ثانيا :ضرورة التفاعل وأهميته بالنسبة للنمو اللغوي:
يتحتم على األطف ال الص م ووال ديهم(أولي اء أم ورهم) أن يش تركوا مًع ا وعلى نح و فع ال نش ط في تفاعالت وإ حتكاكات تواصلية ،ولكي نوفر للطفال الصم أفضل ببيئة ممكنة لتلم اللغة وإ كتساب مهاراتها فإن ه يتحتم عليهم االش تراك في عملي ات التواص ل واالنهم اك فيه ا على نح و إيج ابي فع ال ،ال أن يكون وا مجرد هدف لالستثارة اللغوية وجرحهم من قبل اآلخرين للتواصل معهم واالستجابة لهم ،وأنه لما يؤسف له أن المشاركة السلبية المفروضة على األطفال الصم غالًب ا ما تصبح نمًط ا متكرًر ا حين تقوم أمهاتهم على نح و غ ير متعم د أو مقص ود ب اإلفراط في تعويض هم عن القص ور الس معين وإ مط ارهم بواب ل من االس تثارة اللغوي ة ،ك ذلك فإن ه ينبغي تش جيع األطف ال الص م على المش اركة اإليجابي ة الفعال ة في التفاع ل التواصلي، كم ا ينبغي تقب ل مح اوالتهم نح و التواص ل أًي ا ك انت ،س واء أك انت إيم اءات أو إش ارات أو لفت إنتب اه الغ ير إليهم ،أو ك انت كالم ا لفظًي ا باإلض افة إلى ض رورة دمج ك ل ذل ك في محادث ات وحوارات. ثالثا :الجوانب التنغيمية للغة: في بداي ة النم و اللغ وي من الكلم ات ،فق د وص ف العلم اء تل ك الج وانب التنغيمي ة التعبيري ة بأنه ا المالمح أو الخصائص اللغوية األولى التي يستجيب لها عادي والسمع من األطفال ،كما وصفوها بأنها المه ارات اللغوي ة ال تي يكتس بها أولئ ك األطف ال ،كم ا تب دو واض حة في م ا يقوم ون ب ه من ثرث رة (كالم يع وزه الوض وح والمع نى والتراب ط) ،وس جع كه ديل الحم ام ،رطان ة غ ير مفهوم ه أو م ا يش به ذل ك مم ا ينظر إليه بإعتباره المراحل األولى من النمو اللغوي. كذلك فقد ذكر العلماء أن األمهات حين يفسرن تلفظات أطفالهن السابقة إلكتساب اللغة (كإستخدام الطف ل للمقط ع) " ه ا " ،مص حوبا بالتأكي د الص وتي على ج وانب تنغيمي ة مختلف ة ،إنم ا يس تجبن لك ل من اإلطاعات (القرائن الدالة) الصوتية والمالمح والخصائص التنغيمية ،كذلك وجد أن األمهات يبالغن في نط ق المالمح التنغيمي ة ال تي تب دو في التأكي د على المق اطع الص وتية ،وطبق ة الص وت ،وتنغيم كالمهن، ومدى ما تستغرقه الكلمة من وقت عند نطقها ،وقد قدم بعض العلماء تفسيًر ا مقترًح ا لما تقوم به هؤالء األمهات من مبالغات باعتبارها جهوًد ا مبذولة من ناحيتين لمساعدة أطفالهن على فهم حرفي لما تشتمل عليه اللغة من معان ومضمونات. هذا ما يحدث بالنسبة لعادي السمع من األطفال وأمهاتهن ،فإذا قارنا الصم بهم في هذا الجانب من النمو اللغوي فإننا نجدهم عاجزين عن إدراك تلك الجوانب التنغيمية واإلفادة منها مما يعد فارًقا آخ ر بينهم وبين أقارنهم العاديين من حيث البيئة اللغوية التي يكتسبون مهارات اللغة من خالل التفاعل معها، وال يوجد لدينا من البحوث والدراسات ما يوضح أثر إنعدام االستثارة التنغيمية بجوانبها المختلفة على إكتساب األطفال الصم للغة اللهم قدر ضئيل اليكاد يذكر من تلك الدراسات. ومن بينه ا م ا ذك ره بعض العلم اء ممن تعرض وا لدراس ة لغ ة اإلش ارة األمريكي ة ،ASLمم ا يوحي بأن هناك ميكانزمات معينة في تلك اللغة تستخدم كبديل لتلك الجوانب التنغيمية ،وإ ذا كان األمر كذلك فإن مستخدمي لغة اإلشارة األمريكية األصليين قد يقومون بنقل وإ يصال المعلومات (التي تنقل في الح االت واألوض اع االعتيادي ة عن طري ق الخص ائص التنغيمي ة) إلى األطف ال الص م من خالل قن وات أخرى مختلفة (مثل تعبيرات الوجه ،ومضان العينين على نحو متكرر ،أو تحركات اللسان ،أو سرعة وحجم الحركات اإلشارية). رابعا :يتأثر النمو المبكر: بالنمط الذي يتبعه الكبار الراشدون في حديثهم إلى أطفالهم الصغار فلكي يحدث إكتساب اللغة، يجب ان يكون هناك تفاعل تواصلي يطلق وسلسل بين األطفال الصم ومستخدمي اللغة من الكبار ممن نض جت وإ كتملت مه اراتهم اللغوي ة ،وق د ق امت بعض الدراس ات بوص ف الخص ائص والس مات المم يزة لتفاعالت التي حدثت بين أزواج (مجموعة مكونة من إثنين كل على حدة) من أمهات عاديات وأطفالهن العاديين كذلك ،أي بين كل أم وطفلها ،حيث قامت األمهات بتهيئة وتكييف حديثهم ليالئم أطفالهم الرضع بإدخال تعديالت على أصوات كالمهن ومعاينته وتركيب جملة مما جعل كالمهن نافًع ا ومفيًد ا لعملية تعلم اللغة. كذلك فقد قامت األمها في تلك التفاعالت التواصلية بإستخدام لغة أكثر تقدًم ا ولو بقدر ضئيل من لغة أطفالهن كما قمن بقياس ومعايرة تواصلهم التعبيرية في الغالب األعظم بما زودهن به أطفالهن من تغذية مرتدية. وق د توص لت دراس ات أخ رى إلى س مات مش ابهة في التف اعالت التواص لية ال تي تمت بين أزواج (إث نين إث نين) من أمه ات الص م وأطف الهم الص م ك ذلك ،ولس وء الح ظ لم تثبت الدراس ات وج ود ه ذه السمات أو الخصائص بصفة عامة في التفاعالت التواصلية التي تمت في مجموعات زوجية مكونة من أمه ات عادي ات وأطف الهن الص م ،إذ ع انت تل ك التف اعالت من إنع دام العنص ر الرئيس ي ال ذي ي وفر له ا النجاح والفائدة ،أال وهو النظام التواصلي المشترك. وق د أدى غي اب ه ذا النظ ام المش ترك إلى إعاق ة التف اعالت التواص لية من أن تتم بين أف ارد ه ذه المجموع ات بسالس ة وطالق ة وراح ة وس هولة مم ا جع ل الق وى المحرك ة له ذه المجموع ات الزوجي ة األخيرة تختلف بشكل واضح عن المجموعتين السابقتين من األمهات واألطفال. وليس من المعروف حتى اآلن مدى تأثير تلك البيئة اللغوية المختلفة (أي التي ينعدم فيها النظام التواصلي المشترك) على الصغار الصم وإ كتسابهم للغة ،وعلى كل حال فإن تلك البيئة في الغ الب لن ت وفر له ؤالء الص غار الص م ف رص تعلم أمث ل وأفض ل نظ ًر ا إلختالفه ا الواس ع ،عن البيئ ات اللغوي ة الطبيعية. خامسا :للتغذية المتردة أثر كبير: في ترقية النمو اللغوي وبخاصة فيما يتعلق بالمعاني التي يقصدها األطفال الصغار الصم ،يحتاج الصغار من األطفال الصم شأنهم في ذلك شأن األطفال العاديين ،إلى تعزيز إيجابي وتدعيم قوي لكي يضاعفوا ما إكتسوبه من سلوك أو على األقل يتعهدوه بالرعاية واالحتفاظ به ،فالطفل األصم قد يحتاج إلى ش يء من الحليب ،ولكي ينق ل ش عوره بتل ك الحاج ة إلى أم ه فإن ه ق د يبض رب بقبض ته على ب اب الثالجة ،وحين تستجيب له األم بفتح بابها فإنه سيشير إلى علبة الحليب ،وعندئذ يمكن القول بأن عملية التواصل بين الطفل األصم وأمه قد حدثت ،فإذا أمسكت األم بعلبة الحليب وأعطت لطفلها قدًر ا منه ،ثم أش ارت بي دها أو تح دثت عن اللبن ،أو إذا أمس كت بعلب ة الحليب وه زت راس ها قائل ة (ال ال حليب اآلن، ليس اآلن) ،فإنه ا في كلت ا الح التين تك ون ق د أملت طفله ا ألص م بتغذي ة مرت دة مش يرة أنه ا ق د فهمت مض مون التواص ل في ه ذا الموق ف ،من ناحي ة أخ رى ف إن الطف ل عندئ ذ ق د ت وفرت لدي ه طريق ة أو إس تراتيجية تواص لية ،كم ا ت وفر ل ه ق در مناس ب من الثق ة ب ان تل ك االس تراتيجية س وف ت ؤدي إلى نفس النتائج مرة ثانية ،أضف إلى ذلك أن والدته سوف تسنح لها فرصة مستمرة لمساعدة طفلها على تنمية لغت ه ،وعلى العكس من ذل ك إذا تج اهلت األم ق رع طفله ا لب اب الثالج ة فإن ه س رعان م ا تض عف همت ه وتخور عزيمته ويصيبه اإلحباط ثم ينتهي به األمر إلى اإلستسالم والتخلي عن محاولة التواصل مرة أخ رى ،من جه ة أخ رى ف إن والدت ه س وف تض يع فرص ة ثمين ة ك ان يمكن أن تس تغلها في تحس ين تعلم طفلها للغة وإ رتقاء مهاراته فيها.