You are on page 1of 50

‫حدود الطاعة الزوجية يف املسائل‬

‫الفقهية اخلالفية‬
‫"دراسة تأصيلية تطبيقية"‬
‫إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬أمحد بن حممد بن سعد آل سعد الغامدي‬
‫األستاذ املشارك بقسم الفقه – بقسم الفقه‬
‫بكلية الشريعة وأصول الدين _ جامعة امللك خالد‬
‫اململكة العربية السعودية – أبها ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬


‫إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬أحمد بن محمد بن سعد آل سعد الغامدي‬
‫األستاذ المشارك بقسم الفقه – بقسم الفقه‬
‫بكلية الشريعة وأصول الدين _ جامعة الملك خالد‬
‫المملكة العربية السعودية – أبها ‪.‬‬
‫ملخص البحث‬
‫موضوع البحث‪ :‬حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية‬
‫"دراسة تأصيلية تطبيقية"‬
‫مشكلة الدراسة‪ :‬اختالف الزوجين المتكرر في المسائل الفقهية‬
‫الخالفية‪ ،‬واعتقاد كل منهما صحة رأيه؛ مما أصبح مصدر خوف وقلق عند‬
‫بعض األزواج‪.‬‬
‫وهدفها‪ :‬أن تكون ً‬
‫سببا في تخفيف ما قد ينشأ من نزاع بين الزوجين‬
‫بسبب االختالفات الفقهية‪ ،‬من خالل البحث عن مخرج شرعي؛ للتوفيق‬
‫بينهما‪ ،‬ومراعاة مصلحتهما‪.‬‬
‫حدود البحث‪ :‬إذا اعتقد الزوجان أو أحدهما بطريق شرعي صحيح‪،‬‬
‫في حكم فقهي ما‪ ،‬معتقداً يختلف عن معتقد صاحبه‪ ،‬مع بيان كيفية‬
‫تعاملهما مع هذا االختالف عند وقوعه‪.‬‬
‫منهج البحث‪ :‬المنهج التأصيلي التطبيقي التحليلي المقارن‪.‬‬
‫معا‪ ،‬وان‬
‫أن العشرة بالمعروف واجبة على الزوجين ً‬‫نتائج الدراسة‪ّ :‬‬
‫كانت طاعة الزوج أوجب‪ ،‬وحقّه أعظم‪ ،‬وأن عليهما أن يراعيا في كل‬
‫خالف بينهما فقه الموازنات والمآالت؛ وأن مصلحة دوام العشرة واستقرارها‬
‫أولوية تجب المحافظة عليها‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الطاعة الزوجية‪ ،‬الخالف السائغ‪ ،‬المسائل االجتهادية‪.‬‬
"‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية‬

Wife' s obedience to her husband limits at the moral


jurisprudential matters Applied Fundamentalist Study
Prepared by:
Dr. Ahmad bin Mohammed bin Saad Al-Ghamdi
Associate Professor at the Faculty of Shariah and Fundamentals of
Religion in King Khalid University.
General Specialization: Shariah
Specific Specialization: Jurisprudence
Contact Information:
Mobile 0555796766 E-mail amalsaad@kku.edu.sa
Abstract
Research Subject : Conjugal obedience limits at the
jurisprudential moral matters "Applied Fundamentalist Study "
Study Problem :
Repetitive disagreement marrying couple at the
jurisprudential moral Matters and the each convinced of the veracity
of his opinion to the effect that it turned out to be source of fear and
anxiousness for some marrying couples .
Study Objective
This study should be a factor for mitigate the disagreement
between the marrying couple concerning the jurisprudential
differences by means of searching for legitimate solution as a
conciliatory means between them and in consideration of their
interests .
Research Limits :
If it happened that marrying couple or one of them thought
legitimately and rightly in terms of sound sense or emulation at
jurisprudential ruling to the inference of a thought differs from the
one 's though creator other than that stipulated at the contract, this
difference should be sought in terms of how it is tackled in their own
discretion immediately if occurred .
"‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية‬

Research Methodology
Fundamentalist, applied analytical and comparative approach
Study Findings
Living amicably is an asset for the marrying couple given
preference to the axiom that the wife's obedience to her husband is a
must and superior right to the effect that they both should consider
the disagreement erupted between them to the consideration as a
paramount importance the lasting living and stability ate priorities
which should be maintained .
Key-words
Conjugal obedience – warranted disagreement –
Jurisprudential matters
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المقدمة‬
‫الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن‬
‫وااله‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫األصل أن تقوم العالقة بين الزوجين على التوافق والتراضي؛ لتدوم‬
‫العشرة‪ ،‬وتستقر األُسرة‪ ،‬كما أن األصل في المسائل االجتهادية(‪ّ )1‬أال ي ِ‬
‫نكر‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أحد أحداً بما يعتقده‪ ،‬أو يحمله على مذهبه‪.‬‬
‫أحد على أحد‪ ،‬وال ُيلزم ٌ‬
‫ٌ‬
‫غير أن التفاوت بين الزوجين في التكوين والتفكير و ِ‬
‫العلم باألحكام‪،‬‬
‫يستحيل معه عادةً أن يتفقا على كل شؤونهما‪ ،‬وجميع تفاصيل حياتهما‪،‬‬
‫حتمي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫وبالتالي فإن وقوع االختالف بينهما في الفروع الفقهية الخالفية ٌ‬
‫ولن ينتهي‪ ،‬وال يمكن إلغاؤه أو تجاهله‪.‬‬
‫فكان من المهم أن يعرف الزوجان كيف يتعامالن مع الخالف الفقهي‬
‫عندما يحصل بينهما؛ ليكون لديهما القدرة الفكرية والحصيلة العلمية لتجاوز‬
‫تلك الخالفات الفقهية‪.‬‬
‫غبت أن أقوم بدراسة هذا الموضوع وتأصيله مع بيان كيفية تعامل‬
‫ولذا ر ُ‬
‫الزوجين عند وقوع االختالف بينها في الفروع الفقهية الخالفية‪ ،‬مع التمييل‬
‫وجعلت الدراسة بعنوان‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ببعض المسائل الفقهية الخالفية مما يكير وقوعه‪،‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية‬
‫تطبيقية"‬
‫مشكلة الدراسة‪ :‬اختالف الزوجين المتكرر في المسائل الفقهية‬
‫الخالفية‪ ،‬واعتقاد كل منهما صحة رأيه؛ مما أصبح مصدر خوف وقلق عند‬
‫بعض األزواج‪ ،‬بل وشقاق بينهما أحياناً‪.‬‬

‫يعرفه اإلمام الشاطبي في الموافقات ‪ 131/5‬بقوله‪" :‬االجتهاد‬ ‫(‪ )1‬المسائل الخالفية‪ ،‬أو الخالف السائغ‪ّ ،‬‬
‫المعتبر شرعاً الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه االجتهاد"‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫سببا في تخفيف ما قد ينشأ بسبب‬ ‫وتهدف الدراسة‪ :‬إلى أن تكون ً‬


‫االختالفات الفقهية بين الزوجين من مفاسد وآيار سلبية على الحياة الزوجية‪،‬‬
‫بحق كل‬
‫ّ‬ ‫من خالل البحث عن مخرج شرعي؛ للتوفيق بينهما‪ ،‬مع الوفاء‬
‫منهما‪ ،‬ومراعاة مصلحتهما‪ ،‬وعدم إلحاق الضرر بهما أو بأحدهما‪.‬‬
‫حدود البحث‪ :‬إذا اعتقد الزوجان أو أحدهما بطريق شرعي صحيح‬
‫كاجتهاد أو تقليد‪ ،‬في حكم فقهي ما‪ ،‬معتقدًا يختلف عن معتقد صاحبه‪ ،‬غير‬
‫ما اشترطاه في العقد‪ ،‬مع بيان كيفية تعاملهما مع هذا االختالف عند وقوعه‪.‬‬
‫وهذا فيما إذا كان الزوجان مسلمان وممن درس العلم الشرعي ويستطيع‬
‫أن يميز بين أقوال أهل العلم‪ ،‬بخالف العامي أو من لم يدرس العلم الشرعي‪.‬‬
‫عزمت على دراسة الموضوع‪ ،‬وأيناء جمع‬
‫ُ‬ ‫الدراسات السابقة‪ :‬بعد أن‬
‫وقفت على دراستين‪ ،‬األولى ذات صلة وييقة به‪ ،‬وعنوانها‪:‬‬
‫ُ‬ ‫مادته العلمية‪،‬‬
‫(حدود طاعة المرأة لزوجها في الفقه اإلسالمي‪ -‬الخالف الفقهي بين الزوجين‬
‫ِ‬
‫وللباحث ‪-‬وفقه اهلل‪ -‬الفضل في سبقه إلى‬ ‫نموذجا)‪ ،‬د‪.‬محمد إبراهيم العبادي‪،‬‬
‫ً‬
‫العرف معيا اًر لحدود الطاعة الزوجية‪َ ،‬وَب َنى مسائله عليه‪،‬‬
‫الفكرة‪ ،‬وقد َج َعل ُ‬
‫استوعبت محاورها‬
‫ُ‬ ‫لت فيها‪ ،‬و‬ ‫وفص ُ‬ ‫تناولت الفكرة بطر ٍ‬
‫يقة مختلفة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأحسب أنني‬
‫ّ‬
‫والخالف فيها‪.‬‬
‫يوحي بقربها من الموضوع‪ ،‬وهي‪( :‬حدود‬ ‫والدراسة اليانية عنوانها ِ‬
‫الطاعة الواجبة عند التنازع في الفقه اإلسالمي)؛ للباحث‪ :‬محمد صبحي‬
‫صبابة‪ ،‬لكنها في الحقيقة مختلفة عنه؛ ألنها عامة في تعارض الحقوق‬
‫وتزاحمها‪ ،‬حيث أورد الباحث في الفصل الياني المتعلّق بالطاعة الزوجية‪،‬‬
‫يالث مسائل تطبيقية‪ ،‬وهي‪ :‬تصرف الزوجة في مالها بدون إذن زوجها‪،‬‬
‫وامتناعها عن الفراش حال امتناع الزوج عن دفع الصداق‪ ،‬وطاعة الزوج إذا‬
‫منعها من زيارة أهلها‪.‬‬
‫منهج البحث‪ :‬المنهج التأصيلي التطبيقي التحليلي المقارن‪ ،‬من غير‬
‫ٍ‬
‫تفصيل للحكم الشرعي في المسائل التطبيقية‪ ،‬أو سرٍد لكل ما قد يعرض‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫للزوجين في حياتهما من المسائل االجتهادية؛ ألن المقصود من إيرادها التميل‬


‫ال الدراسة واالستيعاب‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫اقتضت طبيعة البحث أن يكون في‪ :‬تمهيد‪ ،‬وأربعة مباحث‪ ،‬وخاتمة‪،‬‬
‫وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫التمهيد‪ :‬في حدود الطاعة الزوجية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فيما ليس له تأيير على أحدهما‪.‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬االختالف بين الزوجين‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االختالف بين الزوجين فيما له تأيير على أحدهما‪ ،‬وفيه‬
‫مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االختالف بينهما فيما له تأيير على الزوج‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االختالف بينهما فيما له تأيير على الزوجة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬االختالف بين الزوجين في المسائل الحقوقية‪ ،‬وفيه يالية‬
‫مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االختالف بينهما فيما يكون من حقوق الزوج‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االختالف بينهما فيما يكون من حقوق الزوجة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬االختالف بينهما فيما يكون من الحقوق المشتركة بينهما‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬االختالف بين الزوجين فيما هو من العادات واألعراف‪.‬‬
‫وختمت البحث بذكر أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫ُ‬

‫والحمد هلل رب العالمين ‪،،،‬‬

‫(‪ )1‬أعني باالختالف بين الزوجين هنا وفي كل ما سيرد معنا في هذا البحث‪ :‬االختالف بينهما في‬
‫المسائل الفقهية الخالفية‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫التمهيد‬
‫حدود الطاعة الزوجية‬
‫يعتبر عقد النكاح منشأ الطاعة الزوجية؛ التي هي أساس دوام العالقة‬
‫بين الزوجين‪ ،‬وتنظيم حياتهما‪ ،‬ووفائهما بالحقوق المتبادلة بينهما‪.‬‬
‫وكما أوجب اهلل تعالى على الزوج معاشرة زوجته بالمعروف‪ ،‬فقد أوجب‬
‫سبحانه على الزوجة طاعة زوجها‪ ،‬وهذه الطاعة مع كونها من مقتضيات‬
‫العقد‪ ،‬ولوازم القوامة‪ ،‬إالّ أنها محكومة بشرع اهلل تعالى‪ ،‬ومحدودة بما يضمن‬
‫للزوجة كرامتها‪ ،‬ومصالحها‪.‬‬
‫فصلوا فيها‪ ،‬ورسموا‬
‫وحين تناول الفقهاء رحمهم اهلل هذه المسألة ّ‬
‫حدودها؛ تفسي ًار للعقد الذي وصفه اهلل تعالي بالميياق الغليظ‪ ،‬فاتفقوا على‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اتفقوا على أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة‪ ،‬عدا ما فيه‬
‫معصية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مخالفة لشرط في العقد(‪.)1‬‬ ‫أو ضرر عليها‪ ،‬أو‬
‫ثانياً‪ :‬أجمعوا على أنه إذا تعارضت رغبة الزوجة في القيام بنفل مطلق‬
‫(‪)2‬‬
‫حق الزوج‬
‫حج‪ ،‬مع حقوق الزوج‪ ،‬فإن ّ‬ ‫يطول وقته ؛ كقيام ليل‪ ،‬أو صيام‪ ،‬أو ّ‬

‫البززّية‪ ،‬بحر المذهب‪ ،‬الروياني ‪ ،565/9‬مجموع‬


‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البحر الرائق‪ ،‬ابن نجيم ‪ ،232/3‬ونسبه إلى ّا‬
‫الفتاوى‪ ،‬ابن تيمية ‪ ،262 /32‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪ ،523/21‬نيل األوطار‪ ،‬الشوكاني ‪. 262/6‬‬
‫(‪ )2‬بخالف السنن الراتبة؛ لتأ ّكدها‪ ،‬وضيق وقتها‪ ،‬كرواتب الصالة‪ ،‬وصلوات العيدين والكسوف‪،‬‬
‫والضحى‪ ،‬وصيام عرفة وعاشوراء‪ ،‬ففيها خالف بين الفقهاء‪ ،‬وليس له منعها من ذلك على الصحيح‬
‫عند الشافعية‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬منهاج الطالبين‪ ،‬وشروحه تحفة المحتاج‪ ،‬الهيتمي ‪ ،333/8‬مغني المحتاج‪ ،‬الشربيني ‪،122/5‬‬
‫نهاية المحتاج‪ ،‬الرملي ‪. 212/2‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫(‪)1‬‬
‫ولم يأذن لها‪ ،‬وعليها طاعته؛ "‬ ‫مقدم‪ ،‬وله منعها من ذلك إن كان حاض ًار‬
‫ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ألن حقوق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير" ‪ ،‬فحقّه في االستمتاع‬
‫التطوع(‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫مقدم على‬
‫واجب في كل وقت‪ ،‬والقيام بالواجب ّ‬
‫قال ابن المنذر‪ ":‬أجمع أهل العلم على أن للرجل منع زوجته من‬
‫الخروج إلى حج التطوع"(‪.)5‬‬
‫بمحرم مجمع‬
‫ّ‬ ‫ثالثاً‪ :‬اتفقوا على أن الزوج إذا أمر زوجته بمعصية أو‬
‫عليه؛ كشرب خمر أو أكل خنزير‪ ،‬فتحرم طاعته؛ ألنه ال طاعة لمخلوق في‬
‫معصية اهلل تعالى(‪.)5‬‬
‫رابعاً‪ :‬اتفقوا أيضًا على أنه ال يجوز للزوج منع زوجته من أداء الفرائض‬
‫الالزمة لها‪ ،‬كالعبادات الواجبة مع ضيق الوقت؛ ألن طاعة اهلل تعالى مطلقة‬
‫ومقدمة على طاعة الزوج (‪.)6‬‬
‫ّ‬
‫قال ابن المنذر‪" :‬وال أعلمهم يختلفون أن ليس له منعها من صوم‪ ،‬وال‬
‫صالة واجبة"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أما في حال كان غائباً عنها‪ ،‬ونهاها عن التطوع بالصيام‪ ،‬فال تجب عليها طاعته؛ ألن صيامها ال‬
‫يفوت حقاً له؛ قال النووي في المجموع ‪ ": 392/6‬وأما صومها التطوع في غيبة الزوج عن بلدها‬
‫فجائز بال خالف"‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح ابن بطال على صحيح البخاري ‪. 316/2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬تحفة الفقهاء‪ ،‬السمرقندي ‪ ،369/1‬شرح مختصر خليل‪ ،‬الخرشي ‪ ،265/2‬مغني المحتاج‪،‬‬
‫الشربيني ‪ ،182/2‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،559/3‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪. 553/5‬‬
‫(‪ )5‬اإلشراف على مذاهب العلماء ‪ ،122/3‬وينظر نحو هذه العبارة أيضاً في كتابه اإلجماع ‪ ،51/1‬وفي‬
‫اإلقناع في مسائل اإلجماع‪ ،‬ابن القطان ‪ ،252/1‬ونقل ابن تيمية ‪-‬أيضاً‪ -‬في مجموع الفتاوى‬
‫‪ ،225/32‬اتفاق العلماء على ذلك‪.‬‬
‫(‪ )5‬ينظر اإلجماع على هذه المسألة‪ :‬الحاوي الكبير‪ ،‬الماوردي ‪ ،232/9‬بحر المذهب‪ ،‬الروياني ‪225/9‬‬
‫– ‪ ،226‬البيان في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬العمراني ‪ ،599/9‬المجموع‪ ،‬النووي ‪. 512/16‬‬
‫(‪ )6‬وممن ذكر اإلجماع‪ :‬ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري ‪ ،361/2‬والماوردي في الحاوي الكبير‬
‫‪ ،232/9‬والعمراني في البيان في فقه اإلمام الشافعي ‪ ،599/9‬والنووي في المجموع ‪. 512/16‬‬
‫(‪ )2‬اإلشراف على مذاهب العلماء ‪. 122/3‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫حق اهلل تعالى‬


‫خامساً‪ :‬يكاد يتفق العلماء أنه ليس على الزوجة بعد ّ‬
‫مقدم عند التعارض على سائر‬
‫حق الزوج‪ ،‬وأن حقه ّ‬‫ورسوله ‪ ‬أوجب من ّ‬
‫الحقوق (‪.)1‬‬
‫قرر الفقهاء هذه األحكام ‪ ..‬اختلفوا في حدود تلك الطاعة‬ ‫وبعد أن ّ‬
‫الواجبة‪ ،‬هل هي مطلقة في كل شيء أم أنها مقيدة بالنكاح وتوابعه‪ ،‬وذلك على‬
‫قولين‪:‬‬
‫عام في كل مباح‪ ،‬وبه‬
‫القول األول‪ :‬أن وجوب طاعة الزوجة لزوجها ٌّ‬
‫قال جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة(‪ ،)2‬ومن ذلك‬
‫تطوع بصالة وصوم إال بإذنه‪،‬‬
‫قول شمس الدين ابن مفلح (ت‪263‬هـ)‪ " :‬وال ّ‬
‫نقله حنبل‪ ،‬وأنها تطيعه في ك ّل ما أمرها به من الطاعة"(‪.)3‬‬
‫مقيد بأمور النكاح‬
‫ٌ‬ ‫القول الثاني‪ :‬أن وجوب الطاعة على الزوجة‬
‫وتوابعه‪ ،‬كاالستمتاع‪ ،‬والقرار في البيت‪ ،‬وعدم الصيام تطوعًا وهو حاضر إالّ‬
‫بإذنه‪ ،‬و ّأال تأذن ألحد أن يدخل بيته ّإال بموافقته‪ ،‬وان كان ُيندب لها طاعته في‬
‫كل شيء‪ ،‬والى هذا القول ذهب بعض أهل العلم؛ وممن قال به أو نقله‪ :‬ابن‬
‫حزم (ت‪556‬هـ)(‪ ،)5‬والحافظ ابن حجر (ت‪852‬هـ)(‪ ،)5‬وابن نجيم (ت‪922‬هـ)‬

‫نص على ذلك الخطابي في أعالم الحديث ‪ ،968/2‬وابن الجوزي في كشف المشكل من حديث‬ ‫(‪ّ )1‬‬
‫الصحيحين ‪ ،352/5‬وابن تيمية في مجموع الفتاوى ‪ ،252/32‬والزرقاني في شرحه على الموطأ‬
‫محتاجين إلى‬
‫َ‬ ‫‪ ،282/2‬بينما يرى اإلمام ابن حزم في المحلى ‪ ،158/12‬أنه ‪ ":‬إن كان األب‪ ،‬واألم‬
‫خدمة االبن أو االبنة ‪ -‬الناكح أو غير الناكح ‪ -‬لم يجز لالبن وال لالبنة الرحيل‪ ،‬وال تضييع األبوين‬
‫أصال‪ ،‬وحقهما أوجب من حق الزوج والزوجة" ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬النهر الفائق‪ ،‬ابن نجيم ‪ ،292/2‬رد المحتار‪ ،‬ابن عابدين ‪ ،256/6‬الجامع ألحكام القرآن‪،‬‬
‫القرطبي ‪ ،169/5‬بحر المذهب‪ ،‬الروياني ‪ ،565/9‬المبدع‪ ،‬ابن مفلح ‪ ،255/6‬آداب الزفاف في‬
‫السنة المطهرة‪ ،‬األلباني ص‪.212‬‬
‫(‪ )3‬الفروع ‪. 382/8‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬المحلى ‪. 228-222/9‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪. 323/9‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫حيث قال‪" :‬المرأة ال يجب عليها طاعة الزوج في ك ّل ما يأمر به‪ ،‬إنما ذلك‬
‫فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه"(‪.)1‬‬
‫أدلة القول األول‪:‬‬
‫استدل القائلون بوجوب الطاعة المطلقة‪ ،‬بأدلة كييرة‪ ،‬يكفينا منها في هذا‬
‫التمهيد ظاهر إطالق األدلة الشرعية الدالة على وجوب طاعة الزوجة لزوجها‪،‬‬
‫دون قيود أو حدود‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ )1‬آية القوامة‪ ،‬وهي قول اهلل تعالى‪﴿ :‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬
‫ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ﴾ [النساء‪ ،‬اآلية ‪. ]35‬‬
‫وفي بيان وجه الداللة منها يقول القرطبي (ت‪621‬هـ)‪ " :‬وهو أن يقوم‬
‫بتدبيرها وتأديبها وامساكها في بيتها ومنعها من البروز‪ ،‬وأن عليها طاعته‬
‫وقبول أمره ما لم تكن معصية‪ ،‬وهذا كلّه َخ َبٌر‪ ،‬ومقصوده األمر بطاعة الزوج‪،‬‬
‫والقيام بحقه في ماله‪ ،‬وفي نفسها في حال غيبة الزوج"(‪.)2‬‬
‫وفي قول اهلل تعالى‪ ﴿ :‬ﱐ ﱑ﴾‪" ،‬قال المفسرون‪:‬‬
‫مطيعات ألزواجهن‪ ،‬وأصل القنوت دوام الطاعة‪ ،‬وظاهر هذا إخبار‪ ،‬وتأويله‬
‫األمر لها بأن تكون طائعة‪ ،‬وال تكون المرأة صالحة إال إذا كانت ُمطيعةً‬
‫لزوجها"(‪.)3‬‬
‫عز وج ّل‪ ﴿ :‬ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ﴾ ‪ ،‬قال ابن كيير‬ ‫وفي قوله ّ‬
‫(ت‪225‬هـ) في توجيه اآلية ‪" :‬إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده‬
‫منها مما أباحه اهلل له منها‪ ،‬فال سبيل له عليها بعد ذلك‪ ،‬وليس له ضربها‪ ،‬وال‬
‫هجرانها"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬البحر الرائق ‪. 22/5‬‬


‫(‪ )2‬الجامع ألحكام القرآن ‪. 122 - 169/5‬‬
‫(‪ )3‬التفسير البسيط‪ ،‬الواحدي ‪ ، 582/6‬وينظ ر نحو هذا المعنى في‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬الزجاج ‪،52/2‬‬
‫أحكام القرآن‪ ،‬الجصاص ‪ ،569/5‬النكت والعيون‪ ،‬الماوردي ‪. 582/1‬‬
‫(‪ )5‬تفسير القرآن العظيم ‪. 295/2‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫النس ِ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ :‬أ ُّ‬ ‫يل ِلرس ِ‬ ‫‪ )2‬عن أَبِي ُهرْيرةَ رضي اهلل عنه‪َ ،‬ق َ ِ‬
‫اء َخ ْيٌر؟‬ ‫َي ِّ َ‬ ‫ال‪ :‬ق َ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم َر‪َ ،‬وَال تُ َخالفُهُ في َن ْفسهَا َو َمالهَا‬ ‫ِ‬
‫ظ َر‪ ،‬وتُط ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫يعهُ إ َذا أ َ‬ ‫ال‪« :‬التي تَ ُس ُّرهُ إ َذا َن َ َ‬ ‫َق َ‬
‫بِ َما َي ْك َرهُ»(‪.)1‬‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫َن َر ُسو َل اللَّ ِه ‪َ ‬ق َ‬ ‫ضي اللَّهُ َع ْنهُ‪ :‬أ َّ‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬الَ َيح ُّل لْل َم ْأرَة أ ْ‬
‫َن‬ ‫ِ‬
‫‪َ )3‬ع ْن أَبي ُه َرْي َرةَ َر َ‬
‫اه ٌد ِإ َّال بِِإ ْذنِ ِه‪َ ،‬والَ تَْأ َذ َن ِفي َب ْيتِ ِه ِإ َّال بِِإ ْذنِ ِه‪.)2( »...‬‬
‫تَصوم وَزوجها َش ِ‬
‫ُ َ َ َُْ‬
‫حق الزوج في االستمتاع واجب في كل‬ ‫ووجه الداللة من الحدييين‪ :‬أن ّ‬
‫مقدم على النافلة‪ ،‬فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في‬ ‫وقت‪ ،‬والواجب ّ‬
‫االستمتاع بها فيجب عليها باألولى طاعته فيما فيه تربية أوالدهما‪ ،‬وصالح‬
‫أسرتهما‪ ،‬ونحو ذلك من الحقوق والواجبات(‪.)3‬‬
‫أدلة القول الثاني‪:‬‬
‫استدل القائلون بتقييد وجوب الطاعة في النكاح وتوابعه‪ ،‬بأن المعقود‬
‫عليه في عقد النكاح من جهة الزوجة هو االستمتاع‪ ،‬وليس عين الزوجة وال‬
‫منفعتها‪ ،‬فال يلزمها ما سواه‪.‬‬
‫ويُمكن أن تناقش حجتهم هذه بما سبق إيراده في أدلة القول األول وأنها‬
‫أدلة ُمطلقة‪ ،‬مجردة على القيود واألوصاف والحدود‪ ،‬والواجب أن ُيعمل‬
‫بالمطلق على إطالقه ما لم يقم دليل التقييد‪ ،‬وال دليل لهم هنا‪.‬‬
‫والراجح – واهلل أعلم – هو القول بوجوب طاعة الزوجة لزوجها في كل‬
‫أمر مباح‪ ،‬ال معصية فيه‪ ،‬وال ضرر عليها منه‪ ،‬ما دامت قادرة عليه‪ ،‬وللزوج‬
‫فيه غرض صحيح؛ ألنه الذي ينسجم مع مقاصد النكاح‪ ،‬ويتوافق مع قوامة‬
‫الرجل على المرأة‪ ،‬وواليته عليها‪ ،‬ويعين على دام العالقة الزوجية‪.‬‬

‫أي النساء خير‪ ،‬برقم (‪ )3231‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد في مسنده‪،‬‬ ‫(‪ )1‬أخرجه النسائي في كتاب النكاح‪ ،‬باب ّ‬
‫برقم (‪ ،)2515‬والحاكم ‪ ، 161/2‬وقال‪" :‬صحيح على شرط مسلم"‪ .‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وقال األلباني في‬
‫السلسة الصحيحة برقم (‪" ،)1838‬بل هو حسن فقط"‪ .‬وقال عنه شعيب األرنؤوط‪" :‬إسناده قوي"‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب النكاح‪ ،‬باب ال تأذن المرأة في بيت زوجها ألحد إالّ بإذنه‪ ،‬برقم (‪،)5195‬‬
‫واللفظ له‪ ،‬ومسلم‪ ،‬في كتاب الزكاة‪ ،‬باب ما أنفق العبد من مال مواله‪ ،‬برقم (‪.)1226‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،112/2 ،‬فتح الباري‪ ،‬ابن حجر ‪ ،296/9‬نيل األوطار‪،‬‬
‫الشوكاني ‪ ،252/6‬آداب الزفاف في السنة المطهرة‪ ،‬األلباني ص‪.212‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المبحث األول‬
‫االختالف بين الزوجين فيما ليس له تأثير على أحدهما‬
‫وتظهر صورة هذه المسألة‪ :‬فيما إذا اعتقد أحد الزوجين بطريق شرعي‬
‫صحيح كاجتهاد أو تقليد‪ ،‬في عباداته أو معامالته‪ ،‬من حيث الحكم‬
‫أو الكيفية‪ ،‬معتقدًا يختلف عن معتقد صاحبه‪ ،‬وليس لفعل ما اعتقده أحدهما‬
‫تأيير على اآلخر بأي وجه من الوجوه‪.‬‬
‫ومن ذلك مثالً‪ :‬االختالف بين الزوجين في بعض مسائل الطهارة‪ ،‬فإذا‬
‫ال بقول شيخ اإلسالم ابن تيمية في جواز قراءتها للقرآن الكريم‬
‫أخذت الزوجة مي ً‬
‫(‪)1‬‬
‫تمس المصحف أيناء العذر الشرعي ‪ ،‬والزوج ال يرى ذلك عمالً‬ ‫من غير أن ّ‬
‫بقول جمهور أهل العلم(‪ ،)2‬فهل له أن يمنعها‪ ،‬واذا منعها هل تطيعه؟‪.‬‬
‫وكأن يختلفا في بعض هيئات الصالة‪ ،‬كأن تكون الزوجة مالكية‪،‬‬
‫اليسرى في القيام في الصالة من السُّنن‬‫والزوج حنبليًا‪ ،‬فوضع اليد اليمنى على ُ‬
‫عند الحنابلة(‪ ،)3‬وال يستحب عند المالكية في الفرض على الرواية المشهورة‬
‫عندهم(‪.)5‬‬
‫المعد‬
‫ّ‬ ‫حلي الذهب أو الفضة‬ ‫ّ‬ ‫وكأن تعتقد الزوجة وجوب زكاة‬ ‫ْ‬
‫(‪)5‬‬
‫لالستعمال‪ ،‬في حين أن زوجها يعتقد عدم الوجوب‪ ،‬أو العكس ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مجموع الفتاوى ‪ ،562/21‬وينظر‪ :‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪ ،95/1‬نيل األوطار‪ ،‬الشوكاني ‪285/1‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الهداية‪ ،‬المرغيناني ‪ ،33/1‬المعونة على مذهب عالم لمدينة‪ ،‬القاضي عبدالوهاب ص‪،163‬‬
‫المجموع‪ ،‬النووي ‪ ،352/2‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪. 352/1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح العمدة‪ ،‬ابن تيمية ‪ ،65/1‬المبدع‪ ،‬ابن مفلح ‪ ،552/1‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪. 522/3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬المدونة‪ ،‬مالك ‪ ،169/1‬الجامع لمسائل المدونة‪ ،‬ابن يونس ‪ ،515/2‬البيان والتحصيل‪ ،‬ابن‬
‫رشد ‪. 21/18‬‬
‫(‪ ) 5‬وخالف الفقهاء في مسألة زكاة الحلي مشهور‪ ،‬بين من ال يوجبها وهم جمهور العلماء من المالكية‬
‫والشافعية والحنابلة‪ ،‬وبين من يوجبها‪ ،‬وهم الحنفية وابن حزم والشوكاني‪.‬‬
‫ولالطالع على أقوالهم وأدلتهم ينظر‪ :‬الهداية‪ ،‬المرغيناني ‪ ،123/1‬التبصرة‪ ،‬اللخمي ‪ ،868/2‬نهاية‬
‫المحتاج‪ ،‬الرملي ‪ ،389‬كشاف القناع‪ ،‬البهوتي ‪ ،235/2‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪ ،191/5‬السيل الجرار‪،‬‬
‫الشوكاني ص‪. 233‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫ومنها أيضاً ما إذا اختلفا في حكم استعمال أواني الذهب والفضة في‬
‫غير األكل والشرب‪ ،‬كأدوات زينة‪ ،‬أو أياث‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬فأحدهما يقول‬
‫بالتحريم‪ ،‬واآلخر ال يعتقد التحريم إالّ في استعمالها في األكل والشرب خاصة‪،‬‬
‫وما عدا ذلك فهو عنده جائز(‪.)1‬‬
‫ترجح القول بجواز بعض التعامالت المالية في مالها‬ ‫أو أن الزوجة ّ‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫رجح التحريم‬‫التورق ‪ ،‬وزوجها ي ّ‬
‫الخاص كالمتاجرة في األسهم المختلطة‪ ،‬أو ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪)5‬‬
‫في المسألتين‪ ،‬أو العكس ‪.‬‬
‫حق من‬‫والحكم في حاالت الخالف هذه ونحوها مما ال يؤير فعلها على ّ‬
‫حقوق أحدهما‪ ،‬أنه ال يجوز ألحدهما منع اآلخر مما يعتقده ويدين هلل تعالى‬
‫به‪ ،‬أو إجباره على ما ال يعتقده‪ ،‬بل ال يجوز ألحدهما طاعة اآلخر في ترك‬
‫"وحق ِّ‬
‫كل واحد أن‬ ‫ّ‬ ‫ما يعتقده واجبًا أو فعل ما يعتقده محرمًا‪ ،‬وان أ ِ‬
‫ُمر بخالفه‪،‬‬
‫يصير إلى ما ظهر له‪ ،‬وال يُ ّيرب عليه‪ ،‬وال يلومه‪ ،‬وال يجادله"(‪)5‬؛ لألسباب‬

‫(‪ )1‬وخالف الفقهاء معروف في المسألة‪ ،‬بي ن الجمهور القائلين بالتحريم‪ ،‬وبين بعض الفقهاء كاألمير‬
‫الصنعاني‪ ،‬والشوكاني‪ ،‬وابن عييمين‪ ،‬القائلين بالجواز‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬األوسط في السنن واإلجماع واالختالف‪ ،‬ابن المنذر ‪ ،318/1‬المحيط البرهاني‪ ،‬ابن مازة ‪،356/5‬‬
‫المعونة على مذهب عالم المدينة‪ ،‬القاضي عبدالوهاب ص‪ ،1213‬تحفة المحتاج‪ ،‬الهيتمي ‪،118/1‬‬
‫شرح العمدة‪ ،‬ابن تيمية ص‪ ،115‬السيل الجرار‪ ،‬الشوكاني ص‪ ،235‬الشرح الممتع‪ ،‬ابن عييمين‬
‫‪.25/1‬‬
‫(‪ )2‬وهذا بناء على أنه ال خالف بين العلماء في أنه ليس للزوج منع زوجته من تصرفها في مالها بعوض‬
‫كالبيع واإلجارة ونحوها‪ ،‬إذا كانت رشيدة‪ ،‬جائزة التصرف‪ ،‬وليست ممن يخدع عادةً‪ ،‬كما ذكره ابن‬
‫حزم في مراتب اإلجماع‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫التورق‪ :‬أن يشتري سلعة نسيئة‪ ،‬يم يبيعها نقداً لغير البائع بأقل مما اشتراها به؛ ليحصل بذلك على‬
‫(‪ )3‬و ّ‬
‫صح النهي عنه‪.‬‬ ‫النقد‪ ،‬وهو عكس بيع العينة الذي ّ‬
‫ينظر في تعريفه‪ :‬معجم المصطلحات المالية واالقتصادية‪ ،‬لنزيه حماد‪ ،‬ص‪. 153‬‬
‫التورق‪ ،‬والمتاجرة باألسهم‪ ،‬ينظر‪ :‬حكم التورق كما تجريه‬
‫(‪ )5‬ولالطالع على خالف الفقهاء في مسألتي ّ‬
‫المصارف اإلسالمية‪ ،‬المنيع‪ ،‬التورق المصرفي‪ ،‬رياض رشود‪ ،‬أحكام األسهم وأنواعها على ضوء‬
‫قواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬القره داغي‪ ،‬األسهم والسندات وأحكامها في الفقه اإلسالمي‪ ،‬الخليل‪،‬‬
‫المعامالت المالية المعاصرة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬شبير‪ ،‬فقه المعامالت المالية المعاصرة‪ ،‬الخيالن‪،‬‬
‫المعامالت المالية أصالة ومعاصرة‪ ،‬الدبيان‪.‬‬
‫(‪ )5‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم‪ ،‬القرطبي ‪. 699/6‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫اآلتية‪:‬‬
‫البد أن تكون في حدود الشرع‪ ،‬وطاعة أحدهما‬ ‫‪ -‬أن الطاعة بين الزوجين ّ‬
‫عصيان هلل تعالى‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫لآلخر في ترك ما يراه واجباً أو فعل ما يعتقده محرماً‬
‫ضي اللَّهُ َع ْنهُ‪ :‬أ َّ‬
‫َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وال طاعة لمخلوق في معصية الخالق‪ ،‬فعن َعل ٍّي َر َ‬
‫وف»(‪.)1‬‬ ‫صي ٍة‪ِ ،‬إنَّما الطَّاعةُ ِفي المعر ِ‬
‫ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫النبِ َّي ‪َ ‬ق َ‬
‫َّ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اع َة في َم ْع َ‬
‫ال‪« :‬الَ َ َ‬
‫قال ابن هبيرة (ت‪562‬هـ) في بيان وجه الداللة من الحديث‪" :‬في هذا‬
‫الحد الذي ال ينتهي إلى معصية‬ ‫الحديث من الفقه أنه تجوز طاعة األمير إلى ّ‬
‫عز وج ّل‪ ،‬فإذا انتهى إليها فحينئذ ال طاعة له وال لغيره"(‪.)2‬‬
‫اهلل ّ‬
‫أحد‪.‬‬
‫يقدم على طاعته ٌ‬ ‫أحق وأوجب‪ ،‬وال ّ‬
‫‪ -‬أن طاعة اهلل تعالى ّ‬
‫‪ -‬أن ذمة أحدهما قد أصبحت مشغولة بما َو َجب عليها أو ُح ّرم‪ ،‬وال تب أر ّإال‬
‫المحرم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بأداء الواجب واالمتناع عن‬
‫‪ -‬أن من َع ِمل في مسائل االجتهاد السائغ بقول بعض العلماء‪ ،‬لم ُينكر عليه‬
‫ولم يُهجر(‪.)3‬‬
‫وهذا فيما إذا كان اجتهادهما صحيحًا‪ ،‬أو كان مقلّدهما عالمًا معتب ًار‪،‬‬
‫فأما إن كان دليلهما فيما يعتقدانه ضعيفًا‪ ،‬أو كان مقلّدهما ممن ال تب أر الذمة‬ ‫ّ‬
‫يوجه اآلخر‬ ‫بتقليده‪ ،‬وكان أحدهما من أهل العلم أو االجتهاد والنظر‪ ،‬فله أن ّ‬
‫وينصحه بما يراه أقوى دليالً وأصح نظ اًر‪ ،‬باألسلوب الحكيم والموعظة الحسنة‪،‬‬
‫وتكون طاعته في ميل هذه الحالة متأ ّكدة‪ ،‬والرجوع إلى قول صاحبه األعلم‬
‫أبعد له عن الخطأ وأسلم(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخ اري في كتاب أخبار اآلحاد‪ ،‬باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق‪،‬‬
‫برقم (‪ ،) 2252‬ومسلم‪ ،‬في كتاب اإلمارة‪ ،‬باب وجوب طاعة األمراء في غير معصية‪ ،‬وتحريمها في‬
‫المعصية‪ ،‬برقم (‪.)1852‬‬
‫(‪ )2‬اإلفصاح عن معاني الصحاح ‪. 258/1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيمية ‪ ،222/22‬القواعد األصولية والفقهية المتعلقة بالمسلم غير‬
‫المجتهد‪ ،‬الشيري ص‪.52‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬الفوائد الجسام على قواعد ابن عبدالسالم‪ ،‬البلقيني ص‪. 229 – 228‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المبحث الثاني‬
‫االختالف بين الزوجين فيما له تأثير على أحدهما‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‬
‫االختالف بينهما فيما له تأثير على الزوج‪.‬‬
‫وأقصد بذلك االختالف بين الزوجين فيما له تأيير على الزوج باإلساءة‬
‫إليه أو التنقيص من شأنه بأي وجه من الوجوه‪.‬‬
‫ومن أوضح األميلة عليها‪ ،‬مسألة‪ :‬تغطية المرأة وجهها أمام الرجال‬
‫األجانب‪ ،‬وهي مسألة خالفية مشهورة(‪.)1‬‬
‫فحين تعتقد الزوجة بطريق شرعي صحيح جواز كشف وجهها أمام‬
‫الرجال األجانب‪ ،‬بينما يرى زوجها وجوب ستره‪ ،‬وحرمة كشفه‪ ،‬وكانا في‬
‫مجتمع جرى العمل فيه على تغطية المرأة وجهها أمام الرجال األجانب‪ ،‬فهل‬
‫للزوج في هذه الحالة إجبار زوجته على تغطية وجهها‪ ،‬وهل يلزم المرأة طاعته‬
‫في أمره ؟‪.‬‬
‫ويمكن أن يضاف إليها مسألة‪ :‬سفر المرأة بغير زوج أو محرم‪ ،‬سواء‬
‫أكان سفر طاعة كزيارة والديها‪ ،‬أو سف ًار مباحًا للعمل أو التجارة أو غيرهما‪،‬‬
‫والخالف فيها بين أهل العلم ال يخفى لشهرته(‪ ،)2‬فلو رأى الزوج تحريم سفر‬
‫زوجته بمفردها؛ صيانة لشرفها‪ ،‬وخوفاً عليها من الفتن والمفاسد المتوقعة‪ ،‬أو‬

‫(‪ ) 1‬ينظر أقوال بعض فقهاء المذاهب في المسألة‪ :‬اختالف األئمة العلماء‪ ،‬ابن هبيرة ‪ ،121/1‬األصل‪،‬‬
‫الشيباني ‪ ،235/2‬الجامع لمسائل المدونة‪ ،‬ابن يونس ‪ ،611/2‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪،‬‬
‫العمراني ‪ ،118/2‬الفروع‪ ،‬ابن مفلح ‪ ،35/2‬أحكام القرآن‪ ،‬ابن العربي ‪ ،616/3‬الجامع ألحكام‬
‫القرآن‪ ،‬القرطبي ‪. 222/15‬‬
‫(‪ ) 2‬حيث ذهب جماهير أهل العلم إلى تحريم سفر المرأة بغير محرم لغير ضرورة‪ ،‬وذهب آخرون إلى‬
‫أُمنت الفتنة والضرر‪ ،‬وذكروا للمسألة تفصيالت ال يتسع المقام‬ ‫جواز السفر بدون محرم إذا‬
‫لعرضها‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اختالف الفقهاء‪ ،‬المروزي ‪ ،521/1‬المبسوط‪ ،‬السرخسي ‪ ،112/5‬التنبيه على مشكالت الهداية‪،‬‬
‫ابن أبي العز ‪ ،828/5‬المختصر الفقهي‪ ،‬ابن عرفة ‪ ،122/2‬المجموع‪ ،‬النووي ‪- 522/5‬‬
‫‪ ،352/8‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،228/3‬شرح العمدة‪ ،‬ابن تيمية ‪ ،122/1‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪. 19/5‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫أن تتعرض لما يؤذيها في دينها أو بدنها‪ ،‬ولئال تلجأ للرجال األجانب عند‬
‫الحاجة‪ ،‬لكن زوجته ترى أنه ال بأس من سفرها من غير محرم‪.‬‬
‫ففي هذين الميالين ونظائرهما ‪ ..‬وبناء على أن األصل‪ :‬أنه ال يحق‬
‫ألحد أن يلحق الضرر ٍ‬
‫بأحد‪ ،‬وال أن ُيسيء إليه بأي عمل‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫غيرة الزوج المحمودة على زوجته من أن يراها غيره مطلب شرعي‪ ،‬فإنه يجوز‬
‫له والحالة هذه إجبار الزوجة على تغطية وجهها؛ ألن تغطية وجهها مما‬
‫رضه‪ ،‬وعدم تغطيتها وجهها أمام الرجال األجانب وهو ال يرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َي ْعنيه؛ فزوجته ع ُ‬
‫ذلك يؤير على قوامته عليها؛ ألنه يعتقد أن الوجه من المفاتن التي يجب سترها‬
‫عن األجانب‪.‬‬
‫وله ‪-‬أيضاً‪ -‬أن يمنعها من السفر بمفردها؛ لما سبقت اإلشارة إليه من‬
‫أسباب‪ ،‬ولكون السيادة له‪ ،‬وألننا لو قلنا بعدم جواز منعه لها ألسقطنا حقّه‬
‫بالنص الصحيح الصريح في القوامة عليها‪ ،‬وهو قول اهلل تعالى‪﴿ :‬‬
‫ّ‬ ‫اليابت‬
‫ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﴾ [النساء‪ ،‬اآلية ‪.] 35‬‬
‫تديناً هلل تعالى‪ ،‬وحفظاً لكرامتها‪ ،‬وصوناً‬
‫وكل هذا فيما إذا كان رأيه ّ‬
‫اتهاما لها وسوء ظن بها‪.‬‬
‫ً‬ ‫تعنتًا‪ ،‬أو‬
‫تعسفًا أو ّ‬
‫لشرفها ‪ ،‬ال ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬وطاعةً‬‫وعلى الزوجة أن تمتيل لزوجها احتساباً فيما عند اهلل ّ‬
‫لزوجها فيما أمر‪ ،‬ال سيما وأنه لن يترتب على عملها هذا ضرر عليها‪ ،‬أو‬
‫إخالل بحقوقها‪.‬‬
‫وعلى الزوج في كل ما سبق أن يعامل زوجته بحكمة ولطف‪ ،‬وينصحها‬
‫برفق‪ ،‬ويبين لها ما سيترتب على هذه األعمال من المفاسد والمخاطر‪ ،‬ويذكرها‬
‫بوجوب طاعته عليها‪ ،‬واآليار التي ستلحقه من أعمالها التي ال يرى جوازها‪،‬‬
‫يتجنبا بقدر المستطاع ك ّل ما يؤدي إلى الشقاق بينهما‪.‬‬
‫وعليهما أن ّ‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المطلب الثاني‬
‫االختالف بين الزوجين فيما له تأثير على الزوجة‪.‬‬
‫وأقصد بذلك االختالف بين الزوجين في المسائل الفقهية الخالفية مما له‬
‫تأيير على الزوجة كاإلساءة إليها‪ ،‬أو اتهامها في دينها أو شرفها‪ ،‬أو التأيير‬
‫على عباداتها أو معامالتها‪.‬‬
‫ومن أوضح األميلة على ذلك‪ :‬تغطية المرأة وجهها أمام الرجال‬
‫األجانب‪ ،‬وهو عكس الصورة التي في المطلب السابق‪ ،‬وذلك بأن تعتقد الزوجة‬
‫وجوب تغطية وجهها‪ ،‬ويرى زوجها عدم الوجوب‪ ،‬فهل للزوج في هذه الحالة‬
‫طاعةٌ إذا أمر زوجته بكشف وجهها أمام الرجال األجانب‪ ،‬بحجة أنه جائز في‬
‫اعتقاده ؟‪.‬‬
‫وقريب من هذه المسألة‪ ،‬مسألة االستماع إلى الغناء المشتمل على‬
‫المعازف(‪ ،)1‬وذلك حين يرى الزوج إباحته‪ ،‬ويطالب زوجته باالستماع‪ ،‬أو‬
‫بحضورها معه في الحفالت المشتملة على الغناء المحرم‪ ،‬أو يجبرها على‬
‫وتتعبد اهلل تعالى بذلك‪ ،‬فهل‬
‫ّ‬ ‫ذلك‪ ،‬وهي تعتقد تحريمه‪ ،‬وتستشعر مفاسده‪،‬‬
‫يلزمها طاعة زوجها؟‪.‬‬
‫وميل ذلك أيضاً‪ :‬ما إذا كانت الزوجةُ مالكي ًة ترى أن خروج المذي منها‬
‫الحنفي أراد مالعبتها في نهار‬
‫ّ‬ ‫في نهار رمضان يوجب القضاء(‪ ،)2‬لكن زوجها‬
‫(‪)3‬‬
‫يحق للزوج في هذه‬
‫رمضان؛ ألن خروج المذي عنده ال يبطل الصيام ‪ ،‬فهل ّ‬

‫(‪ ) 1‬عامة أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على تحريم الغناء المشتمل على المعازف‪،‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم كابن حزم الظاهري‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اإلقناع في مسائل اإلجماع‪ ،‬ابن القطان ‪ ،325/2‬الدر المختار‪ ،‬الحصفكي‪ ،‬وشرحه رد المحتار‪،‬‬
‫ابن عابدين ‪ ،359/6‬الجامع لمسائل المدونة‪ ،‬ابن يونس ‪ ،221/25‬البيان في مذهب اإلمام‬
‫الشافعي‪ ،‬العمراني ‪ ،295/13‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،153/12‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪. 559/2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬المدونة‪ ،‬مالك ‪ ،269/1‬الجامع لمسائل المدونة‪ ،‬ابن يونس ‪ ،1126/3‬حاشية العدوي على‬
‫كفاية الطالب الرباني‪ ،‬العدوي ‪. 562/1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬المبسوط‪ ،‬السرخسي ‪ ،65/3‬الهداية وشرحها البناية للعيني ‪ ،55/5‬تبيين الحقائق‪ ،‬الزيلعي‬
‫‪.325/1‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫الحالة أن يجبر زوجته على تلبية رغبته في المداعبة‪ ،‬أم أن للزوجة أن تمتنع‬
‫عن زوجها تجنباً لإلمذاء؟‬
‫والجواب أن ُيقال‪ :‬األصل أن الطاعة بين الزوجين بالمعروف‪ ،‬فليس‬
‫للزوجة أن تطيع زوجها إال في المعروف‪ ،‬كما أنه ليس له أن يطيعها إال في‬
‫المعروف‪ ،‬وكما أنه ال يجوز لها تفعل ما يضره أو يؤذيه‪ ،‬فكذلك ليس له أن‬
‫أمرها بما يضرها أو يؤذيها‪ ،‬وبالتالي فإنه ال يجوز للرجل أن يجبر زوجته على‬
‫المتعبدة بالحجاب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ما يعتقده في هاتين المسألتين ونحوهما؛ لتعلقهما بها‪ ،‬وهي‬
‫المحرم‪ ،‬والمسئولة عنه أمام اهلل تعالى‪ ،‬يم إن هذا هو‬
‫ّ‬ ‫والمؤاخذة بارتكاب‬
‫األستر لها واألحفظ لعفّتها وكرامتها‪.‬‬
‫عما إذا طلب‬
‫وقد سئلت اللجنة الدائمة لإلفتاء بالمملكة العربية السعودية ّ‬
‫الزوج من زوجته كشف وجهها أمام األجانب‪ ،‬مع علمهما باالختالف الواقع‬
‫نصه‪ " :‬يحرم على الزوجة‬
‫بين العلماء في حكم تغطية الوجه‪ ،‬فأجابت بما ّ‬
‫طاعة زوجها فيما حرم اهلل؛ ألنه ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق‪ ،‬ومن‬
‫ذلك‪ :‬كشف وجهها أمام غير محارمها من الرجال‪ ،‬سواء كانوا من أقاربه‪ ،‬أم‬
‫أقاربها‪ ،‬أم غيرهم"(‪.)1‬‬
‫وهذا يعني‪ :‬أنه ال يجوز للزوج أن يجبر زوجته على ما يعود عليها‬
‫بالضرر في دينها أو دنياها‪ ،‬وال يحق له أن يلزمها بخالف ما تعتقده‪ ،‬مما‬
‫يؤير عليها؛ ألنه إذا كان إلحاق الضرر بالغير ظلماً منهيًا عنه‪ ،‬فكيف‬
‫بالزوجة القريبة‪.‬‬
‫لكن على الزوجين أن يتعامال مع هذه األحكام واألحوال وأميالها ِ‬
‫بح ْكمة‪،‬‬
‫واييار‪ ،‬بعيدًا عن المغالبة المؤدية إلى الشقاق والنزاع‪ ،‬الذي ال تحمد عقباه‪.‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى اللجنة الدائمة ‪. 252/12‬‬


‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المبحث الثالث‬
‫االختالف بين الزوجين في المسائل الحقوقية‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‬
‫االختالف بينهما فيما يكون من حقوق الزوج‪.‬‬
‫قررت الشريعة اإلسالمية أن للزوج على زوجته حقوقاً كييرة؛ منها‪:‬‬ ‫ّ‬
‫القوامة‪ ،‬والطاعة‪ ،‬والتمكين‪ ،‬والقرار‪ ،‬وأوجبت على الزوجة أداء هذه الحقوق‪،‬‬
‫وحرمت عليها اإلخالل بها‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما أن الزوج بمجرد عقد النكاح يملك بعض آياره‪ ،‬ويستق ّل بها‪ ،‬ويكون‬
‫له القول فيها؛ كالطالق‪ ،‬والرجعة‪ ،‬واإليالء‪ ،‬وغيرها من فُرق النكاح‪.‬‬
‫غير أنه قد يكون للزوجة رأياً فقهياً في مسألة ْما يخالف رأي زوجها‪،‬‬
‫وفي الوقت نفسه يتعارض مع حقوقه أو بعضها‪ ،‬وقد يؤدي إلى تضييعها‬
‫بالكلية أو اإلخالل بها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولعلي هنا أذكر يالث صور تتضح بها هذا المطلب‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬االختالف بين الزوجين في مسائل لها تأيير على حقوق‬
‫إما بتفويتها بالكلية‪ ،‬أو عدم تم ّكنه من استيفائها‪.‬‬
‫الزوج ّ‬
‫الصورة الثانية‪ :‬االختالف بين الزوجين في مسائل لها تأيير على كمال‬
‫استيفاء الزوج لحقوقه‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬االختالف بين الزوجين في مسائل لها تأيير فيما يملكه‬
‫الزوج من آيار عقد النكاح‪.‬‬
‫فأما الصورة األولى‪:‬‬
‫وهي االختالف بين الزوجين بما له تأيير على حقوق الزوج بتفويتها‪ ،‬أو‬
‫عدم تم ّكنه من استيفائها‪ ،‬وميالها ما إذا ترتّب على ما تعتقده الزوجة خروجها‬
‫من بيت الزوجة‪ ،‬أو غيبتها عن زوجها‪.‬‬
‫ومن المسائل الفقهية الخالفية التي لها أير في معظم حقوق الزوج‪،‬‬
‫الحج على‬
‫ّ‬ ‫لحج الفريضة‪ ،‬فإذا كانت الزوجة ترى وجوب‬
‫مسألة سفر الزوجة ّ‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫الفور‪ ،‬وزوجها يرى أنه على التراخي(‪ ،)1‬فهل تعمل الزوجة بما تراه واجبًا‪،‬‬
‫وتخرج من بيت زوجها ولو من غير إذنه‪ ،‬وتغيب عنه أياماً ألداء الفريضة‪ ،‬أم‬
‫ال برأيه في جواز تأخير‬
‫أن للزوج إذا استأذنته منعها من السفر للحج؛ عم ً‬
‫ي‪ ،‬وحاجته إلى وجود زوجته قائمة‪ ،‬وال سبيل‬
‫الحج‪ ،‬وبناء على أن حقّه فور ّ‬
‫لتم ّكنه منها إالّ بقرارها في بيته؟‬
‫حاصل خالف الفقهاء في هذه المسألة على قولين‪:‬‬
‫الحج‪،‬‬
‫ّ‬ ‫القول األول‪ :‬ليس للزوج منع زوجته من الخروج ألداء فريضة‬
‫وهو مذهب الحنفية‪ ،‬والمشهور عند المالكية‪ ،‬وقو ٌل عند الشافعي‪ ،‬والصحيح‬
‫عند الحنابلة‪ ،‬مع أن المستحب لها أن تستأذنه تطييباً لنفسه؛ وألن ذلك أدعى‬
‫إلى األلفة‪ ،‬وصالح ذات البين‪ ،‬وأبعد عن الشقاق (‪.)2‬‬
‫الحج الفرض‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫الحق في منع زوجته من‬
‫ّ‬ ‫القول الثاني‪ :‬أن للزوج‬
‫ٍ‬
‫قول لمالك‪ ،‬وهو األصح عند الشافعية‪ ،‬ورواية عن أحمد‪ ،‬مع أن المستحب له‬
‫أن يأذن لها(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ذهب اإلمامان أبو حنيفة ومالك في المشهور عنهما‪ ،‬وبعض أصحاب الشافعي‪ ،‬وأحمد في أظهر‬
‫الحج وأمكنه فعله وجب عليه أداؤه على‬
‫ّ‬ ‫الروايتين عنه‪ ،‬وابن حزم‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬إلى أن من َو َجب عليه‬
‫الفور‪ ،‬ولم يجز له تأخيره‪ ،‬بينما في رواية أخرى عن أبي حنيفة‪ ،‬ومالك‪ ،‬وهي قول اإلمام الشافعي‪،‬‬
‫موسعاً‪.‬‬
‫الحج واجب وجوباً ّ‬
‫وأحمد في رواية عنه‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬إلى أن ّ‬
‫ينظر‪ :‬اختالف األئمة العلماء‪ ،‬ابن هبيرة ‪ ،226/1‬التجريد‪ ،‬القدوري ‪ ،668/5‬الهداية للمرغيناني وشرحها‬
‫البناية للعيني ‪ ،151/5‬التبصرة‪ ،‬اللخمي ‪ ،1131/3‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬العمراني‬
‫‪ ،55/5‬المجموع‪ ،‬النووي ‪ ،123/2‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،232/3‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪. 52/8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب العلماء‪ ،‬ابن المنذر ‪ ،122/3‬المبسوط‪ ،‬السرخسي ‪ ،112/5‬مواهب‬
‫الجليل‪ ،‬الخطاب ‪ ،525/2‬فتح العزيز شرح الوجيز‪ ،‬الرافعي ‪ ،32/8‬شرح العمدة‪ ،‬ابن تيمية‬
‫‪ ،285/1‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪. 36/8‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب العلماء‪ ،‬ابن المنذر ‪ ،122/3‬الذخيرة‪ ،‬القرافي ‪ ،225/2‬األم‪ ،‬الشافعي‬
‫‪ ،128/2‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪. 36/8‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫أدلة األقوال‪:‬‬
‫أدلة القول األول‪:‬‬
‫استد ّل القائلون بعدم جواز منع الزوج زوجته من حج الفريضة‪ ،‬باألدلة‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫النبِ ِّي ‪ ‬أنه قال‪ِ« :‬إ َذا‬ ‫أوالً‪ :‬عن س ِالِم ْب ِن ع ْبِد اللَّ ِه‪ ،‬عن أَبِ ِ‬
‫يه‪َ ،‬ع ِن َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫َحِد ُك ْم فَالَ َي ْم َن ْعهَا» ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫استَْأ َذ َنت ْ‬
‫ام َأرَةُ أ َ‬ ‫ْ‬
‫حج الفريضة‪،‬‬
‫فلفظ الحديث عام‪ ،‬فيشمل الرجل إذا استأذنته امرأته ألداء ّ‬
‫فإنه ال يحل له منعها‪.‬‬
‫ونوقش‪ :‬بأن المراد هنا االستئذان للخروج إلى المسجد‪ ،‬بدليل أن اإلمام‬
‫زوجها بالخروج‬ ‫ِ‬
‫بوب للحديث بقوله‪" :‬باب استئذان المرأة َ‬ ‫البخاري (ت‪256‬هـ) ّ‬
‫إلى المسجد"‪ ،‬ويؤكده روايات الحديث المقيدة‪ ،‬ومنها رواية مسلم بلفظ‪ِ« :‬إ َذا‬
‫ام َأرَتُهُ ِإَلى اْل َم ْس ِجِد َف َال َي ْم َن ْعهَا»(‪ ،)2‬فيحمل الحديث المطلق هنا‬
‫َح َد ُك ُم ْ‬ ‫استَْأ َذ َن ْ‬
‫ت أَ‬ ‫ْ‬
‫على الحديث المقيد‪.‬‬
‫ويمكن أن ُيجاب عنه‪ :‬بأن المسجد الحرام أعظم المساجد‪ ،‬وأجلّها‪،‬‬
‫النص في عدم جواز منعها من الخروج إلى‬ ‫ّ‬ ‫وأوالها بعدم المنع‪ ،‬واذا ورد‬
‫المساجد وهو خروج مستحب‪ ،‬فالحكم بعدم منعها من حجة اإلسالم أولى‬
‫وأحرى‪.‬‬
‫يقدم على الفرائض العينية كالصلوات الخمس‬‫حق الزوج ال ّ‬
‫ثانياً‪ :‬أن ّ‬
‫وصوم رمضان‪ ،‬فليس للزوج منع زوجته من الحج بعد استيفائها شروطه‪ ،‬ألنه‬
‫مقدمة على طاعة من سواه(‪.)3‬‬
‫فرض عين عليها‪ ،‬وطاعة اهلل تعالى ّ‬

‫زوجها بالخروج إلى المسجد‪ ،‬برقم‬ ‫ِ‬


‫(‪ )1‬بهذا اللفظ أخرجه البخاري في كتاب الصالة‪ ،‬باب استئذان المرأة َ‬
‫(‪.)825‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم في كتاب الصالة‪ ،‬باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة‪ ،‬برقم‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬المبسوط‪ ،‬السرخسي ‪ ،112/5‬فتح العزيز شرح الوجيز‪ ،‬الرافعي ‪ ، 36/8‬المغني‪ ،‬ابن قدامة‬
‫‪.231/3‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫ونوقش‪ :‬بأن الحج يخالف الصوم والصالة؛ ألن مدتهما ال تطول‪ ،‬فال‬
‫يلحق الزوج كيير ضرر‪ ،‬بخالف الحج فإن مدته تطول(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أن حق الزوج مستمر على الدوام‪ ،‬فلو ملك منعها في هذا العام‬
‫لملكه في كل عام‪ ،‬فيفضي إلى إسقاط أحد أركان اإلسالم(‪.)2‬‬
‫أدلة القول الثاني‪:‬‬
‫وهم القائلون بأن للزوج منع زوجته من حجة اإلسالم‪.‬‬
‫وحق الزوج على الفور فكان أولي‬
‫ّ‬ ‫أو ًال‪ :‬أن وجوب الحج على التراخي‬
‫بالتقديم(‪.)3‬‬
‫قال النووي (ت‪626‬هـ)‪ " :‬وسببه أن الزوج له حق االستمتاع بها في كل‬
‫بتطوع‪ ،‬وال بواجب على‬
‫ّ‬ ‫األيام‪ ،‬وحقه فيه واجب على الفور‪ ،‬فال يفوته‬
‫التراخي"(‪.)5‬‬
‫ونوقش‪ :‬بأنه وان كان لها تأخيره إالّ أنها عبادة مؤقتة‪ ،‬وتأخيره تعريضاً‬
‫لتفويته‪ ،‬فلها أن تسارع إلى إبراء ذمتها؛ كما لها أن تصلّي المكتوبة في أول‬
‫وقتها(‪.)5‬‬
‫عامة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثانياً‪ :‬أن منافع اْل ُمتعة والع ْشرة من الزوجة مملوكةٌ للزوج في ّ‬
‫األحوال‪ ،‬وعليها إيفاء تلك الحقوق‪ ،‬وهي بخروجها إلى الحج تحول بين الزوج‬
‫وحقوقه(‪.)6‬‬
‫أستصعب ترجيح‬
‫ُ‬ ‫الترجيح‪ :‬بعد التأمل في القولين وأدلتهما‪ ،‬فإنني‬
‫أحدهما على إطالقه في هذه المسألة؛ ألن لكل قول حظّه من النظر‪ ،‬ومقصد‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬فتح العزيز شرح الوجيز‪ ،‬الرافعي ‪.32/8‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪. 558/3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬األم‪ ،‬الشافعي ‪ ،128/2‬فتح العزيز شرح الوجيز‪ ،‬الرافعي ‪. 36/8‬‬
‫(‪ )5‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪. 316/2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬شرح العمدة‪ ،‬ابن تيمية ‪. 285/1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬معالم السنن‪ ،‬الخطابي ‪ ،136/2‬اإلعالم بفوائد عمدة األحكام‪ ،‬ابن الملقن ‪. 322/6‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫عما قد‬
‫استمرار العالقة الزوجية مطلب شرعي‪ ،‬وتجب المحافظة عليه‪ ،‬والبعد ّ‬
‫يتسبب في نُفرة أحد الزوجين من اآلخر‪.‬‬
‫وبناء على ذلك ‪ ..‬وألن األصل ّأال يتصرف كل واحد من الزوجين فيما‬
‫له تعلّق بحقوق اآلخر ّإال بتر ٍ‬
‫اض وتوافق‪ ،‬فإنه يجب علينا في هذه الحالة‬
‫ونظائرها أن ننظر إلى مصلحة الزوجين معاً‪ ،‬والى حال الزوج خاصة‪ ،‬فإن‬
‫للحج‪ ،‬كأن‬
‫ّ‬ ‫صحيح من منعه لزوجته من الخروج‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫غرض‬ ‫ُعلم من حاله أنه ذا‬
‫تكون حاجته إليها ناجزة‪ ،‬وقد يلحق به الضرر في غيبتها‪ ،‬فإن له حينئذ‬
‫مقدم‪ ،‬وحقه في االستمتاع آكد الحقوق‬‫منعها‪ ،‬وعليها طاعته؛ ألن حقّه ّ‬
‫الحق في االستئذان بعقد النكاح‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الزوجية‪ ،‬والشريعة اإلسالمية قد أيبتت له‬
‫مقيد باالستطاعة‪.‬‬
‫ووجوب الحج ّ‬
‫وعليه في هذه الحالة أن يبين لزوجته سبب منعه لها‪َ ،‬وَي ِع َدها فور زوال‬
‫وتيسر ظروفه أن يأذن لها بالخروج‪ ،‬بل ويعينها عليه‪.‬‬
‫عذره ّ‬
‫تعسفاً‪ ،‬واض ار اًر بها‪،‬‬
‫وان لم يكن له غرض صحيح‪ ،‬وانما كان منعه لها ّ‬
‫وقت في عام قادم ألداء حجة اإلسالم‪ ،‬فال‬ ‫وكانت الزوجة تخشى ّأال يتهيأ لها ٌ‬
‫يحق له منعها‪ ،‬وال تجب طاعته‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن حزم فيمن أحرمت بغير إذن زوجها‪ " :‬وان كان حج‬
‫الفرض‪ ،‬نظر‪ :‬فإن كان ال غنى به عنها ‪ -‬لمرض أو لضيعته دونها أو ضيعة‬
‫ماله ‪ -‬فله إحاللها ‪ ...‬وان كان ال حاجة به إليها لم يكن له منعها أصال‪ ،‬فإن‬
‫منعها فهو عاص هلل عز وجل ‪ ..‬وطاعة اهلل تعالى في الحج متقدمة لطاعة‬
‫األبوين والزوج ‪ ...‬وال فرق بين طاعة األبوين والزوج في ترك الحج وبين‬
‫طاعتهم في ترك الصالة أو في ترك الزكاة أو في ترك صيام شهر‬
‫رمضان"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المحلى ‪. 26/5‬‬


‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫الحج هذه‪ :‬تعجيل قضاء ما أفطرته الزوجة من‬


‫ّ‬ ‫وقريب من مسألة‬
‫رمضان إذا كان الوقت موسعاً‪ ،‬مع أن وقت الصوم محصور بالنهار‪.‬‬
‫وميلها أيضاً‪ :‬خروج الزوجة للصالة في المساجد‪ ،‬وان كانت تفارقها في‬
‫أن الخروج للصالة مستحب‪ ،‬ووقته محدود‪ ،‬وال يطول‪ ،‬لكنه يتكرر‪.‬‬
‫وقد يضاف لهذه المسائل‪ :‬ما إذا تعارض حق الزوج مع حق زوجته في‬
‫القيام بحق والديها‪ ،‬أو زيارة أهلها‪ ،‬ولم تستطع الزوجة التوفيق بينها‪ ،‬أو لم‬
‫يتراضيا على أمر بينهما‪.‬‬
‫وكل ذلك ‪ ..‬بناء على ما وقع بين الفقهاء في هذه المسائل من اختالف‬
‫سائغ‪ ،‬وما جرى من الخالف في أحقية الزوج بمنعها من الخروج للحج الفرض‬
‫يجري على هذه المسائل وغيرها مما يشبهها‪ ،‬مع ضرورة مراعاة مقاصد‬
‫الشريعة في النكاح‪ ،‬واختالف أحوال األزواج‪ ،‬وطبيعة الحقوق‪ ،‬وظروف كل‬
‫مسألة‪ ،‬وما جرى به العرف في كل أسرة أو بلد‪.‬‬
‫نعم لكل مسألة من هذه المسائل أدلتها الخاصة‪ ،‬لكني لم أقصد إيرادها‬
‫وال استيفاءها‪ ،‬وانما أردت التمييل على أصل المسألة بما يكفي في إيضاح‬
‫الحج‪.‬‬
‫المراد منها‪ ،‬ولعل ذلك تحقق بمسألة ّ‬
‫وأما الصورة الثانية‪:‬‬
‫وهي االختالف بين الزوجين بما يؤير على كمال استيفاء حقوق الزوج‬
‫ال على أصلها‪ ،‬فتتضح من خالل حالتين‪:‬‬
‫عي ْما خالف ما‬ ‫الحالة األولى‪ :‬فيما إذا اعتقدت الزوجة في ٍ‬
‫حكم شر ٍّ‬
‫يعتقده زوجها‪.‬‬
‫والحالة الثانية‪ :‬فيما إذا اختلفا في فعل ٍ‬
‫أمر وهما متفقان في حكمه‬
‫التكليفي‪.‬‬
‫فأما الحالة األولى‪:‬‬
‫عي ْما خالف ما يعتقده‬ ‫وهي فيما إذا اعتقدت الزوجة في ٍ‬
‫حكم شر ٍّ‬
‫زوجها‪ ،‬مما يمنعه من كمال استيفاء حقوقه‪ ،‬فلعل من أوضح القضايا على هذا‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫ما إذا كان االختالف بينهما فيما له تعلق بكمال االستمتاع ال بأصله‪ ،‬ومن‬
‫األميلة التطبيقية التي يذكرها الفقهاء على هذه الحالة‪ ،‬مياالن‪:‬‬
‫الميال األول‪ :‬ما إذا انقطع الدم عن صاحبة العذر الشرعي‪ ،‬وكانت ترى‬
‫جواز الجماع قبل االغتسال الشرعي‪ ،‬بينما يعتقد زوجها حرمة الوطء قبله(‪،)1‬‬
‫فهل له في هذه الحالة إجبارها على االغتسال أم ال ؟‬
‫والميال الياني‪ ،‬وقد أورده بعض الفقهاء‪ :‬شرب يسير النبيذ الذي ال‬
‫ُيسكر‪ ،‬فإذا كانت الزوجة َح َنفية تعتقد إباحته‪ ،‬والزوج غير َح َنفي يرى‬
‫تحريمه(‪ ،)2‬فهل له أن يمنعها من شربه ؟‬
‫ولعل ما سأورده من خالف أهل العلم في الميال الياني‪ ،‬يكفي في‬
‫إيضاح المسألة‪ ،‬ويدل على حكم غيرها مما يشابهها؛ كالمسألة في الميال‬
‫األول‪،‬؛ رغبةً في االختصار‪ ،‬وتجنبًا للتكرار‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬أن له أن يمنعها من ُشرب يسير النبيذ الذي ال ُيسكر‪،‬‬
‫ذكره بعض الحنفية(‪ ،)3‬وبعض الشافعية‪ ،‬ومنهم من قطع بالمنع كالخطيب‬
‫الشربيني (ت‪922‬هـ)‪ ،‬وشمس الدين الرملي (ت‪1225‬ه)(‪ ،)5‬وبه قال بعض‬
‫الحنابلة(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬والخالف في هذه المسألة بين الحنفية‪ ،‬القائلين‪ :‬بجواز الجماع قبل االغتسال إذا انقطع الدم ألكير‬
‫مدة الحيض‪ ،‬وكذا ابن حزم الظاهري الذي يرى أنها إذا رأت الطهر فغسلت موضع خروج الدم فقط‪،‬‬
‫أو توضأت فقط‪ ،‬أو اغتسلت كلها‪ ،‬أو تيممت إن كانت من أهل التيمم‪ ،‬أي ذلك فعلت حل وطؤها‪.‬‬
‫وبين جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة الذين يرون عدم جواز وطئها حتى تغتسل‬
‫الغسل الشرعي‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬مختصر القدوري ص‪ ،19‬الهداية‪ ،‬المرغيناني ‪ ،33/1‬التبصرة‪ ،‬اللخمي ‪ ،219/1‬الحاوي الكبير‪،‬‬
‫المرداوي ‪ ،386/1‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪ ،322/2‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪. 391/1‬‬
‫المسكر غير الخمر‪ ،‬بين جمهور الفقهاء من المالكية‬
‫ْ‬ ‫(‪ )2‬ينظر الخالف في مسألة ُّ‬
‫الشرب من النبيذ‬
‫والشافعية والحنابلة القائلين بالتحريم‪ ،‬وبين الحنفية القائلين بالجواز ما لم ُي ْسكر‪ :‬المبسوط‪ ،‬السرخسي‬
‫‪ ،12/25‬الذخيرة‪ ،‬القرافي ‪ ،112/5‬بحر المذهب‪ ،‬الروياني ‪ ،122/13‬كشاف القناع‪ ،‬البهوتي‬
‫‪ ،119/6‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪. 126/6‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬شرح فتح القدير ‪ ،532/3‬البحر الرائق‪ ،‬ابن نجيم ‪ ،232/3‬النهر الفائق‪ ،‬ابن نجيم ‪.292/2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬بحر المذهب‪ ،‬الروياني ‪ ،225/9‬روضة الطالبين‪ ،‬النووي ‪ ،132/2‬فتح العزيز شرح الوجيز‪،‬‬
‫=‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫وصرح فقهاء الشافعية أن هذه المسألة مستيناة من األصل المقرر‪،‬‬ ‫ّ‬


‫وهو‪ :‬عدم اإلنكار في المسائل الفقهية االجتهادية المختلف فيها‪ ،‬فقال بدر‬
‫الدين الزركشي (ت‪295‬ه)‪ :‬ال ينكر إال ما أُجمع على منعه‪ ،‬أما المختلف فيه‬
‫حق؛ كالزوج يمنع‬
‫فال ننكره إال في أربع صور‪ ...‬الرابعة‪ :‬أن يكون للمنكر فيه ّ‬
‫زوجته من شرب النبيذ إذا كانت تعتقد إباحته"(‪.)2‬‬
‫نص الشافعية على أن العبرة في اإلنسيين إذا اختلف مقلّدهما‬ ‫كما ّ‬
‫وتعارض غرضاهما ولم يترافعا لحاكم باعتقاد الزوج ال الزوجة(‪.)3‬‬
‫واستدل أصحاب هذا الرأي باآلتي‪:‬‬
‫الق ْدر الذي ال ُيسكر ال ينضبط ويختلف باختالف‬ ‫أو ًال‪ :‬أن ذلك َ‬
‫األشخاص‪ ،‬فإن من الناس َمن يتأير باليسير منه(‪.)5‬‬
‫ثانياً‪ :‬رعاية لحق الزوج؛ لما فيه من الرائحة الكريهة التي تمنع من‬
‫كمال االستمتاع(‪.)5‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬أنه ليس للزوج منع زوجته من ُشرب النبيذ ما دامت تعتقد‬
‫إباحته‪ ،‬وذكره بعض فقهاء الشافعية والحنابلة(‪.)6‬‬
‫وحجتهم أنه‪ :‬ال يُنكر إال ما أُجمع على منعه‪ ،‬أما المختلف فيه فال‬
‫ُينكر‪ ،‬يم إنها بناء على اعتقادها لم ترتكب محرماً‪ ،‬كما أن ُشربه ال يمنع أصل‬
‫االستمتاع(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=‬
‫الرافعي ‪ ،25/8‬مغني المحتاج‪ ،‬الشربيني ‪ ،315/5‬نهاية المحتاج‪ ،‬الرملي ‪. 292/6‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،296/2‬الشرح الكبير‪ ،‬ابن قدامة ‪. 398/21‬‬
‫(‪ )2‬المنيور في القواعد الفقهية ‪ ، 363/3‬وينظر أيض ًا‪ :‬األشباه والنظائر‪ ،‬السيوطي ص‪. 158‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬تحفة المحتاج‪ ،‬الهيتمي ‪. 296/2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬روضة الطالبين‪ ،‬النووي ‪. 132/2‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،296/2‬الشرح الكبير‪ ،‬ابن قدامة ‪. ،398/21‬‬
‫(‪ )6‬ينظر المصادر السابقة الواردة في الرأي األول‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬تحفة المحتاج‪ ،‬الهيتمي ‪. 292/2‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫فصل بعض الشافعية في الحكم‪ ،‬فقال ابن‬ ‫ّ‬ ‫الرأي الثالث‪:‬‬


‫الصباغ‪" :‬وظاهر كالم الشافعي‪ :‬إن كان يتقذره وتعافه نفسه فله منعها منه‪،‬‬
‫وان لم تعفه نفسه لم يكن له منعها منه"(‪.)1‬‬
‫الترجيح‪ :‬الراجح – واهلل أعلم – أن على الزوجة طاعة زوجها في هذه‬
‫مقدم على حقها في هذا‬ ‫المسائل الخالفية‪ ،‬وأميالها؛ ألن األصل أن حقّه ّ‬
‫األمر‪ ،‬وألن حق االستمتاع الذي هو من موجبات عقد النكاح يابت لهما معاً‪،‬‬
‫ك للزوج‪ ،‬وفي كل وقت‪ ،‬وحقّه فيه أعظم‪ ،‬فليس لها أن تنفرد بما‬
‫إالّ أنه مل ٌ‬
‫يسقط حقّه فيه‪ ،‬ويتأكد حقّه في المنع إذا كانت نفسه تعاف ذلك األمر‬
‫وتستقذره‪.‬‬
‫وأما الحالة الثاني‪:‬‬
‫ففيما إذا اختلفا في فعل ٍ‬
‫أمر وهما متفقان في حكمه؛ كأن يختلفا في أمر‬
‫مباح يعتقد كالهما إباحته‪ ،‬لكن لفعل ذلك المباح تأيير على حق الزوج في‬
‫كمال االستمتاع‪ ،‬أو كان مما يتأ ّذى به‪ ،‬كاستعمال ما له رائحة كريهة من‬
‫كأن يتأذى برائحة‬
‫المباحات؛ كالبصل واليوم ميالً‪ ،‬أو التزّين بما يتأذى بريحه‪ْ ،‬‬
‫أي من مستحضرات التجميل األخرى‪.‬‬ ‫الحناء أو ّ‬
‫ّ‬
‫والحكم في هذه الحالة‪ :‬أن ما جرى من الخالف الفقهي في المسألة‬
‫السابقة يجري في هذه المسألة أيضاً؛ ألن األصل أن كل ما له تعلق بأصل‬
‫االستمتاع أو ِ‬
‫كماله‪ ،‬فليزم الزوجة طاعة زوجها‪ ،‬وكذا ك ّل ما تعلق بأمر الزينة‬
‫يجب طاعة الزوج فيه أيضاً؛ ألن حقّه مقدم على حقّها‪ ،‬وعليها أن تطيعه‪.‬‬
‫وصرح الفقهاء بأن للزوج أن يجبر زوجته على ما يتمكن به من‬ ‫ّ‬ ‫وقد‬
‫االستمتاع بها‪ ،‬وأن له منعها مما يتأذى به كلبس أو أكل ما له رائحة كريهة‪،‬‬
‫أو إجبارها على التنظُّف‪ ،‬أو إزالة ما يمنع من كمال االستمتاع‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬العمراني ‪. 599/9‬‬


‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫قال الكمال بن الهمام (ت‪861‬ه)‪ " :‬وله أن يمنعها من أكل ما يتأ ّذى‬
‫من رائحته‪ ،‬وعلى هذا له أن يمنعها من التزّين بما يتأ ّذى بريحه‪ ،‬كأن يتأذى‬
‫برائحة الحناء المخضر ونحوه"(‪.)1‬‬
‫ويقول الخرشي المالكي (‪1121‬ه)‪ :‬وللرجل أن يمنع زوجته من أكل‬
‫ك ّل شيء رائحته كريهة عليه‪ ،‬يتأذى منها كاليوم والبصل والفجل وما أشبه‬
‫ذلك‪ ،‬ما لم يأكل معها فليس له أن يمنعها من ذلك‪ ،‬أو يكون فاقد الشم وليس‬
‫لها هي منعه من ذلك"‪.)2(".‬‬
‫وقال ابن الملقن في كتاب النكاح‪ " :‬وله أن يجبرها على ما يقف‬
‫االستمتاع عليه‪ ،‬وأما ما يكمل به االستمتاع ففيه قوالن"(‪.)3‬‬
‫وقال ابن قدامة (ت‪622‬ه)‪ " :‬وهل له منعها من أكل ما له رائحة‬
‫كريهة؛ كالبصل واليوم‪ ،‬والكراث؟‪ ،‬على وجهين؛ أحدهما‪ :‬له منعها من ذلك؛‬
‫ألنه يمنع القُبلة‪ ،‬وكمال االستمتاع بها‪ ،‬والياني‪ :‬ليس له منعها منه؛ ألنه ال‬
‫يمنع الوطء"(‪.)5‬‬
‫الصورة الثالثة‪:‬‬
‫االختالف بين الزوجين فيما يملكه الزوج من آيار عقد النكاح‪ ،‬ويستق ّل‬
‫به‪ ،‬ويكون بيده‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬مسائل الطالق‪ ،‬والرجعة‪ ،‬واإليالء‪ ،‬وخالف الفقهاء‬
‫فيها ال يخفى‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬لو اختلف الزوجان في حكم الطالق ياليًا بكلمة‬
‫واحدة‪ ،‬هل يقع واحدة‪ ،‬أو يكون ياليًا؟ أو اختلفا في الطالق البدعي فأحدهما‬
‫يعتقد وقوعه‪ ،‬واآلخر ال يعتبره‪ ،‬وميل ما لو اختلفا في وقوع طالق الغضبان‬
‫حالة الغضب الشديد الذي ال ينغلق معه باب العلم واإلرادة(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬شرح فتح القدير ‪ ،532/3‬وينظر أيض ًا‪ :‬البحر الرائق‪ ،‬ابن نجيم ‪ ،232/3‬النهر الفائق‪ ،‬ابن نجيم‬
‫‪.292/2‬‬
‫(‪ )2‬شرح الخرشي على مختصر خليل ‪ ،182/5‬وينظر كذلك‪ :‬الشرح الكبير‪ ،‬الدردير ‪. 511/2‬‬
‫(‪ )3‬التذكرة في الفقه الشافعي‪ ،‬ابن الملقن ‪ ،98/1‬وينظر‪ :‬روضة الطالبين‪ ،‬النووي ‪. 136/2‬‬
‫(‪ )5‬المغني ‪ ،295/2‬وينظر كذلك‪ :‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪ ،352/8‬شرح منتهى اإلرادات‪ ،‬البهوتي‪.55/3‬‬
‫(‪ )5‬تراجع مصادر الفقه لالطالع على خالف الفقهاء في هذه المسائل وتفصيالتها‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫وهذه الصورة أوضح الصور اليالث؛ ألن األصل أن ُعقدة النكاح بيد‬
‫الزوج‪ ،‬وح ّل هذه العقدة بيده(‪ ،)1‬واهلل تعالى قد جعل النكاح والطالق بيد الزوج‪،‬‬
‫فقال تعالى‪ ﴿ :‬ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﴾‬
‫ق ِل َم ْن أ َ‬
‫َخ َذ بِالسَّا ِ‬
‫ق»(‪،)2‬‬ ‫[األحزاب‪ ،‬اآلية ‪ ،]59‬وقال النبي ‪ِ« :‬إَّنما َّ‬
‫الط َال ُ‬ ‫َ‬
‫فالزوج هو الموصوف بهذه الصفة‪ ،‬فكانت طاعته هي المعتبرة في ح ّل‬
‫العصمة‪ ،‬وكان االعتبار بالحكم الذي يعتقده هو ويدين اهلل تعالى به‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬
‫الزوجة طاعته‪ ،‬ومتابعتُه على ذلك‪ ،‬ولو لم تعتقد خطـأَ نفسها وصواب قول‬
‫زوجها‪.‬‬
‫وقريب من هذه المسألة‪ :‬اإليالء‪ ،‬فإذا كانت الزوجة حنفية تعتقد أنها‬
‫(‪)3‬‬
‫بمجرد ُمضي األربعة األشهر تبين من زوجها بتطليقة ‪ ،‬وكان زوجها حنبلياً‬
‫يرى أن زوجته ال تطلق بمضي األربعة األشهر(‪ ،)5‬فهل تمتنع الزوجة عن‬
‫بناء على اعتقادها‪ ،‬أم أن للزوج الحق في الفيئة‬
‫زوجها؛ لكونها بائنة منه؛ ً‬
‫والرجوع عن يمينه؟‬
‫وقفت أيناء البحث عنها على كالم ألبي‬
‫ُ‬ ‫وهذه المسألة األخيرة بذاتها‬
‫يتحدث عنها‪ ،‬حيث يقول‪ ":‬واذا كان‬
‫ّ‬ ‫المظفر السمعاني (ت‪589‬هـ)‪ ،‬وهو‬
‫الزوجان فقيهين‪ ،‬وقد آلى منها‪ ،‬وقد مضت عليها أربعة أشهر‪ ،‬فإن اعتقدت‬
‫الزوجة أنها قد بانت منه وحرمت عليه واعتقد الزوج أنها لم تبن‪ ،‬فعلى كل‬
‫واحد منهما أن يعمل بمعتقده‪ ،‬فيلزم الزوجة منعه من نفسها‪ ،‬وتهرب منه‪،‬‬

‫(‪ ) 1‬وهذا ما عليه جمهور الفقهاء‪ ،‬ينظر على سبيل الميال‪ :‬التنبيه على مشكالت الهداية‪ ،‬ابن أبي العز‬
‫‪ ،326/3‬األم‪ ،‬الشافعي ‪ ،152/5‬االستذكار‪ ،‬ابن عبدالبر ‪ ،185/6‬حيث قال‪" :‬واألصل المجتمع‬
‫عليه أن الطالق بيد الزوج أو بيد من جعل ذلك إليه"‪ ،‬شرح منتهى اإلرادات‪ ،‬البهوتي ‪ ،25/3‬الشرح‬
‫الممتع‪ ،‬ابن عييمين‪.592/12‬‬
‫حسنه األلباني في‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجة في أبواب الطالق‪ ،‬باب طالق العبد‪ ،‬برقم (‪ ،)2281‬والحديث ّ‬
‫إرواء الغليل برقم (‪ ،)2251‬وفي صحيح سنن ابن ماجة برقم (‪.)1692‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬المختصر‪ ،‬القدوري ص‪ ،161‬تحفة الفقهاء‪ ،‬السمرقندي ‪ ،225/2‬بدائع الصنائع‪ ،‬الكاساني‬
‫‪. 129/3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،553/2‬المبدع‪ ،‬ابن مفلح ‪ ،556/6‬كشاف القناع‪ ،‬البهوتي ‪. 362/5‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫وللزوج أن يستمتع بها‪ ،‬ويكرهها‪ ،‬ويتوصل كل واحد منها إلى معتقده بما هو‬
‫دون القتل والضرب المفضي إلى تلف النفس ‪ ...‬فإن حكم بينهما حاكم عدل‬
‫حق ودعا أحدهما‬
‫تعين‪ ،‬ويبت الحكم له‪ ،‬واذا تنازع اينان في ّ‬
‫بأحد الحكمين‪ّ ،‬‬
‫صاحبه إلى الحاكم وجب على صاحبه إجابته في الظاهر والباطن "(‪.)1‬‬
‫وكأن أبي المظفر السمعاني في قوله هذا نظر إلى حق االستمتاع‬
‫المشترك بين الزوجين‪ ،‬فجعل السبيل متاحاً ألن يستوفي كل واحد منهما حقّه‬
‫ب ما ال ضرر على صاحبه‪ ،‬كما أن قوله يفيد أنه ال يجوز ألحدهما أن يجبر‬
‫صاحبه على خالف ما يعتقد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬قواطع األدلة في األصول ‪. 362/2‬‬


‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫االختالف بين الزوجين فيما يكون من حقوق الزوجة‪.‬‬
‫اجهن قول اهلل تعالى‪َ ﴿:‬وَلهُ َّن ِم ْي ُل‬ ‫األصل في حقوق الزوجات على أزو ّ‬
‫ك‬‫وف﴾ [البقرة‪ ،‬اآلية ‪ ،]228‬وقوله ‪َ « :‬وِا َّن ِل َزْو ِج َك َعَل ْي َ‬
‫الَِّذي عَل ْي ِه َّن بِاْلمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ‬
‫ًّ (‪)1‬‬
‫َحقا» ‪ ،‬حيث كفل لهن اإلسالم حقوقاً مادية؛ كالمهر‪ ،‬والنفقة‪ ،‬والتصرف في‬
‫الهن‪ ،‬وحقوقًا معنوية؛ كالحقوق الدينية‪ ،‬واألُسرية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والعلمية‪،‬‬ ‫أمو ّ‬
‫والتربوية‪ ،‬وغيرها مما ال يخفى‪.‬‬
‫لكن قد يقع الخالف بين الزوجين في بعض هذه الحقوق أو ما يتعلق‬
‫بها‪ ،‬بناء على ما يعتقده كل منهما من حكم شرعي فيها‪ ،‬نتيجة الجتهاد أو‬
‫تقليد‪ ،‬ويكون لكل منهما مستمسك شرعي فيما يعتقده‪.‬‬
‫ولكي تتضح فكرة الخالف هنا‪ ،‬سأورد نماذج من المسائل الفقهية التي‬
‫أبين الموقف المطلوب تجاه كل منهما‪.‬‬ ‫يكير بسببها الخالف بين الزوجين‪ ،‬يم ّ‬
‫ال‪ :‬إذا اختلفا في نفقة عالج الزوجة‪ ،‬فالزوج يرى أنها ال‬ ‫فمن ذلك مي ً‬
‫تجب عليه‪ ،‬وانما تجب في مالها‪ ،‬بينما الزوجة تعتقد أن نفقة عالجها واجبة‬
‫في مال زوجها(‪.)2‬‬
‫وقريب من ذلك‪ :‬إذا اختلف الزوجان في حكم زيارة المرأة لوالديها‪،‬‬
‫فالزوجة تعتقد أنه ليس لزوجها أن يمنعها من ذلك‪ ،‬وال تطيعه إن منعها(‪،)3‬‬

‫حق‪ ،‬برقم‬
‫باب لزوجك عليك ّ‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري من حديث عمرو بن العاص‪ ،‬في كتاب النكاح‪ٌ ،‬‬
‫فوت به حقاً‪،‬‬
‫(‪ ،)5199‬ومسلم في كتاب الصيام‪ ،‬باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو ّ‬
‫برقم (‪.)1159‬‬
‫(‪ )2‬فالجمهور وهو اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية يرون أن نفقة عالج الزوجة غير واجبة على الزوج‪،‬‬
‫بينما ذهب بعض الفقهاء وعدد من المعاصرين كالشيخ ابن عييمين إلى أن الزوج يتحمل نفقة عالج‬
‫زوجته‪.‬‬
‫ينظر خالف الفقهاء في المسألة‪ :‬رد المحتار‪ ،‬ابن عابدين ‪ ،582/3‬منح الجليل شرح مختصر خليل‪،‬‬
‫عليش ‪ ،392/5‬بحر المذهب‪ ،‬الروياني ‪ ،559/11‬المحرر في الفقه‪ ،‬المجد ابن تيمية ‪،115/2‬‬
‫الشرح الممتع‪ ،‬ابن عييمين ‪. 562/13‬‬
‫(‪ )3‬عمالً بقول الحنفية والمالكية‪ ،‬ينظر‪ :‬المحيط البرهاني‪ ،‬ابن مازة ‪ ،526/5‬البحر الرائق‪ ،‬ابن نجيم‬
‫المواق ‪. 558/5‬‬
‫‪ ،212/5‬البيان والتحصيل‪ ،‬ابن رشد الجد ‪ ،332/9‬التاج واإلكليل‪ّ ،‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫بينما يرى الزوج أن له أن يمنعها‪ ،‬وأن طاعته في ذلك واجبة‪ ،‬وال تخرج إليهما‬
‫إال بإذنه (‪.)1‬‬
‫وميل ذلك أيضًا‪ :‬ما إذا اختلفا في حكم خروج الزوجة إلى المسجد‬
‫لحضور صالة الجماعة‪ ،‬فالزوج يقول بمذهب الحنفية وبعض الشافعية في‬
‫كراهية خروجها‪ ،‬وبالتالي كراهية تمكينها من الخروج؛ خوف الفتنة عليها(‪،)2‬‬
‫بينما الزوجة تأخذ بقول بعض الفقهاء كابن حزم الظاهري (ت‪556‬هـ) في أنه‬
‫ال يحل لزوجها أن يمنعها من حضور الصالة في جماعة في المسجد(‪.)3‬‬
‫فأما في الميال األول‪ :‬وهو اختالفهما في أجرة الطبيب ونفقات التداوي‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبما أن المسألة اجتهادية‪ ،‬وتخضع إلى عادات الناس وأعرافهم‪" ،‬وهو الصواب‬
‫المقطوع به عند جمهور العلماء أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف وليست‬
‫وعصر بحسبه‪ ،‬وبالنظر إلى أن التداوي‬ ‫ِ‬ ‫(‪)5‬‬
‫مقدرة بالشرع" ‪ ،‬وفي كل مصر َ‬ ‫ّ‬
‫يعتبر من الحاجات األساسية لصحة الزوجة‪ ،‬وال يمكن لها أن تقوم بما عليها‬
‫من حقوق تجاه زوجها إالّ إذا كانت صحيحة سليمة‪ ،‬وهو أيضاً من أبرز‬
‫مظاهر اإلحسان إليها والمعاشرة بالمعروف‪ ،‬وحيث تعارف الناس في عصرنا‬
‫هذا على أن نفقات عالج الزوجة في مال زوجها‪ ،‬فعلى الزوج النفقة ما دام‬
‫مستطيعاً‪ ،‬ويكون ذلك حسب العرف السائد في المجتمع‪.‬‬
‫يقول الشوكاني (ت‪1255‬هـ) في كتاب النفقات‪ ،‬موجهاً قوله في وجوب‬
‫نفقة تداوي الزوجة في مال زوجها‪ ،‬وهو توجيه وجيه‪" :‬وأما إيجاب الدواء‬

‫(‪ )1‬عمالً بمذهب الشافعية والحنابلة‪ ،‬ينظر‪ :‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬العمراني ‪،522/9‬‬
‫المجموع‪ ،‬النووي ‪ ،513/16‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيمية ‪ ،261/32‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪،523/21‬‬
‫كشاف القناع‪ ،‬البهوتي ‪. 198/5‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء‪ ،‬الشاشي ‪ ،156/2‬تبيين الحقائق‪ ،‬الزيلعي ‪،135/1‬‬
‫البحر الرائق‪ ،‬ابن نجيم ‪ ،322/1‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬العمراني ‪ ،366/2‬تحفة‬
‫المحتاج‪ ،‬الهيتمي ‪. 252/2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر رأي ابن حزم الظاهري في‪ :‬المحلى ‪. 122/2‬‬
‫(‪ )5‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيمية ‪. 83/35‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫فوجهه أن وجوب النفقة عليه هي لحفظ صحتها‪ ،‬والدواء من جملة ما يحفظ به‬
‫صحتها"(‪.)1‬‬
‫ويؤيد ذلك – أيضًا ‪ -‬أننا في مسألة ِخدمة الزوجة لزوجها‪ ،‬مع شهرة‬
‫إن عليها خدمته؛ ألنها من المسائل التي للعرف‬
‫اختالف الفقهاء فيها‪ ،‬نقول‪ّ :‬‬
‫فيها اعتبار‪ ،‬والغنم بالغرم‪ ،‬فإن توافقا على ما تقرر من وجوب نفقة عالج‬
‫الزوجة في مال زوجها واالّ ترافعا إلى القضاء؛ ألن الحقوق التي ال يعلم‬
‫قدرها القضاء‪.‬‬
‫مقدارها إال بالعرف متى تنازع فيها الطرفان ّ‬
‫وأما في الميالين‪ :‬الياني واليالث‪ ،‬فيجب أن نتحقق من منشأ االختالف‬
‫بينهما‪ ،‬فإن كان بسبب سائغ خارج عن ذات المسألة‪ ،‬كأن يمنع الزوج زوجته‬
‫يضروها‪ ،‬وكأن‬
‫ّ‬ ‫من زيارة والديها لمبرر صحيح؛ كالخوف من أن يضلّوها أو‬
‫يمنعها من الخروج إلى المسجد؛ خوفاً عليها من فتنة مخالطة الرجال‪ ،‬ونحو‬
‫يحق للزوج منع زوجته مما تريده‪ ،‬وعليها طاعته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫ذلك من المفاسد‪،‬‬
‫وامتيال أمره‪.‬‬
‫أما إذا لم يكن للزوج عذر سائغ‪ ،‬أو غرض صحيح‪ ،‬فال وجه لمنعه لها‬
‫التعسف في حقّه؛ ألن في منعها مفاسد عظيمة‬
‫ّ‬ ‫من زيارة والديها‪ ،‬وال يجوز له‬
‫الرحم‪ ،‬وفي اإلذن لها بزيارتها مصالح وفيرة عليهما وعلى بيت‬ ‫كقطيعة ّ‬
‫الزوجية عموماً‪.‬‬
‫وفي هذا السياق أورد رأيًا مقاصديًا ألبي المعالي الجويني (ت‪528‬هـ)‪،‬‬
‫مليئاً بالفقه والحكمة‪ ،‬حيث قال‪" :‬للزوج أن يلزم المرأة لزوم البيت‪ ،‬ويمنعها من‬
‫فضال عن زيارتهما‪ ،‬ويمنعها عن شهود‬‫ً‬ ‫الخروج‪ ،‬ومن عيادة الوالدين إذا مرضا‬
‫تجهيزهما إذا ماتا ‪ ...‬ولكن قال الشافعي‪ ":‬وما أ ِ‬
‫ُح ُّ‬
‫ب ذلك "‪ ،‬أراد‪ :‬أني ال‬
‫الغلو إلى هذا الحد؛ فإنه َس َرف يفضي إلى الحمل على قطيعة‬
‫أستحب للزوج ّ‬
‫يتنغص‬
‫األرحام‪ ،‬يم فيه حملها على ما تمقت به الزوج وتفركه ألجله‪ ،‬يم ّ‬

‫(‪ )1‬السيل الجرار ص‪. 562‬‬


‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫العيش عليه‪ ،‬فيؤدي األمر إلى قطع الوصلة‪ ،‬والمسلك المستقيم رعاية القصد‬
‫على التعميم‪ ،‬وكال طرفي قصد األمور ذميم‪ ،‬فال ينبغي أن يأذن لها في‬
‫التبرج‪ ،‬وال يمنعها عن زيارة األبوين وعيادتهما‪ ،‬وشهود تجهيزهما"(‪.)1‬‬
‫والى هذا الفقه وهذه المقاصد العظيمة ذهب ابن قدامة (ت‪622‬هـ)‪،‬‬
‫بد‪ ،‬سواء‬
‫فقال‪ " :‬وللزوج منع زوجته من الخروج من منزله إلى ما لها منه ّ‬
‫أرادت زيارة والديها‪ ،‬أو عيادتهما؛ ألن طاعة الزوج واجبة‪ ،‬والعيادة غير واجبة‪،‬‬
‫فال يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب؛ وال يجوز لها الخروج إال بإذنه‪ ،‬ولكن‬
‫ال ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها‪ ،‬وزيارتهما؛ ألن في ذلك قطيعة لهما‪،‬‬
‫وحمال لزوجته على مخالفته‪ ،‬وقد أمر اهلل تعالى بالمعاشرة بالمعروف‪ ،‬وليس‬
‫ً‬
‫(‪)2‬‬
‫هذا من المعاشرة بالمعروف" ‪.‬‬
‫وحاصل القول‪ :‬إن المخرج الشرعي عند وقوع االختالف بين الزوجين‬
‫ٍ‬
‫بنظر‬ ‫في هذه المسائل ونظائرها‪ ،‬أن ننظر إلى كل مسألة على استقالل‪،‬‬
‫مقاصدي‪ ،‬وفقه واقعي‪ ،‬وأن نتعامل مع أقوال الفقهاء في المسائل االجتهادية‬
‫بوعي‪ ،‬وال نتجاهل األعراف وتغير األحوال واألزمان‪ ،‬وما ط أر على حياة الناس‬
‫من مستجدات‪ ،‬مع ضرورة مراعاة المقاصد الشرعية من عقد النكاح‪ ،‬والمعاني‬
‫السامية الواردة في أمر اهلل تعالى‪﴿ :‬ﲱ ﲲ ﴾ [ النساء‪،‬‬
‫اآلية ‪.]19‬‬
‫فإن توافق الزوجان وتطاوعا وتصالحا في المسائل الفقهية الخالفية وا ّال‬
‫ترافعا إلى القضاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬نهاية المطلب في دراية المذهب ‪. 258/13‬‬


‫(‪ )2‬المغني ‪. 295/2‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المطلب الثالث‪:‬‬
‫االختالف بين الزوجين فيما يكون من الحقوق المشتركة بينهما‪.‬‬
‫حق‬
‫ولعل من أظهر األميلة على الحقوق المشتركة بين الزوجين‪ّ ،‬‬
‫حق شرعي لكال الزوجين‪ ،‬وأنه ليس‬
‫نص الفقهاء على أنه ّ‬
‫اإلنجاب‪ ،‬حيث ّ‬
‫ألحدهما أن يستأير به أو يتح ّكم فيه دون موافقة اآلخر(‪.)1‬‬
‫ومن المسائل الفقهية الخالفية المتعلقة باإلنجاب‪ ،‬مسألة‪ :‬التح ّكم المؤقت‬
‫في اإلنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل‪ ،‬أو إيقافه لمدة معينة من‬
‫سمى بتنظيم‬
‫الزمان‪ ،‬إذا دعت إليه حاجة‪ ،‬أو كان لغرض صحيح‪ ،‬وهو ما ُي ّ‬
‫النسل‪.‬‬
‫فإذا اختلف الزوجان فرغب أحدهما في تأجيل اإلنجاب أو منعه لفترة‬
‫ال بقول من أجازه من العلماء‪ ،‬ورفض اآلخر بحكم عدم الجواز‬ ‫محددة عم ً‬
‫أو كراهيته‪ ،‬وكل منهما له مستنده الشرعي‪ ،‬إما باجتهاد أو تقليد(‪ ،)2‬فكيف‬
‫العمل؟‬
‫وقريب من هذه المسألة‪ :‬إذا اختلف الزوجان في حكم إجهاض الحمل‬
‫قبل نفخ الروح؛ فكانت الزوجة مالكي ًة ترى عدم جواز اإلجهاض(‪ ،)3‬والزوج‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الحاوي الكبير‪ ،‬الماوردي ‪ ،322/9‬بحر المذهب‪ ،‬الروياني ‪. 313/9‬‬


‫(‪ ) 2‬اختلف الفقهاء رحمهم اهلل في حكم تنظيم الحمل‪ ،‬بناء على اختالفهم في حكم العزل‪ ،‬فجمهور الفقهاء‬
‫من الحنفية والمالكية وبعض الشافعية يرون الجواز‪ ،‬وآخرون ومنهم أكير الشافعية ورواية عند‬
‫الحنابلة يرون الكراهة‪ ،‬وذهب فريق يالث ومنهم بعض الحنفية‪ ،‬ورواية عند الحنابلة‪ ،‬وهو قول ابن‬
‫حزم الظاهري إلى تحريمه مطلق ًا‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب العلماء‪ ،‬ابن المنذر ‪ ،128/5‬الهداية‪ ،‬المرغيناني ‪ ،322/5‬النوادر‬
‫والزيادات‪ ،‬ابن أبي زيد القيرواني ‪ ،123/13‬فتح العزيز شرح الوجيز‪ ،‬الرافعي ‪ ،128/8‬كشاف‬
‫القناع‪ ،‬البهوتي ‪ ،189/5‬المحلى‪ ،‬ابن حزم ‪ ،222/9‬السيل الجرار‪ ،‬الشوكاني ص‪. 381‬‬
‫(‪ ) 3‬ينظر قول المالكية في هذه المسألة‪ :‬شرح مختصر خليل‪ ،‬الخرشي ‪ ،225/3‬الشرح الكبير‪ ،‬الدردير‬
‫‪.266/2‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫ال برأي بعض فقهاء الحنابلة(‪ ،)1‬وأجبر زوجته على‬‫يقول بالجواز عم ً‬


‫اإلجهاض لسبب ما‪ ،‬فهل تطيعه الزوجة‪ ،‬أم تعصيه ؟‬
‫فالجواب ‪ -‬واهلل أعلم ‪ : -‬أنه ليس ألحدهما طاعة اآلخر‪ ،‬وال يجوز‬
‫ألحدهما فعل أو استعمال ما يمنع الحمل أو يسقطه ّإال برضا اآلخر؛ ألن‬
‫حق يابت لكل منها‪ ،‬فال يحق ألحدهما أن يسقطه دون موافقة اآلخر‪.‬‬
‫الولد ّ‬
‫قدم رأي الزوج بناء على األصل؛ ألنه بيده القوامة‪،‬‬
‫فإن لم يتوافقا‪ ،‬فيُ ّ‬
‫وهو ولي األمر‪ ،‬وطاعته أولى وأوجب‪.‬‬
‫قدم قول من يطلب اإلنجاب؛ ألنه أحد مقاصد الشريعة من‬ ‫وقيل‪ :‬يُ ّ‬
‫النكاح‪ ،‬يم إن األصل بعد الحمل بقاؤه والمحافظة عليه‪ ،‬وانما الطاعة في‬
‫المعروف‪ّ ،‬إال أن يكون في اإلنجاب ضرر على اآلخر(‪.)2‬‬
‫ومع أن رأي الزوج هنا معتبر‪ّ ،‬إال أنه يجب أن ينظر بفقه ِ‬
‫وحكمة إلى‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ك ّل حالة على ِحدة‪ ،‬وذلك بالتأمل إلى األسباب الباعية على الرغبة في تنظيم‬
‫النسل أو إجهاض الحمل‪ ،‬بحيث تراعى مصلحة الطرفين‪ ،‬وغرض كل منهما‪،‬‬
‫بعيداً عن األنانية والتع ّسف‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر في قول الحنابلة‪ :‬اإلنصاف‪ ،‬المرداوي ‪ ،529/2‬كشاف القناع‪ ،‬البهوتي ‪. 222/1‬‬
‫(‪ )2‬وممن قال بهذا القول‪ ،‬الشيخ عبدالرحمن البراك‪ ،‬ينظر‪ :‬موقعه اإللكتروني (‪https://sh-‬‬
‫‪.)albarrak.com/‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫المبحث الرابع‪:‬‬
‫االختالف بين الزوجين فيما هو من العادات واألعراف‪.‬‬
‫من االختالفات التي يواجهها الزوجان ما يتعلق بالعادات واألعراف‪،‬‬
‫كالشروط العرفية‪ ،‬وبعض العادات في النفقة‪ ،‬والخروج من البيت‪ ،‬وتفسير‬
‫األلفاظ ودالالتها‪ ،‬والمناسبات االجتماعية‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وأعني بها تلك العادات‬
‫المباحة التي ال تخالف الشرع ومقاصده‪ ،‬وال تعارض الفطر السليمة والعقول‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫فميالً‪ :‬إذا اختلفا في ِخدمة الزوجة لزوجها‪ ،‬وهي مسألة دائرةٌ على‬
‫نص على ذلك أهل‬ ‫العرف والعادة الذي هو أصل من أصول الشريعة‪ ،‬كما ّ‬
‫العلم(‪.)1‬‬
‫وكما إذا اختلفا في تفاصيل النفقة؛ ألن االعتبار فيها يكون بالقدر‬
‫المتعارف المعتاد بين الناس(‪.)2‬‬
‫وميل ذلك‪ :‬في الرضاع‪ ،‬إذا كان الزوجة مالكيةً‪ ،‬وتقول باستيناء المرأة‬
‫فهن رضاع‬ ‫العرف ال ُيكلّ ّ‬
‫َ‬ ‫القدر والشرف من وجوب الرضاعة؛ بحكم أن‬ ‫ذات َ‬
‫أوالدهن‪ ،‬وأن ذلك على الزوج‪ ،‬والعرف كالشرط(‪.)3‬‬
‫اء‬
‫هذا باإلضافة إلى أن عدداً ليس بالقليل من مسائل األنكحة سو ً‬
‫القديمة أو المستحدية‪ ،‬تقوم على ما تعارف الناس عليه؛ ألن عقد النكاح من‬
‫تنزل على العرف السائد بين الناس‪ ،‬وتوابع العقود التي ال‬
‫العقود المطلقة التي ّ‬
‫ذكر لها في العقود تحمل على عادة كل بلد(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ابن العربي ‪ ،153/3‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي ‪ ،155/12‬مواهب الجليل‪،‬‬
‫الخطاب ‪ ،185/5‬المغني‪ ،‬ابن قدامة ‪ ،295/2‬زاد المعاد‪ ،‬ابن القيم ‪. 122/5‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الوجيز في إيضاح قواعد الفقه‪ ،‬البورنو ص‪. 322‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الجامع لمسائل المدونة‪ ،‬ابن يونس ‪ ،535/9‬التبصرة‪ ،‬اللخمي ‪. 2126/5‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ابن تيمية ‪ ،232/22‬زاد المعاد‪ ،‬ابن القيم ‪ ،121/5‬القواعد الفقهية وتطبيقاتها‬
‫في المذاهب األربعة‪ ،‬الزحيلي ‪. 356/1‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫بناء على اختالف‬


‫ففي هذه المسائل وأميالها‪ ،‬إذا اختلف الزوجان ً‬
‫عاداتهما‪ ،‬فهل طاعة الزوج واجبة‪ ،‬ويلزم زوجته امتيال أمره ونهيه أم ال ؟‬
‫والجواب‪ :‬أنه وبناء على أن األصل عند جمهور العلماء أن العادة‬
‫مح ّكمة‪ ،‬وأن المعروف ُعرفًا كالمشروط شرطاً(‪ ،)1‬واذا اطّردت العادة في ذلك‬
‫المجتمع وغلبت‪ ،‬فإن استعمال الناس لها حجة يجب المصير إليه‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬للزوجة الصالحة طاعتها لزوجها‬ ‫وألن من األوصاف التي بينها ّ‬
‫َم َر‪َ ،‬وَال تُ َخ ِالفُهُ ِفي‬ ‫ظ َر‪ ،‬وتُ ِط ُ ِ‬
‫يعهُ إ َذا أ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫إذا أمرها‪ ،‬في قوله ‪«: ‬التي تَ ُس ُّرهُ إ َذا َن َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن ْفسهَا َو َمالهَا بِ َما َي ْك َرهُ» ‪ ،‬وطاعته ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫عامة في كل ما وافق الشرع وجاء به‬
‫العرف‪ ،‬فإن الواجب على الزوجة طاعة زوجها فيما يأمرها به من العادات‬
‫واألعراف والتقاليد المباحة‪ ،‬بشرط ّأال يترتب على ذلك العرف ضرر‪ ،‬أو يمنع‬
‫الغلو والمبالغة‪.‬‬
‫من واجب‪ ،‬أو يصل إلى حد ّ‬
‫َمر الرج ُل زوجتَه بأمر شرعي‬
‫قال المال علي القاري (‪1215‬هـ)‪ " :‬واذا أ َ‬
‫أو عرفي أطاعته‪ ،‬وخدمته‪ ،‬واذا غاب عنها حفظته "(‪.)3‬‬
‫ويتأكد هذا الحكم بناء على أمور كييرة‪ ،‬منها‪ :‬أن القوامة بيد الرجل‪،‬‬
‫وأن المرأة قد أصبحت بنفسها وجميع تصرفاتها تحت حكم الزوج بما شرعه اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬يم إن الزوجة بعد عقد النكاح تنتقل إلى بيت الزوج وبيئته‪ ،‬وتصبح‬
‫عاداته وأعرافه هي المهيمنة على بيت الزوجية‪ ،‬ولن تصلح حالهما‪ ،‬وتستقيم‬
‫أمورهما إالّ بذلك‪ .‬واهلل تعالى أعلم وأحكم‪.‬‬

‫(‪ )1‬خالف ًا للشافعية‪ ،‬فإن األصح عندهم أن العادة ال تنزل منزلة الشرط‪.‬‬
‫ينظر هذا األصل‪ :‬المنيور‪ ،‬الزركشي ‪ ،362/2‬األشباه والنظائر‪ ،‬السيوطي ص ‪ ،96- 89‬األشباه‬
‫والنظائر‪ ،‬ابن نجيم ص‪ ،85‬شرح القواعد الفقهية‪ ،‬الزرقا ص‪ ،232‬التحبير شرح التحرير‪ ،‬المرداوي‬
‫‪. 859/8‬‬
‫(‪ )2‬تقدم تخريجه ص‪. 9‬‬
‫(‪ )3‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ‪ ،1222/5‬وينظر هذا النص أيضاً في‪ :‬عون المعبود‪ ،‬العظيم‬
‫أبادي ‪ ،56/5‬مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪ ،‬المباركفوري ‪. 38/6‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫الخــــــاتمة‬
‫أدون في النقاط اآلتية أهم نتائج البحث التي توصلت إليها‪،‬‬
‫وبعد ‪ ..‬فإنني ّ‬
‫وهي‪:‬‬
‫أو ًال‪ :‬أن العشرة بالمعروف واجبة على الزوجين معًا‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أنه طاعة الزوج أوجب وأحق من طاعة الزوجة‪.‬‬
‫تستقر ّإال أن يسود بين طرفيها التفاهم والتوافق‬
‫ّ‬ ‫ثالثاً‪ :‬أن الحياة الزوجية ال‬
‫والتراضي والصبر والتغاضي واإلييار‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬على الزوجين أن يراعيا في كل أمورهما مصلحة العالقة الزوجية‬
‫واستمرارها‪.‬‬
‫ماسة إلى‬
‫خامساً‪ :‬أن طرفي الحياة الزوجية وخاصة في عصرنا هذا بحاجة ّ‬
‫فقه ِ‬
‫وحكمة وادراك لمعنى الزوجية‪ ،‬وفهم لمقاصد النكاح؛ لكي يتم‬
‫التعامل مع الخالفات الفقهية بيسر وسهولة‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬على الزوجين أن يراعيا فقه الموازنات والمآالت في كل خالف بينهما‪.‬‬
‫وفي الختام ‪ ..‬أوصي الزوجين أن يستيم ار الخالف الفقهي بينهما في‬
‫التغلب على صعوبات الحياة الزوجية‪ ،‬ويقدما مقاصد النكاح‪ ،‬ومصالح األسرة‬
‫على ما سواهما؛ بعيدًا عن التنازع والشقاق واالختالف المؤير على حياتهما‪.‬‬
‫الدين‪ ،‬وأن يجعل هذا‬
‫واهلل وحده المسؤول أن يرزقني التوفيق‪ ،‬والفقه في ّ‬
‫العمل خالصاً لوجهه الكريم‪ ،‬نافعاً لي وللمسلمين‪ ،‬في الحياة ويوم ِّ‬
‫الدين‪،‬‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫والحمد هلل ّ‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫فهرس المصادر‬
‫‪ ")1‬أحكام القرآن"‪ ،‬ابن العربي‪ ،‬محمد بن عبد اهلل أبو بكر المعافري‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت – ط‪ 1525 ،3‬ه ‪.‬‬
‫الشيباني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ")2‬اختالف األئمة العلماء"‪ ،‬ابن هبيرة‪ ،‬يحيى بن ُه َب ْي َرة بن محمد‬
‫المحقق‪ :‬السيد يوسف أحمد‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ ،‬ط‪1523 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")3‬اختالف الفقهاء"‪ ،‬المروزي‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن نصر بن الحجاج‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬د‪ .‬محمد طاهر حكيم‪ ،‬أضواء السلف‪ -‬الرياض‪ ،‬ط‪1522 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")4‬آداب الزفاف في السنة المطهرة"‪ ،‬األلباني‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ ،‬دار السالم‪،‬‬
‫الطبعة الشرعية الوحيدة ‪1523‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")5‬أعالم الحديث شرح صحيح البخاري"‪ ،‬أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬د‪ .‬محمد بن سعد آل سعود‪ ،‬جامعة أم القرى ‪ -‬مركز البحوث‬
‫العلمية واحياء التراث اإلسالمي‪ ،‬ط‪ 1529 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")6‬إعالم الموقعين عن رب العالمين"‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬طه عبد الرؤوف‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة الكليات األزهرية‪1388 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")7‬األشباه والنظائر"‪ ،‬ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪ .‬تحقيق‪ :‬زكريا‬
‫عميرات‪ .‬دار الكتب العلمية – بيروت‪ ،‬ط‪ 1519 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")8‬األشباه والنظائر"‪ ،‬السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫ط‪1511 ،1‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬
‫‪ ")9‬اإلشراف على مذاهب العلماء"‪ ،‬ابن المنذر‪ ،‬أبو بكر محمد بن إبراهيم‬
‫النيسابوري‪ ،‬تحقيق‪ :‬صغير أحمد األنصاري‪ ،‬مكتبة مكة اليقافية‪ ،‬رأس‬
‫الخيمة‪ ،‬ط‪1525 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")11‬األصل" محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو الوفاء األفغاني‪،‬‬
‫إدارة القرآن والعلوم اإلسالمية – كراتشي‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")11‬اإلعالم بفوائد عمدة األحكام"‪ ،‬ابن الملقن‪ ،‬أبو حفص عمر بن علي بن‬
‫أحمد‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد العزيز المشيقح‪ ،‬دار العاصمة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪ 1512 ،1‬هـ‪.‬‬
‫الشيباني‪ ،‬المحقق‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ")12‬اإلفصاح عن معاني الصحاح"‪ ،‬يحيى بن ُه َب ْي َرة بن محمد‬
‫فؤاد عبد المنعم‪ ،‬دار الوطن‪ ،‬سنة النشر‪1512 :‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")13‬اإلقناع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل"‪ ،‬الحجاوي‪ ،‬موسى بن أحمد بن‬
‫موسى‪ ،‬مع شرحه كشاف القناع‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ ")14‬اإلقناع في مسائل اإلجماع"‪ ،‬ابن القطان‪ ،‬علي بن محمد بن عبد الملك‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬حسن فوزي الصعيدي‪ ،‬الفاروق الحديية للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ 1525‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")15‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف"‪ ،‬المرداوي‪ ،‬علي بن سليمان‪ .‬ط‪،2‬‬
‫دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ ")16‬األوسط في السنن واإلجماع واالختالف"‪ ،‬ابن المنذر‪ ،‬أبو بكر محمد بن‬
‫إبراهيم النيسابوري‪ ،‬تحقيق‪ :‬صغير أحمد‪ ،‬دار طيبة ‪ -‬الرياض‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ 1525‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")17‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق"‪ ،‬ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪.‬‬
‫وبحاشيته‪" :‬منحة الخالق" البن عابدين‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكتاب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ ")18‬بحر المذهب في فروع المذهب الشافعي"‪ ،‬الروياني‪ ،‬أبو المحاسن عبد‬
‫الواحد بن إسماعيل‪ ،‬المحقق‪ :‬طارق فتحي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ 2229‬م‪.‬‬
‫‪ ")19‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع"‪ ،‬الكاساني‪ ،‬أبو بكر بن مسعود بن أحمد‪.‬‬
‫ط‪ ،2‬دار الكتب العلمية‪1526 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")21‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي"‪ ،‬العمراني‪ ،‬يحيى بن أبي الخير بن سالم‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬قاسم النوري‪ ،‬دار المنهاج – جدة‪ ،‬ط‪ 1521 ،1‬هـ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")21‬البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة"‪ ،‬أبو الوليد‬


‫محمد بن أحمد بن رشد القرطبي‪ ،‬حققه‪ :‬د محمد حجي وآخرون‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1528 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")22‬البناية شرح الهداية"‪ ،‬العيني‪ ،‬بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1522 ،1‬هـ‪.‬‬
‫المواق‪ ،‬محمد بن يوسف بن أبي القاسم‬
‫‪ ")23‬التاج واإلكليل لمختصر خليل"‪ّ ،‬‬
‫العبدري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1516 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")24‬التبصرة"‪ ،‬اللخمي‪ ،‬علي بن محمد الربعي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬أحمد نجيب‪ ،‬و ازرة‬
‫األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬ط‪ 1532 ،1‬ه‪.‬‬
‫‪ ")25‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"‪ ،‬الزيلعي‪ ،‬عيمان بن علي بن محجن‪،‬‬
‫القاهرة‪ :‬المطبعة الكبرى األميرية – بوالق‪ ،‬ط‪1313 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")26‬تحفة الفقهاء"‪ ،‬السمرقندي‪ ،‬عالء الدين محمد بن أحمد بن أبي أحمد‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1515 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")27‬تحفة المحتاج في شرح المنهاج"‪ ،‬الهيتمي‪ ،‬أحمد بن محمد ابن حجر‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬لجنة من العلماء‪ .‬مصر‪ :‬المكتبة التجارية الكبرى‪.‬‬
‫‪ ")28‬التجريد"‪ ،‬القدوري‪ ،‬أحمد بن محمد بن أحمد‪ ،‬تحقيق‪ :‬أ‪.‬د محمد سراج‪ ،‬أ‪.‬د‬
‫علي جمعة‪ ،‬دار السالم – القاهرة‪ ،‬ط‪ 1522 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")29‬تفسير القرآن العظيم " ابن كيير‪ ،‬إسماعيل بن عمر القرشي‪ ،‬المحقق‪:‬‬
‫سامي سالمة‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1522 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")31‬التفسير البسيط "‪ ،‬الواحدي‪ ،‬أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد‪ ،‬المحقق‪:‬‬
‫رسائل دكتوراة بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬عمادة البحث‬
‫العلمي‪ ،‬ط‪ 1532 ،1‬هـ‪.‬‬
‫علي ابن أبي العز‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫علي بن ّ‬‫‪ ")31‬التنبيه على مشكالت الهداية"‪ّ ،‬‬
‫الحكيم بن محمد شاكر ‪ -‬أنور صالح أبو زيد‪ ،‬مكتبة الرشد ناشرون –‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪ 1525 ،1‬هـ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")32‬التهذيب في فقه اإلمام الشافعي"‪ ،‬البغوي‪ ،‬الحسين بن مسعود بن محمد‪،‬‬


‫المحقق‪ :‬عادل عبد الموجود‪ ،‬علي معوض‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ 1518‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")33‬الجامع ألحكام القرآن"‪ ،‬القرطبي‪ ،‬محمد بن أحمد األنصاري‪ ،‬دار الشعب ـ‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ ")34‬الجامع لمسائل المدونة"‪ ،‬ابن يونس‪ ،‬أبو بكر محمد بن عبد اهلل الصقلي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬مجموعة باحيين في رسائل دكتوراه‪ ،‬معهد البحوث العلمية واحياء‬
‫التراث اإلسالمي ‪ -‬جامعة أم القرى‪ ،‬توزيع‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ 1535 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")35‬حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني"‪ ،‬العدوي‪ ،‬علي بن أحمد بن‬
‫مكرم‪ .‬تحقيق‪ :‬يوسف البقاعي‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪1515 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")36‬الحاوي الكبير في فقه مذهب اإلمام الشافعي"‪ ،‬الماوردي‪ ،‬أبو الحسن علي‬
‫بن محمد بن محمد‪ ،‬المحقق‪ :‬علي معوض ‪ -‬عادل عبدالموجود‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1519 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")37‬حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء"‪ ،‬القفال‪ ،‬أبو بكر محمد بن أحمد‬
‫عمان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫الشاشي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬ياسين درادكه‪ ،‬مكتبة الرسالة الحديية‪ّ ،‬‬
‫‪1988‬م‪.‬‬
‫‪ ")38‬الذخيرة"‪ ،‬القرافي‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن إدريس‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حجي‪ ،‬سعيد‬
‫أعراب‪ ،‬محمد بو خبزة‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ -‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1995 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ " )39‬رد المحتار على الدر المختار"‪ ،‬ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين بن عمر بن‬
‫عبدالعزيز‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪1521 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ ")41‬روضة الطالبين وعمدة المفتين"‪ ،‬النووي‪ ،‬محيي الدين يحيى بن شرف‪.‬‬
‫تحقيق‪ :‬زهير الشاويش‪ .‬ط‪ ،3‬بيروت‪ :‬المكتب اإلسالمي‪1512 ،‬هـ ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")41‬زاد المعاد في هدي خير العباد"‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت ‪ -‬مكتبة المنار اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪، 22‬‬
‫‪1515‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")42‬السيل الجرار المتدفق على حدائق األزهار"‪ ،‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن‬
‫محمد‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪. 1‬‬
‫‪ ")43‬شرح الخرشي على مختصر خليل"‪ ،‬الخرشي‪ ،‬محمد بن عبداهلل‪ ،‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ ")44‬شرح الزركشي على متن الخرقي"‪ ،‬الزركشي‪ ،‬شمس الدين محمد بن عبد‬
‫اهلل‪ ،‬دار العبيكان‪ ،‬ط‪ 1513 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")45‬شرح العمدة"‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم‪ ،‬المحقق‪ :‬خالد‬
‫المشيقح‪ ،‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1518 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")46‬شرح القواعد الفقهية"‪ ،‬أحمد بن الشيخ محمد الزرقا‪ ،‬المحقق‪ :‬مصطفى أحمد‬
‫الزرقا‪ ،‬دار القلم ‪ -‬دمشق‪ ،‬ط‪1529 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")47‬شرح صحيح البخاري"‪ ،‬ابن بطال‪ ،‬علي بن خلف بن عبد الملك‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫ياسر إبراهيم‪ ،‬مكتبة الرشد ‪ -‬الرياض‪ ،‬ط‪1523 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")48‬شرح صحيح مسلم بن الحجاج "‪ ،‬النووي‪ ،‬محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ط‪. 1392 ،2‬‬
‫‪ ")49‬شرح فتح القدير"‪ ،‬ابن الهمام‪ ،،‬كمال الدين محمد بن عبدالواحد‪ ،‬بيروت‬
‫‪:‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ ")51‬الشرح الكبير على مختصر خليل"‪ ،‬الدردير‪ ،‬الشيخ أحمد الدردير‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ ")51‬الشرح الكبير"‪ ،‬ابن قدامة‪ ،‬شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪.‬عبداهلل التركي‪ ،‬د‪.‬عبدالفتاح الحلو‪ ،‬هجر للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ 1515‬هـ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")52‬الشرح الممتع على زاد المستقنع"‪ ،‬ابن عييمين‪ ،‬محمد بن صالح‪ ،‬دار ابن‬
‫الجوزي‪ ،‬ط‪1522 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")53‬صحيح البخاري ‪ -‬الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل‬
‫‪ ‬وسننه وأيامه)"‪ ،‬البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زهير‬
‫الناصر‪ .‬ط‪ ،1‬دار طوق النجاة‪1522 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ ")54‬صحيح مسلم ‪ -‬المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول‬
‫اهلل ‪ ،"‬النيسابوري‪ ،‬مسلم بن الحجاج القشيري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد‬
‫عبدالباقي‪ .‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ ")55‬العناية شرح الهداية"‪ ،‬البابرتي‪ ،‬محمد بن محمد بن محمود‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ ")56‬عون المعبود شرح سنن أبي داود"‪ ،‬العظيم آبادي‪ ،‬محمد أشرف بن أمير‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية – بيروت‪ ،‬ط‪1515 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")57‬فتح الباري شرح صحيح البخاري "‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي العسقالني‪،‬‬
‫دار المعرفة ‪ -‬بيروت‪ 1329 ،‬ترقيم‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬إخراج‬
‫وتصحيح‪ :‬محب الدين الخطيب‪ ،‬بتعليقات‪ :‬عبد العزيز بن باز ‪.‬‬
‫‪ ")58‬فتح العزيز بشرح الوجيز"‪ ،‬الرافعي‪ ،‬عبد الكريم بن محمد القزويني‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ ")59‬الفروع"‪ ،‬ابن مفلح‪ ،‬محمد بن مفلح الصالحي‪ ،‬ومعه "تصحيح الفروع" لعالء‬
‫الدين المرداوي‪ ،‬المحقق‪ :‬عبداهلل التركي‪ .‬ط‪ ،1‬مؤسسة الرسالة‪1525 ،‬هـ‪.‬‬
‫السالم"‪ ،‬البلقيني‪ ،‬عمر بن رسالن بن‬
‫الجسام على قواعد ابن عبد ّ‬‫‪ ")61‬الفوائد ِ‬
‫نصير‪ ،‬المحقق‪ :‬د‪ .‬محمد يحيى منيار‪ ،‬و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪،‬‬
‫قطر‪ ،‬ط‪.1535 ،1‬‬
‫‪ ")61‬قواطع األدلة في األصول"‪ ،‬السمعاني‪ ،‬أبو المظفر‪ ،‬منصور بن محمد بن‬
‫عبد الجبار‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد حسن محمد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1518‬هـ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")62‬قواعد الفقه"‪ ،‬البركتي‪ ،‬محمد عميم اإلحسان المجددي‪ .‬ط‪ ،1‬كراتشي‪:‬‬


‫الصدف ببلشرز ‪1522 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")63‬كشاف القناع عن متن اإلقناع"‪ ،‬البهوتى‪ ،‬منصور بن يونس‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية‪.‬‬
‫‪ ")64‬كشف المشكل من حديث الصحيحين"‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن‬
‫بن علي بن محمد‪ ،‬المحقق‪ :‬علي حسين البواب‪ ،‬دار الوطن – الرياض‪.‬‬
‫‪ ")65‬المبدع في شرح المقنع"‪ ،‬ابن مفلح‪ ،‬إبراهيم بن محمد بن عبداهلل بن محمد‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1518 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")66‬المبسوط"‪ ،‬السرخسي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ .‬بيروت‪ :‬دار المعرفة ‪1515 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")67‬المجموع شرح المهذب"‪ ،‬النووي‪ ،‬زكريا محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ " )68‬المحرر في الفقه على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل"‪ ،‬عبد السالم بن عبد‬
‫اهلل بن أبي القاسم المجد ابن تيمية الحراني‪ ،‬مكتبة المعارف – الرياض‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬سنة ‪1525‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")69‬المحلى باآليار"‪ ،‬ابن حزم‪ ،‬علي بن أحمد‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ ")71‬المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه اإلمام أبي حنيفة"‪ ،‬ابن مازة‪ ،‬برهان‬
‫الدين محمود بن أحمد البخاري‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد الكريم الجندي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1525 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")71‬المختار للفتوى‪ ،‬وشرحه االختيار لتعليل المختار"‪ ،‬الموصلي‪ ،‬عبد اهلل بن‬
‫محمود بن مودود‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اللطيف محمد عبدالرحمن‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية – بيروت‪ ،‬ط‪ ،3‬سنة ‪1526‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")72‬المختصر الفقهي"‪ ،‬ابن عرفة‪ ،‬محمد بن محمد الورغمي‪ ،‬المحقق‪ :‬د‪ .‬حافظ‬
‫عبد الرحمن‪ ،‬مؤسسة خلف الخبتور لألعمال الخيرية‪ ،‬ط‪ 1535 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")73‬المدونة الكبرى"‪ ،‬األصبحي‪ ،‬مالك بن أنس‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ -‬ط‪،1‬‬
‫‪1515‬هـ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")74‬المعونة على مذهب عالم المدينة"‪ ،‬القاضي عبدالوهاب بن علي بن نصر‬


‫الحق‪ ،‬المكتبة التجارية‪ ،‬مصطفى أحمد الباز‬
‫ّ‬ ‫اليعلبي‪ ،‬المحقق‪ :‬حميش عبد‬
‫‪ -‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ ")75‬المغـني"‪ ،‬ابن قدامة‪ ،‬عبداهلل بن أحمد بن محمد‪ ،‬مكتبة القاهرة‪1388 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ ")76‬المنيور في القواعد الفقهية"‪ ،‬الزركشي‪ ،‬بدر الدين محمد بن عبد اهلل بن‬
‫بهادر‪ ،‬و ازرة األوقاف الكويتية‪ ،‬ط‪1525 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")77‬الموافقات"‪ ،‬الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي‪ .‬تحقيق‪ :‬مشهور‬
‫حسن آل سلمان‪ ،‬دار ابن عفان‪ ،‬ط‪1512 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")78‬النكت والعيون " الماوردي‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد‪ ،‬المحقق‪:‬‬
‫السيد عبدالمقصود‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫‪ ")79‬النهر الفائق شرح كنز الدقائق"‪ ،‬ابن نجيم‪ ،‬سراج الدين عمر بن إبراهيم‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬أحمد عناية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1522 ،1‬هـ ‪.‬‬
‫‪ ")81‬مختصر القدوري"‪ ،‬القدوري‪ ،‬أحمد بن محمد بن أحمد‪ ،‬المحقق‪ :‬كامل محمد‬
‫عويضة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1518 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")81‬مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"‪ ،‬المباركفوري‪ ،‬عبيد اهلل بن محمد عبد‬
‫السالم‪ ،‬إدارة البحوث العلمية والدعوة واإلفتاء ‪ -‬الجامعة السلفية ‪ -‬بنارس‬
‫الهند‪ ،‬ط‪ 1525 - 3‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")82‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"‪ ،‬المال القاري‪ ،‬علي بن سلطان محمد‪،‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1522 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")83‬معالم السنن‪ ،‬وهو شرح سنن أبي داود"‪ ،‬أبو سليمان حمد بن محمد‬
‫الخطابي‪ ،‬المطبعة العلمية – حلب‪ ،‬ط‪ 1351 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")84‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج"‪ ،‬الشربيني‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫الخطيب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1515 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")85‬منح الجليل شرح مختصر خليل"‪ ،‬عليش‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد‪ ،‬دار‬
‫الفكر ـ بيروت‪ ،‬ط‪1529‬هـ‪.‬‬
‫حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"‬

‫‪ ")86‬مواهب الجليل في شرح مختصر خليل"‪ ،‬الحطاب‪ ،‬عبداهلل محمد بن محمد‬


‫بن عبدالرحمن‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الفكر‪1512 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ ")87‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج‪ ،"،‬الرملي‪ ،‬شهاب الدين محمد بن أبي‬
‫العباس أحمد بن حمزة ‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪1525 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")88‬نهاية المطلب في دراية المذهب"‪ ،‬الجويني‪ ،‬عبدالملك بن عبداهلل بن يوسف‪،‬‬
‫الديب‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬ط‪1528 ،1‬هـ‪.‬‬
‫حققه‪ :‬أ‪.‬د عبدالعظيم ّ‬
‫‪ ")89‬نيل األوطار من أحاديث سيد األخيار شرح منتقى األخبار"‪ ،‬الشوكاني‪،‬‬
‫محمد بن علي بن محمد‪ ،‬تحقيق‪ :‬عصام الدين الصبابطي‪ ،‬دار الحديث‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪1513 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ ")91‬الهداية في شرح بداية المبتدي"‪ ،‬المرغيناني‪ ،‬أبو الحسن علي بن أبي بكر‪،‬‬
‫تصحيح‪ :‬طالل يوسف‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬لبنان‪ ،‬ط سنة‬
‫‪1515‬هـ‪.‬‬
‫‪ )91‬الموقع اإللكتروني للشيخ عبدالرحمن البراك‪،‬‬
‫(‪.)https://sh-albarrak.com/‬‬

You might also like