Professional Documents
Culture Documents
الفقهية اخلالفية
"دراسة تأصيلية تطبيقية"
إعداد:
د .أمحد بن حممد بن سعد آل سعد الغامدي
األستاذ املشارك بقسم الفقه – بقسم الفقه
بكلية الشريعة وأصول الدين _ جامعة امللك خالد
اململكة العربية السعودية – أبها .
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
Research Methodology
Fundamentalist, applied analytical and comparative approach
Study Findings
Living amicably is an asset for the marrying couple given
preference to the axiom that the wife's obedience to her husband is a
must and superior right to the effect that they both should consider
the disagreement erupted between them to the consideration as a
paramount importance the lasting living and stability ate priorities
which should be maintained .
Key-words
Conjugal obedience – warranted disagreement –
Jurisprudential matters
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
المقدمة
الحمد هلل ،والصالة والسالم على رسول اهلل ،وعلى آله وصحبه ومن
وااله .أما بعد:
األصل أن تقوم العالقة بين الزوجين على التوافق والتراضي؛ لتدوم
العشرة ،وتستقر األُسرة ،كما أن األصل في المسائل االجتهادية(ّ )1أال ي ِ
نكر ُ ّ
أحد أحداً بما يعتقده ،أو يحمله على مذهبه.
أحد على أحد ،وال ُيلزم ٌ
ٌ
غير أن التفاوت بين الزوجين في التكوين والتفكير و ِ
العلم باألحكام،
يستحيل معه عادةً أن يتفقا على كل شؤونهما ،وجميع تفاصيل حياتهما،
حتمي،
ٌ أمر
وبالتالي فإن وقوع االختالف بينهما في الفروع الفقهية الخالفية ٌ
ولن ينتهي ،وال يمكن إلغاؤه أو تجاهله.
فكان من المهم أن يعرف الزوجان كيف يتعامالن مع الخالف الفقهي
عندما يحصل بينهما؛ ليكون لديهما القدرة الفكرية والحصيلة العلمية لتجاوز
تلك الخالفات الفقهية.
غبت أن أقوم بدراسة هذا الموضوع وتأصيله مع بيان كيفية تعامل
ولذا ر ُ
الزوجين عند وقوع االختالف بينها في الفروع الفقهية الخالفية ،مع التمييل
وجعلت الدراسة بعنوان:
ُ ببعض المسائل الفقهية الخالفية مما يكير وقوعه،
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية
تطبيقية"
مشكلة الدراسة :اختالف الزوجين المتكرر في المسائل الفقهية
الخالفية ،واعتقاد كل منهما صحة رأيه؛ مما أصبح مصدر خوف وقلق عند
بعض األزواج ،بل وشقاق بينهما أحياناً.
يعرفه اإلمام الشاطبي في الموافقات 131/5بقوله" :االجتهاد ( )1المسائل الخالفية ،أو الخالف السائغّ ،
المعتبر شرعاً الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه االجتهاد".
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
( )1أعني باالختالف بين الزوجين هنا وفي كل ما سيرد معنا في هذا البحث :االختالف بينهما في
المسائل الفقهية الخالفية.
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
التمهيد
حدود الطاعة الزوجية
يعتبر عقد النكاح منشأ الطاعة الزوجية؛ التي هي أساس دوام العالقة
بين الزوجين ،وتنظيم حياتهما ،ووفائهما بالحقوق المتبادلة بينهما.
وكما أوجب اهلل تعالى على الزوج معاشرة زوجته بالمعروف ،فقد أوجب
سبحانه على الزوجة طاعة زوجها ،وهذه الطاعة مع كونها من مقتضيات
العقد ،ولوازم القوامة ،إالّ أنها محكومة بشرع اهلل تعالى ،ومحدودة بما يضمن
للزوجة كرامتها ،ومصالحها.
فصلوا فيها ،ورسموا
وحين تناول الفقهاء رحمهم اهلل هذه المسألة ّ
حدودها؛ تفسي ًار للعقد الذي وصفه اهلل تعالي بالميياق الغليظ ،فاتفقوا على
اآلتي:
أوالً :اتفقوا على أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة ،عدا ما فيه
معصية،
ٍ
مخالفة لشرط في العقد(.)1 أو ضرر عليها ،أو
ثانياً :أجمعوا على أنه إذا تعارضت رغبة الزوجة في القيام بنفل مطلق
()2
حق الزوج
حج ،مع حقوق الزوج ،فإن ّ يطول وقته ؛ كقيام ليل ،أو صيام ،أو ّ
()1
ولم يأذن لها ،وعليها طاعته؛ " مقدم ،وله منعها من ذلك إن كان حاض ًار
ّ
()2
ألن حقوق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير" ،فحقّه في االستمتاع
التطوع(.)3
ّ مقدم على
واجب في كل وقت ،والقيام بالواجب ّ
قال ابن المنذر ":أجمع أهل العلم على أن للرجل منع زوجته من
الخروج إلى حج التطوع"(.)5
بمحرم مجمع
ّ ثالثاً :اتفقوا على أن الزوج إذا أمر زوجته بمعصية أو
عليه؛ كشرب خمر أو أكل خنزير ،فتحرم طاعته؛ ألنه ال طاعة لمخلوق في
معصية اهلل تعالى(.)5
رابعاً :اتفقوا أيضًا على أنه ال يجوز للزوج منع زوجته من أداء الفرائض
الالزمة لها ،كالعبادات الواجبة مع ضيق الوقت؛ ألن طاعة اهلل تعالى مطلقة
ومقدمة على طاعة الزوج (.)6
ّ
قال ابن المنذر" :وال أعلمهم يختلفون أن ليس له منعها من صوم ،وال
صالة واجبة"(.)2
( )1أما في حال كان غائباً عنها ،ونهاها عن التطوع بالصيام ،فال تجب عليها طاعته؛ ألن صيامها ال
يفوت حقاً له؛ قال النووي في المجموع ": 392/6وأما صومها التطوع في غيبة الزوج عن بلدها
فجائز بال خالف".
( )2شرح ابن بطال على صحيح البخاري . 316/2
( )3ينظر :تحفة الفقهاء ،السمرقندي ،369/1شرح مختصر خليل ،الخرشي ،265/2مغني المحتاج،
الشربيني ،182/2المغني ،ابن قدامة ،559/3المحلى ،ابن حزم . 553/5
( )5اإلشراف على مذاهب العلماء ،122/3وينظر نحو هذه العبارة أيضاً في كتابه اإلجماع ،51/1وفي
اإلقناع في مسائل اإلجماع ،ابن القطان ،252/1ونقل ابن تيمية -أيضاً -في مجموع الفتاوى
،225/32اتفاق العلماء على ذلك.
( )5ينظر اإلجماع على هذه المسألة :الحاوي الكبير ،الماوردي ،232/9بحر المذهب ،الروياني 225/9
– ،226البيان في فقه اإلمام الشافعي ،العمراني ،599/9المجموع ،النووي . 512/16
( )6وممن ذكر اإلجماع :ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري ،361/2والماوردي في الحاوي الكبير
،232/9والعمراني في البيان في فقه اإلمام الشافعي ،599/9والنووي في المجموع . 512/16
( )2اإلشراف على مذاهب العلماء . 122/3
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
نص على ذلك الخطابي في أعالم الحديث ،968/2وابن الجوزي في كشف المشكل من حديث (ّ )1
الصحيحين ،352/5وابن تيمية في مجموع الفتاوى ،252/32والزرقاني في شرحه على الموطأ
محتاجين إلى
َ ،282/2بينما يرى اإلمام ابن حزم في المحلى ،158/12أنه ":إن كان األب ،واألم
خدمة االبن أو االبنة -الناكح أو غير الناكح -لم يجز لالبن وال لالبنة الرحيل ،وال تضييع األبوين
أصال ،وحقهما أوجب من حق الزوج والزوجة" .
( )2ينظر :النهر الفائق ،ابن نجيم ،292/2رد المحتار ،ابن عابدين ،256/6الجامع ألحكام القرآن،
القرطبي ،169/5بحر المذهب ،الروياني ،565/9المبدع ،ابن مفلح ،255/6آداب الزفاف في
السنة المطهرة ،األلباني ص.212
( )3الفروع . 382/8
( )5ينظر :المحلى . 228-222/9
( )5ينظر :فتح الباري شرح صحيح البخاري . 323/9
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
حيث قال" :المرأة ال يجب عليها طاعة الزوج في ك ّل ما يأمر به ،إنما ذلك
فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه"(.)1
أدلة القول األول:
استدل القائلون بوجوب الطاعة المطلقة ،بأدلة كييرة ،يكفينا منها في هذا
التمهيد ظاهر إطالق األدلة الشرعية الدالة على وجوب طاعة الزوجة لزوجها،
دون قيود أو حدود ،ومنها:
)1آية القوامة ،وهي قول اهلل تعالى﴿ :ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ
ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ﴾ [النساء ،اآلية . ]35
وفي بيان وجه الداللة منها يقول القرطبي (ت621هـ) " :وهو أن يقوم
بتدبيرها وتأديبها وامساكها في بيتها ومنعها من البروز ،وأن عليها طاعته
وقبول أمره ما لم تكن معصية ،وهذا كلّه َخ َبٌر ،ومقصوده األمر بطاعة الزوج،
والقيام بحقه في ماله ،وفي نفسها في حال غيبة الزوج"(.)2
وفي قول اهلل تعالى ﴿ :ﱐ ﱑ﴾" ،قال المفسرون:
مطيعات ألزواجهن ،وأصل القنوت دوام الطاعة ،وظاهر هذا إخبار ،وتأويله
األمر لها بأن تكون طائعة ،وال تكون المرأة صالحة إال إذا كانت ُمطيعةً
لزوجها"(.)3
عز وج ّل ﴿ :ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ﴾ ،قال ابن كيير وفي قوله ّ
(ت225هـ) في توجيه اآلية " :إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده
منها مما أباحه اهلل له منها ،فال سبيل له عليها بعد ذلك ،وليس له ضربها ،وال
هجرانها"(.)5
النس ِ ول اللَّ ِه :أ ُّ يل ِلرس ِ )2عن أَبِي ُهرْيرةَ رضي اهلل عنهَ ،ق َ ِ
اء َخ ْيٌر؟ َي ِّ َ ال :ق َ َ ُ ََ َْ
ِ ِ ِ ِ
َم َرَ ،وَال تُ َخالفُهُ في َن ْفسهَا َو َمالهَا ِ
ظ َر ،وتُط ُ ِ ِ ِ َّ
يعهُ إ َذا أ َ ال« :التي تَ ُس ُّرهُ إ َذا َن َ َ َق َ
بِ َما َي ْك َرهُ»(.)1
ِ ِ ِ َن َر ُسو َل اللَّ ِه َ ق َ ضي اللَّهُ َع ْنهُ :أ َّ ِ
ال« :الَ َيح ُّل لْل َم ْأرَة أ ْ
َن ِ
َ )3ع ْن أَبي ُه َرْي َرةَ َر َ
اه ٌد ِإ َّال بِِإ ْذنِ ِهَ ،والَ تَْأ َذ َن ِفي َب ْيتِ ِه ِإ َّال بِِإ ْذنِ ِه.)2( »...
تَصوم وَزوجها َش ِ
ُ َ َ َُْ
حق الزوج في االستمتاع واجب في كل ووجه الداللة من الحدييين :أن ّ
مقدم على النافلة ،فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في وقت ،والواجب ّ
االستمتاع بها فيجب عليها باألولى طاعته فيما فيه تربية أوالدهما ،وصالح
أسرتهما ،ونحو ذلك من الحقوق والواجبات(.)3
أدلة القول الثاني:
استدل القائلون بتقييد وجوب الطاعة في النكاح وتوابعه ،بأن المعقود
عليه في عقد النكاح من جهة الزوجة هو االستمتاع ،وليس عين الزوجة وال
منفعتها ،فال يلزمها ما سواه.
ويُمكن أن تناقش حجتهم هذه بما سبق إيراده في أدلة القول األول وأنها
أدلة ُمطلقة ،مجردة على القيود واألوصاف والحدود ،والواجب أن ُيعمل
بالمطلق على إطالقه ما لم يقم دليل التقييد ،وال دليل لهم هنا.
والراجح – واهلل أعلم – هو القول بوجوب طاعة الزوجة لزوجها في كل
أمر مباح ،ال معصية فيه ،وال ضرر عليها منه ،ما دامت قادرة عليه ،وللزوج
فيه غرض صحيح؛ ألنه الذي ينسجم مع مقاصد النكاح ،ويتوافق مع قوامة
الرجل على المرأة ،وواليته عليها ،ويعين على دام العالقة الزوجية.
أي النساء خير ،برقم ( )3231واللفظ له ،وأحمد في مسنده، ( )1أخرجه النسائي في كتاب النكاح ،باب ّ
برقم ( ،)2515والحاكم ، 161/2وقال" :صحيح على شرط مسلم" .ووافقه الذهبي ،وقال األلباني في
السلسة الصحيحة برقم (" ،)1838بل هو حسن فقط" .وقال عنه شعيب األرنؤوط" :إسناده قوي".
( )2أخرجه البخاري في كتاب النكاح ،باب ال تأذن المرأة في بيت زوجها ألحد إالّ بإذنه ،برقم (،)5195
واللفظ له ،ومسلم ،في كتاب الزكاة ،باب ما أنفق العبد من مال مواله ،برقم (.)1226
( )3ينظر :شرح النووي على صحيح مسلم ،112/2 ،فتح الباري ،ابن حجر ،296/9نيل األوطار،
الشوكاني ،252/6آداب الزفاف في السنة المطهرة ،األلباني ص.212
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
المبحث األول
االختالف بين الزوجين فيما ليس له تأثير على أحدهما
وتظهر صورة هذه المسألة :فيما إذا اعتقد أحد الزوجين بطريق شرعي
صحيح كاجتهاد أو تقليد ،في عباداته أو معامالته ،من حيث الحكم
أو الكيفية ،معتقدًا يختلف عن معتقد صاحبه ،وليس لفعل ما اعتقده أحدهما
تأيير على اآلخر بأي وجه من الوجوه.
ومن ذلك مثالً :االختالف بين الزوجين في بعض مسائل الطهارة ،فإذا
ال بقول شيخ اإلسالم ابن تيمية في جواز قراءتها للقرآن الكريم
أخذت الزوجة مي ً
()1
تمس المصحف أيناء العذر الشرعي ،والزوج ال يرى ذلك عمالً من غير أن ّ
بقول جمهور أهل العلم( ،)2فهل له أن يمنعها ،واذا منعها هل تطيعه؟.
وكأن يختلفا في بعض هيئات الصالة ،كأن تكون الزوجة مالكية،
اليسرى في القيام في الصالة من السُّننوالزوج حنبليًا ،فوضع اليد اليمنى على ُ
عند الحنابلة( ،)3وال يستحب عند المالكية في الفرض على الرواية المشهورة
عندهم(.)5
المعد
ّ حلي الذهب أو الفضة ّ وكأن تعتقد الزوجة وجوب زكاة ْ
()5
لالستعمال ،في حين أن زوجها يعتقد عدم الوجوب ،أو العكس .
( )1ينظر :مجموع الفتاوى ،562/21وينظر :المحلى ،ابن حزم ،95/1نيل األوطار ،الشوكاني 285/1
.
( )2ينظر :الهداية ،المرغيناني ،33/1المعونة على مذهب عالم لمدينة ،القاضي عبدالوهاب ص،163
المجموع ،النووي ،352/2اإلنصاف ،المرداوي . 352/1
( )3ينظر :شرح العمدة ،ابن تيمية ،65/1المبدع ،ابن مفلح ،552/1اإلنصاف ،المرداوي . 522/3
( )5ينظر :المدونة ،مالك ،169/1الجامع لمسائل المدونة ،ابن يونس ،515/2البيان والتحصيل ،ابن
رشد . 21/18
( ) 5وخالف الفقهاء في مسألة زكاة الحلي مشهور ،بين من ال يوجبها وهم جمهور العلماء من المالكية
والشافعية والحنابلة ،وبين من يوجبها ،وهم الحنفية وابن حزم والشوكاني.
ولالطالع على أقوالهم وأدلتهم ينظر :الهداية ،المرغيناني ،123/1التبصرة ،اللخمي ،868/2نهاية
المحتاج ،الرملي ،389كشاف القناع ،البهوتي ،235/2المحلى ،ابن حزم ،191/5السيل الجرار،
الشوكاني ص. 233
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
ومنها أيضاً ما إذا اختلفا في حكم استعمال أواني الذهب والفضة في
غير األكل والشرب ،كأدوات زينة ،أو أياث ،أو غير ذلك ،فأحدهما يقول
بالتحريم ،واآلخر ال يعتقد التحريم إالّ في استعمالها في األكل والشرب خاصة،
وما عدا ذلك فهو عنده جائز(.)1
ترجح القول بجواز بعض التعامالت المالية في مالها أو أن الزوجة ّ
()3 ()2
رجح التحريمالتورق ،وزوجها ي ّ
الخاص كالمتاجرة في األسهم المختلطة ،أو ّ ّ
()5
في المسألتين ،أو العكس .
حق منوالحكم في حاالت الخالف هذه ونحوها مما ال يؤير فعلها على ّ
حقوق أحدهما ،أنه ال يجوز ألحدهما منع اآلخر مما يعتقده ويدين هلل تعالى
به ،أو إجباره على ما ال يعتقده ،بل ال يجوز ألحدهما طاعة اآلخر في ترك
"وحق ِّ
كل واحد أن ّ ما يعتقده واجبًا أو فعل ما يعتقده محرمًا ،وان أ ِ
ُمر بخالفه،
يصير إلى ما ظهر له ،وال يُ ّيرب عليه ،وال يلومه ،وال يجادله"()5؛ لألسباب
( )1وخالف الفقهاء معروف في المسألة ،بي ن الجمهور القائلين بالتحريم ،وبين بعض الفقهاء كاألمير
الصنعاني ،والشوكاني ،وابن عييمين ،القائلين بالجواز.
ينظر :األوسط في السنن واإلجماع واالختالف ،ابن المنذر ،318/1المحيط البرهاني ،ابن مازة ،356/5
المعونة على مذهب عالم المدينة ،القاضي عبدالوهاب ص ،1213تحفة المحتاج ،الهيتمي ،118/1
شرح العمدة ،ابن تيمية ص ،115السيل الجرار ،الشوكاني ص ،235الشرح الممتع ،ابن عييمين
.25/1
( )2وهذا بناء على أنه ال خالف بين العلماء في أنه ليس للزوج منع زوجته من تصرفها في مالها بعوض
كالبيع واإلجارة ونحوها ،إذا كانت رشيدة ،جائزة التصرف ،وليست ممن يخدع عادةً ،كما ذكره ابن
حزم في مراتب اإلجماع ،ص.162
التورق :أن يشتري سلعة نسيئة ،يم يبيعها نقداً لغير البائع بأقل مما اشتراها به؛ ليحصل بذلك على
( )3و ّ
صح النهي عنه. النقد ،وهو عكس بيع العينة الذي ّ
ينظر في تعريفه :معجم المصطلحات المالية واالقتصادية ،لنزيه حماد ،ص. 153
التورق ،والمتاجرة باألسهم ،ينظر :حكم التورق كما تجريه
( )5ولالطالع على خالف الفقهاء في مسألتي ّ
المصارف اإلسالمية ،المنيع ،التورق المصرفي ،رياض رشود ،أحكام األسهم وأنواعها على ضوء
قواعد الفقه اإلسالمي ،القره داغي ،األسهم والسندات وأحكامها في الفقه اإلسالمي ،الخليل،
المعامالت المالية المعاصرة في الفقه اإلسالمي ،شبير ،فقه المعامالت المالية المعاصرة ،الخيالن،
المعامالت المالية أصالة ومعاصرة ،الدبيان.
( )5المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ،القرطبي . 699/6
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
اآلتية:
البد أن تكون في حدود الشرع ،وطاعة أحدهما -أن الطاعة بين الزوجين ّ
عصيان هلل تعالى، ٌ لآلخر في ترك ما يراه واجباً أو فعل ما يعتقده محرماً
ضي اللَّهُ َع ْنهُ :أ َّ
َن ِ ِ
وال طاعة لمخلوق في معصية الخالق ،فعن َعل ٍّي َر َ
وف»(.)1 صي ٍةِ ،إنَّما الطَّاعةُ ِفي المعر ِ
ِ ط ِ النبِ َّي َ ق َ
َّ
َ ُْ َ َ اع َة في َم ْع َ
ال« :الَ َ َ
قال ابن هبيرة (ت562هـ) في بيان وجه الداللة من الحديث" :في هذا
الحد الذي ال ينتهي إلى معصية الحديث من الفقه أنه تجوز طاعة األمير إلى ّ
عز وج ّل ،فإذا انتهى إليها فحينئذ ال طاعة له وال لغيره"(.)2
اهلل ّ
أحد.
يقدم على طاعته ٌ أحق وأوجب ،وال ّ
-أن طاعة اهلل تعالى ّ
-أن ذمة أحدهما قد أصبحت مشغولة بما َو َجب عليها أو ُح ّرم ،وال تب أر ّإال
المحرم.
ّ بأداء الواجب واالمتناع عن
-أن من َع ِمل في مسائل االجتهاد السائغ بقول بعض العلماء ،لم ُينكر عليه
ولم يُهجر(.)3
وهذا فيما إذا كان اجتهادهما صحيحًا ،أو كان مقلّدهما عالمًا معتب ًار،
فأما إن كان دليلهما فيما يعتقدانه ضعيفًا ،أو كان مقلّدهما ممن ال تب أر الذمة ّ
يوجه اآلخر بتقليده ،وكان أحدهما من أهل العلم أو االجتهاد والنظر ،فله أن ّ
وينصحه بما يراه أقوى دليالً وأصح نظ اًر ،باألسلوب الحكيم والموعظة الحسنة،
وتكون طاعته في ميل هذه الحالة متأ ّكدة ،والرجوع إلى قول صاحبه األعلم
أبعد له عن الخطأ وأسلم(.)5
( )1متفق عليه ،أخرجه البخ اري في كتاب أخبار اآلحاد ،باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق،
برقم ( ،) 2252ومسلم ،في كتاب اإلمارة ،باب وجوب طاعة األمراء في غير معصية ،وتحريمها في
المعصية ،برقم (.)1852
( )2اإلفصاح عن معاني الصحاح . 258/1
( )3ينظر :مجموع الفتاوى ،ابن تيمية ،222/22القواعد األصولية والفقهية المتعلقة بالمسلم غير
المجتهد ،الشيري ص.52
( )5ينظر :الفوائد الجسام على قواعد ابن عبدالسالم ،البلقيني ص. 229 – 228
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
المبحث الثاني
االختالف بين الزوجين فيما له تأثير على أحدهما ،وفيه مطلبان:
المطلب األول
االختالف بينهما فيما له تأثير على الزوج.
وأقصد بذلك االختالف بين الزوجين فيما له تأيير على الزوج باإلساءة
إليه أو التنقيص من شأنه بأي وجه من الوجوه.
ومن أوضح األميلة عليها ،مسألة :تغطية المرأة وجهها أمام الرجال
األجانب ،وهي مسألة خالفية مشهورة(.)1
فحين تعتقد الزوجة بطريق شرعي صحيح جواز كشف وجهها أمام
الرجال األجانب ،بينما يرى زوجها وجوب ستره ،وحرمة كشفه ،وكانا في
مجتمع جرى العمل فيه على تغطية المرأة وجهها أمام الرجال األجانب ،فهل
للزوج في هذه الحالة إجبار زوجته على تغطية وجهها ،وهل يلزم المرأة طاعته
في أمره ؟.
ويمكن أن يضاف إليها مسألة :سفر المرأة بغير زوج أو محرم ،سواء
أكان سفر طاعة كزيارة والديها ،أو سف ًار مباحًا للعمل أو التجارة أو غيرهما،
والخالف فيها بين أهل العلم ال يخفى لشهرته( ،)2فلو رأى الزوج تحريم سفر
زوجته بمفردها؛ صيانة لشرفها ،وخوفاً عليها من الفتن والمفاسد المتوقعة ،أو
( ) 1ينظر أقوال بعض فقهاء المذاهب في المسألة :اختالف األئمة العلماء ،ابن هبيرة ،121/1األصل،
الشيباني ،235/2الجامع لمسائل المدونة ،ابن يونس ،611/2البيان في مذهب اإلمام الشافعي،
العمراني ،118/2الفروع ،ابن مفلح ،35/2أحكام القرآن ،ابن العربي ،616/3الجامع ألحكام
القرآن ،القرطبي . 222/15
( ) 2حيث ذهب جماهير أهل العلم إلى تحريم سفر المرأة بغير محرم لغير ضرورة ،وذهب آخرون إلى
أُمنت الفتنة والضرر ،وذكروا للمسألة تفصيالت ال يتسع المقام جواز السفر بدون محرم إذا
لعرضها.
ينظر :اختالف الفقهاء ،المروزي ،521/1المبسوط ،السرخسي ،112/5التنبيه على مشكالت الهداية،
ابن أبي العز ،828/5المختصر الفقهي ،ابن عرفة ،122/2المجموع ،النووي - 522/5
،352/8المغني ،ابن قدامة ،228/3شرح العمدة ،ابن تيمية ،122/1المحلى ،ابن حزم . 19/5
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
أن تتعرض لما يؤذيها في دينها أو بدنها ،ولئال تلجأ للرجال األجانب عند
الحاجة ،لكن زوجته ترى أنه ال بأس من سفرها من غير محرم.
ففي هذين الميالين ونظائرهما ..وبناء على أن األصل :أنه ال يحق
ألحد أن يلحق الضرر ٍ
بأحد ،وال أن ُيسيء إليه بأي عمل ،باإلضافة إلى أن ٍ
ُ
غيرة الزوج المحمودة على زوجته من أن يراها غيره مطلب شرعي ،فإنه يجوز
له والحالة هذه إجبار الزوجة على تغطية وجهها؛ ألن تغطية وجهها مما
رضه ،وعدم تغطيتها وجهها أمام الرجال األجانب وهو ال يرى ِ ِ
َي ْعنيه؛ فزوجته ع ُ
ذلك يؤير على قوامته عليها؛ ألنه يعتقد أن الوجه من المفاتن التي يجب سترها
عن األجانب.
وله -أيضاً -أن يمنعها من السفر بمفردها؛ لما سبقت اإلشارة إليه من
أسباب ،ولكون السيادة له ،وألننا لو قلنا بعدم جواز منعه لها ألسقطنا حقّه
بالنص الصحيح الصريح في القوامة عليها ،وهو قول اهلل تعالى﴿ :
ّ اليابت
ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﴾ [النساء ،اآلية .] 35
تديناً هلل تعالى ،وحفظاً لكرامتها ،وصوناً
وكل هذا فيما إذا كان رأيه ّ
اتهاما لها وسوء ظن بها.
ً تعنتًا ،أو
تعسفًا أو ّ
لشرفها ،ال ّ
عز وجل ،وطاعةًوعلى الزوجة أن تمتيل لزوجها احتساباً فيما عند اهلل ّ
لزوجها فيما أمر ،ال سيما وأنه لن يترتب على عملها هذا ضرر عليها ،أو
إخالل بحقوقها.
وعلى الزوج في كل ما سبق أن يعامل زوجته بحكمة ولطف ،وينصحها
برفق ،ويبين لها ما سيترتب على هذه األعمال من المفاسد والمخاطر ،ويذكرها
بوجوب طاعته عليها ،واآليار التي ستلحقه من أعمالها التي ال يرى جوازها،
يتجنبا بقدر المستطاع ك ّل ما يؤدي إلى الشقاق بينهما.
وعليهما أن ّ
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
المطلب الثاني
االختالف بين الزوجين فيما له تأثير على الزوجة.
وأقصد بذلك االختالف بين الزوجين في المسائل الفقهية الخالفية مما له
تأيير على الزوجة كاإلساءة إليها ،أو اتهامها في دينها أو شرفها ،أو التأيير
على عباداتها أو معامالتها.
ومن أوضح األميلة على ذلك :تغطية المرأة وجهها أمام الرجال
األجانب ،وهو عكس الصورة التي في المطلب السابق ،وذلك بأن تعتقد الزوجة
وجوب تغطية وجهها ،ويرى زوجها عدم الوجوب ،فهل للزوج في هذه الحالة
طاعةٌ إذا أمر زوجته بكشف وجهها أمام الرجال األجانب ،بحجة أنه جائز في
اعتقاده ؟.
وقريب من هذه المسألة ،مسألة االستماع إلى الغناء المشتمل على
المعازف( ،)1وذلك حين يرى الزوج إباحته ،ويطالب زوجته باالستماع ،أو
بحضورها معه في الحفالت المشتملة على الغناء المحرم ،أو يجبرها على
وتتعبد اهلل تعالى بذلك ،فهل
ّ ذلك ،وهي تعتقد تحريمه ،وتستشعر مفاسده،
يلزمها طاعة زوجها؟.
وميل ذلك أيضاً :ما إذا كانت الزوجةُ مالكي ًة ترى أن خروج المذي منها
الحنفي أراد مالعبتها في نهار
ّ في نهار رمضان يوجب القضاء( ،)2لكن زوجها
()3
يحق للزوج في هذه
رمضان؛ ألن خروج المذي عنده ال يبطل الصيام ،فهل ّ
( ) 1عامة أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على تحريم الغناء المشتمل على المعازف،
وذهب بعض أهل العلم كابن حزم الظاهري.
ينظر :اإلقناع في مسائل اإلجماع ،ابن القطان ،325/2الدر المختار ،الحصفكي ،وشرحه رد المحتار،
ابن عابدين ،359/6الجامع لمسائل المدونة ،ابن يونس ،221/25البيان في مذهب اإلمام
الشافعي ،العمراني ،295/13المغني ،ابن قدامة ،153/12المحلى ،ابن حزم . 559/2
( )2ينظر :المدونة ،مالك ،269/1الجامع لمسائل المدونة ،ابن يونس ،1126/3حاشية العدوي على
كفاية الطالب الرباني ،العدوي . 562/1
( )3ينظر :المبسوط ،السرخسي ،65/3الهداية وشرحها البناية للعيني ،55/5تبيين الحقائق ،الزيلعي
.325/1
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
الحالة أن يجبر زوجته على تلبية رغبته في المداعبة ،أم أن للزوجة أن تمتنع
عن زوجها تجنباً لإلمذاء؟
والجواب أن ُيقال :األصل أن الطاعة بين الزوجين بالمعروف ،فليس
للزوجة أن تطيع زوجها إال في المعروف ،كما أنه ليس له أن يطيعها إال في
المعروف ،وكما أنه ال يجوز لها تفعل ما يضره أو يؤذيه ،فكذلك ليس له أن
أمرها بما يضرها أو يؤذيها ،وبالتالي فإنه ال يجوز للرجل أن يجبر زوجته على
المتعبدة بالحجاب،
ّ ما يعتقده في هاتين المسألتين ونحوهما؛ لتعلقهما بها ،وهي
المحرم ،والمسئولة عنه أمام اهلل تعالى ،يم إن هذا هو
ّ والمؤاخذة بارتكاب
األستر لها واألحفظ لعفّتها وكرامتها.
عما إذا طلب
وقد سئلت اللجنة الدائمة لإلفتاء بالمملكة العربية السعودية ّ
الزوج من زوجته كشف وجهها أمام األجانب ،مع علمهما باالختالف الواقع
نصه " :يحرم على الزوجة
بين العلماء في حكم تغطية الوجه ،فأجابت بما ّ
طاعة زوجها فيما حرم اهلل؛ ألنه ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق ،ومن
ذلك :كشف وجهها أمام غير محارمها من الرجال ،سواء كانوا من أقاربه ،أم
أقاربها ،أم غيرهم"(.)1
وهذا يعني :أنه ال يجوز للزوج أن يجبر زوجته على ما يعود عليها
بالضرر في دينها أو دنياها ،وال يحق له أن يلزمها بخالف ما تعتقده ،مما
يؤير عليها؛ ألنه إذا كان إلحاق الضرر بالغير ظلماً منهيًا عنه ،فكيف
بالزوجة القريبة.
لكن على الزوجين أن يتعامال مع هذه األحكام واألحوال وأميالها ِ
بح ْكمة،
واييار ،بعيدًا عن المغالبة المؤدية إلى الشقاق والنزاع ،الذي ال تحمد عقباه.
المبحث الثالث
االختالف بين الزوجين في المسائل الحقوقية ،وفيه ثالثة مطالب:
المطلب األول
االختالف بينهما فيما يكون من حقوق الزوج.
قررت الشريعة اإلسالمية أن للزوج على زوجته حقوقاً كييرة؛ منها: ّ
القوامة ،والطاعة ،والتمكين ،والقرار ،وأوجبت على الزوجة أداء هذه الحقوق،
وحرمت عليها اإلخالل بها.
ّ
كما أن الزوج بمجرد عقد النكاح يملك بعض آياره ،ويستق ّل بها ،ويكون
له القول فيها؛ كالطالق ،والرجعة ،واإليالء ،وغيرها من فُرق النكاح.
غير أنه قد يكون للزوجة رأياً فقهياً في مسألة ْما يخالف رأي زوجها،
وفي الوقت نفسه يتعارض مع حقوقه أو بعضها ،وقد يؤدي إلى تضييعها
بالكلية أو اإلخالل بها.
ّ
ولعلي هنا أذكر يالث صور تتضح بها هذا المطلب ،وهي:
الصورة األولى :االختالف بين الزوجين في مسائل لها تأيير على حقوق
إما بتفويتها بالكلية ،أو عدم تم ّكنه من استيفائها.
الزوج ّ
الصورة الثانية :االختالف بين الزوجين في مسائل لها تأيير على كمال
استيفاء الزوج لحقوقه.
الصورة الثالثة :االختالف بين الزوجين في مسائل لها تأيير فيما يملكه
الزوج من آيار عقد النكاح.
فأما الصورة األولى:
وهي االختالف بين الزوجين بما له تأيير على حقوق الزوج بتفويتها ،أو
عدم تم ّكنه من استيفائها ،وميالها ما إذا ترتّب على ما تعتقده الزوجة خروجها
من بيت الزوجة ،أو غيبتها عن زوجها.
ومن المسائل الفقهية الخالفية التي لها أير في معظم حقوق الزوج،
الحج على
ّ لحج الفريضة ،فإذا كانت الزوجة ترى وجوب
مسألة سفر الزوجة ّ
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
الفور ،وزوجها يرى أنه على التراخي( ،)1فهل تعمل الزوجة بما تراه واجبًا،
وتخرج من بيت زوجها ولو من غير إذنه ،وتغيب عنه أياماً ألداء الفريضة ،أم
ال برأيه في جواز تأخير
أن للزوج إذا استأذنته منعها من السفر للحج؛ عم ً
ي ،وحاجته إلى وجود زوجته قائمة ،وال سبيل
الحج ،وبناء على أن حقّه فور ّ
لتم ّكنه منها إالّ بقرارها في بيته؟
حاصل خالف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
الحج،
ّ القول األول :ليس للزوج منع زوجته من الخروج ألداء فريضة
وهو مذهب الحنفية ،والمشهور عند المالكية ،وقو ٌل عند الشافعي ،والصحيح
عند الحنابلة ،مع أن المستحب لها أن تستأذنه تطييباً لنفسه؛ وألن ذلك أدعى
إلى األلفة ،وصالح ذات البين ،وأبعد عن الشقاق (.)2
الحج الفرض ،في
ّ الحق في منع زوجته من
ّ القول الثاني :أن للزوج
ٍ
قول لمالك ،وهو األصح عند الشافعية ،ورواية عن أحمد ،مع أن المستحب له
أن يأذن لها(.)3
( )1ذهب اإلمامان أبو حنيفة ومالك في المشهور عنهما ،وبعض أصحاب الشافعي ،وأحمد في أظهر
الحج وأمكنه فعله وجب عليه أداؤه على
ّ الروايتين عنه ،وابن حزم ،وغيرهم ،إلى أن من َو َجب عليه
الفور ،ولم يجز له تأخيره ،بينما في رواية أخرى عن أبي حنيفة ،ومالك ،وهي قول اإلمام الشافعي،
موسعاً.
الحج واجب وجوباً ّ
وأحمد في رواية عنه ،واألوزاعي ،إلى أن ّ
ينظر :اختالف األئمة العلماء ،ابن هبيرة ،226/1التجريد ،القدوري ،668/5الهداية للمرغيناني وشرحها
البناية للعيني ،151/5التبصرة ،اللخمي ،1131/3البيان في مذهب اإلمام الشافعي ،العمراني
،55/5المجموع ،النووي ،123/2المغني ،ابن قدامة ،232/3اإلنصاف ،المرداوي . 52/8
( )2ينظر :اإلشراف على مذاهب العلماء ،ابن المنذر ،122/3المبسوط ،السرخسي ،112/5مواهب
الجليل ،الخطاب ،525/2فتح العزيز شرح الوجيز ،الرافعي ،32/8شرح العمدة ،ابن تيمية
،285/1اإلنصاف ،المرداوي . 36/8
( )3ينظر :اإلشراف على مذاهب العلماء ،ابن المنذر ،122/3الذخيرة ،القرافي ،225/2األم ،الشافعي
،128/2اإلنصاف ،المرداوي . 36/8
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
أدلة األقوال:
أدلة القول األول:
استد ّل القائلون بعدم جواز منع الزوج زوجته من حج الفريضة ،باألدلة
اآلتية:
النبِ ِّي أنه قالِ« :إ َذا أوالً :عن س ِالِم ْب ِن ع ْبِد اللَّ ِه ،عن أَبِ ِ
يهَ ،ع ِن َّ َْ َ َْ َ
َحِد ُك ْم فَالَ َي ْم َن ْعهَا» .
()1 ِ
استَْأ َذ َنت ْ
ام َأرَةُ أ َ ْ
حج الفريضة،
فلفظ الحديث عام ،فيشمل الرجل إذا استأذنته امرأته ألداء ّ
فإنه ال يحل له منعها.
ونوقش :بأن المراد هنا االستئذان للخروج إلى المسجد ،بدليل أن اإلمام
زوجها بالخروج ِ
بوب للحديث بقوله" :باب استئذان المرأة َ البخاري (ت256هـ) ّ
إلى المسجد" ،ويؤكده روايات الحديث المقيدة ،ومنها رواية مسلم بلفظِ« :إ َذا
ام َأرَتُهُ ِإَلى اْل َم ْس ِجِد َف َال َي ْم َن ْعهَا»( ،)2فيحمل الحديث المطلق هنا
َح َد ُك ُم ْ استَْأ َذ َن ْ
ت أَ ْ
على الحديث المقيد.
ويمكن أن ُيجاب عنه :بأن المسجد الحرام أعظم المساجد ،وأجلّها،
النص في عدم جواز منعها من الخروج إلى ّ وأوالها بعدم المنع ،واذا ورد
المساجد وهو خروج مستحب ،فالحكم بعدم منعها من حجة اإلسالم أولى
وأحرى.
يقدم على الفرائض العينية كالصلوات الخمسحق الزوج ال ّ
ثانياً :أن ّ
وصوم رمضان ،فليس للزوج منع زوجته من الحج بعد استيفائها شروطه ،ألنه
مقدمة على طاعة من سواه(.)3
فرض عين عليها ،وطاعة اهلل تعالى ّ
ونوقش :بأن الحج يخالف الصوم والصالة؛ ألن مدتهما ال تطول ،فال
يلحق الزوج كيير ضرر ،بخالف الحج فإن مدته تطول(.)1
ثالثاً :أن حق الزوج مستمر على الدوام ،فلو ملك منعها في هذا العام
لملكه في كل عام ،فيفضي إلى إسقاط أحد أركان اإلسالم(.)2
أدلة القول الثاني:
وهم القائلون بأن للزوج منع زوجته من حجة اإلسالم.
وحق الزوج على الفور فكان أولي
ّ أو ًال :أن وجوب الحج على التراخي
بالتقديم(.)3
قال النووي (ت626هـ) " :وسببه أن الزوج له حق االستمتاع بها في كل
بتطوع ،وال بواجب على
ّ األيام ،وحقه فيه واجب على الفور ،فال يفوته
التراخي"(.)5
ونوقش :بأنه وان كان لها تأخيره إالّ أنها عبادة مؤقتة ،وتأخيره تعريضاً
لتفويته ،فلها أن تسارع إلى إبراء ذمتها؛ كما لها أن تصلّي المكتوبة في أول
وقتها(.)5
عامة ِ ِ
ثانياً :أن منافع اْل ُمتعة والع ْشرة من الزوجة مملوكةٌ للزوج في ّ
األحوال ،وعليها إيفاء تلك الحقوق ،وهي بخروجها إلى الحج تحول بين الزوج
وحقوقه(.)6
أستصعب ترجيح
ُ الترجيح :بعد التأمل في القولين وأدلتهما ،فإنني
أحدهما على إطالقه في هذه المسألة؛ ألن لكل قول حظّه من النظر ،ومقصد
عما قد
استمرار العالقة الزوجية مطلب شرعي ،وتجب المحافظة عليه ،والبعد ّ
يتسبب في نُفرة أحد الزوجين من اآلخر.
وبناء على ذلك ..وألن األصل ّأال يتصرف كل واحد من الزوجين فيما
له تعلّق بحقوق اآلخر ّإال بتر ٍ
اض وتوافق ،فإنه يجب علينا في هذه الحالة
ونظائرها أن ننظر إلى مصلحة الزوجين معاً ،والى حال الزوج خاصة ،فإن
للحج ،كأن
ّ صحيح من منعه لزوجته من الخروج
ٍ ٍ
غرض ُعلم من حاله أنه ذا
تكون حاجته إليها ناجزة ،وقد يلحق به الضرر في غيبتها ،فإن له حينئذ
مقدم ،وحقه في االستمتاع آكد الحقوقمنعها ،وعليها طاعته؛ ألن حقّه ّ
الحق في االستئذان بعقد النكاح،
ّ الزوجية ،والشريعة اإلسالمية قد أيبتت له
مقيد باالستطاعة.
ووجوب الحج ّ
وعليه في هذه الحالة أن يبين لزوجته سبب منعه لهاَ ،وَي ِع َدها فور زوال
وتيسر ظروفه أن يأذن لها بالخروج ،بل ويعينها عليه.
عذره ّ
تعسفاً ،واض ار اًر بها،
وان لم يكن له غرض صحيح ،وانما كان منعه لها ّ
وقت في عام قادم ألداء حجة اإلسالم ،فال وكانت الزوجة تخشى ّأال يتهيأ لها ٌ
يحق له منعها ،وال تجب طاعته.
قال اإلمام ابن حزم فيمن أحرمت بغير إذن زوجها " :وان كان حج
الفرض ،نظر :فإن كان ال غنى به عنها -لمرض أو لضيعته دونها أو ضيعة
ماله -فله إحاللها ...وان كان ال حاجة به إليها لم يكن له منعها أصال ،فإن
منعها فهو عاص هلل عز وجل ..وطاعة اهلل تعالى في الحج متقدمة لطاعة
األبوين والزوج ...وال فرق بين طاعة األبوين والزوج في ترك الحج وبين
طاعتهم في ترك الصالة أو في ترك الزكاة أو في ترك صيام شهر
رمضان"(.)1
ما إذا كان االختالف بينهما فيما له تعلق بكمال االستمتاع ال بأصله ،ومن
األميلة التطبيقية التي يذكرها الفقهاء على هذه الحالة ،مياالن:
الميال األول :ما إذا انقطع الدم عن صاحبة العذر الشرعي ،وكانت ترى
جواز الجماع قبل االغتسال الشرعي ،بينما يعتقد زوجها حرمة الوطء قبله(،)1
فهل له في هذه الحالة إجبارها على االغتسال أم ال ؟
والميال الياني ،وقد أورده بعض الفقهاء :شرب يسير النبيذ الذي ال
ُيسكر ،فإذا كانت الزوجة َح َنفية تعتقد إباحته ،والزوج غير َح َنفي يرى
تحريمه( ،)2فهل له أن يمنعها من شربه ؟
ولعل ما سأورده من خالف أهل العلم في الميال الياني ،يكفي في
إيضاح المسألة ،ويدل على حكم غيرها مما يشابهها؛ كالمسألة في الميال
األول،؛ رغبةً في االختصار ،وتجنبًا للتكرار ،وذلك على النحو اآلتي:
الرأي األول :أن له أن يمنعها من ُشرب يسير النبيذ الذي ال ُيسكر،
ذكره بعض الحنفية( ،)3وبعض الشافعية ،ومنهم من قطع بالمنع كالخطيب
الشربيني (ت922هـ) ،وشمس الدين الرملي (ت1225ه)( ،)5وبه قال بعض
الحنابلة(.)1
( )1والخالف في هذه المسألة بين الحنفية ،القائلين :بجواز الجماع قبل االغتسال إذا انقطع الدم ألكير
مدة الحيض ،وكذا ابن حزم الظاهري الذي يرى أنها إذا رأت الطهر فغسلت موضع خروج الدم فقط،
أو توضأت فقط ،أو اغتسلت كلها ،أو تيممت إن كانت من أهل التيمم ،أي ذلك فعلت حل وطؤها.
وبين جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة الذين يرون عدم جواز وطئها حتى تغتسل
الغسل الشرعي.
ينظر :مختصر القدوري ص ،19الهداية ،المرغيناني ،33/1التبصرة ،اللخمي ،219/1الحاوي الكبير،
المرداوي ،386/1اإلنصاف ،المرداوي ،322/2المحلى ،ابن حزم . 391/1
المسكر غير الخمر ،بين جمهور الفقهاء من المالكية
ْ ( )2ينظر الخالف في مسألة ُّ
الشرب من النبيذ
والشافعية والحنابلة القائلين بالتحريم ،وبين الحنفية القائلين بالجواز ما لم ُي ْسكر :المبسوط ،السرخسي
،12/25الذخيرة ،القرافي ،112/5بحر المذهب ،الروياني ،122/13كشاف القناع ،البهوتي
،119/6المحلى ،ابن حزم . 126/6
( )3ينظر :شرح فتح القدير ،532/3البحر الرائق ،ابن نجيم ،232/3النهر الفائق ،ابن نجيم .292/2
( )5ينظر :بحر المذهب ،الروياني ،225/9روضة الطالبين ،النووي ،132/2فتح العزيز شرح الوجيز،
=
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=
الرافعي ،25/8مغني المحتاج ،الشربيني ،315/5نهاية المحتاج ،الرملي . 292/6
( )1ينظر :المغني ،ابن قدامة ،296/2الشرح الكبير ،ابن قدامة . 398/21
( )2المنيور في القواعد الفقهية ، 363/3وينظر أيض ًا :األشباه والنظائر ،السيوطي ص. 158
( )3ينظر :تحفة المحتاج ،الهيتمي . 296/2
( )5ينظر :روضة الطالبين ،النووي . 132/2
( )5ينظر :المغني ،ابن قدامة ،296/2الشرح الكبير ،ابن قدامة . ،398/21
( )6ينظر المصادر السابقة الواردة في الرأي األول.
( )2ينظر :تحفة المحتاج ،الهيتمي . 292/2
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
قال الكمال بن الهمام (ت861ه) " :وله أن يمنعها من أكل ما يتأ ّذى
من رائحته ،وعلى هذا له أن يمنعها من التزّين بما يتأ ّذى بريحه ،كأن يتأذى
برائحة الحناء المخضر ونحوه"(.)1
ويقول الخرشي المالكي (1121ه) :وللرجل أن يمنع زوجته من أكل
ك ّل شيء رائحته كريهة عليه ،يتأذى منها كاليوم والبصل والفجل وما أشبه
ذلك ،ما لم يأكل معها فليس له أن يمنعها من ذلك ،أو يكون فاقد الشم وليس
لها هي منعه من ذلك".)2(".
وقال ابن الملقن في كتاب النكاح " :وله أن يجبرها على ما يقف
االستمتاع عليه ،وأما ما يكمل به االستمتاع ففيه قوالن"(.)3
وقال ابن قدامة (ت622ه) " :وهل له منعها من أكل ما له رائحة
كريهة؛ كالبصل واليوم ،والكراث؟ ،على وجهين؛ أحدهما :له منعها من ذلك؛
ألنه يمنع القُبلة ،وكمال االستمتاع بها ،والياني :ليس له منعها منه؛ ألنه ال
يمنع الوطء"(.)5
الصورة الثالثة:
االختالف بين الزوجين فيما يملكه الزوج من آيار عقد النكاح ،ويستق ّل
به ،ويكون بيده ،ومن ذلك :مسائل الطالق ،والرجعة ،واإليالء ،وخالف الفقهاء
فيها ال يخفى ،ومن ذلك :لو اختلف الزوجان في حكم الطالق ياليًا بكلمة
واحدة ،هل يقع واحدة ،أو يكون ياليًا؟ أو اختلفا في الطالق البدعي فأحدهما
يعتقد وقوعه ،واآلخر ال يعتبره ،وميل ما لو اختلفا في وقوع طالق الغضبان
حالة الغضب الشديد الذي ال ينغلق معه باب العلم واإلرادة(.)5
( )1شرح فتح القدير ،532/3وينظر أيض ًا :البحر الرائق ،ابن نجيم ،232/3النهر الفائق ،ابن نجيم
.292/2
( )2شرح الخرشي على مختصر خليل ،182/5وينظر كذلك :الشرح الكبير ،الدردير . 511/2
( )3التذكرة في الفقه الشافعي ،ابن الملقن ،98/1وينظر :روضة الطالبين ،النووي . 136/2
( )5المغني ،295/2وينظر كذلك :اإلنصاف ،المرداوي ،352/8شرح منتهى اإلرادات ،البهوتي.55/3
( )5تراجع مصادر الفقه لالطالع على خالف الفقهاء في هذه المسائل وتفصيالتها.
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
وهذه الصورة أوضح الصور اليالث؛ ألن األصل أن ُعقدة النكاح بيد
الزوج ،وح ّل هذه العقدة بيده( ،)1واهلل تعالى قد جعل النكاح والطالق بيد الزوج،
فقال تعالى ﴿ :ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﴾
ق ِل َم ْن أ َ
َخ َذ بِالسَّا ِ
ق»(،)2 [األحزاب ،اآلية ،]59وقال النبي ِ« :إَّنما َّ
الط َال ُ َ
فالزوج هو الموصوف بهذه الصفة ،فكانت طاعته هي المعتبرة في ح ّل
العصمة ،وكان االعتبار بالحكم الذي يعتقده هو ويدين اهلل تعالى به ،وعلى ِ
الزوجة طاعته ،ومتابعتُه على ذلك ،ولو لم تعتقد خطـأَ نفسها وصواب قول
زوجها.
وقريب من هذه المسألة :اإليالء ،فإذا كانت الزوجة حنفية تعتقد أنها
()3
بمجرد ُمضي األربعة األشهر تبين من زوجها بتطليقة ،وكان زوجها حنبلياً
يرى أن زوجته ال تطلق بمضي األربعة األشهر( ،)5فهل تمتنع الزوجة عن
بناء على اعتقادها ،أم أن للزوج الحق في الفيئة
زوجها؛ لكونها بائنة منه؛ ً
والرجوع عن يمينه؟
وقفت أيناء البحث عنها على كالم ألبي
ُ وهذه المسألة األخيرة بذاتها
يتحدث عنها ،حيث يقول ":واذا كان
ّ المظفر السمعاني (ت589هـ) ،وهو
الزوجان فقيهين ،وقد آلى منها ،وقد مضت عليها أربعة أشهر ،فإن اعتقدت
الزوجة أنها قد بانت منه وحرمت عليه واعتقد الزوج أنها لم تبن ،فعلى كل
واحد منهما أن يعمل بمعتقده ،فيلزم الزوجة منعه من نفسها ،وتهرب منه،
( ) 1وهذا ما عليه جمهور الفقهاء ،ينظر على سبيل الميال :التنبيه على مشكالت الهداية ،ابن أبي العز
،326/3األم ،الشافعي ،152/5االستذكار ،ابن عبدالبر ،185/6حيث قال" :واألصل المجتمع
عليه أن الطالق بيد الزوج أو بيد من جعل ذلك إليه" ،شرح منتهى اإلرادات ،البهوتي ،25/3الشرح
الممتع ،ابن عييمين.592/12
حسنه األلباني في
( )2أخرجه ابن ماجة في أبواب الطالق ،باب طالق العبد ،برقم ( ،)2281والحديث ّ
إرواء الغليل برقم ( ،)2251وفي صحيح سنن ابن ماجة برقم (.)1692
( )3ينظر :المختصر ،القدوري ص ،161تحفة الفقهاء ،السمرقندي ،225/2بدائع الصنائع ،الكاساني
. 129/3
( )5ينظر :المغني ،ابن قدامة ،553/2المبدع ،ابن مفلح ،556/6كشاف القناع ،البهوتي . 362/5
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
وللزوج أن يستمتع بها ،ويكرهها ،ويتوصل كل واحد منها إلى معتقده بما هو
دون القتل والضرب المفضي إلى تلف النفس ...فإن حكم بينهما حاكم عدل
حق ودعا أحدهما
تعين ،ويبت الحكم له ،واذا تنازع اينان في ّ
بأحد الحكمينّ ،
صاحبه إلى الحاكم وجب على صاحبه إجابته في الظاهر والباطن "(.)1
وكأن أبي المظفر السمعاني في قوله هذا نظر إلى حق االستمتاع
المشترك بين الزوجين ،فجعل السبيل متاحاً ألن يستوفي كل واحد منهما حقّه
ب ما ال ضرر على صاحبه ،كما أن قوله يفيد أنه ال يجوز ألحدهما أن يجبر
صاحبه على خالف ما يعتقد .واهلل أعلم.
المطلب الثاني:
االختالف بين الزوجين فيما يكون من حقوق الزوجة.
اجهن قول اهلل تعالىَ ﴿:وَلهُ َّن ِم ْي ُل األصل في حقوق الزوجات على أزو ّ
كوف﴾ [البقرة ،اآلية ،]228وقوله َ « :وِا َّن ِل َزْو ِج َك َعَل ْي َ
الَِّذي عَل ْي ِه َّن بِاْلمعر ِ
َ ُْ َ
ًّ ()1
َحقا» ،حيث كفل لهن اإلسالم حقوقاً مادية؛ كالمهر ،والنفقة ،والتصرف في
الهن ،وحقوقًا معنوية؛ كالحقوق الدينية ،واألُسرية ،واالجتماعية ،والعلمية، أمو ّ
والتربوية ،وغيرها مما ال يخفى.
لكن قد يقع الخالف بين الزوجين في بعض هذه الحقوق أو ما يتعلق
بها ،بناء على ما يعتقده كل منهما من حكم شرعي فيها ،نتيجة الجتهاد أو
تقليد ،ويكون لكل منهما مستمسك شرعي فيما يعتقده.
ولكي تتضح فكرة الخالف هنا ،سأورد نماذج من المسائل الفقهية التي
أبين الموقف المطلوب تجاه كل منهما. يكير بسببها الخالف بين الزوجين ،يم ّ
ال :إذا اختلفا في نفقة عالج الزوجة ،فالزوج يرى أنها ال فمن ذلك مي ً
تجب عليه ،وانما تجب في مالها ،بينما الزوجة تعتقد أن نفقة عالجها واجبة
في مال زوجها(.)2
وقريب من ذلك :إذا اختلف الزوجان في حكم زيارة المرأة لوالديها،
فالزوجة تعتقد أنه ليس لزوجها أن يمنعها من ذلك ،وال تطيعه إن منعها(،)3
حق ،برقم
باب لزوجك عليك ّ ( )1أخرجه البخاري من حديث عمرو بن العاص ،في كتاب النكاحٌ ،
فوت به حقاً،
( ،)5199ومسلم في كتاب الصيام ،باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو ّ
برقم (.)1159
( )2فالجمهور وهو اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية يرون أن نفقة عالج الزوجة غير واجبة على الزوج،
بينما ذهب بعض الفقهاء وعدد من المعاصرين كالشيخ ابن عييمين إلى أن الزوج يتحمل نفقة عالج
زوجته.
ينظر خالف الفقهاء في المسألة :رد المحتار ،ابن عابدين ،582/3منح الجليل شرح مختصر خليل،
عليش ،392/5بحر المذهب ،الروياني ،559/11المحرر في الفقه ،المجد ابن تيمية ،115/2
الشرح الممتع ،ابن عييمين . 562/13
( )3عمالً بقول الحنفية والمالكية ،ينظر :المحيط البرهاني ،ابن مازة ،526/5البحر الرائق ،ابن نجيم
المواق . 558/5
،212/5البيان والتحصيل ،ابن رشد الجد ،332/9التاج واإلكليلّ ،
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
بينما يرى الزوج أن له أن يمنعها ،وأن طاعته في ذلك واجبة ،وال تخرج إليهما
إال بإذنه (.)1
وميل ذلك أيضًا :ما إذا اختلفا في حكم خروج الزوجة إلى المسجد
لحضور صالة الجماعة ،فالزوج يقول بمذهب الحنفية وبعض الشافعية في
كراهية خروجها ،وبالتالي كراهية تمكينها من الخروج؛ خوف الفتنة عليها(،)2
بينما الزوجة تأخذ بقول بعض الفقهاء كابن حزم الظاهري (ت556هـ) في أنه
ال يحل لزوجها أن يمنعها من حضور الصالة في جماعة في المسجد(.)3
فأما في الميال األول :وهو اختالفهما في أجرة الطبيب ونفقات التداوي،
ّ
وبما أن المسألة اجتهادية ،وتخضع إلى عادات الناس وأعرافهم" ،وهو الصواب
المقطوع به عند جمهور العلماء أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف وليست
وعصر بحسبه ،وبالنظر إلى أن التداوي ِ ()5
مقدرة بالشرع" ،وفي كل مصر َ ّ
يعتبر من الحاجات األساسية لصحة الزوجة ،وال يمكن لها أن تقوم بما عليها
من حقوق تجاه زوجها إالّ إذا كانت صحيحة سليمة ،وهو أيضاً من أبرز
مظاهر اإلحسان إليها والمعاشرة بالمعروف ،وحيث تعارف الناس في عصرنا
هذا على أن نفقات عالج الزوجة في مال زوجها ،فعلى الزوج النفقة ما دام
مستطيعاً ،ويكون ذلك حسب العرف السائد في المجتمع.
يقول الشوكاني (ت1255هـ) في كتاب النفقات ،موجهاً قوله في وجوب
نفقة تداوي الزوجة في مال زوجها ،وهو توجيه وجيه" :وأما إيجاب الدواء
( )1عمالً بمذهب الشافعية والحنابلة ،ينظر :البيان في مذهب اإلمام الشافعي ،العمراني ،522/9
المجموع ،النووي ،513/16مجموع الفتاوى ،ابن تيمية ،261/32اإلنصاف ،المرداوي ،523/21
كشاف القناع ،البهوتي . 198/5
( )2ينظر :حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ،الشاشي ،156/2تبيين الحقائق ،الزيلعي ،135/1
البحر الرائق ،ابن نجيم ،322/1البيان في مذهب اإلمام الشافعي ،العمراني ،366/2تحفة
المحتاج ،الهيتمي . 252/2
( )3ينظر رأي ابن حزم الظاهري في :المحلى . 122/2
( )5مجموع الفتاوى ،ابن تيمية . 83/35
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
فوجهه أن وجوب النفقة عليه هي لحفظ صحتها ،والدواء من جملة ما يحفظ به
صحتها"(.)1
ويؤيد ذلك – أيضًا -أننا في مسألة ِخدمة الزوجة لزوجها ،مع شهرة
إن عليها خدمته؛ ألنها من المسائل التي للعرف
اختالف الفقهاء فيها ،نقولّ :
فيها اعتبار ،والغنم بالغرم ،فإن توافقا على ما تقرر من وجوب نفقة عالج
الزوجة في مال زوجها واالّ ترافعا إلى القضاء؛ ألن الحقوق التي ال يعلم
قدرها القضاء.
مقدارها إال بالعرف متى تنازع فيها الطرفان ّ
وأما في الميالين :الياني واليالث ،فيجب أن نتحقق من منشأ االختالف
بينهما ،فإن كان بسبب سائغ خارج عن ذات المسألة ،كأن يمنع الزوج زوجته
يضروها ،وكأن
ّ من زيارة والديها لمبرر صحيح؛ كالخوف من أن يضلّوها أو
يمنعها من الخروج إلى المسجد؛ خوفاً عليها من فتنة مخالطة الرجال ،ونحو
يحق للزوج منع زوجته مما تريده ،وعليها طاعته،
ّ ٍ
فحينئذ ذلك من المفاسد،
وامتيال أمره.
أما إذا لم يكن للزوج عذر سائغ ،أو غرض صحيح ،فال وجه لمنعه لها
التعسف في حقّه؛ ألن في منعها مفاسد عظيمة
ّ من زيارة والديها ،وال يجوز له
الرحم ،وفي اإلذن لها بزيارتها مصالح وفيرة عليهما وعلى بيت كقطيعة ّ
الزوجية عموماً.
وفي هذا السياق أورد رأيًا مقاصديًا ألبي المعالي الجويني (ت528هـ)،
مليئاً بالفقه والحكمة ،حيث قال" :للزوج أن يلزم المرأة لزوم البيت ،ويمنعها من
فضال عن زيارتهما ،ويمنعها عن شهودً الخروج ،ومن عيادة الوالدين إذا مرضا
تجهيزهما إذا ماتا ...ولكن قال الشافعي ":وما أ ِ
ُح ُّ
ب ذلك " ،أراد :أني ال
الغلو إلى هذا الحد؛ فإنه َس َرف يفضي إلى الحمل على قطيعة
أستحب للزوج ّ
يتنغص
األرحام ،يم فيه حملها على ما تمقت به الزوج وتفركه ألجله ،يم ّ
العيش عليه ،فيؤدي األمر إلى قطع الوصلة ،والمسلك المستقيم رعاية القصد
على التعميم ،وكال طرفي قصد األمور ذميم ،فال ينبغي أن يأذن لها في
التبرج ،وال يمنعها عن زيارة األبوين وعيادتهما ،وشهود تجهيزهما"(.)1
والى هذا الفقه وهذه المقاصد العظيمة ذهب ابن قدامة (ت622هـ)،
بد ،سواء
فقال " :وللزوج منع زوجته من الخروج من منزله إلى ما لها منه ّ
أرادت زيارة والديها ،أو عيادتهما؛ ألن طاعة الزوج واجبة ،والعيادة غير واجبة،
فال يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب؛ وال يجوز لها الخروج إال بإذنه ،ولكن
ال ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها ،وزيارتهما؛ ألن في ذلك قطيعة لهما،
وحمال لزوجته على مخالفته ،وقد أمر اهلل تعالى بالمعاشرة بالمعروف ،وليس
ً
()2
هذا من المعاشرة بالمعروف" .
وحاصل القول :إن المخرج الشرعي عند وقوع االختالف بين الزوجين
ٍ
بنظر في هذه المسائل ونظائرها ،أن ننظر إلى كل مسألة على استقالل،
مقاصدي ،وفقه واقعي ،وأن نتعامل مع أقوال الفقهاء في المسائل االجتهادية
بوعي ،وال نتجاهل األعراف وتغير األحوال واألزمان ،وما ط أر على حياة الناس
من مستجدات ،مع ضرورة مراعاة المقاصد الشرعية من عقد النكاح ،والمعاني
السامية الواردة في أمر اهلل تعالى﴿ :ﲱ ﲲ ﴾ [ النساء،
اآلية .]19
فإن توافق الزوجان وتطاوعا وتصالحا في المسائل الفقهية الخالفية وا ّال
ترافعا إلى القضاء.
المطلب الثالث:
االختالف بين الزوجين فيما يكون من الحقوق المشتركة بينهما.
حق
ولعل من أظهر األميلة على الحقوق المشتركة بين الزوجينّ ،
حق شرعي لكال الزوجين ،وأنه ليس
نص الفقهاء على أنه ّ
اإلنجاب ،حيث ّ
ألحدهما أن يستأير به أو يتح ّكم فيه دون موافقة اآلخر(.)1
ومن المسائل الفقهية الخالفية المتعلقة باإلنجاب ،مسألة :التح ّكم المؤقت
في اإلنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل ،أو إيقافه لمدة معينة من
سمى بتنظيم
الزمان ،إذا دعت إليه حاجة ،أو كان لغرض صحيح ،وهو ما ُي ّ
النسل.
فإذا اختلف الزوجان فرغب أحدهما في تأجيل اإلنجاب أو منعه لفترة
ال بقول من أجازه من العلماء ،ورفض اآلخر بحكم عدم الجواز محددة عم ً
أو كراهيته ،وكل منهما له مستنده الشرعي ،إما باجتهاد أو تقليد( ،)2فكيف
العمل؟
وقريب من هذه المسألة :إذا اختلف الزوجان في حكم إجهاض الحمل
قبل نفخ الروح؛ فكانت الزوجة مالكي ًة ترى عدم جواز اإلجهاض( ،)3والزوج
( )1ينظر في قول الحنابلة :اإلنصاف ،المرداوي ،529/2كشاف القناع ،البهوتي . 222/1
( )2وممن قال بهذا القول ،الشيخ عبدالرحمن البراك ،ينظر :موقعه اإللكتروني (https://sh-
.)albarrak.com/
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
المبحث الرابع:
االختالف بين الزوجين فيما هو من العادات واألعراف.
من االختالفات التي يواجهها الزوجان ما يتعلق بالعادات واألعراف،
كالشروط العرفية ،وبعض العادات في النفقة ،والخروج من البيت ،وتفسير
األلفاظ ودالالتها ،والمناسبات االجتماعية ،ونحو ذلك ،وأعني بها تلك العادات
المباحة التي ال تخالف الشرع ومقاصده ،وال تعارض الفطر السليمة والعقول
الصحيحة.
فميالً :إذا اختلفا في ِخدمة الزوجة لزوجها ،وهي مسألة دائرةٌ على
نص على ذلك أهل العرف والعادة الذي هو أصل من أصول الشريعة ،كما ّ
العلم(.)1
وكما إذا اختلفا في تفاصيل النفقة؛ ألن االعتبار فيها يكون بالقدر
المتعارف المعتاد بين الناس(.)2
وميل ذلك :في الرضاع ،إذا كان الزوجة مالكيةً ،وتقول باستيناء المرأة
فهن رضاع العرف ال ُيكلّ ّ
َ القدر والشرف من وجوب الرضاعة؛ بحكم أن ذات َ
أوالدهن ،وأن ذلك على الزوج ،والعرف كالشرط(.)3
اء
هذا باإلضافة إلى أن عدداً ليس بالقليل من مسائل األنكحة سو ً
القديمة أو المستحدية ،تقوم على ما تعارف الناس عليه؛ ألن عقد النكاح من
تنزل على العرف السائد بين الناس ،وتوابع العقود التي ال
العقود المطلقة التي ّ
ذكر لها في العقود تحمل على عادة كل بلد(.)5
( )1ينظر :أحكام القرآن ،ابن العربي ،153/3الجامع ألحكام القرآن ،القرطبي ،155/12مواهب الجليل،
الخطاب ،185/5المغني ،ابن قدامة ،295/2زاد المعاد ،ابن القيم . 122/5
( )2ينظر :الوجيز في إيضاح قواعد الفقه ،البورنو ص. 322
( )3ينظر :الجامع لمسائل المدونة ،ابن يونس ،535/9التبصرة ،اللخمي . 2126/5
( )5ينظر :مجموع الفتاوى ،ابن تيمية ،232/22زاد المعاد ،ابن القيم ،121/5القواعد الفقهية وتطبيقاتها
في المذاهب األربعة ،الزحيلي . 356/1
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
( )1خالف ًا للشافعية ،فإن األصح عندهم أن العادة ال تنزل منزلة الشرط.
ينظر هذا األصل :المنيور ،الزركشي ،362/2األشباه والنظائر ،السيوطي ص ،96- 89األشباه
والنظائر ،ابن نجيم ص ،85شرح القواعد الفقهية ،الزرقا ص ،232التحبير شرح التحرير ،المرداوي
. 859/8
( )2تقدم تخريجه ص. 9
( )3مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ،1222/5وينظر هذا النص أيضاً في :عون المعبود ،العظيم
أبادي ،56/5مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ،المباركفوري . 38/6
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
الخــــــاتمة
أدون في النقاط اآلتية أهم نتائج البحث التي توصلت إليها،
وبعد ..فإنني ّ
وهي:
أو ًال :أن العشرة بالمعروف واجبة على الزوجين معًا.
ثانياً :أنه طاعة الزوج أوجب وأحق من طاعة الزوجة.
تستقر ّإال أن يسود بين طرفيها التفاهم والتوافق
ّ ثالثاً :أن الحياة الزوجية ال
والتراضي والصبر والتغاضي واإلييار.
رابعاً :على الزوجين أن يراعيا في كل أمورهما مصلحة العالقة الزوجية
واستمرارها.
ماسة إلى
خامساً :أن طرفي الحياة الزوجية وخاصة في عصرنا هذا بحاجة ّ
فقه ِ
وحكمة وادراك لمعنى الزوجية ،وفهم لمقاصد النكاح؛ لكي يتم
التعامل مع الخالفات الفقهية بيسر وسهولة.
سادساً :على الزوجين أن يراعيا فقه الموازنات والمآالت في كل خالف بينهما.
وفي الختام ..أوصي الزوجين أن يستيم ار الخالف الفقهي بينهما في
التغلب على صعوبات الحياة الزوجية ،ويقدما مقاصد النكاح ،ومصالح األسرة
على ما سواهما؛ بعيدًا عن التنازع والشقاق واالختالف المؤير على حياتهما.
الدين ،وأن يجعل هذا
واهلل وحده المسؤول أن يرزقني التوفيق ،والفقه في ّ
العمل خالصاً لوجهه الكريم ،نافعاً لي وللمسلمين ،في الحياة ويوم ِّ
الدين،
رب العالمين.
والحمد هلل ّ
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
فهرس المصادر
")1أحكام القرآن" ،ابن العربي ،محمد بن عبد اهلل أبو بكر المعافري ،تحقيق:
محمد عبد القادر عطا ،دار الكتب العلمية ،بيروت – ط 1525 ،3ه .
الشيباني،
ّ ")2اختالف األئمة العلماء" ،ابن هبيرة ،يحيى بن ُه َب ْي َرة بن محمد
المحقق :السيد يوسف أحمد ،دار الكتب العلمية -بيروت ،ط1523 ،1هـ.
")3اختالف الفقهاء" ،المروزي ،أبو عبد اهلل محمد بن نصر بن الحجاج،
المحقق :د .محمد طاهر حكيم ،أضواء السلف -الرياض ،ط1522 ،1هـ.
")4آداب الزفاف في السنة المطهرة" ،األلباني ،محمد ناصر الدين ،دار السالم،
الطبعة الشرعية الوحيدة 1523هـ.
")5أعالم الحديث شرح صحيح البخاري" ،أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي،
المحقق :د .محمد بن سعد آل سعود ،جامعة أم القرى -مركز البحوث
العلمية واحياء التراث اإلسالمي ،ط 1529 ،1هـ.
")6إعالم الموقعين عن رب العالمين" ،ابن القيم ،محمد بن أبي بكر بن أيوب،
تحقيق :طه عبد الرؤوف .القاهرة :مكتبة الكليات األزهرية1388 ،هـ.
")7األشباه والنظائر" ،ابن نجيم ،زين الدين بن إبراهيم بن محمد .تحقيق :زكريا
عميرات .دار الكتب العلمية – بيروت ،ط 1519 ،1هـ.
")8األشباه والنظائر" ،السيوطي ،عبد الرحمن بن أبي بكر ،دار الكتب العلمية،
ط1511 ،1هـ 1992 -م.
")9اإلشراف على مذاهب العلماء" ،ابن المنذر ،أبو بكر محمد بن إبراهيم
النيسابوري ،تحقيق :صغير أحمد األنصاري ،مكتبة مكة اليقافية ،رأس
الخيمة ،ط1525 ،1هـ.
")11األصل" محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني ،تحقيق :أبو الوفاء األفغاني،
إدارة القرآن والعلوم اإلسالمية – كراتشي.
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
")11اإلعالم بفوائد عمدة األحكام" ،ابن الملقن ،أبو حفص عمر بن علي بن
أحمد ،المحقق :عبد العزيز المشيقح ،دار العاصمة للنشر والتوزيع،
السعودية ،ط 1512 ،1هـ.
الشيباني ،المحقق:
ّ ")12اإلفصاح عن معاني الصحاح" ،يحيى بن ُه َب ْي َرة بن محمد
فؤاد عبد المنعم ،دار الوطن ،سنة النشر1512 :هـ.
")13اإلقناع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل" ،الحجاوي ،موسى بن أحمد بن
موسى ،مع شرحه كشاف القناع ،دار الكتب العلمية.
")14اإلقناع في مسائل اإلجماع" ،ابن القطان ،علي بن محمد بن عبد الملك،
المحقق :حسن فوزي الصعيدي ،الفاروق الحديية للطباعة والنشر ،ط،1
1525هـ.
")15اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف" ،المرداوي ،علي بن سليمان .ط،2
دار إحياء التراث العربي.
")16األوسط في السنن واإلجماع واالختالف" ،ابن المنذر ،أبو بكر محمد بن
إبراهيم النيسابوري ،تحقيق :صغير أحمد ،دار طيبة -الرياض ،ط،1
1525هـ.
")17البحر الرائق شرح كنز الدقائق" ،ابن نجيم ،زين الدين بن إبراهيم بن محمد.
وبحاشيته" :منحة الخالق" البن عابدين ،ط ،2دار الكتاب اإلسالمي.
")18بحر المذهب في فروع المذهب الشافعي" ،الروياني ،أبو المحاسن عبد
الواحد بن إسماعيل ،المحقق :طارق فتحي ،دار الكتب العلمية ،ط،1
2229م.
")19بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" ،الكاساني ،أبو بكر بن مسعود بن أحمد.
ط ،2دار الكتب العلمية1526 ،هـ.
")21البيان في مذهب اإلمام الشافعي" ،العمراني ،يحيى بن أبي الخير بن سالم،
المحقق :قاسم النوري ،دار المنهاج – جدة ،ط 1521 ،1هـ.
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
")41زاد المعاد في هدي خير العباد" ،ابن القيم ،محمد بن أبي بكر بن أيوب،
مؤسسة الرسالة ،بيروت -مكتبة المنار اإلسالمية ،الكويت ،ط، 22
1515هـ.
")42السيل الجرار المتدفق على حدائق األزهار" ،الشوكاني ،محمد بن علي بن
محمد ،دار ابن حزم ،ط. 1
")43شرح الخرشي على مختصر خليل" ،الخرشي ،محمد بن عبداهلل ،بيروت :دار
الفكر.
")44شرح الزركشي على متن الخرقي" ،الزركشي ،شمس الدين محمد بن عبد
اهلل ،دار العبيكان ،ط 1513 ،1هـ.
")45شرح العمدة" ،ابن تيمية ،أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم ،المحقق :خالد
المشيقح ،دار العاصمة ،الرياض ،ط1518 ،1هـ.
")46شرح القواعد الفقهية" ،أحمد بن الشيخ محمد الزرقا ،المحقق :مصطفى أحمد
الزرقا ،دار القلم -دمشق ،ط1529 ،2هـ.
")47شرح صحيح البخاري" ،ابن بطال ،علي بن خلف بن عبد الملك ،تحقيق:
ياسر إبراهيم ،مكتبة الرشد -الرياض ،ط1523 ،2هـ.
")48شرح صحيح مسلم بن الحجاج " ،النووي ،محيي الدين يحيى بن شرف ،دار
إحياء التراث العربي -بيروت ط. 1392 ،2
")49شرح فتح القدير" ،ابن الهمام ،،كمال الدين محمد بن عبدالواحد ،بيروت
:دار الفكر.
")51الشرح الكبير على مختصر خليل" ،الدردير ،الشيخ أحمد الدردير ،دار
الفكر.
")51الشرح الكبير" ،ابن قدامة ،شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد،
تحقيق :د.عبداهلل التركي ،د.عبدالفتاح الحلو ،هجر للطباعة ،القاهرة ،ط،1
1515هـ.
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"
")52الشرح الممتع على زاد المستقنع" ،ابن عييمين ،محمد بن صالح ،دار ابن
الجوزي ،ط1522 ،1هـ.
")53صحيح البخاري -الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل
وسننه وأيامه)" ،البخاري ،محمد بن إسماعيل ،تحقيق :محمد زهير
الناصر .ط ،1دار طوق النجاة1522 ،ه.
")54صحيح مسلم -المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول
اهلل ،"النيسابوري ،مسلم بن الحجاج القشيري ،تحقيق :محمد فؤاد
عبدالباقي .بيروت :دار إحياء التراث العربي.
")55العناية شرح الهداية" ،البابرتي ،محمد بن محمد بن محمود ،دار الفكر.
")56عون المعبود شرح سنن أبي داود" ،العظيم آبادي ،محمد أشرف بن أمير،
دار الكتب العلمية – بيروت ،ط1515 ،2هـ.
")57فتح الباري شرح صحيح البخاري " ،ابن حجر ،أحمد بن علي العسقالني،
دار المعرفة -بيروت 1329 ،ترقيم :محمد فؤاد عبد الباقي ،إخراج
وتصحيح :محب الدين الخطيب ،بتعليقات :عبد العزيز بن باز .
")58فتح العزيز بشرح الوجيز" ،الرافعي ،عبد الكريم بن محمد القزويني ،دار
الفكر.
")59الفروع" ،ابن مفلح ،محمد بن مفلح الصالحي ،ومعه "تصحيح الفروع" لعالء
الدين المرداوي ،المحقق :عبداهلل التركي .ط ،1مؤسسة الرسالة1525 ،هـ.
السالم" ،البلقيني ،عمر بن رسالن بن
الجسام على قواعد ابن عبد ّ ")61الفوائد ِ
نصير ،المحقق :د .محمد يحيى منيار ،و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية،
قطر ،ط.1535 ،1
")61قواطع األدلة في األصول" ،السمعاني ،أبو المظفر ،منصور بن محمد بن
عبد الجبار ،المحقق :محمد حسن محمد ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط،1
1518هـ.
حدود الطاعة الزوجية في المسائل الفقهية الخالفية "دراسة تأصيلية تطبيقية"