الجريمة المستحيلة بين الفقه

You might also like

You are on page 1of 63

‫الجميورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫و ازرة التعميـ العالي والبحث العممي‬

‫جامعة غرداية‬
‫كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‬
‫قسـ الحقوؽ‬

‫الجريمة المستحيمة‬
‫مذكرة لنيؿ شيادة الماستر في الحقوؽ‬
‫شعبة قانوف عاـ‪ /‬تخصص قانوف جنائي‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫مف إعداد الطالبيف‪:‬‬


‫‪ -‬األخضري محمد حاتـ‬
‫دكتور ‪ :‬فروحات سعيد‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬بوجناح محمد‬
‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫االستاذ‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة غرداية‬ ‫أستاذ محاضر درجة أ‬ ‫الطيبي الطيب‬
‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة غرداية‬ ‫أستاذ محاضر درجة أ‬ ‫فروحات سعيد‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة غرداية‬ ‫أستاذ محاضر درجة أ‬ ‫اوالد النوي مراد‬

‫السنة الجامعية ‪2018/2017‬‬


‫اإلهداء‬

‫نهدي هذا العمل المتواضع إلى كل أفراد‬


‫عائلتنا ونخص بالذكر الوالدين الكريمين وإلى كل‬
‫األساتذة الذين ساهموا في تكويننا وكافة األصدقاء‬
‫واألحبة‪.‬‬
‫قائمة المختصرات‬
‫أوال‪ :‬بالمغة العربية‬
‫ص‪ :‬صفحة‬
‫ؽ ع ‪ :‬قانوف العقوبات‬
‫ؽ ع ج‪ :‬قانوف العقوبات الجزائري‬
‫ؽ ع ؼ‪ :‬قانوف العقوبات الفرنسي‬
‫ط‪ :‬الطبعة‬
‫د‪/‬ط‪ :‬دوف طبعة‬

‫ثانيا‪ :‬الفرنسية‬

‫‪P : page‬‬
‫‪Op – cit : opére – citato‬‬
‫‪éd : édition‬‬
‫الممخص‬
‫تعتبر الجريمة المستحيمة لدى شرح القانوف صورة لمجريمة الخائبة بحيث يقوـ الفاعؿ فييا بكؿ‬
‫نشاطو اإلجرامي إلحداث نتيجة إجرامية‪ ،‬إال أنو لـ يدرؾ ىذه النتيجة ألسباب خارجية عف‬
‫إرادتو والسبب في إفالت واستحالة وقوعيا يكمف في الظروؼ التي باشر فييا الجاني نشاطو‬
‫اإلجرامي‪.‬‬
‫ومف أمثاليا‪ :‬أف يحاوؿ شخص قتؿ شخص ميت أصال‪ ،‬أو محاولة قتؿ باستعماؿ سالح ناري‬
‫فارغ مف الرصاص أو محاولة إجياض امرأة لـ تكف حاممة أصال‪.‬‬
‫فالواقعة االجرامية ىنا تعد جريمة ظاىرية وليست فعمية ذلؾ أنيا ال تطابؽ النموذج القانوني‬
‫لمجريمة إال مف الجية الخارجية‪ ،‬فالمصمحة التي يحمييا المشرع ال يمكف المساس بيا وذلؾ إما‬
‫لمعيب الذاتي الذي يشوب الركف المادي ما يستحيؿ توقيع أي نتيجة عمييا أو إلى عدـ وجود‬
‫محؿ الجريمة‪.‬‬
‫وعميو فال يمكف اعتبار الجريمة مستحيمة إال إذا كاف الجاني يجيؿ سبب االستحالة عند إقدامو‬
‫عمى ارتكاب الفعؿ واال فال جريمة النتفاء القصد الجنائي كمف يشير مسدسا فارغا أو غير‬
‫صالح لالستعماؿ مع عممو بذلؾ‪.‬‬
‫اإلشكالية‬
‫إف المصالح القانونية المحمية في المجتمع تقتضي أف يكوف الفعؿ ممكف الوقوع‪ ،‬أما إذا كاف‬
‫مستحيؿ الوقوع‪ ،‬فما ىي الحكمة مف تجريمو؟‬
Abstract:
The crime that is impossible in explaining the law is an image of the crime in which the
perpetrator acts with all his criminal activity to cause a criminal result. However, he did not
realize this result for reasons external to his will and the reason for the impossibility and the
impossibility to occur is in the circumstances in which the perpetrator committed his criminal
activity.
Such as: a person trying to kill an already dead person, attempting to kill with an empty firearm,
or attempting to abort a woman who was not already pregnant.
The criminal case here is an apparent crime, not an actual one, since it does not match the legal
model of the crime except from the external side. The interest protected by the legislator can not
be compromised either because of the self-defect that affects the physical element, or the absence
of a crime.
Therefore, the crime can not be considered impossible unless the perpetrator is unaware of the
cause of impossibility when he commits the act, otherwise there is no crime of the absence of
criminal intent, such as a gun that is empty or unusable, knowing it.

Problematic
The legal interests protected in society require that the act be possible, but if it is impossible to
fall, what is the wisdom of criminalizing it?
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫الجريمة ىو قياـ الجاني بارتكاب فعؿ جرمو القانوف‪ ،‬وأف ىذا الفعؿ يتشكؿ مف ثالثة مراحؿ‬
‫تتمثؿ في مرحمة التصميـ والتفكير‪ ،‬اإلعداد والتحضير‪ ،‬مرحمة البدء في التنفيذ‪.‬‬
‫فالجاني في مرحمة البدء في التنفيذ قد يتعامؿ بشكؿ مباشر بمحؿ الجريمة‪ ،‬كما لو أطمؽ النار‬
‫عمى المجني عميو‪ ،‬فقد يصؿ إلى النتيجة الت ي يريدىا بإزىاؽ روح إنساف حي‪ ،‬أو قد تفمت منو‬
‫النتيجة ألسباب خارجة عف إرادتو‪ ،‬وبالتالي نكوف أماـ الشروع أو الجريمة الناقصة وبما أف‬
‫لمشروع حد أدنى يسمى الشروع الناقص‪ ،‬وحد أقصى وىو الشروع التاـ فإنو نكوف أماـ صورتيف‬
‫مف الشروع‪.‬‬
‫الشروع الناقص بحيث أف الجاني ال يحقؽ نشاطو اإلجرامي ألسباب خارجة عف إرادتو كما قد‬
‫تكوف نتيجة تدخؿ شخص ثالث وفي ىذه الحالة تسمى جريمة موقوفة‪ ،‬أو قد يكوف بسبب‬
‫العدوؿ اال ختياري لمجاني عف تماـ فعمو‪ ،‬كالذي يمتنع عف قتؿ طفؿ رضيع رأفة بو‪ ،‬إال أف‬
‫العدوؿ االختياري شرطيف وىو أف ال يكوف اضط ارريا وأف يحصؿ قبؿ تماـ الشروع في‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫أما الصورة الثانية فيي التي يكمؿ فييا كؿ نشاطو اإلجرامي ما عدا النتيجة لسبب ال دخؿ‬
‫إلرادتو فييا‪ ،‬والنتيجة في ىذه الحالة تكوف ممكنة الوقوع في ظروؼ النشاط اإلجرامي الذي قاـ‬
‫بو الجاني‪ ،‬كمف يحاوؿ قتؿ شخص فمـ يصبو فيذه الصورة ىي صورة الجريمة الخائبة‪.‬‬
‫وتتفرع عف الجريمة الخائبة جريمة تتشابو معيا مف ناحية سموؾ الجاني‪ ،‬ومف حيث النتيجة أال‬
‫وىي الجريمة المستحيمة‪ ،‬إال أف أوجو االختالؼ بينيما أف في الصورة األولى تكوف النتيجة‬
‫ممكنة الحدوث‪ ،‬أما في الصورة الثانية فتكوف مستحيمة الوقوع ميما بذؿ الجاني مف جيد في‬
‫سبيؿ تحقيقيا‪ ،‬كمف يحاوؿ السرقة مف جيب خاؿ مف النقود أو مف يطمؽ النار مف مسدس فارغ‬
‫وىو ال يعمـ بأنو كذلؾ‪.‬‬
‫وىذه األخيرة ىي محور دراستنا بحيث أف استحالة حدث الجريمة يجعمنا نتساءؿ عف جدوى‬
‫اىتماـ المشروع بيا والمعاقبة عمييا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫أهمية البحث‬
‫تكم ػػف أىميػ ػػة البحػ ػػث فػ ػػي أنػ ػػو يسػ ػػاعدنا عمػ ػػى معرفػ ػػة نػ ػػوع الجريمػ ػػة مػ ػػف حيػ ػػث التنفيػ ػػذ وتحقيػ ػػؽ‬
‫النتيجة وعدـ تحقيقيا بناء عمى نشاط الجاني‪.‬‬
‫‪ -‬أنػ ػػو يفيػ ػػد فػ ػػي معرفػ ػػة موقػ ػػؼ مختمػ ػػؼ الفقيػ ػػاء والمشػ ػػرعيف والقضػ ػػاء بالنسػ ػػبة لمجريمػ ػػة‬
‫المستحيمة والعقاب عمييا‪ ،‬مع توضيح بعض الصور التطبيقية ليا‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة الخالفات القائمة بشأف تحديد حكـ الجريمة المستحيمة والمعاقبة عمييا‪.‬‬
‫‪ -‬أن ػ ػػو يس ػ ػػاعدنا عم ػ ػػى معرف ػ ػػة ن ػ ػػوع الجريم ػ ػػة م ػ ػػف حي ػ ػػث التنفي ػ ػػذ وتحقي ػ ػػؽ النتيج ػ ػػة وع ػ ػػدـ‬
‫تحقيقيا بناءا عمى نشاط الجاني‪.‬‬
‫اإلشكالية‬
‫إف المص ػ ػػالح القانوني ػ ػػة المحمي ػ ػػة ف ػ ػػي المجتم ػ ػػع تقتض ػ ػػي أف يك ػ ػػوف الفع ػ ػػؿ ممك ػ ػػف الوق ػ ػػوع‪ ،‬أم ػ ػػا‬
‫إذا كاف مستحيؿ الوقوع‪ ،‬فما ىي الحكمة مف تجريمو؟‬
‫منهج البحث‬
‫اعتمػ ػػدنا فػ ػػي إعػ ػػداد ىػ ػػذا البحػ ػػث عمػ ػػى المػ ػػنيو االسػ ػػتقرائي الػ ػػذي مػ ػػف أدواتػ ػػو التحميػ ػػؿ والػ ػػذي‬
‫يعتمد عمى المالحظة والتحميؿ والدراسة‪.‬‬
‫كمػ ػػا اعتمػ ػػدنا عمػ ػػى المػ ػػنيو المقػ ػػارف لتبيػ ػػاف مختمػ ػػؼ التش ػ ػريعات والقضػ ػػاء مػ ػػف العقػ ػػاب عمػ ػػى‬
‫الجريمػ ػػة المسػ ػػتحيمة‪ ،‬مسػ ػػتنديف فػ ػػي ذلػ ػػؾ إلػ ػػى كػ ػػؿ مػ ػػف التش ػ ػريع المبنػ ػػاني‪ ،‬الفرنسػ ػػي والتش ػ ػريع‬
‫الجزائري‪ ،‬وىذا كمو مف أجؿ إثراء البحث‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫لإلجاب ػ ػػة ع ػ ػػف االش ػ ػػكالية المطروح ػ ػػة قمن ػ ػػا بتقس ػ ػػيـ البح ػ ػػث إل ػ ػػى فص ػ ػػميف‪ ،‬نب ػ ػػيف ف ػ ػػي الفص ػ ػػؿ‬
‫االوؿ ماىي ػ ػػة الجريم ػ ػػة المس ػ ػػتحيمة حي ػ ػػث س ػ ػػوؼ نوض ػ ػػح المقص ػ ػػود بالجريم ػ ػػة المس ػ ػػتحيمة م ػ ػػع‬
‫تحديػ ػػد خصائصػ ػػيا‪ ،‬وتمييزىػ ػػا عػ ػػف الج ػ ػرائـ المشػ ػػابية ليػ ػػا مػ ػػع تبيػ ػػاف تطورىػ ػػا التػ ػػاريخي وىػ ػػذا‬
‫ف ػ ػ ػ ػػي المبح ػ ػ ػ ػػث االوؿ‪ ،‬أم ػ ػ ػ ػػا ف ػ ػ ػ ػػي المبح ػ ػ ػ ػػث الث ػ ػ ػ ػػاني سنخصص ػ ػ ػ ػػو لد ارس ػ ػ ػ ػػة أرك ػ ػ ػ ػػاف الجريم ػ ػ ػ ػػة‬
‫المسػ ػػتحيمة‪ ،‬وذل ػ ػػؾ فػ ػػي ك ػ ػػؿ مػ ػػف ال ػ ػػركف المػ ػػادي والمعن ػ ػػوي‪ ،‬لنسػ ػػتيؿ الفص ػ ػػؿ الثػ ػػاني لمح ػ ػػديث‬
‫عػ ػ ػػف العقػ ػ ػػاب عمػ ػ ػػى الجريمػ ػ ػػة المسػ ػ ػػتحيمة‪ ،‬حيػ ػ ػػث نتعػ ػ ػػرض فػ ػ ػػي المبحػ ػ ػػث األوؿ إلػ ػ ػػى موقػ ػ ػػؼ‬
‫الفقػ ػػو‪ ،‬لػ ػػنخمص بحثنػ ػػا بالحػ ػػديث عػ ػػف موقػ ػػؼ التش ػ ػريعات والقضػ ػػاء وىػ ػػذا فػ ػػي المبحػ ػػث الثػ ػػاني‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫ماهية الجريمة المستحيمة‬


‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫يطرح مفيوـ الجريمة المستحيمة صعوبة كبيرة في تحديدىا‪ ،‬وذلؾ بسبب أف المشرع الجزائري‬
‫كغيره مف أغمب التشريعات اآلخريف لـ يخصص أي نص قانوني لمتعريؼ بيا‪ ،‬وترؾ تعريفيا‬
‫لمفقو إذ شكؿ تعريفيا مشكمة كبيرة لدييـ‪ ،‬وخاصة أف معظـ التشريعات سكتت عف تعريفيا دوف‬
‫مبرر‪ ،‬وتطرق ت لمشروع بكافة صورىا دوف التطرؽ لذكر ىذه الجريمة‪ ،‬مما شكؿ صعوبة في‬
‫‪1‬‬
‫التفرقة بيف الجريمة المستحيمة وغيرىا مف الجرائـ‪.‬‬
‫وقبؿ الولوج في تبياف خصائص الجريمة المستحيمة وتطورىا التاريخي و أركانيا وجب الوقوؼ‬
‫عند مفيوـ الجريمة المستحيمة مف الجانب المغوي و االصطالحي ثـ تحديد خصائصيا وتطورىا‬
‫التاريخي‪ ،‬لنجري مقارنة بيف الجريمة المستحيمة وما يشابييا مف الجرائـ و أخي ار نبيف أركانيا‪.‬‬

‫‪ -1‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،2010 ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫المبحث االول‬
‫مفهوم الجريمة المستحيمة‬
‫لقد بقى مصطمح الجريمة المستحيمة مجرد مفاىيـ تتداولو اآلراء الفقيية في مذىبيـ دوف وضعو‬
‫في قالب قانوني‪ ،‬وقد اخرجو لمنور "فويرباخ" لمتعميؽ عمى حادثة تعد غريبة أال وىي قياـ فالح‬
‫‪1‬‬
‫بالصالة والتوسؿ هلل بأف يموت عدوه‪ ،‬وقد القت ىذه النظرية قبوال واسعا‪.‬‬
‫وعميو فمتحديد مفيوـ الجريمة المستحيمة عمينا التركيز عمى عنصريف أساسيف يتمثالف في‬
‫تعريؼ الجريمة المستحيمة وخصائصيا وىذا مف خالؿ المطمب‪ ،‬أما العنصر الثاني فسوؼ‬
‫نتطرؽ إليو في المطمب الثاني حيث نقوـ فيو بدراسة التطور التاريخي لمجريمة المستحيمة‬
‫وتمييزىا عف الجرائـ المشابية ليا‪.‬‬
‫المطمب األول‬
‫تعريف الجريمة المستحيمة‬
‫إف المشرع لـ يعرؼ الجريمة المستحيمة بؿ ترؾ المجاؿ لمفقياء‪ ،‬لذلؾ سنبحث عف ىذا المفيوـ‬
‫في الجانب المغوي وآخر مف خالؿ التعريفات التي جاء بيا الفقياء‪ ،‬وذلؾ في الفرع األوؿ ومف‬
‫ثـ نبيف خصائص ىذه الجريمة في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬تعريف الجريمة المستحيمة‬
‫سوؼ نتطرؽ في ىذا الفرع إلى تعريؼ الجريمة المستحيمة في جانبيا المغوي واالصطالحي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف المغوي‬
‫إف المعاجـ المغوية تكاد تنفؽ عمى اف االستحالة ىو أف يصير الشيئ محاال والمحاؿ عند ابف‬
‫منظور غير ممكف‪ .‬والمحاؿ‪ :‬كثير المحاؿ‪ ،‬والمستحيؿ‪ :‬المحاؿ والمستحيؿ بمعنى الباطؿ مف‬
‫‪2‬‬
‫الكالـ والمحاؿ ىو ما اقتضى الفساد مف وجو أو الباطؿ‪.‬‬

‫‪ -1‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.121‬‬


‫‪ - 2‬مشار إليو عند عبد اهلل محمد عبد الرحمف العصيمي‪ ،‬الجريمة المستحيمة بيف الشريعة والقانوف وصورىا التطبيقية أخذت‬
‫مف موقع‪ www.islamfeqh.com :‬ولقد تـ اإلطالع عمييا يوـ ‪ 2018/04/16‬عمى الساعة ‪.17:00‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫أما عند الفيروز أبادي فإف المحاؿ مف الكالـ‪ ،‬بالضـ‪ :‬ما عدؿ عف وجيو كالمستحيؿ‪ ".‬استحاؿ‬
‫الشيء‪ ،‬أي تغير عف طبعو ووصفو‪(.‬واستحاؿ) الكالـ صار محاال و(استحالت األرض)‪:‬‬
‫اعوجت وخرجت عف االستواء"؛ أما عند مجمع المغة العربية بمصر فقد قالوا أف (حاؿ‬
‫واستحاؿ) كؿ ما تحرؾ أو تغير مف اإلستواء إلى العوج‪ ،‬فقد حاؿ وتحوؿ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعريف االصطالحي‬
‫تعتبر الجريمة المستحيمة لدى شراح القانوف صورة الجريمة الخائبة بحيث يقوـ الفاعؿ فييا بكؿ‬
‫نشاطو اإلجرامي إلحداث نتيجة إجرامية‪ ،‬إال أنو لـ يدرؾ ىذه النتيجة ألسباب خارجية عف‬
‫إرادتو والسبب في إفالت واستحالة وقوعيا كتف في الظروؼ الي باشر فييا الجاني نشاطو‬
‫‪1‬‬
‫اإلج ارمي‪.‬‬
‫ومف أمثاليا‪ :‬أف يحاوؿ شخص قتؿ شخص ميت أصال‪ ،‬أو محاولة قتؿ باستعماؿ سالح ناري‬
‫‪2‬‬
‫فارغ مف الرصاص أو محاولة إجياض امرأة لـ تكف حاممة أصال‪.‬‬
‫فالواقعة االجرامية ىنا تعد جريمة ظاىرية وليست فعمية ذلؾ أنيا ال تطابؽ النموذج القانوني‬
‫لمجريمة إال مف الوجية الخارجية ‪ ،‬فالمصمحة التي يحمييا المشرع ال يمكف المساس بيا وذلؾ‬
‫إما لمعيب الذاتي الذي يشوب الركف المادي ما يستحيؿ توقيع أي نتيجة عمييا أو إلى عدـ‬
‫‪3‬‬
‫وجود محؿ الجريمة‪.‬‬
‫وعميو فال يمكف اعتبار الجريمة مستحيمة إال إذا كاف الجاني يجيؿ سبب االستحالة عند إقدامو‬
‫عمى ارتكاب الفعؿ واال فال جريمة النتفاء القصد الجنائي كمف يشير مسدسا فارغا أو غير‬
‫‪4‬‬
‫صالح لالستعماؿ مع عممو بذلؾ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬الشروع في الجريمة في ضوء القضاء والفقو‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬منشأة الناشر المعارؼ اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص‬
‫‪.63‬‬
‫‪ -2‬سمير عالية وىيثـ سمير عالية‪ ،‬الوسيط في شرح قانف العقوبات‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة الجامعية الدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،2010 ،‬ص ‪.278‬‬
‫‪ -3‬آماؿ عبد الرحيـ عثماف‪" ،‬النموذج القانوني لمجريمة"‪ ،‬مجمة العموـ القانونية واالقتصادية‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬العدد األوؿ‪ ،‬يناير‬
‫‪ ،1972‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -4‬فتح اهلل محمد ىالؿ‪ ،‬الشروع في الجريمة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬مكتب المنى لمتوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،2010 ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص الجريمة المستحيمة‬


‫لكؿ جريمة خصائص تميزىا وتفرقيا عف الجرائـ االخرى‪ ،‬والجريمة المستحيمة تكتسي‬
‫خصائص تميزىا عف الجريمة الخائبة والموقوفة أو الجريمة الوىمية‪ ،‬ومف بيف ىذه السمات‬
‫نذكر ما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬أنيا الجريمة التي يقوـ بيا الجاني بكؿ نشاطو اإلجرامي في سبيؿ ارتكاب الجريمة لكف‬
‫‪1‬‬
‫يستحيؿ تحقيؽ النتيجة ألسباب ال دخؿ إل اردة الجاني فييا‪.‬‬
‫‪ -‬إنيا الجريمة التي ال يسمح لمجاني العدوؿ عنيا بعد المضي في تنفيذىا بحيث يتمـ كؿ‬
‫‪2‬‬
‫خطواتو ولكف يستحيؿ وقوع النتيجة‪.‬‬
‫‪ -‬أنيا مف الجرائـ التي لـ يتـ النص القانوني عمييا ضمف نصوص الشروع المعاقب‬
‫عميو‪ ،‬ونجد أيضا أف مصدرىا الغمط في الوقائع تتعمؽ بعدـ وجود الموضوع أو عدـ‬
‫كفاءة السموؾ الف القصد في الجريمة المستحيمة قصد جنائي حقيقي استوجب تطبيؽ‬
‫‪3‬‬
‫تدابير احت ارزية عؿ الفاعؿ إذا كشؼ سموكو عف خطورة إجرامية‪.‬‬
‫‪ -‬إف وجود االستحالة وظروفيا ناشئة منذ لحظة التصميـ عمى ارتكاب الجريمة وأثناء‬
‫‪4‬‬
‫التحضير واستمرارىا إلى حيف البدء في تنفيذىا‪.‬‬
‫‪ -‬إف الجريمة المستحيمة غير ممكنة الوقوع أصال بحيث يستحيؿ عمى الجاني وغيره أف‬
‫يحقؽ النتيجة أي االستحالة تعني أف الجريمة ال يمكف وقوعيا‪ ،‬وذلؾ النعداـ موضوع‬
‫‪5‬‬
‫الجريمة أو لعدـ كفاءة السموؾ أو عدـ صالحية الوسيمة المستخدمة في ارتكابيا‪.‬‬

‫‪ -1‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬نظرية الجريمة‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبناف‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.375 -374‬‬
‫‪ -2‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة)‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبناف‪،1998 ،‬‬
‫ص ‪.325‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل محمد عبد الرحمف العصيمي‪ ،‬الجريمة المستحيمة بيف الشريعة والقانوف وصورىا التطبيقية‪ ،‬المرجع السابؽ‪.‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ -5‬أكرـ نشأت إبراىيـ‪ ،‬القواعد العامة في قانوف العقوبات المقارف‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬الدار الجامعية لمطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دوف‬
‫سنة نشر‪ ،‬ص ‪.190‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫المطمب الثاني‬
‫تاريخ الجريمة المستحيمة وتمييزها عن الجرائم المشابهة لها‬
‫لقد اشتممت الجريمة المستحيمة في القديـ بالغموض ولـ تظير بشكميا الحقيقي إال ببروز بوادر‬
‫العصور الحديثة لذلؾ سوؼ نحاوؿ إ ازلة ىذا الغموض وتوضيح التطورات التي عرفتيا الجريمة‬
‫عبر التطور التاريخي لنعرج بعد ذلؾ إلى تمييزىا وعميو قسمنا ىذا المطؿ إلى فرعيف‪ ،‬بحيث‬
‫نتناوؿ في ‪:‬‬
‫الفرع االوؿ ‪ :‬التطور التاريخي لمجريمة المستحيمة القديـ أوال والحديث ثانيا‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬نميز بيف الجريمة المستحيمة عف الجرائـ المشابية ليا‪.‬‬
‫الفرع األول التطور التاريخي لمجريمة المستحيمة‬
‫ستخصص ىذ الفرع لدراسة التطور التاريخي لمجريمة المستحيمة في عصرييا القديمة والحديثة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الجريمة المستحيمة في العصور القديمة‬
‫لـ تعرؼ المدونات الشرعية القديمة أمثاؿ قانوف "حو رابي" وقانوف "مانو" وقانوف "بوخوريس"‬
‫وقوانيف المجتمع الصيني القديـ ما يعرؼ الجريمة بالمستحيمة‪ ،‬ولـ تكف ىذه االخيرة محؿ‬
‫المناقشة في الفقو التقميدي فقد أغفمت الجريمة المستحيمة‪ ،‬ولـ تكف ىذه االخيرة محؿ المناقشة‬
‫في الفقو التقميدي فقد أغفمت الجريمة المستحيمة في النص الخاص بالشروع خالفا لمجريمة‬
‫الخائبة التي أجرى عمييا حكمو‪ ،‬وما يالحظ منذ التاريخ البعيد لدى افقو المدرسي والقضائي ىو‬
‫تحديد المقصود بالجريمة المستحيمة‪ ،‬ذلؾ أف بعض صور االستحالة تشبو صورة الجريمة‬
‫‪1‬‬
‫الخائبة‪.‬‬

‫‪ -1‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.140،139‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫ثانيا‪ :‬الجريمة المستحيمة في العصور الحديثة‪:‬‬


‫لقد طرحت مشكمة الجريمة المستحيمة ألوؿ مرة في العصر الحديث اماـ القضاء الفرنسي في‬
‫قضة مشيورة ىي قضية " ‪ "LAURENT‬وىو ابف غير شرعي وضع عمى جدار منزلو بندقية‬
‫تحت وي عمى ذخيرة فقرر أف يقاؿ بيا أبيو‪ ،‬غير أف ىذا األخير أي (األب) دخمو الشؾ فأخذ‬
‫البندقية وأفرغيا مف ذخيرتيا وأرجعيا مكانيا‪ .‬فعاد االبف وأمسؾ بالبندقية ووضع يده عمى الزناد‬
‫وأطمؽ النار‪ ،‬لكف الرصاص لـ ينطمؽ ففوجئ االبف بذلؾ وىكذا رفع األب الدعوى ضد إبنو‬
‫لدى محكمة "‪ "AGENT‬فأدنتو محكمة "‪ "AGENT‬بأنو شارع في قتؿ ابيو‪ ،‬ومف ىنا أصبحت‬
‫‪1‬‬
‫الجريمة المستحيمة تشكؿ معضمة‪.‬‬
‫ولقد تعرض الفقيو االلماني "فويرباخ" إلى مشكمة الجريمة المستحيمة عاـ ‪ 1808‬بحيث ققاـ‬
‫بتكييفيا عؿ انيا التي يستحيؿ تنفيذىا‪ ،‬إما النعداـ المحؿ كمف أطمؽ النار عمى شخص ميت‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أو عدـ فاعمية الوسيمة المستخدمة في تنفيذ الجريمة كمف استخدـ مسدسا فارغا مف الرصاص‪.‬‬
‫لقد القت أفكار "فويرباخ" صدى كبير لدى العديد مف الفقياء في كؿ مف المانيا والنمسا‬
‫وبمجيكا وروسيا وايطاليا‪ ،‬وقد أسمـ الفقياء في ألمانيا والنمسا بأنو ال عقاب عمى الشروع‬
‫المستحيؿ‪ ،‬إال انو انتقد مف المذىب الموضوعي‪ ،‬لذلؾ عمد الفقيو األلماني " ميترمايز" إلى‬
‫تعديؿ ىذا المذىب فقسـ االستحالة إلى مطمقة واخرى نسبية وقد أعاد صياغتو الفقو الفرنسي‬
‫"ارتوالف " مما شكؿ انطالقا في العديد مف البمداف‪ ،‬وبعد ظيور المدرسة الوضعية في إيطاليا‬
‫تولد المذىب الشخصي حيث ركز ىذا األخير عمى الشخص الجاني ومدى خطورتو عمى‬
‫‪3‬‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬اسماعيؿ فيصؿ‪ ،‬مقاؿ الفرؽ بيف الجريمة المستحيمة والشروع التاـ‪ ،‬منشور عمى موقع ‪ ejbat.google.com‬الذي تـ‬
‫اإلطالع عميو يوـ ‪ 2018/04/16‬عمى الساعة ‪.9:52‬‬
‫‪-2‬المرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ -3‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.141‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز الجريمة المستحيمة عن الجرائم المشابهة لها‬


‫تعتبر الجريمة المستحيمة شروعا كامال وتاما‪ ،‬وال تتحقؽ فييا النتيجة الجرمية والمقصودة‬
‫‪1‬‬
‫لسبب يجيمو الفاعؿ‪.‬‬
‫ومف ىنا يمكف الدخوؿ في تمييز ىذه الجريمة عف غيرىا مف الجرائـ التي تتداخؿ معيا بكؿ‬
‫وضوح‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تمييز الجريمة المستحيمة عن الجريمة التامة والخائبة‬
‫لدقة التمييز بيف الجريمة المستحيمة والجريمة الخائبة والتامة‪ ،‬أورد الفقو عدة ضوابط لمتعرؼ‬
‫عمى أوجو التفرقة والتشابو بيف الجريمتيف‪ ،‬وىذا ما سوؼ نوضحو تحت ىذا العنواف‪.‬‬
‫أ‪ -‬تمييز الجريمة المستحيمة عن الجريمة التامة‬
‫الجريمة المستحيمة ىي التي ال تتحقؽ نظ ار لوجود مانع لـ يكف في عمـ الفاعؿ‪ ،‬وأف كؿ ما‬
‫‪2‬‬
‫يبذلو مف مساعي يكوف دوف تحقيؽ نتيجة‪.‬‬
‫أما الجريمة التامة ىي الجريمة التي تحققت فييا النتيجة التي كاف يريدىا الجاني‪ ،‬ففي جريمة‬
‫القتؿ يتحقؽ فييا إزىاؽ روح المجني عميو وفي جريمة السرقة يتحقؽ فييا إخراج الماؿ مف‬
‫جيب المجني عميو‪ ،‬وتماـ الجريمة يتحقؽ بالقصد العاـ لدى الجاني دوف قصده الخاص وأف‬
‫عدوؿ المجرـ أو ندمو أو إرجاعو لمماؿ بعد أخذه ال يمنع مف اعتبارىا جريمة تامة وال يستفيد‬
‫‪3‬‬
‫في ذلؾ إال مف حيث جانب التحقيؽ القضائي‪.‬‬
‫ومف ىنا نالحظ أوجو التشابو بيف الجريمتيف يكمف في أف كالىما تشكالف فعال مخالفا لمقانوف‪،‬‬
‫أما أوجو االختالؼ فيكوف في أف الجاني في الجريمة المستحيمة يستنفذ فييا نشاطو اإلجرامي‬
‫إال انو ال يحقؽ نتيجة ألسباب خارجة عف إرادتو‪ ،‬عمى عكس الجريمة التامة فإف الجاني يحقؽ‬
‫النتيجة التي يريدىا‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد عمي السالـ عياد الحمبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬مكتبة الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،1979 ،‬ص ‪.225‬‬
‫‪ -2‬كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانوف العقوبات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،2009 ،‬ص ‪.263‬‬
‫‪ -3‬منصور رحماني‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬نظرية الجريمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.174‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫ب‪ -‬تمييز الجريمة المستحيمة عن الجريمة الخائبة‬


‫الجريمة الخائبة ىي التي يقوـ فييا الجاني بتنفيذ كؿ األفعاؿ المكونة لمجريمة ولـ تتحؽ النتيجة‬
‫لسبب خارج عف إرادتو‪ ،‬بحيث تـ توقيؼ تنفيذىا بالرغـ مف استعماؿ الوسيمة المعدة لذلؾ كمف‬
‫‪1‬‬
‫يطمؽ عيا ار ناريا عمى المجني عميو فيخطئو‪ ،‬أو يصيبو في غير مقتؿ‪.‬‬
‫ولو نفذت الجري مة بفعؿ شخص آخر أكثر دراية لكانت نتيجتيا قد تحققت بالفعؿ ولذلؾ فإف‬
‫أوجو االختالؼ بيف الجريمة المستحيمة والخائبة ىو أف النتيجة اإلجرامية في الجريمة الخائبة‬
‫كاف مف الممكف تحقيقيا لو ال تدخؿ السبب األجنبي‪ ،‬عمى عكس الجريمة المستحيمة بحيث أنو‬
‫كاف مف المستحيؿ تحقيؽ النتيجة اإلجرامية منذ البداية وبالتالي فالخيبة محتممة عند بدء الجاني‬
‫‪2‬‬
‫في الجريمة الخائبة ولكنيا محققة عند بدئو في الجريمة المستحيمة‪.‬‬
‫أما اوجو التشابو فنالحظ أف كال مف الجريمتيف الجاني ال يحقؽ نتيجتو اإلج ارمية ألسباب‬
‫خارجة عف إرادتو‪ ،‬وكذلؾ تتماثؿ الجريمتاف في أنيما كالىما تقوماف عمى القصد الجنائي لدى‬
‫‪3‬‬
‫الفاعؿ وأف انتفاء ىذا القصد يجعؿ كؿ النشاط الذي يصدره الجاني مجرد عبث ال قيمة لو‪.‬‬
‫إضافة إلى أوجو التشابو واالختالؼ ىناؾ ضوابط فقيية يمكننا االعتماد عمييا لمتمييز بيف‬
‫الجريمة المستحيمة والجريمة الخائبة منيا‪:‬‬
‫‪ -‬ضابط المساواة بيف الجريمة المستحيمة والجريمة الخائبة‪ :‬وىو ما ذىب إليو جانب‬
‫الفقو‪ ،‬والذي يرى أف الجريمة المستحيمة ىي إحدى صور الشروع الخائب ألف الجاني‬
‫‪4‬‬
‫في كال الجريمتيف ال يحقؽ النتيجة اإلجرامية‪ ،‬ألسباب خارجة عف إرادتو‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد حميد‪ ،‬جريمة الشروع أو المحاولة في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيؿ شيادة الماجيستر‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،1978 ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ -2‬نظاـ توفيؽ المجالي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،2010 ،‬ص‬
‫‪.264‬‬
‫‪ -3‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة)المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.375‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.325‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫‪ -‬ضابط االعتبار الزمني‪ :‬بحيث ىذا المعيار ينظر إلى الزمف الذي يرتكب فيو الفاعؿ‬
‫عممو التحضيري األخير‪ ،‬فإذا كاف العمؿ التحضيري مستحيؿ الوقوع منذ البداية نكوف‬
‫بصدد جريمة مستحيمة؛ أما إذا كاف ممكف الحدوث منذ البداية نكوف أماـ الجريمة‬
‫‪1‬‬
‫الخائبة‪.‬‬
‫‪ -‬ظابط التفرقة عمى أساس لحظة التنفيذ‪ :‬بحيث أف الجريمة المستحيمة ترجع إلى سبب‬
‫أو ظرؼ مستحيؿ سابؽ أو موجود لحظة بداية السموؾ ويبقى معاص ار لو؛ أما في‬
‫الجريمة الخائبة فإف سبب الخيبة محتمؿ ويط أر الحقا عمى لحظة التنفيذ‪ ،‬أي بعد أف‬
‫‪2‬‬
‫يأتي الفاعؿ فعمو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تمييز الجريمة المستحيمة عن الجريمة الموقوفةوالوهمية‬
‫سوؼ نتطرؽ في البداية إلى تعريؼ كؿ مف الجريمتيف الموقوفة والمستحيمة‪ ،‬ثـ نقوـ بحصر‬
‫أوجو االختالؼ والتشابو بينيما‬
‫أ‪ -‬تمييز الجريمة المستحيمة عن الجريمة الموقوفة‬
‫الجريمة الموقوفة أو الشروع الناقص ىو الذي يبدأ فيو الجاني بتنفيذ فعؿ بقصد ارتكاب جريمة‬
‫لكنيا ال تتحقؽ لعدـ إتماـ الفعؿ لسبب خارج عف إرادة الجاني كمف يحمؿ سالحا ويصوبو‬
‫‪3‬‬
‫اتجاه المجني عميو بقصد قتمو ويأتي آخر ويدفع ىذا المسدس مف يده‪.‬‬
‫عمى عكس الجريمة المستحيمة فإف الفعؿ ال يحقؽ أية نتيجة ألنيا مستحيمة أصال كمف يطمؽ‬
‫النار عمى شخص ميت‪.‬‬
‫فمف ىنا نالحظ أف أوجو االختالؼ يكمف في أف الجاني في الجريمة الموقوفة ال يحقؽ النتيجة‬
‫اإلجرامية ألسباب طرأت بعد بدء نشاطو اإلجرامي‪ ،‬عمى عكس الجاني في الجريمة المستحيمة‬
‫فإف النتيجة اإلجرامية كانت مستحيمة منذ البداية‪ ،‬ضؼ إلى ذلؾ فإنالمحاؿ في الجريمة‬

‫‪ -1‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.141‬‬


‫‪ -2‬سمير عالية وىيثـ سمير عالية‪ ،‬الوسيط في شرح قانوف العقوبات‪ ،‬ص ‪.279‬‬
‫‪ -3‬أميف مصطفى محمد‪ ،‬قانوف العقوبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬لبناف‪ ،2010 ،‬ص ‪.259‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫الموقوفة موجود‪ ،‬عمى عكس الجريمة المستحيمة فيو منعدـ‪ ،‬وأيضا فإف الجريمة الموقوفة تشكؿ‬
‫خطورة إجرامية ألف لوال الظروؼ الخارجية التي أحالت بينو وبيف النتيجة اإلجرامية لوصؿ تنفيذ‬
‫مخططو إلى النياية‪.‬‬
‫أما أوجو التشابو فيمكف في أف الجاني في كؿ مف الجريمتيف‪ ،‬ال يحقؽ مقصده ألسباب خارجة‬
‫عف إرادتو‪ ،‬وكذلؾ في أف في كال مف الجريمتيف تتوفراف عمى القصد الجنائي‪.‬‬
‫ب‪ -‬تمييز الجريمة المستحيمة عن الجريمة الوهمية‬
‫الجريمة الوىمية ىو الفعؿ المشروع الذي يأتيو إنساف معتقدا أنو قد ارتكب بو جريمة‪ ،‬متوىما أو‬
‫ضانا عمى خالؼ الحقيقة أف قانوف العقوبات يعاقب عميو‪ ،‬أي ىو قد ظف وتوىـ تخمؼ‬
‫‪1‬‬
‫الظروؼ المبيح أو المعفى مع أنو في الحقيقة قائـ‪.‬‬
‫ومف ىنا نالحظ أف أوجو االختالؼ بيف الجريمتيف‪ ،‬يكمف في أف الجريمة المستحيمة يستحيؿ‬
‫فييا تحقيؽ النتيجة لعدـ وجود المحؿ‪ ،‬والفعؿ الذي يرتكبو الجاني فييا ىو فعؿ مخالؼ‬
‫ومحظو ار قانونا‪ ،‬عمى عكس الجريمة الظنية غير معاقب عمييا عمى اإلطالؽ والسبب في ذلؾ‬
‫أف كال الجريمتيف ال تحققاف النتيجة المعاقب عمييا‪ ،‬وأف الفاعؿ يقع في غمط‪ ،‬يكوف سببا لمنع‬
‫‪2‬‬
‫حدوث النتيجة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أوجو التبايف بيف الجريمتيف ىناؾ عدة معاير لمتمييز بينيا‪:‬‬
‫‪ -‬معيار الغمط في الوقائع‪ :‬يرجع غمط الجاني في إحدى الوقائع كما في الجريمة‬
‫المستحيمة إذ يحاوؿ الجاني مثال طعف شخص ميت لكنو كاف معتقدا أنو عمى قيد‬
‫الحياة؛ أما في الجريمة الوىمية فالفاعؿ يطعف جذع شجرة بسكيف معتقدا أنو إنساف‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ذلؾ نجد معيار التفرقة بيف الوجو الحقيقي لمجريمة ووجوده الظاىري‪،‬‬
‫فالجريمة المستحية ليا قواـ الجريمة ومظيرىا الخارجي لتخالؼ ػحد أركانيا القانونية‬
‫وىو محاؿ؛ أما الجريمة الوىمية عمى العكس مف ذلؾ ليس ليا ىذا الوجود الظاىري وال‬

‫‪ -1‬فتح اهلل محمد ىالؿ‪ ،‬الشروع في الجريمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -2‬آماؿ عبد الرحيـ عثماف‪" ،‬النموذج القانوني لمجريمة"‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫يحس بوجود عنصرىا المادي‪ ،‬ثـ يأتي معيار آخر وىو ضابط إمكانية البدء في التنفيذ‬
‫بحيث أف معيار البدء في التنفيذ ألف الجريمة غير موجودة إال في ذىف الجاني‬
‫‪1‬‬
‫ومخيمتو‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬العالقة بين الجريمة المستحيمة والشروع في الجريمة‬
‫لمجريمة المستحيمة عالقة وطيدة مع الشروع في الجريمة حيث أف "كؿ استحالة شروع وليس كؿ‬
‫شروع استحالة"‪ ،2.‬فقد يبدأ الفاعؿ بارتكاب نشاطو اإلجرامي إال أف نتيجتو ال تتحقؽ نظ ار‬
‫‪3‬‬
‫الستحالتيا‪ ،‬وبذلؾ فإف فعمو ال يتصؼ باإلجرامي وانما يعاقب عمى شروعو في الجريمة‪.‬‬
‫ونالحظ مف قانوف العقوبات الجزائري في نص المادة األولى مف قانوف العقوبات التي تنص‬
‫أنو‪ ":‬ال ريمة وال عقوبة أو تدابير أمف بغير قانوف"‪ .‬ال يعاقب عمى االستحالة كونيا شروعا‪،‬‬
‫ألف الجاني فييا استكمؿ كؿ شروط إتماـ الجناية إال أف نتيجتو اإلجرامية قد خابت‪.‬‬

‫‪ -1‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.167 ،166‬‬


‫‪ -2‬فتح اهلل محمد ىالؿ‪ ،‬الشروع في الجريمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلل محمد عبد الرحمف العصيمي‪ ،‬الجريمة المستحيمة بيف الشريعة والقانوف وصورىا التطبيقية‪ ،‬المرجع السابؽ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫المبحث الثاني‬
‫عناصر الجريمة المستحيمة‬
‫اف الجريمة المستحيمة كغيرىا مف الجرائـ التي التقوـ وال توصؼ في نظر القانوف جريمة إال إذا‬
‫توفرت فييا ثالثة أركاف أساسية أال وىي الركف المادي‪ ،‬الركف المعنوي‪ ،‬الركف الشرعي‪.‬‬
‫فالركف المادي لمجريمة يعني كؿ ما يدخؿ في كياف الجريمة‪ ،‬يكوف لو مظير مموس وطبيعتو‬
‫مادية نتيجة لمتغيير الذي يحدثو‪ ،‬أما الركف المعنوي فيعني القصد الذي يتجسد مف خالؿ عمـ‬
‫‪1‬‬
‫الجاني وتوجو إرادتو إلى ارتكاب الفعؿ وقتيا‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الركف المادي والمعنوي فال بد مف توافر نص قانوف يجرـ الفعؿ‪ ،‬إذ ال جريمة وال‬
‫‪2‬‬
‫عقوبة إال بنص قانوف‪.‬‬
‫ولمتوضيح أكثر حوؿ أركاف الجريمة المستحيمة سوؼ نكتفي بدراسة الركف المادي لمجريمة‬
‫المستحيمة في المطمب االوؿ والركف المعنوي في المطمب الثاني‪.‬‬
‫المطمب األول‬
‫الركن المادي في الجريمة المستحيمة‬
‫ال تكوف ىناؾ جريمة دوف ركف مادي ألف بو يتحقؽ االعتداء عمى المصمحة محؿ الحماية‬
‫الجنائية‪ ،‬والركف المادي في الجريمة عموما يتكوف مف ثالثة عناصر‪ :‬السموؾ اإلجرامي‬
‫والنتيجة الضارة وعالقة سببية بيف السموؾ والنتيجة‪ .‬إال أف المشرع يعاقب عمى الشروع عمى‬
‫الرغـ مف عدـ تحق ؽ النتيجة ذلؾ أف السموؾ اإلجرامي الذي قاـ بو الفاعؿ يشكؿ خط ار عؿ‬
‫الحقوؽ والمصالح التي يحمييا القانوف‪.3‬‬

‫‪ -1‬مجيد فتحي‪ ،‬القانوف الجنائي(العقوبات) سمسمة محاضرات ودروس‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،2009 ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -2‬بعميات إبراىيـ‪ ،‬أركاف الجريمة‪ ،‬وطرؽ إثباتيا في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -3‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪..126‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫وعميو سوؼ نتناوؿ في ىذا المطمب السموؾ اإلجرامي في الفرع األوؿ؛ أما في الفرع الثاني‬
‫سنتناوؿ موضوع الحؽ المعتدى عميو‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬السموك اإلجرامي في الجريمة المستحيمة‬
‫يعتبر السموؾ اإلجرامي بصفة عامة النشاط اإلرادي الخارجي الذي يقوـ بو الجاني مف أجؿ‬
‫تحقيؽ نتيجة إجرامية والتي يعاقب عمييا القانوف‪ ،‬فالجريمة تبدأ بفكرة في ذىف الجاني قد‬
‫‪1‬‬
‫يصرؼ النظر عنيا وقد يصمـ عمى تنفيذىا‪.‬‬
‫ولمسموؾ اإلجرامي صورتاف‪ :‬إما اف يكوف في الصورة ارتكاب فعؿ يحضره القانوف وىو األمر‬
‫في الجرائـ اإليجابية‪ ،‬إذ قانوف العقوبات ينيي بأوامره عف ارتكاب بعض األفعاؿ التي تشكؿ‬
‫خطورة عمى المجتمع فيقر ر عقابا لكؿ مف ارتكبيا‪ ،‬ويتمثؿ الركف المادي في الجرائـ االيجابية‬
‫‪2‬‬
‫في القياـ بفعؿ ينيي القانوف عف ارتكابو مثؿ السرقة‪.‬‬
‫وقد يكوف في صورة عدـ القياـ بفعؿ يأمر بو القانوف وىو األمر في الجرائـ السمبية ومف أمثمة‬
‫ذلؾ ىذه االخيرة حالة امتناع شاىد عف الحضور أماـ محكمة الجنايات أو قاضي التحقيؽ‬
‫إعماال بنص المادة ‪ 97‬ؽ إ ج‪ ،‬عدـ اإلبالغ عف الجناة المادة ‪ 181‬ؽ ع‪ ،‬عدـ اإلبالغ عف‬
‫جريمة التجسس وفقا لما ىو منصوص في المادة ‪ 91‬ؽ ع‪ ،‬التخمي عف طفؿ مأىوؿ أو غير‬
‫مأىوؿ لمسكف المادة ‪ 314‬ؽ ع‪ ،‬عدـ التصريح بميالد لمحالة المدنية المادة ‪3/424‬ؽ ع‪،‬‬
‫ومن خالؿ كؿ ىذه األمثمة فإف الركف المادي ؼ الجرائـ السمبية ىو االمتناع عف القياـ بما أمر‬
‫‪3‬‬
‫القانوف لمصالح العاـ‪.‬‬

‫‪ -1‬أركاف الجريمة‪ ،‬منتديات الحقوؽ والعموـ القانونية‪ ،‬أخذت مف موقع‪ www.droit-dz.com :‬ولقد تـ االطالع عميو يوـ‬
‫‪ 2018-04-17‬عمى الساعة ‪.20.30‬‬
‫‪ -2‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2003 ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موضوع الحق المعتدىعميه في الجريمة المستحيمة‬


‫إف األساس الذي تقوـ عميو الجريمة ىو موضوعيا فإذا انعدـ المحؿ انعدمت الجريمة‪ ،‬إال‬
‫الجاني الذي حاوؿ ارتكاب جريمة رغـ انعداـ المحؿ قد أظير خطورتو اإلجرامية وبذلؾ فإنو‬
‫يجب حماية ىذا الحؽ‪ ،‬فموضوع الجريمة في القتؿ ىو اإلنساف الحي‪ ،‬وموضوع جريمة‬
‫اإلجياض ىو الحمؿ المسكف‪ ،‬وموضوع جريمة االغتصاب ىو االنثى‪ ،‬وموضوع جريمة السرقة‬
‫‪1‬‬
‫ىو أخذ ماؿ الغير المنقوؿ بنية تممكو‪.‬‬
‫أما عف محؿ الجريمة المستحيمة فيو يتميز أنو ال يمكف لإلنساف أف يبدأ في تنفيذ المستحيؿ‬
‫وبالتالي ال يمكف تحقيؽ النتيجة اإلجرامية‪ ،‬فانعداـ المحؿ قد يكوف مطمقا أي غير موجود‬
‫أساسا‪ ،‬إذ يعد مف المستحيؿ تصور الشروع في قتؿ شخص ميت حيث أف موضوع الجريمة في‬
‫القتؿ ىو اإلنساف الحي‪ ،‬وقد يكوف انعداـ المحؿ نسبيا وىذا عند ما يكوف موضوع الحؽ‬
‫موجودا إال أنو غير متواجد في المكاف الذي اعتقده الجاني ومثاؿ ذلؾ أف يقوـ الجاني بإطالؽ‬
‫عيار ناري عمى المكاف الذي يتواجد فيو المجني عميو عادة ثـ يفاجئ بعد ذلؾ أنو غير متواجد‬
‫‪2‬‬
‫في ذلؾ المكاف في تمؾ المحظة‪.‬‬
‫المطمب الثاني‬
‫الركن المعنوي في الجريمة المستحيمة‬
‫لقياـ المسؤولية الجنائية لمف يصدر عنو فعؿ مف األفعاؿ التي يعاقب عمييا قانوف العقوبات‬
‫البد مف توافر الركف المعنوي الذي يقوـ عمى اإلرادة اآلثمة‪ ،‬فيي حمقة وصؿ بييف الجريمة‬
‫كواقعة مادية ليا كياف خارجي وبيف اإلنساف الذي صدرت عنو‪ ،‬وبالتالي يعتبره القانوف مسؤوال‬
‫عف ىذه الجريمة‪ ،‬فالجريمة المستحيمة تتطمب قصدا جنائيا لقياميا‪ ،‬لذلؾ سوؼ نبيف في الفرع‬
‫األوؿ المقصود بالركف المعنوي والفرع الثاني عناصر الركف المعنوي‪.‬‬

‫‪ -1‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.128‬‬


‫‪ -2‬أميف مصطفى محمد‪ ،‬قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.273‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫الفرع األول‪ :‬المقصود بالركن المعنوي‬


‫يقصد بو الجانب الشخصي أو النفسي لمجريمة‪ ،‬حيث ال تقوـ الجريمة بمجرد قياـ الواقعة‬
‫المادية التي تخضع لنص الجريمة‪ ،‬وال تخضع لسبب مف أسباب اإلباحة‪ ،‬إال إذا صدرت ىذه‬
‫الواقعة عف إرادة فاعميا‪ ،‬وترتبط ليا ارتباطا معنويا أو أدبيا فالركف المعنوي ىو ىذه الروابط‬
‫المعنوية أو الصمة النفسية‪ ،‬أو العالقة االدبية التي تربط بيف ماديات الجريمة ونفسية‬
‫فاعمو‪.1»..‬‬
‫ولقد عرفت المدرسة التقميدية القصد الجرمي‪ ،‬أنو انصراؼ إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع‬
‫‪2‬‬
‫العمـ باألركاف التي يطمبيا القانوف‪.‬‬
‫أما المشرع األردني فقد عرؼ القصد الجنائي في المادة (‪ )63‬وعبر عنو بعبارة النية‪:‬‬
‫"ىي إرادة ارتكاب الجريمة عمى ما عرفيا القانوف"‬
‫وقد عرفو جانب مف فقياء القانوف الجنائي " القصد ىو العمـ بعناصر الجريمة وارادة متجية‬
‫‪3‬‬
‫إلى تحقيؽ ىذه العناصر أو قبوليا"‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عناصر الركن المعنوي‬
‫إف القصد الجرمي في الجريمة المستحيمة يقوـ عمى عنصريف ‪ :‬العمـ واإلرادة‬
‫أوال ‪ :‬العمم‬
‫يقصد بالعمـ أف يتوفر لدى الفاعؿ بأف أركاف الجريمة متوفرة وأف القانوف يعاب عمييا أي العمـ‬
‫بكافة عناصر الجريمة ألف انتفاء العمـ بيذه العناصر يؤدي إلى انتفاء قياـ الجريمة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬القسـ العاـ الطبعة السابعة‪ ،‬ديواف المطبوعات الجامعية الجزائر‪،2009 ،‬‬
‫ص ‪.231‬‬
‫‪ -2‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -3‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.128‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫العمم بالوقائع‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أف يحيط عمـ الجاني بكافة الوقائع‪ ،‬التي تدخؿ في تكويف الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬أف يكوف الجاني عمى عمـ بموضوع الحؽ الذي يعتدي عميو فمثال يتطمب القصد أف‬
‫يكوف الجاني عمى عمـ أثناء ارتكابو جريمة القتؿ أف المجني عميو حي‪ ،‬أما إذا انتفى‬
‫‪1‬‬
‫ذلؾ انتفى قصده‪.‬‬
‫‪ -‬أف يكوف أيضا عالما بخطورة الفعؿ عمى المصمحة المحمية قاننا أما إذا انتفى عممو‬
‫فإنو يسأؿ عمى جريمة غير عمدية ومثاؿ ذلؾ مف يستعمؿ مواد متفجرة غير عالـ‬
‫‪2‬‬
‫بطبيعتيا ال يسأؿ عف جريمة عمدية‪.‬‬
‫‪ -‬وبذلؾ فعنصر العمـ في الجريمة المستحيمة يفترض عدـ عمـ الجاني بسبب االستحالة‬
‫ألنو إذا عمـ بوجود تمؾ االستحالة فإنو ال توجد جريمة فمثال مف يستخدـ مسدس أطفاؿ‬
‫‪3‬‬
‫في جريمة قتؿ وىو يعمـ انو غير صالح فال يتوفر لديو القصد الجنائي‪.‬‬
‫‪ -‬ويشترط كذلؾ أف يكوف الجاني عمى عمـ بأف الفعؿ الذي قاـ بو سوؼ يحقؽ نتيجة‬
‫فمثال إذا كانت جريمة قتؿ تعني أف يتوقع الجاني وفاة إنساف؛ أما إذا انتفى توقع الوفاة‬
‫فإنو ينتفي القصد فمف يطمؽ النار عمى إنساف ظنا منو أنو حيواف فيصيبو ويقتمو ال‬
‫‪4‬‬
‫يساؿ عف قتؿ مقصود‪.‬‬
‫‪ -‬ويشترط كذلؾ توقيع عالقة سببية بحيث ال يكفي وقوع السموؾ اإلجرامي مف الجاني‪،‬‬
‫وتحقؽ النتيجة الضارة‪ ،‬بؿ يجب أف تكوف بينيما عالقة سببية بمعنى أف ارتكاب‬
‫السموؾ اإلجرامي ىو الذي أدى وحده إلى إحداث النتيجة‪ ،‬وتكمف أىمية ىذه العالقة‬
‫‪5‬‬
‫في تحديد نطاؽ المسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫‪ -1‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.256‬‬
‫‪ -3‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ -4‬مجيد فتحي‪ ،‬القانوف الجنائي(العقوبات) سمسمة محاضرات ودروس‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول ماهية الجريمة المستحيلة‬

‫ثانيا‪ :‬اإلرادة‬
‫ىي النشاط النفسي التي تصدر عف وعي اإلنساف وادراكو وذلؾ بيدؼ بموغ ىدؼ معيف‪ ،‬فإذا‬
‫توجيت ىذه اإلرادة لتحقيؽ الواقعة اإلجرامية بسيطرتيا عمى السموؾ المادي لمجريمة وتوجييو‬
‫نحو تحقيؽ النتيجة قتـ القصد الجنائي‪ ،‬فإذا تجرد األنساف مف اإلرادة فال يعتد بو ولو أصاب‬
‫‪1‬‬
‫المجتمع بأفدح الخسائر‪.‬‬
‫ففي الجريمة المستحيمة تتجو إرادة الجاني الرتكاب جناية وىو يدرؾ طبعتيا فمثال جريمة القتؿ‬
‫تتجو إرادتو إلى إزىاؽ روح إنساف حي‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.259 ،258‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫العقاب عمى الجريمة المستحيمة‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫اختمؼ الكتاب في العاب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬مما أدى إلى ظيور مذاىب متعددة في‬
‫ذلؾ‪ ،‬وىي المذىب المادي‪ ،‬المذىب الشخصي والمذاىب التوفيقية‪ ،‬ونظ ار الحتداـ الخالفات‬
‫بيف ىذه المذاىب‪ ،‬ذىبت التشريعات المعاصرة إلى التدخؿ والنص صراحة عمى االستحالة‬
‫بصمب القانوف‪ ،‬وبالت الي العقاب عمى ىذه الجريمة إال أنو رغـ ىذا التدخؿ ىناؾ تشريعات لـ‬
‫تصؿ إلى وضع نص صريح في قانوف العقوبات عمى موضوع الجريمة المستحيمة‪ ،‬وتركت‬
‫‪1‬‬
‫بذلؾ المجاؿ لمقضاء مثؿ ما فعمو المشرع األردني والفرنسي‪.‬‬
‫وبيذا سوؼ نتناوؿ ضمف ىذا الفصؿ العقاب عمى الجريمة المستحيمة لدى الفقو في المبحث‬
‫األوؿ‪ ،‬لنعرج في المبحث الثاني إلى موقؼ التشريعات والقضاء مف العقاب عمى الجريمة‬
‫المستحيمة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة)‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.344‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫المبحث األول‬
‫العقاب عمى الجريمة المستحيمة لدى الفقه‬
‫اختمؼ الفقياء حوؿ ما إذا كانت الجريمة المستحيمة مف صور الشروع المعاقب عميو‪ ،‬أـ أف‬
‫استحالة التنفيذ تمنع المشرع مف التدخؿ لفرض العقاب عمييا وانقسموا في ذلؾ إلى مذىبيف‪:‬‬
‫المذىب المادي‪ ،‬والذي يرى عدـ العقاب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬والثاني ىو المذىب‬
‫الشخصي الذي يذىب إلى العقاب عمييا‪ ،‬وانقسـ أنصار كؿ مذىب إلى طائفتيف‪ ،‬ونظ ار‬
‫لمتناقض الذي عرفو ال مذىبيف ظيرت اتجاىات وسيطة‪ ،‬توفؽ بينيما‪ ،‬وبيذا قسمنا ىذا المبحث‬
‫إلى ثالثة مطالب‪ ،‬المطمب األوؿ‪ :‬عدـ العقاب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬المطمب الثاني‪:‬‬
‫العقاب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬أما المطمب الثالث‪ :‬المذاىب التوفيقية‪.‬‬
‫المطمب األول‬
‫عدم العقاب عمى الجريمة المستحيمة‬
‫يعتبر المذىب المادي مف أقدـ اآلراء الفقيية وكاف سائدا في القرف‪ ،19‬وينتمي ىذا المذىب إلى‬
‫المدرسة التقميدية‪ ،‬بحيث برزت ىذه النظرية ألوؿ مرة في ألمانيا مف طرؼ الفقيو"فويرباح"‬
‫لينتقؿ فيما بعد إلى إيطاليا‪ ،‬وفرنسا وبمجيكا‪ ،‬النمسا وروسيا ومصر‪ ،‬حيث تنادي ىذه النظرية‬
‫إلى عدـ العاب عمى المحاولة في أحواؿ االستحالة جميعيا وبيذا قسمنا ىذا المطمب إلى‬
‫فرعيف‪ :‬الفرع األوؿ نبيف فيو الحجو التي يستند إلييا أنصار ىذا المذىب‪ ،‬لننتقؿ إلى الفرع‬
‫‪1‬‬
‫الثاني ونوضح فيو االنتقادات الموجية إليو‪.‬‬
‫الفرعاألول‪ :‬حجج أنصار المذهب المادي‬
‫أوال‪ :‬انتفاء الشروع المعاقب عميو وىو البدء في التنفيذ وألف الشروع يفترض البدء في تنفيذ‬
‫فعؿ يؤدي إلى ارتكاب جريمة ممكنة الوقوع‪ ،‬أما األفعاؿ التي يقوـ بيا الفاعؿ في‬
‫الجريمةالمستحيمة‪ ،‬ال تعد بدء في التنفيذ ميما بذؿ مف عناية ودقة‪ ،‬إذ ال بدء في تنفيذ‬

‫‪ -1‬سعيد حميد‪ ،‬جريمة الشروع أو المحاولة في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.126‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫المستحيؿ‪ ،‬وىذا ما أشار إليو الفقيو فويرباخ فمثال‪ :‬ال يعد شروعا في جريمة قتؿ مف يضع ممح‬
‫أو سكر في كوب المجني عميو‪ ،‬ألنيما مادتيف ال تشكالف خط ار عمى حياتو‪ ،‬كما انو فعؿ ال‬
‫‪1‬‬
‫يمكف اعتباره بدء في التنفيذ‪ ،‬كما اشترطو النموذج القانوني لمجريمة‪.‬‬
‫أو كمف يضع يده بقصد السرقة مف جيب خاؿ مف النقود‪.‬‬
‫وبالتالي فإف ىذه األفعاؿ كميا حسب المذىب المادي ىي أعماؿ تحضيرية‪ ،‬يطاليا نطاؽ‬
‫التجريـ‪ ،‬وىي تدؿ عمى انسجاـ النية‪ ،‬وىذا ال يكفي النسجاـ الشروع‪2.‬فمثال‪ :‬في جريمة السرقة‪،‬‬
‫أي في تنفيذ جريمة السرقة ال يتحقؽ إال إذا وضع الجاني يده عمى الماؿ المسروؽ‪ ،‬أما األفعاؿ‬
‫السابقة عمى ىذه المحظة فال تعتبر شروعا فيي أعماؿ تحضيرية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شرعية الجرائـ حيث تستند إلى قاعد قانونية أال وىي‪":‬ال جريمة وال عقوبة إال بنص"‪.‬‬
‫وبذلؾ لو أراد المشرع تجريـ الجريمة المستحيمة وتوقيع العقاب عمييا ألفرادىا بنص خاص‬
‫ولشمميا جنبا إلى جنب مع الشروع وىذا ما نستشفو في قانوف العقوبات األردني في المواد‬
‫‪ 70 ،67‬وقانوف العقوبات المصري في المادة ‪ 45‬حيث اكتفى بالنص عمى الشروع مف خالؿ‬
‫تعريفو وبياف صوره‪.‬‬
‫إذ مف غير الممكف العقاب عمى الشروع في الجريمة المستحيمة الوقوع أصال‪ ،‬فمو أراد المشرع‬
‫معاقبة الجرـ المستحيؿ لنص عميو صراحة كما فعؿ في نص المادة ‪ 317‬مف قانوف العقوبات‬
‫‪3‬‬
‫المصري"الممغاة" وىو الشروع‪ ،‬إسقاط جنيف في بطف امرأة حامؿ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬انتفاء الخطر أو الضرر االجت ماعي بحيث أنو ينظر إلى الخطر الذي يصيب مصالح‬
‫عمى درجة مف األىمية‪ ،‬والجريمة المستحيمة ال توفر عمى ىذا الضرر و الستحالة تنفيذ‬
‫‪4‬‬
‫الجريمة أصال‪.‬‬

‫‪ -1‬كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.264‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫‪ -3‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪ -4‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.125‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫ويعتبروف أيضا أف دفع وقوع الضرر‪ ،‬ىو اليدؼ المركزي لقانوف العقوبات‪ ،‬فالعالة الجنائية‬
‫‪1‬‬
‫لدييـ ال تتأذى إال بوقوع الضرر‪ ،‬ألف انعداـ الضرر ال يكوف ىناؾ وجو لمعقاب إطالقا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االنتقادات التي وجهت إلى المذهب المادي‬
‫رغـ امتياز ىذا المذىب بالدقة إال أنو تعرض إلى عدة انتقادات منيا‪:‬‬
‫‪ -‬أف القوؿ بعدـ العقاب مطمقا عمى جميع حاالت االستحالة‪ ،‬مف شأنو أف يؤدي إلى‬
‫‪2‬‬
‫إباحة الكثير مف السموؾ الخطيرة التي تيدد امف المجتمع‪.‬‬
‫كـ أنو يفسح المجاؿ لمجناة في ارتكاب الجرائـ‪ ،‬فميس مف المصمحة عدـ العقاب عمى لص‬
‫حاوؿ السرقة‪ ،‬إال أنو لـ يفمح في ذلؾ نظ ار ألف جيب المجني عميو كاف خاليا مف النقود‪ ،‬أو لـ‬
‫‪3‬‬
‫يستطع تحقيؽ جريمة القتؿ ألنو النار مف مسافة بعيدة لذلؾ لـ يصب المجني عميو‪.‬‬
‫فما الفرؽ أيضا بيف لص يضع يده في جيب شخص خاؿ مف النقود‪ ،‬وبيف لص صادؼ نقودا‬
‫في جيب المجني عميو‪ ،‬وخطورة السموؾ اإلجرامي‪ ،‬واحدة في كمتا الحالتيف‪ ،‬مما ال يقبؿ معو‬
‫معاقبة الثاني وترؾ األوؿ بدوف عقاب‪.‬‬
‫واالنتقاد األخر الذي وجو إليو أف التسميـ بمنطقيـ يؤدي إلى عدـ العقاب عمى كؿ جريمة‬
‫خائبة‪ ،‬ألنيا في الواقع تصبح مستحيمة في الظروؼ التي وقع فييا الفعؿ أو بالكيفية التي‬
‫‪4‬‬
‫ارتكب بيا‪.‬‬
‫وعميو نرى أنو بالرغـ مف منطؽ بعض ما نادى بو ىذا الرأي إال أف القوؿ بأف الجاني يترؾ‬
‫دوف عقاب‪ ،‬يعتبر تيديدا ألمف المجتمع واالستقرار ويفتح المجاؿ النتشار الجريمة بكؿ‬
‫أشكاليا‪ ،‬كما أف الجريمة الخائبة في أغمب صورىا ليست في الواقع إال جريمة مستحيمة في‬
‫الظروؼ التي وقعت فييا‪.‬‬

‫‪ -1‬كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫‪ -2‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -3‬محمد أحمد المشيداني‪ ،‬الوسيط في شرح قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬الوراؽ لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪ ،2003 ،‬ص ‪.345‬‬
‫‪ -4‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة)‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.345‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫المطمب الثاني‬
‫العقاب عمى الجريمة المستحيمة‬
‫ظير المذىب الشخصي كرد فعؿ عمى المذىب المادي‪ ،‬حيث ظير في نياية الربع األخير مف‬
‫القرف ‪ ،19‬ويرجع الفضؿ الكبير في وضع النظرية الشخصية إلى الفقياء االلماف خاصة‬
‫الفقيو"فوف بوري" وانتشرت بعد ذلؾ في كؿ مف إيطاليا وفرنسا ومصر‪ ،‬حيث تأثر بيا الكثير‬
‫مف فقياء القانوف ا لجنائي الفرنسي المعاصر بيف وقد نشأ ىذا المذىب بيف أحضاف المدرسة‬
‫‪1‬‬
‫الوضعية والتي كاف ليا الفضؿ االوؿ في توجيو االنظار إلى ىذا االتجاه‪.‬‬
‫ويرى ىذا االتجاه اف الشروع غير مرتبط بإمكانية التنفيذ مف عدمو‪ ،‬فالفاعؿ لديو نية إجرامية‬
‫إال أف نتيجتو لـ تحقؽ لسبب ال دخؿ ألرادتو فييا‪ ،‬ولذلؾ وجب مساءلتو في الفعؿ ألنو شرع‬
‫‪2‬‬
‫فيو‪ ،‬وعميو فكؿ محاولة مستحيمة يجب المسائمة عنيا‪.‬‬
‫وعميو سنقوـ مف خالؿ ىذا المطمب بإبراز الحجو التي يستند إليو ىذا المذىب في الفرع األوؿ‪،‬‬
‫لنعرج بعد ذلؾ إلى االنتقادات التي وجيت إليو في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األ ول‪ :‬الحجج التي استند إليها أنصار المذهب الشخصي‬
‫ومف بيف الحجو التي استند إلييا أنصار ىذا المذىب نجد توفر اإلرادة اإلجرامية و الخطر‬
‫والبدء في التنفيذ‪ ،‬وأف القانوف سوى في العقاب بيف الجريمة المستحيمة والخائبة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلرادة اإلجرامية‪ :‬ويرى أنصار المدرسة الوضعية والتي تعني بالمذىب الشخصي إلى‬
‫وجوب العقاب عمى الجريمة المستحيمة أيا كانت صورتيا‪ ،‬ذلؾ أف القانوف عندما عاقب عمى‬
‫المحاولة لـ ينظر إلى الضرر مادي الذي يصيب الفرد أو المجتمع‪ ،‬بؿ إلى النية الجرمية‬
‫لمجاني التي أظيرىا بأفعاؿ خارجية ذات صمة مباشرة بالجريمة‪ ،‬وكمما توفرت ىذه األفعاؿ وتمؾ‬
‫النية كاف صاحبيا محاوال في الجريمة وال لزوـ بعد ذلؾ لمبحث ما إذا كانت الجريمة ممكنة أو‬

‫‪ -1‬عبد اهلل محمد عبد الرحمف العصيمي‪ ،‬الجريمة المستحيمة بيف الشريعة والقانوف وصورىا التطبيقية‪ ،‬المرجع السابؽ‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.180‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫مستحيمة‪ ،‬فالعبرة مف العقاب عمى االستحالة ىي في نظرة المجرـ واعتقاده الشخصي بنجاح‬
‫‪1‬‬
‫فعمو في تحقيؽ النتيجة بصرؼ النظر إذا كاف ذلؾ ممكنا مف الناحية الواقعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬توفر الخطر‪:‬‬
‫يرى أنصار ىذا المذىب أف أساس تجريـ الشروع والعقاب عميو يرجع أساسا إلى خطورة الجاني‬
‫وارادتو اآلثمة‪ ،‬ويشترط في الشروع أف تكشؼ اإلرادة عف تمؾ اإلرادة بأفعاؿ خارجية ذات صمة‬
‫مباشرة بالجريمة‪ ،‬وبما أف الخطر طبقا ليذا المذىب ىو شخصي‪ ،‬فإف الخطورة تستمزـ العقاب‬
‫‪2‬‬
‫سواء كاف العمؿ الذي قاـ بو الفاعؿ شروعا أو جريمة مستحيمة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬البدء في التنفيذ‪:‬‬
‫بحيث أف البدء في التنفيذ في الجريمة المستحيمة متوفرة‪ ،‬وبالتالي ال ينظر إلى نتيجة فعؿ‬
‫‪3‬‬
‫الجاني ىؿ تحققت أـ ال‪.‬‬
‫بحيث أف الجاني في ىذه الجريمة استنفذ كؿ نشاطو اإلجرامي‪ ،‬إال أنو لـ يحقؽ نتيجة ألسباب‬
‫ال دخؿ إلرادتو فييا‪.4‬‬
‫رابعا‪ :‬القانون سوى في العقاب بين الجريمة المستحيمة والجريمة الخائبة‪:‬‬
‫إف عدـ تحقيؽ الجاني نتيجتو في الجريمة المستحيمة شأنيا شأف الجريمة الخائبة وذلؾ أف في‬
‫كال الجريمتيف النتيجة الجرمية ال تتحقؽ ألسباب خارجة عف إرادتو‪ ،‬ولوال ال االستحالة القائمة‬
‫‪5‬‬
‫سواء في الوسيمة أو الموضوع لتحققت النتيجة‪.‬‬
‫إذ ال فرؽ بيف الجاني الذي أطمؽ النار لكف لـ يصب المجني عميو وبيف مف يضغط عمى زناد‬
‫بندقية ليقتؿ لكف ىذه االخيرة فارغة‪ ،‬فمو ال الظروؼ الخارجية التي أحاطت بالجريمتيف لكانت‬
‫النتيجة واحدة‪ ،‬مما يستوجب العقاب عمييا‪.‬‬

‫‪ -1‬سمير عالية وىيثـ سمير عالية‪ ،‬الوسيط في شرح قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫‪ -2‬عوض محمد‪ ،‬قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬رواي لمطباعة واإلعالف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬دوف سنة‪ ،‬ودوف دار نشر‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫‪ -3‬محمد عمي السالـ عياد الحمبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪،‬‬
‫‪ -4‬سميماف عبد المنعـ‪ ،‬النظرية العامة لمعقوبات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2000 ،‬ص ‪.613‬‬
‫‪ -5‬منصور رحماني‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬نظرية الجريمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.169‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫وبالتالي فوفقا ليذا الرأي فإنو يجب المعاقبة عؿ جميع حاالت االستحالة باستثناء الحالة التي‬
‫‪1‬‬
‫تدؿ سذاجة فاعميا‪ ،‬كمف يحاوؿ القتؿ عف طريؽ السحر والشعوذة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اال نتقادات التي وجهت إلى المذهب الشخصي‬
‫عمى الرغـ مف التأييد الكبير الذي لقيو ىذا المذىب لدى فقياء القانوف إال أنو كغيره مف‬
‫المذاىب‪ ،‬فإنو لقي جممة مف االنتقادات مف بينيا‪:‬‬
‫‪ -‬أف ىذا المذىب يعاقب عمى أفعاؿ ال خطر عمى الحقوؽ والمصالح التي يحمييا‬
‫القانوف‪ ،‬فما الضرر الذي يحدثو شخص استولى عمى شيئ يممكو وقد أثبت صدقو في‬
‫‪2‬‬
‫محرر وبالتالي فالعقاب في مثؿ ىذه الحالة ىو عقاب عمى فعؿ مشروع‪.‬‬
‫‪ -‬وكذالؾ قوليـ أف العقاب عمى جريمة ما يكوف عمى مجرد النية أمر مغالي فيو ألف‬
‫‪3‬‬
‫الشروع في الجريمة يتطمب ركنا ماديا محددا‪ ،‬فالقانوف ال يعاقب عمى النوايا المجردة‪.‬‬
‫‪ -‬ويعاب كذلؾ عمى ىذا المذىب أف االعتداء بالنية يكفي لمعقاب عمى الجريمة الظنية‬
‫‪4‬‬
‫وىي التي ال تقوـ إال في تصور الجاني دوف أف يكوف ليا وجود قانوني‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلؾ إنو معيار مف حيث أنو يستند إلى صيغ عامة ينقصيا التدقيؽ ويترؾ مجاال واسعا‬
‫لمسمطة التقديرية لمقاضي مما قد يؤدي إلى تنافر الحموؿ واختالفيا‪.5‬‬
‫‪ -‬رغـ أف ىذا المذىب لقي تأيدا لدى الكثير مف الفقو والقضاء‪ ،‬إال أنو ما نالحظو أف‬
‫االعتداد بالنية دوف النظر إلى الضرر المادي الذي يصيب الفرد والمجتمع‪ ،‬مف األفعاؿ‬
‫التي يرتكبيا فيو تضيؼ لألفعاؿ التي تعد شروعا وتتعارض مع مصمحة المجتمع ألنو‬
‫يخرج مف نطاؽ العقاب‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد عمي السالـ عياد الحمبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.272‬‬
‫‪ -2‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬القسـ العاـ ط‪ ،3‬منشورات الحمبي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دوف سنة نشر‪ ،‬ص ‪.490‬‬
‫‪ -3‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة) المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.346‬‬
‫‪ -4‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ -5‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.173 :‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫المطمب الثالث‬
‫المذهب التوفيقية‬
‫بيف ىذيف الرأييف المتعارضيف أي بيف الرأي القائؿ بعدـ العقاب عمى الجريمة المستحيمة بكافة‬
‫صورىا‪ ،‬وفقا ما أممتو عميو نظرتو الموضوعية لمشروع‪ ،‬والرأي القائؿ بالعقاب عمى الجريمة‬
‫المستحيمة بكافة صورىا اتساقا مع النظرية الشخصية لمشروع‪ ،‬ظيرت مذاىب توفيقية بحيث‬
‫تضمنت‪ ،‬األوؿ قسـ االستحالة إلى استحالة مطمقة واستحالة نسبية وىذا ما سنوضحو في الفرع‬
‫األوؿ‪ ،‬والثاني قسميا إلى استحالة مادية واستحالة قانونية وىذا ما سنوضحو في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التفرقة بين االستحالة المطمقة والنسبية‬


‫نتيجة لالنتقادات التي تمقاىا المذىب المادي حاوؿ أنصاره إصالح ما وقعوا فيو مف أخطاء‬
‫فقدموا حموؿ وسط‪ ،‬فقسموا االستحالة إلى مطمقة وأخرى نسبية‪ ،‬بحيث يتـ توقيع العقاب عمى‬
‫االستحالة النسبية دوف المطمقة وأنصار ىذه الفكرة ىو الفقو ( ‪ ) metter mater‬وناصره‬
‫فقياء أخريف منيـ الفقيو الفرنسي ( ‪ )ortalan‬الذي كاف لو الفضؿ في إدخالو إلى الفقو‬
‫الفرنسي‪ ،‬كذلؾ الفقيو ( ‪ ) molinier‬وغيرىـ‪.1‬‬

‫أوال‪ :‬االستحالة المطمقة‬

‫تكوف عند استحالة تحقيؽ النتيجة الجرمية ذلؾ أف محؿ الجريمة أو طبيعة الوسيمة غير قابمة‬
‫في جميع الظروؼ إلحداثيا‪.‬‬
‫مثاؿ عمى االستحالة المطمقة مف حيث المحؿ كالذي يصوب مسدسا ويطمؽ النار عمى إنساف‬
‫ميت‪ ،‬أو يحاوؿ إجياض امرأة غير حامؿ‪ ،‬أو إذا قاـ شخص بسرقة ماؿ بتبييف أنو ممموؾ‬
‫لو‪.2‬‬

‫‪ -1‬سعيد حميد‪ ،‬جريمة الشروع أو المحاولة في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.130 :‬‬
‫‪ -2‬فخر عبد الرزاؽ الحديثي وخالد حميدي الزعبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دوف دارو سنة نشر‪ ،‬ص‪.130 :‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫أو تتعمؽ بالوسيمة المستحيمة‪ ،‬بحيث ىذه األخيرة ال تحقؽ اليدؼ الذي أراده الجاني مف فعمتو‪،‬‬
‫ومثاؿ ذلؾ الشخص الذي يحاوؿ إطالؽ النار عمى عدوه بواسطة بندقية غير صالحة‬
‫االستعماؿ أو إذا حاوؿ قتؿ شخص بوضع مادة غير سامة‪.1‬‬

‫وبالتالي فحسب ىذا الرأي أنو ال يمكف تحقؽ الشروع في االستحالة المطمقة وبالتالي فال عقاب‬
‫عمييا عمى أساس أف المجني عميو ال يتعرض لمخطر ألف الجريمة ال يمكف وقوعيا بأي حاؿ‬
‫مف األحواؿ‪ ،‬وذلؾ إما النعداـ محؿ الجريمة‪ ،‬أو لعدـ صالحية الوسيمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االستحالة النسبية‬

‫ىي حالة عارضة بحيث يكوف فييا الجاني عرضة لمخطر‪ ،‬فيي تستمزـ العقاب‪ ،‬فال يمكف‬
‫لمجاني اإلفالت منو إال إذا توفرت ظروؼ خارجية حالت دوف تحقيؽ النتيجة‪.‬‬

‫فتخمؼ األسباب الجوىرية لـ تكف سبب االستحالة وانما االستحالة ىنا ترجع إلى تخمؼ النتيجة‬
‫لظرؼ خارجي‪ ،‬وبذلؾ تعتبر األ فعاؿ التي أتاىا الجاني أنيا تيدد الحؽ المعتدى عميو وىذا ما‬
‫يتعيف توقيع العقاب عمى مرتكبيا‪ ،‬فيعتبر الفعؿ الذي قاـ بو الجاني جريمة خائبة وىي حكـ‬
‫الشروع المعاقب عميو‪.2‬‬

‫وتكوف االستحالة النسبية إما بسبب الموضوع أو ما تعمؽ بالوسيمة‪.‬‬


‫أ‪ -‬االستحالة النسبية بسبب الموضوع‪:‬‬
‫ويكوف محؿ الحؽ موجودا وقائما ولكنو في مكاف غير المكاف الذي اعتقده الجاني ومثاؿ ذلؾ‪:‬‬
‫إطالؽ الرصاص عمى المكاف الذي اعتاد المجني عميو الوجود فيو في وقت معيف وتغيبو عنو‬
‫كاف مصادفة أو كالجاني الذي يحاوؿ السرقة مف جيب خاؿ مف النقود‪.3‬‬

‫‪ -1‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة) المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.346 :‬‬
‫‪ -2‬سعيد حميد‪ ،‬جريمة الشروع أو المحاولة في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.134 :‬‬
‫‪ -3‬لحسف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬درس في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬النظرية العامة لمجريمة‪ ،‬العقوبات وتدابير األمف‪ ،‬أعماؿ‬
‫تطبيقية إرشادات عممية‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر دوف سنة النشر‪ ،‬ص‪.306 :‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫االستحالة النسبية بسبب الوسيمة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫حيث أف الوسيمة في ىذه الحالة تكوف صالحة إلحداث النتيجة وعدـ جدواىا يرجع إلى جيؿ‬
‫الجاني كيفية استعماليا ومثاؿ ذلؾ‪ :‬كمف يضع سما في طعاـ شخص آخر‪ ،‬إال أنو لـ يمت‬
‫‪1‬‬
‫لقمة كمية السـ فيي ال تكفي لموتو‪.‬‬

‫أو كمف يطمؽ قنبمة عمى جمع مف الناس دوف إزالة صماميا‪ ،‬أو كمف يطمؽ عمى آخر ببندقية‬
‫بقصد قتمو غير أف المقذوؼ ال يخرج لفساد البارود‪ ،‬أو كمف يحاوؿ قتؿ شخص بآلة معمرة‬
‫‪2‬‬
‫ولكنو أخطأ تصويب اآللة‪.‬‬

‫وقد تأثر القضاء الفرنسي بيذا التقسيـ‪ ،‬إذ قضى بتوفر الشروط في حؽ امرأة أرممة أطمقت‬
‫عيا ار ناريا مف خم ؼ النافذة بقصد قتؿ شخص يدعى " ىنري أرسا " اعتاد أف يتواجد بذلؾ‬
‫المكاف‪ ،‬ولكنو صدفة لـ يكف موجود بو‪.‬‬

‫نالحظ مف ىذا التقسيـ أف أنصار ىذا المذىب المادي نتيجة االنتقادات التي وجيت إلى‬
‫مذىبيـ‪ ،‬حاولوا التقميؿ منيا‪ ،‬فذىبوا إلى التمييز بيف االستحالة المطمقة واالستحالة النسبية‬
‫بحيث يوجبوف العقاب عمى االستحالة النسبية دوف المطمقة‪ ،‬وحججيـ في ذلؾ أف المجني عميو‬
‫ال خطورة عميو في االستحالة المطمقة بينما في االستحالة النسبية فيو معرض لمخطر‪.‬‬

‫عمى الرغـ ما اتصؼ بو ىذا المذىب مف وضوح ومنطؽ وتأييد لدى الكثير مف الفقياء‪ ،‬إال أنو‬
‫تعرض لعدة انتقادات مف عدة وجوه‪:‬‬

‫‪ -‬فيذا الرأي يعاب أنو غير منطقي‪ ،‬إذ أف االستحالة واحدة‪ ،‬فمف غير المقبوؿ القوؿ بأف ليا‬
‫تدرج أي درجات وأنواع فالجريمة إما أف تكوف ممكنة أو مستحيمة‪.‬‬

‫‪1 - andre mercier, de la tentaive et spécialement du délit impossible, histoire, legislations, jurisprudence, lausanne,‬‬
‫‪1901, p 69.‬‬
‫‪ -2‬نواؼ الشامي‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬أبحاث قانونية قضائية مف موقع‪ .www.F_law.net :‬تـ اإلطالع عميو‬
‫يوـ‪ 2018/03/10‬عمى الساعة ‪.10:18‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫فإذا كانت مستحيمة‪ ،‬فميس ىناؾ وجو لمتفرقة بيف استحالة مطمقة وأخرى نسبية‪ ،‬واالستحالة متى‬
‫قامت‪ ،‬وطبيعتيا في النياية واحدة‪.1‬‬
‫‪ -‬كما انتقدت أيضا أنو عندما يأتي الجاني بأفعاؿ تنطوي عمى خطورة إجرامية‪ ،‬فيو يستحؽ‬
‫العقاب بجميع الصور حتى لو تبيف مف ظروؼ إتياف النشاط أنو يستحيؿ تماـ الجريمة‬
‫استحالة مطمقة وكاف مرد ىذه االستحالة يرجع ألصبحت ىذه الوسيمة صالحة لتحقيؽ‬
‫الغرض‪.2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التفرقة بين االستحالة القانونية واالستحالة المادية‪:‬‬

‫ذىب األستاذ الفرنسي جارو ( ‪ ) Garraud‬إلى القوؿ أنو لتوقيع العقاب البد مف قياـ الجريمة‬
‫قانونيا لذا قسـ االستحالة إلى قانونية ومادية‪.3‬‬

‫أوال‪ :‬االستحالة القانونية‪:‬‬

‫يقصد بيا انتفاء أو تخمؼ عنصر مف عناصر القانونية لمجريمة‪ ،‬بحيث ال يمكف أف توصؼ‬
‫النتيجة التي يسعى الجاني إلى تحقيقيا بأنيا نتيجة إجرامية‪ ،‬فيو يسعى إلى تحقيؽ وضع ال‬
‫يجرمو القانوف ومف ثـ ال عقاب عميو‪ .4‬ومثال ال يتصور الشروع في السرقة عمى ماؿ ممموؾ‬
‫لشخص قاـ باستيالئو ظنا منو أنو ممؾ لغيره‪ ،‬بقصد سرقتو فيذه الواقعة تفتقد لركف أساسي في‬
‫جريمة السرقة كوف الماؿ المستولى عميو ممموكا لمغير وكذلؾ في جريمة القتؿ إذا وقع االعتداء‬
‫عمى شخص ميت فميس ىناؾ جريمة لتخمؼ عنصر الحياة وفي جريمة اإلجياض إذ كانت‬
‫محاولة إجياض امرأة ىي في األصؿ غير حامؿ‪.‬‬
‫وبالتالي نالحظ مف خالؿ ىذه األمثمة أف ىناؾ رأي يدعو إلى عدـ العقاب عمى االستحالة‬
‫القانونية وذلؾ النعداـ موضوع الجريمة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬الشروع في الجريمة في ضوء القضاء والفقو‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.68 :‬‬
‫‪ -2‬آماؿ عبد الرحيـ عثماف‪" ،‬النموذج القانوني لمجريمة"‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.95 ،94 :‬‬
‫‪ -3‬محمد عبد اهلل السيسي‪ ،‬الشروع في الجريمة‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة العربية لمطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪ ،2004 ،‬ص‪.114 :‬‬
‫‪ -4‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.114 :‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫ثانيا‪ :‬االستحالة المادية‪:‬‬


‫ىي التي ال يستطيع فييا الفاعؿ تحقيؽ النتيجة لظرؼ مادي عرضي مستقؿ عف إرادتو كعدـ‬
‫إصابة اليدؼ وعدـ صالحية الوسيمة إلحداث النتيجة ومثاؿ ذلؾ‪ :‬الشخص يحاوؿ السرقة مف‬
‫جيب خاؿ مف النقود‪.1‬‬
‫ومف األمثمة أيضا التي تدعـ ىذا الموقؼ‪ ،‬كمف يحاوؿ ارتكاب جريمة باستخداـ بندقية غير‬
‫صالحة‪ ،‬بحيث أف الجريمة ممكنة القياـ قانونيا‪ ،‬وىذا ما يستوجب العقاب عمى ىذا الشروع‪.‬‬

‫ومث اؿ آخر قياـ الجاني بإعطاء سـ لممجني عميو إال أنو لـ يمت نتيجة ضآلة كمية السـ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة ىنا أف جميع حاالت االستحالة النسبية تعتبر مف االستحالة المادية‪ ،‬والتي‬
‫يعاقب عمييا نظ ار أف الشروع قائـ‪.‬‬

‫‪ -‬بالرغـ مف امتياز ىذا الرأي بالوجاىة إال أنو انتقد فيما ذىب إليو وذلؾ عمى أساس أنو‬
‫اعتمد عمى القصد الجاني دوف أي اعتبار لمركف المادي المتمثؿ في الفعؿ الجرمي ومدى‬
‫كفاءتو إلحداث النتيجة الجريمة‪.2‬‬
‫‪ -‬ضؼ إلى ذلؾ فإف أنصار ىذه النظرية لـ يضعوا معيا ار وضحا ومحددا لتحديد أحواؿ‬
‫االستحالة المادية التي يعاقب عمييا تحت وصؼ الشروع‪ ،‬وقد تكوف الوسيمة غير صالحة‬
‫كمية إلحداث النتيجة وبالتالي ال تعتبر الواقعة مف قبيؿ الشروع المعاقب عميو‪.3‬‬
‫‪ -‬كما أف األخذ بيذا الرأي ىو حصر الشروع في االستحالة المادية فقط‪ ،‬واستبعاد الشروع‬
‫عندما يتعمؽ األمر باالستحالة القانونية‪.4‬‬

‫‪ -1‬محمد عمي السالـ عياد الحمبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.268 :‬‬
‫‪ -2‬محمد عبد اهلل السيسي‪ ،‬الشروع في الجريمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.115 :‬‬
‫‪ -3‬آماؿ عبد الرحيـ عثماف‪" ،‬النموذج القانوني لمجريمة"‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.96.97 :‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.182 :‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫كما أف األخذ بيذا المعيار يؤدي إلى إفالت كثير مف المجرميف مف العقاب‪ ،‬خاصة إذا كانت‬
‫االستحالة راجعة إلى وجود محؿ الجريمة في غير المكاف الذي قدره الجاني وذلؾ النتفاء ركف‬
‫مف أركاف الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬ويعاب عمى ىذا الرأي أيضا أنو ال يقوـ عمى أساس سميـ ذلؾ أف االستحالة المطمقة تقابميا‬
‫االستحالة القانونية وكؿ منيا ال تعتبر شروعا‪.1‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الوضعية القانونية لمجريمة المستحيمة‬
‫بعدما تطرقنا في المبحث األوؿ لدراسة مواقؼ مختمؼ المذاىب مف العقاب عمى الجريمة‬
‫المستحيمة والجدؿ الحاصؿ بينيما بخصوص موضوع االستحالة الذي أرجعوه إما متعمؽ‬
‫بالوسيمة أو بالموضوع ثـ ثـ نموج إلى المبحث الثاني لنستشؼ موقؼ القضاء في المطمب‬
‫الثاني‪.‬‬

‫المطمب األول‬
‫موقف مختمف التشريعات من الجريمة المستحيمة‬
‫إ ختمفت التشريعات في مواقفيا إزاء الجريمة المستحيمة فبعضيا لـ تنص عمييا‪ ،‬بينما اتجيت‬
‫تشريعات أخرى إلى حسـ مشكمة الجريمة المستحيمة بالنص عمييا واف اختمفت في أسموب‬
‫المعالجة‪.‬‬
‫وعميو سوؼ نتناوؿ في الفرع األوؿ موقؼ المشرع المبناني واألردني مف الجريمة المستحيمة‪،‬‬
‫لنعرج بعد ذلؾ إلى موقؼ المشرع الفرنسي والجزائري في الفرع الثاني‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد حميد‪ ،‬جريمة الشروع أو المحاولة في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.139 ،138 :‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫الفرع األول‪ :‬موقف المشرع المبناني واألردني‬


‫سوؼ نتناوؿ ضمف ىذا الفرع موقؼ المشرع المبناني واألردني عف الجريمة المستحيمة‪ ،‬وىذا ما‬
‫سوؼ نوضحو أكثر بدراسة كؿ واحد عمى حدى‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف المشرع المبناني‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 203‬ؽ‪.‬ع المبناني أنو " يعاقب عمى المحاولة‪ ،‬واف لـ يكف في اإلمكاف بموغ‬
‫اليدؼ بسبب ظرؼ مادي يجيمو الفاعؿ‪ ،‬عمى أف الفاعؿ ال يعاقب في ىذه الحالة‪ ،‬إذا أتى‬
‫فعمو عف غير فيـ‪ ،‬وكذلؾ ال يعاقب مف ارتكاب فعمو‪ ،‬وضف خطأ أنو يكوف جريمة‪.‬‬

‫حيث يتبيف مف خالؿ نص المادة أف المشرع المبناني قد انحاز إلى النظرية الشخصية‪ ،‬فقرر‬
‫العقاب عمى المحاولة وذلؾ بالنظرة الشخصية لمفاعؿ‪ ،1‬والى صالحية السموؾ لتحقيؽ النتيجة‪،‬‬
‫بغض النظر عف نجاح ذلؾ ماديا أو قانونيا‪ ،‬ومف مبررات ميوؿ المشرع المبناني أيضا إلى‬
‫النظرية الشخصية أنو استبعد أعماؿ السحر والشعوذة أي األفعاؿ الساذجة مف نطاؽ االستحالة‬
‫المادية كذلؾ النعداـ الخطورة وداللة قصور الفيـ وانعداـ القصد الجرمي‪ ،‬ولقد استبعد كذلؾ‬
‫الجريمة الوىمية أو الظنية مف نطاؽ التجريـ والعقاب‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف المشرع األردني‬


‫لقد حذا قانوف العقوبات األردني حذو أغمب التشريعات الجناية وذلؾ بعدـ النص عمى الجريمة‬
‫المستحيمة‪ ،‬ونجد ذلؾ مف خالؿ قانوف العقوبات األردني رقـ ‪ 16‬والصادر سنة ‪ .1960‬ولقد‬
‫اكتفى بالنص عمى الشروع المعاقب عميو في القانوف في صورتو التامة والناقص وفي كمتا‬
‫الحالتيف ال تتحقؽ النتيجة ألسباب ال دخؿ إلرادة الجاني فييا وذلؾ وفقا لممادتيف ‪ 70 ،68‬مف‬
‫قانوف العقوبات األردني‪.3‬‬

‫‪ -1‬سمير عالية‪،‬سمير عالية وىيثـ سمير عالية‪ ،‬الوسيط في شرح قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.286 ،285 ،210‬‬
‫‪ -3‬فخر عبد الرزاؽ الحديثي وخالد حميدي الزعبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.159‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫ومف مؤيدي ىذه النصوص توافر أمريف متالزميف وىما‪ :‬سموؾ مادي صالح بطبيعتو إلحداث‬
‫النتيجة الجرمية‪ ،‬ووجود حؽ يحميو القانوف وميدد بخطر‪ ،‬وىذاف األمراف يشكالف في نفس‬
‫الوقت العنصراف الالزميف توفرىما لقياـ الخطر ومثاؿ عف األمر األوؿ‪ ،‬الذي يمقي قنبمة دوف‬
‫أف ينزع مسمار األماف فال تنفجر‪ ،‬فينا النتيجة الجرمية لـ تتحقؽ لسبب ط أر بعد سموؾ الفاعؿ‪،‬‬
‫وىو عدـ انفجار القنبمة بسبب أف الجاني يجيؿ طريقة استعماليا‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألمر الثاني فمثالو أف يطمؽ شخص نار عمى جثة ىامدة اعتقادا منو أنو إنساف‬
‫حي وىنا ال يعد شارعا في جريمة قتؿ النتفاء خطر الوفاء‪ ،‬ذلؾ أف أساس التجريـ في الشروع‬
‫ىو الخطر والخطر المعتبر حسب ىذا الرأي ىو الخطر الحقيقي ال الوىمي وبالمثاؿ أيضا يقاؿ‬
‫عف محاولة إجياض امرأة غير حامؿ‪ ،‬ولذلؾ وبما أف الخطر غير موجود لعدـ وجود حؽ‬
‫يحميو القانوف فإنو ال تقوـ الجريمة فييا‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف المشرع الفرنسي والجزائري‬


‫سوؼ نخصص ىذا الفرع لدراسة موقؼ كؿ مف المشرع الفرنسي والجزائري‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف المشرع الفرنسي‬


‫مف خالؿ قانوف العقوبات الفرنسي الجديد الصادر في ‪ 1‬مارس ‪ 1994‬نالحظ أف المشرع‬
‫الفرنسي أغفؿ النص عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬حيث اكتفى بتعريؼ الشروع في الجريمة فقط‬
‫وذلؾ مف خالؿ نص المادتيف ‪ 51-121‬فيو بذلؾ كالمشرع األردني بحيث نقؿ ىو اآلخر‬
‫عبئ ىذه المشكمة إلى القضاء‪.2‬‬
‫ويرى " فيداؿ " وبعض شراح أف نص القانوف الفرنسي ال يساعد عمى تقسيـ الجريمة إلى‬
‫المستحيمة وغير المستحيمة ألنو جاء في الشروع أف تكوف الجريمة خابت لظروؼ خارجة عف‬
‫إرادة الفاعؿ‪ .‬أما التقسيـ إلى استحالة مطمقة واستحالة نسبية فيو استبدادي ومف أوضاع الشراح‬

‫‪ -1‬كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.271-270 :‬‬
‫‪ -2‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.231 :‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫فيو غير مؤسس عمى حقيقة ثابتة وعرضة لمنقد والتأويؿ‪ ،‬وفي الواقع ال يوجد ما يسمونو‬
‫باالستحالة النسبية ألف إذا نظرنا في الظروؼ التي تحيط باألفعاؿ التي يستمزميا التنفيذ‪ ،‬يمكف‬
‫أف يقاؿ أف ىناؾ استحالة مطمقة دوف النتيجة المبتغاة‪ ،‬ميما كانت صفتيا ما ىي إال مف‬
‫األسباب الخارجة عف إرادة الفاعؿ‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف المشرع الجزائري‬
‫تنص المادة ‪ 30‬مف ؽ ع عمى أنو‪ (( :‬كؿ المحاوالت الرتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ‬
‫أو بأفعاؿ ال لبس فييا تؤدي مباشرة إلى ارتكابيا تعتبر كالجناية نفسيا إذا لـ توفؽ أو لـ يخب‬
‫أثرىا إال نتيجة لظروؼ مستقمة عف إرادة مرتكبيا حتى ولو لـ يمكف بموغ اليدؼ المقصود‬
‫بسبب ظرؼ مادي يجيمو مرتكبيا ))‪.2‬‬
‫فالعبارة األخيرة مف ىذه المادة تعني توافر الشروع المعاقب عميو في الحاالت التي ال يتحقؽ‬
‫فييا اليدؼ المقصود‪ ،‬نظ ار لوجود ظروؼ مادية يجيميا الجاني كما نصت المادة ‪ 260‬ؽ ع‬
‫الجزائري عمى أف " التسميـ ىو االعتداء عمى حياة إنساف بتأثير مواد يمكف أف تؤدي إلى الوفاة‬
‫عاجال أو آجال أيا كاف استعماؿ أو إعطاء ىذه المواد‪ ،‬وميا كانت النتيجة التي تؤدي إلييا "‪.‬‬
‫ونالحظ مف خالؿ نص المادة ‪ 30‬أف المشرع الجزائري أخذ برأي الفقو التصالحي‪ ،‬الذي يميز‬
‫بيف اال ستحالة المادية ومردىا إلى الوسيمة المستعممة‪ ،‬أو مكاف الشيء‪ ،‬واالستحالة القانونية‬
‫التي تتحقؽ إذا انعدـ في جريمة القتؿ وركف الشيء الممموؾ لمغير في جريمة السرقة‪ .3‬إال أف‬
‫ىناؾ رأي فقيي يرى أف المشرع الجزائري قد مزج بيف االستحالة المطمقة والنسبية مف جية‬
‫وبيف االستحالة المادية والقانونية مف جية أخرى‪ ،‬والدليؿ عمى ذلؾ نجده في المادة ‪ 260‬ؽ ع‪،‬‬
‫بحيث ال شروع في جناية التسميـ إذا كانت المادة المستعممة ال تؤدي إلى الوفاة‪ ،‬وىنا المشرع‬

‫‪ -1‬نواؼ الشامي‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬أبحاث قانونية وشؤوف قضائية‪ ،‬المرجع السابؽ‪.‬‬
‫‪ -2‬أمر رقـ ‪ 159-66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬متضمف قانوف العقوبات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد ‪ 39‬الصادر بتاريخ ‪30‬‬
‫سبتمبر ‪.1975‬‬
‫‪ -3‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.99 :‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫أخذ بعدـ العقاب عمى االستحالة المطمقة التي مردىا إلى الوسيمة عمى عكس ما جاءت بو‬
‫المادة ‪ 30‬ؽ ع ج‪.1‬‬
‫المطمب الثاني‬
‫موقف القضاء من الجريمة المستحيمة‬
‫اختمفت مواقؼ القضاء حوؿ العقاب عمى الجريمة المستحيمة فيناؾ مف ذىب إلى وجوب‬
‫المعاقبة‪ ،‬وىناؾ مف نادى بعدـ العقاب عمييا وىذا ما سوؼ نوضحو مف خالؿ ىذا المطمب في‬
‫ثالثة فروع‪ :‬الفرع األوؿ موقؼ القضاء المصري‪ ،‬الفرع الثاني موقؼ القضاء الفرنسي لنعرج في‬
‫الفرع الثالث إلى موقؼ القضاء األردني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬موقف القضاء المصري‬


‫باالطالع عمى أحكاـ القضاء المصري نجد أنو يسوده التردد حوؿ األخذ بمذىب التفرقة بيف‬
‫االستحالة المطمقة والنسبية وبيف اعتناؽ المذىب الشخصي‪.‬‬
‫وفي ضوء اعتناقيا المذىب الشخصي‪ ،‬نجد أف محكمة النقض‪ ،‬أخذت في أحكاـ قميمة بنظرية‬
‫العقاب عمى الجريمة المستحيمة بصفة مطمقة‪ .2‬فقضت بأف متى كانت المادة المستعممة‬
‫لمتسميـ صالحة بطبيعتيا إلحداث النتيجة المبتغاة فال محؿ لألخذ بنظرية الجريمة المستحيمة‪،‬‬
‫ألف مقتضى القوؿ بيذه النظرية أال يكوف في اإلمكاف تحقؽ الجريمة المطمقة النعداـ الغاية‬
‫التي ارتكبت مف أجميا الجريمة أو النعداـ صالحية الوسيمة التي استخدمت الرتكابيا‪ ،‬إما كوف‬
‫ىذه المادة ( ىي مادة سمفات النحاس ) ال تحدث تسمـ إال إذا أخذت بكمية كبيرة وكونيا ندير‬
‫استعماليا ف ي حاالت التسمـ الجنائي لخواصيا الظاىرة فيذا كمو ال يفيد استحالة تحقؽ الجريمة‬
‫بواسطة تمؾ المادة‪ ،‬وانما ىي ظروؼ خارجية عف إرادة الفاعؿ‪ .‬فمف يضع مثؿ ىذه المادة في‬
‫شراب ويقدمو آلخر يعتبر فعمو‪ -‬إذا ثبت اقترافو بنية القتؿ – طراز الجريمة الخائبة ال الجريمة‬

‫‪ -1‬عبد الرحمف خمفي‪ ،‬محاضرات في القانوف الجنائي العاـ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬طبعة جديدة‪ ،‬دار اليدى لمطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2013 ،‬ص‪.129 ،128 :‬‬
‫‪ -2‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة) المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.380 :‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫المستح يمة ألف صالحية إحداث الجريمة المبتغاة قد خاب أثره ألسباب ال دخؿ إلرادة الفاعؿ‬
‫فييا كما تقوؿ المادة ‪ 45‬ؽ ع‪ .‬فإذا لـ يثبت أف الفاعؿ كاف ينوي القتؿ ولكنو أعطى ىذه‬
‫المادة عمدا مادة ضارة منطبقة عمى المادة ‪ 227‬ؽ ع فإذا لـ يثبت ال ىذا وال ذاؾ انعدمت في‬
‫ىذا الفعؿ الجريمة بكافة صورىا‪.1‬‬
‫وقضت أيضا محكمة النقض بأف المتيـ إذا تعمد قتؿ المجني عميو مستعمال بذلؾ بندقية معتقدا‬
‫صالحيتيا إلخراج المقذوؼ‪ ،‬فإذا بيا في غفمة منو غير صالحة إلخراج المقذوفة‪ ،‬فإف الحادثة‬
‫تعتبر شروعا في قتؿ خاب أثره ألسباب خارجة عف إرادة الفاعؿ‪ ،‬فيو إذف شروعا معاقب عميو‬
‫قانونيا‪ .‬أما القوؿ ىناؾ استحالة في تنفيذ الجريمة لعدـ صالحية اآللة‪ ،‬وأف وجود ىذه‬
‫االستحالة معو القوؿ بالشروع‪ ،‬وبالتالي ال تأخذ المحكمة بصدد ىذه الدعوة بنظرية االستحالة إذ‬
‫عبارة المادة ( ‪ )45‬عقوبات عامة تشمميا‪.2‬‬
‫ولكف محكمة النقض لـ تستمر عمى اعتناؽ ىذا المذىب بؿ اتجيت في العديد مف أحكاميا إلى‬
‫تبني مذىب التفرقة بيف االستحالة المطمقة والنسبية‪ ،‬حيث تقضي أنو ال عقاب عمى الجاني‬
‫الذي ارتكب جريمة مستحيمة استحالة مطمقة‪ ،‬أما إذا كانت االستحالة نسبية فإنيا توجد جريمة‬
‫ومثاؿ ذلؾ إذا وضع شخص يده في جيب شخص آخر بقصد السرقة ولـ يجد فيو شيئا فيعد‬
‫مرتكبا لجريمة الشروع في السرقة‪ ،‬أف وضع المتيـ في الماء الذي شرب منو المجني عميو مادة‬
‫سامة بطبيعتيا مف شأنيا أف تحدث الوفاة إذا أخذت بكمية كبيرة (وىي مادة فوفسات النحاس)‬
‫ولـ يمت المجني عميو‪ ،‬فيذا الفعؿ يعتبر شروع بقتؿ إذا اقترف بنية القتؿ المتعمد‪ ،‬وأف إطالؽ‬
‫مقذوفات نارية مف مسافة بعيدة لمحد الذي أدى إلى أنيا لـ تحدث إصابة قاتمة لممجني عميو ال‬
‫يفيد أف الجريمة مستحيمة‪ ،‬بؿ ىو يفيد أنيا شروع في قتؿ خاب بسبب خارج عف إرادة الجاني‪،‬‬

‫‪ -1‬معوض عبد التواب‪ ،‬الموسوعة الشاممة في قانوف العقوبات‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬مكتبة عمـ الفكر والقانوف لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫طنطا‪ ،2002 ،‬ص‪.344 ،343 :‬‬
‫‪ -2‬فتح اهلل محمد ىالؿ‪ ،‬الشروع في الجريمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.66 :‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫ألنو لو لـ يخطأ في تقدير المسافة لما كاف ىناؾ ما يحوؿ دوف وقوع جريمة القتؿ التي‬
‫قصدىا‪.1‬‬
‫ونالحظ أف أحكاـ محكمة النقض تتأرجح بيف األخذ بالمذىب الشخصي وبيف التمييز بيف‬
‫االستحالة المطمقة والنسبية‪ ،‬وكما سبؽ دراستنا لممذىب الشخصي فرأينا أنو يأخذ بالنية‬
‫اإلجرامية إذ يرتكز كثي ار عمى كؿ صور االستحالة المطمقة والنسبية ويخالؼ المنطؽ إذ‬
‫االستحالة واحدة ال تقبؿ التدرج‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القضاء الفرنسي‬
‫إف المشرع الفرنسي لـ يتطرؽ لمجريمةالمستحيمة منذ القدـ ولـ يتخذ موقفا معينا‪ ،‬وانيما كانت‬
‫اتجاىاتو متباينة‪ ،‬فقد أخذ في البادئ األمر منذ نياية القرف التاسع عشر‪ ،‬المذىب المادي‪،‬‬
‫ويتجسد ذلؾ فيما قضت بو محكمة " ‪ " Montpellier‬الفرنسية في حكميا الصادر سنة ‪1858‬‬
‫ـ بأف إطالؽ الجاني النار عمى غرفة عدو لو وبنتو في الغرفة المعتادة ليما معتقدا أنيما‬
‫يقطناف بيا‪ ،‬ولكف لحظة إطالؽ النار لـ يكونا فييا‪ ،‬وعند عرض المتيـ أماـ محكمة "‬
‫‪ ،" Montpellier‬فقررت أف البدء في التنفيذ شرط أساسي لقياـ الشروع وبالتالي ال يعد ذلؾ‬
‫الفعؿ شروعا في قتؿ النعداـ موضوع الجريمة واستحالة تنفيذىا استحالة مطمقة‪.2‬‬
‫وفي ذات المعنى أصدرت المحكمة " ‪ " Chambery‬حكما ببراءة المتيمة ( األرممة ‪ ) G‬التي‬
‫قامت بإطالؽ عيار نار مف خارج نافذة غرفة السيد " ىنري أورس " في الساعة التي كاف‬
‫متعودا أف يكوف نائما فييا‪ ،‬فاخترقت الرصاص الزجاج فاستقرت عمى فراش المجني عميو‪،‬‬
‫ولكنو صدفتا لـ يكف في السرير إذ لو ال ىذه الصدفة ال أصيب مف الطمقة التي أطمقتيا‬
‫األرممة‪.3‬‬

‫‪ -1‬عمي عبد القادر القيوجي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات(النظرية العامة لمجريمة) المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.349 :‬‬
‫‪ -2‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.247 :‬‬
‫‪3- Andre mercier, de la tentaive et spécialement du délit impossible, op, - cit, p : 68.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫كما قضت بأف ال عقاب عمى الشروع في جريمة القتؿ بالسـ‪ ،‬إذا كانت المادة المستعممة بقصد‬
‫القتؿ غير سامة بطبيعتيا‪.1‬‬
‫كما قضت محكمة " ‪ " Cassation‬ببراءة شخص حقف مادة مجيضة المرأة غير حامؿ‪.2‬‬
‫وكما قضت محكمة استئناؼ باريس ببراءة المتيـ الذي يضع يده في جيب المجني عميو بقصد‬
‫سرقتو إال أنو لـ يجد ما يسرقو‪.3‬‬
‫ولكف محكمة النقض لـ تستقر عمى ىذا الرأي بؿ عدلت مف ذلؾ وتبنى قضاؤىا مذىب التمييز‬
‫بيف االستحالة المطمقة واالستحالة النسبية حيث قضت بأنو يعتبر شارعا في السرقة الذي اقتحـ‬
‫كنيسة‪ ،‬محاوال سرقة صندوؽ التبرعات‪ ،‬والذي كاف في تمؾ األثناء خاليا بشكؿ مؤقت‪ ،‬وعدـ‬
‫إتماـ النتيجة كاف ألسباب خارج إرادتو‪.‬‬
‫كما قضت أيضا بعقاب الشخص الذي يطمؽ النار مف نافذة عمى السرير الذي اعتاد المجني‬
‫عميو أف يناـ حتى واف لـ يكف المجني عميو في الغرفة يشكؿ مؤقت‪ ،‬فيذه الحالة ال تعد‬
‫االستحالة مطمقة‪ ،‬فيي استحالة نسبية ال تحوؿ دوف اعتبار الواقعة شروعا في قتؿ قصد وىو‬
‫القرار الذي أصدرتو المحكمة العميا ضد محكمة " ‪ " Chambery‬وذلؾ في تاريخ ‪ 12‬أفريؿ‬
‫‪.41877‬‬
‫ثـ تبنت فيما بعد محكمة النقض الفرنسية المذىب الشخصي بصورة واضحة في أحكاميا‬
‫الحديثة‪ ،‬ويظير ىذا في قضية تتعمؽ بشخصيف قاما بضرب المجني عميو بصورة وحشية‬
‫بقصد قتمو‪ ،‬إال أنو ثبت أنو قد فارؽ الحياة قبؿ ىذا االعتداء دوف أف يعمما بموتو‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد حميد‪ ،‬جريمة الشروع أو المحاولة في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.143 :‬‬
‫‪2- Bernard bouloc, Droit pénal général, 19eme ed, son maison déd, pari, 2005, p : 227.‬‬
‫‪3- Idem, p : 70.‬‬
‫‪4- Andre mercier, de la tentaive et spécialement du délit impossible, op, cit, p: 69.‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫وقد اعتبرت المحكمة أف ما صدر عف المتيميف يمثؿ بدءا في تنفيذ جناية القتؿ المقصود‪ ،‬مع‬
‫توفر قصد ارتكابيا لدييما‪ ،‬واضافة أنو إذا كاف البادئ في التنفيذ لـ يحقؽ الغرض منو‪ ،‬لسبؽ‬
‫حصوؿ الوفاة‪ ،‬فذلؾ يرجع إلى أسباب مستقمة عف إرادة الفاعؿ‪.1‬‬
‫وبيذا نالحظ أف محكمة النقض الفرنسية سارت بإتباع المذىب المادي في أحكاميا القديمة‪ ،‬ثـ‬
‫أقرت بعقاب الشروع في الجريمة المستحيمة استحالة نسبية بأحكاـ عديدة لتتجو أخي ار إلى األخذ‬
‫بالمذىب الشخصي في أحكاميا‪ ،‬وىذا ما أشار إليو أيضا العالمة " جرسوف "‪.‬‬
‫وبعد اطالعنا عمى موقؼ القضاء الفرنسي وباستطالعنا عمى نص المواد ‪ 396‬و‪ 397‬ؽ ع‬
‫نالحظ ما يمي‪:‬‬
‫أف المادة ‪ 396‬ؽ ع ؼ توضح لنا اختالؼ القانوف الفرنسي عمى القانوف السويسري فحسب‬
‫المادة ‪ 23‬مف القانوف السويسري فإف لمقاضي تخفيض العقوبات ضد مف حاوؿ ارتكاب جناية‬
‫وكانت األعماؿ التحضيرية مستحيمة منذ البداية‪ ،‬بينما القانوف الفرنسي مف خالؿ االجتياد‬
‫القضائي فإف الجريمة معاقب عمييا سواء حققت النتيجة أـ لـ تحقؽ نتيجة وأف عدـ العقاب‬
‫حاالت خاصة فقط في أساسيات معاقبة الجريمة ويمكف شرحيا بمفيومات خارجية‪.‬‬
‫أما نص المادة ‪ 397‬ؽ ع ؼ فيي تبيف لنا أف اجتياد القضاء الفرنسي حاوؿ جاىدا محاولة‬
‫العقاب عمى الجريمة المستحيمة وىو اجتياد جديد وذلؾ بمروره بثالث مراحؿ‪:‬‬
‫المرحمة األولى‪ :‬أيدت بعض الق اررات بعدـ العقاب عمى الجريمة المستحيمة لوجود استحالة‬
‫مادية مثؿ محاولة إجياض امرأة غير حامؿ‪.‬‬
‫المرحمة الثانية‪ :‬نجد محكمة " ‪ " Cassation‬التي تعاقب عمى الجريمة المستحيمة عمى أساس‬
‫التفرقة بيف االستحالة المطمقة والنسبية بحيث أخذت باالستحالة النسبية دوف المطمقة‪.‬‬
‫المرحمة األخيرة‪ :‬نجد أف المحكمة العميا أقرت المعاقبة بصفة عامة سواء كانت الجريمة‬
‫المستحيمة أـ ال فمثال شخص أراد سرقة سيارة كانت خالية في الداخؿ فينا رغـ أف السارؽ لـ‬

‫‪ -1‬سمير عالية وىيثـ سمير عالية‪ ،‬الوسيط في شرح قانوف العقوبات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.287 :‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫يسرؽ شيئا مف السيارة فإنو يعاقب عمى ذلؾ ألف السرقة جنحة يعاقب عمييا ؽ ع‪ ،‬وكذلؾ‬
‫محاولة إجياض امرأة غير حامؿ يعاقب عمييا ألنو ينظر إلى فعؿ اإلجياض‪ ،‬فاإلجياض‬
‫جريمة يعاقب عمييا‪.1‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬القضاء األردني‬
‫مف خالؿ ق اررات محكمة التمييز األردنية‪ ،‬فإف قضاء األردني لـ يتخذ موقفا واضحا مف‬
‫الجريمة المستحيمة‪ ،‬وما إذا كانت تخضع لمعقاب في كؿ صورىا أـ بعضو فقط‪ .‬والسبب في‬
‫ذلؾ يعود إلى ندرة قضايا التي عرضت عمييا بشأف االستحالة‪.2‬‬
‫فمقد ذىب جانب مف الفقو مف خالؿ المادتيف (‪ )70( ،)68‬إلى التفرقة بيف االستحالة المطمقة‬
‫والنسبية‪ ،‬بحيث ال يعاقب عمى االستحالة المطمقة‪ ،‬في حيف يتعيف العقاب عمى االستحالة‬
‫النسبية والتي تمحؽ بالمشروع التاـ‪ ،‬أما الجانب اآلخر فقد ذىب إلى التفرقة بيف االستحالة‬
‫المادية والقانونية‪ ،‬ألف مجمؿ النصوص تفترض أف ابتداء الشروع في الجريمة‪ ،‬يجب أف تتوفر‬
‫جميع أركانيا‪ ،‬باستثناء ركف النتيجة الجرمية‪ ،‬فأساس الشروع ىو تخمؼ النتيجة الجرمية سواء‬
‫كانت الوقوع أو مستحيمة الوقوع‪ ،‬أما إذا كاف وجو االستحالة يعود إلى انتفاء ركف الجريمة‬
‫أصال‪ ،‬كما لو سرؽ شخص ماال ممموكا لو ظنا منو أف ممكيتو تعود لمغير‪ ،‬فالجريمة ىنا ال‬
‫محؿ لقياميا قانونيا‪ ،‬لعدـ وجود ركف مف أركاف السرقة‪.‬‬
‫فمقد عرؼ المشرع األردني الشروع في الجريمة بأنو‪ " :‬البدء في تنفيذ فعؿ مف األفعاؿ الظاىرة‬
‫المؤدية إلى ارتكاب جناية أو جنحة‪ ،‬فيذا النص يفترض لمبدء في التنفيذ أف يكوف ىناؾ محال‬
‫معتدى عميو صالح لتحقيؽ النتيجة الجرمية‪ ،‬كأف يكوف المعتدى عميو حيا‪ ،‬وبمفيوـ المخالفة إذ‬
‫لـ يتوفر عنصر المحؿ موضوع الحماية القانونية‪ ،‬فينا تكوف االستحالة التي حالت دوف تحقيؽ‬
‫النتيجة استحالة مادية‪ ،‬فينا يوقع العقاب عمى الفاعؿ‪ ،‬ميما كانت العوائؽ سواء كانت مطمقة‬
‫أو نسبية‪ ،‬ألف تخمؼ النتيجة يعود لعوامؿ مادية عارضة وليس لعناصر قانونية‪.3‬‬

‫‪1- Jean pradel, droit pénal général, 9eme éd, son maison d’éd, pari, 1994, p : 425.‬‬
‫‪ -2‬كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانوف العقوبات‪ ،‬المريع السابؽ‪ ،‬ص‪.273 :‬‬
‫‪ -3‬نظاـ توفيؽ المجالي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.285 :‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني العقاب على الجريمة المستحيلة‬

‫فقد قضت محكمة التمييز األردنية مف خالؿ نص المادة (‪ )70‬مف قانوف العقوبات‪ " :‬تقوـ‬
‫الجريمة المستحيمة في الحاالت التي يستحيؿ فييا تحقيؽ النتيجة الجرمية‪ ،‬إما لعدـ وجود ماؿ‬
‫في المحؿ الذي اقتحمو المتيموف‪ ،‬إذ أف فعميـ يشكؿ الشروع في جريمة السرقة ‪." ...‬‬
‫وبذلؾ فإنو مف خالؿ حكـ محكمة التمييز األردنية نجد أنو قد أخذ بمذىب التفرقة بيف‬
‫االستحالة القانونية واالستحالة المادية إذ ىو األولى بالترجيح في مواجية الفروض التي تمنح‬
‫فييا توقيع العقاب عند قياـ االستحالة المطمقة‪ ،‬ألف ىذه األخيرة وفؽ مذىب التمييز بيف‬
‫االستحالة القانونية واالستحالة المادية‪ ،‬تدرج ضمف أحواؿ االستحالة المادية التي تستحؽ‬
‫العقاب‪ ،‬سوا ء كانت استحالة مطمقة أـ استحالة نسبية‪ ،‬وذلؾ االتساؽ بيف مشكمة الجريمة‬
‫المستحيمة والشروع في الجريمة‪.1‬‬

‫‪ -1‬أيمف اليواوشة‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.259 :‬‬

‫‪45‬‬
‫الخاتمـــــة‬
‫الخاتمة‬

‫في األخير ومف خالؿ دراستنا لموضوع الجريمة تبيف لنا أف ليا عنصريف‪ :‬الركف المادي‬
‫والمتمثؿ في السموؾ اإلجرامي‪ ،‬والذي يكوف إما في صورة ارتكاب فعؿ يحظره القانوف أو في‬
‫صورة عدـ القياـ بفعؿ يأمر بو القانوف‪ ،‬إضافة إلى السموؾ اإلجرامي نجد موضوع الحؽ‬
‫المعتدى عميو إذ أف األساس الذي تقوـ عميو الجريمة ىو موضوع فإذا انعدـ المحؿ انعدمت‬
‫الجريمة‪ ،‬أما العنصر الثاني يتمثؿ في الركف المعنوي إذ أف الجريمة المستحيمة تتطمب قصدا‬
‫جنائيا لقياميا‪.‬‬

‫ونجد أف مشكمة ىذه الجريمة أثارت جداؿ بيف العديد مف الفقياء والقضاء الجنائي‪ ،‬فعمى الرغـ‬
‫مف المحاوالت الكثيرة لمتصدي ليا إال أنو ىناؾ اختالؼ بينيما‪ ،‬فيناؾ مف ساند المذىب‬
‫المادي وذلؾ بالمناداة بعدـ العقاب عمى الجريمة المستحيمة عمى أساس أنو يمكف البدء فييا‬
‫ىو مستحيؿ‪ ،‬عمى عكس ما ذىب إليو الموقؼ األخر حيث اعتنقت المذىب الشخصي الذي‬
‫يقر بعقاب الجاني في الجريمة المستحيمة وذلؾ بالنظر إلى شخصية الفاعؿ‪ ،‬وتبرز المذاىب‬
‫التوفيقية التي حاولت التخفيؼ مف االنتقادات التي وجيت إلى المذىبيف‪ ،‬فيناؾ مف دىب إلى‬
‫األخذ بيا منيـ المشرع الجزائري ويتضح ذلؾ مف خالؿ نص المادة ‪ 30‬ؽ ع ج " كؿ‬
‫المحا والت الرتكاب جناية ‪ .......‬حتى ولو لـ يمكف بموغ اليدؼ المقصود بسبب ظرؼ مادي‬
‫يجيمو مرتكبيا " ‪.‬‬
‫أما األحكاـ القضائية فنجد القضاء الفرنسي الذي أخذ بالمذىب الشخصي ثـ اتجو باألخذ‬
‫بالمذىب التصالحي الذي قسـ االستحالة إلى استحالة نسبية ومطمقة حيث يعاقب عمى األولى‬
‫دوف الثانية‪ ،‬ومف جية أخرى نجد القضاء المصري الذي كاف رأيو يتأرجح بيف األخذ بالمذىب‬
‫الشخصي واالستحالة المطمقة والنسبية والقضاء األردني مف خالؿ أحكاـ محكمة التمييز‬
‫األردني فقد أخذ بمذىب التفرقة بيف االستحالة القانونية واالستحالة المادية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الخاتمة‬

‫وعميه فإن النتائج المتوصل إليها بشأن موضوع الجريمة المستحيمة هي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أف نص المادة ‪ 30‬ؽ ع ج جاء بصفة عامة حوؿ المحاولة‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬أف االتجاه الذي ينادي بعدـ العقاب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬أمر مخالؼ لمقانوف‬
‫والمنطؽ‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬أف ىناؾ بعض التشريعات واألحكاـ القضائية تستبعد أعماؿ السحر والشعوذة مف مجاؿ‬
‫التجريـ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أف ىدؼ مف توقيع العقاب عمى الجريمة المستحيمة رغـ أف الفعؿ مستحيؿ‪ ،‬ىو إصالح‬
‫الجاني والحد مف خطورة الجريمة‪ ،‬وعدـ تك ارره ألفعالو‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬نجد أيضا أف القضايا المعروضة أماـ القضاء بخصوص الجريمة المستحيمة نادرة‬
‫جدا‪.‬‬
‫أما عن المقترحات المتوصل إليها بشأن الجريمة المستحيمة هي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬بما أف نص المادة ‪ 30‬ؽ ع جاء بصفة عامة حوؿ المحولة فإنو مف األجدر أف يخصص‬
‫المشرع نص خاص في قانوف العقوبات حوؿ العقاب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬مف أجؿ التفرقة‬
‫بينيا وبيف الجريمة الخائبة مف حيث مقدار العقوبة المفروضة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مف األفضؿ أف ال نترؾ الجاني دوف عقوبة‪ ،‬طالما أف نيتو اتجيت إلى ارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫فإنو يجب معاقبتو‪ ،‬وىذا حتى ال يفمت الجاني مف العقاب‪ ،‬ألنو إذا لـ يتمكف مف تحقيؽ نتيجتو‬
‫في ىذه الجريمة اليوـ فسوؼ يحاوؿ ارتكابيا مرة أخرى وقد يصؿ إلى تحقيؽ نتيجة وىذا ما‬
‫ييدد أمف المجتمع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬كيؼ يمكف لشخص تضرر جراء أعماؿ السحر والشعوذة أف يمجأ إلى القضاء ما داـ أف‬
‫ىذه األخيرة ال تعترؼ بيا‪ ،‬لذلؾ نقترح أنو عمى المشرع إعادة التكييؼ القانوني لمثؿ ىذه‬
‫األفعاؿ أي مف مخالفة إلى جنحة وفي حالة وجود ظرؼ التشديد تشدد إلى جناية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الخاتمة‬

‫رابعا‪ :‬وعمى المشرع تشديد العقوبة لمثؿ ىذه األفعاؿ وىذا لكي يكوف ىناؾ تطبيؽ فعمي‬
‫لمقانوف‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬إلبراز الخطورة الفعمية ليذه الجريمة والقضاء عمى الفكرة السائدة أنو إذا كانت الجريمة‬
‫مستحيمة فإنيا ال تشكؿ أي خطر عمى المجتمع‪ ،‬فإنو مف األحسف تخصيص ممتقيات وندوات‬
‫وىذا مف أجؿ التوعية أكثر‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫قائمة المصادر‬

‫أوال‪ :‬بالمغة العربيـــة‬

‫النصوص القانونية‬ ‫‪.I‬‬

‫أمررقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ ،1966‬المتضمن قانون العقوبات ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج العدد‬


‫‪ 39‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬سبتمبر ‪ 1975‬م‪.‬‬

‫الكتب‬ ‫‪.II‬‬
‫أ‪ -‬الكتب المتخصصة في الموضوع‪:‬‬
‫‪ .1‬أيمف‬
‫نوافاليواوشة‪،‬الجريمةالمستحيمة‪،‬دراسةمقارنة‪،‬ط‪،1‬دارالثقافةلمنشروالتوزيع‪،‬عماف‪2010،‬ـ‪.‬‬
‫‪ .2‬عبدالحميدالشواربي‪،‬الشروعفيالجريمةفيضوءالقضاءوالفقو‪،‬د‪/‬ط‪،‬منشأةالناشرالمعارفاإلسكندري‬
‫ة‪.1998 ،‬‬
‫‪ .3‬فتحالميمحمدىالؿ‪،‬الشروعفيالجريمة‪،‬د‪/‬ط‪،‬مكتبالمنىممتوزيع‪،‬القاىرة‪.2010 ،‬‬
‫‪ .4‬محمدعبدالميالسيسي‪،‬الشروعفيالجريمة‪،‬ط‪،1‬المؤسسةالعربيةلمطباعةوالنشر‪،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫ب‪ -‬الكتب ذات الصمة بموضوع البحث عموما‪:‬‬
‫‪ .1‬أحسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .2‬أكرـ نشأت إبراىيـ‪ ،‬القواعد العامة في قانوف العقوبات المقارف‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬الدار الجامعية‬
‫لمطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دوف سنة نشر‪.‬‬
‫‪ .3‬أميف مصطفى محمد‪ ،‬قانوف العقوبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،‬‬
‫لبناف‪.2010 ،‬‬

‫‪51‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .4‬بعميات إبراىيـ‪ ،‬أركاف الجريمة‪ ،‬وطرؽ إثباتيا في قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬الطبعة‬
‫االولى‪ ،‬دار الخمدونية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .5‬سميماف عبد المنعـ‪ ،‬النظرية العامة لمعقوبات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ .6‬سمير عالية وىيثـ سمير عالية‪ ،‬الوسيط في شرح قانوف العقوبات‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة الجامعية‬
‫الدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪.2010 ،‬‬
‫‪ .7‬سمير عالية‪،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬المؤسسة الجامعية الدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫دوف بمد وسنة النشر‪.‬‬
‫‪ .8‬عبد الرحمف خمفي‪ ،‬محاضرات في القانوف الجنائي العاـ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬طبعة جديدة‪ ،‬دار‬
‫اليدى لمطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ .9‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬القسـ العاـ الطبعة السابعة‪ ،‬ديواف‬
‫المطبوعات الجامعية الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ .10‬عميعبدالقادرالقيوجي‪،‬شرحقانونالعقوبات(النظريةالعامةلمجريمة)‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دوف دار النشر ‪،‬‬
‫مصر‪.1998 ،‬‬
‫‪ .11‬عميعبدالقادرالقيوجي‪،‬شرحقانونالعقوبات‪،‬نظريةالجريمة‪،‬د‪/‬ط‪،‬منشوراتالحمبيالحقوقية‪،‬لبناف‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ .12‬عوض محمد‪ ،‬قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬رواي لمطباعة واإلعالف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ودوف دار‬
‫نشر‪ ،‬دوف سنة‪.‬‬
‫‪ .13‬فخر عبد الرزاؽ الحديثي وخالد حميدي الزعبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دوف دارو‬
‫سنة نشر‪.‬‬
‫‪ .14‬كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانوف العقوبات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عماف‪.2009 ،‬‬
‫‪ .15‬لحسف بف شيخ آث ممويا‪ ،‬درس في القانوف الجزائي العاـ‪ ،‬النظرية العامة لمجريمة‪،‬‬
‫العقوبات وتدابير األمف‪ ،‬أعماؿ تطبيقية إرشادات عممية‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر دوف سنة النشر‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .16‬محمد أحمد المشيداني‪ ،‬الوسيط في شرح قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬الوراؽ لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عماف‪.2003 ،‬‬
‫‪ .17‬محمد عمي السالـ عياد الحمبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬مكتبة الثقافة لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عماف‪.1979 ،‬‬
‫‪ .18‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬القسـ العاـ ط‪ ،3‬منشورات الحمبي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫دوف سنة نشر‪.‬‬
‫‪ .19‬معوض عبد التواب‪ ،‬الموسوعة الشاممة في قانوف العقوبات‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬مكتبة عمـ‬
‫الفكر والقانوف لمنشر والتوزيع‪ ،‬طنطا‪.2002 ،‬‬
‫‪ .20‬نظاـ توفيؽ المجالي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الثقافة‬
‫لمنشر والتوزيع‪ ،‬عماف‪.2010 ،‬‬
‫‪ .21‬منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانوف الجنائي العاـ‪ ،‬د‪/‬ط‪ ،‬دار العموـ لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عنابة‪.2006 ،‬‬
‫المذكرات‬ ‫‪.III‬‬

‫سعيدحميد‪،‬جريمةالشروعأوالمحاولةفيقانونالعقوباتالجزائري‪،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مذكرة ماجيستر‪،‬‬


‫جامعة الجزائر‪.1978 ،‬‬

‫المقاالت‬ ‫‪.IV‬‬
‫أ‪ -‬المقاالت الورقية‬

‫آمالعبدالرحيمعثماف‪،‬‬
‫"النموذجالقانونيممجريمة"‪،‬مجمةالعمومالقانونيةواالقتصادية‪،‬جامعةالقاىرة‪،‬العدداألوؿ‪،‬يناير ‪.1972‬‬

‫‪53‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ب‪ -‬المقاالت اإللكترونية‬


‫‪ -1‬حسف الحمو‪ ،‬الجريمة المستحيمة في الفقو والقانوف والقضاء أخذت مف موقع‪:‬‬
‫‪ www.ao-academy-org‬وقد تـ االطالع عميو يوـ ‪ ،2018/04/03‬عمى الساعة‬
‫‪.10:38‬‬
‫‪ -2‬عبدالميمحمدعبدالرحمنالعصيمي‪،‬الجريمةالمستحيمةبينالشريعةوالقانونوصورىاالتطبيقية‪،‬أخذ‬
‫ت مف موقع‪ www.ao-accademy-org:‬وقد تـ االطالع عميو ‪2018-05-03‬‬
‫عمى الساعة ‪.10.38‬‬
‫‪ -3‬نواؼ الشامي‪ ،‬الجريمة المستحيمة‪ ،‬أبحاث قانونية قضائية مف موقع‪:‬‬
‫‪ .www.F_law.net‬تـ اإلطالع عميو يوـ‪ 2018/03/10‬عمى الساعة ‪.10:18‬‬
‫‪ -4‬أركانالجريمة‪،‬منتدياتالحقوقوالعمومالقانونية‪،‬أخذتمنموقع ‪: www.droit-dz.com‬‬
‫ولقدتماإلطالععميييوـ ‪ 2018-04-17‬عمىالساعة ‪20.30‬‬
‫‪ -5‬اسماعيؿ فيصؿ‪ ،‬مقاؿ الفرؽ بيف الجريمة المستحيمة والشروع التاـ‪ ،‬منشور عمى موقع‬
‫‪ ejbat.google.com‬لبذي تـ اإلطالع عميو يوـ ‪ 2018/04/16‬عمى الساعة‬
‫‪.9:52‬‬
‫‪ -6‬عبدالميمحمدعبدالرحمنالعصيمي‪،‬الجريمةالمستحيمةبينالشريعةوالقانونوصورىاالتطبيقيةأخذت‬
‫منموقع‪www.islamfeqh.com :‬ولقدتماإلطالععمييايوـ ‪ 2018/04/16‬عمىالساعة‬
‫‪.17:00‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع بالمغة الفرنسية‬

‫‪1. Andre mercier, de la tentaive et spécialement du délit impossible,‬‬


‫‪histoire, legislations, jurisprudence, lausanne, 1901.‬‬
‫‪2. Bernard bouloc, Droit pénal général, 19eme ed, son maison déd, pari,‬‬
‫‪2005.‬‬
‫‪3. Jean pradel, droit pénal général, 9eme éd, son maison d’éd, pari,‬‬
‫‪1994.‬‬

‫‪54‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫فهرس المىضىعات‬
‫العنىان‬
‫الملخص ‪2،1.........................................................................................‬‬
‫مقدمة‪4.................................................................................................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الجريمة المستحيلة‬
‫المبحثاالول‪:‬مفهومالجريمةالمستحيلة ‪6 ....................................................................‬‬
‫المطلباألول‪:‬تعريفالجريمةالمستحيلة ‪6 .....................................................................‬‬
‫الفرعاالول ‪:‬تعريفالجريمةالمستحيلة ‪6 ....................................................................‬‬
‫أوال‪:‬التعريفاللغوي ‪6 .........................................................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬التعريفاالصطالحي ‪7 ..................................................................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬خصائصالجريمةالمستحيلة ‪8 ................................................................‬‬
‫المطلبالثاني‪:‬تاريخالجريمةالمستحيلةوتمييزهاعنالجرائمالمشابهةلها ‪9 ...............................‬‬
‫الفرعاألول‪:‬التطورالتاريخيللجريمةالمستحيلة ‪9 ..........................................................‬‬
‫أوال‪:‬الجريمةالمستحيلةفيالعصورالقديمة ‪9 ................................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬الجريمةالمستحيلةفيالعصورالحديثة‪11 ............................................................ :‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬تمييزالجريمةالمستحيلةعنالجرائمالمشابهةلها ‪11 .........................................‬‬
‫أوال‪:‬تمييزالجريمةالمستحيلةعنالجريمةالتامةوالخائبة ‪11 ...............................................‬‬
‫ثانيا‪:‬تمييزالجريمةالمستحيلةعنالجريمةالموقوفةوالوهمية ‪13 ..........................................‬‬
‫ثالثا‪:‬العالقةبينالجريمةالمستحيلةوالشروعفيالجريمة‪15 .................................................‬‬
‫المبحثالثاني‪:‬عناصرالجريمةالمستحيلة ‪16 ...............................................................‬‬
‫المطلباألول‪:‬الركنالماديفيالجريمةالمستحيلة ‪16 ...........................................................‬‬
‫الفرعاألول ‪ :‬السلوكاإلجراميفيالجريمةالمستحيلة‪17 ....................................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬موضوعالحقالمعتدىعليهفيالجريمةالمستحيلة ‪18 ...........................................‬‬
‫المطلبالثاني‪:‬الركنالمعنويفيالجريمةالمستحيلة ‪18 ........................................................‬‬
‫الفرعاألول‪:‬المقصودبالركنالمعنوي ‪19 ...................................................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬عناصرالركنالمعنوي ‪19 .....................................................................‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬العقاب على الجريمة المستحيلة‬
‫المبحثاألول‪:‬العقابعلىالجريمةالمستحيلةلدىالفقه ‪24 .......................................................‬‬
‫المطلباألول‪:‬عدمالعقابعلىالجريمةالمستحيلة ‪24 ...........................................................‬‬
‫الفرعاألول‪:‬حججأنصارالمذهبالمادي ‪24 ..................................................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬االنتقاداتالتيوجهتإلىالمذهبالمادي‪26 .........................................................‬‬
‫المطلبالثاني‪:‬العقابعلىالجريمةالمستحيلة ‪27 ...............................................................‬‬
‫الفرعاألول‪:‬الحججالتياستندإليهاأنصارالمذهبالشخصي ‪27 ..............................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬االنتقاداتالتيوجهتإلىالمذهبالشخصي ‪29 .....................................................‬‬
‫المطلبالثالث‪:‬المذهبالتوفيقية ‪31 ............................................................................‬‬
‫الفرعاألول‪:‬التفرقةبيناالستحالةالمطلقةوالنسبية ‪31 ......................................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬التفرقةبيناالستحالةالقانونيةواالستحالةالمادية ‪33 ..........................................‬‬
‫المبحثالثاني‪:‬الوضعيةالقانونيةللجريمةالمستحيلة ‪35 ....................................................‬‬
‫المطلباألول‪:‬موقفمختلفالتشريعاتمنالجريمةالمستحيلة ‪35 ................................................‬‬
‫الفرعاألول‪:‬موقفالمشرعاللبنانيواألردني ‪36 ..............................................................‬‬
‫أوال‪:‬موقفالمشرعاللبناني ‪36 ................................................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬موقفالمشرعاألردني ‪36 ...............................................................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬موقفالمشرعالفرنسيوالجزائري ‪37 .........................................................‬‬
‫أوال‪:‬موقفالمشرعالفرنسي ‪37 ...............................................................................‬‬
‫ثانيا‪:‬موقفالمشرعالجزائري ‪38 .............................................................................‬‬
‫المطلبالثاني ‪:‬موقفالقضاءمنالجريمةالمستحيلة ‪39 .......................................................‬‬
‫الفرعاألول‪:‬موقفالقضاءالمصري ‪39 ......................................................................‬‬
‫الفرعالثاني‪:‬القضاءالفرنسي ‪41 ............................................................................‬‬
‫الفرعالثالث ‪:‬القضاءاألردني ‪44 ...........................................................................‬‬
‫خاتمة‪47.............................................................................................‬‬
‫قائمة المراجع‪51.....................................................................................‬‬
‫الفهرس‪56............................................................................................‬‬

‫‪57‬‬
58

You might also like