You are on page 1of 14

‫‪ .

1‬مفهوم عــلم الجمــال (اإلسـتطيقا)"‪:‬‬

‫‪ .1 1‬مفهوم عــلم الجمــال (اإلسـتطيقا)‬


‫أشتقت كلمة "إستطيقا" من الكلمة اليونانية “‪ ”aesthesis‬وتعني "إدراك"‪.‬علم الجمال االستطيقا هو ذلك‬
‫الفرع من فروع الفلسفة الذي يهتم بطبيعة الجمال والفن و الذوق‪ ،‬وأيضا إبداع وتقدير الجمال‪.‬‬

‫‪ 2‬يعتبر علم الجمال أحد مجاالت نظرية القيمة (األكسيولوجيا) والتى بدورها فرع من فروع الفلسفة‬
‫الثالث‪ :‬األكسيولوجيا ـ الميتافيزيقا و االبستمولوجيا "نظرية المعرفة"‪.‬‬

‫‪ 3‬يبحث علم الجمال في المحسوسات والمدركات‪ ،‬وهو يختلف عن المنطق "‪ "logic‬الذي يبحث عن‬
‫العالقات والعقالنية‪ .‬كما ال يبحث علم الجمال فقط فى األشياء الجميلة‪ ،‬بل يتعدى ذلك إلى العوامل التى‬
‫تجعل شيئ ما جميل أو جليل أو ُمِنفر أو سخيف أو قبيح أو ممتع أو ممل‪ ،‬أو مرح أو مأساوى‪.‬يهدف علم‬
‫الجمال إلى إيجاد مباديء عامة للفن والجمال‪.‬‬

‫‪ 4‬تعريف مفهوم"العلم"‪:‬علم "‪ "scientia‬كانت تعني في اللغة الالتينية "معرفة"‪ ،‬ويستخدم اللفظ حاليًا‬
‫بمعنى المعرفة ‪ ،‬لدراسة ظاهرة طبيعية باستخدام األسلوب العلمي؛ أي وجود مشكلة ويتم وضع فرض لها‬
‫ويتم اختبار هذا الفرض بالتجربة‪ ،‬فإذا ثبتت صحة الفرض فإن الفرض يصبح نظرية‪ ،‬و إال فيعدل‬
‫الفرض ويختبر علميًا وهكذا حتى نصل إلى قانون طبيعي‪.‬كان العلم عند اإلغريق مجرد فكر‪ ،‬أما قدماء‬
‫المصريين فكان العلم عندهم تطبيقًا عمليًا‪ ،‬وقد قام العرب بمزج الفكر النظري بالتطبيق العلمي واستمر‬
‫ذلك حتى عصر النهضة (مابين القرنين الـ‪ 13‬و الـ‪.)16‬‬

‫‪ 5‬تعريف مفهوم "الفلسفة"‪ -‬المعنى األصلي لكلمة فلسفة اليونانية هو "حب الحكمة"‪ -.‬الفلسفة هي دراسة‬
‫المباديء األولى للوجود والفكر دراسة موضوعية تهدف إلى الوصول الى الحق وتهتدي بمنطق العقل‪،‬‬
‫لذلك ال تبدأ الفلسفة بمسلمات مهما يكن مصدرها‪ -.‬على عكس الرياضيات والفيزياء‪ ،‬فإذا كانت األولى‬
‫(أي الرياضيات) تبدأ من العدد والثانية (اي الفيزياء) تبدأ من المادة‪ ،‬فإن الفلسفة تحلل هذه البدايات نفسها‬
‫الى مبادئها األولية‪.‬‬

‫‪ 6‬ظهور مصطلح االستطيقا يعتبر الفيلسوف األلمانى الكسندر جوتليب باومجارتن هو أول من صاغ‬
‫مصطلح "االستطيقا" و كان ذلك فى العام و قصد باومجارتن من وراء هذا المصطلح‪" :‬العلم الذى يدرس‬
‫كيفية معرفة األشياء عن طريق الحواس"‪ .‬و بذلك يكون أول استخدام لكلمة استطيقا كان فى ألمانيا‪ .‬أما‬
‫فى اللغة االنجليزية فبدأ استخدامه فى القرن التاسع عشر و ذلك على يد الفيلسوف ديفيد هيوم‪.‬‬

‫‪ 7‬عرفت الدراسات التى عنيت بموضوع الجمال قبل ظهور مصطلح "االستطيقا" بمسميات أخرى مثل‪:‬‬
‫"مقاييس الذوق" أو "األحكام الخاصة بالذوق"‪.‬‬
‫‪ 8‬ما هو علم الجمـــال؟علم الجمال أو االستطيقا هو دراسة فلسفية للخصائص التى تبحث فى جماليات‬
‫األشياء أو عن طبيعة القيم الجمالية و األحكام المتعلقة بها‪ .‬و تتضمن اإلستطيقا أيضٌا فلسفة الفن و التى‬
‫تهتم أساسًا بطبيعة وقيمة الفن و المبادئ التى من خاللها يتم تأويل العمل الفنى و تقييمه‪.‬‬

‫‪ 9‬ارتباط الثقافة باألحكام الجمالية‬


‫ارتباط العوامل االقتصادية والسياسية باألحكام الجمالية‬

‫‪ 10‬الحكم الجمالى قد يكون موضوعيًا أو ذاتيًا‪ ،‬و بالتحديد ال يوجد حكم جمالى موضوعى تماما أو ذاتى‬
‫تمامًا‪ ..‬و بعض أحكامنا الجمالية تكون مبنية على أساس بيولوجى‪ :‬فمثًال الوجه المتماثل و الجلد المتماسك‬
‫النظيف لإلنسان يعتبران شيئان جميالن لهما جاذبية‪ ،‬أما الوجه الغير متماثل و الجلد المريض فيعتبرا غير‬
‫جذابين‪ ،‬وبالتالى يتصفا بالقبح‪.‬‬

‫‪ 11‬قد يتولد عن رؤية منظر طبيعى يتسم بالجالل رد فعل يتمثل فى اإلحساس بالرهبة و الخشوع‪،‬‬
‫ويصاحب هذا اإلحساس تعبيرات فيزيقية مثل تعبيرات الدهشة فى الوجه أو اتساع حدقة العين أو خفقان‬
‫فى القلب أو النطق بطريقة تلقائية بكلمات تجسد هذا اإلحساس‪ .‬وتكمن ردود الفعل تجاه الجمال فى‬
‫الالوعى وهو الذى يؤثر و لو جزئيا على أحكامنا الجمالية‪.‬‬

‫‪ 12‬االتجاه الموضوعى واالتجاه الذاتى لعلم الجمال‬


‫االتجاه الموضوعى و يرى أن الجمال موجود بقوته فى األشياء الجميلة و ال يتأثر باألهواء الشخصية أو‬
‫الذاتية أو بالمزاج الشخصى‪ ،‬فالجمال موجود بغض النظر عن التقدير الشخصى له‪ .‬فمثال يرى جوته أن‬
‫لإلبداع الفنى قوانين موضوعية‪.‬‬

‫‪ 13‬أما أنصار االتجاه الذاتى فيروا أن الجمال شيئ يتعلق بالنفس ‪ ,‬أنه يتغير من شخص آلخر و أن‬
‫الجمال يوجد فى داخلنا حيث يتم تصوره من خالل فكر من يقدره وأن الحكم الجمالى ينبع من الفكر الحر‬
‫و قوة الخيال والتى تتقاوت من شخص إلى آخر‪ .‬أى أن الجمال ظاهرة سيكولوجية ذاتية‪.‬‬

‫‪ 14‬و يعتبر إمانويل كانت “‪ ”Immanuel Kant‬أبرز المدافعين عن االتجاه الذاتى‪ ،‬حيث يعتبر أن‬
‫الحكم على الجمال حكم ذاتى يتغير من شخص إلى آخر و أن مصدر الشعور بالجمال يقع فى داخلنا و أن‬
‫جمال الشيئ ال عالقة له بطبيعة الشيئ‪.‬‬

‫‪ 15‬وكذلك الفيلسوف فريدريش هيجل “‪F‬‬


‫وكذلك الفيلسوف فريدريش هيجل “‪ ”F. Hegel‬الذى يقول بأن االجمال الطبيعى هو انعكاس للصورة‬
‫الذهنية‪.‬‬
‫‪ 16‬و يرى فيكتور باش أننا ال نحس بجمال العالم و كائناته إال بمقدار ما فى أنفسنا من جمال‪.‬‬
‫ولعل مقولة الشاعر ايليا أبو ماضى‪":‬كن جميًال ترى الوجود جميًال" توضح هذا المعنى‪.‬‬

‫‪ 17‬الفلسفة الفيثاغورية في الجمال (القرن السادس قبل الميالد)‬


‫فيثاغورث (حوالي م‪) .‬فيلسوف يوناني برع في الرياضيات والفلك‪ ،‬أسس طائفة لها تعاليم روحية ذات‬
‫صبغة صوفية‪ ،‬أمن بتناسخ األرواح وفسر الكون على العدد والنسب المتوافقة النغم‪ ،‬له كشوف رياضية‬
‫هامة‪.‬‬

‫‪ 18‬مباديء النظرية الفيثاغورية‬


‫اعتبرت ممارسة العلوم الرياضية (الهندسة والحساب) وكذلك الموسيقى من أسمى طرق تطهير النفس‬
‫البشرية‪.‬بجانب اعتبار النظرية الفيثاغورثية أن الموسيقى وممارستها تطهر النفس‪ ،‬فقد اعتبرتها أيضًا‬
‫وسيلة من وسائل العالج النفسي‪.‬يمثل مفهوم "الهارموني" أو التوافق – االئتالف – االنسجام لدى‬
‫الفيثاغوريين الفكرة األساسية لفلسفتهم‪.‬‬

‫‪ 19‬قام فيثاغورث بتحليل بعض القطع الموسيقية وتوصل الى أسباب جمالياتها من خالل تفسير عددي‬
‫ألنغامها وفسر التوافق (الهارموني) الموسيقى بأنه يرجع إلى وجود وسط رياضي بين نوعين من‬
‫النغم‪.‬ركزت الفيثاغورية على األضداد (الخير والشر – المحدود والال محدود – الواحد والكثرة – الذكر‬
‫واألنثى – الظالم والنور ‪.....‬الخ) وقالت بأنه في النهاية يحدث وحدة أو ائتالف أو انسجام (هارموني) و‬
‫الذى يرجع إلى وجود وسط رياضي بين كل نقيضين‪ ،‬أي البحث عن الوحدة المفسرة للكثرة‪.‬‬

‫‪ 20‬تفرق الفلسفة الفيثاغورية بين مستويين من الوجود‪:‬‬


‫كما ترى الفيثاغورية أن رقي اإلنسان وتقدمه قائم على أساس اجتياز مراحل متناقضة من البربرية‬
‫والمدنية ‪ ....‬أي أن رقي اإلنسان وتقدمه هما صورة من ومضمون لفكرة اندماج أو توافق (هارموني) بين‬
‫األضداد‪.‬التوازن الهندسي واالعتدال والتناسب كانت تمثل القواعد األساسية لألعمال الفنية في أثينا مثل‬
‫معبد البارثينون والطرز المعمارية للمعابد والتوافق بين الطرز (البسيطة والمعقدة والمسرفة في الزخرفة)‬
‫المختلفة في المبنى الواحد‪.‬تفرق الفلسفة الفيثاغورية بين مستويين من الوجود‪:‬المستوى األول‪ :‬مستوى‬
‫الوجود المعقول (العقل)‪.‬المستوى الثاني‪ :‬مستوى الوجود المحسوس (الجسم)‪.‬‬

‫‪ -21 4-2‬ســـقراط ( ق‪.‬م‪Socrates).‬‬

‫‪ 22‬نادى سقراط بالفضيلة والتقوى والعدل واألخالق الحميدة‪.‬‬


‫وحد سقراط بين العلم والفضيلة و اعتبرهما شيئًا واحدًا ال يختلف باختالف األفراد‪.‬يرى سقراط أن اإلرادة‬
‫اإلنسانية تتجه نحو الخير دائمًا‪.‬له نظرية إيجابية في الفن‪ :‬الفن سواء ما كان منه فنًا جميًال أو فنًا صناعيًا‬
‫له وظيفة تخدم حياة اإلنسان‪ ،‬وبمعنى أدق‪ :‬الحياة األخالقية‪.‬‬

‫‪ 23‬الجمال عند سقراط هو جمال هادف‪ ،‬أي أن الجميل هو ما يحقق النفع أو الفائدة أو الغاية األخالقية‬
‫العليا‪ ،‬وله مقولة مشهورة في ذلك الصدد‪":‬ما هو نافع لغرض معين فإن استعماله جميل لهذا‬
‫الغرض”ويرى أن الصفة المشتركة لألشياء الجميلة تكمن في أن جميعها قد صنعت على النحو الذي تحقق‬
‫به الغرض من وجودها‪ ...‬أي أنها حققت هدفها‪!!.‬‬

‫‪ 24‬يرى سقراط أن العين الجاحظة أجمل من العين العادية‪ ،‬ألن الجحوظ يؤدي إلى وظيفة أفضل وهي‬
‫اتساع مجال الرؤية‪ ،‬وأن األنف األفطس أجمل من األنف المستقيمة‪ ،‬ألن األنف المستقيمة قد تعوق زاوية‬
‫الرؤية أما األنف األفطس فإنها ال تعوق زاوية الرؤية‪!!.‬نادى سقراط أن يركز الفنانون على إبراز التعبير‬
‫عن أحوال النفس البشرية من خالل التأكيد على تعبيرات العين والوجه في موضوعات الرسم والنحت‬
‫وذلك بهدف إظهار الفضيلة واالنفعاالت السامية لتأكيد الجمال الخلقي بجانب مراعاة جمال الصورة‬
‫ونسبها الفنية‪.‬‬

‫‪ 25‬نبذ سقراط مبدأ "اللذة" الجمالية التي فصلت بين الجمال و قيم الحق والخير‪ ،‬فلم تكن اللذة عند سقراط‬
‫سوى نوعًا من أنواع التدهور الفني واالنحالل األخالقي‪.‬يرى سقراط أن أصحاب الحرف والصناعات‬
‫أفضل من الفنانين الذين ال يوجهون الناس من خلال فنهم الى قيم الخير والحكمة والفضيلة‪.‬يرى سقراط أن‬
‫الفن يجب أن يكرس لخدمة اإلنسان‪ ،‬بينما يؤدي الجمال إلى الخير ال إلى اللذة الحسية‪.‬‬

‫‪ -26 4-3‬فلسفة الفن والجمال عند أفالطون “‪ 427-347( ”Plato‬ق‪.‬م‪).‬‬

‫‪ 27‬فيلسوف يوناني‪.‬تتلمذ أفالطون على يد سقراط‪.‬له نظرية تسمى بنظرية "الُم ُثل" وهي تؤكد على‬
‫استقالل المعقوالت عن المحسوسات‪.‬فلسفته السياسية تميل الى النزعة األرستقراطية‪.‬قدم تصورًا لما‬
‫يسمى بالمدينة الفاضلة (يوتوبيا)‪.‬حارب الشعر وبقية الفنون الواقعية‪ ،‬واعتبر الفنانين الواقعيين يعتمدوا‬
‫على إثارة جانب العاطفة واالنفعال الى حد يضيع معه سيطرة العقل على اإلنسان ويفقده توازنه وتمسكه‬
‫بالقوانين المقدسة‪.‬‬

‫‪ 28‬تشرب أفالطون النزعة العقلية من أستاذه سقراط‪ ،‬وفضل منهج االستدالل العقلي وشغف بالرياضيات‬
‫والهندسة حتى أنه كتب على باب أكاديميته الخاصة‪" :‬ال يدخل أكاديميتي إال من ألم بعلم الهندسة"‪.‬حارب‬
‫أفالطون الفنانين الذين يعملون على خداع الحواس في فني النحت والتصوير وطالب بالمحافظة على‬
‫النسب الصحيحة والمقاييس الهندسية المثالية‪.‬‬
‫‪ 29‬طالب أفالطون الفنانين بمعرفة الحق معرفة واقعية‪ ،‬كما طالبهم بتوجيه أعمالهم إلى الخير‪ ،‬كما آمن‬
‫أفالطون بأفضلية اإللهام والهوس "‪ "Mania‬والحض على كل معرفة عقلية‪ ،‬وعلى الرغم من أن اإللهام‬
‫والهوس والحب قوى ال عقالنية‪ ،‬إال انه اعتبرها وسيلة من وسائل االتصال بالعلم اإللهي الذي –في نظر‬
‫أفالطون‪ -‬المكان الحقيقي الذي توجد فيه الحقيقة‪.‬تمثل هذه األفكار عن الحب والهوس واإللهام اتجاهًا‬
‫صوفيًا عند أفالطون‪ ،‬حيث يرى أفالطون أن الهوس هدية من عند اآللهة‪ ،‬وبالتالي يجب أن يكون منبئا‬
‫عن الحقيقة‪.‬‬

‫‪ 30‬ارتبط االتجاه الصوفي لدى أفالطون بنزعة ال عقلية تنتهي إلى نظرية المعرفة الميتافيزيقية تلجأ إلى‬
‫الحدس أو الرؤية المباشرة والتي تختلف عن االستدالل العقلي أو اإلدراك الحسي‪.‬أكد أفالطون على دور‬
‫اإللهام والذي اعتبره يأتي من عند اآللهة‪ ،‬ويقول في هذا الصدد‪":‬إن إتقان الفن عملية تحدث من خالل‬
‫إلهام مستمد من ربات الفنون‪ ،‬أما المهارة العقلية فقط فهي غير كافية لتكوين الفنان؛ فالشعر الجيد مثًال‬
‫يأتي في صورة إلهام من ربات الشعر"‪.‬‬

‫‪ 31‬تبعًا ألفالطون فإن للفن وظيفة تعليمية وسياسية واجتماعية‪.‬‬


‫اعتبر أفالطون الحب الدافع المحرك للفيلسوف نحو الحق‪ ،‬وكذلك للفنان نحو الجمال‪.‬يمثل العالم األعلى‬
‫(أي الحياة بعد الموت) الجمال والكمال والخلود‬

‫‪ 32‬الجمال عند أفالطون هو أحب األشياء إلى اإلنسان‪ ،‬ومتى صادف الفيلسوف محاكاة لهذا الجمال أو‬
‫جسمًا حسن التكوين على األرض‪ ،‬فإنه في تلك اللحظة تنتابه رجفة ويملؤه شعور غامض يدفعه و يوجه‬
‫بصره في اتجاه موضوع الجمال‪ ،‬ويعطي أفالطون وصفًا للشعور بالجمال ويقول‪:‬‬

‫‪ " 33‬عندما يرى اإلنسان الجمال فإنه يحدث له أثناء إبصاره تغير في جسده نتيجة للرجفة التي تنتابه‬
‫فيكسوه العرق والحرارة‪ ،‬ألنه بمجرد أن يلتقي فيض الجمال عن طريق عينيه فإنه يدفأ ثم يؤثر الدفء في‬
‫نفسه فينشط نمو الريش وتلين منافذه ألن الحرارة تصهر ما كان صلبًا يمنع الريش من البزوغ والنمو‪،‬‬
‫ويحدث نتيجة لذلك أن تقوى األجنحة التي يمكن للنفس بواسطتها أن تحلق وتعود مرة أخرى إلى العالم‬
‫الذي كانت تعيش فيه قبل سقوطها إلى األرض‪ ،‬ذلك العالم التي تصبوا إليه النفس إلى العودة إليه لتكون‬
‫في صحبة اآللهة الخالدة والذي تسعد فيه بالتأمل الدائم لمثل الحق والخير والجمال"‪.‬‬

‫‪ 34‬الفن والمحاكاة “‪ ”MEMESS‬عند أفالطون‪:‬‬


‫وصف أفالطون كل من الفيلسوف والشاعر بأنهم يحاكوا‪ ،‬فما هي المحاكاة؟‬

‫‪ 35‬يفرق أفالطون بين نوعين من المحاكاة‪:‬‬


‫هناك محاكاة تعتمد على المعرفة ويصاحبها الصدق (أي التعبير الصادق الذي يلتزم بالحق ويحقق‬
‫الجمال)‪.‬وهناك محاكاة ال تصحبها معرفة وثيقة بحقيقة األصل الذي تحاكيه‪ ،‬إنما هي نقل آلي تعتمد على‬
‫التمويه و يخلو من الحق والجمال وهذه المحاكاة ال تعتمد على الخير وال تمت الجمال والخير بصلة‪ ،‬كما‬
‫ال تساهم في خلق اللذة‪ ،‬وقد أطلق أفالطون على هذا النوع من المحاكاة الزائفة ألنها المحاكاة التي تدخل‬
‫السرور على العامة والسذج ووضع أفالطون بعض الخصائص لوصف هذه المحاكاة الزائفة ومن أهم هذه‬
‫الخصائص‪:‬‬

‫‪ 36‬األخذ بالمظهر والبعد عن عن تقصي الحقائق و االشتغال بالنقل الواقعي لما يبدو للحواس والتعبير‬
‫الصريح عن العواطف واالنفعاالت‪.‬االبتعاد عن االلتزام باألهداف األخالقية والميتافيزيقية‪.‬‬

‫‪ 37‬المحاكاة الجيدة عند أفالطون هي التي تتعمق في معرفة طبيعية الشيء وأن يكون لها قيمة (أي التي‬
‫تركز على الصفات الباقية األصلية والقيمة والجوهر لألشياء) كما يرى أفالطون أن الشعر الغنائي أصدق‬
‫تعبيرًا عن الحقيقة‪.‬‬

‫‪ 38‬ويعكس أفالطون موضوع المحاكاة على الحكام والملوك حيث ينادي بأنه عليهم محاكاة الصفات‬
‫والقيم التي نشئوا عليها منذ حداثتهم‪ ،‬كالشجاعة والكرم واالعتدال والعفة و أطلق أفالطون على هذه‬
‫الصفات "الصفات الجوهرية للحكام"‪.‬كما يرى أفالطون أن اإلنسان الصالح هو الذي ال يحاكي النساء وال‬
‫العبيد وال سلوك السفلة والرعاع وال المجانين من الناس‪ ،‬ويضيف أفالطون قائمة طويلة من أصحاب‬
‫المهن الذين أعتبرهم أفالطون منحطين مثل الحدادين والصناع (الحرفيين) ومالحي السفن‪ ،‬ورأى أن‬
‫محاكاة هؤالء الناس تعرض أصحابها إلى التلف والتقلب – يجب أن نالحظ أن أفالطون كان يعيش في‬
‫مجتمع قام على الفصل بين طبقات الناس أيضا أنه كان شخصيًا ذا نزعة أرستقراطية‬

‫‪ 39‬فرق أفالطون بين نوعين من الفن‪:‬‬


‫النوع األول‪:‬هو ذلك الفن الذي يأخذه بمحاكاة السطحية‪ ،‬أي بالمعنى الشائع للمحاكاة دون التعمق في‬
‫طبيعة األشياء‪.‬النوع الثاني‪:‬وهو الفن الذي يتخذ محاكاة مستنيرة تقوم على علم بما يجب أن يحاكى وهو‪:‬‬
‫الحق والخير والجمال وهذا النوع – تبعًا ألفالطون‪ -‬ال يوجد إال لدى الفنان ذي الثقافة الفلسفية الواسعة‬
‫والذي يحسن التعبير عن الجمال‪.‬‬

‫‪ 40‬ويقول أفالطون‪" :‬البد للمحاكاة الصحيحة بأن تتعلق بحقيقة مثالية ال بصورة" (أي ليست محاكاة‬
‫الصفات العارضة للشيء وإنما الصفات األصلية الدائمة والجوهرية)‪.‬‬

‫‪ 41‬أمثلة للمحاكاة الجيدة‪:‬‬


‫عند أفالطون تتكون الموسيقى من ثالث عناصر رئيسية وهي‪ :‬اللفظ واالئتالف واإليقاع ويجب أن تكون‬
‫الموسيقى باعثة لقيم الخير والجمال‪ ،‬أي ال تكون ماجنة أو تحتوي على شكاية أو تبعث روح الملل لدى‬
‫السامعين أو تسبب لهم ضررًا‪.‬كما يجب أن يكون هدف الموسيقى األسمى هو التأثير اإليجابي على النفس‪،‬‬
‫بحيث تكسبها إئتالفا و اتزانا غايتهما الخير والجمال‪.‬‬

‫‪ 42‬ويتناول أفالطون موضوع التصوير ويرى أن التصوير "‪ "Painting‬الجيد هو الذي يحترم النسب‬
‫الهندسية لحقيقة الموضوع المراد تصويره (مثال لذلك ‪ :‬أسلوب تصوير األشخاص في الفن المصري‬
‫بالقديم‪ ،‬حيث يصور كامًال باالستغناء عن المنظور‪ ،‬حتى وإن نظرا إليه من جانب واحد)‪.‬امتدح أفالطون‬
‫الفنون المصرية القديمة و أرجع سر جمالها إلى وجود قوانين صارمة صادرة عن الكهان بحيث ال يسمح‬
‫للفنان بأن يغير أو يعدل في تلك القوانين‪.‬‬

‫‪ 43‬وينتقل أفالطون مرة أخرى إلى المقارنة بين الفن الجيد والفن الرديء حيث يقول‪ :‬الفن الجيد هو ذلك‬
‫الذي يعبر عن الحقيقة المثالية الخالدة أو األصل الثابت والواضح في العقل وللمظهر الحسي أهوائه‬
‫ورغباته الذاتية ويسمح لنفسه بالتالعب بالحقيقة حسب ما يحلو له‪.‬والجمال عند أفالطون يوجد في النظام‬
‫والتناسب وفي كل ما يخضع للعدد والقياس ووقف أفالطون ضد الفن الذي يقوم على مجرد اإلحساس‬
‫باللذة أو االنفعال الالشعوري‪.‬‬

‫‪ -44 4-4‬فلسفة الجمال عند أرسطو (‪ 322-384‬ق‪.‬م‪).‬‬


‫‪ -4-4‬فلسفة الجمال عند أرسطو ( ق‪.‬م‪Aristotle).‬‬

‫‪ 45‬يعتبر أرسطو من أهم الفالسفة اإلغريق تتلمذ على يد أستاذه أفالطون واالسكندر األكبر يعتبر من‬
‫أشهر من تتلمذ على يد أرسطو‪.‬أسس أرسطو المدرسة اللوقية أو كما تسمى أيضا بالمدرسة المشائية‪ ،‬وهي‬
‫أسلوب أكاديمي في تدريس الفلسفة‪ ،‬حيث كان أرسطو يحاضر وهو ماشيًا‪.‬‬

‫‪ 46‬ومن أهم النتاجات الفكرية والفلسفية ألرسطو‪:‬‬


‫كتاب "األرجانون" في المنطق وأهم ما في المنطق هو "القياس" والذي من خالله يمكن الوصول الى‬
‫نتائج يقينية من خالل مقدمات‪.‬له دراسات في مجال ما بعد الطبيعة "الميتافيزيقا" وقد أهتم في هذه‬
‫الدراسات بالجوهر والعرض والهيولي (أي المادة) والصورة اإللهيات‪.‬يعتبر مؤلفه فن الشعر " وهو‬
‫المرجع األساسي لنظريته في فن الشعر وقد تناول في هذا الكتاب نظريته في "المحاكاة" وتذوق الفن‬
‫ونقده‪.‬‬

‫‪ 47‬وموضوع العلم عند أرسطو هو العام‪ ،‬الذي يمكن التوصل إليه عن طريق العقل‬
‫وموضوع العلم عند أرسطو هو العام‪ ،‬الذي يمكن التوصل إليه عن طريق العقل‪ .‬ومع ذلك فإن العام ال‬
‫يوجد إال في الجزئي الذي ُيدرك بطريقة حسية وال ُيعرف إال عن طريق الجزئي‪ ،‬وشرط المعرفة بالعام‬
‫هو التعميم االستقرائي الذي يكون مستحيال بدون اإلدراك الحسي‪.‬يكتسب العالم "الوجود" عند أرسطو‬
‫مبدآن وهما ‪ :‬الصورة و المادة (الهيولي) فمثال صورة التمثال تنطبع على البرونز فتجعله تمثاال لشيء‬
‫بذاته فكذلك فإن قوام كل شيء هو صورة ومادة وبالتالي ال تكون هنا صورة بغير مادة إال صورة هللا‪.‬‬

‫‪ 48‬اإلنسان له مادة وهي النفس‪ ،‬أما صورته فهي الجسم واتحاد الصورة من المادة هي سبب الحركة‬
‫والتغير ويرى أرسطو أن هللا هو المحرك للمادة "المحرك األول الذي ال يتحرك"‪.‬ألرسطو تأثير بالغ‬
‫على الفلسفة اإلسالمية خاصة في العصر العباسي ( ) ولقب أرسطو لدى المسلمين بالمعلم األول وقد‬
‫عرف الغرب (أوروبا) أرسطو عن طريق الفالسفة المسلمين هم الذين ساعدوا على نقل الفكر اليوناني‬
‫إلى أوروبا‪.‬‬

‫‪ 49‬وتتلخص فلسفة الجمال عند أرسطو في النقاط التالية‪:‬‬


‫على عكس أفالطون الذي ذهب إلى أن الفن يهبط على اإلنسان من السماء فإن أرسطو يرى أن اإلنسان قد‬
‫زودته الطبيعة باليد وهي تعتبر في نظر أرسطو أقوى األسلحة التي من خاللها يستطيع اإلنسان إنتاج‬
‫فنون مختلفة ليكمل الطبيعة ويقومها كما يرى أرسطو أن اليد هي األداة التي تخلق غيرها من األدوات‬
‫وبها يستطيع اإلنسان إنتاج فنون مختلفة ليكمل الطبيعة ويقومها كما يرى أرسطو أن اليد هي األداة التي‬
‫تخلق غيرها من األدوات وبها يستطيع اإلنسان صنع ما شاء من الفنون‪.‬‬

‫‪ 50‬وأيضا يختلف أرسطو عن أفالطون في تحديده لمصطلح "المحاكاة" فإذا كانت المحاكاة عند أفالطون‬
‫مصطلحًا واسع مبهما يشتمل كل أنواع اإلبداع العقلي والفلسفي والفني‪ ،‬فأتى أرسطو يقصر فكرة المحاكاة‬
‫فقط على الفنون‪ ،‬بل خص الفنون الجميلة بالذات باسم "فنون المحاكاة" تمييزًا لها عن بقية الفنون‬
‫التطبيقية التي غايتها إنتاج ما يستعمل ليفيد اإلنسان‪.‬‬

‫‪ 51‬وهناك اختالف آخر بين فلسفتي أفالطون وأرسطو فيما يخص موضوع المحاكاة فبينما اشترط‬
‫أفالطون أن يكون الفن الجيد محاكاة فإن أرسطو يرى أن الفن محاكاة جميلة ألي موضوع حتى ولو كان‬
‫مؤلما أو رديئا بل يزيد أرسطو عن ذلك حين يقول‪ :‬عندما يحاكي الفن الطبيعة فإن الفن يقف عند حد‬
‫للمحاكاة الحرفية بل أنه يكمل ما تستطيع الطبيعة أن تحققه فالفن يحاكي إبداعات الطبيعة‪.‬اللذة الجمالية‪:‬‬
‫عند أرسطو هي تصفية لالنفعاالت الضارة بالنفس وتنظيمًا للمشاعر المضطربة (الحظ أن أفالطون خلط‬
‫بين اللذة الجمالية وبين الوجدان الصوفي واللذة الحسية)‪.‬‬

‫‪ 52‬وهناك اتفاق بين فالسفة أفالطون وأرسطو فيما يخص أهمية الفنون الجميلة‪ ،‬فكالهما يرى أن للفنون‬
‫الجميلة دورا هاما في التربية واإلرشاد إلى الخير والفضيلة اإلنسانية‪.‬يرى أرسطو أن للفن دورًا في‬
‫تطهير النفس البشرية وقد أطلق على هذه النظرة مصطلح التطهير "‪ "Catharsis‬وكان يعني أن النفس‬
‫البشرية تستطيع التخلص من االنفعاالت األليمة وذلك من خالل تذوق الفنون خاصة الشعر والتراجيديا‬
‫اطلق أرسطو على الفنونمصطلح "البوئيطيقا" "‪ "Poetica‬وهي كلمة يونانية مشتقة من فعل ‪Poien‬‬
‫وهي كلمة يونانية وتعني ينتج‪.‬‬

‫‪ 53‬فرق أرسطو بين الفن والصناعة‪ ،‬حيث حدد مصطلح الفن في انه يصور األشياء على أي نحو سواء‬
‫على نحو ما هي عليه في الواقع أو أحسن أو أسوء مما هي عليه في الواقع‪ ،‬أما الصناعة فهي تصور‬
‫الواقع وذلك من خالل فرض صورة على مادة (هيولي) سابقة على الوجود‪.‬‬

‫‪ -54 4-5‬فلسفة الجمال عند أفلوطين (ولد فى‪ 205‬ميالدية)‬


‫‪ -4-5‬فلسفة الجمال عند أفلوطين (ولد فى‪ 205‬ميالدية)أفلوطين ‪Plotinus‬‬

‫‪ 55‬فيلسوف يوناني ولد بمصر فى عام ‪ 205‬ميالدية و استقر فيما بعد فى روما‪ ،‬وحاول هناك إقامة‬
‫مدينته الفاضلة "أفالطونوبوليس" والتى اتخذت شكل دير‪.‬‬

‫‪ 56‬اشتهر أفلوطين بالنزعة الروحية والصوفية العميقة ومن أشهر مؤلفاته "التاسوعات" وفيها عرض‬
‫مذهبه المسمى "باألفالطونية الجديدة" واألفالطونية الجديدة هي آخر مذهب في الفلسفة اليونانية امتزجت‬
‫فيه فلسفة كل من أفالطون و أرسطو والمدرسة الرواقية (أسسها الفيلسوف زينون حوالي عام ‪ 200‬ق م‬
‫وترى أن اإلنسان جزء من الوحدة الجامعة بين هللا والطبيعة و أن الحقيقة مادية توجهها القوى اإللهية)‬
‫وتأثرت األفالطونية الجديدة بالعناصر الشرقية والمسيحية والصوفية وتؤمن هذه الفلسفة بوجود "الوحدة‬
‫الكاملة"‪.‬‬

‫‪ 57‬يرى أفلوطين أن الخير األوحد (هللا) يحتل قمة الوجود وأن منزلة الوجود متوقفة على مدى تمسكه و‬
‫وحدة أجزائه‪ .‬وعن طريق الفيض “‪( ”Emanation‬أي التدرج من أعلى إلى أسفل) تنبثق عنه جميع‬
‫الموجودات في سلسلة متدرجة حتى العالم المحسوس الذي اعتبره أفلوطين عالم الخداع والشر‪ .‬ومن أهم‬
‫مبادئ "الفيض"كما تصوره أفلوطين أن هللا كامل و لهذا فهو ينتج بالضرورة كائنات كاملة تشبهه و إن لم‬
‫تساويه فى الكمال‪.‬يرى أفلوطين أن الهدف األسمى للنفس هو الوحدة من الخير اإللهي‪.‬‬

‫‪ 58‬خلفية تاريخية لعصر أفلوطين‬


‫يعد أفلوطين أشهر فالسفة اليونان بعد أرسطو‪ ،‬وهناك ما يقرب من خمسة قرون تفصل بينهما‪ ،‬وحدث في‬
‫تلك الفترة أحداث كثيرة من ظهور اتجاهات فنية وقد تطورت العمارة تتطورا ال مثيل له‪ ،‬حتى ليصدق‬
‫القول‪" :‬أن روما تحولت من الطوب إلى الرخام‪ ،‬وازدهرت فنون األدب"‪.‬وقد عنى الفالسفة فى ذلك‬
‫الوقت بالنحو والخطابة ووحدوا بين الصوت في الكلمة وبين المعنى‪ ،‬كما عنوا باللغة باعتبارها الوجه‬
‫اآلخر للفكرة‪ ،‬وقدم الشاعر األبيقوري "لوكرتيوس" تفسيرًا واقعيًا لنشأة الغناء فذهب إلى انه محاكاة‬
‫لتغريد الطير في الطبيعة‪ ،‬وذهب إلى أن الناس قد صنعت آالت النفخ محاكاة لما سمعوه من الريح بين‬
‫األشجار‪.‬‬

‫‪ 59‬وفي ذلك العصر أيضا ظهرت بعض النظريات الخاصة كالشعر والعمارة‪ ،‬وكتب "فتروفيوس" عن‬
‫العمارة وشبيه العمل الفني – سواء كان قصيدة من الشعر أو مبنى معماريًا‪ -‬والكائن العضوي‪ ،‬وذلك قبل‬
‫ظهور العمارة العضوية في القرن العشرين على يد "فرانك لويد رايت"‪.‬كما ظهرت مؤلفات عن طريق‬
‫التصوير خاصة كتاب التاريخ الطبيعي لمؤلفه "بلين األكبر" في عام – ‪ 50‬ق م‪ -‬حيث شرح فيه أساليب‬
‫التصوير وتطورها كما كتب (لونجينوس) عن الروح وأهمية الباطن عن الشكل الخارجي ورأى أن‬
‫المضمون الخصب يؤثر في النفس أكثر مما يؤثر الشكل المنمق وتعتبر كتابات لونجينوس التمهيد األول‬
‫إلستطيقا افلوطين‪.‬‬

‫‪ 60‬كما تم في عصر أفلوطين إعادة النظر في موضوع المحاكاة والتي مثلت عماد نظرية الفن في‬
‫العصور السابقة لعصر أفلوطين وظهرت نظرية أخرى تعتمد على الخيال الخالق وذهب الفيلسوف (فيلو‬
‫استراتوس) إلى القول بأن المحاكاة تلتزم بما يقع تحت الحس في حين أن الخيال يتجاوز الحس‪.‬دلل على‬
‫قوله ذلك بأن المثاليين الشهيرين فيدياس وبراكستيلس لم يصعدا إلى السماء ليعاين اآللهة ويحاكيانها حتى‬
‫أن نقول أن الفن محاكاة إنما أمكن لهما أن يحقق أعمالهم بفضل ما تمتعوا به من خيال خالق وذلك ألن‬
‫الخيال يحلق إلى آفاق أرحب من الواقع‪.‬‬

‫‪ 61‬الجمال عند أفلوطين‪:‬عرف أفلوطين الجمال بأنه موضوع محبة النفس ألنه من طبيعتها وانه ينتمي‬
‫إلى عالم الحقائق العقلية فهو أقرب إلى النفس منه إلى طبيعة المادة وبقوله في ذلك‪( :‬عندما تصادف النفس‬
‫ما هو جميل تندفع نحوه ألنها تتعرف عليه إذا انه من طبيعة مشابهه لطبيعتها أما حينما تصادف القبيح‬
‫فهي تنصرف عنه وتنكمش على نفسها ألنه مغاير لطبيعته‪.‬‬

‫‪ 62‬ويرى أفلوطين أن كل ما تشكل بحسب فكرة معقولة صار أجمل فالجميل هو المصور المعقول والقبيح‬
‫هو ما يخلو من الصور المعقولة ويصور أفلوطين مثال لذلك حين يرى ان لو قارنا بين قطعتين من‬
‫الحجر‪ ،‬أحداهما قد نحتت على صورة معينة –كأن تكون مثًال صورة آلهة أو إنسان‪ -‬وتركت األخرى‬
‫بغير تشكيل أو صورة معقولة فإننا نالحظ أن األولى سوف تتفوق على األخرى في القيمة الجمالية‪.‬كما‬
‫يرى أفلوطين أن الجمال يصدر عن الصورة أو المثال الذي ينقل من المبدأ الخالق إلى مخلوقة كما ينتقل‬
‫جمال الفن من الفنان إلى عمله الفني وبناء على ذلك فإن أفلوطين ال يرجع الجمال إلى المادة بل إلى‬
‫الصورة‪.‬‬
‫‪ 63‬يوجد الجمال في الفنان أكثر مما يوجد في عمله الفني ذلك ألنه يكون في العلة أعظم مما هو في‬
‫المعلول وذلك أيضا كانت اآللهة أعظم واجل فنًا ألن العقل فيها أعظم مما هو فينا أي أن الجمال ال ينتقل‬
‫بأكمله بل بجزء منه فقط ألن األصل يتضاءل كلما هو هبط‪.‬على نحو ما مثل شعاع النور كلما بعد عن‬
‫مصدره ذلك ألن كل علة تكون في ذاتها أقوى من مدلولها (أي عن طريق الفيض)‪.‬‬

‫‪ 64‬وتنتهي نظرية أفلوطين إلى نوع من "الطهارة الروحية" التى ترتفع بالنفس من العالم الحسي إلى عالم‬
‫الحقائق الروحية الذي يعلو إلى الحس والذي يلهم من يصل إلى تأمله للشوق الدائم إليه والعزوف عن‬
‫العالم الحسي فيوحد بين الجمال والخير األقصى أو الحقيقة القصوى‪.‬يقول أفلوطين ‪" :‬إن الجمال هو الخير‬
‫و من الخير يستمد العقل جماله‪ ,‬ومن العقل تستمد النفس جمالها‪ ،‬أما أنواع الجمال األخرى مثل األعمال‬
‫والنوايا الحسنة فجمالها أيضًا مستمد من النفس‪ ،‬إذ أن النفس إلهية‪ ،‬ويلخص أفلوطين ذلك في عبارة تنبض‬
‫بالصوفية ويقول‪":‬تصير النفس جميلة بقدر ما تتشبه باهلل"‬

‫‪ 65‬وفيما يلي موجز ألهم مباديء فلسفة الجمال عند أفلوطين‪:‬‬


‫ال يرجع جمال المحسوسات (سواء كانت بصرية أو سمعية) إلى تناسب أجزائها‪ ،‬ألنه لو جاز هذا القول؛‬
‫فإن ذلك سيقتصر على األشكال المركبة وينعدم من األشياء البسيطة وأيضًا سيكون الكل هو الجميل‬
‫واألجزاء قبيحة‪ ،‬وهذا يفضي إلى التناقض؛ فكيف يصح أن يولد الجمال من اجتماع أجزاء قبيحة؟إن‬
‫التناسب والمقاييس إنما هي أفكار تتعلق بالكم‪ ،‬ومن ثم ال يجوز أن تطبق على الحقائق الروحية كاألفعال‬
‫واألخالق واألفكار‪.‬‬

‫‪ 66‬من خالل تأثره بالديانات الشرقية التي كانت تسود اإلسكندرية في القرن الثالث الميالدي اصطبغت‬
‫فلسفته بالصوفية وأبدى كراهية للعالم المادي وشبه الجمال بالنور الباطني الذي تستضيء به النفس ثم‬
‫تضيء به كل شيء‪.‬‬

‫‪ - 67‬أوجه التشابه بين الفلسفة األفالطونية الجديدة والفكر الصوفي اإلسالمي‪:‬‬


‫تأثر الكثير من المتصوفين المسلمين بفلسفة أفلوطين وأمثاله من المدرسة األفالطونية وأهمهم أولئك الذين‬
‫تغنوا بالحب اإللهي وبجمال العالم الروحاني أمثال أم الخير بنت إسماعيل الملقبة برابعة العدوية (حوالي‬
‫م) التي اشتهرت بالزهد ومحبة هللا وكان الحب اإللهي عندها نوعان؛ حب تنشغل فيه بذكر هللا وتنشغل به‬
‫عما سواه‪.‬وتسمية "حب الهوى"‪ ،‬وحب تنكشف فيه الحجب ويتجلى جمال المحبوب الحقيقي وتعبر عنه‬
‫بأنه حب الذي هو هللا هو أهل له‪.‬‬

‫‪ 68‬وكذلك الصوفي المصري عمر بن حسين بن الفارض الملقب بإمام المحبين وسلطان العاشقين ( )‬
‫الذي تمتلكه عاطفة الحب اإللهى و انتهى حبه إلى رؤية الوجود –على ما فيه من كثرة‪ -‬بعين الوحدة‬
‫الشعورية المستغرقة في المحبوب والحسن بن منصور الحالج ( م) الذي قال بحلول الروح اإللهية‬
‫"الالهوت" في الجسد البشري "الناسوت"‪ ,‬كما حاول التوفيق بين الفلسفة اليونانية والفلسفة اإلسالمية‪،‬‬
‫وقد أمر بقتله وصلبه بعد محاكمته‪.‬‬

‫‪ 69‬ومحي الدين ابن عربي ( م) الذي يرى أن الوجود واحد وإنما تتعدد صوره وأن الحقيقة المحمدية‬
‫مجمع حقائق الموجودات ومنبع الفيوضات على األنبياء‪.‬كما دعا ابن عربي إلى االعتماد على الخيال‬
‫الخالق ألنه قوة ال حد لها تتجاوز العقل ونهى عن االكتفاء بالظاهر ودعا إلى الرجوع إلى الذوق والحدس‬
‫والغور في باطن األشياء‪.‬ويقول في إحدى قصائده‪”:‬اصرف الخاطر إلى ظاهرها وأطلب الباطن حتى‬
‫تعلما”‪.‬‬

‫‪ 70‬ويعد الشاعر الفارسى الصوفي جالل الدين الرومي ( م) من أقرب شعراء الفرس إلى روح الفلسفة‬
‫اليونانية األفالطونية‪ ،‬وفي مؤلفه الشعري الكبير "المثنوي" أودع آراء تفسر لنا ما ذكره فالسفة اليونان‬
‫من نظريات في الجمال المطلق الذي تهفو إليه النفوس والذي هو علة الجمال في كل شيء موجود والذي‬
‫يهون بجانبه كل ما يبدعه اإلنسان من آثار فنية يقول ابن الرومي‪ ":‬إنني مصور نقاش أصنع في لحظة‬
‫تمثاًال ولكني في حضرتك أصهر كل هذه التماثيل‪ ،‬وأنني ألخلق مائة و أنت فيها الروح‪ ،‬فإذا ما رأيت‬
‫تصويرك ألقيت بها جميعًا في النار"‪.‬‬

‫‪ -71 5‬فلسفة الجمـال فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشـر‬


‫‪ -5‬فلسفة الجمـال فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشـر‪ -1-5‬كانت (كانط) وعلم الجمال(إمانويل كانت )‬
‫‪Immanuel Kant‬‬

‫‪ 72‬إيمانويل كانت ‪Immanuel Kant‬‬

‫‪ 73‬إيمانويل كانت ‪Immanuel ant‬‬


‫يعتبر إمانويل كانت‪ ،‬مؤسس الفلسفة المثالية األلمانية الكالسيكية‪ ،‬من أكثر الفالسفة الذي صبغ علم الجمال‬
‫بصبغته حتى إن مراحل علم الجمال صنفت كما يلي ‪:‬إيمانويل كانت ‪ -Immanuel ant1‬العصر السابق‬
‫لظهور كانت‪ -2 .‬العصر الكانتي‪ -3 .‬العصر الوضعي المتميز بعدائه للميتافيزيقيا‪ .‬وتعد العصور التي‬
‫سبقت العصر األول بمثابة عصر ( ما قبل تاريخ االستطيقا ) وقدرت فترتها الزمنية بأكثر من ألفي سنة‪.‬‬

‫‪ 74‬إن كتاب ( نقد ملكة الحكم ) إلمانويل كانت كان دعامة قوية في بناء علم الجمال وقد بدأ‪ ،‬بأن قرر إن‬
‫ليس من الممكن وضع قاعدة بموجبها يستطيع المرء أن يتعرف جمال شيء ما ‪ ،‬ولهذا فإن الحكم على‬
‫الجمال حكم ذاتي وهو يتغير من شخص إلى آخر ولهذا فإنه يختلف عن الحكم المنطقي القائم على‬
‫التصورات العقلية‪.‬‬
‫‪ 75‬لهذا فهو ثابت ال يتغير ومن هنا فالحكم ا لمتعلق بالذوق ال يمكن أن يدعي الموضوعية وال الكلية‬
‫ورغم ذلك لما كانت الشروط الذاتية لملكة الحكم واحدة عند كل الناس فمن الممكن بعد ذلك أن تتصف‬
‫أحكام الذوق بصفة الكلية لهذا عرف كانت الجمال بـ (قانون بدون قانون ) وفي الفن يقول كانت ( إن الفن‬
‫ليس تمثيل لشيء جميل بقدر ما هو تمثيل جميل لشيء ما ) ‪.‬هذا وال أعتقد أنه من المبالغ فيه جعل كانت‬
‫نقطة انعطاف نوعية في المنحني البياني لعلم الجمال‪.‬‬

‫‪ 76‬وقد جادل "كانت" قائال‪" :‬إن حكم الجمال أو الذوق ينبغي أن يكون شيئا عاما وصادقا بالضرورة‬
‫بالنسبة لكل البشر‪ ،‬فإن األساس الخاص به البد أن يكون متطابقا لدى جميع البشر‪ ،‬لكنه أشار أيضا إلى أن‬
‫المعرفة هي فقط القابلة للتوصيل‪ ،‬ومن ثم فإن الشيء الوحيد أو الجانب الوحيد في الخبرة الذي يمكن أن‬
‫نفترض أنه مشترك أو عام بين جميع البشر‪ ،‬هو الشكل‪ ،‬وليس اإلحساسات بالتمثيالت العقلية‪.‬‬

‫‪ 77‬وقد اعتبر بعض الباحثين هذه الفكرة اإلرهاص األول للمذهب الشكلى أو الشكلي المعاصر في الفكر‬
‫النقدي والفني المعاصر‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬نظر "كانت" إلى "الجميل" على أنه رمز للخير‪ ،‬كما أنه‬
‫تصور النشاط الجمالي باعتباره نوعا من اللعب الحر للخيال‪ .‬وتعد البهجة الخاصة بالجميل والجليل بهجة‬
‫خاصة بالملكات المعرفية الخاصة بالخيال والحكم‪ ،‬وقد تحرروا من خضوعهما للعقل والفهم‪ ،‬أي تحرروا‬
‫من قيود الخطاب المنطقي‪ ،‬وقد أثرت هذه الفكرة الخاصة بحرية الملكات المعرفية تأثيرا كبيرا فيمن جاء‬
‫بعد "كانت" من الفالسفة األلمان وخاصة "شيلنج" و "هيجل"‪.‬‬

‫‪ 78‬إن الحكم التأملي ال يستمد ‪ -‬كما أشار "كانت" ‪ -‬من الخارج‪ ،‬ألنه حينئذ سيكون حكما محددا أو معينا‬
‫أو حتميا أو طبيعيا‪ ،‬إنه ينتمي أكثر إلى مملكة الذات والوجدان والشعور‪ ،‬والييهما ينتمي كذلك الحكم‬
‫الجمالي‪.‬‬

‫‪ 79‬وقد ميز "كانت" في "نقد الحكم" بين أربع لحظات أساسية أو حاالت أو خصائص أساسية لحكم الذوق‬
‫أو الحكم الجمالي نذكرهابإيجاز فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 80‬اللحظة األولى‪:‬وهى تتناول حكم الذوق وفقا للكيف و الخالصة ‪ -‬بالنسبة لهذه اللحظة – هي أن الذوق‬
‫هو ملكة الحكم على موضوع ما أو أسلوب من أساليب التمثيل الداخلي لهذا الموضوع من خالل الشعور‬
‫الكلي المنزه عن الغرض والخاص باالرتياح أو عدم االرتياح‪ .‬وموضوع مثل هذا االرتياح ‪ -‬أو اإلشباع ‪-‬‬
‫هو ما يسمى بـ "الجميل"‪.‬‬

‫‪ 81‬اللحظة الثانية ‪:‬الحكم على الجميل وفقا للكم‪ :‬ينتهي إلى أن‪ :‬الجميل هو ما يمتع بشكل عام (مشترك)‬
‫دون حاجة إلى وجود مفهوم عقلي محدد خاص حوله‪.‬اللحظة الثالثة‪:‬أحكام الذوق في ضوء العالقة‬
‫الغرضية الخاصة التي توضع في االعتبار‪:‬حكم الذوق حكم غائي‪ ،‬لكنه حكم غائي بال غاية‪ ،‬أي حكم بال‬
‫غرض عملي محدد‪ .‬والنتيجة هي أن‪ :‬الجمال هو الشكل الخاص بغائية موضوع ما‪ ،‬وأن هذه الغائية يتم‬
‫إدراكها دون أي تمثيل داخلي أو خارجي لغاية معينة‪.‬‬

‫‪ 82‬اللحظة الرابعة‪:‬الحكم على الجميل في ضوء الجهة الخاصة بالرضا أو اإلشباع الخاص بالموضوع‪:‬‬
‫(أي من حيث اإلمكان أو الضرورة)‪ .‬إن هذا " الحس المشترك" والذي من خالله ال نفهم المعنى الخارجي‬
‫ولكن األثر الناتج عن اللعب بقوانا المعرفية‪ ،‬هو الشرط المسبق الذي يمكن أن يقوم في ظله حكم الذوق‬
‫ويرتقي‪ .‬وهذا األثر االنفعالي‪ ،‬وليس التصور العقلي‪ ،‬والعام وليس الفردي‪ ،‬هو جوهر الحكم الجمالي عند‬
‫"كانت"‪ .‬والخالصة هنا هي‪ :‬الجميل هو ما يتم التعرف عليه دون أي مفهوم عقلي على أنه موضوع‬
‫لإلشباع أو االرتياح الضروري‪.‬‬

‫‪ 83‬والفن الجميل في رأي "كانت" هو فن العبقرية‪ ،‬والعبقرية هي موهبة (أو هبة طبيعية) تمنح القاعدة‬
‫(أو القانون) للفن‪.‬والموهبة ملكة فطرية خاصة بالفنان وتنتمي بذاتها إلى الطبيعة‪ .‬ومن ثم فإن العبقرية هي‬
‫استعداد عقلي فطري تقوم من خاللها الطبيعة بإعطاء القاعدة أو القانون للفن‪ .‬ويقول "كانت" كذلك "إن‬
‫الجمال الطبيعي شيء جميل‪ ،‬في حين أن الجمال الفني تصوير جميل لشيء ما"‪ .‬والذوق في رأيه ليس‬
‫ملكة خلق أو إبداع‪ ،‬بل هو ملكة حكم فقط‪ ،‬وان ما يالئم الذوق ال يكون بالضرورة "عمال فنيا"‪ ،‬وإنما قد‬
‫يكون مجرد أثر صناعي‪ ،‬أو نتاج نفعي أو عمل آلي ميكانيكي صرف‪.‬‬

‫‪ 84‬ويخلص "كانت" إلى ضرورة اتحاد الذوق والعبقرية في العمل الفني‪ ،‬مادام من الضروري أن يتوافر‬
‫كل من "الحكم والمخيلة" في الفن‪ .‬فالفنان العبقري يحتاج إلى ملكات أربع هي‪ :‬المخيلة والفهم والروح‬
‫والذوق‪.‬‬

‫‪" 85‬كانت" وحكم الذوق الجمالي‪:‬‬


‫تمثلت الخطوة العظيمة لكانت‪ ،‬مقارنة بالسابقين عليه أو المعاصرين له‪ ،‬في أنه ذهب إلى ما وراء التحليل‬
‫اإلمبيريقي "العملى التجريبى" لإلحساس الجمالي‪ ،‬متجها نحو التحديد الخاص لعلم الجمال‪ ،‬باعتباره‬
‫مجاال خاصا للخبرة اإلنسانية يماثل في أهميته وتكامله المجالين الخاصين بالعقل النظري والعقل العملي‬
‫(أي المجال المعرفي والمجال األخالقي)‪.‬‬

You might also like