You are on page 1of 26

‫‪6‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬

‫العمل التطوعي يف القرآن الكرمي وأثره يف اإلصالح النفسي‬ ‫•‬


‫تهاني بنت سالم أحمد باحويرث‬
‫األوامر والنواهي األخالقية يف سورة الكهف‪ :‬دراسة موضوعية حتليلية‬ ‫•‬
‫هند بنت محمد زأهد سردأر‬
‫دالالت اخلري يف ضوء القرآن الكرمي‬ ‫•‬
‫شافع ألحريري‬
‫تنمية القيم اخلُلقية يف ضوء حادثة اإلفك‪ :‬دراسة موضوعية حتليلية‬ ‫•‬
‫عفاف عطية هللا ألمعبدي‬
‫ضوء ال ُقرآن الكرمي‬
‫اسة نقديَّة يف َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُح ِّريَّة االمتثال لألمر اإلهلي ‪ُ -‬م ْ‬
‫صطَلَ َحات واستدالالت‪ -‬در َ‬ ‫•‬
‫وليد بن عبد ألمحسن بن أحمد ُ‬
‫ألعمري‬
‫والسنة‬
‫حقيقة املعجزة يف الكتاب ُّ‬ ‫•‬
‫زهرة شعبان سعيد ألمازني‬
‫املوازنة بني األصول والفروع يف عموم املشرتك اللفظي‪ :‬دراسة حتليلية نقدية يف ضوء مقررات املذاهب األربعة‬ ‫•‬
‫عدنان بن زأيد بن محمد ألفهمي‬
‫وقف الدواء‪ :‬دراسة فقهية مقارنة‬ ‫•‬
‫مساعد بن عبدألرحمن علي أل جابر‬
‫األحكام اليت خيتلف فيها السفر الطويل والقصري يف املذهب احلنبلي‬ ‫•‬
‫محمد بن عبد ألرحمن بن عبد هللا ألشهري‬
‫منوذجا‬
‫قاعدة األعمى كالبصري واستثناءاهتا‪ :‬البيع والشراء ً‬ ‫•‬
‫أمل محمد ظافر ألعرجاني‬
‫البعد احلضاري للفتح اإلسالمي للقدس من خالل الدراسات االستشراقية‬ ‫•‬
‫سلطانة بنت عمر بن ستر أللحياني‬
‫ُشبُهات املرجئة النقلية‬ ‫•‬
‫عبدألرحيم بن صمايل بن صويمل ألسلمي‬
‫نظام الطبقات يف اهلندوسية وأثره على اهلندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬ ‫•‬
‫عامر علي ألنعيمي‬
‫أثر اجلهل واهلوى على تفكري املسلم من خالل مؤلفات ابن القيم‬ ‫•‬
‫عبدألرحمن محمد ربعين‬
Al-Madinah International University eISSN: 2600-7096
International Islamic Sciences Journal V.6, Issue. 3, Sep 2022

THE CASTES SYSTEM IN HINDUISM AND ITS IMPACT ON HINDUS


AND THE POSITION OF BUDDHISM AND ISLAM FROM IT

Amer Ali Al-Naemi


Master’s Degree In Religions And Civilizations, Department Of Creed And Propagation,
College Of Sharia And Islamic Studies, Qatar University.
E-mail: amer.alnaemi@outlook.com

ABSTRACT
The problem of the study revolves around the circumstances of the emergence of the Hinduism’ caste system
and its role in shaping the Indian society, and the effects it left among its followers. The study aimed to shed
light on the caste system in Hinduism and its impact on its adherents, and the comparison between the caste
system in Hinduism, and what contradicts it in Buddhism and Islam. By employing the historical, descriptive and
comparative approaches to achieve the expected results of the study, to deal with the study, and to answer the
questions related to the issues of the caste system in Hinduism and the position of Buddhism and Islam from it.
The study concluded the following findings: (1) the caste system in Hinduism is related to faith and not an
ordinary system, so the change in it is a change in the core of the faith itself; (2) Buddha was a Hindu from the
second class "the warrior class", he rebelled against Hinduism and established his own philosophy to eliminate
the domination of priests and discrimination, which led to the establishment of the Buddhist religion; (3) There
is a group outside the four castes called "untouchables" who number over 200 million people in India and are
below all four castes. The researcher recommended studying the current situation of the Hindus lower classes
and investigating the nature of their coexistence within the Hindu society.
Keyword: Caste System, Hinduism, Islam, Untouchables, Buddhism.
‫‪eISSN: 2600-7096‬‬ ‫جامعة املدينة العاملية‬
‫اجمللد‪ ،6.‬العدد ‪ ،3‬سبتمرب ‪2022‬م‬ ‫جملة العلوم اإلسالمية الدولية‬

‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫عامر علي النعيمي‬


‫ماجستري يف األداين واحلضارات‪ ،‬قسم العقيدة والدعوة‬
‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة قطر‬

‫امللخص‬
‫تدور مشكلة الدراسة حول ظروف نشأة النظام الطبقي اهلندوسي ودوره يف تشكيل اجملتمع اهلندي‪ ،‬واآلاثر اليت خلفها بني أتباعه‪،‬‬
‫وهدفت الدراسة إىل تسليط الضوء على النظام الطبقي يف اهلندوسية وآثره على معتنقيها‪ ،‬واملقارنة بني النظام الطبقي يف اهلندوسية‪،‬‬
‫وما خيالفه يف البوذية واإلسالم‪ .‬واستخدمت الدراسة املنهج التارخيي‪ ،‬واملنهج الوصفي‪ ،‬واملنهج املقارن؛ لتحقيق النتائج املرجوة من‬
‫م‬
‫الدراسة‪ ،‬وملعاجلة املواضيع اليت تتناوهلا‪ ،‬واإلجابة عن إشكالياهتا وأسئلتها املتعلقة مبوضوعات النظام الطبقي يف اهلندوسية‪ ،‬واملوقف‬
‫البوذي واإلسالمي منه‪ .‬وانتهت الدراسة إىل عدة نتائج ومنها‪ :‬إن النظام الطبقي يف اهلندوسية متصل ابلعقيدة وليس نظام عادي‪،‬‬
‫فالتغيري فيه هو تغيري يف صلب العقيدة نفسها‪ .‬كان بوذا هندوسي ومن الطبقة الثانية "طبقة احملاربني"‪ ،‬ومترد على اهلندوسية وأنشأ‬
‫فلسفته اخلاصة للقضاء على تسلط الكهنة والتمييز مما قاد لتأسيس الداينة البوذية‪ .‬توجد جمموعة خارج الطبقات األربع يمطلق‬
‫عليهم "املنبوذون" يتجاوز عددهم أكثر من ‪ 200‬مليون شخص يف اهلند وهم دون الطبقات األربع مجيعها‪ .‬وأوصت الباحث‬
‫بدراسة الوضع الراهن للطبقات ما دون األربع‪ ،‬والبحث والتقصي حول طبيعة تعايشهم داخل اجملتمع اهلندوسي‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الدرجات‪ ،‬نظام الطبقات‪ ،‬اهلندوسية‪ ،‬اإلسالم‪ ،‬املنبوذون‪.‬‬
‫‪- 335 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫املقدمة‬
‫احلمدهللا رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف اخللق واملرسلني سيدان ونبينا حممد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫وعلى آله وصحبة الطاهرين‪.‬‬
‫أما بعد‪،‬‬
‫تمعد اهلندوسية أقدم داينة وضعية مستمرة عرفتها البشرية إىل يومنا احلاضر‪ ،‬ويمشري كثري من املؤرخني إىل‬
‫أن نشأة الداينة تعود إىل اتريخ ‪ 2300‬ما قبل امليالد‪ ،‬وحسب التصنيف العام لألداين يتم غالباً تصنيف‬
‫اهلندوسية ضمن جمموعة األداين الوضعية‪ .‬ويمشكل النظام الطبقي فيها عقيدة أصيلة حىت اليوم‪.‬‬
‫ويمعترب النظام الطبقي االجتماعي جزء من الداينة اهلندوسية وذو جذور قدمية يف اهلند استنادا إىل تبعيتها‬
‫العقدية الفيدية‪ ،‬واتسم هذا النظام ابجلمود واالستقرار حىت عهد قريب‪ ،‬ومما ال شك فيه أن النظام الطبقي يف‬
‫اهلندوسية يتناىف وامليثاق العاملي حلقوق اإلنسان الصادر يف منتصف القرن العشرون‪ ،‬وذلك ملا يتسم به هذا النظام‬
‫من تقسيم للناس يف اجملتمع اهلندي بناءً على خلفيات دينية ومتوارثة اترخيية سحيقة ال تتغري مبضي الزمن يف‬
‫األحوال واملأكل‪ ،‬واملشرب‪ ،‬واإلقامة‪ ،‬والعمل‪.‬‬
‫تسلط هذه الدراسة الضوء على النظام الطبقي يف الداينة اهلندوسية والذي كان إحدى نتائجه ظهور‬
‫البوذية كفلسفة أو داينة منشقة عن اهلندوسية متمردة بذلك على نظامها الطبقي الذي رفضته واعتربته نظاماً‬
‫ظاملاً‪ ،‬ورمست فلسفة أكثر مرونة بني طبقات اجملتمع كما سيلي بيانه الحقاً‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫تمقسم الطبقات يف اهلندوسية إىل أربع طبقات‪ :‬وهذه الطبقات يف أول األمر أربع‪ ،‬علياها ((الربامهة))‬
‫و((كشرت))‪ 2‬و((بيش))‪ 3‬و((شودر))‪ 4‬وتتمايز هذه الطبقات فيما بينها وتنفرد كالً منها خبواص معينة مع وجود‬
‫شروط اجتماعية صارمة كما سيتم تفسريه يف هذه الدراسة الحقاً‪.‬‬
‫وكما هو معلوم فال خيلوا جمتمع على مر التاريخ من وجود نظام اجتماعي وخاصة طبقي ابختالف‬
‫األنظمة املتعارف عليها يف تلك اجملتمعات إال أن التقدم الذي ساد العامل ومع ظهور األنظمة والقوانني اليت تمنادي‬
‫حبقوق اإلنسان وإرساء قواعد العدل واملساواة إال أن النظام الطبقي يف اهلند ال زال انفذاً منذ آالف السنني إىل‬
‫اليوم ومل يستطع النظام العاملي اجلديد بتغيري العرف السائد فيه‪.‬‬

‫‪ 1‬البريوين‪ ،‬أيب الرحيان‪ .‬حتقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 2‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.71‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 336 -‬‬

‫ومع االستعمار الربيطاين للهند قامت حكومة الراج الربيطاين آنذاك بتعزيز النظام الطبقي الصارم‬
‫واختذت منه آليه للنظام اإلداري للحكم ففي األعوام ما بني ‪ 1860‬و‪ 1920‬عامل الربيطانيون اهلنود حسب‬
‫الدنيا‬
‫ومهشوا أولئك املنتمني للطبقات م‬ ‫طبقاهتم‪ ،‬فقدموا املناصب والوظائف العليا للهنود املنتمني للطبقات العليا م‬
‫الدنيا‪ ،‬مما‬
‫حسب النظام الطبقي يف اهلندوسية‪ ،‬وساهم هذا النظام غري العادل إىل نقمة األفراد املنتمني للطبقات م‬
‫أجرب حكومة الراج الربيطانية إلعادة النظر يف سياستها جتاههم بتخصيص عدد معني من الوظائف احلكومية‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫ألولئك املنتمني واحملسوبني ضمن الطبقات م‬
‫ونظراً لقلة املصادر التارخيية الدقيقة اليت تناولت اهلند والداينة اهلندوسية بشكل خاص ستعتمد هذه‬
‫الدراسة على كتاب أيب الرحيان البريوين صاحب خمطوطة "ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله" بشكل‬

‫أساسي‪ .‬ونستشهد يف مقولته اليت أوردها يف مقدمة دراسته املوضوعية "إمنا صدق قول القائل ((ليس اخلربم‬
‫كالعيان)) ألن العيان هو إدراك عني الناظر عني املنظور إليه يف زمان وجوده ويف مكان حصوله"‪ 1‬ومن هذه‬
‫اجلملة نستنتج أن البريوين قد أعتمد يف دراسته منهجني من األمهية البالغة للداللة على أصالة دراسته العلمية‬
‫املوضوعية ومها‪ :‬منهج املشاهدة واملالحظة‪ ،‬ومنهج املعايشة ملعرفة أحوال تلك األمة اليت يدرسها بشكل آين غري‬
‫معتمداً فيه على األخبار واملصادر غري املباشرة‪ .‬مع األخذ بعني االعتبار ابملصادر أو املراجع األخرى اليت تمثري‬
‫الدراسة وتمكملها‪.‬‬
‫وألن األشياء ال ممتيز إال أبضدادها أو مبا يقابلها‪ ،‬سنتناول النظام الطبقي اهلندوسي وأثره على اهلندوس‬
‫واملوقف البوذي الذي نشأ من داخل اهلندوسية وأسس فلسفته اخلاصة األكثر مرونة‪ ،‬مث نتناول النظام االجتماعي‬
‫يف الدين اإلسالمي الذي ينص على أن اجملتمع اإلسالمي جمتمع درجات ال طبقات خمالفاً بذلك العديد من‬
‫األنظمة االجتماعية يف العديد من األداين السالفة واملعاصرة‪ .‬عالوة على‪ ،‬اختالفه مع األنظمة االجتماعية‬
‫احلديثة اليت تمفرق بني طبقات اجملتمع مكالً حسب دخله املادي أو لقبه املتوارث إخل‪..‬‬
‫وسنعتمد يف هذه الدراسة على عدة مناهج حبثية ومنها‪ :‬املنهج التارخيي‪ ،‬واملنهج الوصفي‪ ،‬واملنهج املقارن‬
‫م‬
‫للوصول للنتائج املرجوة من هذه الدراسة‪ ،‬وهللا ويل التوفيق‪.‬‬
‫متهيد‬
‫لقد خلق هللا اإلنس وجعل ميزان التفاضل بينهم التقوى والعمل الصاحل لقوله تبارك وتعاىل‪( :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) ]احلجرات‪،[13 :‬‬
‫إال أن بعض الشرائع قسمت اجملتمع اإلنساين لطبقات تعلوا كل منها على األخرى‪ ،‬ومنها الداينة اهلندوسية‪ ،‬لدى‬
‫‪ 1‬املصدر نفسه‪ :‬ص‪.13‬‬
‫‪- 337 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫الداينة اهلندوسية نظام طبقي صارم‪ ،‬يمقسم اجملتمع ألربع طبقات أساسية‪ ،‬ومئات من الطبقات األخرى اليت ال‬
‫تمعد شيء أسفل هذه الطبقات األربع األساسية‪ ،‬وألن هذا النظام يتعارض والفطرة اإلنسانية‪ ،‬خرج العديد من‬
‫املصلحني من الداينة نفسها يف حماولة إلبداء املعارضة على هذا النظام‪ ،‬إال أهنم فشلوا يف تغيريه فظل هذا النظام‬
‫م‬
‫إىل عهد قريب حيز النفاذ يف اهلند‪ ،‬وانطالقاً من الدعوة الرابنية ملتبعني دين احلق ابلدعوة إىل سبيل الرشاد لقوله‬
‫عز وجل‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) ]سورة النحل‪ ،[125 :‬نسلط الضوء على النظام الطبقي يف العقيدة اهلندوسية‬
‫وتبعاته على معتنقي الداينة‪ ،‬ونتائج هذا النظام الذي يراه البعض عنصري والبعض اآلخر يقر أبنه جزء من الداينة‬
‫نفسها‪ ،‬ومن خالل هذه الدراسة سيتم مناقشة ظروف نشأة هذا النظام‪.‬‬
‫إشكالية الدراسة‬
‫تدور مشكلة الدراسة حول اإلشكالية اآلتية‪ :‬ما دور نظام الطبقات اهلندوسي يف تشكيل اجملتمع اهلندي؟ وما‬
‫اآلاثر اليت خلفها بني أتباعه؟‬
‫ويتفرع عن هذه املشكلة الرئيسية عدة أسئلة ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬ما هو موقف البوذية من نظام الطبقات يف اهلندوسية؟‬
‫‪ -2‬هل هناك فروق بني الطبقية أو نظام الطبقات ونظام الدرجات؟‬
‫‪ -3‬ما مدى أتثري نظام الطبقات يف اهلندوسية على معتنقي الداينة؟‬
‫‪ -4‬ما نتائج النظام الطبقي يف اهلندوسية؟‬
‫‪ -5‬ما الفوارق بني نظام الطبقات يف اهلندوسية وما يقابله يف البوذية؟‬
‫‪ -6‬ما الرؤية اإلسالمية جتاه النظام الطبقي وما النظام الذي أخذ به الدين اإلسالمي؟‬
‫أهداف الدراسة‬
‫‪ -1‬معرفة نظام الطبقات يف الداينة اهلندوسية‪.‬‬
‫‪ -2‬املقارنة بني نظام الطبقات يف اهلندوسية والنظام الذي أقرته البوذية‪.‬‬
‫‪ -3‬تسليط الضوء على النظام الطبقي يف اهلندوسية وآثره على اهلندوس‪.‬‬
‫‪ -4‬بيان أسس النظام الطبقي يف اهلندوسية وطريقة تقسيم اجملتمع اهلندي وفقاً هلذا النظام‪.‬‬
‫‪ -5‬شرح الفرق بني نظام الطبقات يف اهلندوسية والنظام املتبع يف اإلسالم‪.‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 338 -‬‬

‫‪ -6‬إزالة الغموض واللبس حول النظام الطبقي يف اهلندوسية‪.‬‬


‫‪ -7‬استعراض األسباب اليت أدت لوالدة دين جديد كنتيجة هلذا النظام الطبقي‪.‬‬
‫أمهية الدراسة‬
‫تظهر أمهية الدراسة يف البحث يف نظام الطبقات يف اهلندوسية واآلاثر املرتتبة عليه بني معتنقي الداينة‪ ،‬وحتاول‬
‫الدراسة تسليط الضوء على النظام الطبقي والفوارق املتعلقة من حيث املرونة والتغري‪ ،‬وال شك أن النظام‬
‫االجتماعي يف أي داينة من الدايانت يمربز للدارس اجلوانب األخرى للداينة حيث إن النظام الطبقي محيدد كيفية‬
‫تعامل األفراد يف اجملتمع بني بضعهم البعض وفقاً ملعايري معينة‪.‬‬
‫منهج الدراسة‬
‫املنهج التارخيي‪ :‬من خالل االستعانة مبصادر ومراجع اترخيية حول موضوع الدراسة لتحقيق النتائج املرجوة‪.‬‬
‫املنهج الوصفي‪ :‬لشرح النظام الطبقي واملواضيع املتفرعة عنه‪.‬‬
‫املنهج املقارن‪ :‬لبيان الفوارق بني النظام الطبقي يف اهلندوسية وموقف كالً من البوذية واإلسالم منه‪.‬‬
‫م‬
‫الدراسات السابقة‬
‫هناك بعض الدراسات اليت تناولت النظام الطبقي يف الداينة اهلندوسية‪ ،‬إال أن املوضوع ال زال شائكاً‪ ،‬ومتشابك‬
‫الرتباطه أبكثر من داينة جديدة نشأت على ضوء هذا النظام‪ ،‬عالوة على أن عدد ال أبس منه من اهلندوس ال‬
‫زالوا متمسكني هبذا النظام وجزء آخر يمعاين من تبعاته‪ ،‬وأبرز تلك الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‪ -1‬النظام الطبقي اهلندوسي يف ضوء اإلسالم‪ ،‬لـ خوله مصطفى احلوامده ‪ -‬عطا هللا املعايطة‪ ،‬انقشت‬
‫الدراسة النظام الطبقي يف ضوء الشريعة اإلسالمية ومل تمسهب الدراسة يف بيان أثر النظام الطبقي على اهلندوس‪.‬‬
‫‪ -2‬العنصرية يف الداينة اهلندوسية‪ :‬أسباهبا وآاثرها وموقف اإلسالم منها‪ :‬دراسة حتليلية مقارنة‪ ،‬لـ أمحد‬
‫صباح اخلري رزق هللا سعيد‪ ،‬ركزت الدراسة على العنصرية يف النظام الطبقي اهلندوسي وقارنتها مع العنصرية يف‬
‫اليهودية وموقف اإلسالم منهما‪ ،‬وتناولت دور النظام الطبقي يف تشكيل دايانت تصحيحيه‪ ،‬وربطت العنصرية‬
‫كسبب لنشأة احلروب بني أطياف اجملتمع الواحد‪ ،‬دون مناقشة لنشأة األداين بسبب النظام الطبقي بشكل‬
‫تفصيلي‪.‬‬
‫‪ -3‬النظام الطبقي اهلندوسي وأثره يف ظهور املذاهب الدينية‪ ،‬لـ د‪ .‬فاضل كاظم حنون‪ ،‬سلطت الدراسة‬
‫الضوء على النظام الطبقي اهلندوسي‪ ،‬واآلاثر املرتتبة كظهور البوذية واجلينية كدايانت أو فلسفات تصحيحية ضد‬
‫النظام الطبقي‪ ،‬مل تناقش موقف الشريعة اإلسالمية من الطبقية‪.‬‬
‫‪- 339 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫اإلطار النظري للدراسة‬


‫املبحث األول‪ :‬نظام الطبقات يف الندوسية‬
‫حيتل اجملتمع يف الداينة اهلندوسية حيز كبري وفق نظام اجتماعي يتسم ابلصرامة يف تطبيق القواعد اليت فرضتها‬
‫الداينة اهلندوسية على معتنقيها‪ ،‬ومن أبرز هذه القواعد النظام الطبقي الذي محيدد فئات اجملتمع اهلندوسي وفق‬
‫أليدولوجيا قدمية راسخة لدى اهلندوس‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مفهوم نظام الطبقات وتقسيماهتا يف الندوسية‬
‫إن نظام الطبقات يف اهلندوسية نظام فصل بني كل طبقة وأخرى ألسباب متعلقة مباهيتها وموقعها من‬
‫برامها نفسه ويمعرب عن برامها بـ‪" :‬فربمها اسم هللا يف اللغة السنسكريتية‪ ،‬وهو عند الربامهية اإلله املوجود بذاته‪ ،‬ال‬
‫تدركه احلواس‪ .‬ويدركه العقل‪ ،‬وهو مصدر الكائنات كلها‪ ،‬ال حد له‪ ،‬وهو األصل األزيل املستقل الذي منه‬
‫يستمد العامل وجوده"‪ .1‬وأما ابملراد ابلطبقات لدى اهلندوسية‪ ،‬فهي كما عرفها البريوين‪" 2‬وهم يسمون طبقاهتم‬
‫((برن)) أي األلوان ويسموهنا من جهة النسب ((جاتك)) أي املواليد" وبنقل البريوين يتبني أن التقسيم الطبقي‬
‫ليس على أساس العمل‪ ،‬إمنا على أساس اجلنس والعرق وهو ينتقل ابمليالد والنسب لألجيال حىت وإن كان ال‬
‫ذنب هلم سوى أهنم ولدوا منتسبني لطبقة من هذه الطبقات‪.‬‬
‫ويتضح على مر القرون من أن هذا النظام الطبقي ميتاز ابلرسوخ والثبات يف املنظومة التشريعية اهلندوسية‬
‫‪3‬‬
‫جتاه اجملتمع حيث إن املساس يف هذه النظام وحماولة تغيريه يمعد تغيري يف العقيدة نفسها وكما يبني ذلك د‪ .‬حسن‬
‫"وتتميز اهلندوسية أيضاً أبهنا ربطت الدين ابجملتمع من خالل نظام للطبقات اختذ شكالً دينياً أعطاه ثباات وجعله‬
‫غري قابل للتغيري إذ أن التغيري يف النظام الطبقي االجتماعي يعد تغريا يف الدين نفسه ويف النظام الديين‪ ،‬األمر‬
‫الذي جعل التغري يف النظام االجتماعي من أعقد املشاكل الدينية اليت تواجه اجملتمع اهلندي عرب العصور"‪.‬‬
‫تمقسم بدايةً الطبقات اهلندية إىل أربعة طبقات ابستثناء "املنبوذون" فهم خارج هذا التقسيم الطبقي كما‬
‫سنتناول الوضع اخلاص هبذه الفئة الحقاً‪ ،‬وتعود نشأة وظهور هذا التقسيم إىل قضية مفادها غاية احلفاظ على‬
‫وضع العرق السامي‪ ،‬فقبل االختالط مل تدعم احلاجة هلذا النظام‪ ،‬أما بداية ظهوره فقد كانت نتيجة اخلوف على‬
‫سالمة العرق من االندماج مع األجناس األخرى بعد أن بدأ االتصال هبا فربزت احلاجة إىل نظام يمفرق بني اجملتمع‬

‫‪ 1‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪.48‬‬


‫‪ 2‬البريوين‪ ،‬أيب الرحيان‪ .‬حتقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 3‬حسن‪ ،‬حممد‪ .‬اتريخ األداين دراسة وصفية مقارنة‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 340 -‬‬

‫ويقسمه ألربعة أقسام‪ ،‬ويعلل د‪ 1Berry .‬أن نظام الطبقات مل يربز ويظهر إال يف ((قانون منو)) يف الفرتة الواقعة‬
‫ابلقرن الثالث قبل امليالد‪.‬‬
‫ويف طبيعة وتقسيم هذه الطبقات‪:‬‬
‫‪ -1‬الربامهة‪:‬‬
‫فيصفها البريوين يف كتابه ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪" 2‬وهذه الطبقات يف أول األمر‬
‫أربع‪ ،‬علياها ((الربامهة)) قد ذمكر يف كتبهم أن خلقتهم من رأس ((براهم)) وأن هذا االسم كناية عن القوة املسماة‬
‫((طبيعة)) والرأس عالوة احليوان فالربامهة نقاوة اجلنس لذلك صاروا عندهم خرية اإلنس"‪.‬‬
‫والربامهة هي الطبقة العمليا ترتيباً‪ ،‬فهي طبقة الكهنة ورجال الدين‪ ،‬ويعرب عنهم د‪ .‬أبو زهرة‪ " 3‬وهم رجال‬
‫الدين الذين يبينون أحكامه‪ ،‬ويذكرون قضاايه"‪ .‬ومن "قانون منو" الذي تناول اختصاصات طبقة الربامهة فذكر‪:‬‬
‫"يقوم الربامهة بدرس أسفار الويدا‪ ،‬وتعليمها‪ ،‬وتربيك تقدمي القرابني اليت ال تمقبل من الناس إال عن طريقهم"‪،4‬‬
‫"الربمهي حمل الحرتام مجيع اآلهلة بسبب نسبه وحده‪ ،‬وأحكامه حجة يف العامل‪ .‬والكتاب املقدس هو الذي منحه‬
‫هذا االمتياز"‪" ،5‬وليتجنب امللك قتل برمهي ولو اقرتف مجيع اجلرائم‪ ،‬وليطرده ‪ -‬إذا رأى ‪ -‬من مملكته‪ ،‬على أن‬
‫يرتك له مجيع أمواله وأال يصيبه أبذى"‪" ،6‬كل ما يف العامل ملك الربمهي‪ .‬وللربمهي حق يف كل الوجود"‪" ،7‬والربمهي‬
‫إذا ما افتقر حق له أن ميتلك مال الشودرى الذي هو عبد له من غري أن جيازيه امللك على ما فعل‪ .‬فالعبد وما‬
‫‪8‬‬
‫ميلك لسيده"‬
‫‪ -2‬كشرت‪:‬‬
‫طبقة احلمكام والقادة واجلمند واحملاربني‪ ،‬وكما يصفهم البريوين‪" 9‬خلقوا بزعمهم من مناكب براهم ويديه‬
‫ورتبتهم عن رتبة الربامهة غري متباعدة جداً"‪ .‬ويف شريعة "منو" تناولت النصوص أحكام املنتمني هلذه الطبقة وأهلية‬

‫‪1‬‬
‫‪Gerald L. Berry, Religion of the world, P.40‬‬

‫‪ 2‬البريوين‪ ،‬أيب الرحيان‪ .‬حتقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 3‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ 4‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.56‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 7‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 8‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 9‬البريوين‪ ،‬أيب الرحيان‪ .‬حتقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪- 341 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫الوظائف احملصورة هلم دون غريهم فيبني ذلك د‪ .‬شليب‪" 1‬إن الذين تغذت عقوهلم بكتب ويدا وغريها هم الذين‬
‫يصلحون ألن يكونوا قواداً‪ ،‬أو ملوكاً‪ ،‬أو قضاة‪ ،‬أو حكاما للناس"‪ .‬ويتبني من خالل نصوص "منو" أن املهن اليت‬
‫يعمل فيها املنتمني هلذه الطبقة هي ال على سبيل املثال إمنا احلصر‪ ،‬ويشرح ذلك د‪ .‬شليب‪" 2‬وال جيوز لألكشرتى‬
‫أن يتشغل بغري اجلندية‪ .‬واألكشرتى يعيش جندايً حىت يف وقت السلم"‪.‬‬
‫‪ -3‬بيش‪:‬‬
‫تمعد طبقة ألهل الفالحة والتجارة‪ ،‬ويف موقعهم من براهم عرب عنهم البريوين‪" 3‬خلقوا من رجلي براهم"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وتمشري بعض املصادر إىل خلقهم من فخذ برامها‪ .‬ويف املسافة فيما بينها وبني الطبقات فيذكر د‪ .‬أبو زهرة‬
‫"واملسافة بينهم وبني الطبقة اليت تسبقهم كبرية جداً‪ ،‬وقريبة من الطبقة اليت تليهم"‪ .‬وتوضح نصوص "منو" وضع‬
‫املنتمني هلذه الطبقة‪" 5‬جيب على البيشي أن يتزوج امرأة من طائفته‪ ،‬وأن يمعىن جاداً مبهنته‪ ،‬ويرىب املاشية على‬
‫الدوام" فتحرم النصوص على أفراد هذه الطبقة من التزاوج مع غريها‪ ،‬وحتصر نطاق عملها يف احلراثة وتربية‬
‫املواشي‪ ،‬فال جيوز هلا العمل يف أعمال تندرج حتت طبقة أخرى‪" .‬وعلى التجار منهم معرفة قوانني التجارة ونظم‬
‫‪7‬‬
‫الراب"‪" ،6‬وليعرف أجر اخلدم ولغات الناس‪ ،‬وما حتفظ به السلع‪ ،‬وكل ما ميت إىل البيع والشراء بصلة"‬
‫‪ -4‬شودر‪:‬‬
‫طبقة اخلدم والعبيد وأصحاب املهن الوضيعة‪" ،‬خلقوا فيما يزعمون من قدمي اإلله ((برامها))"‪ .8‬ووردت‬
‫عدة نصوص يف قوانني "منو" ختص هذه الطبقة ومنها ما حيد من محريتهم املالية "ال جيوز للشودرى أن جيمع‬
‫ثروات زائدة ولو كان على ذلك من القادرين‪ ،‬فالشودرى إذا مجع ماالً آذى الربامهة بوقاحته"‪ .9‬كما أن ليس هلذه‬
‫الطبقة من األمر يف شيء‪ ،‬فال هي متلك إبداء رأيها يف التعاليم أو حىت مزاولتها فهي خاصة ابلكهنة "الطبقة‬
‫األوىل"‪ .‬وينص على ذلك قانون "منو" فيذكر "وأيمر امللك بصب زيت حار يف فمه ويف أذنيه إذا بلغ من الوقاحة‬

‫‪ 1‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪.57‬‬


‫‪ 2‬املصدر السابق‪ :‬انظر ص‪.57‬‬
‫‪ 3‬البريوين‪ ،‬أيب الرحيان‪ .‬حتقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ 4‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ 5‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.58‬‬
‫‪ 7‬املصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ 8‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ 9‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 342 -‬‬

‫‪1‬‬
‫ما يبدى به رأاي للربامهة يف أمور وظائفهم"‬
‫وابلنسبة للمنبوذين فهم ال يعدون شيئاً وال يدخلون يف هذا التقسيم‪ ،‬ويصف حال أولئك‪ :‬د‪ .‬أبو‬
‫زهرة‪ 2‬فيقول "وهناك دون الطبقات األربع طبقات احملرومني‪ ،‬وأبناء الزىن‪ ،‬والذين يتناولون األعمال القذرة يف‬
‫املدن‪ ،‬واألعمال احلقرية‪ ،‬ويسمون من ليسوا من اهلند ((امليج)) ومعناها أجناس"‪.‬‬
‫وعلى ذلك فاجملتمع اهلندوسي يفرق بني الطبقات األربع وابقي الناس يف اجملتمع يمصنفون يف خانة‬
‫اإلقصاء والنبذ‪ ،‬فالذين يمطلق عليهم منبوذون وحمرومون وأبناء زىن وأجناس مجيعهم دون الطبقات اليت ورد ذكرها‪،‬‬
‫وال ميكن أن يتساووا معهم مطلقاً عالوة على أن الطبقة الرابعة تعترب يف طائفة املنبوذين‪ ،‬وهذا التقسيم تقسيم على‬
‫حسب اجلنس والعرق‪ ،‬وهو وراثي عن طريق النسب وامليالد لصيق ابألفراد أبد الدهر‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬الفرق بني الطبقات والدرجات‬
‫يعترب النظام الطبقي نظام متييز يف اجملتمعات‪ ،‬فهو نظام هرمي متسلسل‪ ،‬أعاله الصفوة واخلاصة‪ ،‬وأدانه‬
‫الكادحة والعامة‪ ،‬وخيتلف من داينة أو جمتمع ألخر‪ ،‬فالتصنيف اهلندوسي يتسم ابجلمود والدميومة ألنه متصل‬
‫ابجلنس والنسب‪ ،‬فال يكون لطبقة أن تعلوا على األخرى أو تدنو على غريها‪ ،‬فهو نظام مقدس متصل اتصال‬
‫وثيق ابلعقيدة اهلندوسية‪.‬‬
‫أما التصنيف اآلخر الذي كان منتشر يف العصور الوسطى يف أورواب‪ ،‬ويمسمى ابإلقطاع‪ ،‬قمسم فيه اجملتمع‬
‫خلمس طبقات اجتماعية‪ ،‬طبقة امللوك‪ ،‬طبقة النبالء‪ ،‬طبقة رجال الدين‪ ،‬طبقة الفرسان واخلادمات‪ ،‬وأخرياً‬
‫الفالحون والقرويون والعبيد‪ ،‬وكل طبقة هلا صالحيات خمتلفة عن األخرى وساد هذا النظام لقرون يف أورواب‬
‫وحيرمها على األخرى‪ ،‬فالطبقة‬ ‫وعانت منه اجملتمعات بسبب التمييز العنصري الذي محيلل لطبقة امتالك األراضي م‬
‫األخرية تعمل يف األرض وال متلكها وهي وما متلك لسيد األرض‪.‬‬
‫وابلنسبة للمجتمعات املعاصرة‪ ،‬فيكاد يغيب هذا النظام يف ظل القوانني احلديثة واجملتمعات املتمدنة‪ ،‬إال‬
‫أن وجود طبقات افرتاضية متداولة بني الناس حسب مستواهم االجتماعي أو املايل كالتفريق بني أفراد اجملتمع بني‬
‫طبقة غنية ومتوسطة وفقرية أو كادحة ال يؤثر ابلضرورة على األفراد يف إمكانية تغري مركزهم يف اجملتمع‪ ،‬فال توجد‬
‫قيود على أي طبقة لالنتقال بني ما يسمى ابلطبقات حسب التقلبات السياسية واالقتصادية وغريها فهو تصنيف‬
‫فئوي أكثر منه طبقي‪.‬‬

‫‪ 1‬املصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 2‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪- 343 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫ويربز تصنيف كارل ماركس يف النظام الرأمسايل‪ ،‬الذي يمصنف اجملتمع إىل طبقتني‪ :‬طبقة الربجوازية‪ ،‬وهي‬
‫اليت متلك وسائل اإلنتاج‪ .‬وطبقة الربوليتاراي‪ ،‬اليت تعمل وال متلك وسائل اإلنتاج‪ .‬فهو تصنيف مايل محيدد على‬
‫أساس الثروة وليس العرق أو اجلنس وغريها‪ .‬فالعوامل الوراثية مل تعد أسباابً تصنيفيه‪ ،‬فمقياس الثروة والدخل املايل‬
‫هو املؤشر ملوقع األفراد يف الرتتيب االجتماعي‪.‬‬
‫وإذا ما عمدان ملعيار الدرجات‪ ،‬واليت استخدمها القرآن الكرمي بدالً من الطبقات‪ ،‬فهو معيار إنساين‬
‫أصيل‪ ،‬ال ميت للعرق واألصل واللون والدخل وغريها من العوامل بصلة‪ ،‬فتقاس درجة الفرد بعمله وأخالقه‬
‫وجهده‪ ،‬والدرجة إذا ما سعى إليها اإلنسان فمعيار ارتقاؤه ودنوه العمل الصاحل والتقوى فهو ما محيدد درجة الفرد‬
‫خبالف الطبقة اليت يف معظم أحواهلا تكن حكراً على أانس بعينهم وقد تؤدي لتفشي الظلم والفساد االجتماعي‬
‫مثل وراثة املنصب دون جهد وال عمل وقد يكون من آل إليه غري مستحق قياساً على غريه‪ .‬وتتجلى الصورة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فضل ل ٍِّي‬
‫عريب على‬ ‫كم واح ٌد أال ال َ‬ ‫الناس َّ‬
‫إن ربَّ ْ‬ ‫األمسى ملعىن الدرجات يف قوله ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" :-‬اي أيُّها م‬
‫إن أكرمكم عند ِ‬ ‫َّ‬ ‫عج ِم ٍّي وال لِ ِ‬
‫هللا‬ ‫َّقوى َّ َ ْ‬‫أمحر إال ابلت َ‬
‫ألسود على َ‬
‫َ‬ ‫ود وال‬
‫أس َ‬ ‫عجم ٍّيي على ٍّي‬
‫عريب وال ألمحَر على ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ي‬
‫‪1‬‬
‫أتْقا مك ْم"‬
‫فال فضل ألحد على أخر وفقاً ملعيار الدرجات‪ ،‬إال بتقواه وعمله الصاحل ال لنسب‪ ،‬وال حسب‪ ،‬وال‬
‫مال‪ ،‬وال جاه أثر يف ذلك‪ .‬وهذه هي العدالة االجتماعية املنشودة‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬أثر الطبقات على معتنقي الندوسية‬
‫ينبع أتثري النظام الطبقي يف اهلندوسية على معتنقي الداينة من حيث رسوخه يف اجملتمع ومن حيث‬
‫ارتباطه الوثيق حبادثة امليالد‪ ،‬فكما يمشري د‪ Kolar .‬إىل األصل املشتق من كلمة الطبقات "والكلمة احمللية للطائفة‬
‫هي جايت ‪ Jeti‬اليت تعين امليالد"‪ 2‬يف بيان أن الطبقات ليس متصلة هبيكلة توزيع األعمال بني الطبقات إمنا هي‬
‫لصيقة حبادثة امليالد فهي إذن متوارثة وال ميكن تغيريها‪ ،‬وهذا ما أثر ابلنتيجة على النسيج االجتماعي يف اهلند بني‬
‫طبقاته ابلسلب مع مرور الزمن‪.‬‬
‫ومن خالل استطالع د‪ Kolar .‬يف كتابه حول أساس التصنيف الطبقي فيبني أهنا تتعدى األربع‬
‫طبقات "هناك أربع طبقات ال غري‪ ،‬ولكن هناك على وجه التقريب ألفا طائفة يف اهلند‪ .‬والطوائف تتميز إحدامها‬
‫عن األخرى‪ ،‬ليس مبؤهالت الفرد‪ ،‬وإمنا ابلوراثة‪ ،‬وبقيود تناول الطعام‪ ،‬وابلزواج بني األقارب‪ ،‬وابلزواج بني‬

‫‪ 1‬الراوي‪ :‬جابر بن عبدهللا | احملدث‪ :‬األلباين | املصدر‪ :‬غاية املرام | الصفحة أو الرقم‪ | 313 :‬خالصة حكم احملدث‪ :‬صحيح‪ .‬التخريج‪ :‬أخرجه‬
‫أبو نعيم يف ((حلية األولياء)) (‪ ،)100/3‬والبيهقي يف ((شعب اإلميان)) (‪.)5137‬‬
‫‪ 2‬كولر‪ ،‬جون‪ .‬الفكر الشرقي القدمي‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 344 -‬‬

‫‪1‬‬
‫األابعد‪ ،‬وابملهنة واملرتبة"‬
‫وهذا ابلنتيجة يقودان إىل استنتاج حول أن النظام الطبقي ساهم يف تغذية الطبقية والتعددية على األساس‬
‫العنصري يف أواسط اجملتمع اهلندي حىت ابتت قائمة التقسيم تطول يف إشارة إىل أن هذه القسمة ليست على‬
‫أساس املهنة إمنا تطال احلرية الشخصية يف املطعم واملسقى واملصاهرة وحتديد األعمال واملهن اليت تقع يف نطاق كل‬
‫طبقة مع عدم جواز خمالفة هذه األنظمة الصارمة عليهم‪.‬‬
‫ويتساءل د‪ .‬شليب حول مدى إمكانية ممارسة إحدى املنتمني للطبقة الرابعة إىل أعمال تقع يف نطاق‬
‫الطبقة األوىل فيقول‪ " :‬هل لو مال أحد من الشودرا‪ 2‬للعلم وعشقه كان يباح له أن يصبح برمهياً‪3‬؟ وأال يوجد يف‬
‫‪5‬‬
‫طبقة الكشرتاي‪ 4‬خامل أو بليد؟ وإذا ما موجد هبا خامل أو بليد هل ميكن أن ننحدر به إىل طبقة الشودرا؟"‬
‫وجييب د‪ .‬شليب على هذا التساؤل‪ " :‬اإلجابة دائماً ابلنفي‪ ،‬فالطبقية مصدرها العِرق وسيادة اجلنس أكثر من أي‬
‫م‬
‫شيء‪ 6‬ويؤكد د‪ .‬أبو زهرة على حرمة جتاوز املهن بقوله‪" :‬كل طبقة ليس هلا أن تعدو حاهلا إىل حال طبقة أخرى‪،‬‬
‫فالزراع ال يصح أن يكونوا من التمجار‪ ،‬واجلند ال يرتقون إىل درجة الكهنة‪ ،‬وهكذا‪ .‬وكل طبقة تنتقل حاهلا إىل‬
‫‪7‬‬
‫األعقاب واألخالف‪ ،‬فالطبقة تورث من الشخص إىل غريه من عقبه"‬
‫وابلنتيجة وبقطعية هذه النصوص املقدسة يف اهلندوسية‪ ،‬فهذا التقسيم ساري حىت العصر احلايل‪ ،‬فاملنتمي‬
‫لطبقة الكشرت ال ميكنه أن يقوم أبعمال الزراعة واحلراثة اليت تتناىف وطبيعة خلقته‪ ،‬ألنه وفقاً للهندوسية يعترب هذا‬
‫خرقاً لنص ديين يمعرض صاحبه للوزر‪ ،‬وإذا ما حاول الربامهة ختفيف هذا التضييق على املنتمني هلذه الطبقات فإذن‬
‫هذا يعترب تغيري يف العقيدة نفسها ألن النظام الطبقي مرتبط ابلدين اهلندوسي ارتباطا ال يقبل االنفكاك‪.‬‬
‫ويف مثل هذا النظام الطبقي الذي وضع يف يد طبقة الربامهة سلطات ممارسة الكهنوت وتعليمها‪ ،‬أدى‬
‫هذا إىل فقدان اإلحاطة بتعاليم اهلندوسية وطقوسها ابلنسبة إىل اهلندي العادي الذي ال ميكنه فهم هذه الطقوس‬
‫إال من خالل الربامهة‪ ،‬ويشرح د‪ .‬حسن ذلك‪" :‬وأصبح االعتماد على الكهنة يف أتدية الطقوس اعتماداً كلياً‪،‬‬
‫وأصبحت وظيفة الكهنوت وظيفة وراثية يرثها االبن عن األب فتكونت طبقة رجال الدين الكهنة اليت احتلت قمة‬

‫‪ 1‬املصدر السابق‪ :‬انظر ص‪.73‬‬


‫‪ 2‬طبقة الشودر‪ :‬طبقة اخلدم وأصحاب األعمال احلقرية‪ ،‬ال جيوز هلم ممارسة األعمال املصنفة للطبقات اليت تعلوها‪.‬‬
‫م‬
‫‪ 3‬طبقة الربامها‪ :‬طبقة الكهنة واملعلمني وهي الطبقة األوىل املخول هلا فقط مبمارسة وتعليم اهلندوسية‪.‬‬
‫‪ 4‬طبقة كشرت‪ :‬طبقة احملاربني وامللوك‪ ،‬الطبقة الثانية اليت متارس األعمال العسكرية واحلربية وال يفرتض أن يكون هبا من هو خامل أو بليد فهذه الصفات‬
‫ال تولد أو تورث للمنتمي هلذه الطبقة حسب اعتقادهم‪.‬‬
‫‪ 5‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ 6‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.53‬‬
‫‪ 7‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪- 345 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫‪1‬‬
‫النظام الطبقي يف اجملتمع اهلندي"‬
‫ويف هذا النظام الطبقي ال تتوقف القيود حىت أهنا تطال األخالق اليت يف اعتقادهم تولد مع كل طبقة‬
‫كخاصية وميزة ال يتميز هبا إال املنتمي للطبقة نفسها‪ ،‬ويتم وضع األخالق كإطار لكل طبقة فال جيب عليها‬
‫اخلروج عنه فهو ميثاق ممقدس يمقسم حىت األخالق فيما بينهم فاألخالق عندهم ليست واحدة إمنا متعددة‬
‫ومفهوم األخالق لكل طبقة خيتلف عن األخرى ألن اخلملق يولد وينتج مع اخللق وامليالد فال مميكن تعليمه كمنهج‬
‫جلميع الطبقات فهو ليس بسيط وشامل‪ ،‬إمنا ممركب وذايت فاخلملق عندهم وراثي‪.‬‬
‫ويوضح د‪ .‬أبو زهرة يف كتابه عن أخالق كل طبقة فيقول‪ " :‬فيجب على الربمهي أن يكون وافر العقل‪،‬‬
‫ساكن القلب‪ ،‬صادق اللهجة‪ ،‬ظاهر االحتمال‪ ،‬ضابطا للحواس‪ ،‬مؤثراً للعدل‪ ،‬ابدى النظافة‪ ،‬مقبال على العبادة‪،‬‬
‫مصروف اهلمة إىل الداينة"‪ 2‬وهذا ابلنسبة ألخالقيات الطبقة األوىل أما الثانية فيشرح ذلك‪" :‬وجيب أن يكون‬
‫‪3‬‬
‫(اجلندي كشرت) مهيبا شجاعا معظما ذلق اللسان مسح اليد؛ غري مبال ابلشدائد‪ ،‬حريصا على تيسري اخلطوب"‬
‫ويوضح البريوين يف كتابه ما يتعلق ابلطبقة الثالثة فيذكر‪" :‬وأن يكون ((بيش)) مشتغال ابلفالحة واقتناء السوائم‬
‫والتجارة"‪ 4‬وفيما يتعلق أبخالقيات الطبقة األخرية فيعرضها د‪ .‬أبو زهرة يف كتابه‪ " :‬وجيب أن يكون اخلدم‬
‫واألسارى جمتهدين يف اخلدمة والتماق إىل الناس والتحبب إليهم‪ ،‬ألن ذلك أليق اآلداب هبم وهو الذي يتفق مع‬
‫‪5‬‬
‫عملهم"‬
‫وتعترب نصوص هذا امليثاق األخالقي يف اهلندوسية الذي يمقسم األخالق بني الطبقات آمره فال جيوز‬
‫خمالفتها‪ ،‬ويشرح البريوين ذلك قائالً‪" :‬وكل هؤالء إذا ثبت على رمسه وعادته انل اخلري يف إرادته إذا كان غري‬
‫مقصر يف عبادة هللا‪ ،‬غري ٍّ‬
‫انس ذكره يف جل أعماله‪ ،‬وإذا انتقل عما إليه إىل ما إىل طبقة أخرى وإن شرفت عليه‬
‫‪6‬‬
‫كان إمثاً ابلتعدي يف األمر"‬
‫ويف جانب العبادة‪ ،‬فكل طبقة ليس هلا أن تتعدى على الطبقة األخرى مبمارسة أمر ال يستقيم مع‬
‫طبيعتها ويوضح أبو زهرة ذلك‪" :‬هذا وكل طبقة ليس هلا أن تتناول من أبواب العبادة ما يتناوله اآلخر‪ ،‬فللربمهي‬

‫‪ 1‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.60‬‬


‫‪ 2‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.46‬‬
‫‪ 4‬البريوين‪ ،‬أيب الرحيان‪ .‬حتقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ 5‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ 6‬البريوين‪ ،‬أيب الرحيان‪ .‬حتقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذوله‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 346 -‬‬

‫‪1‬‬
‫عبادته اخلاصة به وطرقه"‬
‫وعلى ذلك فعندهم ال يقرأ وال يمعلم الناس الكتب املقدسة سوى الربامهة‪ .‬أما كشرت فليس إبمكاهنم‬
‫سوى قراءة وتعلم الكتب املقدسة وال يقع يف نطاق أعماهلم تعليمها‪ ،‬فهذا ال يتوافق مع ما مجبلوا عليه‪ .‬ويف‬
‫الطبقتني األخرييتني بيش وشودرى‪ ،‬فال يصح منهم وال جيب قراءة الكتب املقدسة وال أن يتعلموها وفيما خالفوا‬
‫ذلك‪ ،‬ووصل األمر للربامهة فإن ذلك يمعرضهم لعقوبة قطع اللسان من قِبل احلاكم أو امللك‪.‬‬

‫ويشرح د‪ .‬حسن حال الطبقة األخرية ومن بعدها من يمصنف يف حال املنبوذين قائالً‪" :‬وقد مح ِر َ‬
‫مت‬
‫ومسح هلم بفهم‬‫الطبقتان الرابعة واخلامسة (امللونون واملنبوذون) من قراءة كتب الفيدا املقدسة أو تعليمها لألفراد‪ ،‬م‬
‫تعاليمها من خالل كتب فرعية شارحه هلا‪ ،‬وقد انتهى هذا التحرمي يف الوقت احلايل ومسح بتعليم الفيدا هلاتني‬
‫‪2‬‬
‫الطبقتني يف املؤسسات التعليمية"‬
‫كان هلذا النظام ابلغ األثر على من يوصمون ابملنبوذين يف اجملتمع اهلندي‪ ،‬حيث كان يمعتقد أن جمرد‬
‫ملسهم يمدنس الطبقات العمليا‪ ،‬وجيب التطهر منهم واالبتعاد عنهم‪ ،‬حىت وعدم مساكنتهم يف نفس القرية فكانت‬
‫مساكنهم غالباً خارج املنطقة اجلغرافية للقرية فال يسمح مبساكنتهم‪ ،‬وكما وضحنا سابقاً من أن الشودرى ال جيب‬
‫عليه أن ميتلك من املال ما يؤذي به طبقة الكهنة ورجال الدين‪ ،‬فما ابل املنبوذين الذين خارج هذا التقسيم؟‬
‫مجتيب ‪ Not‬عن ذلك بقوهلا‪" :‬وعلى الرغم من أن النظام الطائفي هذا ليس قائماً على الثروة‪ ،‬فإن من‬
‫حيتلون قمة هذا النظام هم األكثر ثراءً‪ ،‬وال شك أن من حيتلون القاع (املنبوذين) ال ميلكون من املوارد سوى أقل‬
‫‪3‬‬
‫القليل‪ ،‬وهم اندراً ما ميلكون األراضي وال يتمتعون بسلطة اقتصادية كبرية"‬
‫كما تمشري (نوت)‪ 4‬إىل أتثري هذه الطبقات على قرارات مصريية مثل الزواج الديين فتقول‪" :‬يكتسب‬
‫اهلنود املكانة الطائفية عن طريق ميالدهم يف طائفة معينة؛ ويتزوجون عامةً شخصاً من الطائفة نفسها اليت ينتمون‬
‫إليها"‪.‬‬
‫وبرغم ما وضحنا أعاله من توزيع املهن واألعمال بني الطبقات يف اهلندوسية إال أن التطور والتمدن‬
‫ٍّ‬
‫مجاعات‬ ‫ساهم يف تغيري هذا العمرف االجتماعي كما تبني (نوت)‪ 5‬فتوضح‪" :‬ويف العصور السابقة‪ ،‬مثلت الطوائف‬

‫‪ 1‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪.47‬‬


‫‪ 2‬حسن‪ ،‬حممد‪ .‬اتريخ األداين دراسة وصفية مقارنة‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ 3‬نوت‪ ،‬كيم‪ .‬الندوسية مقدمة قصرية جداً‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫‪ 4‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.35‬‬
‫‪ 5‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.35‬‬
‫‪- 347 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫مهنية أيضاً‪ ،‬لكن التحضر والتصنيع أداي إىل عمل الكثري من الناس يف وظائف خمتلفة متاماً عن تلك اليت ارتبطوا‬
‫هبا يف السابق"‪.‬‬
‫وجدير ابلذكر أنه مع صدور الدستور يف الدولة اهلندية يف متوسط القرن العشرين‪ ،‬ابت النبذ جتاه الناس‬
‫جرمية يمعاقب فاعلها‪ ،‬ولكن املمارسات يف واقع اجملتمع كانت ال تزال كما كانت ألن التغيري الذي أحدثه هذا‬
‫التجرمي القانوين مل يكن أتثريه سريع الوترية على الناس‪ ،‬وعلى الرغم من كل ذلك ال يزال وضع املنبوذين يف اجملتمع‬
‫اهلندي آفة اجتماعيه ولعنه على هذه الطائفة وحتتاج ملزيد من العناية والدراسة لتحسني أوضاعهم‪.‬‬
‫ويمشري (د‪ .‬األعظمي)‪ 1‬أن عدد املنبوذين يناهز املائيت مليون نسمة وذلك يف العام ‪ ،!1997‬وهذا ما‬
‫يمعادل بتقدير اليوم أكثر من نصف عدد سكان الوالايت املتحدة األمريكية جمتمعة! فإذا ما كان مهناك إحصائية‬
‫حديثة فكم سيكون تعداد هذه الطائفة يف اهلند يف عام ‪2022‬؟ قد تقودان التكهنات ألرقام مقلقة حقاً‪.‬‬
‫وابحلديث عن طائفة املنبوذين يف اهلند "الداليت" فال بد من اإلشارة إىل أنه ما بني العام (‪ )2002-1997‬فاز‬
‫برائسة اهلند إحدى املنتمني هلذه الطائفة وهو " كوشرييل رامان انراايانن" ومؤخراً ما بني العام (‪-2017‬حىت‬
‫‪2‬‬
‫اآلن) فاز برائسة اهلند " رام انت كوفيند" الذي ينحدر من نفس الطائفة‪.‬‬
‫يوضح (د‪ .‬األعظمي)‪ 3‬أن نشأة النظام الطبقي كان نتيجة لغلبة اآلريني على السكان األصليون‪،‬‬
‫وعندها بدأ اآلريني ينظمون شئون احلياة للسكان ويدخلوهنم يف اجملتمع الفيدي‪ ،‬وكان ابلنتيجة والدة للنظام‬
‫الطبقي‪ ،‬فاآلريني حسب وصفه هم الربامهة والكشرتيون‪ ،‬بينما البيش والشودر فهم من التورانيني والكول الذين‬
‫مسوا ابلدرافيد‪ ،‬وابلنسبة للطبقة األخرية الشودر‪ ،‬فهم الذين مل يستسلموا لآلريني ومل يقبلوا انضمامهم للمجتمع‬
‫الفيدي فصاروا عبيداً هلم حسب وصفه‪.‬‬
‫وعلى الرغم من كل هذا التباين بني الطبقات‪ ،‬فإن مجيعها تشرتك يف االعتقاد ابآلهلة اهلندوسية‪ ،‬ومجيعها‬
‫تمقدس البقرة‪ ،‬ومجيعها تعترب الربامهة امللجأ يف قضااي مثل الزواج وامليالد والوفاة‪.‬‬
‫يوضح (د‪ .‬شليب)‪ 4‬وضع املنبوذين فيشرح أهنم سكان شبه القارة اهلندية األصليني وال جيري يف عروقهم‬
‫الدم التوراين أو اآلري‪ ،‬ويوصمون بـ (زنوج اهلند)‪ ،‬وحرمهم اجملتمع اهلندوسي من حقوق اإلنسان‪ ،‬ونزلوا هبم‬
‫ملستوى أحط من احليواانت‪ ،‬ومل يسمح هلم ابعتناق الدين اهلندوسي‪ ،‬أو يتحلوا آبدابه‪ ،‬ويبني حاهلم أبهنم ال زالوا‬

‫‪ 1‬األعظمي‪ ،‬حممد‪ .‬فصول يف أداين الند‪ ،‬ص‪ .58‬بتصرف يسري‪.‬‬


‫‪ 2‬يمنظر‪ https://2u.pw/V8WEt :‬متت زايرة املوقع بتاريخ‪.2022/04/20 :‬‬
‫‪ 3‬املصدر السابق‪ :‬انظر ص‪ .7‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫‪ 4‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪ .51،52‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 348 -‬‬

‫يعانون إىل اليوم ورمبا أكثر من أي وقت مضى‪ .‬فاحلرف احلقرية وقف عليهم‪ ،‬واملراكز التعليمية موصده األبواب‬
‫أمامهم إال ما رحم‪ ،‬مما دفع كرباهم ابلتنديد ابعتزال اهلندوس واالندماج مع جمتمعات األداين األخرى‪ ،‬وبسبب‬
‫ذلك خف وطئ الوضع املرير عليهم‪ ،‬وذلك خوفاً من انضمامهم لألداين األخرى اليت حتارب اهلندوسية‪ ،‬ويمشري‬
‫شليب إىل قضية هامة وهي التبشري اليت استغلتها مجاعات التبشري املسيحية إلدخاهلم للدين املسيحي‪ ،‬مع راثءه‬
‫حلال الدعاة املسلمني وغفلتهم عن هذه الطائفة يف اجملتمع اهلندي‪.‬‬
‫م‬
‫وأما ابلنسبة ملؤشرات مستقبل العقيدة اهلندوسية يف ظل املتغريات يف العصر احلاضر فيمعقب (د‪.‬‬
‫ابرندر)‪ 1‬على ذلك بقوله‪ " :‬وإن كان تفكك نظام الطبقات املغلقة سيغري اهلندوسية تغيريا عميقا‪ ،‬وبطرق ال‬
‫يعلمها إال هللا وحده‪ .‬ويف استطاعة املذهب اإلنساين االأدري‪ ،‬على املدى البعيد‪ ،‬أن خيفض للغاية من عدد‬
‫أعضائها (أي اهلندوسية)‪ ،‬ولكن سجل اترخيها الطويل يف املاضي يقول إن فرصها يف البقاء ال تزال جيدة"‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬النقد البوذي لنظام الطبقات‬
‫كانت نشأة البوذية كحركة مناهضة للهندوسية‪ ،‬فكان هدفها حماربة اخلرافات واالحنرافات اليت رأهتا يف اهلندوسية‬
‫الدنيا واملنبوذين إىل البوذية‪ .‬جدير‬
‫وبشكل خاص النظام الطبقي اليت سعت إلهنائه عن طريق جذب الطبقات م‬
‫ابلذكر أن مؤسس البوذية (بوذا)‪ 2‬كان منتمياً للطبقة الثانية كشرت‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬موقف الداينة البوذية من النظام الطبقي‬
‫يف واقع األمر‪ ،‬كانت نشأة البوذية كفلسفة أو دين إصالحي من اهلندوسية نفسها‪ ،‬وكان اهلدف من هذا الدين‬
‫اجلديد هو القضاء على الطبقية املقيتة يف اجملتمع اهلندي اليت مزقت أواصره‪ .‬فقد كان بوذا دائم القول لتالميذه‪:‬‬
‫تفسحوا يف األرض‪ ،‬وانشروا هذه العقيدة‪ ،‬يقصد؛ البوذية‪ ،‬وكان يبني هلم أن الفقراء واملساكني واألغنياء واألعيان‬
‫‪3‬‬
‫مجيعهم سواء‪ ،‬فكل الطبقات يف فلسفته البوذية تتحد لتفعل فعل األهنار فهي كلها تصب يف البحر‪.‬‬
‫كان بوذا قد رفض التضحية يف سبيل اآلهلة‪ ،‬واستنكر أشد االستنكار رؤيته للحيوان يمقتل يف سبيل‬
‫طقس ال جيين مثاره سوى الكهنة‪ .‬وهذا يقودان إىل رفضه للرتتيب الطبقي الذي يقضي يف اهلندوسية أبن القرابني‬
‫واألضاحي ال تتم إال عن طريق الربامهة أو طبقة الكهنة يف اهلندوسية‪ .‬وكما سبق وأشران أن التغيري يف النظام‬
‫الطبقي يعين التغيري يف العقيدة اهلندوسية ألهنما وجهان لعملة واحدة ال ينفكان‪ ،‬فلم يكن أمام بوذا سوى إنشاء‬
‫عقيدته أو فلسفته اخلاصة‪.‬‬

‫‪ 1‬ابرندر‪ ،‬جفري‪ .‬املعتقدات الدينية لدى الشعوب‪ ،‬ص‪.160‬‬


‫‪ 2‬يمنظر يف بوذا املوسوعة البوذية‪ :‬ص‪.9‬‬
‫‪ 3‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.16‬‬
‫‪- 349 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫فكان سعيه حنو تقدمي عقيدة أوسع آفقاً حنو احلرية‪ ،‬وذلك نكاية ابجلمود الفكري يف اهلندوسية‬
‫والصناعة الكهنوتية اليت متثل عصب الدين اهلندوسي‪ .‬وتمشري عدة مصادر إىل أن البوذية أصبحت ديناً منتشراً‬
‫ودعوايً بفضل تالميذ بوذا وأتباعه الذين سامهوا إبيصاهلا للمناطق املجاورة بعد وفاته‪ .‬كما تمشري اإلحصائيات إىل‬
‫م‬ ‫أن البوذية يف نطاقها األصلي مل ِ‬
‫تؤت مثارها كما يف املناطق البعيدة ففي اهلند تغلبت الربمهية عليها‪" .‬والطائفة‬
‫‪1‬‬
‫البوذية يف اهلند ال تتعدى اآلن مخسة ماليني"‬
‫ويوضح (د‪ .‬شليب)‪ 2‬أن إلغاء البوذية لنظام الطبقات وإبطاهلا مل يكن مبدأ أساسي‪ ،‬إمنا كان متوقفاً على‬
‫دخول الفرد للبوذية وقبوله لنظامها وشريعتها وهي الرهبنة‪ ،‬فال يوجد طبقية يف البوذية إذن سوى يف الرهبنة اليت‬
‫مبوجبها يتساوى سائر البشر‪.‬‬
‫ويمشري (د‪ .‬أبو زهرة)‪ 3‬إىل أن أبلغ األثر الذي أحدثته البوذية يف التاريخ اإلنساين هو إلغاؤها للنظام‬
‫الطبقي‪ ،‬وحموها للفروقات بني الطبقات على أساس طبيعة اخللق من اآلهلة وأخذها مببادئ املساواة يف احلقوق‬
‫ومبدأ معيار التفاضل يف املعرفة والسيطرة على اإلرادة اإلنسانية سيطرة كاملة‪ ،‬تكبح مجاح الذات على التغلب‬
‫عليها‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬النظرة البوذية لنظام الطبقات يف الندوسية‬
‫كما أسلفنا يف اإلشارة إىل األصل الذي قامت عليه البوذية‪ ،‬وهو فكرة التخلص من تسلط طبقة الكهنة على‬
‫اجملتمع اهلندوسي الطبقي‪ ،‬فقد كان تقدمي القرابني يتم عن طريقهم‪ ،‬حىت ابت األمر قاصراً على األثرايء وأصحاب‬
‫الطبقات العمليا‪ ،‬فلم يكن بوسع ابقي طبقات اجملتمع حتمل تكاليف األضاحي والقرابني اليت أصبحت ابهظة‬
‫الثمن‪ ،‬وهذا ما دفع طبقة الكهنة ليزدادوا ثراء مقارنة مع ابقي الطبقات‪ ،‬وساهم يف تشكل مالمح البوذية على يد‬
‫بوذا‪.‬‬
‫ويوضح (د‪ .‬حسن)‪ 4‬يف حديثه عن إنكار البوذية لآلهلة اهلندوسية فيقول‪" :‬فقد أنكرت البوذية االعتقاد‬
‫يف النفس األزلية ذات اجلوهر املستقل‪ .‬وبدالً من الربامها‪ ،‬روح الكون‪ ،‬استحدثت البوذية فكرة النريفاان ليأخذ‬
‫اخلالص شكل الدخول يف حالة من السالم الكامل يف حترر من دورة امليالد واملوت‪ ،‬وبعيداً عن األمل واملعاانة‬
‫حيث مت استئصال سببهما وهو الرغبة والشهوة والغضب"‪.‬‬

‫‪ 1‬املصدر نفسه‪ :‬انظر ص‪.24‬‬


‫‪ 2‬شليب‪ ،‬أمحد‪ .‬أداين الند الكربى‪ ،‬ص‪ .169‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫‪ 3‬أبو زهرة‪ ،‬حممد‪ .‬مقارانت األداين الدايانت القدمية‪ ،‬ص‪ .78‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫‪ 4‬حسن‪ ،‬حممد‪ .‬اتريخ األداين دراسة وصفية مقارنة‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 350 -‬‬

‫فعندما قامت البوذية ابستبدال األلة الربامها الذي هو أصل الوجود يف اهلندوسية ويتم تقسيم أفراد اجملتمع‬
‫وفقاً ملوقع خلقهم منه أساساً‪ ،‬فإهنا بذلك هدمت الطبقية يف اجملتمع البوذي‪ ،‬فلم يعد اخلالص مرتبط بطبقة‬
‫الكهنة الذي خلقوا من رأس برامها على أساس أهنم اخلاصة‪ ،‬وهبذا بدأ تشكيل الفلسفة البوذية بعيداً عن األلوهية‬
‫اليت مل يتطرق هلا بوذا نفسه وفضل عدم اإلجابة عن األسئلة املتعلقة ابأللوهية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن البوذية نفسها مل تستأصل الفلسفة التصوفية والزهدية املوجودة يف اهلندوسية‪،‬‬
‫وسعت لتحقيق االعتدال يف وضع مسار وسطي‪ ،‬ما بني الزهد والتقشف الشديد الذي بدوره مؤداه إلذالل‬
‫النفس وإماتتها وبني االنغماس يف األنشطة الدنيوية‪ ،‬ونالحظ مهنا أن التقشف الشديد وإذالل النفس كان جزء‬
‫من طريقة عيش طبقة الشودرا اليت كان جيب عليها االشتغال ابألعمال احلقرية‪ ،‬وإن كانت قادرة على العطاء‬
‫والعمل يف الوظائف اجليدة‪ ،‬كما وأن الوضع الذي رمسته اهلندوسية لطبقة الشودرا واإلقصاء للمنبوذين كان مصريه‬
‫إذالل للنفس‪ ،‬وهذا ما تبناه بوذا فيما بعد‪ ،‬كاعتقاده أبن احلياة معاانة وشقاء وربط الشهوة والرغبات ابلشرور اليت‬
‫جيب قتلها‪ ،‬ألهنا متنع البوذي من حتقيق النريفاان‪.‬‬
‫ومن املالحظ‪ ،‬أن البوذية مل تقبل ابلنظرة اهلندوسية لإلنسان‪ ،‬فسامهت يف نشأهتا ابلرتكيز على حرية‬
‫اإلنسان وأعطته نوعا من احلرية مل يكن ليجده يف اهلندوسية‪ .‬ففي اهلندوسية كان اإلنسان مرتبط بعقيدة التناسخ‬
‫اليت جتعل اهلندوسي ينتقل من حياة ألخرى سواء أفضل من سابقتها أو أسوأ دون ضابط معني‪ ،‬فحرمته القرار‬
‫وحرية اإلرادة يف تقرير مصريه أو تغيريه‪ .‬واستبدلت البوذية هذه العقيدة بفلسفة أكثر انفتاحا من خالل الكارما‬
‫واخلالص من دورة احلياة واملوت املتكررين‪ ،‬فجعلت قتل الرغبة والشهوة سبيل لتحقيق اخلالص من دورة التناسخ‪،‬‬
‫أما اهلندوسية فكانت تمقسم اجملتمع بنظام طبقي تصنيفي ال ميكن التخلص منه على مستوى الفرد أو اجلماعة فال‬
‫قرار وال حرية إرادة‪.‬‬
‫ويشرح (د‪ .‬حسن)‪ 1‬عن الطقوس والقرابني اليت كانت حمور رئيسي يف العقيدة اهلندوسية ويبني دور‬
‫البوذية يف حتييده والقضاء عليه بقوله‪" :‬وعلى مستوى الطقوس والشعائر رفضت البوذية الرتكيز اهلندوسي على‬
‫الطقوس وأنكرت قرابني األضاحي اليت تعد املظهر الرئيسي يف العبادة اهلندوسية"‪.‬‬
‫وألن النظام الطبقي يف اهلندوسية جعل منها داينة عرقية قومية أقرب للعنصرية بشكلها الداخلي‬
‫واخلارجي ونقصد مهنا بني اهلندوسي وبني غري اهلندوسي‪ ،‬فهي داينة ال تسعى جلذب األخر هلا‪ ،‬وجعلها اخلالص‬
‫مرتبط ابهلندوس‪ ،‬فنرى أن البوذية ابملقابل وضعت بمعداً إنسانياً جمرداً ودعوايً ساهم يف انتشار البوذية يف الشرق‬
‫والغرب حىت ابتت اليوم إحدى أكثر الدايانت اعتناقاً على مستوى العامل أبكثر من نصف مليار بوذي من بقاع‬

‫‪ 1‬حسن‪ ،‬حممد‪ .‬اتريخ األداين دراسة وصفية مقارنة‪ ،‬ص‪.78‬‬


‫‪- 351 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫مخمتلفة ما بني الشرق والغرب‪.‬‬


‫املبحث الثالث‪ :‬املوقف اإلسالمي من نظام الطبقات‬
‫يعترب الدين اإلسالمي دين توحيد‪ ،‬فهو يمقر بوحدانية اخلالق‪ ،‬ووحدانية النفس البشرية لقوله عز وجل‪( :‬ﭰ ﭱ‬
‫ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) ]األعراف‪ ،[189 :‬يف إشارة إىل أن مجيع البشر من مجيع‬
‫األعراق واأللوان واألصناف واالختالفات يرجعون يف أصلهم إىل أول اخللق آدم ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬وهذا ما ممييز‬
‫الدين اإلسالمي يف أنه يشمل حتت مظلته مجيع البشر دون انتقاص أو إقصاء ألي طائفة على حساب اجلنس أو‬
‫اللون أو النسب إخل‪ ،...‬وسنتناول يف هذا البحث مبشيئة هللا النصوص القرآنية الدالة على نفي الطبقية اليت ربطتها‬
‫بعض األداين واجملتمعات بـ االله واليت يف حقيقتها من صنع البشر وليس االله‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الرؤية القرآنية لنظام الطبقات‬
‫يقول املوىل عز وجل يف القرآن الكرمي‪( :‬ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) ]احلجرات‪ ،[13 :‬نالحظ أن اخلطاب الرابين يف هذه اآلية مخياطب مجيع الناس‪ ،‬فلم‬
‫يبدأ اآلية بـ اي أيها املؤمنون؟ أو اي أيها املسلمون؟ فإذن القاعدة هنا كلية وليست جزئية ألن هللا عز وجل استخدم لفظ‬
‫عام ال خيص طائفة أو جنس معني إمنا خيتص به كل إنسان على وجه األرض ونالحظ هنا اإلتقان والدقة يف األلفاظ‬
‫ومدلوالهتا‪ ،‬فاخلطاب هنا موجة للناس كافة ومعيار التكرمي والتشريف هنا هو التقوى‪ ،‬ونالحظ أن ما يستند عليه نظام‬
‫الطبقات يف اهلندوسية هو تقسيم الطبقات حسب مكاهنا وشرفها من اخلالق مبعىن حسب موقع خلقها من برامها‬
‫نفسه‪ ،‬ويوضح لنا القرآن الكرمي أن ال كرامة ألي بشر إال مبعيار التقوى عند اخلالق عز وجل فالناس سواء يف اخللق ال‬
‫فرق بينهم وال تكرمي وال شرف ألحد على آخر إال ابلتقوى والعمل الصاحل‪.‬‬
‫ويشرح لنا القرآن الكرمي ذلك بقوله‪( :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ) ]مرمي‪ ،[63 :‬لتضييق‬
‫املفهوم من الكل إىل اجلزء يف اجلزاء يوم احلساب‪ ،‬فيحصل التكرمي والتشريف ابلدخول للجنة ملن انل ثواب تقواه‬
‫وهذا أتكيد على أن معيار التفاضل هو التقوى ابالمتثال ألوامر هللا واجتناب نواهيه‪ ،‬ونالحظ أن لو كان معيار‬
‫التفاضل عند هللا حاشى هلل هو غري ذلك أو كما يصف بىن إسرائيل أبهنم الشعب املختار دون البشر‪ ،‬فلماذا نمفي‬
‫م‬
‫إبليس من اجلنة وهو يف معيار طبيعة اخللق أفضل من آدم ‪-‬عليه السالم‪-‬؟‪.‬‬
‫اجلواب‪ :‬أن النفي حصل إلبليس ألنه مل يتق هللا ومل يذعن ألوامره ابلسجود آلدم‪ ،‬فأختذ لنفسه معيار‬
‫الطبقية وهو ما ال يرضى به اخلالق فكما يصف لنا القرآن ذلك احلوار بقوله‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 352 -‬‬

‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) ]األعراف‪ ،[12 :‬فأختذ إبليس معيار اخلريية والتشريف والتكرمي لنفسه من‬
‫طبيعة خلقه‪ ،‬وهذا ما فعله اهلندوس عندما صنفوا اجملتمع لطبقات حسب مكانتهم من اخلالق كما يعتقدونه وهو‬
‫برامها‪ ،‬وهذا ما يتناىف مع املعايري اإلهلية اليت هي التقوى‪ .‬ولألسف هذا ما كان سائداً لدى ملوك أورواب وغريهم‬
‫سابقاً فكانوا يعتقدون أن الدم امللكي مورث وامللك هو انئب أو مفوض من اخلالق ليحكم بني الناس‪ ،‬وهذا ما‬
‫حدث بعد مقتل عثمان بن عفان ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬عندما اقتتل طائفتان من املسلمني‪ ،‬إحدامها كانت تستند‬
‫على هذا املعيار فاختذوا قرابة النسب من النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬لعلي ‪-‬رضى هللا عنه‪ -‬معيار الختيار‬
‫احلاكم وقالوا أبحقية اخلالفة لعلي ‪-‬رضى هللا عنه‪ -‬وحولوا األمر من الشورى إىل احلكم القائم على النسب‬
‫والتفضيل والتكرمي والقرابة من النيب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬النظام املتبع يف الدين اإلسالمي لتحديد معيار التفاضل واملفارقة بني البشر‬
‫يتخذ الدين اإلسالمي كما أسلفنا من التقوى والعمل الصاحل معيار للتفاضل بني بين البشر‪ .‬ولكن‪ ،‬هل ينفي‬
‫اإلسالم االختالفات بني البشر يف الرزق والقوة والثروة واألشكال واأللوان وغريها من األمور املادية؟‬
‫اجلواب‪ :‬أن اإلسالم مل ينف التفاوت بني البشر يف املسائل املادية‪ ،‬إمنا مل يتخذها معيار عند اخلالق عز‬
‫وجل يف التكرمي والتفضيل‪ ،‬ويقول املوىل يف كتابه عز وجل‪( :‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ‬
‫‪1‬‬
‫ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ) ]األنعام‪ ،[165 :‬ويشرح (ابن كثري)‬
‫هذه اآلية بقوله‪" :‬فآوت بينكم يف األرزاق واألخالق‪ ،‬واحملاسن واملساوئ‪ ،‬واملناظر واألشكال واأللوان‪ ،‬وله‬
‫احلكمة يف ذلك‪ .‬أي ليختربكم يف الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به‪ ،‬ليخترب الغين يف غناه ويسأله عن شكره‪،‬‬
‫والفقري يف فقره ويسأله عن صربه"‪.‬‬
‫ونالحظ أن القرآن الكرمي مل يستخدم لفظ الطبقات مطلقاً‪ ،‬بل استخدم لفظ الدرجة والدرجات يف‬
‫إشارة لنفي الطبقية على أساس اخللق والتوارث والنسب‪ .‬ويقول املوىل عز وجل يف كتابه لتبيان التفاوت احلاصل‬
‫بني الناس يف قوله تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫(ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ) ]الزخرف‪ ،[32 :‬ويمفسر اآلية (البغوى)‪ 2‬شارحاً‪(" :‬حنن‬
‫قسمنا بينهم معيشتهم يف احلياة الدنيا) فجعلنا هذا غنيا وهذا فقريا وهذا ملكا وهذا مملوكا‪ ،‬فكما فضلنا بعضهم‬
‫على بعض يف الرزق كما شئنا‪ ،‬كذلك اصطفينا ابلرسالة من شئنا‪( .‬ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) ابلغىن‬
‫‪ 1‬الدمشقي‪ ،‬أيب الفداء‪ .‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬ص‪743‬‬
‫‪ 2‬البغوي‪ ،‬أيب محممد‪ .‬معامل التنزيل‪ ،‬اجمللد السابع‪ :‬ص‪ 211‬و‪.212‬‬
‫‪- 353 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫واملال‪( ،‬ليتخذ بعضهم بعضا سخراي) ليستخدم بعضهم بعضا فيسخر األغنياء أبمواهلم األجراء الفقراء ابلعمل‪،‬‬
‫فيكون بعضهم لبعض سبب املعاش‪ ،‬هذا مباله‪ ،‬وهذا أبعماله‪ ،‬فيلتئم قوام أمر العامل‪ .‬وقال قتادة والضحاك‪ :‬ميلك‬
‫بعضهم مباهلم بعضا ابلعبودية وامللك‪( .‬ورمحة ربك) [يعين اجلنة] (خري) للمؤمنني (مما جيمعون) مما جيمع الكفار‬
‫من األموال"‪.‬‬
‫اإلسالمي ال يعرف الطبقات والتقسيمات بني أفراد اجملتمع‬ ‫ويمستنتج من اآلايت الكرمية أن الدين ٍّ‬
‫ويستنكر ذلك ويرفضه للمسلم ولغري املسلم‪ .‬فاإلسالم دين عدل وعدالة يقوم على القسط بني مجيع أفراد اجملتمع‬
‫فهم متساوون يف احلقوق والواجبات‪ ،‬أما مبدأ الدرجات والتفاوت فهو مبدأ إنساين يعرتف به اإلسالم ويقره‬
‫السنن الكونية وهلل يف خلقه شؤون فلو كان اجلميع غنياً واجلميع أبيض واجلميع مؤمن إخل‪ ..‬لن يكون‬ ‫ويعتربه من م‬
‫هناك ابتالء وال حاجة للبشر بينهم البعض ولن حيصل االجتماع فال غاية وال هدف للوجود فالتفاوت أمر مقبول‬
‫ومستحسن أما الطبقية فهي أتصيل هذا التفاوت واستخدامه كأساس للتفريق بني الناس بعضهم البعض فإمنا‬
‫التفريق حيصل مبا تكسب وتعمل وليس مبا هو خارج إرادتك كهيئتك ولسانك ونسبك فال اختيار يف هذه أما يف‬
‫األعمال واألمور الواقعة حتت إرادة اإلنسان فهي اليت متيزه فريقى بدرجته أو ينزل عنها‪.‬‬
‫ومل ختلوا السنة النبوية من تبيان أن التفاوت هذا مدعاة للتعاون والتكافل لقوله ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪:-‬‬
‫"املسلم أخو املسلم ال يظلمه وال يم ْسلمه‪ ،‬ومن كان يف حاجة أخيه كان هللا يف حاجته‪ ،‬ومن فرج عن مسلم كربة‬
‫‪1‬‬
‫فرج هللا عنه كربة من كرابت يوم القيامة‪ ،‬ومن سرت مسلما سرته هللا يوم القيامة"‬
‫وقوله ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪" :-‬مثل املؤمنني يف توادهم وترامحهم وتعاطفهم كمثل اجلسد‪ ،‬إذا اشتكى‬
‫‪2‬‬
‫يدل على نفي الطبقية يف اإلسالم من القرآن‬
‫منه عضو تداعى له سائر اجلسد ابلسهر واحلمى" ‪ .‬والعديد مما م‬
‫الكرمي والسنة النبوية والتأكيد على أن اجملتمع اإلسالمي جمتمع تعاون وتكافل ورمحة ومودة وأخوة‪ ،‬ولن يسعنا‬
‫ذكرها مجيعاً لسعتها واكتفينا مبا تيسر‪.‬‬
‫بل أن اإلسالم جعل الناس متساوون يف احلقوق والواجبات االجتماعية حىت أن رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬
‫يشا أمههم شأ من املخزوميَّةَ ِِ اليت سرقت فقالوا من يمكلِي مم فيها؟ قالوا من‬
‫عليه وسلم‪ -‬قال يف أمر السرقة‪" - :‬أن قر ً‬
‫رسول ِ‬
‫هللا صلى هللا عليه‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلَّم فكلَّ َمه أسامةم فقال م‬ ‫رسول ِ‬
‫ب َ‬ ‫ئ عليه إال أسامةم بن ز ٍّ‬
‫يد ِح ُّ‬ ‫َجي ِرت م‬
‫م‬
‫الضعيف أقاموا عليه‬ ‫فيهم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫م‬ ‫يف تركوه‪ ،‬وإذا سرق م‬ ‫فيهم الشر م‬ ‫وسلم‪ :‬إمنا هلك الذين من قبلكم‪ ،‬أهنم كانوا إذا سرق م‬
‫‪1‬‬
‫أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب املظامل والغصب‪ ،‬ابب‪ :‬ال يظلم املسلم املسلم وال يسلمه‪ ،)128 /3( ،‬برقم‪ ،)2442( :‬ومسلم‪ ،‬كتاب الرب والصلة‬
‫واآلداب‪ ،‬ابب حترمي الظلم‪ ،)1996 /4( ،‬برقم‪.)2580( :‬‬
‫‪2‬‬
‫أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الرب والصلة واآلداب‪ ،‬ابب تراحم املؤمنني وتعاطفهم وتعاضدهم‪ ،)1999 /4( ،‬برقم‪ ،)2586( :‬والبخاري‪ ،‬كتاب األدب‪،‬‬
‫ابب رمحة الناس والبهائم‪ )10 /8( ،‬برقم‪.)6011( :‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ ‫‪- 354 -‬‬

‫يدها"‪ .1‬وهذا إشارة إىل أن حىت النسب الشريف مل يستثن من‬


‫لقطعت َ‬ ‫هللا لو سرقت فاطمةم بنت ٍّ‬
‫حممد‬ ‫احلدَّ‪ ،‬وأمي ِ‬
‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫العدالة االجتماعية فالناس إذاً يف اجملتمع اإلسالمي سواء‪.‬‬
‫اخلامتة والنتائج‬
‫ويف اخلتام‪ ،‬أنمل يف أن تكون هذه الدراسة قد حققت املرامي من خالل توضيح النظام الطبقي يف اهلندوسية وما‬
‫نتج عنه من نقد ونشأة فلسفة من رمحه‪ ،‬والرؤية اإلسالمية حول النظام الطبقي‪ ،‬وما استبدلته من نظام اجتماعي‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الدراسة حول نظام الطبقات يف اهلندوسية والنقد البوذي اإلسالمي‪ ،‬قادتنا الدراسة‬
‫لعدة نتائج ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الطبقية يف اهلندوسية عقيدة وليس نظام عادي‪ ،‬فالتغيري فيها هو تغيري يف صلب العقيدة نفسها‪.‬‬
‫‪ -2‬يرتكز النظام الطبقي يف اهلندوسية على مواقع خلق الطبقات األربع من "برامها" الذي يعتربونه االله‬
‫أو روح الكون‪.‬‬
‫‪ -3‬يعود النظام الطبقي يف أتسيسيه إىل مرحلة الغزو اآلري لشبة اجلزيرة اهلندية يف القرون ما قبل امليالد‬
‫لغاية احلفاظ على الدم اآلري من االختالط‪.‬‬
‫‪ -4‬كان بوذا هندوسي ومن الطبقة الثانية "طبقة احملاربني"‪ ،‬ومترد على اهلندوسية وأنشأ فلسفته اخلاصة‬
‫للقضاء على تسلط الكهنة والتمييز مما قاد لتأسيس الداينة البوذية‪.‬‬
‫‪ -5‬موطن نشأة البوذية ال يعتنق فيه البوذية سوى ‪ 5‬ماليني شخص‪ ،‬ويعتربون أقلية‪ ،‬عكس املناطق‬
‫اخلارجية اليت انتشرت فيها البوذية بشكل أوسع وهذا لرتكز اهلندوس يف هذه املنطقة‪.‬‬
‫‪ -6‬توجد جمموعة خارج الطبقات األربع يمطلق عليهم "املنبوذون" يتجاوز عددهم أكثر من ‪ 200‬مليون‬
‫شخص يف اهلند وهم دون الطبقات األربع مجيعها‪.‬‬
‫‪ -7‬مل تتنب البوذية النظام الطبقي‪ ،‬وحاولت أن جتعل اخلالص شامالً فحولت البوذية إىل دين دعوي‬
‫تبشريي بعكس اهلندوسية اليت تبنت القومية الدينية وتشاهبت بذلك مع الدين اليهودي‪.‬‬
‫‪ -8‬مما أظهرته الدراسة يتضح أن نظام الطبقات يف اهلندوسية ال زال عائق أمام اجملتمع اهلندي‪ ،‬وأنه كان‬
‫اترخيياً سبباً لوالدة فلسفات وأداين من رمحه للخروج من السطوة الدينية اليت قسمت اجملتمع تقسيم ازيل‪.‬‬
‫‪ -8‬رفض اإلسالم الطبقية وأنكرها‪ ،‬وأعترب أن ميزان التفاضل هو التقوى والعمل الصاحل‪ ،‬وجعل الناس‬

‫‪ 1‬الراوي‪ :‬عائشة أم املؤمنني | احملدث‪ :‬األلباين | املصدر‪ :‬صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم‪ | 4916 :‬خالصة حكم احملدث‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪- 355 -‬‬ ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

‫يف اجملتمع اإلسالمي متساوون كأسنان املشط‪.‬‬

‫التوصيات‬
‫‪ -1‬دراسة إحصائية حول "الداليت" املنبوذون يف اهلند‪ ،‬حول تعدادهم ووضعهم االجتماعي واإلنساين‬
‫منذ مطلع القرن العشرون إىل الوقت املعاصر لقياس مدى كفاءة القوانني يف اهلند يف انصافهم ودجمهم مع اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬البحث حول مدى عالقة ارتباط األخالق أو السمات الشخصية يف هذه التقسيمات الطبقية يف‬
‫اهلندوسية مع الواقع‪.‬‬
‫‪ -3‬دراسة أحكام الرق يف اإلسالم‪ ،‬وأسباب نشأهتا ومدى ارتباطها ابلطبقية الوقتية اليت تنتهي ابلعتق‬
‫وما إذا كان ميكن تصنيفها كطبقية مؤقتة نظراً لظرف زماين حمدد أم مستمر‪.‬‬
‫‪ -4‬املقارنة بني األنظمة الطبقية يف القرون الوسطى مع النظام الطبقي يف اهلندوسية ومصادر اإللزام لدى‬
‫كالً منها وأسباب هناية األول واستمرار الثاين إىل وقتنا احلاضر‪.‬‬
‫‪ -5‬البحث والتقصي حول مبدأ حرية اإلرادة يف ترك الدين اهلندوسي وعواقبه على املنتمني هلذا الدين‪ ،‬مع‬
‫العمل الدعوي اإلسالمي يف سبيل توعية املضطهدين أو الرافضني للنظام الطبقي إبنسانية اإلسالم جتاه اجملتمع والفرد‪.‬‬
‫‪ -6‬دراسة أثر التقسيم الطبقي على التنوع والتعدد يف اللغات يف اهلند نظراً العتماد هذا التقسيم على‬
‫الفصل االجتماعي بني أفراد اجملتمع مما يؤشر الحتمالية بناء اجملموعة املعزولة للغات خاصة هبا للتواصل نظراً‬
‫البتعادها جغرافياً واجتماعيا عن اجملموعات األخرى‪.‬‬
‫عامر علي النعيمي‬ - 356 -

(‫ )املصادر واملراجع‬REFERENCES
[1] al-Qurʼān al-Karīm.
[2] al-Sunnah al-Nabawīyah.
[3] al-Bayrūnī, Abī al-Rayḥān. taḥqīq mā llhnd min maqūlat Maqbūlah fī al-ʻaql aw
mrdhwlh, al-Ṭabʻah al-thāniyah. Bayrūt: ʻĀlam al-Kutub, 1983m.
[4] Shalabī, Aḥmad. Adyān al-Hind al-Kubrá, al-Qāhirah: Maktabat al-Nahḍah al-
Miṣrīyah, 2000m.
[5] Ḥasan, Muḥammad Khalīfah. Tārīkh al-adyān dirāsah waṣfīyah muqāranah, al-
Qāhirah: Dār al-Thaqāfah al-ʻArabīyah, 2002m.
[6] Abū Zahrah, Muḥammad. muqāranāt al-adyān al-diyānāt al-qadīmah, al-Qāhirah:
Dār al-Fikr al-ʻArabī, 1965m.
[7] Kwlr, Jūn. al-Fikr al-sharqī al-qadīm, al-Kuwayt: ʻĀlam al-Maʻrifah, 1995m.
[8] Nūt, kym. alhndwsyh muqaddimah qaṣīrah jiddan, al-Qāhirah: Muʼassasat
Hindāwī lil-taʻlīm wa-al-Thaqāfah, 2016m.
[9] al-Aʻẓamī, Muḥammad. fuṣūl fī Adyān al-Hind, al-Madīnah al-Munawwarah: Dār
al-Bukhārī lil-Nashr wa-al-Tawzīʻ, 1997m.
[10] Bwdhā al-Mawsūʻah al-Būdhīyah.
[11] al-Dimashqī, ʻImād al-Dīn (Ibn Kathīr). tafsīr al-Qurʼān al-Karīm (tafsīr Ibn
Kathīr), (2000m). Bayrūt: Dār Ibn Ḥazm lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr wa-al-Tawzī.
[12] al-Imām al-Baghawī, Abū Aḥmad. Maʻālim al-tanzīl (tafsīr al-Baghawī), (1989m).
al-Riyāḍ: Dār Ṭaybah lil-Nashr wa-al-Tawzī.
[13] al-Shahrastānī, Abī al-Fatḥ. al-milal wa-al-niḥal, Bayrūt: Dār Ibn Ḥazm, 2021m.
[14] Bārndr, Jifrī. al-Muʻtaqadāt al-dīnīyah ladá al-shuʻūb, al-Kuwayt: ʻĀlam al-
Maʻrifah, 1993m.
[15] al-Saʻdī, Ṭāriq. dirāsah fī ʻaqāʼid wa-maṣādir al-adyān al-samāwīyah wa-al-adyān
al-waḍʻīyah, Bayrūt: Dār al-ʻUlūm al-ʻArabīyah, 2005m.
[16] al-Sawwāḥ, Firās. Mawsūʻat Tārīkh al-adyān, Dimashq: Dār ʻAlāʼ al-Dīn, 2006m.
[17] al-Saḥmarānī, Asʻad. alhndwsyh al-Būdhīyah alsykhyh, ʻAmmān: Dār al-Nafāʼis,
2007m.
[18] al-Khisht, Muḥammad. muqāranah al-adyān alfydyh, albrāhmānyh wa-al-
Hindūsīyah, al-Qāhirah: Maktabat Ibn Sīnā, 1996m.
[19] al-Khaṭīb, ʻAlī. al-Būdhīyah wa-al-Masīḥīyah wa-al-Islām, Bayrūt: Dār al-Hādī,
2004m.
[20] Quṭb, Sayyid. al-ʻadālah al-ijtimāʻīyah fī al-Islām, al-Qāhirah: Dār al-Shurūq,
1995m.
[21] Lūbūn, Ghūstāf. ḥaḍārāt al-Hind. al-Qāhirah: Muʼassasat Hindāwī, 2014m.
- 357 - ‫نظام الطبقات يف الندوسية وأثره على الندوس وموقف كل من البوذية واإلسالم منه‬

[22] Khān, ʻAbdussalām. al-falsafah al-Hindīyah al-qadīmah, Rāmfūr: Maktabat Riḍā,


1996m.
[23] Kabīr, hmāywn. al-Turāth al-Hindī min al-ʻaṣr alʼāry ilá al-ʻaṣr al-ḥadīth, abwẓby:
Hayʼat abwẓby lil-Thaqāfah wa-al-Turāth, 2010m.
[24] Qāsim, Qāsim. al-ḥaḍārāt al-Hindīyah al-qadīmah, al-Qāhirah: ʻAyn lil-Dirāsāt
wa-al-Buḥūth al-Insānīyah wa-al-Ijtimāʻīyah, 2014m.

You might also like