You are on page 1of 2

‫خطبة عيد األضحى لعام ‪1431‬هـ الموافق ‪2010‬م‬

‫التكبير تس ًعا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫هالل وأبدر‪ ،‬هللا أكبر كلما لبى ملبٍّ وكبر‪ ،‬هللا أكبر عدد من طاف بالبيت فعظمه وقدر‪ ،‬هللا أكبر‬ ‫هللا أكبر كلَّمَا هل ِ‬
‫َّ‬
‫عدد من وقف بعرفه ونزل بالمشعر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬ال إله إال هللا‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬وهلل الحمد‪.‬‬

‫الحمد هلل الذي جعل في الحج منافع للناس‪ ،‬وس َّوى فيه بين المؤمنين من سائر األلوان واألجناس‪ ،‬فال فرق بين‬
‫ف إلى تلك المشاعر‪،‬‬ ‫المتله ِ‬
‫ِ‬ ‫ة‪ ،‬وال لباس‪ ،‬أحمده حمد‬ ‫صغير وكبير‪ ،‬وغني وفقير‪ ،‬ومأمور وأمير‪ ،‬في شعار وال وجه ٍّ‬
‫أسس حقوق اإلنسان‪ ،‬ووضع قواعد العدل بأدق‬ ‫َن َّ‬ ‫المتحسر‪ ،‬أال يكون بين الحجاج حاضر‪ ،‬والصالة والسالم على م ْ‬ ‫ِ‬
‫وأكمل ميزان‪ ،‬وأوضح الحدود والحرمات‪ ،‬ونهى عن الظلم والبغي والعداوات‪ ،‬وق َّرر أن دماءنا وأموالنا وأعراضنا علينا‬
‫ة ال تتغيَّر وال تتب َّدل‪ ،‬وال يتراخى الزجر عنها وال‬ ‫حرْم ً‬‫كحرْمة اليوم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام‪ُ ،‬‬ ‫حرام ُ‬
‫ت األجيال إلى‬ ‫الرجال‪ ،‬والتابعين لهم بإحسان ما تتاب َع ْ‬ ‫ل‬ ‫َّ‬
‫م‬ ‫جل‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله خير آل‪ ،‬وصحابته ُ‬
‫الك‬ ‫يتأ َّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ورسوله شهاد َة ُم َّتبِع له‬ ‫ُ‬
‫عبد هللا‬ ‫مستسلم بين يديه‪ ،‬وأشهد أن محم ًدا‬ ‫ٍّ‬ ‫يوم المآل‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا شهاد َة‬
‫حق تقواه‪.‬‬‫َّ‬ ‫تقدم عليه‪ ،‬وأوصيكم عباد هللا ونفسي بتقوى هللا‪ ،‬فاتقوه‬ ‫غير ُم ِ‬

‫تكبير‪.‬‬
‫عباد هللا‪ ،‬هذا هو يوم النحر الذي يقول فيه النبي صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬أعظم األيام عند هللا يوم ال َّن ْ‬
‫ح ِر ثم يوم‬
‫ال َق ِر))؛ رواه أحمد وأبو داود والحاكم‪.‬‬

‫النحر؛ لكثرة ما ُينحَر فيه من اله َْدي واألضاحي قرب ً‬


‫ة هلل تعالى‪ ،‬وإطعا ًما للفقراء والمساكين‪ ،‬وتوسي ًعا‬ ‫ِ‬ ‫مي يو ُ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫وس ِ‬
‫ن واألصدقا ِء والجيران‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اإلخوا‬ ‫إلى‬ ‫ً‬
‫ء‬ ‫وإهدا‬ ‫والعيال‪،‬‬ ‫األهل‬ ‫على‬

‫حى‬ ‫يفعل المسلمون ذلك اقتدا ًء بخليلي الرحمن إبراهيم ومحمد صلوات هللا وسالمه عليهما‪ ،‬أ َّما إبراهيم فقد ض َّ‬
‫ي ثمر َة تلك‬ ‫أوال حين واجه طغاة قومه بالحق الذي يحمله؛ مما جعلهم يحاولون إحراقه بالنار‪ ،‬ولقد لق َ‬ ‫بنفسه ً‬
‫جاه هللا من النار‪ ،‬وأوقع أعداءه في الخزي والبوار‪ ،‬فش َّتان بين عاقبتيهما‪ ،‬ال يذكر قومه إال‬ ‫ة سري ًعا؛ حيث ن َّ‬ ‫التضحي ِ‬
‫بالمقت واللَّعنات‪ ،‬وأ َّما هو فله لسان صدقٍّ في اآلخرين‪ ،‬وزاده هللا من فضله‪ ،‬فجعل في ذريته النب َّو َة والكِتاب‪ ،‬فما‬
‫حى بابنه إسماعيل حينما رأى في المنام أنه يذبحه‪ ،‬فصارحه باألمر وقال ‪ ﴿:‬إِنِي‬ ‫م ض َّ‬ ‫إال من ذريته‪ ،‬ثُ َّ‬ ‫بعث نبي بعده َّ‬
‫ُّ‬
‫ك فانظ ْر مَاذا تَرَى ﴾ [الصافات‪ ،]102 :‬قال االبن الصالح المستسلم ألمر ربِه والبار بأبيه ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م أنِي أذبَح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَرَى فِي ْال َ‬
‫منَا ِ‬
‫َّللا ِمنَ الصابِ ِرينَ ﴾ [الصافات‪ ،]102 :‬فعزم االثنان على التنفيذ واالمتثال‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫شا َء ُ‬ ‫ْ‬
‫س َتجِ ُدنِي إِن َ‬ ‫ل مَا تؤ َم ُر َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت اف َع ْ‬‫ل يَاأَبَ ِ‬ ‫﴿ َقا َ‬
‫سنِينَ ﴾‬ ‫ح ِ‬ ‫ْ‬
‫ج ِزي ال ُ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ت الرؤيَا إِنا ك َذلِ َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ص َّدق َ‬ ‫َ‬
‫م *ق ْد َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ين * َونَا َد ْينَا ُه أن يَاإِ ْبرَا ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫سلمَا َوتَل ُه لِل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ألمر العزيز الحميد ﴿ فل َّ‬
‫جبِ ِ‬
‫ُ‬
‫الجائزة‬ ‫ين ﴾ [الصافات‪ ]106 :‬ثم جاءت‬ ‫مبِ ُ‬ ‫ه َذا لَ ُه َو ْالب ََال ُء ْال ُ‬ ‫ن َ‬ ‫شهادة هللا لهما ﴿ إِ َّ‬
‫ُ‬ ‫[الصافات‪ ]105 - 103 :‬هنا جاءت‬
‫عبَا ِدنَا‬
‫ن ِ‬ ‫س ِنينَ *إِن َّ ُه ِم ْ‬‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِزي ْال ُ‬ ‫ك نَ ْ‬‫م * َك َذلِ َ‬ ‫هي َ‬ ‫علَى إ ِ ْبرَا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َال ٌ‬ ‫خ ِرينَ * َ‬ ‫ه فِي ْ‬
‫اآل ِ‬ ‫علَ ْي ِ‬ ‫يم * َوتَر َْكنَا َ‬ ‫ظ ٍّ‬
‫ع ِ‬ ‫﴿ و ََف َد ْينَا ُه بِ ِذ ْبحٍّ َ‬
‫م ْؤ ِمنِينَ ﴾ [الصافات‪].111 - 107 :‬‬ ‫ْال ُ‬

‫حى بالنفس‪،‬‬ ‫وأ َّما تضحية سيد ولد آدم محمد بن عبدهللا صلى هللا عليه وسلم فهي أعظم وأكمل وأشمل؛ ض َّ‬
‫ة إال سلكه‬ ‫حى بالجهد والراحة‪ ،‬وما ترك بابًا من أبواب التضحي ِ‬ ‫حى بالمال والديار‪ ،‬وض َّ‬ ‫حى باألهل والولد‪ ،‬وض َّ‬ ‫وض َّ‬
‫ه نورًا وه ًدى للناس‪ ،‬وجعل ما أوحاه إليه نو ًرا‬ ‫ووصل إلى منتهاه؛ فكافأه هللا في الدنيا واآلخرة؛ إذ جعل من رسالت ِ‬
‫جا ُمنِيرًا ﴾ [األحزاب‪ ]46 ،45 :‬شرح‬ ‫سرَا ً‬
‫ه َو ِ‬ ‫عيًا إِلَى َّ ِ‬
‫َّللا بِ ِإ ْذنِ ِ‬ ‫ذيرًا * َودَا ِ‬ ‫ه ًدا َو ُمب ِ‬
‫َشرًا َونَ ِ‬ ‫حا؛ بل جعله سبحانه ﴿ َ‬
‫شا ِ‬ ‫ورو ً‬
‫صدره ووضع عنه وزره‪ ،‬ورفع له قدره‪ ،‬وأعطاه الكوثر‪ ،‬وجعل شانئه هو األبتر‪ ،‬وأعطاه المقام المحمود والحوض‬
‫ه َو ال َّ ِذي‬
‫حا مبي ًنا‪ ،‬ونصره نصرًا عزي ًزا‪ ،‬ووعده الوعد الصادق الذي سيتحقق ال محالة بقوله ‪ُ ﴿:‬‬ ‫المورود‪ ،‬وفتح له فت ً‬
‫ة‬‫ثمرة التضحي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ون ﴾ [التوبة‪ ]33 :‬تلك هي‬ ‫ش ِر ُك َ‬ ‫م ْ‬ ‫ين ُكلِ ِ‬
‫ه وَلَ ْو َك ِر َه ْال ُ‬ ‫علَى ِ‬
‫الد ِ‬
‫ال ُهدَى َو ِدين ْالحَق لِ ُي ْ‬
‫ظ ِه َر ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسول َ ُه بِ ْ‬
‫لر ُ‬
‫ْس َ‬ ‫أَر َ‬
‫خلِه وأنانيته‪ ،‬فيجب أن نعرف يومنا هذا حق معرفته‪،‬‬ ‫حه و ُب ْ‬ ‫وش ِ‬ ‫في سبيل هللا حين يتج َّرد اإلنسان من شهواته وهواه ُ‬
‫مس تلك المعاني العظيمة التي صيرته لهذه المنزلة‪ ،‬ثم نعمل بموجبها‪ ،‬ومن تلك المعاني‪:‬‬ ‫قدره حق قدره‪ ،‬ونتل َّ‬ ‫و ُن ِ‬
‫التضحية‪ ،‬وليس معناه إزهاق النفس وإتالفها بال ثمن‪ ،‬فما ذلك إال انتحار وليس شهادة‪ ،‬ومن قتل نفسه بشي ٍّء‬
‫ُع ِذبَ به يوم القيامة‪ ،‬وأخبث من ذلك وأقبح أن ُيفجِ َر نفسه ليقتل به األبرياء واآل ِمنين من المؤمنين والمعاهدين‪،‬‬
‫ما أنه في ذلك يجاه ُد في سبيل هللا‪ ،‬ونحن نعلم أن كثيرًا من‬ ‫ة زع ً‬‫دمر بها المصالح العامة من الممتلكات الخاص ِ‬ ‫و ُي ِ‬
‫هؤالء إنما يريدون الخير‪ ،‬ويسعون إلى الوصول إلى الحق ونصرة الدين؛ ولكنهم أخطأوا الطريق‪ ،‬فعليهم أن يراجعوا‬
‫أنفسهم‪ ،‬ويعتبروا بمن سلك هذا الطريق قبلهم‪ ،‬وماذا صنعوا بأنفسهم وباألمة‪ ،‬ثم ماذا كانت عاقبتهم؟ وما هي‬
‫حققوها‪ ،‬إنهم لو فعلوا ذلك لعرفوا أنهم على طريق خاطىء قد تك َّرر فساد‬ ‫صلوا إليها واإلنجازات التي َّ‬ ‫النتائج التي تو َّ‬
‫بأشد غيرة على الدين‬
‫ِ‬ ‫نتائجه على مرِ العصور‪ ،‬فليتقوا هللا ويضعوا أيديهم في أيدي علماء األمة وحكمائها‪ ،‬فما هم‬
‫منهم‪ ،‬نسأل هللا لهم الهداية والتوفيق‪.‬‬

‫َن قد‬ ‫ُّ‬


‫التوجه سائ ًدا في مجتمعنا ومنتشرًا في بيئتنا فإن واجبنا الوقاية منه وإزالة أسبابه ومعالجة م ْ‬ ‫وإذا كان هذا‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صيب به إن أمكن ذلك‪ ،‬قبل أن يقع الفأس في الرأس‪ ،‬وتعم الفتنة ويحدث ما ال تحمد عقباه‪ ،‬وعلينا جميعا كال ِمن‬ ‫ُ‬
‫أ ِ‬
‫عظمَت‬‫ُ‬ ‫موقعه اإلسهام الف ََّعال في ذلك‪ ،‬وتتد َّرج المسؤوليات بحسب المناصب والواليات‪ ،‬فمن ارتفع من ِ‬
‫صبه‬
‫مسؤوليته‪ ،‬فلي َّتقِ هللا فيها‪.‬‬

‫إن معنى التضحية أن يتخلَّى اإلنسان عن شهواته وأهوائه ومصالحه الخاصة للمصحلة ال ُع ْليا‪ ،‬وأن يتخلَّى‬ ‫عباد هللا‪َّ ،‬‬
‫ة والعمل‬‫ة للتضحي ِ‬ ‫أوال‪ ،‬ثم للمصلحة ال ُع ْليا‪ ،‬وما أحوجنا جمي ًعا إلى َف ْهم تلك المعاني الجليل ِ‬
‫عن ماله ومنصبه هلل ً‬
‫بها‪.‬‬

‫تكبير‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وتوسعة لألهل‬ ‫ٌ‬
‫عبادة هلل‬ ‫عباد هللا‪ ،‬ومن المعاني العظيمة للعيد معنى البذل والعطاء واإلحسان‪ ،‬فاألضحية كما هي‬
‫ٌ‬
‫هدية للصديق والقريب والجار‪ ،‬والهدايا عرابين المو َّدة‪ ،‬ورسائ ُ‬
‫ل اإلكرام‪ ،‬وشعار اإلعزا ُز والتبجيل‪،‬‬ ‫والعيال‪ ،‬هي أي ً‬
‫ضا‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬تهادوا تحابُّوا))؛ رواه أبو يعلى في مسنده‪.‬‬

‫ن‬ ‫ي اإلبل التي ُت ْنحَر للهدي واألضاحي ‪ ﴿-:‬و ْ‬


‫َال ُب ْد َ‬ ‫صدقة على المسكين والفقير‪ ،‬قال هللا تعالى عن ال ُب ْدن‪ -‬وه َ‬ ‫ٌ‬ ‫وهي‬
‫ْ‬
‫موا ال َقانِ َ‬
‫ع‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ج ُنو ُبهَا فكلوا ِم ْنهَا وَأط ِع ُ‬ ‫َت ُ‬‫جب ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫صوَاف فإِ َذا َو َ‬ ‫َ‬
‫عل ْيهَا َ‬ ‫َّللا َ‬
‫م ِ‬‫َّ‬ ‫اس َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫خ ْيرٌ فاذك ُروا ْ‬‫َ‬ ‫م فِيهَا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّللا لك ْ‬ ‫َّ‬
‫ش َعائِ ِر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ِم ْ‬ ‫ها لَ ُك ْ‬ ‫ج َع ْلنَا َ‬‫َ‬
‫ها‬‫خ َر َ‬ ‫س َّ‬ ‫ك َ‬ ‫ن يَنَالُ ُه ال َّت ْقوَى ِم ْن ُك ْ‬
‫م َك َذلِ َ‬ ‫ها وَلَكِ ْ‬ ‫حو ُمهَا و ََال ِدم ُ‬
‫َاؤ َ‬ ‫َّللا لُ ُ‬
‫ل َّ َ‬ ‫ون *لَ ْ‬
‫ن يَنَا َ‬ ‫ش ُك ُر َ‬ ‫م ل َ َعلَّ ُك ْ‬
‫م تَ ْ‬ ‫ها لَ ُك ْ‬ ‫س َّ‬
‫خ ْرنَا َ‬ ‫ك َ‬ ‫م ْع َت َّر َك َذلِ َ‬ ‫و ْ‬
‫َال ُ‬
‫سنِينَ ﴾ [الحج‪].37 ،36 :‬‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫َش ِر ْال ُ‬
‫م َوب ِ‬ ‫َاك ْ‬‫هد ُ‬ ‫علَى مَا َ‬ ‫ك ِب ُروا َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫م لِ ُت َ‬ ‫لَ ُك ْ‬

‫صدَقاتهم للفقراء هو صمام أمان يمنع الحقد والحسد وضغائن الفقراء على‬ ‫ْ‬
‫وبذل األغنيا ِء َ‬ ‫ل لل َّ‬
‫صدَقات‪،‬‬ ‫وهي ْ‬
‫بذ ٌ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫األغنياء‪ ،‬فتعم المحبة‪ ،‬وتنتشر األلفة‪ ،‬وتحل السعادة والطمَأنينة ربوع المجتمع‪.‬‬

‫عباد هللا‪ ،‬ومن المعاني العظيمه للعيد ما أشار إليه بعض العلماء وهو يتح َّدث عن خروج النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫للمصلى في صالة العيد وذهابه من طريق‪ ،‬ورجوعه من أخرى‪ ،‬وإظهار التكبير‪ ،‬واألمر بخروج النساء والرجال؛ حيث‬
‫استنبط أن الحكمة في ذلك إظهار قوة اإلسالم وعظمته وظهوره‪ ،‬فيرى ذلك األعداء‪ ،‬فما تزال األُ َّمة اإلسالمية‬
‫ُ‬
‫وتماسك بنيانها‪ ،‬واستقرار‬ ‫ُمهابة مرهوبة‪ ،‬وهذا ما ينبغي أن ُيركِز عليه اإلعالم‪ ،‬فيظهر ألعداء األُ َّمة قوتها ووحدتها‬
‫بدال من كشف عوراتها‪ ،‬والتركيز على مواطن الضعف فيها بأسلوب الشامت ال بأسلوب‬ ‫شأنها‪ ،‬ويشيد بمنجزاتها ً‬
‫َّ‬
‫الناصح‪ ،‬وال يعني هذا ترك النقد البناء‪ ،‬وال التوقف عن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وال تصحيح المسار؛ ولكن‬
‫فرق بين النصيحة والتعيير كما قال اإلمام ابن رجب رحمه هللا‪ :‬ولن يكون عيدنا عي ًدا بالمعنى الصحيح ما‬ ‫يجب أن ُن ِ‬
‫لم يتضمن هذه المعاني وغيرها من المعاني السامية للعيد في اإلسالم‪.‬‬

‫ننوه بالخطبة العظيمة؛ بل بالبيان الفريد الذي وجهه النبي صلى هللا عليه‬ ‫عباد هللا‪ ،‬ال يفوتنا في هذا الموقف أن ِ‬
‫من أول‬‫وسلم في يوم النحر من العام العاشر الهجري في حجة الوداع إلى أُ َّمتِه بل إلى العالم أجمع؛ حيث تض َّ‬
‫وثيقة تحتوي على مبادئ العدل والحق والسالم‪ ،‬تحدد الحقوق والواجبات‪ ،‬وترسم الحدود‪ ،‬وتحفظ الحرمات بما لم‬
‫حق وعدل‬ ‫ٍّ‬ ‫تصل إليه قوانين البشرية وبياناتها ووثائقها إلى اليوم‪ ،‬وما كان في تلك القوانين والبيانات والوثائق من‬
‫ما شرعه هللا وبيَّنه رسوله‪ ،‬وفي الخطبة الثانية يكون عرض خالصة تلك‬ ‫وإصالح‪ ،‬فمبدؤه من تلك الخطبة ونحوها م َّ‬
‫الخطبة ومناقشتها‪.‬‬

‫ً‬
‫عكسا‬ ‫عكس مفهوم الجهاد‬ ‫سل‪ ،‬وهللا ال يحب الفساد‪ ،‬وهذا قد‬ ‫ُّ‬
‫شره‪ ،‬فأهلك الحرث وال َّن ْ‬ ‫ُ‬
‫وكث َر‬ ‫ج ْر ُمه‪،‬‬‫قد تضاعف ُ‬
‫َة‬ ‫ح َّتى َال تَ ُك َ‬
‫ون فِ ْتن ٌ‬ ‫م َ‬ ‫و ََقاتِ ُل ُ‬
‫وه ْ‬ ‫ً‬
‫نكسا‪ ،‬فإذا كان هللا يقول ‪﴿:‬‬ ‫ونكس نفسه ومجتمعه في الذل والهوان وتسلط األعداء‬ ‫َّ‬
‫هللا‪.‬‬ ‫لغير‬ ‫ُ‬
‫الدين‬ ‫لِل ﴾ [األنفال‪ ]39 :‬فإن هذا قد قاتل ليجلب الفتنة‪ ،‬ويكون‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ين كل ُه ِ ِ‬‫ُ‬ ‫الد ُ‬ ‫َوي َُك َ‬
‫ِ‬ ‫ون ِ‬

You might also like