You are on page 1of 100

‫ي‬

‫بة‬
‫شـع ـ ـ‬
‫ي ـال ـ‬
‫راط ـة‬
‫وق ـ‬‫ديم ـ ـ‬
‫رية ـال ـ‬
‫زائ ـ‬
‫وري ـالجـ ـ‬
‫ـالجـم ــه ـة‬
‫والبحـث ـالـعـلم ـي‬
‫الـعـالي ـ ـ‬
‫التعـلـيم ـ‬
‫وزارة ـ ـ‬
‫وشـنت –‬
‫تـ ـ‬
‫وشـعـيب ‪ -‬ـعـين ـم‬
‫بلحـاج ـب ـ‬
‫جامــعة ـ ـ‬
‫ـ‬
‫يير‬
‫سـ ـ‬
‫اري وعــلوم ـالـت ـ‬
‫ادية‪ ،‬ـالـتجـ ـة‬
‫ص ـ‬‫االقـت ـ‬
‫مــعـهد ـالـعـلوم ـ‬
‫يير‬
‫سـ ـ‬
‫سم عــلوم ـالـت ـ‬
‫ـق ـ‬

‫مذك ـ ــرة مقـدمــة ضـمـن مـتـطـلـبـات لـنـيـل شـهـادة الـمـاسـتـر‬


‫تـخـصـص‪ :‬مـحـاسـبـة وجـبـايـة مـعـمـقـة‬

‫بـ ـ ـ ـعـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوان‪:‬‬

‫الجـنـات الضـريـبـيـة وخـسـائـر الـنـظـام الـجـبـائـي‬


‫الـعـالـمـي‬

‫تحت إشراف األستاذة‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبتين‪:‬‬

‫‪ ‬عبد الرحيم نادية‬ ‫‪ ‬أحمد صديق إكرام‬


‫‪ ‬عبدة أمينة‬

‫لجنة التحكيم‬

‫جامعة عين تموشنت‬ ‫رئيسا‬ ‫األستاذة قديد ياقوت‬

‫جامعة عين تموشنت‬ ‫مشرفا‬ ‫األستاذة عبد الرحيم نادية‬

‫جامعة عين تموشنت‬ ‫ممتحنا‬ ‫األستاذ قريش محمد‬

‫السنة الجامعية‪2022-2021 :‬‬


‫احلمد كالشكر هلل الذم أعاننا على إصلاز ىذا العمل كأنار لنا درب العلم‬
‫كادلعرفة‪.‬‬
‫كيشرفنا أف نتقدـ بعظيم شكرنا كٖتية كتقدير لؤلستاذة الفاضلة"عبد الرحيم‬
‫نادية" على ما قدمتو لنا من توجيهاهتا كمبلحظاهتا الدقيقة كاليت زكدتنا ٓتربتوا ‪،‬‬
‫ت من كقتو ا كجهده ا كفكره ا إلخراج ىذا العمل‪ .‬نرجوا من ادلوذل أف غلازيو ا‬
‫كمنح نا‬
‫عنا كل اجلزاء كػلفظو ا كما تستحق فائق االحًتاـ كالتقدير‪.‬‬

‫كنتقدـ بالشكر اجلزيل إذل كافة أساتذة قسم العلوـ االقتصادية كعلوـ التسيَت‬
‫دلا قدموا لنا من علم كإعانة ككانوا أحسن قدكة‪.‬‬
‫كال يفوتنا بأف نتوجو بالشكر إذل كل من أعاننا من قريب أك بعيد إذل كل من‬
‫دعمنا ككاف عونا لنا أساتذة كانوا أك أقارب أك أصدقاء‪.‬‬
‫احلمد هلل الذم كفقنا ذلذا كدل نكن لنصل إليو لوال فضل اهلل علينا كالصبلة كالسبلـ‬
‫على خامت األنبياء كادلرسلُت‪.‬‬
‫اىدم ىذا العمل إذل‪:‬‬
‫من كللو اهلل باذليبة كالوقار ‪...‬من علمٍت العطاء بدكف انتظار‪....‬من ا‪ٛ‬تل امسو‬
‫بافتخار "أبي العزيز"‬

‫مبلكي يف احلياة ‪...‬معٌت احلب كمعٌت احلناف‪...‬من كاف دعائها سر صلاحي‪...‬‬


‫"أمي الحبيبة"‬
‫توأمي ركحي كرفيقات دريب‪..‬من بوجودعلا اكتسب قوة كزلبة ال حدكد ذلا‪..‬‬
‫"أخواتي أمال وأحالم"‬
‫من هبم اكرب كعليهم اعتمد‪..‬كاليهم انتمي‪..‬كل أفراد عائليت ‪ٚ‬تيعا‬
‫إذل صديقيت كرفيقة دريب اليت قامستٍت ىذا ادلشوار ْتلوه كمره‬

‫"صديقتي أمينة"‬

‫إكرام‬
‫بسم اهلل الر‪ٛ‬تاف الرحيم كالصبلة كالسبلـ على أشرؼ ادلرسلُت‬
‫احلمد هلل الذم كفقنا كدل نكن لنصل إذل ىذا النجاح لوذل رضا اهلل كتوفيقو كفضلو علينا‬
‫أىدم ‪ٙ‬ترة جهدم ىذا إذل أغلى كأعز ما أملك إذل جوىرة حيايت اليت أنارت دريب‬
‫بضياء البدر إذل الغالية على قليب‬

‫"أمي الغالية"‬
‫إذل من زين حيليت بشموع الفرح كاذل من علمٍت الصرب كاالجتهاد‬

‫"أبي الغالي"‬

‫إذل أختام اليت تعجز الكلمات عن ذكر فضلهما‬

‫"هاجر وشيماء"‬

‫ال ػلمل قاموسي كلمة شكر كعبارة امتناف إذل من كانت سندم يف مشوارم ىذا‬
‫"خالتي الغالية وابنتها"‬

‫كبالطبع لن أنسى من جرعت الكأس فارغا لتسقيٍت قطرة احلب كاليت حصدت األشواؾ‬
‫من طريقي لتمهد رل طريق العلم‬

‫"صديقتي إكرام"‬

‫أمينة‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫البسملة‬
‫شكر كتقدير‬
‫إىداء‬
‫‪XIII‬‬ ‫قائمة اجلداكؿ‬
‫‪XIV‬‬ ‫قائمة األشكاؿ‬
‫‪XVI‬‬ ‫قائمة ادلختصرات‬
‫‪-‬‬ ‫قائمة ادلبلحق‬
‫‪XVIII‬‬ ‫قائمة ادللخصات‬
‫ب‬ ‫مقدمة عامة‬
‫الفصل األول‪ :‬التهرب الضريبي الدولي‬
‫‪02‬‬ ‫٘تهيد‬
‫‪03‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ماهية التهرب الضريبي الدولي‬
‫‪03‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬تعريف التهرب الضرييب الدكرل كخصائصو‬
‫‪04‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬أسباب التهرب الضرييب الدكرل‬
‫‪08‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع وأساليب التهرب الضريبي الدولي‬
‫‪08‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬أنواع التهرب الضرييب الدكرل‬
‫‪09‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬آليات التهرب الضرييب الدكرل‬
‫‪12‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬وسائل مكافحة التهرب الضريبي الدولي‬
‫‪12‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬أثار التهرب الضرييب الدكرل‬
‫‪15‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬آليات مكافحة التهرب الضرييب الدكرل‬
‫‪17‬‬ ‫خبلصة‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجنات الضريبية وآثارها االقتصادية‬
‫‪19‬‬ ‫٘تهيد‬
‫‪20‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تطور مفهوم الجنات الضريبية‬
‫‪20‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬نبذة تارؼلية عن اجلنات الضريبية‬
‫‪22‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬تعريف اجلنات الضريبية‬
‫‪25‬‬ ‫ادلطلب الثالث‪ :‬التسهيبلت اليت ٘تنحها اجلنات الضريبية‬
‫‪26‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الجنات الضريبية كآلية من آليات التهرب الضريبي الدولي‬
‫‪26‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬أنواع اجلنات الضريبية‬
‫‪28‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬متطلبات تصنيف اجلنات الضريبية‬
‫‪30‬‬ ‫ادلطلب الثالث‪ :‬التهرب عن طريق اجلنات الضريبية‬
‫‪34‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬اآلثار االقتصادية للجنات الضريبية‬
‫‪34‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬اآلثار االقتصادية على البلد ادلصدر‬
‫‪35‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬اآلثار االقتصادية على البلد ادلضيف‬
‫‪37‬‬ ‫ادلطلب الثالث‪ :‬االنعكاسات السلبية لوجود اجلنات الضريبية‬
‫‪39‬‬ ‫خبلصة‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر الجنات الضريبية على النظام الجبائي العالمي‬
‫‪41‬‬ ‫٘تهيد‬
‫‪42‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬التوزيع الجغرافي للجنات الضريبية‬
‫‪42‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬تقسيمات اجلنات الضريبية حوؿ العادل‬
‫‪49‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬بعض النماذج للجنات الضريبية‬
‫‪55‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬خسائر النظام الجبائي العالمي‬
‫‪56‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬تقدير خسائر النظاـ اجلبائي العادلي‬
‫‪58‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬مصادر أمواؿ اجلنات الضريبية‬
‫‪60‬‬ ‫ادلطلب الثالث‪ :‬مسؤكلية اجلنات الضريبية عن خسائر النظاـ اجلبائي العادلي‬
‫‪63‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مكافحة الجنات الضريبية‬
‫‪63‬‬ ‫ادلطلب األكؿ‪ :‬اجلهود الدكلية حملاربة اجلنات الضريبية‬
‫‪66‬‬ ‫ادلطلب الثاين‪ :‬كسائل احلد من اجلنات الضريبية‬
‫‪67‬‬ ‫ادلطلب الثالث‪ :‬أىم النجاحات احملققة‬
‫‪69‬‬ ‫خبلصة‬
‫‪71‬‬ ‫خا٘تة عامة‬
‫‪76‬‬ ‫قائمة ادلراجع‬
‫الصفحة‬ ‫عنوان الجدول‬ ‫رقم الجدول‬
‫‪44‬‬ ‫اجلنات الضريبية كفقا للموقع اجلغرايف لسنة ‪2015‬‬ ‫(‪)1-3‬‬
‫‪46‬‬ ‫أكرب ادلبلذات الضريبية يف العادل لسنة ‪2017‬‬ ‫(‪)2-3‬‬
‫‪48‬‬ ‫ادلبلذات الضريبية اليت تعهدت بتطبيق معايَت الشفافية لعاـ ‪2009‬‬ ‫(‪)3-3‬‬
‫‪59‬‬ ‫تركيبة األنشطة غَت الشرعية‬ ‫(‪)4-3‬‬

‫‪XIII‬‬
‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫رقم الشكل‬
‫‪33‬‬ ‫أيرلندم مزدكج مع شطَتة ىولندية‬ ‫(‪)1-2‬‬
‫‪45‬‬ ‫خريطة ادلبلذات الضريبية حسب السرية ادلالية لعاـ ‪2017‬‬ ‫(‪)1-3‬‬
‫‪49‬‬ ‫ادلبلذات الضريبية حسب السرية ادلالية لعاـ ‪2017‬‬ ‫(‪)2-3‬‬
‫‪56‬‬ ‫توزيع اخلسائر الضريبية حسب مناطق كفئات الدخل‬ ‫(‪)3-3‬‬
‫‪61‬‬ ‫الدكؿ ادلسئولة عن أكرب اخلسائر يف العادل‬ ‫(‪)4-3‬‬
‫‪62‬‬ ‫اجلهات ادلسئولة عن خسائر النظاـ الضرييب يف العادل‬ ‫(‪)5-3‬‬

‫‪XIV‬‬
‫المختصر باللغة األجنبية‬ ‫المختصر باللغة العربية‬ ‫المختصر‬
Organization for Economic
Co-operation and ‫منظمة التعاكف كالتنمية االقتصادية‬ OECD
Development
World Trade Organization ‫ادلنظمة العادلية للتجارة‬ WTO
United Nation Conference
‫مؤ٘تر األمم ادلتحدة للتجارة كالتنمية‬ UNCTAD
On Trade and Development
United States Gouvernement
‫مكتبة زلاسبة احلكومة األمريكية‬ US GAO
Accountability Office
Foreign Direct Investment ‫االستثمار األجنيب ادلباشر‬ FDI
Bank Account Company ‫شبكة احلسابات ادلصرفية‬ PBANC
Le groupe D’action
‫رلموعة العمل ادلالية الدكلية‬ GAFI
Financiere

XVI
‫الملخص باللغة العربية‬

‫ىدفت الدراسة إذل تسليط الضوء على دكر اجلنات الضريبية يف تشجيع التهرب الضرييب الدكرل نظرا دلا‬
. ‫ كىو األمر الذم يكلف النظاـ اجلبائي العادلي خسائر كبَتة‬،‫توفره من مزايا للمستثمرين من مزايا أعلها السرية‬

‫اعتمدنا يف ذلك على ادلنهج الوصفي التحليلي جملموعة من اإلحصائيات حوؿ اجلنات الضريبية من جهة‬
‫ حيث توصلنا إذل أهنا تلعب دكرا زلوريا يف التهرب اجلبائي‬.‫كحوؿ مبالغ اخلسائر اليت تتسبب فيها من جهة أخرل‬
‫ كىو ما يستدعي إحداث تنسيق‬،‫الدكرل كتبييض األمواؿ شلا يؤثر بشكل ملحوظ على األكعية اجلبائية للدكؿ‬
.‫جبائي دكرل‬

. ‫ النظاـ اجلبائي الدكرل‬،‫ التهرب الضرييب الدكرل‬،‫ ادلبلذ الضرييب‬:‫الكلمات المفتاحية‬

:‫الملخص باللغة األجنبية‬

Abstract:

The study aimed to highlight the role of tax havens in promoting


international tax evasion because of the advantages they provide to
investors, the most important of which is confidentiality, which costs the
global tax system significant losses.

We relied on the descriptive analytical approach to a set of statistics on


tax havens on the one hand and on the amount of losses they cause on
the other. We have concluded that they play a central role in
international tax evasion and money laundering, which significantly
affects the tax vessels of states, which calls for international tax
coordination.

Keywords: Tax Havens, International Tax Evasion, The Global Tax


System.

XVIII
‫مقدمة عامة‬

‫برزت العودلة يف الساحة الدكلية لتعرب عن ظاىرة عادلية كىي ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل الذم دل يظهر‬
‫على ادلستول الدكرل إال بعد ظهور الشركات العابرة للقارات أك الشركات متعددة اجلنسيات‪ ،‬كذلك يرجع إذل‬
‫نوعية نشاط ىذه الشركات اليت تقوـ بفتح أسواؽ عادلية جديدة بُت اقتصاديات الدكؿ ادلختلفة‪.‬‬

‫إف التهرب الضريبية الدكرل يعترب من أخطر ما يهدد اقتصاديات الدكؿ كخاصة الدكؿ النامية‪ ،‬حيث ينتج‬
‫عنو خسائر كبَتة دليزانياهتا حيث يؤدم إذل اطلفاض إيرادات الضريبة الدكلية كٖتوذلا لدكلة أخرل تتميز ٔتنحها‬
‫مزايا ضريبية لتلك الشركات فيما يسمى بدكؿ اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫للتهرب الضرييب الدكرل أثر عظيم على النظاـ االقتصادم للدكلة‪ْ ،‬تيث تعمل دكؿ اجلنات الضريبية يف‬
‫كثَت من األحياف كوسيط لبلستثمارات األجنبية ادلباشرة ما بُت ادلستثمر النهائي كاالستثمار‪ ،‬دكف أف ٖتقق أم‬
‫عائد من ادلصدر لتلك األمواؿ ادلستحقة للخزينة العامة للدكلة‪ ،‬كتؤدم تلك ادلمارسات إذل خفض اإليرادات‬
‫الضريبية اليت تدفعها تلك الشركات كىي ما يؤثر بالسلب على حجم العائدات من فرض الضريبة‪.‬‬

‫أصبحت الشركات متعددة اجلنسيات ٗتفض ما تدفعو من ضرائب من خبلؿ ما يعرؼ باجلنات الضريبية‬
‫الذم ارتبط ظهورىا ّتذب االستثمارات األجنبية‪ ،‬كتعد اجلنات الضريبية من أىم ادلواضيع احلديثة اليت اىتم هبا‬
‫الباحثوف‪ ،‬حيث تقوـ الشركات كاألشخاص ذكم النفوذ بتطوير طرؽ جديدة الستعماؿ ىذه ادلناطق لصاحلها‪.‬‬

‫ما ساعد دكؿ اجلنات الضريبية ىو خاصية السرية ادلصرفية‪ ،‬فالشركات كاألفراد يقوموف بالبحث عن الدكؿ‬
‫اليت تدعم ىذه اخلاصية‪ ،‬حىت يتمكنوا من التهرب من دفع الضرائب بكل أرػلية فالسرية ادلصرفية تعترب عنصرا‬
‫ىاما لدكؿ اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫من خبلؿ خصائص اجلنات الضريبية اليت أشارت إليها منظمة التعاكف كالتنمية ؽلكن استنباط الفوائد اليت‬
‫يستطيع ادلستثمر أف غلنيها من ىذه اجلنات‪ ،‬إال أف ىذه ادلنافع تكوف خسائر بالنسبة للدكلة ادلصدرة لرأس ادلاؿ‪،‬‬
‫فعلى سبيل ادلثاؿ ؽلكن أف يستفيد ادلستثمر من اطلفاض معدؿ الضرائب على الدخل سواء دخل األفراد أك أرباح‬
‫الشركات يف الدكلة ادلستقبلة أك اجلنة الضريبية‪ ،‬كيف نفس الوقت ٗتسر الدكلة ادلصدرة العائد الضرييب الذم كاف‬
‫ؽلكن أف يدفعو ادلستثمر إذا استثمر يف بلده األصلي‪.‬‬

‫ب‬
‫‌‬
‫مقدمة عامة‬

‫اجلنات الضريبية ىي ظاىرة كغَتىا من الظواىر لديها جانب سليب‪ ،‬فهي تلحق أثارا سلبية باقتصاديات‬
‫الدكؿ كينتج عنها أضرار كبَتة كخسائر مركعة للنظاـ اجلبائي العادلي فحجم اخلسائر الناتج عنها ال ؽلكن توقعو‬
‫لكثرتو‪ ،‬فالدكؿ الفقَتة ىي أكثر الدكؿ ادلتضررة من ىذه اخلسائر عكس الدكؿ الغنية اليت غالبا ما تكوف ىي‬
‫ادلسئوؿ األكرب عن ىذه اخلسائر‪.‬‬

‫أدت اآلثار السلبية للجنات الضريبية إذل االىتماـ بدراستها أك البحث عن كسائل احلد من انتشار ىذه‬
‫اجلنات لذلك مت مناقشة ىذه الظاىرة على ادلستول األكادؽلي كالسياسي كعلى مستول ادلنظمات الدكلية ادلعنية‬
‫مثل منظمة التعاكف كالتنمية كغَتىا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إشكالية الدراسة‬

‫كيف ظل ما سبق‪ ،‬نطرح اإلشكاؿ التارل‪:‬‬

‫‪ ‬ما مدل مساعلة اجلنات الضريبية يف خسائر النظاـ اجلبائي العادلي؟‬

‫ثانيا‪ :‬األسئلة الفرعية‬

‫تندرج ضمن اإلشكالية الرئيسية التساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬

‫‪ ‬ما ادلقصود بالتهرب عن طريق اجلنات الضريبية؟‬


‫‪ ‬كم تكلف اجلنات الضريبية النظاـ اجلبائي العادلي من خسائر؟‬

‫ثالثا‪ :‬فرضيات الدراسة‬

‫حاكلت الدراسة اختبار الفرضيات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تشكل اجلنات الضريبية أحد آليات التهرب الضرييب الورل‪ ،‬كىي تعتمد على رلموعة من ادلواصفات اليت‬
‫تسمح ذلا ّتذب كمساعدة الشركات كاألفراد الراغبُت يف التخلص من الضرائب على ادلستول الدكرل‪.‬‬
‫‪ ‬تكلف اجلنات الضريبية خسائر كبَتة للنظاـ اجلبائي العادلي مقدرة ب ‪ 427‬مليار سنويا بسبب هتريب‬
‫رؤكس األمواؿ خارج نظامها الرمسي‪.‬‬

‫ت‬
‫‌‬
‫مقدمة عامة‬

‫رابعا‪ :‬أهمية الدراسة‬

‫تكمن أعلية الدراسة يف االىتماـ ادلتزايد مؤخرا بظاىرة اجلنات الضريبية‪ ،‬باعتبارىا ظاىرة عادلية تتطلب‬
‫االلتفاؼ ضلوىا‪ ،‬كتسليط الضوء على حجم اخلسائر اليت تلحقها بالنظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬كمعرفة الطرؽ كالوسائل‬
‫ادلتبعة من طرؼ الشركات كاألشخاص يف هتريب أمواذلم لدل دكؿ اجلنات الضريبية من أجل معرفة التدابَت اليت‬
‫غلب إتباعها دلكافحة ىذه الظاىرة ككضع حد ذلا‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أهداف الدراسة‬

‫هتدؼ ىذه الدراسة إذل‪:‬‬

‫‪ ‬التعرؼ على ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل كأىم آلياتو كطرؽ مكافحتو‪.‬‬
‫‪ ‬زلاكلة تعريف ظاىرة اجلنات الضريبية كاخلصائص ادلشًتكة بُت دكؿ اجلنات الضريبية‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة مدل تأثَت اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي الدكرل‪.‬‬
‫‪ ‬تقدير خسائر النظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬كمدل حجم مسؤكلية اجلنات الضريبية عن ىذه اخلسائر‪.‬‬
‫‪ ‬التعرؼ على أىم الوسائل كاإلجراءات ادلتخذة من طرؼ ادلنظمات العادلية حملاربة اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬المنهج المتبع‬

‫اعتمدنا يف معاجلتنا ذلذا ادلوضوع على مزيج من ادلنهج الوصفي كالتحليلي‪ ،‬فقد مت استعماؿ ادلنهج‬
‫الوصفي يف عرض سلتلف التعاريف كادلفاىيم ادلتعلقة بادلوضوع‪ ،‬أما األسلوب التحليلي فكاف من خبلؿ ٖتليل‬
‫خسائر النظاـ اجلبائي العادلي بسبب اجلنات الضريبية العادلية باالعتماد على البيانات كادلعلومات ادلتوفرة من‬
‫مصادرىا الرمسية‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬أسباب اختيار الموضوع‬

‫يعود اختيارنا ذلذا ادلوضوع إذل عدة أسباب كانت ٔتثابة دافع للقياـ بو‪ ،‬لعل أبرزىا‪:‬‬

‫ث‬
‫‌‬
‫مقدمة عامة‬

‫أسباب موضوعية‪:‬‬

‫‪ ‬معرفة األسباب احلقيقية كراء انتشار ظاىرة اجلنات الضريبية كالعمل على إغلاد سبل للحد منها من قبل‬
‫ادلنظمات العادلية‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة حجم اخلسائر اليت أحلقتها اجلنات الضريبية بالنظاـ اجلبائي العادلي‪.‬‬

‫أسباب ذاتية‪:‬‬

‫‪ ‬بناءا على رلاؿ ٗتصصنا كادلتمثل يف احملاسبة كاجلباية ادلعمقة فموضوع اجلنات الضرييب ة من أىم مواضيع‬
‫ىذا التخصص‪.‬‬
‫‪ ‬نظرا لبلىتماـ ادلتزايد مؤخرا بظاىرة اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬صعوبات الدراسة‬

‫من أىم الصعوبات اليت كاجهناىا يف ىذه الدراسة نقص ادلراجع كادلصادر ذات الصلة بادلوضوع‪.‬‬

‫تاسعا‪ :‬الدراسات السابقة‬

‫ىناؾ دراسات سابقة تطرقت إذل اجلنات الضريبية ككل منها كانت لو إشكالية خاصة‪ ،‬كعموما ىذه‬
‫الدراسات تكاد تقًتب من دراستنا أك تتقاطع معها‪ ،‬كمن بُت ىذه الدراسات‪:‬‬

‫الدراسة األولى‪ :‬كداد بوقلع‪ ،‬مصباح حراؽ‪ ،‬اجلنات الضريبية كخسائر النظاـ الضرييب العادلي –مع اإلشارة حلالة‬
‫اجلزائر‪ ،-‬اجمللة لدكلية لؤلداء االقتصادم‪ ،‬اجمللد ‪ ،4‬العدد ‪ ،01‬جواف ‪ ،2021‬ىدفت ىذه الدراسة إذل تسليط‬
‫الضوء على حجم مسؤكلية اجلنات الضريبية عن خسائر النظاـ الضرييب العادلي كزلاكلة تقدير خسائره من‬
‫اإليرادات الضريبية ادلفقودة يف اجلنات الضريبية‪ ،‬كتوصلت ىذه الدراسة إذل بعض النتائج نذكر منها‪:‬‬
‫قدرت شبكة العدالة الضريبية إ‪ٚ‬تارل خسائر النظاـ الضرييب العادلي من اإليرادات الضريبية بسبب التهرب الضرييب‬
‫الدكرل ب ‪ 427‬مليار دكالر منها ‪ 245‬مليار دكالر نإتة عن هترب الشركات كالباقي عن هترب األفراد‪.‬‬

‫ج‬
‫‌‬
‫مقدمة عامة‬

‫الدراسة الثانية‪ :‬فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬أسباب كاليات التهرب الضرييب الدكرل كطرؽ مكافحتو‪ ،‬رللة دراسات جبائية‪ ،‬رللد‬
‫‪ ،9‬العدد ‪ ،2‬ديسمرب ‪ ،2020‬ىدفت ىذه الدراسة إذل التعرؼ على أىم أسباب كأشكاؿ التهرب الضرييب‬
‫الدكرل كالعوامل اليت تساعد يف التقليل كاحلد منو‪ ،‬كخلصت ىذه الدراسة إذل أسباب ظهور الظاىرة كىو مرتبط‬
‫بظهور الشركات متعددة اجلنسيات اليت هتدؼ من خبلؿ استثماراهتا غلى التقليل من العبء الضرييب باللجوء إذل‬
‫أساليب متعددة‪ ،‬إف مكافحة التهرب الضرييب الدكرل تتم على مستوين‪ :‬على ادلستول الداخلي من خبلؿ تطبيق‬
‫مبادئ احلوكمة الضريبية كالعصرنة إلدارة الضريبية‪ ،‬كعلى ادلستول الدكرل باللجوء إذل االتفاقيات الثنائية كمتعددة‬
‫األطراؼ‪ ،‬ككذا التنسيق الضرييب الدكرل كرفع السرية ادلصرفية‪.‬‬

‫الدراسة الثالثة‪ :‬إسراء كاطع فياض‪ ،‬إسراء عبد فرحاف‪ ،‬رشا خالد شهيب‪ ،‬ادلبلذات الضريبية اآلمنة (التوزيع‬
‫اجلغرافية‪ ،‬كاآلثار االقتصادية)‪ ،‬رللة اإلدارة كاالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،125‬أكت ‪ ،2020‬ىدفت الدراسة إذل تسليط‬
‫الضوء على مفهوـ ادلبلذات الضريبية كتوزيعها اجلغرايف كأثارىا االقتصادية كأىم ادلعامبلت اليت تتعامل هبا تلك‬
‫ادلبلذات‪ ،‬كتوصل الباحث إذل ‪ٚ‬تلة من االستنتاجات كالتوصيات من ضمنها‪:‬‬

‫‪ .1‬تعد ادلبلذات الضريبية أماكن لتلقي رؤكس األمواؿ اذلاربة من النظم الضريبية كذلك ألهنا توفر األماف‬
‫كاألرباح كاإلعفاءات الضريبية لتلك األمواؿ فضبل عن السرية العالية يف التعامبلت التجارية كىناؾ أثار‬
‫مباشرة كأخرل غَت مباشرة النتقاؿ رؤكس األمواؿ ضلو اخلارج شلا يؤثر سلبا على حركة النشاط االقتصادم‬
‫كاالستثمارات احمللية كيعطل الكثَت من مفاضل االقتصاد الوطٍت‪.‬‬
‫‪ .2‬ضركرة التعاكف على ادلستول الدكرل من أجل رلاهبة سياسات ادلبلذات الضريبية السلبية اليت تدعو إذل‬
‫جذب رؤكس األمواؿ من موطنها األصلي ْتثا عن األرباح‪ ،‬كإصبلح النظم الضريبية ٔتا يتبلءـ مع‬
‫مصلحة البلد من حيث تشجيع االستثمارات احمللية ككسب رؤكس األمواؿ كإعطاء حوافز مادم كمعنوية‬
‫للمستثمرين‪.‬‬

‫الدراسة الرابعة‪ :‬رؽلة ضافرم‪ ،‬زلمد سعد الدين بلخَتم‪ ،‬اجلنات الضريبية كدكرىا يف التهرب الضرييب الدكرل –‬
‫‪ ،04‬العدد‬ ‫حاؿ األيرلندية ادلزدكجة كالساندكيتش اذلولندم لشركة غوغل‪ ،-‬رللة اقتصاد ادلاؿ كاألعماؿ‪ ،‬اجمللد‬
‫‪ ،01‬أفريل ‪ ،2020‬ىدفت ىذه لدراسة إذل توضيح مفهوـ اجلنات الضريبية الدكلية كعرفت سلتلف الطرؽ‬
‫ادلستعملة للتهرب مع دراسة حالة التقنيات اليت يستعملها رلموع غوغل من أجل التهرب الضرييب باستخداـ‬
‫اجلنات الضريبية كخلصت ىذه الدراسة إذل أف يبقى التعاكف الدكرل يف مواجهة التهرب الضرييب الدكرل على‬
‫ح‬
‫‌‬
‫مقدمة عامة‬

‫النطاؽ الدكرل ضركرة البد منها‪ ،‬من خبلؿ تنسيق الضرييب كمعاملة ادلستثمر األجنيب ٔتثل ما يعامل بو ادلستثمر‬
‫الوطٍت كالشفافية اجلبائية كادلصرفية كتبادؿ ادلعلومات كالتعاكف يف رلاؿ التحصيل الضرييب‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬تقسيمات الدراسة‬

‫لغرض ٖتقيق األىداؼ ادلرجوة كاإلجابة على اإلشكالية ادلطركحة كتساؤالهتا الفرعية الختبار الفرضيات‪ ،‬مت‬
‫تقسيم الدراسة إذل ثبلثة فصوؿ‪.‬‬

‫ْتيث تضمن الفصل األكؿ التهرب الضرييب الدكرل الذم مشل بدكره ماىية التهرب الضرييب الدكرل كأىم‬
‫خصائصو كأسبابو ضمن ادلبحث األكؿ‪ .‬أما ادلبحث الثاين تضمن أنواع كأساليب التهرب الضرييب الدكرل كأىم‬
‫آلياتو‪ ،‬كادلبحث الثالث تطرقنا فيو إذل اآلثار اليت خلفها التهرب الضرييب الدكرل كاليات مكافحتو‪.‬‬

‫الفصل الثاين اجلنات الضريبية كآثارىا االقتصادية‪ ،‬فتناكلنا فيو النبذة التارؼلية للجنات الضريبية‪ ،‬التعريف‪،‬‬
‫اخلصائص كالتسهيبلت اليت ٘تنحها اجلنات الضريبية ضمن ادلبحث األكؿ‪ ،‬أما ادلبحث الثاين فتطرقنا إذل أنواع‬
‫اجلنات الضريبية كمتطلبات تصنيفها ككيفية التهرب عن طريقها‪ .‬كيف ادلبحث الثالث ٖتدثنا عن اآلثار االقتصادية‬
‫للجنات الضريبية على البلد ادلصدر كالبلد ادلضيف كاالنعكاسات السلبية لوجود اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫أما الفصل الثالث أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي قمنا بتقسيمو إذل ثبلث مباحث‪ ،‬يف‬
‫ادلبحث األكؿ قسمنا اجلنات الضريبية جغرافيا كقدمنا بعض النماذج عنها يف العادل‪ ،‬كيف ادلبحث الثاين قمنا بتقدير‬
‫خسائر النظاـ اجلبائي لعادلي كمصادر أمواؿ اجلنات الضريبية كمسؤكليتها عن خسائر النظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬أما‬
‫ادلبحث الثالث فتطرقنا إذل اجلهود الدكلية حملاربة اجلنات الضريبية ككسائل حلد منها كأىم النجاحات احملققة‪.‬‬

‫خ‬
‫‌‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫تمهيد‬

‫تعترب الضريبة من بُت ادلوارد اذلامة اليت تعتمد عليها سلتلف الدكؿ من أجل ٘تويل النفقات العمومية كما‬
‫أهنا كسيلة مهمة إلنعاش احلياة االقتصادية كاالجتماعية للدكؿ كعلى ىذا األساس أصبحت الضريبة تقوـ بوظائف‬
‫سلتلفة فمن جهة تشكل كظيفة لتعبئة ادلوارد كاألمواؿ ادلتوفرة كمن جهة أخرل تشكل كظيفة زلفزة للنمو‬
‫االقتصادم‪ ،‬كىذه الوظائف اليت مت ذكرىا ؽلكن أف تتأثر ٔتجموعة من العوامل ادلختلفة اليت تقف عائقا أماـ‬
‫ٖتقيق النتيجة ادلراد الوصوؿ إليها‪.‬‬

‫كعليو صلد رلموعة من اجلرائم اليت يكوف موضوعها الضريبة من بينها التهرب الضرييب الذم يشكل زلطة‬
‫اىتماـ ‪ٚ‬تيع الدكؿ نظرا خلطورتو كادلتمثلة يف تنوع كتعدد التقنيات ادلستعملة الرتكابو كشلا يتسبب من أثار سيئة‬
‫ؼللفها على ادلوارد ادلالية‪ ،‬األمر الذم ينعكس أيضا على السياسة االقتصادية كاالجتماعية للدكؿ اليت تعتم بشكل‬
‫كبَت على الضرائب‪.‬‬

‫تبعا لذلك دل يعد التهرب الضرييب يقتصر على حدكد دكلة معينة فقط بل أصبح يشكل ظاىرة دكلية ٘تتد‬
‫إذل ‪ٚ‬تيع أضلاء العادل رغم اإلجراءات ادلتخذة لبعض الدكؿ اليت تصل إذل حد تطبيق بعض العقوبات اجلبائية ضد‬
‫مرتكبيو‪ ،‬كلكن رغم ذلك الزالت ظاىرة التهرب الدكرل تغزك ادلوارد اجلبائية للدكؿ اليت تتساىل أك تتغاضى عن‬
‫ىذه ادلمارسات الغَت شرعية‪.‬‬

‫يف ىذا اإلطار قمنا بتقسيم الفصل األكؿ إذل ثبلثة مباحث‪ ،‬يف ادلبحث األكؿ تطرقنا إذل ماىية التهرب‬
‫الضرييب الدكرل من خبلؿ تعريفو كذكر خصائصو كأىم األسباب اليت أدت لظهور ىذه الظاىرة‪ ،‬أما ادلبحث الثاين‬
‫تطرقنا فيو إذل أنواع كأساليب التهرب الضرييب الدكرل كيف ادلبحث الثالث كاألخَت تطرقنا إذل اآلثار اليت خلفها‬
‫التهرب الضرييب الدكرل كاليات مكافحة ىذه الظاىرة‪.‬‬
‫‌‬

‫‌‬
‫‌‬
‫‪2‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫‌‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية التهرب الضريبي الدولي‬

‫تعد ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل من العقبات اليت ٖتوؿ دكف كجود بيئة األعماؿ القائمة على ادلنافسة‬
‫فضبل على أهنا زلدد رئيسي الذم قد تصلو الدكلة يف تقدًن دعم للمؤسسات االقتصادية عند التحفيز الضرييب‬
‫كما أهنا تعترب مشكلة دكلية تضر باالقتصاد العادلي كالنظاـ اجلبائي العادلي‪ .‬يف ىذا ادلبحث سنتطرؽ إذل تعريف‬
‫التهرب الضرييب الدكرل كأىم األسباب اليت أدت إذل ظهوره‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف التهرب الضريبي الدولي وخصائصه‬

‫إف التهرب الضرييب الدكرل لو عدة تعاريف سوؼ نقوـ بتوضيحها يف ىذا ادلطلب ضمن الفرع األكؿ كنقوـ‬
‫باستخبلص أىم خصائصو يف الفرع الثاين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف التهرب الضريبي الدولي‬

‫إف التهرب الضرييب الدكرل ما ىو إال صورة من صور التهرب الضرييب بصفة عامة كإف ما ميزه انو ذك صفة‬
‫دكلية‪ ،‬إذ ػلدث عرب حدكد الدكلة‪ ،‬بُت دكلتُت أك أكثر‪ ،‬فيحاكؿ ادلكلف بالضريبة ٗتفيض عبئو الضرييب‬
‫باستخداـ كافة السبل ادلشرعة كغَت ادلشركعة كقيامة بتحويل أرباحو إذل خارج الدكلة ادلقيم هبا لتجنب دفع‬
‫باستثمار أموالو خارج ىذه الدكلة لبلستفادة من‬ ‫الضريبة الداخلية يف حاؿ ما كانت مرتفعة القيمة أك يقوـ‬
‫‪1‬‬
‫اإلجازات كاحلوافز الضريبة ادلمنوحة من طرؼ البلداف ادلضيفة‪.‬‬

‫)‪ )oecd‬على أنو "كل فعل يقوـ بو ادلكلف بالضريبة‪،‬‬ ‫عرفتو منظمة التعاكف كالتنمية االقتصادية‬
‫كيستدعي انتهاؾ القانوف عندما يتصرؼ ىذا ادلكلف عن قصد بغية حجب مداخيلو عن الضريبة"‪.‬‬

‫‪ 1‬بن عياد طو عبد الكرًن‪ ،‬بلغمارم سيد أ‪ٛ‬تد‪ ،‬دكر أسعار التحويل يف التهرب اجلبائي الدكرل‪-‬دراسة حالة سويسرا لوكسمبورغ بنما ىونغكونغ ‪ ،-‬مذكرة مقدمة للحصوؿ على شهادة‬
‫ماسًت أكادؽلي‪ ،‬كلية العلوـ االقتصادية كالتجارية كعلوـ التسيَت‪ ،‬جامعة بلحاج بوشعيب‪ ،‬عُت ٘توشنت‪ ،2021-2020 ،‬ص‪.11.‬‬

‫‪3‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫هترب اقتصادم‪ٔ ،‬تعٌت أنو ذك تأثَت اقتصادم على اجملتمع‪ ،‬يتمثل يف ضياع مورد من ادلوارد األساسية‬
‫كاحلالية للدكلة يف الظركؼ العادية‪ ،‬يستوم يف ذلك أف تكوف كسيلة التهرب مشركع أك غَت مشركع بل األثر‬
‫‪1‬‬
‫ادلًتتب عنها‪ ،‬كبذلك ؽلكن القوؿ إف التهرب الضرييب الدكرل ظاىرة سلبية يف إطار العبلقة بُت الفرد كاجملتمع‪.‬‬

‫شلا سبق ؽلكن تعريف التهرب الضرييب الدكرل بأنو هترب خارجي قد يكوف بُت دكلتُت أك أكثر من ذلك‬
‫كىو هترب مقصود فعلو بطريقة قانونية أك غَت قانونية ككل ىذا بقصد التملص من دفع الضرائب أك ٗتفيض‬
‫العبء الضرييب إذل أدىن حد شلكن ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص التهرب الضريبي الدولي‬

‫‪ .1‬التهرب الضرييب الدكرل شكل من أشكاؿ التهرب الضرييب الدكرل‪.‬‬


‫‪ .2‬التهرب الضرييب الدكرل يكوف خارج حدكد الدكلة كىو هترب خارجي بُت دكلتُت أك أكثر‪.‬‬
‫‪ .3‬ادلكلف بالضريبة قد يكوف شخص طبيعي أك معنوم‪.‬‬
‫‪ .4‬قد يكوف التهرب الضرييب الدكرل إما قانونيا أك غَت قانوينا ‪.‬‬
‫‪ .5‬الغرض من التهرب الضرييب الدكرل ىو ٗتفيف العبء الضرييب إذل أدىن حد شلكن‪.‬‬
‫‪ .6‬يقوـ ادلكلف بالضريبة بنقل أرباحو أك مكانتو إذل إقليم أجنيب‪.‬‬
‫)التصدعات ( ادلوجودة يف‬ ‫‪ .7‬يرتكز ادلكلف بالضريبة يف التهرب الضرييب الدكرل على الثغرات‬
‫األنظمة القانونية‪ ،‬كليس بانتهاؾ القواعد‪.‬‬
‫‪ .8‬إف التهرب الضرييب على ادلستول الدكرل ىو هترب اقتصادم‪ٔ ،‬تعٌت أنو ذك تأثَت اقتصادم‬
‫‪2‬‬
‫على اجملتمع يتمثل يف ضياع مورد مارل ىاـ من ادلوارد األساسية كاحليوية للدكلة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب التهرب الضريبي الدولي‬

‫إف األسباب الكامنة كراء التهرب الضرييب الدكرل ىي أسباب متعددة كمتنوعة كؽلكن حصر أىم ىذه‬
‫األسباب فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أسباب اقتصادية‬

‫‪، 2020-2019‬‬ ‫‌زكاؽ احلواس‪ ،‬زلاضرات يف مقياس نظم ضريبية دكلية موجهة لطلبة السنة أكذل ماسًت زلاسبة كجباية‪ ،‬قسم علوـ مالية كاحملاسبة‪ ،‬جامعة زلمد بوضياؼ‪ ،‬ادلسيلة‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ص‪.5.‬‬
‫مكافحتو‪ ،‬رللة دراسات جبائية‪ ،‬اجمللد ‪ ،9‬العدد ‪ ،2020 ،2‬ص‪74..‬‬ ‫‪ 2‬فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬أسباب كاليات التهرب اجلبائي الدكرل كطرؽ‬

‫‪4‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫إف طبيعة الظركؼ االقتصادية يف فًتة معينة‪ ،‬كثَتا ما يكوف ذلا التأثَت البالغ على استفحاؿ ظاىرة التهرب‬
‫اجلبائي‪ ،‬فنجد يف فًتة الرخاء كاالزدىار االقتصاد م‪ ،‬تزداد مدا خيل األفراد الشيء الذم ؽلكن ادلنتجُت من نقل‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫عبء الضريبة إذل غَته من ادلستهلكُت‪ ،‬كذلك عن طريق رفع أسعار منتجاهتم‬
‫الرتفاع‬ ‫أما يف فًتة الركود كما يزامنو من اطلفاض يف ادلداخل كالقدرة الشرائية لؤلفراد‪ ،‬أين تزداد حساسيتهم‬
‫األسعار ‪ .‬الشيء الذم يصعب على ادلنتجُت نقل عبأه كذلك ما يكوف دافعا ذلم للتهرب اجلبائي باستخداـ‬
‫إحدل اآلليات‪.‬‬

‫كذلك انتشار السوؽ ادلوازية اليت تعرؼ بالسوؽ السوداء شلا يؤدم إذل استعماؿ ظاىرة التهرب اجلبائي يف‬
‫ىاتو األسواؽ ‪ .‬كما أف ىذه األرباح كادلدخرات ادلتحصل عليها بفضل الصفقات ادلنجزة تبقى خفيفة كسرية كال‬
‫‪2‬‬
‫ٗتضع ألم اقتطاعات ضرييبة‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬أسباب متعلقة بالتشريع الضريبي‬

‫كجود ثغرات يف التشريع الضرييب من شأنو أف يؤدم إذل انتشار التهرب اجلبائي ادلشركع مستغلُت الثغرات‬
‫القانونية للتشريع الضرييب‪.‬‬

‫كما صلد أيضا على مستول ادلبادئ األساسية للضريبة خاصة مبدأ العدالة ادلشكل ادلطركح لفرض الضرائب‬
‫‪3‬‬
‫كىذا نتيجة الختبلؼ كاقع فرض الضرائب على األفراد‪ ،‬سواء من الناحية النفسية أك القدرة التمويلية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ظهور العولمة االقتصادية‬

‫إف العودلة االقتصادية حولت العادل إذل سوؽ كاحدة تتبادؿ فيها السلع‪ ،‬باإلضافة إذل عوامل اإلنتاج كيعود‬
‫السبب يف ذلك إذل ظهور التكنولوجية كادلعلوماتية تتجسد من خبلؿ ارتفاع حجم ادلبادالت التجارية الدكلية‬
‫كانتقاؿ رؤكس األمواؿ بُت سلتلف دكؿ العادل‪ ،‬شلا أدل إذل تعميق االعتماد االقتصادم ادلتبادؿ بينها‪ ،‬كٖتوذلا إذل‬
‫سوؽ كاحدة نتيجة إللغائها قيود على انتقاؿ السلع كاخلدمات كعوامل اإلنتاج اخلاصة بعد إنشاء ادلنظمة العادلية‬

‫بن عياد طو عبد الكرًن‪ ،‬بلغمارم سيد أ‪ٛ‬تد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.12.‬‬
‫‪1‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪13. .‬‬ ‫بن عياد طو عبد الكرًن‪ ،‬بلغمارم سيد أ‪ٛ‬تد‪ ،‬مرجع‬
‫‪2‬‬

‫‌ ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪13..‬‬


‫‪3‬‬

‫‪5‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫للتجارة )‪ ،(WTO‬كاليت أكملت مسَتة سابقتها يف ٖترير التجارة الدكلية كأصبحت تقود النظاـ التجارم‬
‫‪1‬‬
‫العادلي‪ ،‬باإلضافة إذل التطور التكنولوجي السريع خاصة يف رلاؿ االتصاالت‪.‬‬

‫من ادلبلحظ أف انتشار ظاىرة العودلة االقتصادية كاف بوتَتة سريعة كعلى مستول جد كاسع‪ ،‬يف حُت أف‬
‫القوانُت كالتشريعات الضريبية للدكؿ دل تشهد تطورا بنفس الوثَتة شلا جعلها أقل ؽدرة على مواكبة تلك الظاىرة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫خاصة يف ظل ٘تسك الدكؿ بسيادهتا الضريبية‪ ،‬شلا زاد حجم التهرب اجلبائي الدكرل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات‬

‫تعد الشركات ادلتعددة اجلنسيات من أكثر األظلاط تعبَتا عن عودلة االقتصاد‪ ،‬دلا ٘تلكو من إمكانيات مادية‬
‫كبشرية ىائلة ٘تتد إذل سلتلف دكؿ العادل‪ ،‬تنوع نشاطاهتا لتشمل قطاعات اإلنتاج كالتجارة كاخلدمات كادلاؿ‬
‫كادلصارؼ الدكلية بغية توزيع ادلخاطر كتنويع مصادر الربح‪ ،‬كسعيها لتحويل العادل إذل ساحة اقتصادية كبغية بسط‬
‫نفوذىا كأحكاـ سيطرهتا على قطاعات األعماؿ يف العادل ‌مستفيدة من منجزات التقدـ العلمي كالتقٍت األمر الذم‬
‫أدل لًتاجع دكر الدكلة أماـ ىذه الشركات اليت مست بشكل كبَت يف رفع حجم التهرب اجلبائي الدكرل نتيجة‬
‫الستعماذلا تقنيات معقدة ال تستطيع الدكؿ النامية مكافحتها نظرا لقوهتا كيف ادلقابل ىذا ال ؽلكن ذلذه الشركات‬
‫أف تستعمل ىذه التقنيات إال إذا كجدت ذلا أرضية مبلئمة كاليت تشكل سببا من أسباب التهرب اجلبائي الدكرل‬
‫يف الدكؿ النامية تسعى إذل ٖتسُت معدالت النمو كزيادة االستثمار كاخلركج من أزمتها االقتصادية للشركات‬
‫ادلتعددة اجلنسيات ترل يف ىذه الدكؿ فرصا ذىبية لبلستثمار تبدأ باطلفاض مستول األجور كتوافر البنية التحتية‬
‫للتنمية‪ ،‬كتوافر ادلواد اخلاـ يف بعض األحياف‪ ،‬كأحيانا أخرل توافر األسواؽ الواعدة للتسويق كأحيانا االثنُت شلا‬
‫‪3‬‬
‫غلعل ىذه االستثمارات ٗتلف أثارا سلبية على ادلستول الضرييب‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬االزدواج الضريبي الدولي‬

‫ػلدث االزدكاج الضرييب الدكرل عندما ؼلضع نفس ادلكلف كبالنسبة لنفس األساس الضرييب كخبلؿ نفس‬
‫الفًتة إذل نفس الضريبة أك الضرائب متشاهبة من طرؼ دكلتُت أك أكثر ٔتعٌت قياـ سلطات مثالية تابعة لدكؿ‬
‫ٔتا‬ ‫سلتلفة بتطبيق تشريعاهتا الضريبية على نفس الوعاء كمن ادلعركؼ أف كل دكلة تستقل بوضع تشريعها الضرييب‬

‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.13.‬‬


‫‪1‬‬

‫بن عياد طو عبد الكرًن‪ ،‬بلغمارم سيد أ‪ٛ‬تد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.13.‬‬
‫‪2‬‬

‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪14..‬‬


‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫يتماشى مع مصلحتها اخلاصة كػلقق أىدافها دكف النظر إذل باقي التشريعات الضريبية ادلقارنة من ىذا ادلكلف نفسو‬
‫‪1‬‬
‫سلاطبا بقانوف الدكلة األكذل استنادا إذل مبدأ اجلنسية كبقانوف الدكلة الثانية استنادا إذل فكرة التوطُت‪ ،‬كبقانوف‬
‫الدكلة الثالثة استنادا إذل موقع ادلاؿ كىكذا‪ ،‬كبالتارل تفرض الضريبة على ىذا ادلكلف عن نفس ادلادة بواسطة‬
‫الدكؿ الثبلث ادلتقدمة‪.‬‬

‫يفضي حصوؿ االزدكاج الضرييب الدكرل إذل بعض اآلثار السلبية من الناحية ادلالية كاالقتصادية‪ ،‬إذ يؤدم‬
‫من الناحية االقتصادية إذل هتريب رؤكس األمواؿ كاحلد من انتقاذلا ككذا اإلحجاـ عن إقامة مشاريع اقتصادية‬
‫جديدة‪ ،‬أما ماليا فيؤدم إذل التهرب من الضريبة عن ٖتملهم لعبء ضرييب كبَت ناتج عن االزدكاج الضرييب‬
‫ٔتحاكلة التخلص من كامل أك جزء من الضريبية ادلستحقة عليهم‪ ،‬باستخداـ العديد من األساليب ادلشركعة كغَت‬
‫ادلشركعة‪ ،‬شلا يؤدم إذل ٗتفيض حصيلة الضريبة كيؤدم ال زلالة إذل انتشار ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل فالعبلقة‬
‫‪2‬‬
‫بينهما طردية‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬عدم كفاءة اإلدارة الضريبية‬

‫لقد أصبح موضوع اإلدارة الضريبية من ادلواضيع اإلدارية ادلهمة يف العصر احلارل نظرا ألعلية اجلانب اإلدارم‬
‫يف كفاءة تطبيق القوانُت الضريبية كٖتقيق األنظمة الضريبية ألىدافها‪ ،‬كلكن ىناؾ من العوائق اليت ٖتد من قدرة‬
‫مصلحة الضرائب على ٖتقيق أىدافها صلد الثغرات القانونية اليت تعًتم التشريعات الضريبية إذ تعد عامبل أساسيا‬
‫يف التهرب اجلنائي الذم أعلل الصياغة الدقيقة للنصوص الضريبية شلا يًتتب على ذلك من فراغ تشريعي يستغلو‬
‫األشخاص كالشركات ادلتعددة اجلنسيات بزيادة يف أرباحهم‪.‬‬

‫استنادا على ذلك تقوـ بعض الشركات متعددة اجلنسيات بالتحايل على األنظمة الضريبية للدكؿ ادلختلفة‬
‫مستغلة بذلك العيوب التقنية اليت تعًتم النصوص الضريبية‪ ،‬ككذلك يتم االستفادة من القواعد احملاسبة عن طريق‬
‫حالة الغلط أك تقدًن إقرارات إذل إدارة ضريبية مزيفة ككعلية‪ ،‬ال تعرب عن حقيقة العمليات ادلربمة من طرؼ الشركة‬
‫أجل تفادم‬ ‫األجنبية أك الشخص األجنيب‪ ،‬كما إف اؿبعض يقوموف بتوزيع األرباح على أشخاص كعليُت من‬
‫‪3‬‬
‫الضريبة ادلطبقة على األرباح أك رقم األعماؿ‪.‬‬

‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.14.‬‬


‫‪1‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.15.14 .‬‬ ‫بن عياد طو عبد الكرًن‪ ،‬بلغمارم سيد أ‪ٛ‬تد‪ ،‬مرجع‬
‫‪2‬‬

‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪‌‌‌.15.‬‬


‫‪3‬‬

‫‪7‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع وأساليب التهرب الضريبي الدولي‬

‫إف للتهرب الضرييب الدكرل أشكاؿ كأنواع سنتطرؽ إليها يف ىذا ادلبحث ضمن ادلطلب األكؿ كيف ادلطلب‬
‫الثاين سنقوـ بشرح سلتلف األساليب ادلستخدمة كاليت يتم اللجوء إليها عادة من طرؼ الشركات من أجل التهرب‬
‫الضرييب‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع التهرب الضريبي الدولي‬

‫إف التهرب الضرييب الدكرل ينقسم إذل نوعاف‪ :‬النوع األكؿ التهرب عن طريق استعماؿ طرؽ غَت مشركعة‬
‫كىو ما يسمى "الغش الضرييب " ‪ LA FRAUDE FISCALE‬كيف النوع الثاين يكوف التهرب عن طريق‬
‫استعماؿ أساليب مشركعة دكف انتهاؾ أك ادلساس بالقانوف كىو ما يعرؼ "بالتجنب الضرييب " ‪EVASION‬‬
‫‪.FISCALE‬‬

‫أوال‪ :‬التهرب الضريبي الغير المشروع (الغش الضريبي)‬

‫التهرب الضرييب الغَت مشركع يكوف بتزكير الوثائق (إعداد سجبلت كقيود مزيفة)‪ ،‬التهرب على احلدكد ٕتنبا‬
‫للحواجز اجلمركية‪ ،‬استعماؿ النفوذ كاحملاباة كاستغبلؿ ادلناصب‪ ،‬عدـ تقدًن ادلكلف تصرػلا ضريبيا عن النشاط‬
‫‪1‬‬
‫اخلاضع للضريبة عدـ دفع الضريبة ادلًتتبة على ادلكلف كذلك عندما يهرب ادلكلف خارج الببلد‪.‬‬

‫كما يتمثل الغش الدكرل بعدـ دفع الضرائب داخل البلد كٖتويل ادلداخيل إذل بلد يتميز ّتاذبية جبائية‬
‫كاجلنات أك ادلبلذات الضريبية يف بعض الدكؿ مثل‪ :‬بنما‪ ،‬البحرين‪ ،‬جزر البهاماس كغَتىا‪ ،‬كىذا بغية اؿتقليل من‬
‫ادلبالغ ادلقتطعة‪ ،‬كىذا النوع من الغش يرجع إذل التطور الكبَت الذم عرفتو التبادالت الدكلية كالنشاط الكبَت الذم‬
‫‪2‬‬
‫غَت حركة رؤكس األمواؿ‪.‬‬

‫‪-2018‬‬ ‫أ‪ٛ‬تد نوم‪ ،‬آليات مكافحة ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل يف التشريع اجلزائرم‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماسًت‪ ،‬كلية العلوـ السياسية كاحلقوؽ‪ ،‬جامعة زلمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ ،2019‬ص‪.13 .‬‬
‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.14.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫ثانيا‪ :‬التهرب الضريبي المشروع‬

‫يقصد بالتهرب الضرييب ادلشركع على أف يتخلص ادلكلف القانوين من دفع الضريبية ضمن سلالفة أحكاـ‬
‫التشريع الضرييب القائم‪.‬‬

‫بف التجنب الضرييب ىو ترتيب أمور ادلموؿ ٔتا‬


‫عرفت منظمة التعاكف االقتصادم للتنمية )‪ (OECD‬ػأ‬
‫تتعارض مع قصد ادلشرع من تطبيق ىذا‬ ‫ؽلكنو من ٗتفيض الضريبة بصورة تتفق حرفيا مع القانوف كلكنها‬
‫‪1‬‬
‫القانوف‪.‬‬

‫بعض النماذج عن التهرب ادلشركع كتجزئة شركة األـ إذل شركات صغَتة مستقلة كعليا‪ ،‬إعطاء بعض‬
‫األنشطة صفة غَت ٕتارية‪ ،‬إعادة استثمار األرباح اؿغَت موزعة مستفيدا من ٗتفيضات عليها دكف القياـ فعبل بإعادة‬
‫‪2‬‬
‫زيادة اؿنفقات عن طريق تضخيمها فقط ‪ ....‬اخل‪.‬‬

‫فالتجنب الضرييب ىو ٗتلص ادلكلف من دفع الضريبية كليا أك جزئيا دكف أف يعكس عبئها على الغَت‬
‫متفاديا يف ذلك أم سلالفة ؿؿنصوص التشريعية اجلباية‪ ،‬فمهما كاف ىذا النوع من التهرب مشركعا إال أنو يفوت‬
‫على الدكلة األمواؿ الطائلة كما ىو إال دليل على عدـ الوعي كالتحضر الضرييب‪ .‬لكن ىذا النوع من التهرب مهما‬
‫‪3‬‬
‫اتصف بادلشركعية إؼنو يدؿ على الضعف يف التحضر كغياب الضمَت االجتماعي‪.‬‬

‫يف األخَت نستنتج أف التهرب الدكرل سواء كاف ٕتنبا أك غشا‪ ،‬قانونيا أك غَت قانونيا فالغرض منو كاحد كىو‬
‫عرقلة سَت الوظيفة األساسية للضريبة كتقليص حجمها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات التهرب الضريبي الدولي‬

‫من ادلعلوـ أف ظهور التهرب الضرييب الدكرل بنسبة كبَتة بسبب الشركات متعددة اجلنسيات أك الشركات‬
‫العابرة للقارات كاليت يكوف ذلا فركع كثَتة يف سلتلف الدكؿ كاليت يكوف ىدفها ىو التهرب كتقليص حجم الضرائب‬
‫كذلك عن طريق إتباع أساليب كاليات ٘تكنهم من التهرب عن دفع الضريبية بُت الدكؿ بسهولة‪.‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪10.‬‬ ‫أ‪ٛ‬تد نوم‪ ،‬مرجع‬


‫‪1‬‬

‫أ‪ٛ‬تد نوم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.12.‬‬


‫‪2‬‬

‫‌طورش بناتة‪ ،‬مكافحة التهرب الضرييب يف اجلزائر‪ ،‬مذكرة نيل شهادة ماسًت‪ ،‬كلية احلقوؽ‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،1‬قسنطينة‪ ،2012-2011 ،‬ص‪‌ 20.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪9‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫يف ىذا ادلطلب سنتطرؽ إذل أىم آليات التهرب الضرييب الدكرل ضمن ثبلثة فركع‬

‫الفرع األول‪ :‬التهرب عن طريق الجنات الضريبية‬

‫تعمد معظم الشركات متعددة اجلنسيات إذل االستثمار أك نقل نشاطها إذل اجلنات الضريبية‪ ،‬دلا تقره من‬
‫امتيازات كشليزات ضريبية تصل يف الكثَت من األحياف إذل حد اإلعفاءات الضريبية لبعض أنواع الدخوؿ كاألنشطة‪،‬‬
‫كبذلك تستفيد ىذه الشركات من اؿٗتفيف من عبئها الضرييب يف الدكلة األـ كاحلصوؿ على أرباح كاملة دكف أم‬
‫‪1‬‬
‫اقتطاعات يف دكؿ اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫يتم التهرب الضرييب باستخداـ اجلنات الضريبية عن طريق إنشاء الشركات الوسيطة أك الساترة الوعلية‬
‫(سنقوـ بشرح التهرب عن طريق اجلنات الضريبية بالتفصيل يف الفصل الثاين)‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التهرب باستخدام أسعار التحويل‬

‫أسعار التحويل ىي عبارة عن أسعار داخلية تستخدـ لتسوية ادلعامبلت الداخلية يف إطار شركات دكلية‬
‫النشاط كيقصد هبا ذلك السعر الذم ٖتدده الشركة األـ لبيع أك استئجار األمواؿ ادلادية كادلعنوية من سلع‬
‫كخدمات كتكنولوجيا إذل الشركة الوليدة‪ ،‬كمن الشركة الوليدة إذل شركة كليدة أخرل‪ ،‬على أف يقتصر التعامل على‬
‫‪2‬‬
‫ادلعامبلت اليت تتم داخل إطار رلموعة شركة دكلية النشاط‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫يتم التهرب الضرييب باستخداـ أسعار التحويل‪:‬‬

‫إذا قامت إحدل الشركات التابعة أك أحد الفركع إلحدل الشركات ادلتعددة اجلنسيات ببيع ادلدخبلت‬
‫إذل الشركة التابعة األخرل أك فرع أخر من الشركة نفسها كيف بلد أخر‪ ،‬فإهنا يف ىذا الوضع ال تأخذ‬
‫األسعار اجلارية كادلتداكلة يف األسواؽ باحلسباف‪ ،‬كإظلا تقوـ الشركة ادلتعددة اجلنسية األـ كفركعها يف‬
‫ضلو اعتباطي تاركة اجملاؿ‬ ‫اخلارج بتسجيل أسعار الصفقات ادلعقودة بينهما يف الدفاتر احملاسبية على‬
‫ؿلتبلعب باألسعار‪‌ .‬‬

‫‌ زكاؽ احلواس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.5.‬‬


‫‪1‬‬

‫ذكره‪ ،‬ص‪6..‬‬ ‫زكاؽ احلواس‪ ،‬مرجع سبق‬


‫‪2‬‬

‫مهى حاجي شهُت‪ ،‬اليات مكافحة التهرب اجلبائي‪ ،‬رللة مسار العلوـ الًتبوية كاالجتماعية‪ ،‬اجمللد ‪ ،6‬العدد ‪ ،2019 ،3‬ص‪.533.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪10‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫التبلعب يف ادلادة اخلاضعة للضريبة قبل توزيع األرباح‪ ،‬سواء باؿزيادة أك اؿنقصاف يف النفقات من جانب‬
‫الشركة األـ مستفيدة من التباين يف األنظمة الضريبية يف دكؿ سلتلفة‪ْ ،‬تيث ٗتفض من النفقات‪ ،‬من مث‬
‫تزيد من ادلادة اخلاضعة للضريبة يف الدكؿ ذات اجلنات الضريبية‪ ،‬كالعكس يف الدكؿ اليت تتميز بالنظاـ‬
‫الضرييب ادلتشدد‪.‬‬
‫عند توزيع األرباح يتم ذلك عن طريق إنشاء شركات كسطية من طرؼ الشركة األـ‪ ،‬كىي الشركات ادلالية‬
‫تقوـ باالحتفاظ باألمواؿ احملققة من الشركات األخرل‪ ،‬فيما يعاد ٖتويلها إذل الشركة األـ‪ ،‬كذلك يف‬
‫‪1‬‬
‫ظركؼ أفضل كفق حاجة اجملموعة‪ ،‬كمن مث تتهرب من معدؿ الضريبة ادلرتفع يف البلد األـ‪.‬‬

‫ادلثاؿ ادلعركؼ عن ذلك موز جَتسي )‪ (Bananes de Jersey‬ىي جزيرة تعترب ادلصدر األكؿ لفاكهة‬
‫ادلوز يف العادل كىذا بفضل تطبيق سياسة أسعار التحويل من طرؼ باعة ادلوز‪ .‬ادلوز يباع من طرؼ شركة متواجدة‬
‫يف كوستاريكا مثبل إذل شركة متواجدة يف جَتسي‪ ،‬ىذه األخَتة بدكرىا تقوـ بإعادة بيع ادلوز إذل شركة أخرل من‬
‫نفس اجملموعة يف فرنسا كلكن بسعر مرتفع‪ ،‬شلا يسمح ذلا بتحقيق أرباح كتبقيها يف جَتسي‪ ،‬بينما تًتؾ ىامش‬
‫أنو يوجب اإلشارة إذل أف ىذه الشركات ال تسعى‬ ‫ربح ضعيف ألسعار البيع للشركة ادلتواجدة يف فرنسا‪ .‬إال‬
‫ؿلتهرب من أداء الضريبة ادلستحقة عليها كإظلا أحيانا ٖتاكؿ أف تتجنب اخلضوع ذلذه الضريبة‪ ،‬كذلك بأف تقوـ‬
‫باستغبلؿ الثغرات ادلوجودة يف قانوف الضرائب على سبيل ادلثاؿ تقوـ العديد من الدكؿ بإعفاء السلع ادلخصصة‬
‫للتصدير من الضريبة على القيمة ادلضافة أك الرسوـ اجلمركية أك ضرائب الدخل‪ ،‬كىذا هبدؼ تشجيع عمليات‬
‫التصدير كاحلصوؿ من كراء ذلك على العمبلت الصعبة‪ ،‬فتقوـ ىذه الشركات باستغبلؿ ىذه الثغرة يف ىذه‬
‫‪2‬‬
‫القوانُت للتهرب أك ٕتنب سداد الضريبة اإلقليمية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التهرب باستخدام المنشأة الدائمة‬

‫ظهر مصطلح ادلنشأة الثابتة حديثا كبرز أكثر بظهور الشركات ادلتعددة اجلنسيات‪ ،‬اليت تلجأ إذل استعماؿ‬
‫ىذه ادلنشأة لتخفيف عبئها الضرييب‪ ،‬فمشكلة كجوب خضوع الشركات متعددة اجلنسيات للضريبة كتبلفيا لظاىرة‬
‫االزدكاج أك التهرب الضرييب الدكرل كاف لزاما كجود حل على ىذا ادلستول‪ ،‬ذلذا كقد استقر الفقو الضرييب الدكرل‬

‫مهى حاجي شهُت‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.533.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.79 .‬‬

‫‪11‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫على مبدأ مهم ىو "أال ٗتضع أرباح الشركات األجنبية ؿ ؿضريبة يف البلد ادلضيف إال إذا كانت نإتة عن تنظيم‬
‫‪1‬‬
‫زلدد يسمى بادلنشأة الثابتة"‪.‬‬

‫كما يعترب مفهوـ ادلنشأة الثابتة من أىم ادلفاىيم اليت تتناكذلا االتفاقيات‪ ،‬كيسمح ٖتديدىا بفرض الضريبة‬
‫فقط من طرؼ الدكلة اليت توجد هبا ىذه ادلنشأة‪ ،‬دكف أف ٗتضع للضريبة مرة أخرل يف الدكلة اليت يوجد هبا ادلقر‬
‫الرئيسي للمؤسسة ادلالكة للمنشأة ادلستقرة‪ .‬كىي تعترب كيانات ذات أغراض خاصة‪ ،‬أم شركات أجنبية منتسبة‪،‬‬
‫منشأة لغرض خاص أك ذلا ىيكل قانوين خاص‪ ،‬كغالبان ما تُنشأ يف البلداف اليت ٘تنح مزايا ضريبية زلددة للكيانات‬
‫‪2‬‬
‫ذات األغراض اخلاصة‪ .‬كىي تستخدـ لتحويل األمواؿ من بلداف ثالثة أك إليها‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬وسائل مكافحة التهرب الضريبي الدولي‬

‫إف التهرب الضرييب الدكرل ؼللف أثار ا كأضرارا على االقتصاد العادلي كالنظاـ اجلبائي العادلي لذلك توجب‬
‫إتباع آليات متفق عليها بُت الدكؿ من أجل احلد من ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل سنتطرؽ يف ىذا ادلبحث إذل‬
‫مطلبُت األكؿ أثار التهرب الضرييب الدكرل كالثاين آليات مكافحتو‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أثار التهرب الضريبي الدولي‬

‫إف ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل مثل أغلبية الظواىر يًتتب عليها أثارا كأضرارا تلحق ب اال قتصاد الوطٍت‬
‫للبلداف كبشكل خاص تلك اليت تكوف ضحية ذلذا النوع من التهرب كتكوف ىذه اآلثار إ ـ ا على مستول التنمية‪،‬‬
‫االقتصاد أك على مستول حقوؽ اإلنساف كىذا ما سنتطرؽ إليو يف ىذا ادلطلب ضمن ثبلثة فركع‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أثار التهرب الضريبي الدولي على التنمية‬

‫تعد التنمية االقتصادية كاالجتماعية إحدل األىداؼ الرئيسية للحكومات يف الدكؿ النامية‪ ،‬مهما اختلفت‬
‫إتاىاهتا السياسية‪ْ ،‬تيث أصبح من ادلمكن التعميم بالقوؿ إهنا تعد إحدل األىداؼ النهائية للسياسة االقتصادية‬
‫لتلك اجملتمعات‪ .‬كال جداؿ يف إف التهرب الضرييب يشكل أحد ادلعوقات يف سبيل الوصوؿ إذل حقيق ىذا اذلدؼ‬

‫زكاؽ احلواس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌‌.6.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌ مهى حاجي شهُت‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.531.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫من خبلؿ ما يؤدم إليو من اخلسارة اليت تلحق باخلزينة العامة لبعض احلقوؽ اليت حددهتا التشريعات الضريبية‬
‫‪1‬‬
‫ادلنظمة ذلا‪.‬‬

‫‌‌ذلك دلا للضريبة من دكر رئيسي يف التنمية يتمثل يف النقطتُت التاليتُت‪:‬‬

‫‪ .1‬إف الضريبة ىي إحدل الوسائل الرئيسية لتمويل التنمية االقتصادية‪ ،‬فضبل عن كوهنا تساعد على عدـ‬
‫إحداث أية ضغوط تضخمية‪.‬‬
‫‪ .2‬باإلضافة إذل النتيجة السابقة للتهرب فيما ػلدثو يف الدكر التمويلي للضريبة‪ ،‬ؼ إ ف التهرب من الضريبة‬
‫يتعداه إذل إضعاؼ فاعلية الضريبة يف إمكانية استخدامها كأداة لتوجيو النشاط االقتصادم يف ادلسار‬
‫السليم ٔتا ؼلدـ أغراض التنمية‪ ،‬كػلقق العدالة‪ ،‬كػلسن توزيع ادلدخوؿ‪ ،‬كيقلل الفوارؽ بُت الطبقات‪ ،‬مع‬
‫ضماف مساعلة عادلة ألعباء الضريبية كما يساىم يف تقييد االستهبلؾ كحملاربة التضخم الذم يصاحب‬
‫التنمية‪.‬‬

‫يوجد إتاه مفاده أف نصيب الفرد الواحد من اإليرادات الضريبية للبلداف النامية أصغر بكثَت من مثيلو لدل‬
‫البلداف ادلتقدمة‪ ،‬ككفقان حلسابات مؤ٘تر األمم ادلتحدة للتجارة كالتنمية ( ‪ )UNCTAD‬تبلغ الفجوة الضريبية‬
‫للبلداف النامية ما ب‪ 66‬مليار دكالر ك‪ 84‬مليار دكالر يف العاـ أم ضلو ثلثي رلموع ادلساعدة اإلظلائية الرمسية‪ ،‬كشلا‬
‫سبق يتضح حجم الضرر الذم ؽلكن أف يلحقو التهرب الضرييب الدكرل بالتنمية خصوصا إف الضرائب تعد كسيلة‬
‫رئيسية لتحقيق التنمية‪ ،‬كما إف التهرب الضرييب الدكرل قد يؤدم إذل إفشاؿ ‪ٚ‬تيع خطط التنمية اليت تضعها‬
‫احلكومات لكونو يضعف دكر الضرائب كغلعلها أداة لتحقيق عدـ العدالة يف توزيع األعباء ادلالية كيوجو اقتصاد‬
‫‪2‬‬
‫الدكلة الوجهة اليت تريدىا الشركات ادلتعددة اجلنسيات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أثار التهرب الضريبي الدولي على االقتصاد‬

‫من مساكئ ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل إهنا تسبب يف إنقاص السيولة ادلالية البلزمة لبلقتصاد شلا ؽلنع‬
‫قياـ اقتصاد نقدم جيد يف ىذه الدكؿ‪ .‬كخلق مشكل اقتصادم سيتبعو بالضركرة إعاقة للتنمية‪ .‬كاآلثار السلبية‬
‫ىذه يقابلها أثار إغلابية تستفيد منها الشركات متعددة اجلنسية شلا يس ا ىم يف عدـ تكافؤ العبلقة االقتصادية بُت‬

‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.‬ص‪.535-534.‬‬


‫‪1‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.535.‬‬ ‫مهى حاجي شهُت‪ ،‬مرجع‬


‫‪2‬‬

‫‪13‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫الدكلة النامية كالشركة اليت ٘تارس التهرب الضرييب أما بالنسبة لآلثار كادلشكبلت اجلبائية فأهنا تظهر على‬
‫‪1‬‬
‫مستوين‪:‬‬

‫األكؿ يتمثل يف النقص الكبَت الذم ؽلكن أف ػلصل يف ادلوارد اجلبائية ادلعوؿ عليها من طرؼ الدكلة‪.‬‬
‫ة بالنسبة للدكؿ النامية اليت تعتمد يف تسديد نفقاعلا العامة على ادلوارد‬ ‫كتزداد حدة ىذه ادلشكل‬
‫اجلبائية شلا يعمق من اختبلؿ توازف االقتصاد اجلبائي‪.‬‬

‫أما ادلستول الثاين فيتمثل يف احلد من دكر السياسة اجلبائية ادلشجعة لبلستثمارات‪ .‬إذ ما الفائدة من مثل‬
‫ىذه التشجيعات إذا كاف بإمكاف ىذه الشركات التهرب من أداء الضرائب؟‪.‬‬

‫كما تظهر ٕتليات أثار التهرب الضرييب الدكرل على اقتصاد الدكؿ النامية حيث أنو يسعى إذل خلق نوع‬
‫من التعرية ادلنصبة على ادلادة اخلاضعة للضريبة أم تضاؤؿ حجم ادلوارد الضريبية‪ ،‬ىذه األخَتة اليت تعتمد عليو‬
‫الدكؿ النامية بشكل كبَت لتمويل التنمية‪ ،‬كأم نقص يف ٖتصيل الضرائب ينعكس على ادلسار التنموم ذلذه‬
‫الدكؿ‪ ،‬كبالرغم من نسبة الضرائب النزيلة كغَت الكافية لتغطية حجم النفقات شلا سبب عجز على مستول ادليزانية‬
‫العامة للدكؿ النامية‪ .‬كدلا كانت ىذه النفقات تعتمد يف تدكيلها على اجلبايات إذل جانب مصادر أخرل فإف‬
‫التهرب الضرييب يؤثر بشكل سليب على النفقات العمومية‪ ،‬كىكذا فقد أصبحت ميزانية الدكلة تعاين من عجز‬
‫ىيكلي كما أف ىناؾ من يربط التهرب الضرييب بالفقر كالذم يكوف لو تأثَت على االقتصاد‪ ،‬حيث يزعم البعض‬
‫أف التهرب الضرييب ػلسن مستويات ادلعيشة من خبلؿ ترؾ ادلزيد من الدخل بُت الشعوب‪ ،‬يف حُت يزعم آخركف‬
‫أف التهرب من الضرائب يساىم يف زيادة الفقر‪ ،‬ألنو ػلرـ احلكومات من ادلوارد البلزمة لبلستثمار يف التنمية‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادية اليت من شأهنا أف تساعد الشرائح الضعيفة من السكاف‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أثار التهرب الضريبي الدولي على حقوق اإلنسان‬

‫يًتتب على التدفقات ادلالية غَت ادلشركعة كمنها األمواؿ النإتة عن التهرب الضرييب هتديد استقرار‬
‫كتعريض التنمية االجتماعية‬
‫اجملتمعات كأمنها كتقويض قيم الدؽلقراطية كاألخبلؽ كالعدالة الضريبية‪ِّ ،‬‬
‫كاالقتصادية كالسياسية للخطر ‪ ،‬خصوصا عندما تتيح التدابَت القاصرة ادلتخذة على الصعيدين الوطٍت كالدكرل إذل‬
‫اإلفبلت من العقاب فالفساد كٖتويل األمواؿ غَت ادلشركعة كاحلواجز القانونية كغَتىا من احلواجز اليت ٖتوؿ دكف‬

‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.‬ص‪.536-535.‬‬


‫‪1‬‬

‫مهى حاجي شهُت‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.536.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫‪1‬‬
‫إعادة ىذه األمواؿ ال تتسبب فقط يف حجب ادلوارد عن األنشطة البلزمة للقضاء على الفقر كمكافحة اجلوع‬
‫كتعزيز التنمية االقتصادية كاالجتماعية ادلستدامة‪ ،‬بل تق ِوض أيضا التمتع باحلقوؽ االقتصادية كاالجتماعية كالثقافية‬
‫كادلدنية كالسياسية كاحلق يف التنمية‪.‬‬

‫تؤدم التجاكزات الضريبية من جانب الشركات عرب الوطنية كاألفراد ذكم األرصدة ادلالية الضخمة إذل‬
‫إجبار احلكومات على تدبَت إيرادات من مصادر أخرل‪ٔ ،‬تا يف ذلك تدبَتىا عن طريق الضرائب التنازلية اليت تقع‬
‫كطأهتا أشد ما تقع على الفقراء‪ ،‬كينطوم ذلك على آثار ىامة على حقوؽ اإلنساف ألف ىياكل الضرائب التنازلية‬
‫ٖتد من تأثَت الربامج االجتماعية ادلتعلق بإعادة توزيع الثركة ألف األمر ينتهي فعبل إذل أف ٘توؿ ىذه الربامج من‬
‫الفقراء أنفسهم الذين يفًتض فيها أف يستفيدكا منها‪ .‬كىكذا‪ ،‬فإف احلاجة إذل التعويض عن العجز يف اإليرادات‬
‫باللجوء الضرائب التنازلية إظلا يزيد من تقويض أعماؿ احلقوؽ االقتصادية كاالجتماعية ألكثر الفئات ضعفان‪ .‬كذلذا‬
‫األمر آثار أخرل على ادلساكاة بُت اجلنسُت‪.‬‬

‫فعندما تواجو األسر ادلعيشية ادلنخفضة الدخل تدىور اخلدمات العامة تضطر الكثَت من النساء كالبنات إذل‬
‫ة كأخَتا‪ ،‬تقوض ادلستويات ادلرتفعة من‬ ‫ٖتمل التكاليف اإلضافية ادلرتبطة باحتياجات الرعاية غَت ادلدفوع‬
‫التجاكزات الضريبية مبدأ ادلساكاة كعدـ التمييز‪ ،‬بالنظر إذل أف ادلتهربُت من دفع الضرائب ينتهي هبم األمر إذل أف‬
‫يدفعوا أقل شلا يدفعو دافعوا الضرائب ذكم القدرة ادلساكية ذلم أك األقل منهم على الدفع‪.‬‬

‫شلا سبق يتضح لنا مدل التأثَت الذم يتسبب بو التهرب الضرييب الدكرل على حقوؽ اإلنساف حيث يسبب‬
‫‪2‬‬
‫فقداف العدالة االجتماعية كتفويض التمتع ّتميع حقوؽ اإلنساف كما تؤدم إذل فقداف ادلساكاة بُت اجلنسُت‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات مكافحة التهرب الضريبي الدولي‬

‫يف إطار التهرب الضرييب الدكرل‪ ،‬تعد االتفاقيات الثنائية كادلتعددة األطراؼ أىم سبل العبلج‪ ،‬إال أف الدكلة‬
‫ؽلكنها استعماؿ طرائق كقائية أك جزائية داخلية للتقليل من ظاىرة التهرب الضرييب على ادلستول الدكرل‪.‬‬

‫ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪537.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌مهى حاجي شهُت‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌‌537.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪15‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫‪ .1‬على المستوى الداخلي‪ :‬تستطيع الدكلة دلا ذلا من سلطة أك سيادة على أراضيها سن إجراءات صارمة‬
‫كفرضها لعقوبات ردعية يف نصوصها التشريعية (غرامات التأخَت‪ ،‬عقوبات جبائية كجنائية) هبدؼ فرض‬
‫‪1‬‬
‫التزاـ أكثر على ادلكلفُت بأداء الضريبة‪ ،‬من بُت ىذه اإلجراءات صلد‪:‬‬
‫‪ ‬إلزاـ ادلصارؼ كادلؤسسات ادلالية اليت تتم عن طريقها التحويبلت ادلالية ٓتصم قيمة الضرائب‬
‫ادلستحقة على ادلداخيل احملولة إذل اخلارج من طرؼ األجانب كالنإتة عن مشاريعها االستثمارية‬
‫داخل الوطن‪ ،‬كتوريدىا إذل مصلحة الضرائب ادلختصة‪.‬‬
‫‪ ‬إجبار ادلكلفُت على كضع كتقدًن بياف بتصرػلات عن أمبلكهم ادلوجودة يف اخلارج‪ ،‬كىذا سعيا‬
‫كراء ٖتديد مراكزىم ادلالية كٖتصيل الضريبة منهم‪.‬‬
‫إليو‪ ،‬كىذا بالتعاكف مع‬ ‫‪ ‬فرض رقابة على عملية ٖتويل رؤكس األمواؿ الداخلة من الوطن ك‬
‫اإلدارات كاذليئات األخرل كإدارة اجلمارؾ اليت ؽلكنها إفادة اإلدارة الضريبية كمساعدهتا يف ىذا‬
‫اجملاؿ‪.‬‬
‫‪ .2‬على المستوى الخارجي‪ :‬اٗتذت ظاىرة التهرب الضرييب بعدا عادليا مع ما كفرتو التكنولوجيا ادلعلومات‬
‫كٖترير حركة رؤكس األمواؿ كادلعامبلت الدكلية‪ ،‬كمنو زيادة إمكانيات التهرب اخلارجي الدكرل بكل‬
‫سهولة‪ .‬كىذا ما غلعل التعاكف الدكرل ضركرة حتمية للمكافحة كاحلد من ىذه الظاىرة‪ ،‬كيكوف ذلك يف‬
‫إطار التعامل الدكرل لتبادؿ ادلعلومات يف شكل اتفاقيات كمعاىدات ثنائية (االتفاقيات اجلبائية‪ ،‬التنسيق‬
‫اجلبائي‪ ،‬ادلساعدة اإلدارية ادلتبادلة يف اجملاؿ الضرييب‪ ،‬الشفافية ادلصرفية‪ ،‬الشفافية الضريبية‪ ،‬ادلساكاة يف‬
‫‪2‬‬
‫ادلعاملة بُت ادلستثمر األجنيب كاحمللي)‪.‬‬
‫‌‬

‫‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫زكاؽ احلواس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌ .7.‬‬


‫‪1‬‬

‫زكاؽ احلواس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.7.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪16‬‬
‫التهريب الضرييب الدكرل‬ ‫الفصل األكؿ‬

‫‌‬

‫‌‬

‫خالصة‬

‫تطرقنا يف ىذا الفصل ادلتضمن ثبلث مباحث‪ ،‬إذل ماىية التهرب الضرييب الدكرل‪ ،‬كتوصلنا إذل أف التهرب‬
‫الضرييب الدكرل ىو ظاىرة تعاين منها أغلب الدكؿ يف العادل كتأثر سلبا على النظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬ألنو ال يقتصر‬
‫على حدكد دكلة كاحدة فقط بل ؽلتد إذل ‪ٚ‬تيع أضلاء العادل‪ ،‬كما لو تأثَت اقتصادم قوم على الدكؿ كذلك راجع‬
‫لضياع مورد مارل ىاـ من موارد الدكلة‪.‬‬

‫كما توصلنا إذل أنو ينقسم إذل نوعُت هترب ضرييب مشركع كذلك عن طريق استغبلؿ الثغرات بطريقة‬
‫قانونية كهترب ضرييب غَت مشركع أم الغش الضرييب كىو غَت قانوين‪.‬‬

‫للتهرب الضرييب الدكرل عدة آليات ؽلكن التهرب من خبلذلا إما عن طريق استخداـ اجلنات الضريبية أك‬
‫باستخداـ أسعار التحويل أك باستخداـ ادلنشأة الدائمة‪.‬‬

‫نظرا إذل اآلثار كاألضرار اليت ؼللفها التهرب الضرييب الدكرل على التنمية كاالقتصاد كحىت على حقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬كجب تطبيق كاستعماؿ طرؽ كاليات كقائية كجزائية للتقليل من ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل على‬
‫ادلستول الداخلي كاخلارجي‪.‬‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‌‬

‫‪17‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫تمهيد‬

‫إف التهرب الضرييب الدكرل أم استغبلؿ الثغرات القانونية كٕتنب دفع الضرائب من خبلؿ استغبلؿ القوانُت‬
‫القائمة ىو ظاىرة ذلا تاريخ طويل مرتبط باقتصاد الرأمسالية كالنظاـ ادلارل العادليُت ٔتضاعفة تراكم الثركة مع استنفاد‬
‫ادلوارد الضركرية للدكؿ‪ ،‬كل دكلة تصمم نظمها الضريبية على ضلو يتبلءـ مع ظركفها االقتصادية كاالجتماعية‬
‫كالثقافية كالسياسية ينتج عن ذلك قياـ أنظمة ضريبية متنوعة كمتباينة‪ ،‬لذا تقوـ بعض الدكؿ سعيا كراء ٖتقيق‬
‫ت كمزايا ضريبية كبَتة لبلستثمارات األجنبية‬ ‫مصاحلها بوضع أنظمة ضريبية جاذبة تقوـ على تقدًن إعفاءا‬
‫ك اجلنات الضريبية أك ادللجأ‬ ‫كالشركات كادلشركعات كاألفراد على مثل ىذه الدكؿ ٔتا يسمى بادلبلذ الضرييب أ‬
‫الضرييب كما يطلق عليها أيضا بالواحة الضريبية‪.‬‬

‫تعد ادلبلذات الضريبية من أىم ادلواضيع احلديثة اليت اىتم هبا الباحثوف كذلك ألهنا ال تفرض ضرائب على‬
‫رؤكس األمواؿ‪ ،‬كألف نظامها يعفي تأدية الضرائب على العائدات النإتة من النشاط االقتصادم‪ ،‬كما أف ىذه‬
‫الظاىرة خلفت أثار اقتصادية على سلتلف الدكؿ بالرغم من االغلابيات اجلبائية اليت تقدمها إال أنو يًتتب عنها‬
‫انعكاسات سلبية‪.‬‬

‫يف ىذا اإلطار قمنا بتقسيم الفصل الثاين إذل ثبلثة مباحث‪ ،‬يف ادلبحث األكؿ ٖتدثنا عن تطور مفهوـ‬
‫اجلنات الضريبية من خبلؿ النبذة التارؼلية لتطور مفهوـ اجلنات الضريبية‪ ،‬تعريف كخصائص اجلنات الضريبية‬
‫كأىم التسهيبلت اليت تقدمها أك ٘تنحها اجلنات الضريبية‪ ،‬أما يف ادلبحث الثاين فتطرقنا إذل اجلنات الضريبية كآلية‬
‫من آليات التهرب الضرييب الدكرل كذلك من خبلؿ اآلثار االقتصادية على البلد ادلضيف كادلصدر كما قمنا بذكر‬
‫‪ٚ‬تيع أنواع اجلنات الضريبية كمتطلبات تصنيفها أما يف ادلطلب الثالث تطرقنا إذل التهرب عن طريق اجلنات‬
‫الضريبية كيف األخَت ٖتدثنا عن اآلثار االقتصادية للجنات الضريبية كانعكاساهتا‪.‬‬

‫‌‬

‫‪19‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫المبحث األول‪ :‬تطور مفهوم الجنات الضريبية‬

‫أصبحت اجلنات الضريبية أك ادلبلذات الضريبية تسمية مرادفة للتدفقات ادلالية الغَت مشركعة كاليت غالبا ما‬
‫تتواجد بالقرب من األقطاب الكربل لؤلنشطة االقتصادية كتقوـ بتأطَت التدفقات ادلالية اليت غالبا ما تكوف رلهولة‬
‫ادلصدر كما أهنا كردت بتسميات عديدة كسلتلفة يف شىت األْتاث كادلؤلفات كالتقارير كىناؾ ما يطلق عليها باسم‬
‫ادلراكز ادلالية‪.‬‬

‫يف ىذا ادلبحث سوؼ نتطرؽ إذل ثبلثة مطالب سلتلفة ادلطلب األكؿ سوؼ نتحدث عن النبذة التارؼلية‬
‫للجنات الضريبية‪ ،‬أما ادلطلب الثاين سوؼ نتحدث عن مفهوـ اجلنات الضريبية كاخلصائص اليت ٘تتاز هبا أما‬
‫ادلطلب الثالث سوؼ نتطرؽ إذل أىم التسهيبلت اليت ٘تنحها اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نبذة تاريخية عن الجنات الضريبية‬

‫ليس من السهل معرفة بداية ظهور ادلبلذات الضريبية‪ ،‬البعض يربط تاريخ ادلبلذات الضريبية بتاريخ الضريبة‬
‫كيشَت البعض إذل قرنُت قبل ادليبلد عندما ظهرت ادلناطق احلرة يف البحر األبيض ادلتوسط يف جزر رديلوس ٘تارس‬
‫أنشطة دكف رسوـ أك ضرائب‪ ،‬كنظرا دلوقعها اجلغرايف أصبحت أىم ادلراكز التجارية كذلك منذ القرف الثاين قبل‬
‫ادليبلد ككاف التجار اليونانيوف األكائل يبعثوف شلثلُت عنهم إذل ادلوانئ من أجل االتفاؽ بُت ادلشًتين كالبائعُت على‬
‫مكاف معُت لشحن البضائع كاإلفبلت من الرسوـ ادلطبقة كال ؼلتلف ذلك عما ػلدث حاليا من عمليات خارج‬
‫احلدكد‪.‬‬

‫نفس ادلبدأ عرفتو القركف الوسطى (ادلدف احلرة) اليت تقاـ على ادلوانئ أك ادلعارض اليت تستفيد من مبدأ‬
‫خارج احلدكد التجارية كاجلبائية من اإلعفاء‪ ،‬كأكؿ معرض معفى يعود للقرف السابع عشر أقيم يف ساف دكين‬
‫بفرنسا‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫ادلبلذات الضريبية تطورت بالتوازم مع الدكلة منذ القرف الثامن العشر كتضاعفت مع انتشار التجارة ككثافة‬
‫‪1‬‬
‫تبادؿ رؤكس األمواؿ كيف سنة ‪ 1880‬قدـ احملاموف نصيحة حلكاـ الواليات ادلتحدة األمريكية بإعفاء الشركات‬
‫اليت تتخذ إقامة دلقرىا االجتماعي يف نيوجرسي‪ ،‬سنة ‪ 1920‬ظهر مصطلح غسيل األمواؿ يف أمريكا الناتج من‬
‫االحتياؿ يف الكحوؿ‪.‬‬

‫يف ‪ 1920‬ظهر اجليل اجلديد من ادلبلذات (مناطق البهاماس– سويسرا لوكسمبورج) كمت تطوير التشريعات‬
‫اليت تسمح لؤلجانب بإيداع أمواذلم للتملص من الضرائب كاعتمدت على السر البنكي يف تطوير نشاطها‪.‬‬

‫يف ‪ 1929‬أثناء األزمة الكربل قرر القضاة يف بريطانيا بأف القرار االسًتاتيجي اخلاص ّتباية الشركات‬
‫ادلتعددة اجلنسيات غلب أف تتخذ يف لندف‪ ،‬شلا جعل الشركات تفر إذل دكؿ أخرل كٗتتار مكاف دلقرىا‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫يف ‪ 1934‬صدر قانوف "السر البنكي " يف سويسرا الذم مكن من فتح حسابات سرية كبفضل صندكؽ‬
‫األكرك‪ -‬دكالر الذم دعم سنة ‪ 1957‬من طرؼ ‪ Sir George Bolton‬الذم أعلن عن ادليبلد الفعلي‬
‫للمبلذات الضريبية‪.‬‬

‫تعترب ادلبلذ الضرييب يوحي بأنو جزيرة خبلبة ٔتا مشس كٗتيل‪ ،‬توجد على أطراؼ العادل حيث ٖتيي فئة من‬
‫الصفوة ‪ ....‬لكن ىذه النظرة خداعة كضارة‪.‬‬

‫ألف رؤكس األمواؿ اليت تتجو ضلو ادلبلذات الضريبية كمن ادلصادر ادلتنوعة كحركتها ادلفاجئة تثَت انعكاسات‬
‫شكل فضائح‬ ‫خطَتة على األسواؽ ادلالية كما أهنا تكشف عن شلارسات للتدليس كالغش سرعاف ما تنفجر يف‬
‫مالية كتسبب خسائر كإفبلس للعديد من الشركات كالبنوؾ اليت كاف يشهد ذلا باألداء كالفعالية فادلبلذات الضريبية‬
‫تقدـ زيادة عن االمتيازات الضريبية سلسلة كاملة من اخلدمات ادلالية كادلصرفية كتوظيف األمواؿ يف البنوؾ‪.‬‬

‫يف ظل مستول عارل من ادلخاطر مثل التسيَت اخلاص لصناديق االستثمار القياـ بعمليات التأمُت كإعادة‬
‫التأمُت ابتكار عمليات جديدة يف توظيف رؤكس األمواؿ مثل ادلنتجات ادلالية‪.‬‬

‫‪ ،2008‬رللة االقتصاد الصناعي‪ ،‬العدد ‪ ،8‬جواف ‪،2015‬‬ ‫‪ 1‬عبد السبلـ فنغور‪ ،‬ادلبلذات الضريبية‪ :‬ادلوطن الرئيسي لؤلمواؿ ادلضاربة كالتهرب الضرييب كدكرىا يف األزمة دلالية لسنة‬
‫ص‪.‬ص‪.180.179.‬‬

‫‪21‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫كصلت بعض ادلبلذات الضريبية مثل جزر كاؽلاف لعرض ظلوذج متكامل كمندمج يف ادلالية الدكلية كذلك يف‬
‫بعض سنُت ىذا اإلقليم الربيطاين الذم يسكنو ‪ 40000‬ساكن أصبح العبا كال ؽلكن االستغناء عنو يف األسواؽ‬
‫‪1‬‬
‫‪ 25000 IBC 50000‬تكتل تراست‪.‬‬ ‫‪ 600‬بنك ‪ 500 ،‬شركة للتأمُت‬ ‫ادلالية العادلية ب‬
‫يف ‪ 1975‬نشرت رللة اإليكونيميست الفرنسية ريبورتاج كشف الرأم العاـ عن اجلوانب اذلامة للمبلذات الضريبية‬
‫يف العادل‪.‬‬

‫‪ 1990-1980‬نتيجة االختبلؿ يف التشريعات ادلالية‬ ‫انتشار ادلبلذات الضريبية امتد خبلؿ فًتة‬
‫‪2‬‬
‫كادلمارسات التضليلية يف ميداف اجلباية ادلرتكزة على تقدًن التعتيم عن الكفاءة شلا مسح بتطورىا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الجنات الضريبية‬

‫إف للجنات الضريبية مفاىيم كتعاريف سلتلفة كمتعددة سوؼ نقوـ بعرضها يف ىذا ادلطلب الذم قسمناه‬
‫إذل فرعُت الفرع األكؿ يتضمن تعريف شامل للجنات الضريبية أما الفرع الثاين فيحتوم على رلموعة من‬
‫اخلصائص اليت تتميز هبا ىذه اجلنات‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الجنات الضريبية‬

‫يطلق البعض على اجلنة الضريبية (خاص الدكؿ الفرنكوفونية) بادللجأ الضرييب ( ‪،)Refuge Fiscale‬‬
‫كيفضل البعض االخر تسميتها بالواحة الضريبية )‪ (Oasis Fiscale‬بإعتباره أكثر مبلئمة من مصطلح اجلنات‬
‫الضريبية أك بلداف العطل الضريبية )‪ (Les Vacances Fiscales‬أما الدكؿ األصللوسكسونية فأطلقت عليها‬
‫‪3‬‬
‫)‪ (Tax Haven‬كاليت تسمى بالفرنسية )‪ (Les Paradis Fiscaux‬أم اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫بشكل عاـ ال يوجد تعريف كاحد ػلظى بالقبوؿ العاـ للجنات الضريبية كىنا نذكر بعض التعريفات‬
‫الشائعة‪:‬‬

‫عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.181.180.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.181 .‬‬


‫‪2‬‬

‫‌بن ػلِت ناجي‪ ،‬زلاضرات يف مقياس النظم الضريبية الدكلية‪ ،‬موجهة لطلبة السنة أكذل ماسًت‪ ،‬زلاسبة كجباية معمقة‪،‬قسم العلوـ ادلالية كاحملاسبة‪ ،‬جامعة زياف عاشور‪ ،‬اجللفة‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ،2020-2019‬ص‪‌.1.‬‬

‫‪22‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫التعريف األول‪ :‬كفقا للمعايَت اليت كضعتها منظمة التعاكف االقتصادم كالتنمية كرلموعة العمل ادلالية إضافة إذل‬
‫جهات مالية أخرل ؽلكن القوؿ أف اجلنات الضريبية ىي البلداف كاألقاليم اليت توجد هبا التنظيم العاـ ؼلص‬
‫األنشطة ادلالية الوطنية‪ ،‬بادلوازاة مع التنظيم االستثنائي لؤلنشطة الدكلية بغية جلب حركة اقتصادية كبَتة كمتجددة‪.‬‬

‫التعريف الثاني‪ :‬ىي الوالية القضائية قد تكوف دكلة أك دكيلة أك إقليم ‪ ،‬تكوف فيو الضريبة على الدخل أك الربح‬
‫منخفضة جدا أك معدكمة كتعمل على جذب األمواؿ اعتمادا على ىذه ادليزة‪ ،‬كعادة ما ٘تنح ىذه الواليات‬
‫القضائية ميزة أخرل كىي السرية كىي ضركرية دلن يريد أف يتهرب من دفع الضريبة يف بلده‪.‬‬

‫التعريف الثالث‪ :‬ىي مناطق تتميز بضغط ضرييب منخفض أك شبو معدكـ كىي الدكؿ اليت تتمتع أنظمتها البنكية‬
‫‪1‬‬
‫كادلالية بالصرامة الكبَتة فيما يتعلق بسرية ادلعلومات اليت ٗتص عمبلئها األجانب‪.‬‬

‫انطبلقا من التعاريف السابقة ؽلكن القوؿ أف ادلبلذات أك اجلنات الضريبية ىي كسيلة من كسائل التهرب‬
‫الضرييب الدكرل كىي أماكن خارجية ٘تكن األفراد كالشركات بالقياـ بعملية التهرب الضرييب الدكرل‪.‬‬

‫ؽلكن من ذلك أف نقتصر مفهوـ ادلبلذات على أهنا األمر الذم يتعلق بدكؿ تكتفي بالضرائب الشكلية أك‬
‫الضعيفة كما تقدـ مساعدات لغَت ادلقيمُت من اإلفبلت من الضرائب يف دكلة اإلقامة‪.‬‬

‫ادلبلذ الضرييب ىو إقليم بدكف جباية أك تكوف اجلباية فيو ضعيفة بادلقارنة مع مستويات اإلخضاع القائمة‬
‫يف دكؿ أخرل ذات جباية ثقيلة‪.‬‬

‫ادلبلذ الضرييب زلصن بتدابَت كتشريعات كشلارسات إدارية ٘تنع ادلعلومات األخرل حوؿ ادلكلفُت بالضريبة مع‬
‫الدكؿ األخرل كادلراكز ادلالية اليت تفرض رسوما ضريبية ضئيلة أك غَت مفركضة على اإلطبلؽ كما أهنا ال ٗتلق‬
‫قنوات اتصاؿ مع األطراؼ األخرل حوؿ ادلعلومات الضريبية ادلتاحة ذلا مع االفتقار إذل الشفافية يف رلاؿ التشريع‬
‫‪2‬‬
‫كمن النواحي القانونية أك اإلجراءات التنفيذية يف اجملاالت الضريبية‪.‬‬

‫ؽلكن كذلك تعريف اجلنات الضرييب ة على أهنا مقاطعة قضائية قد تكوف دكلة أك إقليم تكوف فيو الضريبة‬
‫منخفضة جدا أك معدكمة كتعمل على جذب األمواؿ اعتمادا على ميزة كعادة ما ٘تنح ىذه ادلقاطعات القضائية‬

‫‪ ،4‬العدد ‪ ،01‬جواف ‪،2021‬‬ ‫‌كداد بوقلع‪ ،‬مصباح حراؽ‪ ،‬اجلنات الضريبية كخسائر النظاـ الضرييب العادلي ‪ -‬مع االشارة حلالة اجلزائر‪ ،-‬اجمللة الدكلية لؤلداء االقتصادم‪ ،‬اجمللد‬
‫‪1‬‬

‫ص‪‌.65.‬‬
‫عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.182 .‬‬
‫‪2‬‬

‫‌‬

‫‪23‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫ميزة أخرل كىي السرية كالضركرية دلن يريد أف يتهرب من دفع الضرائب يف بلده حىت ال تستطيع السلطات‬
‫الضريبية يف بلده الوصوؿ إذل معلومات عن ىذه األمواؿ‪.‬‬

‫عرفت منظمة التعاكف االقتصادم كالتنمية ( ‪ )OECD‬اجلنة الضريبية بأهنا البلداف اليت ذلا القدرة على‬
‫٘تويل خدمتها العامة بدكف ضرائب على الدخل االمسي أك ٔتعدؿ منخفض شلا غلعلها مكاف يتم استخدامو من‬
‫‪1‬‬
‫قبل غَت ادلقيمُت للهركب من الضرائب يف بلد موطنهم‪.‬‬

‫كما ؽلكن أف نعرفها بأهنا ادلكاف الذم يسعى إذل جذب النقود من خبلؿ عرضو مرافق كتسهيبلت مستقرة‬
‫سياسيا دلساعدة األشخاص أك الكيانات على ٕتاكز القواعد كالقوانُت كاألحكاـ التنظيمية للسلطات القضائية يف‬
‫‪2‬‬
‫األماكن األخرل‪.‬‬

‫بذلك نستخلص أنو تعمد معظم الشركات متعددة اجلنسيات إذل استثمار أك نقل نشاطها إذل جنات‬
‫ضريبية دلا تقره من امتيازات كشليزات ضريبية تصل يف الكثَت من األحياف إذل حد اإلعفاءات الضريبية لبعض أنواع‬
‫الدخوؿ كاألنشطة كبذلك تستفيد ىذه الشركات من ٗتفيض عبئها الضرييب يف الدكلة األـ كاحلصوؿ على األرباح‬
‫كاملة دكف أم اقتطاعات يف دكؿ اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الجنات الضريبية‬

‫تتميز اجلنات الضريبية ٔتجموعة من السمات أك اخلصائص من أعلها‪:‬‬

‫‪ .1‬كل اجلنات الضريبية تقدـ السرية ك بأشكاؿ سلتلفة‪.‬‬


‫‪ .2‬اطلفاض معدالت الضرائب أك انعدامها‪.‬‬
‫‪٘ .3‬تتلك اجلنات الضريبية خدمات مالية متطورة مقارنة ْتجم اقتصادياهتا الوطنية‪.‬‬
‫‪ .4‬تقوـ ىذه األماكن ْتماية اقتصادياهتا الداخلية من التسهيبلت اليت تقدمها لتجنب الوقوع يف خدع‬
‫التهرب الضرييب اليت تقدمها للغَت ‪ ،‬فعلى سبيل ادلثاؿ قد تقدـ إحدل اجلنات الضريبية منعدـ لغَت‬
‫ادلقيمُت الذم يدعموف أمواذلم ىناؾ يف حُت تفرض ضرائب كاملة على ادلقيمُت‪.‬‬

‫‌رؽلة ضافرم‪ ،‬زلمد سعد الدين بلخَتم‪ ،‬اجلنات الضريبية كدكرىا يف التهرب الضرييب الدكرل‪ -‬حالة االيرلندية ادلزدكجة كالساندكيتش اذلولندم لشركة غوغل‪ ،-‬رللة اقتصاد ادلاؿ‬
‫‪1‬‬

‫كاألعماؿ ‪ ،JFBE‬اجمللد ‪ ،4‬العدد‪ ،01‬أفريل ‪ ،2020‬ص‪‌.79.‬‬


‫نفس ادلرجع ‪ ،‬ص‪‌.79.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪24‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫‪ .5‬يتم التحكم يف السياسة الداخلية ذلذه الدكيبلت من طرؼ األشخاص ذكم ادلصاحل ادلالية من‬
‫‪1‬‬
‫اخلارج (كأحيانا تكوف ىذه ادلصاحل ادلالية سلالفة للقانوف)‪.‬‬
‫‪ .6‬ضرائب بدكف داللة أك غَت موجودة خاصة لغَت ادلقيمُت‪.‬‬
‫‪ .7‬غياب تبادؿ ادلعلومات الضريبية مع الدكؿ األخرل كتعاكهنا القضائي جد زلدكد أك منعدـ‪.‬‬
‫‪ .8‬غياب الشفافية للنظاـ الضرييب ؽلكن اجلهات اإلدارية منح إعفاءات استنادا على معطيات معينة قد‬
‫ال تعمم‪.‬‬
‫‪ .9‬سهولة كبَتة يف اإلقامة كإنشاء الشركات بقليل من الشكليات‪ ،‬مع بعض القوانُت ؿلتجمع‪.‬‬
‫‪ .10‬الشركات تعطي أثار للمجمعات أك التكتبلت األجنبية‪.‬‬
‫‪ .11‬ادلبلذ الضرييب ىو إقليم ؽلكن أف يكوف دكلة ذات سيادة أك غَت مستقلة تتمتع ْتكم ذايت أك‬
‫‪2‬‬
‫إقليم من دكلة أك مناطق ٖتت ‪ٛ‬تاية دكؿ أخرل‪.‬‬
‫‪ .12‬سهولة خلق أك إنشاء مؤسسات يف دكؿ اجلنات الضريبية حيث ٘تنح ىذه اخلَتة امتيازات يف‬
‫ىذا اجملاؿ (صغر حجم رأس ادلاؿ‪ ،‬حقوؽ ادلشاركة قليلة جدا كأحيانا ترافقها إعفاءات عدـ اخلضوع‬
‫لشرط اإلقامة أك اجلنسية‪ ،‬حضور اجلمعيات العامة أك رلالس اإلدارة إجبارم ك ؽلكن األخذ بو عن‬
‫طريق التوكيل أك عن طريق اذلاتف ‪.......‬اخل)‪.‬‬

‫٘تثل ىذه اخلصائص ما تتمتع بو أغلب اجلنات الضريبية‪ ،‬إال أف كل جنة ضريبية ذلا خصوصيتها‬
‫كاستعماالهتا فمثبل يف سويسرا كىي من أشهر دكؿ اجلنات الضريبية على ادلستول العادلي صلد أف القانوف ادلصريف‬
‫زلاط بسرية مطلقة كخرؽ ىذه السرية يف ىذا البلد سلالفة جزائية تستحق العقاب مع ذلك ىناؾ إمكانية رفع ىذه‬
‫احلماية كالسرية للمصارؼ يف حاالت نادرة كزلدكدة جدا كالتحقيقات يف اجلرائم ادلتعلقة بغسيل األمواؿ‪.‬‬

‫نفس ادلرجع‪ ،‬ص‪79..‬‬


‫‪1‬‬

‫عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.182 .‬‬


‫‪2‬‬

‫‪25‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التسهيالت التي تمنحها الجنات الضريبية‬

‫صممت اجلنات الضريبية ْتيث تكوف سرية‪ ،‬متكتمة كغَت شفافة تتلخص الفكرة األساسية لوجودىا يف‬
‫إخفاء الثركات ادلخبأة داخلها من خبلؿ منح رلموعة من التسهيبلت ادلالية كىذا ما سنتطرؽ إليو يف ىذا‬
‫‪1‬‬
‫ادلطلب‪ .‬من أىم التسهيبلت اليت ٘تنحها اجلنات الضريبية ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬غياب الضريبة على الدخل كاألرباح‪.‬‬


‫‪ .2‬غياب الرسوـ على اذلبات‪.‬‬
‫‪ .3‬عدـ اشًتاط البنك معرفة ىوية الزبوف‪.‬‬
‫‪ .4‬احملافظة على السر البنكي (السرية ادلصرفية) كالقبوؿ باحلسابات اجملهولة‪.‬‬
‫‪ .5‬عدـ كشف البنك عن مقدار األرباح احملققة يف ادلعامبلت التجارية اخلاصة بصاحب احلساب‪.‬‬
‫‪ .6‬ال يقوـ ٔتراقبة التعامبلت ادلالية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .7‬ال غلرـ فعل تبيض األمواؿ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجنات الضريبية كآلية من آليات التهرب الضريبي الدولي‬

‫من ادلعلوـ أف اجلنات الضريبية ىي شكل من أشكاؿ التهرب الضرييب الدكرل كذلك عن طريق استخداـ‬
‫طرؽ ملتوية كاللجوء إذل استعماؿ احليل لتخفيض العبء الضرييب كذلذه اجلنات الضريبية أشكاؿ كأنواع كتصنيفات‬
‫يتم على أساسها تقسيمها كذلك كفقا دلعايَت كشركط متفق عليها كغلب أف يستوىف البلد ىذه الشركط حىت يتم‬
‫تصنيفو كجنة ضريبية‪ ،‬يف ىذا ادلبحث سنتطرؽ إذل أنواع اجلنات الضريبية كمتطلبات تصنيفها ككيف يتم التهرب‬
‫الضرييب الدكرل عن طريق اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع الجنات الضريبية‬

‫ىناؾ نوعُت من ادلعايَت اليت يتم على أساسها تصنيف اجلنات الضريبية من بينها نذكر‪:‬‬

‫أوال‪ .‬معيار الشمول‪ :‬كفقا ذلذا ادلعيار تصنف اجلنات الضريبية إذل نوعُت علا‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‌وداد‌بوقلع‪‌،‬مصباح‌الحراق‪‌،‬مرجع‌سبق‌ذكره‪‌،‬ص‪.‬ص‪‌ .66.65.‬‬
‫كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.66.65.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪26‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫‪ ‬جنات ضريبية عامة ‪ :‬كىو النوع الشائع كادلنتشر بكثرة‪ ،‬كىو عبارة عن دكؿ كأقاليم تشريعاهتا الضريبية‬
‫كاالستثمارية تتضمن أنظمة ضريبية خاصة تطبق على اجلميع‪ ،‬ك٘تنح ‪ٚ‬تلة من احلوافز الضريبية كادلالية‬
‫لبلستثمارات األجنبية بوجو عاـ‪ ،‬مثاؿ على ذلك‪ :‬موناكو كسويسرا‪.‬‬
‫‪ ‬جنات ضريبية خاصة ‪ :‬ىي عبارة عن دكؿ كأقاليم تنشئ أنظمة ضريبية خاصة ألنواع زلددة من‬
‫‪1‬‬
‫الشركات‪ ،‬مثاؿ على ذلك قياـ لوكسمبورغ بإنشاء نظاـ ضرييب خاص بالشركات القابضة‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬معيار فرض الضرائب‪ :‬كفقا ذلذا ادلعيار تصنف اجلنات الضريبية إذل ثبلث أنواع كىم‪:‬‬

‫‪ ‬جنات ضريبية عديمة العبء الضريبي )‪ :(Nil taxhaven‬ىي دكؿ ال تفرض أم ضريبة من‬
‫الضرائب ادلباشرة مثل ضرائب على الدخل أك الضرائب على أرباح الشركات أك ضريبة أرباح رأس ادلاؿ أك‬
‫ضريبة ادلَتاث‪ ،‬كما أهنا تفتقر إذل معاىدات االزدكاج الضرييب مع الغالبية العظمى من الدكؿ ادلتقدمة كمن‬
‫‪،MONACO‬‬ ‫‪ ،ANGUILLA‬موناكو‬ ‫أمثلة على ىذه الدكؿ‪ :‬أصلويبل‬
‫برمودا ‪ ،BERMUDA‬فانواتو ‪ ،VANUATU‬جزر تركس ككايكوس ‪THE TURKS‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.& CAICOS‬‬

‫غَت أنو ينبغي التنبيو إذل أف خاصية الضرائب الصفرية اليت ٘تيز ىذا النوع من اجلنات الضريبية ال تعٍت‬
‫عدـ خضوع غَت ادلقيمُت للضرائب بصفة غَت مطلقة‪ ،‬إذ يتم إخضاعهم للضرائب بوسائل أخرل‪ ،‬مثل رسوـ‬
‫الًتخيص كالتسجيل‪ ،‬كاشًتاط االحتفاظ ٔتديرين زلليُت كعليُت‪ ،‬كتفرض ‪ٚ‬تيع اجلنات الضريبية رسوما على‬
‫تشغيل الكيانات غَت ادلقيمة‪ ،‬على سبيل ادلثاؿ يف فانواتو ‪ VANUATO‬تقدر تكلفة تسجيل الشركة‬
‫ب ‪ 150‬دكالرا أمريكيا ك‪ 300‬دكالر أمريكي لبلحتفاظ هبا يف سجل الشركات‪ ،‬يف حُت تبلغ الرسوـ السنوية‬
‫لشركة غَت مقيمة يف جزيرة أيل أكؼ ماف ‪ ISLE OF MAN‬حوارل ‪ 320‬جنيو إسًتليٍت‪.‬‬

‫‪ ‬جنات ضريبية تعفي الموارد األجنبية )‪ :(Foriegn source exemple havens‬ىي‬


‫دكؿ ال تفرض ضرائب على الدخوؿ اليت يتم احلصوؿ عليها من مصادر خارجية نإتة عن أنشطة تتم‬
‫‪3‬‬
‫خارج إقليم الدكلة‪ ،‬مثل‪ :‬كوستاريكا‪ ،‬ىونغ كونغ‪ ،‬سيشل‪ ،‬بنما‪ ،‬سنغافورة‪.‬‬

‫نفس ادلرجع‪ ،‬ص‪‌ .68.‬‬


‫‪1‬‬

‫رؽلة ضافرم‪ ،‬سعد الدين بلخَتم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.80.‬‬


‫‪2‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪69.68..‬‬ ‫كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع‬


‫‪3‬‬

‫‪27‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫كما أف بعض ادلبلذات الضريبية األخرل ال تسمح حىت للشركة بإجراء األعماؿ التجارية داخليا يف حالة‬
‫ادلطالبة بادلزايا الضريبية‪ ،‬كتطالب اجلنات الضريبية مثل بنما كجبل طارؽ من الشركة أف تقرر كقت‬
‫التأسيس ما إذا كاف مسموحا ذلا بالقياـ بأعماؿ ٕتارية زللية (كبالتارل تفرض ضرائب على أرباحها يف‬
‫‪1‬‬
‫‪ٚ‬تيع أضلاء العادل)‪ ،‬أك على األعماؿ األجنبية كحدىا‪ ،‬كبالتارل خالية من الضرائب‪.‬‬
‫‪ ‬جنات منخفضة العبء الضريبي )‪ :(Low tax havens‬ىي الدكؿ اليت تفرض ضرائب على‬
‫دخل السكاف يف ‪ٚ‬تيع أضلاء العادل‪ ،‬ك٘تنح مزايا ضريبية كفرص الستخداـ ادلعاىدات اخلاصة باالزدكاج‬
‫‪2‬‬
‫الضرييب هبدؼ ٗتفيف العبء ادلارل‪ ،‬مثل‪ :‬النمسا‪ ،‬بربادكس كىولندا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬متطلبات تصنيف الجنات الضريبية‬

‫حىت يتم تصنيف البلد كجنة ضريبية ينبغي توفر عدد من اخلصائص كالسمات الضركرية ادلميزة للجنات‬
‫‪3‬‬
‫الضريبية‪ ،‬كقد حددت منظمة التعاكف االقتصادم كالتنمية )‪ (OECD‬ثبلث ميزات رئيسية‪:‬‬

‫‪ )1‬ضرائب اسمية أو معدومة‪ :‬رغم اختبلؼ اذليكل الضرييب من بلد ألخر إال أف اجلنات الضريبية تقدـ‬
‫نفسها كأماكن ؽلكن لغَت ادلقيمُت فيها التهرب من دفع الضرائب ادلرتفعة عن طريق كضع أصوذلم‬
‫كأعماذلم يف تلك الواليات القضائية‪ ،‬كتشتهر اجلنات الضريبية ادلختلفة باحلسومات على عدة أنواع من‬
‫الضرائب‪ ،‬غَت أف ىذه السمة كحدىا غَت كافية لتصنيف البلد كجنة ضريبية ذلك أف العديد من الدكؿ‬
‫٘تنح حوافز ضريبية جلذب االستثمارات خلارجية لكنها ال تصنف كجنات ضريبية‪.‬‬
‫‪ )2‬سرية المعلومات الشخصية‪ :‬حيث تتضمن اجلنات الضرييب ة سرية ادلعلومات ادلالية الشخصية‪ ،‬كما أف‬
‫دلعظمها قوانُت رمسية أك شلارسات إدارية ٘تنع عمليات التدقيق من قبل السلطات القضائية األجنبية‪ ،‬كما‬
‫٘تنع كذلك تبادؿ ادلعلومات معها أك تشاركها معلومات قليلة‪.‬‬
‫‪ )3‬غياب الشفافية‪ :‬تتميز األجهزة التشريعية كالقانونية كاإلدارية للجنات الضريبية بكوهنا غَت شفافة‪ ،‬إذ أنو‬
‫غالبا ما يتم إصدار أحكاـ سرية يف اخلفاء أك إجراء مفاكضات حوؿ معدالت الضرائب‪.‬‬

‫رؽلة ضافرم‪ ،‬سعد الدين بلخَتم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌ .81.‬‬
‫‪1‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪69..‬‬ ‫كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع‬


‫‪2‬‬

‫نفس ادلرجع‪ ،‬ص‪‌ .66.‬‬


‫‪3‬‬

‫‪28‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫باإلضافة إذل السمات ادلذكورة أعبله‪ ،‬قاـ مكتب زلاسبة احلكومة األمريكية )‪ (US GAO‬بإدراج مستُت‬
‫إضافيتُت للجنات الضريبية‪:‬‬

‫‪ )1‬عدم اشتراط التواجد المحلي‪ :‬عادة ال تتطلب اجلنات الضريبية أف يكوف للكيانات اخلارجية كجود‬
‫زللي كبَت‪ ،‬معناه ؽلكن احلصوؿ على ادلزايا الضريبية اليت ٘تنحها اجلنات الضريبية ٔتجرد تسجيل امسك‬

‫فيها‪ ،‬فاألمر ال يتطلب إنتاج سلع أك خدمات أك القياـ بأعماؿ ٕتارية داخل حدكد البلد‪ ،‬كقد نتج عن ىذا‬
‫االمتياز كجود عدد كبَت جدا من الشركات تتشارؾ نفس العنواف ما يدؿ على غياب عمليات حقيقية ذلا‬
‫كوهنا رلرد شركات كعلية مسجلة على الورؽ فقط‪ ،‬كخَت مثاؿ على ذلك مبٌت اكجبل ند ىاكس ‪(Ugland‬‬
‫‪ 19000‬شركة‬ ‫)‪ house‬ادلتكوف من أربعة طوابق فقط مقره يف جزر كاؽلاف كيعترب مقرا دلا يزيد عن‬
‫مسجلة‪.‬‬

‫‪ )2‬تسويق الجنات الضريبية‪ :‬تسوؽ اجلنات الضريبية نفسها كمراكز مالية خارجية كما ٖتب أف تطلق على‬
‫نفسها لقب ادلراكز ادلالية الدكلية )‪ ،(international financial centers‬كغالبا ما تركج‬
‫اجلنات الضريبية لنفسها كأماكن "يست غرؽ تأسيس شركة أك فتح حساب بنكي نفس الوقت الذم‬
‫تستغرقو يف موازنة دفًت الشيكات اخلاص بك"‪.‬‬

‫ٓتبلؼ ادلزايا الضريبية كالسرية ادلمنوحة ‪ ،‬غلب كذلك توفر عدة عوامل اجتماعية كاقتصادية كحىت سياسية جلعل‬
‫منطقة ما جنة ضريبية‪ ،‬لعل أعلها‪:‬‬

‫‪ )1‬االستقرار السياسي ‪ ،‬االقتصادي ‪ ،‬االجتماعي والقانوني‪ :‬يعد عامل االستقرار من العوامل ادلهمة اليت‬
‫ٕتذب ادلستثمرين اخلارجيُت‪ ،‬فادلزايا كاإلعفاءات الضريبية مهما بلغت ال تكفي كحدىا إذا دل يتوفر البلد‬
‫ادلضيف على ادلستول ادلطلوب من االستقرار السياسي كاالقتصادم كالقانوين‪ ،‬مع ضركرة توفر بيئة‬
‫‪1‬‬
‫اجتماعية جاذبة كخَت مثاؿ على ذلك سويسرا‪.‬‬
‫‪ )2‬استقرار العملة الوطنية ‪٘ :‬تتاز اجلنات الضريبية باستقرار عملتها الوطنية كقوهتا إتاه العمبلت األخرل‪،‬‬
‫كقابلية العمل للتحويل إذل العمبلت الرئيسية يف العا دل‪ ،‬فهدؼ ٘تكُت انتقاؿ أمواؿ ادلستثمرين األجانب‬
‫يستلزـ أف تكوف عملة دكلة اجلنة الضريبية قابلة للتحويل إذل أقول كأىم كأشهر العمبلت على الصعيد‬

‫‪29‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫العادلي كالدكالر األمريكي‪ ،‬أك اجلنيو اإلسًتليٍت‪.....‬اخل‪ ،‬كلئلشارة فبعض اجلنات الضريبية تعتمد عملة‬
‫غَت عملتها الوطنية‪ ،‬مثاؿ على ذلك اعتماد بنما على الدكالر األمريكي كعملة أساسية يف التداكؿ‪.‬‬
‫‪ )3‬انعدام الرقابة على الصرف‪ :‬الف غياب الرقابة على الصرؼ يسهل من عملية ٖتويل أمواؿ ادلستثمرين‬
‫‪41‬‬
‫اخلارجيُت من كاذل اجلنة الضريبية‪ ،‬هبدؼ ٗتفيض أعبائهم الضريبية‪.‬‬
‫‪ )4‬سهولة ومرونة التأسيس‪ :‬من السمات األخرل البارزة للجنات الضريبية سهولة تأسيس الشركات‬
‫كبتكاليف منخفضة للغاية‪ ،‬كدكف الكشف عن اذلوية‪ ،‬كما أهنا تتيح إمكانية شراء الشركات حرفيا "من‬
‫على الرؼ"‪ ،‬إضافة إذل أهنا ال تتطلب بأ ف يكوف للشركات كادلؤسسات ادلالية أم تواجد حقيق م على‬
‫أراضيها‪.‬‬
‫‪ )5‬الخدمات المصرفية والمهنية والدعم‪ :‬رغم أف سويسرا كالنمسا ليستا جنات ضريبية بشكل صارـ‪ ،‬غَت‬
‫اخلارجي ككجهة آمنة لؤلصوؿ‪.‬‬
‫ة‬ ‫أهنا ٖتظى بشعبية كبَتة بالنسبة للخدمات ادلصرفية‬
‫‪ )6‬المعاهدات )‪ :(Treaties‬تفقد العديد من ادلناطق شعبيتها كجنات ضريبية بسبب ادلعاىدات‬
‫الدكرلة اخلاصة بتبادؿ ادلعلومات كادلوقعة مع سلتلف احلكومات‪ ،‬على النقيض من ذلك فق د أصبحت‬
‫)‪ (Muaritius‬شائعة بسبب الثغرات يف معاىدات‬ ‫العديد من اجلنات الضريبية مثل موريشيوس‬
‫التهرب الضرييب ادلوقعة مع سلتلف الواليات القضائية‪.‬‬
‫‪ )7‬وسائل النقل واالتصاالت‪ :‬كجود كسائل نقل كاتصاالت متطورة ىو ٔتثابة حافز للمستثمرين اخلارجيُت‪،‬‬
‫كذلك ما تظهره ٕتربة كل من ىونغ كونغ كسنغافورة‪.‬‬
‫‪ )8‬الموقع الجغرافي‪ :‬لطادلا كاف ادلوقع اجلغرايف عامبل مهما يف شعبية كجهات معينة‪ ،‬مثاؿ على ذلك تعترب‬
‫‪2‬‬
‫جزر البهاما كجهة ْترية شعبية للشركات األمريكية بسبب قرهبا من فلوريدا‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التهرب عن طريق الجنات الضريبية‬

‫يتم التهرب الضرييب باستخداـ اجلنات الضريبية عن طريق‪:‬‬

‫‪ )1‬إنشاء الشركات الوسيطية أك الساترة ‪ :TRUSTS، RELAIS،ECRAN‬يف اجلنة الضريبية‬


‫ىو ادلبدأ الذم يرتكز عليو النظاـ كالًتكيب الدكرل‪ ،‬ىذه ادلنشآت يف الواقع ذلا دكر يف الوساطة كيف ٘تركز‬

‫كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.67.‬‬


‫‪1‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.68.67.‬‬ ‫كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع‬


‫‪2‬‬

‫‪30‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫مداخيل منظمي ىذه التعامبلت كالذين يتمنوف أف ال يتم ضبطهم من قبل اإلدارة الضريبية يف بلد‬
‫إقامتهم‪ ،‬إذ ينهض كياف الشركة الساترة على رلموعة عناصر معينة‪ ،‬كىذه العناصر ىي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬أهنا شركة يتم تأسيسها يف بلد ذم معدؿ ضريبة منخفض أك ال تفرض ضرائب فيها هنائيا‪.‬‬
‫‪ ‬يتم تأسيس ىذه الشركة كالسيطرة عليها من قبل أشخاص طبيعيُت كاعتباريُت مقيمُت يف بلد ذم معدؿ‬
‫ضريبة مرتفع‪.‬‬
‫‪ ‬استخداـ مناكرة التهرب الضرييب الدكرل من خبلؿ ىذه الشركة يقوـ على أساس إدارة اإليرادات كتوجيهها‬
‫من الشركة األـ إذل الشركة الساترة‪ ،‬ألجل ٘تكُت الشركة األـ من التهرب من الضرائب ذات السعر ادلرتفع‬
‫ادلفركضة يف دكلة األصل‪.‬‬
‫الصعب يف ىذه الطريقة يكمن يف ٖتديد ىوية ادلالكُت احلقيقيُت ذلذه الشركات كمكاهنم‪ ،‬فادلقر يف‬
‫اجلنة الضريبية كعلي‪ ،‬يف حُت أف ادلقر احلقيقي يف البلد األـ‪ ،‬كمن ىناؾ تقوـ ىذه األخَتة باإلدارة‬
‫‪2‬‬
‫كالتوجيو‪.‬‬
‫ال تقوـ ىذه الشركات الوعلية‪ ،‬اليت يطلق عليها أيضا الكيانات ذات الغرض اخلاص‪ ،‬بأم أنشطة ٕتارية‬
‫حقيقية‪ ،‬بل تقوـ بأنشطة الشركات القابضة‪ ،‬أك بتقدًن ٘تويل داخلي‪ ،‬أك بإدارة أصوؿ غَت ملموسة غالبا‬
‫‪3‬‬
‫هبدؼ تقليل الفاتورة الضريبية العادلية للشركات متعددة اجلنسيات‪.‬‬
‫‪ٗ )2‬تفيض التكاليف يف اجلنات الضريبية كمنو التقليل من العبء الضرييب إذل أقصى حد شلكن يف الدكؿ‬
‫ذات النظاـ الضرييب ادلرتفع كتزيد منو يف الدكؿ ذات اجلنات الضريبية‪ ،‬كىذا قبل توزيع األرباح‪.‬‬
‫‪ )3‬أما بعد توزيع األرباح ؼ إ ف الشركات الوليدة ادلوجودة يف اجلنات الضريبية ال تقوـ بتحويل أرباحها إذل‬
‫الشركة األـ حىت ال تفرض عليها ضرائب مرتفعة‪ ،‬كإظلا تعيد استثماره يف اجلنات الضريبية نفسها أك‬
‫‪4‬‬
‫ٖتويلها إذل دكؿ أخرل أقل خضوعا للضريبة‪.‬‬

‫فعلى سبيل ادلثاؿ تصد ر شركة أمريكية‪ ،‬ذلا فرع عبارة عن شركة كعلية يف البهاما‪ ،‬بضائع إذل فرعها األدلاين‬
‫كترتب تعاقدات الصفقة ْتيث تباع البضائع أكال إذل فرع ادلبيعات التابع ذلا يف البهاما بسعر منخفض زلولة بذلك‬

‫رؽلة ضافر‪ ،‬سعد الدين بلخَتم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.86.‬‬


‫‪1‬‬

‫رؽلة ضافرم‪ ،‬سعد الدين بلخَتم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.87.86.‬‬


‫‪2‬‬

‫فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.77.‬‬


‫‪3‬‬

‫رؽلة ضافرم‪ ،‬سعد الدين بلخَتم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.87 .‬‬
‫‪4‬‬

‫‪31‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫الدخل من أدلانيا إذل البهاما‪ ،‬لذا يزيد دخل الشركة اخلاضع للضريبة يف البهاما بينما يقل الدخل اخلاضع للضريبة‬
‫‪1‬‬
‫يف أمريكا كأدلانيا‪ ،‬كيف الواقع ال تذىب البضائع إذل البهاما‪ ،‬كحىت الوثائق كالنقود ال تصل إذل ىناؾ أبدا‪.‬‬

‫يعد ىذا األسلوب من أساليب االحتياؿ يف التجارة الدكلية كىو أسلوب شائع االستعماؿ حيث يلجأ‬
‫احملتالوف إذل خفض قيمة الصادرات إذل غَت حقيقتها كاالحتفاظ بالفرؽ يف اخلارج‪ ،‬كما يف حاؿ البهاما كأمريكا‬
‫كيفعلوف العكس بالنسبة للواردات حيث ؽليلوف إذل تضخيم فاتورة الواردات لتحويل مبالغ باىظة كاالحتفاظ‬
‫بالفارؽ أيضا يف اخلارج‪ ،‬كما يف حالة أدلانيا كالبهاما‪.‬‬

‫كما يوجد يف بعض الدكؿ كما يف بنما شركات تعرؼ باسم الشركات الورقية‪ ،‬كىي شكل من الشركات‬
‫الوعلية‪ ،‬حيث غلوز يف بنما إنشاء شركات على الورؽ فقط‪ ،‬كيتم تسجيلها يف السجبلت الرمسية ٔتنتهى السهولة‬
‫دكف أف يعلم هبا أحد‪ ،‬كيتوذل ىذه العملية إدارة تقوـ بفتح شركة ٗتتار اسم ذلا‪ ،‬كتوزع النشاط على الورؽ‪ ،‬مت‬
‫تفتح حساب يف البنك يف بنما‪ ،‬كيف اإلدارة الرمسية اليت سجلت فيو اسم الشركة ال يضع اسم رئيس رللس إدارهتا‬
‫كال حىت اسم مالكها‪ ،‬مث يفتح احلساب يف البنك اكؼ شور باسم الشركة ال يضع اسم أم شخص كيكتفي فقط‬
‫ٔتجرد توقيع مع رقم احلساب‪ ،‬كبالتارل يتم ترحيل األمواؿ من بعض الدكؿ كإيداعها يف حساب الشركات الورقية‬
‫يف بنما دكف أف يعلم أحد‪ ،‬كال ؽلكن اخًتاؽ سرية ىذه البنوؾ إطبلقا لعدـ كجود اسم أحد‪ ،‬بل فقط رلرد‬
‫حساب باسم شركة كذا‪ ،‬فالقانوف يف الدكؿ اليت تسمح بإنشاء الشركات الورقية يتيح إخفاء األمواؿ القذرة كما‬
‫‪2‬‬
‫ؼلفي أصحاهبا كمصدر ٘تويلها‪.‬‬

‫كما تلجئ بعض الشركات ادلتعددة اجلنسيات إذل استغبلؿ الثغرات ادلوجود يف القانوف االيرلندم‬
‫باستخداـ أساليب اذلندسة الضريبية احلديثة ذات األمساء الرمزية ادلبتكرة مثل " أيرلندم مزدكج مع شطَتة ىولندية"‬
‫أيرلندا كىولندا ذلا جنات ضريبية يف ْتر الكارييب‪،‬‬ ‫كىو أسلوب يقوـ على ٖتويل األرباح بُت شركات تابعة يف‬
‫‪3‬‬
‫يوضح لنا الشكل أدناه طريقة تنفيذ ىذه اإلسًتاتيجية للتهرب من دفع الضرائب‪:‬‬

‫‌فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.77.‬‬


‫‪1‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪. 78.77.‬‬ ‫‌ فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬مرجع‬


‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‌وداد‌بوقلع‪‌،‬مصباح‌الحراق‪‌،‬مرجع‌سبق‌ذكره‪‌،‬ص‪‌ .70..‬‬

‫‪32‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫الشكل (‪ : )1-2‬ايرلندي مزدوج مع شطيرة هولندية‬

‫‌‬

‫المصدر‪ :‬كداد بوقلع‪ ،‬مصباح حراؽ‪ ،‬اجلنات الضريبية كخسائر النظاـ الضرييب العادلي ‪-‬مع االشارة حلالة اجلزائر‪ ،-‬اجمللة الدكلية لؤلداء االقتصادم‪ ،‬اجمللد ‪ ،4‬العدد‬
‫‪ ،01‬ادلركز اجلامعي عبد احلفيظ بوالصوؼ ميلة اجلزائر‪ ،‬جواف ‪ ،2021‬ص‪.70.‬‬

‫يوضح لنا الشكل أعبله ىيكل معقد لتحويل األرباح ادلعركؼ ب " ‪Double Irish A Dutch‬‬
‫‪ "Sandwich‬تنطوم ىذه الطريقة على استخداـ العديد من الشركات التابعة بعضها موجود يف جنات ضريبية‬
‫كالبعض األخر يف أماكن ال تدعم اجلنات الضريبية‪ ،‬كؽلكن تنفيذ ىذه اإلسًتاتيجية على النحو التارل‪:‬‬

‫تقوـ الشركة ادلتعددة اجلنسيات األمريكية األـ ببيع حقوؽ ادللكية الفكرية اخلاصة هبا إذل شركة ايرلندية (أ)‬
‫مسجلة كمقيمة يف اجلنة الضريبية برمودا‪ ،‬كتقوـ الشركة (أ) بعد ذلك ٔتنح ترخيص حقوؽ ادللكية الفكرية للشركة‬
‫أيرلندا‬ ‫اذلولندية‪ ،‬لتقوـ بعد ذلك الشركة اذلولندية ٔتنح ترخيص ادللكية الفكرية للشركة األيرلندية (ب) ادلقيمة يف‬
‫كىي شركة فرعية شللوكة بالكامل للشركة األيرلندية ادلسجلة يف برمودا‪ ،‬تقوـ الشركة األيرلندية (ب) بعد ذلك ٔتنح‬
‫حقوؽ ادللكية للشركات التابعة يف ‪ٚ‬تيع أضلاء العادل يف مواقع غَت اجلنات الضريبية‪ ،‬تضمن تدفقات اإلتاكات بُت‬
‫‪ٚ‬تيع ىذه الشركات الفرعية ٕتنب ضرائب الشركات عرب مواقع متعددة كٖتويل األرباح يتم إذل برمودا أين يكوف‬
‫معدؿ ضريبة الشركات منخفض جدا أك معدكـ‪.‬‬

‫من الواضح أف ىذه العملية معقدة للغاية‪ ،‬ففي التطبيق العملي تستخدـ الشركات متعددة اجلنسيات‬
‫سلططات معقدة للغاية ٕتعل عملية تتبع مدفوعات اإلتاكات من السلطات الضريبية أمر شبو مستحيل‪ ،‬كمن‬
‫‪Apple ،Google، Facebook‬‬ ‫أشهر الشركات اليت استخدمت ىذه اإلسًتاتيجية نذكر (‬
‫‪1‬‬
‫‪.)Microsoft،‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.71.70.‬‬ ‫كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع‬


‫‪1‬‬

‫‪33‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫المبحث الثالث‪ :‬اآلثار االقتصادية للجنات الضريبية‬

‫إف للجنات الضريبية أثارا اقتصادية سواء على البلد ادلضيف أك البلد ادلصدر كيوجد عدة دراسات تبُت‬
‫كتتناكؿ ىذه اآلثار على اقتصاديات الدكؿ‪ ،‬اجلنات الضريبية مثلها مثل سلتلف الظواىر يًتتب عليها انعكاسات‬
‫سلبية بالرغم من ادلزايا التفضيلية اجلبائية اليت تقدمها ىذه األخَتة‪.‬‬

‫يف ىذا ادلبحث سنتعمق يف اآلثار االقتصادية ضمن مطلبُت اآلثار على البلد ادلصدر كاآلثار على البلد‬
‫ادلضيف كيف ادلطلب الثالث سنتطرؽ إذل سلتلف االنعكاسات السلبية للجنات الضريبية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اآلثار االقتصادية على البلد المصدر‬


‫‪1‬‬
‫سنقوـ بتقسيم ىذه اآلثار إذل أثار اقتصادية مباشرة كأثار اقتصادية غَت مباشرة‪.‬‬

‫أوال‪ .‬اآلثار المباشرة‬

‫‪ ‬عدـ ادلساكاة يف إعادة توزيع الدخل كالثركة كذلك ألف أصحاب الدخوؿ ادلرتفعة يستطيعوف نقل دخوذلم‬
‫ليس لديهم ىذه‬ ‫إذل ادلبلذات الضريبية كبذلك يتجنبوف الضرائب‪ ،‬بينما أصحاب الدخوؿ ادلنخفضة‬
‫القدرة كبذلك يزيد التفاكت يف توزيع الدخل‪.‬‬
‫‪ ‬اطلفاض مستول االستثمار كالذم بدكره يؤدم إذل ضعف يف توليد الدخل‪.‬‬
‫‪ ‬اطلفاض قيمة العملة كذلك بسبب االختبلؿ بُت الطلب كالعرض على العملة احمللية يف سوؽ الصرؼ‬
‫األجنيب‪.‬‬
‫‪ ‬تراجع دكر الضرائب أم اإليرادات العامة بسبب ىركب رؤكس األمواؿ شلا ينعكس بصورة مباشرة على‬
‫اإلنفاؽ العاـ كتراجع برامج التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫إسراء كاطع فياض ‪ ،‬إسراء عبد فرحاف‪ ،‬رشا خالد شهيب‪ ،‬ادلبلذات الضريبية اآلمنة (التوزيع اجلغرافية‪ ،‬كاآلثار االقتصادية)‪ ،‬رللة اإلدارة كاالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،125‬أيلوؿ ‪،2021‬‬
‫‪1‬‬

‫ص‪.118..‬‬

‫‪34‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫ثانيا‪ .‬اآلثار غير المباشرة‬

‫‪ ‬ارتفاع أسعار السلع كاخلدمات كذلك ألف الشركات كادلصانع الكبَتة ؽلكنها التهرب من دفع الضرائب‬
‫كاالنتقاؿ إذل ادلبلذات الضريبية بُت الشركات كادلصانع الصغَتة كادلتوسطة ال ؽلكنها التنقل إذل ىذه‬
‫ادلبلذات شلا ػلملها أعباء ضريبية كبَتة شلا ينعكس على أسعار السلع كاخلدمات اليت تنتجها‪.‬‬
‫‪ ‬تعميق الفجوة يف احلقوؽ االجتماعية كخاصة لذكم الدخوؿ احملدكدة كتعميق من التفاكت الكبَت يف‬
‫الدخل كالثركة‪.‬‬
‫‪ ‬اطلفاض اخلدمات العامة بسبب ىركب رؤكس األمواؿ ضلو اخلارج فيما يتعلق ٓتدمات البٌت التحتية‬
‫كسوؽ العمل‪.‬‬
‫‪ ‬االختبلؿ يف ميزاف ادلدفوعات كخاصة يف حساب رأس ادلاؿ شلا ينعكس سلبا على بقية ادلؤشرات‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار االقتصادية على البلد المضيف‬

‫يعترب اذلدؼ الرئيسي للجنات الضريبية جذب ادلزيد من االستثمار األجنيب ادلباشر لزيادة معدالت النمو‬
‫االقتصادم يف الدكلة ادلضيفة‪ ،‬سنقوـ باالعتماد على دراستُت كادلقارنة بينهما من أجل تلخيص كشرح اآلثار‬
‫االقتصادية على البلد ادلضيف كىذه الدراستُت لكل من ‪ Peter Schwarz‬ك‪.Shafik Hebous‬‬

‫تظهر دراسة ‪ Peter Schwarz‬كاليت أجراىا على عينة من الشركات األمريكية متعددة اجلنسيات عن‬
‫أثر اجلنات الضريبية على االستثمار األجنيب ادلباشر )‪ (FDI‬أف ىذه الشركات غَت مرنة يف قرارات استثمارىا‬
‫بالنسبة الطلفاض معدؿ الضرائب‪ ،‬فبالرغم من أف اطلفاض ‪ %1‬من معدؿ الضرائب يف الدكلة ادلضيفة يؤدم إذل‬
‫زيادة إ‪ٚ‬تارل االستثمار األجنيب ادلباشر ما بُت ‪ %0,3‬ك‪ ،%1,8‬إال أف مركنة االستثمار بالنسبة للضرائب أقل‬
‫عند ٖتليل االستثمارات يف اإلنتاج كاآلالت كادلعدات فقط‪ .‬كىذا يشَت إذل أف ادلنافسة بُت البلداف على جذب‬
‫‪2‬‬
‫رأس ادلاؿ احلقيق ىو أقل حساسية بالنسبة دلعدالت الضرائب‪.‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.119..‬‬ ‫‌إسراء كاطع فياض‪ ،‬كآخركف‪ ،‬مرجع‬


‫‪1‬‬

‫‪at :‬‬ ‫‪ .2015‬ص‪.10 .‬‬ ‫‌ىيتم زلمد نصر الدين حامد‪ ،‬دكر اجلنات الضريبية يف التجنب الضرييب على مستول الدكرل‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Electronic‬‬ ‫‪copy‬‬ ‫‪available‬‬
‫‪‌http://ssrn.com/abstract=2684810.‬‬

‫‪35‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫بينما يرل ‪ Shafik Hebous‬يف الدراسة اليت أجراىا على سلوؾ الشركات األدلانية أف بعض ادلبلذات‬
‫‪ ،‬بنما ‪ ،‬النمسا ‪،‬‬ ‫الضريبية‪ ،‬مثل أندكرا كأكركبا ليس ذلا تأثَت على جذب االستثمارات األجنبية ادلباشرة ألدلانيا‬
‫بلجيكا ‪ ،‬لوكسمبورغ كسويسرا من بُت الدكؿ األكثر جذبا لبلستثمار األجنيب ادلباشر األدلاين يف أكركبا‪ ،‬كما أهنا‬
‫كجدت أف جزر كاؽلاف تتلقى ‪ %1‬من االستثمار األجنيب ادلباشر الصادر من أدلانيا كىو ما يعادؿ نصيب مرتكز‬
‫ادلاؿ اخلارجية ادلعركفة مثل ىونغ كونغ كسنغافورة‪ ،‬كىو ما يشكك يف مدل جدكل اجلنات الضريبية يف جذب‬
‫االستثمار األجنيب ادلباشر‪.‬‬

‫نلخص من ذلك أف أثر اجلنات الضريبية على جذب االستثمار األجنيب ادلباشر غَت مضموف‪ ،‬كما أنو‬
‫يتوقف يف بعض األحياف على مدل تكامل األسواؽ ادلالية للدكلة ادلضيفة‪ ،‬كطبيعة احلكومة كالبنية التحتية‬
‫‪1‬‬
‫كادلؤسسية للدكلة‪.‬‬

‫مكننا تلخيص اآلثار االقتصادية للبلد ادلضيف يف النقاط التالية كذلك بتقسيمها إذل أثار مباشرة كغَت‬
‫‪2‬‬
‫مباشرة‪.‬‬

‫اآلثار المباشرة‪:‬‬

‫‪ ‬جذب رؤكس األمواؿ كاستغبلذلا يف تنمية كتطوير البلداف ادلضيفة‪.‬‬


‫‪ ‬جذب االستثمار األجنيب من أجل زيادة معدالت النمو االقتصادم‪.‬‬
‫‪ ‬تكامل االستثمار األجنيب من أجل زيادة معدالت النمو االقتصادم‪.‬‬
‫‪ٖ ‬تسُت قيمة العملة احمللية‪.‬‬

‫اآلثار غير المباشرة‪:‬‬

‫‪ٖ ‬تسُت الواقع اخلدمايت كالبٌت التحتية يف البلداف ادلضيفة‪.‬‬


‫‪ ‬خلق فرص عمل جديدة كالقضاء على البطالة‪.‬‬
‫‪ٖ ‬تسُت كضع ميزاف ادلدفوعات من خبلؿ التدفقات النقدية‪.‬‬

‫ىيتم زلمد نصر الدين حامد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص‪.10 .‬‬
‫‪1‬‬

‫إسراء كاطع فياض‪ ،‬كأخركف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.119.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫المطلب الثالث‪ :‬االنعكاسات السلبية لوجود الجنات الضريبية‬


‫‪1‬‬
‫يًتتب عن اجلنات الضريبية انعكاسات كأثار سلبية ؽلكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬هتديد التوازف ادلارل بُت دكؿ العادل ‪ ،‬حيث يفضل أصحاب الثركات هتريب أمواذلم كأرباحهم ككذلك‬
‫االستثمارات يف البلداف اليت تقدـ ذلم أفضل ادلزايا كاإلعفاءات الضريبية‪ ،‬شلا يًتتب عنو رلموعة من‬
‫االنعكاسات السلبية على اقتصاديات الدكؿ ذات الضغط الضرييب ادلتوسط أك ادلرتفع‪.‬‬
‫‪ ‬ادلخاطر األمنية‪ ،‬خاصة من ادلنظمات اإلجرامية الدكلية كالتنظيمات اإلرىابية اليت تستغل اخلدمات‬
‫البنكية اليت تلتزـ باحلماية ادلطلقة للمعلومات كادلعطيات حوؿ التحويبلت البنكية لتمويل عملياهتا يف‬
‫باقي بلداف العادل‪ ،‬ىذه ادلعطيات دفعت ادلنتظم اؿ د كرل من خبلؿ منظمة التعاكف كالتنمية االقتصادية‬
‫لبلورة رلموعة من اإلجراءات للحد من ظاىرة اجلنات الضريبية‪.‬‬
‫اطلفاض حاد ككبَت يف ادلوارد اجلبائية‪ ،‬فصغر مساحة البلداف ادلصنفة كجنات ضريبية كقلة عدد سكاهنا‬ ‫‪‬‬
‫ؽلكنها من عدـ فرض ضرائب كثَتة كمرتفعة‪ ،‬يف حُت أف الدكؿ األخرل ستجد نفسها مرغمة دلنع‬
‫هتريب األمواؿ كاألرباح خارج تراب الدكلة على سن رلموعة من اإلعفاءات الضريبية على الشركات‬
‫كاألفراد خاصة األثرياء شلا سيضعف مواردىا اجلبائية كغلعلها غَت قادرة على اصلاز الربامج احلكومية يف‬
‫اجملاالت االجتماعية كالبنية التحتية‪ ،‬كىو ما يفاقم األكضاع االجتماعية خاصة يف الدكؿ النامية اليت‬
‫تعاين أصبل من نقص ادلوارد ادلالية‪.‬‬
‫‪ ‬تشكل اجلنات الضريبية علبة سوداء جلرؽلة ادلنظمة الدكلية‪ ،‬من خبلؿ توفَتىا لوسائل كآليات قانونية قارة‬
‫على التغاضي عن مصدر ىذه األمواؿ كعن ىوية أصحاهبا‪ ،‬كما أهنا ترفض التعاكف مع الدكؿ األخرل‬
‫للقياـ بتحقيقات جبائية أك جنائية تتعلق هبذه األمواؿ‪ ،‬فهي تقوـ بدكر الوسيط بُت شبكة التحويبلت‬
‫ادلالية الدكلية الشرعية كىذه األمواؿ اجملهولة ادلصدر أك ذات ادلصدر ادلشبوه‪ ،‬فهي تساىم يف تفشي‬
‫االرتشاء على ادلستول الدكرل ك٘تويل ادلنظمات اإلجرامية كالتنظيمات اإلرىابية‪.‬‬
‫‪ ‬فاجلنات الضريبية ٘تنح خاصية السر البنكي‪ ،‬كاحلماية ادلطلقة للعمليات ادلالية كالتجارية اليت ٘تكن من‬
‫إبقاء ىوية ادلالكُت كادلستفيدين من التحويبلت ادلالية رلهولة‪ ،‬حيث أف امتناع ىذه الدكؿ عن التعاكف‬

‫‪1‬‬
‫‌زواق‌الحواس‪‌،‬مرجع‌سبق‌ذكره‪‌،‬ص‪‌.20.‬‬

‫‪37‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫مع بقية بلداف العادل شكل عائقا يكفل احلماية للمتهربُت من الضرائب كأصحاب الثركات ذات ادلصدر‬
‫غَت ادلعركؼ‪.‬‬
‫‪ ‬تشكل اجلنات الضريبية مبلذا أمنا إلخفاء األمواؿ ادلتحصلة من عمليات االرتشاء الضخمة‪ ،‬من خبلؿ‬
‫اخلدمات اليت تقدمها البنوؾ عن طريق تغيَت مسار األمواؿ عدة مرات كتغيَت مصدرىا كإنشاء شركات‬
‫كعلية كصفقات غَت حقيقة هبدؼ تبييض مصدر تلك األمواؿ‪.‬‬
‫‪ ‬يؤدم كجود اجلنات الضريبية إذل تزايد سلاطر األزمات االقتصادية العادلية‪ ،‬فهي تغَت مسار ادلدخرات‬
‫العادلية كتعمل على تركيزىا يف مناطق معينة‪ ،‬كما تسهل تداكؿ األمواؿ بدكف مراقبة‪ ،‬كما ٕتعل من‬
‫البيانات احملاسبية كالنتائج ادلالية للشركات‪ ،‬خاصة ادلتعددة اجلنسية غَت دقيقة كاليت تشكل يف أغلب‬
‫األحياف األساس اليت تعتمد عليو بعض الشركات إلعبلف إفبلسها ادلتعمد للتهرب ـ ف الضريبية كالديوف‬
‫كغَتىا من االلتزامات‪ ،‬كما تؤدم بسبب التداكؿ السريع لرؤكس األمواؿ بدكف مراقبة إذل تنامي ىركب‬
‫‪1‬‬
‫األمواؿ من الدكؿ النامية شلا يؤثر على النمو االقتصادم ذلذه البلداف‪.‬‬

‫زكاؽ احلواس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.20.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪38‬‬
‫اجلنات الضريبية ك آثارىا االقتصادية‬ ‫الفصل الثاين‬

‫الخالصة‬

‫من خبلؿ ما سبق يتبُت لنا أف اجلنات الضريبية ىي شكل من أشكاؿ التهرب الضرييب الدكرل‪ ،‬تطورت‬
‫ىذه الظاىرة عرب التاريخ حىت توصلت إذل ما ىي عليو اليوـ‪ ،‬كقد تكوف دكلة أك دكيلة أك إقليم أك جزيرة تكوف‬
‫فيها الضرائب منخفضة أك معدكمة كتشجع ميزة السرية ادلصرفية كىذا ما يبحث عنو األشخاص أك الشركات‬
‫الذين يريدكف التهرب من دفع الضرائب‪.‬‬

‫توصلنا إذل أف اجلنات الضريبية أشكاؿ كأنواع عديدة يتم تصنيفها على أساس معيارين كعلا الشموؿ كفرض‬
‫الضرائب‪ .‬كيكوف التهرب عن طريقها باستعماؿ العديد من احليل على سبيل ادلثاؿ إنشاء شركات كسيطية‬
‫كٗتفيض التكاليف من أجل التقليل من العبء الضرييب‪ ،‬كما أهنا تقوـ بعدـ ٖتويل أرباحها إذل الشركة األـ من‬
‫أجل التملص من دفع الضريبة‪ ،‬كيتم كذؿ ؾ التهرب عن طريق استخداـ طريقة " أيرلندم مزدكج مع شطَتة‬
‫ىولندية" كىي طريقة جد معقدة تصعب على السلطات الضريبية تتبع دفوعات اإلتاكات‪.‬‬

‫ٗتلف اجلنات الضريبية أثارا اقتصادية على البلدين ادلصدر كادلضيف أثارا مباشرة كغَت مباشرة سللفة‬
‫انعكاسات كأثار سلبية على االقتصاد العادلي كالنظاـ اجلبائي العادلي‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تمهيد‬

‫لتحقيق أىداؼ الضريبة تسعى دكؿ العادل ادلتقدـ كالنامي على حد سواء بتعزيز إيرادات الضريبة لديها من‬
‫خبلؿ إصبلح نظامها‪ .‬إال أف ٖترير تدفقات رؤكس األمواؿ العابرة للحدكد‪ ،‬كظهور شركات متعددة اجلنسيات‬
‫اليت لطادلا اقًتف امسها بعمليات التهرب الضرييب الدكرل مع بركز كتنامي ظاىرة اجلنات الضريبية كمناطق تستقطب‬
‫أمواؿ كشركات األجانب من خبلؿ منحها العديد من ادلزايا الضريبية كغَت الضريبية‪ .‬كما أف هترب ادلكلفُت من‬
‫دفع الضرائب يف بلداهنم األصلية سببا يف خسارة اإليرادات الضريبية يف سلتلف دكؿ العادل‪.‬‬

‫اجلنات الضريبية ظاىرة من أبرز ادلبلمح الضارة للعودلة ادلالية‪ ،‬فهي ال ٗتضع لقيود أك شركط كتوفر السرية‬
‫ادلصرفية كتعمل يف نظم رقابية أقل شفافية شلا يؤىلها لتكوين سلبأ للثركات غَت ادلشركعة كأحيانا مشركعة‪.‬‬

‫إف كل دكلة تصمم نظمها الضريبية بشكل يبلءـ ظركفها كأكضاعها ادلختلفة فعليو ينشأ عن ذلك قياـ‬
‫أنظمة ضريبية متنوعة كمتباينة كمن ىنا تقوـ بعض الدكؿ كسعيا منها لتحقيق مصاحلها اخلاصة بوضع أنظمة‬
‫ضريبية جذابة تقدـ ٔتوجبها معدالت ضريبية منخفضة جدا ال تقوض ضرائب أصبل باإلضافة إذل تقدًن مزايا‬
‫أخرل كما أف اجلنات الضريبية أدت إذل خلق خسائر للنظاـ اجلبائي العادلي‪ .‬كقد قسمنا ىذا الفصل إذل ثبلثة‬
‫مباحث‪ ،‬ادلبحث األكؿ ٖتدثنا عن التوزيع اجلغرايف للجنات الضريبية يف العادل أما ادلبحث الثاين تطرقنا إذل‬
‫مسؤكلية اجلنات الضريبية عن خسائر النظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬أما ادلبحث الثالث ٖتدثنا عن كسائل مكافحة‬
‫اجلنات الضريبية‪.‬‬
‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‪41‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‌‬

‫المبحث األول‪ :‬التوزيع الجغرافي للجنات الضريبية‬

‫ىناؾ العديد من اجلنات الضريبية حوؿ العادل ال ؽلكن التنبؤ بعددىا نظرا لكثرهتا فهي تفوؽ ستُت دكلة‪،‬‬
‫إقليم كجزيرة‪ ،‬كقد مت تصنيفها إذل مناطق حسب ادلوقع اجلغرايف كحسب التزامها بادلعاىدات من عدمو كتتفاكت‬
‫فيما بينها يف األعلية نظرا للسرية ادلصرفية اليت تطبقها‪ ،‬كىناؾ بعض النماذج عن ىذه ادلبلذات يف العادل ألكثر‬
‫الدكؿ اعتمادا من قبل الشركات كاألفراد‪.‬‬

‫قمنا بتقسيم ىذا ادلبحث إذل مطلبُت األكؿ تقسيمات اجلنات الضريبية عرب العادل كادلطلب الثاين تطرقنا فيو‬
‫إذل بعض النماذج للمبلذات الضريبية يف العادل كقمنا بتقسيمو إذل ثبلثة فركع الفرع األكؿ ىو سويسرا كمبلذ‬
‫ضرييب أمن‪ ،‬الفرع الثاين ىونغ كونغ كمبلذ ضرييب أمن كالفرع الثالث سنغافورة كمبلذ ضرييب أمن‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تقسيمات الجنات الضريبية حول العالم‬

‫يتفق معظم االقتصاديُت على أف أكؿ مبلذ ضرييب حقيقي ىو سويسرا‪ ،‬حيث كانت البنوؾ السويسرية منذ‬
‫فًتة طويلة مبلذا برأس ادلاؿ لؤلشخاص الفارين من االضطرابات االجتماعية يف ركسيا كأدلانيا كأمريكا اجلنوبية‬
‫كأماكن أخرل‪ .‬كيف اجلزء األكؿ من القرف العشرين يف السنوات التالية مباشرة للحرب العادلية األكذل‪ ،‬أطلقت‬
‫حكومات أكركبية كثَتة ضرائب بشكل مكثف للمساعدة يف دفع تكاليف جهود إعادة األعمار يف أعقاب الدمار‬
‫الذم خلفتو احلرب العادلية األكذل‪ .‬كبصورة عامة‪ ،‬ظلت سويسرا زلايدة خبلؿ احلرب كٕتنبت إعادة بناء بنيتها‬
‫التحتية‪ ،‬كبالتارل كانت قادرة على احلفاظ على مستول منخفض من الضرائب‪ ،‬كنتيجة لذلك كاف ىناؾ تدفق‬
‫‪1‬‬
‫كبَت لرؤكس األمواؿ إذل البلد ألسباب تتعلق بالضرائب‪.‬‬

‫‪ 60‬مبلذا أغلبها يف‬ ‫تبقى األرقاـ متضاربة بشأف العدد احلقيقي للمبلذات لكنها بالتأكيد تتجاكز العدد‬
‫أكركبا كزليطها (حوارل ‪ 16‬دكلة منها ‪ 9‬تنتمي إذل االٖتاد األكركيب‪ ،‬سويسرا‪ ،‬لكسمبورغ‪ ،‬بلجيكا)‪ ،‬األغلبية‬
‫األخرل تنتمي للفضاء األكركيب مثل ليخشنتاين‪ ،‬كفرنسا كحدىا أحصت على أقل ‪ 5‬مبلذات (بولينيزم‪ ،‬موناكو‬
‫أندك‪ ،‬ساف بارتيليمي‪ ،‬ساف مارتا)‪ .‬كأكرب ادلبلذات توجد يف الواليات ادلتحدة األمريكية‪ ،‬عدد ادلبلذات الضريبية‬

‫سبق ذكره‪،‬ص‪81..‬‬ ‫رؽلة ضافرم‪ ،‬مرجع‬


‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫لن تتوقف عن الزيادة بسبب التحرر ادلارل كتطور كسائل االتصاؿ كاإلعبلـ اليت سهلت من احلركات السريعة‬
‫‪1‬‬
‫لرؤكس األمواؿ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كما ؽلكننا تقسيم دكؿ كأقاليم اجلنات الضريبية إذل أربعة رلموعات‪:‬‬

‫‪ .1‬منطقة الجنات الضريبية األوروبية‪ :‬تضم سويسرا كلوكسمبورغ اليت تصنف من أكرب اجلنات الضريبية يف‬
‫العادل بدأت العمل سنة ‪ 1929‬كأكؿ جنة ضريبية يف أكركبا‪ ،‬كىولندا اليت ٘تثل دكؿ األكفشور فيها‬
‫مف‬ ‫حوارل ‪ 18‬تريليوف دكالر‪ ،‬إضافة إذل النمسا كبلجيكا كدكؿ ادلاكرك أكركبية مثل موناكو‪ ،‬ليشتنشتا‬
‫كجزر ماديرا الربتغالية‪.‬‬
‫تشمل رلموعة اجلزر التابعة للتاج الربيطاين شلثلة يف جرسي‪،‬‬ ‫‪ .2‬منطقة الجنات الضريبية البريطانية‪:‬‬
‫جورنزم كأيل أكؼ ماف‪ّ ،‬تانب ادلناطق الواقعة عرب البحار مثل جزر كاؽلاف‪ ،‬برمودا‪ ،‬فَتجن‪ ،‬الًتؾ‬
‫ككايكوس‪ ،‬جبل طارؽ‪ٗ ،‬تضع ىذه ادلناطق لسيطرة بريطانيا‪ ،‬كيف نطاؽ ىذه ادلنطقة صلد أيضا ىونغ‬
‫كونغ‪ ،‬جزر البهاما كجزر فانواتو جنوب احمليط اذلادم‪ ،‬إضافة إذل ايرلندا‪.‬‬
‫‪ .3‬منطقة الجنات الضريبية األمريكية‪٘ :‬تثل األكفشور األمريكي‪ ،‬كينقسم إذل ثبلثة مستويات‪:‬‬
‫‪ ‬البنوؾ اليت تقبل بشكل قانوين عائدات بعض اجلرائم كاليت يتم ارتكاهبا يف اخلارج مثل التعامل يف األمواؿ‬
‫ادلسركقة‪.‬‬
‫‪ ‬البنوؾ األقلية البلتينية مثل بنوؾ كالية فلوريدا اليت ٗتتص يف إيواء أمواؿ عصابات ٕتار ادلخدرات‪.‬‬
‫‪ ‬اجلزر التابعة ألمريكا مثل جزيرة مارشاؿ كاليت تعترب مركزا رئيسيا لتسجيل السفن باخلارج‪ ،‬كبنما اليت‬
‫صنفت من بُت اكرب مناطق غسيل األمواؿ يف العادل‪.‬‬
‫‪ .4‬أماكن هامشية غير مصنفة ‪ :‬تضم دكؿ مثل األكركغوام‪ ،‬الصوماؿ‪ ،‬الغابوف‪ ،‬جيبويت كدبيو تلعب ىذه‬
‫ادلناطق دكرا كبَتا يف تسهيل عمل شركات أكفشور‪.‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.184.‬‬


‫‪1‬‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪72.71..‬‬ ‫كداد بوقلع‪ ،‬مرجع‬


‫‪2‬‬

‫‪43‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الجدول (‪ :)1-3‬الجنات الضريبية وفقا للموقع الجغرافي لسنة ‪2015‬‬

‫الدول‬ ‫اإلقليم‬
‫أصلويبل‪ ،‬انتيغا كبربودا‪ ،‬أركبا‪ ،‬البهاما‪ ،‬بربادكس‪ ،‬جزر فَتجن الربيطانية‪ ،‬جزر كاؽلاف‪ ،‬دكمينيكا‪ ،‬غرينادا‪ ،‬مونتسَتات‪،‬‬
‫جزر األنتيل اذلولندية‪ ،‬سانت كيتسونيفيس‪ ،‬سانتلوسيا‪ ،‬سانتفنسنت كجزر غرينادين‪ ،‬جزر تركسوكايكوس‪ ،‬جزر‬ ‫الكارييب كجزراذلند الغربية‬
‫فَتجن األمريكية‪.‬‬
‫ٔتيزك كوستاريا كبنما‪.‬‬ ‫أمريكا الوسطى‬
‫ىونغ كونغ‪ ،‬ماكاك ك سنغافورة‪.‬‬ ‫سواحل شرؽ اسيا‬
‫أندكرا أك جزر القناة االصلليزية (غَتنسيوجَتسي)‪ ،‬قربص‪ ،‬جبل طارؽ‪ ،‬جزيرة ماف‪ ،‬ايرلندا‪ ،‬ليختنشتاين‪ ،‬لوكسمبورغ‪،‬‬
‫أكركبا كالبحر األبيض ادلتوسط‬
‫مالطا‪ ،‬موناكو‪ ،‬ساف مارينو‪ ،‬سويسرا‪.‬‬
‫جزر ادلالديف كموريشيو كسوسيشيل‪.‬‬ ‫احمليط اذلندم‬
‫البحرين كاألردف كلبناف‪.‬‬ ‫الشرؽ األكسط‬
‫برمودا‪.‬‬ ‫مشاؿ األطلسي‬
‫جزر كوؾ‪ ،‬جزر مارشاؿ‪ ،‬كساموا‪ ،‬نارك‪ ،‬نيوم‪ ،‬تونغ‪ ،‬فانواتو‪.‬‬ ‫احمليط اذلادم‬
‫ليبَتيا‪.‬‬ ‫غرب افريقيا‬
‫‪Jane G Gravelle, Tax Havens : international Tax Avoidance and Evasion, Congressional Research Service, R40623,‬‬ ‫المصدر‪:‬‬
‫–حالة ايرلندية مزدكجة‬ ‫‪ January15th 2015, P728‬نقبل عن رؽلة ضافرم‪ ،‬زلمد سعد الدين بلخَتم‪ ،‬اجلنات الضريبية كدكرىا يف التهرب الضرييب الدكرل‬
‫كالساندكيتش اذلولندم لشركةغوغل‪ ،-‬رللة اقتصاد ادلاؿ كاألعماؿ‪ ،‬اجمللد ‪ ،4‬العدد ‪ ،01‬أفريل ‪ ،2020‬ص‪.‬ص‪.83.82.‬‬

‫كىناؾ خريطة التوزيع اجلغرايف لنفوذ مناطق كجزر اجلنات الضريبية‪ ،‬فمدراء الثركات يف سويسرا يستهدفوف‬
‫األثرياء األدلاف كالفرنسيُت كااليطاليُت‪ ،‬أم اجلَتاف ادلباشركف اللذين يتحدثوف بلغاهتا الثبلث ‪ ،‬يف حُت تستهدؼ‬
‫موناكو أمواؿ النخب الفرنسية‪ ،‬كاألسباف يستخدموف منطقة أندركا احملصورة بُت البلدين ‪ ،‬كيستخدـ أثرياء النمسا‬
‫مناطق اجلنات الضريبية يف احمليط اذلادم مثل جزر فانواتو‪ ،‬بينما يفضل األفارقة خاصة يف منطقة الشماؿ القارة‬
‫‪1‬‬
‫السمراء مالطا‪ ،‬كيستخدـ باركنات ادلاؿ يف أمريكا بنما كمناطق جزر الكارييب‪.‬‬

‫فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.76.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌‬

‫‪44‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الشكل(‪ :)1-3‬خريطة المالذات الضريبية في العالم سنة ‪2016‬‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬
‫المصدر‪ :‬منظمة التعاكف كالتنمية )‪ ،(OCED‬التقرير االقتصادم‪ 2016،‬نقبل عن إسراء كاطع فياض‪ ،‬إسراء عبد فرحاف‪ ،‬رشا خالد شهيب‪ ،‬ادلبلذات الضريبية‬
‫اآلمنة (التوزيع اجلغرافية‪ ،‬كاآلثار االقتصادية)‪ ،‬رللة االدارة كاالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،125‬أيلوؿ ‪ ،2020‬ص‪.116.‬‬

‫بالنسبة ذلونغ كونغ كسنغافورا كماكاك‪ ،‬فهي مناطق األكفشور ادلفضلة ألباطرة ادلاؿ الصينيُت كذلك يف حُت‬
‫يفضل الركس كخاصة باركنات األمواؿ القذرة "األكفشور" قربص كجبل طارؽ كناكرك‪ ،‬ىولندا ‪ ،‬لوكسمبورغ فهي‬
‫إحدل أفضل مناطق اجلنات الضريبية يف أكركبا‪ ،‬كاليت تنافس بقوة سويسرا كال يلتفت إليهما الكثَتكف‪ ،‬مثلما ال‬
‫يلتفت الكثَتكف إذل جزر موريشيوس القريبة من الساحل اإلفريقي باحمليط اذلندم باعتبارىا أفضل ادلناطق للهند‪،‬‬
‫كهبا أكثر من ‪ %40‬من االستثمارات األجنبية اليت تدخل إذل اذلند‪‌‌‌1.‬‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.76.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪45‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‌‬

‫‌‬
‫جدول(‪ :)2-3‬أكبر المالذات الضريبية في العالم لسنة ‪2017‬‬

‫كتَتة النمو السنوية ما بُت‬


‫مصادر األمواؿ‬ ‫أمواؿ االكفشور‬ ‫ادلبلذ الضرييب‬ ‫الًتتيب‬
‫‪2017-2012‬‬
‫أدلانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬السعودية‪.‬‬ ‫‪%3‬‬ ‫‪ 2.3‬تريليوف دكالر‬ ‫سويسرا‬ ‫‪1‬‬

‫الصُت‪ ،‬تايواف‪ ،‬الياباف‪.‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪ 1.1‬تريليوف دكالر‬ ‫ىونغ كونغ‬ ‫‪2‬‬

‫الصُت‪ ،‬اندكنيسيا‪ ،‬ماليزيا‪.‬‬ ‫‪%11‬‬ ‫‪ 0.9‬تريليوف دكالر‬ ‫سنغافورة‬ ‫‪3‬‬

‫ادلكسيك‪ ،‬الصُت‪ ،‬األرجنتُت‪.‬‬ ‫‪%5‬‬ ‫‪ 0.7‬تريليوف دكالر‬ ‫الواليات ادلتحدة‬ ‫‪4‬‬

‫ادلملكة ادلتحدة‪ ،‬ركسيا‪ ،‬الصُت‪.‬‬ ‫‪%2‬‬ ‫‪ 0.5‬تريليوف دكالر‬ ‫جزر القناة االصلليزية كجزيرة ماف‬ ‫‪5‬‬

‫السعودية‪ ،‬العراؽ‪ ،‬ايراف‪.‬‬ ‫‪%4‬‬ ‫‪ 0.5‬تريليوف دكالر‬ ‫االمارات‬ ‫‪6‬‬

‫أدلانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬ادلملكة ادلتحدة‪.‬‬ ‫‪%2‬‬ ‫‪ 0.3‬تريليوف دكالر‬ ‫لوكسمبورغ‬ ‫‪7‬‬

‫الصُت‪ ،‬السعودية‪ ،‬ركسيا‪.‬‬ ‫‪%2‬‬ ‫‪ 0.3‬تريليوف دكالر‬ ‫ادلملكة ادلتحدة (بريطانيا)‬ ‫‪8‬‬

‫فرنسا‪ ،‬ايطاليا‪ ،‬ادلملكة ادلتحدة‪.‬‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪ 0.2‬تريليوف دكالر‬ ‫موناكو‬ ‫‪9‬‬

‫السعودية‪ ،‬ايراف‪ ،‬العراؽ‪.‬‬ ‫‪%5‬‬ ‫‪ 0.2‬تريليوف دكالر‬ ‫البحرين‬ ‫‪10‬‬

‫‪Nikolaj Nielsen.Luxmbourg nota tax haven, Claims PM.magazine EUobserver. Luxembourg, 28.jun 2017‬‬ ‫المصدر‪:‬‬
‫‪ https://euobserver.com/justice/138368‬نقبل عن إسراء كاطع فياض‪ ،‬إسراء عبد فرحاف‪ ،‬رشا خالد شهيب‪ ،‬ادلبلذات الضريبية اآلمنة (التوزيع اجلغرافية‪،‬‬
‫كاآلثار االقتصادية)‪ ،‬رللة االدارة كاالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،125‬أيلوؿ ‪ ،2020‬ص‪.117.‬‬

‫بالرغم من تصنيف الدكؿ إذل جنات ضريبية فهي تتفاكت فيما بينها داخل ىذا التصنيف طبقا التفاقيات‬
‫تبادؿ ادلعلومات اليت تعقدىا ىذه الدكؿ‪ ،‬أك تعهدىا االلتزاـ بتبادؿ ادلعلومات بالرغم من عدـ كجود تغَتات‬
‫لتنفيذىا‪ ،‬كطبقا لتصنيف منظمة )‪ )OECD‬كؽلكن التفريق بُت ثبلث قوائم أك رلموعات من اجلنات الضريبية‪:‬‬
‫"القائمة البيضاء " كىي البلداف اليت تنفذ معايَت اجلودة ادلتفق عليها‪ ،‬ك" القائمة الرمادية " كىي الدكؿ اليت التزمت‬
‫هبذا ادلعيار كدل تنفذ التغَتات البلزمة لتنفيذ ىذه ادلعايَت‪ ،‬ك" القائمة السوداء " كىي الدكؿ اليت دل تنفذ ىذه ‌ادلعايَت كدل‬
‫تلتزـ هبا‪ ،‬اجلدير بالذكر أنو يوجد بعض الدكؿ ادلتقدمة ذلا بعض خصائص اجلنات الضريبية‪.‬‬
‫‪‌‌1‬‬

‫ىيثم زلمد نصر الدين حامد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.6.5.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪46‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‌‬

‫كفيما يلي تصنيف ىذه ادلناطق بالتفصيل كالذم جاءت بو منظمة التعاكف كالتنمية االقتصادية‬
‫‪1‬‬
‫(‪ )OECD‬سنة ‪:2009‬‬

‫‪ .1‬مناطق رمادية‪ :‬تضم ادلراكز ادلالية اليت تعهدت بالتقيد بالنظم ادلالية اجلديدة دكف تطبيقها‪ ،‬القائمة‬
‫الرمادية تضم ‪ 38‬بلد مقسمة إذل فئتُت‪:‬‬
‫‪ ‬الفئة األولى‪ :‬بلداف صنفتها ادلنظمة عاـ ‪ 2000‬على أهنا ملذات ضريبية أمنة‪ ،‬كىي‪( :‬سويسرا‪،‬‬
‫تشيلي‪ ،‬أندكرا‪ ،‬أنغويا أنتيغو‪ ،‬برباد ‪ ،‬أكركبا‪ ،‬باىاماس‪ ،‬البحرين‪ ،‬بليز‪ ،‬برمودا‪ ،‬جزر العذارل‬
‫االصلليزية‪ ،‬جزر كاؽلاف‪ ،‬جزر كوؾ‪ ،‬الدكمينيكاف‪ ،‬جبل طارؽ‪ ،‬غرينادا‪ ،‬لبَتيا‪ ،‬لشتنستاين‪ ،‬جزر‬
‫مارشاؿ‪ ،‬موناكو‪ ،‬مونتسرات‪ ،‬ناكرك‪ ،‬جزر األنيت اذلولندم‪ ،‬نوم‪ ،‬سينت كيتس‪ ،‬سينت لوسيا‪،‬‬
‫سينت فينساف‪ ،‬غرنادينة‪ ،‬ساموا‪ ،‬ساف مارين‪ ،‬جزر الًتؾ ككايكوس‪ ،‬فانواتو)‪.‬‬
‫‪ ‬الفئة الثانية‪ :‬ادلراكز ادلالية األخرل (النمسا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬جواتيماال‪ ،‬لوكسمبورغ‪ ،‬سنغافورا)‪.‬‬
‫‪ .2‬مناطق بيضاء‪ :‬تشمل ادلراكز اليت تتقيد بتلك النظم كقواعد الدكؿ ادلتعاكنة اليت كقعت ‪ 12‬اتفاقا تلزمها‬
‫بالتقيد ٔتعايَت الشفافية‪ ،‬كىم ‪ 39‬دكلة‪( :‬أرجنتُت‪ ،‬أسًتاليا‪ ،‬باربيدكس‪ ،‬كندا‪ ،‬الصُت‪ ،‬تشيك‪ ،‬الداظلرؾ ‪،‬‬
‫فنلندا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬أدلانيا‪ ،‬يوناف‪ ،‬غرنزم‪ ،‬اجملر‪ ،‬أيسلندا‪ ،‬ايرلندا‪ ،‬جزيرة مانس‪ ،‬ايطاليا‪ ،‬الياباف‪ ،‬جَتسيا‪ ،‬كوريا‬
‫اجلنوبية‪ ،‬جزر موريس‪ ،‬ادلكسيك‪ ،‬ىولندا‪ ،‬نيوزيلندا‪ ،‬النركيج‪ ،‬بولندا‪ ،‬الربتغاؿ‪ ،‬السيشل‪ ،‬سلوفاكيا‪،‬‬
‫جنوب أفريقيا‪ ،‬اسبانيا‪ ،‬سويد‪ ،‬تركيا‪ ،‬اإلمارات العربية ادلتحدة‪ ،‬ادلملكة ادلتحدة ‪ ،‬الواليات ادلتحدة كجزر‬
‫العذارل)‪.‬‬
‫‪ .3‬المناطق السوداء‪ :‬كىي الدكؿ الرافضة للتعاكف تضم‪( :‬كوستاريكا‪ ،‬إقليم لوباف التابع دلاليزيا‪ ،‬الفلبُت‪،‬‬
‫أكرغوام)‪.‬‬

‫‌‬
‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬
‫إسراء كاطع فياض‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.115 .‬‬
‫‪1‬‬

‫‌‬

‫‪47‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المالذات الضريبية التي تعهدت بتطبيق معايير الشفافية عام ‪2009‬‬ ‫جدول(‪:)3-3‬‬

‫سنة التعهد‬ ‫الدولة أو اإلقليم‬ ‫سنة التعهد‬ ‫الدولة أو اإلقليم‬ ‫سنة التعهد‬ ‫الدولة أو اإلقليم‬

‫‪2009‬‬ ‫ليشتنتشاين‬ ‫‪2002‬‬ ‫جزر فَتجن‬ ‫‪2009‬‬ ‫اندكرا‬

‫‪2007‬‬ ‫جزر مارشاؿ‬ ‫‪2002‬‬ ‫جزر كاؽلاف‬ ‫‪2002‬‬ ‫اصلويبل‬

‫‪2009‬‬ ‫موناكو‬ ‫‪2002‬‬ ‫جزر كوؾ‬ ‫‪2002‬‬ ‫انتيغوا كبربودا‬

‫‪2002‬‬ ‫مونتسرات‬ ‫‪2002‬‬ ‫دكمينيكا‬ ‫‪2002‬‬ ‫أكديا‬

‫‪2003‬‬ ‫تادرك‬ ‫‪2002‬‬ ‫جبل طارؽ‬ ‫‪2002‬‬ ‫الباىاما‬

‫‪2002‬‬ ‫جزر االنتيل‬ ‫‪2002‬‬ ‫مربتيادا‬ ‫‪2002‬‬ ‫بليز‬

‫‪2002‬‬ ‫تيوم‬ ‫‪2007‬‬ ‫ليبَتيا‬ ‫‪2000‬‬ ‫برمودا‬

‫‪2009‬‬ ‫النمسا‬ ‫‪2002‬‬ ‫ساموا‬ ‫‪2002‬‬ ‫بنما‬

‫‪2009‬‬ ‫بلجيكا‬ ‫‪2002‬‬ ‫ساف مارينوا‬ ‫‪2002‬‬ ‫سانت كيش‬

‫‪2009‬‬ ‫بركنام‬ ‫‪2002‬‬ ‫جزر تركس‬ ‫‪2002‬‬ ‫سانت لوسيا‬

‫‪2009‬‬ ‫شيلي‬ ‫‪2003‬‬ ‫فانواتو‬ ‫‪2002‬‬ ‫سانت قتنت‬

‫‪2001‬‬ ‫البحرين‬ ‫‪2009‬‬ ‫سنغافورة‬ ‫‪2009‬‬ ‫جواتيماال‬

‫‪2009‬‬ ‫سويسرا‬ ‫‪2009‬‬ ‫لوكسمبورغ‬

‫المصدر‪ OCDE. Rapport 2009 . WWW.OCDE org/data oced 30/17. 20/4/2009 :‬نقبل عن إسراء كاطع فياض‪ ،‬إسراء عبد فرحاف‪ ،‬رشا خالد‬
‫شهيب‪ ،‬ادلبلذات الضريبية اآلمنة (التوزيع اجلغرافية‪ ،‬كاآلثار االقتصادية)‪ ،‬رللة االدارة كاالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،125‬أيلوؿ ‪ ،2020‬ص‪.113.‬‬

‫‪48‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المالذات الضريبية حسب السرية المالية لعام ‪2017‬‬ ‫الشكل(‪:)2-3‬‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫المصدر ‪ :‬تقرير منظمة العدالة الضريبية ‪ 2017‬نقبل عن إسراء كاطع فياض‪ ،‬إسراء عبد فرحاف‪ ،‬رشا خالد شهيب‪ ،‬ادلبلذات الضريبية اآلمنة (التوزيع اجلغرافية‪،‬‬
‫كاآلثار االقتصادية)‪ ،‬رللة االدارة كاالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،125‬أيلوؿ ‪ ،2020‬ص‪.117.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بعض النماذج للجنات الضريبية في العالم‬

‫يف ظل ارتفاع معدالت الضريبة على الدخل كاألفراد كالشركات‪ ،‬صلد العديد من األفراد كالشركات يسعوف‬
‫إذل ٗتفيف ىذا العبء كاالنتقاؿ إذل ادلبلذات الضريبية من أجل السعي كراء ضريبة منخفضة يف مثل ىذه األماكن‬
‫ىو أمر قانوين ٘تاما‪ ،‬اعتمادا على قوانُت كلوائح الضرائب احمللية لؤلفراد كالشركات‪ ،‬كانت سويسرا تصنف على أهنا‬
‫الدكلة األكذل كمبلذ ضرييب يف العادل‪ ،‬كلكن يف اآلكنة األخَتة أصبحت ىناؾ العديد من البلداف األخرل بدائل‬
‫‪ ،‬دكؿ‬ ‫أخرل للمبلذ الضرييب خصوصا عندما خضعت سويسرا لضغوط متزايدة لتخفيف قوانُت السرية لديها‬
‫ادلصرفية الدكلية كمواقع تأسيس الشركات األخرل تشمل بليز‪ ،‬سنغافورة كجزر كاؽلاف ‪ ،‬كيف ىذا ادلطلب سنتفرع إذل‬
‫ثبلثة فركع عن بعض النماذج للجنات الضريبية منها‪ :‬سويسرا‪ ،‬ىونغ كونغ كسنغافورة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سويسرا كمالذ ضريبي‬

‫ىي من بلداف كسط أكركبا‪ٖ ،‬تدىا أدلانيا من الشماؿ‪ ،‬فرنسا من الغرب‪ ،‬ايطاليا من اجلنوب‪ ،‬النمسا‬
‫كليختنشتاين من الشرؽ ‪ ،‬تتبع سويسرا سياسة خارجية زلايدة يعود تارؼلها لعاـ ‪1515‬ـ‪ .‬تقع سويسرا يف جنويب‬
‫أكركبا الوسطى‪ ،‬كتشغل أرضها قسما من جباؿ األلب‪ ،‬كجباؿ جورا‪ ،‬كدلوقعها أعليتو يف كسط قارة أكركبا‪ ،‬حيث‬
‫شلرات جباؿ األلب اليت تربط بُت العديد من الدكؿ األكركبية ‪ٖ ،‬تتل سويسرا ادلرتبة األكذل يف قائمة الدكؿ اليت‬

‫‪49‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تصنف كمبلذات ضريبية آمنة‪ ،‬فهي إحدل الدكؿ اليت تضمن السرية التامة لعمبلئها فيما ؼلص األصوؿ ادلالية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫إذ توفر البنوؾ إعفاءات ضريبية جزئية أحيانا ككاملة يف أحياف أخرل للعمبلء‪.‬‬

‫كمنذ عاـ ‪ 1934‬تعرؼ البنوؾ السويسرية بسياسات حفظ خصوصية معلومات الزبائن كالقوانُت ٘تنع‬
‫البنوؾ من إعطاء أم معلومات عن حساب العميل‪ ، .‬كما يصفها "جيمس ىنرم " من شبكة العدالة الضريبية‬
‫بأهنا األب الركحي للمبلذات الضريبية السرية يف العادل‪ ،‬إف البنوؾ يف سويسرا لديها ما يعادؿ ‪ 6.5‬تريليوف دكالر‬
‫من األصوؿ اخلاضعة لئلدارة ‪ )%51( ،‬موجهة من اخلارج كىو ما غلعل سويسرا رائدة عادلية يف إدارة األصوؿ عرب‬
‫احلدكد ‪ ،‬حيث جعلت سياسة االستقرار األمٍت كالسياسي النقدم على ادلدل الطويل كبذلك اعتربت سويسرا‬
‫مبلذا آمنا للمستثمرين‪ ،‬كسعت خللق اقتصاد يعتمد بشكل متزايد على االستثمار األجنيب‪ .‬سويسرا كاحدة من‬
‫‪ ،‬قطاع‬ ‫الدكؿ اليت لديها أعلى معدالت الدخل للفرد يف العادل مع اطلفاض معدالت البطالة كادليزانية ادلتوازنة‬
‫اخلدمات يلعب دكر اقتصادم كبَت يف الببلد ‪ ،‬على الرغم من مساحتها احملدكدة كعدـ توفرىا على ادلواد اخلاـ‪،‬‬
‫إؼف العديد من الشركات متعددة اجلنسيات تتخذ من سويسرا مقرا ذلا ‪ ،‬قطاع اخلدمات السويسرم يف غاية التطور‬
‫‪ ،‬أكرب‬ ‫كالتقدـ حيث ىناؾ بنوؾ كشركات التأمُت‪ ،‬كسويسرا موطن لعدة شركات ضخمة متعددة اجلنسيات‬
‫الشركات السويسرية من ناحية اإليرادات ىي (جلينكور‪ ،‬جونفور‪ ،‬نستلو‪ ،‬نوفارتيس‪ ،‬ىوفماف‪ ،‬الركش‪ ،‬شركة أم‬
‫يب يب‪ ،‬رلموعة مَتكوريا طاقة كاديكو‪ ،‬يو يب أس جي‪ ،‬زيوريخ للخدمات ادلالية‪ ،‬بنك كريدم سويس‪ ،‬بارم‬
‫‌‬
‫كاليبو‪ ،‬سويس رم‪ ،‬الفارج ىولسيم‪ ،‬تًتاباؾ كرلموعة سواتش)‪.‬‬

‫كفيما يتعلق باحلوافز الضريبية فهي تقتصر على صفر بادلائة من ضريبة االستقطاع‪ .‬كما أهنا ترفض‬
‫ادلشاركة يف مبادرات متعددة األطراؼ دلكافحة الفساد‪ ،‬عبلكة على رفضها العمل بتبادؿ ادلعلومات كالشفافية‪ ،‬شلا‬
‫يشَت إذل تطبيقها لعمليات ٖتويل األرباح على نطاؽ كاسع ‪ ،‬تعمل سويسرا على تطبيق العمل ٔتنهج التبادالت‬
‫التلقائية للمعلومات ادلصرفية‪ ،‬ظلت سويسرا على مدل عقود تدافع عن مبدأ السرية ادلصرفية اليت يقوـ عليو‬
‫نظامها ادلصريف القوم برمتو‪ ،‬كدلزيد من التحصُت عملت يف عاـ ‪ 1934‬على إقرار" قدسية السرية ادلصرفية" يف‬
‫‪ 273‬على أف‬ ‫القانوف الفدرارل للمصارؼ كصناديق االدخار‪ ،‬كما نصت يف القانوف اجلنائي ك ٖتديدا يف فصلو‬
‫‪ ،‬ىناؾ العديد من األساليب اليت تتبعها ادلصارؼ‬ ‫انتهاؾ السرية ادلصرفية "جرؽلة ضد الدكلة كاألمن القومي"‬
‫السويسرية من أجل احملافظة على خصوصية عمبلئها كىي‪:‬‬

‫إسراء كاطع فياض‪ ،‬كآخركف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.119.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪50‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ .1‬ترميز احلسابات ادلصرفية من أجل إخفاء أمساء أصحاهبا شلا غلعل من الصعب على أم أحد التعرؼ‬
‫‪1‬‬
‫على معلومات العمبلء كىذا اجلزء أساسي من القانوف ادلصريف‪.‬‬
‫‪ .2‬تعمل ادلصارؼ ضمن إطار شبكة احلسابات ادلصرفية ( ‪ )PBAN‬اليت ٖتمي احلسابات ادلصرفية ك٘تنع‬
‫دخوؿ أم أحد إذل ىذه احلسابات‪.‬‬
‫‪ .3‬تعتمد ادلصارؼ على نظاـ عزؿ احلسابات ادلصرفية عن بعضها البعض فمثبل أحد العمبلء ؽلتلك عدة‬
‫حسابات ٔتجموعة من ادلصارؼ أك أفرع فبل يستطيع أم أحد حىت ادلوظفُت من معرفة ىذه احلسابات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬هونغ كونغ كمالذ ضريبي أمن‬

‫تقع ىونغ كونغ على ساحل الصُت اجلنويب بالقرب من مصب هنر زىو زياف تبلغ مساحتها ‪ 1104‬كلم ‪،2‬‬
‫كتتشكل ادلنطقة من شبو جزيرة تتصلب الرب الصيٍت إضافة إذل ضلو ‪ 240‬جزيرة‪ ،‬كعاصمتها فيكتوريا حيث مركز‬
‫األنشطة ادلالية تعترب ىونغ كونغ من أىم مراكز ادلاؿ كاألعماؿ كالسياحة يف العادل كخاصة يف آسيا بوصفها منطقة‬
‫ٕتارية كما تشتهر بأبراجها العمبلقة كناطحات سحاهبا الشاىقة‪ ،‬كٔتينائها الكبَت‪ ،‬تعد ىونغ كونغ كاحدة من أكذل‬
‫ادلراكز ادلالية على مستول العادل بصفها مبلذا ضريبيا أمنا‪ ،‬لذلك ؼ إ ف اقتصادىا ىو اقتصاد رأس مارل ضخم‬
‫يعتم د على اخلدمات‪ ،‬كيتميز بأسعار الضرائب ادلنخفضة كالتجارة احلرة ‪ ،‬تستعمل يف ادلدينة عملة الدكالر ىونغ‬
‫كونغ‪ ،‬كقد كصف "ميلتوف فريدماف " مرة ىونغ كونغ بأهنا أعظم ٕتربة يف اقتصاد عدـ التدخل الرأمسارل‪ ،‬إال أف‬
‫حكومة ادلدينة سنت منذ ذلك احلُت نظاما كقوانُت عدة على األعماؿ التجارية‪ ،‬منها احلد األدىن لؤلجور الزاؿ‬
‫اقتصاد ىونغ كونغ اقتصادا رأس مارل كبَت التطور‪ ،‬إذ يصنف حسب مؤشر احلرية االقتصادية على أنو أكثر‬
‫االقتصاديات حرية يف العادل بأسره‪.‬‬

‫مدينة ىونغ كونغ ىي مركز ٕتارم كمارل مهم‪ ،‬يضم أحد أعلى كثافات مقر الشركات التجارية يف منطقة‬
‫أسيا كاحمليط اذلادم‪ ،‬كىي تشتهر بكوهنا كاحدة من النمور األسيوية األربعة لتطورىا كظلوىا السريع منذ الستينيات‬
‫كحىت التسعينيات القرف ‪ ،20‬تعد بورصة ىونغ كونغ سوؽ األكراؽ ادلالية السابعة يف العادل حسب حجم ادلبادالت‬
‫التجارية‪ ،‬إذ بلغ رأس ماؿ سوقها ‪ 2.3‬تريليوف دكالر أمريكي يف عاـ ‪٘ .2009‬تكنت ىونغ كونغ ‪ -‬حىت قبل نقل‬
‫ملكيتها إذل الصُت عاـ ‪ -1997‬من تأسمس عبلقات استثمارية كٕتارية منشطة مع ‪ٚ‬تهورية الصُت الشعبية‪ ،‬شلا‬

‫‪1‬‬
‫‌‌إسراء‌كاطع‌فياض‪‌،‬وآخرون‪‌،‬مرجع‌سبق‌ذكره‪‌،‬ص‪‌.119.‬‬

‫‪51‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫غلعلها اآلف بوابة االستثمارات اليت تدخل إذل بر الصُت الرئيسي ‪ ،‬كاف ىناؾ يف عاـ ‪ 2007‬ما يصل إذل ‪3.46‬‬
‫مليوف موظف بدكاـ كامل يف ىونغ كونغ‪ ،‬شلا غلعل معدؿ البطالة فيها ‪ %4.1‬يف السنة الرابعة على التوارل من‬
‫‪1‬‬
‫‪ % 90‬من الناتج احمللي‬ ‫االطلفاض ادلستمر ‪ ،‬يسيطر قطاع اخلدمات على اقتصاد ادلدينة‪ ،‬حيث ؽلثل نسبة‬
‫اإل‪ٚ‬تارل‪ ،‬أما الصناعة فتمثل ‪ ،%9‬بلغ معدؿ التضخم عاـ ‪ ،%2.5 2007‬أىم األسواؽ اليت تصدر إليها ىونغ‬
‫كونغ ىي بر الصُت الرئيسي كالياباف كالواليات ادلتحدة األمريكية‪.‬‬

‫كال تعتمد ىونغ كونغ على نظاـ ادلصارؼ ادلركزية السائد يف معظم دكؿ العادل‪ ،‬فعندىا يتأثر االقتصاد‬
‫بعوامل تزعزع استقرار األسواؽ ادلالية‪ ،‬فإ ف السلطة النقدية تعمل ٔتثابة ادلصرؼ ادلركزم الفعلي كاليت تقع على‬
‫عاتقها إعادة االقتصاد إذل مساره الصحيح ‪ ،‬يف حُت يتم إصدار الدكالر احمللي‪ ،‬العملة الوطنية للببلد اليت جرل‬
‫تثبيت سعر صرفها بالدكالر األمريكي بدءا من عاـ ‪ ،1982‬من خبلؿ ثبلثة مصارؼ ٕتارية كربل ككل مصرؼ‬
‫من مصارفها العاملة ػلدد أسعار الفائدة هبدؼ ضماف خضوعها لقوة السوؽ‪ ،‬كفقا دلؤشر احلرية االقتصادية‪،‬‬
‫‪ 1995‬إذل يومنا‬ ‫٘تتلك ىونغ كونغ أعلى درجة من احلرية االقتصادية يف العادل‪ ،‬كذلك منذ إنشاء ادلؤشر يف عاـ‬
‫ىذا‪ ،‬حيث ال ؼلضع اقتصادىا ألم تدخل من الدكلة‪ ،‬كيعتمد بشكل كبَت على التجارة كالتمويل الدكليُت ‪ ،‬يف‬
‫الواقع ٘تتلك ىونغ كونغ نقاط قوة اقتصادية عديدة‪ ،‬منها نظاـ مصريف سليم خاؿ تقريبا من الديوف‪ ،‬كنظاـ قانوين‬
‫متُت‪ ،‬كاحتياطيات كفَتة من النقد األجنيب‪ ،‬كتدابَت صارمة دلكافحة الفساد‪ ،‬كعبلقات كثيقة مع جَتاهنا‪ ،‬السيما‬
‫الصُت ‪ ،‬كعلى الرغم من انكماش اقتصادىا خبلؿ العامُت األخَتين إال أف نقاط القوة ىذه ساعدت الدكلة يف‬
‫سرعة استجابتها للظركؼ ادلتغَتة‪ ،‬فبات لديها معايَت توظيف على مستول عاؿ من الكفاءة كالنزاىة‪ ،‬كمستويات‬
‫ضريبية على الدخل كالشركات تعترب األدىن عادليا‪ ،‬فضبل عن مالية عامة كفَتة كمستدامة ‪ ،‬كتعترب سوؽ ىونغ كونغ‬
‫‪ 2.8‬تريليوف‬ ‫لؤلكراؽ ادلالية كىي خامس أكرب سوؽ يف ادلالية يف العادل من حيث القيمة السوقية اليت تبلغ حوارل‬
‫دكالر‪ ،‬مقصدا مفضبل للشركات كادلؤسسات الدكلية الساعية إذل تأسيس شركاهتا‪ ،‬كإدراج أسهمها يف ىذا السوؽ‬
‫دلا تتمتع بو من حداثة كارتباط كثيق مع أسواؽ رأس ادلاؿ يف العادل‪ ،‬كتطور األنظمة التشريعية ادلعموؿ هبا‪ ،‬إضافة‬
‫إذل توفر العديد من األدكات االستثمارية ادلالية كادلماثلة لنظَتهتا يف أسواؽ لندف كنيويورؾ‪.‬‬

‫كْتلوؿ أكاخر القرف ادلنصرـ‪ ،‬أصبحت ىونغ كونغ ٘تتلك سابع أكرب ميناء يف العادل‪ ،‬كادلرتبة الثانية بعد‬
‫نيويورؾ كركترداـ من حيث إ‪ٚ‬تارل ادلعامبلت التجارية إذ يعترب رلموع معامبلت "كوام تشونغ" األكرب يف أسيا يف‬

‫‌إسراء كاطع فياض‪ ،‬كآخركف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.119.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪52‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫حُت أف شركة الشحن يف ىونغ كونغ تأيت يف ادلرتبة الثانية يف العادل‪ ،‬بعد اليوناف من حيث حجم ‪ٛ‬تولة‬
‫‪1‬‬
‫احلاكيات‪.‬‬

‫كنتيجة من السياسة الضريبية ادلنحصرة تتحصل ىونغ كونغ على اغلب عائداهتا من خبلؿ بيع كفرض الضرائب‬
‫على األراضي‪ ،‬كجذهبا رؤكس أمواؿ العديد من الشركات العادلية‪ ،‬كاليت تستفيد منها يف التمويل العاـ‪ ،‬ساعدىا يف‬
‫‪،‬‬ ‫ذلك امتبلكها لبيئة أعماؿ تعترب أكثر جاذبية يف شرؽ أسيا من حيث إ‪ٚ‬تارل تدفق االستثمار األجنيب ادلباشر‬
‫نتيجة لذلك أصبحت ىونغ كونغ ثالث أكرب مستقبل يف االستثمار األجنيب ادلباشر يف العادل اليت من خبلؿ‬
‫إيرادات االستثمار الضخمة ٘تكنت من شق الطرؽ كبناء مدارس كمستشفيات كغَتىا من ادلرافق كخدمات البنية‬
‫التحتية العامة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬سنغافورة كمالذ ضريبي امن‬

‫ىي ‪ٚ‬تهورية تقع على جزيرة يف جنوب شرقي آسيا ‪ ،‬عند الطرؼ اجلنويب من شبو جزيرة مبليو‪ ،‬كيفصلها‬
‫عن ماليزيا مضيق جو ىورك عن جزر رياك االندكنيسية مضيق سنغافورة ‪ ،‬كتعترب سنغافورة رابع أىم مركز مارل يف‬
‫العادل كمدينة عادلية تلعب دكرا مهما يف االقتصاد العادلي‪ .‬كيعد مرفأ سنغافورة خامس مرفأ يف العادل من ناحية‬
‫النشاط االقتصادم‪ ،‬كتعترب سنغافورة ثالث دكلة يف العادل من ناحية الكثافة السكانية بعد ماكاك كموناكو بعد‬
‫االنفجار الدؽلوغرايف الذم شهدتو من ‪ 1985‬إذل ‪ْ ،2001‬تسب مؤشرىا للعودلة قبل االستقبلؿ يف عاـ ‪،1969‬‬
‫كاف الناتج احمللي اإل‪ٚ‬تارل ىو ‪ 511‬دكالر‪ ،‬ككاف يعترب ثالث أعلى ناتج يف آسيا الشرقية يف ذلك الزمن ‪ ،‬كبعد‬
‫االستقبلؿ كيف مؤشر جودة احلياة اليت تنشره "كحدة االستخبارات االقتصادية" يف رللة "االيكونوميست"‪،‬‬
‫حصلت سنغافورة على الدرجة األكذل يف أسيا كادلرتبة احلادية عشر على مستول العادل‪.‬‬

‫يف عاـ ‪ 1965‬قررت ماليزيا التخلي عن سنغافورة اليت كانت حينها جزءا منها موجهة صفعة للبلد الصغَت‬
‫كالفقَت كاحملدكد ادلوارد كخصوصا ادلياه‪ ،‬حيث كانت ماليزيا تشكل ادلصدر الوحيد للمياه للسنغافوريُت‪ ،‬كانتشرت‬
‫ادلظاىرات كاجلرائم كأصبحت سنغافورة كاحدة من بقع اخلطر يف العادل إال أهنا أصبحت اليوـ أحد أغٌت دكؿ العادل‬
‫على إطبلؽ (يف ادلرتبة الثالثة عادليا) كيعترب دخل الفرد السنغافورم أحد أعلى الدخوؿ يف العادل كتتمتع بادلرتبة‬
‫‪ 17.598‬دكالر‬ ‫ادلرموقة عادليا يف مستول ادلعيشة كاالقتصاد‪ ،‬يبلغ دخل الفرد من الناتج الوطٍت اإل‪ٚ‬تارل سنويا‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.121.120.‬‬ ‫إسراء كاطع فياض‪ ،‬كآخركف‪ ،‬مرجع‬


‫‪1‬‬

‫‪53‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أمريكي ‪ ،‬كيعد دخل الفرد السنوم من أعلى ادلعدالت يف أسيا كيتمتع الناس يف سنغافورة ٔتستول مرتفع من‬
‫‪1‬‬
‫ادلعيشة كالرعاية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ %2‬كيعمل حوارل ‪ %28‬من القوة العاملة يف‬ ‫يعد معدؿ البطالة يف سنغافورة منخفضا إذ يبلغ حوارل‬
‫التصنيع‪ %23 ،‬يف التجارة‪ %22 ،‬يف خدمات اجملتمع كاخلدمات االجتماعية كالشخصية‪ ،‬ك ‪ %10‬يف النقل‬
‫كالتخزين كاالتصاالت‪.‬‬

‫تلعب الشركات احلكومية دكرا أساسيا يف اقتصاد سنغافورة‪ ،‬صندكؽ الثركة السيادية ٘تاسك القابضة ٖتمل‬
‫غالبية األسهم الكربل للشركات الوطنية السنغافورية‪ ،‬مثل اخلطوط اجلوية السنغافورية‪ ،‬سينكنل‪ ،‬إسيت اذلندسية‬
‫‪ ،‬كما تستفيد‬ ‫كميدياكورب‪ .‬االقتصاد السنغافورم ىو شلوؿ رئيسي لتدفق االستثمار األجنيب ادلباشر يف العادل‬
‫سنغافورة من التدفق الداخلي لصندكؽ النقد الدكرل من ادلستثمرين كادلؤسسات العادلية نظرا دلناخها االستثمارم‬
‫اجلذاب كبيئتها السياسية ادلستقرة‪.‬‬

‫قد أدت سياسة االستثمار احلكيمة كتشجيع الصناعات ادلختلفة كاخلدمات إال أف أصبحت سنغافورة من‬
‫أىم الدكؿ اقتصاديا ‪ ،‬حيث تطور مرفأ سنغافورة إذل خامس مرفأ يف العادل بسبب أعلية كفاعلية نشاطو‬
‫االقتصادم ‪ ،‬كما كانت أسرع دكلة يف ٗتطي األزمة االقتصادية العادلية ككصل االنتعاش االقتصادم هبا إذل‬
‫‪ ،%17.9‬كقد أرجع مؤسس النهضة السنغافورية احلديثة "رل كواف يو" أسباب تلك ادلعجزة إذل عدة أمور أعلها‬
‫"سياسة االستثمار احلكيمة كتشجيع الصناعات ادلختلفة كاخلدمات"‪ ،‬بدأ كواف مشركعو اإلصبلحي بًتسيخ‬
‫مبادئ اجملتمع الواحد ادلتحد‪.‬‬

‫لقد اىتمت سنغافورة بقياـ صناعات تسمح للمواطنُت باالستثمار‪ ،‬كأرسلت أبنائها إذل الدكؿ الصناعية‬
‫ادلتقدمة مث العودة إذل الوطن كالعمل على تأسيس أعماؿ صناعية كطنية ‪ ،‬ككاف اذلدؼ أف يتعلموا كيفية االستثمار‬
‫االحتياطي من البًتكؿ ككيفية إدارة ادلوارد البشرية كٖتقيق اكرب قدر شلكن من الفوائد‪ ،‬كتتبٌت سنغافورة تنفد بقوة‬
‫النظم كالتجارة احلرة كاالنفتاح االقتصادم كالشفافية‪ ،‬كأدل ذلك إذل صلاحها يف إنشاء مركز مارل كمصريف عادلي‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.121.120.‬‬ ‫إسراء كاطع فياض‪ ،‬كآخركف‪ ،‬مرجع‬


‫‪1‬‬

‫‪54‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يعد األكؿ يف آسيا ‪ ،‬كتسعى سنغافورة إذل توظيف صلاحها يف إنشاء مركز مارل عادلي كجذب ادلصارؼ العادلية‬
‫‪1‬‬
‫العريقة‪ ،‬يف جذب الصناعة ادلصرفية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كمن بُت أسباب صلاح سنغافورة كمبلذ ضرييب أمن ىي‪:‬‬

‫‪ .1‬ادلوقع االسًتاتيجي كميناءىا الطبيعي كانا من العوامل اليت ساعدت يف ذلك ىي تقع عند مصب‬
‫مضيق ملقى ٘تر من خبللو ‪ %40‬من ٕتارة العادل البحرية‪ ،‬كىي كانت مركزا ٕتاريا ىاما يف القرف الرابع‬
‫"السَت ستامفورد رافلز "‬ ‫‪5‬عشر كمرة أخرل يف القرف التاسع عشر حينما قاـ الدبلوماسي الربيطاين‬
‫بتأسيس ادلدينة احلديثة‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلصبلحات االقتصادية اليت قاـ هبا رل كواف يو يف ظل حكمو كقد حقق صلاحات اقتصادية كبَتة مثل‬
‫إصبلح السياسة ادلالية كنظمها الضريبية كالسياسة النقدية كغَتىا كحاليا تعترب سنغافورة إحدل أعظم‬
‫دكؿ العادل ديناميكية‪.‬‬
‫‪ .3‬استقطاب االستثمار األجنيب كحرية التجارة كجذب الشركات متعددة اجلنسية إذ كجدت ىذه‬
‫الشركات يف سنغافورة مركزا طبيعيا جاذبا من ناحية األرباح كاألماف‪.‬‬
‫"رل كواف مك" حيث كانت سنغافورة بانتظاـ‬ ‫‪ .4‬القياـ ْتملة كبَتة ضد الفساد ادلارل كاإلدارم يف عهد‬
‫تتصدر استطبلعات الرأم حوؿ سهولة شلارسة األعماؿ اإلدارية كالتجارية كغَتىا‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬خسائر النظام الجبائي العالمي‬

‫إف بركز ظاىرة اجلنات الضريبية اليت لطادلا اقًتف امسها بعمليات التهرب الضرييب الدكرل أدت إذل خلق‬
‫خسائر جد كبَتة يف النظاـ اجلبائي العادلي سواء من طرؼ الدكؿ ادلتقدمة أك الدكؿ النامية‪ ،‬كمن ىذا ادلنطق‬
‫سوؼ نتطرؽ يف ىذا ادلبحث إذل حجم خسائر النظاـ اجلبائي العادلي كأىم ادلصادر ادلختلفة اليت تستمد منها‬
‫اجلنات الضريبية أمواذلا كاجلهات ادلسئولة عن ىذه اخلسائر‪.‬‬

‫‌‬

‫‌‬

‫سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪.121.120.‬‬ ‫إسراء كاطع فياض‪ ،‬كآخركف‪ ،‬مرجع‬


‫‪1‬‬

‫‌إسراء كاطع فياض‪ ،‬كآخركف‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.122.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪55‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‌‬

‫المطلب األول‪ :‬تقدير خسائر النظام الجبائي العالمي‬

‫‪ 427‬مليار دكالر سنويا‪ ،‬نتيجة لقياـ الشركات‬ ‫يكلف التهرب الضرييب الدكرل خزانات الدكؿ حوارل‬
‫)‪(Alex Cobham‬‬ ‫كاألفراد بتحويل أمواذلم إذل اجلنات الضريبية‪ ،‬كيف ىذا اإلطار يقوؿ "أليكس كوهباـ"‬
‫‪ 427‬مليار دكالر‬ ‫الرئيس التنفيذم لشبكة العدالة الضريبية أف‪" :‬النظاـ الضرييب العادلي الذم ؼلسر أكثر من‬
‫سويا ليس نظاما معطبل‪ ،‬إنو نظاـ مربمج للفشل‪ ،‬كٖتت ضغط من الشركات العمبلقة كسلطات اجلنات الضريبية‬
‫مثل ىولندا كبريطانيا قامت حكومتنا بربرلة النظاـ الضرييب العادلي إلعطاء األكلوية لرغبات الشركات كاألفراد‬
‫األكثر ثراء على احتياجات أم شخص أخر"‪.‬‬

‫كيوضح لنا الشكل أدناه اخلسائر الضريبية السنوية موزعة على الدكؿ العادل حسب ادلناطق كفئات الدخل‪:‬‬

‫الشكل (‪ :)3-3‬توزيع الخسائر الضريبية حسب المناطق وفئات الدخل‬

‫مصدر‪ :‬كداد بوقلع‪ ،‬مصباح حراؽ‪ ،‬اجلنات الضريبية كخسائر النظاـ الضرييب العادلي –مع االشارة حلالة اجلزائر‪ ،-‬اجمللة الدكلية لؤلاء االقتصادم‪ ،‬اجمللد ‪ ،04‬العدد‬
‫‪ ،01‬جواف ‪ ،2021‬ص‪.73.‬‬

‫باالعتماد على بيانات الشكل (‪ ،)3-3‬نستنتج ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تكفي مبالغ التهرب الضرييب العادلي لدفع األجر السنوم ؿ ‪ 34‬مليوف شلرض كشلرضة سنويا‪ ،‬ما يعادؿ‬
‫‪ 245‬مليار دكالر من اخلسائر‬ ‫‪ %22.9‬من ادليزانيات الصحية لدكؿ العادل‪ ،‬يف حُت أف حوارل‬

‫‪56‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪183‬‬ ‫الضريبية كىو اجلزء األكرب ناتج عن التجاكزات الضريبية من قبل الشركات كالباقي أم حوارل‬
‫‪1‬‬
‫مليار دكالر ناتج عن التهرب الضرييب لؤلفراد‪.‬‬
‫‪ 1.38‬تريليوف دكالر إذل اجلنات الضريبية‪،‬‬ ‫‪ ‬قامت الشركات متعددة اجلنسيات بتحويل أرباح قيمتها‬
‫بينما ػلتفظ األفراد ما يزيد من ‪ 10‬تريليوف دكالر من األصوؿ ادلالية يف اخلارج‪.‬‬
‫‪ ‬تفقد البلداف منخفضة الدخل حصة أكرب من إ‪ٚ‬تارل إيراداهتا الضريبية مقارنة بدكؿ مرتفعة الدخل أم‬
‫ما يعادؿ ‪ ،%5.8‬بينما تفقد الدكؿ مرتفعة الدخل حوارل ‪ %2.5‬فقط‪.‬‬
‫‪ ‬تفقد البلداف مرتفعة الدخل الضرائب أكثر من البلداف منخفضة الدخل أم حوارل ‪ 383‬مليار دكالر‬
‫مقابل ‪ 45‬مليار دكالر للبلداف منخفضة الدخل أم ما يعادؿ ‪ %8.41‬ك ‪ %52.36‬على التوارل من‬
‫ميزانيتها ادلخصصة للصحة‪.‬‬
‫‪ٗ ‬تسر دكؿ أفريقيا ‪ 26‬مليار دكالر من الضرائب‪ ،‬حوارل ‪ %90‬منها نإتة عن ٕتاكزات الشركات كىو‬
‫ما يعادؿ ‪ %52.46‬من ميزانيتها الصحية‪.‬‬
‫‪ ‬سجلت أكركبا كأمريكا الشمالية أكرب اخلسائر الضريبية ب ‪ 184‬مليار دكالر ك ‪ 95‬مليار دكالر على‬
‫التوارل‪ ،‬أم ما يعادؿ ‪ %12.58‬ك‪ %5.7‬من ميزانيتها الصحية على التوارل‪.‬‬
‫‪ ‬فقدت دكؿ أسيا حوارل ‪ 73‬مليار دكالر أم ما يعادؿ ‪ %6.48‬من ميزانيتها الصحية‪ ،‬بينما فقدت‬
‫‪2‬‬
‫أمريكا البلتينية ‪ 34‬مليار دكالر ما يعادؿ ‪ %20.41‬من ميزانيتها الصحية‪.‬‬

‫شلا سبق نستخلص أف للجنات الضريبية أثر كبَت على النظاـ اجلبائيي العادلي‪ ،‬إذ أهنا تسبب خسائر كبَتة‬
‫جدا للنظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬فخسارة مبلغ ‪ 427‬مليار دكالر سنويا كىو ليس بالرقم اذلُت الذم ؽلكنو تقبلو إف‬
‫ىذا الرقم إف دؿ على شيء فهو يدؿ على فشل النظاـ فهذه اخلسارة الفادحة تبُت مدل ىشاشة النظاـ اجلبائي‬
‫العادلي كمدل قوة اجلنات الضريبية‪ ،‬حيث كاف باإلمكاف إنعاش اقتصاديات الدكؿ هبذا ادلبلغ كخاصة قطاع‬
‫الصحة دلختلف دكؿ العادل‪.‬‬

‫قدرت اخلسائر جراء اجلنات الضريبية عند الدكؿ الضعيفة كالنامية بضعف ما خسرتو الدكؿ القوية كذلك‬
‫راجع لكوف الدكؿ القوية ىي ادلسئولة عن النسبة الكربل من ىذه اخلسائر‪.‬‬

‫‌كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.73.72‌.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.74.73.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪57‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إف اجلزائر ذلا نصيبها من ىذه اخلسائر كغَتىا من الدكؿ فهي األخرل تعاين من مشكلة هتريب األمواؿ ضلو‬
‫اجلنات الضريبية بسبب الشركات ادلستثمرة يف الداخل أغلبها شركات متعددة اجلنسيات كبسبب أفراد كشركات‬
‫جزائريُت ؽلتلكوف حسابات يف اجلنات الضريبية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مصادر أموال الجنات الضريبية‬

‫للجنات الضريبية مصادر سلتلفة تستمد منها أمواذلا من بُت ىذه ادلصادر نذكر أمواؿ االختبلسات‬
‫كالرشاكل كالفساد‪ ،‬أمواؿ التجارة غَت شرعية كتجارة السبلح‪ ،‬األعضاء‪ ،‬ادلخدرات كاجلنس كالدعارة كأمواؿ‬
‫التهرب الضرييب لقد قمنا بتقسيم ىذا ادلطلب إذل ثبلثة فركع على التوارل‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أموال االختالسات والرشاوى والفساد‬

‫يرصد ادلتتبعوف حلركية األمواؿ ضلو ادلبلذات أف ىناؾ مبالغ معتربة تتعطل يوميا إذل ادلراكز ادلالية كاليت‬
‫أغلبها حصيلة االختبلسات كالرشاكل آتية من الشماؿ كما تأيت من اجلنوب‪ ،‬أصحاهبا من ذكم النفوذ يف‬
‫تسيَت األمواؿ العاـ يف بلداهنا كيف كثَت من األحياف يستهدؼ ىؤالء من طرؼ الباحثُت عن فرص مرْتة‬
‫الستثماراهتم خاصة يف رلاؿ البًتكؿ كادلناجم‪ ،‬كما أصبحت فكرة اإلكراميات بندا علنيا كبتواطؤ مفضوح حىت‬
‫من حكومات ادلتفاكضُت للحصوؿ على رخصة االستغبلؿ أك إبراـ صفقة إتار ادلشاريع كالدخوؿ إذل األسواؽ‬
‫كتشكل ىذه العموالت مبالغ ىامة يتم صبها يف حسابات يف اخلارج بعيدا عن أعُت الرقابة‪ ،‬هبذه الكيفية فإف‬
‫دكلة ادلرتشي الفاسد سوؼ تفقد مبالغ ؽلكنها أف تكوف معتربة بسبب التواطؤ ادلفضوح كالذم أصبح شبو علٍت‬
‫للشركات ادلتعددة اجلنسيات التابعة للشماؿ كيف بعض األحياف بتفويض من حكومات دكؿ الشماؿ‪ ،‬ادلبلغ‬
‫اإل‪ٚ‬تارل للرشوة رلموع اذلدايا أك اإلكراميات ادلدفوعة من دكف حساب االختبلس‪.‬‬

‫كما أف ادلبلذات الضريبية تشكل أداة لنهب دكؿ اجلنوب من خبلؿ اختبلسات أمواؿ الشعب من‬
‫طرؼ حكاـ مستبدين علهم هنب الثركات بلداهنم كإيداعها يف سويسرا كلكسمبورغ كالتاريخ يذكر الكثَت من‬
‫الفضائح رغم ضوابط الرقابة كانتفاضات الشعوب (أمواؿ شاه ايراف‪ ،‬تشواسيسكو نوريغا‪ ،‬سياد برم كغَتىم‪،‬‬
‫عملية هنب البنك ادلركزم النيجرم ‪ 700‬مليوف دكالر)‪ .‬تبدك أف عملية االختبلس كالتحايل ال تنتهي كؼلطأ من‬
‫يعتقد أنو مت اكتشاؼ كل أشكاؿ االختبلسات كأف ادلبالغ ادلصرح هبا ما ىي إال جزء من احلقيقة كليس كلها‬
‫بالرغم من التعاكف اليت أصبحت تبديو بلداف الشماؿ يف التعامل مع بلداف اجلنوب كزلاكلتها السًتجاع ىذه‬

‫‪58‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫األمواؿ مثل استخداـ أمواؿ نيجَتيا ادلهربة لتسديد ديوهنا اخلارجية إال أف األغلبية من األمواؿ ادلهربة ال يتم‬
‫‪1‬‬
‫اسًتجاعها ْتجج سلتلفة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أموال التجارة الغير شرعية (تجارة السالح‪ ،‬األعضاء‪ ،‬المخدرات والجنس)‬

‫نشاط بيع األسلحة يعترب القطاع األكؿ يف العادل برقم أعماؿ سنوم يصل إذل ‪ 800‬مليار دكالر سنويا‬
‫ك٘تثل الدكؿ الصناعية الكربل ٔتجموعة ‪ G8‬ب ‪ %90‬من مبيعات األسلحة كأغلب عملية التهريب لؤلسلحة‬
‫تتم على شكل تعامبلت من طرؼ الشركات ادلنتجة للحصوؿ على صفقات بيع األسلحة‪ ،‬يقدر أحد اخلرباء‬
‫أف األرباح احملققة من األعماؿ اإلجرامية تقدر ب ‪ 1‬مليار يومُت أم ‪ 360‬مليار يف السنة يتم ضخها يف‬
‫األسواؽ ادلالية‪ ،‬رقم األعماؿ اإل‪ٚ‬تارل للمخدرات يف العادل قدر ب ‪ 400‬مليار دكالر موزعة كما يلي‪:‬‬

‫‪ 18 ‬مليار دكالر مكافئات ادلزكرين كادلهنيُت للشركات القانونية الذين يتعاكنوف مع ادلنظمات اإلجرامية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 120 ‬مليار دكالر تعود مباشرة للمنظمات اإلجرامية كيتم غسيلها يف االقتصاد احلقيقي‪.‬‬

‫الجدول (‪ :)4-3‬تركيبة األنشطة غير الشرعية‬

‫‪ 500‬مليار دكالر‬ ‫رؤكس األمواؿ يف ادلبلذات الضريبية‬


‫‪ 1000‬مليار دكالر‬ ‫أنواع األنشطة اإلجرامية‬
‫من ‪ 500‬إذل ‪ 750‬مليار دكالر‬ ‫ٕتارة كهتريب ادلخدرات‬
‫‪ 20‬مليار دكالر‬ ‫ٕتارة األعضاء البشرية‬
‫التجارة ادلخفية ‪ /‬هتريب ادلنتجات ادلمنوعة باتفاقيات دكلية‬
‫‪ 4‬مبليُت شخص يف العاـ منو ‪ 1‬مليوف يف ٕتارة اجلنس‬
‫ٕتارة األعضاء البشرية أكثر رْتا كأقل خطرا‬
‫حوارل ‪ 6‬مليار دكالر‬ ‫ادلعادف النفيسة‪ ،‬ادلواد القدؽلة كاالثار‬
‫‪ 15‬من إستهبلؾ االٖتاد األكركيب‬ ‫هتريب التبغ كالكحوؿ‬
‫‪ 450‬مليار دكالر‬ ‫التقليد‬
‫المصدر‪ John Christensen La corruption, la pauvreté, et l économie politique des paradis fiscaux octobre 2007 :‬نقبل عن عبد السبلـ‬
‫فنغور‪ ،‬ادلبلذات الضريبية ادلوطن الريسي لؤلمواؿ ادلضاربة كالتهرب الضرييب كدكرىا يف األزمة ادلالية لسنة ‪ ،2008‬رللة االقتصاد الصناعي‪ ،‬العدد ‪ ،08‬جواف‬
‫‪ ،2015‬ص‪.187.‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.187.186.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.187.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪59‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التهرب الضريبي‬

‫إف الفرؽ بُت األرباح احلقيقية كاألرباح ادلصرح هبا لدل مصاحل الضرائب من طرؼ ادلكلفُت بالضريبة‬
‫تشكل مستول التهرب الضرييب يف أم بلد‪ ،‬كيتم هتريب ىذا الفرؽ إذل البنوؾ اخلارجية أك ادلبلذات الضريبية يف‬
‫انتظار إعادة ضخها يف القنوات الرمسية ٔتا يعرؼ بغسيل األمواؿ‪ ،‬ادلبلذات مهمتها األساسية ٘تكُت القادمُت إليها‬
‫بعدـ دفع الضرائب‪ ،‬حيث تستقبل بأيادم مفتوحة مبالغ ضخمة فلتت من الضرائب الوطنية خاصة بأشخاص‬
‫اغتنوا من صفقات مشبوىة أك دلؤسسات متعددة اجلنسيات تستخدـ طرؽ التحايل كالغش لتخفيض أرباحها‬
‫(تضخيم أسعار التحويل‪ ،‬الفواتَت ادلزكرة) يكفي ذلؤالء بإقامة أك توطُت مؤسسات كعلية (اسم عنواف كرقة مدموغة‬
‫معلومات ٘تكن من ٖترير فواتَت كعلية)‪ ،‬من أجل ٗتفيض الربح ادلعلن‪ ،‬كما تسمح من مؤسسات متعددة‬
‫اجلنسيات بإجراء ٖتويبلت مضخمة بُت الفركع ْتيث يظهر الربح يف ادلكاف ادلرغوب‪ ،‬أك استدانة بتخفيض رأس‬
‫ادلاؿ للفركع ادلتواجدة يف دكؿ ٗتضع لضرائب ثقيلة‪ .‬كىذا ما جلأت إليو آلية "ايكسوف" عندما عملت على‬
‫اخلسارة دلدة ‪ 23‬عاـ كتدفع أقل الضرائب‪.‬‬

‫تشَت اإلحصائيات الدكلية أف التهرب الضرييب ؽلثل ما بُت ‪ %5‬إذل ‪ %25‬من اإليرادات اجلبائية ادلمكنة‬
‫يف الدكؿ ادلتطورة كبُت ‪ %30‬إذل ‪ %40‬يف الدكؿ األقل تطورا‪ ،‬كصل مبلغ اإليرادات الضريبية العادلية اليت ٗتسرىا‬
‫الدكؿ سنويا إذل ‪ 255‬مليار دكالر نتيجة مبلذات الضريبية‪ ،‬يف الدكؿ النامية تفقد ثبلثة دكالرات يف صورة هترب‬
‫ضرييب مقابل كل دكالر ٖتصل عليو يف صورة معلومات خارجية‪.‬‬

‫‪ 13‬ك‪ 19‬مليار أكرك يف دكؿ االٖتاد األكركيب‪ ،‬كجلأت‬ ‫بلغ التهرب من الرسم على القيمة ادلضافة‪ :‬بُت‬
‫بعض الدكؿ إلصدار عفو ضرييب لبلسًتداد جزء من ىذه األمواؿ مستخدمة نسبة رمزية للغرامة ب ‪ %2.5‬مثل‬
‫‪40‬‬ ‫ايطاليا كبلجيكا كيف فرنسا فإف تقديرات النقابة ادلستقلة للضرائب عن التهرب الضرييب السنوم يًتاكح بُت‬
‫ك‪ 50‬مليار أكرك علما أف أغلبية الدكؿ تتفادل التصريح بادلبلغ احلقيقي للتهرب الضرييب كلكنو يبقى مستواه مرتفعا‬
‫خاصة يف الدكؿ ادلتخلفة يف ظل كجود مبلذات ٖتمي ادلتهربُت من ادلتابعة كالعقاب فإف أساليب ادلكافحة لن ٕتد‬
‫‪1‬‬
‫نفعا كتبقى فعاليتها ناقصة‪.‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.189.188.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪60‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مسؤولية الجنات الضريبية عن خسائر النظام الجبائي العالمي‬

‫أشار "غابرييل زككماف" )‪ (Gabriel Zucman‬يف كتابو بعنواف "ثركات األمم ادلخفية‪ :‬كباء اجلنات‬
‫‪ 7.6‬تريليوف دكالر مت إخفاءىا يف مناطق مثل سويسرا‪،‬‬ ‫الضريبية"‪ ،‬إذل أف ثركات العادل ادلالية ادلقدرة ْتوارل‬
‫برمودا‪ ،‬جزر كاؽلاف‪ ،‬سنغافورة كلكسمبورغ‪...،‬اخل‪ ،‬تفوؽ ىذه الثركة ما ؽللكو النصف أكثر فقرا من سكاف العادل‬
‫بكثَت‪ ،‬ىذا الرقم كاف ينبغي أف يكوف ضمن القاعدة الضريبية لدكؿ العادل‪ ،‬كعجز البلداف الغنية مثل أكربا كأمريكا‬
‫‪1‬‬
‫الشمالية كحىت الدكؿ الناشئة عن ٖتصيل ضرائب األغنياء يؤثر عن العدالة الضريبية لتحقيق ادلساكاة‪.‬‬

‫الشكل أدناه يبُت لنا البلداف ادلسئولة عن أعلى اخلسائر الضريبية السنوية للبلداف األخرل‪.‬‬

‫الشكل(‪ :)4-3‬الدول المسئولة عن أكبر خسائر في العالم‬

‫المصدر‪ :‬بوقلع‪ ،‬مصباح حراؽ‪ ،‬اجلنات الضريبية كخسائر النظاـ الضرييب العادلي –مع االشارة حلالة اجلزائر‪ ،-‬اجمللة الدكلية لؤلاء االقتصادم‪ ،‬اجمللد ‪ ،04‬العدد ‪،01‬‬
‫جواف ‪ ،2021‬ص‪.74.‬‬

‫مت ترتيب الدكؿ يف الشكل أعبله حسب درجة مسئوليتها عن اخلسائر الضريبية يف العادل‪ ،‬حيث احتلت‬
‫جزر كاؽلاف (ادلوجودة ٖتت السيادة الربيطانية) ادلرتبة األكذل ٔتسؤكليتها عن خسائر ضريبية تفوؽ ‪ 70‬مليار دكالر‬
‫أم ما نسبتو ‪ ،%16.47‬تليها بريطانيا كاليت تتحمل ما يزيد عن ‪ 42‬مليار دكالر من رلموع ىذه اخلسائر بنسبة‬
‫تقدر ب ‪ ،%9.93‬فيما تتحمل ىولندا ‪ %8.5‬من ىذه اخلسائر ٔتا يفوؽ ‪ 36‬مليار دكالر‪ ،‬تليها لوكسمبورغ‬

‫‌كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.74.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪61‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ب‪ ،%6.45‬كالواليات ادلتحدة األمريكية ب ‪ ،%5.53‬فيما احتلت ىونغ كونغ كالصُت ادلرتبة السادسة كالسابعة‬
‫على التوارل كبنسب متقاربة ‪ %4.92‬ك‪ ،%4.69‬كيبلحظ يف الشكل أعبله أف اجلزء األكرب من اخلسائر الضريبية‬
‫النإتة عن التهرب الضرييب لؤلفراد الذم ٘تكنو ىذه الدكؿ‪ ،‬مت تسجيلو يف جزر كاؽلاف اليت احتلت ادلرتبة األكذل‬
‫‪ 47‬مليار دكالر‪ ،‬تليها ادلملكة ادلتحدة كالواليات ادلتحدة األمريكية‬ ‫أكرب منطقة للتهرب الضرييب ٔتا يزيد عن‬
‫ْتوارل ‪ 28‬ك‪ 23‬مليار دكالر هترب ضرييب لؤلفراد‪ ،‬مت لكسمبورغ ْتوارل ‪ 18‬مليار دكالر‪ ،‬فيما سجلت ىولندا‬
‫‪ 26‬مليار‬ ‫ادلرتبة األكذل يف حجم اخلسائر الضريبية النإتة عن ٘تكُت التجاكزات الضريبية للشركات بينما يفوؽ‬
‫‪1‬‬
‫دكالر‪ ،‬تليها جزر كاؽلاف بتحملها ما يزيد عن ‪ 22‬مليار دكالر‪ ،‬مث الصُت ب ‪ 20‬مليار دكالر‪.‬‬

‫الشكل ادلوارل يتضمن توزيع اجلنات الضريبية ادلسئولة عن اخلسائر الضريبية السنوية يف العادل مصنفة حسب‬
‫ادلناطق كفئات الدخل‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)5-3‬الجهات المسئولة عن خسائر النظام الضريبي العالمي‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬
‫المصدر‪ :‬بوقلع‪ ،‬مصباح حراؽ‪ ،‬اجلنات الضريبية كخسائر النظاـ الضرييب العادلي –مع االشارة حلالة اجلزائر‪ ،-‬اجمللة الدكلية لؤلاء االقتصادم‪ ،‬اجمللد ‪ ،04‬العدد ‪،01‬‬
‫جواف ‪ ،2021‬ص‪.75.‬‬

‫من خبلؿ الشكل أعبله نستنتج أف الدكؿ الكربل ذات الدخل ادلرتفع أكرب مسئوؿ عن اخلسائر الضريبية‬
‫‪ %98.08‬أم حوارل ‪ 419‬مليار دكالر‬ ‫العادلية نتيجة لتمكينها التجاكزات الضريبية لؤلفراد كالشركات بنسبة‬
‫ضرائب دكلية مفقودة‪ ،‬بينما ال تتحمل الدكؿ ذات الدخل ادلنخفض سول ‪ %1.92‬ما يكلف البلداف ‪ 08‬مليار‬
‫دكالر‪ ،‬كتتحمل الدكؿ األكركبية مسؤكلية أكرب عن اخلسائر الضريبية كاليت كلفت الدكؿ حوارل ‪ 188‬مليار دكالر‬

‫‌كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.75.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪62‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫سنويا بنسبة ‪ %43.94‬من إ‪ٚ‬تارل اخلسائر الضريبية العادلية‪ ،‬تليها يف الًتتيب جزر الكارييب األمريكية ٔتسئوليتها‬
‫عن خسائر قدرىا ‪ 116‬مليار دكالر أمريكي بنسبة ‪ %22.07‬أين تتساكل تقريبا لديها التهرب الضرييب للشركات‬
‫مع التهرب الضرييب لؤلفراد‪ ،‬بينما احتلت دكؿ آسيا ادلرتبة الرابعة ٔتسؤكليتها عن حوارل ‪ 32‬مليار دكالر أمريكي‬
‫كعليو نستنتج أف اجلنات الضريبية ليست دكؿ أك مناطق مستقلة إظلا ىي عبارة عن تكتبلت كشبكات عادلية‬
‫‪1‬‬
‫معقدة كيصعب فك شفراهتا تتحكم فيها الدكؿ العادلية الكربل‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مكافحة الجنات الضريبية‬

‫نظرا لآلثار اليت ٗتلفها اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي كاف البد من تعاكف الدكؿ كتوحيد‬
‫جهودىا من أجل مكافحة ىذه الظاىرة كاخلركج بوسائل تساعد على احلد منها‪ .‬يف ىذا ادلبحث سنتطرؽ إذل‬
‫اجلهود الدكلية حملاربة اجلنات الضريبية يف ادلطلب األكؿ أما يف ادلطلب الثاين سنتطرؽ إذل الوسائل ادلعتمد عليها‬
‫يف مكافحة اجلنات الضريبية كيف األخَت سنتطرؽ إذل أىم النجاحات احملققة يف زلاربة جلنات الضريبية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الجهود الدولية لمحاربة الجنات الضريبية‬

‫إف ظاىرة اجلنات الضريبية ىي ظاىرة ضارة لبلقتصاد كالنظاـ اجلبائي العادليُت كتتطلب جهود دكلية من‬
‫أجل زلاربتها‪ ،‬حيث أنو البد من تعاكف سلتلف ادلنظمات العادلية دلعاجلة ىذه الظاىرة ككضع حد ذلا‪ ،‬كمن بُت‬
‫ىذه ادلنظمات نذكر ما يلي‪ :‬اجمللس األكريب‪ ،‬البنك العادلي‪ ،‬منظمة التعاكف كالتنمية‪ ،‬منظمة األمم ادلتحدة‪،‬‬
‫ادلنظمة العادلية لتجارة‪ ،‬رلموعة تدخل ادلالية الدكلية‪ ....‬اخل‪.‬‬

‫يف سنة ‪ 1989‬مت إنشاء ىيئة تابعة للمنظمة التعاكف كالتنمية تعرؼ ٔتجموعة العمل للمالية الدكلية‬
‫"‪ "GAFI‬بدأت عملها بوضع معايَت من خبلذلا ػلدد إف كانت ىذه الدكلة تصنف ضمن الدكؿ اليت ترفض‬
‫التعاكف معها كاعتمدت منظمة التعاكف كالتنمية االقتصادية على معايَت لتحديد صفة ادلبلذ الضرييب كىي‪:‬‬

‫‪ ‬أف ادلنظومة تطبق ضرائب غَت موجودة أك ال تشكل داللة‪.‬‬


‫‪ ‬غياب الشفافية يف تطبيق القانوف اجلبائي‪.‬‬
‫‪ ‬غياب تبادؿ ادلعلومات لغايات جبائية مع إدارات الضريبية األخرل‪.‬‬

‫‌كداد بوقلع‪ ،‬مصباح احلراؽ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.76.75.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪63‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬غياب األنشطة األساسية‪.‬‬

‫أصدرت أكؿ قائمة للدكؿ ادلصنفة غَت ادلتعاكنة سنة ‪ 2001‬تضم ‪ 30‬دكلة منذ أف كضعت منظمة التعاكف‬
‫‪1‬‬
‫كالتنمية األدكات حملاربة ادللذات الضريبية صلد ‪ 33‬منظومة خضعت للشركط ادلنظمة يف ميداف الشفافية كالتبادؿ‬

‫الفعلي للمعلومات كبذلك سقط امسها من قائمة الدكؿ الغَت متعاكنة بينما بقي البعض دكف التزاـ بأم تعاكف‬
‫حوؿ الشفافية‪.‬‬

‫‪ 15‬دكلة‬ ‫يف ‪ 2008/08/21‬كنتيجة األثر الذم تركتو األزمة ادلالية‪ ،‬اىتمت كل من أدلانيا كفرنسا كمعها‬
‫بضركرة كضع حد للمبلذات الضريبية ضمن مبدأ الشفافية للنظاـ ادلارل العادلي‪.‬‬

‫كقد صرح الوزير الفرنسي " ‪ "François Fillon‬سنة ‪ 2011‬على هناية اجلنات الضريبية كبداية نظاـ‬
‫مارل عادلي جديد كلكنو تراجع عن ىذا التصريح بعد زيارتو لسويسرا كاعًتافو على أف سويسرا ليست جنة ضريبية‬
‫مستند على ذلك بتصنيف منظمة التعاكف كالتنمية‪.‬‬

‫كجاء يف اجتماع اجملموعة ‪ G20‬على أحلت على اجلنات الضريبية بتحديد اجلهات الغَت متعاكنة‬
‫كإجبارىا على االستجابة دلطالب اجملتمع الدكرل ك تطبيق الشفافية يف تعامبلهتا‪.‬‬

‫يف سنة ‪ 2009‬قامت منظمة النعاكف كالتنمية بالتعاكف مع رلموعة ‪ G20‬بتصنيف الدكؿ إذل ثبلثة قوائم‬
‫(أبيض‪ ،‬رمادم ‪ ،‬أسود) كذلك حسب تعاكهنم كاستجابتهم للمعاىدات كقد صلح ىذا التصنيف كنتج عنو نتائج‬
‫باىرة ففي بضعة أسابيع أعلنت العديد من الدكؿ بالتطبيق الصارـ للسر البنكي كغَتت سياستها كقبلت بالتعاكف‬
‫يف اجملاؿ اجلبائي ككعدت الكثَت من الدكؿ عن نيتها يف تطبيق التعاكف كتطبيق ىذه ادلعايَت مستقببل كتبادؿ كتبادؿ‬
‫ادلعلومات فيما بينها دكؿ األعضاء ‪ ( OCDE‬بلجيكا‪ ،‬النمسا‪ ،‬لوكسمبورغ‪،‬سويسرا)‪.‬‬

‫كمن جهة أخرل يوجد بعض الدكؿ كالكيانات رفضت رفضا قاطعا التعاكف كتتماطل يف تطبيق ىذه‬
‫ادلعايَت‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫من أىم ادلطالب الدكلية يف ىذا اجملاؿ نذكر التدابَت التالية‪:‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.194.193.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.196.195.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪64‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪ ‬رفع السر البنكي يف كل الدكؿ سواء عند طلب اذليئات القضائية أك اجلبائية‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم عملية ٘تركز احلسابات البنكية يف كل دكلة‪.‬‬
‫‪ ‬التعاكف بُت السلطات القضائية كاجلبائية‪.‬‬
‫‪ ‬إلغاء ‪ٚ‬تيع التدابَت التفضيلية‪.‬‬
‫‪ ‬فرض التعريف احلقيقي للمستفيدين احلقيقيُت"األشخاص" كادلعنويُت "الشركات‪ ،‬التكتبلت" كاجلميع‬
‫ؼلضع لرقابة ادلنظمة العادلية كذلا صبلحيات فرض عقوبات تصل حد اإلقصاء من التعامبلت الدكلية‪.‬‬
‫‪ ‬على ادلؤسسات الكربل كالشركات الدكلية للمقاصة كالبنوؾ أف تلتزـ بقفل حساباهتا (الفركع كالقابضة)‬
‫ادلتواجدة خارج احلدكد كتسوية األمواؿ كالسندات ٖتت الرقابة الدكلية الدائمة من طرؼ جلنة للمراقبة‬
‫معتمدة من ىيئات دكلية‪.‬‬

‫بسبب اآلثار ادلأساكية اليت خلفتها األزمة ادلالية على اقتصاديات الدكؿ‪ ،‬تغَتت مواقف معظم الدكؿ‬
‫اليت كانت معارضة للتعاكنات كادلعايَت بسبب ادلبالغ كأرقاـ اخلسائر ادلبالغ فيها اليت مت خسارهتا بسبب التهرب‬
‫الضرييب كاجلنات الضريبية الدكلية‪ .‬كقد ظهر ىذا ادلوقف بوضوح كجدية سنة ‪ 2013‬يف اجتماعات رلموعة‬
‫‪ 21‬لوضع حد للجنات الضريبية حيث أف الدكؿ األكركبية ٗتسر ما يقارب ‪ 1000‬مليار أكرك نتيجة التهرب‬
‫الضرييب كاجلنات الضريبية الدكلية بينما ىي يف أمس احلاجة ذلذه األمواؿ‪.‬‬

‫ككانت اإلجراءات ادلتخذة سنة ‪ 2013‬من طرؼ ادلفوضة األكركبية يف شكل توصيتُت علا‪:‬‬

‫‪ ‬التوصية األولى‪ :‬اٗتاذ موقف حازـ من قبل االٖتاد األكركيب فيما يتعلق بادلبلذات الضريبية تتجاكز‬
‫التدابَت القائمة على ادلستول الدكرل ككضع ىذه ادلبلذات على قوائم سوداء كطنية‪.‬‬
‫‪ ‬التوصية الثانية‪ :‬التخطيط الضرييب كذلك عرب توفيق طرؽ سلتلفة دلعاجلة الثغرات اليت تستغلها بعض‬
‫الشركات لتجنب دفع نصيبها من الضرائب‪.‬‬

‫كحىت ال تضل خطة العمل حرب على كرؽ قررت ادلفوضية األكركبية استحداث أدكات عمل جديدة كقواعد‬
‫مراقبة دلواكبة اجلهود ادلبذكلة يف مكافحة الفساد‪ ،‬كاحلرص على تنفيذ ىذه التوصيات من قبل دكؿ األعضاء‪،‬‬

‫‪65‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫كتطبيق إجبارية تبادؿ ادلعلومات بُت دكؿ األعضاء‪ ،‬كالقضاء على السرية ادلصرفية حيث أف هبذه الطريقة سيتسٌت‬
‫‪1‬‬
‫لكل دكلة معرفة مداخيل مواطنيها يف أم دكلة داخل االٖتاد‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل الحد من الجنات الضريبية‬

‫يوجد العديد من الوسائل اليت يتم االعتماد عليها من أجل زلاربة اجلنات الضريبية كاحلد منها كيف ىذا‬
‫ادلطلب سنقوـ بتقسيمها إذل فرعُت‪ ،‬يف الفرع األكؿ سنتطرؽ لتدابَت من جانب كاحد كيف الفرع الثاين تدابَت‬
‫متعددة األطراؼ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تدابير من جانب واحد‬

‫تعترب ىذه التدابَت أقل تعقيدا من التدابَت متعددة األطراؼ ألهنا تعتمد على طرؼ كاحد كتشمل رفع‬
‫السرية ادلصرفية‪ ،‬كفرض الشفافية ادلالية على اجملتمعات اخلارجية‪ ،‬كتعديل أسعار التحويل‪ ،‬كتغليب اجلوىر على‬
‫‪2‬‬
‫الشكل كرلموعة متنوعة من التدابَت اإلضافية‪.‬‬

‫‪ .1‬رفع السرية المصرفية‪ :‬أم ضماف الشفافية كلكن ىذا اإلجراء ال يضمن إزالة الفوارؽ يف توزيع الثركة‪،‬‬
‫بينما يساعد على مكافحة غسيل األمواؿ كمنع تدكيل ادلاؿ من اقتصاديات موازية‪ ،‬مثل‪ :‬اجلرائم‪ ،‬االٕتار‬
‫بالبشر أك ادلخدرات‪.‬‬
‫يشَت إذل استعداد ىذه الشركات دلراجعة‬ ‫‪ .2‬الشفافية المالية للشركات التي تم إنشاءها في الخارج‪:‬‬
‫التقارير كحسابات العرض كالسجبلت ألم معاملة ٕتارية قاـ هبا الكياف القانوين ادلسجل يف اخلارج‪ .‬كيهدؼ‬
‫ىذا اإلجراء لفرض ضريبة على األرباح الغَت العائدة من الشركات اليت أنشأت يف اجلنات الضريبية‪.‬‬
‫‪ .3‬تعديل أسعار التحويل‪ :‬يشَت إذل قدرة السلطة ادلالية إذل تصحيح قاعدة الضريبة على القيمة ادلضافة من‬
‫خبلؿ ضبط األسعار يف معامبلت بُت الكيانات اليت ذلا عبلقات شليزة مع بعضها البعض عندما يكوف‬
‫من ادلتوقع أف ٗتتلف ىذه األسعار عن أسعار ادلنافسة الكاملة‪ ،‬حيث يتم ٖتديد أسعار ادلنافسة الكاملة‬
‫من خبلؿ فحص تسعَت ادلعامبلت من نفس النوع بُت الكيانات الغَت حكومية ذات الصلة‪ ،‬كإذا دل‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.‬ص‪‌.197.196.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌ىيثم زلمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.12.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪66‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تكن ادلعامبلت ادلماثلة متاحة للفحص يتم احتساب تعديل األسعار باستخداـ سعر إعادة البيع ناقص‬
‫اذلامش الذم قد ؽلثل األرباح‪.‬‬
‫‪ .4‬تغليب الجوهر على الشكل‪ :‬يشَت إذل توفَت الصفة اإللزامية ككزف اقل للعقد القانوين ادلنظم للنشاط‬
‫االقتصادم كاألنشطة ادلدرة للدخل لتحديد نوع ادلؤسسة كطبيعتها حىت ؽلكن إخضاعها إذل قانوف‬
‫الضرائب ادلناسب‪ ،‬كيعطي ىذا اإلجراء من جانب كاحد للسلطات الضريبية القدرة على رفض األعماؿ‬
‫أك اذلياكل اليت مت تكوينها أك إنشائها كٗتفي جوىر أنشطتها بغرض احلصوؿ على مزايا مالية‪.‬‬
‫‪ .5‬إجراءات أحادية إضافية‪ :‬كمن ىذه التدابَت رفض االتفاقيات مع ادلبلذات الضريبية اليت تعتمد على‬
‫السلطة‪ ،‬رفض الوصوؿ إذل النظاـ القضائي لبعض الكيانات النموذجية من ادلبلذات الضريبية‪ٕ ،‬ترًن‬
‫بعض أنواع االحتياج اليت تنطوم على استخداـ ادلبلذات الضريبية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تدابير متعددة األطراف‬

‫تدابَت متعددة األطراؼ تعٍت إشراؾ سلتلف الدكؿ كالتعاكف بُت أطراؼ متعددة‪ ،‬لذا تنفيذىا معقد‪ .‬كمن‬
‫‪1‬‬
‫بُت ىذه التدابَت نذكر‪:‬‬

‫‪ .1‬نظام الضرائب الموحد‪ :‬كيقصد اخلضوع إذل معدؿ ضريبة متقارب يف ‪ٚ‬تيع األطراؼ أك الدكؿ ادلشاركة‬
‫فيو‪ ،‬دلنع ىركب رؤكس األمواؿ إذل اجلنات الضريبية‪.‬‬
‫‪ .2‬طلب المعلومات أو توفير المعلومات‪ :‬يعتمد ىذا اإلجراء على توفَت أك الرغبة يف توفَت ادلعلومات‪،‬‬
‫كيرجع ىذا اإلجراء إذل منظمة التعاكف االقتصادم كاليت اشًتط على إزالتها من القوائم السوداء للجنات‬
‫الضريبية أف تلتزـ بتوفَت ادلعلومات فعليا كنشرىا أك االلتزاـ بتوفَتىا كنشرىا‪.‬‬
‫أحد اإلجراءات اذلامة ك الفعالة يف مكافحة اجلنات الضريبية‬ ‫‪ .3‬الرقابة على المراسالت بين البنوك‪:‬‬
‫كادلراكز ادلالية اخلارجية ىي السماح بالرقابة على ادلراسبلت البنكية‪ ،‬فمع اتساع ادلعامبلت ادلالية بُت‬
‫البنوؾ من خبلؿ تكنولوجيا ادلعلومات كاالتصاالت أصبح من الضركرم متابعة ىذه ادلراسبلت للتعرؼ‬
‫على تدفقات األمواؿ كمصادرىا دلكافحة ظاىرة غسيل األمواؿ كغَتىا من اجلرائم ادلالية‪.‬‬

‫‌ىيثم زلمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.13.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪67‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهم النجاحات المحققة‬

‫من أىم ادلنظمات أكثر نشاطا اليت تعرؼ باسم "من أجل جباية عادلة ‪"Tax Justice Network‬‬
‫اليت تكافح ضد التعتيم ادلارل كٖتاكؿ أف تفرض على ادلؤسسات التصريح بأنشطتها كالعمل على التضييق على‬
‫‪1‬‬
‫التدفقات األمواؿ كالثركة ادلنتجة كالضرائب ادلدفوعة دكلة بدكلة ‪.Payes pays par pays‬‬

‫الشفافية قاعدة إجبارية لئلعبلف عن التسديدات للحكومات ادلتواجدة من اآلف فصاعدا يف قطاع‬
‫‪2010‬‬ ‫االستخراج بالنسبة للشركات األمريكية‪ ،‬كلقد سار االٖتاد األكريب على نفس ادلنواؿ ابتداء من سنة‬
‫باالعتماد على القانوف األمريكي لصاحبو " ‪ "Frank Dodd‬كالذم يتوقع الشفافية دكلة بدكلة كمشركع‬
‫ٔتشركع بالنسبة للضرائب كالرسوـ ادلدفوعة‪ ،‬كما كسعت أكركبا ىذا القانوف ليشمل مؤسسات البًتكؿ كالغاز إذل‬
‫األنشطة يف الغابات مث مؤسسات البنكية كأصبح الًتكيز على اإلفصاح احملاسيب لتحقيق الشفافية مثل رقم‬
‫األعماؿ لؤلرباح بعد البنوؾ يتم تعميمو على أكرب ادلؤسسات‪.‬‬

‫مراجعة قواعد اجلباية للشركات متعددة اجلنسيات يف اجتماع اجملموعة يف ‪ 20‬جواف ‪ 2012‬أعلنت منظمة‬
‫‪2‬‬
‫التعاكف كالتنمية االقتصادية عن كرشة (ادلكافحة ضد اصلراؼ قواعد تأسيس الضرائب كٖتويل األرباح)‪.‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ,‬ص‪‌.197.‬‬


‫‪1‬‬

‫‌عبد السبلـ فنغور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪‌.198.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪68‬‬
‫أثر اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫خالصة‬

‫تطرقنا يف ىذا الفصل بصفة عامة إذل اآلثار اليت خلفتها اجلنات الضريبية على النظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬قمنا‬
‫يف األكؿ بتقسيم اجلنات الضريبية جغرافيا كتوصلنا إذل أف اجلنات الضريبية تضم أكثر من ‪ 60‬دكلة‪ ،‬إقليم‪ ،‬كياف‬
‫كجزيرة‪ ،‬كىي مقسمة إذل أربعة مناطق أكركبية‪ ،‬بريطانية‪ ،‬أمريكية كبعض األماكن اذلامشية‪ ،‬كما مت تقسيمها إذل‬
‫ثبلث تصنيفات (بيضاء‪ ،‬رمادية كسوداء) كذلك حسب درجة تطبيقها كتنفيذىا لبلتفاقيات كادلعاىدات ادلتفق‬
‫عليها‪ .‬كقمنا بتقدًن بعض النماذج عن أفضل اجلنات الضريبية الدكلية (سويسرا‪ ،‬ىونغ كونغ كسنغافورة) كما ؽليز‬
‫ىذه اجلنات الضريبية عن غَتىا‪.‬‬

‫كقدرنا حجم اخلسائر اليت أحلقتها اجلنات الضريبية كالتهرب الضرييب الدكرل بالنظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬الذم‬
‫فشل فشبل ذريعا ٓتسارة تقدر ‪ 427‬مليار دكالر سنويا‪ ،‬فمسؤكلية اجلنات الضريبية عن خسائر النظاـ اجلبائي‬
‫العادلي ليست باذلينة حيث مت إخفاء ما يقارب ‪ 7.6‬تريليوف دكالر يف عدة مناطق للجنات الضريبية‪ ،‬األمر الذم‬
‫استدعى تدخل كتعاكف ادلنظمات الدكلية كتوحيد اجلهود الدكلية من أجل زلاربة ىذه الظاىرة ككضع حد ذلا‬
‫كالتوصل إذل حلوؿ كاتفاقيات ٗتدـ ‪ٚ‬تيع األطراؼ كإغلاد كسائل تساعدىم يف احلد من ىذه الظاىرة كالقضاء‬
‫عليها كمن أىم ىذه الوسائل القضاء على السرية ادلصرفية كالتشجيع على الشفافية ادلصرفية‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫خا٘تة عامة‬

‫من خبلؿ دراستنا ذلذا ادلوضوع حاكلنا تسليط الضوء على اجلنات الضريبية كمدل مساعلتها يف خسائر‬
‫النظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬كسعياف من خبلؿ الدراسة اليت قمنا هبا إذل اإلجابة على اإلشكالية ادلطركحة كادلتمثلة يف‬
‫اإلشكالية بثبلثة‬ ‫"ما مدل مساعلة اجلنات الضريبية يف خسائر النظاـ اجلبائي العادلي" حيث ٘تت معاجلة ىذه‬
‫فصوؿ متتالية كذلك انطبلقا من الفرضيات اليت ٘تت صياغتها يف ادلقدمة‪.‬‬

‫توصلنا إذل أف اجلنات الضريبية تلعب دكرا أساسيا يف التهرب الضرييب على ادلستول الدكرل ْتيث تتميز‬
‫ىذه ادلناطق عما سواىا يف العادل بفرضها دلعدالت ضرائب جد منخفضة أك بعدـ فرضها ألم ضرائب على‬
‫اإلطبلؽ ‪ ،‬كبعدـ شفافية نظمها ادلصرفية اليت ٖتافظ على السرية الكاملة حلسابات زبائنها كترفض التعاكف مع‬
‫السلطات القضائية يف الدكؿ األخرل شلا غلعلهم زلميُت من أم مبلحقات‪.‬‬

‫تعتمد اجلنات الضريبية على مو اصفات تسمح ذلا بج ذ ب كمساعدة األشخاص كالكيانات الراغبُت يف‬
‫آليات‬ ‫التهرب من الضرائب على ادلستول الدكرل حيث يضمن ذلم احلماية كالسرية كسرعة التنفيذ كتتمحور‬
‫التهرب الضرييب الدكرل يف كقتنا الراىن حوؿ استعماؿ اجلنات الضريبية حيث تطور الشركات كاألشخاص ذكم‬
‫النفوذ طرقا جديدة يف كل مرة تسمح ذلا باستعماؿ اجلنات الضريبية لصاحلها‪.‬‬

‫إف تسمية تلك الدكؿ بادلبلذات الضريبية ال تعٍت اقتصار ٘تيزىا على بعض ادلزايا احلسومات كاإلعفاءات‬
‫الضريبية اليت ٘تنحها للمشركعات كاالستثمارات ادلخلفة ألرضيها ك إف كانت تلك اخلاصية األبرز يف تلك الدكؿ‬
‫إال أهنا ليست الوحيدة ك اؿكافية خللق ادلبلذات الضريبية بادلعٌت الصحيح‪ ،‬بل ىناؾ رلموعة من خصائص أخرل‬
‫سياسية كاقتصادية كمالية ٘تتاز هبا أيضا لتصبح بيئة جاذبة لبلستثمار‪.‬‬

‫تعترب اجلنات الضريبية من الظواىر البارزة يف عادلنا اليوـ كاليت تسبب يف الكثَت من الضرر للعديد من الدكؿ‬
‫كاالقتصاديات كخاصة النظاـ اجلبائي العادلي‪ ،‬يؤدم كجود اجلنات الضريبية إذل تزايد سلاطر األزمات االقتصادية‬
‫العادلية فهي تغَت مسار ادلدخرات العادلية كتعمل على تركيزىا يف مناطق معينة كاليت تسهل إخفاء الثركات كاألمواؿ‬
‫معركؼ‪ .‬كتعترب ادلبلذات الضريبية يف ظاىرىا على أهنا آلية قانونية كمغرية لكنها‬
‫ة‬ ‫اآلتية من مصادر مشبوىة أك غَت‬
‫يف احلقيقة خلقت حالة من التنافس الغَت شريف بُت الدكؿ كحكومات كثَتة يف العادل كفتحت الباب أماـ التهرب‬

‫‪71‬‬
‫خا٘تة عامة‬

‫الضرييب احمللي ك اؿجلوء لتحويل األمواؿ للخارج من أجل احلصوؿ على امتيازات مالية أعلى كىو ما ترتب عليو‬
‫صعود دكؿ كاهنيار دكؿ أخرل على مقياس القوة االقتصادية‪.‬‬

‫نتائج والتوصيات الدراسة‪:‬‬

‫توصلنا من خبلؿ موضوع ْتثنا إذل عدة نتائج‪ ،‬كاليت على ضوئها اقًتحنا ‪ٚ‬تلة من االقًتاحات كالتوصيات‬
‫كىي كالتارل‪:‬‬

‫‪.1‬نتائج الدراسة‪:‬‬

‫‪ ‬يعترب التهرب الضرييب الدكرل من الظواىر الضارة باالقتصاد‪ْ ،‬تيث يعرقل التنمية االقتصادية على مستول‬
‫العادل كتعد ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل من العقبات اليت ٖتوؿ دكف كجود بيئة األعماؿ القائمة على‬
‫ادلنافسة فضبل على أهنا زلدد رئيسي الذم قد تصلو الدكلة يف تقدًن دعم للمؤسسات االقتصادية عند‬
‫التحفيز الضرييب‪.‬‬
‫‪ ‬ؽلكن تعريف التهرب الضرييب الدكرل بأنو هترب خارجي قد يكوف بُت دكلتُت أك أكثر من ذلك كىو‬
‫هترب مقصود فعلو بطريقة قانونية أك غَت قانونية ككل ىذا بقصد التملص من دفع الضرائب أك ٗتفيض‬
‫العبء الضرييب إذل أدىن حد شلكن ‪.‬‬
‫‪ ‬من ادلعلوـ أف ظهور التهرب الضرييب الدكرل بنسبة كبَتة بسبب الشركات متعددة اجلنسيات أك الشركات‬
‫العابرة للقارات كاليت يكوف ذلا فركع كثَتة يف سلتلف الدكؿ كاليت يكوف ىدفها ىو التهرب كتقليص حجم‬
‫الضرائب كذلك عن طريق إتباع أساليب كاليات ٘تكنهم من التهرب عن دفع الضريبية بُت الدكؿ بسهولة ‪،‬‬
‫من أىم ىذه اآلليات اجلنات الضريبية أك ٔتا يعرؼ بادلبلذات الضريبية‪.‬‬
‫‪ ‬للمبلذات الضريبية عدة تعاريف ؽلكن أف نقتصر تعريفها على أف ادلبلذ الضرييب ىو إقليم بدكف جباية‬
‫‪.‬‬ ‫أك تكوف اجلباية فيو ضعيفة بادلقارنة مع مستويات اإلخضاع القائمة يف دكؿ أخرل ذات جباية ثقيلة‬
‫ؽلكن كذلك تعريف اجلنات الضريبية على أهنا مقاطعة قضائية قد تكوف دكلة أك إقليم تكوف فيو الضريبة‬
‫منخفضة جدا أك معدكمة كتعمل على جذب األمواؿ اعتمادا على ميزة كعادة ما ٘تنح ىذه ادلقاطعات‬
‫القضائية ميزة أخرل كىي السرية كالضركرية دلن يريد أف يتهرب من دفع الضرائب يف بلده حىت ال تستطيع‬
‫السلطات الضريبية يف بلده الوصوؿ إذل معلومات عن ىذه األمواؿ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫خا٘تة عامة‬

‫‪ ‬ىناؾ العديد من اجلنات الضريبية حوؿ العادل ال ؽلكن التنبؤ بعددىا نظرا لكثرهتا فهي تفوؽ الستُت دكلة‬
‫كإقليم كجزيرة‪ ،‬كقد مت تصنيفها إذل مناطق حسب ادلوقع ادلكاين كحسب التزامها ٔتعاىدات من عدمو‬
‫كتتفاكت فيما بينها يف األعلية نظرا للسرية ادلصرفية اليت تطبقها‪ ،‬كىناؾ بعض النماذج عن ق ذ ق ادلبلذات‬
‫يف العادل ألكثر الدكؿ اعتمادا من قبل الشركات كاألفراد‪.‬‬
‫‪ ‬أكثر الدكؿ تضررا من اجلنات الضريبية كاليت سجلت أكرب اخلسائر الضريبية ىي الدكؿ الغنية‪ ،‬على‬
‫رأسها الواليات ادلتحدة األمريكية‪ ،‬ادلملكة ادلتحدة‪ ،‬بعض الدكؿ األكربية‪.‬‬

‫‪ .2‬توصيات الدراسة‪:‬‬

‫بناءا على نتائج الدراسة نقدـ التوصيات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬إف التهرب الضرييب الدكرل يعرقل التنمية االقتصادية على مستول العادل ك يتسبب بأضرار كبَتة على‬
‫مستول االقتصاد العادلي كال ؽلكن معاجلتو إال من خبلؿ إلغاء سرية احلسابات النقدية كادلعامبلت‬
‫التجارية كؽلكن أف يتم ذلك من خبلؿ التنسيق الضرييب الدكرل‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير نظاـ ادلعلومات العادلي لتبادؿ ادلعلومات بُت سلتلف الدكؿ يف العادل‪.‬‬
‫‪ ‬إصبلح األنظمة الضريبية العادلية لتحسُت كفاءهتا من أجل تكييفها مع األكضاع الراىنة‪.‬‬
‫‪ ‬غلب على الدكؿ النامية العمل على تطوير البنية التحتية اخلاصة هبا‪.‬‬
‫‪ ‬ترقية االقتصاد الوطٍت اخلاص بالدكؿ النامية كمنح مزايا كاحلوافز للمستثمرين من أجل التحسُت التنافسي‬
‫لبلقتصاد الوطٍت‪.‬‬
‫‪ ‬تشديد الرقابة كادلتابعة القانونية على ادلعامبلت التجارية ادلشبوىة كالغَت ادلعركفة‪.‬‬
‫‪ ‬احملافظة على رؤكس األمواؿ كتبادؿ ادلعلومات الضريبية كادلصرفية على النطاؽ احمللي كالعادلي‪.‬‬
‫‪ ‬ضركرة التعاكف على ادلستول الدكرل من أجل رلاهبة سياسات ادلبلذات الضريبية‪.‬‬

‫أفاق الدراسة‪:‬‬

‫ؽلكن القوؿ يف هناية البحث أف نتائجو ٘تثل قاعدة معلوماتية أساسية إلجراء العديد من البحوث ادليدانية‬
‫كما أف نتائج البحث تشكل اقًتاحات للبحث كمنو تلفت األنظار إذل إمكانية القياـ بالعديد من الدراسات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫خا٘تة عامة‬

‫‪ ‬التهرب الضرييب الدكرل كدكره يف عرقلة االقتصاد العادلي‪.‬‬


‫‪ ‬اجلنات الضريبية كمساعلتها يف التهرب الضرييب يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪ ‬آليات التهرب الضرييب الدكرل كأىم أساليب مكافحتو‪.‬‬
‫‪ ‬النظاـ اجلبائي العادلي ككيفية زلاربة اجلنات الضريبية يف العادل‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫قائمة ادلراجع‬

‫المقاالت العلمية‪:‬‬

‫ادلبلذات الضريبية اآلمنة (التوزيع‬ ‫‪ .1‬إسراء كاطع فياض‪ ،‬إسراء عبد فرحاف‪ ،‬رشا خالد شهيب‪،‬‬
‫اجلغرافية‪ ،‬كاآلثار االقتصادية)‪ ،‬رللة اإلدارة كاالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،125‬أيلوؿ ‪.2021‬‬
‫اإلشارة حلالة‬ ‫‪ .2‬كداد بوقلع‪ ،‬مصباح حراؽ‪ ،‬اجلنات الضريبية كخسائر النظاـ الضرييب العادلي ‪ -‬مع‬
‫‪ ،4‬العدد ‪ ،01‬ادلركز اجلامعي عبد احلفيظ‬ ‫اجلزائر‪ ،-‬اجمللة الدكلية لؤلداء االقتصادم‪ ،‬اجمللد‬
‫بوالصوؼ‪ ،‬ميلة‪ ،‬جواف ‪،2021‬‬

‫‪ .3‬مهى حاجي شهُت‪ ،‬آليات مكافحة التهرب اجلبائي ‪ ،‬رللة مسار العلوـ الًتبوية كاالجتماعية‪ ،‬اجمللد‬
‫‪ ،6‬العدد ‪ ،3‬العراؽ‪.2019 ،‬‬
‫‪ .4‬عبد السبلـ فنغور‪ ،‬ادلبلذات الضريبية‪ :‬ادلوطن الرئيسي لؤلمواؿ ادلضاربة كالتهرب الضرييب كدكرىا يف‬
‫األزمة دلالية لسنة ‪ ،2008‬رللة االقتصاد الصناعي‪ ،‬العدد ‪ ،8‬جامعة احلاج خلضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬جواف‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ .5‬فاتح أ‪ٛ‬تية‪ ،‬أسباب كاليات التهرب اجلبائي الدكرل كطرؽ مكافحتو‪ ،‬رللة دراسات جبائية‪ ،‬اجمللد ‪،9‬‬
‫العدد ‪،2‬جامعة جيجل‪ ،‬اجلزائر‪.2020 ،‬‬
‫‪ .6‬رؽلة ضافرم‪ ،‬زلمد سعد الدين بلخَتم‪ ،‬اجلنات الضريبية كدكرىا يف التهرب الضرييب الدكرل‪ -‬حالة‬
‫‪،JFBE‬‬ ‫االيرلندية ادلزدكجة كالساندكيتش اذلولندم لشركة غوغل‪ ،-‬رللة اقتصاد ادلاؿ كاألعماؿ‬
‫اجمللد ‪ ،4‬العدد‪ ،01‬أفريل ‪.2020‬‬

‫المذكرات واألطروحات‪:‬‬

‫‪ .1‬أ‪ٛ‬تد نوم‪ ،‬آليات مكافحة ظاىرة التهرب الضرييب الدكرل يف التشريع اجلزائرم‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماسًت‪،‬‬
‫كلية العلوـ السياسية كاحلقوؽ‪ ،‬جامعة زلمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2019-2018 ،‬‬
‫‪ .2‬بن عياد طو عبد الكرًن‪ ،‬بلغمارم سيد أ‪ٛ‬تد‪ ،‬دكر أسعار التحويل يف التهرب اجلبائي الدكرل‪-‬دراسة حالة‬
‫سويسرا لوكسمبورغ بنما ىونغكونغ‪ ،-‬مذكرة مقدمة للحصوؿ على شهادة ماسًت أكادؽلي‪ ،‬كلية العلوـ‬
‫االقتصادية كالتجارية كعلوـ التسيَت‪ ،‬جامعة بلحاج بوشعيب‪ ،‬عُت ٘توشنت‪.2021-2020 ،‬‬

‫‪76‬‬
‫قائمة ادلراجع‬

‫‪ .3‬طورش بناتة‪ ،‬مكافحة التهرب الضرييب يف اجلزائر‪ ،‬مذكرة نيل شهادة ماسًت‪ ،‬كلية احلقوؽ‪ ،‬جامعة‬
‫قسنطينة ‪ ،1‬قسنطينة‪.2012-2011 ،‬‬

‫المحاضرات‪:‬‬

‫‪ .1‬بن ػلِت ناجي‪ ،‬زلاضرات يف مقياس النظم الضريبية الدكلية‪ ،‬موجهة لطلبة السنة أكذل ماسًت‪ ،‬زلاسبة‬
‫كجباية معمقة‪ ،‬قسم العلوـ ادلالية كاحملاسبة‪ ،‬جامعة زياف عاشور‪ ،‬اجللفة‪.2020-2019 ،‬‬
‫‪ .2‬زكاؽ احلواس‪ ،‬زلاضرات يف مقياس نظم ضريبية دكلية موجهة لطلبة السنة أكذل ماسًت زلاسبة كجباية‪،‬‬
‫قسم علوـ مالية كاحملاسبة‪ ،‬جامعة زلمد بوضياؼ‪ ،‬ادلسيلة‪.2020-2019 ،‬‬

‫المواقع االلكترونية‪:‬‬

‫‪ .1‬ىيتم زلمد نصر الدين حامد‪ ،‬دكر اجلنات الضريبية يف التجنب الضرييب على مستول الدكرل‪.2015 ،‬‬
‫‪Electronic copy available at : http://ssrn.com/abstract=2684810.‬‬

‫‪77‬‬

You might also like