Professional Documents
Culture Documents
دعوى الاعتداء المادي في القضاء الإداري المغربي
دعوى الاعتداء المادي في القضاء الإداري المغربي
السنة الجامعية:
2022/2021
الئحة المختصرات
الطبعة ط
المطبعة مط
العدد ع
الصفحة ص
1
مقدمة
يعتبر المغرب من بين الدول التي جاهدت إلى تقوية وتركيز دعائم دولة الحق
والقانون ،ويتمظهر ذلك في اإلرادة السياسية القوية والراسخة في وجوب احترام
الحقوق والخضوع للقانون في تعاملها مع المواطنين ،خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على
الممتلكات بما في ذلك حق الملكية العقارية ،ألنها ،من أوسع الحقوق العينية وأقواها ،
وتعتبر من مقومات الحياة الكريمة لألفراد .
ووعيا من المشرع بأهمية الملكية العقارية فقد سعى إلى إحاطتها بسياج من
للمقتضيات القانونية التي تهدف إلى حمايتها من كل اعتداء ،والتي يأتي على رأسها
الدستور المغربي لسنة ، 2011حيث ارتقى المشرع المغربي بهذا الحق إلى مصاف
الحماية الدستورية بموجب الفصل ، 35والذي اعتبره من أهم الحقوق الراجعة لألفراد
وال يمكن المساس بها إال بموجب القانون وطبقا لإلجراءات المحددة .وقد كرس -
2
المشرع المغربي -نفس المضمون في المادة 231من مدونة الحقوق العينية
ويشكل احترام مبدأ المشروعية أسس دولة الحق والقانون ،ودعامة احترام
حقوق وحريات األفراد والجماعات .
إال أن طبيعة العالقة التي تربط اإلدارة بالمواطنين ،غالبا ما تؤدي إلى انتهاك
هذه الحقوق والحريات ،نظرا لتنوع تدخالت اإلدارة في الحياة اليومية ،وتعدد
مسؤولياتها ونشاطها حيث تتدخل في عدة مجاالت سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ،
وهو ما يقتضي إصدار قرارات إدارية ،والقيام بأعمال مادية ،وقد تلحق أضرارا
باألغيار ،مواطنين كانوا أو أجانب ،أشخاصا معنويين أو أشخاصا طبيعيين ،وهو ما
قد يؤدي إلى الوقوع في حالة من حاالت االعتداء المادي .
1تنص المادة 23من مدونة الحقوق العينية على ما يلي " ال يحرم أحد من ملكه إال في األحوال التي يقررها القانون .ال
تنزع ملكية أحد إال ألجل المنفعة العامة ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون ،ومقابل تعويض مناسب
2ظهير شريف رقم 1.11.178صادر في 25من ذي الحجة 22 ( 1432نوفمبر ) 2011بتنفيذ القانون رقم 08.39
المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
2
فاالعتداء المادي ،هو ذلك الصنف من األعمال التي تخرج من خالله اإلدارة
عن إطار مبدأ الشرعية ،بشكل سافر مما يجعله منقطع الصلة بأي نص تشريعي او
تنظيمي .
وتعتبر نظرية االعتداء المادي ،من النظريات القديمة والتي ترجع في أصلها
إلى التشريع الالتيني ،فعبارة االعتداء المادي Voit de faitانحدرت من كلمة Vis
Violentinaوكانت Visتعبر عن مفهوم السلطة ،أي القوة المادية والروحية ،ثم
استعملت من الناحية القانونية لتدل على سلطة القانون .فاختلفت اصطالحا ،وظلت
تتارجح بين مصطلح Visو Violentinaلتنتهي في األخير إلى مصطلح Voie de 3
. fait
من خالل ما تقدم ،تبرز لنا أهمية موضوع االختصاص القضائي في مادة
االعتداء المادي ،خاصة في ظل غياب مقتضيات قانونية تحدد بشكل صريح وواضح
الجهة القضائية المختصة بدعاوي االعتداء المادي ،بالرغم مما يشكله هذا االعتداء من
مساس بحقوق األفراد .األمر الذي ترتب عنه تضارب كبير في آراء ومواقف القضاء
والفقه حول اإلشكاالت التي تثيرها أعمال االعتداء المادي .كما تبدو أ أهمية هذا
الموضوع واضحة في الوقت الراهن ،نظرا لتزايد تدخل اإلدارة في نزع ملكية
الخواص من أجل تشييد وبناء مرافق ذات منفعة عامة ،وفي بعض األحيان قد تتجاوز
الحدود الفاصلة بين مبدأ الشرعية والتجاوز ،وبالتالي بحق الملكية العقارية المصون
دستوريا .
ما مدى توفق القضاء اإلداري في تحقيق الموازنة بين المصلحة العامة
المتمثلة في مصلحة اإلدارة المعتدية من جهة والمصلحة الخاصة المتمثلة في
مصلحة الفرض المنزوعة ملكيته من جهة ثانية؟
3طارق النالي،دعوى االعتداء المادي على الملكية العقارية،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،ماستر الدراسات
العقارية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،جامعة عبد المالك السعدي،2016/2015،ص45
3
ومن أجل اإلجابة عن اإلشكالية المركزية ارتأينا تقسيم هذه الدراسة إلى
مبحثين:
4
المبحث األول:تسوية القضاء اإلداري لمنازعات االعتداء المادي
مما ال شك فيه أن اإلدارة أو من يقوم مقامها عندما تضع يدها على عقار
مملوك ملكية خاصة دون أن تكون معتمدة في عملها على سند قانوني صحيح ودون ان
تتبع مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة ،تكون قد ارتكبت اعتداءا ماديا على
الملكية الخاصة ،سواء لم تسلك اإلجراءات الواجبة بموجب نزع الملكية نهائيا أو
4
سلكتها بطريقة غير سليمة ،وسواء كان هذا االعتداء نهائيا أو مؤقتا.
تعتبر قضايا االعتداء المادي من القضايا التي تعرض مرارا بشأنها طلبـات
6
على قاضي المستعجالت بالمحكمة اإلدارية.
4سعيدة نازي ،حماية القضاء االستعجالي اإلداري للملكية العقارية الخاصة ،مجلة القضاء اإلداري ،ع ،2014 ،5ص.88
5البشير كنتي ،االعتداء المادي للجماعات الترابية على حق الملكية العقارية وفق االجتهاد القضائي ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس الرباط ،2015/2014 ،ص.12
6دليل محاكم االستئناف اإلدارية والمحاكم اإلدارية ،ص ،57 ،56أشار إليه عبد الكريم بوالل ،االعتداء المادي لإلدارة
على الملكية العقارية بين بين تنظير الفقه وتطبيقات القضاء اإلداري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس ،2014/2013 ،ص.78
5
ويستمد قاضي المستعجالت اإلداري اختصاصه في قضايا االعتداء المادي
على الملكية من خالل المادة 19من القانون 7،41.90وأيضا من خالل المادة 6من
8
قانون .80.03
وقد استقر االجتهاد القضائي بعد أن عرف اضطرابا في بدايـة إحـداث المحاكم
اإلدارية حول اختصاص هذه األخيرة في قضايا االعتداء المادي ،إلى اعتبار أنها هي
الجهة المختصة للبت في طلباتها ،وكانت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء أول محكمة
أقرت بهذا المبدأ في قضية كاداليا راشيل 9،مبنية موقفها على أساس تفسير الفصل 19
من قانون المحاكم اإلدارية الذي أعطى لرئيس المحكمة اختصاصات قاضي
المستعجالت ،ومن بينها النظر في دعوى االعتداء.
وهـو مـا تبنته محكمة النقض في قرار لها سنة 10،1996وهو ما استقر عليه
االجتهاد القضائي اليوم للبت في الطلبات الوقتية والرامية إلى رفع االعتداء المادي
وجبر الضرر الناجم عنه.
وفي هذا الصدد ،يملك قاضي المستعجالت عدد من الصالحيات المهمة في
مجـال االعتداء ،فباإلضافة إلـى سلطته في إصدار األمـر بوقف االعتداء المادي
(أوال) ،يستطيع قاضي المستعجالت الحكم بطرد اإلدارة المعتدية وإفراغها من العقار
المحتل (ثانيا) ،وكذا إمكانيته في فرض الغرامة (ثالثا).
7تنص المادة 19من القانون رقم 41.90على أنه" :يختص رئيس المحكمة اإلدارية أو من ينوب عنه بصفته قاضيا
للمستعجالت واألوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية".
8تنص المادة 6من القانون 80.03على أنه " :يمارس الرئيس األول لمحكمة االستئناف اإلدارية أو نائبه مهام قاضي
المستعجالت إذا كان معروضا عليها":
9البشير كنتي ،م.س ،ص.13
10قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) الصادر بتاريخ ،19/09/1996ع ،658أورده البشير كنتي ،م.س،
ص.13
6
وقد قضت محكمة النقض في إحدى قراراتهـا بـأن" :12للقضاء االستعجالي 11
فقط،
الحق أما في وقف االعتداء المادي وإزالته إذا تم البدء فيـه أو منع القيام به إذا لم يتم
بعد وكانت اإلدارة تهيئ له معتبرا أن من حق القضاء االستعجالي إعطاء األمر بوضع
حد لتعديها على الملكية العقارية".
والجدير بالمالحظة انه بعض األحيان يلتجئ المدعون إلى محكمة الموضوع
لطلب إيقاف األشغال والتي ال تتردد في التصريح بعدم االختصاص النوعي ،حيث
"حيث يهدف الطلب إلى 17
صدر حكم عن المحكمة اإلدارية بالرباط على أنه:
استصدار أمر بإيقاف األشغال الجارية فوق ارض الطالبين ،وحيث إن حق الملك
مضمونا دستوريا وال يجوز نزعـه مـن يد صاحبه إال وفق اإلجراءات المقررة لقانون
نزع الملكية المتمثلة في ا ستصدار مرسوم نزع الملكية واستئذان القضاء االستعجالي
في حيازة العقار موضوع نزع الملكية في حيازة العقار موضوع نزع الملكية
والمطالبة بنقل ملكية مقابل تعويض محـدد قضاء ،وأن كل إخالل لهاته المقتضيات
الدستورية وحيازة العقار حياد عليها يضفي صبغة الغضب والتعدي على تلك الحيازة
التي ترتب عنها أي آثار قانونية ولو بطول أمدها فيما يخص سقوط الحق بالتقادم أو
اكتساب الملكية ،ويملك القضاء االستعجالي لذلك االعتداء المادي عن طريق دفعه أو
رفعه بحسب األحوال".
16أمر صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط ،صادر بتاريخ ،25/03/2009رقم ،289/1/09أورده محمد العربي
مياد ،العمل القضائي في دعاوى استيالء اإلدارة على الملكية العقارية واالعتداء المادي ،مط األمنية الرباط ،ط،2010 ،1
ص.167
نادية بولحجاج ،حماية القضاء للملكية العقارية من االعتداء المادي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون 17
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي طنجة ،2012/2011 ،ص.77
8
لكن في مقابل إصدار األمر بوقف األشغال ،قد يرفض قاضي المستعجالت ذلك
مستندا إلى أنه ال يمكن إيقاف أشغال انتهى انجازها أو قطعت شوطا كبيرا ينفي عنها
حالة االستعجال ،وهذا ما جاء في أمر استعجالي على انه " 18:حيث انه في ما يخص
أساس الطلب فانه وبغض النظر عن كون األشغال المذكورة جاءت تفعيال لتصميم
التهيئة وبكون هذا التفعيل يجب أن يتم في إطار احترام مقتضيات نزع الملكية ،فانه
بالرجوع إلى محضر المعاينة المنجزة يتضح أن طريق مزدوجا ثم شقة بجزء من
ارض الطالبين ،وان شـقـا تـم انـجـازه بالكامل ،واألشغال جارية بخصوص الشق
اآلخـر ،وحيث إن إتمـام أشـغـال جـزء مـن الطريق المزدوج ومواصلتها في الشق
اآلخر يؤكد أن األشغال التي تقرر بانجازها للجهة المطلوبة فوق ارض الطالبين قد
قطعت أشواطا هامة ،فضال على إن األضرار التي قد تنتج عن إيقاف هذه األشغال
تفوق األضرار الالحقة بالطالبين مراعاة للمبالغ التي قد تم صرفها على إنشاء المرفق
العمومي".
ومجمل القول ،فان طلب إيقاف األشغال في إطار القضاء االستعجالي ينبغي أن
يساير مـا جـاءت به القواعد العامـة فـي إطـار ق.م.م ،ال سيما توفر شرطي االستعجال
وعدم المساس بأصل الحق ،باإلضافة إلى توفر الشروط الموضوعية األخرى
20
والمتمثلة في بداية األشغال ،واثبات واقعة االعتداء المادي.
18أمال قربال ،اختصاص القضاء االستعجالي في منازعات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة واالعتداء المادي ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا فاس،
،2010/2009ص.15
19أمر صادر عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط ،بتاريخ ،25/03/09رقم .109/1/289
20نادية بولحجاج ،م.س ،ص.79
9
تمثل الغرامة التهديدية أسلوبا من أساليب التنفيذ غير المباشر الذي يسلكه
القضاء لحمل المحكوم ضد هم على تنفيذ االلتزام بأداء عمل واالمتناع عن عمل
استنادا لمقتضيات المادة 448من ق.م.م ،وبالتالي فإنه باالستناد إلى هذا الفصل ينبغي
توافر شروط حصرية حتى يتسنى إعمالها ويتعلق األمر بأن يكوم التنفيذ الزال ممكنا،
وأن يمتنع المدين عن التنفيذ صراحة ،وأال يكون االمتناع عن التنفيذ جاء نتيجة قوة
قاهرة أو حادت فجائي ،باإلضافة إلى ضرورة أن يكون موضوع النازلة يتعلق بالتزام
عيني كالتزام بعمل أو االمتناع عن عمل وبالتالي فإنه ال مجال إلعمال هذا المقتضى
إذا انصب االلتزام على حق شخصي مرتبط بالذمة المالية وبناء على ما سبق يطرح
التساؤل حول مدى إمكانية لجوء األفراد إلى المحكمة لالستصدار أمر بالغرامة
التهديدية في مواجهة اإلدارة المعتدية على أمالكهم الخاصة؟
إن الجواب عن هذا السؤال نجد صداه في مجموعة من األوامر القضائية التي
قضت بغرامة تهديدية في مواجهة اإلدارة من ذلك مثال أمر لرئيس المحكمة االبتدائية
بالدار البيضاء والذي قضى بغرامة تهديدة في مواجهة والي الدار البيضاء الكبرى
بإيقاف األشغال المتعلقة ببناء عقار قدرها 1000.00عن كل يوم تأخير عن االمتناع
عن التنفيذ 21،كما نجد قرار لمحكمة النقض والذي قد أيد أمرا استعجاليا قضى بغرامة
تهديدية في مواجهة اإلدارة نتيجة توطين باعة متجولين فوق أرض الغير حين فندت
محكمة النقض إدعاءات المطلوبين في النقض من خالل ما استندت عليه (اإلدارة) من
وجوب توجيه الدعوى مباشرة ضد الباعة المتجولين وليس ضد السلطات المحلية
وقضت بأن الدفع ال يكتسي أي صبغة جدية مادام إن اإلدارة المذكورة هي التي أدنت
ألولئك الباعة بوضع أيديهم على عقار مقابل إثارة يومية فما كان إال أن قضى بمجافاة
األمر المستعجل المستأنف للصواب ،ويتوجب إلغاءه ،وتصديا برفع االعتداء المادي
22
الواقع على العقار المستأنف.
21أمر ع 5175/469في الملف ع 4010/87أشار أحمد أجعون ،اإلعتداء المادي على الملكية العقارية ،اإلشكاالت
العملية والحلول القضائية ،ط ،2015 ،1مط المعارف الجديدة الرباط ،ص.106
22قرار ع ،665صادر بتاريخ.01/07/2009 ،
10
أخيرا البد من اإلشارة إلى أن رغم الصالحيات الممنوحة لرئيس المحكمة
في هذا الصدد إال أن ذلك غالبا ما يجابه بتعنت اإلدارة برفضها للغرامة التهديدية سيما
في ظل غياب وسائل إلجبارها على التنفيذ حيث أنه ال يجوز سلوك مسطرة التنفيذ
الجبري أو مسطرة الحجز بدعوى أن األموال العمومية ال تخضع للحجز.
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض بأن" :احتالل ملك الغير بدون حق وال
سند من طرف الجماعة المحلية وبناءها فيها بناءات تجارية واجتماعية يشكل وضعا
غير قانوني تقضي المصلحة العامة وكذلك مصلحة المالك جعل حد له في أقرب وقت،
األمر الذي يعطي لدعوى اإلفراغ صبغة استعجال يختص قاضي المستعجالت بالنظر
23
فيها".
كما اتخذت موقفا مماثال عندما أقرت موقف قاضي األمور المستعجلة الذي أمر
بطرد وزارة األوقاف من أرض مسجلة في المحافظة العقارية باسم أحد الخواص
24
اعتمادا على مقتضيات الفصلين 62و 65من ظهير التحفيظ العقاري.
23قرار محكمة النقض ع 115الصادر بتاريخ 1يوليوز ،1983ملف مدني ع ،85764منشور بمجلة القانون
واالقتصاد ع 133ـ ،135ص ،195مجلة المحامون ،ع ،3ص ،191أشار إليها أحمد أجعون ،م.س ،ص.104
24قرار محكمة النقض رقم 641الصادر بتاريخ ،5/12/1979منشور بمجلة رابطة القضاة ع ،19/18ص.87
11
ونفس الموقف تبنته محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 23فبراير
2012بإلغاء األمر االستعجالي الذي قضى بعدم قبول طلب طرد وزارة التربية
الوطنية من العقار المحتل والحكم تصديا بطردها .ومما جاء في قرارها ما يلي" 25:و
حيث ان العمل القضائي عندما استقر في بعض األحيان على عدم إمكانية رفع االعتداء
المادي الذي تمارسه اإلدارة على أمالك الغير أو إيقاف األشغال التي يجسدها ذلك
االعتداء ،إنما كان ذلك على وجه االستثناء المبرر بضرورة حماية المال الذي يقف
حائال دون إفراغ اإلدارة المعتدية وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد أن أصبح
المرفق العمومي قائما ويسقي خدماته للمواطنين ،وبالتالي فإنه متى انتفت العلة في
االستثناء المذكور يتعين الرجوع إلى أصل القاعدة وهو حق صاحب الملك في
الحصول على أمر قضائي بطرد اإلدارة المعتدية ما دام أن دخولها إلى عقاره لم يرتكز
على سند قانوني".
إن من بين الصالحيات التي يتمتع بها القضايا ثناء بته في قضايا االعتداء
المادي لإلدارة على الملكية الخاصة لألفراد ،سلطة الحكم عليها بأداء تعويض عن
األضرار الناجمة عن هذا االعتداء.
ودعو ى التعويض تدخل في إطار القضاء الشامل و التي يتمتع فيها القضاء
اإلداري بسلطات واسعة تمكنه من تفحص العمل غير المشروع المنسوب لإلدارة و
الحكم عليها بأداء تعويض لفائدة صاحب الملكية المعتدى عليه نتيجة الضرر الالحق
به بدون سلوك اإلجراءات القانونية المتعلقة بنزع الملكية و أن هذا التعويض يمكن أن
يشمل التعويض عن الرقبة أو عن الحرمان من االستغالل أو هما معا .
انطالقا مما سبق سنخصص هذا المطلب للحديث عن تقدير التعويض عن
االعتداء لمادي على الملكية الخاصة من خالل التطرق لألسس المعتمدة في تقديره ،
وللخبرة كآلية مساعدة في تقدير التعويض عن االعتداء المادي ( الفقرة األولى ) ،أما
فيما يخص ( الفقرة الثانية ) فإننا سنخصصها للحديث عن صور التعويض عن نزع
الملكية الخاصة في إطار االعتداء المادي والمتمثلة في المطالبة بالتعويض عن فقدان
الرقبة والمطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل .
13
نفس المقتضيات التي يخضع لها التعويض عن نقل الملكية ،بل يخضع لضوابط
المسؤولية ومبادئ تقدير التعويض عن الضرر. 26
حيث تتمثل األسس المعتمدة في تقدير التعويض في تقدير التعويض ونهايته ،
ثم إلى تقدير التعويض عن فوت الكسب ومنتهاه ،ثم إلى عدم جواز الحكم بنقل ملكية
عقار إلى اإلدارة على إثر تعويض المالك عن فقدان الرقبة في دعوى االعتداء المادي
.
وتكتسي معرفة التاريخ الذي يبتدئ منه تحديد مبلغ التعويض أهمية كبرى ،
نظرا الطبيعة الضرر الذي يصيب المضرور ،والذي من الممكن أن يلحقه التغيير .
وقد كان بعض الفقه يرى بأن تاريخ تحقق الضرر هو الذي يجب اعتباره في تحديد
التعويض عنه ،أي اليوم الذي نشأ فيه الحق في التعويض ،بمعنى أنه يتم وفق
26محمد القدوري ،مسطرة المطالبة بالتعويض عن نقل الملكية واالعتداء في إطار القانون ،7.81مجلة الحقوق المغربية،
فقه المنازعات اإلداري ،ع ،2011 ،1الصفحة 88و ما يليها.
14
،وليس بتاريخ إصدار الحكم 27
عناصر الضرر التي كانت موجودة وقت نشوء الحق
،ألن الحكم فقط يعترف بحق له وجود سابق وليس منشأ له .
إال أن الفقه والقضاء يسلمان اآلن بوجوب تقدير التعويض وفقا لقيمة الضرر
بتاريخ صدور الحكم ،بالنظر إلى أن قيمة الضرر الحقيقية ،ال تتحدد سوى في ذلك
التاريخ ال قبله ،وأنه في سبيل التمسك بمبدأ التعويض الكامل ،يستلزم أن يكون
28
التعويض متطابقا مع قيمة األضرار وقت صدور الحكم
ويمكن القول بأن هذا االتجاه هو األكثر عدالة ،وذلك لتفادي التغيرات
االقتصادية التي تطرأ ما بين تاريخ وقوع الضرر وتاريخ صدور الحكم .
والقضاء المغربي ذهب في هذا االتجاه منذ مدة حيث يأخذ في تحديد التعويض
بوقت صدور الحكم .
27عبد الرزاق السن هوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر االلتزام ،المجلد
األول ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 1981 ،ص 961
28سهام سومار ،مرجع سابق ،ص 129
29قرار عدد 32بتاريخ 16يناير ،2003أورده نفس المرجع ،ص130
15
يكون لها محل إال إذا كانت الفترة الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق
العام قد تجاوزت أكثر من سنة .
لقد سارت جل المحاكم اإلدارية منذ نشأتها ببالدنا ،في االتجاه الذي يقاضي
بأن وضع اإلدارة يدها على ملكية خاصة مملوكة للغير ،دون سلوك المسطرة
القانونية ،هو بمثابة نزع ملكية غير مباشرة ،وتعمل بالتالي على االستجابة لطلب
اإلدارة الرامي إلى الحكم بنقل ملكية األرض إليها موضوع االعتداء المادي ،بعد أن
تقضي في الطلب األصلي
30مصطفى التراب ،استي الء اإلدارة عن الملكية الخاصة و مدى تعارضه مع المشروعية و سيادة القانون ،المجلة
المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد 75يوليوز -غشت ،2007ص .19
16
المشروع ال يمكن له أن يستقيم و يستسيغه المنطق القانون إال إذا سلكت اإلدارة من
اجل الحصول على هذا التمليك الطرق القانونية المشروعة. 31
إلى جانب هذه المرتكزات التي يستند عليها القاضي اإلداري في تقديره
للتعويض عن االعتداء المادي الممارس من قبل اإلدارة على الملكية الخاصة لألفراد
نجد الخبرة كآلية مساعدة في تقدره و التي سنتطرق إليها في النقطة الموالية من هذه
الفقرة
إن اكتفاء القاضي اإلداري المغربي بوثائق ملف الدعوى قد ال تساعده في
غالب األحيان التقدير التعويض المناسب عن االعتداء المادي على الملكية العقارية ،
فمهما بلغت درجة تكوينه وتخصصه يبقى من الصعب عليه االكتفاء بمعلوماته
الخاصة من أجل تقدير التعويض ،خصوصا إذا تعلق األمر بالجوانب الفنية للعقار
موضوع المنازعة .
ويكون انتداب الخبير إما بناء على اقتراح أطراف النزاع أو من طرف
القاضي اإلداري ،وذلك ألجل رصد كافة المعلومات التقنية حول العقار المعتدى عليه
،سواء ما تعلق بمساحته وموقعه ،أو مميزاته من غير إمكانية الخوض في الجانب
القانوني ،هذا مع ضرورة احترام الخبير العقاري لمقتضيات القانونية المنظمة
إلجراءات الخبرة ،وقد صدر في هذا الصدد حكم عن المحكمة اإلدارية بوجدة جاء
فيه " :وحيث تمسكت الجماعة المدعى عليها برفض الطلب على أساس أن عقار
المدعي ثم في إطار المادة 37من قانون التعمير .وحيث إن المحكمة وسعيا منها إلى
التحقق من واقعة االعتداء المادي على عقار المدعي والجهة المسئولة عنه والتعويض
الجابر للضرر ،أمرت بإجراء خبرة بواسطة الخبير ادريس حنونة ،الذي خلص في
تقريره إلى أن مساحة العقار موضوع النزاع في 7أر و 01سنتيار ،اقتطعت منه
مساحة 1أرو 10سنتيار لتوسيع الطريق العمومية من طرف الجماعة الحضرية لبني
درار ،وحدد ثمن المتر المربع استنادا لموقعه ومساحة الجزء المقتطع ومميزاته في
1300درهم للمتر مربع." 34
ويضطلع تقرير الخبرة بأهمية بالغة عند تقييم القاضي اإلداري لألضرار
المترتبة عن االعتداء المادي ،وما دام األمر يتعلق بمسائل تقنية ال عالقة لها بتكوين
القاضي ،فالخبير يكون ملزما باحترام النقط المحددة له لإلجابة عنها ،خصوصا ما
يرتبط بالحالة المدنية للعقار ومشتمالته .ونجد القضاء اإلداري المغربي قد ساير هذا
التوجه في منازعات االعتداء المادي على الملكية من خالل إصداره مجموعة من
-3وضع تقرير بما ذكر في أصل ونسخ بكتابة ضبط هذه المحكمة داخل أجل
30يوما من تاريخ التوصل تحت طائلة استبدال الخبير بغيره من الخبراء ؛
ومن هنا يتضح جليا أن تقدير القاضي اإلداري للتعويض في واقعة االعتداء
المادي يقف على النتائج العملية التقنية التي توصل إليها الخبير في تقريره ،باعتبار
أن عملية التقييم التي يستند عليها التقدير الذي يقوم به القاضي هي مسألة فنية محضة
توكل بالضرورة ألهل الخبرة ،و هو ما يؤكد مرة أخرى أن تقدير التعويض عن
35حكم صادر عن إدارية وجدة تحت عدد 118بتاريخ 20أكتوبر 2015في الملف رقم ، 15-7112-117غير منشور
19
االعتداء المادي ،يشكل معادلة ذات طرفين ضروريين هما القاضي اإلداري وخبير
التقييم العقاري .
أوال :الملتمسات التي يتقدم بها المدعون في إطار دعاوي االعتداء المادي
36قرار محكمة النقص الغرفة اإلدارية ) عند 474بتاريخ 20يونيو 1996في قضية عموري جديد من الجماعة القروية
أليت الصورة منشور بالمجل ة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد 17أكتوبر -تعتبر ، 1996ص 182ومايليها أشار
إليه أحمد أجعون ،اختصاصات المحاكم اإلدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالرباط ،جامعة محمد الخامس أكدال ،2000/1999 ،ص
.125
37المجلس األعلى الحسابات تقرير حول الدور المنازعات القضائية للدولة،نونبر ، 2015من http : 32
//www.courdes comoptes.ma/uplood/10
20
تواتر العمل القضائي على أنه في حالة قيام االعتداء المادي على عقار مملوك
ألحد األفراد فإن ذلك يؤدي إلى استحقاق صاحب العقار لتعويض عن الحرمان من
االستغالل إلى جانب التعويض عن فقدان الرقبة ،فالتعويض عن رقبة الملك أو فقد
ملكية العقار ينبغي أن يعكس القيمة الحقيقية لهذا العقار في تاريخ تقديم الدعوى ،وهو
ما يستشف من قرار لمحكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد 924بتاريخ
، 04/03/2014والذي جاء فيه ما يلي " وحيث إنه في هذا الصدد ،فإن هذه
المحكمة وبما لها من سلطة تقديرية في تحديد هذا التعويض وانطالقا مما أفرزته
تقارير الخبرة من معطيات وعناصر ،واعتبارا منها لمواصفات وخصائص العقار
موضوع النزاع ،وكونه عبارة عنى قطعة أرضية عارية مخصصة أساس االستغالل
الفالحي ،وبالنظر لكونها غير مجهز بأي نوع من األنواع التجهيزات األساسية التي
من شأنها الرفع من قيمتها ،انطالقا من مساحة اإلجمالية البالغة 9710متر مربع ...
فقد قررت هذه المحكمة تحديد قيمة المتر المربع الواحد في ...باعتبارها تبقى مناسبة
ومالئمة لهذه الخصائص والمواصفات.38
فعلى ضوء هذا العمل القضائي ،يتبين أن القاضي اإلداري يحاول الموازنة
بين سلبيات وإيجابيات العقارات المعتدى عليها قبل تحديده لمبلغ التعويض ،حيث أنه
ينظر إلى مجموعة من النقاط األساسية التي ترفع أو تخفض قيمة التعويضات ،
وتتمثل أهم هاته العناصر الجوهرية في موقع العقار وكونه محفظ أم غير محفظ إلى
جانب مساحته اإلجمالية وكونه عقار ومجهزا وغير مجهز ...ويبقى عنصر المنفعة
العامة داخل العمل القضائي حاضرا بقوة ،وسببا محفظا لقيمة التعويضات بالرغم
من مميزات العقار المعتدي عليه ،بل إن كبر المساحة المعتدى عليها يقوم سببا كذلك
في نظر القضاء للتقليل من قيمة التعويض ،وهو التوجه الذي أيدته المحاكم اإلدارية
للمملكة. 39
38القرار 924 -تصدر عن محكمة االستئناف اإلداري بالرباط بتاريخ 04/03/2014في ملف عدد 313/12/5غير
منشور أشير إليه زكرياء الرجراجي ،حماية القضاء اإلدارية الملكية العقارية بالمغرب ،أطروحة الليل الدكتورة في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية االقتصادية واالجتماعية مكناس ،2016 / 2017 ،ص 248
39زكريا الرجراحي ،م .س ،ص 248
21
وفي هذا االتجاه قضت المحكمة اإلدارية بمكناس بأنه " ...انطالقا من
المعطيات التي أفرزها تقرير الخبير المنتدب واعتبارا لموقع العقار ...وأخذا بعين
االعتبار لمواصفاته كقطعة أرضية متواجدة بالحي اإلداري ...وبالنظر للمساحة
المستولى عليها ...والتي لها تأثير على القيمة العقارية إذ بارتفاعها تنخفض هذه
القيمة والعكس صحيح ...وبالنظر لنوعية المنفعة العامة المقامة فوق عقار المدعي (
طريق عمومية ) فقد ارتأت تحديد ثمن المتر المربع الواحد في مبلغ 1000درهم.40
ويطرح أيضا أشكال جوهري بهذا الخصوص ويتعلق نظرة القضاء للتعويض
هل يشمل فقط القطعة األرضية التي شملها االعتداء أو حتى تلك التي بقيت خارج
عملية االستيالء ،خاصة إذا كانت هذه المساحة غير صالحة لالستعمال ؟
وأ جابتا على هذا اإلشكال قضت محكمة النقض بأن التعويض يرتبط بكامل
المساحة المعتدى عليها ،وليس فقط بالجزء المشيد عليه المرفق العمومي ،وهو ما
جاء في قرارها التالي :
كما أن تاريخ بداية احتساب التعويض هو تاريخ تقديم الدعوى وهو ما جاء في
قرار لمحكمة االستئناف بالرباط حيث قضت " ..التعويض عن االعتداء المادي يحدد
بتاريخ تقديم الدعوى وفقا لما هو متواتر عليه فقهاء وقضاء." 42
وصفوة القول فإن القضاء اإلداري لم يكن يتردد في الحكم بالتعويض عن
فقد ان الرقبة كلما كانت هناك مبررات له ،غالبا ما يستعين بتقرير الخبرة لتحديد
40حكم رقم 640الصادر من المحكمة اإلدارية بمكناس بتاريخ 13/11/2014في الملف رقم 29/1914/11
41القرار عدد 111الصادر بتاريخ 22/05/2003في الملف عدد ، 571/4/1/2002أكره األستاذ محمد الفروجي ،
م.س ،ص 86
42قرار عدد 1670الصادر بتاريخ 10/04/2014في الملف عدد ، 955/11/6أشار إليه زكريا الرجراجي ،م.س ،
ص. 251
22
التعويض المستحق عن فقدان الرقبة وتثبت الصفة للمدعي حتى لو كان يملك على
. الشياع
43
يفيد وجه استغالله للعقار وما فاته من كسب عن طريق اإلدالء بوثائق تحدد
النشاط الذي يمارسه قبل االعتداء المادي على عقاره وما فاته من كسب وعبي
44
اإلثبات يقع على عاتق مالك العقار المعتدى عليه.
ويستحق المالك المعتدى عليه التعويض في الفترة الفاصلة بين بداية االحتالل
وتاريخ إقامة المنشأة العامة ،أما الفترة الالحقة لذلك فإن مسؤوليتها تقع على الجهة
المالكة بفعل تقاعسها عن المطالبة القضائية عمال بالقاعدة األصولية التي تقضي بعدم
جواز تعويض األضرار الناجمة عن خطأ المضرور.45
وهذا االتجاه هو ما سارت عليه محكمة النقض عندما قضت بأن " ...
األرض موضوع النزاع كانت تستغل في زراعة أنواع الفالحة السقوية وأن طرفي
النزاع اتفقا على أن االحتالل تم في شهر يونيو 2004في حين صرح المستأنفون في
مقالهم بأن بداية إنشاء المرفق العام تم في أواخر سنة 2004وبذلك تستحق المستأنف
عليها التعويض عن الحرمان من االستغالل... 46
يالحظ مما سبق أن القضاء اإلداري وهو يفصل في المنازعات المتعلقة بطلب
التعويض عن الحرمان من االستغالل ،نتيجة واقعة االعتداء المادي ،يركز بدرجة
أولى على مسألة إثبات نوع االستغالل الذي يمارس داخل العقارات المعتدى عليها ،
إال أنه مع ذلك يطرح اإلشكال بخصوص الشروع في عملية تشيد المنشأة
العامة بشكل فوري ومتزامن مع فعل االعتداء المادي ،فهل سيحرم المعتدى عليه من
التعويض في هذه الحالة أم أن القضاء سينصفه ؟ جوابا على هذا اإلشكال قضت
،بأن محكمة االستئناف 47
محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 28/07/2004
كانت على صواب عندما رفضت طلب التعويض عن الحرمان من االستغالل مكتفية
بالتعويض عن عقد الرقية ،مادام أن عملية البناء قد تم الشروع فيها مباشرة عقب
االحتالل ،وأن التعويض عن الحرمان من االستغالل ال يكون له محل إذا كانت
الفترة الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق العام قد تجاوزت أكثر من
سنة .
-47القرار عدد 446بتاريخ 28يوليوز 2004ملغين مدار عدد ،2000/4/4/1748و ،2001/1/4/1053أشار إليه
العربي محمد مياد،م.س،ص89
24
إن من شروط قبول الدعوى تحقق الصفة ،وهذا ما أكد عليه الفصل األول
من قانون المسطرة المدنية.48
لذلك فإن كل دعاوى االعتداء يجب أن توجه من طرف المالك الحقيقي للعقار
المعتدى عليه ،وكذلك في مواجهة الدولة المغربية في شخص الوزير األول ( رئيس
الحكومة حاليا ) إذا كانت اإلدارة المعتدية إدارة عمومية ،وليس ضد مديرية األمالك
المخزنية كما دأب بعض المتقاضين على سلوكه خطأ.
والمحكمة بتوجهها هذا تكون على صواب ألن التعرض قد يفرز مالك جديد
في حالة الحكم بصحة التعرض ،وبالتالي فإن الحالة التي تكون فيها هذه الصفة
مطعون فيها ويمكن أن تزول ألسباب قانونية أو واقعية فال مجال فيها لقبول الدعوى .
وهكذا قضى المجلس األعلى حيث إنه بمقتضى الفقرة األولى من الفصل
األول من قانون المسطرة المدنية فإنه ال يصح التقاضي إال ممن له الصفة واألهلية
والمصلحة إلثبات حقوقه .
48ينص الفصل األول من قانون المسطرة المدنية على أنه ال يصح القاضي إال ممن له السنة واألهلية والمصلحة إلثبات
حقوقه.
25
وحيث إن الدولة الملك الخاص تقدم بتاريخ 26غشت 2002بالطعن
باالستئناف ضد الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بمكناس بتاريخ 14فبراير
2002في الملف عدد 56/00/2القاضي بتحديد التعويض في مبلغ 300درهم .
وحيث إن الدولة الملك الخاص لم تكن طرفا محكوما عليه في الحكم المستأنف
مما يتعين معه عدم قبول االستئناف.
وصفوة القول فإن الصفة من النظام العام بشأنها في ذلك المصلحة واألهلية
ويمكن للمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها ،ويحق لكل طرف أن يثير انعدامها في
سائر مراحل التقاضي وحتى أمام محكمة النقض .
فقد قضت محكمة النقض في قرارها عدد 291بتاريخ 8ماي 200350بأن "
االعتداء المادي على ملك الغير يبقى مستقرا باعتباره واقعة مستمرة ال يمكن االعتداء
بتقادم مما يجعل ما أثير من دفع عديم الجدوى " .
49أحمد أجعون ،توجهات القضاء اإلداري المغربي في موضوع االعتداء المادي ،م س ،ص . 137
50في الملف اإلداري عدد 1042/4/2/2002الشركة المغربية المعدنية سوكودام ضد الجماعة الحضرية لعين السبع ومن
معها ،أشار إليه العربي محمد مياد ،م.س ،ص . 81
26
والمحكمة على صواب في هذا القرار لكون فعل االعتداء فعل مستمر في
الزمان ال ينتهي بوضع اليد أو بناء المنشأة اإلدارية .ج -الدفع بنقل ملكية العقار
موضوع االعتداء المادي مقابل التعويض .
لقد أخذ القضاء المغربي قبل إحداث المحاكم اإلدارية أو بعد ذلك في مجموعة
من األحكام بفكرة نزع الملكية غير المباشرة مكرسا بذلك توجها مفاده أنه في حالة
قيام اإلدارة بوضع يدها على عقارات مملوكة للخواص دون سلوك مسطرة نزع
الملكية وإنشاء مرافق عمومية بهدف تحقيق المنفعة العامة ،فإن ذلك يعتبر بمثابة
نزع الملكية غير المباشرة .
وهذا ما كرسه قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ " 7/7/2004إذا كان من
حق المالك التعويض عن الحرمان من استغالل ملكه إثر احتالله ماديا والمطالبة
بطرد محتله ،فإن ذلك مقيد بعدم إحداث مرفق عمومي عليه مما أصبح معه من حق
مالكيه المطالبة بالتعويض عن الرقبة مقابل النزع غير المباشر لملكيته. " 51
وقد وجد هذا االتجاه التبرير في عدم إمكانية هدم المنشأة العامة لما فيه حماية
لألموال العمومية وضمان لمبدأ دوام سير المرافق العمومية ،كما قد ينضاف إليه مبدأ
اإلثرا ء بال سبب ،حيث قضت في هذا السياق المحكمة اإلدارية بمكناس بأنه " ...
سيرا على منوال ما استقر عليه االجتهاد القضائي للغرفة اإلدارية بمحكمة النقض من
خالل عدد من القرارات الصادرة عنها من ضمنها القرار عدد 345الصادر بتاريخ
، 28/04/2011والتي أساسها أحكام اإلثراء بال سبب ومن أجل استقرار المراكز
القانونية وحماية يتعين أن يكون الحكم بالتعويض عن واقعة وضع اإلدارة يدها على
52
عقار الغير مقرونا بنقل ملكية هذا العقار لفائدة هذا األخير
51قرار عدد ، 790صادر بتاريخ 07/07/2004في الملف عدد 357و 2238 / 4 / 1 / 2 / 2002أشار إليه أحمد
أجعون ،توجهات القضاء اإلداري المغربي في موضوع االعتداء المادي ،م.س ،ص 140
52حكم المحكمة اإلدارية بمكناس رقم 568الصادر بتاريخ 14/10/2014رقم 46/1914/2013
27
لم يكتفي القضاء اإلداري باالستجابة لطلبات نقل الملكية بناء على طلب الجهة
المعتدية بل ذهب إلى حد قبول الملكية بالرغم من أن المعتدي لم يطلب ذلك .
وهذا ما قضت به استئنافية الرباط اإلدارية بأنه " :ولئن كان المستأنفون لم
يتقدموا أمام المحكمة اإلدارية بأي طلب بنقل الملكية لفائدتهم وبالرغم من أن
مقتضيات القانون المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة تجعل لسلوك إجراءات
نزع الملكية هي مناط الحكم بنقل الملكية ،غير أن ا الجتهاد المتواتر لمحكمة النقض
أصبح يسير في اتجاه الحكم لفائدة اإلدارة بنقل الملكية ولو من دون سلوك تلك
اإلجراءات مادام أنها مخاطبة بأداء قيمة العقار في إطار االعتداء المادي وفقا لما ورد
في قرارات منها القرار عدد 230/2الصادر عن الغرفة اإلدارية بتاريخ 11أبريل
2013في الملف اإلداري عدد 1545/4/2/2011مما ال يسع معه الحكم بنقل ملكية
القطعة األرضية... 53
53القرار عدد 108الصادر بتاريخ 9/1/2014في الملف عدد ، 666/13/6أورده الرجراجي ،ص265
28
المبحث الثاني :عناصر االعتداء المادي وبعض نماذجه
إن االعتداء المادي كما سبق الذكر ،هو ارتكاب اإلدارة لخطأ جسيم وظاهر
أثناء قيامها بعمل مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حرية فردية أو على مال مملوك
ألحد األفراد ،54وإذا كان االعتداء المادي يعتبر كعمل ال يرتبط بأي نص تشريعي أو
تنظيمي له صلة بالقرارات الصادرة عن السلطات اإلدارية ،ويترتب عنها بالتالي
تخلي اإلدارة عن صفتها كسلطة متمتعة بامتيازات القانون العام ،لذا وجب البحث عن
العناصر المشكلة لواقعة االعتداء المادي(.المطلب االول)على أن يتم الحديث في
مطلب ثاني عن نموذج من االحكام القضائية الصادرة في االعتداء المادي والتعليق
عليه(المطلب الثاني)
يمكن تحديد معالم نظرية االعتداء المادي في عنصرين ،أن يصدر عن اإلدارة
تصرف مشوب بعيب جسيم من عيوب الشرعية ( الفقرة األولى ) ،وأن يكون هناك
مساس خطير بالملكية الخاصة أو الحريات العامة ( الفقرة الثانية ).
إن األعمال اإلدارية إما أن تكون أعماال قانونية تأتيها اإلدارة بقصد ترتيب
آثار قانونية معينة ،أو أعماال مادية تصدرها دون أن تقصد منها ترتيب أي أثر
قانوني ،وكالهما يمكن أن يكون مصدرا لالعتداء المادي ( أوال ) ،بشرط أن يشمل
على عيب جسيم وصارخ في عدم المشروعية ( ثانيا ).
يدخل في هذا اإلطار كل من االعتداء المادي الناتج عن قرار نافذ معدوم أي
ناتج عن أعمال قانونية ،وكذا االعتداء المادي المتمخض عن أعمال مادية.
فإذا بلغت تلك القرارات حد االنعدام ،أي شابها عيب جسيم وصارخ ،في هاته
الحالة يتحقق االعتداء المادي في تلك القرارات.56
لكن ال يكفي أن يكون القرار معيبا بأحد عيوب الشرعية البسيطة ،لكي ينشأ
عنه اعتداء مادي ،بل إن العيب الالزم لتوفر االعتداء المادي هو العيب الذي يصل
إلى مخالفة القرار للقانون بدرجة يتعذر معها القول بأنه يعتبر تطبيقا للقانون .وبهذا
المعنى فإن القرار الباطل ال يعد مصدرا لالعتداء المادي.57
إذا كان االعتداء المادي الناتج عن القرار النافذ المعدوم قليل ونادر الحدوث،
فإن االعتداء المادي الناشئ عن العمل المادي لإلدارة هو الشائع في التطبيق العملي.
ويتخذ االعتداء المادي الناتج عن العمل المادي ثالثة مظاهر أساسية:
تنفيذ مادي مستند إلى قرار قضي ببطالنه :يمكن التأكيد
هنا على أن الحكم ببطالن القرار اإلداري ال يترتب عنه تغيير وصف العمل المادي
الذي تم تغيير طبيعته ،بل يظل عمال إداريا مشوبا بعيب من عيوب بطالن القرار
55مليكة الصروخ ،العمل اإلداري ،دار القلم الرباط ،ط ،2012 ،1ص .455
56أحمد أجعون ،م.س ،ص 25
57الرجراجي زكرياء ،م.س ،ص .32
58الرجراجي زكرياء ،م.س ،ص .32
30
اإلداري القابلة للطعن باإللغاء .أما قيام اإلدارة بتنفيذ القرار ولو بعد قيام القضاء
بإلغائه ،فيعد مرتكبا العتداء مادين نظرا لكون التنفيذ هنا هو تنفيذ لقرار معدوم ليس
إال.
وعموما فالتنفيذ المباشر هو حق استثنائي لإلدارة ،وال يكزن إال بنص من
القانون أو في حالة الضرورة ،وتجدر اإلشارة إلى أنه ليس هناك قاعدة يأخذ بها
القضاء عند تقديره ألخطاء الدولة المترتبة عن أعمالها المادية ،بل إنه يبحث في كل
حالة على حدة ،وال يحكم بالتعويض إال إذا كان الخطأ على درجة معينة من
الجسامة.59
في هذا الصدد يرجع الفضل للفقيه الفرنسي الفريير Laferiereفي تحديد
مدى جسامة العيب الذي ينجم عنه االعتداء المادي وذلك في تقريره كمفوض للحكومة
إلى محكمة التنازع في قضية LaumonierCarriolبتاريخ 5ماي ، 1877
وذلك عندما أوضح أن الفعل المرتكب من شخص عادي ومجرد من كل سلطة ليس
فقط قابال لإللغاء ،بل هو عمل منعدم.60
والقضاء الفرنسي يزخر بتطبيقات عديدة لحاالت االعتداء المادي التي تقع
على الملكية العقارية منها:
وقد دأب االجتهاد القضائي المغربي على تبني القاعدة السابقة ،فقد ذهبت
محكمة النقض في أحد قراراتها الذي جاء فيه بأنه ":لئن كان من حق اإلدارة تنفيذ
قراراتها بإرادتها المنفردة في إطار ما تتمتع به من سلطة التنفيذ المباشر ،فإنه
يتعين عليها في المقابل أن تقوم بذلك في إطار المشروعية وبدون الخروج عن
خالصة القول ،أن االعتداء المادي يستلزم وجود اعتداء جسيم وواضح يكون
صارخ من حيث عدم شرعيته وعدم قابليته ألن يكون تطبيقا لنص قانوني ،أو أن
يكون مظهرا من مظاهر ممارسة اإلدارة الختصاصها.65
ال يكفي صدور تصرف إداري مشوب بعيب جسيم من عيوب عدم الشرعية،
لوقوع االعتداء المادي ،بل يشترط كذلك لتوافر هذا األخير أن يكون هناك اعتداء
على حق الملكية الخاصة أو مساس بإحدى الحريات العامة .ويعد هذا الشرط مهما
وأساسيا لكونه يحدد نطاق نظرية االعتداء المادي.
وعليه سنقوم بدراسة االعتداءات المادية الواقعة على الملكية الخاصة ( أوال )،
ثم االعتداءات المادية المتعلقة بالحريات العامة ( ثانيا ).
إن مصطلح الملكية الخاصة شامل وعام ،فهو يضم الملكية العقارية والملكية
المنقولة ،وإن كانت األولى هي األكثر تعرضا لالعتداء المادي ،فإن الثانية بدورها قد
تشكل مجاال لالعتداء المادي عليها واإلضرار بها.
تعتبر الملكية حقا مقدسا ال ينتهك بأي وجه ،وال يزول عن صاحبه إال برضاه
الخالي من الضغط واإلكراه ،أو وفق الحاالت التي يقررها القانون ألجل المنفعة
العامة ،وقد نص دستور سنة 2011في فصله 35على أنه " :يضمن القانون حق
64قرار محكمة النقض عدد 132المؤرخ في 2006/02/15في الملف اإلداري عدد ،2007/2/4/1236منشور ب
مجلة قضاء المجلس االعلى ع ،2007 ،66ص .282
65أحمد أجعون ، ،م.س ،ص .30
33
الملكية .ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون ،إذا اقتضت ذلك متطلبات
التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد .وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق
66
اإلجراءات التي ينص عليها القانون " ،كما جاء في المادة 23من القانون 39.08
بأنه ":ال يحرم أحد من ملكه إال في األحوال التي يقررها القانون .ال تنزع ملكية أحد
إال ألجل المنفعة العامة ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون ،ومقابل تعويض
من القانون 7.81المتعلق بنزع 68
والثاني 67
مناسب" ،وكذا ما جاء في الفصل األول
الملكية ألجل المنفعة العامة وباالحتالل المؤقت.
كما أشارنا أعاله ،فإن حق الملكية مضمون بمقتضى الدستور والقانون ،إال أن
اإلدارة قد تلجأ أحيانا إلى احتالل عقار دون إتباع اإلجراءات القانونية والمسطرية
الالزمة لذلك تحت ذريعة االستعجال أو تعقد وطول المساطر ،وذلك لتحقيق المصلحة
العامة ،وتخرق بذلك القانون ويجرد عملها هذا من أية صفة إدارية ،وتنزل منزلة
األفراد العاديين.69
هكذا تبقى كل التصرفات اإلدارية الواقعة على الملكية العقارية والمتسمة بعيب
جسيم بمثابة اعتداء مادي ،سواء نتج ذلك االعتداء عن قرار معدوم أو عمل مادي،
وهو ما قضت به المحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها التالي ":وحيث إن اإلدارة
حينما تقوم بارتكاب االعتداء سواء في صورة قرار إداري صارخ في عدم
مشروعيته ،أو في تنفيذ عمل غير مشروع الذي يصبح بعد هذا التنفيذ قرارها
66القانون رقم 39.08المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178الصادر في 25من
ذي الحجة 1432الموافق ل 22نونبر ،2011الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5998بتاريخ 27ذو الحجة 1432
الموافق ل 24نونبر ،2011ص .5587
67ينص الفصل األول من القانون 7.81المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة وباالحتالل المؤقت على ":إن نزع
ملكية ال عقارات كال أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية ال يجوز الحكم به إال إذا أعلنت المنفعة العامة ،وال يمكن
إجراؤه إال طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة االستثناءات المدخلة عليه كال أو بعضا بموجب تشريعات
خاصة ".
68ينص الفصل الثاني من القانون 7.81المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة وباالحتالل المؤقت على ":يتم نزع
الملكية ألجل المنفعة العامة بحكم قضائي ".
69أنوار شقروني ،الحماية القضائية لحق الملكية من خالل دعاوى االعتداء المادي :محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط،
مقال منشور ب مجلة المحاكم االدارية ع الخامس ،يناير ،2015ص .26
34
معدوما – كما في نازلة الحال – فإنما تكون في الحالتين معا قد ارتكبت اعتداء ماديا
يخرجها عن مبدأ الشرعية ويجرد عملها من صفته اإلدارية ".70
هذا ويعرف القضاء المغربي تطبيقات عديدة لالعتداءات المادية الواقعة على
الملكية العقارية ومن أمثلة ذلك نجد:
إقدام الدولة على إقامة مدرسة على ملك الغير دون
سلوك إجراءات نزع الملكية.71
ومن التطبيقات الواضحة لالعتداء المادي على الملكية العقارية ،نجد الرسوم
العقارية المثقلة بمشاريع نزع الملكية التي لم تواصل اإلدارة مسطرتها لسبب أو
آلخر ،فتبقى مشاريع نزع الملكية بمثابة عرقلة حقيقية لتحيين تلك الرسوم وسببا في
إحجام الغير عن إجراء التصرفات بشأنها وما تسببه من تجميد لوضعية العقارات
موضوع تلك الرسوم العقارية.73
ويعد تصميم التهيئة أهم وثيقة للتعمير يتم بموجبها إقامة وضبط القواعد الالزم
احترامها في مجال شغل األراضي والتخطيط داخل التجمعات الحضرية .ويمر إعداده
بعدد من المراحل بدء بالبحث الميداني وصوال إلى المصادقة عليه ،ثم تأتي مرحلة
70الحكم عدد 96الصادر بتاريخ 13أبريل ،1995أورده الرجراجي زكرياء ،مرجع سابق ،ص .196
71قرار المجلس األعلى رقم 625بتاريخ 2000/04/27ملف إداري عدد ،98/1/5/409أورده طارق النالي ،م.س،
ص .48
72حكم المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء ،ملف رقم 97/201الملف عدد 731بتاريخ ،1999/12/29أورده طارق
النالي ،م س ،ص .49
73أحمد أجعون ،االعتداء المادي على الملكية العقارية ،اإلشكاالت العملية والحلول القضائية ،م.س ،ص 43و .44
35
التنفيذ أي اتخاذ التدابير الالزمة لتنفيذ مضامينه ،إذ أن الموافقة على تصميم التهيئة
تنتج عنه آثار مهمة ،فهو يلزم األشخاص العمومية بضرورة التقيد بمقتضياته في
العمليات التعميرية والعمل على ترجمتها على ارض الواقع وإحداث التجهيزات
والمرافق العمومية التي ينص عليها ،كما يؤدي بالنسبة لألفراد إلى تقيدهم بمقتضياته
فيما يتعلق بعمليات البناء والتقسيم والتجزيء باإلضافة إلى تحملهم لمختلف
االرتفاقات التي يتضمنها.
وعليه فإعداد تصميم التهيئة ونشره بالجريدة الرسمية ال يعطي الحق لإلدارات
المعنية االستيالء على األراضي المشمولة بهذا التصميم .ومن ثم فوضع اليد عليها
دون االتفاق مع مالكها أو سلوك اإلجراءات القانونية لنزع الملكية للحصول على تلك
العقارات الالزمة النجاز المشاريع العمومية يعتبر اعتداء ماديا ،74ويتخذ هذا األخير
مظهرين أساسين:
األول :يكون في الحالة التي تعمد فيها اإلدارة إلى االستيالء على عقارات
األف راد دون االتفاق مع مالكها ودون مباشرة مسطرة نزع الملكية ،هنا ال بد من
التمييز بين حالتين:
الثانية :عندما يكون فيها تصميم التهيئة بمثابة قرار تعين
فيها األراضي المراد نزع ملكيتها لكونها الزمة النجاز التجهيزات العمومية مع بيان
74أحمد أجعون ،تنفيذ وثائق التعمير واالعتداء المادي " تصميم التهيئة نموذجا " ،مقال منشور بمجلة مجلة وسيط المملكة
المغربية .عدد 3دجنبر ،2014ص 103وما يليها بتصرف.
75الفقرة األولى من المادة 28من قانون التعمير.
36
مشموالتها ومساحاتها وأسماء من يحتمل أن يكونوا مالكين لها .76ففي هذه الحالة
يكون تصميم التهيئة بمثابة إعالن للمنفعة العامة متضمن لمقرر التخلي ،ومن تم
فاإلدارات يحق لها مباشرة االتفاق مع المالك حول نقل الملكية أو اللجوء إلى القضاء
للمطالبة بنقل الملكية.
وعليه ،فإعداد تصميم التهيئة ونشره بالجريدة الرسمية ال يعطي الحق ألي كان
باالستيالء وغصب األراضي المشمولة بهذا التصميم بل ال بد من االتفاق مع مالكها
أو إتباع مسطرة نزع الملكية إلحداث المرافق العمومية.
فقد قضت المحكمة اإلدارية بأكادير بأنه ":يعتبر احتالل الشخص العام لملك
الغير بدون سند قانوني وإنشاء مرفق عام على الملك المذكور بنية الدوام
واالستمرار نزعا غير مباشر للملك يترتب عنه تعويض المالك تعويضا كامال جابرا
77
للضرر".
الثاني :ويكون في الحالة التي تنتهي فيها آثار تصميم التهيئة ومع ذلك تستمر
اإلدارات في غل يد المالك من التصرف في أمالكهم .فطبقا لمقتضيات المادة 28من
قانون التعمير تنتهي اآلثار المترتبة عن إعالن المنفعة العامة عند انقضاء اجل 10
سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة
الرسمية.
هذا بالنسبة لالعتداء المادي الذي يطال الملكية العقارية ،فماذا عن االعتداء
الذي يطال الملكية المنقولة؟
لم تقتصر نظرية االعتداء المادي لإلدارة على الملكية العقارية بل اتسعت
لتشمل مجال ال يقل أهمية عن الملكية العقارية هو االعتداء المادي على الملكية
المنقول على انه كل شيء يمكن نقله من مكان آلخر 79
المنقولة ،وعرف أحد الفقه
دون تلف.
ومن التطبيقات القضائية في مجال االعتداء المادي الذي يطال ملكية المنقول
نجد الحكم الشهير الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية في قضية L’action
Françaisوتتعلق بقيام مدير البوليس بمصادرة جريدة L.A.Fفي باريس ونواحيها
لنشرها أخبار من شأنها زيادة حدة االضطرابات الموجودة بالمدينة ،وعند رفع األمر
لدى محكمة التنازع قضت بأن مدير البوليس بقراره بمصادرة الجريدة دون تفريق
بين المناطق قد جاوز سلطاته ،وبما أن النظام العام لم يكن مهددا فإن تلك المصادرة
تكون اعتداء مادياوإن كان القضاء الفرنسي يزخر باالجتهادات القضائية في باب
االعتداء المادي الذي يطال الملكية المنقولة فإن القضاء المغربي يعرف شحا في هذا
المجال ،ومن األحكام النادرة نجد األمر االستعجالي الصادر عن المحكمة االبتدائية
بأسفي بتاريخ 17غشت 1989ويتعلق باألمر الصادر عن العامل والمنفذ من قبل
السلطة المحلية والقاضي بإخالء المدعي من المسكن الذي يكتريه وإتالف أمتعته ،وقد
صرحت المحكمة بأن هذا العمل يشكل اعتداء مادي صرف وعاري من أية مشروعية
ولو ظاهرية على حق التملك بالنسبة للمنقوالت على حق المسكن وأن جميع عناصر
االعتداء متوفرة.80
إن نظرية االعتداء المادي كما سبقت اإلشارة ال تقتصر على الملكية بل تشمل
حتى الحريات األساسية.
ومن خالل البحث في تطبيقات القضاء المغربي في حالة االعتداء المادي الذي
يطال الحريات والحقوق العامة ،نجد أن تطبيقاته قد انحصرت في حاالت انتهاك
حرمة المسكن وحرية الصحافة باإلضافة لحق الملكية الذي تحدثنا عنه أعاله.
فبخصوص االعتداء المادي الذي يطال حرمة المسكن ،نجد أمرا استعجاليا
صادر عن قاضي المستعجالت بالمحكمة اإلدارية بالرباط جاء فيه ما يلي ":وحيث
إن هذا العمل الذي قامت به اإلدارة المدعى عليها يشكل انتهاكا لحرمة المنزل
المضمونة بالدستور ،وحيث إن اإلدارة حينما تعتدي بشكل صارخ على حق الملكية
81أمر استعجالي رقم 311بتاريخ 25يونيو ،2003أورده البشير خرشاف ،م.س ،ص .50
82انظر الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق األساسية بدء من الفصل 19من دستور المملكة المغربية.
39
أو على حق من الحقوق الفردية – كما في نازلة الحال – أو الجماعية فإن قيامها
بتنفيذ عملها المادي هذا يدخل في إطار االعتداء المادي ".83
أما عن نظر القضاء اإلداري في قضايا االعتداء المادي التي تطال حرية
الصحافة ،نجد حكم إدارية الرباط في قضائها االستعجالي في قضية تقدمت بها شركة
ميديا تروست بطلب يهدف إلى رفع االعتداء المادي الواقع من طرف اإلدارة
والقاضي بمنع جريدتين من الصدور وذلك في شهر دجنبر سنة .842000
مما سبق نستنتج أن العنصر الثاني في فعل االعتداء المادي ينقسم بدوره إلى
شقين متالزمين ،إذ أن الضرر الموصوف بأنه اعتداء مادي هو ذلك الضرر الخطير
والجسيم من جهة ،وليس لبسيط كما هو الحال في القرارات الباطلة المعيبة فقط بأحد
عيوب المشروعية ،ومن جهة أخرى ينبغي أن يكون محل الضرر عبارة عن حق
الملكية أو إحدى الحريات العامة.
كما نستنتج أن االعتداء المادي شديد الصلة بالسلطة اإلدارية ،فال مجال هنا
لمناقشة اعتداء الخواص الذي يبقى منظما بقواعد خاصة منصوص عليها في القانون
المدني.
ومن خالل ما تم الحديث عنه في هذا المبحث األول ،فإن نظرية االعتداء
المادي هي نظرية ضاربة في عمق التاريخ ،وهي ذات أصل فرنسي .لذلك لم يتغير
مفهومها مع تغير األمكنة واألزمنة ،الشيء الذي زاد من قيمة أصالتها.
المملكة المغربية
موافق2017/12/07 :
41
بتاريخ 18ربيع األول 1439ه الموافق 2017/12/07
الحكم اآلتي:
والجاعل محل المخابرة معه بمكتب نائبه :األستاذ ..المحامي بهيئة وجدة.
وبين:
بناء على المقال المسجل والمؤداة عنه الرسوم القضائية بصندوق كتابة ضبط
هذه المحكمة بتاريخ 20أبريل 2017يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه بأنه يملك
القطعة األرضية الصالحة للبناء الكائنة بالناظور حي عريض المكان المسمى "يعال
تمرشدوت" الموصوفة حدودها بالمقال وعقد الشراء المرفق ،مساحتها 200متر
مربع وأنه ال يملك سوى هاته األرض التي كان يعلق عليها آماال كبيرة ،إال أنه فوجئ
بالجماعة الترابية للناظور بشق طريق عمومي فوقها دون سلوك أي مسطرة قانونية
رغم المساعي الودية الرامية إلى تعويضه بقطعة أرضية أخرى وأداء قيمتها.
واعتبارا إلى أن األمر يتعلق باعتداء مادي على ملك الغير ،فإنه قد بادر إلى سلوك
المسطرة القبلية الواجبة اإلتباع من إخبار للجماعة واستصدار وصل مقاضاتها مما
يكون من حقه المطالبة التعويض ،فألجل هذه المعطيات فهو يلتمس الحكم له مبلغ 20
42
ألف درهم كتعويض مؤقت مع األمر تمهيديا بإجراء خبرة للوقوف على القطعة
األرضية من أجل تقدير قيمتها مع حفظ حقه في اإلدالء بالمناسب بعد الخبرة.
وبناء على تبليغ نسخة من المقال إلى الجهة المدعى عليها -جماعة الناظور-
وعدم إدالئها بأي جواب رغم التوصل بصفة قانونية.
وبناء على تقرير هذا األخير المؤشر عليه بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ
2017/07/09المتضمن لإلجابة عن جميع النقط الواردة الحكم التمهيدي.
وبناء على مذكرة المستنتجات بعد الخبرة المدلى بها من طرف المدعي
بواسطة نائبه بجلسة 2017/10/26والرامية إلى المصادقة على تقرير الخبرة والحكم
له بمبلغ 800.000درهم كتعويض عن قيمة أرضه مع النفاذ المعجل وتحميل
الصائر. عليها المدعى
وبناء عى مذكرة المستنتجات الجوابية بعد الخبرة المدلى بها من طرف جماعة
الناظور نائبها بجلسة 2017/11/23الحظت بموجبها من حيث الشكل بأن الدعوى
مقدمة ضد غير ذي صفة ألنها وجهت ضد المجلس البلدي وليس الجماعة كما أنه لم
يتم إدخال الوكيل القضائي للجماعات الترابية في الدعوى ،فال على أن الدعوى رفعت
من غير ذي صفة ألن اسم المشتري الوارد في العقد هو( )...في حين اسم المدعى
عليه هو( )...فضال على أن العقد المدلى به غير مستند على وجه وسند تملك البائع
وبعد تسجيل هاته المالحظات فقد التمس التصريح بعدم قبول الطلب شكال ،واحتياطيا
من حيث الموضوع بعد مالحظة أن تقرير الخبرة أكد على اختفاء معالم القطعة
األرضية ووقوع الخبير في عدة تناقضات وتطرقه لنقط قانونية ليست من اختصاصه
من قبيل الحديث عن مسؤولية الجماعة عن إحداث الطريق وبعد مالحظة أيضا
المبالغة والغلو في تقدير قيمة األرض بالمقارنة مع عناصر المقارنة التي أوردها
43
خبير في التقرير وهو ال يثير الشك والريبة فألجله التمست حكم برفض الطلب من
حيث الموضوع.
بناء على الوثائق األخرى المدرجة بالملف وبناء على اإلعالم بإدراج القضية
بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 2017/11/30تخلف عنها نائبا الطرفين وقررت
المحكمة اعتبار القضية جاهزة وبعد أن تلى السيد المقوض الملكي تقريره الرامي إلى
الحكم بالتعويض في إطار السلطة التقديرية للمحكمة ،تم وضع القضية في المداولة في
جلسة .2017/12/07
في الشكل :حيث قدم الطلب مستوفيا لجميع الشروط الشكلية المتطلبة قانونا،
لذلك فهو مقبول من هذه الناحية أما الدفوع الشكلية المثارة من طرف جماعة الناظور
والمستمدة من توجيه الدعوى ضد غير ذي صفة ورفعها من غير ذي صفة ولكون
العقد المستدل به مجرد من سند تملك البائع ،وعدم إدخال الوكيل القضائي للجماعات
الترابية فتبقى دفوع مردودة طالما أنه بالنسبة للدفع األول وإن كانت الدقة القانونية
تقتضي توجيه الدعوى ضد الجماعة في شخص رئيسها ومجلسها الجماعي وليس
المجلس البلدي في شخص رئيسه ،إال أن الجماعة المعنية قد توصلت وأجابت عن
المقال وبالتالي فإنه ال يصل إلى درجة اإلخالل الشكلي المبرر لعدم القبول ما دام لم
يترتب عنه أي ضرر.
أما بالنسبة للدفع الثاني المتعلق برفع الدعوى من غير ذي صفة اعتبارا إلى أن
العقد يتضمن إسم غير إسم المدعي ،على خالف هذا الدفع فإن الطرف المدعي الذي
استدل برفقة المقال بشهادة مطابقة اإلسم والتي تفيد بأن اسم السيد( )...هو نفسه()...
ويستبعد مع هذا المعطى الدفع المثار .أما بالنسبة للدفع المستمد من كون عقد الشراء
مجرد من سند التملك بالنسبة للبائع فهو أيضا دفع مردود طالما أن العقد قد تضمن
سند تملك البائع بموجب عقد الشراء الصادر عن المحكمة لسنة 1951م ،الدفتر
الخامس :ص ،32 :رقم ،57 :رخصة بتاريخ ،1972/07/06 :رقم .1696 :كما أن
44
الطرف المدعي قد استدل بحكم نهائي قضى في مواجهة ورثة البائع بتسليم العقار
المبيع وبمحضر تنفيذي للحكم السالف الذكر.
في الموضوع :حيث يهدف الطلب إلى الحكم على الجهة المدعى عليها جماعة
الناظور في شخص رئيسها بأدائها لفائدة المدعي مبلغ التعويض عن أرضه المشار
إليها بالوقائع أعاله والتي أحدث فوقها طريق عمومي مع تحميلها الصائر.
وحيث إنه فيما يخص الجهة المسؤولة عن إحداث الطريق فمما ال نزاع ألن
األرض تتواجد داخل المجال الحضري ويستنتج معها هذا المعطى بأن الجهة
المختصة قانونا في إحداث هذا النوع من الطرق هي الجماعات الترابية وقد تأكد
للمحكمة من خالل تقرير الخبرة أن الطريق محدث فوق عقار المدعي المنصوص
عليه بتصميم التهيئة ومشار إليه برقم 72وعليه فما دام قد ثَبت اإلحداث الفعلي لهذا
الطريق هو أن الجماعة المدعى عليها لم تدلي بما يفيد سلوكها لمسطرة نزع الملكية
أو االقتناء عن طريق المراضاة مما يشكل اعتداء ماديا تتحمل مسؤوليته جماعة مدينة
الناظور ويكون طلب التعويض المؤسس على هذه الواقعة له ما يبرره من حيث
المبدأ.
وحيث إنه فيما يخص التعويض فإن المحكمة وأمام عدم توفرها على العناصر
الكافية للبت في هذا الجانب ال سيما تحديد المساحة المقتطعة وتقدير التعويض عنها
استنادا إلى العناصر المتحكمة في الثمن من خصائص ومميزات فقد أمرت بإجراء
خبرة بواسطة الخبير السيد ( )...الذي خلص في تقريره المؤشر عليه في تاريخ
2017/09/29إلى أن الطريق المحدث قد استغرق القطعة األرضية باستثناء بعض
45
األجزاء الهامشية ال تتعدى أربعة أمتار وقد اقترح مبلغ 4000درهم للمتر المربع
الواحد استنادا لخصائص القطعة األرضية ومميزاتها واستنادا إلى عناصر المقارنة
الكل حسب التفصيل الوارد بتقرير الخبرة.
وحيث التمس طرف المدعي المصادقة على تقرير الخبرة والحكم له بمبلغ
800.000.00درهم مع الحكم بالنفاذ المعجل في حين نازعت الجماعة المدعى عليها
في التقرير المذكور مالحظة عليه انعدام الدقة والموضوعية والمبالغة في التقدير
بالمقارنة مع عناصر المقارنة المستشهد بها والتي ال تتجاوز مبلغ 3000درهم للمتر
المربع وهو ما يثير الشك والريبة في الخالصة التي توصل إليها الخبير ملتمسة
إجراء خبرة ثانية والحكم برفض الطلب.
لكن ،حيث إنه بعد تفحص المحكمة لتقرير الخبرة فقد تبين لها أنه جاء مستوفيا
لكافة الشروط الشكلية ومن حيث الموضع فقد أجاب على جميع النقط الواردة في
الحكم التمهيدي ال سيما التأكد من واقعة إحداث الطريق والمساحة المستغرقة التي بقي
منها جزء ال يمكن استغالله في أي وجه من وجوه االستغالل ،أما بخصوص
التعويض المقترح فإنه ولئن كان قد أورد عناصر المقارنة تقل عن المبلغ المقترح إال
أنه بالنظر إلى موقع القطعة األرضية بداخل مركز مدينة الناظور ومميزاتها
وخصائصها التي هي مخصصة للبناء التجاري والسكني وإطاللها على شارعين ،فإن
التعويض المقترح يبقى مناسبا وهو ما ارتأت معه المحكمة اعتماده للحكم بالتعويض
وعلى هذا األساس يتعين الحكم على الجماعة المدعى عليها بأدائها لفائدة المدعي مبلغ
800.000.00درهم.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها مما يتعين تحميل الجماعة المدعى
عليها الصائر.
المنطوق:
46
وتطبيقا لمقتضيات المواد 3،4،5،7،8من القانون رقم 41.90 :المحدثة
بموجبه المحاكم اإلدارية.
لهذه األسباب:
في الموضوع :على جماعة الناظور في شخص رئيسها بأدائها لفائدة الطرف
المدعي تعويضا إجماليا قدره 800.000.00درهم مع تحميل الجماعة المدعى عليها
صائر وبرفض الطلب فيما عدا ذلك.
نص المشرع المغربي في الفصل األول من قانون المسطرة المدنية على أن
التقاضي ال يصح إال ممن كان له الصفة و األهلية و المصلحة إلثبات حقوقه ،و يثير
القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو المصلحة أو األهلية ،ألنها من النظام العام.
و بهذا فلكي تقبل الدعوى ينبغي أن تتوفر فيها المحددات المحددة قانونا في
الفصل األول من قانون المسطرة المدنية ،غير أنه ما يعاب على الحكم أعاله أن
الدعوى قدمت ضد من ال يتوفر فيه شرط الصفة؛ دون أن تأمر المحكمة بتصحيح
المسطرة ،و أن تحكم بعدم القبول في حالة عدم تصحيحها؛ حيث إنه تم رفع الدعوى
ضد رئيس المجلس البلدي و الحال أنه يجب توجيهها ضد رئيس المجلس الجماعي،
لكون المجلس البلدي ال تربطه عالقة أو رابطة قانونية معينة بموضوع الدعوى ،و أن
توصل الجماعة بالمقال دون توجيها الدعوى ضدها ال يكفي لتحقق شرط الصفة ،و
الدعوى يجب أن ترفع من ذي صفة على ذي صفة.
اضافة إلى هذا فإن الحكم بالتعويض من جراء اإلعتداء المادي على الملكية
العقارية يستلزم التأكد من تملك العقار من طرف المتضرر ،و هذا األمر أغفلته
47
المحكمة في هذا الحكم خاصة و أن العقد يتضمن إسم غير اسم المدعي ،وإن كان هذا
األخير قد قدم ما يفيد مطابقة اإلسم و أن المدعي هو نفسه الشخص المضمن في
العقد ،فإن ذلك ال يمنع من التحقق في ملكية العقار محل اإلعتداء من طرف المدعي.
48
خاتمة
ختما يمكن القول أن القضاء المغربي رغم الصالحيات التي يتوفر عليها في
استنتاج اإلعتداء المادي العقاري و الوقاية منه و إصدار أوامر استعجالية برفعه أو
إيقاف األشغال المنجزة بدون مسوغ قانوني مشروع فوق ملكية الغير و طرد اإلدارة
من العقارات التي تحتلها بدون موجب حق و حكم المحكمة اإلدارية بتعويضات تجبر
أضرار هذه اإلعتداءات ،إال أن اإلدارة تظل محتفظة بامتيازاتها بالنسبة للحقوق
الناشئة عن أعمال التعدي و متمتعة بعدم الخضوع للتنفيذ الجبري.
49
الئحة المراجع
المصادر
ظهير شريف رقم 1.11.178صادر في 25من ذي الحجة 22( 1432نوفمبر
)2011بتنفيذ القانون رقم 39.08المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11رمضان 28( 1394
شتنبر )1974بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية.
الكتب
محمد الكشبور ،نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ،األسس القانونية
والجوانب اإلدارية والقضائية ،د.ط ،مط النجاح الجديدة الدار البيضاء،
1989
محمد بلحاج السلمي ،نزع الملكية من أجل المنعة العامة واالحتالل
المؤقت ،ط ،1مط دار القلم الرباط2016 ،
محمد العربي مياد ،العمل القضائي في دعاوى استيالء اإلدارة على
الملكية العقارية واالعتداء المادي ،مط األمنية الرباط ،ط2010 ،1
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،
نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر االلتزام ،المجلد األول ،دار
النهضة العربية ،القاهرة 1981 ،
مليكة الصروخ ،العمل اإلداري ،دار القلم الرباط ،ط 2012 ،1
البحوث الجامعية
50
البشير كنتي ،االعتداء المادي للجماعات الترابية على حق الملكية
العقارية وفق االجتهاد القضائي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،جامعة محمد الخامس الرباط2015/2014 ،
51
زكرياء الرجراجي ،حماية القضاء اإلدارية الملكية العقارية بالمغرب ،
أطروحة الليل الدكتورة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
االقتصادية واالجتماعية مكناس 2016 / 2017 ،
المقاالت
سعيدة نازي ،حماية القضاء االستعجالي اإلداري للملكية العقارية الخاصة ،مجلة
القضاء اإلداري ،ع2014 ،5
محمد القدوري ،مسطرة المطالبة بالتعويض عن نقل الملكية واالعتداء في إطار
القانون ،7.81مجلة الحقوق المغربية ،فقه المنازعات اإلداري ،ع ،2011 ،1
مصطفى التراب ،استيالء اإلدارة عن الملكية الخاصة و مدى تعارضه مع
المشروعية و سيادة القانون ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد 75
يوليوز – غشت .2007
أنوار شقروني ،الحماية القضائية لحق الملكية من خالل دعاوى االعتداء المادي:
محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط ،مقال منشور ب مجلة المحاكم االدارية ع
الخامس ،يناير 2015
52
الفهرس
مقدمة 2 ............................................................................................
المبحث األول:تسوية القضاء اإلداري لمنازعات االعتداء المادي 5 ......................
المطلـب األول :دور القضـاء االستعجالي اإلداري فـي منازعات االعتداء المادي 5
الفقرة األولى :مظاهر حماية القضاء االستعجالي اإلداري في مجال االعتداء
المادي 5 ...............................................................................................
الفقرة الثانية :األمر بالطرد واإلفراغ من العقار المحتل 11 ..........................
المطلب الثاني :دور القضاء الشامل في منازعات التعويض عن االعتداد المادي 13
الفقرة األولى :كيفية تحديد التعويض عن االعتداء المادي 13 .......................
الفقرة الثانية :سلطات قضاء الموضوع في االعتداء المادي 20 ......................
المبحث الثاني :عناصر االعتداء المادي وبعض نماذجه 29 ...............................
المطلب األول:عناصر االعتداء المادي 29 ................................................
الفقرة األولى :تصرف إداري مشوب بعيب جسيم من عيوب الشرعية 29 .........
الفقرة الثانية :المساس الخطير بالملكية الخاصة أو الحريات العامة 33 .............
المطلب الثاني :نموذجمن األحكام في في قضايا االعتداء المادي 41 ..................
الفقرة األولى :عرض الحكم 41 ...........................................................
الفقرة الثانية :التعليق على الحكم 47 .....................................................
خاتمة 49 ..........................................................................................
الئحة المراجع 50 ................................................................................
الفهرس 53 ........................................................................................
53