You are on page 1of 10

‫العادات و الضبط االجتماعي في‬

‫المجتمع الجزائري‬
‫د‪ .‬مخلوف‪-‬بن تونس ساجية‬
‫أستاذة محاضرة بقسم علم النفس‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪2‬‬
‫‪ ‬يبدأ الضبط اإلجتماعي في المجتمع الجزائري من خالل عملية‬
‫تقسيم األدوار أساسا‪ ،‬حيث يكلف الرجل بكل المهام التي تدور‬
‫خارج البيت‪ ،‬في حين تكلف المرأة بالمهام الداخلية (المنزلية‪ ،‬و‬
‫تربية البناء)‬

‫‪ ‬و نظرا لكون العائلة هي أهم جماعة إجتماعية على اإلطالق‪ ،‬فإننا‬
‫نعتبر األدوار التي تقوم بها المرأة هي أهمها‪ ،‬و أن السلطة التي‬
‫تتمتع بها هي األقوى و األكثر نفوذا و خطورة (عكس ما يروج له بأن‬
‫المرأة عبد ضعيف مستضعف مهضوم الحقوق‪)...‬‬
‫مكانة و دور المرأة في‬
‫النظام االجتماعي‬
‫التقليدي‪:‬‬

‫مرتبة الحماة‬
‫مرتبة األم‬
‫مرتبة الزوجة‬
‫‪ ‬هي المسؤولة على‬ ‫والدة الذكر تقوي نفوذ المرأة‬ ‫‪‬‬
‫تسيير شؤون العائلة‪ ،‬و‬ ‫في العائلة‬ ‫‪ ‬تربطها بزوجها عالقة‬
‫على اتخاذ كل القرارات‬ ‫تستثمر األم عالقتها العاطفية‬ ‫‪‬‬ ‫جنسية أساسا‬
‫الهامة الخاصة بها خاصة‬ ‫مع أبنائها بشكل كبير بحيث‬
‫تضل هذه العالقة مستمرة‬ ‫‪ ‬تعتبر عنصرا دخيال في عائلة‬
‫فيما يخص الزواج‪،‬‬ ‫مدى الحياة و ثابتة‬ ‫الزوج‬
‫الطالق‪ ،‬التسيير‬ ‫تمنع األم قيام أي عالقة بديلة‬ ‫‪‬‬
‫اإلقتصادي للعائلة‪...‬‬ ‫األم حامية‪ ،‬مغذية‪ ،‬متساهلة‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬اإلنجاب خاصة إنجاب ذكر‬
‫و متسامحة باستمرار‬ ‫هي الضمان الوحيد لبقائها‬
‫‪ ‬تظل األمور هكذا إلى‬ ‫في بيت الزوجية‬
‫هي المسؤولة األولى على‬ ‫‪‬‬
‫وفاتها حيث تسعى‬ ‫تربية األبناء‬
‫زوجات أبنائها إلى‬ ‫تحضر ابناءها للزواج‪ ،‬الذي‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬بالوالدة ترتقي المرأة إلى‬
‫االستقاللية حتى تتمكن‬ ‫سيسمح لها باإلرتقاء إلى‬ ‫مرتبة أهم و هي مرتبة األم‬
‫كل منهن من تسيير‬ ‫مرتبة الحماة (خاصة بعد زواج‬
‫االبن الذكر)‬
‫جماعتها الخاصة‪.‬‬
‫التنشئة اإلجتماعية التقليدية‬
‫تعتبر األم في النّظام اإلجتماعي التّقليدي المسؤولة األولى عن تربية األبناء‪،‬‬
‫تماما كما هو األمر بالنسبة لإلنجاب و تحديد جنس الجنين‬
‫ينص عليه النّظام اإلجتماعي ال ّتقليدي‬
‫ّ‬ ‫تسهر األم على تنشئة أبنائها بما‬

‫تربية الفتاة‬
‫تربية الذكور‬
‫تنمي األم عندها صفات المرأة‬ ‫‪‬‬
‫المستسلمة و الخاضعة و المطيعة‬
‫تحضرها للزواج بشكل مبكر جدا ذلك من‬ ‫‪‬‬
‫خالل إشراكها في المهام المنزلية‪ ،‬و‬
‫تنمي األم عنده صفات الرجولة (التشدد‬ ‫‪‬‬
‫اإلعتناء باإلخوة و األخواة‪ ،‬و من خالل‬
‫و التسلط) تحضيرا له لقيادة أسرة‬
‫التحضير المادي بجمع الحلي األقمشة و‬
‫المستقبل‬
‫األفرشة مبكرا جدا‬
‫تحضره للزواج بشكل متأخر جدا‪ ،‬يكون‬ ‫‪‬‬
‫تعلمها الصبر‪ ،‬و الخضوع‪ ،‬و تدربها على‬ ‫‪‬‬
‫ذلك بإقناعه بالزواج عندما ترى هي‬
‫تسيير الجماعات الصغيرة التي ستلدها‬
‫الوقت مناسب‬
‫تعلمها الحفاض على عذريتها‬ ‫‪‬‬
‫تعرض عليه المرأة التي تراها مناسبة‬ ‫‪‬‬
‫ل حاجة زوجها‬ ‫تعلمها كيف تستغ ّ‬ ‫‪‬‬
‫له‬
‫الجنسيّة‪ ،‬من أجل تقليص ارتباطه‬
‫لمجرد حصولها على موافقته‪ ،‬تقوم‬ ‫‪‬‬
‫العاطفي الكبير بأمه‪ ،‬و تقريبه منها أكثر‪.‬‬
‫باإلجراءات الالزمة للحصول على موافقة‬
‫ل عالقتها بأوالدها‬‫تعل ّمها أيضا كيف تستغ ّ‬ ‫‪‬‬
‫أهل العروس‬
‫من أجل التّأثير على زوجها‪ ،‬و بالتالي‬
‫تبدا بالتحضير للعرس وفقا للعادات و‬ ‫‪‬‬
‫النّجاح في تشكيل جماعة خاصة بها‪،‬‬
‫التقاليد‬
‫تتك ّفل يوما ما بتسييرها و بتنظيم شؤونها‪.‬‬
‫أهمية دور النساء في‬
‫التحضير للزواج‬

‫ل شؤون الزّواج‪ ،‬إبتداءا من‬‫ن الل ّواتي يسيّرن ك ّ‬


‫‪ ‬النّساء ه ّ‬
‫د الفتاة إلى ليلة الزّفاف‪ ،‬بل و خالل فترة الحياة‬‫طلب ي ّ‬
‫خل الرّجال إال حفاظ على المظاهر‪.‬‬ ‫الزّوجية أيضا‪ ،‬و ما تد ّ‬
‫»إن التّردّدات‪ ،‬و اتّخاذ المواقف و المواقف المضادة‬
‫من مهام الرّجال‪ ،‬بينما يشرع في عمل طويل في‬
‫الخفاء من طرف النّساء‪ ،‬الل ّواتي –في الحقيقة‪-‬‬
‫يعقدن و يفسخن الزّواج وفقا للتوتّرات التي تعبر و‬
‫ترهق األفراد في عالقاتهم اليوميّة‪ ،‬العديدة و‬
‫قدة‪)KHELIL, 1984, p. 89( « ...‬‬ ‫المع ّ‬
‫أهمية العذرية في النظام‬
‫االجتماعي التقليدي‬

‫‪ ‬يعتبر النّظام اإلجتماعي التّقليدي عذرية الفتاة المعيار الذي يتحكّم من خالله على‬
‫الط ّاقة الجنسيّة عند الفتاة‪ ،‬كما أنها المعيار الذي يقيس به القدرة الجنسيّة‬
‫للرّجل‪ ،‬لذلك فإنـه يركّز كثيرا – في تربيـة الفتاة‪ -‬على الجانب الجنسي‪.‬‬

‫‪ ‬يقول مالك شبال في هذا الصدد ما نصه‪ » :‬العذرية من المحرّمات اإلجتماعية و‬


‫هذه المحرّمات تجبر الفتاة على صيانة عذريتها حتى ليلة زفافها‪ ،‬فهي دليل‬
‫طهارتها‪ ،‬كما أنها دليل على قدرة الرّجل الجنسيّة ‪ ،‬و فعاليته في الممارسة‬
‫الجنسيّة‪ ،‬التي تهدف إلى اإلنجاب‪)CHEBAL, 1984, p. 33( «.‬‬
‫دد شرف العائلة الجزائريّة عامة‪ ،‬خطر يترصّده رجال العائلة‬
‫‪ ‬هذا يصوّر الفتاة كخطر يه ّ‬
‫الشعبيّة فيما نصّه‪» :‬‬ ‫ّ‬ ‫منذ والدتها حتى يوم زواجها‪ .‬صوّر ذلك أحد األمثال‬
‫تقششين‪ ،‬أماكن أتخزنط أقنطار الباروذ‪ ،‬أماكن أتفزط أزال‪ :‬ما فغنت ذلخوف‪ ،‬ما‬
‫كشمنت ذلخوف‪( )GENEVOIS, 1962, p. 20(« .‬من عنده بنات في بيته كمن‬
‫يخزّن قنطـارا من البارود‪ ،‬أو كمن يمضغ الحديد‪ ،‬الخوف إذا خرجن و الخوف إذا بقين‬
‫في البيت)‪.‬‬

‫‪ ‬هذا من أهم أسباب التخوف من إنجاب الفتيات‪ ،‬باإلظافة إلى كونهن –حسب هذا‬
‫ي‪» :‬ثقشيشث‬ ‫الشعب ّ‬
‫ّ‬ ‫النظام‪ -‬استثمار خاسر ال مفرّ منه‪ ،‬أو كما جاء في المثل‬
‫أتعمر إخامن نمدن‪ ،‬أقشيش أذعمر أخام نباباس‪GENEVOIS, 1962, p. (« .‬‬
‫‪( )21‬سوف تمأل الفتاة بيوت الغير بال ّ‬
‫ذريّة‪ ،‬في حين يمأل الولد بها بيت أبيه‪).‬‬

‫‪ ‬طبعا ممارسات عديدة موجودة في النظام االجتماعي التقليدي نتيجة هذا التخوف‬
‫الشديد من العذرية نذكر منها بعض الممارسات السحرية كالربيط‪ ،‬طلب شهادة‬
‫العذرية في بعض المناطق‪ ،‬إظهار دليل العذرية بعد ليلة الزفاف في‬
‫بعض المناطق األخرى‪...‬‬
‫تنمية سلوكات التحفظ‪،‬‬
‫التجنب‪ ،‬و اإلحترام عند‬
‫الجنسين‬

‫‪ ‬يستدعي الحفاظ على شرف العائلة و على تماسكها تنمية «الحشمة» و‬


‫«الخوف من الجنس اآلخر» عند أبنائها‪ ،‬و خاصة عند الفتيات‪,‬‬

‫‪ ‬من أجل ذلك تنمي عند كال الجنسين سلوكيات التّح ّفظ‪ ،‬و اإلحترام‪ ،‬و‬
‫التّجنّب‪ ،‬و ذلك حفاظا على شرف العائلة و على تماسك الجماعة العائليّة‪.‬‬

‫‪ ‬يسلك الرّجال و النّساء فيما بينهم سلوكيات التّحفّظ‪ ،‬و اإلحترام‪ ،‬أو‬
‫التّجنّب‪ ،‬سواء كانوا أقاربا أو غرباء‪ .‬الهدف من ذلك فيما بين األقارب‪،‬‬
‫هو تدعيم تحريم قيام عالقة جنسيّة بين المحارم‪ ،‬أما بين الغرباء‪،‬‬
‫فالهدف من ذلك هو حفظ عرض المرأة و بالتالي شرف عائلتها‪.‬‬
‫مظاهر سلوكات التحفظ‬
‫اإلحترام و التجنب‬

‫في الل ّغة‬


‫في الملبس‬ ‫في التصرفات و‬ ‫المستعملة عند الرّجل‪ :‬إذ‬
‫األفعال‬ ‫ال يليق به –مثال‪ -‬أن يذكر‬
‫الجزائريّة‬ ‫المرأة‬ ‫عم‬‫تد ّ‬ ‫على كل جنس أن يحترم‬ ‫‪‬‬ ‫اسم أمه‪ ،‬أو أخته‪ ،‬أو زوجته‬
‫و‬ ‫التّح ّفظ‪،‬‬ ‫سلوكيات‬ ‫الفضاء الخاص باآلخر‪:‬‬ ‫في حديثه مع أمثاله من‬
‫اإلحترام‪ ،‬أو التّج ّنب المذكورة‬ ‫المرأة‪ :‬ال يحق لها أن‬ ‫‪‬‬ ‫الرّجال‪ ،‬و كأنه يخاف من‬
‫آنفا بااللتزام بلباس محتشم‪،‬‬ ‫مع الرّجال‪:‬‬‫تدخل أماكن تج ّ‬ ‫إثارة مطامعهم‪ ،‬و استباحة‬
‫مقاهي‪ ،‬مالعب كرة القدم‪،‬‬
‫يخفي مفاتنها و يحميها من‬ ‫عرض نساء عائلته‪ .‬من أجل‬
‫ثجماعث ‪...‬‬
‫مطامع الرّجال‪ ،‬حيث تتستّر‬ ‫ال يجوز لها الخروج إلى‬ ‫‪‬‬ ‫ذلك يستعمل كلمة "البيت"‪،‬‬
‫وراء "جبّتها" و هي داخل‬ ‫الشارع بال مبرر أو أن تظل‬ ‫دار"‪ ،‬أو "‬
‫أو " األهل" أو " ال ّ‬
‫البيت‪ ،‬في حين تختفي‬ ‫فيه إلى ساعة متاخرة‬ ‫العجوز" أو "هي" أو كلمة‬
‫تماما وراء "الحايك"‪ ،‬أو‬ ‫ال يجوز أن تتزين أمام‬ ‫‪‬‬ ‫"أخام"‪ ،‬أو " ثمغارث (عند‬
‫ل‬
‫"القشابيّة"‪ ،‬أو ما يح ّ‬ ‫الرجال‬ ‫الناطقين بالقبائليّة) عند‬
‫محل ّهما (حسب الزّمان و‬ ‫الرجل‪ :‬فال يجوز له البقاء‬ ‫‪‬‬ ‫حديثه عن إحدى نساء‬
‫المنطقة) عند الخروج من‬ ‫في البيت طويال‬ ‫عائلته‪ ،‬و هي كلمات خالية‬
‫ال يجوز ألي رجل غريب‬ ‫‪‬‬
‫البيت لقضاء حوائجها‪.‬‬ ‫تماما من أي بعد جنسي‪.‬‬
‫دخول بيت آخر دون أن يكون‬
‫مصحوبا بأحد رجال العائلة‪,‬‬
‫التغيير و مقاومة التغيير في المجتمع الجزائري‬
‫المعاصر‪:‬‬

‫‪ ‬تأث ّرت المرأة الجزائرية المعاصرة بالعديد من العوامل‪ ،‬التي جعلتها أكثر تواجدا خارج البيت من‬
‫مها ‪:‬‬
‫ذي قبل‪ ،‬أه ّ‬
‫السياسي الذي فرض على األبوين تدريس أبنائهم من كال الجنسين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬العامل‬
‫مل أعباء الحياة‪ ،‬و‬
‫‪ ‬العامل اإلقتصادي الذي دفع بالمرأة إلى العمل و مساعدة زوجها في تح ّ‬
‫مواجهة غالء المعيشة الفاحش‪.‬‬
‫‪ ‬العولمة‪ ،‬حيث تأث ّرت بالثّقافة الغربيّة‪ ،‬التي اط ّلعت عليها عبر مختلف وسائل اإلعالم الحديثة‪،‬‬
‫ل‬
‫أو عن طريق اإلحتكاك باألجانب‪ ،‬فغيّرت من مظهرها‪ ،‬بحيث يكون أكثر مواكبة للعصر‪ ،‬و أق ّ‬
‫دعي " التّحرّر"‪.‬‬
‫تقييدا لحركاتها‪ ،‬مما يجعلها ت ّ‬

‫‪ ‬لكن هل يمكن فعال الحديث عن التغيير في المجتمع الجزائري؟ ما مظاهر هذا التغيير؟ أو‬
‫ربما مظاهر مقاومة التغيير؟ و ما آثار ذلك على سلوكات األفراد من كال الجنسين؟‬

You might also like