You are on page 1of 6

‫مفهوم السنة لغة واصطالحاً ومدلولها في الشرع‬

‫السنة لغة‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫الطريقة‪ ،‬املستقيمة احملمودة‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫السرية‪ ،‬حسنة كانت أو قبيهة‪ ،‬محيدة كانت أو ذمية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫السنة اصطالحاً (فيه االختالف عند أهل العلم)‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫السنة عند المحدثين‪ :‬ما أضيف إىل النيب ص‪.‬م‪ ،‬من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ُخلقية أو خلقية أو سرية‪ ،‬سواء أكان ذلك قبل بعثته‬ ‫‪.1‬‬
‫شمل أيضا على سكنات النيب ص‪.‬م وحركاته يف اليقظة واملنام‪.‬‬ ‫أم بعدها‪ ،‬وسواء أثبت ذلك حكما شرعيا أم ال‪ ،‬كما أهنا تَ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫السنة عند األصوليين‪ :‬ما نُقل عن النيب ص‪.‬م من قول أو فعل أو تقرير مما ليس بقرآن‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫السنة عند الفقهاء‪ :‬ما يثاب فاعله وال يعاقب تاركه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫السنة عند علماء العقيدة‪ :‬ما قابل البدعة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫سبب االختالف في تعريف السنة عند العلماء‪ :‬يوجد وجه التقارب يف املعىن كلمة "السنة"‪ ،‬لكن هناك االختالف يف األغراض اليت‬ ‫‪‬‬
‫يعين هبا كل ٍ‬
‫فئة من أهل العلم‪.‬‬
‫تفصيله‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫فعلماء الحديث‪ :‬إمنا حبثوا عن رسول اهلل ص‪.‬م اإلمام اهلادي الذي أخرب اهلل عنه أنه أسوة لنا وقدرة‪ ،‬فنقولوا كل ما يتصل به من سرية‬ ‫‪.1‬‬
‫وخلق ومشائل وأخبار وأقوال وأفعال‪ ،‬سواء أثبت ذلك حكماً شرعياً أم ال‪.‬‬
‫وعلماء األصول‪ :‬إمنا حبثوا عن رسول اهلل ص‪.‬م الذي يضع القواعد للمجتهدين من بعده‪ ،‬ويبني للناس دستور احلياة‪ ،‬فعنوا بأقواله وأفعاله‬ ‫‪.2‬‬
‫وتقريراته اليت تثبت األحكام وتقررها‪.‬‬
‫وعلماء الفقه‪ :‬إمنا حبثوا عن رسول اهلل ص‪.‬م الذي ال خترج أفعاله عن الداللة على حكم شرعي‪ ،‬وهم يبحثون عن حكم الشرع على أفعال‬ ‫‪.3‬‬
‫العباد وجوباً أو حرمة أو إباحة أو غري ذلك‪.‬‬
‫ورد كل‬
‫وعلماء العقيدة‪ :‬عُ نوا بكل ما أمر به الشرع أو هنى عنه‪ ،‬فعنوا حبصر األعمال التعبدية‪ ،‬وضرورة وموافقتها ملا جاء عن النيب ص‪.‬م ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫خمالف لذلك من البدع واخلرافات‪.‬‬
‫مترادفات السنة (الحديث‪ ،‬الخبر‪ ،‬واألثر)‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الحديث‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫لغة‪ :‬مجعه "أحاديث"‪ ،‬معناه‪ :‬اإلخبار‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اصطالحاً‪ :‬ما أضيف إىل النيب ص‪.‬م‪ ،‬من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ُخلقية أو خلقية‪ ،‬أو ما أضيف إىل الصحايب أو التابعي‬ ‫‪‬‬
‫الفرق بين الحديث والسنة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن الحديث‪ :‬خاص بكل ما يُنقل عن الرسول ص‪.‬م وأصحابه من األقوال واألفعال وغريه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أما السنة‪ :‬خاص مبا كان عليه العمل املأثور عن النيب ص‪.‬م وعن أصحابه يف الصدر األول‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الخبر‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫لغة‪ :‬مجعه "أخبار"‪ ،‬معناه‪ :‬النبأ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اصطالحاً‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أنه مرادف للحديث‪ ،‬فيكون تعرفه بناء على ذلك‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫أعم من احلديث وأمشل‪.‬‬
‫أنه ما أضيف إىل النيب ص‪.‬م وإىل غريه‪ ،‬فيكون ّ‬ ‫‪-‬‬
‫أنه يطلق على احلديث املرفوع‪ ،‬واألثر يطلق على احلديث املوقوف‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األثر‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫لغة‪ :‬مجعه اآلثار‪ ،‬معناه‪ :‬بقية الشيء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اصطالحا‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أنه مرادف للحديث (نفس املعىن)‬ ‫‪.1‬‬
‫أنه مغاير للحديث‪ :‬يعين‪ :‬ما أضيف إىل النيب ص‪.‬م مقيداً‪ ،‬فيقال‪" :‬ويف األثر عن النيب ص‪.‬م"‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أنه مغري للحديث‪ ،‬لكن املراد به‪" :‬املوقوف" دون "املقطوع"‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫إطالقات لفظ السنة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن كل ما جاء يف الكتاب والسنة هو سنة النيب ص‪.‬م‬ ‫‪.1‬‬
‫أن السنة مبعىن احلديث‬ ‫‪.2‬‬
‫إطالق السنة يف مقابل البدعة‬ ‫‪.3‬‬
‫إطالق السنة مبعىن املندوب واملستحب‬ ‫‪.4‬‬
‫تفصيله‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن كل ما جاء في الكتاب والسنة هو سنة النبي ص‪.‬م‬ ‫‪.1‬‬
‫هي طريقة النيب اليت كان عليها‪ ،‬من ذلك قوله‪(( :‬فمن رغب عن سنتي فليس مني))‪.‬‬
‫أن السنة بمعنى الحديث‬ ‫‪.2‬‬
‫كت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما‪ :‬كتاب اهلل وسنّتي))‬
‫ذلك إذا ُعطف لفظ السنة على الكتاب‪ ،‬كقوله ص‪.‬م‪(( :‬إني قد تر ُ‬
‫أن السنة في مقابل البدعة‬ ‫‪.3‬‬
‫قد تطلق يف مقابل البدعة‪ ،‬كقوله ص‪.‬م‪(( :‬فإنّه َمن ِيعش منكم بعدي فسيرى اختالفاً كثيراً؛ فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين‬ ‫‪-‬‬
‫المهديين‪.))...‬‬
‫ومنه تسمية علماء املتقدمني من احملدثني كتبهم يف العقيدة باسم "السنة"‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫املروزي‬
‫السنة‪ ،‬لإلمام أيب عبد اهلل حممد بن نصر َ‬ ‫‪.1‬‬
‫السنة‪ ،‬لإلمام ابن عاصم أيب بكر أمحد عمرو الشيباين‬ ‫‪.2‬‬
‫السنن‪ ،‬لإلمام أيب داود سليمان بن األشعث السجستاين‬ ‫‪.3‬‬
‫أن السنة بمعنى المندوب والمستحب‬ ‫‪.4‬‬
‫وهو ما جاء األمر به على سبيل االستحباب ال على سبيل اإلجياب‪ ،‬وهذا اإلطالق للفقهاء‪.‬‬

‫الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع والمعاصي في ضوء اآليات واألحاديث واآلثار‬
‫من القرآن الكريم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيم﴾‪،‬‬ ‫﴿قُل ِإن ُكنتُم تُحبّو َن اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِب ُك ُم اللَّهُ َويَغفر لَ ُكم ذُنوبَ ُكم َواللَّهُ غَ ٌ‬
‫فور َر ٌ‬ ‫‪.1‬‬

‫‪2‬‬
‫هذه اآلية حاكمة على كل من ّادعى حمبة اهلل وليس على الطريقة احملمدية‪ ،‬فإنه كاذب يف نفس األمر حىت يتّبع الشرع احملمدي والدين النبوي يف مجيع‬
‫األقوال واألفعال‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ثيرا﴾‪،‬‬ ‫رجو اللَّهَ َواليَ َ‬
‫وم اآلخ َر َوذَ َك َر اللهَ َك ً‬ ‫﴿لََقد كا َن لَ ُكم في َرسول اللَّه َ‬
‫ُأسوةٌ َح َسنَةٌ ل َمن كا َن يَ ُ‬ ‫‪.2‬‬
‫التأس ي برسول اهلل ص‪.‬م يف أقواله وأفعاله وأحواله‪ ،‬وقد أخرب اهلل تعاىل يف هذه اآلية مبوعوده هلم‪ ،‬وجعله العاقبة حاصلةً هلم يف‬
‫هذه اآلية أصيل كبري يف ِّ‬
‫وتأسوا بشمائله‪.‬‬
‫الدنيا واآلخرة إن اقتدوا برسوله ص‪.‬م ُّ‬
‫سول ِإن ُكنتم تُ ِ‬ ‫سول وُأولِي اَألم ِر ِمن ُكم فَِإ ن تَنازعتم في َش ٍ‬
‫يء َف ُر ّدوهُ ِإلَى اللَّ ِه َو َّ‬
‫الر ِ‬ ‫َّ‬
‫ؤمنو َن‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫الر َ َ‬ ‫َأطيعوا اللَّهَ َو ُ‬
‫َأطيعوا َّ‬ ‫آمنوا ُ‬ ‫ذين َ‬
‫﴿يا َُّأي َها ال َ‬ ‫‪.3‬‬
‫وم ِ‬ ‫بِاللَّ ِه والي ِ‬
‫َأحس ُن تَأوياًل ﴾‪،‬‬ ‫اآلخ ِر ذلِ َ‬
‫ك َخ ٌير َو َ‬ ‫َ َ‬
‫يف هذه اآلية أمر اهلل تعاىل الناس بأن يتبعوا كتابه‪ ،‬ويأخذوا سنة رسوله‪ ،‬ويطيعوا العلماء واألمراء فيما يأمروهم به من طاعة اهلل‪.‬وإن تنازعوا يف أمر من‬
‫أصول الدين وفروعه؛ فريجعوا إىل كتاب اهلل وسنة رسوله‪.‬‬
‫من األحاديث النبوية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫عن عائشة ر‪.‬ع قالت‪ :‬قال رسول اهلل ص‪.‬م‪(( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ))‬ ‫‪.1‬‬
‫وهو دليل على أحد شرطي قبول العمل وهو اتباع الرسول ص‪.‬م‪ ،‬ألن كل عمل يتقرب به إىل اهلل ال يكون مقبوالً عند اهلل إالّ إذا توفر فيه شرطان‪:‬‬
‫إخالص هلل واملتابعة للرسول ص‪.‬م‪.‬‬
‫((أما بعد‪ ،‬فإ ّن خير الحديث كتاب اهلل‪ ،‬وخير‬
‫عن جابر بن عبد اهلل األنصاري ر‪.‬ع أ ّن رسول اهلل ص‪.‬م إذا خطب يوم اجلموعة قال‪ّ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وشر األمور محدثاتها وكل ٍ‬
‫بدعة ضاللةٌ))‪.‬‬ ‫هدي محمد ُّ‬ ‫اله ِ‬
‫دي ُ‬ ‫َ‬
‫عن أنس بن مالك ر‪.‬ع قال‪ :‬قال رسول اهلل ص‪.‬م‪(( :‬من رغب عن ُسنّتي فليس منّي))‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫من آثار السلف‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫آثار الصحابة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫عبد اهلل بن مسعود ر‪.‬ع‪" :‬اتبعوا‪ ،‬وال تبتدعوا‪ ،‬فقد ُكفيتم"‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ابن عباس ر‪.‬ع‪" :‬عليك بتقوى اهلل واالستقامة‪ ،‬اتّبع وال ِ‬
‫تبتدع"‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دع‪ ،‬فإ ّن ما ابتُ ِدع ضاللةٌ"‪.‬‬
‫معاذ بن جبل ر‪.‬ع‪" :‬فإيّاكم وما ابتُ َ‬ ‫‪-‬‬
‫آثار التابعين وأتباعهم‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫رجل بدعةً إالّ ُسلِب ال ِورعُ"‪.‬‬
‫اإلمام األوزعي‪" :‬ما ابتدع ٌ‬ ‫‪-‬‬
‫ضل"‪.‬‬
‫اإلمام أبو حنيفة‪" :‬إيّاكم والقول يف دين اهلل تعاىل بالرأي‪ ،‬وعليكم باتباع السنة‪ ،‬فمن خرج عنها َّ‬ ‫‪-‬‬
‫آثار األئمة السلف‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫اإلمام الشافعي‪" :‬أمجع الناس على أ ّن َمن استبانت له ُسنة رسول اهلل ص‪.‬م مل يكن له أن يدعها لقول أحد"‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وترك البدع"‪.‬‬
‫التمسك مبا كان عليه أصحاب رسول اهلل ص‪.‬م واالقتداء هبم‪ُ ،‬‬
‫اإلمام أمحد‪" :‬أصول السنة عندنا‪ُّ :‬‬ ‫‪-‬‬
‫أقوال أئمة التصوف‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫اإلمام اجلنيد البغدادي‪" :‬الطُّرق كلُّها مسدودةٌ على اخللق إالّ من اقتفى أثر الرسول ص‪.‬م"‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقام أشرف من متابعة احلبيب ص‪.‬م يف أوامره‬
‫"من ألزم نفسه آدب السنة؛ ّنور اهلل قلبَه بنور املعرفة‪ ،‬وال َ‬
‫اإلمام ابن عطاء اهلل السكنداري‪َ :‬‬ ‫‪-‬‬
‫وأفعاله وأخالقه"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫منزلة السنة النبوية من القرآن الكريم وعالقتها به‬
‫منزل كالقرآن الكريم‬
‫وحي ّ‬
‫السنة النبوية ٌ‬ ‫‪‬‬
‫أساسه‬
‫أمجع كافة أئمة املسلمني من املفسرين واحملدثني والفقهاء على‪ :‬أن السنة النبوية املصدر التشريعي لدين اإلسالم مع القرآن الكرمي‪ ،‬ومها ُ‬
‫وحي من اهلل تعاىل مثل القرآن‪ ،‬وتؤِّكد ذلك النصوص اآلتية من القرآن واحلديث وأقوال السلف‪.‬‬
‫كذلك فقد أمجعوا أن السنة ٌ‬
‫نصوص القرآن الدالة على أن السنة وحي من اهلل تعالى‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حي يوحى﴾‬ ‫الهوى ۝ ن ُه َو اّل َو ٌ‬ ‫ض َّل صاحبُ ُكم َوما غَوى ۝ َوما يَنط ُق َع ِن َ‬ ‫﴿ما َ‬ ‫‪.1‬‬
‫فالضمري يف قوله "إن ُه َو" يعود إىل املنطوق منه (النيب ص‪.‬م)‪ ،‬واملعىن‪ :‬إ ّن منطوق النيب ص‪.‬م ليس إال وحيًا يوحى به إليه من ربّه عز وجل‪.‬‬
‫اُألمور﴾‬ ‫صير‬ ‫ِ ِإ َّ ِ‬ ‫ماوات َوما ِفي‬
‫الس ِ‬ ‫صر ِ‬
‫اط اللَّ ِه الَّذي لَهُ ما فِي َّ‬ ‫قيم ۝ ِ‬ ‫اط ُمستَ ٍ‬ ‫صر ٍ‬ ‫ك لَتَهدي ِإلى ِ‬
‫﴿وِإنَّ َ‬
‫ُ‬ ‫اَألرض َأال لَى الله تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪.2‬‬
‫وحي من اهلل تعاىل‪.‬‬‫فهذا الثناء البالغ على هداية النيب ص‪.‬م‪ ،‬وأهنا هدايةٌ ربانية‪" :‬صراط اهلل"‪ ،‬دليل على عصمة السنة‪ ،‬وأهنا ٌ‬
‫ضالاًل‬
‫ض َّل َ‬ ‫الخَي َرةُ ِمن َأم ِرِهم َوَمن يَ ِ‬
‫عص اللَّهَ َوَرسولَهُ َف َقد َ‬ ‫ضى اللَّهُ ورسولُهُ َأمرا َأن يكو َن لَهم ِ‬
‫ُُ‬ ‫ً َ‬ ‫ََ‬
‫ؤم ٍن وال م ِ‬
‫ؤمنَ ٍة ِإذا قَ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫﴿وما كا َن ل ُم َ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪.3‬‬
‫ُمبينًا﴾‬
‫أي أمر من أموره‬
‫حق االختيار يف ّ‬
‫لفظ "أمراً" جاء يف هذه اآلية نكرةً يف سياق الشرط‪َ ،‬فت ُع َّم‪ ،‬ويكون املعىن‪ :‬ما كان ليُوجد مؤمن وال مؤمنة يرى له ّ‬
‫ضل الضالل الواضح الذي ال ُعذر له‬
‫حق االختيار بعد ذلك فهو عاص هلل ولرسوله وهو بذلك قد َّ‬
‫بعد أمر اهلل أو أمر رسوله ص‪.‬م‪ ،‬فإن جعل لنفسه َّ‬
‫فيه‪.‬‬
‫األحاديث واآلثار الدالة على أن السنة وحي من اهلل تعالى‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫شق ذلك‬
‫اَألمن َو ُهم ُمهتَدو َن﴾؛ ّ‬ ‫لم ُأولِئ َ‬
‫ك ل َُه ُم ُ‬ ‫آمنوا َولَم يَلبِسوا إيما َن ُهم بِظُ ٍ‬
‫ذين َ‬‫َّ‬
‫لت هذه اآلية‪﴿ :‬ال َ‬ ‫عن ابن مسعود أنه قال‪ :‬لَ ّما نز ْ‬ ‫‪.1‬‬
‫لم‬ ‫ِ‬
‫الشرك لظُ ٌ‬
‫َ‬ ‫نفسه؟ فقال ص‪.‬م‪(( :‬إنه ليس بذاك‪ ،‬أال تسمعون إىل قول لقمان‪﴿ :‬إ ّن‬ ‫على أصحاب النيب ص‪.‬م‪ ،‬وقال‪ :‬أيُّنا مل يَظلم َ‬
‫عظيم﴾))‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أوال السلف في أن السنة وحي من اهلل تعالى‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫حسان بن عطيّة‪" :‬كان جربيل ينزل على النيب بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن"‪.‬‬ ‫قال التابعي ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ُّعاء ِإذا ما‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ُّم الد َ‬
‫سم ُع ُّ‬ ‫كر َوِإنّا لَهُ لَحافظو َن﴾‪ ،‬وقال تعاىل‪﴿ :‬قُل ِإنَّما ُأنذ ُرُكم ب َ‬
‫الوح ِي َوال يَ َ‬ ‫ِّ‬ ‫قال ابن حزم‪" :‬قال تعاىل‪ِ﴿ :‬إنّا نَ ُ‬
‫حن َن َّزلنَا الذ َ‬
‫ذكر‪ ،‬والذكر حمفو ٌظ بنص القرآن‪.‬‬ ‫يُن َذرو َن﴾‪ ،‬فأخرب تعاىل أ ّن كالم نبيه ص‪.‬م كلُّه وحي‪ ،‬والوحي بال خالف ٌ‬
‫تتنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن‪ ،‬ألهنا تُتلى كما يُتلى"‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬والسنة َّ‬ ‫‪.2‬‬
‫الفرق بين القرآن والسنة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يتصرفا فيها‪.‬‬
‫أن القرآن‪ :‬كالم اهلل تعاىل‪ ،‬نزل بلفظه إىل النيب‪ ،‬وأ ّن ألفظ لقرآن مكتوبة يف اللوح احملفوظ‪ ،‬وليس جلربيل وال للرسول ص‪.‬م أن ّ‬ ‫‪-‬‬
‫وأ ّن القرآن معجزة اإلهلية ومتعبّ ٌد بتالوته‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أما السنة‪ :‬ال تكون من كالم اهلل تعاىل‪ ،‬وحُي تمل أن يكون النازل على جربيل معىًن وصرفًا فكساه ُحلَّةَ العبارة‪ ،‬وبنّي الرسول بتلك العبارة أو‬ ‫‪-‬‬
‫أهلمه‪ ،‬كما نتفقه‪ ،‬فأعرب ص‪.‬م بعبارة تفصح عنه‪.‬‬
‫وأ ّن السنة غري متعبدة بتالوهتا خبالف القرآن الكرمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪4‬‬
‫السنة النبوية مصدر للتشريع اإلسالمي يلي القرآن الكريم‬
‫إن السنة النبوية مؤكدة ملا أنزل اهلل يف القرآن‪ ،‬وشارحة ومبينة وموضحة له‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عاما جممالً‪ ،‬وترك بيانه وتفصيله يف السنة‪ .‬كأمر بالصالة والزكاة وغريها‪..‬‬
‫أمرا ً‬
‫فإن كثرياً من أحكام اإلسالم وفرائضه ما أمر اهلل هبا ً‬ ‫‪-‬‬
‫مشرعةً هلا‪ ،‬يعين أهنا أتت بأحكام زائدة على ما يف القرآن‪.‬‬
‫فإن القرآن قد سكت عن أحكام‪ ،‬فجاء السنة ِّ‬ ‫‪-‬‬
‫أقسام السنة النبوية من حيث التأكيد والتبيين والتوضيح لما ورد في آيات القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السنة المؤكدة للقرآن الكريم‬ ‫‪.1‬‬
‫السنة المبينة للقرآن الكريم‬ ‫‪.2‬‬
‫السنة المشرعة (أي السنة المستقلة بالتشريع)‬ ‫‪.3‬‬
‫تفصيله‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫السنة المؤكدة للقرآن الكريم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن تكون السنة مؤكدة ومقررة حلكم ثبت يف القرآن‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫قوله ص‪.‬م‪(( :‬بين اإلالم على مخس‪ :‬شهادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأ ّن حممدا رسول اهلل‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬واحلج‪ ،‬وصوم رمضان))‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫هذا احلديث يؤكد لآلية اليت وردت يف شأن الصالة والزكاة واحلج والصوم‪.‬‬
‫السنة المبينة للقرآن الكريم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تفصيل السنة لمجمل القرآن الكريم‪:‬‬ ‫‪)1‬‬
‫لقد أمر القرآن ببعض أداء أركان الدين أمراً جممالً ومل يبني كيفية أدائها‪ ،‬كأمر بالصالة اليت مل يذكرها القرآن بعض أجزائها‪ ،‬كقوله تعاىل‪﴿ :‬ارَكعوا‬
‫اسجدوا﴾ فلم يبني كيفيتها وشروطها وعدد ركعاهتا وسجداهتا وأوقاهتا‪ ،‬فجاء يف السنة تفصيله وبيانه‪ .‬كما ورد يف حديث طويل‪(( :‬صلوا كما‬
‫َو ُ‬
‫رأيتموين أصلي))‪.‬‬
‫تخصيص السنة لعام القرآن‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫البّر وامليتة البحر‪ ،‬فيدخل يف ذلك‪ :‬السمك‬
‫معرف بـ ال‪ ،‬فامليتة‪ :‬تشمل ميتة َ‬
‫َّم﴾ فامليتة والدم من ألفاظ العموم ألن ّ‬
‫الميتَةُ َوالد ُ‬
‫﴿ح ِّرَمت َعلَي ُك ُم َ‬
‫ُ‬
‫امليت واجلراد امليت والبقر امليت والغنم امليت وغريه‪ ..‬وكذلك الدم‪ :‬يشمل كل دم‪ ،‬سواء دم إنسان أو حيوان‪ .‬وجاد التخصيص يف احلديث‪(( :‬أحلّت‬
‫فأما امليتتان فاحلوت واجلراد‪ ،‬وأما الدمان فالكبد والطحال))‬
‫لنا ميتتان ودمان‪ّ ،‬‬
‫تقييد السنة لمطلق القرآن‪:‬‬ ‫‪)3‬‬
‫ورد يف القرآن بعض األحكام املطلقة دون تقييد بصفة أو شرط‪ ،‬فجاءت السنة وقيدت هذا املطلق‪ ،‬مثل‪﴿ :‬والسا ِر ُق والسا ِرقَةُ فَاقطَعوا ِ‬
‫َأيد َي ُهما﴾‪،‬‬ ‫َ ّ َ ّ‬
‫بالرسغ‪.‬‬
‫فصل الكف أو من املرفق أو من الكتف‪ ،‬فجاءت السنة وقيّدت ُّ‬
‫فاليد يف هذه مطلقة جيوز قطعها من َم َ‬
‫تفريع السنة على أصل في القرآن‪:‬‬ ‫‪)4‬‬
‫الربا﴾‪ ،‬كان الربا الشائع عند العرب هو ربا الديون‪،‬‬ ‫َأح َّل اللَّهُ البَ َ‬
‫يع َو َح َّرَم ِّ‬ ‫﴿و َ‬ ‫أن تبنِّي السنة القرآن عن طريق التفريع على ٍ‬
‫أصل ورد يف القرآن‪ ،‬مثل‪َ :‬‬
‫وصورته أن يق ِرض رجل رجالً مبلغاً من املال مل ّد ٍة معي ٍنة بدون الزيادة‪ ،‬فإذا حان األجل طلب الدائن من ِ‬
‫املدين املبلغ‪ ،‬فإن مل يسدد املدين ما عليه‪ ،‬قال‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وحرمت الربا فيه زيادة بال عوض‪.‬‬ ‫له الدائن‪ :‬إما أن تقضيين ح ّقي ؤإما أن تُريب‪ ،‬أي‪ :‬تزيد على مبلغ الدين‪ .‬فجاءت السنة ِّ‬
‫توضيح السنة لمشكل القرآن‪:‬‬ ‫‪)5‬‬

‫‪5‬‬
‫املشكل‪ :‬امللتبس‪ ،‬أي كل ما اشتبه معناه وخفي مراده‪ .‬ووردت يف القرآن بعض األلفاظ اليت ال تدل بصيغتها على املراد احلقيقي منها‪ ،‬فتحتاج إىل‬
‫اَألمن َو ُهم ُمهتَدو َن﴾؛ فقد استعصى فهم اآلية‬ ‫لم ُأولِئ َ‬
‫ك ل َُه ُم ُ‬ ‫آمنوا َولَم يَلبِسوا إيما َن ُهم بِظُ ٍ‬
‫ذين َ‬‫َّ‬
‫توضيح حىت يتضح ذلك على وجه صحيح‪﴿ .‬ال َ‬
‫فشق ذلك عليهم‪ ،‬وجاء التوضيح من رسول اهلل ص‪.‬م‪.‬‬
‫على بعض الصحابة فحملوا معىن "الظلم" على حقيقة‪ّ ،‬‬
‫تقعيد السنة ما ورد في القرآن مفرقاً‪:‬‬ ‫‪)6‬‬
‫التقعيد‪ :‬وضع القواعد لعل ٍم أو ٍ‬
‫مسألة ليُعمل مبوجبها‪ .‬وضعت السنة القواعد يف بعض املسائل الواردة يف القرآن مفرقة‪.‬‬
‫نسخ السنة بعض ما شرعه القرآن من أحكام‪:‬‬ ‫‪)7‬‬
‫السنة المشرعة (أي السنة المستقلة بالتشريع)‬ ‫‪‬‬

‫‪6‬‬

You might also like