You are on page 1of 96

‫جامعة يحي فارس بالمدي ــة‬

‫كلية اآلداب و اللغات‬

‫قسم اللغة العربية و آدابها‬

‫التناص عند لزهر دخان في ديوان‬


‫"وطن ملهيدي"‬

‫مذكرة لنيل شهادة الماستر في اللغة العربية و آدابها‬


‫تخصص أدب عربي حديث و معاصر‬
‫إشراف األستاذة‪:‬‬ ‫إعداد‪:‬‬
‫د‪-‬عائشة العشمي‬ ‫‪ ‬سيد علي موسى‬
‫‪ ‬فاروق ليماين‬

‫السنة اجلامعية‬
‫‪0202-0202‬‬
‫الشكر هلل أوال أن وفقنا إلجناز هذا البحث مث لألستاذة الفاضلة‬

‫اليت مل تبخل علينا مبا يعيننا يف هذا البحث‪ ،‬الدكتورة‪ :‬عائشة العشمي‪.‬‬

‫الشكر إىل كل من ساهم بكلمة أو كتاب أو فكرة أو دل على وسيلة لتسهيل‬

‫هذا اإلجناز‬

‫كما نتقدم جبزيل الشكر إىل كل أستاذتنا الذين رافقونا طيلة ادلسار الدراسي‬

‫وغًنهم ممن كانوا سببا فيما حنن عليه‪.‬‬

‫والشكر موصول لعمال قسم اللغة العربية وآداهبا جبامعة حيي فارس‬

‫والقائمٌن على ادلكتبة‪.‬‬


‫أهدي مثرة هذا العمل إىل من جعل اهلل اجلنة حتت أقدامها ومنحها العطف‬

‫واحلنان فجادت به كله ومل تبخل علينا "أمي العزيزة"‪.‬‬

‫إىل الذي شاركين متاعب ادلشوار الدراسي إىل غاية إجناز ادلذكرة‬

‫"أيب احلنون"‬

‫إىل إخويت األعزاء‪ :‬فتحي وحممد وصربينة الذين أمتىن ذلم التوفيق‬

‫يف حياهتم‪.‬‬

‫إىل روح جدي رمحه اهلل وأدعو اهلل أن يسكنه فسيح جناته‪.‬‬

‫إىل جديت أطال اهلل يف عمرها‪ ،‬كما ال أنسى أعمامي وأخوايل وخااليت‬

‫وكل العائلة صغًنا وكبًنا‪.‬‬

‫إىل األستاذة ادلشرفة ونعم الناصحة ادلرشدة اليت حتملت معي مشاق البحث‬

‫شكرا‬
‫"العشمي عائشة" ً‬
‫إىل األصدقاء ورفقائي يف الدرب‪ :‬حممد بوشعبة‪ ،‬عزالدين بلعريب‪ ،‬عادل ميلودي‪،‬‬

‫حممد أمين فراح‪ ،‬عادل تيطراوي‪ ،‬حممد توامي ‪...‬‬


‫إىل زميلي يف هذا العمل ادلتواضع فاروق ليماين‬

‫إىل كل من وسعتهم ذاكريت ومل تسعهم مذكريت حتيايت لكم مجيعا‪.‬‬

‫أهدي مثرة جهدي‬

‫سيد علي‬
‫أهدي هذا العمل ادلتواضع إىل من َّنورا يل دروب احلياة‬

‫أمي احلبيبة وأيب العزيز أطال اهلل يف عمريهما وحفظهما يل‪.‬‬

‫إىل إخويت وأوالدهم وأخص بالذكر أيهم‪ ،‬عالء‪ ،‬حممد‪ ،‬معاذ‬

‫إىل األجداد واجلدات‪ ،‬األعمام والعمات‪ ،‬األخوال واخلاالت‪...‬‬

‫إىل األستاذة ادلشرفة ونعم الناصحة ادلرشدة اليت حتملت معي مشاق‬

‫شكرا‬
‫البحث العشمي عائشة‪ً ،‬‬
‫إىل مجيع من درسين وتعب يف ذلك‪.‬‬

‫إىل األصدقاء‪ :‬سليم‪ ،‬يونس‪ ،‬عادل ميلودي‪ ،‬عادل تيطروي‪ ،‬حممد توامي‪،‬‬

‫عبد القادر‪ ،‬فراح حممد أمين‪........،‬‬

‫إىل كل من وسعهم قليب ومل يسعهم قلمي‪.‬‬

‫إىل كل من ساعدين يف هذا العمل من قريب أو بعيد أهدي هذا العمل‬

‫فاروق‬
‫المقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫يعد التناص مصطمحا نقديا أريد بو تعالؽ النصكص كتداخميا‪ ،‬كقد احتؿ مكانة بارزة‬

‫عمى الساحة النقدية المعاصرة‪ ،‬لما قدمو مف مفاىيـ نقدية ثرية حكؿ النص األدبي‪ ،‬كما‬

‫يساعدنا عمى فيـ الكاقع األدبي الذم يعمد الشاعر إلى تضمينو في أعماليـ الشعرية كالنثرية‬

‫عمى حد سكاء‪.‬‬

‫إذا فيك محصمة تفاعؿ نصكص سابقة متزامنة تتفاعؿ مع بعضيا‪ ،‬بعد أف تعتقت‬

‫كتخمرت في نفس الشاعر‪ ،‬كبالتالي فكؿ نص ىك عبارة عف جممة مف التناصات‪ ،‬كىك‬

‫كذلؾ تشرب كتحكيؿ كاعارة لعدد مف النصكص األخرل لينفتح الباب عمى مصرعيو لممتمقي‬

‫كالدارس التناصي في محاكلة الكشؼ عف نسيج البنية النصية الجديدة‪ ،‬كمف ثـ تأكيميا مف‬

‫خبلؿ العكدة لمنص الغائب البنية األكلى لمنص الماثؿ‪ ،‬كىذا ما يجعؿ القارئ يمتمؾ النص‪،‬‬

‫كالكشؼ عف شعريتو‪ ،‬كمف ثمة إعادة إنشاء نص ٍ‬


‫ثاف‪.‬‬

‫إف النص الشعرم الجزائرم المعاصر مثمو مثؿ بقية النصكص مف حيث التشكيؿ‪ ،‬فإنو‬

‫مكتنز بكـ كاف ر مف النصكص المتعددة‪ ،‬التي أغنتو‪ ،‬كمف الشعراء الجزائرييف الذيف كظفكا‬

‫ىذه اآللية ‪ -‬التناص ‪ -‬نجد‪ :‬الشاعر لزىر دخاف‪ ،‬فنتج عنكاف دراستنا كاآلتي‪" :‬التناص عند‬

‫لزىر دخاف في ديكاف "كطف لمييدم"‪.‬‬

‫تتجمى أىمية الدراسة مف خبلؿ ارتباطيا باإلنتاج الشعرم الجزائرم المعاصر مف جية‪،‬‬

‫كمف جية أخرل محاكلة رصد أىـ ما قيؿ في نظرية التناص‪ ،‬إذ ال نزعـ أننا تناكلنا‬

‫‌أ‬
‫مقدمة‬

‫المكضكع باالتساع كالعمؽ الشديد‪ ،‬فالبحث ال يطرح كؿ اإلشكاليات كاألطركحات المصاحبة‬

‫لمنظرية‪ ،‬كتتجمى أيضا األىمية في استكشاؼ تعامؿ الشعر الجزائرم المعاصر مع‬

‫النصكص الغائبة‪.‬‬

‫كاف العنكاف المذككر تمبية لعدة أسباب‪ ،‬منيا الذاتية كمنيا المكضكعية‪:‬‬

‫‪ -‬قناعتنا بأف الشعر الجزائرم مميء بالتجارب الشعرية‪ ،‬التي تمكننا بأف نثرم الشعر العربي‬

‫المعاصر‪ ،‬ىذا ما جعمنا نندفع لمحاكلة دراسة نتاج لزىر دخاف‪.‬‬

‫‪ -‬أيضا مف األسباب التي دفعتنا ىك قمة الدراسات حكؿ شعر لزىر دخاف مقارنة بمف‬

‫عاصركه‪.‬‬

‫‪ -‬كأيضا بعد متابعتنا لشعر لزىر دخاف كما حكتو قصائده في مجمميا مف كصؼ لمجزائر‬

‫كأبناء الجزائر كافتخاره بعركبتو كانتماءه كالتغني ببطكالت الشيداء الذيف قدمكا أركاحيـ في‬

‫سبيؿ تحرير الببلد‪ ،‬ىذا ما شدنا إلى شعره‪ ،‬فيك يكمؿ مسيرة األكائؿ إلعبلء شأف الجزائر‬

‫كالتذكير بتاريخيا العريؽ‪.‬‬

‫سعى ىذا البحث لئلجابة عف اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ىؿ لمتناص تجميات في الشعر الجزائرم المعاصر؟‬

‫كمف ىذه اإلشكالية تفرعت عدة تساؤالت أىميا‪:‬‬

‫‪ -‬ما ماىية التناص عند النقاد القدماء كالمحدثيف ؟‬

‫‪-‬ىؿ لمتناص جذكر في تراثنا النقدم القديـ ؟‬

‫‌ب‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬ما ىي أىـ تجميات التناص في ديكاف لزىر دخاف "كطف لمييدم" ؟‬

‫لئلجابة عف ىذه التساؤالت المطركحة قسمنا البحث إلى‪ :‬مقدمة كفصميف األكؿ نظرم‬

‫كالثاني تطبيقي ثـ خاتمة‪ ،‬الفصؿ األكؿ نظرم جاء بعنكاف "ماىية التناص عند النقاد قديما‬

‫كحدي ثا"‪ ،‬ففي العنصر األكؿ تطرقنا إلى مفيكـ التناص لغة كاصطبلحا كفي العنصر الثاني‬

‫تطرقنا إلى التناص في النقد العربي القديـ مف خبلؿ أراء ثبلثة نقاد أكليـ القاضي ابف عبد‬

‫العزيز الجرجاني ثـ ابف رشيؽ القيركاني ثـ أبك ىبلؿ العسكرم‪ ،‬ثـ تطرقنا في العنصر‬

‫الثالث إلى التناص عند النقاد المحدثيف‪ ،‬حيث قسمنا ىذا العنصر إلى قسميف‪ :‬القسـ األكؿ‬

‫تحدثنا فيو عف التناص في النقد الغربي عند كؿ مف ميخائيؿ باختيف ثـ جكليا كريستيفا ثـ‬

‫عند جيرار جينيت‪ ،‬أما القسـ الثاني تحدثنا فيو عف التناص في النقد العربي عند كؿ مف‬

‫محمد بنيس ثـ محمد مفتاح ثـ عند عبد المالؾ مرتاض‪ ،‬ثـ تطرقنا إلى العنصر الرابع‬

‫المكسكـ بمستكيات التناص الذم بدكره قسمناه إلى قسميف‪ :‬القسـ األكؿ تحدثنا فيو عف‬

‫مستكيات التناص عند جكليا كريستيفا‪ ،‬كالقسـ الثاني تحدثنا فيو عف مستكيات التناص عند‬

‫محمد بنيس‪.‬‬

‫أما الفصؿ الثاني كاف فصؿ تطبيقي جاء بعنكاف‪" :‬تجميات التناص في ديكاف لزىر‬

‫دخاف "كطف لمييدم"‪ ،‬كتطرقنا في العنصر األكؿ إلى التناص الديني بشقيو التناص مع‬

‫القرآف الكريـ كالتناص مع الحديث النبكم‪ ،‬ثـ في العنصر الثاني تطرقنا إلى تناص األمثاؿ‬

‫كالحكـ الشعبية‪ ،‬ثـ في العنصر الثالث تطرقنا إلى التناص األسطكرم‪ ،‬ثـ في العنصر الرابع‬

‫‌ج‬
‫مقدمة‬

‫سيمياء الشخصيات مف شخصيات دينية كتارخية كأدبية‪ ،‬ثـ في العنصر الخامس تطرقنا إلى‬

‫سمياء األماكف‪ ،‬ثـ في العنصر السادس تطرقنا إلى استدعاء الرمز الديني‪ /‬التاريخي‪ ،‬ثـ‬

‫اختتمنا بحثنا بخاتمة حاكلنا مف خبلليا إبراز ما تكصمنا إليو مف نتائج‪ ،‬ثـ ممحؽ كقائمة‬

‫أخير الفيرس العاـ‪.‬‬


‫المصادر كالمراجع ك نا‬

‫اتكأ بحثنا عمى المنيج الكصفي‪ ،‬مقركنا بأداة التحميؿ لما لكؿ منيما مف آليات ككسائؿ‬

‫تخدـ المكضكع‪.‬‬

‫أما مصادر الدراسة فأىميا‪ :‬التناص كجمالياتو في الشعر الجزائرم المعاصر لجماؿ‬

‫مباركي ‪ /‬ظاىرة الشعر العربي المعاصر في المغرب لمحمد بنيس ‪ /‬النص الغائب‪ ،‬تجميات‬

‫التناص في الشعر العربي (دراسة) لمحمد عزاـ ‪ /‬التفاعؿ النصي التناصية‪ ،‬النظرية المنيج‬

‫لنيمة فيصؿ األحمد‪.‬‬

‫أما في الدراسات السابقة مذكرة‪ :‬التناص في الشعر الجزائرم المعاصر (قراءة في شعر‬

‫مصطفى الغمارم) لطيب بكترعة ‪ ،‬كغير ذلؾ مف المصادر‪.‬‬

‫كاف اليدؼ مف دراسة كيذه ىك تحقيؽ بعض مف التنمية الفكرية كالمعرفية‪ ،‬كالغاية ىي‬

‫اإلسياـ في محاكلة إثبات كجكد نص شعرم جزائرم ار ٍ‬


‫ؽ جدير بالدراسة كالبحث عمى كؿ‬

‫المستكيات اإلقميمية كالعربية كغيرىا‪.‬‬

‫ال يخمك أم بحث ميما كاف مف صعكبات كعكائؽ تكاجو الباحث‪ ،‬فمف بيف الصعكبات‬

‫التي كاجيتنا نذكر‪:‬‬

‫‌د‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬اختبلؼ الرؤل كتشعب نظرية التناص مف المصطمحات حتى المفاىيـ‪.‬‬

‫‪ -‬قمة الدراسات حكؿ شعر لزىر دخاف‪ ،‬إذ نحسب أننا أكؿ مف تناكؿ ىذه الشخصية األدبية‬

‫في مذكرة الدكتكراه أك الماستر بجامعة المدية‪.‬‬

‫لكف ب الرغـ مف ىذه الصعكبات إال أننا استطعنا تجاكزىا بفضؿ التحفيزات كالتكجييات‬

‫التي مدتنا بيا األستاذة المشرفة "العشمي عائشة" فقد كانت نعـ المرشد الناصح‪ ،‬فميا منا‬

‫أسمى عبارات الشكر كالحب كالعرفاف‪ ،‬كلكؿ مف َّ‬


‫مد لنا يد العكف مف قريب أك بعيد‪ ،‬فميـ َّ‬
‫منا‬

‫عميؽ االمتناف كالعرفاف‪.‬‬

‫كشكرا‪.‬‬
‫ن‬ ‫كنأمؿ أف نككف قد كفقنا إلى حد ما في ىذا المكضكع‪،‬‬

‫‌ه‬
‫الفصل األول‪ :‬ماىية التناص قديما وحديثا‬
‫تمييد ‪:‬‬
‫‪ - 1‬مفيكـ التناص (لغة كاصطبلحا )‬
‫‪ -2‬التناص في النقد العربي القديـ‪.‬‬
‫( القاضي الجرجاني‪ ،‬ابف رشيؽ القيركاني‪ ،‬ابك ىبلؿ العسكرم)‬
‫‪ -3‬التناص عند النقاد المحدثيف‪.‬‬
‫‪ 3-1‬التناص في النقد الغربي (ميخائيؿ باختيف‪ ،‬جكليا كريستيفا‪ ،‬جرار جنيت)‪.‬‬
‫‪ 3-2‬التناص في النقد العربي (محمد بنيس‪ ،‬محمد مفتاح‪ ،‬عبد المالؾ مرتاض)‪.‬‬
‫‪ -4‬مستكيات التناص (عند جكليا كريستيفا‪ ،‬عند محمد بنيس)‪.‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تمييد‪:‬‬

‫إف األساس التي يجعؿ أم مصطمح نقدم جدي ار بالبحث كالدرس كالتطبيؽ عمى‬

‫النصكص اإلبداعية‪ ،‬ىك أف يككف ىذا المصطمح قد كتب لو الذيكع كاالنتشار‪ ،‬كأقر‬

‫بصبلحيتو كأداة إجرائية نقدية لمتعامؿ مع النصكص األدبية‪ ،‬كمف ثـ يحؽ لمباحث التعرؼ‬

‫عمى ماىيتو‪ ،‬كيبيف مبلمحو بدءا بالغكص في جذكره االكلى‪ ،‬كمف ىذه المصطمحات النقدية‬

‫مصطمح "التناص" الذم أصبح في الدراسات النقدية المعاصرة أداة كشفية صالحة لمتعامؿ‬

‫مع النص القديـ كالجديد عمى حد سكاء‪.‬‬

‫فمصطمح التناص مف المصطمحات المستحدثة‪ ،‬التي تـ التكاضع عمييا في مجاؿ‬

‫الدرس األدبي كالنقدم‪ ،‬كخاصة بعد استفاضة الحديث عف البنائية كاألسمكبية‪ ،‬كماقدماه مف‬

‫جديد سكاء عمى مستكل اإلبداع أك مستكل التفسير‪ ،‬كاف ما ميد لظيكر التناص ىك إخفاؽ‬

‫البنيكية‪ ،‬حيث أنيا امتازت بالغمكض كالمراكغة‪ ،‬ىذا الغمكض ىك الذم جعؿ القارئ ال‬

‫يستكعب تحميؿ البنيكييف‪ ،‬إضافة الى إخفاقيا في تطبيؽ إجرائيا عمى جميع األنكاع األدبية‪،‬‬

‫ما حرميا مف الدقة‪ ،‬كشكؿ ىاجسا أماـ مصداقيتيا‪ ،‬كما أنيا أبعدت الشعر عف نمكذجيا‪،‬‬

‫مبقية عمى السرد فقط ىذا ما جعؿ بعض الدارسيف يتحكلكف عنيا‪ ،‬إضافة إلى تقكقع البنيكية‬

‫عمى النص كالغائيا العالـ الخارجي فالكؿ يعمـ أف النص ال ينشأ مف عدـ‪ ،‬كانما ينشأ عف‬

‫ظركؼ عكامؿ عدة‪ ،‬فتحميؿ النص يحتـ عمى الدارس الرجكع إلى خمفياتو‪ ،‬قصد فؾ بعض‬

‫مف شفراتو ليقترب أكثر إلى تأكيؿ كتحميؿ صائب لمنص كؿ ىذا كغيره جعؿ البنيكية كركادىا‬

‫‪7‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يتطمعكف لمبحث عف ما يتجاكز ىذه المحدكدية‪ ،‬كمف خبلؿ ما قالت نيمة فيصؿ األحمد‪:‬‬

‫فإنو بالضركرة كؿ نص ىك مركز تفاعؿ أك تداخؿ النصكص كعبلقات ال حصر ليا‪ ،‬كمف‬

‫ىنا نحدد أف التفاعؿ النصي (التناص) مفيكـ نتج عف ما بعد البنيكية يمثؿ انفتاح النص‬

‫ككاف ردا عمى قكقعو النص كانغبلقو في ذاتو‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -1‬مفيوم التناص‪:‬‬

‫أ‪ -‬التناص لغة‪:‬‬

‫تعد المغة مف أرقى كسائؿ االتصاؿ بيف األفراد كمجاليـ االجتماعي‪ ،‬كما البحث في‬

‫الجذكر المغكية لممصطمحات إال لفيـ أبعادىا كضبط داللتيا‪ ،‬كمصطمح التناص كمادة لغكية‬

‫لـ تذكره المعاجـ العربية القديمة اال في نص الشيء ينصو نصا‪ :‬حركو‪ ...‬كنص القدر‬

‫نصيصا‪ :‬بمعنى غمت‪ ،...‬كقاؿ ابف األعرابي‪ :‬النص اإلسناد الى الرئيس األكبر‪ ،‬كالنص‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫التكفيؽ كالتعييف عمى شيء ما‪ ...‬كتناص القكـ ازدحمكا‪.‬‬

‫كما كرد أيضا في لساف العرب كممة التناص بمعنى نصص‪ ،‬نصص النص‪ :‬رفعؾ‬

‫الشيء‪ ،‬نص الحديث ينصو نصا‪ :‬رفعو ككؿ ما أظير فقد نص كقاؿ عمرك بف دينار‪ :‬ما‬

‫رأيت رجبل أنص لمحديث مف الزىرم‪ ،‬أم ارفع لو كاسند‪ ،‬يقاؿ نص الحديث إلى فبلف أم‬

‫رفعو‪ ،‬كمف قكليـ نصصت المتاع إذا جعمت بعضو عمى بعض‪ ،‬ككؿ شيء أظيرتو كمف‬

‫قكليـ نص المتاع نصا‪ :‬جعؿ بعضو عمى بعض ككؿ شيء أظيرتو‪ ،‬فقد نصصتو‪ ،‬يقاؿ‬

‫‪2‬‬
‫نصص الرجؿ غريمو اذا استقصى عميو‪.‬‬

‫فإذا ما تتبعنا مفيكـ التناص لغة نجد أف صاحب المساف يكرد كممة (التناص) بمعنى‬

‫‪3‬‬
‫االتصاؿ كااللتقاء حيث يقكؿ‪ " :‬ىذه الفبلة تناصي أرض كذا كتكاصييا أم تتصؿ بيا"‬

‫‪ 1‬ينظر سعيد حسف البحيرم‪ ،‬عمـ لغة النص نحك أفاؽ جديدة ‪ ،‬زىراء الشرؽ‪ ،‬ط‪ ،1‬القاىرة مصر‪ ، 2007 ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ 2‬ينظر ابف منظكر‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬دط ‪ ،‬ج‪ ،6‬دار المعارؼ القاىرة مصر‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪ 3‬ابف منظكر‪ ،‬لساف العرب ‪،‬ص‪.162‬‬

‫‪9‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بيد أف مفيكمي االنقباض كاالزدحاـ يرداف تحت جذر (نصص) عند صاحب تاج‬

‫العركس لقكلو‪ " :‬انتص الرجؿ‪ ،‬انقبض‪ ،‬كتناص القكـ ازدحمكا‪ ،1‬كلعؿ المعنى األخير مف‬

‫التعريؼ السابؽ يؤكد فكرة التناص بدالالتو الحديثة‪ ،‬فتشابؾ النصكص كاتصاليا معا قريب‬

‫جدا مف فكرة ازدحاميا في نص ما‪ ،‬أما حديثا فقد جاء عند مؤلؼ المعجـ الكسيط "تناص‬

‫‪2‬‬
‫القكـ"‪ :‬ازدحمكا"‪.‬‬

‫كمما سبؽ قكلو فالتناص يدكر تعريفو في فمؾ الرفع كاإلظيار كاالستقصاء كاالزدحاـ‪،‬‬

‫كفي ىذه المعاني ما يكحي ببعض مفاىيـ التناص‪ ،‬التي تعني كجكد إشارات مف نصكص‬

‫سابقة في نص الحؽ‪.‬‬

‫ب‪ -‬التناص اصطالحا‪:‬‬

‫أحدث مصطمح التناص (‪ )intertextuality‬في النقد العربي الحديث حراؾ كاسعا‬

‫كشغؿ الحدثييف جميعا‪ ،‬كأثار بينيـ جدال نقديا‪ ،‬كاف مؤداه اختبلؼ النقاد العرب عمى ثابتة‬

‫إيجاد صيغة لفظية أك ترجمة مكحدة أك ثيمة لغكية لمصطمح التناص‪ ،‬فأحيانا يترجـ الى‬

‫تناص كأحيانا أخرل يترجـ الى بينصية‪ ،‬التزاما بأمانة نقؿ المصطمح بالمغة االنجميزية‪،‬‬

‫كيرجع ‪-‬عندئذ‪ -‬أف تككف الترجمة االخيرة اقرب إلى المصطمح في لغتو األصمية الذم‬

‫‪ 1‬محمد مرتضى الزبيدم الحسيني‪ ،‬تاج العركس مف جكاىر القامكس‪ ،‬تحقيؽ عبد الحميـ الطحطاكم‪ ،‬مطبعة حككمة‬
‫الككيت‪( 1984 ،‬مادة نصص) ‪ ،‬ص ‪.187‬‬
‫‪ 2‬مصطفى ابراىيـ ك اخركف‪ ،‬المعجـ الكسيط‪ ،‬د ط‪ ،‬مجمع المغة العربية بالقاىرة‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيركت‪ ،‬ج‪،7‬‬
‫(مادة نصص)‪ ،‬ص ‪.98-97‬‬

‫‪10‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يجزئو بعض النقاد الحداثييف الى (بيف ‪ )inter‬ك ( نص ‪ ،)texte‬فيككف التعبير األكثر دقو‬

‫‪1‬‬
‫ىك (بيف ‪ -‬نص)‪.‬‬

‫أما مصطمح التناص فيك ترجمو لممصطمح الفرنسي (‪ )int texte‬بيذا تأتي كممة‬

‫(‪ )inter‬في الفرنسية التبادؿ‪ ،‬بينما تشير (‪ )texte‬الى النص في الثقافة الغربية التي مف‬

‫أصؿ التيني (‪ )textus‬كتعني النسيج أك الحبؾ‪.‬‬

‫كيصبح معنى ‪ intertexte‬التبادؿ النصي‪ ،‬الذم ترجمو بعض النقاد العرب‬

‫بمصطمح التناص عند سعيد عمكش في كتابو المكسكـ ب " معجـ المصطمحات األدبية‬

‫كالنقدية"‪ ،‬فانو يشكؿ مصد ار أساسيا إلبراز المعنى الرئيسي لمتناص‪ ،‬كالذم يتسؽ اتساؽ‬

‫كبي ار مع (تحميؿ الخطاب الشعرم‪ ،‬استراتيجيو التناص) لمحمد مفتاح‪ ،2‬فإنيما يشيراف‬

‫لمصطمح التناص بدءا مف جكليا كريستيفا كانتياء بركالف بارث‪ ،‬خارجيف باالستنتاجيف‬

‫االتييف‪:‬‬

‫‪ -1‬يعد التناص عند (كريستيفا) مزية أساسية لمنص تحيؿ عمى نصكص أخرل‪.‬‬

‫‪ -2‬يعمف فككك بأنو ال كجكد لتعبير ال يفترض تعبي ار أخر‪ ،‬فبلبد أف تتكفر أحداث متسمسمة‬

‫متتابعة تتصؿ معا‪.‬‬

‫فالتناص إذف عممية استيعابية كاحتكائية لمنصكص السابقة كالنص المتناص يحمؿ‬

‫بعض صفات األصكؿ السيما المؤثرة كالفعالة‪.‬‬

‫‪1‬عبد العزيز حمكدة‪ ،‬المرايا المحدبة مف البنيكية الى التفكيؾ‪ ،‬العدد ‪ ،232‬سمسمة عالـ المعرفة‪ ،‬الككيت‪، 1998‬ص‬
‫‪.361‬‬
‫‪ 2‬سعيد عمكش‪ ،‬معجـ المصطمحات االدبية المعاصرة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب المبناني‪ ،‬بيركت‪، 1985 ،‬ص ‪.215‬‬

‫‪11‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كيتضح مما سبؽ أف التناص ىك أف يتضمف نص أدبي ما نصكصا أك أفكار أك‬

‫معارؼ أخرل سابقو عميو‪ ،‬بحيث تندمج النصكص السابقة مع النص األصمي مشكمة نصا‬

‫‪1‬‬
‫جديدا مكحدا كمتكامبل‪.‬‬

‫ضؼ إلى أف التناص مفيكـ يدؿ عمى كجكد نص أصمي في مجاؿ األدب أك النقد‪،‬‬

‫أك العمـ عمى عبلقة بنصكص أخرل‪ ،‬كأف ىذه النصكص قد مارست تأثي ار مباشرا‪ ،‬أك غير‬

‫‪2‬‬
‫مباشر عمى النص األصمي‪.‬‬

‫كلقد استخدـ النقاد المعاصركف مصطمح التناص كأداة إجرائية لنقد النصكص حيث أصبحكا‬

‫‪3‬‬
‫يتناكلكف النصكص األدبية عمى أساس أنيا نشاط ثقافي كجمالي في آف كاحد‪.‬‬

‫كذلؾ ألف اإلنتاجية الشعرية تمثؿ في أغمبيا "عممية استعادة لمجمكعات مف‬

‫كبير مف ىذا‬
‫ا‬ ‫النصكص القديمة في شكؿ خفي أحيانا كجمي أحيانا أخرل‪ ،‬بؿ أف قطاع‬

‫االنتاج الشعرم يعد تحكيرات لما سبقو‪ ،‬ذلؾ أف المبدع أساسا ال يتـ لو النضج الحقيقي إال‬

‫‪4‬‬
‫باستيعاب الجيد السابؽ عميو في مجاالت اإلبداع المختمفة"‪.‬‬

‫ك مما سبؽ قكلو نجد بأف التناص في معناه البسيط‪ ,‬ما ىك في الحقيقة إال تداخؿ‬

‫النصكص ككجكد عبلقة بيف النصكص السابقة في النص البلحؽ‪ ،‬أم أف يكظؼ األديب‬

‫نصا أك عدة نصكص لكتاب آخريف في عممو‪.‬‬

‫‪1‬احمد الزعبي‪ ،‬التناص نظريا كتطبيقيا‪،‬ط‪ ،1‬مكتبة الكتاني اربد ‪ ، 1995‬ص ‪.9‬‬
‫‪2‬عبد الرحمف عبد الحميد عمي‪ ،‬النقد األدبي بيف الحداثة كالتقميد‪ ،‬دار الكتاب الحديث القاىرة‪ ،‬دط‪1426 ،‬ق‪2005/‬ـ ‪،‬‬
‫ص ‪.356‬‬
‫‪ 3‬جماؿ مباركي‪ ،‬التناص كجمالياتو في الشعر الجزائرم المعاصر‪ ،‬دط‪ ،‬دار ىكمة لمنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دت‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسو ص ‪.119-118‬‬

‫‪12‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ككما يقكؿ محمد مفتاح أف التناص ظاىرة لغكية معقدة تستعصي عمى الضبط‬

‫‪1‬‬
‫كالتقنيف إذ تعتمد في تمييزىا عمى ثقافة المتمقي كسع معرفتو كقدرتو عمى الترجيح‪.‬‬

‫‪ -2‬التناص في النقد العربي القديم‪:‬‬

‫شكؿ مفيكـ التناص محط االىتماـ في العالـ العربي مما خمؽ إشكاالت عديدة‬

‫انتشار تمثؿ في الدراسات النظرية كالتطبيقية‪ ،‬لكنو أفرز‬


‫ا‬ ‫ظيرت مع بداية الثمانيات‪ ،‬كحقؽ‬

‫فرح البعض‬
‫التساؤؿ مف خبلؿ الرؤل المتعددة حكؿ ىذا المصطمح كرغبة في التأسيس لو ا‬

‫يبحث في النقد القديـ في مفاىيـ تتصؿ بالتناص‪ ،‬لتضع جكابا لعدة أسئمة أفرزىا النقد‬

‫العربي الحديث‪ ،‬فدمج الحديث عنو في السرقات كالمعارضة كالمناقضة كالتضميف كاالقتباس‬

‫كالتداكؿ‪.‬‬

‫يقكؿ أحمد أميف أف‪ :‬البحكث التي قدمت مف طرؼ العديد مف النقاد الغربييف ممف‬

‫احتضنكا مفيكـ التناص‪ ،‬كجكليا كريستيفا كركالف بارث كتكاردكؼ يجعمنا نميؿ الى تجذير‬

‫ىذا المصطمح‪ ،‬لما خمفو مف تقارب نقدم مع النقد العربي القديـ‪ ،‬ألف كممة التناص قد النجد‬

‫ليا كجكد في الفكر النقدم القديـ‪ ،‬لكف ىي انصيار لعدة مباحث نقدية قديمة‪ ،‬كيرل أحمد‬

‫أميف أف‪ :‬النقد األدبي ككؿ عمـ ناشئ عف ممكات خاصة تنمك بالتربية كالتمريف‪ ،‬فمك سئمت‬

‫عف ناشئ يريد اف يعد نفسو ليككف ناقدا أم طريؽ يسمؾ؟ أقكؿ أنو يجب عميو أكال أف يكثر‬

‫مف قراءة األدب كيتفيـ كيحاكي جيده‪ ،‬كالذم ركل أف ناشئا عربيا سأؿ أستاذه كيؼ يشدك‬

‫في األدب؟ فنصحو أف يحفظ ديكاف الحماسة ثـ يجتيد أف يجعؿ شعره نث ار بميغا‪ ،‬فمما فرغ‬

‫‪ 1‬محمد مفتاح تحميؿ الخطاب الشعرم( استراتيجيو التناص)‪،‬ط‪،2‬المركز الثقافي العربي الدار البيضاء‪ ،1992،‬ص ‪.131‬‬

‫‪13‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مف ذلؾ طمب منو اإلعادة‪ ،‬ثـ أمره أف ينساىا‪ ،‬كالظاىر أف الشيخ نصح بذلؾ ألف الناشئ‬

‫‪1‬‬
‫إذا نساىا نسي مادتيا كبقيت أنماطيا في ذىنو يستمد منيا عند حضكر ما يناسبيا“‪.‬‬

‫تنفتح بتأكيمنا لسياؽ ىذا النص إجابات إلرىاصات التناص‪ ،‬فجممة بقيت أنماطيا في‬

‫ذىنو ما يناسبيا‪ ،‬ىنا تقكدنا إلى أف مفيكـ التناص يتقارب مع ما أدلى بو ناقدنا الكبير إلى‬

‫درجة ما‪ ،‬كما أشار عبد المالؾ مرتاض إلى فكرة الحفظ الجيد التي تتبمكر في مقدمة ابف‬

‫خمدكف حيث يقكؿ ابف خمدكف‪ :‬فالتناص كىك يعبر عف االستم اررية الجينية لمنص يكشؼ أف‬

‫اإلبداع نص كاحد أزلي مستمر تعبر اإلنجازات المتتالية عف تمظيراتو التي تتناسب طرديا‬

‫كالمكافؽ التي أممتيا فقط‪ ،‬فإذا تغيرت ىذه االقتضاءات الخارجية تغير شكؿ النص ليناسبيا‬

‫‪2‬‬
‫كيناسب حده التكترات التي تسكنيا“‪.‬‬

‫فالقاعدة التي يرتكز عمييا التناص في المفيكـ الغربي‪ ،‬ليا أنماط تأسيسية في الفكر‬

‫النقدم العربي القديـ‪ ،‬كتؤدم الى االقتراب كالتقاطع مع ىذا المصطمح الجديد في أبكاب‬

‫نقدية عربية قديمة‪ ،‬كقد عالج القدماء التناص عند حديثيـ عف السرقات األدبية كخصكا‬

‫بالذكر سرقة المعاني ألف النص عندىـ يتناص مع نصكص كثيرة ميما حاكؿ صاحبو أنذا‬

‫الحيطة كالحذر‪.‬‬

‫لقد أسالت قضية السرقات األدبية عبر نقاد العرب القدامى كغمبت عمى مصنفاتيـ‪،‬‬

‫فأفردكا ليا كتبا تفاكت فييا الطرح مف مصنؼ آلخر مثؿ‪ :‬المكازنة لآلمدم‪ ،‬الكساطة بيف‬

‫‪1‬أحمد أميف‪ ،‬النقد األدبي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،3‬مكتبو النيضة المصرية‪، 1963 ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪2‬حبيب مكنسي‪ ،‬تكترات االبداع الشعرم نحك رؤية داخميو لمدفؽ الشعرم كتضاريس القصيدة‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الغرب لمنشر‬
‫كالتكزيع‪، 2002 - 2001 ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪14‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المتبني كخصكمو‪ ،‬كيعد مكضكع السرقات الشعرية مف أىـ المكضكعات التي أكالىا نقاد‬

‫األدب قديما عناية كبيرة ك أكلكىا اىتماما بالغا كىي ضمف فنكف الببلغة العربية كتنطكم‬

‫تحت عمـ البديع‪ ،‬كما أنو يكاد ال يخمك أم كتاب نقدم أك ببلغي مف ىذا المكضكع‪ ،‬كقد‬

‫‪1‬‬
‫تجمت السرقات في ألكاف مختمفة ألسماء متباينة في الطرح‪.‬‬

‫فيي مف أقدـ مباحث النقد العربي‪ ،‬حيث كاف جؿ اىتماميـ كتركيزىـ كأىدافيـ النقدية‬

‫ىك الكقكؼ عمى مدل أصالة األعماؿ األدبية المنسكبة إلى أصحابيا كمقدار ما حكت مف‬

‫األدباء مف التقميد كاإلتباع‪ 2‬حيث كردت عدة تعاريؼ اصطبلحية لمصطمح السرقات‪ ،‬حيث‬

‫يقاؿ أف لفظة السرقة في األدب ىي ‪” :‬ما نقؿ معناه دكف لفظو كأبعد في أخذه“‪.‬‬

‫إال أف ىناؾ مف قصر السرقة عمى البديع المخترع فقط‪ ،‬ك الذم يختص بو الشاعر‬

‫‪3‬‬
‫ال في المعاني المشتركة الجارية بيف الناس‪.‬‬

‫كىناؾ مف النقاد مف عرؼ السرقة كتعني ” النقؿ كاالقتراض كالمحاكاة مع إخفاء‬

‫‪4‬‬
‫المسركؽ“‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫كالسرقة أدبيا ىي أف يأخذ الشخص كبلـ الغير كينسبو لنفسو‬

‫‪1‬ينظر سعيد سبلـ‪ ،‬التناص التراثي الركاية الجزائرية أنمكذجا‪ ،‬د ط‪ ،‬عالـ الكتب الحديث‪، 2010 ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ 2‬ينظر بدكم طبانة‪ ،‬السرقات االدبية‪ ،‬د ط‪ ،‬نيضة مصر الفجالة ‪،‬القاىرة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ 3‬ينظر ابف رشيؽ القيركاني‪ ،‬العمدة في محاسف الشعر كآدابو‪،‬ج‪ ،2‬دار الجيؿ‪ ،‬د ط‪ ،،‬بيركت لبناف ‪،‬د ت‪ ،‬ص ‪-280‬‬
‫‪.281‬‬
‫‪ 4‬محمد مفتاح تحميؿ الخطاب الشعرم (استراتيجية التناص) ص ‪.121‬‬

‫‪15‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فالسرقات مكضكع كاسع كمتفرع فيي ”باب ال ينيض بو إال الناقد البصير كالعالـ‬

‫‪2‬‬
‫المبرز‪ ،‬كليس كؿ مف تعرض لو أدركو‪ ،‬كال كؿ مف أدركو استكفاه كاستكممو“‪.‬‬

‫فقد أدرؾ الببلغيكف العرب كالنقاد كالشعراء منذ الجاىمية ضركرة تكاصؿ الشاعر مع‬

‫تراثو الشعرم كاالغتراؼ منو‪ ،‬كما أحسكا بيذه الظاىرة الفنية‪ ،‬إذ تصادفنا كممات كاضحة‬

‫تدؿ عمى االعتراؼ بالتداخؿ النصكصي كاألخذ‪ ،‬كيعد الشاعر الجاىمي زىير بف أبي سممى‬

‫األسبؽ إلى اكتشاؼ ىذه العممية المتداكلة بيف الشعراء حيف قاؿ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫أو معادا من قولنا مكرو ار"‬ ‫" ما أرانا نقول إال رجيعا‬

‫ك قد أكد ىذه الحقيقة الشاعر الجاىمي عنترة بف شداد في قكلو‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫" ىل غادر الشعراء من متردم"‬

‫فقد الحظ عنترة أف المعاني الخاصة بالطمؿ قد كظفيا الشعراء قبمو‪ ،‬فيـ لـ يترككا لو‬

‫مجاال إال كسبقكه إليو‪.‬‬

‫كىذاف القكالف ‪ -‬زىير كعنترة‪ -‬يدالف داللة كاضحة عمى أف شعراءنا القدامى قد‬

‫أحسكا كخاصة في مطالعيـ الطممية أنيـ يكرركف مكضكعات كمعاني بعينيا‪ ،‬كيركم ابف‬

‫‪ 1‬ينظر السيد احمد الياشمي‪ ،‬جكاىر الببلغة في المعاني كالبياف كالبديع‪ ،‬د ط‪ ،‬المكتبة العصرية ‪،‬صيدا‪ ،‬بيركت ‪،‬د ت‪،‬‬
‫ص ‪.337‬‬
‫‪ 2‬القاضي بف عبد العزيز الجرجاني‪ ،‬الكساطة بيف المتنبي كخصكمو‪ ،‬تح ‪:‬محمد أبك فضؿ ابراىيـ كآخركف‪،‬ط‪ ،1‬المكتبة‬
‫العصرية بيركت ‪، 2006‬ص ‪.161‬‬
‫‪3‬حسيف فيبللي‪ ،‬السمة كالنص السردم‪ ،‬مقاربة سيميائية في شفرة المغة‪ ،‬دراسة نقدية‪،‬ط‪ ،1‬رابطو أىؿ القمـ لمنشر‪ ،‬د ت‪،‬‬
‫ص‪.21‬‬
‫‪4‬الخطيب التبريزم‪ ،‬شرح ديكاف عنترة بف شداد‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب العربي ‪،‬بيركت ‪،1992،‬ص ‪.145‬‬

‫‪16‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫رشيؽ في العمدة قكؿ اإلماـ عمي بف أبي طالب‪ -‬كرـ اهلل كجيو‪ ” :-‬لكال اف الكبلـ يعاد‬

‫‪1‬‬
‫لنفد“‪.‬‬

‫كقد كردت في العصر العباسي عمى لساف أبي تماـ حيف قاؿ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫كم ترك األول لآلخر‬ ‫يقول من تقرع أسماعو‬

‫كلما سئؿ عمرك بف العبلء‪ :‬أأريت الشاعريف يتفقاف في المعنى كيتكارداف في المفظ‪،‬‬

‫لـ يمقى كاحد منيما صاحبو‪ ،‬كلـ يسمع شعره‪ ،‬فقاؿ‪ ” :‬الشعر جاد ‪،‬كربما كقع الحافر عمى‬

‫‪3‬‬
‫الحافر“‪.‬‬

‫كارتبطت ظاىرة التناص عند النقاد القدامى بالسرقات الشعرية‪ ،‬فالشاعر ميما كانت‬

‫مكىبتو أك نبكغو الشعرم فإنو يحمؿ نفحات مف نصكص غيره كمف ىذه النفحات ما ىك‬

‫كاضح كجمي كمنيا ما يتطمب براعة الناقد كحصناتو في الكشؼ عنيا‪ ،‬كظاىرة استعادة‬

‫النصكص السابقة في إبداع الشعراء البلحقيف حقيقة تناصية‪ ،‬فالشاعر يجب اف يككف مثقفا‬

‫بأكسع معاني الثقافة‪ ،‬كما جاء في العقد الفريد البف عبد ربو‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫” مف أراد أف يككف عالما فميطمب عمما كاحدا‪ ،‬كمف أراد أف يككف أدبيا فميتسع في العمكـ“‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر ابف رشيؽ أبك عمي حسف‪ ،‬العمدة في صناعة الشعر كنقده‪ ،‬تح‪ :‬مفيد محمد قميحة ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬دار الكتب العممية‬
‫بيركت ‪، 1983‬ص ‪.70‬‬
‫‪2‬ينظر ايميا الحاكم‪ ،‬شرح ديكاف أبي تماـ‪،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب المبناني‪، 1981 ،‬ص ‪.270‬‬
‫‪3‬جماؿ مباركي التناص كجمالياتو ص ‪ ،51‬نقبل عف الحاتمي أبك الحسف‪ ،‬الرسالة المكضحة تحقيؽ محمد يكسؼ نجـ‪،‬‬
‫دار بيركت ‪ ، 1965‬ص ‪163‬‬
‫‪4‬ابف عبد ربو أحمد‪ ،‬العقد الفريد‪،‬ج‪ ،2‬المطبعة الشرقية ‪،‬القاىرة‪ ،1916 ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪17‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فبل يصير الشاعر شاع ار حتى يركم أشعار العرب‪ ،‬كتدكر في مسامعو األلفاظ يأخذ‬

‫مف أشعار الذيف سبقكه بكيفية فنية تؤىمو ألف يستعير منيا إلى جانب الشرط األساسي في‬

‫‪1‬‬
‫العممية إلبداعية ىك‪ ” :‬إلاطبلع عمى كبلـ المتقدميف مف المنظكـ كالمنثكر“‪.‬‬

‫كىذا ما أكد عميو كؿ مف ابف خمدكف كابف األثير ألف ىذه األشياء تشحذ القريحة‪،‬‬

‫كتذكي الفطنة‪ ،‬كاذا كاف صاحب الصناعة عارفا بيا تصير المعاني التي ذكرت كتعب في‬

‫‪2‬‬
‫استخراجيا كالشيء الممقى بيف يديو يأخذ منو ما أراد كيترؾ ما أراد“‪.‬‬

‫كلرصد ىذه الظاىرة كمحاكلة القبض عمييا كالتدقيؽ في جزئياتيا أكجد النقاد كما‬

‫ىائبل مف المصطمحات تشير إلى التداخؿ النصكصي فكصفكا العمؿ الشعرم الذم يرتد إلى‬

‫‪3‬‬
‫نصكص سابقة الستحضارىا‪ ” :‬سرقو كانتباىا كغصبا كنسخا كتمفيقا“‪.‬‬

‫كمف النقاد الذيف تعمقكا في الحديث عنيا نجد‪:‬‬

‫أ‪ -‬القاضي الجرجاني‪ :‬فيك يعتبر أف ” السرؽ داء قديـ‪ ،‬كعيب عتيؽ‪ ،‬كمازاؿ الشاعر‬

‫يستعيف بخاطر اآلخر‪ ،‬كيستمد مف قريحتو‪ ،‬كيعتمد عمى معناه كلفظو‪ ،‬ككاف أكثره ظاى ار‬

‫كالتكارد“‬

‫فقد أدرؾ الجرجاني تقنيات السرقة الشعرية‪ ،‬أكما يعرؼ في النقد المعاصر بتقنيات‬

‫التناص‪ ،‬فيؤكد عمى تنكع تمؾ التقنيات فمنيا ما يتـ بالنقؿ كالقمب‪ ،‬كتغير المناىج‪ ،‬كالترتيب‪،‬‬

‫كتكمفكا جير ما فيو مف النقيصة بالزيادة كالتأكيد كالتعريض في حاؿ‪ ،‬كالتصريح في حاؿ‬

‫‪1‬ابف خمدكف عبد الرحمف العربي‪ ،‬المقدمة‪ ،‬تحقيؽ دركيش الجكيدم‪،‬ط‪ ،2‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيركت‪، 1996 ،‬ص ‪.571‬‬
‫‪2‬المرجع نفسو ‪،‬ص ‪.54‬‬
‫‪3‬جماؿ مباركي التناص كجمااليتو ‪،‬ص ‪.55‬‬

‫‪18‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫آخر‪ ،‬كاالحتجاج كالتعميؿ‪ ،‬فإذا أخذ أحدىـ معنى كأضاؼ إليو مف ىذه األمكر ما ال يقصد‬

‫‪1‬‬
‫معو عف اختراعو كابداع مثمو‪.‬‬

‫ب ابن رشيق القيرواني‪ :‬فقد قاؿ في كتابة العمدة ‪ " :‬كىذا باب متسع جدا ال يقدر أحد مف‬

‫‪2‬‬
‫الشعراء أف يدعي السبلمة منو"‪.‬‬

‫إف نظرة ابف رشيؽ الى ىذه الظاىرة نظرة معقكلة فيك يقر لمشاعر أف يستفيد مف نصكص‬

‫مف سبقكه‪ ،‬كىذا ما يؤكد أف التناص بيف النصكص البلحقة كالنصكص السابقة أمر طبيعي‬

‫ال مناص منو‪ ،‬لشاعر أك ألديب‪ ،‬كيؤكد ىذا ابف رشيؽ في قكلو‪ " :‬قاؿ بعض الحذاؽ مف‬

‫المتأخريف مف أخذ معنى بمفظو كاف سارقا‪ ،‬فإف غير بعض المفظ كاف سالخا‪ ،‬فإف غير‬

‫‪3‬‬
‫بعض المعاني ليخفيو أك قمبو عف كجيو كاف صرفا كذلؾ دليؿ حذقو"‪.‬‬

‫ج‪ -‬أبو ىالل العسكري‪ :‬فيك يرل‪ " :‬أف ال عيب أف يأخذ شاعر مبتدع مف شاعر أخر‬

‫متبع ك لكف يضع لذلؾ في نصو شركطا‪ " :‬ليس ألحد مف أصناؼ القائميف غني عف تناكؿ‬

‫المعاني ممف تقدميـ‪ ،‬كالصب عمى قكالب مف سبقيـ‪ ،‬كلكف عمييـ إذا أخذكىا أف يكسكىا‬

‫ألفاظ مف عندىـ‪ ،‬كيبرزكنيا في معارض مف تأليفيـ كيردكنيا في غير حميتيا االكلى‪،‬‬

‫‪1‬عبد العزيز الجرجاني‪ ،‬الكساطة بيف المتنبي كخصكمو‪ ،‬ص ‪.185‬‬


‫‪ 2‬ابف رشيؽ القيركاني‪ :‬العمدة في محاسف الشعر كآدابو كنقده‪ ،‬تح‪ :‬محمد عبد القادر احمد عطا‪،‬ج‪،2‬دار الكتب العممية‪،‬‬
‫لبناف ‪ ، 2001،‬ص ‪.216‬‬
‫‪3‬المرجع نفسو ‪،‬ص ‪.217‬‬

‫‪19‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كيزيدىا في حسف تأليفيا كجكده تركيبيا ككماؿ حميتيا‪ ،‬كمعرضيا فإذا فعمكا ذلؾ فيـ أحؽ‬

‫‪1‬‬
‫بيا ممف سبؽ إلييا"‪.‬‬

‫ففي ما سبؽ فإف العسكرم يسمح بالتداكؿ في المعاني كاألفكار ال في أخذ األلفاظ‪.‬‬

‫كقد ذكر الحاتمي في حمية المحاضرة أنكاع كثيرة مف المسميات التي تدخؿ تحت باب‬

‫السرقة كمنيا‪:‬‬

‫‪ -1‬االصطراف ‪ :‬أف يعجب الشاعر ببيت مف الشعر فيصرفو إلى نفسو‪.‬‬

‫‪ -2‬االجتالب‪ :‬أف يعجب الشاعر ببيت مف الشعر فيصرفو إلى نفسو عمى جية المثؿ‬

‫كيسمى ذلؾ أيضا االستمحاؽ‪.‬‬

‫‪ -3‬االنتحال‪ :‬كىك أف يدعي الشاعر شعر غيره كينسبو إلى نفسو عمى سبيؿ المثؿ‪.‬‬

‫‪ -4‬االىتدام‪ :‬كىك السرقة فيما دكف البيت ك يسمى أيضا النسخ‪.‬‬

‫‪ -5‬اإلغارة ‪:‬أف يضع الشاعر بيتا كيخترع معنى مميحا‪ ،‬فيتناكلو مف ىك أعظـ منو ذك ار‬

‫كأبعد صكتا فيأتي بو دكف قائمو‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -6‬المرافدة أو االسترفاد‪ :‬أف يستكىب الشاعر غيره بعض ما يعجبو مف شعره‪.‬‬

‫‪ -7‬االلتقاط و التمفيق‪ :‬كىك أف يؤلؼ البيت مف أبيات قد ركب بعضيا مف بعض كيسمى‬

‫‪3‬‬
‫االجتذاب كالتركيب‪.‬‬

‫‪1‬أبك ىبلؿ العسكرم‪ ،‬كتاب الصناعتيف الكتابة كالشعر‪ ،‬تح‪ :‬مفيد قميحة‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪، 1989 ،‬ص‬
‫‪.217‬‬
‫‪ 2‬محمد شعيب‪ ،‬المتنبي بيف ناقديو في القديـ كالحديث‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬مصر‪ ،1964 ،‬ص ‪183-182‬‬
‫‪3‬بدكم طبانة‪ ،‬السرقات األدبية دراسة في ابتكار األعماؿ األدبية كتقميدىا‪ ،‬نيضة مصر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪20‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كمف خبلؿ تتبعنا لظاىرة تداخؿ النصكص عند القدماء نجد أف ليـ باعا طكيبل‪،‬‬

‫فأغمب كتب النقد كالببلغة العربية تتناكؿ ىذه الظاىرة بتحميؿ رصيف يدؿ عمى عمؽ الثقافة‬

‫كسعة االطبلع‪ ،‬كما يدؿ عمى حضكر النص السابؽ حضكر مستم ار في أذىانيـ كمف ثـ‬

‫تسيؿ عمييـ اإلشارة إلى ما في النص البلحؽ مف متجميات لمنص السابؽ عمى مستكل‬

‫األلفاظ كالتركيب أك المعاني‪.‬‬

‫ك مف المصطمحات التي ظيرت في الساحة النقدية كالتي ليا صمو بالسرقة الشعرية‬

‫نجد‪ :‬االقتباس‪ ،‬التضميف‪ ،‬العقد‪ ،‬الحؿ‪ ،‬االبتداء‪ ،‬التخمص‪ ،‬االنتياء‪ ،‬التمميح‪ ،‬كالتي نعرؼ‬

‫منيا‪:‬‬

‫التضمين‪ :‬يتـ بيف نصيف شعرييف تتجمى فيو القصدية تجميا مباش ار‪ ،‬فيأخذ الشاعر مف شعر‬

‫آخر بيتا أك دكنو كيضمنو في شعره كذلؾ في قكؿ األخيطؿ‪:‬‬

‫بعد الوغى لكن تضايق مقدمي‪.‬‬ ‫ولقد سما لمخرمي فمم يقل‬

‫أخذه مف قكؿ عنتر بف شداد‪:‬‬

‫عنيا ولكني تضايق مقدمي‪.‬‬ ‫إذ يتقون بي األسنة لم أخم‬

‫اقتباس ‪ :‬ىك اف يتضمف المتكمـ منثكره أك منظكمو شيئا مف القرآف أك الحديث عمى كجو ال‬

‫‪1‬‬
‫يشعر بأنو منيما‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫التمميح‪ :‬يعتمد عمى صدكر إشارات مف النص الحاضر الى النص الغائب (السابؽ)‪.‬‬

‫‪ 1‬السيد احمد الياشمي‪ ،‬جكاىر الببلغة في المعاني كالبياف كالبديع ص ‪.338‬‬

‫‪21‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ككنتيجة لما تقدـ ذكره يمكننا القكؿ بأف العرب كانت تمارس فعؿ التناص خاصة في‬

‫مجاؿ الشعر لكف دكف ىذه التسمية‪ ،‬في حيف استخدمت مفاىيـ قريبة مف مفيكـ ىذا‬

‫المصطمح الحديث كالتضميف كاالقتباس كالسرقة كغيرىا لمداللة عمى استفادة البلحؽ مف‬

‫السابؽ في األلفاظ كالمعاني كتأثير السابؽ بالبلحؽ‪ ،‬كقد كاف مصطمح التضميف مف أقرب‬

‫المصطمحات في المعنى لمتناص الحديث‪ ،‬كلكف استخدامات التضميف ال تصؿ الستخدامات‬

‫التناص‪ ،‬فالتناص أعـ كأكسع مف التضميف‪.‬‬

‫‪ -3‬التناص عند النقاد المحدثين‪:‬‬

‫‪:3-1‬التناص في النقد الغربي‪:‬‬

‫مصطمح التناص مف المصطمحات النقدية الحديثة كالمعاصرة‪ ،‬التي تنتمي الى مرحمة‬

‫ما بعد البنيكية‪ ،‬فقد شغؿ ىذا المصطمح حي از كبي ار مف اىتمامات نقاد األدب المعاصريف‬

‫عمى اختبلؼ مناىجيـ كرؤاىـ‪ ،‬فاشتغؿ بو البكيطيقي ك السيميكطيقي كاألسمكبي كالتداكلي‬

‫كغيرىـ‪ ،‬كما اختمفت تصكرات الدارسيف ليذا المصطمح النقدم كضبطو‪ ،‬فأدرجو بعضيـ‬

‫ضمف الشعرية التككينية‪ ،‬فيما تناكلو بعضيـ اآلخريف في إطار جمالية التمقي‪ ،‬كاعتبره‬

‫‪2‬‬
‫آخركف مف مككنات لسانيات الخطاب التي تتحكـ في نصية النص‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد عزاـ‪ ،‬النص الغائب(تجميات التناص في الشعر العربي)‪،‬د ط‪ ،‬منشكرات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشؽ‪2001 ،‬‬
‫‪،‬ص‪.42‬‬
‫‪2‬ينظر عبد القادر بقشي‪ :‬التناص في الخطاب النقدم كالببلغي (دراسة نظرية كتطبيقيو)‪ ،‬إفريقيا الشرؽ‪ ،‬د ط‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،2007 ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪22‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عرؼ النقد الغربي بعد اإلشارات التي تحيؿ إلى أقرب نشكء لفكرة التناص‪ ،‬نبدأىا مع‬

‫دراسة لفرديناند دم سكسير سنة ‪ 1909‬رأل فييا‪” :‬أف سطح النص مكككب تبنيو كتحركو‬

‫نصكص أخرل‪ ،‬حتى كلك كانت مجرد كممة مفردة“‪ ،1‬كيعني أف تكليد النص محككـ بشرط‬

‫تفاعمو مع نصكص أخرل ليستمر‪.‬‬

‫يتفؽ الباحثكف أف التناص بداياتو كانت مع الشكبلنييف الركس فقد كانت أراؤىـ‬

‫إرىاصات فعمية ميدت لظيكر مفيكـ التناص‪ ،‬كمف األكائؿ الذيف ساركا عمى ىذا السبيؿ‬

‫فيكتكر شمكفسكي الذم رأل أف العمؿ الفني يدرؾ في عبلقتو باألعماؿ الفنية األخرل‪،‬‬

‫استنادا إلى الترابطات التي يقيميا مع النصكص‪ ،‬مع العمـ أف كؿ األعماؿ الفنية تبدع عمى‬

‫ىذا النحك‪ ،2‬ىذه الفكرة تقترب كثي ار مع مفيكـ التناص‪ ،‬إذ يمكف فيـ العمؿ األدبي مف خبلؿ‬

‫دخكلو في عبلقة مع أعماؿ أدبية أخرل بشكؿ كاضح‪.‬‬

‫أما الكالدة الحقيقية لمفيكـ التناص فقد كانت مع باحثيف كنقاد غربييف قامكا بالتأصيؿ‬

‫لو كتبيف آلياتو كتحديد داللتو بدءا بالناقد الركسي ميخائيؿ باختيف مف خبلؿ مبدأ الحكارية‪،‬‬

‫إضافة إلى الباحثة البمغارية جكليا كريستيفا‪ ،‬ركالف بارت‪ ،‬كجيرار جينيت كغيرىـ‪.‬‬

‫كسنحاكؿ فيما يأتي عرض ألىـ اإلسيامات كاآلراء التي قامت ببمكرة نظرية التناص‪،‬‬

‫كذلؾ بالتركيز عمى أبرز أعبلميا في النقد الغربي‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد بنيس‪ ،‬الشعر العربي الحديث بنياتو كابداالتو‪( ،‬الشعر المعاصر)‪ ،‬ج‪ ،3‬ط‪ ،2‬دار تكبقاؿ لمنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ ،1996 ،‬ص ‪183‬‬
‫‪ 2‬ينظر تزفيطاف تكدكركؼ‪ ،‬الشعرية‪ ،‬تر‪ :‬شكرم المبخكث كرجاء بف سبلمة ‪،‬ط ‪ ،2‬دار تكبقاؿ لمنشر‪ ،‬المغرب‪،1990 ،‬‬
‫ص ‪41‬‬

‫‪23‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أ‪ -‬ميخائيل باختين‪:‬‬

‫تجمع الدراسات النقدية الغربية الحديثة أف العالـ الركسي ميخائيؿ باختيف ىك أكؿ مف‬

‫أشار إلى مفيكـ التناص كذلؾ عف طريؽ كتاب "الماركسية كفمسفة المغة" الصادر سنة‬

‫‪ ،1929‬فقد أعمف باختيف أف التناص ىك الكقكؼ عمى حقيقة التفاعؿ الكاقع في النصكص‬

‫السيما في استعادتيا أك محاكاتيا لنصكص أك أجزاء مف النصكص السابقة عمييا‪ 1،‬كذلؾ‬

‫انطبلقا مف أطركحات الشكبلنييف الركس النظرية‪.‬‬

‫اىتـ بالركاية البكليفكنية المتعددة األصكات معتمدا مصطمح الحكارية‪ ،‬مما جعمو يثير‬

‫اىتماـ الباحثيف الغرب‪ ،‬يقكؿ باختيف‪ ":‬تحاكي الركاية سخرية كؿ األنكاع األخرل‪ ،‬كىي بذلؾ‬

‫تكشؼ عف أشكاليا كلغتيا التعاقدية إنيا تقصي بعضيا‪ ،‬كتدمج بعضيا اآلخر في بنياتيا‬

‫‪2‬‬
‫الخاصة‪ ،‬معيدة تأكيميا ك مانحة إياىا رنة أخرل‪."...‬‬

‫فيك يعتبر أف الركاية ليا عبلقة مع األجناس األدبية األخرل كأنيا تحاكييا كتتداخؿ‬

‫معيا كميا‪ ،‬فيي تمغي بعضيا كتدخؿ البعض اآلخر في طياتيا معيدة صياغتيا بطريقة‬

‫أخرل‪.‬‬

‫‪ 1‬ينظر ابراىيـ مصطفى الدىكف‪ ،‬التناص في شعر أبك العبلء المعرم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النثر‪ ،‬اربد‪ ،‬األردف‪ ، 2011،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 2‬سعيد يقطيف‪ ،‬الركاية كالتراث السردم (مف أجؿ كعي جديد بالتراث)‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ ،1992 ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪24‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫قدـ طرحا نقديا في الد ارسات النقدية عرؼ ب"حكارية باختيف ‪ ،"1921‬حيف أقر بأنو‬

‫"ميما كاف مكضكع الكبلـ فإف ىذا المكضكع قد قيؿ مف قبؿ بصكرة أك بأخرل"‪ ،1‬كيعني ذلؾ‬

‫أف الكتابة ىي إعادة إنتاج مستمر لكبلـ قد قيؿ سابقا‪.‬‬

‫أشار باختيف إلى التناص بالحكارية ككف الحكار يعني عنده أف ‪ ” :‬يدخؿ فعبلف‬

‫لفظياف تعبيراف اثناف في نكع خاص مف العبلقة الداللية‪ ،‬ندعكىا نحف عبلقة حكارية‪،‬‬

‫كالعبلقات الحكارية ىي عبلقات (داللية) بيف جميع التعبيرات التي تقع ضمف دائرة التكاصؿ‬

‫المفظي“كمف ثـ فإف األصكؿ االكلى التناص فيما يراه أكثر النقاد يعكد إلى الناقد باختيف‬

‫الذم أسس لو نظريا في كتابو "شعرية دكستكفيكي"‪.‬‬

‫ب جوليا كريستيفا‪:‬‬

‫تعد الكاتبة كالناقدة ذات األصؿ البمغارم‪ ،‬أكؿ مف أدخؿ مصطمح التناص في المغة‬

‫الفرنسية‪ ،‬في منتصؼ القرف العشريف‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ تكظيفيا لو في بحكث عديدة كتبتيا‬

‫بيف ‪ ،1967 /1966‬كصدرت في مجمتي ‪ telque , critique‬كأعيد نشرىا في كتابييا‬

‫"سيميكتيؾ"‪" ،‬نص الركاية" ‪2 ،le texte de Rome‬متأثرة بأعماؿ باختيف حكؿ الحكارية‪،3‬‬

‫‪4‬‬
‫فكريستيفا تؤكد حقيقة التناص بنفييا لكجكد نص يككف خاليا مف مداخبلت نصكص أخرل‪،‬‬

‫‪ 1‬تزفيطاف تدكركؼ‪ ،‬ميخائيؿ باختيف (المبدأ الحكارم)‪،‬تر‪ :‬فخرم صالح‪ ،‬ط‪ ،2‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪ ،‬بيركت‪،‬‬
‫لبناف‪ ،1996 ،‬ص ‪.125 ،124‬‬
‫‪2‬جراىاـ أالف‪ :‬نظريو التناص‪ ،‬تر‪ :‬باسؿ المسالمة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار التككيف‪ ،‬دمشؽ‪ ،‬سكريا‪ ،2011 ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪3‬أحمد طمعة حمبي‪ ،‬التناص بيف النظرية كالتطبيؽ‪ ،‬د ط‪ ،‬الييئة العامة السكرية لمكتاب‪ ،‬دمشؽ‪، 2007 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪4‬ينظر عبد اهلل الغذامي‪ ،‬الخطيئة كالتكفير‪( ،‬مف البنيكية الى التشريحية)‪ ،‬د ط‪ ،‬دار سعاد الصباح لمنشر‪ ،‬الككيت‪ ،‬د ت‪،‬‬
‫ص ‪.322‬‬

‫‪25‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ككؿ نص ىك عبارة عف لكحة فسيفسائية مف االقتباسات‪ ،‬ك كؿ نص ىك تسرب لنصكص‬

‫أخرل‪ ،‬إذ يتحدد التناص مف خبلؿ النظر إلى النص بكصفو جياز غير لساني يعيد تكزيع‬

‫النظاـ المساف بكاسطة الربط بيف كبلـ تكاصمي ييدؼ إلى اإلخبار المباشر‪ ،‬كبيف أنماط‬

‫‪1‬‬
‫عديدة مف الممفكظات السابقة عميو أك المتزامنة معو‪ ،‬فالنص إذف إنتاجية‪.‬‬

‫اندرج مفيكـ التناص عف كريستيفا ضمف ما كسمتو "باإلنتاجية النصية‬

‫‪ ،"productivité‬التي تعني إعادة تكزيع المغة عبر التقاء القارئ بالنص‪ ،‬حيث يصبح ىذا‬

‫األخير عبارة عف عممية إنتاج كسيركرة عمؿ ال يكؼ عف تفاعؿ‪ ،‬كتظير اإلنتاجية مف‬

‫‪2‬‬
‫خبلؿ عمؿ القارئ الذم يعزؼ إليو المعاني الجديدة‪.‬‬

‫كفي تعريؼ آخر لمتناص تقكؿ‪" :‬يتككف كؿ نص كمكزاييؾ مف االستشيادات‪ ،‬كؿ‬

‫نص ىك امتصاص كتحكيؿ لنص أخر‪.3"...‬‬

‫كلئف كانت جيكد كريستيفا في التناص بارزة عمى صعيد المصطمح كالمفيكـ فإف‬

‫المتتبع لمسار ىذا المفيكـ كجذكره‪ ،‬فاستفادة كريستيفا مف جيكد كانجازات مخائيؿ باختيف‬

‫‪1‬جكليا كريستيفا عمـ النص‪ ،‬تر‪ :‬فريد الزاىي مر‪ :‬عبد الجميؿ ناظـ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار تكبقاؿ لمنشر‪ ،‬الدار البيضاء ‪،‬المغرب‪،‬‬
‫‪ ، 1997‬ص ‪.21‬‬
‫‪2‬نيمو فيصؿ األحمد ‪،‬التفاعؿ النصي (التناصية‪ ،‬النظرية كالمنيج)‪ ،‬ط‪ ،1‬الييئة العامة لقصكر الثقافة ‪،‬القاىرة‪2010 ،‬‬
‫‪،‬ص ‪.113‬‬
‫‪3‬محمد خير البقاعي‪ ،‬دراسات في النص كالتناصية‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز اإلنماء الحضارم‪ ،‬حمب‪ ،‬سكريا‪ ،1998 ،‬ص ‪.60، 59‬‬

‫‪26‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كاضحا في بمكرة عمميا بشكؿ كبير‪ ،‬ك مما يجدر ذكره أف باختيف كاف لـ يستعمؿ مصطمح‬

‫‪1‬‬
‫التناص بيذا االسـ‪ ،‬إال أنو أسس لو في كتاباتو ال سيما في كتابو "شعرية دكستكفيسكي"‪.‬‬

‫ك مما سبؽ قكلو فإف كريستيفا كجؿ عمميا حكؿ نظرية التناص مصطمحا كمفيكما‬

‫كاف نتيجة تأثيرىا بفكر كجيكد ميخائيؿ باختيف حكؿ ظاىرة التناص كاف لـ يستعمؿ‬

‫مصطمح التناص بيذا االسـ‪.‬‬

‫ج جيرار جنيت‪:‬‬

‫يعد النص عند جيرار جنيت "طرسا ‪ " pamimpseeté‬كمنو جمع أطرس كطركس‬

‫كىك الصحيفة التي محيت ثـ كتبت‪ ،2‬كمف ىك طرس الكاتب أعاد الكتابة عمى المكتكب‪.‬‬

‫كما أطمؽ مصطمح "النص الجامع ‪ "architexte‬كلكف سرعاف ما استبدلو بالمصطمح‬

‫الجديد كىك "المتعاليات النصية ‪ ،"transtextuatite‬معرفا إياه "بأنو التكاجد المغكم سكاء‬

‫أكاف نسبيا أـ كامبل أـ ناقص لنص في نص أخر“‪ ،3‬أك ىك" كؿ ما يجعؿ نصا يتعالؽ‬

‫‪4‬‬
‫مع نصكص أخر بشكؿ مباشر أك ضمني‪.‬‬

‫عمد جينيت إلى تطكير مفيكـ التناص كاعطاءه أبعادا أفسحت المجاؿ لمدراسات‬

‫البلحقة‪ ،‬حيث اىتـ بالمتعاليات كىي قائمة عمى رصد العبلقات الكاضحة أك الخفية التي‬

‫‪1‬ينظر محمد قنكش‪ ،‬مف األخذ األدبي إلى التداخؿ النصي لدل العرب (دراسة في المصطمح كالقضية)‪ ،‬ط‪ ،1‬عالـ الكتب‬
‫الحديثة‪ ،‬إربد‪ ،‬األردف ‪، 2013،‬ص ‪.234‬‬
‫‪2‬أحمد السماكم‪ ،‬الطريس في القصص( ابراىيـ درغكني نمكذجا)‪ ،‬د ط‪ ،‬مطبعة التفسير الفني‪ ،‬صفاقس‪ ،‬تكنس‪2002 ،‬‬
‫‪،‬ص ‪.14‬‬
‫‪3‬جيرار جينيت‪ ،‬مدخؿ جامع النص‪ ،‬تر‪ :‬عبد الرحمف أيكب‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار تكبقاؿ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1986 ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪4‬سعيد يقطيف‪ ،‬انفتاح النص الركائي‪(،‬النص كالسياؽ) ط‪ ،3‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪، 2006 ،‬ص‬
‫‪.97‬‬

‫‪27‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تجمع نصا ما بغيره مف النصكص‪ ،‬كيتضمف (التعالي النصي) التداخؿ النصي الذم يعني‬

‫عند كجكده المغكم‪ ،‬كربما كانت أكضح صكر التداخؿ االستشياد بالنص اآلخر داخؿ قكسيف‬

‫بالنص الحاضر‪ ،‬كما يتضمف عبلقة المحاكاة‪ ،‬كعبلقة التغيير كالمعارضة كالمحاكاة‬

‫الساخرة‪ ،1‬كتنحصر أشكاؿ التناص عنده في نمطيف‪ ،‬يقكـ أحدىما عمى العضكية كعدـ‬

‫‪2‬‬
‫القصد‪ ...‬كيعتمد الثاني عمى القصد كالكعي‪...‬‬

‫كما يشير إلى أف التناص ىك الذم يجعؿ النص دائما في حالة التباس كغياب بقكلو‪:‬‬

‫” النص عبارة عف نسيج مف الممصقات كالتطعيمات‪ ،‬إنو لعبة منفتحة كمغمقة في الكقت‬

‫ذاتو‪ ،‬كليذا السبب فمف المحاؿ اف نكتشؼ النسب الكحيد كاألكلي لمنص‪ ،‬كذلؾ انو ليس‬

‫‪3‬‬
‫لمنص أبا كاحدا‪ ،‬بؿ مجمكعة مف األصكؿ كاألنساب ‪...‬‬

‫كمما سبؽ قكلو فجنيت يرل أف النص ىك عبارة عف مزيج مف النصكص السابقة أك‬

‫المعاصرة لو كبالتالي يصعب عمينا التمييز بيف النص األصمي كالنصكص الداخمية أك‬

‫المتعالقة معو‪.‬‬

‫كحدد جينيت خمسة أنكاع مف المتعاليات النصية كىي ‪ :‬التناص ‪.intertextuality‬‬

‫النص‬ ‫معمارية‬ ‫‪.métatextualité‬‬ ‫الميتانص‬ ‫‪.paratextualité‬‬ ‫المناصة‬

‫‪ ,architextualité‬التعمؽ النصي ‪.hypertextdit‬‬

‫‪1‬جيرار جينيت‪ ،‬مرجع سابؽ ‪،‬ص ‪.90‬‬


‫‪2‬محمد عزاـ‪ ،‬النص الغائب‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪3‬كليد قصاب‪ ،‬مناىج النقد األدبي الحديث (رؤية إسبلمية)‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشؽ‪ ،‬سكريا ‪،‬د ت‪،‬ص ‪.225‬‬

‫‪28‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كفي األخير نقكؿ أف جينيت قدـ إضافة بارزة لمفيكـ التناص بابتكاره لممتعاليات‬

‫النصية‪.‬‬

‫‪ 2-3‬التناص في النقد العربي‪:‬‬

‫إذا كاف التفكير النقدم الغربي قد عرؼ البداية المنيجية لممارسة مفيكـ التناص في‬

‫منتصؼ الستينات مع جماعة "تاؿ كاؿ" ككريستيفا‪ ،‬فإف الخطاب النقدم العربي لـ يعرؼ‬

‫ىذا المفيكـ إال في أكاخر السبعينات رغـ أسبقيو االىتماـ عند النقاد القدماء‪ ،‬إال أف بعض‬

‫بارز في تحديدىـ لمفيكـ التناص‪ ،‬فيرل "محمد مفتاح" أف الباحثيف‬


‫نقادنا العرب كاف التأثير ا‬

‫‪1‬‬
‫الذيف تناكلكا ىذا المصطمح‪ -‬كريستيفا كغيرىـ‪ -‬لـ يقدمكا تعريفا جامعا مانعا‪.‬‬

‫اىتـ النقاد العرب المحدثكف بظاىرة التناص معتمديف في ذلؾ عمى مرجعيتيف‬

‫اثنتيف‪ ،‬أكليما النظريات الغربية الحديثة كما تبمكر عنيا مف مفاىيـ إجرائية عديدة‪ ،‬كثانييما‬

‫المكركث النقدم العربي كأىـ ما كصؿ إليو في باب تداخؿ النصكص‪ 2،‬كمف المبلحظ أف‬

‫مصطمح التناص أثار جدال نقديا شغؿ الباحثيف العرب بسبب تعدد ترجمتو‪ ،‬فقد عرؼ عدة‬

‫مقاببلت في العربية‪.‬‬

‫كمما سبؽ قكلو سنتطرؽ ألىـ النقاد الذيف خاضكا في ىذا المكضكع ألخذ فكرة مف‬

‫منظكرىـ ككيفية تناكليـ لو‪:‬‬

‫‪1‬نكر الديف السد‪ :‬األسمكبية كتحميؿ الخطاب‪ ،‬دراسة في النقد العربي الحديث (تحميؿ الخطاب الشعرم كالسردم)‪ ،‬ج‪،2‬دط‪،‬‬
‫دار ىكمة الجزائر‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ 2‬جماؿ مباركي‪ ،‬التناص كجمالياتو في الشعر الجزائرم المعاصر‪ ،‬د ط‪ ،‬دار اإلبداع الثقافية‪،‬الجزائر‪، 2003 ،‬ص ‪.118‬‬

‫‪29‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أ‪ -‬محمد بنيس‪:‬‬

‫قاـ محمد بنيس في كتابو الصادر عاـ ‪( 1979‬ظاىرة الشعر المعاصر في المغرب)‬

‫بترجمة مصطمح التناص إلى مصطمح "النص الغائب" معتب ار أف ‪ ":‬النص الشعرم بنية‬

‫لغكية متميزة ليست منفصمة عف العبلقات الخارجية بالنصكص األخرل‪ ،‬فالنص شبكة تمتقي‬

‫فييا عدة نصكص أخرل يصعب تحديدىا‪ ،‬إذ يختمط فييا الحديث بالقديـ كالعممي باألدبي‬

‫‪1‬‬
‫كاليكمي بالخاص كالذاتي بالمكضكعي"‪.‬‬

‫كنجده أيضا يستعيف بمصطمح التداخؿ النصي‪ ،‬ألنو يسيـ في إنتاج شبكة العبلئؽ‬

‫التي نستطيع بيا االنتقاؿ مف كحدة الى أخرل أك مف جياز مفاىيمي إلى غيره بخبلؼ‬

‫‪2‬‬
‫مصطمح التناص‪.‬‬

‫أما في كتابو (حداثة السؤاؿ) فقد كظؼ "ىجرة النص" كشطره الى شطريف ىما‪” :‬‬

‫نص مياجر‪ ،‬نص مياجر إليو“‪ ،‬ككاف اىتداءه إلى ىذا المفيكـ نتيجة تأممو لممكضكع‬

‫التاريخي لمنص الشعرم المكتكب بالمغة العربية الفصحى في المغرب‪ ،‬كيعتبر محمد بنيس‬

‫ىجرة النص شرطا أساسيا إلعادة إنتاجو مف جديد‪ ،‬بحيث يبقى ىذا النص المياجر ممتدا‬

‫‪3‬‬
‫عبر الزماف كالمكاف مع خضكعو لمتغيرات دائمة‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد بنيس‪ ،‬ظاىرة الشعر المعاصر في المغرب‪ ،‬د ط‪ ،‬بيركت‪ ،‬لبناف‪، 1979 ،‬ص ‪.261‬‬
‫‪2‬محمد بنيس‪ ،‬الشعر العربي الحديث بنيتو ك ابداالتو (الشعر المعاصر) ‪،‬ص ‪181‬‬
‫‪ 3‬ينظر محمد بنيس‪ ،‬حداثة السؤاؿ (بخصكص الحداثة العربي في الشعر كالثقافة) ط‪ ،2‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫‪ ، 1988‬ص ‪.97- 96‬‬

‫‪30‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪ -‬محمد مفتاح‪:‬‬

‫خصص محمد مفتاح في كتابو ( تحميؿ الخطاب الشعرم استراتيجية التناص) الفصؿ‬

‫السادس لمتناص‪ ،‬كقاؿ بأف كثي ار مف الدارسيف أمثاؿ جكليا كريستيفا كبارت كغيرىما تعرضكا‬

‫لمتناص بالدراسة إال أنيـ ال أحد منيـ صاغ تعريفا جامعا مانعا‪ ،‬كمف ثـ استخمص مقكمات‬

‫التناص في مختمؼ التعاريؼ الشائعة كىي‪:‬‬

‫‪ -‬إنو فسيفساء مف نصكص أخرل أدمجت فيو بتقنيات مختمفة‪.‬‬

‫‪ -‬يمتصيا المؤلؼ كيجعميا مف عندياتو كيصيرىا منسجمة مع فضاء بنائو كمع مقاصده‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬يحكليا بتمطيطيا أك تكثيفيا بقصد مناقضة خصائصيا كداللتيا أك بيدؼ تصعيدىا‪.‬‬

‫كيقكؿ محمد مفتاح بأف الدارسيف ‪-‬باستثناء بعض االتجاىات المثالية‪ -‬يتفقكف عمى‬

‫أف التناص شيء ال يمكف اإلفبلت منو‪ ،‬ألنو ال فكاؾ لئلنساف مف شركطو الزمانية كالمكانية‬

‫كمحتكياتيما كمف تاريخو الشخصي‪ ،‬أم مف ذاكرتو‪ ،‬فأساس إنتاج أم نص ىك معرفة‬

‫‪2‬‬
‫صاحبو لمعالـ كىذه المعرفة ىي ركيزة تأكيؿ النص مف قبؿ المتمقي أيضا‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد مفتاح‪ ،‬تحميؿ الخطاب الشعرم (استراتيجية التناص) ‪،‬ط ‪ ،4‬المركز الثقافي العربي ‪،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫‪، 2005‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه ‪،‬ص ‪.123‬‬

‫‪31‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ج _عبد المالك مرتاض‪:‬‬


‫يعتبر كتاب " نظرية النص األدبي" مف أبرز الكتب التي تحدث فييا مرتاض عف‬

‫نظرية التناص‪ ،‬حيث خمص مف خبللو إلى أف التناص ىك الكقكع في حاؿ تجعؿ المبدع‬

‫‪1‬‬
‫يقتبس أك يضمف نصو ألفاظا أك أفكا ار كاف التياميا في كقت سابؽ‪.‬‬

‫إذ يعتبر بذلؾ أف السرقات األدبية ىي التناص‪ ،‬فالقدماء أطمقكا عميو مصطمح‬

‫السرقات لمداللة عمى التأثير بيف النصكص‪ ،‬فالسرقة مبحث قديـ تناكلو النقاد العرب قديما‬

‫ىر منيا أك مختفيا‪ ،‬فمرتاض يقر بأف العرب عرفكا التناص‪،‬‬


‫في جميع جكانبيا‪ ،‬ما كاف ظا ا‬

‫لكف دكف إطبلؽ المصطمح المتعارؼ عميو في النقد الحديث‪ ،‬فالقدماء ال يدركف أف أخذ‬

‫األديب مف غيره‪ :‬أفكا ار أك ألفاظا‪ ،‬عف قصد أك دكف قصد ىي نفسيا "التناص" باالصطبلح‬

‫‪2‬‬
‫الحديث لتمؾ الظاىرة‪.‬‬

‫مف خبلؿ ما سبؽ نستنتج أف مرتاض يرل‪ :‬أف التناص في النقد العربي القديـ لـ‬

‫يكف في صكرة ناضجة‪ ،‬ترقى إلى صكرتو الناضجة في النقد الحديث أيف باتت النظرية‬

‫تتقصى أثر النصكص‪ ،‬لكف ىذا ال ينفي أنيا تمثؿ المياد األكؿ الذم اتكأت عميو النظريات‬

‫الحديثة في بناء صرحيا الناضج‪ ،‬العتبار أف البحث في الجذكر ىك بحث عف السمات‬

‫‪ 1‬عبد المالؾ مرتاض‪ ،‬نظرية النص األدبي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ىكمة لمطباعة‪ ،‬الجزائر ‪، 2010،‬ص ‪.199‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.196‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪32‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الدقيقة التي تربط الرؤية النقدية القديمة بالرؤية النقدية الحديثة‪ ،‬في مجاؿ ظاىرة تداخؿ‬

‫‪1‬‬
‫النصكص كتشرباتيا‪.‬‬

‫كنخمص في األخير أف مصطمح التناص‪ ،‬شغؿ الكثير مف الباحثيف كالدارسيف في‬

‫إعطاء مفيكـ لو سكاء عند العرب أك الغرب‪ ،‬كنستنتج عند تتبعنا لمصطمح التناص عند‬

‫الغرب أنو مر بمراحؿ عديدة قبؿ اكتمالو كنضكجو ككصكلو إلى نظرية مكتممة‪ ،‬كقد ساىـ‬

‫في اكتماليا جيكد الباحثيف التي بذلكىا حتى حكلكا التناص مف مصطمح إلى نظرية‪ ،‬كانتقؿ‬

‫ىذا االىتماـ إلى الباحثيف العرب الذيف تأثركا بيذه الجيكد كاستفادكا منيا في طرح كتطبيؽ‬

‫ىذه النظرية‪ ،‬كىذا ما يجسده قكؿ سعيد يقطيف‪ " :‬لـ يبقى التناص أك المتعاليات النصية‬

‫مقتص ار عمى الغرب‪ ،‬لقد كلج الثقافة العربية كخصص لو مجمة ( ألؼ) المصرية محك ار تحت‬

‫‪2‬‬
‫عنكاف (التناص‪ :‬تفاعمية النصكص) كيساىـ فيو صبرم حافظ ك سامية محرر‪"...‬‬

‫‪ -4‬مستويات التناص‪:‬‬

‫لمتناص في إنتاج الفنكف القكلية طرائؽ يتـ بيا‪ ،‬ألف الكتاب ال يتساككف في قراءتيـ‬

‫لما تجمع ليـ مف نصكص‪ ،‬فيـ يتفاكتكف في استخداـ نصكص غائبة كفقا لكفاءتيـ‪ ،‬كمف ثـ‬

‫" فإف النص عندما يرتبط بالنصكص األخرل‪ ،‬مف خبلؿ ترابطاتو المغكية يحقؽ لنفسو كتابة‬

‫‪1‬عبد الفتاح بف خميفو‪ ،‬التناص التراثي في شعر مفدم زكريا‪( ،‬قصيدة إلى الريفيف كسكؽ عكاظ نمكذجا)‪ ،‬رسالة ماجستير‬
‫في قضايا األدب كالدراسات النقدية‪ ،‬كمية اآلداب كالمغات‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2‬الجزائر‪، 2015 -2014 ،‬ص ‪.53، 52‬‬
‫‪2‬سعيد يقطيف‪ ،‬انفتاح النص الركائي‪ ،‬ط‪ ،2‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪، 1989 ،‬ص ‪.98‬‬

‫‪33‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مغايرة حتما لمنصكص األخرل‪ ،‬فيدمجيا في أصمو كيضغطيا بيف ثنايا الصكائت كالصكامت‬

‫بطريقة ال تراىا العيف المجردة‪".1‬‬

‫إف قراءة النصكص الغائبة كاعادة كتابتيا تخضع لعدة مستكيات‪ ،‬كسنقؼ عند عمميف‬

‫مف أعبلـ النقد المعاصر" كريستينفا كبنيس"‪ ,‬المذاف حاكال تحديد مستكيات التناص‪:‬‬

‫أ‪ -‬مستويات التناص عند جوليا كريستيفا‪:‬‬

‫تتفاكت مستكيات التناص مف نص آلخر‪ ،‬بحسب التراكمات المعرفية لممؤلؼ كمدل‬

‫انفتاحو عمى نصكص أخرل‪ ،‬لذا فقد لخصت كريستيفا ثبلث مستكيات لمتناص ىي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -1‬النفي الكمي‪ :‬كفيو يككف المقطع الدخيؿ منفيا كمية‪ ،‬كمعنى النص المرجعي مقمكبا‬

‫كبذلؾ ينفي المبدع كميا في ىذا المستكل النصكص التي تناص معيا‪ ،‬كيصبح النص‬

‫محصمة القراءة القائمة عمى المحاكرة لمنصكص‪ ،‬كليذا عمى القارئ أف يككف ذكيا في تعاممو‬

‫مع النص‪ ،‬ألنو ىك الذم يفؾ رمكزه كيعيدىا إلى أصميا‪ ،‬كيكشؼ المصدر األصمي الذم‬

‫أخذ منو المبدع‪.‬‬

‫‪ -2‬النفي الموازي‪ :‬حيث يظؿ المعنى المنطقي لممقطعيف ىك نفسو‪ 3‬كلكف ىذا ال يمنع مف‬

‫أف يمنح لمنص المرجعي معنى جديدا‪ ،‬كىذا المستكل مف تكظيؼ النصكص الغائبة ىك‬

‫أقرب ما يككف إلى مصطمحي التضميف كاالقتباس المعركفيف في الفكر الببلغي القديـ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد بنيس‪ ،‬ظاىره الشعر المعاصر في المغرب‪ ،‬ص ‪.252‬‬


‫‪ 2‬نيمو فيصؿ األحمد‪ ،‬التفاعؿ النصي (التناصية‪ ،‬النظرية كالمنيج) ‪،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬الصفحة نفسيا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -3‬النفي الجزئي‪ :‬حيث يككف جزء كاحد فقط مف النص المرجعي منفيا‪ 1،‬كفيو يستمد‬

‫الكاتب بنية جزئية مف النص األصمي في ىذا المستكل‪ ،‬كيتفاعؿ معيا داخؿ نصو‪ ،‬مع نفي‬

‫بعض المقاطع منو‪.‬‬

‫ب مستويات التناص عند محمد بنيس‪:‬‬

‫تحدث الناقد محمد بنيس عف ظاىرة التناص كغيره مف النقاد العرب‪ ،‬كقد أدرج ثبلث‬

‫قكانيف تعتمد في قراءة كتحميؿ النص الغائب ىي‪:‬‬

‫‪ -1‬االجترار‪ :‬اعتبر ىذا القانكف أحد األسباب التي أسيمت في جمكد النص الغائب‪ ،‬ألف‬

‫االجترار ىك تكرار النص الغائب مف دكف تغيير أك تحكير‪ ،‬كاالجترار كاف سائدا في عصكر‬

‫االنحطاط‪ ...‬حيث تعامؿ الشعراء مع النص الغائب بكعي سككني‪ ،2‬كربما يعكد االجترار‬

‫لعامميف‪ :‬إما بسبب نظرة التقديس لبعض النصكص‪ ،‬كاما لضعؼ القدرة اإلبداعية لدل‬

‫الشاعر الجديد‪ ،‬كبذلؾ يقكـ بكتابة النص الغائب بشكؿ نمطي جامد ال حياة فيو‪ ،‬كىذا يعني‬

‫أف التناص االجترارم يعمؿ عمى كتابة النص األصمي دكف إبداع‪ ،‬مما يجعؿ النص الغائب‬

‫ال يصؿ إلى ىدفو المنشكد‪.‬‬

‫‪ -2‬االمتصاص‪ :‬يذىب ىذا النمط بالنص الغائب الى أقصى حدكد اإلبداع‪ "،‬فيك مرحمة‬

‫أعمى مف قراءة النص الغائب‪ ،‬كىك القانكف الذم ينطمؽ أساسا مف اإلقرار بأىمية ىذا النص‬

‫نهلة فيصل األحمد‪ ،‬التفاعل النصي (التناصية‪ ،‬النظرية والمنهج )‪ ،‬ص‪117‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬ينظر محمد بنيس‪ ،‬ظاىرة الشعر المعاصر في المغرب‪ ،‬ص ‪.253‬‬

‫‪35‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ك قداستو‪ ،1‬فيستحضره الشاعر بطريقة تبعث الحياة فيو مف جديد كتجعمو مستم ار كاف كاف‬

‫غير ظاىر‪ ..." .‬كمعنى ىذا أف التناص االمتصاصي ال يجمد النص الغائب كال ينقده‬

‫كبذلؾ يستمر النص غائبا غير ممحك‪ ،‬كيحيا بدؿ أف يمكت‪".2‬‬

‫فالشاعر يستحضر النصكص الغائبة كفؽ رؤيتو الخاصة كحاجة نصو‪ ،‬فيصكغيا‬

‫كفؽ متطمبات جديدة لـ تعرفيا في المرحمة التي كتبت فييا‪.‬‬

‫‪ -3‬الحوار‪ :‬يعد ىذا النمط مف أرقى مستكيات التعامؿ مع النص الغائب حيث " يفجر‬

‫الشاعر فيو مكبكتو كنكاتو‪ ،‬كيعيد كتابتو عمى نحك جديد كفؽ كفاءة فنية عالية‪ ،‬كىذا النكع‬

‫مف التعامؿ مع النصكص الغائبة ال يقكـ بو إال شاعر مقتدر" ‪ 3،‬ذلؾ ألف التناص حكارم "‬

‫ىك أعمى مرحمة مف قراءة النص الغائب‪ ،‬إذ يعتمد النقد المؤسس عمى أرضية عممية صمبة‪،‬‬

‫تحطـ مظاىر االستبلب ميما كاف نكعو كشكمو كحجمو‪ ،‬ال مجاؿ لتقديس كؿ النصكص‬

‫الغائبة مع الحكار‪ ،‬فالشاعر أك الكاتب ال يتأمؿ ىذا النص كانما يغيره‪ ...،‬كبذلؾ يككف‬

‫الحكار قراءة نقدية عممية‪ ."4...،‬كليذا يمكننا القكؿ أف التناص الحكارم ىك قراءة نقدية‬

‫عممية لمنص الغائب كليذا يعد أرقي مستكيات التناص كميا‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد بنيس ‪ ،‬ظاىرة الشعر المعاصر في المغرب‪ ،‬ص ‪253‬‬


‫‪ 2‬جماؿ مباركي‪ ،‬التناص كجماليتو في الشعر الجزائرم المعاصر‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪ 4‬محمد بنيس‪ ،‬ص ‪.277‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تجميات التناص في ديوان‬

‫لزىر دخان "وطن لمييدي"‬


‫‪ -‬تمييد‪.‬‬

‫‪ -01‬التناص الديني (مع القرآف الكريـ كمع الحديث النبكم)‬

‫‪ -02‬تناص األمثاؿ كالحكـ الشعبية‪.‬‬

‫‪ -03‬التناص األسطكرم‪.‬‬

‫‪ -04‬سيمياء الشخصيات (شخصيات دينية كتاريخية كأدبية)‪.‬‬

‫‪ -05‬سيمياء األماكف‪.‬‬

‫‪ -06‬استدعاء الرمز الديني ‪ /‬التاريخي‪.‬‬


‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تمييد‪:‬‬

‫بعػػد أف تطرقنػػا ألىػػـ المفػػاىيـ النظريػػة‪ ،‬كالتػػي حاكلنػػا مػػف خبلليػػا س ػبر أغ ػكار قضػػية‬

‫التناص‪ ،‬معرجيف في ذلؾ عمى آراء أبرز النقاد الذيف طرقكىا‪ ،‬فنجد كؿ ناقد يحػاكؿ أف يػدلي‬

‫بػػدلكه فييػػا‪ ،‬محػػاكليف إيجػػاد ط ارئػػؽ كآليػػات تمكػػنيـ مػػف الغػػكص فػػي خفايػػا الػػنص األدبػػي‪ ،‬كىػػا‬

‫نحػف اآلف فػػي صػدد كلػػكج المػتف الشػػعرم الج ازئػرم‪ ،‬لرصػػد أىػـ التناصػػات كالتعالقػات النصػػية‬

‫في شعر لزىر دخاف في ديكانو "كطني لمييدم"‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -1‬التناص الديني‪:‬‬

‫ال يخمك النص الشعرم الج ازئػرم عامػة عمػى مػر تاريخػو مػف تمػثبلت الػديف الحنيػؼ‪ ،‬إذ‬

‫أصػػبح يأخػػذ الشػػاعر منػػو إلث ػراء تجربتػػو اإلبداعي ػػة‪ ،‬كمػػا أن ػو يشػػكؿ مػػبلذا ركحيػػا يمجػػأ إلي ػػو‬

‫‪1‬‬
‫الشعراء كالمبدعكف في تشكيؿ كجدانيـ التراثي‪.‬‬

‫كلمتنػاص الػػديني حضػكر الفػػت فػي الػػنص الشػعرم الج ازئػػرم المعاصػر‪ ،‬كخاصػػة الػػنص‬

‫القرآني‪ ،‬بما يضفيو عمى النص مػف دالالت متعػددة‪ ،‬كمػا أف استحضػار "الخطػاب الػديني فػي‬

‫الخطاب الشعرم المعاصر يعني إعطاء مصداقية كتميز لدالالت النصػكص الشػعرية انطبلقػا‬

‫‪2‬‬
‫مف مصداقية الخطاب القرآني كقداستو كاعجازه"‪.‬‬

‫كحػيف نتأمػؿ شػػعر لزىػر دخػاف مػػف خػبلؿ ديكانػو "كطػػف لمييػدم" نجػده قػػد كظػؼ نػػكعيف‬

‫مف التناص الديني كىما‪ :‬التناص مع القرآف الكريـ كالحديث النبكم الشريؼ‪.‬‬

‫أ‪ -‬التناص مع القرآن الكريم‪:‬‬

‫القػرآف الك ػريـ ىػػك المرجػػع األكؿ‪ ،‬كالػػنص السػػامي‪ ،‬الػػذم يمجػػأ إليػػو الشػػعراء فيػػك يفػػيض‬

‫بالصػياغة الجديػدة‪ ،‬كلقػد أعطػى القػرآف الكػريـ الحريػة فػي التأمػؿ الجمػالي كالكتابػة‪ ،‬كدعػا إلػػى‬

‫االغتراؼ مف منيمو العذب‪ ،‬إال أف الشػعراء العػرب القػدماء لػـ يػدرككا ىػذه الناحيػة التػي تػؤدم‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ :‬نادك قاسـ‪ ،‬التناص القرآني كاإلنجيمي كالتكراتي في شعر أمؿ دنقؿ‪ ،‬مجمة جامعة القدس لؤلبحاث كالدراسات‪ ،‬ع‬
‫‪ ،6‬أكتكبر ‪ ،2005‬ص ‪.240‬‬
‫‪2‬‬
‫عزة جربكع‪ ،‬التناص مع القرآف الكريـ في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬مجمة فكر كابداع‪ ،‬ع ‪ ،11‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‬
‫‪.134‬‬

‫‪39‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إلى الخمؽ كاإلبداع‪ ،1‬كفيمػا يمػي اسػتعراض ألىػـ نمػاذج التنػاص فػي ديػكاف لزىػر دخػاف كطػف‬

‫لمييدم‪ ،‬كسنكضحيا كاآلتي‪:‬‬

‫قكلو في قصيدة "كطف عيد الثكرة" ‪:‬‬

‫في عيد الصادق نوفمبر رسمت‬

‫‪2‬‬
‫ثورة بال موت وبيا األرواح خمدت‪.‬‬

‫ففػي ىػذا المقطػػع تفاعػؿ مػػع اآليػة القائمػػة‪" :‬كال تقكلػكا لمػف يقتػػؿ فػي سػػبيؿ اهلل أمػكات بػػؿ‬

‫أحياء كلكف ال تشعركف"‪ .3‬الشاعر ىنا امتص معنى اآلية ليعيد تركيبيا في قالب فني جميػؿ‪،‬‬

‫محطما البنية المغكية لمنص الغائب‪ ،‬مبقيا عمى داللة األلفاظ التي يستطيع القارئ فػؾ عبلقتػو‬

‫التناصية لربطيا بالنص السالؼ‪ ،‬فالشاعر كظؼ اآلية لمتعبيػر عػف أحقيػة الثػكرة كأف مػف قتػؿ‬

‫في سبيؿ حرب نكفمبر المجيد مخمد كلـ يمت‪.‬‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "كطف السيؼ"‪:‬‬

‫شييدا‬
‫ً‬ ‫رجال نعرف إنو مات‬

‫نقودا‬
‫وفيا ثريا ينفق ً‬
‫‪4‬‬
‫فدائيا ذكيا يشتري الموت عنيده‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ ،‬جماؿ مباركي‪ ،‬التناص كجمالياتو في الشعر المعاصر‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪2‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ط ‪ ،1‬حركؼ منثكرة لمنشر اإللكتركني‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫سكرة البقرة‪ ،‬األية ‪.154‬‬
‫‪4‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪40‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فػػي ىػػذا القػػكؿ نجػػد أف الشػػاعر تنػػاص مػػع قكلػػو تعػػالى‪" :‬إف اهلل اشػػترل مػػف المػػؤمنيف‬

‫كيقتمػػكف كعػػدا عميػػو حػػؽ فػػي‬


‫أنفسػػيـ كأم ػكاليـ بػػأف ليػػـ الجن ػة يقػػاتمكف فػػي سػػبيؿ اهلل وفيقتمػػكف د‬

‫التػػكراة كاإلنجيػػؿ كالقػرآف كمػػف أكفػػى بعيػده مػػف اهلل فاستبشػػركا ببػػيعكـ الػػذم بعػػتـ بػػو كذلػػؾ ىػػك‬

‫‪1‬‬
‫الفكز العظيـ"‪.‬‬

‫ففي ىذه اآلية الكريمة تناص مع قكؿ الشاعر مف خػبلؿ الترغيػب فػي الجيػاد فػي سػبيؿ‬

‫اهلل‪ ،‬كبياف أف الشييد المؤمف قد باع نفسو كمالو في سبيؿ اهلل‪ ،‬كأف مكعده الجنة‪.‬‬

‫كنجد أيضا قكؿ الشاعر في قصيدة "كطف الخير كالتضحيات"‪:‬‬

‫نحن عند اهلل سبع سنبالت‬

‫‪2‬‬
‫وصمنا وصول األمل لعيد الحريات‪.‬‬

‫فػػي ىػػذا المقطػػع نجػػد أف الشػػاعر تنػػاص مػػع قكلػػو تعػػالى‪" :‬قػػاؿ تزرعػػكف سػػبع سػػنيف دأبػػا‬

‫فما حصدتـ فذركه في سنبمو إال قميبل ما تأكمكف (‪ )47‬ثـ يأتي مف بعد ذلػؾ سػبع شػداد يػأكمف‬

‫ما قدمتـ ليف إال قميبل مما تحصػنكف (‪ )48‬ثػـ يػأتي مػف بعػد ذلػؾ عػاـ فيػو يغػاث النػاس كفيػو‬

‫يعصركف (‪.3")49‬‬

‫تناص لزىر دخاف مع اآلية القرآنية لمتعبير عف سنيف التضحيات الجسيمة التي قاـ بيا‬

‫أبناء الجزائر أثناء الثكرة المجيدة ثـ نيؿ الحرية‪ ،‬فيناؾ شبو مع سنيف القحط التي لحقت‬

‫‪1‬‬
‫سكرة التكبة‪ ،‬اآلية ‪.111‬‬
‫‪2‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ص ‪.109 ،108‬‬
‫‪3‬‬
‫سكرة يكسؼ‪ ،‬اآلية (‪.)49-48-47‬‬

‫‪41‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الشعب المصرم فترة سيدنا يكسؼ عميو السبلـ كلكف في األخير زالت كانتيت‪.‬‬

‫كيقكؿ الشاعر أيضا في قصيدة "كطف حمؿ الجياد"‪:‬‬

‫رؤوفا رحيما بالمؤمنين ومع العدو ماك ار‬

‫‪1‬‬
‫إن االنتصار جاء من قدرة شعب قادر‪.‬‬

‫تنػػاص الشػػاعر ىنػػا مػػع قكلػػو تعػػالى‪" :‬محمػػد رسػػكؿ اهلل كالػػذيف معػػو أشػػداء عمػػى الكفػػار‬

‫رحماء بينيـ"‪ .2‬لمتشػابو بػيف الشػعب الج ازئػرم كالصػحابة رضػكاف اهلل عمػييـ‪ ،‬فقػد كػانكا رحمػاء‬

‫بػ ػػيف بعضػ ػػيـ الػ ػػبعض كلكػ ػػف مػ ػػع الكفػ ػػار كاألعػ ػػداء أشػ ػػداء كػ ػػذلؾ الج ازئ ػ ػرييف رحمػ ػػاء بيػ ػػنيـ‬

‫كبالمؤمنيف‪ ،‬أشداء عمى األعداء كماكريف بيـ‪.‬‬

‫ب‪ -‬التناص مع الحديث النبوي‪:‬‬

‫إف الق ػرآف الك ػريـ ال يمثػػؿ المرجعيػػة الدينيػػة الكحيػػدة فػػي النصػػكص األدبيػػة الشػػعرية‪ ،‬كال‬

‫يتكقػؼ عنػػده‪ ،‬كانمػا يشػػمؿ األحاديػػث النبكيػة الشػريفة أيضػػا‪ ،‬فيػي تػػأتي فػػي الدرجػة الثانيػػة فػػي‬

‫التشريع‪ ،‬ككنيػا جػاءت مفصػمة كشػارحة لمػذكر الحكػيـ‪ ،‬فػالنبي صػمى اهلل عميػو كسػمـ ال ينطػؽ‬

‫عػف اليػػكل‪ ،‬ىػػذا مػػا أكسػب كبلمػػو قداسػػة‪ ،‬إضػػافة إلػػى مػػا تميػػز بػػو مػػف ببلغػػة كبيػػاف‪ ،‬ىػػذا مػػا‬

‫جعؿ الشعراء يدرككف "أىميػة الحػديث النبػكم فنيػا كفكريػا‪ ،‬ف ارحػكا يستحضػركنو فػي نصكصػيـ‬

‫كينيمكف مف معينو‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫‪2‬‬
‫سكرة الفتح‪ ،‬اآلية ‪.29‬‬

‫‪42‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كيعيدكف كتابتو كفؽ ما يتماشى مع تجربة كؿ شاعر"‪ ،1‬كمف بيف التناصات مع الحديث‬

‫النبكم قكؿ الشاعر لزىر دخاف في قصيدة "كطف الكئاـ المدني"‪:‬‬

‫ربك سرج خيمك تمجدت‬

‫‪2‬‬
‫وتمجد الخيل والخير يوم صيمت‪.‬‬

‫تناص الشاعر مع قكؿ النبي صمى اهلل عميو كسمـ‪" :‬الخيل في نواصييا الخير إلى يووم‬

‫القيامة"‪ ،3‬حيث استحضر الشاعر ىذا القكؿ لمتعبيػر عػف الخيػر المكجػكد عنػد الخيػؿ بخيػرات‬

‫ببلده كأمجادىا‪.‬‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "كطني الميند كالتكبيرات"‪:‬‬

‫غدا أستشيد وتبدأ عطالتي‬

‫‪4‬‬
‫غدا يستعيدني اهلل أنا ورصاصاتي‪.‬‬

‫تنػاص الشػػاعر مػػع حػػديث النبػي صػػمى اهلل عميػػو كسػػمـ عمػى لسػػاف أبػػك ىريػرة رضػػي اهلل‬

‫عنػو‪ ،‬قال‪" :‬سمعت النبي صمى اهلل عميو وسمم يقول‪ :‬والذي نفسي بيده‪ ،‬لووال أن رجوال مون‬

‫المووؤمنين ال تطيووب أنفسوويم أن يتخمف ووا عنووي‪ ،‬وال أجوود مووا أحمميووم عميووو‪ ،‬مووا تخمفووت عوون‬

‫‪1‬‬
‫جماؿ مباركي‪ ،‬التناص كجمالياتو في الشعر الجزائرم المعصر‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪2‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪3‬‬
‫أبك عبد اهلل محمد ابف اسماعيؿ البخارم‪ ،‬صحيح البخارم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابف كثير‪ ،‬دمشؽ‪ ،‬بيركت‪ ،2002 ،‬الحديث‬
‫‪ ،2849‬ص ‪.704‬‬
‫‪4‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬ص‪.175‬‬

‫‪43‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫سرية تغدو في سبيل اهلل‪ ،‬والوذي نفسوي بيوده لووددت أنوي أقتول فوي سوبيل اهلل ثوم أحيوا‪ ،‬ثوم‬

‫أقتل‪ ،‬ثم أحيا‪ ،‬ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل"‪.1‬‬

‫تناص الشاعر مػع ىػذا الحػديث لمداللػة عػف حػب الشػيادة كتمنييػا كدعكتػو اهلل أف يعيػده‬

‫مرة أخرل‪.‬‬

‫‪ -2‬تناص األمثال والحكم الشعبية‪:‬‬

‫انتشرت في الثقافة العربية جممة مف األشكاؿ النثرية‪ ،‬تتمثؿ في األمثاؿ كالحكػـ الشػائعة‬

‫كالمتداكلػػة بػػيف العػػرب‪ ،‬التػػي تفسػػر كتختصػػر حيػػاتيـ ي ػرتبط بػػبعض ارتباطػػا كثيقػػا‪ ،‬كالغػػرض‬

‫منيػ ػػا ‪ -‬األمثػ ػػاؿ كالحكػ ػػـ ‪ -‬ىػ ػػك أخػ ػػذ العب ػ ػرة كالعظػ ػػة مػ ػػف خػ ػػبلؿ تسػ ػػجيؿ قػ ػػيميـ اإلنسػ ػػانية‬

‫كاالجتماعيػػة كاألخبلقيػػة‪ ،‬كتبنػػى األمثػاؿ إمػػا حػػكؿ قصػػة كاقعيػػة أك حادثػػة معركفػػة فػػي التػػاريخ‬

‫اإلنساني‪ ،‬كما نجد أيضا أمثاال بنيت عمى أساطير كخرافات‪ ،2‬كمف بػيف األمثػاؿ كالحكػـ التػي‬

‫كظفيا الشاعر لزىر دخاف نجد‪:‬‬

‫‪ -‬ىذا الشبل من ذاك األسد ‪:‬‬

‫يضػػرب ىػػذا المثػػؿ فػػي تشػػابو الكلػػد أبػػاه‪ ،‬فيػػأتي بأفعػػاؿ تشػػبو أفعػػاؿ كالػػده‪ ،‬أك قػػد يصػػدر‬

‫منو مكقفا شبيو بمكقؼ ألبيو‪ ،‬فيتصرؼ عمى نفس النحك كالنيج‪ ،‬فيقكؿ الناس ىذا الشػبؿ مػف‬

‫ذاؾ األسد‪ ،‬كيقكؿ لزىر دخاف في قصيدة "كطف أبناء الشيداء"‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أبك عبد اهلل محمد ابف اسماعيؿ البخارم‪ ،‬الحديث ‪ ،2797‬ص ‪.692‬‬
‫‪2‬‬
‫سارة بكجمعة‪ ،‬جماليات التناص في شعر محمد جربكعة‪ ،‬رسالة ماستر‪ ،‬كمية اآلداب كالمغات‪ ،‬قسـ اآلداب كالمغة العربية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪44‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كن يا ابن أبنائي شبل من أسدي‬

‫‪1‬‬
‫وكن أيضا بنائي الذي يرمم جسدي‪.‬‬

‫الشاعر ىنا يتحدث مع أبناء الشيداء الذيف ضحكا بأنفسيـ في سبيؿ تحرير الكطف‪،‬‬

‫كيقكؿ ليـ ككنكا كما كاف آباؤكـ يخافكف عمى الكطف كساىمكا في حمايتو كبنائو كيسأليـ‬

‫إكماؿ مسيرة اآلباء في بناء الكطف كترميمو ليصبح أحسف كأفضؿ ألنيـ جيؿ المستقبؿ‪.‬‬

‫‪ -‬الشمس ما تتغطى بغربال‪:‬‬

‫كيقصد بيذا المثػؿ بػأف الحقيقػة أمػر ال يمكػف إخفػاءه ميمػا حاكلنػا تخبئتيػا بػالمبررات أك‬

‫الحجج إال أنيا تبقى ظاىرة كيمكف رؤيتيػا‪ ،‬كيقػكؿ لزىػر دخػاف فػي قصػيدة " كطػف حسػيبة بػف‬

‫بكعمي"‪:‬‬

‫لما الشمس تستفزني وتغطي اصفراري بغربال‬

‫‪2‬‬
‫يا شيية في الحب نذري نضال‪.‬‬

‫الشػاعر ىنػػا استحضػػر المثػػؿ لمتعبيػػر عػػف حقيقػة نضػػاؿ كتضػػحية الشػػعب الج ازئػػرم كمػػا‬

‫تكبػػده مػػف خسػػائر جسػػيمة كميمػػا حػػاكلكا تشػػكيو الحقيقػػة‪ ،‬فػػبل تػػدكـ إال الحقيقػػة كىػػي شػػرعية‬

‫الثكرة كنضاؿ الشعب الجزائرم ضد المستعمر الفرنسي كأحقية القضية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪45‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -3‬التناص األسطوري‪:‬‬

‫نعنػػي بالتنػػاص األسػػطكرم استحضػػار الشػػاعر لػػبعض األسػػاطير القديمػػة كتكظيفيػػا فػػي‬

‫سػػياقات القصػػيدة‪ ،‬لتعميػػؽ رؤيػػة معاصػرة ي ارىػػا الشػػاعر فػػي القضػػية التػػي يطرحيػػا‪ ،1‬كالشػػاعر‬

‫لزىر دخاف لـ يسمـ مف ىذا التكظيؼ‪ ،‬كمف بيف األساطير التي كظفيا نجد‪:‬‬

‫‪ -‬أسطورة العنقاء‪:‬‬

‫عرفي ػػا "عم ػػي البط ػػؿ" بأني ػػا‪" :‬ك ػػائف خ ارف ػػي عرف ػػو اآلش ػػكريكف كاليكن ػػاف‪ ،‬ال يع ػػيش عم ػػى‬

‫الفكاكػو بػػؿ عمػػى المبػاف كالصػػمكغ العطػرة‪ ،‬كحػػيف ديػتـ مػػف حياتػػو خمػػس مائػة سػػنة يبنػػي لنفسػػو‬

‫عشػػا بػػيف أزىػػار البمػػكط أك عمػػى قمػػـ النخيػػؿ‪ ،‬ثػػـ يشػػيد لنفسػػو محرقػػة يضػػع نفسػػو فكقيػػا كيمفػػظ‬

‫أنفاسيـ بيف أريجيا‪ ،‬كمف رمػاده تنبثػؽ عنقػاء أخػرل"‪ .2‬كمػف أمثمػة ذلػؾ فػي شػعر لزىػر دخػاف‬

‫ما نجده في قصيدة "كطف االستشياد"‪:‬‬

‫سافري ألف عيد في األعياد‬

‫وتجددي في أعيننا بال رماد‬

‫جاىدي ألف عام من الجياد‬

‫‪3‬‬
‫وأعيدي االستقالل مع من أعاد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫العربي حسيف‪ ،‬التناص كجمالياتو في شعر مصطفى الغمارم‪ ،‬ماجستير‪ ،‬كمية اآلداب كالمغات‪ ،‬قسـ المغة العربية كآدابيا‪،‬‬
‫جامعة بف يكسؼ بف خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 - 2006 ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪2‬‬
‫عمي البطؿ‪ ،‬الرمز األسطكرم في شعر بدر شاكر السياب‪ ،‬د ط‪ ،‬الربعياف لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الككيت‪ ،1982 ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪3‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.73‬‬

‫‪46‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كظؼ الشاعر معنى األسطكرة المرتبط بالمكت كالػكالدة بعػد المػكت‪ ،‬لمداللػة عمػى األمػؿ‬

‫الػػذم ال يمػػكت‪ ،‬األمػػؿ الم ػرتبط بالكفػػاح كالثػػكرة ضػػد الطغػػاة‪ ،‬فػػبل تنتيػػي الثػػكرة بمػػكت اآلبػػاء‬

‫كلكف تستمر مع األبناء‪ ،‬فيناؾ دائما خمؼ لكؿ سمؼ‪.‬‬

‫‪ -‬أسطورة شيرزاد في ألف ليمة وليمة‪:‬‬

‫شيرزاد مف أشػير الشخصػيات التػي قامػت عمييػا حكايػات "ألػؼ ليمػة كليمػة" السػيما أنيػا‬

‫العمػػكد الفقػػرم الػػذم انبنػػت عميػػو ىػػذه الحكايػػا‪ ،‬إذ يفيػػـ مػػف خػػبلؿ شػػيرزاد أنيػػا كانػػت المنقػػذة‬

‫لمجنس البشرم مف الفناء في حاؿ استمرار شيريار بقتػؿ كػؿ فتػاة يتزكجيػا‪ ،‬إذ أنيػا كقفػت فػي‬

‫الجيػػة المقابمػػة لتمثػػؿ السػػمطة المضػػادة لسػػمطة كجبػػركت شػػيريار‪ ،1‬حينمػػا تمكنػػت مػػف البقػػاء‬

‫عمى قيد الحياة‪ ،‬كخمفت أبناءا كنجت مف المكت‪.‬‬

‫كيقكؿ لزىر دخاف في ىذا الصدد في قصيدة "كطف االستشياد"‪:‬‬

‫ممكة وتزف ظريفة ويشنق الجالد‬

‫ليمة وألف ليمة حالكة السواد‬

‫‪2‬‬
‫فتحنا نعم فتحنا معاقل الجياد‪.‬‬

‫كظػػؼ الشػػاعر ىنػػا أسػػطكرة شػػيرزاد لمتعبيػػر عػػف التشػػابو الحاصػػؿ مػػع الثػػكرة الجزائريػػة‬

‫كبينيػػا‪ ،‬مػػف خػػبلؿ مػػا تكبػػده الشػػعب الج ازئػػرم مػػف أركاح فػػي سػػبيؿ دحػػر المسػػتعمر كتضػػحية‬

‫‪1‬‬
‫محمد مياكش الظفيرم‪ ،‬أشكاؿ التناص الشعرم عند الثبيتي‪ ،‬جامعة المدينة العالمية‪ ،‬ماجستير في األدب العربي كالنقد‬
‫األدبي‪ ،‬كمية المغات‪ ،2019 ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪2‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطني لمييدم‪ ،‬ص‪.74 ، 73‬‬

‫‪47‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫شػػيزراد فػػي سػػبيؿ كقػػؼ عقػػدة شػػيريار فػػي قتػػؿ كػػؿ إم ػرأة يتػػزكج بيػػا‪ ،‬كىػػذه التضػػحية رغػػـ‬

‫صػػعكبتيا لكػػف فػػي األخيػػر اسػػتطاعت الج ازئػػر االنتصػػار عمػػى المسػػتعمر بفػػض أبنائيػػا الػػذم‬

‫ضحكا بالغالي كالنفيس في سبيؿ تحرير الكطف‪ ،‬ىذا ما تعارض مع قصة شيرزاد‪.‬‬

‫‪ -4‬سيمياء الشخصيات‪:‬‬

‫إف استحضار الشخصيات يعتبر داللة عمى مدل اتساع ثقافة الشػاعر كحسػف اطبلعػو‬

‫عمػػى التػراث كاالسػػتثمار الجيػػد فيػػو‪" .‬كيفصػػح ىػػذا االسػػتدعاء بػػأف ثمػػة مكقفػػا مػػف الشخصػػيات‬

‫التػي ينفػػتح عمييػػا المبػػدع يتحػػدد مػف خبللػػو اربػػط مػػا يػربط بينػو كبينيػػا‪ ،‬إذ البػػد مػػف أف يجمعػػو‬

‫بيا إمػا الحػب أك االسػتنكار أك الكراىيػة"‪ .1‬ليتفاعػؿ كيتنػاص معيػا سػكاء سػمبا أك إيجابػا باعثػا‬

‫إياىػػا مػػف التػػاريخ كجمػػكده‪ ،‬إلػػى حيكيػػة كحركيػػة‪ ،‬ليعبػػر بيػػا عػػف مكنكنػػات نفسػػو بانكسػػاراتيا‬

‫كانتصاراتيا‪.‬‬

‫كس ػػنحاكؿ ف ػػي ى ػػذا الص ػػدد اس ػػتجبلء بع ػػض م ػػف الشخص ػػيات (الديني ػػة ‪ -‬التاريخي ػػة ‪-‬‬

‫األدبية) مف خبلؿ نصكص لزىر دخاف كتبياف كيؼ تناص معيا كالتي ىي‪:‬‬

‫أ‪ -‬شخصيات دينية‪:‬‬

‫شخصية األنبياء مف أكثػر الشخصػيات شػيكعا فػي شػعرنا المعاصػر‪ ،‬فقػد أحػس الشػعراء‬

‫فػي القػػديـ بػأف ثمػػة ركابػػط كثيقػة تػربط بػيف تجػربتيـ كتجربػػة األنبيػاء‪ ،‬فكػػؿ مػف النبػػي كالشػػاعر‬

‫األصػػيؿ يحمػػؿ رسػػالة إلػػى أمتػػو‪ ،‬كالفػػارؽ بينيمػػا أف رسػػالة النبػػي رسػػالة سػػماكية‪ ،‬ككػػؿ منيمػػا‬

‫‪1‬‬
‫عصاـ حفظ اهلل كاصؿ‪ ،‬التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر‪( ،‬أحمد العكاضي أنمكذجا)‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار غيداء‬
‫لمنشر‪ ،‬عماف‪ ،2011 ،‬ص ‪.153 - 152‬‬

‫‪48‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يتحمؿ العنػت كالعػذاب فػي سػبيؿ رسػالتو‪ ،‬كيعػيش غريبػا فػي قكمػو محاربػا مػنيـ أك فػي أحسػف‬

‫‪1‬‬
‫األحكاؿ غير مفيكـ منيـ‪.‬‬

‫‪ -‬الرسول الكريم محمد صمى اهلل عميو وسمم‪:‬‬

‫اسػػتدعى "لزىػػر دخػػاف" شخصػػية سػػيدنا "محمػػد عميػػو الصػػبلة كالسػػبلـ" الػػذم جػػاء بنػػكر‬

‫الحؽ‪،‬‬

‫ككاف آخر رسؿ اهلل كخاتميـ المختار‪ ،‬الذم جاء بكتاب اهلل اليادم إلى طريؽ الحؽ‪ ،‬كأضاء‬

‫قمكب البشر مف الجيؿ كالظبلـ الذم كانكا فيو‪ ،‬حيث يقكؿ في قصيدة "كطف اسمو الجزائر"‪:‬‬

‫نحب اهلل ومحمد غدا نزوره‬

‫‪2‬‬
‫جئنا من مدرسة محمد نتموا دستوره‪.‬‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "عيد الفجر"‪:‬‬

‫وجوه تصورت إلى عصر محمد تعبر‬

‫‪3‬‬
‫واضحة كالحياة جنب الصحابة تقبر‪.‬‬

‫كممػا سػػبؽ نػػرل بػػأف الشػػاعر عبػػر عػػف حبػػو لشػػخص الرسػػكؿ صػػمى اهلل عميػػو كسػػمـ ىػػك‬

‫كالج ازئػ ػرييف ال ػػذيف يجاى ػػدكف ف ػػي س ػػبيؿ ال ػػكطف‪ ،‬في ػػـ مس ػػتعدكف لمتض ػػحية ف ػػي س ػػبيؿ ال ػػكطف‬

‫‪1‬‬
‫عمي عشيرم زايد‪ ،‬استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬ط ‪ ،1‬الشركة العامة لمنشر كالتكزيع‬
‫كاإلعبلف‪ ،‬طرابمس‪.77 ،1978 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.159 - 158‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.192‬‬

‫‪49‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كمتطمعػػكف لينػػؿ الشػػيادة ليكػػكف ليػػـ نصػػيب فػػي الجنػػة جنػػب الرسػػكؿ كالصػػحابة رض ػكاف اهلل‬

‫عنيـ‪.‬‬

‫كيقكؿ الشاعر أيضا في قصيدة "كطف الطفمة"‪:‬‬

‫من أشرف من رسول اهلل يوصيك‬

‫‪1‬‬
‫ومن أطير من محمد الكريم يربيك‪.‬‬

‫الشػػاعر ىنػػا يػػرل أنػػو لػػيس ىنػػاؾ أشػػرؼ مػػف شػػخص الرسػػكؿ صػػمى اهلل عميػػو كسػػمـ فػػي‬

‫مسألة االقتداء كاتباع خصالو كأخبلقو في تربية األجياؿ القادمة‪.‬‬

‫‪ -‬الصحابي بالل بن رباح‪:‬‬

‫الشاعر استحضر شخصية أخرل كالمتمثمة في شخصية الصحابي الجميؿ "بػبلؿ بػف‬

‫رباح"‪ ،‬العبد الذم دخؿ في اإلسبلـ كحسف إسػبلمو كدافػع إلػى جانػب الرسػكؿ صػمى اهلل عميػو‬

‫كسمـ عف اإلسبلـ كالمسمميف ككاف أكؿ مؤذف في اإلسبلـ‪.‬‬

‫كيقكؿ الشاعر في قصيدة "كطف القبطاف كالباخرة"‪:‬‬

‫إن الرجال الذين حموىا حماية العامرة‬

‫‪2‬‬
‫فوق المآذن كبالل يا كافرة‪.‬‬

‫فالشػػاعر ىنػػا يقػػارف حمايػػة الشػػعب الج ازئػػرم لػػببلده بمػػا فعمػػو بػػبلؿ رضػػي اهلل عنػػو فػػي‬

‫زمف الرسكؿ صمى اهلل عميو كسمـ‪ ،‬فقد أعمى كممة الحؽ مف خبلؿ أذانو الذم كػاف لػو صػدل‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.179‬‬

‫‪50‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫في نفػكس المسػمميف‪ ،‬كمسػاندة الرسػكؿ صػمى اهلل عميػو كسػمـ فػي حربػو ضػد المشػركيف ككفػار‬

‫قريش‪.‬‬

‫كيقكؿ الشاعر أيضا في قصيدة "كطف األلؼ استقبلؿ"‪:‬‬

‫وعاش باللو وطني وطن البوادي‬

‫إن الجزائر ونبالتيا ومعم فؤادي‬

‫‪1‬‬
‫أكدوا أن الرشد خمفو اهلل ألجدادي‪.‬‬

‫الشاعر ىنا يرل بأف اهلل ىدل الجزائر كشعبيا كما ىػدل األجػداد مػف قبػؿ (بػبلؿ رضػي‬

‫اهلل عنو)‪.‬‬

‫ب‪ -‬شخصيات تاريخية‪:‬‬

‫يعػػد التنػػاص التػػاريخي بشخصػػياتو كأحداثػػو مصػػد ار ميمػػا مػػف مصػػادر اإلليػػاـ الشػػعرم‬

‫ال ػػذم يعك ػػس الش ػػاعر م ػػف خ ػػبلؿ االرت ػػداد إلي ػػو ركح العص ػػر‪ ،‬كيكش ػػؼ ع ػػف ىم ػػكـ اإلنس ػػاف‬

‫كطمكحات ػػو كأحبلم ػػو‪ ،‬مم ػػا يجع ػػؿ ال ػػنص الش ػػعرم ذا قيم ػػة تكثيقي ػػة يكتس ػػب بحض ػػكرىا برىان ػػا‬

‫‪2‬‬
‫كدليبل عمى كبرياء األمة أك انكسارىا‪ ،‬مف خبلؿ التشابو بيف الماضي كالحاضر‪.‬‬

‫كمف بيف الشخصيات التي كظفيا لزىر دخاف في ديكانو "كطف لمييدم" نجد‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪2‬‬
‫بكترعة الطيب‪ ،‬التناص في الشعر الجزائرم المعاصر (قراءة في شعر مصطفى الغمارم)‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كمية اآلداب‬
‫كالمغات كالفنكف‪ ،‬قسـ المغة العربية كآدابيا‪ ،‬جامعة كىراف‪ ،2011 - 2010 ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪51‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -‬الشييد زيغود يوسف‪:‬‬

‫كلػػد زيغػػكد يكسػػؼ فػػي الثػػامف عشػػر فيفػػرم عػػاـ كاحػػد كعشػػريف تسػػع مائػػة كألػػؼ‪ ،‬بقريػػة‬

‫"سػػمندك" التػػي تحمػػؿ اليػػكـ اسػػمو كتقػػع شػػماؿ قسػػنطينية‪ ،‬انخػػرط كعمػره سػػبعة عشػػر عامػػا فػػي‬

‫حزب الشعب الجزائرم‪ ،‬كأصبح سنة ثمانية كثبلثكف كتسػع مائػة كألػؼ المسػؤكؿ األكؿ لمحػزب‬

‫ب "سمندك" بعد انتخابو ممثبل لمحركة مف أجؿ الحريػات الديمقراطيػة‪ ،‬كفػي الفػاتح مػف نػكفمبر‬

‫أربع ػػة كخمس ػػيف ك ػػاف يح ػػارب إل ػػى جان ػػب دي ػػدكش مػ ػراد‪ ،‬قائ ػػد الكالي ػػة الثاني ػػة‪ ،‬كبع ػػد استش ػػياد‬

‫ديدكش مراد‪ ،‬تكلى زيغكد يكسؼ خبلفتو كمف مكقع ىػذه المسػؤكلية قػاـ بتنظػيـ ىجػكـ عشػريف‬

‫أكت خمسة كخمسيف‪ ،‬سقط زيغكد يكسؼ شييدا فػي كمػيف كضػعو العػدك يػكـ خمسػة كعشػريف‬

‫سبتمبر ستة كخمسيف كعمره لـ يتجػاكز خمسػة كثبلثػيف سػنة‪ ،1‬كيقػكؿ لزىػر فػي قصػيدة "كطػف‬

‫زيغكد يكسؼ"‪:‬‬

‫يا أم يوسف السياف الشييد‬

‫ستخمدي دوما يا أم كل وليد‬

‫جميمة المصائر أنت يا أم السعيد‬

‫مصيرك بمميون روح ونزيد‬

‫إنك أكممت السالم بدم العنيد‬

‫الحمد هلل عمي الثورة وغدا سنزيد‬

‫‪1‬‬
‫ينظر زيغكد يكسؼ‪ 23 ، https://m.marefa.org :‬جكاف ‪11:00 ،2011‬‬

‫‪52‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫سندفن زغود ونعود لنصر الرشيد‪.‬‬

‫الشػػاعر ىن ػػا يخاط ػػب كطن ػػو الج ازئ ػػر كيعزيي ػػا ف ػػي ش ػػييدىا البط ػػؿ‪ ،‬كيق ػػكؿ بأن ػػو مس ػػتعد‬

‫بالتضحية بمميكف ركح كأكثر مف ذلؾ‪ ،‬كيقكؿ أيضا بأف سػبلميا لػـ يػأتي بسػيكلة بػؿ دفػع مػف‬

‫أجمو الكثير مف أركاح أبناء الكطف كفي سبيميا ترخص األركاح‪.‬‬

‫‪ -‬شخصية الداي حسين‪:‬‬

‫الػػدام حسػػيف ىػػك آخػػر دايػػات الج ازئػػر العثمػػانييف‪ ،‬كلػػد فػػي مدينػػة أزميػػر التركيػػة ح ػكالي‬

‫عػػاـ ثبلثػػة كسػػبعكف سػػبع مائػػة كألػػؼ‪ ،‬تقمػػد عػػدة مناصػػب حتػػى كصػػؿ إلػػى تكليػػو الحكػػـ فػػي‬

‫الج ازئػػر بنػػاء عمػػى كصػػية مػػف الحػػاكـ السػػابؽ عمػػر باشػػا‪ ،‬كبعػػد ذلػػؾ تمػػت مبايعتػػو مػػف طػػرؼ‬

‫الكزراء كاألعياف كالعمماء كاألشراؼ كشاع الخبر بيف الناس فاستحسػنكه ككػاف ذلػؾ فػي الكاحػد‬

‫مف مارس عاـ ثمانيػة عشػر ثمػاف مائػة كألػؼ‪ ،‬ليػتـ بعػدىا م ارسػمة البػاب العػالي رسػميا‪ ،‬ككػاف‬

‫الػػرد بػػالقبكؿ مػػف طػػرؼ السػػمطاف العثمػػاني محمػػكد الثػػاني الػػذم أرسػػؿ فرمػػاف التعيػػيف‪ ،‬كبيػػذا‬

‫التعيػػيف الرسػػمي باشػػر الػػدام حسػػيف ميامػػو فػػي بنػػاء إيالػػة الج ازئػػر‪ ،‬مػػف خػػبلؿ تنظػػيـ اإلدارة‬

‫كاصبلح الجيش خاصة األسطكؿ البحرم‪ ،‬كما عرفت الحياة االقتصػادية تحسػف ممحكظػا إلػى‬

‫جانػػب اىتمامػػو بالحيػػاة الثقافيػػة كاالجتماعيػػة‪ ،2‬كيقػػكؿ لزىػػر دخػػاف فػػي قصػػيدة "كطػػف خمسػػة‬

‫جكيمية"‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.10 -09‬‬
‫‪2‬‬
‫ينظر الدام حسيف‪ 23https://m.marefa.org ،‬جكاف ‪11:10 ،2011‬‬

‫‪53‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إننا أحفاد داي روحو من أطير األرواح‬

‫‪1‬‬
‫إننا سالم واستقالل من جميورية الصالح‪.‬‬

‫لزىر دخاف يفتخر بشخص الدام حسيف‪ ،‬كبأنو مف أطير األرك‬

‫اح كيعتػػز بأنػػو مػػف أحفػػاده كيػػرد صػػبلح الػػدام كأخبلقػػو العاليػػة المعركفػػة مػػف قبمػػو سػػبب فػػي‬

‫السبلـ كاالستقبلؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬شخصية األمير عبد القادر‪:‬‬

‫األمي ػػر عب ػػد الق ػػادر اب ػػف مح ػػي ال ػػديف المع ػػركؼ بعب ػػد الق ػػادر الج ازئ ػػرم‪ ،‬كل ػػد ف ػػي قري ػػة‬

‫"القيطنػػة" قػػرب مدينػػة معسػػكر بػػالغرب الج ازئػػرم‪ ،‬يػػكـ الثبلثػػاء سػػتة سػػبتمبر ثمانيػػة ثمػػاف مائػػة‬

‫كألػػؼ‪ ،‬ىػػك قائػػد سياسػػي كعسػػكرم مجاىػػد عػػرؼ بمحاربتػػو لبلحػػتبلؿ الفرنسػػي لمج ازئػػر‪ ،‬قػػاد‬

‫مقاكمػػة شػػعبية لخمسػػة عشػػر عامػػا أثنػػاء بػػدايات غػػزك فرنسػػا لمج ازئػػر‪ ،‬يعتب ػر المؤسػػس لمدكلػػة‬

‫الجزائريػػة الحديثػػة كرمػػز المقاكمػػة الجزائريػػة ضػػد االسػػتعمار كاالضػػطياد الفرنسػػي‪ ،‬نفػػي إلػػى‬

‫دمشػػؽ حيػػث تفػػرغ لمتصػػكؼ كالفمسػػفة كالكتابػػة كالشػػعر كتػػكفي فييػػا يػػكـ سػػتة كعشػػركف مػػام‬

‫ثبلث كثمانيف ثماف مائة كألؼ‪ ،2‬يقكؿ لزىر دخاف في قصيدة "كطني"‬

‫فعبد القادر وابن باديس كانوا رجاال‬

‫‪3‬‬
‫والرجال كثيرين من أبناء بالدي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪2‬‬
‫ينظر األمير عبد القادر"‪ 23، https://ar.m.wikibedia.org:‬جكاف ‪11:10 ،2011‬‬
‫‪3‬‬
‫لزىر دخاف‪،‬كطف لمييدم‪153 ،‬‬

‫‪54‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لزىر دخاف يفتخر كيعتز بككف األمير عبد القادر كابف بػاديس مػف رجػاؿ الج ازئػر‪ ،‬كيضػيؼ‬

‫إلى أف الجزائر لدييا رجاؿ كثر غير ىؤالء مف الذيف يدافعكف عنيا كيضحكا بأنفسيـ فداىا‪.‬‬

‫‪ -‬شخصية صالح الدين األيوبي (‪:)1193 – 1138‬‬

‫صػػبلح الػػديف األيػػكبي قائػػد عسػػكرم أسػػس الدكلػػة األيكبيػػة التػػي كحػػدت مصػػر كالشػػاـ‬

‫كالحجػػاز كتيامػػة كالػػيمف فػػي ظػػؿ ال اريػػة العباسػية‪ ،‬بعػػد أف قضػػى عمػػى الخبلفػػة الفاطميػػة التػػي‬

‫اس ػػتمرت ‪ 262‬س ػػنة‪ ،‬ق ػػاد ص ػػبلح ال ػػديف ع ػػدة حم ػػبلت كمع ػػارؾ ض ػػد الفرنج ػػة كغي ػػرىـ م ػػف‬

‫الصػػميبييف األكربيػػيف فػػي سػػبيؿ اسػػتعادة األ ارضػػي المقدسػػة التػػي كػػاف الصػػميبيكف قػػد اسػػتكلكا‬

‫عمييػػا فػػي أكاخػػر الق ػػرف الحػػادم عشػػر‪ ،‬كق ػػد تمكػػف فػػي النيايػػة م ػػف اسػػتعادة معظػػـ أ ارض ػػي‬

‫فمسػػطيف كلبنػػاف بمػػا فييػػا مدينػػة القػػدس‪ ،‬بعػػد أف ىػػزـ جػػيش بيػػت المقػػدس ىزيمػػة منك ػرة فػػي‬

‫معركة حطيف‪.1‬‬

‫يقكؿ لزىر دخاف في قصيدة "كطف الشمس"‪:‬‬

‫أىال بحربنا والقدس قد ولدت‬

‫أمير الدين صالح الدين رزقت‬

‫‪2‬‬
‫جيال قوليم إن الجزائر قد رقدت‪.‬‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "كطف األجداد العائديف"‪:‬‬

‫صالحين وبيدي صالح الدين صالحين‬

‫‪1‬‬
‫ينظر صبلح الديف‪ 23 ،https://ar.m.wikibedia.org ،‬جكاف ‪11:12 ،2011‬‬
‫‪2‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.119 ،118‬‬

‫‪55‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫شامخين وفينا قناعة ضخائر المحاربين‪.‬‬

‫الشاعر ىنػا يرحػب بػالحرب كيقػكؿ بأنػو مػا داـ ىنػاؾ صػبلح الػديف فػي الج ازئػر مثػؿ مػا‬

‫ىناؾ في القدس كأف الجزائر تنجب كما ازلػت تنجػب مثػؿ شػخص صػبلح الػديف كبػأف الشػعب‬

‫سيظؿ شامخا ما يتبع ىدم صبلح الديف‪ ،‬كأف الج ازئػر تمشػي عمػى خطػى األجػداد كمػنيجيـ‪،‬‬

‫ػر لمج ازئػر كاألمػة‬


‫فصبلح الديف كاف فخر األمة اإلسبلمية كما يزاؿ إلى يكمنا ىذا قدكة ك فخ ا‬

‫العربية جمعاء‪.‬‬

‫جو ‪ -‬شخصيات أدبية‪:‬‬

‫ال غ ارب ػ ػػة أف تك ػ ػػكف شخص ػ ػػيات الش ػ ػػعراء م ػ ػػف أكث ػ ػػر الشخص ػ ػػيات ش ػ ػػيكعا ف ػ ػػي ش ػ ػػعرنا‬

‫المعاصػػر‪ ،‬كىػػي مػػف أكثرىػػا طكاعيػػة لمشػػاعر المعاصػػر‪ ،‬كقػػدرة عمػػى اسػػتيعاب أبعػػاد تجربتػػو‬

‫المختمف ػػة‪ ،2‬ل ػػذا فق ػػد درج ش ػػعراؤنا ف ػػي العص ػػر الح ػػديث كالمعاص ػػر عم ػػى تكظي ػػؼ شخص ػػيات‬

‫متعػػدد ليطعمكىػػا بكػػـ كافػػر مػػف الػػدالالت المعاصػرة‪ ،‬فكػػؿ حسػػب فكػره كسػػعة اطبلعػػو‪ ،‬ييػػدؼ‬

‫ىذا التكظيؼ إلى فتح قنػكات جديػدة‪ ،‬ينطمػؽ فييػا المعنػى ليجػد غايتػو‪ ،‬ألف الشخصػية األدبيػة‬

‫تحمؿ معيا كتمة مف التأثير في جانب ما‪ ،‬أك في أكثػر مػف جانػب‪ ،‬فيػي كسػيمة تعبيػر كايحػاء‬

‫فػػي يػػد الشػػاعر يعبػػر مػػف خبلليػػا ع ػف رؤيػػاه‪ ،‬بحيػػث تتحػػكؿ الشخصػػية عنػػد تكظيفيػػا داخػػؿ‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪2‬‬
‫عمي عشيرم زايد‪ ،‬استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬ص ‪.138‬‬

‫‪56‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القصيدة الشعرية إلى كحدة حية تقكـ بدكرىا إلػى الجانػب الػداللي‪ ،‬كتسػاىـ أيضػا فػي التشػكيؿ‬

‫الجمالي‪ ،1‬كمف بيف الشخصيات التي كظفيا لزىر دخاف في ديكانو نجد‪:‬‬

‫‪ -‬الشاعر مفدي زكريا‪:‬‬

‫شاعر الثكرة الجزائرية كمؤلؼ النشيد الػكطني الج ازئػرم" قسػما"‪ ،‬اسػمو الشػيخ زكريػاء بػف‬

‫سميماف بف يحي بف الشيخ سميماف بف الحاج عيسى‪ ،‬كلد يػكـ الجمعػة اثنػا عشػر يكنيػك ثمانيػة‬

‫ػزب بغردايػة فػػي جنػكب الج ازئػػر‪،‬‬


‫تسػع مائػػة كألػؼ‪" ،‬ببنػػي يػزقف"‪ ،‬أحػػد القصػكر السػػبع لػكادم مػ ا‬

‫لقبػػو زميػػؿ البعثػػة الميزابيػػة كالد ارسػػة الفرقػػد سػػميماف بكجنػػاح ب‪" :‬مفػػدم" فأصػػبح لقبػػو األدبػػي‬

‫مفدم زكريا الذم اشتير بو‪ ،‬كما كاف يكقع أشعاره "ابف تػكمرت"‪ ،‬كانػت لػو مشػاركة فعالػة فػي‬

‫الحرك ػػة األدبي ػػة كالسياس ػػية‪ ،‬كلم ػػا قام ػػت الث ػػكرة انض ػػـ إليي ػػا فكك ػػاف ش ػػاعر الث ػػكرة ال ػػذم ي ػػردد‬

‫أنشيدىا كعضكا في جبيػة التحريػر‪ ،‬ممػا جعػؿ فرنسػا تػزج بػو فػي السػجف مػرات متتاليػة ثػـ فػر‬

‫منػػو سػػنة ‪ ،1959‬فأرسػػمتو الجبيػػة خػػارج الحػػدكد‪ ،‬فجػػاؿ فػػي العػػالـ العربػػي‪ ،‬كعػػرؼ بػػالثكرة‪،‬‬

‫كافتػو المنيػة بتػػكنس سػنة ‪ 1977‬كنقػؿ جثمانػػو إلػى مسػقط أرسػػو فكػاف ىػك شػػاعر الثػكرة‪ ،2‬قػػاؿ‬

‫لزىر دخاف في قصيدة "كطف أبناء الشيداء"‪:‬‬

‫قال أفدي أىل وأمة من ميدي إلى لحدي‬

‫‪3‬‬
‫جالسني شع ار وىمة قل دمي مفدي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد حمدم‪ ،‬األعماؿ الشعرية غير الكاممة‪ ،‬د ط‪ ،‬منشكرات ك ازرة الثقافة الجزائرية‪ ،2007 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫ينظر مفدم زكرياء‪ 23 ،https://ar.m.wikibedia.org ،‬جكاف ‪11:28 ،2011‬‬
‫‪3‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪57‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الشػاعر ىنػا يفتخػر بشػخص شػػاعر الثػكرة مفػدم زكريػا كيعتػػز بأنػو مسػتعد لمتضػحية فػػي‬

‫سػبيؿ األىػػؿ كاألمػػة مػػف الصػػغر إلػػى الكبػػر كمػػا فعػػؿ مفػػدم بشػػعره تجػػاه الج ازئػػر كالج ازئػرييف‬

‫كلما لو مف ىمة كمدل أىمية شعره في التعريؼ بالقضية الجزائرية في المحافؿ الدكلية‪.‬‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "كطف مفدم زكريا"‪:‬‬

‫يا عادال كعدلي وعدلي جياد كمفدي‬


‫عدلي وطنا وفارسا وزنادا لجدي‬

‫يا مجيدا في الجزائر مجد كمجدي‪.1‬‬


‫إف استحضػػار شخصػػية مفػػدم ىػػك بمثابػػة رثػػاء كمػػدح لشػػخص الشػػاعر كتعػػداد لػػبعض‬

‫خصػػالو‪ ،‬كعػػدؿ الشػػاعر كجيػػاده فػػي سػػبيؿ الػػكطف‪ ،‬فػػي مكاجيػػة المسػػتعمر بشػػعره كبػػدكره فػػي‬

‫شحذ النفكس كاليمـ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلمام عبد الحميد بن باديس (‪:)1940-1889‬‬


‫ىك اإلماـ عبد الحميد بف باديس مف رجاؿ اإلصبلح في الكطف العربي كرائد النيضة‬

‫اإلسػػبلمية فػػي الج ازئػػر‪ ،‬كمؤسػػس جمعيػػة العممػػاء المسػػمميف الج ازئػرييف‪ ،‬يقػػكؿ لزىػػر دخػػاف فػػي‬

‫قصيدة "كطني"‪:‬‬

‫فعبد القادر وابن باديس كانوا رجاال‬

‫‪2‬‬
‫والرجال كثيرين من أبناء بالدي‪.‬‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "كطف زيغكد يكسؼ"‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫‪58‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫في الحرية الجزائرية أحمد وعبد الحميد‬

‫‪1‬‬
‫في الوصية الجزائرية ثورة لكل حفيد‪.‬‬

‫الشاعر ىنا يعتز برجاؿ مف مثؿ عبد الحميد بف باديس‪ ،‬كيػرل بػأف الحريػة الجزائريػة لػـ‬

‫تػػأت مػػف العػػدـ بػػؿ بتضػػحية أبنائيػػا بالمػػاؿ كاألركاح‪ ،‬كأف أبنػػاء الج ازئػػر مسػػتعدكف لمتضػػحية‬

‫أبناء كأحفاد‪.‬‬

‫كممػػا سػػبؽ قكلػػو فنػػرل أف الشػػاعر قػػد تبػػايف فػػي تكظيػػؼ الشخصػػيات منيػػا مػػا ىػػك دينػػي‬

‫كمنيػػا مػػا ىػػك تػػاريخي كحتػػى الشخصػػيات األدبيػػة كىػػذا دليػػؿ عمػػى اطػػبلع الشػػاعر بخصػػكص‬

‫كطنو تاريخيا كأدبا‪.‬‬

‫‪ -5‬سيمياء األماكن‪:‬‬

‫مف خبلؿ تتبعنا كتصفحنا لديكاف الشاعر لزىر دخاف كجدنا أنو قد كظؼ أماكف عدة‬

‫منيا جزائرية كمنيا عربية كنجد أف األماكف التي كظفيا كؿ كاحدة منيا تعبر عف معنى ما‪،‬‬

‫كليا بعد إما ديني أك تاريخي كمف بيف ىذه األماكف نجد‪:‬‬

‫أ‪ -‬األوراس‪:‬‬

‫كظػؼ الشػاعر منطقػة األكراس كغيػره مػف الشػعراء الج ازئػرييف لمػا ليػا مػف داللػة تاريخيػة‬

‫في الج ازئػر‪ ،‬فػاألكراس منطمػؽ كمعقػؿ الثػكار كالشػ اررة األكلػى لمثػكرة التحريريػة‪ ،‬كيقػكؿ الشػاعر‬

‫في قصيدة "كطف األكراس"‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.09‬‬

‫‪59‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وطن الجبل جبال األوراس‬

‫‪1‬‬
‫وطن اإلبل صحرائو األساس‪.‬‬

‫فالشػػاعر ىنػػا يعتػػز بػػالكطف الػػذم فيػػو جبػػاؿ األكراس‪ ،‬فيػػذه األخيػرة كانػػت منطمػػؽ حاسػػـ‬

‫فػػي تػػاريخ الج ازئػػر فمنيػػا مػػات رجػػاؿ كفييػػا احتمػػا المجاىػػدكف الػػذيف ناضػػمكا فػػي سػػبيؿ تحريػػر‬

‫الجزائر‪ ،‬فبل نجد شاعر تغنى بالقضية الجزائرية إال كقد تحدث عف األكراس‪.‬‬

‫ب‪ -‬الجزائر العاصمة‪:‬‬


‫تحػػدث الشػػاعر لزىػػر دخػػاف عػػف العاصػػمة الج ازئػػر كعػػف جماليػػا كعػػف مؤسسػػيا حيػػث‬

‫يقكؿ الشاعر في قصيدة "كطف الجزائر العاصمة"‪:‬‬

‫مدينة الجزائر تحيا بيائيا‬

‫‪2‬‬
‫سفينة اليداية داي بناىا‪.‬‬
‫نجد الشاعر ىنا يتغنى بكطنو الجزائر بالحديث عف عاصمة الكطف التي تعد مف‬

‫أجمؿ كأعرؽ المدف فييا كيذكر بأنيا سفينة لميداية كأف الدام حسيف بناىا‪.‬‬

‫جو ‪ -‬الصحراء‪:‬‬

‫كظ ػػؼ الش ػػاعر الص ػػحراء لمدالل ػػة عم ػػى الكح ػػدة الترابي ػػة لم ػػكطف عك ػػس م ػػا كان ػػت فرنس ػػا‬

‫تكىمنا‪ ،‬بأف الصحراء ليست جزء مف الجزائر‪ ،‬كيقكؿ الشاعر في قصيدة "كطف ديدكش "‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪107‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪60‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ثارت معنا الحرية وأمياتنا والصحراء‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "كطف األكراس"‬

‫‪2‬‬
‫وطن اإلبل صحرائو األساس‪.‬‬

‫فالشػػاعر كظػػؼ الصػػحراء كجػػزء ال يتج ػ أز م ػػف الج ازئػػر‪ ،‬حيػػث ربػػط الشػػاعر الص ػػحراء‬

‫ببػػاقي الػػكطف ككحػػدة ترابيػػة كاحػػدة‪ ،‬فالصػػحراء فييػػا خيػرات كثػػركات كانػػت طامعػػة فييػػا فرنسػػا‬

‫كلكف لـ تحقؽ مبتغاىا لتصدم أبناء الجزائر ليا كاحباط خططيا كافشاليا‪.‬‬

‫د‪ -‬القدس‪:‬‬

‫لـ يقتصػر الشػاعر عمػى تكظيػؼ مػدف كأمػاكف مػف كطنػو فقػد بػؿ تعػدل ذلػؾ إلػى أمػاكف‬

‫مف كطنو العربي‪ ،‬حيث نجد أنو كظؼ مدينة القدس كذلؾ في قصيدتو "كطف الشمس"‪:‬‬

‫أىل بحربنا والقدس قد ولدت‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أمير الدين صالح الدين رزقت‪.‬‬

‫كأيضا تحدث عف القدس في قصيدة "كطف األقبلـ الجزائرية"‪:‬‬

‫مرحبا بعيد العرب والقدس والشام‬

‫‪4‬‬
‫مرحبا بعيد الجزائر وشيداء اإلسالم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪61‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فالشػاعر مػػف خػػبلؿ مػػا سػػبؽ نجػػده يتغنػػى بمدينػػة القػػدس التػػي أنجبػػت شخصػػية كصػػبلح‬

‫الػديف الػذم كػاف لػػو األثػر البػالر فػػي نشػر الػديف اإلسػػبلمي فػي شػتى بقػػاع العػالـ‪ ،‬إضػافة إلػػى‬

‫ترحيبو بعيد العرب كالقدس كذلؾ كشيداء اإلسبلـ في الج ازئػر كاألمػة العربيػة كػذلؾ‪ ،‬كالشػاعر‬

‫يعتز بشيداء اإلسبلـ في الجزائر كالكطف العربي اإلسبلمي‪.‬‬

‫ت‪ -‬مكة‪:‬‬

‫كظػػؼ الشػػاعر مكػػة المكرمػػة فػػي شػػعره لمػػا تحممػػو مػػف مكانػػة ىامػػة فػػي نفػػكس الشػػعب‬

‫الج ازئػػرم فيػػي كطػػف الرسػػكؿ صػػمى اهلل عميػػو كسػػمـ كميػػبط كحيػػو‪ ،‬حيػػث يقػػكؿ الشػػاعر فػػي‬

‫قصيدة "كطف الرسكؿ"‪:‬‬

‫يا وحيا محمديا تموناه مثمما تمتو مكة والكيوف‬

‫‪1‬‬
‫يا جمال سنة مؤكدة وسنأكدىا سنة وسيرة وجمال وحروف‪.‬‬

‫فالشػػاعر ىنػػا يؤكػػد اتبػػاع الشػػعب الج ازئػػرم سػػنة نبيػػو كسػػيرتو العطػرة ككػػذلؾ يؤكػػد عمػػى‬

‫تبلكة القرآف الذم أنزؿ عمى سيدنا محمد صمى اهلل عميو كسمـ كما كانت تبلكتػو فػي مكػة كمػا‬

‫جاكرىا‪.‬‬

‫ث‪ -‬الشام‪:‬‬

‫تعددت األماكف التي ذكرىا الشاعر لزىر دخاف كمف بينيا أيضا الشاـ التي تعد مف‬

‫الم ػػدف العربي ػػة الت ػػي يفتخ ػػر بي ػػا‪ ،‬لمكانتي ػػا كعراقتي ػػا‪ ،‬حي ػػث يق ػػكؿ ف ػػي قص ػػيدة "كط ػػف األق ػػبلـ‬

‫الجزائرية"‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ‪ ،‬ص ‪.57‬‬

‫‪62‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مرحبا بعيد العرب والقدس والشام‬

‫‪1‬‬
‫مرحبا بعيد الجزائر وشيداء اإلسالم‪.‬‬

‫فالشػػاعر ىنػػا يرحػػب بػػالعرب كيػػذكر مػػدنا عربيػة كالشػػاـ كالج ازئػػر كيرحػػب أيضػػا بشػػيداء‬

‫اإلسػػبلـ فالشػػاـ تشػػترؾ مػػع المػػدف العربيػػة فػػي التضػػحية بالشػػيداء ضػػد المسػػتعمر الغاصػػب‬

‫كالجائر‪ ،‬فقد قدمت ىذه المدف الغالي كالنفيس في سبيؿ التحرر كاعبلء كممة الحؽ‪.‬‬

‫جو ‪ -‬بغداد‪:‬‬

‫كمف المدف العربية أيضا نجد مدينة بغداد التي تعد مف أقدـ المدف العربية كأعرقيا فيػي‬

‫عاصمة قديمة لممسمميف‪ ،‬يقكؿ لزىر دخاف في قصيدة "كطف االستشياد"‪:‬‬

‫تحيا وألف تحيا جزائ ار وبغداد‬

‫‪2‬‬
‫تحيا وألف تحيا جزائ ار وعماد‪.‬‬

‫الشػػاعر ىنػػا يحػػي بغػػداد كالج ازئػػر كحسػػب عنػكاف القصػػيدة "كطػػف االستشػػياد" فيػػك يػربط‬

‫بػػيف الج ازئػػر كبغػػداد مػػف خػػبلؿ التضػػحيات المقدمػػة فػػي سػػبيؿ إعػػبلء كممػػة الح ػؽ كمػػف خػػبلؿ‬

‫االستشياد في سبيؿ اهلل لنصرة الديف كالكطف‪.‬‬

‫‪ -6‬استدعاء الرمز الديني‪ /‬التاريخي‪:‬‬

‫لقد مثؿ مستكل تعالؽ النص الشعرم باألحداث كالكقائع التاريخية بعضا مف اإليحػاءات‬

‫كالشذرات التي تجذب القارئ إلييا‪ ،‬كتػكمئ لػو بػذلؾ‪ ،‬فقػد ارتػبط الشػعر بػالتعبير عػف الحقػائؽ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪63‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لػػذا "كصػػؼ الشػػعر بأنػػو ديػكاف العػػرب‪ ،‬ككػػاف الشػػعر يمثػػؿ لػػدل المػػؤرخيف ككتػػاب السػػير قيمػػة‬

‫معرفية إلى جانب القيمة التكثيقية‪ ،‬كلعؿ الفضؿ يعػزل إلػى الشػعر العربػي فػي حفػظ كثيػر مػف‬

‫الكقػػائع كاألحػػداث فػػي تاريخنػػا‪ ،‬كلػكال الشػػعر يمكػػف أف تكػػكف قػػد ضػػاعت كانػػدثرت"‪ ،1‬فالشػػاعر‬

‫قديما سجؿ أمجاده كأمجاد قبيمتو‪ ،‬كالشاعر المعاصر ىػك كػذلؾ‪ ،‬فقػد صػكر لنػا أحػداثا ككقػائع‬

‫تاريخية خالدة بانتصاراتيا كانكساراتيا‪.‬‬

‫فمػػف ى ػػذا المنطمػػؽ عم ػػؿ "لزىػػر دخ ػػاف" عمػػى جمم ػػة مػػف االس ػػتدعاءات كالتفػػاعبلت م ػػع‬

‫أحداث تاريخية ككقائع كالتي اتكأ عمييا إلبراز رؤياه كمف بيف ىذه الكقائع نجد‪:‬‬

‫أ‪ -‬غزوة بدر‪:‬‬


‫تناص الشاعر لزىر دخاف مع أشير الغزكات اإلسبلمية التي عرفيا التػاريخ اإلسػبلمي‪،‬‬

‫كالتي فييا بشر المصطفى‪ -‬عميو الصبلة كالسػبلـ – بالنصػر كالتمكػيف‪ ،‬حيػث ذكرىػا الشػاعر‬

‫عمى مرتيف في ديكانو كطف لمييدم‪ ،‬حيث يقكؿ في قصيدة "كطف األلؼ استقبلؿ"‪:‬‬

‫كوني فيمق بدر وسيرى لميعادي‬

‫‪2‬‬
‫معاد حر وابن حرة وبالجياد‪.‬‬

‫فالشػػاعر ىنػػا يستحضػػر كاقعػة بػدر لمتعبيػػر عػػف الثػػكرة المباركػػة كجيػػاد أبنػػاء الج ازئػػر كمػػا‬

‫فعؿ المسممكف مف قبؿ في غزكة بدر‪.‬‬

‫يقكؿ أيضا في قصيدتو "كطف األسمحة"‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ :‬جياد شاىر المجالي‪ ،‬دراسات في اإلبداع الفني في الشعر‪ :‬رؤل النقاد العرب في ضكء عمـ النفس األدبي‪ ،‬د ط‪،‬‬
‫دار يافا العممية لمنشر كالتكزيع‪ ،‬األردف‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪.185‬‬
‫‪2‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.130‬‬

‫‪64‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ىذه سيرة بدر والصحبة المحمدية‬

‫‪1‬‬
‫ىذه جيوش ثارت وفداىا والوطنية‪.‬‬

‫ػاءا‬
‫الشاعر ىنا يعتز بسيرة بدر كالنبي صمى اهلل عميو كسمـ كيعتبر أف الجيكش ثػارت بن ن‬

‫عمى االقتداء بنيج النبي صمى اهلل عميو كسمـ كاتباع مآثره كأعمالو‪.‬‬

‫ب‪ -‬مؤتمر الصومام‪:‬‬

‫تناص الشاعر ىنا مع حدث يعد مف أىـ األحداث في تاريخ الجزائر‪ ،‬كالذم ىك مػؤتمر‬

‫الصكماـ الذم يعد مف أىـ مراحؿ اإلعداد لمثكرة مػف حيػث التنظػيـ كتقسػيـ الكاليػات المعركفػة‬

‫كأىـ قادتيا‪ ،‬حيث يقكؿ الشاعر في قصيدتو "كطف ديدكش مراد"‪:‬‬

‫نعرف مواعيدنا ونجيز دوما في الصومام وحراء‬

‫‪2‬‬
‫وتعرف ثورتنا أننا لم حجارة صماء‪.‬‬

‫فالشاعر ىنا يؤكد عمى أف الشعب الجزائرم جاىز دكما كدقيؽ في مكاعيده مثمما حدث في‬

‫مػػؤتمر الصػػكماـ كيؤكػػد عمػػى أف الثػػكرة تعػػرؼ بػػأف الشػػعب لػػـ يعػػد كمػػا كػػاف خػػائؼ‪ ،‬بػػؿ إنػػو‬

‫مستعد ألم جديد كاف كىك مستعد لمتضحية‪.‬‬

‫جو ‪ -‬ثورة أول نوفمبر‪:‬‬

‫لزىػػر دخػػاف تنػػاص مػػع حػػدث ميػػـ فػػي الثػػكرة الجزائريػػة أال كىػػك الفػػاتح مػػف نػػكفمبر كىػػك‬

‫الش اررة األكلى الندالع الثػكرة المباركػة مػف عػاـ ال اربػع كالخمسػيف تسػع مائػة كألػؼ‪ ،‬كىػك حػدث‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪65‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مخمد في ذكرل كػؿ ج ازئػرم لمػا مػف أىميػة تاريخيػة‪ ،‬فيػك االنطبلقػة األكلػى التػي سػاىمت فػي‬

‫دحػػر كتكبيػػد فرنسػػا خسػػائر بش ػرية كماديػػة‪ ،‬كلزىػػر دخػػاف مػػف الشػػعراء الػػذيف كظف ػكا مصػػطمح‬

‫نكفمبر كغيره مف شعراء الجزائر‪ ،‬لما لو مف بعد تاريخي لو كقػع فػي نفػكس الشػعب الج ازئػرم‪،‬‬

‫كيقكؿ دخاف في قصيدتو "كطف عيد الثكرة"‪:‬‬

‫إن نوفمبر صوت ليس لمموت‬

‫إننا نوفمبر عرفناك لمخد ال الفوت‬

‫في عيد البنادق البنادق فيمت‬

‫أنيا مع الرصاص نوفمبر رزقت‬

‫في عيد الصادق نوفمبر رسمت‬

‫‪1‬‬
‫ثورة بال موت وبيا األرواح خمدت‪.‬‬

‫فالشاعر يؤكد أف نكفبر مخمد في الذاكرة كلف ينسى ألنو مخمد بذكر األركاح التي استشيدت‬

‫فيو‪ ،‬كيقكؿ الشاعر أيضا في قصيدة "كطف المجاىديف"‪:‬‬

‫ىذه الجزائر والورقات ترسم خريف القتال‬

‫‪2‬‬
‫حر عالي‪.‬‬
‫تؤكد أن نوفمبر توسد ًا‬

‫كيقكؿ أيضا في قصيدة "كطف األسد نكفمبر"‪:‬‬

‫اهلل أكبر ونوفمبر سطر‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪66‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫أسطر ثورة أالف األشير‪.‬‬

‫فالشػػاعر لزىػػر دخػػاف يؤكػػد عمػػى قدسػػية كعظمػػة نػػكفمبر ألنػػو الش ػ اررة التػػي قػػادت إلػػى‬

‫النصػػر عمػػى المسػػتعمر الفرنسػػي‪ ،‬فنػػكفمبر ارسػػخ فػػي أذىػػاف الج ازئ ػرييف‪ ،‬فيػػك رمػػز النػػدالع‬

‫كجكرا‪.‬‬
‫ن‬ ‫الثكرة المباركة عمى الغاصب ك المستعمر الذم احتؿ الجزائر ظمما‬

‫‪ -‬واقعة غار حراء‪:‬‬

‫غػػار ح ػراء ال ػػذم كػػاف يختم ػػي فيػػو رس ػػكؿ اهلل محمػػد ص ػػمى اهلل عميػػو كس ػػمـ قبػػؿ البعث ػػة‬

‫كنزكؿ القرآف عميو بكاسطة الممؾ جبريؿ عميو السبلـ‪ ،‬كىك المكاف الذم نزؿ الكحي فيػو ألكؿ‬

‫مرة عمى النبي‪ ،‬كيقكؿ لزىر دخاف في قصيدة "كطف ديدكش مراد"‪:‬‬

‫باسم شعرنا شرعنا في غزو األشداء‬

‫وشيد من غزواتنا في غزو األشداء‬

‫وشيد من غزوتنا سيف الجيالء‬

‫‪2‬‬
‫نعرف مواعيدنا ونجعز دوما في الصومام وحراء‪.‬‬

‫الشػػاعر ىنػػا يػػرل بػػأف الػػكطف كأبنػػاء جػػاىز دكمػػا كمػػا حػػدث فػػي مػػؤتمر الصػػكماـ كغػػار‬

‫حراء كبأف الثكرة مباركػة كمػا كػاف الرسػكؿ صػمى اهلل عميػو كسػمـ مباركػا فػي حادثػة غػار حػراء‬

‫كنجاتو مف أيدم الكفار‪ ،‬كأف أبناء الػكطف جػاىزيف لمػذكد عػف الػكطف كمحاربػة المسػتعمر كمػا‬

‫فعؿ شخص الرسكؿ صمى اهلل عميو كسمـ مع الكفار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم ‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪11‬‬

‫‪67‬‬
‫ماىية التناص قديما وحديثا‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كمف خبلؿ ما ذكرنا سابقا نبلحظ أف الشاعر لزىر دخاف قد كظؼ جممة مف التناصات‬

‫فػػي ديكانػػو "كطػػف لمييػػدم"‪ ،‬حيػػث كانػػت متنكعػػة مػػف تناصػػات دينيػػة كأسػػطكرية كتناصػػات مػػع‬

‫األمثاؿ كالحكـ كتناص مع الشخصػيات كالكقػائع كاألحػداث كتنػاص األمػاكف‪ ،‬كىػذا دليػؿ عمػى‬

‫سػػعة اطبلعػػو كتنػػكع منػػابع ثقافتػػو كرصػػيده المعرفػػي ال ازخػػر بمختمػػؼ المعػػارؼ‪ ،‬دينيػػا كتاريخيػػا‬

‫كحتى تراثيا‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫الحمد هلل الذم بنعمتو تتـ الصالحات‪ ،‬كبعد رحمتنا المتكاضعة في عكالـ نظرية‬

‫التناص التي أرقت الباحثيف في الكشؼ عف خباياىا كقكانينيا‪ ،‬كبعد كؿ ما تطرقنا إليو في‬

‫الفصؿ النظرم كالفصؿ التطبيقي الذم حاكلنا فيو أف نستحضر نماذج مف التناصات في‬

‫شعر لزىر دخاف مف خبلؿ ديكانو "كطف لمييدم" تكصمنا إلى جممة مف النتائج كىي‪:‬‬

‫‪ -‬كاف عجز البنيكية كما كصمت إليو مف محدكدية في تعامميا مع النص‪ ،‬مف أىـ أسباب‬

‫بركز نظرية التناص‪ ،‬التي كلدت في أحضاف تيارات ما بعد البنيكية التي انفتحت أكثر عمى‬

‫النص‪.‬‬

‫‪ -‬التناص مصطمح عرؼ منطمقو عند ميخائيؿ باختيف بالحكارية‪ ،‬قبؿ أف يتـ إعادة تركيبو‬

‫عند جكليا كريستيفا بحمة مغايرة تماما‪ ،‬ليفتح المجاؿ بذلؾ أماـ الباحثيف كالميتميف في‬

‫الساحة النقدية كاألدبية‪ ،‬فنتج عف تعدد مناىؿ كمشارب النقاد تعدد في المصطمحات الدالة‬

‫عميو‪ ،‬كتعدد مفاىيمو‪ ،‬إضافة إلى تعدد مستكياتو‪.‬‬

‫‪ -‬التناص ىك تمؾ الممارسات التي تجمع النص بنص آخر سابؽ لو‪ ،‬ليتحد معو بانسجاـ‬

‫شديد عمى حسب قدرة المبدع ككعيو‪.‬‬

‫‪ -‬ظاىرة التناص ظاىرة نقدية غربية تسربت إلينا نتيجة احتكاكنا بيـ في اآلكنة األخيرة‪ ،‬لكف‬

‫ىذا األمر ال يعني أف ىذه الظاىرة ليست ليا أثر في مكركثنا النقدم كالببلغي‪ ،‬فقد جاءت‬

‫بتسميات عديدة كليس ىذا فقط بؿ كسعى الباحثكف العرب إلى إعطاء تفصيبلت عديدة ليذه‬

‫‪70‬‬
‫الخاتمة‬

‫التسميات بؿ كأضافكا إضافات عديدة كتفريعات جديدة‪ ،‬كىذا مف خبلؿ تركيزىـ عمى الجانب‬

‫النظرم ليذه التسميات‪ ،‬مع إعطاء أمثمة ليا‪ ،‬ليأتي بعد ذلؾ العرب المحدثيف ليركزكا عمى‬

‫الجانب التطبيقي كىذا مف خبلؿ أعماليـ الجبارة في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫‪ -‬ال يقتصر التناص عمى جنس أدبي معيف أك لغة معينة‪ ،‬أك عصر كاحد‪ ،‬فالشاعر حر‬

‫في اختيار ما يناسب قصيدتو‪,‬‬

‫‪ -‬النص ال يخمؽ مف عدـ‪ ،‬إنو مزيج مف نصكص أخرل سالفة لو‪ ،‬فكؿ نص ىك تشرب‬

‫كتحكيؿ كاعارة لعدد مف النصكص األخرل‪ ،‬حيث ال مناص ألم مبدع كاف مف أف يستعيف‬

‫بتراثو الذم ينتمي إليو‪ ،‬قد يككف ذلؾ بكعي مف المبدع أك بدكف كعي منو‪ ،‬كبذلؾ يككف‬

‫النص الجديد قابؿ لمتفاعؿ مع نصكص أخرل آتية بعده مستقببل‪.‬‬

‫‪ -‬يساعد التناص في الكشؼ عف الخمفية الكاسعة لمشاعر كمدل اطبلعو عمى الثقافات‬

‫المختمفة‪.‬‬

‫‪ -‬كاف الشاعر لزىر دخاف مثؿ أم شاعر آخر منفتحا عمى نصكص مختمفة التي اتخذىا‬

‫مرجعا خصبا إلعادة إنتاج نصكصو منيا القرآف الكريـ كالسنة النبكية‪ ،‬إضافة إلى التاريخ‬

‫بشخصياتو ككقائعو كأحداثو‪ ،‬كما كظؼ أيضا األسطكرة كغيرىا مف العناصر‪.‬‬

‫‪ -‬تبقى ميمة رصد التناص كدراستو قائمة عمى المتمقي كمدل اطبلعو عمى كتابات متنكعة‪،‬‬

‫فمتى كانت ثقافتو كاسعة‪ ،‬كانت ميمتو سيمة‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الخاتمة‬

‫كأخي ار نرجك أف نككف قد كفقنا كلك قميبل في معالجتنا لممكضكع‪ ،‬إذ رغـ الجيكد التي‬

‫بذلناىا فنحف مقتنعكف أننا لـ نعالج كؿ جكانب المكضكع‪ ،‬إذ ما ىي إال محاكلة ليست‬

‫األخيرة في مسار البحث‪ ،‬كيبقى البحث مفتكحا عمى دراسات أخرل أكسع كأشمؿ‪.‬‬

‫كما قاؿ الشاعر أبي البقاء الرندم‪:‬‬

‫لكل شيء إذا ما تم نقصان‬ ‫فال يغر بطيب العيش إنسان‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الممحق‬
‫الممحق‬

‫حياتو‪:‬‬

‫لزىر دخاف مف مكاليد ‪ 28‬جكيمية ‪ 1979‬في بمدية قمار كالية الكادم الجزائر‪ ،‬درس‬

‫لزىر دخاف في مدينة الكادم بمدية قمار ستة سنكات في مدرسة الشييد رضا حكحك االبتدائية‬

‫كفي المرحمة المتكسطة مف التعميـ التحؽ بمدرسة البشير اإلبراىيمي كبعدىا انتقؿ إلى متقنة‬

‫العبلمة عبد القادر الياجكرم التي درس فييا عاـ كاحد ثـ تكقؼ عف الدراسة بشيادة األكلى‬

‫ثانكم كبدكف رسكب طيمة فترة التمدرس‪ ،‬كىك اآلف في مستكل الركائي الشاعر بيذه الشيادة‬

‫التي يعتز بيا كثيرا‪ ،‬كذلؾ بفضؿ غربتو التي كانت في ليبيا طيمة سبعة أعكاـ كنصؼ‪،‬‬

‫صقمت مكىبة الكتابة لدل لزىر دخاف حتى انطمؽ في عاـ ‪ 1998‬بقصيدة "كطني" في‬

‫‪1‬‬
‫مدينة عيف ازرة في ليبيا‪.‬‬

‫مف أىـ مؤلفاتو‪:‬‬

‫‪ -‬ركاية الضباط الحكاسيب ‪ ،‬مارس ‪.2015‬‬

‫‪ -‬ديكاف عالي المعابد (خكاطر) ‪ ،‬فبراير ‪.2016‬‬

‫‪ -‬ركاية سيادة الجزائرم مراد‪ ،‬ديسمبر ‪.2016‬‬

‫‪ -‬ركاية المخبر المخترع‪ ،‬ديسمبر ‪.2015‬‬

‫‪ -‬ديكاف مقتمي‪ ،‬مام ‪.2015‬‬

‫‪ 1‬لزهر دخان‪ ،‬وطه لمهيدي‪ ،‬ص ‪.691 - 691‬‬


‫‪74‬‬
‫الممحق‬

‫‪ -‬ديكاف أعيدم الطفمة‪ ،‬مارس ‪.2015‬‬

‫‪ -‬ديكاف أسماؾ البحر‪ ،‬نكفمبر ‪.2016‬‬

‫‪-‬ديكاف خطاب الرئيس ‪.‬‬

‫‪-‬ديكاف جنازة في قصر عركس البحر‪.‬‬

‫‪-‬ديكاف عمى درب الفصاحة ‪.‬‬

‫‪-‬ديكاف اعتمينا العرش ثـ ىكينا ‪.‬‬

‫‪-‬ديكاف بحر نفقت حكرياتو ‪.‬‬

‫نبلحظ مما س بؽ أف الشاعر لزىر دخاف يمتمؾ ممكة شعرية كبيرة مكنتو مف إصدار‬

‫ىذه اإلبداعات بيذا الكـ الغزير ‪ ،‬كذلؾ دليؿ عمى سعة اطبلعو كثقافتو المتنكعة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫قائمة‬
‫المصادر و المراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬القرآف الكريـ بركاية حفص عف عاصـ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬ابراىيـ مصطفى الدىكف‪ ،‬التناص في شعر أبك العبلء المعرم‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار النثر‪،‬‬

‫إربد‪ ،‬األردف‪.2011 ،‬‬

‫‪ .2‬ابف رشيؽ القيركاني‪ ،‬العمدة في صناعة الشعر كنقده‪ ،‬تح‪ :‬مفيد محمد قميحة‪ ،‬ج ‪،1‬‬

‫ط ‪ ،1‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪.1983 ،‬‬

‫‪ .3‬ابف رشيؽ القيركاني‪ ،‬العمدة في محساف الشعر كآدابو كنقده‪ ،‬تح‪ :‬محمد عبد القادر‬

‫أحمد عطا‪ ،‬ج ‪ ،2‬دار الكتب العممية‪ ،‬لبناف‪.2011 ،‬‬

‫‪ .4‬ابف رشيؽ القيركاني‪ ،‬العمدة في محساف الشعر كآدابو‪ ،‬ج ‪ ،2‬د ط‪ ،‬دار الجيؿ‪،‬‬

‫بيركت‪ ،‬لبناف‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .5‬ابف منظكر‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬ج ‪ ،6‬د ط‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .6‬أبك عبد اهلل محمد ابف اسماعيؿ البخارم‪ ،‬صحيح البخارم‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابف كثير‪،‬‬

‫دمشؽ‪ ،‬بيركت‪.2002 ،‬‬

‫‪ .7‬أبك ىبلؿ العسكرم‪ ،‬كتاب الصناعتيف الكتابة كالشعر‪ ،‬تح‪ :‬مفيد قميحة‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار‬

‫الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪.1989 ،‬‬

‫‪ .8‬أحمد ابف عبد ربو‪ ،‬العقد الفريد‪ ،‬ج ‪ ،2‬د ط‪ ،‬المطبعة الشرقية‪ ،‬القاىرة‪.1916 ،‬‬

‫‪ .9‬أحمد الزعبي‪ ،‬التناص نظريا كتطبيقيا‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة الكتاني‪ ،‬إريد‪.1985 ،‬‬

‫‪77‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .10‬أحمد السماكم‪ ،‬الطريس في القصص (إبراىيـ درغكني أنمكذجا) د ط‪ ،‬مطبعة‬

‫التفسير الفني‪ ،‬صفاقس‪ ،‬تكنس‪.2002 ،‬‬

‫‪ .11‬أحمد الياشمي‪ ،‬جكاىر الببلغة في المعاني كالبياف كالبديع‪ ،‬د ط‪ ،‬المكتبة العصرية‪،‬‬

‫صيداء‪ ،‬بيركت‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .12‬أحمد أميف‪ ،‬النقد األدبي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪،3‬مكتبة النيضة المصرية‪.1963 ،‬‬

‫‪ .13‬أحمد حسف حامد‪ ،‬التضميف في العربية (بحث في الببلغة كالنحك)‪ ،‬الدار العربية‬

‫لمعمكـ‪ ،‬ط ‪ ،1‬عماف‪ ،‬األردف‪.2001 ،‬‬

‫‪ .14‬أحمد حمدم‪ ،‬األعماؿ الشعرية غير الكاممة‪ ،‬د ط‪ ،‬منشكرات ك ازرة الثقافة الجزائرية‪،‬‬

‫‪.2007‬‬

‫‪ .15‬أحمد طعمة حمبي‪ ،‬التناص بيف النظرية كالتطبيؽ (شعر البياتي انمكذجا)‪ ،‬د ط‪،‬‬

‫الييئة العامة السكرية لمكتاب‪ ،‬دمشؽ‪.2007 ،‬‬

‫‪ .16‬الخطيب التبريزم‪ ،‬شرح ديكاف عنترة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيركت‪.1992 ،‬‬

‫‪ .17‬القاضي بف عبد العزيز الجرجاني‪ ،‬الكساطة بيف المتنبي كخصكمو‪ ،‬تح‪ :‬محمد أبك‬

‫الفضؿ إبراىيـ كآخركف‪ ،‬ط ‪ ،1‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيركت‪.2006 ،‬‬

‫‪ .18‬إيميا الحاكم‪ ،‬شرح ديكاف أبي تماـ‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الكتاب المبناني‪.1981 ،‬‬

‫‪ .19‬بدكم طبانة‪ ،‬السرقات األدبية‪ ،‬د ط‪ ،‬نيضة مصر‪ ،‬الفجالة‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .20‬جماؿ مباركي‪ ،‬التناص كجمالياتو في الشعر الجزائرم المعاصر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار ىكمة‬

‫لمنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .21‬جياد شاىر المجالي‪ ،‬دراسات في اإلبداع الفني في الشعر‪ :‬رؤل النقاد العرب في‬

‫ضكء عمـ النفس األدبي‪ ،‬د ط‪ ،‬دار يافا العممية لمنشر كالتكزيع‪ ،‬األردف‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .22‬حبيب مكنسي‪ ،‬تكترات اإلبداع الشعرم نحك رؤية داخمية لمدفؽ الشعرم كتضاريس‬

‫القصيدة‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الغرب لمنشر كالتكزيع‪.2002 ،2001 ،‬‬

‫‪ .23‬حسيف فبللي‪ ،‬السمة كالنص السردم‪ ،‬مقاربة سيميائية في شفرة المغة‪ ،‬دراسة نقدية‪،‬‬

‫ط ‪ ،1‬رابطة أىؿ القمـ لمنشر‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .24‬سعيد حسف البحيرم‪ ،‬عمـ لغة النص‪ ،‬نحك آفاؽ جديدة‪ ،‬زىراء الشرؽ‪ ،‬ط ‪،1‬‬

‫القاىرة‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬

‫‪ .25‬سعيد سبلـ‪ ،‬التناص التراثي الركاية الجزائرية انمكجا‪ ،‬د ط‪ ،‬عالـ الكتب الحديث‪،‬‬

‫‪.2010‬‬

‫‪ .26‬سعيد عمكش‪ ،‬معجـ المصطمحات األدبية المعاصرة‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الكتب المبناني‪،‬‬

‫بيركت‪.1985 ،‬‬

‫‪ .27‬سعيد يقطيف‪ ،‬الركاية كالتراث السردم (مف أجؿ كعي جديد بالتراث)‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز‬

‫الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.1992 ،‬‬

‫‪79‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .28‬سعيد يقطيف‪ ،‬انفتاح النص الركائي (النص كالسياؽ)‪ ،‬ط‪ ،3‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬

‫الدار البيضاء‪ ,‬المغرب‪.2006 ،‬‬

‫‪ .29‬سعيد يقطيف‪ ،‬انفتاح النص الركائي‪ ،‬ط ‪ ،2‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬

‫المغرب‪.1989 ،‬‬

‫‪ .30‬عبد الرحمف العربي ابف خمدكف‪ ،‬المقدمة‪ ،‬تحقيؽ دركيش الجكيدم‪ ،‬ط ‪ ،2‬المكتبة‬

‫العصرية‪ ،‬بيركت‪.1996 ،‬‬

‫‪ .31‬عبد الرحمف عبد الحميد عمي‪ ،‬النقد األدبي بيف الحداثة كالتقميد‪ ،‬دار الكتاب‬

‫الحديث‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د ط‪ 1426 ،‬ىػ ‪ 2005‬ـ‪.‬‬

‫‪ .32‬عبد القادر بقشي‪ ،‬التناص في الخطاب النقدم كالببلغي‪( ،‬دراسة نظرية كتطبيقية)‪،‬‬

‫إفريقيا الشرؽ‪ ،‬د ط‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.2007 ،‬‬

‫‪ .33‬عبد اهلل الغذامي‪ ،‬الخطيئة كالتكفير (مف البنيكية إلى التشريحية) د ط‪ ،‬دار سعاد‬

‫الصباح لمنشر‪ ،‬الككيت‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .34‬عبد الممؾ مرتاض‪ ،‬نظرية النص األدبي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار ىكمة لمطباعة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬

‫‪.2010‬‬

‫‪ .35‬عصاـ حفظ اهلل كاصؿ‪ ،‬التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر‪( ،‬أحمد‬

‫العكاضي انمكذجا)‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار غيداء لمنشر‪ ،‬عماف‪.2011 ،‬‬

‫‪80‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .36‬عمي البطؿ‪ ،‬الرمز األسطكرم في شعرية شاكر السياب‪ ،‬د ط‪ ،‬الربعياف لمنشر‬

‫كالتكزيع‪ ،‬الككيت‪.1982 ،‬‬

‫‪ .37‬عمي عشيرم زايد‪ ،‬استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬ط ‪،1‬‬

‫الشركة العامة لمنشر كالتكزيع كاإلعبلف‪ ،‬طرابمس‪.1978 ،‬‬

‫‪ .38‬لزىر دخاف‪ ،‬كطف لمييدم‪ ،‬ط ‪ ،1‬حركؼ منثكرة لمنشر اإللكتركني‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .39‬محمد بنيس‪ ،‬الشعر العربي الحديث بنياتو كابدالتو (الشعر المعاصر)‪ ،‬ج ‪ ،3‬ط ‪،2‬‬

‫دار تكبقاؿ لمنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.1996 ،‬‬

‫‪ .40‬محمد بنيس‪ ،‬حداثة السؤاؿ (بخصكص الحداثة العربية في الشعر كالثقافة)‪ ،‬ط ‪،2‬‬

‫المركز الثقافي العربي‪ ،‬المغرب‪.1988 ،‬‬

‫‪ .41‬محمد بنيس‪ ،‬ظاىرة الشعر المعاصر في المغرب‪ ،‬د ط‪ ،‬دار العكدة‪ ،‬بيركت‪ ،‬لبناف‪،‬‬

‫‪.1979‬‬

‫‪ .42‬محمد خير البقاعي‪ ،‬دراسات في النص كالتناصية‪ ،‬ط ‪ ،1‬مركز اإلنماء الحضارم‪،‬‬

‫حمب‪ ،‬سكريا‪.1998 ،‬‬

‫‪ .43‬محمد شعيب‪ ،‬المتنبي بيف ناقديو في القديـ كالحديث‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬مصر‪،‬‬

‫‪.1964‬‬

‫‪ .44‬محمد عزاـ‪ ،‬النص الغائب (تجميات التناص في الشعر العربي)‪ ،‬د ط‪ ،‬منشكرات‬

‫اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشؽ‪.2001 ،‬‬

‫‪81‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .45‬محمد قنكش‪ ،‬مف األخذ األدبي إلى التداخؿ النصي لدل العرب (دراسة في‬

‫المصطمح كالقضية)‪ ،‬ط‪ ،1‬عالـ الكتب الحديث‪ ،‬إريد‪ ،‬األردف‪.2013 ،‬‬

‫‪ .46‬محمد مرتضى الزبيدم الحسيني‪ ،‬تاج العركس مف جكاىر القامكس‪ ،‬تح‪ :‬عبد العميـ‬

‫الطحاكم‪ ،‬مطبعة حككمة الككيت‪.1984 ،‬‬

‫‪ .47‬محمد مفتاح‪ ،‬تحميؿ الخطاب الشعرم (استراتيجية التناص) ط ‪ ،2‬المركز الثقافي‬

‫العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪.1992 ،‬‬

‫‪ .48‬محمد مفتاح‪ ،‬تحميؿ الخطاب الشعرم (استراتيجية التناص)‪ ،‬ط ‪ ،4‬المركز الثقافي‬

‫العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.2005 ،‬‬

‫‪ .49‬مصطفى ابراىيـ كآخركف‪ ،‬المعجـ الكسيط‪ ،‬ج ‪ ،7‬د ط‪ ،‬مجمع المغة العربية‬

‫بالقاىرة‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيركت‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .50‬نيمة فيصؿ األحمد‪ ،‬التفاعؿ النصي (التناصية‪ ،‬النظرية كالمنيج)‪ ،‬ط ‪ ،1‬الييئة‬

‫العامة لقصكر الثقافة‪ ،‬القاىرة‪.2010 ،‬‬

‫‪ .51‬نكر الديف السد‪ ،‬األسمكبية كتحميؿ الخطاب‪ ،‬دراسة في النقد العربي الحديث‪( ،‬تحميؿ‬

‫الخطاب الشعرم كالسردم)‪ ،‬ج ‪ ،2‬د ط‪ ،‬دار ىكمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪ .52‬كليد قصاب‪ ،‬مناىج النقد األدبي الحديث (رؤية إسبلمية) د ط‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬

‫دمشؽ‪ ،‬سكريا‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع المترجمة إلى العربية‪.‬‬

‫‪ .1‬تزفيطاف تكدكركؼ‪ ،‬الشعرية‪ ،‬تر‪ :‬شكرم المبخكت كرجاء بف سبلمة‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار‬

‫تكبقاؿ لمنشر‪ ،‬المغرب‪.1990 ،‬‬

‫‪ .2‬تزفيطاف تكدكركؼ‪ ،‬ميخائيؿ باختيف (المبدأ الحكارم)‪ ،‬تر‪ :‬فخرم صبلح‪ ،‬ط ‪،2‬‬

‫المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪ ،‬بيركت‪ ،‬لبناف‪.1996 ،‬‬

‫‪ .3‬جراىاـ أالف‪ ،‬نظرية التناص‪ ،‬تر‪ :‬باسؿ المسالمة‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار التككيف‪ ،‬دمشؽ‪،‬‬

‫سكريا‪.2011 ،‬‬

‫‪ .4‬جكليا كريستيفا‪ ،‬عمـ النص‪ ،‬تر‪ :‬فريد الزاىي‪ ،‬مر‪ :‬عبد الجميؿ ناظـ‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار‬

‫تكبقاؿ لمنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب ‪.1997‬‬

‫‪ .5‬جيرار جينيت‪ ،‬مدخؿ جامع النص‪ ،‬تر‪ :‬عبد الرحمف أيكب‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار تكبقاؿ‪ ،‬الدار‬

‫البيضاء‪.1986 ،‬‬

‫ثالثا‪ :‬الرسائل الجامعية‪:‬‬

‫‪ .1‬الطيب بكترعة‪ ،‬التناص في الشعر الجزائرم المعاصر (قراءة في شعر مصطفى‬

‫الغمارم)‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كمية اآلداب كالمغات كالفنكف‪ ،‬قسـ المغة العربية كآدابيا‪ ،‬جامعة‬

‫كىراف‪.2011 - 2010 ،‬‬

‫‪83‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .2‬العربي حسيف‪ ،‬التناص كجمالياتو في شعر مصطفى الغمارم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كمية‬

‫اآلداب كالمغات‪ ،‬قسـ المغة العربية كآدابيا‪ ،‬جامعة بف يكسؼ بف خدة‪ ،‬الجزائر‪2006 ،‬‬

‫‪2007 -‬‬

‫‪ .3‬سارة بكجمعة‪ ،‬جماليات التناص في شعر محمد جربكعة‪ ،‬رسالة ماستر‪ ،‬كمية اآلداب‬

‫كالمغات‪ ،‬قسـ اآلداب كالمغة العربية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2015-2014 ،‬‬

‫‪ .4‬عبد الفتاح بف خميفة‪ ،‬التناص التراثي في شعر مفدم زكرياء (قصيدة إلى الريفييف كسكؽ‬

‫عكاظ أنمكذجا)‪ ،‬رسالة ماجستير في قضايا األدب كالدراسات النقدية‪ ،‬كمية اآلداب‬

‫كالمغات‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2‬الجزائر‪.2015 - 2014 ،‬‬

‫‪ .5‬محمد مياكش الظفيرم‪ ،‬أشكاؿ التناص الشعرم عند الثبيتي‪ ،‬جامعة المدينة العالمية‪،‬‬

‫رسالة ماجستير في األدب العربي كالنقد األدبي‪ ،‬كمية المغات‪.2020 - 2019 ،‬‬

‫رابعا‪ :‬المجالت‪ :‬والدوريات‬

‫‪ .1‬عبد العزيز حمكدة‪ ،‬المرايا المحدبة‪ ،‬مف البنيكية إلى التفكيؾ‪ ،‬العدد ‪ ،232‬سمسمة عالـ‬

‫المعرفة‪ ،‬الككيت‪.1998 ،‬‬

‫‪ .2‬عزة جربكع‪ ،‬التناص مع القرآف الكريـ في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬مجمة فكر كابداع‪ ،‬ع‬

‫‪ ،11‬مصر‪.2002 ،‬‬

‫‪ .3‬نادك قاسـ‪ ،‬التناص القرآني كاإلنجيمي كالتكراتي في شعر أمؿ دنقؿ‪ ،‬مجمة جامعة القدس‬

‫لؤلبحاث كالدراسات‪ ،‬ع ‪ ،6‬أكتكبر ‪.2005‬‬

‫‪84‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫خامسا‪ :‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪23/06/2011.،- https://m.marefa.org‬‬

‫‪23/06/2011.،- https://ar.m.wikibedia.org‬‬

‫‪85‬‬
‫الفيرس‬
‫الفيرس‬

‫الفيرس‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫المحتويات‪:‬‬

‫‪-‬‬ ‫شكر كعرفاف‪:‬‬

‫‪-‬‬ ‫إىداء‪:‬‬

‫أ‪-‬ق‬ ‫مقدمة‪:‬‬

‫‪06‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬ماىية التناص عند النقاد قديما وحديثا‪.‬‬

‫‪07‬‬ ‫تمييد‪:‬‬

‫‪09‬‬ ‫‪ -1‬مفيكـ التناص‬

‫‪09‬‬ ‫أ‪ -‬التناص لغة‬

‫‪10‬‬ ‫ب‪ -‬التناص اصطبلحا‬

‫‪13‬‬ ‫‪ -2‬التناص في النقد العربي القديـ‪.‬‬

‫‪18‬‬ ‫أ‪ -‬القاضي الجرجاني‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫ب‪ -‬ابف رشيؽ القيركاني‬

‫‪19‬‬ ‫ج‪ -‬أبك ىبلؿ العسكرم‬

‫‪22‬‬ ‫‪ -3‬التناص عند النقاد المحدثيف‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪ -1-3‬التناص في النقد الغربي‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫أ‪ -‬ميخائيؿ باختيف‬

‫‪87‬‬
‫الفيرس‬

‫‪25‬‬ ‫ب‪ -‬جكليا كريستيفا‬

‫‪27‬‬ ‫ج‪ -‬جيرار جينيت‬

‫‪29‬‬ ‫‪ -2-3‬التناص في النقد العربي‪.‬‬

‫‪30‬‬ ‫أ‪ -‬محمد بنيس‬

‫‪31‬‬ ‫ب‪ -‬محمد مفتاح‬

‫‪32‬‬ ‫ج‪ -‬عبد المالؾ مرتاض‪.‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪ -04‬مستكيات التناص‪.‬‬

‫‪34‬‬ ‫أ‪ -‬عند جكليا كريستيفا‬

‫‪35‬‬ ‫ب ‪ -‬عند محمد بنيس‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬تجميات التناص في ديون لزىر دخان "وطني لمييدي"‬

‫‪38‬‬ ‫تمييد‪:‬‬

‫‪39‬‬ ‫‪ -01‬التناص الديني‪:‬‬

‫‪39‬‬ ‫أ‪ -‬التناص مع القرآف ‪.‬‬

‫‪42‬‬ ‫ب‪ -‬التناص مع الحديث النبكم‪.‬‬

‫‪44‬‬ ‫‪ -02‬تناص األمثاؿ كالحكـ الشعبية‬

‫‪46‬‬ ‫‪ -03‬التناص األسطكرم‪.‬‬

‫‪48‬‬ ‫‪ -04‬سيمياء الشخصيات‬

‫‪88‬‬
‫الفيرس‬

‫‪48‬‬ ‫أ‪ -‬شخصيات دينيية‬

‫‪51‬‬ ‫ب‪ -‬شخصيات تاريخية‬

‫‪56‬‬ ‫ج‪ -‬شخصيات أدبية‬

‫‪59‬‬ ‫‪ -05‬سيمياء األماكف‬

‫‪63‬‬ ‫‪ -06‬استدعاء الرمز الديني‪ /‬التاريخي‪.‬‬

‫‪70‬‬ ‫خاتمة‪:‬‬

‫‪74‬‬ ‫ممحؽ‪:‬‬

‫‪77‬‬ ‫قائـ المصادر كالمراجع‬

‫‪87‬‬ ‫الفيرس العاـ‬

‫‪89‬‬

You might also like