مثؿ الحاجة إلى التقدير واألمف والشعور باإلنتماء‪ ،‬ليا أىمية كبيرة في رفع الروح‬
‫المعنوية وزيادة الدافعية لدى العامؿ‪.‬‬

‫‪ ‬إف العامميف يكونوف فيما بينيـ جماعات عمؿ تعرؼ بالتنظيـ غير الرسمي‪ ،‬وليذه الجماعات‬
‫تﺄثير كبير عمى تفكير أعضائيا واتجاىاتيـ وقيميـ ومف ثـ عمى دوافعيـ وسموكيـ‪ ،‬كما‬
‫تمارس الجماعات غير الرسمية ضبطا ﺇجتماعيا قويا داخؿ مكاف العمؿ(‪.)2‬‬

‫‪ ‬مف وجية نظر مدرسة العبلقات اإلنسانية فإف مشاركة العماؿ في إتخاذ الق اررات واعطائيـ‬
‫فرصة مناقشة الق اررات التي تتعمؽ بالمياـ التي يقوموف بيا‪ ،‬ليا تﺄثير إيجابي عمى نفوسيـ‬
‫وتزيد مف دافعيتيـ نحو العمؿ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ ‬إف االتصاالت بيف أجزاء التنظيـ ليست قاصرة عمى شبكة اإلتصاالت الرسمية‪ ،‬بؿ ىناؾ‬
‫أيضا شبكة اإلتصاالت غير الرسمية‪ ،‬وأف ىذه الشبكة غير الرسمية قد تكوف أكثر فعالية‬
‫في التﺄثير عمى سموؾ العامميف‪.‬‬

‫‪ ‬تؤكد مدرسة العبلقات اإلنسانية عمى وجود فوارؽ فردية‪ ،‬حيث ترى أف األفراد مختمفوف‬
‫وبالتالي عدـ معاممتيـ عمى أنيـ متماثميف‪.‬‬

‫‪ ‬ركز إتجاه العبلقات اإلنسانية عمى ضرورة اإلىتماـ بتنمية الميارات السموكية أثناء التدريب‬
‫وليس اإلىتماـ فقط بالميارات الفنية‪.‬‬

‫وقد جاءت مدرسة العبلقات اإلنسانية لتضيؼ وظائؼ أخرى إلى تسيير الموارد البشرية في‬
‫التنظيمات‪ ،‬تتمثؿ في(‪:)3‬‬

‫‪ ‬عبلقات العامميف المتمثمة بالتفاعبلت اإلجتماعية بيف العامميف واإلدارة والعامميف والنقابات‬
‫واإلتحادات المينية‪.‬‬

‫‪ ‬السبلمة المينية واألمف الصناعي لكافة األفراد العامميف جسميا ونفسيا في ظؿ ظروؼ العمؿ‬
‫التي تنطوي عمى المخاطرة‪.‬‬

‫مف خبلؿ ما سبؽ‪ ،‬يتضح لنا أف مدرسة العبلقات اإلنسانية إىتمت بالجانب النفسي‬
‫واإلجتماعي لمعامؿ‪ ،‬حيث أكدت عمى أىمية التنظيـ غير الرسمي والعبلقات اإلنسانية داخؿ‬
‫المؤسسة ومشاركة العامميف في إتخاذ الق اررات‪ ،‬إال أنيا مثميا مثؿ المدرسة الكبلسيكية نظرت إلى‬
‫المؤسسة عمى ﺇعتبارىا نسقا مغمقا‪ ،‬وتجاىمت بذلؾ تغيرات البيئة الخارجية المحيطة بالمؤسسة‪.‬‬

‫ثانيا – نظريات الدافعية‪:‬‬

‫‪ -1‬نظرية الحااات ألبراىاـ ماسمك ‪3 Abraham Maslow‬‬

‫يعتبر عالـ النفس األمريكي أبراىاـ ماسمو مف أىـ المنظريف السموكييف‪ ،‬حيث قاـ بصياغة‬
‫نظرية فري دة ومتميزة في مجاؿ الدوافع االنسانية‪ ،‬حاوؿ فييا أف يصيغ نسقا مترابطا يفسر مف خبللو‬

‫‪52‬‬
‫طبيعة الدوافع أو الحاجات التي تحرؾ السموؾ اإلنساني وتشكمو‪ .‬وتقوـ ىذه النظرية عمى أربعة‬
‫افتراضات وىي(‪:)4‬‬

‫‪ .1‬إف في ذات كؿ فرد ىناؾ مجموعة مف الحاجات المتداخمة والمعقدة يصعب التعرؼ عمييا أو‬
‫التمييز بينيا‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا تحقؽ االشباع التاـ لحاجة ما لدى الفرد فيي ال تعود دافعة لمسموؾ وبالتالي يتـ االنتقاؿ‬
‫إلى محاولة اإلشباع لحاجة أخرى‪.‬‬
‫‪ .3‬يفترض ماسمو أنو يتـ أوال اإلشباع الكافي لمحاجات الموجودة في قاعدة اليرـ قبؿ أف يكوف‬
‫ىناؾ أي إلحاح بضرورة االشباع مف طرؼ الحاجات الموجودة أعبله‪.‬‬
‫‪ .4‬بإعت بار أف الحاجات العميا ترتبط بالجانب االجتماعي لمفرد وما تتسـ بو مف تنوع وتداخؿ‪،‬‬
‫فطرؽ اشباعيا تتعدد وتتجاوز طرؽ اشباعيا الحاجات الدنيا المرتبطة بالحاجات الفيزيولوجية‬
‫والتي تكوف عادة محددة وسيمة االشباع‪.‬‬
‫وبناءا عمى ىذه االفتراضات‪ ،‬يؤكذ ماسمو أف حاجات األفراد مرتبة في شكؿ ىرـ حسب أولويتيا‬
‫وأىميتيا‪ ،‬كما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬الحااات الفيزيكلكاية (الطبيعية)‪:‬‬

‫وىي الحاجات األساسية لمفرد وىي ذات عبلقة بالتكويف البيولوجي والفيزيولوجي لبلنساف‪،‬‬
‫وتتمثؿ ىذه الحاجات في المﺄكؿ والمشرب واليواء والنوـ والممبس‪ ..‬وفي التنظيمات تشبع ىذه‬
‫الحاجات باألجر الكافي وظروؼ العمؿ المبلئمة‪.‬‬

‫‪ -2‬الحااات األمف كالحماية‪:‬‬

‫وىي تتمثؿ في توفير البيئة اآلمنة والمساعدة عمى كينونة الفرد وبقائو مثؿ األمف‪ ،‬الثبات‬
‫ظروؼ العمؿ المبلئمة‪،‬‬ ‫والحماية‪ .‬وفي التنظيمات يمكف اشباع ىذه الحاجات مف خبلؿ‬
‫االستقرار الوظيفي والتﺄمينات المختمفة‪.‬‬

‫‪ -3‬الحااات الاجتماعية‪:‬‬
‫‪53‬‬
‫ترتبط ىذه الحاجات بالحياة االجتماعية لمفرد‪ ،‬كالحاجة لبلنتماء إلى جماعة معينة‪ .‬والحاجة‬
‫لتكويف صدقات‪ ،‬وفي مجاؿ العمؿ يمكف اشباعيا عف طريؽ تنمية روح الفريؽ وتشجيع‬
‫االتصاؿ وتوفير مناخ عمؿ جيد‪.‬‬

‫‪ -4‬الحااة إلى العجتراؼ كالجتقدير‪:‬‬

‫تتمثؿ حاجات التقدير في تﺄكيد شعور االنساف بالثقة في نفسو واعتراؼ اآلخريف بو وبﺄىميتو‬
‫بيف الناس(‪ .)5‬ويمكف اشباع ىذه الحاجة في مجاؿ العمؿ عف طريؽ االعتراؼ باإلنجازات‬
‫وتكميؼ األفراد بﺄنشطة فعمية‪ ،‬المشاركة في اتخاذ الق اررات وتفويض السمطة‪.‬‬

‫‪ -5‬الحااة إلى جتحقيؽ الذات‪:‬‬

‫وىي تتعمؽ بالحاجات الخاصة اتجاه الفرد بالتعبير عف ذاتو‪ ،‬ممارسة قدراتو ومواصمة تطوير‬
‫شخصيتو عمى االبداع واالبتكار‪ ،‬كما يقوؿ ماسمو‪ " :‬ىي التطبع ألف يكوف الشخص كؿ ما‬
‫يكوف"(‪ .)6‬إذف تقترف ىذه الحاجة بالميؿ الشديد عند الفرد إلى تطوير كؿ قدراتو والبحث عف كؿ‬
‫الفرص‪ ،‬التي تجعؿ منو مبدعا وقاد ار عمى األخذ بالمبادرة في ميداف العمؿ لتجسيد الميارة‬
‫واالبتكار والوصوؿ إلى تحقيؽ أقصى الطموح عمى أرض الواقع‪ .‬أي تحقيؽ طموحات الفرد‬
‫العميا في إف يكوف اإلنساف ما يريد إف يكوف وىي المرحمة التي يصؿ فييا اإلنساف إلى درجة‬
‫مميزة عف غيره ويصبح لو كياف مستقؿ حيث تظير الحاجة إلى االستقبلؿ منذ مرحمة الطفولة‬
‫وتتطور مع تقدمو في العمر وينضج‪ ،‬وبالتالي يبدأ بتحرر مف االعتماد عمى الغير‪ .‬ويحقؽ الفرد‬
‫االستقبلؿ في العمؿ‪ ،‬عند منحة الحرية في تنفيذ األعماؿ‪ ،‬وبالتالي يستغؿ ما لديو مف مواىب‬
‫وقدرات فردية ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫شكؿ ‪ : 1‬الجتدرج اليرمي لمحااات اإلنسانية‬

‫يتضح مف خبلؿ الشكؿ أعبله‪ ،‬أف الحاجات الفيزيولوجية تحتؿ المقاـ األوؿ في الترتيب لما ليا‬
‫مف دور في المحافظة عمى وجود الفرد وبقائو‪ .‬وبعد االشباع بشكؿ مرضي ليذه الحاجات ينتقؿ‬
‫الفرد تمقائيا إلى الحاجة الموالية مف حيث األىمية‪ ،‬والمتمثمة في الحاجة لؤلمف‪ .‬ويفترض ماسمو أف‬
‫كؿ مف الحاجات الفيزيولوجية وحاجات األمف محدودتاف بطبيعتيما وأف طرؽ اشباعيما تكوف‬
‫معروفة وبسيطة‪ ،‬بعدىا ينتقؿ الفرد إلى ممارسة جانبو االجتماعي‪ ،‬وانطبلقا مف فكرة أنو كائف‬
‫اجتماعي بطبعو‪ ،‬فيو يسعى إلشباع ىذه الحاجة إبتداءا مف تكوينو لصداقات وانتماءات جماعية‬
‫يكوف فييا فاعبل اجتماعيا‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمحاجات الموجودة في أعمى اليرـ‪ ،‬نجد الحاجة لمتقدير واالحتراـ‪ ،‬وفي ىذا االطار‬
‫أ ّكد ماسمو أف اإلنساف يحتاج إلى الحب والمودة واإلنتماء والقبوؿ‪ ،‬والتي تظير أىميتيا بالنسبة لو‬
‫بعد إستيفاء وارضاء كبل مف الحاجات الفسيولوجية وحاجات األمف واألماف عمى السواء‪ .‬فالفرد‬
‫اآلمف ىو الذي يكوف قاد ار عمى العطاء والتواصؿ مع األحبة واألصدقاء واإلنتماء ألقرانو وعشيرتو‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫وفي النياية األخذ عمى عاتقو مسؤوليات إجتماعية‪ .‬أما في أعمى اليرـ فنجد الحاجة لتحقيؽ الذات‬
‫التي تشكؿ أعمى دافع إنساني في تسمسؿ ىرـ الحاجات‪ ،‬والحاجة إلى تحقيؽ اآلماؿ‬
‫والطموحات وأف يكوف اإلنساف متكامؿ القدرات والوجود‪ .‬وقد أدرؾ ماسمو في بحثو عف سمات‬
‫الناس القادريف عمى تحقيؽ الذات‪ ،‬أف أعدادا محدودة فقط مف الناس سيكوف بإمكانيـ تحقيؽ ىذه‬
‫الحاجة في يوـ مف األياـ‪.‬‬

‫‪ -‬نقد نظرية ماسمك‪:‬‬

‫بالرغـ مف مساىمات نظرية ماسمو في تفسير الدوافع واعطاء اإلدارة مايفيدىا مف تحديد حاجات‬
‫العامميف وطرؽ إشباعيا ليذه الحاجات‪ ,‬إال أنيا تعرضت لبعض االنتقادات يمكف إيجازىا فيما يمي‪:‬‬

‫تفترض النظرية ترتيباً وتدرجاً لمحاجات‪ ،‬إالّ أف بعض الناس قد تختمؼ في ترتيبيـ ليذه‬ ‫‪‬‬

‫الحاجات‪ ،‬فمثبلً الشخص المبدع قد يبدأ السمـ مف الحاجة لتحقيؽ الذات‪ ،‬وقد ييتـ آخروف‬
‫بالحاجات االجتماعية‪.‬‬

‫قد يصر بعض الناس عمى مزيد مف اإلشباع لحاجة معينة بالرغـ مف أنو تـ إشباعيا‬ ‫‪‬‬

‫بالفعؿ‪ ،‬وىذا خبلفاً لما تفترضو النظرية بﺄنو في حاؿ إشباع حاجة معينة يتـ االنتقاؿ إلى‬
‫إشباع حاجة أعمى منيا في السمسمة‪.‬‬

‫لـ تيتـ النظرية بتحديد حجـ اإلشباع البلزـ لبلنتقاؿ إلى الحاجة األعمى منيا مباشرة‪ ،‬بؿ‬ ‫‪‬‬

‫إنيا افترضت أف ىناؾ إشباع فقط دوف أف تحدد مقداره‪.‬‬

‫تفترض النظرية أننا ننتقؿ مف إشباع إحدى الحاجات إلى إشباع حاجة أخرى فور إشباع‬ ‫‪‬‬

‫الحاجة األدنى‪ ،‬ولكف يمكف المجادلة بﺄننا في الواقع نقوـ بإشباع أكثر مف حاجة في نفس‬
‫الوقت‪.‬‬

‫كما يمكف اعتبار أف نظرية ابراىاـ ماسمو غير دقيقة أو مرتبة بشكؿ صحيح إلى حد كبير‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وذلؾ إذا اخذنا بعيف االعتبار أنيا أغفمت الجانب الروحي عمى أساس أف لمديف أو العقيدة‬
‫أىمية كبيرة في تحقيؽ التوازف‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ - 2‬نظرية ذات العامميف لفريدريؾ ىيرزبرغ ‪3Herzberg‬‬

‫قسـ فردريؾ ىيرزبرغ الحوافز والدوافع إلى نوعيف(‪:)7‬‬


‫أ‪ -‬عكامؿ كقائية( العكامؿ الصحية)‪ :‬وتشمؿ‪:‬‬

‫‪ -‬االستقرار الوظيفي بمعنى الشعور باستم اررية العمؿ وعدـ التيديد بالفصؿ‪.‬‬
‫‪ -‬سياسة المؤسسة و إدارتيا‪.‬‬
‫‪ -‬نمط اإلشراؼ‪.‬‬
‫‪ -‬المنزلة المناسبة‪ ،‬وىي تشمؿ المركز الوظيفي والسمطات وساعات العمؿ ومكاف العمؿ‬
‫المحترـ‪.‬‬
‫‪ -‬الدخؿ المادي الكافي واالمتيا ازت‪ ،‬وتشمؿ جميع ما يتقاضاه العامؿ مف أجر واالمتيازات‬
‫مثؿ العبلج واالجازات ووسيمة المواصبلت وغير ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬العبلقات االجتماعية الجيدة في العمؿ‪.‬‬
‫‪ -‬ظروؼ العمؿ المناسبة‪ ،‬مف حيث وسائؿ األماف‪ ،‬وتوفر أدوات العمؿ والخدمات األساسية‬
‫لمعامميف‪.‬‬

‫وتفترض ىذه النظرية أف عدـ وجود ىذه العوامؿ يسبب شعو ار بعدـ الرضا‪ ،‬ولكف وجودىا ال‬
‫يشكؿ بالضرورة إحساسا أو شعو ار بالرضا‪ ،‬وانما يمنع حاالت عدـ الرضا‪ .‬بمعنى أنو إذا كانت ىذه‬
‫العوامؿ غير متوفرة‪ ،‬فإنيا ستؤدي إلى عدـ رضا العامميف‪ ،‬ولكف توافرىا في نفس الوقت ال يؤدي‬
‫إلى حفز العامميف‪ ،‬وبذؿ المزيد مف الجيد أو زيادة إنتاجيتيـ‪.‬‬

‫ب‪ -‬عكامؿ دافعة‪ :‬تعمؿ كحوافز وتوفرىا يؤدي إلى الرضا‪ ،‬وىي التي ينبغي التركيز عمييا كحوافز‬
‫وتتمثؿ في‪:‬‬

‫‪ -‬العمؿ المثير أي العمؿ الذي يرضي اىتمامات العامؿ وقدراتو‪.‬‬

‫‪ -‬التقدير (أي التقدير مف الرؤساء والزمبلء)‪.‬‬

‫‪ -‬فرص التقدـ والنمو‪ ،‬أي الشعور بوجود فرص لمترقي والتطور وزيادة الدخؿ‪.‬‬

‫‪ -‬تحمؿ المسؤوليات‪ ،‬أي وجود فرص لتحمؿ مسؤوليات واتخاذ ق اررات وقيادة اآلخريف‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬اإلنجازات‪ ،‬وىي وجود مجاؿ لتحقيؽ إنجازات وتجاوز األداء المطموب كما أو كيفا‪.‬‬

‫وتفترض ىذه النظرية أف غياب العوامؿ السابقة في موقؼ العمؿ ال يؤدي إلى الشعور بعدـ‬
‫الرضا‪ ،‬ولكف وجودىا يؤدي إلى درجة عالية مف الرغبة في العمؿ والرضا عف الوظيفة‪ .‬أي أف تمؾ‬
‫العوامؿ تعتبر محفزة حسب ىذه النظرية‪ ،‬خبلفا لمعوامؿ بالمجموعة األولى (الوقائية) التي ال تؤدي‬
‫إلى تحفيز‪ ،‬لكف نقصيا يؤدي إلى عدـ الرضا عف العمؿ‪.‬‬

‫‪ -‬مقارنة بيف نظريجتي ماسمك ك ىيرزبرغ‪ :‬بعد استعراض كؿ مف النظريتيف السابقتيف‪ ،‬نبلحظ أف‬
‫ىناؾ تشابيا بينيما‪ ،‬واف اختمؼ التقسيـ‪ ،‬إذ اعتمد ماسمو عمى تدرج خماسي لمحاجات‪ ،‬بينما‬
‫ىيرزبرغ اعتمد عمى مجموعتيف مف الحاجات‪ .‬فالعوامؿ الوقائية التي حددىا ىيرزبرغ تتسؽ مع‬
‫الحاجات الثبلث في المستوى األدنى مف ىرـ ماسمو‪ ،‬بينما تتسؽ العوامؿ الدافعة مع حاجات التقدير‬
‫واالحتراـ وحاجات تحقيؽ الذات في المستوى األعمى منو‪.‬‬

‫ولقد تعرض نموذج ىيرزبرغ النتقادات أىميا‪:‬‬


‫‪ -‬أف تحديد ما ىو عمؿ وقائي أو محفز أمر يمكف أف يختمؼ مف شخص إلى أخر‪.‬‬
‫‪ -‬يفترض ىيرزبيرغ وجود عبلقة بيف الرضا واالنتاجية‪ ،‬ولكف منيجية البحث التي استخدميا بحثت‬
‫في الرضا فقط وليس االنتاجية(‪.)8‬‬
‫‪ -3‬نظرية ماكميالند ‪: David C. McClelland‬‬

‫يذىب ماكميبلند في نظريتو‪ ،‬إلى أف الحاجات اإلنسانية ذات استقرار نسبي‪ ،‬فطاقة اإلنساف‬
‫الداخمية الكامنة تبقى ساكنة حتى يﺄتي عامؿ ما يثيرىا‪ ،‬ويعبر عف ىذا العامؿ عادة بالحافز‪ ،‬والذي‬
‫يعتبر ترجمة ليدؼ معيف‪ ،‬فإذا حقؽ الفرد ذلؾ فإنو يؤدي إلى إشباع الحاجة التي أثيرت لديو‪،‬‬
‫وشكمت دافعيتو‪ .‬ووفقا لنظرية ماكميبلند فإف الحاجات ذات االرتباط ببيئة العمؿ يمكف تقسيميا إلى‬
‫ثبلثة أنواع(‪:)9‬‬

‫‪ -‬الحاجة إلى االنجاز‪.‬‬


‫‪ -‬الحاجة إلى االنتماء‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى القوة والتﺄثير‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫وفيما يمي استعراض لتمؾ الحاجات‪:‬‬

‫أ‪ -‬حااات النااز‪ :‬يعرؼ دافع اإلنجاز‪ ،‬بﺄنو الفرؽ بيف مستوى الطموح ومستوى األداء الفعمي‪.‬‬
‫فكمما قمت المسافة بيف مستوى الطموح ومستوى األداء الفعمي انخفض دافع اإلنجاز‪ ،‬وكمما زادت‬
‫المسافة ارتفع دافع االنجاز‪ .‬ويمكف التعبير عف الحاجة إلى االنجاز بﺄنيا سموؾ يغمب عميو الرغبة‬
‫في التنافس والوصوؿ إلى أداء ممتاز أو غير عادي‪.‬‬

‫ويتصؼ العامميف الذيف لدييـ حاجة لئلنجاز بما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬الرغبة القوية في تحمؿ مسؤولية حؿ المشاكؿ المعقدة‪.‬‬


‫‪ -‬الرغبة القوية في التعامؿ مع أىداؼ صعبة والميؿ في تحمؿ المخاطر‪.‬‬
‫‪ -‬الرغبة القوية في الحصوؿ عمى المعمومات المرتبة بشكؿ مستمر عف مستوى األداء‪.‬‬
‫‪ -‬الرغبة في االعتماد عمى الذات‪ ،‬وعدـ االشتراؾ مع اآلخريف عند انجاز المياـ‪.‬‬
‫‪ -‬الرغبة في الحصوؿ عمى عائد في مقابؿ ما أنجزوه‪.‬‬

‫وعميو فإف اإلفراد الذيف عندىـ حاجة قوية لمسمطة يميموف دائما لممارسة التﺄثير والرقابة القوية‪،‬‬
‫وعادة يسعى مثؿ ىؤالء األشخاص لمحصوؿ عمى مناصب قيادية‪ .‬واألفراد الذيف يحركيـ مثؿ ىذا‬
‫الدافع يكونوف فاعميف‪ ،‬ويستمتعوف بالتحرؾ لؤلعمى في المنظمة‪ ،‬ويمكف تعزيز ىذا الدافع مف خبلؿ‬
‫السماح بالمراقبة الذاتية عمى سبلمة العمؿ وطرائقو‪ ،‬وتوفير الفرصة لمتﺄثير عمى اآلخريف‪ ،‬مف خبلؿ‬
‫المشاركة في حؿ المشكبلت واتخاذ الق اررات‪ ،‬ألنيا تزود األفراد بالتﺄثير في عمميـ‪ ،‬وفي اآلخريف‪.‬‬

‫ب‪ -‬حااات النجتماء‪ :‬وتعرؼ بﺄنيا حاجة الفرد لوجوده مع اآلخريف وبينيـ‪ ،‬والرغبة الدائمة في‬
‫الحصوؿ عمى موافقة المحيطيف‪ ،‬سواء عمى النفس أو السموؾ‪ .‬فمثؿ ىؤالء األشخاص الذيف لدييـ‬
‫حاجات قوية لبلنتماء تراىـ ييتموف إلى حد كبير بتجنب أي سبب يؤثر عمى حسف عبلقاتيـ‬
‫ومشاعرىـ الودية مع اآلخريف‪ ،‬وتجدىـ ينغمسوف في العمؿ الذي يسمح ليـ بإقامة عبلقات متينة‬
‫طيبة ومستمرة معيـ؛ لذلؾ فإف األشخاص الذيف لدييـ حاجة شديدة لبلنتماء‪ ,‬ويمكف توفير ىذا‬
‫الدافع عف طريؽ العمؿ الذي يحتاج إلى تعاوف بالعماؿ المطموبيف‪ ،‬وعندما يكوف ىناؾ وقت لمتفاعؿ‬
‫فيجب تشجيع ىذا التفاعؿ وتعزيزه‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ج‪ -‬الحااة إلى النفكذ كالقكة كالجتأثير‪ :‬وتعرؼ بالرغبة في التﺄثير في اآلخريف والرغبة في السيطرة‬
‫أو التحكـ في البيئة المحيطة‪ ،‬فيؤالء األشخاص غالبا ما ينحصر وقتيـ وتفكيرىـ وجيدىـ في‬
‫الحصوؿ عمى مركز وظيفي يحصؿ مف خبللو الفرد عمى المكافﺂت والقوة‪ ،‬ومف ثـ السيطرة والنفوذ‪،‬‬
‫كما أف ىؤالء األشخاص ال يعطوف اىتماما لحسف العبلقات مع اآلخريف‪ ،‬وال ييميـ رضاىـ عنيـ‪.‬‬

‫وقد افترض ماكميبلند أف األفراد الذيف لدييـ دافع قوي لئلنجاز يكوف لدييـ عادة حاجة قوية‬
‫لمنفوذ‪ ،‬فمثؿ ىؤالء األشخاص الذيف لدييـ الرغبة القوية في التﺄثير في اآلخريف يكثروف مف تقديـ‬
‫اآلراء والمقترحات في محاولة إقناع اآلخريف بقبوؿ آرائيـ‪ ،‬ومف خصائصيـ كذلؾ الطبلقة في‬
‫الحديث والمباقة والرغبة الدائمة في النقاش والجدؿ‪ ،‬ويتوقع نجاح ىذا النوع مف العامميف في وظائؼ‬
‫القيادة اإلدارية‪.‬‬

‫فضبل عف ذلؾ‪ ،‬توصؿ ماكميبلند مف خبلؿ تجاربو إلى أف(‪:)10‬‬

‫‪ -‬ىناؾ أفرادا ليـ ميوؿ ورغبات عالية إلتماـ العمؿ بصورة جيدة خبلفا لؤلفراد العادييف‪.‬‬
‫‪ -‬يرى أف تمؾ الحاجات الثبلث موجودة لدى كؿ إنساف وال يوجد تدرج إلشباعيا‪ ،‬فيي مترابطة‬
‫وتتفاوت مف شخص آلخر‪ ،‬وأنيا مستمرة ال نياية ليا‪.‬‬
‫‪ -‬ركز بصورة كبيرة عمى الحاجة إلى االنجاز عمى اعتبار أنيا الفرؽ بيف مستوى الطموح‬
‫ومستوى األداء‪ ،‬فكمما قمت المسافة بينيما انخفض الحافز والعكس صحيح‪ ،‬وفي حالة انعداـ‬
‫المسافة (تطابؽ مستوى الطموح ومستوى األداء) يبدأ الفرد في التفكير برفع مستوى الطموح‬
‫إلى أعمى حد‪ ،‬وذلؾ بناء عمى قدراتو وخبراتو السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬يرى أف الحاجات الثبلث متاربطة وتشكؿ مجتمعة محف از لدى الفرد لؤلداء الجيد‪ ،‬وأف فقداف أيا‬
‫منيا يؤدي إلى تقميؿ دافعية الفرد‪ ،‬ومف ثـ يقمؿ أداءه‪.‬‬
‫‪ -‬ركز عمى دافع االنجاز‪ ،‬عمى أساس أنو األقوى‪ ،‬حتى سميت نظريتو بنظرية الحاجة لبلنجاز‪.‬‬

‫وبتركيز نظرية ماكميبلند عمى دافع االنجاز لدى العامميف‪ ،‬فيي تتميز بﺄنيا تركز عمى الفروقات بيف‬
‫األفراد‪ ،‬في مدى امتبلكيـ لدوافع ذاتية لبلنجاز واألداء العالي المتميز‪ ،‬والنجاح في تحقيؽ األىداؼ‬
‫التي يمتزموف بتحقيقيا‪ ،‬والتي غالبا ما تكوف أىدافا عالية المستوى‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -‬نقد نظرية ماكميالند‪ :‬ركزت ىذه النظرية عمى دوافع االنجاز وتتجاىؿ الدوافع األخرى‪ ،‬كما وأف‬
‫أىميتيا ترتبط بﺄىمية حاجات االنجاز فقط‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬نظرية (‪ )y( ٔ )X‬لدكاالس ماارياكر‪: Douglas McGregor‬‬

‫قدـ ماجريجور ىاتي النظريتيف‪ ،‬في ستينات القرف الماضي‪ ،‬حيث انتقد مف خبلؿ النظرية األولى‬
‫أفكار الكبلسيكية خاصة في نظرتيا لمعنصر البشري وطريقة التعامؿ معو‪ ،‬أما نظريتو الثانية (‪،)y‬‬

‫فقد عبر مف خبلليا عف و جية نظره عف كيفية التعامؿ الصحيح واإلنساني مع العنصر البشري‬
‫واحداث التكامؿ بيف أىداؼ المؤسسة وأىداؼ الفرد العامؿ (‪ .)11‬وقد ركز دوجبلس ماجريجور عمى‬
‫أىمية فيـ العبلقة بيف الدافعية وفمسفة الطبيعة البشرية‪ ،‬وقد بنى نظريتو عمى أف معظـ المديريف‬
‫يميموف إلى وضع االفتراضات عف العامميف معيـ‪ ،‬واختيار األسموب المناسب لدفعيـ مف خبلليا‪.‬‬

‫‪ -‬أسس نظرية (‪ :)X‬تبنى ىذه النظرية عمى االفتراضات التالية‪:‬‬

‫‪1‬ػ لدى االنساف العادي كراىية فطريو لمعمؿ ولذا يحاوؿ تجنبو‬
‫‪ -2‬يكره االنساف المسؤولية ولذا يحتاج لمتوجيو مف رئيسو‪.‬‬
‫‪ -3‬االنساف العادي خامؿ وغير طموح ويسعى فقط لؤلمف واالستقرار‪.‬‬
‫‪ -4‬الحافز األساسي لمعمؿ ىو األجور‪.‬‬

‫مف ىذا يتضح لنا أف األسموب الذي تفترضو نظرية (‪ ،)X‬يعتمد عمى مبدأ عدـ الثقة بالعامميف‪،‬‬
‫فيي تفترض عدـ حب العامميف لمعمؿ‪ ،‬وتقص الطموح لدييـ وعدـ الرغبة في تحمؿ المسؤولية‬
‫ويفضموف التحفيز المادي فقط‪ ،‬وعميو القائد ال بد أف يتصؼ بالصرامة والقوة واالعتماد عمى‬
‫األسموب التوجييي الصارـ‪ .‬فالعماؿ يجب اف يجبروا عمى العمؿ ويجب اف يراقبوا ويوجيوا وييددوا‬
‫بالعقاب مف أجؿ الحصوؿ عمى االنتاج البلزـ لتحقيؽ األىداؼ‪ ،‬وعميو فيذه النظرية تعكس النظرة‬
‫الكبلسيكية لمعمؿ‪ ،‬وبالتالي تعرض نظرية (‪ )X‬القيادة المتسمطة‪ ،‬التي تركز عمى اإلنتاج وتيتـ‬
‫بتصميـ العمؿ واجراءاتو‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية (‪ :)y‬تبنى ىذه النظرية عمى االفتراضات التالية‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ 1‬ػ يحب االنساف بطبيعتو العمؿ كما يحب الراحة واالنسجاـ طالما توفرت لو الظروؼ المناسبة‬
‫لذلؾ‪.‬‬
‫‪ -2‬يسعى الفرد تحت الظروؼ االجتماعية واالقتصادية المبلئمة بمحض ارادتو لمعمؿ‪.‬‬
‫‪ -3‬يتعمـ االنساف تحمؿ المسؤولية تحت الظروؼ المناسبة بؿ ويسعى الييا‪.‬‬
‫‪ -4‬االنساف طموح بطبيعتو ولذا يكرر تصرفاتو التي ينتج عنيا اشباع رغباتو وتؤمف لو االمف‬
‫واالستقرار‪.‬‬
‫‪ -5‬االنساف قادر عمى استخداـ الفكر والخياؿ في حؿ المشاكؿ التنظيمية اذا ما أعطي الفرصة‬
‫لذلؾ‪ ،‬واذا اعطي الفرصة فانو يكوف قاد ار عمى االبداع واالبتكار وركوب المخاطر‪ ،‬والعقاب ليس‬
‫ىو الوسيمة الوحيدة لدفع األفراد لمعمؿ‪.‬‬
‫إذاً نظرية (‪ )y‬تعتمد في أسموبيا عمى مبدأ الثقة المتبادلة‪ ،‬يفترض القائد فييا أف المرؤوس أو‬
‫العامؿ ال يكره العمؿ إال بسبب عوامؿ خارجية‪ ،‬وأف الفرد ىنا قادر عمى اإلبداع وتحقيؽ أكبر‬
‫إنتاجية‪ ،‬والمرؤوس ىنا يتمتع برقابة ذاتية‪ ،‬ويمكف تحفيزه بﺄساليب كثيرة مثؿ‪ :‬التفويض وزيادة‬
‫حريتو‪ ،‬واشراكو في وضع القرار وتحمؿ المسؤولية ‪...‬إلخ ‪ ،‬وبيذا فإف القائد ىنا يفوض العامميف‬
‫باتخاذ ما يرونو مناسباً إلنجاز العمؿ بالشكؿ المطموب‪ ،‬وبالتالي تميؿ ىذه النظرية إلى تبني‬
‫النموذج القيادي الديمقراطي‪.‬‬
‫‪ -‬نقد كجتقييـ المدرسة السمككية‪:‬‬

‫وجيت إلى المدرسة السموكية بصفة عامة ومدرسة العبلقات اإلنسانية بصفة خاصة عدة‬
‫ﺇنتقادات أىميا‪:‬‬

‫‪ ‬نظرت المدرسة السموكية إلى التنظيـ عمى إعتباره نسؽ مغمؽ‪ ،‬حيث أكد مفيوـ العبلقات‬
‫اإلنسانية عمى المتغيرات التنظيمية الداخمية وتجاىؿ تغيرات البيئة الخارجية ونظر إلى العمؿ‬
‫بإعتباره عممية ستاتيكية ال تتغير مع الزمف‪.‬‬
‫‪ ‬مف أىـ أوجو النقد كذلؾ التي وجيت إلى مدرسة العبلقات اإلنسانية‪ ،‬التحيز ضد النزعة‬
‫الفردية وضد العقمنة والترشيد وقدمت صورة لمفرد تسيطر عمييا األحاسيس والمشاعر(‪.)12‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ ‬ﺇىتمت ىذه المدرسة بالجانب اإلجتماعي والمعاممة الحسنة لمعامؿ‪ ،‬وﺇعتبرت ذلؾ ىو‬
‫المتغير األساسي لزيادة اإلنتاجية وأىممت التنظيـ الرسمي والجوانب الفنية كعوامؿ ىامة في‬
‫العممية اإلدارية(‪.)13‬‬
‫‪ ‬المبالغة في التركيز عمى حاجات العامؿ النفسية واإلجتماعية عمى حساب األىداؼ‬
‫التنظيمية‪.‬‬
‫‪ ‬لـ تنجح في تقديـ نظرية متكاممة لمتنظيـ‪.‬‬

‫عمى الرغـ مف تمؾ اإلنتقادات‪ ،‬إال أف مدرسة السموكية‪ ،‬قد ساىمت مساىمة ىامة في تطوير‬
‫ممارسات وأساليب تسيير الموارد البشرية داخؿ تنظيمات العمؿ‪ ،‬حيث كشفت عمى أىمية العبلقات‬
‫اإلنسانية في المؤسسة وأىمية التنظيـ غير الرسمي بالنسبة لسموؾ العماؿ وانتاجيتيـ‪ ،‬وأكدت عمى‬
‫أىمية الجوانب النفسية واإلجتماعية في تحقيؽ الفعالية والنجاعة‪.‬‬

‫خالصػػػة‪:‬‬

‫مف خبلؿ تحميمنا السابؽ لكؿ مف المدرسة الكبلسيكية التي تطرقنا ليا في المحور الثالث‪ ،‬وكذا‬
‫المدرسة السموكية التي تطرقنا ليا في ىذا المحور‪ ،‬يتضح لنا أف ىذه المدارس تختمؼ فيما بينيا‬
‫في المبادئ واألفكار التي تقوـ عمييا‪ ،‬وتمتقي في نقطة مشتركة وىي السعي لتحقيؽ النجاعة‬
‫والفعالية التنظيمية‪.‬‬

‫فالمدرسة الكبلسيكية نظرت لئلنساف نظرة محدودة وﺇعتبرتو آلة إنتاج‪ ،‬حيث ركزت عمى‬
‫اإلشراؼ والرقابة الشديدة والتنظيـ الرسمي‪ ،‬وﺇىتمت بالتنظيـ اليرمي لمسمطة واإلتصاؿ الرسمي‬
‫وأنكرت حؽ األفراد في المشاركة في إتخاذ الق اررات التي تتعمؽ بالعمؿ واقتصار التحفيز عمى‬
‫الحوافز المادية‪.‬‬

‫أما المدرسة السموكية‪ ،‬فإىتمت بالجانب النفسي واإلجتماعي لمعامؿ‪ ،‬حيث أكدت عمى أىمية‬
‫التنظيـ غير الرسمي والعبلقات اإلنسانية داخؿ المؤسسة ومشاركة العامميف في إتخاذ الق اررات‪ ،‬إال‬
‫أنيا مثميا مثؿ المدرسة الكبلسيكية نظرت إلى التنظيـ عمى ﺇعتباره نسقا مغمقا وتجاىمت بذلؾ‬
‫تغيرات البيئة الخارجية المحيطة بالمؤسسة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬ىكامش المحكر الرابع‪:‬‬
‫‪ .1‬يؾًذ فش‪ٚ‬ذ انقؾٍ ٔآخشٌٔ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪. 74‬‬
‫‪ .2‬عؼذ ‪ٚ‬ظ ػبيش ٔيؾًذ ػه‪ ٙ‬ػجذ انْٕبة‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.18‬‬
‫‪ .3‬عٓ‪ٛ‬هخ يؾًذ ػجبط‪ :‬ئداسح انًٕاسد انجؾش‪ٚ‬خ‪ ،‬يذخم ئعزشار‪ٛ‬غ‪ ،ٙ‬داس ٔائم نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪ ،‬ػًبٌ‪،‬‬
‫األسدٌ‪ ،2112 ،‬ؿ‪.43‬‬
‫‪4. Nicole Albert, Diriger et Motiver, art et pratique du management, Ed‬‬
‫‪d’Organisation, 2 émé édition, Paris,2002, PP19-20.‬‬
‫‪ .5‬عًبل انذ‪ ٍٚ‬انغضأ٘‪ ،‬يٓبساد انًًبسعخ ف‪ ٙ‬انؼًم ا عزًبػ‪ ،ٙ‬يلجؼخ ا ؽؼبع انفُ‪ٛ‬خ‪ ،‬انمبْشح‪:‬‬
‫‪ ،2111‬ؿ ‪.74‬‬
‫‪ .6‬فإاد انؾ‪ٛ‬خ انغبنى ٔآخشٌٔ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.139‬‬
‫‪ .7‬يبعذح انؼل‪ٛ‬خ‪ :‬عهٕن انًُظًخ‪ ،‬عهٕن انفشد ٔانغًبػخ‪ ،‬داس انؾشٔق نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪ ،‬ػًبٌ‪ ،‬ألسدٌ‪،‬‬
‫‪ ،2113‬ؿ ‪.116‬‬
‫‪ .8‬يبعذح انؼل‪ٛ‬خ‪ :‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.117‬‬
‫‪ .9‬عًبل انذ‪ ٍٚ‬يؾًذ انًشع‪ٔ ٙ‬صبثذ ػجذ انشؽًبٌ ادس‪ٚ‬ظ‪ ،‬انغهٕن انزُظ‪َ -ًٙٛ‬ظش‪ٚ‬بد ًَٔبرط ٔرلج‪ٛ‬ك‬
‫ػًه‪ ٙ‬داسح انغهٕن ف‪ ٙ‬انًُظًبد‪ ،‬انذاس انغبيؼ‪ٛ‬خ‪ ،‬ا عكُذس‪ٚ‬خ‪ ،2112 ،‬ؿ ‪.361‬‬
‫‪ .11‬يبعذح انؼل‪ٛ‬خ‪ :‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.121-121‬‬
‫‪ .11‬ػه‪ ٙ‬غشث‪ ،ٙ‬اداسح انًٕاسد انجؾش‪ٚ‬خ‪ ،‬يُؾٕساد عبيؼخ لغُل‪ُٛ‬خ‪.2113 ،‬‬
‫‪ .12‬ههؼذ ئثشاْ‪ٛ‬ى نلف‪ :ٙ‬ػهى ئعزًبع انزُظ‪ٛ‬ى‪ ،‬داس غش‪ٚ‬ت نهلجبػخ‪ ،‬انمبْشح‪ ،1993 ،‬ؿ‪.87‬‬
‫‪ .13‬يؾًٕد عهًبٌ انؼً‪ٛ‬بٌ‪ :‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪.46‬‬

‫‪64‬‬
‫المحور الخامس‪:‬‬
‫إتجاه األنسـاق المفتوحـة في دراسة المؤسسة‬

‫* تمهيــد‬
‫أكل ‪ -‬الخصائص الرئيسيػة لألنسػاؽ المفجتكحػة‬

‫ثانيا ‪ -‬نظرية األنساؽ العامة‬

‫ثالثا‪ -‬نظرية األنساؽ السكسيكجتقنية‬

‫رابعا‪ -‬النظرية المكقفية‬

‫* خالصة‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬جتمييد‪:‬‬
‫يعتبر إتجاه األنساؽ المفتوحة أحد اإلتجاىات الحديثة في دراسة التنظيـ‪ ،‬ظير في منتصؼ‬
‫القرف الماضي‪ ،‬وساىـ مف خبلؿ المفاىيـ والمبادئ التي جاء بيا في تحقيؽ قفزة نوعية في الفكر‬
‫التنظيمي‪ ،‬حيث تحولت النظرة إلى التنظيـ مف نسؽ مغمؽ ال يتﺄثر بظروؼ البيئة المحيطة‪ ،‬إلى‬
‫ﺇ عتباره نسقا مفتوحا في تفاعؿ وتﺄثير مستمر مع المحيط‪ .‬ويمثؿ منظور األنساؽ إطا ار فكريا مفيدا‬
‫لمباحث والدارس ليتفيـ و تصور المؤسسات بشكؿ أفضؿ‪ ،‬وقد أصبح لو تﺄثير قوي في مجاؿ‬
‫الدراسة العممية لمتنظيميات‪.‬‬
‫أكل ‪ -‬الخصائص الرئيسيػة لألنسػاؽ المفجتكحػة حسب كاجتز ك كاىف )‪: (Katz et Kahn‬‬
‫إف خصائص األنساؽ المفتوحة جد ميمة في تحميؿ وتفسير العديد مف الظواىر في التنظيمات‪،‬‬
‫وقد بيف كاتز وكاىف )‪ (Katz et Kahn‬الخصائص الرئيسية لؤلنساؽ المفتوحة وىي(‪:)1‬‬
‫أ‪ -‬كؿ األنساؽ المفتوحة عبارة عف آليات متكونة مف مدخبلت وعمميات تحويؿ ومخرجات‪ ،‬حيث‬
‫يﺄخذ النسؽ المفتوح المدخبلت )‪ (inputs‬مف البيئة في شكؿ طاقة‪ ،‬معمومات‪ ،‬أمواؿ‪ ،‬أفراد‪ ،‬مواد‬
‫خامة ‪ ...‬وبعد ذلؾ يقوـ بمعالجة المدخبلت مف خبلؿ عمميات تحويمية‪ ،‬ثـ يصدرىا إلى البيئة عمى‬
‫شكؿ مخرجات)‪) (outputs‬سمعة أو خدمة(‪ .‬وتتميز أنشطة األنساؽ المفتوحة بالدائرية واإلستمرار‬
‫أي عمى شكؿ دورة ‪ cycle‬متكررة‪ ،‬حيث أف مخرجات النسؽ تشكؿ مصد ار لمدخبلت جديدة تعمؿ‬
‫عمى تكرار الدورة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجتالشي السمبي )‪ :(Entrepie négative‬يتميز النسؽ المفتوح باألنتروبيا السمبية‪ ،‬حيث‬
‫تعمؿ األنساؽ المفتوحة عمى ﺇستمرار حياتيا وتجديد نشاطيا‪ ،‬وذلؾ لقدرتيا عمى ﺇستخداـ طاقة‬
‫وموارد (مدخبلت) تفوؽ ما تتطمبو مخرجاتيا‪ ،‬فالمؤسسة تﺄخذ مف البيئة المحيطة أكثر مما تحتاجو‬
‫مف الموارد إلنتاج مخرجاتيا‪ ،‬وبالتالي يمكنيا تخزيف طاقة تساعدىا عمى اإلستمرار والبقاء في‬
‫أوقات ندرة الموارد‪.‬‬
‫ج‪ -‬المعمكمات كالجتغذية العكسية ‪ :feed back‬إضافة ﺇلى المدخبلت المختمفة‪ ،‬يتمقي النسؽ‬
‫المعمومات مف البيئة المحيطة بو‪ ،‬ويقوـ النسؽ بإختيار المعمومات المفيدة ويتـ تصنيفيا وترتيبيا‬
‫وتوثيقيا إلستعماليا في إتخاذ الق اررات‪ .‬وتمكف التغذية العكسية ‪ -‬وىي معمومات مف البيئة عف آداء‬

‫‪66‬‬
‫النسؽ‪ .-‬النسؽ مف تصحيح مساره‪ ،‬حيث تعطيو مؤشرات عف سير عممو ونتائجو ومدى نجاحو في‬
‫تحقيؽ أىدافو وتتطمب األنساؽ نوعيف مف التغذية العكسية السمبية واإليجابية‪.‬‬
‫حيث يقوؿ ىانا )‪ " :(Hanna‬تقيس التغذية العكسية السمبية ما إذا كانت المخرجات متناغمة‬
‫مع األىداؼ والغايات أـ ال‪ ،‬وأيضا تعرؼ عمى أنيا تغذية عكسية تصحيحية لئلنحرافات‪ .‬والتغذية‬
‫العكسية اإليجابية تقيس ما إذا كانت األىداؼ والغايات متوازنة مع ﺇحتياجات البيئة وتسمى في‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫بعض األحياف تغذية عكسية موسعة اإلنحرافات "‬
‫د‪ -‬اإلسجتقرار كاإلجتزاف ‪ :Homéostasie‬بالرغـ مف تفاعؿ النسؽ مع المحيط‪ ،‬فإنو يمتاز‬
‫باإلنسجاـ أي تحقيؽ ثبات نسبي‪ ،‬فالنسؽ يحاوؿ إيجاد حالة مف التوازف في نشاطو‪ ،‬ليس توازنا‬
‫جامدا وانما توازف متحرؾ‪ ،‬فقد ﺇستبدلت فكرة التوازف التي نجدىا في إتجاه النسؽ المغمؽ بما يسمى‬
‫بالتوازف الديناميكي )‪.(Homéostasie‬‬
‫ق‪ -‬اإلندماج كالجتنسيؽ‪ :‬تميؿ اإلنساؽ المفتوحة نحو التوسع والنمو والتعقيد‪ ،‬فتظير أىمية التنسيؽ‬
‫واإلندماج بيف الوحدات (األنساؽ الفرعية) في ضماف تحقيؽ نشاط النسؽ كوحدة متكاممة‪ ،‬رغـ‬
‫تخصص وتمايز مختمؼ أجزائو‪.‬‬
‫ك‪ -‬القدرة عمى جتحقيؽ األىداؼ بطرؽ مخجتمفة )‪ :(Equifinalité‬وتسمى ىذه الخاصية كذلؾ‬
‫بالنياية المتساوية‪ ،‬أي قدرة النسؽ المفتوح عمى الوصوؿ إلى نفس النياية بطرؽ متعددة وبوسائؿ‬
‫وأساليب مختمفة‪ .‬ىذا يعني أف أي مؤسسة يمكف أف تحقؽ أىدافيا بمدخبلت وعمميات تحويؿ‬
‫متنوعة‪ ،‬وتكمف أىمية ىذا المفيوـ في اإلعتقاد بوجود أكثر مف حؿ واحد لمشكمة معينة بدال مف‬
‫محاولة التوصؿ إلى حؿ مثالي جامد‪.‬‬
‫ويمكف في ضوء خصائص األنساؽ المفتوحة فيـ وتفسير العديد مف الظواىر التي تحدث في‬
‫التنظيمات‪ ،‬ويتجمى ذلؾ فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -1‬إف ﺇ عتبار المؤسسة نسؽ مفتوح يعني أنيا تشكؿ كياف متكامؿ أو منظومة تتكوف مف أجزاء‬
‫تترابط ببعضيا بعبلقة تفاعؿ وتداخؿ‪ ،‬أي أف كؿ جزء يؤثر في اإلجزاء األخرى‪ ،‬وأف الكياف الكمي‬
‫يتﺄثر بيذه األجزاء‪ ،‬فإذا حدث تغيير في أي نسؽ فرعي فإنو سيؤثر في األنساؽ الفرعية األخرى(‪.)3‬‬

‫‪67‬‬
‫بمعنى إذا تـ ٳحداث تغيير تنظيمي في المؤسسة فإف لو ٳنعكاسات عمى جميع األنساؽ الفرعية في‬
‫ىذه المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -2‬إف خاصية اإلستقرار واإلتزاف التي يتميز بيا النسؽ المفتوح والتي مف خبلؿ يسعى لممحافظة‬
‫عمى خصائصو تفسر لنا مقاومة التغيير في التنظيمات‪ ،‬وتبيف لنا أف مقاومة التغيير أمر حتمي‬
‫وطبيعي في المؤسسات التي تحدث فييا تغييرات (‪.)4‬‬
‫‪ -3‬يتحصؿ النسؽ المفتوح عمى معطيات ومؤشرات عف مدى تحقيقو ألىدافو وبموغ غاياتو‪ ،‬مف‬
‫خبلؿ التغذية العكسية‪ .‬وقد يتبع النسؽ التغذية العكسية السمبية )‪ (négative feedback‬أي نظاـ‬
‫الرقابة السمبي واليدؼ منيا وىو تصحيح اإلنحرافات بالرجوع أو تغيير الموقؼ‪ ،‬ليصبح النسؽ كما‬
‫ىو عند البدء أو كما ىو مخطط لو‪ .‬فالرقابة السمبية دائما تقارف بيف الوضع الحالي وبيف األىداؼ‬
‫التي سبؽ تحديدىا أو تخطيطيا‪ ،‬بينما التغذية العكسية اإليجابية ‪ positive feedback‬أي الرقابة‬
‫اإليجابية‪ ،‬تستخدـ مف أجؿ الوصوؿ إلى الوضع األفضؿ لمنسؽ والذي يناسب الظروؼ‪ ،‬وتشجع‬
‫الرقابة اإليجابية النسؽ عمى التغيير وتسمح بتغيير األىداؼ إذا كانت الظروؼ تستمزـ ذلؾ‪ ،‬أي‬
‫تساعد المؤسسة عمى النمو والتﺄقمـ(‪.)5‬‬
‫مف خبلؿ ما تقدـ فإف األنساؽ المفتوحة قد تكوف أنساؽ مستقرة إذا ما ﺇتبعت تغذية عكسية‬
‫سمبية وىي تشبو في ىذه الحالة منظـ الح اررة )‪ (thermostat‬وىو نسؽ مستقر ينظـ نفسو بالرجوع‬
‫إلى درجة الح اررة المطموبة ﺃتوماتيكيا‪ .‬بينما األنساؽ التي تتبع تغذية عكسية إيجابية فيي ﺃنساؽ‬
‫مفتوحة متﺄقممة تيتـ أكثر بالتغيير وتحاوؿ النمو مف خبلؿ خمؽ ﺃنساقا فرعية جديدة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬نظرية األنساؽ العامة (النظـ) )‪: (Théorie des systèmes généraux‬‬
‫يعتبر العالـ البيولوجي النمساوي فوف بيرتاالنفي )‪ (Ludiwig Van Bertalanffy‬أوؿ مف‬
‫أوؿ مف طبقا‬ ‫)‪(Katz et Kahn‬‬ ‫أوضح مبادئ نظرية األنساؽ العامة في عاـ ‪ ،1950‬وكاتز وكاىف‬
‫نظرية األنساؽ في المنظمات بشكؿ شمولي سنة ‪ .)6(1966‬وتنظر ىذه النظرية إلى المؤسسة عمى‬
‫أساس أنيا أنساؽ مفتوحة ونشطة في تفاعؿ مستمر مع البيئة المحيطة‪ ،‬وىي متكونة مف ثبلثة‬
‫عناصر ىامة تتمثؿ في المدخبلت‪ ،‬العمميات والمخرجات‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫وقد عرؼ برتاالنفػي النسؽ عمػى أنو ‪”:‬مجموعة مف العناصر التي ليا عبلقة تﺄثيػر متبادؿ"(‪.)7‬‬
‫كما أكد عمى أنو مف الميـ دراسة الكؿ ومجموع العناصر والعبلقات بينيما بدؿ مف دراسة كؿ‬
‫عنصر عمى إنفراد‪ ،‬فحسب برتاالنفي فإف الكؿ ذو داللة أكثر مف مجموع األجزاء التي تشكمو‪.‬‬
‫أف النموذج المبسط لمكونات أي نظاـ ىو أف لكؿ نظاـ مدخبلت وعمميات معالجة‬
‫ومخرجات(‪ ،( Input ، Processing ، output ، Feedback‬وتختمؼ النظـ بطبيعة مدخبلتيا‬
‫وعممياتيا وأنماط وخصائص مخرجاتيا‪ ،‬والشكؿ اآلتي يوضح تمؾ المكونات‪:‬‬

‫مخرجات‬ ‫عمليات‬ ‫مدخالت‬

‫تغذية عكسية‬

‫‪ .1‬المدخالت ‪ :‬ىي كؿ ما يدخؿ لمنظاـ ويﺄتي مف مصادر داخمية وخارجية‪ ،‬وتتبايف المدخبلت‬
‫بحسب نوع النظاـ‪ ،‬فمدخبلت النظاـ اإلنتاجي مواد خاـ ومدخبلت نظاـ المعمومات بيانات‬
‫ومدخبلت النظاـ التعميمي الطمبة واألساتذة واإلجراءات التعميمية‪.‬‬
‫‪ .2‬العمميات‪ :‬تعني كؿ أنشطة التي تتولى تحويؿ المدخبلت الى المخرجات فيي العمميات‬
‫الحسابية والمنطقية لمعالجة البيانات وتحويميا الى المعمومات في نظاـ المعمومات والعمميات‬
‫االنتاجية لتحويؿ المواد االولية الى سمع في النظاـ االنتاجي ‪.‬‬
‫‪ .3‬المخراات‪ :‬ىي كؿ ماينتج عف النظاـ كنتيجة انشطة عمميات المعالجة مف معمومات‪،‬‬
‫منتجات‪ ،‬خدمات‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ .4‬الجتغذية العكسية‪ :‬تقتضي عممية ضبط النظاـ وجود رقابة عمى جميع عناصر النظاـ ويعبر‬
‫عنيا بالتغذية العكسية وىي عبارة عف ردود األفعاؿ السمبية أو االيجابية عف مخرجات‬
‫النظاـ‪ ،‬ويمكف التﺄكد مف جودة مخرجات النظاـ مف خبلؿ مقارف المخرجات بمعايير محددة‬
‫مسبقا لؤلداء ثـ تغذية النظاـ بنتائج ىذه المقارنة ‪ ،‬اف اليدؼ مف عممية التغذية العكسية‬
‫الحفاظ عمى مستوى أداء النظاـ ومعالجة االنحرافات‪ ،‬مما يساىـ في وصوؿ النظاـ الى‬
‫حالة مف التوازف واالستقرار ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬نظرية األنساؽ السكسيكجتقنية )‪:(Théorie des systèmes sociotechniques‬‬
‫ينتمي أنصار اإلتجاه السوسيوتقي إلى معيد تافستوؾ لمعبلقات اإلنسانية بمندف ‪(Tavistack‬‬
‫‪ (Institute of Humains Relations‬ومف أبرزىـ إريؾ ترست )‪ (Eric Trist‬وفردريؾ أمري‬
‫)‪.(Frederic Emery‬‬
‫أفكار المدرسة السوسيوتقنية ىي اسيامات نظرية ومنيجية وىي ثمرة أعماؿ وأبحاث امبريقية‬
‫وعمؿ ميداني‪ .‬كما ارتبط االتجاه السوسيوتقني بطريقة البحث الفعمي والتي مفادىا عدـ تحميؿ‬
‫التنظيـ مف الخارج‪ ،‬ولكف أشراؾ الباحثيف مع األفراد المعنييف بمسﺄلة التنظيـ منذ البداية والذيف‬
‫سيقرروف فيما بعد معا اقتراحات اعادة التنظيـ‪.‬‬
‫ومف المنظور السوسيوتقني فإف التنظيـ يتكوف مف نسؽ ﺇجتماعي ونسؽ تقني يتفاعبلف‬
‫بإستمرار وبينيما تﺄثيرمتبادؿ‪ ،‬إضافة ﺇلى كونو نسؽ مفتوح يتداخؿ مع البيئة المحيطة بو ويتﺄثر‬
‫بالظروؼ الخارجية ويؤثر فييا(‪.)8‬‬
‫أصحاب المقاربة السوسيوتقنية يقبموف الرأي التقميدي لعمـ االجتماع الصناعي ولحركة العبلقات‬
‫االنسانية الذي يذىب إلى أف العوامؿ التكنولوجية داخؿ المصنع تؤثر عمى نوعية العبلقات‬
‫االجتماعية في مجاؿ العمؿ‪ ،‬إال أنيـ يؤكدوف أف التكنولوجيا ال تمثؿ أكثر مف قيد عمى الفعؿ‬
‫االجتماعي ولكنيا ال تحدد تحديدا صارما نتائج السموؾ االنساني‪ ،‬فاالختيار الواعي ال يمكف أف‬
‫ينشئ عبلقات انسانية في محيط العمؿ التكنولوجي أو الفني‪ ،‬فالحقيقة أف أي مشكمة انتاجية يوجد‬
‫ليا عدد كبير مف الحموؿ التكنولوجية البديمة والمتكافئة والتي تتفاوت بذلؾ دالالتيا بالنسبة لمعبلقات‬
‫االنسانية‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫كما جاءت السوسيوتقنية لتنفي الحتمية التكنولوجية السائدة في عدد مف نظريات التنظيـ‪ ،‬مف‬
‫خبلؿ التﺄكيد عمى عنصر اإلختيار‪ -‬أي أف لكؿ تكنولوجيا عدة ﺇختيارات تنظيمية‪ -‬والتﺄثير المتبادؿ‬
‫بيف التكنولوجية واألنساؽ االجتماعية والميؿ إلى تثميف اتجاه االدارة إلى الشعور بالحاجة إلى‬
‫التشاور‪ ،‬االبتكار‪ ،‬المرونة وسعة األفؽ في تصميـ عمميات العمؿ واجراءاتو‪.‬‬
‫وحسب ىذه النظرية ال بد مف أخذ بعيف االعتبار عند تعريؼ العمؿ‪ ،‬النسؽ الفني والنسؽ‬
‫االجتماعي في نفس الوقت‪ ،‬ىذه المقاربة تعارض اذف مدرسة التنظيـ العممي لمعمؿ والطريقة‬
‫النفسانية‪ ،‬األولمى أىممت الحاجات الشخصية لؤلفراد الذيف ينجزوف العمؿ والثانية لـ تولي األىمية‬
‫البلزمة لمعوامؿ التقنية مف حيث تﺄثيرىا عمى ظروؼ العمؿ‪.‬‬
‫ومف منظور سوسيوتقني المؤسسة متكونة مف نسؽ اجتماعي ونسؽ فني يتفاعبلف بإستمرار‬
‫يكوف في حد ذاتو نسقا‪ .‬وىناؾ امكانية الترشيد األقصى لمعبلقات‬
‫وبينيما تﺄثير متبادؿ‪ ،‬ىذا التفاعؿ ّ‬
‫بيف الجانب التقني والتنظيـ مف خبلؿ التعرؼ والتحكـ في التقنية‪.‬‬
‫ومف أىـ التطبيقات األساسية لممدرسة السوسيوتقنية‪ ،‬ىي فرؽ العمؿ المستقمة أو ذاتية‬
‫االنضباط‪ ،‬فمف خبلؿ تشكيؿ فرؽ عمؿ عمى أساس مبدأ االنضباط وتعدد االختصاص وتطبيؽ‬
‫العبلوات الشاممة تتحوؿ وظيفة االشراؼ إلى وظيفة مساعدة وبالتالي تتقمص االختبلالت المرتبطة‬
‫بالتايمورية كالتغيب‪ ،‬اننخفاض المردود‪ ،‬صعوبة التنسيؽ‪ ....‬وقد توصؿ تريست إلى أف الفرؽ ذاتية‬
‫االنضباط بﺄدوار مرنة كانت أكثر فعالية مف الفرؽ عالية الييكمة‪ ،‬وقوة التنظيـ متعمقة بالفرؽ التي‬
‫لي ا القدرة عمى انجاز األعماؿ في تناغـ‪ .‬إف مبدأ االنضباط الذاتي ليس اليدؼ منو تحقيؽ الفعالية‬
‫فقط ولكف كذلؾ احساس العامؿ بالكرامة والرضا أثناء أدائو لعممو‪ ،‬وتكرس الديمقراطية داخؿ‬
‫التنظيـ‪ ،‬وقد عرؼ ىذا المبدأ انتشا ار واسعا في أوربا والواليات المتحدة األمريكية في سنوات‬
‫التسعينات‪.‬‬
‫منظروا المدرسة السوسيوتقنية‪ ،‬يروف أف الجانب التكنولوجي والجانب االجتماعي داخؿ التنظيـ‬
‫يتفاعبلف بإستمرار‪ ،‬وبالتالي إنو مف غير المجدي ترشيد أحد الجانبيف عمى انفراد‪ .‬وتشكؿ مبادئ‬
‫النظرية السوسيوتقنية إطار نظريا ىاما لفيـ وتحميؿ العديد مف الظواىر في المؤسسات‪ ،‬ويتجمى ذلؾ‬
‫فيما يمي‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -1‬إف ﺇعتبار التنظيـ متكوف مف نسؽ تقني ونسؽ ﺇجتماعي كؿ منيما يؤثر في اآلخر ويتفاعبلف‬
‫بإستمرار‪ ،‬يقودنا إلى ﺇسختبلص مبدأ ىاـ في التغيير التنظيمي مؤداه أف أحداث تغيير في ﺃحد‬
‫النسقيف سيؤثر ال محاؿ في النسؽ األخر‪ ،‬وبالتالي فمف غير المجدي ترشيد ﺃحد النسقيف عمى‬
‫ﺇنفراد‪ ،‬أي أف ترشيد األنساؽ التقنية واإلجتماعية معا ىو وحده الذي يؤدي إلى تحقيؽ مردود إجمالي‬
‫أحسف‪.‬‬
‫‪ -2‬أكدت السوسيوتقنية عمى أف لكؿ تكنولوجيا عدة ﺇختيارات تنظيمية‪ ،‬بناء عمى ذلؾ فإف عند‬
‫ﺇحداث تغير تنظيمي في المجاؿ التقني البد مف حسف ﺇختيار التنظيـ المناسب لمجانب التقني لمعمؿ‬
‫الذي يتبلئـ مع الجانب اإلجتماعي (النسؽ اإلجتماعي) لتحقيؽ فعالية ﺃكثر‪.‬‬
‫‪ -3‬ترست وﺃمري )‪ (Trist et Emery‬عند تحميميما لمعوامؿ التي تؤثر عمى المؤسسة سمطا‬
‫الضوء عمي ظاىرتيف ىما(‪:)9‬‬
‫أ‪ -‬التغيرات التي تحدث في البيئة تفرض تطور المنتوجات‪ ،‬وتنويع المخرجات )‪(outputs‬‬
‫بدوف ﺇجراء تغيير ىيكمي مرتبط بمرونة جياز اإلنتاج التقني‪.‬‬
‫ب‪ -‬درجة تنوع المدخبلت )‪ (inputs‬التي يمكف ﺃف تتحمميا مؤسسة بدوف ﺇحداث تغير تنظيمي‬
‫تتعمؽ بالتكنولوجيا المستعممة‪.‬‬
‫النتيجة التي توصبل ﺇلييا‪ ،‬ىي ﺃف العممية التقنية )‪ (processus technique‬التي مف خبلليا يتـ‬
‫(‪)10‬‬
‫)‪(autorégulation‬‬ ‫تحويؿ المدخبلت ﺇلى مخرجات ليا دور كبير في خاصية التعديؿ الذاتي‬
‫التي تتمتع بيا المؤسسة‪ ،‬بمعني ﺃف التكنولوجيا المستعممة البد ﺃف تتمتع بنوع مف المرونة حتي‬
‫تستطيع المؤسسة التﺄقمـ مف خبلؿ تحمؿ تغير و تنوع المدخبلت وتطور وتنوع المخرجات‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺇىتـ ﺃمري وترست في ﺇطار تحميميما النسقي )‪ (analyse systèmique‬بدراسة العبلقة‬
‫الموجودة بيف التغييرات التنظيمية وتغير الظروؼ البيئية‪ ،‬وتوصبل إلى أف ىناؾ ﺃربع ﺃنواع مف‬
‫البيئة الخارجية لممؤسسة ىي(‪:)11‬‬
‫البيئة اليادئة العشكائية)‪ :(Environnement calme et soumis aux lois du hasard‬ىي‬ ‫‪‬‬
‫بيئة ثابتة نسبيا‪ ،‬تيديداتيا قميمة والتغير الخاص فييا بطيء وغالبا يصعب التنبؤ بو‪ ،‬لذلؾ درجة‬
‫عدـ التػﺄكد فييا ضعيفة ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫البيئػة اليادئة الجتامعية )‪: (Environnement calme dont les éléments accrochés‬‬ ‫‪‬‬
‫يمتاز التغير في ىذه البيئة بالبطء‪ ،‬ﺇال ﺃف التيديدات موجودة عمي شكؿ تحالفات األمر الذي‬
‫يمزـ المؤسسة بضرورة التعرؼ عمى ىذه التيديدات والتخطيط لعممياتيا بػﺄساليب ﺇستراتيجية‪.‬‬
‫‪ ‬البيئة القمقة )‪ :(Environnement troublé‬ىذه البيئة ﺃكثر تعقيدا وفييا مجموعة‬
‫متنافسيف لدييـ ىدؼ واحد وقد يتمكف واحد ﺃو ﺃكثر مف المؤسسات المتنافسة مف السيطرة‬
‫عمى البيئة‪ ،‬وىي تتطمب ٳتباع ﺇستراتيجيات معقدة مف طرؼ المؤسسات وقدرة ﺇستجابة‬
‫سريعة ‪.‬‬
‫‪ ‬البيئة اليائاة )‪ : (Environnement turbulent‬ىذه البيئة ﺃكثر البيئات ىيجانا‪ ،‬ويكوف‬
‫عدـ التػﺄكد فييا عالي جدا ألف التغير يحدث بشكؿ متواصؿ والمتغيرات البيئية متداخمة‬
‫ومتفاعمة مع بعضيا‪ .‬في ىذه البيئة ﺇستقرار المؤسسة يصبح صعب المناؿ وحسب ﺃمري‬
‫وترست ” إلستقرار يتحقؽ عف طريؽ بروز قيـ مشتركة تتقاسميا مختمؼ المؤسسات‬
‫المتنافسة“(‪ )12‬أي تبني جميع المؤسسات قيـ تنظيمية تربطيا بالمجتمع الكمي‪.‬‬
‫وعمى الرغـ مف ٲف ”ﺃمري“ و ”ترست“ لـ يقدما مقترحات محددة بشﺄف أي اليياكؿ التنظيمية‬
‫ىو األكثر مبلئمة لكؿ نوع مف ىذه البيئات األربع‪ ،‬لكف باإلمكاف مقابمة عمميما مع ما ذىب ﺇليو‬
‫كؿ مف ”برنز“ و”وستولكر“ مف حيث ﺃف طبيعة الموقؼ وخصائصو في النوعيف األوؿ والثاني لمبيئة‬
‫عند ﺃمري وترست يناسبيما الييكؿ الميكانيكي‪ ،‬بينما يناسب كؿ مف البيئػة القمقة واليائجة الييكؿ‬
‫العضوي (‪.)13‬‬
‫ويساعد ىذا العمؿ الذي قاـ بو أمري وترست في تحميؿ البيئة الخارجية لممؤسسة‪ ،‬والتي عمي‬
‫أساسيا يتـ ﺇختيار الييكؿ التنظيمي المناسب خبلؿ إحداث تغيير تنظيمي ىيكمي‪ ،‬كما يمكننا ذلؾ‬
‫مف دراسة وتحميؿ عمميات ﺇعادة الييكمة في ضوء تغيرات البيئة الخارجية لمتنظيـ‪.‬‬
‫كما يتضح لنا مف خبلؿ ىذا التقسيـ لمبيئة الخارجية أنيا تشكؿ عامبل ﺃساسيا‪ ،‬ال يمكف إىمالو‬
‫عند تصميـ الييكؿ التنظيمي‪ ،‬وىذا ما يوحي بحتمية التغيير التنظيمي لتحقيؽ تكيؼ المؤسسة مع‬
‫تغيرات الظروؼ الخارجية‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬نقد كجتقييػـ المدرسة السكسيكجتقنية‪ :‬لقد استطاع ىذا االتجاه أف يشؽ طريقو إلى تحقيؽ نوع‬
‫مف الذاتية واالستقبلؿ‪ ،‬مف أجؿ ذلؾ حاوؿ دراسة التنظيـ بوصفو نسقا اجتماعيا فنيا فيو ترتبط‬
‫التكنولوجيا بعواطؼ األفراد ارتباطا منظما ثـ يرتبطاف سويا بالبيئة ارتباطا وثيقا ومباشرا‪ ،‬كما‬
‫استطاع إلقاء الضوء عمى مشكبلت تنظيمية لـ تكف مﺄلوفة مف قبؿ وعالجيا بطريقة جدية في‬
‫ضوء اتجاه امبريقي محدد‪.‬‬
‫ولعؿ أضعؼ جوانب ىذا التجاه تتمثؿ في اىتمامو المبالغ فيو بمشكبلت النسؽ‪ ،‬وىو بذلؾ‬
‫يتشابو إلى حد كبير مع االتجاه البنائي الوظيفي الذي كاف رائدا في ىذا المجاؿ‪ .‬كما فشؿ أصحاب‬
‫ىذا االتجاه في تفسير مصادر توجيو أعضاء التنظيمات‪ ،‬اضافة إلى ذلؾ لـ ييتـ ىذا االتجاه‬
‫بدراسة نوع معيف مف التنظيمات وىو التنظيمات االقتصادية‪ ،‬كما أنو استعاف في دراسة قضاياه‬
‫بإتجاه امبريقي ولـ ييتـ بصياغة أطر نظرية واسعة بؿ اكتفى بتطوير بعض القضايا محدودة‬
‫النطاؽ‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬النظرية المكقفية )‪: (La théorie de contingence‬‬
‫يعتبر اإلتجاه الموقفي (الشرطي) إتجاىا حديثا في الفكر التنظيمي وىو يتبني فكرة النسؽ‬
‫المفتوح‪ ،‬حيث يعتبر المؤسسة نسقا ديناميكيا يتبادؿ التﺄثير بصفة مستمرة مع الظروؼ الخارجية‪،‬‬
‫فمف وجية نظ ار المدرسة الموقفية‪ ،‬التنظيـ يعتبر نسقا مفتوحا يحاوؿ بػإستمرار التكيؼ مع عدـ‬
‫الثبات البيئي ومع المتغيرات الموقفية‪ ،‬ىذه المتغيرات الموقفية تتمثؿ في البيئة‪ ،‬التكنولوجية والحجـ‪،‬‬
‫فالظروؼ البيئية المختمفة تتطمب ﺃنماط مختمفة مف التكيؼ البنائي التنظيمي لتحقيؽ مستوى عالي‬
‫مف اآلداء ‪.‬‬
‫وقد ﺃثبتت جوف ودوارد )‪ (Jean Woodward‬مف خبلؿ أبحاثيا التي ﺃجرتيا عمى ‪ 100‬مؤسسة‬
‫أف التكنولوجيا تشكؿ متغير موقفي ىاـ يؤثر عمى البناء التنظيمي‪ ،‬كذلؾ حجـ التنظيمي لو أىمية‬
‫في تحديد البناء التنظيمي(‪.)14‬‬
‫ويرى أنصار اإل تجاه الموقفي أنو ليست ىناؾ نظرية أو مدرسة في التنظيـ يمكف تطبيقيا في‬
‫مختمؼ الظروؼ وفي كؿ المؤسسات وأنما يجب إستخداـ النظرية بشكؿ ﺇنتقائي بحيث تتبلئـ مع‬
‫الظروؼ واألوضاع التي تعيشيا المؤسسة(‪ .)15‬وعميو فإف أنصار اإلتجاه الموقفي يؤكدوف أف‬

‫‪74‬‬
‫الظروؼ البيئية والتكنولوجيا يشكبلف قيودا ىاما عمى إختيار اإلشكاؿ البنائية الفعالة أي الييكؿ‬
‫التنظيمي المناسب‪ .‬وبناءا عمى ذلؾ فقد تمجﺄ المؤسسة إلحداث تغييرات ىيكمية ﺇستجابة لمتغيرات‬
‫البيئية أو التكنولوجية أو عند تغير حجـ التنظيـ ‪.‬‬
‫وفي إطار ىذا اإلتجاه قاـ كؿ مف بوؿ لورنس و لورش )‪(P. Lawrence et Jay Lorsh‬‬
‫بدراسة طبيعة العبلقة الموقفية بيف أنواع معينة مف البيئات الخارجية وردود أفعاؿ المؤسسة نحوىا‪،‬‬
‫حيث طو ار مفيوميف ﺃساسييف في بحثيما ىما التمايز والتكامؿ(‪ .)16‬ويعتبر مفيومي التمايز والتكامؿ‬
‫ميميف في فيـ وتحميؿ ظاىرة التغيير التنظيمي ‪.‬‬
‫ويشير مفيوـ الجتمايز )‪ (différenciation‬إلى إختبلؼ وتخصص الوحدات (األقساـ) اإلدارية‬
‫داخؿ التنظيـ‪ ،‬أي أف أقساـ المؤسسة تعمؿ بشكؿ مختمؼ وبذلؾ كمما زاد التخصص في األقساـ‬
‫كمما زاد التمايز‪.‬‬
‫أما مفيوـ الجتكامؿ )‪ (intégration‬فيعني نوعية التعاوف والتساند واإلعتماد المتبادؿ بيف‬
‫الوحدات واألقساـ اإلدارية‪ ،‬مف أجؿ توحيد الجيود لتحقيؽ األىداؼ التنظيمية المشتركة‪.‬‬
‫ووفقا لمفيومي التمايز والتكامؿ نستخمص مبادئ الفعالية التنظيمية مف منظور اإلتجاه‬
‫الموقفي(‪:)17‬‬
‫‪ ‬المبدأ األكؿ ‪ :‬التنظيمات الناجحة ىي التي تحترـ العبلقة الموجودة بيف الخصائص التنظيمية‬
‫ومتطمبات المحيط‪ ،‬بمعنى كمما كانت متطمبات (حاجيات) البيئة مختمفة ومتنوعة كمما تطمب‬
‫ذلؾ تمايز التنظيـ‪ ،‬أي ﺃقسامو تصبح أكثر تخصصا وليا خصائص تنظيمية متمايزة‪ .‬وىنا‬
‫تصبح الحاجة لمتكامؿ كبيرة لتحقيؽ ﺇنسجاـ وتنسيؽ بيف األقساـ ‪.‬‬
‫‪ ‬المبدأ الثاني ‪ :‬التنظيمات الفعالة تضع إجراءات تكامؿ تتماشى ودرجة تمايز البيئة المحيطة‪،‬‬
‫فكم ما كانت درجة التمايز كبيرة كمما كانت الحاجة لمتكامؿ أكبر‪ ،‬أي وجود تكامؿ قوي بيف‬
‫الوحدات وىذا يتطمب وضع وسائؿ تكامؿ خاصة مثؿ لجاف تنسيؽ‪ ،‬مصالح ربط‪..‬‬
‫ومف خبلؿ ما سبؽ‪ ،‬فإف مبادئ اإلتجاه الموقفي ليا أىمية كبيرة في مجاؿ التغيير التنظيمي‪،‬‬
‫فكمما تغيرت متطمبات البي ئة‪ ،‬نسؽ التنظيـ البد أف يتغير حتى تصبح لو خصائص تتبلئـ وتغيرات‬
‫المحيط‪ .‬إذف ومف أجؿ ﺇنجاح التغيير التنظيمي في المؤسسات البد مف أخذ بعيف اإلعتبار معياري‬

‫‪75‬‬
‫التمايز والتكامؿ عند القياـ بعممية التشخيص التنظيمي بػإعتبار أف المحيط يؤثر عمى بناء التنظيـ‪:‬‬
‫المؤسسات التي توجد في بيئة بسيطة ومستقرة ليا درجة تمايز ضعيفة ونظاـ تنسيؽ بسيط‪ ،‬بينما‬
‫المؤسسة التي توجد في بيئة متغيرة )ديناميكية( ومعقدة تعرؼ تمايز كبير وأنظمة تنسيؽ معقدة‪.‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫مف خبلؿ ما تقدـ نستخمص النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ﺇتجاه األنساؽ ال ينظر إلى المواضيع والوقائع والقوى واألحداث عمى ﺃنيا ظاىرة معزولة‪ ،‬ولكف‬
‫متصمة بالمواضيع والوقائع األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬يشجع مدخؿ األ نساؽ عمى تحميؿ الوقائع مف خبلؿ المسببات المتعددة وليست المسببات الفردية‪،‬‬
‫بػإعتبار ﺃف معظـ الظواىر ليا مسببات متعددة‪.‬‬
‫‪ -‬مف منظور األنساؽ ال يمكف تغيير جزء مف النسؽ بدوف التﺄثير عمى األجزاء األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬كذلؾ إرتكاز ىذا اإلتجاه عمي فكرة النسؽ المفتوح التي مؤداىا ﺃف المؤسسة كنسؽ ىي كياف‬
‫متكامؿ يتكوف مف أجزاء تترابط ببعضيا بعبلقة تفاعؿ وتداخؿ أي أف كؿ نسؽ فرعي يؤثر في‬
‫األنساؽ الفرعية األخرى واﺫا حدث تغيير فػإف لو تػﺄثير عمى جميع األنساؽ الفرعية‪ ،‬يقودنا ذلؾ‬
‫إلى القوؿ أف ىذا اإلتجاه يمثؿ أحد األدوات الفكرية القوية لفيـ حركية المؤسسات والتغيير‬
‫التنظيمي‪ ،‬خاصة دراسة إنعكاساتو عمى األنساؽ الفرعية في المؤسسة التي يحدث فييا‪ .‬وعميو‬
‫فإف التناوؿ النسقي ىو منياج لمدراسة يتميز بشمولية النظر لمموضوع المعالج‪ ،‬ويﺄخذ العوامؿ‬
‫والظروؼ المحيطة في الحسباف‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -‬ىكامش المحكر الخامس‪:‬‬
‫‪1. Yves Simon et Patrick Joffre: Encyclopédie de gestion, édition Economia,‬‬
‫‪Tome 3, 2ème édition, Paris, 1997, p 3347.‬‬
‫‪ .2‬عؼ‪ٛ‬ذ ‪ٚ‬ظ ػبيش ٔ يؾًذ ػه‪ ٙ‬ػجذ انْٕبة‪ ،‬انفكش انًؼبفش ف‪ ٙ‬انزُظ‪ٛ‬ى ٔاﻹداسح‪ ،‬يشكض ٔا‪ٚ‬ذ ع‪ٛ‬شف‪ٛ‬ظ‬
‫نالعزؾبساد ٔانزلٕ‪ٚ‬ش اﻹداس٘‪ ،‬انٕ ‪ٚ‬بد انًزؾذح‪ ،1994 ،‬ؿ‪.62‬‬
‫‪ .3‬عؼ‪ٛ‬ذ ‪ٚ‬ظ ػبيش ٔيؾًذ ػه‪ ٙ‬ػجذ انْٕبة‪ ،‬يشعغ عبثك ‪ ،‬ؿ‪.62‬‬
‫‪َٔ .4‬ذل فشَؼ ٔعجغم ث‪ٛ‬م عَٕ‪ٛ‬ش ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ‪.144‬‬
‫‪ .5‬ؽبيذ أؽًذ سينبٌ ثذس‪ ،‬ئداسح انًُظًبد‪ ،‬ئرغبِ ؽشه‪ ،ٙ‬داس انُٓظخ انؼشث‪ٛ‬خ‪ ،‬انمبْشح‪ ،‬ه ‪،1993 ،3‬‬
‫ؿ ؿ ‪.76-75‬‬
‫‪َٔ .6‬ذل فشَؼ ٔع‪ٛ‬غم ث‪ٛ‬م عَٕ‪ٛ‬ش‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ‪. 141‬‬
‫‪7. Laurence Baranski: Opcit, p 61.‬‬
‫‪ .8‬يقلفٗ ػؾٕ٘‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ‪. 87‬‬
‫‪9. Yves Simon et Patrick Joffre Opcit, P 130.‬‬
‫‪ .11‬خبف‪ٛ‬خ انزؼذ‪ٚ‬م انزار‪ ٙ‬رؼُ‪ ٙ‬لذسح انزُظ‪ٛ‬ى ػهٗ ئػبدح رُظ‪ٛ‬ى َفغخ ثقٕسح ئػزجبه‪ٛ‬خ رهمبئ‪ٛ‬خ نجهٕؽ دسعخ‬
‫كج‪ٛ‬شح يٍ اﻹَغغبو أ٘ ‪ٚ‬ؼ‪ٛ‬ذ رُظ‪ٛ‬ى َفغّ ثُفغّ‪.‬‬
‫‪ .11‬يإ‪ٚ‬ذ عؼ‪ٛ‬ذ انغبنى‪ ،‬رُظ‪ٛ‬ى انًُظًبد‪ ،‬دساعخ ف‪ ٙ‬رلٕس انفكش انزُظ‪ ًٙٛ‬خالل يئخ ػبو‪ ،‬داس انكزت‬
‫انؾذ‪ٚ‬ش‪ ،‬األسدٌ‪ ،‬ه ‪. 2112 ،2‬‬
‫‪َ .12‬فظ انًشعغ‪ ،‬ؿ ‪. 126 – 125‬‬
‫‪ .13‬انٓ‪ٛ‬كم انزُظ‪ ًٙٛ‬انً‪ٛ‬كبَ‪ٛ‬ك‪ ٙ‬ا‪ٜ‬ن‪ ٙ‬ركٌٕ عهلخ انمشاس ف‪ ّٛ‬يشكض‪ٚ‬خ ُْٔبن سلبثخ يجبؽشح ػهٗ آداء‬
‫انؼبيه‪ ٍٛ‬انًٓبو يؾذدح ثذلخ‪ ،‬اﻹرقب د ػًٕد‪ٚ‬خ‪ ،‬انزأص‪ٛ‬ش يغزًذ يٍ انغهلخ ْٔزا انزُظ‪ٛ‬ى يجُ‪ ٙ‬ػهٗ‬
‫أعبط األٔايش انؼًٕد‪ٚ‬خ‪ .‬ث‪ًُٛ‬ب انٓ‪ٛ‬كم انزُظ‪ ًٙٛ‬انؼنٕ٘ ‪ٚ‬ؾغغ ػهٗ انًشَٔخ ٔ‪ٚ‬كٌٕ األفشاد ف‪ْ ّٛ‬ى‬
‫انًجبدسٌٔ ػهٗ ئؽذاس انزغ‪ٛ‬شاد ٔيٍ ث‪ ٍٛ‬يً‪ٛ‬ضارّ دسعخ انشعً‪ٛ‬خ يُخفنخ‪ ،‬اﻹرقب د عبَج‪ٛ‬خ‬
‫ٔػًٕد‪ٚ‬خ ٔيقذس انزأص‪ٛ‬ش يغزًذ يٍ انخجشح‪ ،‬كًب رغٕد اناليشكض‪ٚ‬خ ف‪ْ ٙ‬زا انٓ‪ٛ‬كم أ٘ عهلخ ئرخبر‬
‫انمشاساد يٕصػخ ف‪ ٙ‬انٓ‪ٛ‬كم‪.‬‬
‫‪ .14‬عؼذ ػ‪ٛ‬ذ يشع‪ ٙ‬ثذس‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ؿ ‪. 277 ، 276‬‬
‫‪15. Pierre Morin et Eric Delavallée, Le manager à l’écoute du sociologue, édition‬‬
‫‪d’organisation, Paris, 5éme tirage, 2001, pp.72-73.‬‬
‫‪ .16‬يإ‪ٚ‬ذ عؼ‪ٛ‬ذ انغبنى‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ؿ ‪. 128 ، 127‬‬
‫‪17.Pierre Morin et Eric Delavallée, Opcit, pp 72 et 73.‬‬

‫‪77‬‬
‫المحكر السادس‪:‬‬
‫مدخؿ الجتحميؿ السجتػػراجتػيػاػي لممؤسسة‬

‫* جتمييػػد‬

‫أكل ‪ -‬مسممات الجتحميؿ السجتراجتياي‬

‫ثانيا ‪ -‬مبادئ الجتحميؿ السجتراجتياي‬

‫‪ -‬المبدأ األوؿ‪ :‬مبدأ السمطة‬


‫‪ -‬المبدأ الثاني‪ :‬منطقة الشؾ‬
‫‪ -‬المبدأ الثالث‪ :‬نسؽ الفعؿ الممموس‬

‫ثالثا ‪ -‬إسجتراجتياية الفاعميف عند ميشاؿ كركزيو‬

‫رابعا‪ -‬مقارنة بيف مدرسة الدارة العممية‪ ،‬مدرسة العالقات النسانية كمدخؿ‬
‫الجتحميؿ السجتراجتياي‪.‬‬

‫* خالصة‬

‫‪78‬‬
‫‪ -‬جتمييد ‪:‬‬
‫‪Michel Crozier et Erhard‬‬ ‫يعتبر نموذج التحميؿ االستراتيجي لػ " كروزيو " و " فريدبيرغ "‬
‫‪ .Friedberg‬مف بيف المظورات األساسية لتحميؿ " الفعؿ االجتماعي" في مجاؿ عمـ االجتماع وفي‬
‫تحميؿ السموؾ التنظيمي والتغير التنظيمي‪ .‬وفيـ عبلقات السيطرة والنفوذ والصراع داخؿ المؤسسات‪.‬‬
‫فقد تطور ىذا المنظور عبر عدة دراسات وأبحاث قاـ بيا كروزيو و فريدبيرغ طيمة سنوات‬
‫ضمف البحوث التي كاف يجرييا مختبر عمـ اجتماع التنظيـ الفرنسي‪ .‬فقد تساءؿ كروزيو وفريدبيرغ‬
‫عف كوف حرية الفاعميف واقعا‪ ،‬ووجود أنساؽ منظمة ومتبلحمة كواقع آخر‪ ،‬فكيؼ يتمكف ىذاف‬
‫الواقعاف مف االرتباط‪ .‬فقد حاوال فيـ في الوقت نفسو؛ مناورات الفاعميف والبنية المنظمة التي يتـ فييا‬
‫ذلؾ‪ .‬وانتقد بشدة النظريات التي تكتفي بإعطاء أعضاء التنظيـ أدوا ار محددة وسموكا عقبلنيا متوقعا‪،‬‬
‫واقترح بدؿ مف ذلؾ نظرية العقبلنية المحدودة‪.‬‬
‫أكل ‪ -‬مسممات الجتحميؿ السجتراجتياي‪:‬‬
‫ينطمؽ التحميؿ االستراتيجي مف مسممة مردىا أف الفرد في حالة العمؿ ال يمكف تحديد سموكو‬
‫كمية‪ ،‬وال يمكف أف نتحكـ فيو أو نتنبﺄ بو‪ ،‬ونظ ار ليذا التشابؾ والتعقيد الواقع في مجاؿ تدبير‬
‫المؤسسة‪ ،‬فإف الممجﺄ مف ذلؾ ىو المسممات األساسية لمتي تعبر عف الركائز القاعدية لمتحميؿ‬
‫االستراتيجي وىي(‪:)1‬‬
‫‪ .1‬اخجتيار األىداؼ‪ :‬لكؿ فرد في التنظيـ أىدافو وأغراضو الخاصة التي تتعارض حتما مع‬
‫أىداؼ التنظيـ وعميو فيو يصمـ استراتيجية خاصة تسمح بتجسيد غاياتو وتحقيؽ مطالبو‪.‬‬
‫‪ .2‬الحرية النسبية لمفاعميف‪ :‬يحتفظ كؿ فاعؿ في التنظيـ بﺄمكانية تدخؿ مستقمة ويحاوؿ أف‬
‫يجعؿ سموكو غير متوقع‪.‬‬
‫‪ .3‬العقالنية المحدكدة‪ :‬تتسـ االستراتيجيات بالعقبلنية المحدودة في مناورات السمطة‪ ،‬أي أف‬
‫كؿ فوج يجتيد لحماية وتوسيع مجاؿ ق ارره ووضع حد لتبعية اآلخريف‪ ،‬مف خبلؿ جعؿ سموكو‬
‫غير متوقع‪.‬‬
‫‪ .4‬البناء‪ :‬التنظيـ ىو نسؽ يضـ سمسمة مف المتغيرات وىو نتاج عدد معيف مف االختيارات‬
‫التدبيرية التي تﺄخذىا الجماعة المسيرة‪ .‬والتنظيـ ىو بناء انساني يضـ أعضاء يطوروف‬

‫‪79‬‬
‫استراتيجيات خاصة ويييكمونيا في نظاـ عبلقات متﺄثرة بضغوطات التغيير لممحيط‪ .‬فالتنظيـ‬
‫ىو ذلؾ المجاؿ الذي فيو يستغؿ األفراد ويستفيدوف مف ىوامش حرياتيـ‪ ،‬وىو محصمة أو‬
‫نتيجة أللعابيـ‪.‬‬
‫إذا فالتحميؿ االستراتيجي بمنظوره النسقي‪ ،‬يسمح بإيجاد نظرة دقيقة وحقيقية لما يجري في مواقع‬
‫العمؿ‪ .‬وىو يعتبر منيج بحث فريد مف نوعو‪ ،‬ذلؾ ألنو تضمف صورة مغايرة عف التنظيـ ومخالفا‬
‫بذلؾ النظريات الكبلسيكية‪ .‬والتحميؿ االستراتيجي ليس عممية سيمة فيو عممية متشابكة ومترابطة‬
‫بيف عدة مخبلت ومخرجات‪ .‬والفاعموف بما لدييـ مف ثقافات وخبرات حوؿ وضعيات العمؿ‪ ،‬فإنيـ‬
‫دوما ينتجوف أفعاال بيا يستطيعوف تحريؾ األمور‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬مبادئ الجتحميؿ السجتراجتياي‪:‬‬
‫يرتكز التحميؿ االستراتيجي عمى ثبلثة مبادئ أساسية وىي(‪:)2‬‬
‫‪ –1‬مبدأ السمطة‪:‬‬
‫وضح كروزييو وفردبرغ كيؼ أف السمطة تمتد في مناورة متقنة إلى استراتيجية االتصاؿ واحتكار‬
‫المعمومات‪ ،‬التي ال تقتصر عمى الضغط والقوة فقط‪ ،‬بؿ عمى الوسائؿ الكفيمة بالدفاع عف وجية‬
‫نظر وااللحاح عمييا‪ ،‬وقد تبيف لكورزييو أف‪:‬‬
‫‪ -‬التوزيع الحقيقي لمسمطة ال يتوافؽ مع التوزيع النظري الذي يقدمو النظاـ‪.‬‬
‫‪ -‬توجد مختمؼ الفئات في صراع مف أجؿ البقاء أو المزيد مف السمطة‪.‬‬
‫‪ -‬الوسيمة األساسية لمحصوؿ عمى السمطة في التنظيـ ىي مراقبة عامؿ الشؾ‪.‬‬
‫‪ -‬تحاوؿ كؿ فئة التﺄثير بالشؾ في اآلخريف ومنعيـ مف مراقبة ىذا الشؾ‪.‬‬
‫وقد أبرز كروزييو أف العامؿ األساسي لمشؾ ىو عطب اآلالت‪ ،‬وليذا كانت سمطة مصمحة‬
‫الصيانة واسعة أماـ االدارة‪ .‬وركز كروزييو عمى الطابع المحدود لعقبلنية األفراد‪ ،‬مف خبلؿ وضع‬
‫المفيوـ عمى أساس التبادؿ والتفاوض والصراع‪ ،‬بحيث تظير عبلقات السمطة عندما يمتمؾ طرفاف‬
‫أو أكثر الموارد بشكؿ متبايف‪ ،‬معتمديف عمى حتمية التبادؿ لتسيير ىذه الموارد التي تعطي القدرة‬
‫عمى عدـ التوقع‪ .‬ويميز كروزييو بيف عدة أنكاع مف السمطة أىميا‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬سمطة الخبير‪ :‬ىي السمطة الناجمة عف ضرورة مراقبة الشؾ في وضعية ما كالميارة التي‬
‫يتمتع بيا العامؿ المحترؼ أو ميندس في االعبلـ اآللي‪.‬‬
‫‪ -‬السمطة اليرمية الكظيفية‪ :‬ىي سمطة تحديد سمطة الخبير‪ ،‬مف خبلؿ تقميص امكانية‬
‫عدـ توقع سموكو‪.‬‬
‫وتساءؿ كروزييو عف األسباب التي تجعؿ القائد محؿ ثقة تابعيو ولماذا يعترفوف بشرعية سمطتو‬
‫وتوصؿ إلى وجود أربعة مصادر لسمطة في التنظيمات وىي(‪:)3‬‬
‫أ‪ -‬الكفاءة أك الجتخصص الكظيفي العالي‪ :‬يمتمؾ الخبير القادر عمى حؿ المشاكؿ الصعبة‬
‫والمتشابكة في المؤسسة سمطة‪ ،‬ومف ثـ فيو يتمتع بوضعية مبلئمة في المفاوضات مع‬
‫التنظيـ وزمبلئو‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجتحكـ في العالقات مع المحيط‪ :‬تندرج في نسج العبلقات اليومية لحياة المؤسسة‪ ،‬ويعد‬
‫ىذا المصدر أكثر أىمية واستق اررا‪ ،‬فقوة التحكـ في عبلقات المحيط وكيفية تقديميا‬
‫لممؤسسة‪ ،‬تعد ضرورة ممحة لتصميـ االستراتيجية بيا‪ ،‬بحيث الفاعؿ الذي يستعيف‬
‫بعبلقات اكتسبيا مف تنظيـ آخر يصؿ إلى نيايات جد استراتيجية‪.‬‬
‫ج‪ -‬الجتصاؿ كالمعمكمة‪ :‬مف أجؿ تﺄدية المياـ والوظائؼ الخاصة بمنصب‪ ،‬األفراد ىـ‬
‫بحاجة إلى معمومات آتية مف مناصب أخرى‪ ،‬فعدـ نشر ىذه المعمومات ألسباب متعددة‪،‬‬
‫يمارس بعض األفراد سمطة عمى آخريف مف خبلؿ مواقعيـ في شبكة االتصاؿ داخؿ‬
‫التنظيـ‪ ،‬فاحتكار المعمومة ليس ىو المصدر الوحيد‪ ،‬بؿ قد يتـ التﺄخر في نشرىا أو‬
‫تحريفيا‪ .‬فمثبل اإلطار السامي في المؤسسة عند اتخاذه ألي قرار فيو بحاجة إلى‬
‫معمومات حوؿ الوضعية الواقعية لمعمؿ‪ ،‬فيذه المعمومات ىي مف ميمة اإلطارات‬
‫الوسطى‪ ،‬ىذه األخيرة يمكنيا أف تمارس سمطة عمى ىؤالء مف خبلؿ تغيير المعمومات‬
‫وجعميا في خدمة مصالحيا‪ ،‬فﺄعضاء التنظيـ ميما كانت مواقعيـ يمكنيـ الحصوؿ عمى‬
‫السمطة بواسطة السيطرة عمى المعمومة واالتصاؿ‪.‬‬
‫اسجتعماؿ القكاعد الجتنظيمية‪ :‬التحكـ في القواعد التنظيمية يشكؿ مصدر سمطة‬ ‫د‪-‬‬
‫بالنسبة لمفاعميف‪ ،‬انطبلقا مف أف حسف التصرؼ ينبع دوما مف المعرفة الكاممة بالقواعد‬

‫‪81‬‬
‫‪ -2‬المبدأ الثاني‪ :‬منطقة الشؾ ‪Zone d’incertitude‬‬

‫في كؿ تنظيـ يمكف أف توجد ثغرات أو معارؼ مفقودة لـ ينتبو ليا التنظيـ الرسمي‪ ( ،‬تتسـ كؿ‬
‫االستراتيجيات بعقبلنية محدودة) ‪ ،‬ىذه الجوانب الغامضة يسمييا ميشاؿ كروزيو منطقة الشؾ‪.‬‬
‫ومنبعيا ىو ىامش حرية األفراد والجماعات تجاه بعضيـ البعض‪ .‬أي امكانية الفرد رفض أو‬
‫مفاوضة ما يطمبو منو الغير‪ ،‬وتتحقؽ ىذه المكانية حالما يستطيع الفرد أف يحتفظ بمنطقة ال يتحكـ‬
‫فييا اآلخروف وتجعؿ سموكو غير متوقع في نظرىـ‪ .‬وييدؼ كؿ فاعؿ إلى اكتساب سمطة بخمؽ‬
‫منطقة الشؾ التي ال تعد منطقة أو فضاء لممناورة فحسب‪ ،‬ألف سيرورة التجديد ترتكز عمى الشكوؾ‬
‫التقنو‪-‬تنظيمية التي تعد مصدر الصراع الداخمي وصد ار حقيقيا لمقمؽ الشديد‪ ،‬اذف منطقة الشؾ ىي‬
‫أداة استراتيجية يستغميا الفاعؿ حتى يضمر سموكو فبل يتوقعونو بقصد توسيع مجاؿ عرية التحرؾ‬
‫ومراقة اآلخريف‬

‫‪ -‬العالقة المكاكدة بيف السمطة كمنطقة الشؾ في ضكء الجتحميؿ السجتراجتياي لميشاؿ كركزيو ‪:‬‬
‫في كؿ تنظيـ توجد جممة مف الشكوؾ‪ ،‬والفاعؿ األكثر تحكما فييا بكفاءاتو وشبكة عبلقاتو ىو الذي‬
‫يتوفر عمى أكبر مصدر لمسمطة‪ ،‬حيث يسعى كؿ فاعؿ لخمؽ منطقة شؾ‪ ،‬والذي يتحكـ في ىذه‬
‫المنطقة يحصؿ عمى السمطة‪ ،‬فكمما تحكـ الفاعؿ في منطقة االرتياب جيدا كمما كاف لديو سمطة‬
‫أكبر‪ .‬ومثاؿ عف ذلؾ عامؿ الصيانة‪ ،‬فيو يمارس سمطة عمى رئيس ورشة اإلنتاج وعمى عماؿ‬
‫اإلنتاج‪ ،‬ألنو يتحكـ في فترة وقت الصيانة ومدتيا فكمما كاف عماؿ وحدة االنتاج متسرعيف لتصميح‬
‫آالتيـ لرفع االنتاج والحصوؿ عمى المردودية كمما كاف لعامؿ الصيانة سمطة عمييـ‪ .‬أي أف حاجة‬
‫العماؿ لصيانة آالتيـ ىي مصدر قوة لعامؿ الصيانة‪ .‬فيـ يخضعوف لو في عبلقة تفاوضية لربح‬
‫المردودية‪ .‬وىذا ىو الذي يمكف أف نسميو بالفعؿ االستراتيجي لكؿ العب‪ ،‬فبل يوجد مدة محددة لفترة‬
‫صيانة األعطاؿ في اآلالت أو تحديد وقتيا أو ال يحدد التنظيـ حجـ الرقابة التي يفرضيا عمى‬
‫العماؿ مف طرؼ رئيس الورشة‪.‬‬
‫‪ .3‬المبدأ الثالث‪ :‬نسؽ الفعؿ المممكس ‪Système d’action concret‬‬

‫ىو محصمة مختمؼ االستراتيجيات التي يمارسيا الفاعموف‪ .‬وىو ليس بالضرورة خاضع لمرسمية‬
‫والتنظيـ الرسمي‪ ،‬إنما ىي تمؾ األلعاب المنظمة والمرتبة بيف الفاعميف في عبلقاتيـ التبادلية‪ ،‬تظير‬
‫‪82‬‬
‫فييا المصمحة والتنافر والصراع‪ ..‬إلخ‪ .‬وكؿ فاعؿ مف ىؤالء يقوـ برسـ عبلقات تفضيمية تساىـ كميا‬
‫نحو تحقيؽ أىداؼ محددة بواسطة ضبط جماعي‪ .‬إذف نسؽ الفعؿ الممموس ىو جممة العبلقات‬
‫التي تساعد عمى حؿ المشاكؿ الممموسة يوميا‪ ،‬وال تستطيع المؤسسة التنبؤ بيذه العبلقات‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬إسجتراجتياية الفاعميف عند ميشاؿ كركزيو(‪:)4‬‬

‫مف المسمـ بو أف لكؿ منظمة أىداؼ‪ ،‬كما أنو لكؿ فاعؿ أىداؼ‪ ،‬فالتصادـ الواقع بيف ىذه‬
‫االزدواجية مف األىداؼ كاف نتيجة تفاضؿ مسبؽ لؤلىداؼ مف طرؼ الفاعؿ فيذا األخير رغـ أنو‬
‫يسعى الى تحقيؽ أىداؼ المنظمة‪ ،‬فﺄكثر مف ذلؾ يسعى لتحقيؽ أىدافو‪ ،‬نستنتج مف ىذا أف داخؿ‬
‫المؤسسة كؿ العماؿ ىـ فاعموف اجتماعيوف‪ ،‬أي كيانات اجتماعية تتمتع بمستوى مف االستقبللية‬
‫الذاتية التي تساعدىـ عمى تحقيؽ أىدافيـ الخاصة‪ ،‬ميما كانت وضعيتيـ المينية واليرمية‪.‬‬
‫ويستحوذوف بشكؿ أو بﺂخر عمى درجة معينة مف السمطة في عبلقتيـ ببعضيـ البعض أو في‬
‫عبلقتيـ بالمؤسسة‪ ،‬وبالتالي حتى نتمكف مف فيـ سموكاتيـ البد أف نفيـ إستراتجيتيـ‪ ،‬كما يحددىا‬
‫"ميشيؿ كروزي "في مقاربتو التي ترى بﺄف سموكات الفاعؿ في عبلقتو بالتنظيـ مرتبطة بنوعية‬
‫أىدافيـ‪ ،‬وبالتالي فكؿ تنوع لبلستراتيجيات تابع لتنوع الموارد(‪.)5‬‬

‫‪- 1‬اإلسجتراجتياية الدفاعية‪ :‬وىي اإلستراتيجية التي يعتمدىا الفاعؿ إزاء المنظمة‪ ،‬بيدؼ المحافظة‬
‫عمى االمتيازات أو المكاسب الذي يعتقد بﺄنيا تشكؿ رىانا بالنسبة إليو‪ ،‬فيستعمممف أجؿ ذلؾ كؿ ما‬
‫لديو مف أوراؽ رابحة‪ ،‬فمف ىذا التصور نستنتج أف السموؾ اإلستراتيجي يستيدؼ في ىده الحالة‬
‫الحفاظ عمى النسبة القميمة مع إستخداـ سياسة النفس الطويؿ أو إستخداـ سياسة الخضوع المزيؼ‬
‫مداـ أف المورد غير مؤىؿ لمتفاوض أو اليجوـ‪ .‬وبالتالي تبقى الوضعية التنظيمية بخصائصيا‬
‫الحالية كما ىي عميو‪ ،‬ويبقى ىو في نفس موقعو‪.‬‬

‫‪ - 2‬اإلسجتراجتياية الياكمية‪ :‬يمكف لمفاعؿ كذلؾ انطبلقا مف الوضعية التنظيمية والمينية التي ىي‬
‫متوفرة لديو أف يبني إستراتيجية ىجومية‪ ،‬ليس مف أجؿ المحافظة عمى امتيازات أو مكاسب‪ ،‬كما ىو‬
‫الحاؿ في اإلستراتيجية السابقة‪ ،‬ولكف مف أجؿ الحصوؿ عمييا أو االستزادة منيا‪ ،‬وىي نوعاف‪:‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -‬اإلسجتراجتياية المساكماجتية ‪:‬والتي يسعى مف خبلليا الفاعؿ الحصوؿ عمى مكاسب فورية‬
‫وعاجمة في شكؿ خذ و ىات‪ ،‬كمثؿ ذلؾ السموؾ الذي يقوـ بو العامؿ بﺄف يمتنع مف القياـ‬
‫بمجيود أو عمؿ يرى فيو بﺄنو خارج حدود اختصاصو‪ ،‬أو خارج حدود متطمباتو المينية لكف‬
‫يبدي استعداد أف يقوـ بو بشرط أف يحصؿ عمى امتيازات إضافية آنية وفورية‪ ،‬أو عمى‬
‫العكس أف يطمب الرئيس المباشر مف مرؤوسو بﺄف يقوـ بعمؿ ما عمى أف يمنحو ترخيص‬
‫معيف كﺄف يتغاضى عف غياباتو أو تﺄخيراتو عف العمؿ إلى غير ذلؾ‪ ،‬أما النوع الثاني‬

‫‪ -‬اإلسجتراجتياية السجتثمارية‪ :‬يرى كؿ مف "ميشاؿ كركزيو ك أ ‪.‬فيدبرؾ " في ىذه اإلستراتيجية‬


‫اف يكوف المقابؿ بعدي وعمى المدى المتوسط أو الطويؿ فيذه اإلستراتيجية ىي سموؾ اختياري‬
‫لمفاعميف الذيف ليـ وضعية مينية تتضمف إمكانية المكافﺄة المستقبمية كالحصوؿ عمى ترقية‬
‫مينية بالنسبة لئلطارات مثبل فيؤالء عادة ما نجدىـ يقوموف بسموكات آنية تترجـ استراتيجيتيـ‬
‫المستقبمية وانطبلقا مف ىذا التصور نجد أف المؤسسات االقتصادية أو التنظيمات المختمفة في‬
‫تسييرىا لمموارد البشرية تعتمد عمى آلية المسارات المينية أو المخططات المينية‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫رابعا‪ -‬مقارنة بيف مدرسة الدارة العممية‪ ،‬مدرسة العالقات النسانية كمدخؿ الجتحميؿ السجتراجتياي‪:‬‬

‫يدخم انخذه‪ٛ‬م االسخساح‪ٛ‬ج‪ٙ‬‬ ‫يدزست انؼالقاث االَساَ‪ٛ‬ت‬ ‫االدازة انؼهً‪ٛ‬ت‬

‫َسق يغهق‪ ،‬يغ َسق يغهق‪ ،‬يغ االْخًاو بانخُظ‪ٛ‬ى بُاء اجخًاػ‪ُٚ ٙ‬خج يٍ أفؼال األفساد انر‪ٚ ٍٚ‬ذأنٌٕ‬ ‫انُظسة إنٗ‬
‫االسخفادة يٍ ْٕايش دس‪ٚ‬خٓى‪َ ْٕٔ ،‬سق يفخٕح‬ ‫انخسك‪ٛ‬ص ػهٗ انخُظ‪ٛ‬ى غ‪ٛ‬سانسسً‪ٙ‬‬ ‫انخُظ‪ٛ‬ى‬
‫انسسً‪ٙ‬‬

‫َظسة دَٔ‪ٛ‬ت‪ ،‬كآنت حُظس إن‪ ّٛ‬كؼضٕ ف‪ ٙ‬جًاػت‪َ ،‬ظس إن‪ ّٛ‬كفاػم (يٕزد إسخساح‪ٛ‬ج‪ ٙ‬حهخف دٕنّ بق‪ٛ‬ت‬ ‫انُظسة إنٗ‬
‫انُفس‪ ٙ‬انًٕازد األخسٖ )‬ ‫بانجاَب‬ ‫ٔإْخًج‬ ‫ب‪ٕٛ‬نٕج‪ٛ‬ت‬ ‫انؼايم‬
‫ٔاإلجخًاػ‪ ٙ‬نهؼايم‬

‫انفسد ف‪ ٙ‬انؼًم ال ‪ٚ‬ذفص فقظ بانسبخ‬ ‫دٔافغ انؼًم ال حقخصس ػهٗ انًكافـﺁث‬ ‫انؼايم ْٕ زجم‬
‫انًاد٘(انخا‪ٚ‬هٕز‪ٚ‬ت) ٔال ‪ٚ‬ؼخبس فاػم سهب‪ٚ ٙ‬خؤثس فقظ‬ ‫انًاد‪ٚ‬ت‪ ،‬فُٓاك داجاث َفس‪ٛ‬ت‬ ‫إقخصاد٘‪ٔ ،‬يٍ ثى‬
‫بانذٕافص انبس‪ٛ‬طت (احجاِ انؼالقاث االَساَ‪ٛ‬ت)‪ ،‬انفسد‬ ‫ٔإجخًاػ‪ٛ‬ت ػُد انؼايه‪ ،ٍٛ‬نٓا أًْ‪ٛ‬ت‬ ‫فئٌ األجس ْٕ انًخغ‪ٛ‬س‬
‫ف‪ ٙ‬انؼًم ْٕ كائٍ دس‪ ،‬اَّ ‪ٚ‬طٕز اسخساح‪ٛ‬ج‪ٛ‬اث‬ ‫كب‪ٛ‬سة ف‪ ٙ‬زفغ انسٔح انًؼُٕ‪ٚ‬ت‬ ‫انخذف‪ٛ‬ص‬
‫انٕد‪ٛ‬د انر٘ ‪ٚ‬ذسك‬
‫سهٕك‪ٛ‬ت فسد‪ٚ‬ت‪ ،‬ال بد يٍ حصً‪ٛ‬ى َظاو دٕافص فؼال‬ ‫ٔش‪ٚ‬ادة اندافؼ‪ٛ‬ت ‪.‬‬ ‫دافؼ‪ٛ‬ت انفسد نهؼًم‬
‫‪ًٚ‬كٍ حدػ‪ٛ‬ى انسهٕكاث انخ‪ ٙ‬حخفق ٔحذقق األْداف‬
‫اإلسخساح‪ٛ‬ج‪ٛ‬ت‪ٔ ،‬زبظ َظاو انذٕافص بئسخساح‪ٛ‬ج‪ٛ‬ت‬
‫انًؤسست نخدػ‪ٛ‬ى انٕالء ٔش‪ٚ‬ادة اندافؼ‪ٛ‬ت‬

‫‪ -‬خالصة‪:‬‬

‫يمكف القوؿ في األخير‪ ،‬أف التحميؿ اإلستراتيجي لممؤسسات قدـ خدمة لسوسيولوجيا التنظيـ‪،‬‬
‫مف خبلؿ طريقتو المبتكرة‪ ،‬فمف أىـ فوائد التحميؿ االستراتيجي‪ ،‬ىي امكانية تجزئة أكثر واقعية‬
‫لممؤسسات‪ ،‬فبعدما كانت عبارة عف تكتـ مبيـ مف المنتجات والوظائؼ أو الدوائر صارت مجموعة‬
‫مدققة ومنظمة مف الحرؼ التي تتضمف األحكاـ االستراتيجية‪ .‬كما أف التحميؿ االستراتيجي أضاؼ‬
‫مفاىيـ جديدة وميمة لمفكر التنظيمي‪ ،‬كالفاعؿ‪ ،‬الرىاف‪ ،‬االستراتيجية‪ ،‬منطقة الشؾ‪ ..‬مما يساىـ في‬
‫تحميؿ دقيؽ لمختمؼ الظواىر التي تحدث في المؤسسات‪ ،‬لكف يبقى التحميؿ اإلستراتيجي خاصا‬
‫بنمط مجتمعي متميز وبمؤسسات ذات طابع تنظيمي وثقافي وأفراد ليـ خصوصيات مميزة كذلؾ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬ىكامش المحكر السادس‪:‬‬

‫‪1. Emmanuel ADER , l’analyse stratégique moderne et ses outils, In Futuribles,‬‬


‫‪N° 72, Déc 1983, PP. 3-4.‬‬
‫‪ .2‬عبد القادر خريبش‪ ،‬التحميؿ االستراتيجي عند ميشاؿ كروي‪ ،‬في مجمة جامعة دمشؽ‪ ،‬المجمد‬
‫‪ ،27‬العدد األوؿ والثاني‪ ،2011 ،‬ص‪.586-581‬‬

‫‪ .3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.586-585‬‬

‫بإنتاج‬ ‫‪ .4‬انظر‪ :‬موسى خويمد‪ ،‬السمطة الرمزية لمفاعميف في المجاؿ االجتماعي وعبلقتيا‬
‫السمطة غير الرسمية في اإلدارة المحمية ‪ -‬دراسة ميدانية لبمدية إبف ناصر بف شيرة االغواط‬
‫‪ -‬رسالة ماجستير في عمـ االجتماع االتصاؿ في المنظمات‪ ،‬ج ػػامعة قاصدي مرباح ورقػػمة‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪5. Michel Crozier et E Friedberg, L’acteur et le système, Edition du seuil, Paris,‬‬
‫‪1977, PP 212-227.‬‬

‫‪86‬‬
‫المحػػػكر السابػػػػػع‪:‬‬

‫مدخؿ ادارة الاكدة الشاممة‬

‫* تمييػػد‬

‫أكل‪ -‬مفيكـ إدارة الاكدة الشاممة‬


‫ثانيا ‪ -‬نشأة كجتطكر مفيكـ إدارة الاكدة الشاممة‬
‫ثالثا ‪ -‬أىداؼ إدارة الاكدة الشاممة‬
‫ركاد إدارة الاػػػػػػكدة الشػػػػػاممة‬
‫رابعا ‪ -‬أىـ ّ‬
‫‪ - 1‬ادوارد ديمنج ‪Edward Deming‬‬
‫‪ - 2‬فميب كروسبي‪Philip B. Crosby‬‬
‫‪ - 3‬جوزيؼ جورف ‪Joseph juran‬‬
‫خامسا ‪ -‬فكائػػػد جتطبيؽ إدارة الاكدة الشػػاممة‬
‫سادسا ‪ -‬مجتطمبات جتطبيؽ إدارة الاكدة الشاممة‬

‫* خبلص ػػة‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬جتمييد‪:‬‬

‫تعد إدارة الجودة الشاممة (‪ )TOTAL QUALITY MANAGMENT‬مف أكثر األنظمة‬


‫التسييرية التي استحوذت عمى اىتماـ الباحثيف والميتميف بشكؿ خاص بتطوير األداء‬
‫وتحسيف الجودة في المؤسسات االقتصادية إنتاجية كانت أـ خدمية‪ ،‬بيدؼ امتبلؾ الميزة التنافسية‬
‫وتنميتيا في ظؿ تغيرات البيئة التنافسية‪ ،‬وىذا مف خبلؿ إرضاء العميؿ وتحقيؽ رغباتو بجودة‬
‫عالية و بشكؿ مستمر‪ .‬فقد أصبحت إدارة الجودة الشاممة ‪ TQM‬اآلف‪ ،‬وبفضؿ الكـ اليائؿ في‬
‫المعمومات وتقنيات االتصاؿ سمة مميزة لمعطيات الفكر اإلنساني الحديث‪ ،‬سيما وأف اإلدارة العممية‬
‫المعاصرة أسيمت بشكؿ حثيث في تطوير بنية المنظمات االقتصادية بشكؿ كبير‪.‬‬

‫سوؼ نحاوؿ في ىذا المحور إعطاء تحميبلً لئلطار المفاىيمي والتطبيقي لمنيجية إدارة الجودة‬
‫الشاممة كمدخؿ تنظيمي شامؿ أثبت تفوقاً وكفاءة عالية في مجاؿ الفكر التنظيمي‪.‬‬

‫أكل‪ -‬مفيكـ إدارة الاكدة الشاممة‪:‬‬

‫تعددت التعاريؼ المقدمة إلدارة الجودة الشاممة‪ ،‬و تباينت في تحديد مضمونيا حسب وجيت‬
‫نظر الباحثيف‪ ،‬ويعرؼ وليـ ادوارد ديمينغ ‪ W .Edwarads Diming‬إدارة الجودة الشاممة بﺄنيا‪:‬‬
‫"طريقة اإلدارة المنظمة تيدؼ إلى التعاوف والمشاركة المستمرة مف العامميف بالمنظمة مف أجؿ‬
‫تحسيف السمعة أو الخدمة واألنشطة التي تحقؽ رضا العمبلء وسعادة العامميف ومتطمبات‬
‫المجتمع"(‪.)1‬‬

‫وحسب ‪ KALUZNY‬الجودة الشاممة ىي‪ " :‬الطريقة النظامية في تخطيط وتنفيذ عممية التحسيف‬
‫التعرؼ‬
‫المستمر في المؤسسة التي ترّكز عمى إرضاء العميؿ وتمبية توقعاتو وتحديد المشكبلت و ّ‬
‫عمييا وزيادة الشعور باالنتماء لدى العامميف‪ ،‬ودعـ فكرة المشاركة في اتخاذ القرار‪ ،‬مف خبلؿ تطبيؽ‬
‫أدوات تحميمية واحصائية لجمع البيانات عف مختمؼ نشاطات المؤسسة‪ ،‬لتسييؿ عممية االتصاؿ‬
‫واتخاذ القرار"(‪.)2‬‬

‫‪88‬‬
‫الشاممة بﺄنيا "المنيجية المنظمة لضماف النشاطات التي تـ‬ ‫فيعرؼ إدارة‬
‫أما ‪ّ CROSBY‬‬
‫التخطيط ليا مسبقا‪ ،‬فيي األسموب األمثؿ الذي يساعد عمى منع وتجنب حدوث المشكبلت‪ ،‬وذلؾ‬
‫الجيدة‪ ،‬وكذلؾ االستخداـ األمثؿ ألساليب التح ّكـ(‪.)3‬‬
‫مف خبلؿ التشجيع عمى السموكيات ّ‬

‫نستخمص مف التعاريؼ المقدمة بﺄف إدارة الجودة الشاممة ىي نظاـ تسييري حديث يمتزـ بتقديـ‬
‫قيمة لمعمبلء‪ ،‬مف خبلؿ إيجاد بيئة يتـ فييا تحسيف و تطوير مستمر لميارات األفراد و لنظـ العمؿ‬
‫‪ ،‬مع االلتزاـ بإرضاء العميؿ و دعـ العمؿ الجماعي‪ ،‬وبالتالي تحقيؽ أىداؼ المؤسسة االستراتيجية‬
‫و امتبلؾ ميزة تنافسية مستدامة ‪ .‬عمى الرغـ مف تعدد تعاريؼ مصطمح إدارة الجودة الشاممة وذلؾ‬
‫نتيجة االستخداـ والتطبيؽ المستمر‪ ,‬إال أف ىناؾ قاسما مشتركا يجمع بينيما ىو تحري حاجات‬
‫ورغبات وتوقعات األفراد والتوافؽ معيا مف خبلؿ الجيود والتطوير المستمر عمى مستوى المؤسسة‬
‫ككؿ‪.‬‬

‫ىي تمؾ الجيود واألنشطة التي تستيدؼ تحسيف شامؿ لكافة عمميات وأنشطة ووظائؼ المؤسسة‪،‬‬
‫بالتركيز عمى تمبية رغبات ومتطمبات العميؿ‪ .‬فيي فمسفة إدارية تستيدؼ التحسيف والتطوير الدائـ‬
‫والشامؿ لكافة عمميات وأجزاء التنظيـ بغرض تحقيؽ المطابقة مع رغبات وحاجات العميؿ‪ ،‬فيي‬
‫تشمؿ الفرد والوظيفة والتنظيـ ككؿ بمختمؼ أجزائو‪.‬‬

‫ومف خبلؿ ما ورد مف تعاريؼ إلدارة الجودة الشاممة يمكف استنتاج ما يمي‪:‬‬

‫‪ .1‬أنيا فمسفة ومبادئ تسعى إلى التحسيف والتطوير المستمريف‪.‬‬

‫‪ .2‬تحقيؽ رضا المستيمؾ وكذلؾ تحقيؽ أىداؼ المنظمة‪.‬‬

‫‪ .3‬تسعى إلى تحقيؽ االستخداـ األمثؿ لمموارد البشرية والمادية‪.‬‬

‫‪ .4‬أف المؤسسة ومف خبلؿ ‪ TQM‬تعمؿ داخؿ المجتمع مف خبلؿ خدمتو فيي تسعى‬
‫وباستمرار لفيـ حاجة المستيمؾ (أو الزبوف)‪.‬‬

‫الفرؽ بيف الجودة والجودة الشاممة‪ :‬تتـ التفرقة بيف التركيز عمى الجودة وادارة الجودة الشاممة مف‬
‫خبلؿ مدى اندماج فمسفة إدارة الجودة الشاممة مع بيئة المؤسسة‪ ،‬إذ أف التركيز عمى الجودة عممية‬

‫‪89‬‬
‫مؤقتة في الغالب‪ ،‬بينما إدارة الجودة الشاممة ىي عممية طويمة األجؿ ال تﺄخذ الصفة المؤقتة‪ ،‬وانما‬
‫تﺄخذ البعد اإلستراتيجي بحيث توجو كؿ الخطط اإلنتاجية والتسويقية والمالية واإلدارية‪...‬إلخ‪،‬‬
‫باالتجاه الذي يخدـ ىذا البعد اإلستراتيجي(‪.)4‬‬

‫ثانيا ‪ -‬نشأة كجتطكر مفيكـ إدارة الاكدة الشاممة‪:‬‬

‫بدأ التركيز عمى مفيوـ الجودة في الياباف في القرف العشريف ثـ انتشر بعدىا في أمريكا والدوؿ‬
‫األوروبية ثـ باقي دوؿ العالـ‪ ,‬وقد كاف ىناؾ مساىمات عديدة مف قبؿ عدد مف العمماء والمفكريف‬
‫في تحديد مفيوـ الجودة وتطويرىا‪ ,‬ففي عاـ ‪1931‬بدأ ‪ W. Edwards Deming‬والذي تعمـ عمى‬
‫يد ‪ Shewahart‬بإعطاء محاضرات عف الجودة واألساليب اإلحصائية في الجودة لمعديد مف‬
‫الميندسيف اليابانييف‪ ،‬وقد انتشرت أفكاره بسرعة وأصبحت عناويف الجودة منشورة في عدة مجاالت‬
‫عممية‪.‬‬

‫أما ‪ Joseph Juran‬فقد نشر أوؿ كتاب لو عف ضبط الجودة في عاـ ‪ ،1951‬حيث أكد فيو‬
‫عمى مسؤولية اإلدارة عف الجودة‪ ,‬وفي السبعينات مف القرف العشريف طرح ‪Philip B. Crosby‬‬
‫مفيوـ العيوب الصفرية ‪ Zero defect‬والذي يتطمب العمؿ الصحيح مف المرة األولى(‪.)5‬واجماالً فقد‬
‫مر المفيوـ بﺄربعة مراحؿ رئيسية‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫‪-1‬مرحمة فحص الاكدة‪ :‬في ىذه المرحمة‪ ،‬كاف التركيز عمى التحديد الواضح لمواصفات المنتوج‬
‫باإلضافة إلى تحديد الخطوات البلزمة لصنع المنتوج‪ ،‬وبالتالي فإف المنتجات المطابقة لممواصفات‬
‫الفنية يمكف تسميميا إلى العميؿ‪ ،‬أما المنتجات غير المطابقة لممواصفات الفنية فإنيا إما أف تتمؼ أو‬
‫يعاد العمؿ عمييا أو يتـ بيعيا بﺄسعار أقؿ‪ .‬وقد استدعى وجود إدارة تيتـ بالفحص والتفتيش‬
‫لممنتجات وانسجاميا مع المواصفات والمعايير القياسية لتمؾ السمع‪ ،‬حيث تكوف عممية الفحص بعد‬
‫استكماؿ المتطمبات االنتاجية لتمؾ السمع‪ .‬إف عممية فحص المنتج كانت تركز فقط عمى اكتشاؼ‬
‫األخطاء والقياـ بتصحيحيا‪ ،‬فالخطﺄ أو العيب أو التمؼ قد حصؿ فعبل‪ ،‬وعممية الفحص اكتشفت‬
‫الخطﺄ لكنيا لـ تقـ بمنعو مف األساس‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -2‬مرحمة مراقبة الاكدة‪ :‬في ىذه المرحمة ظيرت طرؽ م ارقبة الجودة مف خبلؿ الطرؽ اإلحصائية‬
‫والمراقبة عف طريؽ العينة‪ ،‬فعوض مراقبة كؿ الكميات المنتجة أصبحت المراقبة تتـ عمى عينة‬
‫ممثمة لكؿ اإلنتاج‪ ،‬ليتـ اتخاذ قرار قبوؿ أو رفض كؿ المنتج بناء عمى المراقبة التي تتـ عمى العينة‪،‬‬
‫وكاف ليذا التطور الكبير عمى خفض التكاليؼ‪ .‬ومف بيف إيجابيات ىذه المرحمة أنيا تعمؿ عمى‬
‫إزالة األسباب التي كانت مف وراء عدـ الرضى عمى أداء المنظمة‪ ،‬وايجاد النظاـ الذي يمكف أف‬
‫يحقؽ المواصفات المطموبة لممنتج‪ ،‬وىذا ما تحققو التغذية العكسية التي تعمؿ عمى تحسيف الجودة‬
‫وتصحيح الوضع‪.‬‬

‫‪ -3‬مرحمة جتأكيد الاكدة‪ :‬نظرت ىذه المرحمة إلى مفيوـ الجودة بنظرة أوسع‪ ،‬مركزة عمى المنع‬
‫والوقاية مف خبلؿ المراقبة اإلحصائية‪ ،‬أي االعتماد عمى نظاـ أساسو منع وقوع األخطاء منذ‬
‫البداية‪ .‬ومفاىيـ أخرى جديدة مف قبيؿ تكمفة الجودة‪ ،‬والرقابة الكمية لمجودة‪ ،‬والعيوب الصفرية‪ .‬ولـ‬
‫تعد مسؤولية الجودة مف مياـ القسـ الواحد المسؤوؿ عف الجودة‪ ،‬ولكف المسؤولية أصبحت مف مياـ‬
‫المنظمة ككؿ‪ ،‬فيي ج أز ال يتج أز مف خطط المنظمة وتصميـ المنتج‪ ،‬وأصبح تنسيؽ الجودة بيف‬
‫األقساـ واإلدارات والوظائؼ المختمفة مف أولويات المنظمة لتحقيقيا‪.‬‬

‫‪ -4‬إدارة الاكدة الشاممة‪ :‬بدأ مفيوـ إدارة الجودة الشاممة في بداية الثمانينات‪ ،‬عمى أف االىتماـ‬
‫بيذا المدخؿ أخذ يتجو إلى تبني ثقافة جديدة‪ ،‬أو فمسفة جديدة تسير عمييا المؤسسة مع األخذ‬
‫بمعايير محددة لضماف جودة المنتج وجودة العمميات‪ ,‬ويركز ىذا المفيوـ عمى العمؿ الجماعي‬
‫وتشجيع مشاركة العامميف واندماجيـ‪ ،‬باإلضافة إلى التركيز عمى العمبلء ومشاركة المورديف‪.‬‬

‫وىناؾ فروقات عديدة بيف اإلدارة التقميدية وادارة الجودة الشاممة‪ ،‬نوجز أىميا في الجدوؿ التالي‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫ادكؿ يبيف ‪ :‬المقارنة بيف اإلدارة الجتقميدية كادارة الاكدة الشاممة‬

‫إدارة الجودة الشاممة‬ ‫اإلدارة التقميدية‬


‫‪ -1‬الرقابة الذاتية‬ ‫‪-1‬الرقابة المصيقة وتصيد األخطاء‬
‫‪ -2‬العمؿ الجماعي وروح الفريؽ‬ ‫‪-2‬العمؿ الفردي‬
‫‪ -3‬التركيز عمى المنتج والعمميات‬ ‫‪-3‬التركيز عمى المنتج‬
‫‪ -4‬اندماج الموظفيف‬ ‫‪-4‬مشاركة الموظفيف‬
‫‪ -5‬التحسيف المستمر‬ ‫‪-5‬التحسيف وقت الحاجة‬
‫‪ -6‬مرونة السياسات واإلجراءات‬ ‫‪-6‬جمود السياسات واإلجراءات‬
‫‪ -7‬تحميؿ البيانات واجراء المقارنات البينية‬ ‫‪-7‬حفظ البيانات‬
‫‪ -8‬التركيز عمى رضا العمبلء‬ ‫‪ -8‬التركيز عمى جني األرباح‬
‫‪ -9‬النظر إلى المورديف عمى أنيـ مستغميف ‪ -9‬مشاركة المورديف‬
‫‪ -10‬العميؿ الداخمي والخارجي‬ ‫‪ -10‬العميؿ الخارجي‬
‫‪ -11‬الخبرة واسعة عف طريؽ فريؽ العمؿ‬ ‫‪ -11‬الخبرة ضيقة تعتمد عمى الفرد‬
‫انًقذس‪ :‬يؾفٕا أؽًذ عٕدح‪ ،‬ئداسح انغٕدح انؾبيهخ يفبْ‪ٛ‬ى ٔرلج‪ٛ‬مبد‪ ،‬داس ٔائم نهُؾش‪ ،‬ػًبٌ األسدٌ‪ ،‬ه‪ ،2116 ،2‬ؿ‪.27‬‬

‫‪ -‬النػظػرة الحديػثػة لماػػكدة ‪:‬‬

‫أدى االىتماـ المتزايد بتحسيف الجودة إلى االنتقاؿ مف التركيز عمى السمعة وأىمية إنتاجيا‬
‫الجيد لمختمؼ‬
‫محصمة لؤلداء ّ‬
‫ّ‬ ‫بمواصفات تمبي رغبات المستيمكيف‪ ،‬إلى اعتبار الجودة ما ىي إال‬
‫وظائؼ المؤسسة ( اإلنتاجية ‪ ،‬المالية ‪ ،‬التسويقية)‪ ،‬ونتيجة لبلستغبلؿ األمثؿ لمواردىا وأصوليا‬
‫المالية والبشرية والتكنولوجية‪ .‬وتكتسي الجودة أىمية بالغة بالنسبة لمزبوف ولممؤسسة المنتجة عمى‬
‫حد سواء‪ ،‬فقد أصبحت الجودة مدخبل رئيسيا مف مداخؿ التميز لممؤسسة وعامبل مؤث ار في جذب‬
‫الزبائف والحفاظ عمى والئيـ‪ُّ ،‬‬
‫وتعد معيا ار ىاما يتخذ عمى ضوئو الزبوف ق ارراتو الشرائية‪.‬‬

‫فالنظرة الحديثة لمجودة تشتمؿ عمى األبعاد االستراتيجية والتنظيمية‪ ،‬التجارية‪ ،‬المالية‬
‫مما أدى إلى بروز ما يعرؼ بالجودة الشاممة المرتبطة بجميع وظائؼ المؤسسة‬
‫والبشرية‪ّ ،‬‬
‫ال بالمنتج فقط‪ ،‬وأف تسييرىا يتّـ مف قبؿ جميع األفراد ال المختصيف بالجودة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى أف مفيوـ الزبوف أصبح واسعا ليشمؿ الزبوف الداخمي والخارجي(‪ .)6‬والجودة الشاممة تمثّؿ‬

‫‪92‬‬
‫التكيؼ المستمر لممنتوجات أو الخدمات مع ما ينتظره الزبوف‪ ،‬مف خبلؿ التح ّكـ في وظائؼ‬
‫ّ‬
‫تتميز ببعديف ىما ‪:‬‬
‫المؤسسة و أساليب العمؿ‪ ،‬حيث ّ‬

‫البعد االقتصادي المرتبط بتخفيض التكاليؼ لمحصوؿ عمى الجودة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫البعد االجتماعي المرتبط بتعبئتو و تحفيز العامميف وارضاء العمبلء‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثالثا ‪ -‬أىداؼ إدارة الاكدة الشاممة‪:‬‬

‫إف اليدؼ مف تطبيؽ إدارة الجودة الشاممة في المؤسسات ىو(‪:)7‬‬

‫‪ -1‬رفع مستوى األداء العاـ لممنظمات‪ ،‬ألف مف مياـ إدارة الجودة الشاممة تفادي‬
‫السمبيات تماماً بحيث ال تكوف ىناؾ أية نسبة الحتماؿ وقوع الخطﺄ عند تنفيذ‬
‫األعماؿ‪ ،‬وينبغي القياـ باألعماؿ بصورة صحيحة مف أوؿ مرة‪.‬‬
‫‪ -2‬تحسيف نوعية الخدمات المقدمة والسمع المنتجة‪ ،‬مما يساىـ ذلؾ في تعزيز المركز‬
‫التنافسي لممنظمات التي تطبؽ إدارة الجودة الشاممة‪.‬‬
‫‪ -3‬تساىـ إدارة الجودة الشاممة في رفع كفاءة عممية اتخاذ الق اررات‪ ،‬مف خبلؿ االىتماـ‬
‫بنوعية وكمية المعمومات ذات العبلقة بموضوع القرار‪ ،‬فضبلً عف إيماف اإلدارة‬
‫بالمشاركة والتشاور في عممية اتخاذ القرار‪ ،‬خاصة وأف الجودة ىي مسؤولية الجميع‬
‫وتبدأ مف المجيز وحتى المستيمؾ‪.‬‬
‫‪ -4‬زيادة والء وانتماء األفراد العامميف في المنظمة التي تطبؽ إدارة الجودة الشاممة‪،‬‬
‫لسيادة ثقافة التعاوف والعمؿ الجماعي بروح الفريؽ الواحد‪ ،‬إضافة إلى اعتماد‬
‫اإلدارة عمى أساليب متنوعة مف وسائؿ التحفيز‪.‬‬
‫‪ -5‬المنظمات التي تطبؽ إدارة الجودة الشاممة تزداد قدرتيا في االستجابة لمتغيرات‬
‫البيئية والتكييؼ معيا‪ ،‬وتزداد قدرتيا عمى استثمار الفرص وتجنب المخاطر‪ ،‬مما‬
‫يساعدىا عمى البقاء واالستمرار والنمو المتواصؿ‪ .‬وبالتالي تﺄكيد المركز التنافسي‬
‫لممؤسسة‪ ,‬وبناء وتنمية وتفعيؿ قدراتيا التنافسية في مواجية تطورات السوؽ‬
‫ومحاوالت المنافسيف‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -6‬تخفيض الوقت البلزـ إلنجاز األعماؿ ‪.‬‬
‫‪ -7‬تحقيؽ متطمبات الزبوف والتركيز عمى إرضاءه بﺄعمى درجة ممكنة ‪.‬‬
‫‪ -8‬إمداد العامميف بالنظـ واإلجراءات والتوجييات التي تضمف ليـ حسف سير العمؿ ‪.‬‬
‫‪ -9‬ترشيد اإلنفاؽ العاـ بالمنظمة بشكؿ يجعؿ عنصر التكاليؼ محورا" لكؿ عمؿ المنظمة‪.‬‬

‫ركاد إدارة الاػػػػػػكدة الشػػػػػاممة‪:‬‬


‫رابعا ػػ أىـ ّ‬
‫ىناؾ العديد مف العمماء والباحثيف كاف ليـ دو ار فعاال وبصمات مميزة عمى تطور مفيوـ‬
‫ادارة الجودة الشاممة‪ ،‬وذلؾ بفضؿ دراساتيـ و أبحاثيـ التي كرسوىا إليجاد الطرؽ الفعالة لتحسيف‬
‫الجودة في المؤسسات‪ ،‬ومف ىؤالء العمماء و الباحثيف نذكر‪:‬‬

‫‪- 1‬ادكارد ديمنج ‪3 Edward Deming‬‬

‫ىو مف أوائؿ رواد إدارة الجودة الشاممة‪ ،‬ولد في الواليات المتحدة األمريكيةعاـ‪ ،1900‬ولقد اقنع‬
‫اليابانييف بتبني واستخداـ أساليب الجودة في الصناعة‪ ،‬وقدـ ديمنج نظرية أسماىا الرقابة اإلحصائية‬
‫عمى الجودة تبنتيا الياباف‪ ،‬وحققت نجاحا كبي ار‪ ،‬ولقد أسست الحكومة اليابانية جائزة أسمتيا جائزة"‬
‫ديمنج"‪ ،‬تمنح سنويا لشركة التي تتميز باالبتكار في إدارة الجودة الشاممة‪ ،‬ولقد جاؿ معظـ أنحاء‬
‫الياباف مف اجؿ إلقاء محاضرات ألجؿ تعميـ نظرياتو‪ ،‬وأيضا مف أجؿ مخاطبة الصناعييف بتبني‬
‫فمسفة إدارة الجودة الشاممة(‪.)8‬‬

‫وتتمخص فمسفة ديمنج إلدارة الجودة الشاممة في ‪14‬مبدأ‪ ،‬وىي(‪:)9‬‬

‫‪ -1‬تبني فمسفة جديدة تنص عمى التخمص مف األساليب التقميدية المتوارثة في العمؿ توجو‬
‫نحو تحسيف الجودة‪.‬‬
‫‪ -2‬السعي دائما نحو تحسيف نظاـ الخدمة وعدـ التوقؼ عند نقطة معينة‪.‬‬
‫‪ -3‬االبتعاد عف سياسة التخويؼ وخمؽ رغبة بتحسيف الجودة باستمرار‪،‬وىذا بالتركيز عمى‬
‫الحوافز االيجابية كالمكافﺂت‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -4‬التعميـ والتدريب المستمر‪ ،‬وىذا باستعماؿ التقنيات و الطرؽ الحديثة كالكمبيوتر‪.‬‬
‫‪ -5‬التوقؼ عف االعتماد عمى تفتيش وفحص الكميات الكبيرة مف المنتجات ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ -6‬التوقؼ عف الشراء بناء عمى بطاقة السعر فقط‪ ،‬واالىتماـ بﺄشياء أخرى كالصيانة و‬
‫بعض خصائص المرتبطة باستخداـ المنتج‪.‬‬
‫‪ -7‬شعور باألماف و الطمﺄنينة وىذا لكي يعمؿ الموظفيف بفعالية وتجنب الخوؼ ألنو يمنع‬
‫اإلبداع واالبتكار التي يتطمبيا تحسيف العمؿ‪.‬‬
‫‪ -8‬تشجيع العمؿ بروح فريؽ واحد‪ ،‬وىذا بإزالة العوائؽ بيف األقساـ واإلدارات‪ ،‬وفتح قنوات‬
‫اتصاؿ بينيـ‪.‬‬
‫‪ -9‬تحفيز العامميف إلى التوصؿ لحجـ إنتاج خالي مف العيوب ألف الجودة تقاس بمدى خمو‬
‫العيوب‪.‬‬
‫‪ -10‬إعطاء فرصة لمعامميف لمتفاخر بانجازاتيـ وأعماليـ‪.‬‬
‫‪ -11‬تنظيـ البرامج التعميمية والتدريبية وبعض البرامج لمتطوير الذاتي لكؿ العامميف‪.‬‬
‫‪ -12‬تكويف فرؽ عمؿ خاصة مف اجؿ انجاز العمميات اإلدارية واإلنتاجية المراد تحسينيا‪.‬‬
‫‪ -13‬التخمص مف األىداؼ التي تيتـ بتحديد كميات إنتاج والتخمص مف المعايير العمؿ‬
‫العددية لمعماؿ المطبقة في نظاـ تقويـ أداء العامميف وكفاءاتيـ‪.‬‬
‫‪ -14‬اإلشراؼ عمى العامميف باستخداـ طرؽ حديثة ومساعدتيـ عمى تحسيف أدائيـ والعمؿ‬
‫مع العمبلء مف اجؿ تحسيف صورة المؤسسة والحصوؿ عمى مقترحاتيـ ورغباتيـ في‬
‫منتج معيف‪.‬‬

‫‪ - 2‬فميب كركسبي‪3 Philip B. Crosby‬‬

‫ىو أحد العمالقة في إدارة الجودة الشاممة في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ولقد أكد عمى أىمية‬
‫مشاركة جميع األف ارد في تطوير إجراءات العمؿ‪ ،‬ويجب عمى كؿ واحد منيـ معرفة ما ىو مطموب‬
‫منيـ؟ ولقد حدد خطوط سيمة الفيـ إلدارة الجودة الشاممة‪ .‬وأسس مدرسة خاصة بتدريب وتعميـ‬
‫والمساعدة عمى تطبيؽ إدارة الشاممة‪.‬‬

‫كما اعتبر معيار األداء األساسي ىو العيوب الصفرية‪ ،‬أي عدـ وجود أي أخطاء‪ ،‬وقد قسـ‬
‫كروسبي التكاليؼ الى فئتيف التكاليؼ المقبولة وىي تمؾ التكاليؼ التي ساىمت في تحسيف مستوى‬

‫‪95‬‬
‫الجودة‪ ،‬و التكاليؼ غير مقبولة وىي تمؾ التكاليؼ التي أنفقت و لـ تحقؽ مستوى الجودة‪ .‬ولقد‬
‫وضع كروسبي أربعة أسس إلدارة الجودة الشاممة وىي كما يمي(‪:)10‬‬

‫* تعرؼ الجودة عمى أنيا توائـ و تطابؽ المتطمبات‪.‬‬

‫* تحقيؽ الجودة بالوقاية أكثر مف تقييـ األداء‪.‬‬

‫* تقاس الجودة بمدى تطابقيا مع متطمبات أو معايير وليس بمؤشرات أخرى‪.‬‬

‫* معاير الجودة ىو اإلنتاج يكوف خالي مف العيوب‪.‬‬

‫ويرتكز منيج كروسبي عمى أربعة عشر مبدأ(‪:)11‬‬

‫‪ - 1‬التزاـ اإلدارة العميا بالجودة‪.‬‬

‫‪ -2‬إنشاء فريؽ لتحسيف الجودة‪.‬‬

‫‪ - 3‬استعماؿ القياس كﺄداة موضوعية‪.‬‬

‫‪ -4‬تحديد تكمفة الجودة الشاممة‪.‬‬

‫‪ -5‬زيادة الوعي بﺄىمية إدارة الجودة الشاممة‪.‬‬

‫‪ -6‬اتخاذ اإلجراءات التصحيحية‪.‬‬

‫‪ -7‬التخطيط السميـ إلزالة العيوب مف المنتج‪.‬‬

‫‪ -8‬االىتماـ بتدريب وتعميـ المشرفيف و العامميف عمى القياـ بدورىـ في تحسيف الجودة الشاممة‪.‬‬

‫‪ -9‬إنشاء يوـ خاص لزيادة الوعي بﺄىمية شعار "صناعة البلعيوب"‪.‬‬

‫‪ -10‬تشجيع االبتكار الفردي وتحديد األىداؼ داخؿ التنظيـ‪.‬‬

‫‪ -11‬التخمص مف أسباب األخطاء‪ ،‬و إزالة معوقات االتصاؿ الفعاؿ‪.‬‬

‫‪ -12‬التعرؼ عمى أىمية عممية التحسيف ومكافئة مف يقوـ بتحسيف وتطوير الجودة الشاممة‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -13‬إنشاء مجالس لمجودة الشاممة‪ ،‬ىدفيا القياـ بعممية التنسيؽ و االتصاؿ بﺄعضاء فرؽ تطوير‬
‫الجودة‪.‬‬

‫‪ -14‬استمرار في عممية تحسيف الجودة الشاممة‪ ،‬وىدا بتكرار العمميات السابقة‪ ،‬مف اجؿ إعطاء‬
‫الموظفيف تشجيع مستمر إلزالة معوقات الجودة وتحقيؽ أىداؼ المنظمة‪.‬‬

‫‪ - 3‬اكزيؼ اكرف ‪3Joseph juran‬‬

‫أسيـ جورف ثورة الجودة في الياباف‪ ،‬حيث تـ استدعاؤه عاـ ‪1954‬مف قبؿ نقابة العمماء‬
‫والميندسيف اليابانييف إللقػ ػ ػ ػ ػ ػػاء مح ػ ػ ػ ػ ػ ػػاضرات عف الج ػ ػ ػ ػ ػػودة‪ ،‬ومسؤولية االدارة في تحقيؽ الجودة‪.‬‬
‫وحسب وجية نظر ‪ Juran‬فاف تطبيؽ الجودة الشاممة يتـ مف خبلؿ عشر خطوات(‪:)12‬‬

‫‪ .1‬خمؽ الرغبة بضرورة تحسيف الجودة‪.‬‬

‫‪ .2‬وضع أىداؼ التحسيف‪.‬‬

‫‪ .3‬تييئة التنظيـ لتحقيؽ أىداؼ الجودة‪.‬‬

‫‪ .4‬التدريب‪ :‬ضرورة تنمية ميارات العامميف مف خبلؿ التدريب‪.‬‬

‫‪ .5‬ازالة و حؿ المشكبلت‪.‬‬

‫‪ .6‬توثيؽ ما ينجز مف تقدـ‪.‬‬

‫‪ .7‬تقدير الجيود المتميزة ( االعتراؼ لؤلخريف باإلنجازات المقدمة)‪.‬‬

‫‪ .8‬نقؿ النتائج التي يحصؿ عمييا األفراد واالحتفاظ بيا‪ ،‬كونيا بيانات‪.‬‬

‫‪ .9‬التواصؿ مف أجؿ نتائج أفضؿ‪.‬‬

‫‪ .10‬المحافظة عمى الزحـ والتوسع في تحسينات الجودة في كؿ قسـ في المؤسسة‪.‬‬

‫ولقد طور نموذج الجودة وأطمؽ عمييا ثبلثية جوراف لمجودة‪ ،‬وىي تشمؿ ما يمي(‪:)13‬‬

‫* جتخطيط الاكدة‪ :‬تعد أوؿ مرحمة بحيث تركز المنظمة عمى تحديد عمبلئيا‪ ،‬واحتياجاتيـ‪،‬‬
‫وأيضا يتـ تطوير المنتج واتخاذ اإلجراءات الضرورية إلشباع احتياجات العمبلء وتوقعاتيـ‪ ،‬وأيضا‬

‫‪97‬‬
‫يتـ حصر اإلمكانيات المادية لممنظمة‪ ،‬وتحديد الخطوات العممية إلنتاج الخدمة أو السمعة‪ ،‬ومف ثمة‬
‫تسيؿ عممية انتقاؿ المعمومات إلى القسـ أو اإلدارة المسئولة عف اإلنتاج في المنظمة‪ ،‬وىذه المرحمة‬
‫تساعد المنظمة عمى تحقيؽ األىداؼ المستقبمية والحصوؿ عمى النتائج مرضية في ظؿ الظروؼ‬
‫التشغيمية‪.‬‬

‫*مراقبة الاكدة‪ :‬ىذه المرحمة تبدأ بتحديد مميزات الجودة التي تحتاج إلى قياس‪ ،‬ويؤكد عمى‬
‫عممية تحديد وحدات القياس وتكرارىا لعممية المراقبة‪ ،‬مف اجؿ إشباع متطمبات العميؿ‪ ،‬وانشاء‬
‫جدوؿ لممراقبة‪ ،‬وىذا مف اجؿ تسييؿ مراقبة واتخاذ اإلجراءات التصحيحية البلزمة وىدت السيطرة‬
‫عمي العممية نفسيا‪ .‬ومف خبلؿ ىذه المرحمة يتـ فحص والتقويـ الفعمي لممنتجات ومقارنتيا مع‬
‫المتطمبات العميؿ‪.‬‬

‫*جتحسيف الاكدة‪ :‬في ىذه المرحمة يتـ وضع اآلليات المساندة في أماكنيا الصحيحة المناسبة وىذا‬
‫مف اجؿ تحقيؽ الجودة بشكؿ مستمر‪ ،‬ويشمؿ ذلؾ توزيع الموارد و تكميؼ األفراد‪ ،‬وأيضا عمى‬
‫تشكيؿ فريؽ دائـ‪ ،‬يتولى متابعة الجودة و المحافظة عمى المكاسب المحققة‪ ،‬ويمكف تنفيذ ىده‬
‫المرحمة باستخداـ الطرؽ العممية والوسائؿ اإلحصائية والمعروفة بﺄدوات الجودة‪.‬‬

‫خامسا ‪ -‬فكائػػػد جتطبيؽ إدارة الاكدة الشػػاممة‪:‬‬

‫تبرز أىمية تطبيؽ إدارة الجودة الشاممة مف خبلؿ الفوائد المحققة مف تطبيقيا بالنسبة‬
‫(‪)14‬‬
‫‪:‬‬ ‫لممنظمات ‪ ،‬نمخصيا فيما يمي‬

‫‪ .1‬تطبيؽ نظاـ الجودة الشاممة مطمب أساسي لمحصوؿ عمى بعض الشيادات الدولية مثؿ اآليزو‪.‬‬
‫نظاـ الجودة يؤدي إلى تقميؿ التكمفة وزيادة الربحية وبالتالي تحقيؽ زيادة الفعالية التنظيمية‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫فإدارة الجودة الشاممة تركز عمى العمؿ الجماعي واشراؾ اكبر لجميع العامميف في حؿ المشاكؿ‬
‫وتحسيف العبلقات بيف اإلدارة العميا والعامميف‪ ،‬وبالتالي يقؿ معدؿ دوراف العمؿ‪.‬‬
‫‪ .3‬تقميؿ الوقت البلزـ إلنجاز الميمات‪ ،‬مما أدى إلى التوفير وحسف إدارة الوقت وفي نفس الوقت‬
‫إرضاء العميؿ‪.‬‬
‫‪ .4‬يمكف اإلدارة مف معرفة احتياجات العمبلء والوفاء بيا‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫‪ .5‬تحقيؽ الميزة التنافسية في السوؽ‪.‬‬
‫‪ .6‬المساىمة في اتخاذ الق اررات وحؿ المشكبلت بسيولة‪.‬‬
‫‪ .7‬الترابط والتنسيؽ بيف إدارات المنشﺄة أو المؤسسة ككؿ‪.‬‬
‫‪ .8‬التغمب عمى العقبات التي تعوؽ أداء الموظؼ مف تقديـ منتج ذات جودة عالية‪.‬‬
‫‪ .9‬تنمية الشعور بروح عمؿ الفريؽ الواحد واالعتماد المتبادؿ لمخبرات واالنتماء لبيئة العمؿ‪.‬‬
‫‪ .10‬توفير مزيد مف الوضوح لمعامميف وكذلؾ توفير المعمومات المرتدة ليـ وبناء الثقة بيف أفراد‬
‫المنظمة ككؿ‪.‬‬
‫‪ .11‬زيادة ارتباط العامميف بالمؤسسة وبمنتوجاتيا وأىدافيا‪.‬‬
‫‪ .12‬إحراز معدالت أعمى مف التفوؽ والكفاءة عف طريؽ زيادة الوعي بالجودة في جميع إدارات‬
‫المنظمة‪.‬‬
‫‪ .13‬تحسيف سمعة المؤسسة وتحقيؽ رضا العميؿ‪ ،‬مف خبلؿ التركيز عمى التعرؼ احتياجات ورغبات‬
‫العميؿ وتحدد دور كؿ فرد وكؿ جماعة بدءاً مف مرحمة بحوث السوؽ لتحديد المواصفات التي‬
‫تخص العميؿ‪ ،‬مرو اًر بمرحمة التصميـ ومرحمة اإلنتاج‪ ،‬ثـ النقؿ والتخزيف والمناولة والتوزيع‪،‬‬
‫وأخي ار التركيب وخدمة ما بعد البيع‪.‬‬

‫سادسا ‪ -‬مجتطمبات جتطبيؽ إدارة الاكدة الشاممة‪:‬‬

‫مف الصعوبة البالغة تطبيؽ مدخؿ إدارة الجودة الشاممة في المؤسسات‪ ،‬دوف أف يتوفر ليا عدد‬
‫مف المتطمبات البلزمة لتنفيذىا‪ ،‬وبيذا الصدد اختمؼ الباحثوف في تحديد ىذه المتطمبات‪ ،‬إال أف ىذا‬
‫االختبلؼ فيما بينيـ كاف في العدد وليس في المحتوى الكمي‪ ،‬واعتماد عمى ما أورده الباحثوف يمكف‬
‫تحديد متطمبات إدارة الجودة الشاممة‪ ،‬والتي تعكس متطمبات تطبيقيا وىي كما يمي(‪:)15‬‬

‫‪-1‬دعـ كجتأييد اإلدارة العميا‪ :‬وىو التزاـ واقتناع اإلدارة العميا في المؤسسة بحتمية وبضرورة التطور‬
‫والتحسيف المستمر ومف تـ اتخاذ قرار استراتيجي الستخداـ الجودة الشاممة كسبلح يضمف ليا‬
‫النجاح والتفوؽ عمى المنافسيف في السوؽ‪ .‬وألف تطبيؽ ‪ TQM‬يتطمب موارد مالية وبشرية وتحديد‬

‫‪99‬‬
‫السمطات والمسؤولية والتنسيؽ بينيما ويصعب الوفاء بذلؾ بدوف اقتناع اإلدارة العميا بذلؾ والتي ىي‬
‫عامؿ التغير في المؤسسة‪.‬‬

‫‪-2‬التوجو لممستيمؾ وتعميؽ الفكرة‪ :‬العمؿ عمى تحقيؽ رضا المستيمكيف والذي يعتبر أىـ مطمب‬
‫مف متطمبات ‪ TQM‬والعمؿ عمى تعميؽ فكرة المستيمؾ يدير المؤسسة ‪.‬‬

‫فالمستيمؾ ىو محور كؿ المجيودات بدءاً مف تصميـ المنتجات وانتياء بخدمات ما بعد البيع‪.‬‬
‫واعتبار رغباتو ىي التي تقود العمميات اإلنتاجية عمى اختبلؼ أنواعيا في المؤسسة‪.‬‬

‫‪-3‬جتييئة الثقافة الجتنظيمية كبيئة العمؿ‪ :‬إف نجاح إدارة الجودة الشاممة معقود بتييئة المؤسسة إلى‬
‫بيئة عمؿ وبشكؿ خاص الثقافة التنظيمية وجعميا متناسبة ومتناغمة مع فمسفة تطبيؽ إدارة الجودة‬
‫الشاممة‪ .‬والتي يمكف أف نطمؽ عمييا بثقافة إدارة الجودة الشاممة والتي تشمؿ المعتقدات والقيـ‬
‫المتعمقة بمختمؼ أبعاد وبيئة تنظيـ العمؿ وأسموب العمؿ وممارسة السمطة والمسؤولية وتقييـ األداء‬
‫وغيرىا‪.‬‬

‫‪-4‬الجتدريب كالجتعميـ المسجتمر‪ :‬يجب تزويد جميع العامميف عمى كافة المستويات بالمعدالت المناسبة‬
‫والمبلئمة مف التعميـ والتدريب إلكسابيـ الوعي بﺄىمية ومفاىيـ الجودة الشاممة‪ ،‬ولكي تصبح‬
‫مياراتيـ واتجاىاتيـ مناسبة ومبلئمة لفمسفة التحسيف المستمر فالتعميـ والتدريب يوفراف لغة مشتركة‬
‫خبلؿ العمؿ‪.‬‬

‫‪-5‬اإلدارة الايدة لممكارد البشرية في المؤسسة‪ :‬الموارد البشرية ىي القوى الدافعة لنجاح مدخؿ‬
‫إدارة الجودة الشاممة‪ ،‬ولذلؾ‪:‬‬

‫‪ -‬توجيو االىتماـ إلييا‪ ،‬مف خبلؿ اإلدارة الجيدة ليا والبعد عف الطرؽ التقميدية في إدارتيا‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز عمى تطوير واالرتقاء بنظاـ االختيار‪ ،‬التعييف‪ ،‬شغؿ الوظائؼ‪ ،‬تقييـ األداء‪ ،‬برامج‬
‫التدريب‪ ,‬التحفيز‪.‬‬
‫‪ -‬بناء فرؽ عمؿ ذاتية اإلدارة لضماف المشاركة والتعاوف لتحقيؽ التحسيف المستمر‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة وصؼ الوظائؼ‪ ،‬تطوير عممية تصميـ الوظائؼ‪ ،‬تقييـ تقارير األداء‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪-6‬قياس األداء لإلنجتااية كالاكدة‪ :‬البد مف توفير نظاـ لمقياس دقيؽ يعتمد عمى استخداـ األساليب‬
‫اإلحصائية المناسبة لتحديد التفاوت غير اإليجابي في إنجاز وأداء العمميات والمياـ‪ ،‬الذي ُيسيؿ‬
‫القضاء عمى التفاوت في انجاز تمؾ األعماؿ والمياـ بشكؿ كامؿ‪.‬‬

‫‪-7‬جتبني أنماط قيادية مالئمة لفمسفة إدارة الاكدة الشاممة‪ :‬ىناؾ العديد مف األنماط القيادية في‬
‫الممارسات اإلدارية ولكف النمط المبلئـ إلدخاؿ وتطبيؽ إدارة الجودة الشاممة ىو النمط الذي يعمؿ‬
‫بروح الفريؽ والذي يعمؿ عمى توفير ودعـ مناخ يؤمف بالعمؿ الجماعي المنسؽ‪ ،‬وكذلؾ ىو النمط‬
‫الذي يحرؾ ويحفز العامميف مف أجؿ اإلبداع واالبتكار والتحسيف المستمر‪.‬‬

‫‪-8‬المشاركة الشاممة مف اانب اميع العامميف بالمؤسسة‪ :‬ويتطمب ذلؾ‪:‬‬

‫‪ -‬إزالة الحواجز مف أماـ جيود تحسيف الجودة اإلنتاجية‪.‬‬


‫‪ -‬التخمص مف الخوؼ حتى يستطيع كؿ فرد أف يعمؿ مف أجؿ المؤسسة‪ ,‬وىذا يتطمب التعامؿ‬
‫مع كؿ األفراد كفريؽ واحد‪ ،‬وكذلؾ يتطمب ضرورة ُوجود رؤية مشتركة ومعرفة ومقبولة مف‬
‫جانب كافة العامميف والمديريف لمتنظيـ‪.‬‬
‫‪ -‬المشاركة تشمؿ أيضا المورديف‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ المحافظة عمى الجودة مف خبلؿ توريد‬
‫أفضؿ المواد المطموبة لعممية اإلنتاج أو تقديـ الخدمة‪.‬‬
‫‪ -‬المورد في مفيوـ الجودة الشاممة ليس نِداً أو طرؼ مواجية مع المؤسسة‪ ،‬بؿ ىو شريؾ‬
‫لممؤسسة وحميفيا وجزءاً منيا‪.‬‬
‫‪-9‬بناء نظاـ لممعمكمات‪ :‬لـ يكتب النجاح لجميع محاوالت تطبيؽ ‪ TQM‬بدوف توفير وتييئة‬
‫نظاـ معمومات يعتمد عمى قاعدة بيانات فعالة‪ ،‬لذلؾ فإف تصميـ وادارة نظاـ معمومات حديث‬
‫ومتطور يجب أف يحظى باىتماـ اإلدارة العميا واعتباره شرطا لنجاح تطبيؽ إدارة الجودة الشاممة‪،‬‬
‫والبد مف تطبيؽ األساليب الحديثة في معالجة البيانات واتخاذ الق اررات باالعتماد عمى أساليب‬
‫متعددة مف أىميا العصؼ الذىني ‪ Brain Storming‬وأسموب استقصاء االتجاىات وبحوث‬
‫العمميات واألساليب اإلحصائية المختمفة وغيرىا‪ .‬وىذا ما يوفره نظاـ المعمومات لضبط جميع‬
‫العمميات داخؿ المؤسسة‪ ,‬ألف ىناؾ تﺄثيرات كثيرة تتطمبيا عممية تطبيؽ ‪.TQM‬‬

‫‪111‬‬
‫* خالصػػػة‪:‬‬

‫تمثؿ إدارة الجودة الشاممة عممية متكاممة تشمؿ جميع العامميف واألنشطة ومختمؼ المستويات‬
‫اإلدارية لممؤسسة‪ ،‬حيث تستوجب إستخداـ مجموعة مف المفاىيـ الحديثة وتبني عددا مف المبادئ‬
‫اإلدارية الجديدة بمشاركة جميع العامميف‪ ،‬مف أجؿ ترسيخ مبدأ العمؿ الجماعي وتفجير الطاقات‬
‫اإلمكانيات لتحقيؽ الجودة العالية‪ ،‬وتحسينيا بشكؿ مستمر إلرضاء الزبوف وتمبية إحتياجاتو ومما‬
‫يعود بالفائدة لكؿ مف العامميف والمنظمة‪ .‬كما يعتبر مفيوـ إدارة الجودة الشاممة مف المفاىيـ اإلدارية‬
‫الحديثة‪ ،‬التي تيدؼ إلى ارساء النظاـ الفعاؿ لتكامؿ جيود كؿ أقساـ المؤسسة وكذا تحسيف وتطوير‬
‫الجودة‪ ،‬مف خبلؿ استخداـ العنصر البشري والموارد المالية المتاحة‪ ،‬بيدؼ إشباع حاجات العميؿ‬
‫وتحقيؽ رغباتو‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬ىكامش المحكر السابع‪:‬‬
‫‪ .1‬يذؽذ أثٕ انُقش‪ ،‬أعبع‪ٛ‬بد ئداسح انغٕدح انؾبيهخ‪ ،‬داس انفغش نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪ ،‬انمبْشح‪ ،2118 ،‬ؿ‬
‫ؿ‪.65-64‬‬
‫‪ .2‬خبنذ ثٍ عؼذ ػجذ انؼض‪ٚ‬ض ثٍ عؼ‪ٛ‬ذ‪ ،‬ئداسح انغٕدح انؾبيهخ‪ ،‬انش‪ٚ‬بك‪ ،‬انكج‪ٛ‬ؼبٌ نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪، 1998 ،‬‬
‫ؿ ‪.75‬‬
‫‪ .3‬ػجذ انؼض‪ٚ‬ض أثٕ َجؼخ‪ ،‬ئداسح انغٕدح انؾبيهخ ‪ ،‬انًفبْ‪ٛ‬ى ٔ انزلج‪ٛ‬مبد‪ ،‬ف‪ ٙ‬يغهخ اﻹداس٘‪ ،‬انؼذد ‪،74‬‬
‫عجزًجش ‪ ،1998‬ؿ ‪.71‬‬
‫‪ .4‬صسٔل‪ ٙ‬ئثـشاْ‪ٛ‬ى ٔ نؾٕل ػجذ انمـبدس‪ ،‬انغٕدح انؾبيهخ‪ :‬غـب‪ٚ‬خ ف‪ ٙ‬ؽذ رارٓب أو ٔع‪ٛ‬هخ نشفغ يغزٕٖ أداء‬
‫انًإعغبد ؟ ٔسلخ يمذيخ نهًهزمٗ انٕهُ‪ ٙ‬ؽٕل‪ :‬ئداسح انغٕدح انؾبيهخ ٔرًُ‪ٛ‬خ أداء انًإعغبد عبيؼخ د‪.‬‬
‫يٕ ٘ انلبْش‪ -‬عؼ‪ٛ‬ذح‪ ،‬انغضائش‪.‬‬
‫‪ .5‬يؾفٕا أؽًذ عٕدح‪ ،‬ئداسح انغٕدح انؾبيهخ يفبْ‪ٛ‬ى ٔرلج‪ٛ‬مبد‪ ،‬داس ٔائم نهُؾش‪ ،‬ػًبٌ األسدٌ‪ ،‬ه‪،2‬‬
‫‪ ،2116‬ؿ ‪.24‬‬
‫‪ .6‬ػه‪ ٙ‬سؽبل ٔ ئنٓبو ‪ٚ‬ؾ‪ٛ‬بٔ٘‪ ،‬انغٕدح ٔانغٕق‪ ،‬يغهخ انزٕافم‪ ،‬عبيؼخ ثبع‪ ٙ‬يخزبس‪ -‬ػُبثخ ‪ ،‬انؼذد ‪،15‬‬
‫يبسط ‪ ،2111‬ؿ‪42 :‬‬
‫‪7. Annie Hondeghem et Karolien Van Dorpe, Les systèmes de gestion de la‬‬
‫‪performance pour la haute fonction publique, Quelle est la force des marchés‬‬
‫‪bureaucratiques managériaux ? Revue Internationale des Sciences‬‬
‫‪Administratives 2013/1 (Vol. 79) , Bruxelles (Belgique).‬‬
‫‪ .8‬ؽُ‪ ُٙٛ‬ػجذ انشؽ‪ٛ‬ى ٔآخشٌٔ‪ ،‬ئداسح انغٕدح انؾبيهخ يذخم اعزشار‪ٛ‬غ‪ ٙ‬نهزغ‪ٛٛ‬ش انزُظ‪ ًٙٛ‬ف‪ ٙ‬يُظًبد‬
‫األػًبل‪ٔ ،‬سلخ يمذيخ ئنٗ انًهزمٗ انذٔن‪ ٙ‬ؽٕل‪ :‬اﻹثذاع ٔانزغ‪ٛٛ‬ش انزُظ‪ ًٙٛ‬ف‪ ٙ‬انًُظًبد انؾذ‪ٚ‬ضخ‪،‬‬
‫عـــبيؼخ عؼذ دؽهت ثبنجه‪ٛ‬ذح‪ ،‬يب٘ ‪ ،2111‬ؿ ؿ ‪.13-12‬‬
‫‪9. LES‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪POINTS‬‬ ‫‪DE‬‬ ‫‪W.‬‬ ‫‪EDWARDS‬‬ ‫‪DEMING‬‬ ‫‪in‬‬
‫‪http://www.sante.dz/Dossiers/qualite-soins/annexes.pdf en date du 01.02.2015.‬‬
‫‪ .11‬يؾفٕا أؽًذ عٕدح‪ " ،‬اداسح انغٕدح انؾبيهخ يفبْ‪ٛ‬ى ٔ رلج‪ٛ‬مبد"‪ٔ ،‬ائم نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ‪ ،‬ػًبٌ‪،2114 ،‬‬
‫ؿ ـ ؿ‪.34 - 33 :‬‬
‫‪ .11‬يٕعٗ انهٕص٘‪ ،‬انزًُ‪ٛ‬خ ا داس‪ٚ‬خ‪ ،‬داس ٔائم نهلجبػخ ٔانُؾش‪ ،‬ػًبٌ‪ ،1998 ،‬ؿ ‪.249‬‬
‫‪ .12‬يٓذ٘ انغًشاَ‪ ،ٙ‬اداسح انغٕدح انؾبيهخ ف‪ ٙ‬انملبػ‪ ٍٛ‬ا َزبع‪ٔ ٙ‬انخذي‪ ،ٙ‬داس عش‪ٚ‬ش نهُؾش‪ ،‬ػًبٌ‪،‬‬
‫‪ ،2117‬ؿ ‪.93‬‬
‫‪ .13‬ؽًٕد ؽن‪ٛ‬ش كبمى‪ ،‬اداسح انغٕدح انؾبيهخ‪ ،‬داس انً‪ٛ‬غش نهُؾش ٔانزٕص‪ٚ‬غ ٔانلجبػخ‪ ،‬ػًبٌ‪ ،2111 ،‬ؿ‬
‫‪.94‬‬
‫‪ .14‬ػجذهللا ثٍ يجبسن آل ع‪ٛ‬ف‪ ،‬يؾشٔع انزذس‪ٚ‬ت ػهٗ سأط انؼًم ٔرؾم‪ٛ‬ك انغٕدح انؾبيهخ ٔانؾقٕل ػهٗ‬
‫ؽٓبدح ا‪ٜٚ‬ضٔ انؼبنً‪ٛ‬خ ػهٗ انًٕلغ‪ ،www.alukah.net :‬ثزبس‪ٚ‬خ‪.2114.12.13 :‬‬

‫‪ 15‬ؽُ‪ ُٙٛ‬ػجذ انشؽ‪ٛ‬ى ٔآخشٌٔ‪ ،‬يشعغ عبثك‪ ،‬ؿ ؿ ‪.15-13‬‬ ‫‪.15‬‬

‫‪113‬‬
‫* الخـاتـمـــة‪:‬‬

‫إف المتفحص لمتراث العممي في عمـ اإلجتماع وأدبيات التنظيـ‪ ،‬يجد أف اإلتجاىات النظرية‬
‫المختمفة درست وحممت قضايا المؤسسة‪ ،‬كؿ منيا حسب إطارىا المرجعي ومنطمقاتيا األيديولوجية‪.‬‬
‫كما أنيا تتفاوت مف حيث التركيز عمى المواضيع التي تتناوليا ومف حيث طريقة بنائيا‪ ،‬وكذلؾ مف‬
‫حيث قوتيا ودرجة التحقؽ التجريبي مف فرضياتيا‪.‬‬

‫وقد عرفت نظريات المؤسسة‪ ،‬تطو ار مف النظرية الكبلسكية التي تنظر إلى المؤسسة عمى ٲنيا‬
‫نسؽ مغمؽ وجامد ال يتفاعؿ مع البيئة الخارجية التي تعمؿ فييا‪ ،‬إلى النظرية الحديثة التي تنظر‬
‫ﺇ لى التنظيـ كنسؽ مفتوح‪ ،‬يتداخؿ مع البيئة المحيطة بو‪ ،‬فيعتمد عمييا ويتػٲثر بالظروؼ الخارجية‬
‫ويؤثر فييا‪.‬‬

‫ومف خبلؿ نظرة شاممة ليذه النظريات‪ ،‬يمكننا القوؿ أنيا تشكؿ نسقا فكريا يعكس اىتماـ‬
‫أصحابيا بدراسة وتحميؿ التنظيمات‪ ،‬مف أجؿ تحقيؽ المستوى األمثؿ مف الكفاءة التنظيمية‪ ،‬فبالرغـ‬
‫مف أف ىذه المدارس قد توصمت إلى نتائجيا مف منطمقات مختمفة ووجيات نظر معينة‪ ،‬إال أنيا في‬
‫النياية تتكامؿ لتشكؿ األساليب الحديثة في التنظيـ والعمؿ‪ ،‬والتي مف شﺄنيا تحقيؽ الفعالية والنجاعة‬
‫المطموبة في التنظيمات‪.‬‬

‫وفي الختاـ أرجو أف يمبي ىذا الجيد العممي المتواضع بعضا مف حاجات طبلب عمـ‬
‫االجتماع‪ ،‬لبلستفادة منو في دراساتيـ وبحوثيـ المستقبمية عف المؤسسات والتنظيمات‪ ،‬وأف يفتح‬
‫أماميـ آفاقا جديدة مف البحث ومف التجديد المستمر في الممارسة السوسيولوجية‪ .‬ىذا وإننا لنحمد اهلل‬
‫سبحانو وتعالي على انتهائنا من كتابة ىذا العمل العلمي المتواضع وإعداده في صورتو الحالية آملين في‬
‫وجهو الكريم أن نكون قد قدمنا شيئاً ولو ضئيالً‪ ،‬يمكن أن يساىم في مجال البحث العلمي‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬المراجع‬

‫أوال‪ -‬مراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ .1‬إبراىيـ عبد اليادي المميجي‪ ،‬ﺇستراتيجيات وعمميات اإلدارة‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ .2‬الربيع ميموف‪ ،‬نظرية القيـ في الفكر المعاصر بيف النسبية والمطمقية‪ ،‬الشركة الوطنية لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪.1980 ،‬‬
‫‪ .3‬السيد الحسيني‪ ،‬عمـ اجتماع التنظيـ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪.1994 ،‬‬
‫‪ .4‬جماؿ الديف الغزاوي‪ ،‬ميارات الممارسة في العمؿ االجتماعي‪ ،‬مطبعة االشعاع الفنية‪ ،‬القاىرة‪.2001 ،‬‬
‫‪ .5‬جماؿ الديف محمد المرسي وثابت عبد الرحماف ادريس‪ ،‬السموؾ التنظيمي‪ -‬نظريات ونماذج وتطبيؽ‬
‫عممي الدارة السموؾ في المنظمات‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪.2002 ،‬‬
‫‪ .6‬حامد أحمد رمضاف بدر‪ ،‬إدارة المنظمات‪ ،‬إتجاه شرطي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط ‪.1993 ،3‬‬
‫‪ .7‬حساف محمد الحسف‪ ،‬المدخؿ إلى عمـ االجتماع‪ ،‬دار الطميعة‪ ،‬بيروت‪.1988 ،‬‬
‫‪ .8‬حسيف حريـ‪ ،‬إدارة المنظمات‪ ،‬منظور كمي‪ ،‬دار حامد لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪.2003 ،‬‬
‫‪ .9‬حسيف عبد الحميد أحمد رشواف‪ ،‬عمـ اجتماع التنظيـ‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫‪ .11‬حسيف صديؽ‪ ،‬االتجاىات النظرية التقميدية لدراسة التنظيمات االجتماعية‪ -‬عرض وتقويـ ‪ -‬مجمة‬
‫جامعة دمشؽ‪ ،‬المجمد ‪ ،27‬العدد الثالث والرابع‪ ،‬دمشؽ‪.2011 ،‬‬
‫‪ .11‬حمود حضير كاظـ‪ ،‬ادارة الجودة الشاممة‪ ،‬دار الميسر لمنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عماف‪.2000 ،‬‬
‫‪ .12‬حنفي محمود سميماف‪ ،‬وظػائؼ االدارة ‪ ،‬مطبعة االشعاع الفني ‪ ،‬مصر ‪.1998‬‬
‫‪ .13‬خالد بف سعد عبد العزيز بف سعيد‪ ،‬إدارة الجودة الشاممة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الكبيعاف لمنشر والتوزيع‪.1998 ،‬‬
‫‪ .14‬رابح كعباش‪ ،‬عمـ اجتماع التنظيـ‪ ،‬مخبر عمـ اجتماع االتصاؿ‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،‬ﺍلجﺯﺍئﺭ‪.2006 ،‬‬
‫‪ .15‬سبلطنية بمقاسـ‪ ،‬العبلقات االنسانية في المؤسسة‪ ،‬مجمة العموـ االنسانية‪ ،‬تصدرىا جامعة محمد‬
‫خيضر بسكرة‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬فيفري ‪.2014‬‬
‫‪ .16‬سالـ لبيض‪ ،‬ثقافة المؤسسة وأثر العولمة في المغرب العربي‪ :‬مثاؿ تونس‪ ،‬مجمة انسانيات‪ ،‬يصدرىا‬
‫المركز الوطني لمبحث في األنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية بوىراف‪ ،‬العدد ‪.2003 ،22‬‬
‫‪ .17‬ناصر دادي عدوف‪ ،‬اقتصاد المؤسسة‪ ،‬دار المحمدية العامة‪.1998 ،‬‬
‫‪ .18‬سعد عيد مرسي بدر‪ ،‬األيديولوجيا ونظرية التنظيـ‪ -‬مدخؿ نقدي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ .19‬سعد يس عامر ومحمد عمي عبد الوىاب‪ :‬الفكر المعاصر في التنظيـ واإلدارة‪ ،‬مركز وايد سيرفيس‬
‫لبلستشارات والتطوير اإلداري‪ ،‬الواليات المتحدة‪.1984 ،‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ .21‬سييمة محمد عباس‪ ،‬إدارة الموارد البشرية‪ ،‬مدخؿ ﺇستراتيجي‪ ،‬دار وائؿ لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ .21‬شنيني عبد الرحيـ وآخروف‪ ،‬إدارة الجودة الشاممة مدخؿ استراتيجي لمتغيير التنظيمي في منظمات‬
‫األعماؿ‪ ،‬ورقة مقدمة إلى الممتقى الدولي حوؿ‪ :‬اإلبداع والتغيير التنظيمي في المنظمات الحديثة‪،‬‬
‫ج ػػامعة سعد دحمب بالبميدة‪ ،‬ماي ‪.2011‬‬
‫‪ .22‬عبد العزيز أبو نبعة‪ ،‬إدارة الجودة الشاممة‪ ،‬المفاىيـ والتطبيقات‪ ،‬في مجمة اإلداري‪ ،‬العدد ‪ ،74‬سبتمبر‬
‫‪.1998‬‬
‫‪ .23‬عبد العزيز صالح بف حبتور‪ ،‬اإلدارة العامة المقارنة‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ .24‬عبد القادر خريبش‪ ،‬التحميؿ االستراتيجي عند ميشاؿ كروي‪ ،‬في مجمة جامعة دمشؽ‪ ،‬المجمد ‪،27‬‬
‫العدد األوؿ والثاني‪.2011 ،‬‬
‫‪ .25‬عبد اهلل محمد عبد الرحماف‪ ،‬النظرية في عمـ اإلجتماع‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬النظرية السوسيولوجية‬
‫المعاصرة‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ .26‬عمى السممي‪ ،‬تطور الفكر التنظيمي‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط ‪.1980 ،2‬‬
‫‪ .27‬صالح بف نوار‪ ،‬فعالية التنظيـ في المؤسسات االقتصادية‪ ،‬مخبر عمـ اجتماع لمبحث والترجمة‪ ،‬جامعة‬
‫قسنطينة‪.2006 ،‬‬
‫‪ .28‬عمي رحاؿ و إلياـ يحياوي‪ ،‬الجودة والسوؽ‪ ،‬مجمة التواصؿ‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬العدد ‪،05‬‬
‫مارس ‪.2001‬‬
‫‪ .29‬عمي غربي‪ ،‬إدارة الموارد البشرية‪ ،‬منشورات جامعة قسنطينة‪.2003 ،‬‬
‫‪ .31‬طمعت إبراىيـ لطفي‪ ،‬عمـ ﺇجتماع التنظيـ‪ ،‬دار غريب لمطباعة‪ ،‬القاىرة‪.1993 ،‬‬
‫‪ .31‬فؤاد الشيخ سالـ وآخروف‪ ،‬المفاىيـ اإلدارية الحديثة‪ ،‬دار الشرؽ األوسط لمطباعة‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪،‬‬
‫ط‪.1995 ،5‬‬
‫‪ .32‬فيمي سميـ الغزوي وآخروف‪ ،‬المدخؿ الى عمـ االجتماع‪ ،‬دار الشروؽ‪ ،‬عماف‪ ،‬االردف‪.2004 ،‬‬
‫‪ .33‬ماجدة العطية‪ ،‬سموؾ المنظمة‪ ،‬سموؾ الفرد والجماعة‪ ،‬دار الشروؽ لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪.2003 ،‬‬
‫‪ .34‬مؤيد سعيد السالـ‪ ،‬تنظيـ المنظمات‪ ،‬دراسة في تطور الفكر التنظيمي خبلؿ مئة عاـ‪ ،‬دار الكتب‬
‫الحديث‪ ،‬األردف‪ ،‬ط ‪.2002 ،2‬‬
‫‪ .35‬محفوظ أحمد جودة‪ ،‬ادارة الجودة الشاممة مفاىيـ و تطبيقات‪ ،‬وائؿ لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪.2004 ،‬‬
‫‪ .36‬محمد عمي محمد‪ ،‬عمـ اجتماع التنظيـ‪ ،‬مدخؿ لمتراث والمشكبلت والموضوع والمنيج ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار‬
‫المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬
‫‪ .37‬محمد سمماف العمياف‪ ،‬السموؾ التنظيمي في منظمات األعماؿ‪ ،‬دار وائؿ لمنشر‪ ،‬عماف‪.2002 ،‬‬

‫‪116‬‬
.2000 ،‫ اإلسكندرية‬،‫ الدار الجامعية‬،‫ مبادئ اإلدارة‬،‫ محمد فريد الصحف وآخروف‬.38
.2008 ،‫ القاىرة‬,‫ دار الفجر لمنشر والتوزيع‬،‫ أساسيات إدارة الجودة الشاممة‬،‫ مدحت أبو النصر‬.39
.1992 ،‫ الجزائر‬،‫ المؤسسة الوطنية لمكتاب‬،‫ أسس عمـ النفس الصناعي والتنظيمي‬،‫ مصطفى عشوي‬.41
،‫ عماف‬،‫ دار جرير لمنشر‬،‫ ادارة الجودة الشاممة في القطاعيف االنتاجي والخدمي‬،‫ ميدي السمراني‬.41
.2007
.1998 ،‫ عماف‬،‫ دار وائؿ لمطباعة والنشر‬،‫ التنمية االدارية‬،‫ موسى الموزي‬.42
‫ ترجمة‬،‫ تدخبلت عمـ السموؾ لتحسيف المنظمة‬،‫ تطوير المنظمات‬:‫ وندؿ فرنش سيسؿ بيؿ جونير‬.20
.2111 ‫ الرياض‬،‫ دار الطباعة والنشر بمعيد اإلدارة العامة‬،‫وحيد بف أحمد اليندي‬
‫ مراجع باللغة األجنبية‬-‫ثانيا‬
6. Annie Hondeghem et Karolien Van Dorpe, Les systèmes de gestion de la performance pour
la haute fonction publique, Quelle est la force des marchés bureaucratiques managériaux ?
Revue Internationale des Sciences Administratives, 2013/1 (Vol. 79) Bruxelles (Belgique).
7. Emmanuel ADER " l’analyse stratégique moderne et ses outils", In Futuribles, N° 72, Paris,
Dec 1983.
8. Jean Longatte et Jacques Muller, Economie d’entreprise, Dunod, 2 ème ED, Paris, 1999.
9. Laurence Baranski: le manager éclairé, Piloter le changement, Editions d’organisation, 2ème
tirage, Paris, 2001.
ème
10. Michel Amiel et autres, Management de l’administration, Imprimerie du Culot, 2 ED,
Paris, 1998.
11. Michel Crozier et E. Friedberg, L’acteur et le système, paris, Edition du seuil, 1977.
12. Nicole Albert, Diriger et Motiver, art et pratique du management, Ed d’Organisation, 2 émé
édition, Paris, 2002.
13. Pierre Conso, Gestion Financière de l’entreprise, Dunod, 8 ème ED, Paris, 2000.
14. Pierre Morin et Eric Delavallée: Le manager à l’écoute du sociologue, édition
d’organisation, Paris, 5éme tirage, 2001.
15. Stephen Robbins, Organization theory; structure design and applications third, edition New
Jersey, prentice hall, 1990.
16. Yves Simon et Patrick Joffre .Encyclopedie de gestion, édition Economia, Tome 1, 2ème
édition; Paris; 1997.

:‫ج) مكاقع األنجترنت‬

‫ مشروع التدريب عمى رأس العمؿ وتحقيؽ الجودة الشاممة والحصوؿ عمى‬،‫ عبداهلل بف مبارؾ آؿ سيؼ‬.1
www.alukah.net :‫شيادة اآليزو العالمية عمى الموقع‬
2. Les 14 Points de W. Edward Deming in: http://www.sante.dz/Dossiers/qualite-
soins/annexes.pdf en date du 01.02.2015.

:‫ عمى الموقع‬،‫ التنظيـ وادارة السموؾ البشري في نظرية البنائية الوظيفية والنظرية المعدلة‬،‫ دنبػػري لطفي‬.3

.2115.12.24 :‫خ‬ٚ‫ ثزبس‬http://nsalharbi.blogspot.com/2009/04/blog-post_1149.html

117

You might also like