You are on page 1of 54

‫مجزوءة‪ :‬منازعات التعمير‬ ‫ماستر‪ :‬العقار والتعمير‬

‫والبناء‬ ‫الفصل‪ :‬الثامن‬

‫عرض تحت عنوان‬

‫دعوى االعتداء المادي في‬


‫القضاء اإلداري المغربي‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬


‫فيصل بوتشكورت‬
‫من إعداد الطالبتين‪:‬‬
‫رشيدة لعميري‬
‫كوثر أمعيطيت‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪2022/2021‬‬
‫الئحة المختصرات‬
‫الطبعة‬ ‫ط‬

‫المطبعة‬ ‫مط‬

‫دون ذكر الطبعة‬ ‫د‪.‬ط‬

‫دزن ذكر المطبعة‬ ‫د‪.‬مط‬

‫العدد‬ ‫ع‬

‫الصفحة‬ ‫ص‬

‫قانون المسطرة المدنية‬ ‫قمم‬

‫مرجع سابق‬ ‫مس‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫يعتبر المغرب من بين الدول التي جاهدت إلى تقوية وتركيز دعائم دولة الحق‬
‫والقانون ‪ ،‬ويتمظهر ذلك في اإلرادة السياسية القوية والراسخة في وجوب احترام‬
‫الحقوق والخضوع للقانون في تعاملها مع المواطنين ‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على‬
‫الممتلكات بما في ذلك حق الملكية العقارية ‪ ،‬ألنها ‪ ،‬من أوسع الحقوق العينية وأقواها ‪،‬‬
‫وتعتبر من مقومات الحياة الكريمة لألفراد ‪.‬‬

‫ووعيا من المشرع بأهمية الملكية العقارية فقد سعى إلى إحاطتها بسياج من‬
‫للمقتضيات القانونية التي تهدف إلى حمايتها من كل اعتداء ‪ ،‬والتي يأتي على رأسها‬
‫الدستور المغربي لسنة ‪ ، 2011‬حيث ارتقى المشرع المغربي بهذا الحق إلى مصاف‬
‫الحماية الدستورية بموجب الفصل ‪ ، 35‬والذي اعتبره من أهم الحقوق الراجعة لألفراد‬
‫وال يمكن المساس بها إال بموجب القانون وطبقا لإلجراءات المحددة ‪ .‬وقد كرس ‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫المشرع المغربي‪ -‬نفس المضمون في المادة ‪ 231‬من مدونة الحقوق العينية‬

‫ويشكل احترام مبدأ المشروعية أسس دولة الحق والقانون‪ ،‬ودعامة احترام‬
‫حقوق وحريات األفراد والجماعات ‪.‬‬

‫إال أن طبيعة العالقة التي تربط اإلدارة بالمواطنين ‪ ،‬غالبا ما تؤدي إلى انتهاك‬
‫هذه الحقوق والحريات ‪ ،‬نظرا لتنوع تدخالت اإلدارة في الحياة اليومية ‪ ،‬وتعدد‬
‫مسؤولياتها ونشاطها حيث تتدخل في عدة مجاالت سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ‪،‬‬
‫وهو ما يقتضي إصدار قرارات إدارية ‪ ،‬والقيام بأعمال مادية ‪ ،‬وقد تلحق أضرارا‬
‫باألغيار ‪ ،‬مواطنين كانوا أو أجانب ‪ ،‬أشخاصا معنويين أو أشخاصا طبيعيين ‪ ،‬وهو ما‬
‫قد يؤدي إلى الوقوع في حالة من حاالت االعتداء المادي ‪.‬‬

‫‪1‬تنص المادة ‪ 23‬من مدونة الحقوق العينية على ما يلي " ال يحرم أحد من ملكه إال في األحوال التي يقررها القانون ‪ .‬ال‬
‫تنزع ملكية أحد إال ألجل المنفعة العامة ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون ‪ ،‬ومقابل تعويض مناسب‬
‫‪2‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.178‬صادر في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 22 ( 1432‬نوفمبر ‪ ) 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪08.39‬‬
‫المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫فاالعتداء المادي ‪ ،‬هو ذلك الصنف من األعمال التي تخرج من خالله اإلدارة‬
‫عن إطار مبدأ الشرعية ‪ ،‬بشكل سافر مما يجعله منقطع الصلة بأي نص تشريعي او‬
‫تنظيمي ‪.‬‬

‫وتعتبر نظرية االعتداء المادي ‪ ،‬من النظريات القديمة والتي ترجع في أصلها‬
‫إلى التشريع الالتيني ‪ ،‬فعبارة االعتداء المادي ‪ Voit de fait‬انحدرت من كلمة ‪Vis‬‬
‫‪ Violentina‬وكانت ‪ Vis‬تعبر عن مفهوم السلطة ‪ ،‬أي القوة المادية والروحية ‪ ،‬ثم‬
‫استعملت من الناحية القانونية لتدل على سلطة القانون ‪ .‬فاختلفت اصطالحا ‪ ،‬وظلت‬
‫تتارجح بين مصطلح ‪ Vis‬و ‪ Violentina‬لتنتهي في األخير إلى مصطلح ‪Voie de 3‬‬
‫‪. fait‬‬

‫من خالل ما تقدم ‪ ،‬تبرز لنا أهمية موضوع االختصاص القضائي في مادة‬
‫االعتداء المادي ‪ ،‬خاصة في ظل غياب مقتضيات قانونية تحدد بشكل صريح وواضح‬
‫الجهة القضائية المختصة بدعاوي االعتداء المادي ‪ ،‬بالرغم مما يشكله هذا االعتداء من‬
‫مساس بحقوق األفراد ‪ .‬األمر الذي ترتب عنه تضارب كبير في آراء ومواقف القضاء‬
‫والفقه حول اإلشكاالت التي تثيرها أعمال االعتداء المادي ‪ .‬كما تبدو أ أهمية هذا‬
‫الموضوع واضحة في الوقت الراهن ‪ ،‬نظرا لتزايد تدخل اإلدارة في نزع ملكية‬
‫الخواص من أجل تشييد وبناء مرافق ذات منفعة عامة ‪ ،‬وفي بعض األحيان قد تتجاوز‬
‫الحدود الفاصلة بين مبدأ الشرعية والتجاوز ‪ ،‬وبالتالي بحق الملكية العقارية المصون‬
‫دستوريا ‪.‬‬

‫ولمقاربة هذا الموضوع يمكن طرح اإلشكالية اآلتية‪:‬‬

‫ما مدى توفق القضاء اإلداري في تحقيق الموازنة بين المصلحة العامة‬
‫المتمثلة في مصلحة اإلدارة المعتدية من جهة والمصلحة الخاصة المتمثلة في‬
‫مصلحة الفرض المنزوعة ملكيته من جهة ثانية؟‬

‫‪ 3‬طارق النالي‪،‬دعوى االعتداء المادي على الملكية العقارية‪،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬ماستر الدراسات‬
‫العقارية ‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪،2016/2015،‬ص‪45‬‬

‫‪3‬‬
‫ومن أجل اإلجابة عن اإلشكالية المركزية ارتأينا تقسيم هذه الدراسة إلى‬
‫مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬تسوية القضاء اإلداري لمنازعات االعتداء المادي‬

‫المبحث الثاني‪:‬عناصر االعتداء المادي وبعض نماذجه‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪:‬تسوية القضاء اإلداري لمنازعات االعتداء المادي‬

‫مما ال شك فيه أن اإلدارة أو من يقوم مقامها عندما تضع يدها على عقار‬
‫مملوك ملكية خاصة دون أن تكون معتمدة في عملها على سند قانوني صحيح ودون ان‬
‫تتبع مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة‪ ،‬تكون قد ارتكبت اعتداءا ماديا على‬
‫الملكية الخاصة‪ ،‬سواء لم تسلك اإلجراءات الواجبة بموجب نزع الملكية نهائيا أو‬
‫‪4‬‬
‫سلكتها بطريقة غير سليمة ‪ ،‬وسواء كان هذا االعتداء نهائيا أو مؤقتا‪.‬‬

‫المطلـب األول‪ :‬دور القضـاء االستعجالي اإلداري فـي منازعات االعتداء‬


‫المادي‬

‫لئن كانـت إجراءات ومساطر التقاضي العادية ال تتناسب مع جسامة وخطورة‬


‫االعتداء المادي‪ ،‬ومع ما تفرضه العدالة واإلنصاف من ضرورة العمل بكل سرعة‬
‫وجزم لوضع حد لهذا االعتداء‪ ،‬وبالنظر لنظام القضاء االستعجالي كنظام اإلسعاف‬
‫القانوني الذي يقي المراكز القانونية من األخطار التي يمكن ان تهددها من جراء إتباع‬
‫طرق التقاضي العادية‪ 5،‬فقد تم االعتراف لهذا النظام بمجموعة من السلطات تمكنه من‬
‫التدخل في مجال االعتداء المادي (الفقرة األولى)‪ ،‬غير أن تدخله هذا تواجهه مجموعة‬
‫من القيود والحدود (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مظاهر حماية القضاء االستعجالي اإلداري في مجال االعتداء‬


‫المادي‬

‫تعتبر قضايا االعتداء المادي من القضايا التي تعرض مرارا بشأنها طلبـات‬
‫‪6‬‬
‫على قاضي المستعجالت بالمحكمة اإلدارية‪.‬‬

‫‪ 4‬سعيدة نازي‪ ،‬حماية القضاء االستعجالي اإلداري للملكية العقارية الخاصة‪ ،‬مجلة القضاء اإلداري‪ ،‬ع‪ ،2014 ،5‬ص‪.88‬‬
‫‪ 5‬البشير كنتي‪ ،‬االعتداء المادي للجماعات الترابية على حق الملكية العقارية وفق االجتهاد القضائي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،2015/2014 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ 6‬دليل محاكم االستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية‪ ،‬ص‪ ،57 ،56‬أشار إليه عبد الكريم بوالل‪ ،‬االعتداء المادي لإلدارة‬
‫على الملكية العقارية بين بين تنظير الفقه وتطبيقات القضاء اإلداري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪ ،‬فاس‪ ،2014/2013 ،‬ص‪.78‬‬
‫‪5‬‬
‫ويستمد قاضي المستعجالت اإلداري اختصاصه في قضايا االعتداء المادي‬
‫على الملكية من خالل المادة ‪ 19‬من القانون ‪ 7،41.90‬وأيضا من خالل المادة ‪ 6‬من‬
‫‪8‬‬
‫قانون ‪.80.03‬‬

‫وقد استقر االجتهاد القضائي بعد أن عرف اضطرابا في بدايـة إحـداث المحاكم‬
‫اإلدارية حول اختصاص هذه األخيرة في قضايا االعتداء المادي‪ ،‬إلى اعتبار أنها هي‬
‫الجهة المختصة للبت في طلباتها‪ ،‬وكانت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء أول محكمة‬
‫أقرت بهذا المبدأ في قضية كاداليا راشيل‪ 9،‬مبنية موقفها على أساس تفسير الفصل ‪19‬‬
‫من قانون المحاكم اإلدارية الذي أعطى لرئيس المحكمة اختصاصات قاضي‬
‫المستعجالت‪ ،‬ومن بينها النظر في دعوى االعتداء‪.‬‬

‫وهـو مـا تبنته محكمة النقض في قرار لها سنة ‪ 10،1996‬وهو ما استقر عليه‬
‫االجتهاد القضائي اليوم للبت في الطلبات الوقتية والرامية إلى رفع االعتداء المادي‬
‫وجبر الضرر الناجم عنه‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يملك قاضي المستعجالت عدد من الصالحيات المهمة في‬
‫مجـال االعتداء‪ ،‬فباإلضافة إلـى سلطته في إصدار األمـر بوقف االعتداء المادي‬
‫(أوال)‪ ،‬يستطيع قاضي المستعجالت الحكم بطرد اإلدارة المعتدية وإفراغها من العقار‬
‫المحتل (ثانيا)‪ ،‬وكذا إمكانيته في فرض الغرامة (ثالثا)‪.‬‬

‫أ‪ :‬توجيه أوامر إلى اإلدارة لوقف االعتداء المادي‬

‫ال يخامرنا أي شك في كون صاحب المصلحة أي الشخص المعتدى على ملكه‪،‬‬


‫يستطيع دائما أن يطلب من قاضي األمور المستعجلة‪ ،‬األمر بوقف االعتداء المادي أو‬
‫إزالته متى تم الشروع فيه‪ ،‬أو منع القيام بـه إذا لم يتم بعد كما لو أن اإلدارة تحضـر لـه‬

‫‪ 7‬تنص المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 41.90‬على أنه‪" :‬يختص رئيس المحكمة اإلدارية أو من ينوب عنه بصفته قاضيا‬
‫للمستعجالت واألوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية"‪.‬‬
‫‪ 8‬تنص المادة ‪ 6‬من القانون ‪ 80.03‬على أنه‪ " :‬يمارس الرئيس األول لمحكمة االستئناف اإلدارية أو نائبه مهام قاضي‬
‫المستعجالت إذا كان معروضا عليها‪":‬‬
‫‪ 9‬البشير كنتي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ 10‬قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) الصادر بتاريخ ‪ ،19/09/1996‬ع‪ ،658‬أورده البشير كنتي‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬
‫ص‪.13‬‬
‫‪6‬‬
‫وقد قضت محكمة النقض في إحدى قراراتهـا بـأن‪" :12‬للقضاء االستعجالي‬ ‫‪11‬‬
‫فقط‪،‬‬
‫الحق أما في وقف االعتداء المادي وإزالته إذا تم البدء فيـه أو منع القيام به إذا لم يتم‬
‫بعد وكانت اإلدارة تهيئ له معتبرا أن من حق القضاء االستعجالي إعطاء األمر بوضع‬
‫حد لتعديها على الملكية العقارية"‪.‬‬

‫ويتوخى القضاء االستعجالي اإلداري من اختصاصه هذا‪ ،‬تحقيق مصلحة‬


‫مزدوجة‪ ،‬مصلحة خاصة تتمثل في حماية حقوق صاحب العقار الن االستمرار في‬
‫األشغال قد يؤدي إلى إحداث تغييرات على العقار موضوع االعتداء يصعب تداركها‬
‫وإزالتها في إطار تصحيح المراكز القانونية التي يقتضيها إنهاء االعتداء المادي‪،‬‬
‫ومصلحة عامة تتجلى في حماية المال ألن من شان إيقاف األشغال الحيلولة دون قطعها‬
‫أشواطا كبيرة في وضعية غير شرعية‪ ،‬كما أن من شانه كذلك تجنيب اإلدارة‬
‫‪13‬‬
‫مصاريف التعويضات التي تترتب عن تمام تلك األشغال‪.‬‬

‫وفي ه ذا الشأن صدرت مجموعة من األمور االستعجالية من قبيل‪ ،‬أمر صادر‬


‫عن رئيس المحكمة اإلدارة بفاس جاء فيه‪" 14:‬وحيث انه وأمام ثبوت واقعة االعتداء‬
‫المادي على عقار الطالبة‪ ،‬فانه ال يسعنا إال االستجابة للطلب‪ ،‬واألمر بإيقاف أشغال‬
‫‪15‬‬
‫البناء"‪ ،‬وفي نفس االتجاه صدر أمر عن قاضي المستعجالت بمكناس قضى فيه‪:‬‬
‫" حيث يتضح من خالل استقراء الوثائق من خالل المعطيات المتوفرة كذلك‪ ،‬فان أحقية‬
‫المجلس البلدي بعملية هدم مقهى الطالب يبقى محل نقاش وجدال ‪ ..‬وحيث أن عملية‬
‫االستمرار في الهدم بالمقهى من شانها أن تلحق بالطالب أضرار خطيرة يصعب‬
‫تداركها مستقبال‪ ،‬فانه يتعين تبعا لذلك األمر بإيقاف عملية الهدم وعلى الطالب أن يرفع‬
‫دعوى في الموضوع داخل اجل ‪ 8‬أيام من تاريخه"‪.‬‬
‫‪ 11‬محمد الكشبور‪ ،‬نزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬األسس القانونية والجوانب اإلدارية والقضائية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مط النجاح‬
‫الجديدة الدار البيضاء‪ ،1989 ،‬ص‪.125‬‬
‫‪ 12‬بالل كعوة‪ ،‬تدخل القضاء اإلداري في نزع الملكية من أجل المنفعة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،2017/2016 ،‬ص‪.34‬‬
‫‪ 13‬محمد بلحاج السلمي‪ ،‬نزع الملكية من أجل المنعة العامة واالحتالل المؤقت‪ ،‬ط‪ ،1‬مط دار القلم الرباط‪،2016 ،‬‬
‫ص‪22‬ـ‪.23‬‬
‫‪ 14‬أمر صادر عن المحكمة اإلدارية بفاس‪ ،‬بتاريخ ‪ ،24/04/2013‬رقم ‪ ،2013/88‬ع ‪ ،76/1/2013‬في قضية األوقاف‬
‫العامة ضد الدولة المغربية ومن معها‪ ،‬أورده عبد الكريم بوالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪ 15‬أمر صادر عن المحكمة اإلدارية بمكناس‪ ،‬بتاريخ ‪ ،18/03/2015‬رقم ‪ ،9‬ع ‪.12/7101/2015‬‬
‫‪7‬‬
‫كما انه من خالل االطالع على بعض األوامر االستعجالية الصادرة في هذا‬
‫اإلطار يتضح أن قاضي المستعجالت يتشدد في بعض األحيان قبل الحكم بإيقاف‬
‫‪16‬‬
‫األشغال‪ ،‬وهكذا صدر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط أمرا قضى فيه بأنه‪:‬‬
‫"وحيث يهدف الطلب إلى استصدار أمر بإيقاف األشغال الجارية على العقار بعلة عدم‬
‫سلوك مسطرة نزع الملكية ألجل المنفعة العامة‪ ،‬لكن حيث أمـام إدالء الطالبة بما يفيد‬
‫واقعة االعتداء المادي المنسوب إلى اإلدارة وحقيقة قيامها باألشغال على عقارها دون‬
‫سلوك مسطرة نزع الملكية ألجل المنفعة العامة‪ ،‬فان طلبها يبقى غير مقبول على‬
‫حالته‪."...‬‬

‫والجدير بالمالحظة انه بعض األحيان يلتجئ المدعون إلى محكمة الموضوع‬
‫لطلب إيقاف األشغال والتي ال تتردد في التصريح بعدم االختصاص النوعي‪ ،‬حيث‬
‫"حيث يهدف الطلب إلى‬ ‫‪17‬‬
‫صدر حكم عن المحكمة اإلدارية بالرباط على أنه‪:‬‬
‫استصدار أمر بإيقاف األشغال الجارية فوق ارض الطالبين‪ ،‬وحيث إن حق الملك‬
‫مضمونا دستوريا وال يجوز نزعـه مـن يد صاحبه إال وفق اإلجراءات المقررة لقانون‬
‫نزع الملكية المتمثلة في ا ستصدار مرسوم نزع الملكية واستئذان القضاء االستعجالي‬
‫في حيازة العقار موضوع نزع الملكية في حيازة العقار موضوع نزع الملكية‬
‫والمطالبة بنقل ملكية مقابل تعويض محـدد قضاء‪ ،‬وأن كل إخالل لهاته المقتضيات‬
‫الدستورية وحيازة العقار حياد عليها يضفي صبغة الغضب والتعدي على تلك الحيازة‬
‫التي ترتب عنها أي آثار قانونية ولو بطول أمدها فيما يخص سقوط الحق بالتقادم أو‬
‫اكتساب الملكية‪ ،‬ويملك القضاء االستعجالي لذلك االعتداء المادي عن طريق دفعه أو‬
‫رفعه بحسب األحوال"‪.‬‬

‫‪ 16‬أمر صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ ،25/03/2009‬رقم ‪ ،289/1/09‬أورده محمد العربي‬
‫مياد‪ ،‬العمل القضائي في دعاوى استيالء اإلدارة على الملكية العقارية واالعتداء المادي‪ ،‬مط األمنية الرباط‪ ،‬ط‪،2010 ،1‬‬
‫ص‪.167‬‬

‫نادية بولحجاج‪ ،‬حماية القضاء للملكية العقارية من االعتداء المادي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬ ‫‪17‬‬

‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي طنجة‪ ،2012/2011 ،‬ص‪.77‬‬

‫‪8‬‬
‫لكن في مقابل إصدار األمر بوقف األشغال‪ ،‬قد يرفض قاضي المستعجالت ذلك‬
‫مستندا إلى أنه ال يمكن إيقاف أشغال انتهى انجازها أو قطعت شوطا كبيرا ينفي عنها‬
‫حالة االستعجال‪ ،‬وهذا ما جاء في أمر استعجالي على انه‪ " 18:‬حيث انه في ما يخص‬
‫أساس الطلب فانه وبغض النظر عن كون األشغال المذكورة جاءت تفعيال لتصميم‬
‫التهيئة وبكون هذا التفعيل يجب أن يتم في إطار احترام مقتضيات نزع الملكية‪ ،‬فانه‬
‫بالرجوع إلى محضر المعاينة المنجزة يتضح أن طريق مزدوجا ثم شقة بجزء من‬
‫ارض الطالبين‪ ،‬وان شـقـا تـم انـجـازه بالكامل‪ ،‬واألشغال جارية بخصوص الشق‬
‫اآلخـر‪ ،‬وحيث إن إتمـام أشـغـال جـزء مـن الطريق المزدوج ومواصلتها في الشق‬
‫اآلخر يؤكد أن األشغال التي تقرر بانجازها للجهة المطلوبة فوق ارض الطالبين قد‬
‫قطعت أشواطا هامة‪ ،‬فضال على إن األضرار التي قد تنتج عن إيقاف هذه األشغال‬
‫تفوق األضرار الالحقة بالطالبين مراعاة للمبالغ التي قد تم صرفها على إنشاء المرفق‬
‫العمومي"‪.‬‬

‫وال بد أن نشير إلى أن استجابة القضاء االستعجالي لوقف االعتداء المـادي‬


‫وإزالته يتعين إثبات واقعة هذا االعتداء حتى يتسنى له البت‪ ،‬تحت طائلة عدم قبول‬
‫‪19‬‬
‫الطلب‪ ،‬وهو ما أكده أمر استعجالي صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط‪.‬‬

‫ومجمل القول‪ ،‬فان طلب إيقاف األشغال في إطار القضاء االستعجالي ينبغي أن‬
‫يساير مـا جـاءت به القواعد العامـة فـي إطـار ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬ال سيما توفر شرطي االستعجال‬
‫وعدم المساس بأصل الحق‪ ،‬باإلضافة إلى توفر الشروط الموضوعية األخرى‬
‫‪20‬‬
‫والمتمثلة في بداية األشغال‪ ،‬واثبات واقعة االعتداء المادي‪.‬‬

‫ب‪ :‬األمر بالغرامة التهديدية كوسيلة إلنهاء أعمال االعتداء المادي‬

‫‪ 18‬أمال قربال‪ ،‬اختصاص القضاء االستعجالي في منازعات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة واالعتداء المادي‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا فاس‪،‬‬
‫‪ ،2010/2009‬ص‪.15‬‬
‫‪ 19‬أمر صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ ،25/03/09‬رقم ‪.109/1/289‬‬
‫‪ 20‬نادية بولحجاج‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫‪9‬‬
‫تمثل الغرامة التهديدية أسلوبا من أساليب التنفيذ غير المباشر الذي يسلكه‬
‫القضاء لحمل المحكوم ضد هم على تنفيذ االلتزام بأداء عمل واالمتناع عن عمل‬
‫استنادا لمقتضيات المادة ‪ 448‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وبالتالي فإنه باالستناد إلى هذا الفصل ينبغي‬
‫توافر شروط حصرية حتى يتسنى إعمالها ويتعلق األمر بأن يكوم التنفيذ الزال ممكنا‪،‬‬
‫وأن يمتنع المدين عن التنفيذ صراحة‪ ،‬وأال يكون االمتناع عن التنفيذ جاء نتيجة قوة‬
‫قاهرة أو حادت فجائي‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة أن يكون موضوع النازلة يتعلق بالتزام‬
‫عيني كالتزام بعمل أو االمتناع عن عمل وبالتالي فإنه ال مجال إلعمال هذا المقتضى‬
‫إذا انصب االلتزام على حق شخصي مرتبط بالذمة المالية وبناء على ما سبق يطرح‬
‫التساؤل حول مدى إمكانية لجوء األفراد إلى المحكمة لالستصدار أمر بالغرامة‬
‫التهديدية في مواجهة اإلدارة المعتدية على أمالكهم الخاصة؟‬

‫إن الجواب عن هذا السؤال نجد صداه في مجموعة من األوامر القضائية التي‬
‫قضت بغرامة تهديدية في مواجهة اإلدارة من ذلك مثال أمر لرئيس المحكمة االبتدائية‬
‫بالدار البيضاء والذي قضى بغرامة تهديدة في مواجهة والي الدار البيضاء الكبرى‬
‫بإيقاف األشغال المتعلقة ببناء عقار قدرها ‪ 1000.00‬عن كل يوم تأخير عن االمتناع‬
‫عن التنفيذ‪ 21،‬كما نجد قرار لمحكمة النقض والذي قد أيد أمرا استعجاليا قضى بغرامة‬
‫تهديدية في مواجهة اإلدارة نتيجة توطين باعة متجولين فوق أرض الغير حين فندت‬
‫محكمة النقض إدعاءات المطلوبين في النقض من خالل ما استندت عليه (اإلدارة) من‬
‫وجوب توجيه الدعوى مباشرة ضد الباعة المتجولين وليس ضد السلطات المحلية‬
‫وقضت بأن الدفع ال يكتسي أي صبغة جدية مادام إن اإلدارة المذكورة هي التي أدنت‬
‫ألولئك الباعة بوضع أيديهم على عقار مقابل إثارة يومية فما كان إال أن قضى بمجافاة‬
‫األمر المستعجل المستأنف للصواب‪ ،‬ويتوجب إلغاءه‪ ،‬وتصديا برفع االعتداء المادي‬
‫‪22‬‬
‫الواقع على العقار المستأنف‪.‬‬

‫‪ 21‬أمر ع ‪ 5175/469‬في الملف ع ‪ 4010/87‬أشار أحمد أجعون‪ ،‬اإلعتداء المادي على الملكية العقارية‪ ،‬اإلشكاالت‬
‫العملية والحلول القضائية‪ ،‬ط‪ ،2015 ،1‬مط المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ 22‬قرار ع ‪ ،665‬صادر بتاريخ‪.01/07/2009 ،‬‬
‫‪10‬‬
‫أخيرا البد من اإلشارة إلى أن رغم الصالحيات الممنوحة لرئيس المحكمة‬
‫في هذا الصدد إال أن ذلك غالبا ما يجابه بتعنت اإلدارة برفضها للغرامة التهديدية سيما‬
‫في ظل غياب وسائل إلجبارها على التنفيذ حيث أنه ال يجوز سلوك مسطرة التنفيذ‬
‫الجبري أو مسطرة الحجز بدعوى أن األموال العمومية ال تخضع للحجز‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األمر بالطرد واإلفراغ من العقار المحتل‬

‫يعتبر األمر بالطرد واإلفراغ من السلطات واالختصاصات الهامة المخولة‬


‫للقاضي االستعجالي في إطار التدخل لوقف أعمال التعدي المرتكبة من طرف اإلدارة‪،‬‬
‫فعندما تستولي هذه األخيرة على عقار مملوك ملكية خاصة دون أن يكون تدخلها مسبقا‬
‫بقرار تعلن فيه عن المنفعة العامة‪ ،‬يعد هذا اعتداء ماديا وانتهاكا لحق الملكية الخاصة‪،‬‬
‫ويحق للقضاء آنذاك طرد اإلدارة من العقار ما دام أن بتصرفها هذا قد قلبت الوضع‬
‫إلى وضع غير صحيح‪ ،‬و بالتالي إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه و إرجاع األمور إلى‬
‫طبيعتها ووضعها الصحيح‪ ،‬فصحة كل عمل ترتبط بمدى احترامه لقواعد القانون‪ ،‬وما‬
‫دامت قواعد نزع الملكية للمنفعة العامة من النظام العام فال يمكن مخالفتها‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأن‪" :‬احتالل ملك الغير بدون حق وال‬
‫سند من طرف الجماعة المحلية وبناءها فيها بناءات تجارية واجتماعية يشكل وضعا‬
‫غير قانوني تقضي المصلحة العامة وكذلك مصلحة المالك جعل حد له في أقرب وقت‪،‬‬
‫األمر الذي يعطي لدعوى اإلفراغ صبغة استعجال يختص قاضي المستعجالت بالنظر‬
‫‪23‬‬
‫فيها"‪.‬‬

‫كما اتخذت موقفا مماثال عندما أقرت موقف قاضي األمور المستعجلة الذي أمر‬
‫بطرد وزارة األوقاف من أرض مسجلة في المحافظة العقارية باسم أحد الخواص‬
‫‪24‬‬
‫اعتمادا على مقتضيات الفصلين ‪ 62‬و‪ 65‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫‪ 23‬قرار محكمة النقض ع ‪ 115‬الصادر بتاريخ ‪ 1‬يوليوز ‪ ،1983‬ملف مدني ع ‪ ،85764‬منشور بمجلة القانون‬
‫واالقتصاد ع ‪133‬ـ‪ ،135‬ص‪ ،195‬مجلة المحامون‪ ،‬ع‪ ،3‬ص‪ ،191‬أشار إليها أحمد أجعون‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫‪ 24‬قرار محكمة النقض رقم ‪ 641‬الصادر بتاريخ ‪ ،5/12/1979‬منشور بمجلة رابطة القضاة ع ‪ ،19/18‬ص‪.87‬‬
‫‪11‬‬
‫ونفس الموقف تبنته محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 23‬فبراير‬
‫‪ 2012‬بإلغاء األمر االستعجالي الذي قضى بعدم قبول طلب طرد وزارة التربية‬
‫الوطنية من العقار المحتل والحكم تصديا بطردها ‪ .‬ومما جاء في قرارها ما يلي‪" 25:‬و‬
‫حيث ان العمل القضائي عندما استقر في بعض األحيان على عدم إمكانية رفع االعتداء‬
‫المادي الذي تمارسه اإلدارة على أمالك الغير أو إيقاف األشغال التي يجسدها ذلك‬
‫االعتداء ‪ ،‬إنما كان ذلك على وجه االستثناء المبرر بضرورة حماية المال الذي يقف‬
‫حائال دون إفراغ اإلدارة المعتدية وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد أن أصبح‬
‫المرفق العمومي قائما ويسقي خدماته للمواطنين‪ ،‬وبالتالي فإنه متى انتفت العلة في‬
‫االستثناء المذكور يتعين الرجوع إلى أصل القاعدة وهو حق صاحب الملك في‬
‫الحصول على أمر قضائي بطرد اإلدارة المعتدية ما دام أن دخولها إلى عقاره لم يرتكز‬
‫على سند قانوني"‪.‬‬

‫‪ 25‬قرار ع ‪ 42‬بتاريخ ‪ ،14/02/2012‬ملف ع ‪ ،2/2011/136‬أورده أحمد أجعون‪ ،‬م‪.‬س‪.104 ،‬‬


‫‪12‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور القضاء الشامل في منازعات التعويض عن االعتداد‬
‫المادي‬

‫إن من بين الصالحيات التي يتمتع بها القضايا ثناء بته في قضايا االعتداء‬
‫المادي لإلدارة على الملكية الخاصة لألفراد ‪ ،‬سلطة الحكم عليها بأداء تعويض عن‬
‫األضرار الناجمة عن هذا االعتداء‪.‬‬

‫ودعو ى التعويض تدخل في إطار القضاء الشامل و التي يتمتع فيها القضاء‬
‫اإلداري بسلطات واسعة تمكنه من تفحص العمل غير المشروع المنسوب لإلدارة و‬
‫الحكم عليها بأداء تعويض لفائدة صاحب الملكية المعتدى عليه نتيجة الضرر الالحق‬
‫به بدون سلوك اإلجراءات القانونية المتعلقة بنزع الملكية و أن هذا التعويض يمكن أن‬
‫يشمل التعويض عن الرقبة أو عن الحرمان من االستغالل أو هما معا ‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق سنخصص هذا المطلب للحديث عن تقدير التعويض عن‬
‫االعتداء لمادي على الملكية الخاصة من خالل التطرق لألسس المعتمدة في تقديره ‪،‬‬
‫وللخبرة كآلية مساعدة في تقدير التعويض عن االعتداء المادي ( الفقرة األولى ) ‪ ،‬أما‬
‫فيما يخص ( الفقرة الثانية ) فإننا سنخصصها للحديث عن صور التعويض عن نزع‬
‫الملكية الخاصة في إطار االعتداء المادي والمتمثلة في المطالبة بالتعويض عن فقدان‬
‫الرقبة والمطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬كيفية تحديد التعويض عن االعتداء المادي‬

‫إذا كانت المطالبة بالتعويض عن االعتداء المادي تتوقف ‪ ،‬ووفقا للمبادئ‬


‫العامة للتقاضي على تقديم طلب من قبل المتضرر ‪ ،‬وأداء الرسوم القضائية عليه ‪،‬‬
‫خالفا للقاعدة المقررة في منح التعويض عن نقل الملكية ‪ ،‬والقاضية بأن التعويض‬
‫يمنح استنادا إلى المقال الذي يتقدم به نازع الملكية ‪ ،‬وهو مقال معفي من تسبيق‬
‫الرسوم القضائية ‪ ،‬فإن طلب التعويض عن االعتداء المادي ال يخضع في المقابل إلى‬

‫‪13‬‬
‫نفس المقتضيات التي يخضع لها التعويض عن نقل الملكية ‪ ،‬بل يخضع لضوابط‬
‫المسؤولية ومبادئ تقدير التعويض عن الضرر‪. 26‬‬

‫وتقدير التعويض عن االعتداء المادي قد يكون له ارتباط بالضرر الذي يحدثه‬


‫ذلك االعتداء ‪ ،‬وأيضا ارتباط بجسامة الخطأ ‪ ،‬وهو ما يستدعي أوال بيان األسس‬
‫المرتكز عليها في تقدير التعويض ( أوال ) ‪ ،‬كما يستدعي ( ثانيا ) التطرق إلى الخبرة‬
‫كآلية مساعدة التقدير التعويض ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المعايير المعتمدة في تقدير التعويض عن االعتداء المادي‬

‫عند تحديد المحكمة للتعويض عن االعتداء المادي ‪0‬الممارس من قبل اإلدارة‬


‫على الملكية الخاصة لألفراد ‪ ،‬فإنها تأخذ بعين االعتبار عدة أسس ومعايير من بينها ‪:‬‬
‫موقع العقار مساحته ‪ ،‬ومواصفاته ومزاياه ‪ ،‬حيث إن المحكمة تراعي في تحديد‬
‫التعويض كل العناصر الضرورية والتي تجعل من التعويض الذي تحدده تعويضا‬
‫عادال وموضوعيا ‪.‬‬

‫حيث تتمثل األسس المعتمدة في تقدير التعويض في تقدير التعويض ونهايته ‪،‬‬
‫ثم إلى تقدير التعويض عن فوت الكسب ومنتهاه ‪ ،‬ثم إلى عدم جواز الحكم بنقل ملكية‬
‫عقار إلى اإلدارة على إثر تعويض المالك عن فقدان الرقبة في دعوى االعتداء المادي‬
‫‪.‬‬

‫وتكتسي معرفة التاريخ الذي يبتدئ منه تحديد مبلغ التعويض أهمية كبرى ‪،‬‬
‫نظرا الطبيعة الضرر الذي يصيب المضرور ‪ ،‬والذي من الممكن أن يلحقه التغيير ‪.‬‬
‫وقد كان بعض الفقه يرى بأن تاريخ تحقق الضرر هو الذي يجب اعتباره في تحديد‬
‫التعويض عنه ‪ ،‬أي اليوم الذي نشأ فيه الحق في التعويض ‪ ،‬بمعنى أنه يتم وفق‬

‫‪ 26‬محمد القدوري‪ ،‬مسطرة المطالبة بالتعويض عن نقل الملكية واالعتداء في إطار القانون ‪ ،7.81‬مجلة الحقوق المغربية‪،‬‬
‫فقه المنازعات اإلداري‪ ،‬ع ‪ ،2011 ،1‬الصفحة ‪ 88‬و ما يليها‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ ،‬وليس بتاريخ إصدار الحكم‬ ‫‪27‬‬
‫عناصر الضرر التي كانت موجودة وقت نشوء الحق‬
‫‪ ،‬ألن الحكم فقط يعترف بحق له وجود سابق وليس منشأ له ‪.‬‬

‫إال أن الفقه والقضاء يسلمان اآلن بوجوب تقدير التعويض وفقا لقيمة الضرر‬
‫بتاريخ صدور الحكم ‪ ،‬بالنظر إلى أن قيمة الضرر الحقيقية ‪ ،‬ال تتحدد سوى في ذلك‬
‫التاريخ ال قبله‪ ،‬وأنه في سبيل التمسك بمبدأ التعويض الكامل ‪ ،‬يستلزم أن يكون‬
‫‪28‬‬
‫التعويض متطابقا مع قيمة األضرار وقت صدور الحكم‬

‫ويمكن القول بأن هذا االتجاه هو األكثر عدالة ‪ ،‬وذلك لتفادي التغيرات‬
‫االقتصادية التي تطرأ ما بين تاريخ وقوع الضرر وتاريخ صدور الحكم ‪.‬‬

‫والقضاء المغربي ذهب في هذا االتجاه منذ مدة حيث يأخذ في تحديد التعويض‬
‫بوقت صدور الحكم ‪.‬‬

‫و إن التعويض عن فوات الكسب ‪ ،‬أو ما جرت العادة على تسميته بالتعويض‬


‫عن االستغالل هو ذلك التعويض عن الحرمان من المردودية ‪ ،‬التي كان لصاحب‬
‫األرض أن يجنيها من أرضه لو لم تتدخل اإلدارة ‪ ،‬وهو تعويض مستقل ‪ ،‬عن الفقدان‬
‫النهائي لملكية األرض ‪ ،‬وقد صرحت الغرفة اإلدارية في العديد من قراراتها بهذا‬
‫التفسير ‪ ،‬حيث جاء في إحدى قراراتها " التعويض المحكوم به على أساس الحرمان‬
‫من االستغالل ‪ ،‬هو تعويض على ما فات المستأنف عليهم من كسب وما حرموا منه‬
‫من نفع في حالة ما إذا بقي العقار في حوزتهم‪ 29‬وتجدر اإلشارة إلى أن جل الدعاوى‬
‫المرتبطة باالعتداء المادي ‪ ،‬غالبا ً ما تحتمل أيضا المطالبة بالتعويض عن االستغالل‬
‫إلى جانب التعويض عن فقدان الملكية ‪.‬‬

‫ويستلزم في تقدير التعويض عن االستغالل والتعويض عن فقدان الملكية ‪ ،‬أن‬


‫يكون كل منهما مغايرا لآلخر ‪ ،‬والمطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل ال‬

‫‪27‬عبد الرزاق السن هوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬المجلد‬
‫األول ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1981 ،‬ص ‪961‬‬
‫‪28‬سهام سومار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪129‬‬
‫‪29‬قرار عدد ‪ 32‬بتاريخ ‪ 16‬يناير ‪،2003‬أورده نفس المرجع ‪،‬ص‪130‬‬
‫‪15‬‬
‫يكون لها محل إال إذا كانت الفترة الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق‬
‫العام قد تجاوزت أكثر من سنة ‪.‬‬

‫و من خالل ما سبق ‪ ،‬نستنتج أن تقييم التعويض عن فوات الكسب ‪ ،‬غالبا ما‬


‫يتم باالعتماد على العناصر الواقعية التي من شأنها المساعدة على إجراء هذا التقييم ‪،‬‬
‫وخاصة الغرض الذي كانت األرض معدة له ‪ ،‬كالفالحة ‪ ،‬أو التجارة أو الرعي ‪ .‬وفي‬
‫الحقيقة فإن أنسب طريقة لتقييم التعويض عن الحرمان من االستغالل ‪ ،‬هي طريقة‬
‫اعتماد معيار القيمة الكرائية ‪ ،‬أي اعتماد مجموع المبالغ الكرائية المتوقع الحصول‬
‫عليها طوال فترة احتالل العقار فيما لو عرض هذا العقار على الكراء ‪ ،‬وهو النهج‬
‫المتبع في القضاء المقارن فيما يخص احتالل الشريك على الشياع لحصة شريكه و قد‬
‫تقوم اإلدارة بوضع يدها على ملكية خاصة بدون سلوك مسطر ة نزع الملكية ‪ ،‬وتعمد‬
‫بعد ذلك إلى إنشاء مرفق عمومي عليها ‪ ،‬مما يدفع المالك إلى مقاضاتها عن هذا‬
‫العمل غير المشروع ‪ ،‬مطالبا إياها بالتعويض له عن قيمة األرض التي تم االستيالء‬
‫عليها من قبلها ‪ ،‬فهل يكون هذا التعويض مبررا للحكم بنقل ملكية األرض لفائدة‬
‫اإلدارة المسئولة عن فعل االعتداء المادي إذا قدمت طلبا مقابال بهذا الشأن ‪.‬‬

‫لقد سارت جل المحاكم اإلدارية منذ نشأتها ببالدنا ‪ ،‬في االتجاه الذي يقاضي‬
‫بأن وضع اإلدارة يدها على ملكية خاصة مملوكة للغير ‪ ،‬دون سلوك المسطرة‬
‫القانونية ‪ ،‬هو بمثابة نزع ملكية غير مباشرة ‪ ،‬وتعمل بالتالي على االستجابة لطلب‬
‫اإلدارة الرامي إلى الحكم بنقل ملكية األرض إليها موضوع االعتداء المادي ‪ ،‬بعد أن‬
‫تقضي في الطلب األصلي‬

‫‪ ،‬غير أنها سرعان ما تراجعت‬ ‫‪30‬‬


‫بالتعويض عن قيمة األرض لفائدة المالك‬
‫عن هذا االتجاه بعدما صادفتها صعوبات تقنية و عملية أساسها أن العمل غير‬

‫‪30‬مصطفى التراب ‪ ،‬استي الء اإلدارة عن الملكية الخاصة و مدى تعارضه مع المشروعية و سيادة القانون ‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد ‪ 75‬يوليوز ‪ -‬غشت ‪ ،2007‬ص ‪.19‬‬
‫‪16‬‬
‫المشروع ال يمكن له أن يستقيم و يستسيغه المنطق القانون إال إذا سلكت اإلدارة من‬
‫اجل الحصول على هذا التمليك الطرق القانونية المشروعة‪. 31‬‬

‫و هو التوجه الذي حاولت الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى تكريسه من خالل‬


‫قراراها الصادر بتاريخ ‪ ، 2005-12-28‬حيث جاء فيه " إن نقل ملكية عقار إلى‬
‫اإلدارة في إطار نزع الملكية الجبري ‪ ،‬ال يتم إال في إطار المسطرة القانونية‬
‫المنصوص عليها في القانون المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة و باالحتالل‬
‫المؤقت ‪ ،‬استنادا إلى أحكام الدستور التي تقضي بأن حق الملكية مضمون ‪ ،‬و أن‬
‫القانون وحده هو يحد من مداه ‪ ،‬و أن اإلدارة حينما تقوم باالستيالء على ملك الغير‬
‫خارج اإل طار القانوني المشروع ‪ ،‬فان عملها هذا يشكل اعتداء ماديا ال يمكن للقضاء‬
‫أن يكرسه و يضفي المشروعية عليه و ذلك من خالل نقل ملكية العقار المسئولية عليه‬
‫إلى اإلدارة المسئولة عن هذا العمل المادي ‪ ،‬على اثر الحكم بالتعويض عن الرقبة‬
‫لقائدة المالك‪... 32‬‬

‫إلى جانب هذه المرتكزات التي يستند عليها القاضي اإلداري في تقديره‬
‫للتعويض عن االعتداء المادي الممارس من قبل اإلدارة على الملكية الخاصة لألفراد‬
‫نجد الخبرة كآلية مساعدة في تقدره و التي سنتطرق إليها في النقطة الموالية من هذه‬
‫الفقرة‬

‫ثانيا ‪ :‬الخبرة كآلية مساعدة لتقدير التعويض‬

‫إن اكتفاء القاضي اإلداري المغربي بوثائق ملف الدعوى قد ال تساعده في‬
‫غالب األحيان التقدير التعويض المناسب عن االعتداء المادي على الملكية العقارية ‪،‬‬
‫فمهما بلغت درجة تكوينه وتخصصه يبقى من الصعب عليه االكتفاء بمعلوماته‬
‫الخاصة من أجل تقدير التعويض ‪ ،‬خصوصا إذا تعلق األمر بالجوانب الفنية للعقار‬
‫موضوع المنازعة ‪.‬‬

‫‪31‬سهام سومار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪133‬‬


‫‪32‬قرار عدد ‪ ، 698‬بتاريخ ‪ ، 2005-12-28‬في الملفين اإلداريين رقم ‪ ، 2005-4- 3-2567‬و ‪2004-4-3-2889‬ء‬
‫أورده مصطفى التراب ‪ ،‬المقال ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 20‬‬
‫‪17‬‬
‫مما يفرض على القاضي اإلداري انتداب خبير عقاري مختص إلعداد محضر‬
‫شامل حول واقعة االعتداء المادي ‪ .‬ويقصد بالخبرة ذلك اإلجراء الذي يستهدف‬
‫االستعانة بذوي االختصاص واالسترشاد بآرائهم الجالء مسألة غامضة يحتاج حلها‬
‫‪33‬‬
‫إلى دراية علمية فنية تخرج عن إطار التكوين العام للقاضي‪.‬‬

‫ويكون انتداب الخبير إما بناء على اقتراح أطراف النزاع أو من طرف‬
‫القاضي اإلداري ‪ ،‬وذلك ألجل رصد كافة المعلومات التقنية حول العقار المعتدى عليه‬
‫‪ ،‬سواء ما تعلق بمساحته وموقعه ‪ ،‬أو مميزاته من غير إمكانية الخوض في الجانب‬
‫القانوني ‪ ،‬هذا مع ضرورة احترام الخبير العقاري لمقتضيات القانونية المنظمة‬
‫إلجراءات الخبرة ‪ ،‬وقد صدر في هذا الصدد حكم عن المحكمة اإلدارية بوجدة جاء‬
‫فيه ‪ " :‬وحيث تمسكت الجماعة المدعى عليها برفض الطلب على أساس أن عقار‬
‫المدعي ثم في إطار المادة ‪ 37‬من قانون التعمير ‪ .‬وحيث إن المحكمة وسعيا منها إلى‬
‫التحقق من واقعة االعتداء المادي على عقار المدعي والجهة المسئولة عنه والتعويض‬
‫الجابر للضرر ‪ ،‬أمرت بإجراء خبرة بواسطة الخبير ادريس حنونة ‪ ،‬الذي خلص في‬
‫تقريره إلى أن مساحة العقار موضوع النزاع في ‪ 7‬أر و ‪ 01‬سنتيار ‪ ،‬اقتطعت منه‬
‫مساحة ‪ 1‬أرو ‪ 10‬سنتيار لتوسيع الطريق العمومية من طرف الجماعة الحضرية لبني‬
‫درار ‪ ،‬وحدد ثمن المتر المربع استنادا لموقعه ومساحة الجزء المقتطع ومميزاته في‬
‫‪ 1300‬درهم للمتر مربع‪." 34‬‬

‫ويضطلع تقرير الخبرة بأهمية بالغة عند تقييم القاضي اإلداري لألضرار‬
‫المترتبة عن االعتداء المادي ‪ ،‬وما دام األمر يتعلق بمسائل تقنية ال عالقة لها بتكوين‬
‫القاضي ‪ ،‬فالخبير يكون ملزما باحترام النقط المحددة له لإلجابة عنها ‪ ،‬خصوصا ما‬
‫يرتبط بالحالة المدنية للعقار ومشتمالته ‪ .‬ونجد القضاء اإلداري المغربي قد ساير هذا‬
‫التوجه في منازعات االعتداء المادي على الملكية من خالل إصداره مجموعة من‬

‫‪33‬عبد المنعم بلوزير ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪48‬‬


‫‪34‬حكم صادر عن إدارية وجدة لحث عدد ‪ 82‬بتاريخ ‪ 3‬فبراير ‪ ، 2016‬في الملف رقم ‪ ، 2014-7112-2014‬غير‬
‫منشور‬
‫‪18‬‬
‫القرارات و األحكام حيث ورد في حكم عن المحكمة اإلدارية بوجدة ما يلي ‪ " :‬حكمت‬
‫المحكمة اإلدارية علنية ابتدائيا حضوريا تمهيديا بإجراء خبرة بواسطة الخبير محمد‬
‫الغازي وتحدد مهمته فيما يلي ‪:‬‬

‫استدعاء الطرفين ( المدعين ونائبهم والمكتب الوطني للكهرباء‬ ‫‪-1‬‬


‫والماء ونائبيه ) بواسطة البريد المضمون مع اإلشعار بالتوصل أو بأي طريق أخر‬
‫يفيد التوصل القانوني ؛‬
‫االنتقال إلى القطعة األرضية المشار بالوقائع ‪ ،‬والتأكد منها ومن‬ ‫‪-2‬‬
‫مساحتها وخدود بعد مطابقة رسم التملك على أرض الواقع ‪ ،‬ثم بيان ما إذا كان‬
‫المكتب المدعى عليه عدل أقام فوقها األعمدة واألسالك الكهربائية مع تحديد نوع‬
‫التيار الذي تحمله ( الجهد المنخفض أم المتوسط أو العالي ) وهل يمكن إزالتها‬
‫بدون ضرر ثم بعد ذلك تحديد نوع الضرر الالحق بالعقار مع تحديد المساحة التي‬
‫شملتها التجهيزات الكهربائية المذكورة ‪ ،‬وبعد التأكد من وجود الضرر تقدير‬
‫التعويض عنه انطالقا من حجم ذلك الضرر ونوعه ‪ ،‬ونوع التأثير على قيمة األرض‬
‫؛‬

‫‪ -3‬وضع تقرير بما ذكر في أصل ونسخ بكتابة ضبط هذه المحكمة داخل أجل‬
‫‪ 30‬يوما من تاريخ التوصل تحت طائلة استبدال الخبير بغيره من الخبراء ؛‬

‫‪-4‬تحديد أتعاب الخبير في مبلغ ‪ :‬ألفين وخمسمائة درهم ( ‪ 2500‬درهم )‬


‫يؤديه المدعون بصندوق هذه المحكمة داخل أجل عشرة أيام من التوصل تحت طائلة‬
‫صرف النظر عن إجراء الخبرة‪. " 35‬‬

‫ومن هنا يتضح جليا أن تقدير القاضي اإلداري للتعويض في واقعة االعتداء‬
‫المادي يقف على النتائج العملية التقنية التي توصل إليها الخبير في تقريره ‪ ،‬باعتبار‬
‫أن عملية التقييم التي يستند عليها التقدير الذي يقوم به القاضي هي مسألة فنية محضة‬
‫توكل بالضرورة ألهل الخبرة ‪ ،‬و هو ما يؤكد مرة أخرى أن تقدير التعويض عن‬

‫‪ 35‬حكم صادر عن إدارية وجدة تحت عدد ‪ 118‬بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2015‬في الملف رقم ‪ ، 15-7112-117‬غير منشور‬
‫‪19‬‬
‫االعتداء المادي‪ ،‬يشكل معادلة ذات طرفين ضروريين هما القاضي اإلداري وخبير‬
‫التقييم العقاري ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سلطات قضاء الموضوع في االعتداء المادي‬

‫ي عد التردد الذي ميز االنطالقة األولى للمحاكم اإلدارية بخصوص الجهة‬


‫القضائية المختصة ‪ ،‬وعلى إثر حسم محكمة النقض في المسألة بصدور قرارها‬
‫الشهير في قضية عبد الحفيظ عموري ضد الجماعة القروية أليت عمير بتاريخ ‪20‬‬
‫يونيو ‪ 199636‬استقر العمل القضائي اإلداري بمختلف مستوياته على أن جميع قضايا‬
‫االعتداء المادي أصبحت تدخل ضمن اختصاص المحاكم اإلدارية ‪ ،‬وقفا وتعويضا‬
‫ورفعا ‪ .‬فما هي القواعد التي تحكم التعويض عن االعتداء المادي ؟ وهل هذا‬
‫التعويض يعد سببا كافيا لنقل الملكية إلى المعتدي ؟ لمناقشة هذه اإلشكاالت وغيرها‬
‫سوف نهتدي إلى التصميم التالي ‪ ( :‬أوال ) نوعية الملتمسات التي يتقدم بها المدعون‬
‫في إطار دعاوي االعتداء المادي على الملكية العقارية ( ثانيا ) الدفوعات التي‬
‫تمسكها اإلدارة ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الملتمسات التي يتقدم بها المدعون في إطار دعاوي االعتداء المادي‬

‫جاء في تقرير عن المجلس األعلى للحسابات بعنوان ‪ :‬تدبير المنازعات‬


‫القضائية للدولة والصادر في نونبر ‪ ، 2015‬على أن كلفة المبالغ التي تم الحكم بها‬
‫ضد اإلدارة المغربية في إطار االعتداء المادي على الملكية العقارية وصلت إلى ما‬
‫يناهز ‪ 550‬مليون درهم سنويا‪ .37‬وهذه المنازعات ال يمكن أن تخرج عن المطالبة‬
‫بالتعويض عن فقدان الرقبة والمطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬المطالبة بالتعويض عن فقدان الرقبة‬

‫‪36‬قرار محكمة النقص الغرفة اإلدارية ) عند ‪ 474‬بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 1996‬في قضية عموري جديد من الجماعة القروية‬
‫أليت الصورة منشور بالمجل ة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪ 17‬أكتوبر ‪ -‬تعتبر ‪ ، 1996‬ص ‪ 182‬ومايليها أشار‬
‫إليه أحمد أجعون‪ ،‬اختصاصات المحاكم اإلدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالرباط‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،2000/1999 ،‬ص‬
‫‪.125‬‬
‫‪37‬المجلس األعلى الحسابات تقرير حول الدور المنازعات القضائية للدولة‪،‬نونبر ‪ ، 2015‬من ‪http : 32‬‬
‫‪//www.courdes comoptes.ma/uplood/10‬‬
‫‪20‬‬
‫تواتر العمل القضائي على أنه في حالة قيام االعتداء المادي على عقار مملوك‬
‫ألحد األفراد فإن ذلك يؤدي إلى استحقاق صاحب العقار لتعويض عن الحرمان من‬
‫االستغالل إلى جانب التعويض عن فقدان الرقبة ‪ ،‬فالتعويض عن رقبة الملك أو فقد‬
‫ملكية العقار ينبغي أن يعكس القيمة الحقيقية لهذا العقار في تاريخ تقديم الدعوى ‪ ،‬وهو‬
‫ما يستشف من قرار لمحكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد ‪ 924‬بتاريخ‬
‫‪ ، 04/03/2014‬والذي جاء فيه ما يلي " وحيث إنه في هذا الصدد ‪ ،‬فإن هذه‬
‫المحكمة وبما لها من سلطة تقديرية في تحديد هذا التعويض وانطالقا مما أفرزته‬
‫تقارير الخبرة من معطيات وعناصر ‪ ،‬واعتبارا منها لمواصفات وخصائص العقار‬
‫موضوع النزاع ‪ ،‬وكونه عبارة عنى قطعة أرضية عارية مخصصة أساس االستغالل‬
‫الفالحي ‪ ،‬وبالنظر لكونها غير مجهز بأي نوع من األنواع التجهيزات األساسية التي‬
‫من شأنها الرفع من قيمتها ‪ ،‬انطالقا من مساحة اإلجمالية البالغة ‪ 9710‬متر مربع ‪...‬‬
‫فقد قررت هذه المحكمة تحديد قيمة المتر المربع الواحد في ‪ ...‬باعتبارها تبقى مناسبة‬
‫ومالئمة لهذه الخصائص والمواصفات‪.38‬‬

‫فعلى ضوء هذا العمل القضائي ‪ ،‬يتبين أن القاضي اإلداري يحاول الموازنة‬
‫بين سلبيات وإيجابيات العقارات المعتدى عليها قبل تحديده لمبلغ التعويض ‪ ،‬حيث أنه‬
‫ينظر إلى مجموعة من النقاط األساسية التي ترفع أو تخفض قيمة التعويضات ‪،‬‬
‫وتتمثل أهم هاته العناصر الجوهرية في موقع العقار وكونه محفظ أم غير محفظ إلى‬
‫جانب مساحته اإلجمالية وكونه عقار ومجهزا وغير مجهز ‪ ...‬ويبقى عنصر المنفعة‬
‫العامة داخل العمل القضائي حاضرا بقوة ‪ ،‬وسببا محفظا لقيمة التعويضات بالرغم‬
‫من مميزات العقار المعتدي عليه ‪ ،‬بل إن كبر المساحة المعتدى عليها يقوم سببا كذلك‬
‫في نظر القضاء للتقليل من قيمة التعويض ‪ ،‬وهو التوجه الذي أيدته المحاكم اإلدارية‬
‫للمملكة‪. 39‬‬

‫‪38‬القرار ‪ 924 -‬تصدر عن محكمة االستئناف اإلداري بالرباط بتاريخ ‪ 04/03/2014‬في ملف عدد ‪ 313/12/5‬غير‬
‫منشور أشير إليه زكرياء الرجراجي ‪ ،‬حماية القضاء اإلدارية الملكية العقارية بالمغرب ‪ ،‬أطروحة الليل الدكتورة في‬
‫القانون العام ‪ ،‬كلية العلوم القانونية االقتصادية واالجتماعية مكناس ‪ ،2016 / 2017 ،‬ص ‪248‬‬
‫‪ 39‬زكريا الرجراحي ‪ ،‬م ‪.‬س‪ ،‬ص ‪248‬‬
‫‪21‬‬
‫وفي هذا االتجاه قضت المحكمة اإلدارية بمكناس بأنه " ‪ ...‬انطالقا من‬
‫المعطيات التي أفرزها تقرير الخبير المنتدب واعتبارا لموقع العقار ‪ ...‬وأخذا بعين‬
‫االعتبار لمواصفاته كقطعة أرضية متواجدة بالحي اإلداري ‪ ...‬وبالنظر للمساحة‬
‫المستولى عليها ‪ ...‬والتي لها تأثير على القيمة العقارية إذ بارتفاعها تنخفض هذه‬
‫القيمة والعكس صحيح ‪ ...‬وبالنظر لنوعية المنفعة العامة المقامة فوق عقار المدعي (‬
‫طريق عمومية ) فقد ارتأت تحديد ثمن المتر المربع الواحد في مبلغ ‪ 1000‬درهم‪.40‬‬

‫ويطرح أيضا أشكال جوهري بهذا الخصوص ويتعلق نظرة القضاء للتعويض‬
‫هل يشمل فقط القطعة األرضية التي شملها االعتداء أو حتى تلك التي بقيت خارج‬
‫عملية االستيالء ‪ ،‬خاصة إذا كانت هذه المساحة غير صالحة لالستعمال ؟‬

‫وأ جابتا على هذا اإلشكال قضت محكمة النقض بأن التعويض يرتبط بكامل‬
‫المساحة المعتدى عليها ‪ ،‬وليس فقط بالجزء المشيد عليه المرفق العمومي ‪ ،‬وهو ما‬
‫جاء في قرارها التالي ‪:‬‬

‫" وحيث ال شيء في القانون يوجب التمييز في التعويض عن القطعة الواحدة‬


‫حسب استغاللها مما يجعل الحكم المستأنف مجانبا للصواب عندما عوض المستأنف‬
‫عليهم فقط عن المساحة التي شيدت فوقها اإلعدادية دون األخذ بعين االعتبار باقي‬
‫المساحة التي طالها الغصب مما يتعين معه تعديل الحكم المستأنف‪" 41‬‬

‫كما أن تاريخ بداية احتساب التعويض هو تاريخ تقديم الدعوى وهو ما جاء في‬
‫قرار لمحكمة االستئناف بالرباط حيث قضت " ‪ ..‬التعويض عن االعتداء المادي يحدد‬
‫بتاريخ تقديم الدعوى وفقا لما هو متواتر عليه فقهاء وقضاء‪." 42‬‬

‫وصفوة القول فإن القضاء اإلداري لم يكن يتردد في الحكم بالتعويض عن‬
‫فقد ان الرقبة كلما كانت هناك مبررات له ‪ ،‬غالبا ما يستعين بتقرير الخبرة لتحديد‬

‫‪ 40‬حكم رقم ‪ 640‬الصادر من المحكمة اإلدارية بمكناس بتاريخ ‪ 13/11/2014‬في الملف رقم ‪29/1914/11‬‬
‫‪ 41‬القرار عدد ‪ 111‬الصادر بتاريخ ‪ 22/05/2003‬في الملف عدد ‪ ، 571/4/1/2002‬أكره األستاذ محمد الفروجي ‪،‬‬
‫م‪.‬س‪ ،‬ص ‪86‬‬
‫‪ 42‬قرار عدد ‪ 1670‬الصادر بتاريخ ‪ 10/04/2014‬في الملف عدد ‪ ، 955/11/6‬أشار إليه زكريا الرجراجي ‪ ،‬م‪.‬س ‪،‬‬
‫ص‪. 251‬‬
‫‪22‬‬
‫التعويض المستحق عن فقدان الرقبة وتثبت الصفة للمدعي حتى لو كان يملك على‬
‫‪.‬‬ ‫الشياع‬
‫‪43‬‬

‫ب‪ -‬المطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل‬

‫المقصود بالحرمان من االستغالل تعويض ما فات مالك العقار المعتدى عليه‬


‫من كسب وما حرم منه من نفع ‪ ،‬والتعويض يقتضي إثبات وهو الضرر ومناطه إدالء‬
‫صاحب الملك بما‬

‫يفيد وجه استغالله للعقار وما فاته من كسب عن طريق اإلدالء بوثائق تحدد‬
‫النشاط الذي يمارسه قبل االعتداء المادي على عقاره وما فاته من كسب وعبي‬
‫‪44‬‬
‫اإلثبات يقع على عاتق مالك العقار المعتدى عليه‪.‬‬

‫ويستحق المالك المعتدى عليه التعويض في الفترة الفاصلة بين بداية االحتالل‬
‫وتاريخ إقامة المنشأة العامة ‪ ،‬أما الفترة الالحقة لذلك فإن مسؤوليتها تقع على الجهة‬
‫المالكة بفعل تقاعسها عن المطالبة القضائية عمال بالقاعدة األصولية التي تقضي بعدم‬
‫جواز تعويض األضرار الناجمة عن خطأ المضرور‪.45‬‬

‫وهذا االتجاه هو ما سارت عليه محكمة النقض عندما قضت بأن " ‪...‬‬
‫األرض موضوع النزاع كانت تستغل في زراعة أنواع الفالحة السقوية وأن طرفي‬
‫النزاع اتفقا على أن االحتالل تم في شهر يونيو ‪ 2004‬في حين صرح المستأنفون في‬
‫مقالهم بأن بداية إنشاء المرفق العام تم في أواخر سنة ‪ 2004‬وبذلك تستحق المستأنف‬
‫عليها التعويض عن الحرمان من االستغالل‪... 46‬‬

‫يالحظ مما سبق أن القضاء اإلداري وهو يفصل في المنازعات المتعلقة بطلب‬
‫التعويض عن الحرمان من االستغالل ‪ ،‬نتيجة واقعة االعتداء المادي ‪ ،‬يركز بدرجة‬
‫أولى على مسألة إثبات نوع االستغالل الذي يمارس داخل العقارات المعتدى عليها ‪،‬‬

‫‪ 43‬العربي محمد مياد‪،‬م‪.‬س ‪،‬ص‪92‬‬


‫‪44‬أحمد أجعون ‪ :‬توجهات القضاء اإلداري المغربي في موضوع االعتداء المادي‪،‬م‪.‬س‪،‬ص‪138‬‬
‫‪45‬نفسه‬
‫‪46‬القرار رقم ‪ 14‬الصادر بتاريخ ‪ 20/01/2010‬في الملف عند ‪ 1048/4/2/9‬تكره األستاد العربي محمد مواد قضاء‬
‫محكمة النقص في مجال نزع الملكية األجل المنفعة العامة ‪ ،‬من ‪178‬‬
‫‪23‬‬
‫حتى إذا ما تحقق من وجود نشاط معين سابق يكون أنذاك ملزما بتحديد شروط وحدود‬
‫هذا التعويض بشكل يوازن بين حماية المال العام وبين الحفاظ على الملك الخاص ‪.‬‬

‫إال أنه مع ذلك يطرح اإلشكال بخصوص الشروع في عملية تشيد المنشأة‬
‫العامة بشكل فوري ومتزامن مع فعل االعتداء المادي ‪ ،‬فهل سيحرم المعتدى عليه من‬
‫التعويض في هذه الحالة أم أن القضاء سينصفه ؟ جوابا على هذا اإلشكال قضت‬
‫‪ ،‬بأن محكمة االستئناف‬ ‫‪47‬‬
‫محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ ‪28/07/2004‬‬
‫كانت على صواب عندما رفضت طلب التعويض عن الحرمان من االستغالل مكتفية‬
‫بالتعويض عن عقد الرقية‪ ،‬مادام أن عملية البناء قد تم الشروع فيها مباشرة عقب‬
‫االحتالل ‪ ،‬وأن التعويض عن الحرمان من االستغالل ال يكون له محل إذا كانت‬
‫الفترة الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق العام قد تجاوزت أكثر من‬
‫سنة ‪.‬‬

‫ونعتقد أن محكمة النقض عندما حرمت أصحاب الملكية العقارية من‬


‫التعويض عن ضياع فرص االستغالل بعلة أن السلطة المعتدية شرعت في تحقيق‬
‫المصلحة العامة داخل أجل سنة من تاريخ االعتداء لم تبنى قضاءها على أي أساس‬
‫قانوني ‪ ،‬مادام أن الضرر قد تحقق منذ اللحظة األولى لوضع اليد ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الدفوعات التي تتمسك بها اإلدارة‬

‫تكاد الدفوعات التي تتمسك بها اإلدارة في مواجهة المدعين في دعاوى‬


‫االعتداء المادي تتلخص في ثالث دفوعات ‪ ،‬الدفع بانعدام الصفة ( أ ) والدفع بالتقادم‬
‫( ب ) ثم الطلب المضاد بنقل الملكية مقابل التعويض إلى جانب الدفع بعدم‬
‫االختصاص النوعي الذي سبق أن أشرنا إليه سابقا والذي حسم من طرف محكمة‬
‫النقض ‪.‬‬

‫الدفع بإنعدام الصفة‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪ -47‬القرار عدد ‪ 446‬بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪ 2004‬ملغين مدار عدد ‪،2000/4/4/1748‬و‪ ،2001/1/4/1053‬أشار إليه‬
‫العربي محمد مياد‪،‬م‪.‬س‪،‬ص‪89‬‬
‫‪24‬‬
‫إن من شروط قبول الدعوى تحقق الصفة ‪ ،‬وهذا ما أكد عليه الفصل األول‬
‫من قانون المسطرة المدنية‪.48‬‬

‫لذلك فإن كل دعاوى االعتداء يجب أن توجه من طرف المالك الحقيقي للعقار‬
‫المعتدى عليه ‪ ،‬وكذلك في مواجهة الدولة المغربية في شخص الوزير األول ( رئيس‬
‫الحكومة حاليا ) إذا كانت اإلدارة المعتدية إدارة عمومية ‪ ،‬وليس ضد مديرية األمالك‬
‫المخزنية كما دأب بعض المتقاضين على سلوكه خطأ‪.‬‬

‫وهكذا قضت محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط أن مطلب التحفيظ المثقل‬


‫بتعرضات من قبل الغير يجعل دعوى التعويض عن االعتداء المادي المقامة من‬
‫طالب التحفيظ ‪ ،‬سابقة ألوانها ومالها عدم القبول النعدام صفته في اإلدعاء طالما أن‬
‫النزاع حول العقار مازال قائما ولم تنته بعد مسطرة للتحفيظ لفائدته‪.‬‬

‫والمحكمة بتوجهها هذا تكون على صواب ألن التعرض قد يفرز مالك جديد‬
‫في حالة الحكم بصحة التعرض ‪ ،‬وبالتالي فإن الحالة التي تكون فيها هذه الصفة‬
‫مطعون فيها ويمكن أن تزول ألسباب قانونية أو واقعية فال مجال فيها لقبول الدعوى ‪.‬‬

‫وفي المقابل قد تقدم الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص الوزير األول (‬


‫رئيس الحكومة حاليا ) وكذا في مواجهة اإلدارة المعتدية ويصدر حكما بالتعويض ‪،‬‬
‫ثم تتدخل مديرية األمالك المخزنية تدخال انضماما أو هجوميا من أجل تعزيز‬
‫دفوعات المدعي عليه األصلي بعلة أنها هي الملزمة بالتنفيذ عندما يصبح الحكم نهائيا‬
‫‪ ،‬إال أن القضاء كثيرا ما ال يستجيب إلى طلبها إما النعدام الصفة أو حتى المصلحة ‪.‬‬

‫وهكذا قضى المجلس األعلى حيث إنه بمقتضى الفقرة األولى من الفصل‬
‫األول من قانون المسطرة المدنية فإنه ال يصح التقاضي إال ممن له الصفة واألهلية‬
‫والمصلحة إلثبات حقوقه ‪.‬‬

‫‪48‬ينص الفصل األول من قانون المسطرة المدنية على أنه ال يصح القاضي إال ممن له السنة واألهلية والمصلحة إلثبات‬
‫حقوقه‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫وحيث إن الدولة الملك الخاص تقدم بتاريخ ‪ 26‬غشت ‪ 2002‬بالطعن‬
‫باالستئناف ضد الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بمكناس بتاريخ ‪ 14‬فبراير‬
‫‪ 2002‬في الملف عدد ‪ 56/00/2‬القاضي بتحديد التعويض في مبلغ ‪ 300‬درهم ‪.‬‬

‫وحيث إن الدولة الملك الخاص لم تكن طرفا محكوما عليه في الحكم المستأنف‬
‫مما يتعين معه عدم قبول االستئناف‪.‬‬

‫وصفوة القول فإن الصفة من النظام العام بشأنها في ذلك المصلحة واألهلية‬
‫ويمكن للمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها ‪ ،‬ويحق لكل طرف أن يثير انعدامها في‬
‫سائر مراحل التقاضي وحتى أمام محكمة النقض ‪.‬‬

‫والتساؤل المطروح هل من حق اإلدارة أن تتمسك بالتقادم لدفع طلب‬


‫التعويض في مواجهتها ؟‬

‫الدفع بتقادم الدعوى‬ ‫ب‪-‬‬

‫في العديد من الحاالت تدفع اإلدارات المعتدية في دعوى التعويض عن‬


‫االعتداء المادي الموجهة ضدها بالتقادم استنادا إلى الفصل ‪ 106‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ ،‬لكن‬
‫القضاء اإلداري سواء على مستوى المحاكم اإلدارية أو محاكم االستئناف اإلدارية أو‬
‫الغرف اإلدارية بمحكمة النقض دأب على استبعاد هذا الدفع على أساس أن االعتداء‬
‫المادي واقعة مستمرة ال يلحقها التقادم‪. 49‬‬

‫فقد قضت محكمة النقض في قرارها عدد ‪ 291‬بتاريخ ‪ 8‬ماي ‪ 200350‬بأن "‬
‫االعتداء المادي على ملك الغير يبقى مستقرا باعتباره واقعة مستمرة ال يمكن االعتداء‬
‫بتقادم مما يجعل ما أثير من دفع عديم الجدوى " ‪.‬‬

‫‪49‬أحمد أجعون ‪ ،‬توجهات القضاء اإلداري المغربي في موضوع االعتداء المادي ‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪. 137‬‬
‫‪50‬في الملف اإلداري عدد ‪ 1042/4/2/2002‬الشركة المغربية المعدنية سوكودام ضد الجماعة الحضرية لعين السبع ومن‬
‫معها ‪ ،‬أشار إليه العربي محمد مياد ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪. 81‬‬
‫‪26‬‬
‫والمحكمة على صواب في هذا القرار لكون فعل االعتداء فعل مستمر في‬
‫الزمان ال ينتهي بوضع اليد أو بناء المنشأة اإلدارية ‪ .‬ج‪ -‬الدفع بنقل ملكية العقار‬
‫موضوع االعتداء المادي مقابل التعويض ‪.‬‬

‫ج‪-‬الدفع بنقل ملكية العقار موضوع االعتداء المادي مقابل التعويض‬

‫لقد أخذ القضاء المغربي قبل إحداث المحاكم اإلدارية أو بعد ذلك في مجموعة‬
‫من األحكام بفكرة نزع الملكية غير المباشرة مكرسا بذلك توجها مفاده أنه في حالة‬
‫قيام اإلدارة بوضع يدها على عقارات مملوكة للخواص دون سلوك مسطرة نزع‬
‫الملكية وإنشاء مرافق عمومية بهدف تحقيق المنفعة العامة ‪ ،‬فإن ذلك يعتبر بمثابة‬
‫نزع الملكية غير المباشرة ‪.‬‬

‫وهذا ما كرسه قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ ‪ " 7/7/2004‬إذا كان من‬
‫حق المالك التعويض عن الحرمان من استغالل ملكه إثر احتالله ماديا والمطالبة‬
‫بطرد محتله ‪ ،‬فإن ذلك مقيد بعدم إحداث مرفق عمومي عليه مما أصبح معه من حق‬
‫مالكيه المطالبة بالتعويض عن الرقبة مقابل النزع غير المباشر لملكيته‪. " 51‬‬

‫وقد وجد هذا االتجاه التبرير في عدم إمكانية هدم المنشأة العامة لما فيه حماية‬
‫لألموال العمومية وضمان لمبدأ دوام سير المرافق العمومية ‪ ،‬كما قد ينضاف إليه مبدأ‬
‫اإلثرا ء بال سبب ‪ ،‬حيث قضت في هذا السياق المحكمة اإلدارية بمكناس بأنه " ‪...‬‬
‫سيرا على منوال ما استقر عليه االجتهاد القضائي للغرفة اإلدارية بمحكمة النقض من‬
‫خالل عدد من القرارات الصادرة عنها من ضمنها القرار عدد ‪ 345‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ ، 28/04/2011‬والتي أساسها أحكام اإلثراء بال سبب ومن أجل استقرار المراكز‬
‫القانونية وحماية يتعين أن يكون الحكم بالتعويض عن واقعة وضع اإلدارة يدها على‬
‫‪52‬‬
‫عقار الغير مقرونا بنقل ملكية هذا العقار لفائدة هذا األخير‬

‫‪ 51‬قرار عدد ‪ ، 790‬صادر بتاريخ ‪ 07/07/2004‬في الملف عدد ‪ 357‬و ‪ 2238 / 4 / 1 / 2 / 2002‬أشار إليه أحمد‬
‫أجعون ‪ ،‬توجهات القضاء اإلداري المغربي في موضوع االعتداء المادي ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪140‬‬
‫‪52‬حكم المحكمة اإلدارية بمكناس رقم ‪ 568‬الصادر بتاريخ ‪ 14/10/2014‬رقم ‪46/1914/2013‬‬
‫‪27‬‬
‫لم يكتفي القضاء اإلداري باالستجابة لطلبات نقل الملكية بناء على طلب الجهة‬
‫المعتدية بل ذهب إلى حد قبول الملكية بالرغم من أن المعتدي لم يطلب ذلك ‪.‬‬

‫وهذا ما قضت به استئنافية الرباط اإلدارية بأنه ‪ " :‬ولئن كان المستأنفون لم‬
‫يتقدموا أمام المحكمة اإلدارية بأي طلب بنقل الملكية لفائدتهم وبالرغم من أن‬
‫مقتضيات القانون المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة تجعل لسلوك إجراءات‬
‫نزع الملكية هي مناط الحكم بنقل الملكية ‪ ،‬غير أن ا الجتهاد المتواتر لمحكمة النقض‬
‫أصبح يسير في اتجاه الحكم لفائدة اإلدارة بنقل الملكية ولو من دون سلوك تلك‬
‫اإلجراءات مادام أنها مخاطبة بأداء قيمة العقار في إطار االعتداء المادي وفقا لما ورد‬
‫في قرارات منها القرار عدد ‪ 230/2‬الصادر عن الغرفة اإلدارية بتاريخ ‪ 11‬أبريل‬
‫‪ 2013‬في الملف اإلداري عدد ‪ 1545/4/2/2011‬مما ال يسع معه الحكم بنقل ملكية‬
‫القطعة األرضية‪... 53‬‬

‫وصفوة القول أن العمل القضائي أصبح مستقر في األخذ باالجتهاد القضائي‬


‫في مسألة نقل الملكية مقابل التعويض عن االعتداء المادي ‪ ،‬مما لم يبقى معه أي‬
‫معنى القول بفكرة تكريس أو شرعنة االعتداء المادي فالنظام اإلداري والرغبة في‬
‫تسريع المشاريع الدوالتية دون االهتداء إلى المسطرة المطولة لنزع الملكية من أجل‬
‫المنفعة العامة ‪ ،‬أفرد لنا هذا األسلوب أو هذا النوع من االمتياز إن صح التعبير ‪.‬‬

‫‪53‬القرار عدد ‪ 108‬الصادر بتاريخ ‪ 9/1/2014‬في الملف عدد ‪ ، 666/13/6‬أورده الرجراجي ‪ ،‬ص‪265‬‬
‫‪28‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬عناصر االعتداء المادي وبعض نماذجه‬
‫إن االعتداء المادي كما سبق الذكر‪ ،‬هو ارتكاب اإلدارة لخطأ جسيم وظاهر‬
‫أثناء قيامها بعمل مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حرية فردية أو على مال مملوك‬
‫ألحد األفراد‪ ،54‬وإذا كان االعتداء المادي يعتبر كعمل ال يرتبط بأي نص تشريعي أو‬
‫تنظيمي له صلة بالقرارات الصادرة عن السلطات اإلدارية‪ ،‬ويترتب عنها بالتالي‬
‫تخلي اإلدارة عن صفتها كسلطة متمتعة بامتيازات القانون العام‪ ،‬لذا وجب البحث عن‬
‫العناصر المشكلة لواقعة االعتداء المادي‪(.‬المطلب االول)على أن يتم الحديث في‬
‫مطلب ثاني عن نموذج من االحكام القضائية الصادرة في االعتداء المادي والتعليق‬
‫عليه(المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪:‬عناصر االعتداء المادي‬

‫يمكن تحديد معالم نظرية االعتداء المادي في عنصرين‪ ،‬أن يصدر عن اإلدارة‬
‫تصرف مشوب بعيب جسيم من عيوب الشرعية ( الفقرة األولى )‪ ،‬وأن يكون هناك‬
‫مساس خطير بالملكية الخاصة أو الحريات العامة ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تصرف إداري مشوب بعيب جسيم من عيوب الشرعية‬

‫إن األعمال اإلدارية إما أن تكون أعماال قانونية تأتيها اإلدارة بقصد ترتيب‬
‫آثار قانونية معينة‪ ،‬أو أعماال مادية تصدرها دون أن تقصد منها ترتيب أي أثر‬
‫قانوني‪ ،‬وكالهما يمكن أن يكون مصدرا لالعتداء المادي ( أوال )‪ ،‬بشرط أن يشمل‬
‫على عيب جسيم وصارخ في عدم المشروعية ( ثانيا )‪.‬‬

‫أوال‪ :‬قرار نافذ معدوم أو عمل مادي‬

‫يدخل في هذا اإلطار كل من االعتداء المادي الناتج عن قرار نافذ معدوم أي‬
‫ناتج عن أعمال قانونية‪ ،‬وكذا االعتداء المادي المتمخض عن أعمال مادية‪.‬‬

‫‪ 54‬أحمد أجعون‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪29‬‬
‫االعتداء المادي الناتج عن أعمال قانونية‬ ‫أ‪-‬‬
‫يقصد باالعتداء المادي الناتج عن أعمال قانونية تلك القرارات التي تحمل‬
‫تنفيذها في طياتها‪ ،‬وال تحتاج إلى وسائل مادية للتنفيذ‪.55‬‬

‫فإذا بلغت تلك القرارات حد االنعدام‪ ،‬أي شابها عيب جسيم وصارخ‪ ،‬في هاته‬
‫الحالة يتحقق االعتداء المادي في تلك القرارات‪.56‬‬

‫لكن ال يكفي أن يكون القرار معيبا بأحد عيوب الشرعية البسيطة‪ ،‬لكي ينشأ‬
‫عنه اعتداء مادي‪ ،‬بل إن العيب الالزم لتوفر االعتداء المادي هو العيب الذي يصل‬
‫إلى مخالفة القرار للقانون بدرجة يتعذر معها القول بأنه يعتبر تطبيقا للقانون‪ .‬وبهذا‬
‫المعنى فإن القرار الباطل ال يعد مصدرا لالعتداء المادي‪.57‬‬

‫وعموما يالحظ أن حاالت االعتداء المادي المترتبة عن قرارات إدارية تبقى‬


‫نادرة‪.‬‬

‫االعتداء المادي الناشئ عن أعمال مادية‬ ‫ب‪-‬‬

‫إذا كان االعتداء المادي الناتج عن القرار النافذ المعدوم قليل ونادر الحدوث‪،‬‬
‫فإن االعتداء المادي الناشئ عن العمل المادي لإلدارة هو الشائع في التطبيق العملي‪.‬‬
‫ويتخذ االعتداء المادي الناتج عن العمل المادي ثالثة مظاهر أساسية‪:‬‬

‫التنفيذ المادي بدون قرار إداري سابق‪ :‬ويعتبر االستيالء‬ ‫‪‬‬


‫على أمالك األفراد أهم تطبيقاته‪ ،‬ومثاله العمل المادي التنفيذي بنزع ملكية عقار قبل‬
‫إعالن المنفعة العامة‪.58‬‬

‫تنفيذ مادي مستند إلى قرار قضي ببطالنه‪ :‬يمكن التأكيد‬ ‫‪‬‬
‫هنا على أن الحكم ببطالن القرار اإلداري ال يترتب عنه تغيير وصف العمل المادي‬
‫الذي تم تغيير طبيعته‪ ،‬بل يظل عمال إداريا مشوبا بعيب من عيوب بطالن القرار‬
‫‪ 55‬مليكة الصروخ‪ ،‬العمل اإلداري‪ ،‬دار القلم الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2012 ،1‬ص ‪.455‬‬
‫‪ 56‬أحمد أجعون‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪25‬‬
‫‪ 57‬الرجراجي زكرياء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪58‬الرجراجي زكرياء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪30‬‬
‫اإلداري القابلة للطعن باإللغاء‪ .‬أما قيام اإلدارة بتنفيذ القرار ولو بعد قيام القضاء‬
‫بإلغائه‪ ،‬فيعد مرتكبا العتداء مادين نظرا لكون التنفيذ هنا هو تنفيذ لقرار معدوم ليس‬
‫إال‪.‬‬

‫التنفيذ المباشر غير الشرعي‪ :‬إذا كان عمل اإلدارة‬ ‫‪‬‬


‫صارخا في مخالفته للقوانين‪ ،‬فإن قرارها معدوم وتنفيذه يشكل اعتداء ماديا‪.‬‬

‫وتستطيع اإلدارة بإرادتها المنفردة أن تصدر قرارات تكون نافذة ضد األفراد‬


‫دون الحاجة إلى تدخل القضاء‪ ،‬طالما أن المشرع يضمن لإلدارة امتياز التنفيذ‬
‫المباشر‪ .‬إال أن مخالفة هاته األخيرة للمبادئ والشروط التي يقوم عليها التنفيذ‬
‫المباشر‪ ،‬ينتج عنه اعتداء مادي‪ ،‬ألن التنفيذ يصبح بدون سند من القانون‪.‬‬

‫وعموما فالتنفيذ المباشر هو حق استثنائي لإلدارة‪ ،‬وال يكزن إال بنص من‬
‫القانون أو في حالة الضرورة‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أنه ليس هناك قاعدة يأخذ بها‬
‫القضاء عند تقديره ألخطاء الدولة المترتبة عن أعمالها المادية‪ ،‬بل إنه يبحث في كل‬
‫حالة على حدة‪ ،‬وال يحكم بالتعويض إال إذا كان الخطأ على درجة معينة من‬
‫الجسامة‪.59‬‬

‫لكن هل من شرط يشترط أن يتوفر لقيام واقعة االعتداء المادي؟‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اتسام العمل بعيب جسيم وواضح من عيوب عدم الشرعية‬

‫في هذا الصدد يرجع الفضل للفقيه الفرنسي الفريير ‪ Laferiere‬في تحديد‬
‫مدى جسامة العيب الذي ينجم عنه االعتداء المادي وذلك في تقريره كمفوض للحكومة‬
‫إلى محكمة التنازع في قضية ‪ LaumonierCarriol‬بتاريخ ‪ 5‬ماي ‪، 1877‬‬
‫وذلك عندما أوضح أن الفعل المرتكب من شخص عادي ومجرد من كل سلطة ليس‬
‫فقط قابال لإللغاء‪ ،‬بل هو عمل منعدم‪.60‬‬

‫‪ 59‬الرجراجي زكرياء‪ ،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.35‬‬


‫‪ 60‬سهيلة أخريشف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪31‬‬
‫فال يكفي أن يكون القرار معيبا بعيب بسيط من عيوب القرار اإلداري‬
‫المتعارف عليها‪ ،‬وإنما من الضروري أن يخالف القرار القانون مخالفة صارخة‪،‬‬
‫بحيث يكون من شأن هذا العيب الجسيم أن ال يعده هذا القرار تطبيقا لنص في‬
‫القانون‪ ،61‬أما القرار المعيب بأحد العيوب الشرعية البسيطة كعيب االختصاص‪ ،‬ال‬
‫يعد اعتداء ماديا‪.‬‬

‫والقضاء الفرنسي يزخر بتطبيقات عديدة لحاالت االعتداء المادي التي تقع‬
‫على الملكية العقارية منها‪:‬‬

‫قيام اإلدارة باستخدام إذن باالستيالء المؤقت إلجراء‬ ‫‪‬‬


‫أشغال دائمة بهدف إجراءات نزع الملكية‪.‬‬

‫وضع أعمدة لخطوط كهربائية على أرض مبنية دون‬ ‫‪‬‬


‫الحصول على إذن المالك وبدون إجراء المسطرة القانونية الالزمة‪.62‬‬

‫وما تجب اإلشارة إليه أن نظرية االعتداء المادي تتحقق في ظل الظروف‬


‫العادية على أساس أن عدم الشرعية الجسيم الذي يلحق الملكية الخاصة يصبح عدم‬
‫شرعية بسيط قد يعفي القضاء من تطبيق نظرية االعتداء في حالة وقوع ظروف‬
‫استثنائية أو أي حالة من حاالت الظروف الطارئة‪.63‬‬

‫وقد دأب االجتهاد القضائي المغربي على تبني القاعدة السابقة‪ ،‬فقد ذهبت‬
‫محكمة النقض في أحد قراراتها الذي جاء فيه بأنه‪ ":‬لئن كان من حق اإلدارة تنفيذ‬
‫قراراتها بإرادتها المنفردة في إطار ما تتمتع به من سلطة التنفيذ المباشر‪ ،‬فإنه‬
‫يتعين عليها في المقابل أن تقوم بذلك في إطار المشروعية وبدون الخروج عن‬

‫‪ 61‬عبد الكريم بوالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.36‬‬


‫‪ 62‬أحمد أجعون‪ ،‬اختصاصات المحاكم اإلدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ 63‬طارق النالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪32‬‬
‫الحدود التي يسمح بها القانون‪ ،‬وإال أعتبر عملها اعتداء ماديا تتحمل فيه مسؤولية‬
‫القرار الناجم عنه إذا مس حق الملكية أو حريته الفردية "‪.64‬‬

‫خالصة القول‪ ،‬أن االعتداء المادي يستلزم وجود اعتداء جسيم وواضح يكون‬
‫صارخ من حيث عدم شرعيته وعدم قابليته ألن يكون تطبيقا لنص قانوني‪ ،‬أو أن‬
‫يكون مظهرا من مظاهر ممارسة اإلدارة الختصاصها‪.65‬‬

‫فماذا عن العنصر الثاني لتوافر االعتداء المادي؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المساس الخطير بالملكية الخاصة أو الحريات العامة‬

‫ال يكفي صدور تصرف إداري مشوب بعيب جسيم من عيوب عدم الشرعية‪،‬‬
‫لوقوع االعتداء المادي‪ ،‬بل يشترط كذلك لتوافر هذا األخير أن يكون هناك اعتداء‬
‫على حق الملكية الخاصة أو مساس بإحدى الحريات العامة‪ .‬ويعد هذا الشرط مهما‬
‫وأساسيا لكونه يحدد نطاق نظرية االعتداء المادي‪.‬‬

‫وعليه سنقوم بدراسة االعتداءات المادية الواقعة على الملكية الخاصة ( أوال )‪،‬‬
‫ثم االعتداءات المادية المتعلقة بالحريات العامة ( ثانيا )‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االعتداء على الملكية الخاصة‬

‫إن مصطلح الملكية الخاصة شامل وعام‪ ،‬فهو يضم الملكية العقارية والملكية‬
‫المنقولة‪ ،‬وإن كانت األولى هي األكثر تعرضا لالعتداء المادي‪ ،‬فإن الثانية بدورها قد‬
‫تشكل مجاال لالعتداء المادي عليها واإلضرار بها‪.‬‬

‫االعتداء المادي على الملكية العقارية‬ ‫أ‪-‬‬

‫تعتبر الملكية حقا مقدسا ال ينتهك بأي وجه‪ ،‬وال يزول عن صاحبه إال برضاه‬
‫الخالي من الضغط واإلكراه‪ ،‬أو وفق الحاالت التي يقررها القانون ألجل المنفعة‬
‫العامة‪ ،‬وقد نص دستور سنة ‪ 2011‬في فصله ‪ 35‬على أنه‪ " :‬يضمن القانون حق‬

‫‪ 64‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 132‬المؤرخ في ‪ 2006/02/15‬في الملف اإلداري عدد ‪ ،2007/2/4/1236‬منشور ب‬
‫مجلة قضاء المجلس االعلى ع‪ ،2007 ،66‬ص ‪.282‬‬
‫‪ 65‬أحمد أجعون‪ ، ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪33‬‬
‫الملكية‪ .‬ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون‪ ،‬إذا اقتضت ذلك متطلبات‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ .‬وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق‬
‫‪66‬‬
‫اإلجراءات التي ينص عليها القانون "‪ ،‬كما جاء في المادة ‪ 23‬من القانون ‪39.08‬‬
‫بأنه‪ ":‬ال يحرم أحد من ملكه إال في األحوال التي يقررها القانون‪ .‬ال تنزع ملكية أحد‬
‫إال ألجل المنفعة العامة ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون‪ ،‬ومقابل تعويض‬
‫من القانون ‪ 7.81‬المتعلق بنزع‬ ‫‪68‬‬
‫والثاني‬ ‫‪67‬‬
‫مناسب"‪ ،‬وكذا ما جاء في الفصل األول‬
‫الملكية ألجل المنفعة العامة وباالحتالل المؤقت‪.‬‬

‫كما أشارنا أعاله‪ ،‬فإن حق الملكية مضمون بمقتضى الدستور والقانون‪ ،‬إال أن‬
‫اإلدارة قد تلجأ أحيانا إلى احتالل عقار دون إتباع اإلجراءات القانونية والمسطرية‬
‫الالزمة لذلك تحت ذريعة االستعجال أو تعقد وطول المساطر‪ ،‬وذلك لتحقيق المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬وتخرق بذلك القانون ويجرد عملها هذا من أية صفة إدارية‪ ،‬وتنزل منزلة‬
‫األفراد العاديين‪.69‬‬

‫هكذا تبقى كل التصرفات اإلدارية الواقعة على الملكية العقارية والمتسمة بعيب‬
‫جسيم بمثابة اعتداء مادي‪ ،‬سواء نتج ذلك االعتداء عن قرار معدوم أو عمل مادي‪،‬‬
‫وهو ما قضت به المحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها التالي‪ ":‬وحيث إن اإلدارة‬
‫حينما تقوم بارتكاب االعتداء سواء في صورة قرار إداري صارخ في عدم‬
‫مشروعيته‪ ،‬أو في تنفيذ عمل غير مشروع الذي يصبح بعد هذا التنفيذ قرارها‬

‫‪ 66‬القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.178‬الصادر في ‪ 25‬من‬
‫ذي الحجة ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 22‬نونبر ‪ ،2011‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 27‬ذو الحجة ‪1432‬‬
‫الموافق ل ‪ 24‬نونبر ‪ ،2011‬ص ‪.5587‬‬
‫‪ 67‬ينص الفصل األول من القانون ‪ 7.81‬المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة وباالحتالل المؤقت على ‪ ":‬إن نزع‬
‫ملكية ال عقارات كال أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية ال يجوز الحكم به إال إذا أعلنت المنفعة العامة‪ ،‬وال يمكن‬
‫إجراؤه إال طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة االستثناءات المدخلة عليه كال أو بعضا بموجب تشريعات‬
‫خاصة "‪.‬‬
‫‪ 68‬ينص الفصل الثاني من القانون ‪ 7.81‬المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة وباالحتالل المؤقت على‪ ":‬يتم نزع‬
‫الملكية ألجل المنفعة العامة بحكم قضائي "‪.‬‬
‫‪ 69‬أنوار شقروني‪ ،‬الحماية القضائية لحق الملكية من خالل دعاوى االعتداء المادي‪ :‬محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪،‬‬
‫مقال منشور ب مجلة المحاكم االدارية ع الخامس‪ ،‬يناير ‪ ،2015‬ص ‪.26‬‬
‫‪34‬‬
‫معدوما – كما في نازلة الحال – فإنما تكون في الحالتين معا قد ارتكبت اعتداء ماديا‬
‫يخرجها عن مبدأ الشرعية ويجرد عملها من صفته اإلدارية "‪.70‬‬

‫هذا ويعرف القضاء المغربي تطبيقات عديدة لالعتداءات المادية الواقعة على‬
‫الملكية العقارية ومن أمثلة ذلك نجد‪:‬‬

‫إقدام الدولة على إقامة مدرسة على ملك الغير دون‬ ‫‪‬‬
‫سلوك إجراءات نزع الملكية‪.71‬‬

‫حالة الوعد بالبيع المبرم بين مالك العقار المحفظ‬ ‫‪‬‬


‫واإلدارة والذي لم يتبلور في صيغة عقد نهائي داخل األجل المتفق عليه بين الطرفين‪،‬‬
‫وإقدام اإلدارة على وضع يدها على جزء من العقار وإحداث بناء عليه‪.72‬‬

‫ومن التطبيقات الواضحة لالعتداء المادي على الملكية العقارية‪ ،‬نجد الرسوم‬
‫العقارية المثقلة بمشاريع نزع الملكية التي لم تواصل اإلدارة مسطرتها لسبب أو‬
‫آلخر‪ ،‬فتبقى مشاريع نزع الملكية بمثابة عرقلة حقيقية لتحيين تلك الرسوم وسببا في‬
‫إحجام الغير عن إجراء التصرفات بشأنها وما تسببه من تجميد لوضعية العقارات‬
‫موضوع تلك الرسوم العقارية‪.73‬‬

‫وكذلك في حالة تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬فهذه األخيرة هي عبارة عن أدوات‬


‫ووثائق توجيهية تعمل بموجبها السلطات العمومية على توجيه التطور العمراني‬
‫والتحكم في التنمية الحضرية‪.‬‬

‫ويعد تصميم التهيئة أهم وثيقة للتعمير يتم بموجبها إقامة وضبط القواعد الالزم‬
‫احترامها في مجال شغل األراضي والتخطيط داخل التجمعات الحضرية‪ .‬ويمر إعداده‬
‫بعدد من المراحل بدء بالبحث الميداني وصوال إلى المصادقة عليه‪ ،‬ثم تأتي مرحلة‬

‫‪ 70‬الحكم عدد ‪ 96‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬أبريل ‪ ،1995‬أورده الرجراجي زكرياء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬
‫‪ 71‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 625‬بتاريخ ‪ 2000/04/27‬ملف إداري عدد ‪ ،98/1/5/409‬أورده طارق النالي‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬
‫ص ‪.48‬‬
‫‪ 72‬حكم المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪ ،‬ملف رقم ‪ 97/201‬الملف عدد ‪ 731‬بتاريخ ‪ ،1999/12/29‬أورده طارق‬
‫النالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 73‬أحمد أجعون‪ ،‬االعتداء المادي على الملكية العقارية‪ ،‬اإلشكاالت العملية والحلول القضائية ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 43‬و ‪.44‬‬
‫‪35‬‬
‫التنفيذ أي اتخاذ التدابير الالزمة لتنفيذ مضامينه‪ ،‬إذ أن الموافقة على تصميم التهيئة‬
‫تنتج عنه آثار مهمة‪ ،‬فهو يلزم األشخاص العمومية بضرورة التقيد بمقتضياته في‬
‫العمليات التعميرية والعمل على ترجمتها على ارض الواقع وإحداث التجهيزات‬
‫والمرافق العمومية التي ينص عليها‪ ،‬كما يؤدي بالنسبة لألفراد إلى تقيدهم بمقتضياته‬
‫فيما يتعلق بعمليات البناء والتقسيم والتجزيء باإلضافة إلى تحملهم لمختلف‬
‫االرتفاقات التي يتضمنها‪.‬‬

‫وعليه فإعداد تصميم التهيئة ونشره بالجريدة الرسمية ال يعطي الحق لإلدارات‬
‫المعنية االستيالء على األراضي المشمولة بهذا التصميم‪ .‬ومن ثم فوضع اليد عليها‬
‫دون االتفاق مع مالكها أو سلوك اإلجراءات القانونية لنزع الملكية للحصول على تلك‬
‫العقارات الالزمة النجاز المشاريع العمومية يعتبر اعتداء ماديا‪ ،74‬ويتخذ هذا األخير‬
‫مظهرين أساسين‪:‬‬

‫األول‪ :‬يكون في الحالة التي تعمد فيها اإلدارة إلى االستيالء على عقارات‬
‫األف راد دون االتفاق مع مالكها ودون مباشرة مسطرة نزع الملكية‪ ،‬هنا ال بد من‬
‫التمييز بين حالتين‪:‬‬

‫األولى‪ :‬عندما يكون فيها المرسوم القاضي بالموافقة‬ ‫‪‬‬


‫على تصميم التهيئة بمثابة إعالن بأن المنفعة العامة تستوجب القيام بالعمليات الالزمة‬
‫النجاز المرافق العمومية والتجهيزات فقط‪ .75‬فتكون اإلدارات المعنية مطالبة‬
‫بضرورة إصدار مقررات للتخلي قبل إبرام اتفاقات للتراضي أو استئذان القضاء‬
‫سواء للحصول على الحيازة المؤقتة أو الحكم بنقل الملكية‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬عندما يكون فيها تصميم التهيئة بمثابة قرار تعين‬ ‫‪‬‬
‫فيها األراضي المراد نزع ملكيتها لكونها الزمة النجاز التجهيزات العمومية مع بيان‬

‫‪ 74‬أحمد أجعون‪ ،‬تنفيذ وثائق التعمير واالعتداء المادي " تصميم التهيئة نموذجا "‪ ،‬مقال منشور بمجلة مجلة وسيط المملكة‬
‫المغربية ‪.‬عدد ‪ 3‬دجنبر ‪ ،2014‬ص ‪ 103‬وما يليها بتصرف‪.‬‬
‫‪ 75‬الفقرة األولى من المادة ‪ 28‬من قانون التعمير‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫مشموالتها ومساحاتها وأسماء من يحتمل أن يكونوا مالكين لها‪ .76‬ففي هذه الحالة‬
‫يكون تصميم التهيئة بمثابة إعالن للمنفعة العامة متضمن لمقرر التخلي‪ ،‬ومن تم‬
‫فاإلدارات يحق لها مباشرة االتفاق مع المالك حول نقل الملكية أو اللجوء إلى القضاء‬
‫للمطالبة بنقل الملكية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإعداد تصميم التهيئة ونشره بالجريدة الرسمية ال يعطي الحق ألي كان‬
‫باالستيالء وغصب األراضي المشمولة بهذا التصميم بل ال بد من االتفاق مع مالكها‬
‫أو إتباع مسطرة نزع الملكية إلحداث المرافق العمومية‪.‬‬

‫فقد قضت المحكمة اإلدارية بأكادير بأنه‪ ":‬يعتبر احتالل الشخص العام لملك‬
‫الغير بدون سند قانوني وإنشاء مرفق عام على الملك المذكور بنية الدوام‬
‫واالستمرار نزعا غير مباشر للملك يترتب عنه تعويض المالك تعويضا كامال جابرا‬
‫‪77‬‬
‫للضرر"‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬ويكون في الحالة التي تنتهي فيها آثار تصميم التهيئة ومع ذلك تستمر‬
‫اإلدارات في غل يد المالك من التصرف في أمالكهم‪ .‬فطبقا لمقتضيات المادة ‪ 28‬من‬
‫قانون التعمير تنتهي اآلثار المترتبة عن إعالن المنفعة العامة عند انقضاء اجل ‪10‬‬
‫سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة‬
‫الرسمية‪.‬‬

‫وعليه فاستمرار اإلدارة بغل يد المالك في التصرف في عقاراتهم بعد مرور‬


‫األجل المذكور هو تصرف مشوب بعدم مشروعية جسيم لعدم إمكانية ربط تطبيقه‬
‫بأي مقتضى تشريعي أو تنظيمي وماس بحق الملكية ومن تم فهو اعتداء مادي يخول‬
‫‪78‬‬
‫للمالك تقديم دعاوى أمام الجهة المختصة لرفع ورد االعتداء والتعويض عنه‪.‬‬

‫هذا بالنسبة لالعتداء المادي الذي يطال الملكية العقارية‪ ،‬فماذا عن االعتداء‬
‫الذي يطال الملكية المنقولة؟‬

‫‪ 76‬الفقرتين األولى والثانية من المادة ‪ 29‬من قانون التعمير‪.‬‬


‫‪ 77‬حكم المحكمة اإلدارية بأكادير عدد ‪ 176‬بتاريخ ‪ ،2010/03/30‬أورده أحمد أجعون‪ ،‬المقال‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪ 78‬أحمد أجعون‪ ،‬تنفيذ وثائق التعمير واالعتداء المادي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 109‬بتصرف‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫االعتداء المادي الذي يطال الملكية المنقولة‬ ‫ب‪-‬‬

‫لم تقتصر نظرية االعتداء المادي لإلدارة على الملكية العقارية بل اتسعت‬
‫لتشمل مجال ال يقل أهمية عن الملكية العقارية هو االعتداء المادي على الملكية‬
‫المنقول على انه كل شيء يمكن نقله من مكان آلخر‬ ‫‪79‬‬
‫المنقولة‪ ،‬وعرف أحد الفقه‬
‫دون تلف‪.‬‬

‫ومن التطبيقات القضائية في مجال االعتداء المادي الذي يطال ملكية المنقول‬
‫نجد الحكم الشهير الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية في قضية ‪L’action‬‬
‫‪ Français‬وتتعلق بقيام مدير البوليس بمصادرة جريدة ‪ L.A.F‬في باريس ونواحيها‬
‫لنشرها أخبار من شأنها زيادة حدة االضطرابات الموجودة بالمدينة‪ ،‬وعند رفع األمر‬
‫لدى محكمة التنازع قضت بأن مدير البوليس بقراره بمصادرة الجريدة دون تفريق‬
‫بين المناطق قد جاوز سلطاته‪ ،‬وبما أن النظام العام لم يكن مهددا فإن تلك المصادرة‬
‫تكون اعتداء مادياوإن كان القضاء الفرنسي يزخر باالجتهادات القضائية في باب‬
‫االعتداء المادي الذي يطال الملكية المنقولة فإن القضاء المغربي يعرف شحا في هذا‬
‫المجال‪ ،‬ومن األحكام النادرة نجد األمر االستعجالي الصادر عن المحكمة االبتدائية‬
‫بأسفي بتاريخ ‪ 17‬غشت ‪ 1989‬ويتعلق باألمر الصادر عن العامل والمنفذ من قبل‬
‫السلطة المحلية والقاضي بإخالء المدعي من المسكن الذي يكتريه وإتالف أمتعته‪ ،‬وقد‬
‫صرحت المحكمة بأن هذا العمل يشكل اعتداء مادي صرف وعاري من أية مشروعية‬
‫ولو ظاهرية على حق التملك بالنسبة للمنقوالت على حق المسكن وأن جميع عناصر‬
‫االعتداء متوفرة‪.80‬‬

‫‪79‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 64‬وما يليها‪.‬‬


‫‪80‬أمر استعجالي رقم ‪ 263‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بأسفي بتاريخ ‪ 17‬غشت ‪ 1989‬ملف استعجالي رقم ‪،234‬‬
‫أورده البشير خرشاف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪38‬‬
‫وفي أمر استعجالي صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط قضى بوجود حالة‬
‫االعتداء المادي عندما قامت إدارة الجمارك بإقفال محل تجاري وتعطيل العمل به‬
‫عوض نقل البضاعة المشكوك في مصدرها إلى مخازن هذه اإلدارة‪.81‬‬

‫نستخلص مما سبق أن حق الملكية بشقيها العقارية والمنقولة تحضى باهتمام‬


‫وعناية كبيرة من جانب كل من التشريع والقضاء‪.‬‬

‫إال أن السؤال المطروح هو ما نصيب االهتمام الذي حضيت به الحريات‬


‫العامة مقارنة مع االهتمام الذي حضيت به الملكية؟‬

‫ثانيا‪ :‬االعتداء المادي على الحريات العامة‬

‫إن نظرية االعتداء المادي كما سبقت اإلشارة ال تقتصر على الملكية بل تشمل‬
‫حتى الحريات األساسية‪.‬‬

‫حيث نجد أن الدستور المغربي ينص على إن الحريات األساسية مضمونة‬


‫وتتكفل القوانين بتنظيمها وكيفية ممارستها ومنها حرية التجول‪ ،‬حرية التنقل عبر‬
‫التراب الوطني‪ ،‬حرية الرأي والتعبير بجميع أشكاله‪ ،‬حرية تأسيس الجمعيات‪...‬‬
‫الخ‪.82‬‬

‫ومن خالل البحث في تطبيقات القضاء المغربي في حالة االعتداء المادي الذي‬
‫يطال الحريات والحقوق العامة‪ ،‬نجد أن تطبيقاته قد انحصرت في حاالت انتهاك‬
‫حرمة المسكن وحرية الصحافة باإلضافة لحق الملكية الذي تحدثنا عنه أعاله‪.‬‬

‫فبخصوص االعتداء المادي الذي يطال حرمة المسكن‪ ،‬نجد أمرا استعجاليا‬
‫صادر عن قاضي المستعجالت بالمحكمة اإلدارية بالرباط جاء فيه ما يلي‪ ":‬وحيث‬
‫إن هذا العمل الذي قامت به اإلدارة المدعى عليها يشكل انتهاكا لحرمة المنزل‬
‫المضمونة بالدستور ‪ ،‬وحيث إن اإلدارة حينما تعتدي بشكل صارخ على حق الملكية‬

‫‪ 81‬أمر استعجالي رقم ‪ 311‬بتاريخ ‪ 25‬يونيو ‪ ،2003‬أورده البشير خرشاف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪82‬انظر الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق األساسية بدء من الفصل ‪ 19‬من دستور المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫أو على حق من الحقوق الفردية – كما في نازلة الحال – أو الجماعية فإن قيامها‬
‫بتنفيذ عملها المادي هذا يدخل في إطار االعتداء المادي "‪.83‬‬

‫أما عن نظر القضاء اإلداري في قضايا االعتداء المادي التي تطال حرية‬
‫الصحافة‪ ،‬نجد حكم إدارية الرباط في قضائها االستعجالي في قضية تقدمت بها شركة‬
‫ميديا تروست بطلب يهدف إلى رفع االعتداء المادي الواقع من طرف اإلدارة‬
‫والقاضي بمنع جريدتين من الصدور وذلك في شهر دجنبر سنة ‪.842000‬‬

‫مما سبق نستنتج أن العنصر الثاني في فعل االعتداء المادي ينقسم بدوره إلى‬
‫شقين متالزمين‪ ،‬إذ أن الضرر الموصوف بأنه اعتداء مادي هو ذلك الضرر الخطير‬
‫والجسيم من جهة‪ ،‬وليس لبسيط كما هو الحال في القرارات الباطلة المعيبة فقط بأحد‬
‫عيوب المشروعية‪ ،‬ومن جهة أخرى ينبغي أن يكون محل الضرر عبارة عن حق‬
‫الملكية أو إحدى الحريات العامة‪.‬‬

‫كما نستنتج أن االعتداء المادي شديد الصلة بالسلطة اإلدارية‪ ،‬فال مجال هنا‬
‫لمناقشة اعتداء الخواص الذي يبقى منظما بقواعد خاصة منصوص عليها في القانون‬
‫المدني‪.‬‬

‫ومن خالل ما تم الحديث عنه في هذا المبحث األول‪ ،‬فإن نظرية االعتداء‬
‫المادي هي نظرية ضاربة في عمق التاريخ‪ ،‬وهي ذات أصل فرنسي‪ .‬لذلك لم يتغير‬
‫مفهومها مع تغير األمكنة واألزمنة‪ ،‬الشيء الذي زاد من قيمة أصالتها‪.‬‬

‫وتمثل االعتداءات التي تطال الملكية العقارية‪ ،‬المجال الخصب لنظرية‬


‫االعتداء المادي‪ .‬فبالرغم من الحماية التي تضمنها مختلف التشريعات لحق الملكية‪،‬‬
‫فإنها مع ذلك ال تسلم من االعتداء عليها‪ .‬ويتحقق االعتداء المادي كلما قامت اإلدارة‬
‫بتصرف يمس هذا الحق‪ ،‬دون أن يكون لهذا التصرف‪ ،‬بأي شكل من األشكال‪ ،‬صلة‬
‫بالممارسة الشرعية لالمتيازات القانونية الممنوحة للسلطة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ 83‬أمر استعجالي عدد ‪ 1066‬بتاريخ ‪ ، 1999/11/07‬منشور ب المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد ع ‪،31‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.157‬‬
‫‪ 84‬أمر استعجالي عدد ‪ 211‬بتاريخ ‪ 20‬دجنبر ‪ ، 2000‬شركة ميديا تروست ضد الحكومة المغربية‪ ،‬منشور بالمجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ‪ 36‬يناير‪ -‬فبراير ‪ ،2001‬ص ‪.81‬‬
‫‪40‬‬
‫وللقول بتحقق واقعة االعتداء المادي ال بد من تضامن ثلة من العناصر‪ .‬ولئن‬
‫كان من البديهي أن اإلدارة تقوم بمجموعة من األعمال قصد تسيير مرافقها باستمرار‪،‬‬
‫فإن األمر‪ ،‬ال يجب أن يؤدي باإلدارة إلى أن تسمح لنفسها أو للقائمين مقامها بأن‬
‫تعتدي على حق الملكية‪ ،‬ولو تحت مبررات عديدة ومختلفة‪ ،‬منها مبرر تحقيق المنفعة‬
‫العامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نموذجمن األحكام في في قضايا االعتداء المادي‬

‫إن دراسة أي موضوع قانوني واإلحاطة بجوانبه المعرفية‪ ،‬تقتضي‬


‫اإلنفتاح على الواقع العملي من خالل الوقوف عند األحكام القضائية المتعلقة‬
‫بها‪ ،‬لهذا سيتم التطرق في هذا المطلب إلى عرض حكم قضائي بوقائعه و‬
‫حيثياته و منطوق المحكمة في الفقرة األولى على أن يتم إلى التعليق على هذا‬
‫الحكم في الفقرة الثانية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عرض الحكم‬

‫المملكة المغربية‬

‫محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‬

‫المحكمة اإلدارية بوجدة‬

‫قسم‪ :‬القضاء الشامل‬

‫الموضوع‪ :‬المسؤولية اإلدارية‬

‫ملف رقم‪2017/7112/92 :‬‬

‫حكم عدد‪1029 :‬‬

‫بتاريخ‪ 18 :‬ربيع األول ‪ 1439‬ه‬

‫موافق‪2017/12/07 :‬‬

‫‪41‬‬
‫بتاريخ ‪ 18‬ربيع األول ‪ 1439‬ه الموافق ‪2017/12/07‬‬

‫أصدرت المحكمة اإلدارية بوجدة وهي متكونة من السادة‪... :‬‬

‫الحكم اآلتي‪:‬‬

‫بين‪ :‬السيد ‪ ،...‬عنوانه الناظور‪.‬‬

‫والجاعل محل المخابرة معه بمكتب نائبه‪ :‬األستاذ ‪ ..‬المحامي بهيئة وجدة‪.‬‬

‫وبين‪:‬‬

‫المجلس البلدي للجماعة الترابية لمدينة الناظور في شخص رئيسه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ينوب عنه األستاذ ‪...‬المحامي بهيئة الناظور‪.‬‬
‫عمالة إقليم الناظور في شخص السيد العامل‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة بالرباط‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫السيد الوكيل القضائي للجماعات المحلية بوزارة الداخلية بالرباط‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫الوقائع‪:‬‬

‫بناء على المقال المسجل والمؤداة عنه الرسوم القضائية بصندوق كتابة ضبط‬
‫هذه المحكمة بتاريخ ‪ 20‬أبريل ‪ 2017‬يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه بأنه يملك‬
‫القطعة األرضية الصالحة للبناء الكائنة بالناظور حي عريض المكان المسمى "يعال‬
‫تمرشدوت" الموصوفة حدودها بالمقال وعقد الشراء المرفق‪ ،‬مساحتها ‪ 200‬متر‬
‫مربع وأنه ال يملك سوى هاته األرض التي كان يعلق عليها آماال كبيرة‪ ،‬إال أنه فوجئ‬
‫بالجماعة الترابية للناظور بشق طريق عمومي فوقها دون سلوك أي مسطرة قانونية‬
‫رغم المساعي الودية الرامية إلى تعويضه بقطعة أرضية أخرى وأداء قيمتها‪.‬‬
‫واعتبارا إلى أن األمر يتعلق باعتداء مادي على ملك الغير‪ ،‬فإنه قد بادر إلى سلوك‬
‫المسطرة القبلية الواجبة اإلتباع من إخبار للجماعة واستصدار وصل مقاضاتها مما‬
‫يكون من حقه المطالبة التعويض‪ ،‬فألجل هذه المعطيات فهو يلتمس الحكم له مبلغ ‪20‬‬

‫‪42‬‬
‫ألف درهم كتعويض مؤقت مع األمر تمهيديا بإجراء خبرة للوقوف على القطعة‬
‫األرضية من أجل تقدير قيمتها مع حفظ حقه في اإلدالء بالمناسب بعد الخبرة‪.‬‬

‫وبناء على تبليغ نسخة من المقال إلى الجهة المدعى عليها ‪-‬جماعة الناظور‪-‬‬
‫وعدم إدالئها بأي جواب رغم التوصل بصفة قانونية‪.‬‬

‫وبناء على الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ ‪2017/07/06‬‬


‫القاضي بإجراء خبرة بواسطة الخبير ‪...‬‬

‫وبناء على تقرير هذا األخير المؤشر عليه بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ‬
‫‪ 2017/07/09‬المتضمن لإلجابة عن جميع النقط الواردة الحكم التمهيدي‪.‬‬

‫وبناء على مذكرة المستنتجات بعد الخبرة المدلى بها من طرف المدعي‬
‫بواسطة نائبه بجلسة ‪ 2017/10/26‬والرامية إلى المصادقة على تقرير الخبرة والحكم‬
‫له بمبلغ ‪ 800.000‬درهم كتعويض عن قيمة أرضه مع النفاذ المعجل وتحميل‬
‫الصائر‪.‬‬ ‫عليها‬ ‫المدعى‬
‫وبناء عى مذكرة المستنتجات الجوابية بعد الخبرة المدلى بها من طرف جماعة‬
‫الناظور نائبها بجلسة ‪ 2017/11/23‬الحظت بموجبها من حيث الشكل بأن الدعوى‬
‫مقدمة ضد غير ذي صفة ألنها وجهت ضد المجلس البلدي وليس الجماعة كما أنه لم‬
‫يتم إدخال الوكيل القضائي للجماعات الترابية في الدعوى‪ ،‬فال على أن الدعوى رفعت‬
‫من غير ذي صفة ألن اسم المشتري الوارد في العقد هو(‪ )...‬في حين اسم المدعى‬
‫عليه هو(‪ )...‬فضال على أن العقد المدلى به غير مستند على وجه وسند تملك البائع‬
‫وبعد تسجيل هاته المالحظات فقد التمس التصريح بعدم قبول الطلب شكال‪ ،‬واحتياطيا‬
‫من حيث الموضوع بعد مالحظة أن تقرير الخبرة أكد على اختفاء معالم القطعة‬
‫األرضية ووقوع الخبير في عدة تناقضات وتطرقه لنقط قانونية ليست من اختصاصه‬
‫من قبيل الحديث عن مسؤولية الجماعة عن إحداث الطريق وبعد مالحظة أيضا‬
‫المبالغة والغلو في تقدير قيمة األرض بالمقارنة مع عناصر المقارنة التي أوردها‬

‫‪43‬‬
‫خبير في التقرير وهو ال يثير الشك والريبة فألجله التمست حكم برفض الطلب من‬
‫حيث الموضوع‪.‬‬

‫بناء على الوثائق األخرى المدرجة بالملف وبناء على اإلعالم بإدراج القضية‬
‫بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪ 2017/11/30‬تخلف عنها نائبا الطرفين وقررت‬
‫المحكمة اعتبار القضية جاهزة وبعد أن تلى السيد المقوض الملكي تقريره الرامي إلى‬
‫الحكم بالتعويض في إطار السلطة التقديرية للمحكمة‪ ،‬تم وضع القضية في المداولة في‬
‫جلسة ‪.2017/12/07‬‬

‫وبعد المداولة طبقا للقانون‬

‫في الشكل‪ :‬حيث قدم الطلب مستوفيا لجميع الشروط الشكلية المتطلبة قانونا‪،‬‬
‫لذلك فهو مقبول من هذه الناحية أما الدفوع الشكلية المثارة من طرف جماعة الناظور‬
‫والمستمدة من توجيه الدعوى ضد غير ذي صفة ورفعها من غير ذي صفة ولكون‬
‫العقد المستدل به مجرد من سند تملك البائع‪ ،‬وعدم إدخال الوكيل القضائي للجماعات‬
‫الترابية فتبقى دفوع مردودة طالما أنه بالنسبة للدفع األول وإن كانت الدقة القانونية‬
‫تقتضي توجيه الدعوى ضد الجماعة في شخص رئيسها ومجلسها الجماعي وليس‬
‫المجلس البلدي في شخص رئيسه‪ ،‬إال أن الجماعة المعنية قد توصلت وأجابت عن‬
‫المقال وبالتالي فإنه ال يصل إلى درجة اإلخالل الشكلي المبرر لعدم القبول ما دام لم‬
‫يترتب عنه أي ضرر‪.‬‬

‫أما بالنسبة للدفع الثاني المتعلق برفع الدعوى من غير ذي صفة اعتبارا إلى أن‬
‫العقد يتضمن إسم غير إسم المدعي‪ ،‬على خالف هذا الدفع فإن الطرف المدعي الذي‬
‫استدل برفقة المقال بشهادة مطابقة اإلسم والتي تفيد بأن اسم السيد(‪ )...‬هو نفسه(‪)...‬‬
‫ويستبعد مع هذا المعطى الدفع المثار‪ .‬أما بالنسبة للدفع المستمد من كون عقد الشراء‬
‫مجرد من سند التملك بالنسبة للبائع فهو أيضا دفع مردود طالما أن العقد قد تضمن‬
‫سند تملك البائع بموجب عقد الشراء الصادر عن المحكمة لسنة ‪1951‬م‪ ،‬الدفتر‬
‫الخامس‪ :‬ص‪ ،32 :‬رقم‪ ،57 :‬رخصة بتاريخ‪ ،1972/07/06 :‬رقم‪ .1696 :‬كما أن‬

‫‪44‬‬
‫الطرف المدعي قد استدل بحكم نهائي قضى في مواجهة ورثة البائع بتسليم العقار‬
‫المبيع وبمحضر تنفيذي للحكم السالف الذكر‪.‬‬

‫في الموضوع‪ :‬حيث يهدف الطلب إلى الحكم على الجهة المدعى عليها جماعة‬
‫الناظور في شخص رئيسها بأدائها لفائدة المدعي مبلغ التعويض عن أرضه المشار‬
‫إليها بالوقائع أعاله والتي أحدث فوقها طريق عمومي مع تحميلها الصائر‪.‬‬

‫وحيث إن الثابت من وثائق الملف ال سيما محضر المعاينة المستدل به وكذا‬


‫من خالل تقرير الخبرة المنجز في النازلة أنه قد تم إحداث طريق عمومي على‬
‫أنقاض القطعة األرضية المملوكة للطرف المدعي بحيث استغرقها بالكامل واختفت‬
‫معالمها بموجب ذلك اإلحداث‪ ،‬مما تبقى معه واقعة إحداث الطريق ثابتة بأكثر من‬
‫حجة‪.‬‬

‫وحيث إنه فيما يخص الجهة المسؤولة عن إحداث الطريق فمما ال نزاع ألن‬
‫األرض تتواجد داخل المجال الحضري ويستنتج معها هذا المعطى بأن الجهة‬
‫المختصة قانونا في إحداث هذا النوع من الطرق هي الجماعات الترابية وقد تأكد‬
‫للمحكمة من خالل تقرير الخبرة أن الطريق محدث فوق عقار المدعي المنصوص‬
‫عليه بتصميم التهيئة ومشار إليه برقم ‪ 72‬وعليه فما دام قد ثَبت اإلحداث الفعلي لهذا‬
‫الطريق هو أن الجماعة المدعى عليها لم تدلي بما يفيد سلوكها لمسطرة نزع الملكية‬
‫أو االقتناء عن طريق المراضاة مما يشكل اعتداء ماديا تتحمل مسؤوليته جماعة مدينة‬
‫الناظور ويكون طلب التعويض المؤسس على هذه الواقعة له ما يبرره من حيث‬
‫المبدأ‪.‬‬

‫وحيث إنه فيما يخص التعويض فإن المحكمة وأمام عدم توفرها على العناصر‬
‫الكافية للبت في هذا الجانب ال سيما تحديد المساحة المقتطعة وتقدير التعويض عنها‬
‫استنادا إلى العناصر المتحكمة في الثمن من خصائص ومميزات فقد أمرت بإجراء‬
‫خبرة بواسطة الخبير السيد (‪ )...‬الذي خلص في تقريره المؤشر عليه في تاريخ‬
‫‪ 2017/09/29‬إلى أن الطريق المحدث قد استغرق القطعة األرضية باستثناء بعض‬

‫‪45‬‬
‫األجزاء الهامشية ال تتعدى أربعة أمتار وقد اقترح مبلغ ‪ 4000‬درهم للمتر المربع‬
‫الواحد استنادا لخصائص القطعة األرضية ومميزاتها واستنادا إلى عناصر المقارنة‬
‫الكل حسب التفصيل الوارد بتقرير الخبرة‪.‬‬

‫وحيث التمس طرف المدعي المصادقة على تقرير الخبرة والحكم له بمبلغ‬
‫‪ 800.000.00‬درهم مع الحكم بالنفاذ المعجل في حين نازعت الجماعة المدعى عليها‬
‫في التقرير المذكور مالحظة عليه انعدام الدقة والموضوعية والمبالغة في التقدير‬
‫بالمقارنة مع عناصر المقارنة المستشهد بها والتي ال تتجاوز مبلغ ‪ 3000‬درهم للمتر‬
‫المربع وهو ما يثير الشك والريبة في الخالصة التي توصل إليها الخبير ملتمسة‬
‫إجراء خبرة ثانية والحكم برفض الطلب‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬حيث إنه بعد تفحص المحكمة لتقرير الخبرة فقد تبين لها أنه جاء مستوفيا‬
‫لكافة الشروط الشكلية ومن حيث الموضع فقد أجاب على جميع النقط الواردة في‬
‫الحكم التمهيدي ال سيما التأكد من واقعة إحداث الطريق والمساحة المستغرقة التي بقي‬
‫منها جزء ال يمكن استغالله في أي وجه من وجوه االستغالل‪ ،‬أما بخصوص‬
‫التعويض المقترح فإنه ولئن كان قد أورد عناصر المقارنة تقل عن المبلغ المقترح إال‬
‫أنه بالنظر إلى موقع القطعة األرضية بداخل مركز مدينة الناظور ومميزاتها‬
‫وخصائصها التي هي مخصصة للبناء التجاري والسكني وإطاللها على شارعين‪ ،‬فإن‬
‫التعويض المقترح يبقى مناسبا وهو ما ارتأت معه المحكمة اعتماده للحكم بالتعويض‬
‫وعلى هذا األساس يتعين الحكم على الجماعة المدعى عليها بأدائها لفائدة المدعي مبلغ‬
‫‪ 800.000.00‬درهم‪.‬‬

‫وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها مما يتعين تحميل الجماعة المدعى‬
‫عليها الصائر‪.‬‬

‫وحيث إن طلب النفاذ المعجل ليس له ما يبرره النعدام شروطه وموجباته‬


‫القانونية مما يتعين معه الحكم برفضه‪.‬‬

‫المنطوق‪:‬‬

‫‪46‬‬
‫وتطبيقا لمقتضيات المواد ‪ 3،4،5،7،8‬من القانون رقم‪ 41.90 :‬المحدثة‬
‫بموجبه المحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫لهذه األسباب‪:‬‬

‫حكمت المحكمة بوجدة علنيا ابتادئيا حضوريا‪:‬‬

‫في الشكل‪ :‬قبول الطلب‪.‬‬

‫في الموضوع‪ :‬على جماعة الناظور في شخص رئيسها بأدائها لفائدة الطرف‬
‫المدعي تعويضا إجماليا قدره ‪ 800.000.00‬درهم مع تحميل الجماعة المدعى عليها‬
‫صائر وبرفض الطلب فيما عدا ذلك‪.‬‬

‫بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعاله‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التعليق على الحكم‬

‫نص المشرع المغربي في الفصل األول من قانون المسطرة المدنية على أن‬
‫التقاضي ال يصح إال ممن كان له الصفة و األهلية و المصلحة إلثبات حقوقه‪ ،‬و يثير‬
‫القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو المصلحة أو األهلية‪ ،‬ألنها من النظام العام‪.‬‬

‫و بهذا فلكي تقبل الدعوى ينبغي أن تتوفر فيها المحددات المحددة قانونا في‬
‫الفصل األول من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬غير أنه ما يعاب على الحكم أعاله أن‬
‫الدعوى قدمت ضد من ال يتوفر فيه شرط الصفة؛ دون أن تأمر المحكمة بتصحيح‬
‫المسطرة‪ ،‬و أن تحكم بعدم القبول في حالة عدم تصحيحها؛ حيث إنه تم رفع الدعوى‬
‫ضد رئيس المجلس البلدي و الحال أنه يجب توجيهها ضد رئيس المجلس الجماعي‪،‬‬
‫لكون المجلس البلدي ال تربطه عالقة أو رابطة قانونية معينة بموضوع الدعوى‪ ،‬و أن‬
‫توصل الجماعة بالمقال دون توجيها الدعوى ضدها ال يكفي لتحقق شرط الصفة ‪ ،‬و‬
‫الدعوى يجب أن ترفع من ذي صفة على ذي صفة‪.‬‬

‫اضافة إلى هذا فإن الحكم بالتعويض من جراء اإلعتداء المادي على الملكية‬
‫العقارية يستلزم التأكد من تملك العقار من طرف المتضرر‪ ،‬و هذا األمر أغفلته‬

‫‪47‬‬
‫المحكمة في هذا الحكم خاصة و أن العقد يتضمن إسم غير اسم المدعي‪ ،‬وإن كان هذا‬
‫األخير قد قدم ما يفيد مطابقة اإلسم و أن المدعي هو نفسه الشخص المضمن في‬
‫العقد‪ ،‬فإن ذلك ال يمنع من التحقق في ملكية العقار محل اإلعتداء من طرف المدعي‪.‬‬

‫و المالحظ في هذا الحكم أيضا أن الخبير قد تجاوز الحدود المرسومة قانونا‬


‫بتقديم مالحظات في مسائل قانونية‪ ،‬و الحال أن المشرع أوجب من خالل قانون‬
‫المسطرة المدنية على الخبير تأكيد واقعة أو استخالص نتائج موضوعية من هذه‬
‫الواقعة معرفة فنية أو علمية ال عالقة لها بالقانون مطلقا‪ ،‬حيث إن الخبير في هذه‬
‫الواقعة أقر بأن إنشاء الطرق من اختصاصات الجماعة وهي من األمور القانونية التي‬
‫يجب على الخبير تجاوزها واإلقتصار على ابداء الرأي في النقاط الفنية الموضوعة‬
‫من طرف القاضي ‪.‬‬

‫وما تجدره اإلشارة أن المحكمة لم تستند على معيار موضوعي لتقدير‬


‫التعويض‪ ،‬حيث حكمت بتعويض يفوق اثمنة عناصر المقارنة المستشهد بها‪ ،‬فما‬
‫قيمة إذا هذه العناصر إذا لم تراعيها المحكمة أثناء تقدير التعويض‪،‬هذا و إن كان‬
‫التعويض في إطار اإلعتداء المادي يكون كامال ‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن يفوق التعويض‬
‫قيمة العقار موضوع النزع‪ ،‬إنما يجب أن يكون التعويض عادال ال يزيد عن حجم‬
‫الضرر و ال ينقص‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫خاتمة‬
‫ختما يمكن القول أن القضاء المغربي رغم الصالحيات التي يتوفر عليها في‬
‫استنتاج اإلعتداء المادي العقاري و الوقاية منه و إصدار أوامر استعجالية برفعه أو‬
‫إيقاف األشغال المنجزة بدون مسوغ قانوني مشروع فوق ملكية الغير و طرد اإلدارة‬
‫من العقارات التي تحتلها بدون موجب حق و حكم المحكمة اإلدارية بتعويضات تجبر‬
‫أضرار هذه اإلعتداءات‪ ،‬إال أن اإلدارة تظل محتفظة بامتيازاتها بالنسبة للحقوق‬
‫الناشئة عن أعمال التعدي و متمتعة بعدم الخضوع للتنفيذ الجبري‪.‬‬

‫و بهذا يكون القضاء المغربي س قد ساهم بشكل كبير في معالجة قضايا‬


‫اإلعتداء المادي في سبيل حماية المصلحة العامة من جهة و حقوق المتضررين من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬غير أن محاولة القضاء في تحقيق هذه الغاية تبقى مرهونة بوضع‬
‫نصوص تشريعة واضحة المعالم أوال‪ ،‬واحترام المساطر و اإلجراءات القانونية ثانيا‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫المصادر‬
‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.178‬صادر في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 22( 1432‬نوفمبر‬
‫‪ )2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ ‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.447‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪28( 1394‬‬
‫شتنبر ‪ )1974‬بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫الكتب‬
‫‪ ‬محمد الكشبور‪ ،‬نزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬األسس القانونية‬
‫والجوانب اإلدارية والقضائية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مط النجاح الجديدة الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪1989‬‬
‫‪ ‬محمد بلحاج السلمي‪ ،‬نزع الملكية من أجل المنعة العامة واالحتالل‬
‫المؤقت‪ ،‬ط‪ ،1‬مط دار القلم الرباط‪2016 ،‬‬
‫‪ ‬محمد العربي مياد‪ ،‬العمل القضائي في دعاوى استيالء اإلدارة على‬
‫الملكية العقارية واالعتداء المادي‪ ،‬مط األمنية الرباط‪ ،‬ط‪2010 ،1‬‬
‫‪ ‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ‪،‬‬
‫نظرية االلتزام بوجه عام ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬المجلد األول ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪1981 ،‬‬
‫‪ ‬مليكة الصروخ‪ ،‬العمل اإلداري‪ ،‬دار القلم الرباط‪ ،‬ط ‪2012 ،1‬‬
‫البحوث الجامعية‬

‫‪ ‬طارق النالي‪،‬دعوى االعتداء المادي على الملكية العقارية‪،‬رسالة لنيل‬


‫دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬ماستر الدراسات العقارية ‪،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪2016/2015،‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ ‬البشير كنتي‪ ،‬االعتداء المادي للجماعات الترابية على حق الملكية‬
‫العقارية وفق االجتهاد القضائي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪2015/2014 ،‬‬

‫‪ ‬بالل كعوة‪ ،‬تدخل القضاء اإلداري في نزع الملكية من أجل المنفعة‪،‬‬


‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪2017/2016 ،‬‬
‫‪ ‬أشار إليه عبد الكريم بوالل‪ ،‬االعتداء المادي لإلدارة على الملكية‬
‫العقارية بين بين تنظير الفقه وتطبيقات القضاء اإلداري‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪ ،‬فاس‪2014/2013 ،‬‬
‫‪ ‬نادية بولحجاج‪ ،‬حماية القضاء للملكية العقارية من االعتداء المادي‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي طنجة‪،‬‬
‫‪2012/2011‬‬
‫‪ ‬أمال قربال‪ ،‬اختصاص القضاء االستعجالي في منازعات نزع الملكية‬
‫من أجل المنفعة العامة واالعتداء المادي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة‬
‫سيدي محمد بن عبد هللا فاس‪2010/2009 ،‬‬

‫‪ ‬أحمد أجعون‪ ،‬اختصاصات المحاكم اإلدارية في مجال نزع الملكية من‬


‫أجل المنفعة العامة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالرباط‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫أكدال‪2000/1999 ،‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ ‬زكرياء الرجراجي ‪ ،‬حماية القضاء اإلدارية الملكية العقارية بالمغرب ‪،‬‬
‫أطروحة الليل الدكتورة في القانون العام ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫االقتصادية واالجتماعية مكناس ‪2016 / 2017 ،‬‬
‫المقاالت‬
‫‪ ‬سعيدة نازي‪ ،‬حماية القضاء االستعجالي اإلداري للملكية العقارية الخاصة‪ ،‬مجلة‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬ع‪2014 ،5‬‬
‫‪ ‬محمد القدوري‪ ،‬مسطرة المطالبة بالتعويض عن نقل الملكية واالعتداء في إطار‬
‫القانون ‪ ،7.81‬مجلة الحقوق المغربية‪ ،‬فقه المنازعات اإلداري‪ ،‬ع ‪،2011 ،1‬‬
‫‪ ‬مصطفى التراب ‪ ،‬استيالء اإلدارة عن الملكية الخاصة و مدى تعارضه مع‬
‫المشروعية و سيادة القانون ‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد ‪75‬‬
‫يوليوز – غشت ‪.2007‬‬
‫‪ ‬أنوار شقروني‪ ،‬الحماية القضائية لحق الملكية من خالل دعاوى االعتداء المادي‪:‬‬
‫محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪ ،‬مقال منشور ب مجلة المحاكم االدارية ع‬
‫الخامس‪ ،‬يناير ‪2015‬‬

‫‪52‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪2 ............................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪:‬تسوية القضاء اإلداري لمنازعات االعتداء المادي ‪5 ......................‬‬
‫المطلـب األول‪ :‬دور القضـاء االستعجالي اإلداري فـي منازعات االعتداء المادي ‪5‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مظاهر حماية القضاء االستعجالي اإلداري في مجال االعتداء‬
‫المادي ‪5 ...............................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األمر بالطرد واإلفراغ من العقار المحتل ‪11 ..........................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور القضاء الشامل في منازعات التعويض عن االعتداد المادي ‪13‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬كيفية تحديد التعويض عن االعتداء المادي ‪13 .......................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬سلطات قضاء الموضوع في االعتداء المادي ‪20 ......................‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬عناصر االعتداء المادي وبعض نماذجه ‪29 ...............................‬‬
‫المطلب األول‪:‬عناصر االعتداء المادي ‪29 ................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تصرف إداري مشوب بعيب جسيم من عيوب الشرعية ‪29 .........‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المساس الخطير بالملكية الخاصة أو الحريات العامة ‪33 .............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نموذجمن األحكام في في قضايا االعتداء المادي ‪41 ..................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عرض الحكم ‪41 ...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعليق على الحكم ‪47 .....................................................‬‬
‫خاتمة ‪49 ..........................................................................................‬‬
‫الئحة المراجع ‪50 ................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪53 ........................................................................................‬‬

‫‪53‬‬

You might also like