You are on page 1of 46

‫اﻟﻌﺪد ‪ - 8‬رﺑﻴﻊ ‪2022‬‬

‫ّ‬
‫ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد‬
‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ّ‬
‫اﻟﻄﻼب‬
‫ﻛﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴّﺔ‬

‫‪manhajiyat.com‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن تح ّديات التقويم في المدارس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فخ هذه التصنيفات‬ ‫التعلّميّة‪ .‬أال تقع بعض المدارس في ّ‬ ‫الطلب‬ ‫ال خالف حول التح ّديات التي تواجه عمليّة تقويم ّ‬ ‫ّ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الناتجة عن إجراءات تقويم غير ف ّعالة أو مناسبة؟ هذا‬ ‫في المدارس‪ ،‬ومدى ربطها باحتياجات الطالب من‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤكد عليه المقال الثالث الذي يتناول كيفيّة تقييم‬ ‫ما ّ‬ ‫جهة‪ ،‬وبسياسات تعليميّة عادلة وف ّعالة من جهة أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصعوبات التعلّميّة لدى ّ‬
‫الطلب ثنائيّي اللغة دون الوقوع‬ ‫فممارسات التقويم ل ّما تستطع بع ُد أن تح ّرر الطالب‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‪،‬‬
‫في نوع من المقاربة "القصور يّة" في تحليل نتائجهم‪ .‬وكون‬ ‫صحته النفسيّة‬ ‫من عبء هذه المه ّمة وتداعياتها عىل ّ‬
‫التغيير في طرق التقويم يجب أن يطال ثقافة المدرسة‬ ‫وتحصيله الدراس ّي ونجاحه التربويّ‪ ،‬فهو ضحيّة ممارسات‬
‫وسياساتها ومناهجها المتّبعة‪ ،‬ث ّمة مقال عن أنموذج‬ ‫بدل من دعمه لتطوير‬ ‫تحاكمه عىل مستواه المعرف ّي اآلن ّي‪ً ،‬‬
‫لتطبيق التقويم البديل والذي ينبثق من البرنامج المدرس ّي‬ ‫معارفه ومهاراته وربطها بما يحدث خارج سياق المدرسة‪.‬‬
‫المعتمد واحتياجات المنهج‪ .‬وفي اإلطار ذاته‪ ،‬مقال‬ ‫وتحكمت به وبدوره أدوات‬ ‫ّ‬ ‫وث ّمة تح ّديّات واجهت المعلّم‬
‫يليه عن التقويم عن طريق التخطيط باعتماد استراتيجيّة‬ ‫التقويم والسياسات المدرسيّة وفرضت عليه آليّة عمل‬
‫من شأنها دمج المتعلّمين وزيادة دافعيّتهم‪ .‬وباالنتقال‬ ‫ميكانيكيّة أض ّرت‪ ،‬في بعض األحيان‪ ،‬بأسس تدريسه ورؤيته‬ ‫ّ‬
‫إىل المقالين السادس والسابع‪ ،‬ندخل في تفاصيل أدوات‬ ‫التربويّة‪ ،‬وح ّدت كذلك من مرونته‪ ،‬وتركته أسي ًرا للمعارف‬
‫الصفيّة التي تنطلق من مالحظة‬ ‫ّ‬ ‫التقويم والممارسات‬ ‫التي ال يسمح الكتاب المدرس ّي بتداول غيرها‪ .‬ال زالت أدوات‬
‫ّ‬
‫مستم ّرة متغيّرة الحتياجات الطلب‪ :‬مقال عن استراتيجيّة‬ ‫منحى معيار يًّا‬
‫التقويم المستخدمة وطرق تطبيقها تعكس ً‬ ‫ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺸﻮﻟ ّﻲ‬ ‫ﺗﺤﺮﻳﺮ وﺗﺪﻗﻴﻖ ﻟﻐﻮيّ‬
‫األسئلة المفتوحة‪ ،‬وآخر عن األلعاب اإللكترونيّة التي حلّت‬ ‫ً‬
‫منفصل عن العمليّة التعليميّة‪ ،‬بدل أن يكون التقويم بنائيًّا‬ ‫ّ‬
‫ﺳﺎرة ﻣﺤﻤﺪ )ﻗﺴﻢ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻓﻲ ﺗﺮﺷﻴﺪ(‬
‫مكان االمتحان التقليديّ‪.‬‬ ‫فضل عن تح ّديات واجهت المدرسة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وجز ًءا أساس ًيّا منها‪.‬‬
‫إذ غال ًبا ما كانت تَخضع سياساتها التربويّة وأدوات قياسها‬ ‫ّ‬
‫الملف‪ ،‬مقال عن التعلّم من خالل المشاريع‪ ،‬يقترح‬ ‫ّ‬ ‫خارج‬ ‫ّ‬
‫الخاصة بها‪،‬‬ ‫لسياسات الدولة االقتصاديّة ومعايير التنمية‬ ‫ّ‬
‫علينا إغالق الكتب وتطوير المهارات‪ .‬ومقال عن أه ّميّة‬ ‫عادل وال يسمح بتكافؤ الفرص بين‬ ‫ً‬ ‫فنظام التعليم ليس‬ ‫ّ‬
‫التمايز في العمليّة التعليميّة وعن إمكانيّة تطبيق التعليم‬ ‫المتعلّمين‪ .‬وعليه‪ ،‬يتناول العدد الثامن من منهجيّات هذه‬ ‫ّ‬
‫تركز عىل الجانب‬ ‫المتمايز‪ .‬والتعليم ليس عمليّة بيداغوجيّة ِ ّ‬ ‫التح ّديات من خالل موضوعات متنوّعة‪.‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ّ‬
‫المعرف ّي فحسب‪ ،‬بل تطال الجانب االجتماع ّي العاطف ّي‬
‫مقال عن الفاقد التعلّم ّي والفاقد‬ ‫ً‬ ‫أيضا‪ ،‬من هنا نجد‬ ‫ً‬ ‫ملف العدد في "التقويم كممارسات تعليميّة" من‬ ‫يبحث ّ‬
‫االجتماع ّي العاطف ّي‪ .‬وحول ربط التعليم بالواقع ليكون‬ ‫خالل سبع مقاالت تعرض مفهوم التقييم أو التقويم من‬
‫أستاذا"‪ ،‬مقال رابع حول هذا‬ ‫ً‬ ‫حقيق ًيّا‪" ،‬دعوا الواقع يصير‬ ‫زوايا مختلفة‪ .‬يتركنا المقال األ وّل مع أسئلة ّ‬
‫تأمليّة حول دور‬
‫الموضوع‪ .‬والتعلّم النشط في قلب معادلة التعليم الف ّعالة‪،‬‬ ‫الطالب في عمليّة تقييم تعلّماته ويطرح إشكاليّة السلطة‬
‫الصف إىل المنزل يأخذنا إليها‬ ‫ّ‬ ‫وهذه رحلة تعلّم نشط من‬ ‫المعرفيّة التي نمارسها عىل الطالب من خالل ممارسات‬
‫طلبه؟‬ ‫سفراء العلوم‪ .‬وهل يفهم المعلّم احتياجات ّ‬ ‫التقييم‪ .‬يقتضي التقويم مسؤوليّة مشتركة‪ ،‬وذلك في‬
‫طلبه؟ هذا المنظور‬ ‫يوما مكان ّ‬‫هل وضع المعلّم نفسه ً‬ ‫الظروف العاديّة‪ ،‬فكيف الحال في الظروف االستثنائيّة‬
‫المختلف يطرحه المقال السادس‪ .‬وهل تكتمل جوانب‬ ‫ثان عن التقييم الشامل‬ ‫بعد العودة إىل المدارس؟ مقال ٍ‬
‫العمليّة التعليميّة دون األهل؟ كيف ندير حوا ًرا مع أولياء‬ ‫لجميع المتعلّمين في المدارس‪ ،‬وتحدي ًدا التقييم المبن ّي‬
‫األمور؟ ث ّم نختم العدد بمقال مترجم حول خمس طرق‬ ‫تدخل بعض‬ ‫عىل المنهج‪ ،‬والذي يساعد عىل تحديد خطط ّ‬
‫تجعل التعلّم أولويّة ّ‬
‫للطلب‪.‬‬ ‫المتعلّمين دون أن يت ّم تصنيفهم ضمن فئة ذوي المشكالت‬

‫اﻟﻤﻮاد اﻟﻤﻨﺸﻮرة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺔ ﺗﻌ ّﺒﺮ ﻋﻦ آراء ﻛﺘّﺎﺑﻬﺎ وﻻ ﺗﻌ ّﺒﺮ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻋﻦ رأي ﺗﺮﺷﻴﺪ أو ﻣﻨﻬﺠ ّﻴﺎت‬
‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪3‬‬ ‫‪manhajiyat.com‬‬
‫ّ‬
‫اﻟﻤﺬﻛﺮ واﻟﻤﺆﻧﺚ‬ ‫ّ‬
‫اﻟﻤﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﻬﺠﻴّﺎت ﻫﻲ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻻﺧﺘﺼﺎر ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﺗﺸﻤﻞ‬ ‫اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﻠﻐﺔ‬
‫ﻣﻘﺎﻻت ّ‬
‫ﻋﺎﻣﺔ ّ‬ ‫ّ‬
‫ﻣﻠﻒ اﻟﻌﺪد‬

‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎت‬
‫ﺗﻘﻮﻳﻢ ّ‬
‫اﻟﻄﻼب ﻛﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤ ّﻴﺔ‬
‫ّ‬
‫اﻟﺼﻒ إﱃ اﻟﻤﻨﺰل‬
‫ﺳﻔﺮاء اﻟﻌﻠﻮم‬
‫اﻟﺘﻌﻠّﻢ اﻟﻨﺸﻂ ﻣﻦ‬
‫أﻣﻞ أﺑﻮ زاﻳﺪ‬
‫‪58‬‬ ‫ﻟﻨﻐﻠﻖ اﻟﻜﺘﺐ وﻧﻄ ّﻮر اﻟﻤﻬﺎرات‬
‫ﻣﺎﻫﺮ ﻣﻨﺼﻮر‬ ‫‪38‬‬
‫ﻫﻞ أﻧﺖ ﻣﻌﻠّﻢ ﻣﺘﻔ ّﻬﻢ‬
‫ﻃﻼﺑﻚ؟‬‫ﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ّ‬ ‫‪62‬‬ ‫ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻤﺘﻤﺎﻳﺰ‬
‫وإﻣﻜﺎﻧ ّﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ‬ ‫‪44‬‬
‫اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ‪:‬‬
‫أﻓﻜﺎر وﻣﻤﺎرﺳﺎت‬ ‫‪8‬‬
‫أﻟﻴﺲ ﻋﺒﻮد‬
‫ﻟﻤﻰ دﻏﻤﺎن‬ ‫راﺋﺪة اﻟﻘﺼﺎر‬

‫ّ‬
‫ﻓﻦ إدارة اﻟﺤﻮار ﻣﻊ‬
‫أوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر‬ ‫‪66‬‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻟﻔﺎﻗﺪ اﻟﺘﻌﻠّﻤ ّﻲ واﻟﻔﺎﻗﺪ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّﻲ اﻟﻌﺎﻃﻔ ّﻲ‬ ‫‪50‬‬ ‫اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ أﺛﻨﺎء اﻷزﻣﺎت‬
‫"إﺑﻘﺎء اﻟﻮﺿﻊ ﻋﲆ ﺣﺎﻟﻪ ﻟﻴﺲ ﺧﻴﺎ ًرا"‬ ‫‪10‬‬
‫زﻫﺮاء ﺣﻤﺪان‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻄﺮاﺑﻠﺴﻲ‬ ‫وﺣﻴﺪ ﺟﺒﺮان‬

‫‪ 5‬ﻃﺮق ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﻌﻠّﻢ‬


‫أوﻟﻮﻳّﺔ ّ‬
‫اﻟﻄﻼب‬ ‫‪68‬‬ ‫دﻋﻮا اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﻌﻠّ ًﻤﺎ!‬
‫ﺑﻨﺎن ﻣﻨﺼﻮر‬ ‫‪54‬‬
‫ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻌﻠّﻤ ّﻴﺔ ﺑﻴﻦ‬
‫اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ واﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﻳّﺔ‬ ‫‪14‬‬
‫ﺳﻜﻴﻨﺔ ﻋﻔﻴﻒ اﻟﻨﺎﺑﻠﺴ ّﻲ‬
‫ﻛﺮﻳﺴﺘﺎل ﻓﺮوﻣﺮت‬
‫ّ‬
‫اﻟﻤﻬﻤﺎت اﻷداﺋ ّﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ اﻟﺒﺪﻳﻞ ‪-‬‬
‫"أﻧﻤﻮذج ﺗﻄﺒﻴﻘ ّﻲ"‬ ‫‪18‬‬
‫أﻣﻴﻨﺔ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﺠﺎﺑﺮي‬

‫أﺑﻮاب اﻟﻤﺠﻠّﺔ‬
‫ﻗﺼﺔ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ وﺗﺨﻄﻴﻂ ّ‬
‫اﻟﻘﺼﺔ‬ ‫ﺑﻴﻦ ّ‬
‫ﻟﻮر اﻷﻋﻮر‬ ‫‪22‬‬
‫ّ‬
‫اﻟﺼﻔﻴّﺔ‬
‫ﻛﺘﺐ ﺗﺮﺑﻮﻳّﺔ‬
‫اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻮﻳﻤﺎت‬ ‫‪78‬‬ ‫ﻣﻔﻬﻮم ﺗﺮﺑ ّﻮيّ‬
‫اﻟﺘﺴﻘﻴﻞ‬ ‫‪72‬‬ ‫اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠ ّﻴﺔ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺗﻴﺴﻴﺮ اﻟﺰﻋﺒﻲ‬
‫‪26‬‬
‫وﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻌﻼﻣﺎت‬

‫اﻗﺘﺒﺎس ﺗﺮﺑﻮيّ‬
‫ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻤﻘﻬﻮرﻳﻦ‬ ‫‪80‬‬ ‫ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺣﻮل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‬
‫اﻷﻃﺮاف اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴّﺔ ﻓﻲ‬ ‫‪74‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻴﺮ اﻻﻣﺘﺤﺎن ﻟﻌﺒﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧ ّﻴﺔ‬
‫أﺣﻤﺪ ﺑﻮﻋﻮﻧﻲ‬
‫‪30‬‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪َ :‬ﻣﻦ اﻟﺮاﺑﺢ َ‬
‫وﻣﻦ اﻟﺨﺎﺳﺮ؟‬

‫ﻣﺤﺎورة‬
‫ﻣﺎﻫﺮ اﻟﺤﺸﻮة‬ ‫‪82‬‬ ‫ﺑﺮوﻓﺎﻳﻞ‬
‫رﻣﺎن‪ ..‬اﻟﻘﻮاﻣﻴﺲ واﻟﺨﺮاﺋﻂ‬‫ّ‬
‫ﻛﺎﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴّﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴّﺔ‬
‫‪76‬‬
‫التقييم‪ :‬أفكار وممارسات‬
‫المفكر والتربوي ّ ‪November‬‬ ‫ّ‬ ‫عن عمليّة التقييم؟ أطلق‬ ‫عىل الرغم من التمايز في أنواع التقييم ومفاهيمه‪ ،‬أرى‬
‫(‪ )2012‬سؤاال ً‪ :‬من يمتلك التعلّم؟ واإلجابة عىل هذا السؤال‬
‫بديهيّة ال تتطلّب منّا تغيير عمليّة التقييم فحسب‪ ،‬وإنّما تتطلّب‬
‫أ ّن مفهوم التقييم ينطلق من النظرة إىل العالم من‬
‫منظار وضع ّي أو ما بعد وضع ّي‪ ،‬يرتكز عىل أ ّن الحقيقة‬
‫ّ‬
‫ملف العدد‬
‫تغيير تعاملنا مع عمليّة التعلّم‪ ،‬فنستطيع عندها منح مساحات‬ ‫موجودة باستقالليّة خارج المتعلّم‪ ،‬ويستطيع المعلّم‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫أكبر للمتعلّمين في تقرير ما يرغبون في تعلّمه‪ .‬عندها يستطيع‬
‫الميسر أو الداعم لعمليّة التعلّم‪ ،‬وتقديم‬
‫ّ‬ ‫المعلّم أن يلعب دور‬
‫أو الباحث مالحظتها وقياسها بتدوين مالحظات‬
‫موضوعيّة غير متحيّزة‪ ،‬وال مجال فيها للشخصنة‪.‬‬
‫أليس عبود‬
‫النصح واإلرشاد للمتعلّم‪.‬‬ ‫أيضا العديد من المدارس والنظر يّات التربويّة‬ ‫هناك ً‬
‫التي بحثت في نظر يّات التعلّم‪ ،‬مثل النظر يّة السلوكيّة‪،‬‬
‫ّ‬
‫تتحكم‬ ‫عندما يتغيّر مفهوم عمليّة التعلّم من مرجعيّة‬ ‫التي تنظر إىل المتعلّم عىل أنّه مركز للذاكرة‪ ،‬وتنظر إىل‬ ‫يستغرق التقييم جز ًءا كبي ًرا من نقاشاتنا التربويّة لما يلعبه من‬
‫بالمعرفة‪ ،‬وتق ّرر كيفيّة نقلها‪ ،‬وتقيّم مدى نجاح المتعلّم في‬ ‫عمليّة التعليم عىل أنّها عمليّة تكرار للما ّدة المرغوب‬ ‫ّ‬
‫األقل‪ ،‬بنا ًء عىل‬ ‫الطلب وترتيبهم من األفضل إىل‬ ‫دور في فرز ّ‬
‫اكتساب المعرفة والمهارة والقيم‪ ،‬إىل عمليّة يتعاون فيها‬ ‫في تعلّمها كثي ًرا‪ ،‬وعند تعلّمها ينال المتعلّم مكافأة‪.‬‬ ‫أحكام يطلقها المعلّمون والمعلّمات‪ .‬قد يكون هذا الفرز مبنيًّا‬
‫المتعلّم مع المعلّم‪ ،‬ويق ّرران من خاللها المحطّات التي ّ‬
‫يتوقفان‬ ‫عىل تقييم واحد أو ع ّدة تقييمات في مبحث واحد أو أكثر‪،‬‬
‫معا‪ ،‬يصبح التقييم عمليّة احتفاء بالتعلّم‬
‫عندها لتقييم المسار ً‬ ‫أما النظر يّة اإلدراكيّة‪ ،‬فترى أ ّن التعلّم يعتمد عىل عوامل‬
‫ّ‬ ‫ولكن‪ ،‬مهما اختلفت نظرتنا إىل موضوع التقييم يبقى في النهاية‬
‫وليس عقابًا لمن ال يستطيع أن يحشر نفسه في قالب ص ّممه‬ ‫خارجيّة وعمليّات ذهنيّة داخليّة‪ ،‬تحوّل المتعلّم إىل‬ ‫توصيفا للمتعلّم‪ ،‬ويُق ّرَر من خالله نجاح الطالب أو رسوبه في‬‫ً‬
‫اآلخرون‪.‬‬ ‫معالج معلومات‪ ،‬يعالج المعلومات ث ّم يخزّنها في‬ ‫المه ّمة المعنيّة‪ ،‬ومدى جدارته لتحقيق التق ّدم في الما ّدة أو‬
‫الذاكرة‪ .‬أما النظر يّة البنائيّة فتعتبر أ ّن المتعلّم يبني‬ ‫المدرسة أو االنتقال منها إىل الجامعة‪.‬‬
‫في النهاية‪ ،‬أرى أ ّن هناك تط ّو ًرا في نظر يّات التعلّم‪ ،‬وفي رؤيتنا‬ ‫أفكاره عىل التجارب السابقة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يلعب دو ًرا‬
‫للعالم من خاللها‪ ،‬ولكن‪ ،‬بقي التقييم‪ ،‬في أحسن أشكاله‪،‬‬ ‫نشطًا في عمليّة التعلّم‪ ،‬ويتعلّم عن طريق مشكالت‬ ‫الطلب لمعرفة قدراتهم أو قيمهم أو‬ ‫نطلق هذا الحكم عىل ّ‬
‫خاضعا إىل النظرة الوضعيّة التي ت ّدعي أ ّن مخرجات عمليّة‬ ‫ً‬ ‫واقعيّة حقيقيّة‪ .‬لكن‪ ،‬بالرغم من سعي هذه النظر يّات‬ ‫مهاراتهم‪ ،‬فأه ّميّة التقييم تكمن في أنّه يق ّرر مصير ّ‬
‫الطلب‪،‬‬
‫التعلّم قابلة للقياس والتقييم كنتاجات مستقلّة عن المتعلّم‬ ‫إىل إشراك المتعلّم في عمليّة التعلّم‪ ،‬وإعطائه مساحة‬ ‫كما يق ّرر‪ ،‬في المراحل الدراسيّة العليا‪ ،‬إمكانيّة استمرار الطالب‬
‫وعمليّة التعلّم التي تحدث في داخله‪ ،‬والتي ال ب ّد أن يكون لها‬ ‫ّ‬
‫المتلقي السلب ّي‬ ‫التخاذ القرار‪ ،‬واالنتقال من دور‬ ‫في مسار أكاديم ّي مح ّدد أو في مسارات أخرى تتطلّب معارف‬
‫معنى‪ .‬يساعدنا هذا القياس‪ ،‬في النهاية‪ ،‬عىل بناء معلومات‬ ‫إىل الدور الفاعل‪ّ ،‬إل أنّه في النهاية نجد أ ّن المعلّم‬ ‫أقل من المهارات المطلوبة في المسارات األكاديميّة‪،‬‬ ‫ومهارات ّ‬
‫تعيننا في الحكم عىل المتعلّم‪ ،‬كما يمكن أن يصبح تقييم‬ ‫بكل شيء‪ ،‬فهو الذي يخطّط للتعلّم‪ ،‬ويضع‬ ‫يقوم ّ‬ ‫الطب والهندسة والصيدلة في مجتمعاتنا‬ ‫ّ‬ ‫وتتربّع مسارات‬
‫تؤكد أو تدحض نظر يّة نطبّقها‬ ‫عمليّة التعلّم بطرق تجريبيّة ِ ّ‬ ‫وينفذها‪ ،‬ث ّم يقيّم المخرجات‪ .‬خالصة‬ ‫ّ‬ ‫االستراتيجيّات‬ ‫فالطلب الذين يحصلون عىل أعىل‬ ‫ّ‬ ‫العربيّة عىل ق ّمة الهرم‪،‬‬
‫عىل المتعلّمين‪ ،‬أو نحكم عليهم من خاللها‪ .‬لذلك يجب أن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ذلك‪ ،‬أ ّن المعلم يسيطر عىل عمليّة التعلم‪ ،‬بدل من‬ ‫العالمات في التقييمات واالمتحانات النهائيّة‪ ،‬يلتحقون بهذه‬
‫نسعى إىل تطوير عمليّة التقييم ونقلها من المعلّم إىل المتعلّم‪،‬‬ ‫وبدل من أن يلعب الطالب دور‬ ‫ً‬ ‫تقديم الدعم ّ‬
‫للطلب‪،‬‬ ‫أما غيرهم فيلتحقون بكليّات العلوم اإلنسانيّة‬ ‫التخصصات‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫كل البعد عن إطالق أحكام عىل قدرات المتعلّمين‬ ‫كي نبتعد ّ‬ ‫القائد في رحلة التعلّم‪.‬‬ ‫واآلداب وغيرها‪.‬‬
‫ومهاراتهم ومعارفهم‪ .‬وقد يبدأ ذلك عندما تغيّر الجامعات‬
‫تتحكم سياسات القبول بقدرة المدارس‬ ‫ّ‬ ‫طرق قبولها ّ‬
‫للطلب‪ ،‬إذ‬ ‫إ ّن أش ّد سلبيّات التقييم أنّه يرفع من درجة التوتّر‬ ‫هناك تراتبيّة يفرضها المجتمع علينا‪ ،‬وفق ما ّ‬
‫شكلناه فيه‬
‫الطلب واألهل والمعلّمين إىل عمليّة التقييم‬ ‫عىل تغيير نظرة ّ‬ ‫عند المتعلّم‪ ،‬وكلّما زادت درجة التوتّر زادت أهميّة‬ ‫بقيمنا وأفكارنا‪ ،‬حيث وضعنا الرياضيّات والعلوم في أعىل الهرم‪،‬‬
‫واالهتمام بالعالمة‪ ،‬والسعي إىل الحصول عىل أعىل المع ّدالت‬ ‫التقييم في تقرير المصير‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تؤ ّدي هذه العمليّة‬ ‫الطلب المتميّزين فيهما في مرتبة أعىل من غيرهم‪،‬‬ ‫ووضعنا ّ‬
‫التخصصات المرغوب فيها‪ ،‬وث ّمة أمثلة كثيرة لطرق‬ ‫ّ‬ ‫لدخول‬ ‫إىل التقليل من دافعيّة المتعلّم‪ ،‬حتى يصبح هدفه‬ ‫بنا ًء عىل نيلهم عالمة مرتفعة في اختبارات نهاية السنوات‬
‫مختلفة للقبول في الجامعات‪ ،‬ولك ّن ذلك حديث آخر‪.‬‬ ‫الحصول عىل العالمة (المكافأة)‪ ،‬وهذا‪ ،‬بحسب‬ ‫الدراسيّة في المرحلة الثانويّة‪.‬‬
‫األبحاث التربويّة (‪ ،)Kohn, 2000; 2006‬ما يجعل‬
‫أليس عبود‬ ‫التعلّم سطحيًّا‪ ،‬كما أ ّن المعلّم يتّجه إىل إحالة نجاحه‬ ‫أصبحنا نفاخر بأنّنا طوّرنا من آليّات التقييم وأشكاله ومفاهيمه‬
‫مديرة مدرسة األهليّة والمطران‬ ‫أو فشله إىل قدرات داخليّة قد تكون وراثيّة أو جينيّة‪،‬‬ ‫في ممارساتنا التربويّة الحديثة‪ ،‬فنتح ّدث اليوم عن التقييم‬
‫األرد ّن‬ ‫وليس إىل الوقت والجهد المبذولين في التحفيز عىل‬ ‫التكوين ّي الذي يجري خالل عمليّة التعلّم‪ ،‬ويهدف إىل مساعدة‬
‫عمليّة التقييم‪ .‬والسؤال هنا‪ :‬هل نستطيع االستغناء‬ ‫المعلّم عىل مراجعة عمليّة التعليم عن طريق جمع أدلّة‬
‫ومعلومات تسهم في تطويرها‪ .‬يشار إىل ذلك بالتقييم من‬
‫المراجع‬ ‫أجل التعلّم‪ ،‬وهناك ً‬
‫أيضا التقييم النهائ ّي الذي يت ّم قياسه وفق‬
‫معايير معيّنة يقتضيها المنهاج أو يضعها المعلّم‪ .‬ونتح ّدث‪،‬‬
‫•‬ ‫‪Kohn, A. (2000). The Case against Standardized Testing: Raising the Scores, Ruining the Schools. Heinemann.‬‬ ‫ً‬
‫وسيلة للتعلّم‪ ،‬يستخدم فيها الطالب‬ ‫كذلك‪ ،‬عن مفهوم التقييم‬
‫•‬ ‫‪Kohn, A. (2006). The Trouble with Rubrics. English Journal, 95(4). https://www.alfiekohn.org/article/trou-‬‬
‫‪ble-rubrics/.‬‬
‫أسلوب تقييم ذات ّي‪ ،‬يق ّرر من خالله ماذا يعرف أو ماذا يستطيع‬
‫•‬ ‫‪November, Alan C. (2012). Who Owns the Learning? Preparing Students for Success in the Digital Age. Solution‬‬ ‫أن يفعل‪ ،‬فيصبح المتعلّم قاد ًرا عىل تقييم نفسه‪ ،‬وتحليل ما‬
‫فضل عن مواطن قوّته وضعفه‪.‬‬ ‫يمكنه القيام به‪ً ،‬‬
‫‪Tree Press.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪9‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪8‬‬


‫تحقق مجموعة من األهداف األساسيّة والمهارات‬ ‫ّ‬ ‫مدى‬ ‫مق ّدمة‬
‫التعلّميّة لدى المتعلّمين‪ ،‬وبنا ًء عىل المستوى المح ّدد‪ ،‬يت ّم‬ ‫ّ‬
‫ملف العدد‬
‫اللحقة ضمن خطّة ترميميّة وتعزيز يّة‪ ،‬ولكن‬ ‫وضع األهداف ّ‬ ‫شهد العالم‪ ،‬في السنتين الماضيتين‪ ،‬انقطا ًعا قسر يًّا عن‬
‫كيف يمكن القيام بهذه الخطوة؟ هناك العديد من األدوات‬ ‫التعليم في جميع الدول‪ ،‬ما أثّر‪ ،‬بحسب اليونيسيف (‪،)2020‬‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫المقترحة إلجراء التقييم الشامل‪ ،‬والتي يمكن اعتمادها خالل‬ ‫في ‪ %94‬من المتعلّمين‪ ،‬وأ ّدى إىل بروز العديد من المشكالت‪،‬‬

‫التقييــم أثنــاء األزمــات‬


‫هذه الخطوة‪ ،‬غير أ ّن التقييم األبرز لهذه الخطوة واألكثر مالءمة‬ ‫مثل مشكلة الوصول غير المتكافئ إىل الموارد التعليميّة‬
‫لوقتها‪ ،‬هو التقييم المبن ّي عىل المنهج‪.‬‬ ‫تحقق العديد من‬ ‫ّ‬ ‫الرقميّة‪ ،‬التي أسهمت بدورها في عدم‬
‫المخرجات التعلّميّة‪ ،‬والتي دفعت بعض الدول إىل تعديلها‬
‫التقييم المبن ّي عىل المنهج وكيف ّية تطبيقه‬ ‫لتتالءم مع متطلّبات المرحلة‪ .‬وهذا ما يو ّجه األنظار إىل دور‬

‫"إبقــاء الوضــع عىل حاله ليــس خيا ًرا"‬


‫الدول والمدارس في تهيئة فرص االنتقال اآلمن عبر الصفوف‬
‫مفهوم التقييم المبن ّي عىل المنهج‬ ‫شك‬ ‫وفق ما يضمن ّ‬
‫تحقق المخرجات التعلّميّة األساسيّة‪ ،‬إذ ال ّ‬
‫يع ّرف ‪ )2003( Deno‬التقييم المبن ّي عىل المنهج بأنّه‬ ‫تؤمن أسس انتقال‬ ‫أ ّن من دور الدولة نفسها ووزارة التربية أن ّ‬
‫استراتيجيّة في التقييم تهدف إىل قياس التق ّدم األكاديم ّي‬ ‫ّ‬
‫وتؤمن‬ ‫النظم التعليميّة من شكلها القديم اىل شكلها الجديد‪،‬‬
‫للمتعلّمين‪ ،‬وتكمن أه ّميّته في تقديمه معلومات مباشرة عن‬ ‫الل زمة لذلك‪ ،‬ومن ث ّم العمل عىل وضع خطط ترميميّة‬ ‫الموارد ّ‬ ‫زهراء حمدان‬
‫أداء المتعلّمين في مجاالت القراءة واإلمالء والحساب‪ .‬يرتبط‬ ‫وتعزيز يّة لمعالجة الثغرات األكاديميّة التي نتجت‪.‬‬
‫هذا النوع من التقييم بالمنهج‪ ،‬إذ يُست َم ّد محتوى التقييم من‬
‫المنهج‪ ،‬كما يتّصف بالكفاية‪ ،‬أي أنّه يتمتّع بدرجات صدق وثبات‬ ‫يهدف هذا المقال إىل التعريف بنوع من التقييمات التي يمكن‬
‫معروفة‪ ،‬وتكون إجراءات تطبيقه وتصحيحه مو ّحدة‪ .‬يمكن‬ ‫اعتمادها في التقييم الشامل لجميع المتعلّمين‪ ،‬في سبيل‬
‫للتقييم المبن ّي عىل المنهج مراقبة مع ّدل التق ّدم في عمليّة‬ ‫التدخل والمعالجة في جميع الظروف‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫تحديد خطوات‬
‫التعلّم واتخاذ القرارات المالئمة بشأنه‪ ،‬نظ ًرا لقياسه ما يت ّم‬ ‫سيّما في الظروف االستثنائيّة الحاليّة‪ .‬وعليه‪ ،‬نبدأ بتنويه إىل‬
‫تدريسه للمتعلّمين‪ّ .‬‬
‫ولعل أه ّم ما يميّز هذه االستراتيجيّة مدى‬ ‫أهميّة التقييم ودور المدرسة فيه‪ ،‬ث ّم نبيّن مفهوم التقييم‬
‫ف ّعاليّتها وسهولة تنفيذها وسرعة تطبيقها واستخالص بياناتها‪،‬‬ ‫المبن ّي عىل المنهج وكيفيّة توظيفه في العمليّة التعليميّة‪،‬‬
‫ما ينعكس بالفائدة عىل عمليّة التعلّم لما في ذلك من سرعة‬ ‫لنعرض بعد ذلك تجربة أنموذجيّة حوله‪ ،‬ونختم بمناقشتها‬
‫ّ‬
‫للتدخل أكثر من التقييم‪.‬‬ ‫خصص وقت‬ ‫تدخل ّ‬
‫ودقة‪ ،‬حيث يُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫واستخالص النتائج منها‪.‬‬

‫يُستخ َدم التقييم المبن ّي عىل المنهج اليوم في العديد من دول‬ ‫واقع التقييم في الظروف االستثنائ ّية‬
‫العالم‪ ،‬ويهدف إىل تفعيل نظام جمع المعلومات إلمكانيّة‬
‫اعتماده في الرصد المستمر‪ ،‬وفي توجيه عمليّة أخذ القرار‬ ‫يع ُّد التقييم أحد أسس العمليّة التعليميّة التعلّميّة‪ ،‬فهو عمليّة‬
‫(هوسب وآخرون‪ .)2013 ،‬فيو ّجه التقييم المبن ّي عىل المنهج‬ ‫مستم ّرة تضمن وصول المتعلّمين إىل األهداف المرجوّة‪.‬‬
‫عمليّة اتخاذ القرارات التي تت ّم بالتعاون بين اإلدارة والمعلّم‪،‬‬ ‫يع ّرف السرطاوي (‪ )2012‬التقييم بأنّه عمليّة جمع معلومات‬
‫ومع الفريق المتابع لعمليّة التقييم‪ ،‬ويمكن هنا توضيح أربعة‬ ‫باستخدام ع ّدة أدوات وأساليب‪ ،‬منها‪ :‬المقابالت‪ ،‬والمالحظات‪،‬‬
‫أنواع من القرارات التي يمكن اتخاذها‪:‬‬ ‫أما عواضة (‪ )2018‬فيع ّرف التقييم بأنّه‬ ‫واالختبارات‪ ،‬وغيرها‪ّ .‬‬
‫‪ .1‬قرارات الفرز‪ ،‬حيث يت ّم تحديد المتعلّمين الذين يحتاجون‬ ‫عمليّة جمع معلومات تتّسم بالصدق والثقة‪ ،‬بهدف مقارنة‬
‫إىل مساعدة والمع ّرضين لخطر اإلخفاق الدراس ّي‪.‬‬ ‫النتائج مع المعايير المنشودة‪ ،‬واتخاذ القرار المناسب وفقها‪.‬‬
‫‪ .2‬قرارات مراقبة تق ّدم األداء‪ ،‬لتحديد المتعلّمين الذين‬ ‫ظل المرحلة االستثنائيّة وما‬ ‫يخص عمليّة التقييم في ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما ما‬‫ّ‬
‫يحققون األهداف ويمكنهم االنتقال إىل أهداف جديدة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اقتضته من انقطاع عن التعلّم واالنتقال إىل التعلّم عن بُعد‪ ،‬فال‬
‫‪ .3‬القرارات التشخيصيّة‪ ،‬لتحديد نوع المساعدة التي يحتاجها‬ ‫ب ّد أن تفي بغرضها مع مراعاة الظرف االستثنائ ّي الذي تواجهه‬
‫المتعلّم‪.‬‬ ‫المدرسة في عصرنا الحال ّي‪ ،‬حيث االنتقال بالنظام التعليم ّي‬
‫‪ .4‬قرارات متعلّقة بمخرجات التعلّم‪ ،‬لتحديد الوقت الذي‬ ‫السؤال‪ ،‬ما‬‫عام ًة ال ب ّد أن يشمل طرق التقييم‪ .‬وهنا يأتي ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫التوقف عن تقديم خدمات المساعدة‪ ،‬أو‬ ‫يمكن فيه‬ ‫دور المدرسة والمعلّمين في تحديد أولويّات العمل والخطّة‬
‫المتخصصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خدمات التربية‬ ‫المقبلة؟ كيف يمكن للتقييم أن يساعد أثناء هذه المرحلة؟‬
‫إ ّن ما تحتاجه المدرسة حاليًّا تقييم شامل يساعد عىل تحديد‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪11‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪10‬‬


‫بلغت ‪ ،%52.6‬في حين أ ّن ‪ %47.4‬منهم قرأوا أكثر من ‪15‬‬ ‫النتائج منها لتحديد المستويات‪ ،‬ولتحديد خطّة العمل وفقها‪.‬‬ ‫بشكل مو ّحد وثابت‪ ،‬والجدير بالذكر أنّه من الممكن تكييفه‬ ‫كيف ّية تطبيق التقييم المبن ّي عىل المنهج‬
‫كلمة في الدقيقة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تبيّن أ ّن أكثر من نصف المتعلّمين‬ ‫ففي دراسة أجراها )‪ Bielinski et al., (2021‬ت ّمت مقارنة‬ ‫وتعديله ليالئم المنهج المعتمد‪ .‬فعىل سبيل المثال‪ ،‬يع ّد‬ ‫الل زم عىل إجراءات التقييم والتصحيح‪ ،‬يمكن‬ ‫بعد التدريب ّ‬
‫تدخل ترميم ّي في مجال القراءة عند العودة إىل‬ ‫يحتاجون إىل ّ‬ ‫نتائج التقييم الشامل الذي أجري في خريف عام ‪ ،2019‬بنتائج‬ ‫تمكن المتعلّم من قراءة كلمات رباعيّة (من أربعة حروف)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لمعلّمي التعليم العا ّم‪ ،‬ومعلّمي التربية‬
‫المدارس في العام القادم‪ ،‬وذلك لتعزيز أدائهم في القراءة‪،‬‬
‫ّ‬
‫الشامل لعام ‪ ،2020‬فتبيّن تراجع التحصيل األكاديم ّي‬ ‫التقييم ّ‬ ‫من األهداف األساسيّة لتعليم اللغة العربيّة في الصف األ وّل‬
‫المختصة‪ ،‬ومساعدي‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫المعلّمين‪ ،‬واختصاص ّي القراءة‪ ،‬واختصاص ّي علم النفس‬
‫الصف‬ ‫وتمكينهم من الوصول إىل المستوى المطلوب في‬ ‫بشكل عا ّم‪ ،‬وتراجع في مهارة القراءة بمع ّدل شهر واحد في‬ ‫األساس ّي‪ ،‬حيث يمكن تعديل االختبار المتعلّق بقراءة الكلمات‪،‬‬ ‫المدرس ّي‪ ،‬تطبيق التقييم المبن ّي عىل المنهج بهدف الفرز أو‬
‫الثالث األساس ّي‪.‬‬ ‫الصفوف األوىل‪ ،‬وبمع ّدل ثالثة أشهر في الصفوف االبتدائيّة‬ ‫من قراءة كلمات ثالثيّة إىل قراءة كلمات رباعيّة‪ ،‬كما يمكن‬ ‫التقييم الشامل‪ ،‬ثالث م ّرات سنويًّا‪ ،‬في بداية العام الدراس ّي‪،‬‬
‫المتأخرة‪ ،‬وقد اعتبر الباحثون في هذه الدراسة أنّهم ّ‬
‫تمكنوا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫خاص من التقييم باالعتماد عىل أسس إعداده‬ ‫تصميم نموذج ّ‬ ‫وفي منتصفه‪ ،‬وفي نهايته‪ ،‬كما يمكن التقييم وفق الفصول‪ ،‬أي‬
‫بنا ًء عىل ذلك‪ ،‬كان ال ب ّد من اتخاذ قرار حاسم بشأن خطّة‬ ‫من خالل هذه النتائج‪ ،‬من تحديد أثر اإلغالق العا ّم في المستوى‬ ‫ً‬ ‫وإجراءاته‪ً ،‬‬
‫سابقا‬ ‫فضل عن إمكانيّة الرجوع إىل النماذج المع ّدة‬ ‫في الخريف والشتاء‪ ،‬والربيع (‪ .)Hosp et al., 2007‬وهو‬
‫تعليم القراءة بعد العودة إىل المدارس‪ ،‬وذلك لخفض نسبة‬ ‫التعليم ّي‪.‬‬ ‫مجانًا‪ ،‬والتي أجري عليها العديد من الدراسات ّ‬ ‫ّ‬
‫المختصة تحت مس ّمى‬ ‫ّ‬ ‫المتعلّمين الملتحقين ببرامج التربية‬
‫للتأكد‬ ‫والمتوفرة ّ‬ ‫حصتين لتقييم جميع المتعلّمين‪ ،‬إذ‬ ‫حصة أو ّ‬ ‫غال ًبا ما يحتاج إىل ّ‬
‫أَ‬ ‫صحة نتائجها وثباتها‪ .‬وفي ما يلي تصوّر لمهارات المواد‬ ‫من ّ‬ ‫كل تقييم حوالي ‪ 5‬دقائق إلنجازه‪ .‬ولكن‪ ،‬كيف يمكن‬ ‫يستغرق ّ‬
‫الصعوبات التعلّميّة من جهة‪ ،‬ولرفع المستوى العا ّم للمتعلّمين‬
‫ّ‬ ‫جريت في الفصل األخير من العام الدراس ّي الماضي ‪-2020‬‬ ‫ُ‬
‫في أداء القراءة من جهة أخرى‪ ،‬بما يتناسب مع مخرجات‬ ‫تقييما لمهارة القراءة ّ‬‫ً‬ ‫األساسيّة في الصفوف األوىل‪ ،‬وفق ما عرضها هوسب وآخرون‬ ‫الحصول عىل نماذج من التقييم؟‬
‫لطلب‬ ‫‪ ،2021‬في فترة التعليم عن بعد‪،‬‬
‫لكل ّ‬
‫صف‪.‬‬ ‫القراءة المح ّددة ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ ،)2003‬وهي مهارات قد تكون متشابهة‪ ،‬وقد تختلف‬ ‫ّ‬
‫إ ّن التقييم المبن ّي عىل المنهج هو تقييم مؤلف من مجموعة‬
‫هدفت فيه إىل تحديد حجم الفاقد‬ ‫الصف الثاني األساس ّي‪،‬‬
‫التعليم ّي في مهارة القراءة‪ ،‬وقد م ّرت عمليّة التقييم بثالث‬ ‫بحسب المنهج المعتمد وتراتبيّته‪:‬‬ ‫كل اختبار يتناول مهارة مح ّددة‪ ،‬يُج َرى تصحيحه‬ ‫اختبارات‪ّ ،‬‬
‫خاتمة‬ ‫مراحل‪:‬‬ ‫الما ّدة‬ ‫ّ‬
‫الصف األ ّول‬ ‫ّ‬
‫الصف الثاني‬ ‫ّ‬
‫الصف الثالث‬
‫مرحلة التهيئة‪ :‬ت ّم فيها تحديد األهداف المبتغاة (قراءة‬
‫شك أ ّن قطاع التعليم يتأثر بالظروف االستثنائيّة‪ ،‬نظ ًرا إىل‬ ‫ال ّ‬ ‫نص)‪ ،‬ث ّم توفير الموارد الالزمة‪.‬‬‫كلمات ثالثيّة وقراءة ّ‬ ‫طلقة تحديد الصوت األ وّل‬ ‫•‬ ‫الطلقة في القراءة الجهر يّة‬ ‫•‬
‫الحاجة إىل تقديم الخدمات التعزيز يّة للمتعلّمين الذين يظهرون‬ ‫مرحلة التطبيق‪ :‬ت ّم فيها تنفيذ التقييم واختبار المتعلّمين‬ ‫الطلقة في قراءة الكلمات‬ ‫•‬
‫طلقة تحديد الصوت األخير‬ ‫•‬ ‫إعادة السرد وملء الفراغ‬ ‫•‬
‫فشل متك ّر ًرا بعد العودة إىل المدرسة‪ ،‬وألجل ذلك‪ ،‬حان الوقت‬ ‫ً‬ ‫كل‬ ‫بعقد لقاء فردي ّ عن بعد بهدف جمع البيانات‪ ،‬فأجري ّ‬ ‫الكلّيّة‬
‫الطلقة في قراءة أسماء الحروف لغة عربيّة‬ ‫•‬ ‫)فهم المقروء(‬
‫لتغيير نظرتنا اىل التقييم‪ .‬ال يجب أن يهدف التقييم إىل تحديد‬ ‫اختبار من االختبارات المح ّددة وفق ثالثة نماذج (صور‬ ‫الطلقة في القراءة الجهر يّة‬ ‫•‬
‫ً‬ ‫الطلقة في قراءة أصوات الحروف‬ ‫•‬ ‫طلقة كتابة الكلمات )إملء(‬ ‫•‬
‫ضعفا في المهارات األساسيّة‬ ‫المتعلّمين الذين يظهرون‬ ‫للتأكد من النتيجة‪ .‬ففي اختبار قراءة ّ‬
‫النص‪،‬‬ ‫متكافئة)‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫طلقة كتابة الكلمات )إملء(‬ ‫•‬
‫وتصنيفهم ضمن فئة ذوي المشكالت التعلّميّة‪ ،‬بل ال ب ّد أن يكون‬ ‫طلبت من المتعلّم أن يقرأ ًّ‬ ‫الطلقة في قراءة الكلمات الكلّيّة‬ ‫•‬ ‫طلقة التعبير الكتاب ّي‬ ‫•‬
‫نصا لدقيقة كاملة‪ ،‬ليت ّم بعد ذلك‬
‫الخطوة األوىل التي تساعد عىل اتخاذ القرار التربوي ّ الصحيح‪،‬‬ ‫تمكنه من قراءتها في دقيقة واحدة‬ ‫احتساب عدد الكلمات التي ّ‬
‫طلقة معرفة األعداد حتّى‬ ‫•‬
‫ّ‬
‫لتدخل‬ ‫وتؤسس‬‫ّ‬ ‫ووضع خطط تعليميّة تراعي الضعف العا ّم‪،‬‬ ‫في صور االختبار الثالثة‪ ،‬ث ّم احتساب المع ّدل الذي يعبّر بصورة‬ ‫طلقة معرفة األعداد حتّى‬ ‫•‬
‫‪9999‬‬
‫تحسن أدا َءهم‬‫ّ‬ ‫مكثّف‪ ،‬لمساعدة بعض المتعلّمين الذين لم‬ ‫دقيقة عن مستوى أداء المتعلّم وطالقته في مهارة القراءة‪.‬‬ ‫‪999‬‬
‫العامة المع ّدلة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الخطّ ُة‬ ‫طلقة معرفة األعداد حتّى ‪99‬‬ ‫•‬ ‫طلقة تحديد العدد المفقود‬ ‫•‬
‫حت‬‫صح ُ‬‫ّ‬ ‫مرحلة قراءة النتائج‪ :‬بعد إجراء التقييمات‪،‬‬ ‫طلقة تحديد العدد المفقود‬ ‫•‬
‫َ‬ ‫طلقة تحديد العدد المفقود حتّى‬ ‫•‬ ‫حتّى ‪9999‬‬
‫ظهر مستوى‬ ‫االختبارات‪ ،‬وأفرغت البيانات ضمن جداول بيانيّة ت ُ ِ‬ ‫حتّى ‪999‬‬
‫زهراء حمدان‬ ‫كل متعلّم في ّ‬‫ّ‬ ‫‪99‬‬ ‫طلقة طرح األعداد حتّى‬ ‫•‬
‫كل مهارة من المهارات‪ ،‬ومدى مالءمة مستوى‬ ‫رياضيّات‬ ‫طلقة طرح األعداد حتّى‬ ‫•‬
‫منسقة برنامج للصعوبات التعلّميّة‬
‫ّ‬ ‫طلقة طرح األعداد حتّى ‪99‬‬ ‫•‬ ‫‪9999‬‬
‫أدائه مع مستوى األداء المنشود‪ .‬وقد أظهرت النتائج أ ّن‬ ‫‪999‬‬
‫نسبة المتعلّمين الذين قرأوا ّ‬ ‫طلقة جمع األعداد حتّى ‪99‬‬ ‫•‬ ‫طلقة جمع األعداد حتّى‬ ‫•‬
‫لبنان‬ ‫أقل من ‪ 15‬كلمة في الدقيقة‬ ‫طلقة جمع األعداد حتّى‬ ‫•‬
‫‪9999‬‬
‫‪999‬‬
‫طلقة ضرب األعداد من رقم‬ ‫•‬
‫المراجع‬ ‫مح ّدد‬

‫الخاصة‪ .‬دار الكتاب الجامع ّي‪ .‬اليونيسيف‬


‫ّ‬ ‫ •السرطاوي‪ ،‬زيدان‪ ،‬والسرطاوي‪ ،‬عبد العزيز‪ .)2012( .‬التقييم في التربية‬ ‫والتعليميّة وفق بيانات رقميّة مح ّددة وواضحة‪ ،‬ومن ث ّم إجراء‬ ‫أنموذج تجربة في التقييم المبن ّي عىل المنهج‬
‫(‪ .)2020‬موجز سياساتي‪ :‬التعليم أثناء جائحة كوفيد‪ 19-‬وما بعدها‪un.org/.https://www.un.org/sites/un2 .‬‬ ‫بشكل مستمر ومقارنة النتائج‪ .‬وال ب ّد من اإلشارة إىل‬
‫ٍ‬ ‫التقييم‬
‫‪and_beyond_arabic.pdf_19-files/policy_brief_-_education_during_covid‬‬ ‫أ ّن عدم إجراء هذا الكشف‪ ،‬وال سيّما في مثل هذه الظروف‬ ‫قد يسأل بعضنا عن مدى حاجتنا إىل مثل هذه االستراتيجيّة‬
‫ •عواضة‪ ،‬هاشم‪ .)2018( .‬الجديد في تقويم التعلّم‪ :‬من التقويم التقليدي ّ إىل التعلّم بالتقويم‪ .‬مركز التأليف والنشر‪.‬‬ ‫االستثنائيّة‪ ،‬يؤثّر في وضع خطط تناسب المرحلة‪ ،‬ويح ّد من‬ ‫أثناء الظروف االستثنائيّة‪ ،‬كما حصل في السنتين األخيرتين‬
‫ •هوسب‪ ،‬م‪ ،.‬وآخرون‪ .)2013( .‬أبجديّات القياس المبن ّي عىل المنهج‪ :‬دليل تطبيق ّي للقياس المبن ّي عىل المنهج‪( .‬ترجمة‪:‬‬ ‫تطوّر بعض أنواع الصعوبات التعلّميّة التي قد تتشابه مع أنواع‬ ‫ّ‬
‫ولعل اإلجابة تكمن في‬ ‫من إقفال تا ّم بسبب جائحة كورونا‪،‬‬
‫البتّال‪ ،‬زيد بن محمد)‪ .‬جامعة الملك سعود‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التدخل المالئم‪.‬‬ ‫االضطرابات عند تشخيصها إذا لم يت ّم إجراء‬
‫•‬ ‫‪Bielinski, J., Brown, R. & Wagner, K. (2021). No Longer a Prediction: What New Data Tell Us‬‬ ‫السؤال نفسه‪ ،‬إذ إ ّن مرورنا في هذه الظروف االستثنائيّة‪،‬‬
‫‪About the Effects of 2020 Learning Disruptions. Illuminate Education.‬‬ ‫وانقطاع المتعلّمين عن الصفوف التعليميّة االعتياديّة‪ ،‬وتحوّل‬
‫أُ‬
‫•‬ ‫‪Deno, S. (2003). Developments in curriculum Based Measurement. The Journal of Special Edu-‬‬ ‫جريت مجموعة من الدراسات حول تأثير إغالق المدارس‬ ‫ُ‬ ‫نظام التعليم إىل نظام تعلُّم إلكترون ّي‪ ،‬وانتقال جزء من مه ّمة‬
‫‪cation, 37(3), 184-194.‬‬ ‫ْ‬
‫اعتمدت هذه‬ ‫إثر جائحة كورونا في مستوى المتعلّمين‪ ،‬وقد‬ ‫المتابعة والتعليم إىل األهل‪ ،‬فسح أمام التربويّين فرصة البحث‬
‫•‬ ‫‪Hosp, M., Hosp, J. & Howell, K. (2007). The ABCs of CBM: a practical guide to curriculum based‬‬ ‫الدراسات عىل مقارنة نتائج التقييم الشامل‪ ،‬حيث أ ّدى اعتماد‬ ‫عن بديل ناجع للكشف عن مستوى المتعلّمين‪ ،‬وتحديد نقاط‬
‫‪measurement. The Guilford Press.‬‬ ‫التقييم إىل وجود بيانات رقميّة يمكن مقارنتها واستخالص‬ ‫مقارنة بالسنوات السابقة‪ ،‬ووضع الخطط التربويّة‬ ‫ً‬ ‫الضعف‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪13‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪12‬‬


‫أ ّن األطفال الذين لديهم مشكالت في القراءة تظهر عىل شكل‬ ‫بين الذكاء العام والتحصيل األكاديم ّي‪ ،‬باإلضافة اىل قياس‬
‫ً‬
‫الحقا إىل‬ ‫صعوبة في تهجئة الكلمات المفردة التي تؤ ّدي‬
‫صعوبات أخرى في اإلمالء والقراءة الصحيحة والطالقة‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫الصعوبات اإلدراكيّة أو الذهنيّة المرافقة له‪ ،‬لكن ت ّم نقد هذا‬ ‫ّ‬
‫ملف العدد‬
‫النموذج ألسباب عديدة‪ ،‬من بينها أ ّن هذا التصنيف لم يستطيع‪،‬‬
‫يمكن لألطفال تطوير مهاراتهم في القراءة من خالل تدريبات‬ ‫بنا ًء عىل الدراسات (‪ ،)Fletcher et al. ,1994‬أن يميّز بين‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫خاصة بالوعي الفونولوج ّي‪ ،‬كدليل عىل أ ّن الصعوبات التعلّميّة‬
‫ّ‬ ‫فئة الصعوبات التعلّميّة وفئة ضعاف القراءة‪.‬‬
‫وثيقا به (‪ .)Wanger et al., 1993‬لكن‪ ،‬ال‬ ‫مرتبطة ارتباطًا ً‬
‫ب ّد من اإلشارة إىل أ ّن هناك الكثير من االختالفات في اللغات‪،‬‬
‫فعىل سبيل المثال تحوي اللغة الصينيّة رمو ًزا (‪)Characters‬‬
‫أما نموذج "‪ "Attainment Model‬فيسلّط الضوء عىل‬
‫الصعوبات التعلّميّة‪ ،‬بعي ًدا عن مفهوم الذكاء كمقياس لقدرات‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تقييـم الصعوبـات التعلمية بين‬
‫اللغة العرب ّيـة واللغة اإلنكليز يّة‬
‫واإلنكليز يّة تُكتَب من اليسار إىل اليمين‪ ،‬والعربيّة تُكتَب من‬ ‫ً‬
‫مقارنة‬ ‫يركز عىل مستوى تدنّي التحصيل الدراس ّي‪،‬‬
‫الفرد‪ ،‬فهو ّ‬
‫لكل لغة تركيباتها من حيث‬ ‫اليمين إىل اليسار‪ ،‬ناهيك عن أ ّن ّ‬ ‫ّ‬
‫بالمؤشرات اإلدراكيّة األخرى‪ ،‬مثل الذاكرة البصر يّة والسمعيّة‪،‬‬
‫الوعي الصوت ّي‪ ،‬والقواعد النحويّة واإلمالئيّة‪ ،‬وارتباط األصوات‬ ‫وهو مقبول لدى الكثيرين‪ ،‬وال سيّما أنّه يستبعد الذكاء العا ّم‬
‫المسموعة بالمكتوبة منها‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬فاللغة العربيّة‪ً ،‬‬
‫مثل‪،‬‬ ‫عائقا في تصنيف الصعوبات التعلّميّة‬‫الذي يعتبره بعض الخبراء ً‬
‫تتميّز بوجود األحرف الشمسيّة والقمر يّة وأل التعريف والش ّدة‬ ‫لعدم اإلجماع عىل تعريف الذكاء كمكوّن أساس ّي من مكوّنات‬
‫ً‬ ‫عمليّة التعلّم‪.‬‬
‫فضل عن‬ ‫والحركات أو ما بات يُع َرف باألصوات القصيرة‪،‬‬
‫العاميّة والفصحى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نسختي اللغة العربيّة المختلفة بين‬
‫سكينة عفيف النابلس ّي‬
‫نموذج الوعي الفونولوج ّي‬
‫من هنا‪ ،‬فإ ّن تشخيص األطفال ثنائيّي اللغة (العربية واإلنكليز يّة)‬ ‫يُع ّرَف الوعي الفونولوج ّي بأنّه إدراك المبنى الصوت ّي لكلمات‬
‫يحتاج اىل األخذ بعين االعتبار خصوصيّة اللغة األ ّم من ناحية‪،‬‬ ‫اللغة المحكيّة‪ ،‬والقدرة عىل تحليله إىل وحدات صوتيّة منفردة‪،‬‬ ‫(‪ )1996‬في دراسة أجرياها أ ّن ‪ %65‬من األطفال الذين‬ ‫مق ّدمة‬
‫تشكل هذه‬ ‫ّ‬ ‫وتركيب اللغة الثانية من ناحية أخرى‪ .‬فقد‬ ‫ّ‬
‫ويشكل‬ ‫مثل المقاطع والفونيمات (التربية اللغويّة‪.)2009 ،‬‬ ‫يظهرون صعوبات تعلّميّة أظهر أهلهم الصعوبات التعلّميّة‬
‫أشقائهم أظهروا صعوبات تعلّميّة‬ ‫ّ‬ ‫نفسها‪ ،‬وأ ّن ‪ %40‬من‬
‫الفروقات اللغويّة بين اللغات المختلفة مصد ًرا إضاف ًيّا لمعرفة‬ ‫الوعي الفونولوج ّي‪ ،‬أحد النماذج الدالّة عىل الصعوبات التعلّميّة‬ ‫تع ّد الصعوبات التعلّميّة من الصعوبات األكثر انتشا ًرا بين‬
‫ما إذا كانت الصعوبات التعلّميّة مرتبطة بالوعي الفونولوج ّي‪،‬‬ ‫(‪ ،)Everatt & Reid, 2009‬حيث يرى ‪)2010( Riddick‬‬ ‫أما في ما يتعلّق بالقدرات الذهنيّة‪ ،‬فإ ّن الضعف في‬‫مشابهة‪ّ .‬‬ ‫علما أ ّن أعداد األشخاص الذين‬ ‫ً‬ ‫المتعلّمين حول العالم‪،‬‬
‫ً‬
‫الذاكرة العاملة أو اإلدراك البصريّ‪ ،‬وفقا لـ‪Morton & Firth‬‬ ‫يصنّفون ضمن فئة الصعوبات التعلّميّة تختلف من بلد اىل‬
‫(‪ ،)1995‬أو الضعف في مجال الوعي الصوت ّي المرتبط بتعلّم‬ ‫آخر‪ ،‬ويصعب حصرها في نسبة مئويّة عالميّة‪ .‬ففي بريطانيا‪،‬‬
‫ّ‬
‫المؤشرات الدالّة عىل وجود صعوبات تعلّميّة‪،‬‬ ‫القراءة‪ ،‬يع ّد من‬ ‫عىل سبيل المثال‪ ،‬ذكرت الجمعيّة البريطانيّة للديسلكسيا أ ّن‬
‫فضل عن تلك الخصائص السلوكيّة التي يظهرها األطفال‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نسبة األشخاص الذين لديهم صعوبات تعلّميّة تبلغ ‪ %10‬من‬
‫كالضعف في متابعة التعليمات المعطاة لهم‪ ،‬أو التر ّدد في‬ ‫سكان بريطانيا‪ ،‬ورغم أنّها نسبة كبيرة‪ ،‬ولكنّها قد ال تكون‬
‫أصل ّ‬
‫القراءة بصوت مرتفع‪ ،‬أو القراءة بشكل صوري ّ دون القدرة‬ ‫دقيقة بدرجة عالية‪ ،‬نظ ًرا الختالف معايير القياس والتشخيص‬
‫المؤشرات السلوكيّة األخرى‪.‬‬‫ّ‬ ‫عىل التهجئة‪ ،‬وغير ذلك من‬ ‫مؤسسة تربويّة وأخرى‪.‬‬
‫بين دولة وأخرى‪ ،‬أو بين ّ‬

‫النماذج المعتمدة في تصنيف الصعوبات التعلّم ّية‬ ‫يهدف هذا المقال اىل تسليط الضوء عىل ضرورة إجراء تقييم‬
‫يبيّن تع ّدد العوامل المسؤولة عن الصعوبات التعلميّة أ ّن‬ ‫باللغتين العربيّة واإلنكليز يّة أثناء تشخيص األطفال ثنائيّي اللغة‬
‫األسباب الكامنة وراءها كثيرة‪ ،‬ما يعني أ ّن إجراء التشخيص‬ ‫(العربيّة‪ ،‬واإلنكليز يّة ً‬
‫لغة ثانية)‪ ،‬وذلك لالختالفات البنائيّة‬
‫وفق نظر يّة واحدة أمر شبه مستحيل‪ ،‬فث ّمة فريق من الباحثين‬ ‫بكل لغة‪ ،‬كاالختالفات المتعلّقة بعلم األصوات‪ ،‬أو‬ ‫الخاصة ّ‬
‫ّ‬
‫والمشتغلين في الحقل التربوي ّ يعارضها لحساب فريق آخر‪.‬‬ ‫الصرف والنحو‪ ،‬أو ترتيب الجملة‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬
‫أيضا في التعريفات المتع ّددة للصعوبات‬ ‫وقد انعكس هذا ً‬
‫التعلّميّة‪ ،‬وفي عدم توحيد المكوّنات األساسيّة المسؤولة عن‬ ‫نماذج قياس الصعوبات التعلّم ّية وتصنيفها‬
‫ّ‬
‫الحس ّي والذاكرة العاملة وسرعة‬ ‫هذه الصعوبات‪ ،‬كاإلدارك‬
‫معالجة المعلومات والتعبير الشفه ّي‪ ،‬كما هو معروف وفق‬ ‫نموذج ‪ Morton‬و‪ Firth‬لقياس الصعوبات‬
‫تصنيف وكسلر العالم ّي‪.‬‬ ‫التعلّم ّية‬
‫تعـود أسـباب الصعوبـات التعلّميّـة‪ ،‬بحسـب تصنيـف‬
‫وتجدر اإلشارة إىل أ ّن هناك نماذج متع ّددة لتحديد الصعوبات‬ ‫‪ ،)1995( Morton & Firth‬إىل ثالثة عوامل أساسيّة‪ ،‬منها‬
‫التعلّميّة‪ ،‬ويع ّد "‪ "Discrepancy model‬أحد هذه‬ ‫العوامل البيولوجيّة واإلدراكيّة‪ ،‬ومنها الخصائص السلوكيّة‪.‬‬
‫النماذج‪ ،‬حيث يح ّدد الصعوبات التعلّميّة وفق قياس الفارق‬ ‫فعىل سبيل المثال‪ ،‬يبيّن ‪Pennington & Gilger‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪15‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪14‬‬


‫مثل‪ّ ،‬إل‬
‫التي ت ّم قياسها في اختبار اللغة اإلنكليز يّة دقيقة ً‬ ‫نتيجة قلّة االختبارات باللغة العربيّة وضعف مصداقيّتها‪ ،‬تعمد‬ ‫دون العربيّة‪ ،‬وأ ّن خمسة أطفال فقط أظهروا صعوبات في‬ ‫أم أنّه ال ب ّد من األخذ بعين االعتبار القدرات الذهنيّة األخرى‪،‬‬
‫أ ّن الصعوبات في اللغة العربيّة قد تكون مختلفة‪ ،‬وال يمكن‬ ‫مؤشرات صعوبات‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وكتابة‪ ،‬أل ّن‬ ‫ً‬
‫قراءة‬ ‫إىل تجاهل تشخيصها‬ ‫ً‬
‫طفل أظهروا‬ ‫اللغتين‪ .‬وفي تحليل آخر للنتائج تبيّن أ ّن ‪18‬‬ ‫كالذاكرة البصر يّة القصيرة التي ال تنكرها نظر يّة الوعي الصوت ّي‪.‬‬
‫تقوييها ّإل بتشخيص لغوي ّ دقيق‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التعلّم مرتبطة بالجوانب الذهنيّة بشكل أساس ّي‪ ،‬وهذا مؤشر‬ ‫صعوبات تعلّميّة في اللغة اإلنكليز يّة دون العربيّة‪ ،‬وأ ّن ‪19‬‬ ‫وبما أ ّن الصعوبات التعلّميّة تعبّر عن نفسها بشكل أساس ّي في‬
‫ّ‬
‫مؤش ًرا أساسيًّا‬ ‫رغم أ ّن المجاالت اإلدراكيّة تع ّد‬ ‫‪.2‬‬ ‫للتأكد من وجود صعوبات تعلّميّة‪.‬‬
‫كاف ّ‬ ‫ً‬
‫طفل أظهروا صعوبات في اللغتين العربيّة واإلنكليز يّة عىل ح ّد‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫مهارت ّي القراءة والكتابة‪ ،‬وال سيّما في المراحل التعليميّة األوىل‪،‬‬
‫فإ ّن تشخيص الصعوبات التعلّميّة يحتاج اىل الكثير من ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للصعوبات التعلميّة‪ ،‬إل أ ّن هناك الكثير من الخصائص المشتركة‬ ‫سواء‪.‬‬ ‫الدقة‬
‫بينها والمشكالت التعلّميّة أو اإلدراكيّة األخرى‪ ،‬وأ ّن عدم تقييم‬ ‫وقد ينعكس ذلك سل ًبا عىل األطفال‪ ،‬إذ يساعد التشخيص‬ ‫والقدرة عىل تحليل عناصر الصعوبات اللغويّة‪ ،‬سوا ًء المقروءة‬
‫اللغة يُص ِّعب عىل االختصاص ّي تحديد طبيعة المشكلة وتحليل‬ ‫اللغوي ّ في ّ‬
‫التأكد ما إذا كانت هذه الخصائص ناتجة عن وجود‬ ‫كما بيّنت الدراسة أعاله‪ ،‬أ ّن الصعوبات التعلّميّة التي يواجهها‬ ‫منها أم المكتوبة‪ ،‬م ّما يعني ضرورة قياس طبيعة الصعوبات‬
‫نتائج االختبارات‪.‬‬ ‫صعوبات تعلّميّة مح ّددة أو عن وجود صعوبات في جوانب‬ ‫األطفال في اللغة اإلنكليز يّة ظهرت واضحة في اختباري ّ‬ ‫بين اللغتين العربيّة واإلنكليز يّة‪ ،‬ودراسة االختالفات بينهما‪،‬‬
‫إ ّن قلّة االختبارات المقنّنة باللغة العربيّة ال يعني تجاهل‬ ‫‪.3‬‬ ‫ً‬
‫مباشرة عىل أدائه‬ ‫ّ‬
‫الحس ّي والتي ال تنعكس‬ ‫إدراكيّة‪ ،‬كاإلدراك‬ ‫"‪ "non-word‬و"‪ ،"segmentation‬وفي اختبار الكلمة‬ ‫لمعرفة ما إذا كان الضعف في الوعي الفونولوج ّي هو العامل‬
‫تقييم اللغة‪ ،‬ألنّه باإلمكان االعتماد عىل مقياس غير رسم ّي‬ ‫في اللغة العربيّة‪.‬‬ ‫المفردة واإلمالء‪ .‬بينما ظهرت الصعوبات التعلّميّة التي يعاني‬ ‫األساس المسؤول عن الصعوبات التعلّميّة‪ ،‬أم أ ّن عوامل أخرى‬
‫يكون محك َّي المرجع (‪.)criterion based assessment‬‬ ‫منها األطفال في اللغة العربيّة في اختباري ّ القراءة واإلمالء‬ ‫أكثر أه ّميّة‪ ،‬أل ّن نظر يّة الوعي الصوت ّي تعتقد بوجود صعوبات‬
‫ً‬
‫تشخيصا‬ ‫وعليه‪ ،‬لكي نقوم بتشخيص الصعوبات التعلّميّة‬ ‫خاتمة‬ ‫فقط‪ ،‬ولم تظهر هذه الصعوبات جليّة في اختباري ّ " ‪non-‬‬ ‫أيضا‪ ،‬فتسهم في الصعوبات اللغويّة‪ ،‬كالذاكرة‬ ‫في الذاكرة ً‬
‫دقيقا‪ ،‬نحتاج اىل تقييم شامل للمجاالت اللغويّة والذهنيّة كلّها‪،‬‬‫ً‬ ‫‪ "word‬و"‪."segmentation‬‬ ‫العاملة والذاكرتين القصيرة والطويلة (البصر يّة والسمعيّة)‪.‬‬
‫فضل عن مجال الوعي الصوت ّي‪ ،‬إذ من شأن االكتفاء بالتركيز‬ ‫ً‬ ‫عىل الرغم من أ ّن نموذج الوعي الفونولوج ّي في تحديد‬
‫عىل جانب واحد وإهمال الجوانب األخرى أن يُص ِّعب عمليّة‬ ‫الصعوبات التعلّميّة يطاله الكثير من النقد‪ ،‬وقد ال يستسيغه‬ ‫نستخلص من هذه الدراسة‪ ،‬عىل الرغم من محدوديّتها‪ ،‬أنّه‬ ‫دراسات حول الصعوبات التعلّم ّية‬
‫إطالق الحكم المرافقة للتقييم والتدخل التربوي ّ‪.‬‬ ‫الكثير من االختصاصيّين‪ ،‬ولكن ال ب ّد من االنتباه إىل عدد من‬ ‫يمكن لألطفال أن يظهروا صعوبات تعلّميّة في لغة ما‪ ،‬وقد‬
‫النقاط أثناء القيام بالقياس والتشخيص لألطفال الذين يظهرون‬ ‫تكون الصعوبة في اللغة اإلنكليز يّة ً‬
‫مثل لألطفال ثنائيّي اللغة‪،‬‬ ‫دراسة ع ّينة من األطفال في سلطنة ُعمان‬
‫خصائص مشابهة في الصعوبات التعلّميّة‪ .‬ومن بين هذه‬ ‫إذ ال يظهرونها في لغة أخرى كالعربيّة‪ ،‬والعكس صحيح‪ .‬ولك ّن‬ ‫طفل ثنائيّي اللغة‬‫ً‬ ‫أجريت دراسة عىل عيّنة مؤلّفة من ‪66‬‬ ‫ُ‬
‫سكينة عفيف النابلس ّي‬ ‫األمور‪:‬‬ ‫هذا األمر يحتاج إىل الكثير من الدراسة‪ ،‬وال سيّما أ ّن اختبارات‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(العربية لغة أ ّم واإلنكليز يّة لغة ثانية)‪ ،‬تتراوح أعمارهم بين‬
‫ضرورة تقييم ّ‬
‫كل لغة عىل حدة‪ ،‬نظ ًرا لالختالفات بين‬ ‫‪.1‬‬ ‫الوعي الفونولوج ّي قد ال تكون بالفعاليّة ذاتها بين اللغات كلّها‬ ‫ثماني سنوات وإحدى عشرة سنة في سلطنة ُعمان‪ ،‬يدرسون‬
‫اختصاصيّة في القياس والتشخيص النفس‪-‬تربوي ّ‬ ‫ّ‬
‫لبنان‬ ‫اللغات من حيث تركيبها وبناؤها‪ ،‬حتّى وإن كانت المؤشرات‬ ‫بالدرجة نفسها‪ ،‬وال سيّما في اختبارات مثل اختبار "‪pseudo‬‬ ‫خاصة ويظهرون‪ ،‬وفق ما أشار معلّموهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في مدارس‬
‫‪ ،"words‬أو قراءة الكلمات التي ال معنى لها‪ ،‬والتي تهدف اىل‬ ‫ّ‬
‫مؤشرات عىل وجود صعوبات تعلميّة لديهم‪ .‬وقد ت ّم تشخيص‬ ‫ّ‬
‫بغض النظر عن معنى الكلمة‪.‬‬ ‫قياس قدرة الفرد عىل القراءة‪ّ ،‬‬ ‫األطفال باعتماد اختبارين مقنّنين متجانسين‪)11-8 LASS( ،‬‬
‫وهو مقنّن وفق البيئة البريطانيّة‪ ،‬يقيس الوعي الفونولوج ّي‬
‫دراسة حالة طالبة جامع ّية‬ ‫باللغة اإلنكليز يّة‪ ،‬واآلخر يقيس الوعي الفونولوج ّي باللغة‬
‫أجريت دراسة حالة (غير منشورة) عىل طالبة جامعيّة سنة‬ ‫ُ‬ ‫مقنن وفق البيئة الكويتيّة‪.‬‬‫العربيّة (‪ ،)AR 11-8 LASS‬وهو ّ‬
‫المراجع‬
‫‪ ،2021‬أظهرت فيها صعوبات تعلّميّة واضحة في اللغة‬ ‫وقد تض ّمن االختباران قراءة الكلمات المفردة‪ ،‬وقراءة جملة‪،‬‬
‫ •المنهج التعليم ّي‪ .)2009( .‬التربية اللغويّة العربيّة‪ :‬لغة أدب‪ ،‬ثقافة للمرحلة االبتدائية‪ .‬مركز تخطيط وتطوير المناهج‬ ‫العربيّة عىل مستوى مهارت ّي القراءة والكتابة والتعبير الكتاب ّي‪،‬‬ ‫وقراءة كلمات ال معنى لها (‪ ،)non words‬وحذف أو إضافة‬
‫التعليمية‪.‬‬ ‫ظهر أيًّا من هذه الصعوبات في اللغة اإلنكليز يّة‪ .‬مع‬ ‫ولم ت ُ ِ‬ ‫مقاطع صوتيّة (‪.)Blending and segmentation‬‬
‫•‬ ‫‪Everatt, J., & Reid, G. (2009). An overview of recent research. The Routledge companion to‬‬ ‫اإلشارة إىل أ ّن الطالبة أظهرت‪ ،‬من خالل تقارير سابقة أثناء‬ ‫أظهرت النتيجة‪ ،‬حسب نظر يّة الفارق بين الذكاء العا ّم واألداء‬
‫‪dyslexia. 3.‬‬
‫دراستها المدرسيّة‪ ،‬وجود صعوبات تتمثّل في القراءة والكتابة‬ ‫األكاديم ّي (‪ )Discrepancy model‬أ ّن ‪ 25‬من أصل ‪66‬‬
‫•‬ ‫‪Fletcher, J. M., Shaywitz, S. E., Shankweiler, D. P., Katz, L., Liberman, I. Y., Fowler, A., Francis, D. J.,‬‬
‫والتعبير باللغة العربيّة‪.‬‬ ‫طفل لديهم صعوبات تعلّميّة في اللغة االنكليز يّة فقط‪ ،‬وليس‬ ‫ً‬
‫‪Stuebing, K. K., & Shaywitz, B. A. (1994). Cognitive profiles of reading disability: Comparisons‬‬
‫‪of discrepancy and low achievement definitions. Journal of Educational Psychology, 86, 1-18.‬‬ ‫لديهم أيّة صعوبات في اللغة العربيّة‪ ،‬وأ ّن اثنين فقط أظهرا‬
‫•‬ ‫‪Morton, J., & Frith, U. (1995). Causal modeling: A structural approach to developmental psy-‬‬ ‫وعىل ذلك‪ ،‬فإ ّن تشخيص الصعوبات التعلّميّة ال يمكن حصره‬ ‫صعوبات تعلّميّة في اللغتين العربيّة واإلنكليز يّة عىل ح ّد سواء‪.‬‬
‫‪chopathology. In D. Cicchetti & D. J. Cohen (Eds.), Developmental psychopathology, Theory‬‬ ‫بلغة واحدة‪ ،‬وهذا ما نشهده كثي ًرا في عالمنا العرب ّي‪ ،‬ففي لبنان‬ ‫أقل لجهة القدرات‬ ‫وفي تحليل آخر للنتائج‪ ،‬لكن مع شروط ّ‬
‫‪and methods. 357–390.‬‬ ‫ً‬ ‫الذهنيّة والوعي الفونولوج ّي‪ ،‬تبيّن أ ّن ‪ً 16‬‬
‫مثل‪ ،‬تقوم بعض المراكز بتشخيص األطفال ثنائيّي اللغة‪ ،‬الذين‬ ‫طفل من أصل ‪66‬‬
‫•‬ ‫‪Pennington, B. F., & Gilger, J. W. (1996). How is dyslexia transmitted? In C. H. Chase, G. D. Rosen,‬‬
‫‪& G. F. Sherman (Eds.), Developmental dyslexia: Neural, cognitive, and genetic mechanisms.‬‬ ‫يظهرون خصائص دالّة عىل الصعوبات التعلّميّة باللغة اإلنكليز يّة‬ ‫أظهروا صعوبات في اللغة االنكليز يّة فقط‪ ،‬في حين أظهر ‪13‬‬
‫‪41-61.‬‬ ‫فقط‪ ،‬عىل اعتبار أ ّن اللغة اإلنكليز يّة هي اللغة الرئيسة التي‬ ‫طفل صعوبات في اللغة اإلنكليز يّة والعربيّة عىل ح ّد سواء‪ ،‬ولم‬ ‫ً‬
‫•‬ ‫‪Riddick B., (2010) Living with Dyslexia: The social and emotional consequences of specific‬‬ ‫يدرس بها األطفال مواد الرياضيّات والعلوم‪ ،‬وتتجاهل قياس‬ ‫ظهر أي ّ طفل من األطفال صعوبات في اللغة العربيّة وحدها‪.‬‬ ‫يُ ِ‬
‫‪learning difficulties/disabilities. Routledge.‬‬ ‫مؤشر عن‬ ‫ّ‬ ‫اللغة العربيّة‪ ،‬إذ تعتبر أ ّن اإلنكليز يّة كفيلة بإعطاء‬ ‫أما في النظر يّة الثانية (‪ )Attainment model‬والتي‬ ‫ّ‬
‫•‬ ‫‪Wager, R., Torgesen, J., Rashotte, C. et al. (2013). Comprehensive Test of Phonological‬‬ ‫وجود صعوبات تعلّميّة باللغة العربيّة ً‬ ‫تستبعد الذكاء العا ّم ّ‬
‫أيضا‪ ،‬وهذا يتناقض مع‬ ‫مؤش ًرا للصعوبات التعلّميّة‪ ،‬تبيّن أ ّن ‪29‬‬
‫‪Processing. Pearson.‬‬
‫ما أظهرته دراسة الكاتبة أعاله‪ ،‬غير أ ّن هناك الكثير من المراكز‪،‬‬ ‫طفل أظهروا صعوبات تعلّميّة في اللغة اإلنكليزية‬ ‫من أصل ‪ً 66‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪17‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪16‬‬


‫ّ‬
‫ملف العدد‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫عىل تصميم مها ّم حقيقيّة وفق ستّة أسس ت ّم اختصارها في‬
‫كلمة "‪ "G.R.A.S.P.S‬والتي تتمثّل في العناصر اآلتية‪ :‬الهدف‪،‬‬
‫ّ‬
‫المهمــات األدائ ّيــة فــي التقويــم‬
‫ودور المتعلّم‪ ،‬والفئة المستهدفة‪ ،‬والموقف الذي تُح َّدد الغاية‬

‫البديــل ‪" -‬أنمــوذج تطبيقــ ّي"‬


‫وفقه‪ ،‬واألداء الذي ّ‬
‫ينفذه المتعلّمون‪ ،‬ومعايير النجاح‪.‬‬

‫نعرض في هذا المقال تجربتنا في تطبيق التقويم البديل وفق‬


‫أنموذج "‪ "G.R.A.S.P.S‬الذي نجحنا من خالله بتحقيق‬
‫األهداف المنشودة‪ .‬فنبدأ بالحديث عن المه ّمات األدائيّة الذي‬ ‫أمينة طالب الجابري‬
‫يقتضيها األنموذج في الوحدات البحثيّة‪ ،‬ث ّم نبيّن كيفيّة تعزيزه‬
‫دافعيّة المتعلّم وتمكينه من تحقيق األهداف التعلّميّة‪ ،‬لنختم‬
‫بتبيان ضرورة التوفيق بين نهج التقويم البديل ومبدأ التقويم‬
‫التقليدي ّ‪.‬‬ ‫مق ّدمة‬
‫ّ‬
‫مهمات التقويم األدائ ّية‬ ‫شهدت طرق التقويم ونظر يّاته تط ّو ًرا كبي ًرا في القرن الحادي‬
‫والعشرين‪ ،‬تماش ًيا مع التحديثات الحاصلة في أساليب التعليم‬
‫يتعامل التقويم البديل مع المعرفة من خالل المتعلّم‪ ،‬أي أنّه‬ ‫والتعلّم‪ ،‬وأصبح للتقويم أهداف تربويّة وتعليميّة تتع ّدى عمليّة‬
‫يُبنَى وفق مستويات تراعي الفروقات الفرديّة بين المتعلّمين‬ ‫التقرير أو عمليّة تحديد مستوى الطالب‪ ،‬فصار بذلك جز ًءا‬
‫الذين تختلف لديهم طرق التعلّم والتفكير‪ ،‬حيث يت ّم تقويمهم‬ ‫ّ‬
‫ويصحح‬ ‫ال يتجزّأ من عمليّة التعليم‪ ،‬حيث يو ّجهها ويعزّزها‬
‫بتكليفهم بمه ّمات متع ّددة تتطلّب اندما ًجا نشطًا‪ ،‬مثل‬ ‫مسارها‪ .‬وقد هدف التربويّون بمبادراتهم ونظر يّاتهم إىل‬
‫توظيف البحث واالستقصاء في معالجة المشكالت‪ ،‬أو القيام‬ ‫الوصول إىل أطر تلبّي جميع احتياجات ّ‬
‫الطلب التعليميّة‪ ،‬وإىل‬
‫بالتجارب الميدانيّة‪ ،‬أو التصوير المرئ ّي للتفكير‪ ،‬أو غيرها من‬ ‫أساليب ونظم تسهم في تحقيق التوازن والتكامل في شخصيّة‬
‫المه ّمات األدائيّة التي يقتضيها أنموذج "‪،"G.R.A.S.P.S‬‬ ‫الطالب‪ ،‬وفي تمكينه من توظيف مهاراته لبلوغ أقصى عمق‬
‫والتي بدت لنا أنّها الطريقة األنسب لتقويم الوحدات البحثيّة‬ ‫معرف ّي‪.‬‬
‫التي تعتمد المدخل المفهوم ّي في تصميمها‪ ،‬إذ ساعدتنا عىل‬
‫تقويم أساليب التعلّم التي اكتسبها ّ‬
‫طلبنا‪ .‬ذلك أ ّن هذا النوع‬ ‫درسنا في قسم المناهج في مدارس اإلمارات الوطنيّة األطر‬
‫من المه ّمات يتطلّب من المتعلّم إثبات فهمه وكفاءته في‬ ‫الفلسفيّة للتعليم‪ ،‬وما يتبعها من طرق واستراتيجيّات مح ّركة‬
‫ضوء المخرجات التعليميّة المخطّط لها‪ ،‬بإنتاج ملموس يكون‬ ‫للمنهج‪ ،‬بهدف الوصول إىل طريقة تتناسب مع فلسفة التقويم‬
‫تحقق التعلّم‪ ،‬وينعكس في سياقات حقيقيّة توظّف‬ ‫دليل عىل ّ‬‫ً‬
‫وممارساته في برنامج السنوات المتوسطة‪ ،‬وتتض ّمن‪ ،‬في‬
‫فيها المعارف والمهارات‪.‬‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬تح ّديّات شيّقة ودامجة ومعيار يّة ّ‬
‫لطلبنا‪ .‬وبعد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تُع ّرَف المه ّمات األدائيّة بأنها نشاط أو تقييم تعليم ّي يتطلب من‬ ‫تجربة عدد من االستراتيجيّات التقويميّة‪ ،‬اعتمدنا أنموذج‬
‫المتعلّم القيام به إلثبات فهمه وكفاءته‪ ،‬في ضوء المخرجات‬ ‫"‪ "G.R.A.S.P.S‬لتطبيق التقويم البديل‪ ،‬وهو طريقة تقويميّة‬
‫ّ‬
‫والمنفذة خالل الوحدة‪ .‬تؤ ّدي مه ّمات‬ ‫التعليميّة المخطّط لها‪،‬‬ ‫ابتكرها التربويّان ‪ ،)2005( Wiggins & McTighe‬تقوم‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪19‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪18‬‬


‫ّ‬
‫للصف الثاني عشر‪ ،‬الذي‬ ‫بدوره نجاعة نتاجات البرنامج الدراس ّي‬ ‫بهدف تقييم فهمهم واألساليب التي تعلّموها خالل الوحدة‪،‬‬ ‫التعليميّة المخطّط لها خالل عمليّة تصميم الوحدات‪ ،‬مع‬ ‫األداء إىل إنتاج أداء أو منتج ملموس كدليل عىل التعلّم‪ ،‬ما‬
‫طلبًا ثنائيّي اللغة‪ ،‬يتحلّون بمستويات أداء‬
‫من شأنه أن يخ ّر ج ّ‬ ‫إىل أن ت ّم تحديد عناصر المه ّمة عىل النحو اآلتي‪:‬‬ ‫األخذ في االعتبار مستويات إتقانها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ال يقتصر العمل‬ ‫يعكس سياقات حقيقيّة لتوظيف المعرفة والمهارات‪ .‬كما‬
‫عالية ج ًّدا‪ .‬ومن الجدير بالذكر هنا أنّنا نستخدم األنموذج ذاته‬ ‫•الهدف‪ :‬أن يبرهن المتعلّم كيف أ ّن االنتقال من حالة إىل‬ ‫في تنفيذ المه ّمات األدائيّة عىل تشجيع المتعلّمين عىل التفاعل‬ ‫يمكن للمه ّمات األدائيّة أن تضمن تطوّر قدرة المتعلّم عىل‬
‫لتصميم المه ّمات األدائيّة لبقية المواد الدراسيّة‪ ،‬ومنها العلوم‬ ‫ّ‬
‫ويشكل‬ ‫أخرى يساعد عىل التطوير النفس ّي واالجتماع ّي‪،‬‬ ‫مع بعضهم والتعاون في ما بينهم فحسب‪ ،‬بل يقتضي كذلك‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫التأمل ّي والتفكير االستراتيج ّي اللذين يساعدانه المتعلّم‬
‫التفكير ّ‬
‫والرياضيات واللغة اإلنكليز يّة‪ ،‬ما يضمن ترسيخ مبادئ التقييم‬ ‫وجهات نظر جديدة‪ ،‬وطرق تعبير إبداعيّة عن الذات‪،‬‬ ‫مقارنة أدائهم بمستوى اإلتقان المطلوب وفق معايير التقويم‪،‬‬ ‫عىل معالجة المعلومات ونقدها وتحليلها‪ ،‬ويبعدانه عن‬
‫وانسيابيّة التطبيق‪.‬‬ ‫باالستناد إىل األدب‪.‬‬ ‫من أجل تعزيز دافعيّتهم للتعلّم‪ ،‬مع ضرورة تجنّب عقد‬ ‫سلبيّات االمتحانات التقليديّة التي تهت ّم بالحفظ واالستظهار‬
‫ّ‬
‫يتذكر المتعلم معايشته لألحداث المتعلقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫•الدور‪ :‬أن‬ ‫المقارنات بينهم كأفراد‪.‬‬ ‫فقط (‪ .)2016 ،Mehrens & Lehmann‬فوفق أنموذج‬
‫خاتمة‬ ‫والخاصة بالتغييرات التي ارتبطت بعمليت ّي‬ ‫ّ‬ ‫بجائحة كورونا‪،‬‬ ‫"‪ "G.R.A.S.P.S‬نضع المتعلّم أمام مشهد لمشكلة حياتيّة‬
‫التعليم والتعلّم‪ ،‬ومدى تأثيرها في المتعلمين والمعلمين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نذكر من بين التجارب التي ت ّم تطبيقها في مدارسنا حول‬ ‫واقعيّة‪ ،‬وذات صلة بشؤون الحياة العمليّة التي يعيشها‪،‬‬
‫في النهاية‪ ،‬يتبيّن أ ّن هذا النوع من التقويم يختزل في مراحله‬ ‫عامة‪،‬‬ ‫وإدارات المدارس‪ ،‬وفي أولياء األمور والمجتمع ّ‬ ‫ّ‬
‫للصف‬ ‫المه ّمات األدائيّة تجربة أجريت في ما ّدة اللغة العربيّة‬ ‫ّ‬
‫للتوصل إىل الحلول‬ ‫تستدعي توظيف المعارف والمهارات‬
‫الكثير من طرق التعلّم الحديثة‪ ،‬مثل التعلّم المبن ّي عىل البحث‪،‬‬ ‫فح ِّدد دور‬ ‫خاصة‪ُ .‬‬ ‫ّ‬ ‫وفيه كطالب في الصف السابع‬ ‫السابع‪ .‬كان الهدف من الوحدة الثانية أن يصل المتعلّمون إىل‬ ‫تمكن المتعلمّ‬
‫المناسبة‪ .‬فنجد أ ّن عمليّة البحث عن الحلول ّ‬
‫والتعلّم المبن ّي عىل المشاريع‪ ،‬والتعلّم التفاعل ّي‪ ،‬كما يدمج‬ ‫بالتأمل في التجربة‪ ،‬واستخالص النتائج بكتابة‬ ‫ّ‬ ‫المتعلّم‬ ‫الفهم اآلتي‪ " :‬االنتقال من حالة إىل أخرى يساعد عىل التطوير‬ ‫من إعمال مهارات التفكير العليا لديه‪ ،‬فيؤ ّدي عد ًدا من عمليّات‬
‫إطار التعليم القائم عىل الظواهر الطبيعيّة‪ ،‬وهو نهج يضمن‬ ‫مقال تفسيري ّ يقارن فيه بين التعليم الوجاه ّي والتعليم‬ ‫ويشكل وجهات نظر جديدة‪ ،‬وطرق تعبير‬ ‫ّ‬ ‫النفس ّي واالجتماع ّي‪،‬‬ ‫التقصي والبحث والتحليل واالستكشاف وتركيب المعلومات‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وجود خمسة أبعاد رئيسة في العمليّة التعليميّة‪ ،‬تتمثّل في‬ ‫االفتراض ّي‪ ،‬من خالل الوسائل وطرق التعليم والتعلّم‬ ‫إبداعيّة عن الذات‪ ،‬مستندة إىل األدب"‪ .‬وللوصول بالمتعلّمين‬ ‫يوظّف من خاللها ما تعلّمه ضمن سياق‬ ‫بغية إيجاد حلول ِ‬
‫الشمولية‪ ،‬واألصالة‪ ،‬والسياق‪ ،‬واالستقصاء المو َّجه بالمشكالت‪،‬‬ ‫المستخدمة‪ ،‬ويح ّدد فيه الصعوبات والتح ّديات التي‬ ‫إىل هذا الفهم الدائم وغيره من التفاهمات المرتبطة بالمفاهيم‬ ‫ّ‬
‫جديد‪ .‬كما تشجع المه ّمات األدائيّة المتعلمين عىل توظيف‬
‫فيوفر بذلك‬‫ّ‬ ‫وعمليّات التعلّم والبحث المو َّجهة والمفتوحة‪،‬‬ ‫واجهها المتعلّمون وأفراد مجتمعهم إثر التغييرات التي‬ ‫ً‬
‫تصميما‬ ‫المتّصلة بالوحدة البحثيّة‪ ،‬ت ّم تصميم محتوى الوحدة‬ ‫التوصل إىل معلومات جديدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مهاراتهم البحثيّة وتطويرها إثر‬
‫نموذ ًجا عمليًّا للمعلّمين والمتعلّمين‪ .‬وال ب ّد من اإلشارة هنا إىل‬ ‫حدثت‪ ،‬وكيفيّة تأقلمهم معها‪ ،‬ث ّم يستقري وجهة نظر‬ ‫يشتمل عىل عدد من الموضوعات المتمحورة حول "اإلبداع"‬ ‫واقتراح حلول مبتكرة في كثير من األحيان‪ ،‬والذي يع ّد بدوره‬
‫أ ّن اعتمادنا التقويم البديل باستخدام أنموذج المه ّمات األدائيّة‪،‬‬ ‫أفراد المجتمع حول الطريقتين‪ ،‬مبيّنًا‪ ،‬من وجهة نظره‪،‬‬ ‫رئيسا‪ ،‬وحول "وجهة النظر" و"التعبير عن الذات"‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مفهوما‬ ‫من أعىل مستويات التفكير والعمق المعرف ّي‪.‬‬
‫ال يغنينا عن أساليب التقويم التقليديّة‪ ،‬أل ّن الطريقتين تك ّمالن‬ ‫أيّهما أصلح الكتساب العلم والمعرفة‪ ،‬ومشي ًرا إىل أوجه‬ ‫مفهوم ْين ذوَي صلة‪ .‬ول ّما كان اعتماد كتاب الوزارة كمصدر‬ ‫َ‬
‫بعضا‪ .‬فالدمج بين ع ّدة استراتيجيّات تجعل المتعلّم‬ ‫بعضهما ً‬ ‫اإلبداع في عمليّة التعليم عن بعد‪.‬‬ ‫رئيس من مصادر المنهاج ضرور يًّا‪ ،‬قمنا بتوظيف مجموعة‬ ‫كل مه ّمة أدائيّة شبكة تقويم تحليليّة وصفيّة‪ ،‬تعتبر‬ ‫تحتوي ّ‬
‫ّ‬
‫وتوفر له الفرصة إلبراز مهاراته والتعبير‬ ‫محور عمليّة التقويم‬ ‫•المعايير‪ :‬ت ّم التقييم وفق ثالثة معايير‪ :‬التنظيم‪ ،‬وإنتاج‬ ‫نص شعري ّ بعنوان‬ ‫مختارة من دروسه عىل النحو اآلتي‪ّ :‬‬ ‫ً‬
‫واضحا عىل قيادة عمليّة التقويم الذات ّي قبل استخدامها‬ ‫ً‬
‫دليل‬
‫عن ذاته بما تعزّزه من عمليّتي التقويم الذات ّي وتقويم األقران‪،‬‬ ‫النص‪ ،‬واستخدام اللغة‪ .‬وقد ُح ِّددت وفقها األهداف‬ ‫ّ‬ ‫وقصة قصيرة بعنوان "قوّة الورق"‪ ،‬ومجموعة‬ ‫"قوّة العلم"‪ّ ،‬‬ ‫في مرحلة التقويم الختام ّي‪ .‬فيسبق التقويمات الختاميّة‬
‫فضل عن‬‫ً‬ ‫فتسهم في إشراك المتعلّمين في تقويم أعمالهم‪،‬‬ ‫تامة‪ ،‬بحيث ّ‬
‫توفر‬ ‫لكل مستوى بعناية ّ‬ ‫والتقديرات اللفظيّة ّ‬ ‫نص بعنوان "التعلّم‬ ‫من النصوص المعلوماتيّة‪ ،‬كان من بينها ّ‬ ‫للوحدات البحثيّة المع ّدة للتعلّم‪ ،‬تقويمات تكوينيّة مع ّدة‬
‫ّ‬
‫واألدق لمستوى‬ ‫أنّها تعين المعلّم عىل معرفة التقدير األنسب‬ ‫للمتعلّم شبكات تقييم وصفيّة تحليليّة‪ ،‬تفسح له المجال‬ ‫ونص بعنوان "رحلة المعرفة"‪ ،‬باإلضافة إىل توظيف‬ ‫مؤلم"‪ّ ،‬‬ ‫من أجل التعلّم‪ .‬يحدث هذا النوع من التقويم خالل الوحدة‬
‫كل مهارة‪.‬‬ ‫طلبه في ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتوضيح عالمات التق ّدم بوصف ك ّم ّي ولفظ ّي دقيقين‪.‬‬ ‫األدب المصاحب كمصدر داعم من مصادر المنهاج‪ ،‬لمساعدتنا‬ ‫البحثيّة أكثر من ّمرة‪ ،‬ويستخدم كأداة للكشف والتشخيص‬
‫في تحقيق الهدف‪ ،‬والتركيز عىل نمط كتاب ّي واحد خالل الوحدة‬ ‫توصل إليه المتعلّمون‪ ،‬ودرجة‬
‫عن مدى العمق المعرف ّي الذي ّ‬
‫توقعات بعدد الكلمات‬‫باإلضافة إىل ما سبق‪ ،‬ص ّممنا وثائق ّ‬ ‫البحثيّة لمساعدة المتعلّمين عىل الكتابة‪ ،‬وهو النمط التفسيري ّ‬ ‫إتقان مهارات التعلّم وأساليبه التي ت ّم التخطيط لها‪ ،‬كما يتيح‬
‫لكل وحدة‪ ،‬وكذلك‬ ‫المطلوب كتابتها في المه ّمات األدائيّة ّ‬ ‫القائم عىل المقارنة‪.‬‬ ‫الفرصة أمام المتعلّم إلظهار فهمه‪ ،‬ولتحصيل التغذية الراجعة‬
‫أمينة طالب الجابري‬
‫الوقت المستغرق إلنجاز مه ّمة األداء الشفوي ّ‪ .‬جاءت هذه‬ ‫الالزمة من المعلّم‪.‬‬
‫مديرة المناهج الوطنيّة في مدارس اإلمارات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التوقعات نتيجة ما قمنا به من دراسات ومقارنات معيار يّة‬ ‫ركزت النصوص والموضوعات عىل قضيّة اكتساب العلم‪ ،‬وقد‬
‫الوطنيّة‬ ‫أنموذج ّ‬
‫تضمن التطوّر الرأس ّي واألفق ّي لمهارات المتعلّم وفق التخطيط‬ ‫تناولها المعلّمون خالل نقاشاتهم بالتركيز عىل مفهوم اإلبداع‬ ‫مهمة أدائ ّية‬
‫اإلمارات‬ ‫الصف الثاني عشر إىل الروضة)‪ ،‬والذي يضمن‬ ‫ّ‬ ‫العكس ّي ( من‬ ‫الحاصل في عمليّتي التعليم والتعلّم‪ ،‬متناولين‪ ،‬استقرا ًء‬
‫واستنتا ًجا‪ ،‬وجهات نظر مؤلّفي النصوص وكيفيّة تعبيرهم عن‬ ‫ارتكز تصميمنا للمه ّمات األدائيّة عىل تعزيز دافعيّة المتعلّم‬
‫المراجع‬ ‫ذواتهم ومجتمعاتهم من خاللها‪ .‬في نهاية رحلة البحث المبنيّة‬ ‫وتمكينه من التعلّم‪ ،‬وذلك بإشراكه في تحديد معايير األداء‬
‫عىل المفاهيم‪ ،‬ت ّم تشجيع المتعلّمين عىل التعبير عن وجهات‬ ‫وتوضيحها له‪ ،‬ما يساعده عىل التقويم الذات ّي ألدائه‪ ،‬وتحديد‬
‫•‬ ‫‪Mehrens, W. & Lehmann, I. (2016). Measurment and Evaluation in Education and Psychology.‬‬ ‫نظرهم حول ما قرأوه‪ ،‬وال سيّما وأ ّن رحلة البحث الغنيّة قد‬ ‫حاجاته التعليميّة‪ ،‬والعمل عىل تطوير مهاراته في سبيل‬
‫‪American Psychological Association.‬‬ ‫عميقا يضمن اتخاذ وجهات نظر‬ ‫ً‬ ‫كوّنت المعنى لديهم تكوينًا‬ ‫الوصول إىل أعىل المستويات الممكنة‪ ،‬كما ّ‬
‫يحفزه عىل االستمرار‬
‫•‬ ‫& ‪Wiggins, G. & McTighe, J. (2015). Understanding by Design. 2nd Association for Supervision‬‬ ‫ناقدة ومبدعة في الوقت نفسه‪ُ .‬ص ِ ّممت المه ّمة األدائيّة‬ ‫في عمليّة التعلّم‪ ،‬وال يجعل من التقويم أداة للعقاب‪ ،‬بل أداة‬
‫‪Curriculum Development.‬‬ ‫تبعا ألنموذج "‪ ،"G.R.A.S.P.S .‬كما‬ ‫وفق التخطيط العكس ّي ً‬ ‫ّ‬
‫وصفيّة وف ّعالة‪ .‬فالمه ّمات‬ ‫لتطوير األداء بتزويده بتغذية راجعة‬
‫نوقشت مع المتعلّمين إلجراء أي ّ تعديل عليها قبل اعتمادها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫األدائيّة تقويم معياري ّ المرجع‪ ،‬يقارن أداء المتعلم باألهداف‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪21‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪20‬‬


‫ّ‬
‫ملف العدد‬
‫ﻣﻘﺎل‬

‫قصة التخطيط‬ ‫بين ّ‬


‫ّ‬
‫القص ــة‬ ‫وتخطي ــط‬
‫ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻷدﻟّﺔ واﻟﺒﺮاﻫﻴﻦ‬ ‫اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﺨﺒﺮات اﻟﺘﻌﻠﻴﻤ ّﻴﺔ‬ ‫ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻧﻮاﺗﺞ اﻟﺘّﻌﻠّﻢ‬ ‫لور األعور‬
‫اﻟﻤﻘﺒﻮﻟﺔ‬ ‫واﻟﺘﻌﻠﻤ ّﻴﺔ‬
‫ُ‬
‫األوجه الستّة‪ ،‬التي ح ّددها ويجنر وماكتاي (‪ ،)2008‬للفهم القائم عىل‬ ‫تتمثّل في هذه المراحل الثالثة‬
‫التخطيط‪ ،‬وهي التي يكتشف المعلّم من خاللها مدى فهم المتعلّمين‪.‬‬

‫اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺬاﺗ ّﻴﺔ‬ ‫اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‬


‫فهو عمليّة مستم ّرة تعين المعلّم والمتعلّم عىل تحسين‬ ‫مق ّدمة‬
‫ّ‬
‫ولعل أكثر األسئلة شيو ًعا بين المتعلّمين‪:‬‬ ‫التعلّم والتعليم‪.‬‬
‫"هل سيدخل ما تشرحه يا أستاذ ضمن االختبار؟"‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫ال ّ‬
‫شك أ ّن العمليّة التعليميّة عمليّة دقيقة ومه ّمة‪ ،‬لما لها من‬
‫يدل عىل عدم اهتمام المتعلّمين بالمعلومات‬ ‫مؤسف‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ولعل التقييم هو المجال األكثر ّ‬
‫دقة وتأثي ًرا‬ ‫ّ‬ ‫تأثير في األجيال‪،‬‬
‫إن لم تُد َر ج في االختبار‪ ،‬ذلك أ ّن العالمة هي من األولويّات‬ ‫ّ‬
‫فيها من بين سائر المجاالت‪ .‬ثبت ذلك بعد أن حطت جائحة‬
‫عندهم وعند األهل‪ .‬والحقيقة أ ّن تغيير وجهة نظرهم تقع‬ ‫كورونا بثقلها عىل العملية التعليميّة‪ ،‬والتي دعتنا بدورها إىل‬
‫اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ‬ ‫اﻟﺸﺮح‬ ‫عىل عاتقنا نحن‪ ،‬المعلّمين‪ ،‬لذا يجب علينا وضع خطط للتقييم‬ ‫إعادة التفكير في التقييم‪.‬‬
‫نميّز فيها بين التعليم السطح ّي القائم عىل الحفظ‪ ،‬والتعليم‬
‫العميق القائم عىل الفهم‪ ،‬أي علينا أن نخطّط إلجراء تقييم مرن‪،‬‬ ‫قررت الخوض في هذا الموضوع نظ ًرا لما تبادر إىل أذهاننا من‬ ‫ُ‬
‫وحقيق ّي‪ ،‬ومتع ّدد األبعاد‪ ،‬وبنائ ّي‪ ،‬ومدمج في المنهج‪ ،‬وقائم‬ ‫تساؤالت حول التقييم بأنواعه‪ ،‬وحول كيفيّة تصميمه ليكون‬
‫عىل اعتبار أنماط التعلّم وأصناف المتعلّمين‪ ،‬وقادر عىل أن يبيّن‬ ‫كافة‪ ،‬ولك ّن أكثر ما دفعني إىل البحث فيه‬ ‫صالحا في الحاالت ّ‬
‫ً‬
‫اﻟﺮؤﻳﺔ‬ ‫اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‬ ‫كيفيّة تطبيق المتعلّمين لما تعلّموه‪ ،‬من أجل تقديم تغذية‬ ‫هو تبيان كيفيّة مواجهة ما يصيب المتعلّم واألهل من توتّر‬
‫راجعة تساعدهم عىل مراقبة أنفسهم وهم يتطوّرون‪.‬‬ ‫ظل جائحة‬ ‫حول الدرجات‪ ،‬إثر ظروف طارئة‪ ،‬كما هو الحال في ّ‬
‫مراحل التخطيط ودور المعلّم فيها‬ ‫تبنيت نهج التخطيط للفهم‪ ،‬وكان لي تجربة‬ ‫ُ‬ ‫بنا ًء عىل ذلك‪،‬‬ ‫يخص المتعلّمين الذين يحتاجون إىل الدعم‪،‬‬ ‫كورونا‪ ،‬وكذلك ما ّ‬
‫خاصة حولها‪ .‬رأت التجربة النّور في العام الدراس ّي ‪-2020‬‬ ‫ّ‬ ‫يقتضي تحقيق ذلك انتهاج أسلوب "التخطيط للفهم"‬ ‫الخاصة‪ ،‬وتحسين المشاركة‬‫ّ‬ ‫من ذوي الصعوبات أو االحتياجات‬
‫مرحلة اإلعداد‬ ‫‪ ،2021‬وقد لعبت الجائحة دو ًرا في اندفاعي إىل تنفيذ هذا‬ ‫أساسا للفهم‪ ،‬وقد أشار‬ ‫ً‬ ‫الذي يعتمد عىل التفكير‬ ‫الف ّعالة في التقييم دون الشعور بالخوف والقلق والتوتّر‪.‬‬
‫دت األهداف‬ ‫بدأت خطّتي بتحديد النتائج المرجوّة‪ ،‬فحد ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫النوع من التخطيط‪ ،‬وال أخفي عليكم أ ّن األمر لم يكن ً‬
‫سهل في‬ ‫(‪ Wiggins (2011‬إىل أ ّن البدء بالتفكير والتركيز عىل النهاية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة للمادة‪ ،‬ث ّم نقاط تقاطعها مع المواد األخرى‪ ،‬ث ّم‬ ‫ّ‬ ‫البداية‪ ،‬ذلك أ ّن التخطيط للفهم يحتاج إىل ال ّدقة والتفصيل‪.‬‬ ‫أمر في غاية األه ّميّة‪ ،‬إذ يساعد عىل الفهم الواضح قبل اتخاذ‬ ‫يتناول هذا المقال موضوع التقييم باستخدام التخطيط من‬
‫المهارات والمواقف والقيم التي يمكن دمجها في الوحدة‪،‬‬ ‫الخطوات الالزمة للمضي في االتجاه الصحيح‪ ،‬أي يجب التفكير‬ ‫أجل التعلّم‪ ،‬ويشرح مراحل التخطيط ودور المعلّم فيها‬
‫فوقع اختياري عىل المهارات اآلتية‪:‬‬ ‫الصف الثامن أساس ّي للقيام بالتجربة في ما ّدة‬
‫وقع اختياري عىل ّ‬ ‫في التقييم قبل تحديد ماهيّة العمل وكيفيّته‪ .‬كما يرى ّ‬ ‫وكذلك مه ّمات المتعلّم في التخطيط‪.‬‬
‫كل من‬
‫القصة)‪.‬‬
‫المركبة (العقدة في ّ‬‫ّ‬ ‫ • ّ‬
‫حل المسائل‬ ‫اللغة العربيّة‪ ،‬وذلك ضمن الوحدة األوىل من الكتاب‪ ،‬والتي‬
‫القصة‪ .‬وبحسب طبيعة التّخطيط كان عل ّي‬ ‫تتمحور حول ف ّن ّ‬ ‫ويجنر وماكتاي (‪ )2008‬أ ّن التخطيط للفهم يزيد من الترابط‬
‫ •مهارة التفكير الناقد التي تساعد في تحليل اإلمكانات‬
‫ّ‬
‫اإلجابة عىل السؤال اآلتي‪ :‬ما الذي يجب أن يفهمه المتعلمون‬ ‫بين النتائج المرغوبة‪ ،‬واألداءات األساسيّة‪ ،‬والخبرات التعليميّة‬ ‫التقييم والتخطيط من أجل التعلّم‬
‫واألفعال والتوجيهات المعتمدة في الحلول‪.‬‬ ‫والتعلّميّة‪ ،‬فهو يقوم ًّ‬
‫قصة أو إعادة سردها‬ ‫ •توظيف التكنولوجيا الحديثة لكتابة ّ‬ ‫دليل عىل فهمهم؟ أي‬ ‫في هذه الوحدة؟ وما الذي سيع ّد ً‬ ‫أول عىل إثارة المعلّم لألسئلة ليكتشف‬
‫ما النشاطات التي يجب القيام بها لقياس ارتقاء المتعلّمين‬ ‫األهداف التي تو ّجه المتعلّم‪ ،‬وثان ًيا عىل تقسيم التخطيط إىل‬ ‫يع ّد التقييم عمليّة منهجيّة لجمع المعلومات وتحليلها‬
‫(‪.)Story jumper – Flipgrid‬‬
‫بفهمهم ّ‬ ‫وتفسيرها لتحديد مدى تحقيق المتعلّمين لألهداف التعلّميّة‪،‬‬
‫للقصة؟‬ ‫ثالث مراحل‪ ،‬تتمثّل باآلتي‪:‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪23‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪22‬‬


‫أما البقيّة فقد أنجزوا المه ّمة عىل الدفتر‬ ‫البرنامج للكتابة‪ّ ،‬‬ ‫وكنت خالل هذه‬‫ُ‬ ‫المتعلّمين‪ ،‬والذي استم ّر م ّدة شهر ونصف‪،‬‬ ‫عىل إبداع المتعلّم في توظيف العديد من الط ّرق واألساليب‬ ‫القصة‪ ،‬وذلك بإيجاد حلول جديدة‬ ‫ •مهارة اإلبداع في كتابة ّ‬
‫يتمكنوا من توظيف التكنولوجيا‪ .‬وقد يكون سبب ذلك‬ ‫ولم ّ‬ ‫تقييما مستم ّرًا‪ ،‬بد ًءا بالتقييم الذات ّي‬
‫ً‬ ‫الم ّدة أقيّم ما يقومون به‬ ‫وأدوات التقييم‪ ،‬ليكون القياس أفضل‪ ،‬ومن األمثلة عىل ذلك‪:‬‬ ‫لبعض الموضوعات الحياتيّة التي يتع ّرضون لها‪.‬‬
‫عدم توفر األجهزة المالئمة‪ ،‬أو عدم ال ّرغبة بالعمل عىل‬ ‫ّ‬ ‫القصة وما يريدون معرفته‪ ،‬ومرو ًرا بتقييم‬ ‫ّ‬ ‫لما يعرفونه عن‬ ‫ •عيّنات العمل‪ ،‬والمالحظات‪ ،‬واالختبارات‪ ،‬والتقييمات‬ ‫ •كفاية التواصل ومشاركة اآلخرين (عمل مجموعات)‪.‬‬
‫يدل ذلك عىل اختالف في طرق الفهم‬
‫كل منهم‪ً ،‬‬
‫فضل عن أ ّن ذلك ال يعني‬
‫الوسائل التقنيّة‪ّ .‬‬
‫وأساليب التطبيق لدى ّ‬
‫القصة‪ ،‬وبنية السرد القصص ّي‪ ،‬ودراسة الشخصيّات‪،‬‬
‫القصة‪ .‬ولكن‪ ،‬ما دور‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫القصة وتحليلها‪ ،‬وبناء ّ‬
‫نص‬ ‫ّ‬
‫عناصر‬
‫وتفكيك‬
‫التكوينيّة والتلخيصيّة في جميع أنحاء الوحدة‪ ،‬مثل‪ :‬رسم‬
‫القصة‪ ،‬أو رسم خريطة ذهنيّة لبنية السرد‬ ‫مشجر لعناصر ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتوقع‪ ،‬واستنتاج أهداف‬ ‫ّ‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫بعد ذلك‪ ،‬حد ّدت نتائج التعلّم المرتبطة بالدرس‪ ،‬والتي تمثلت‬
‫بتعزيز قدرة المتعلّم عىل التخيّل‬
‫عدم مشاركتهم‪ ،‬فقد شاركوا بالطريقة التّي يرغبونها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الطالب في ذلك كله؟ وما كان عليه أن يفعل؟‬ ‫قصة‬‫لقصة معيّنة‪ ،‬أو كتابة ّ‬ ‫القصص ّي‪ ،‬أو لعب األدوار ّ‬ ‫القصص وقيمها األخالقيّة وربطها بالواقع‪ ،‬ومعرفة ما تعالجه‬
‫وفي المجال الذي يبدعون فيه‪.‬‬ ‫ضمن مجموعات‪.‬‬ ‫القصص من موضوعات قد تكون حقيقيّة أو خياليّة‪ ،‬وقد ترد‬
‫موقعا إلكترون ًيا يتيح لهم كتابة القصص‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫أرسلت لهم‬ ‫‪.9‬‬ ‫مهمات المتعلّم في التخطيط‬
‫ّ‬ ‫بالقصة‪ ،‬من حيث الشكل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ •تسجيل إجابات أسئلة تتعلق‬ ‫عىل ألسنة الحيوانات‪ .‬ث ّم انتقلت بعد ذلك إىل تحديد المفاهيم‬
‫شرحت لهم كيفيّة العمل وطريقة االستخدام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بعد أن‬ ‫والمضمون‪ ،‬باستخدام "‪."Flipgrid‬‬ ‫القصة‪ ،‬وعناصرها‪ ،‬وبنيتها‪ ،‬وأنواعها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الداعمة‪ ،‬مثل‪ :‬تعريف‬
‫القصة التي يريدون‪ ،‬شرط‬ ‫وأعطيتهم م ّدة أسبوعين لكتابة ّ‬ ‫مشاهدة فيلم قصير ومناقشته بهدف تبيان المغزى منه‬ ‫‪.1‬‬ ‫ •إنجاز تعبير كتاب ّي كتقييم نهائ ّي‪.‬‬ ‫والحواشي‪ ،‬والحقل المعجم ّي‪ ،‬وأنواع األفعال‪ ،‬والمفاهيم‬
‫قيمة ما (‪.)Story Jumper‬‬ ‫ً‬ ‫أن تتض ّمن‬ ‫(استنتجوا أ ّن الهدف هو ّ‬
‫القصة)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ •توظيف ‪ Padlet‬في كتابات المتعلمين والتعليق عليها‪،‬‬ ‫األساسيّة المتعلّقة بمحتوى ّ‬
‫النص‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .10‬اخترنا قيمة الصدق ووظفناها لتحضير مشهد مسرح ّي‬ ‫كل منهم عىل دفتره جدول المعرفة "‪"KWLH‬‬ ‫رسم ّ‬ ‫‪.2‬‬ ‫وقراءتها‪ ،‬ث ّم طباعتها في ملف ‪ ،PDF‬وإدراج القصص‬ ‫ختمت هذه المرحلة بتعيين ما سيعرفه المتعلّمون خالل‬ ‫ُ‬
‫الحصة ضمن مجموعات‪ ،‬وكان الهدف‬ ‫ّ‬ ‫وعرضه خالل‬ ‫بالقصة (تعريفها‪ ،‬أنواعها‪ ،‬عناصرها‪ ،‬بنيتها‪ ،‬نمطها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخاص‬ ‫ضمن مجلّة المدرسة أو المعرض‪.‬‬ ‫الوحدة‪ ،‬وما سيكتسبونه من مهارات وسلوكيّات نتيجة‬
‫وقصدت من هذا األمر التقييم‬‫ُ‬ ‫تثبيت القيم سلوك ًيّا‪.‬‬ ‫غايتها (ماذا أعرف؟ ماذا أريد أن أعرف؟ ماذا عرفت؟‬ ‫أما ما سيت ّم معرفته فيتمثّل بالدروس والعناصر التي‬ ‫عملهم‪ّ .‬‬
‫السلوك ّي وليس المعرف ّي فقط‪.‬‬ ‫كيف؟)‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إىل التقييم الذات ّي وتحديد كيفيّة تفكير المتعلّمين‬
‫ّ‬ ‫تحويها الوحدة وفق اآلتي‪:‬‬
‫قصة بمفرده‪.‬‬ ‫ّ‬
‫كل متعلم ّ‬ ‫‪ .11‬تمثّل التقييم النهائ ّي بكتابة ّ‬ ‫قصة حول خمس عشرة كلمة (إنسان‪ ،‬زمان‪ ،‬مكان)‬ ‫تأليف ّ‬ ‫‪.3‬‬ ‫في تعلمهم وتقييمهم ألنفسهم‪ ،‬فكان بتزويدهم بجدول ّ‬
‫خاص‬ ‫ّ‬ ‫القصة‪ ،‬من زمان ومكان وشخصيّات‬ ‫ّ‬ ‫ •العناصر التي تميّز‬
‫‪ .12‬إعادة ملء "ماذا عرفت؟ وكيف؟" في جدول المعرفة‪.‬‬ ‫ووضعتها في جدول‪ ،‬وتخدم ع ّدة أهداف‪ ،‬منها تنشيط‬ ‫القصة‪.‬‬
‫بمعايير بناء ّ‬ ‫وحل وعبرة اجتماعيّة أخالقيّة‪.‬‬ ‫وعقدة ّ‬
‫الذاكرة من خالل إعادة السرد‪ ،‬والقدرة عىل وضع ع ّدة‬ ‫القصة الخرافيّة عىل ألسنة الحيوانات‪.‬‬ ‫ •ورود ّ‬
‫خاتمة‬ ‫قصص حول األسماء نفسها‪ ،‬أو تغيير الخاتمة من مأساة‬ ‫مرحلة خطّة التعلّم‬ ‫القصة‪.‬‬
‫ •سيطرة النمط السردي ّ في ّ‬
‫إىل ملهاة‪ ،‬أو العكس (سمحت بتطبيق ذلك عىل "البادلت"‬ ‫تتضمن التساؤالت اآلتية‪ :‬ما تجارب التعليم والتعلّم التي‬ ‫القصة حوا ًرا‪ ،‬وصو ًرا بيانيّة‪ ،‬وتعابير‬ ‫ّ‬ ‫ •يمكن أن تتض ّمن‬
‫بنا ًء عىل ما تق ّدم‪ ،‬نجد أ ّن التخطيط للفهم نهج يعتمد بشكل‬ ‫في المنزل لذوي الصعوبات الذين يحتاجون وقتًا إضافيّا)‪.‬‬ ‫سأستخدمها لتحقيق النتائج المرجوّة في المرحلة األوىل؟‬ ‫مجاز يّة‪.‬‬
‫مباشر عىل التّفكير الهادف‪ ،‬والغاية منه مساعدة المتعلّمين‬ ‫كل إصبع‪.‬‬ ‫القصة عىل ّ‬
‫كفه‪ ،‬وح ّدد عناصر ّ‬ ‫كل منهم ّ‬ ‫رسم ّ‬ ‫‪.4‬‬ ‫وكيف سأج ّهز المتعلّمين إلكمال مه ّمات التقييم المح ّددة‬ ‫وأما المراد اكتسابه من المهارات فيكمن في النقاط اآلتية‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتمكنوا من‬ ‫والتأمل في معناها لكي‬‫ّ‬ ‫عىل كشف الحقائق‬ ‫السرد)‪.‬‬ ‫رسم الجميع خريطة ذهنيّة لعناصر الحبكة (بنية ّ‬ ‫‪.5‬‬ ‫في المرحلة الثانية؟ ولمعرفة ذلك ح ّددت‪ :‬إىل أين يتّجه‬ ‫القصة‪ ،‬وتقسيم‬ ‫ّ‬ ‫النص ج ّراء تحديد عناصر‬ ‫ •تحديد نوع ّ‬
‫تحقيق الفهم العميق‪ ،‬ويصبحوا قادرين عىل استخدام فهمهم‬ ‫كل مجموعة‬ ‫جلسوا ضمن مجموعات‪ ،‬وكان عىل ّ‬ ‫‪.6‬‬ ‫سأتأكد من أنّهم يعرفون إىل‬
‫ّ‬ ‫المتعلّمون؟ وأين كانوا؟ وكيف‬ ‫القصة من خالل الرسوم التوضيحيّة أو‬ ‫النص بحسب بناء ّ‬ ‫ّ‬
‫تحقق ذلك في التجربة المنجزة‪،‬‬ ‫في السياقات الحياتيّة‪ .‬وقد ّ‬ ‫عرضت ّ‬
‫كل‬ ‫ْ‬ ‫قصة حول األمانة‪ .‬بعد ذلك‪،‬‬ ‫كتابة مق ّدمة ّ‬ ‫ّ‬
‫ألتمكن‬ ‫أين هم ذاهبون (هنا استخدمت جدول المعرفة ‪KWL‬‬ ‫المشجرات أو السيناريوهات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫إذ جاءت النتيجة النّهائية بحسب التّوقعات‪ ،‬فقد استطاع‬ ‫الخاصة بها‪ ،‬بغية تبادل الخبرات فيما‬ ‫ّ‬ ‫مجموعة المق ّدمة‬ ‫ّ‬
‫بالقصة)‪ ،‬وما الخبرات التي يجلبونها‬ ‫من تحديد مدى معرفتهم‬ ‫النص الرئيسة ومغزاه‪.‬‬ ‫ •تعيين فكرة ّ‬
‫نسج القصص وتضمينها العناصر األساسيّة‪ ،‬وبنية‬ ‫َ‬ ‫المتعلّمون‬ ‫بينهم‪ .‬وهنا أشير إىل أه ّميّة هذه الخطوة‪ ،‬وال سيّما عندما‬ ‫ّ‬
‫إىل الوحدة؟ (مناقشة حول القيم وفتح المجال لكل منهم‬ ‫ •تحديد المتحاورين ودور الحوار‪.‬‬
‫السرد القصص ّي‪ ،‬وتوظيف ّ‬ ‫كافة‪ ،‬وذكروا الفروقات‪،‬‬ ‫قارن المتعلّمون بين المق ّدمات ّ‬ ‫لقصة معيّنة‪ ،‬مع تبيان سبب االختيار وربطه‬ ‫ليختار موضو ًعا ّ‬ ‫ •التع ّرف إىل الجمل اإلنشائيّة وأنواعها ودورها‪.‬‬
‫مؤشرات النّمط ّ‬
‫السردي‪ ،‬وقد تميّز‬ ‫ّ‬
‫وح ّددوا أيّها أجمل‪ ،‬أو أفضل بالنسبة إليهم‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫ّ‬
‫التأكد من مصالح المتعلمين؟ (التقييم‬ ‫ّ‬ ‫بالواقع)‪ ،‬وكيف ت ّم‬ ‫ •استخراج تشبيه‪ ،‬وتحديد أركانه ودوره في توضيح الحالة‬
‫قصصا في الموقع االلكترون ّي‪ ،‬بأنّهم استطاعوا‬‫ً‬ ‫الذين كتبوا‬
‫تحسين المق ّدمات األخرى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الجماع ّي)‪ ،‬وهل كان المتعلمون جز ًءا من التخطيط‪ ،‬وبأي ّ‬ ‫النفسيّة‪.‬‬
‫اإلبداع بالوصف والحوار ضمن التعبير الكتاب ّي‪ ،‬وذلك بسبب‬ ‫شكل؟ وما االحتياجات التي ّ‬
‫اختيار الصور والموسيقى والشخصيّات الثانويّة في قصصهم‪.‬‬ ‫لكل متعلّم أن يكمل صلب الموضوع‪ ،‬ويضع‬ ‫تركت المجال ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪.7‬‬ ‫أتوقع العمل عىل معالجتها؟ وأي ّ‬ ‫ •استخراج طباق وتحديد الغاية من استخدامه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الخاتمة التي يريد‪ .‬ث ّم تشاركنا ما كتبوه‪ ،‬بهدف اكتشاف‬ ‫بيئة هي األفضل ليتعلّموا عىل أكمل وجه؟ وكيف يمكن ترتيب‬ ‫ •تفسير غلبة األفعال الماضية‪.‬‬
‫متوق ًعا من المتعلّمين‪ ،‬وال‬ ‫وتجدر اإلشارة إىل أ ّن ذلك كان‬ ‫طاقة اإلبداع لدى ّ‬
‫كل منهم بما اقترحه من تسلسل‬ ‫البيئة الماديّة لتعزيز التعلّم؟‬ ‫ •تحديد أدوات ال ّربط المستخدمة‪ ،‬والكلمات ال ّدالة عىل‬
‫سيّما أنّهم استعانوا في كتابة قصصهم بما درسوه في وحدة‬ ‫لألحداث بالطّريقة التي يراها‪ ،‬ووزّ ُ‬
‫عت عليهم معايير كتابة‬ ‫الزمان والمكان‪.‬‬
‫سابقة حول ف ّن الوصف‪.‬‬ ‫شك أن دمج المتعلّم في ّ‬ ‫ال ّ‬
‫القصة للتقييم الذات ّي‪.‬‬ ‫كل هذه الخطوات‪ ،‬وفهمه لما‬ ‫النص وفقه‪.‬‬ ‫قسم ّ‬ ‫ •تحديد المعيار الذي ّ‬
‫لقصاصين‪ ،‬وفيديوهات قصص‬ ‫ّ‬ ‫زوّدتهم بأسماء مواقع‬ ‫‪.8‬‬ ‫تأمله لذاته (‪،)KWL‬‬ ‫يقوم به‪ ،‬ومناقشة السبب‪ ،‬بد ًءا من ّ‬ ‫للنص وتعليل سبب اختياره‪.‬‬ ‫ •اقتراح عنوان ّ‬
‫لور األعور‬ ‫طلبت فيه‬ ‫ُ‬ ‫قصيرة لمساعدتهم‪ .‬وزوّدتهم بـ "‪،"Flipgrid‬‬ ‫يؤكد عىل أنّه جزء من التخطيط‪ ،‬بل يمكن القول أ ّن التخطيط‬ ‫ّ‬ ‫ •‬
‫القصة وتحديد عناصرها‬ ‫كل واحد منهم بتعريف ّ‬ ‫أن يقوم ّ‬ ‫كلّه مرتكز عليه وعىل دوره‪ّ .‬‬
‫أما بالنّسبة إىل االحتياجات التي‬ ‫مرحلة تقييم األداء‬
‫منسقة ومعلّمة لغة عربيّة‬
‫ّ‬ ‫يفضل ولماذا؟‬ ‫وبنيتها والهدف منها وأي ّ نوع من القصص ّ‬ ‫أتوقع معالجتها‪ ،‬فكانت تختلف بين متعلّم وآخر بحسب فهمه‬ ‫ّ‬ ‫تقل هذه المرحلة أه ّميّة عن المرحلة األوىل‪ ،‬إذ تقوم عىل‬ ‫ال ّ‬
‫لبنان‬ ‫كل واحد منهم بتغذية راجعة حول عمله)‪ .‬تجدر‬ ‫ّدت ّ‬‫(زو ُ‬ ‫للمكتسبات السابقة‪ ،‬وكانت ت ُ َس ّد هذه الثغرات بتقديم تغذية‬ ‫"أدلّة التقييم" التي تع ّد المه ّمة األساسيّة‪ ،‬الرتكازها عىل األداء‬
‫ّ‬
‫اإلشارة هنا إىل أ ّن ‪ 14‬متعل ًما من أصل ‪ 24‬استعملوا‬ ‫راجعة‪.‬‬ ‫ً‬
‫سابقا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أشرت‬ ‫القصة‪ ،‬كما‬‫الذي سيقوم به المتعلّمون‪ .‬فاخترت ّ‬
‫وهي حالة سيناريو تتطلّب منهم تطبيق المعرفة والمهارات‬
‫المراجع‬ ‫مرحلة تقييم التعلّم وانعكاساته‬ ‫إلثبات فهمهم في حالة الحياة الحقيقيّة‪ ،‬مر ِفقة السيناريو‬
‫ُ‬
‫وصلت في هذه المرحلة إىل اعتبارين‪ّ ،‬‬
‫أما األ وّل فيكمن في‬ ‫بتفاصيل المه ّمة ومعايير النجاح‪.‬‬
‫ •ويجنر‪ ،‬غرانت‪ ،‬وماكتاي‪ ،‬جاي‪ .)2008( .‬الفهم عن طريق التخطيط‪ .‬دار الكتاب التربويّ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مدى التوافق بين النتائج وتقييم األداء وتجارب التعلم‪ّ ،‬‬
‫وأما‬ ‫بت هذه المرحلة إيجاد أدلّة أخرى لتقييم المتعلمين‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫تطلّ ْ‬
‫•‬ ‫‪Wiggins, G. & Mactighe, J. (2011). The Understanding by Design guide to creating high-quality‬‬
‫الثاني فيتمثّل في التعديالت الهادفة إىل المحتوى وليس إىل‬ ‫سيّما أ ّن الهدف هنا يكمن في التقييم من أجل التعلّم الذي‬
‫_‪units. ASCD. https://jefeus.weebly.com/uploads/4 /8/3/7/4837811/understanding_by_design‬‬
‫النتائج‪ ،‬وال سيّما في حالة المتعلّمين الذين يواجهون صعوبات‬ ‫يستم ّر مع المتعلّم مدى الحياة‪ ،‬وليس تقييم التعلّم الذي‬
‫‪guide_to_creating_high_quality_units.pdf‬‬ ‫ُ‬
‫بدأت العمل مع‬ ‫تعلّميّة أو اختالفات في المستوى‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫تقييما تقليديًّا‪ .‬فالتقييم في الحالة التي نريدها يعتمد‬ ‫ً‬ ‫يع ّد‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪25‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪24‬‬


‫ّ‬
‫ملف العدد‬
‫هذه الحالة من االنفصال بين المعلّم والطالب وعدم تواجدهما‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫في بيئة ماديّة واحدة‪ ،‬تؤ ّرق كثي ًرا من المعلّمين‪ ،‬وذلك عائد‪،‬‬
‫باعتقادي‪ ،‬إىل إمكانيّة استعانة الطالب‪ ،‬عند تقديمه االمتحان‪،‬‬

‫استراتيج ّية االٔسـئلة المفتوحة‬


‫مختص يق ّدم‬
‫ّ‬ ‫بأفراد أسرته‪ ،‬بل قد يصل األمر إىل تكليف‬
‫االمتحان نيابة عنه‪ .‬األمر الذي يدفع المعلّم إىل البحث عن‬
‫توفير أدوات تقييم دقيقة وقابلة للتطبيق‪ ،‬تُق ّدم للطالب ولولي‬
‫تمثيل أكثر ّ‬
‫دقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تقييما يمثّل مستواه الحقيق ّي‬
‫ً‬ ‫أمره ولإلدارة‬
‫ونعتقد أ ّن استراتيجيّة األسئلة المفتوحة واحدة من األدوات‬
‫التقييميّة التي تعين المعلّم عىل تحقيق ذلك‪.‬‬ ‫محمد تيسير الزعبي‬
‫ماذا نقصد باألسئلة المفتوحة؟‬
‫هي األسئلة التي يطرحها المعلّم عىل الطالب لتقييم أدائه‬
‫وقياس درجة إتقانه المه ّمات المكلّف بها‪ ،‬والتي تتطلّب من‬
‫ّ‬
‫الخاصة وتحليله‬ ‫الطالب إجابة كاملة يوظّف فيها معرفته‬
‫الذات ّي وتفكيره الناقد‪ ،‬وعادة ما تبدأ األسئلة المفتوحة بصيغة‪:‬‬ ‫حول استراتيج ّية األسئلة المفتوحة‬ ‫مق ّدمة‬
‫لماذا‪ ،‬أو كيف‪ ،‬أو ماذا‪ ،‬أو اشرح أكثر عن‪ ،...‬ما رأيك بـ‪( ...‬خضر‪،‬‬
‫‪ .)2003‬وال ينحصر طرح األسئلة المفتوحة في عمليّة التعليم‬ ‫ماذا نريد من التقييم؟‬ ‫شكل التقييم في عمليّة التعليم عن بعد تح ّديًا ً‬
‫رئيسا أمام‬ ‫ّ‬
‫أيضا في التعليم الوجاه ّي‪،‬‬ ‫عن بعد‪ ،‬بل تع ّد استراتيجيّة مه ّمة ً‬ ‫للطلب ح ّد من فاعليّة التقييم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المعلّمين‪ ،‬فالغياب العين ّي‬
‫أدوات التقييم عن بعد يجب أن تتناسب مع ظروف التعلّم‪،‬‬
‫يستخدمها المعلّم في نهايات الوحدات الدراسيّة‪ ،‬ليكتشف‬ ‫والدقة‪ ،‬وأن يكون وقت استخدامها‬ ‫ّ‬ ‫وأن تراعي الشفافيّة‬ ‫فأ ّدى إىل تشكيك المعلّمين في جدواه ومصداقيّته من جهة‪،‬‬
‫ترسخ‬ ‫الطلب لموضوع الوحدة بشكل عا ّم‪ ،‬ومدى ّ‬ ‫عمق فهم ّ‬
‫مالئما للمرحلة الدراسيّة التي يتعلّم فيها الطالب‪ ،‬فأدوات‬ ‫ً‬ ‫ودفع المشتغلين في القطّاع التربوي ّ والتعليم ّي إىل ابتكار‬
‫المعارف في أذهانهم‪.‬‬ ‫التقييم الختام ّي تختلف عن أدوات التقويم البنائ ّي‪ ،‬وطريقة‬ ‫طرائق جديدة له من جهة أخرى‪ ،‬ال سيّما أ ّن معظم األنظمة‬
‫وقد ذكر خضر (‪ )2003‬أه ّم السمات التي تميّز األسئلة‬ ‫تنفيذ التقييم في الصفوف الدنيا تختلف عن آليّة تطبيقه في‬ ‫حت بعدم التخلّي‬ ‫التعليميّة لجأت إىل التعليم عن بعد‪ ،‬وص ّر ْ‬
‫المفتوحة‪ ،‬والتي تتمثّل باآلتي‪:‬‬ ‫فضل عن أ ّن اهتمام المعلّم بالتقييم بشكل‬ ‫ً‬ ‫الصفوف العليا‪،‬‬ ‫عن التجربة حتى بعد انتهاء الجائحة‪ .‬من هنا‪ ،‬ظهرت الحاجة‬
‫ً‬
‫عميقا‪ ،‬والتروّي‬ ‫ •الحاجة إىل فهم السؤال‪ ،‬والتفكير به تفكي ًرا‬ ‫عا ّم‪ ،‬سوا ًء في التعليم الوجاه ّي أم في التعليم عن بعد‪ ،‬يرتكز‬ ‫إىل البحث عن طرائق جديدة لعمليّة التقييم عن بعد‪ ،‬ووضع‬
‫في اإلجابة عليه‪.‬‬ ‫الطلب للمحتوى المعرف ّي المق ّدم‬ ‫التأكد من مدى فهم ّ‬ ‫عىل ّ‬ ‫آليّات واضحة وتصوّر دقيق لها‪ ،‬ذلك أ ّن التقييم مقياس ّ‬
‫تحقق‬
‫الطلب في إجاباتهم عن رأيهم وفكرهم وشعورهم‪.‬‬ ‫ •تعبير ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لهم‪ ،‬أكثر من وضع درجة مح ّددة أو نتيجة تحصيليّة‪.‬‬ ‫ووصول‬ ‫انطالقا من التخطيط‬ ‫جميع عناصر العمليّة التعليميّة‪،‬‬
‫ •تبادل األفكار بين الطالب والمعلّم ومناقشتها وعقد الحوار‬ ‫إىل نتائج التعلّم‪.‬‬
‫حولها‪.‬‬ ‫أشار قازي وشميس (‪ )2020‬في تقرير للبنك الدول ّي إىل‬
‫ •البحث عن المعارف في مصادر مختلفة واكتسابها وإيجاد‬ ‫األسباب التي دفعت بعض األنظمة التعليميّة إىل تطوير أدوات‬ ‫نعرض في هذا المقال استراتيجيّة األسئلة المفتوحة كأداة‬
‫ّ‬
‫وتذكرها‪.‬‬ ‫بدل من االكتفاء بحفظها‬ ‫روابط بينها‪ً ،‬‬
‫التقييم في تجربة التعليم عن بعد‪ ،‬والتي تتمثّل في اآلثار الناتجة‬ ‫يمكن استخدامها إلجراء التقييم بنوعيه‪ ،‬التكوين ّي والتحصيل ّي‪،‬‬
‫الطلب المعلومات بأسلوبهم الشخص ّي‪ ،‬األمر الذي‬ ‫ •عرض ّ‬
‫الطلب عن الدراسة المباشرة‪ ،‬ومحدوديّة نموّهم‪،‬‬ ‫عن انقطاع ّ‬ ‫وذلك في التعليم عن بعد والتعليم الوجاه ّي عىل ح ّد سواء‪،‬‬
‫يجعلهم بارعين في مهارة التلخيص‪ ،‬ويخلّصهم من الرهبة‬ ‫وعدم تجاوبهم مع المعلّمين‪ ،‬وتعثّرهم في اإلجابة عىل أسئلة‬ ‫تحقق الفهم لدى الطالب‪ ،‬ث ّم نتط ّرق إىل كيفيّة‬‫لمعرفة مدى ّ‬
‫التي يمكن أن تصيبهم أثناء االمتحان‪ ،‬ومن القلق بشأنه‪.‬‬ ‫بعة قد‬ ‫المعلّمين‪ ،‬باإلضافة إىل أ ّن بعض أدوات التقييم ال ُمتّ َ‬ ‫الطلب تعلّ ًما ف ّع ًال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫توظيف االستراتيجيّة في تقييم تعلّم‬
‫ •الفهم العميق للحقائق والنظر يّات‪ ،‬وعرض االستنتاجات‬ ‫ال تعطي نتيجة دقيقة‪ ،‬أل ّن الطالب غير موجود أمام المعلّم‪،‬‬ ‫مق ّدمين أنموذج تجربة‪ ،‬لنختم بتسليط الضوء عىل التح ّديات‬
‫الذاتيّة التي من شأنها أن تجعل الطالب بار ًعا في التعلّم‬ ‫وبغياب المراقبة ال يمكن ّ‬
‫التأكد من مصداقيّة إنجازه المه ّمات‬ ‫التي يمكن أن تواجه المعلّم أثناء تطبيقها في عمليّة التعليم‬
‫الذات ّي‪.‬‬ ‫بمفرده‪.‬‬ ‫عن بعد‪ ،‬واإلجراءات التي ينبغي اتّخاذها‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪27‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪26‬‬


‫أن يصل ّ‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫بطلبه إىل مرحلة من بناء الثقة‪ ،‬تجعلهم يدركون أ ّن‬ ‫أمور غير مفهومة لديه ّن‪ ،‬يكون عىل المعلّمة اإلجابة عليها في‬ ‫الطلب وفق ما يق ّدمونه من إجابات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لتحديد مستويات‬ ‫كيف نط ّبق االستراتيج ّية؟‬
‫الهدف النهائ ّي لهذه األسئلة تحقيق نتاجات التعلّم كما يجب‪.‬‬ ‫خصصت لهذه الغاية في تطبيق "واتس أب"‪.‬‬ ‫مجموعة تعلّميّة ّ‬ ‫فهما أعىل من الطالب‬ ‫يحقق ً‬ ‫تامة ّ‬
‫فالطالب الذي يق ّدم إجابة ّ‬ ‫يلجأ المعلّمون ً‬
‫عادة إىل استخدام استراتيجيّة األسئلة المفتوحة‬
‫تحقق هذه اإلجراءات المصداقيّة التي يقتنع بها المعلّم‪،‬‬ ‫إذا لم ّ‬ ‫الذي يق ّدم إجابة ناقصة أو يعجز عن اإلجابة‪.‬‬ ‫في التقييم الختام ّي‪ ،‬نظ ًرا لما تقتضيه من استحضار األفكار‬
‫تعديل في آليّة تنفيذ استراتيجيّة األسئلة‬ ‫ً‬ ‫فعليه أن يُجري‬ ‫تح ّديّات محتملة وإجراءات مواجهتها‬ ‫وعليه‪ ،‬ال يوجد وقت مح ّدد لطرح األسئلة المفتوحة في‬ ‫التي كوّنها الطالب حول موضوع الوحدة الدراسيّة‪ ،‬وصياغتها‬
‫طلبه‪ .‬فعندما يشعر أ ّن اإلجابة المق ّدمة ال تالئم‬ ‫المفتوحة مع ّ‬ ‫ال ب ّد ألي ّ معلّم يرغب في تطبيق استراتيجيّة األسئلة المفتوحة‬ ‫تحقيق الهدف منها طر َحها‬ ‫ُ‬ ‫الحصص الدراسيّة‪ ،‬ولكن‪ ،‬يقتضي‬ ‫في جمل وفقرات تعكس فهمه لموضوعاتها‪ ،‬فيكون عىل‬
‫مستوى الطالب الذي ق ّدمها‪ ،‬يتو ّجب إجراء مقابلة بالصوت‬ ‫ّ‬
‫تتحقق‬ ‫الطلب‪ ،‬فهي ال‬ ‫ّ‬ ‫أن يحذر من اتخاذها أداة الصطياد‬ ‫كل درس أو وحدة في حالة التقييم التكوين ّي‪ ،‬أو بعد‬ ‫بعد نهاية ّ‬ ‫كل وحدة دراسيّة بما سيطرحه‬ ‫طلبه في نهاية ّ‬ ‫المعلّم إخبار ّ‬
‫والصورة باستخدام أحد التطبيقات‪ ،‬فيجري مع الطالب ً‬
‫نقاشا‬ ‫الطلب‬ ‫ّ‬ ‫بمج ّرد طرح األسئلة طر ًحا عشوائيًّا‪ ،‬أو بتحذير‬ ‫كل وحدة دراسيّة في حالة التقييم الختام ّي‪ ،‬ويستطيع‬ ‫نهاية ّ‬ ‫عليهم من أسئلة مفتوحة‪ ،‬يقيس بها مستوى تفكيرهم ومدى‬
‫ُمع ّم ًقا حول إجابته‪ ،‬أو يقوم باختيار ّ‬
‫الطلب عشوائ ًيّا‪ .‬وهذا‬ ‫وتخويفهم ومعاقبتهم‪ ،‬بل هي عمليّة مخطّط لها ومقصودة‬ ‫الطالب اإلجابة عىل األسئلة المفتوحة شفويًّا وكتابيًّا باستخدام‬ ‫فهمهم واستيعابهم لما ُد ِرس‪ .‬وال يعني غلبة تطبيقها في‬
‫متفقا عليه بين المعلّم والطالب كيال يخرج عن‬ ‫ً‬ ‫األمر يكون‬ ‫إجراءات ت ُ ِ‬
‫طوّر أدا َء‬ ‫ٌ‬ ‫لهدف مح ّدد‪ ،‬تُتّخذ‪ ،‬بنا ًء عىل نتائجها‪،‬‬ ‫تطبيقات تكنولوجيّة تتيح له التسجيل الصوت ّي‪ ،‬أو تتيح له كتابة‬ ‫التقييم الختام ّي انحصارها به فقط‪ ،‬بل يمكن تطبيقها ً‬
‫أيضا في‬
‫تلقى مساعدة‬ ‫غشه أمام زمالئه‪ ،‬وأنّه ّ‬ ‫مقصده النبيل‪ ،‬ويكشف ّ‬ ‫وتحسن عمليّة التعلّم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يكون للمعلّم دور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطلب‬ ‫التعليقات‪ ،‬مثل تطبيق "بادلت"‪.‬‬ ‫التقييم التكوين ّي‪ ،‬ولكن تختلف طبيعة األسئلة بين التقييمين‪،‬‬
‫خارجيّة‪ ،‬فيع ّرضه بذلك إىل اإلحراج‪ ،‬فقد يجري المعلّم‪ ،‬تفاديًا‬ ‫محوري ّ وجوهري ّ في تطبيق هذه االستراتيجيّة‪ ،‬يتمثّل في‬ ‫إذ تكون شاملة في الختام ّي‪ ،‬ومختصرة في التكوين ّي‪ ،‬كما يمكن‬
‫الطلب‪ ،‬ليبرهن إمكانيّة‬‫لذلك‪ ،‬مثل هذه المقابالت مع بقيّة ّ‬ ‫التخطيط الجيّد والهادف عند صياغة أسئلته المفتوحة‪ ،‬تفاديًا‬ ‫حول تجربة االستراتيج ّية وتح ّديّاتها‬ ‫اإلجابة عليها شفويًّا في هذا األخير‪.‬‬
‫تع ّرض أي ّ طالب لإلجراء ال ُمتَّخذ‪.‬‬ ‫تحقق نتاجات التعلّم‪ ،‬كيال يدفع بهم‬ ‫الطلب‪ ،‬أو إعاقة ّ‬ ‫إلرباك ّ‬
‫إىل دوّامة تتداخل فيها المعلومات‪ ،‬ويعجزون فيها عن العثور‬ ‫أنموذج تجربة وأثرها التعليم ّي‬ ‫تح ّدد طبيعة األسئلة نوع التقييم‪ ،‬إذ يكتب الطالب إجابته‬
‫خاتمة‬ ‫عىل تنظيم بينها‪.‬‬ ‫في إحدى الورشات التدريبيّة التي ق ّدمتُها للزمالء حول التقييم‬ ‫وفقا لمستوى عمق السؤال واالستجابة التي يريدها المعلّم‬ ‫ً‬
‫يتطلّب تطبيق االستراتيجيّة بعض اإلجراءات المح ّددة التي‬ ‫خصصنا وقتًا لعرض تجارب حقيقيّة من الميدان‬ ‫عن بعد‪ّ ،‬‬ ‫منه وفق معايير مح ّددة‪ .‬ففي تقييم تكوين ّي في ما ّدة اللغة‬
‫بنا ًء عىل ما تق ّدم‪ ،‬نجد أ ّن عمليّة تقييم ّ‬
‫الطلب عن بعد تحتاج‬ ‫تضمن تحصيل النتائج الدقيقة في ما يتعلّق بحقيقة مستوى‬ ‫عرضتْها إحدى المعلّمات‪،‬‬ ‫التربويّ‪ ،‬وقد لفت انتباهي تجربة َ‬ ‫طلبه عن رأيهم في تص ّرف‬ ‫مثل‪ ،‬قد يسأل المعلّم ّ‬ ‫العربيّة ً‬
‫دوما إىل اختيار األدوات واالستراتيجيّات المناسبة التي ّ‬
‫تحقق‬ ‫ً‬ ‫الطلب‪ .‬وأوّل هذه اإلجراءات الضامنة تحقيق أهداف األسئلة‬ ‫ّ‬ ‫الصف الثامن أن تق ّدم له ّن في‬‫ّ‬ ‫ْ‬
‫اتفقت مع طالباتها في‬ ‫حيث‬ ‫القصة‪ ،‬وعن كيفيّة تص ّرفهم لو كانوا‬ ‫ّ‬ ‫الشخصيّة الرئيسة في‬
‫كل طالب‪،‬‬‫هدف التعلّم‪ ،‬وتعكس الصورة الحقيقيّة لمستوى ّ‬ ‫للطلب وأهلهم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مركزة‬ ‫المفتوحة توعية عميقة وتدريبات‬ ‫كل وحدة دراسيّة في ما ّدة اللغة العربيّة ثالثة أسئلة‬ ‫نهاية ّ‬ ‫مكانها‪ ،‬ويكتفي باالستماع إىل إجاباتهم‪ّ .‬‬
‫أما في التقييم الختام ّي‬
‫وتكشف عن مدى فهمه المعارف المكتسبة‪ ،‬وذلك يفرض‬ ‫ّ‬
‫حول أهميّة التقييم‪ ،‬وضرورة االبتعاد عن الغش‪ ،‬واإلجابة‬ ‫مفتوحة‪ ،‬لمعرفة المستوى الذي وصل َن إليه في فهم المعارف‬ ‫فقد يسألهم عن النواحي االجتماعيّة في حياتنا الواقعيّة التي‬
‫بعض التح ّديات التي ينبغي عىل المعلّم الحذر منها واتخاذ‬ ‫بموضوعيّة‪ ،‬واالعتماد عىل النفس‪ ،‬نظ ًرا أل ّن بعض األهل ال‬ ‫طلبت إليه ّن‬
‫ْ‬ ‫النص شعر يًّا‪،‬‬
‫كل وحدة‪ ،‬فإذا كان ّ‬ ‫األساسيّة في ّ‬ ‫ت نظر الق ّراء إليها‪ ،‬فيكتب‬ ‫القصة معالجتها‪ ،‬أو ْ‬
‫لف َ‬ ‫ّ‬ ‫أراد كاتب‬
‫اإلجراءات الالزمة من أجل تجاوزها‪.‬‬ ‫يتوانون عن تقديم أي ّ مساعدة‪ ،‬حتّى لو كانت ممنوعة‪ ،‬لرفع‬ ‫حسيّة‪ ،‬أو العثور عىل قصيدة‬‫تحويل بعض الصور الفنيّة إىل صور ّ‬ ‫الطالب إجابته وفق المعايير الالزمة‪ ،‬ووفق الطريقة التي‬
‫يتشكل عندنا اإلجراء الثاني الذي يكمن‬ ‫ّ‬ ‫درجة أبنائهم‪ .‬ومن هنا‬ ‫للشاعر نفسه في موضوع آخر وتحديد السمات الفنيّة لشعره‪،‬‬ ‫تضمن حصوله عىل الدرجة المح ّددة للسؤال‪ ،‬فتجعل المعلّم‬
‫ّ‬
‫محمد تيسير الزعبي‬ ‫خصص لكل منها جزء‬ ‫ّ‬ ‫في تحديد معايير مح ّددة لإلجابة‪ ،‬ي ُ َّ‬ ‫أو تحديد قصيدة أخرى لشاعر معاصر آخر وإجراء مقارنة بين‬ ‫يتأكد أ ّن الطالب كتبها بنفسه دون مساعدة أحد‪.‬‬
‫حصر تنفيذها في‬ ‫الطلب عليها‪ ،‬ويُ َ‬ ‫من العالمة‪ ،‬ث ّم يت ّم تدريب ّ‬ ‫القصيدتين وتبيان أيّهما أفضل برأيه ّن‪.‬‬
‫خبير تطوير أساليب تدريس اللغة العربيّة‬
‫األردن‬ ‫أما اإلجراء الثالث فيتمثّل في حرص المعلّم عىل‬ ‫وقت مح ّدد‪ّ .‬‬ ‫ً‬
‫تنفيذا مثم ًرا وبنّا ًء إدراج األسئلة‬ ‫يقتضي تنفيذ االستراتيجيّة‬
‫تخصصات أخرى إىل اتباع‬ ‫ّ‬ ‫دفعت هذه التجربة معلّمات من‬ ‫ْ‬ ‫المفتوحة في خطّة الدرس‪ ،‬حيث ينبغي عىل المعلّم كتابة‬
‫الطريقة ذاتها وفق ما يالئم الموا ّد التي يُد ِّر ْسنَها‪ ،‬وت ّم االتفاق‬ ‫أسئلة مناسبة للتقييم التكوين ّي‪ ،‬وأسئلة مناسبة للتقييم‬
‫بينه ّن عىل أن تبدأ األسئلة المفتوحة بعبارات تدعو إىل ّ‬
‫التأمل‬ ‫النص‪ ،‬أو عن جوانب‬ ‫الختام ّي‪ ،‬فالسؤال عن رأي الطالب في ّ‬
‫المراجع‬ ‫والتفكير‪ ،‬مثل‪ :‬ماذا سيحدث لو لم‪...‬؟ لو كنت مكان كاتب‬ ‫القوّة فيه‪ ،‬يناسب الختام ّي‪ ،‬بينما السؤال عن الفكرة الرئيسة‪،‬‬
‫النص ما الذي ستضيفه إليه؟ هل تعتقد أ ّن هذه األسباب كافية‬ ‫ّ‬ ‫أو عن النتيجة التي وصل إليها الحوار‪ ،‬أو عن ّ‬
‫توقع أجزاء قادمة‬
‫ •خضر‪ ،‬فخري رشيد‪ .)2003( .‬االختبارات والمقاييس في التربية وعلم النفس‪ .‬دار القلم‪.‬‬
‫صحة ما ق ّدمه زميلك؟‬ ‫لالنتصار في المعركة؟ ما برهانك عىل ّ‬ ‫النص‪ ،‬فيناسب التقييم التكوين ّي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فاألسئلة التي‬ ‫من ّ‬
‫ •قازي‪ ،‬كاليوبي‪ ،‬وشميس تيغران‪ .)2020( .‬إدارة تأثير فيروس كورونا المستجد عىل األنظمة التعليميّة في أنحاء العالم‪.‬‬
‫مدوّنات البنك الدول ّي‪.‬‬ ‫يوما واح ًدا بعد انتهاء‬ ‫كل معلّمة طالباتها ً‬ ‫‪ ...‬عىل أن تمنح ّ‬ ‫يطرحها المعلّمون كثي ًرا في حصصهم تبيّن مدى الفهم الذي‬
‫ليتمك َّن من مراجعة الوحدة‪ ،‬وإذا بقيت‬ ‫َّ‬ ‫الوحدة الدراسيّة‪،‬‬ ‫طلبهم‪ ،‬ولذا‪ ،‬يعتبر المعلّمون األسئلة وسيلة ضرور يّة‬ ‫ّ‬
‫حققه ّ‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪29‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪28‬‬


‫ّ‬
‫ملف العدد‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫عندما يصير االمتحان لعبة إلكترون ّية‬
‫أحمد بوعوني‬

‫نتح ّدث في هذا المقال عن تجربة االمتحان اإللكترون ّي كأداة‬ ‫مق ّدمة‬
‫تقييميّة وتعليميّة في ما ّدة اإلعالميّة (الحاسوب اآلل ّي) ّ‬
‫لطلب‬
‫المرحلة اإلعداديّة (من الصف السابع إىل الصف التاسع) في‬ ‫أسهم تطوّر تقنيّات االتصال والتواصل‪ ،‬وازدياد عدد المواقع‬
‫مدرسة إعداديّة في مدينة سوسة التونسيّة‪.‬‬ ‫ً‬
‫إسهاما‬ ‫والتطبيقات واأللعاب اإللكترونيّة‪ ،‬في السنوات األخيرة‪،‬‬
‫كبي ًرا في إحداث تغيير مه ّم في تعاملنا مع هذه المنتجات‬
‫طريقة التقييم المعتمدة‬ ‫الرقميّة‪ ،‬ولم يكن مجال التربية والتعليم مستثنًى من هذا‬
‫ً‬
‫بديل عن‬ ‫ّ‬
‫والمنصات التعليميّة‬ ‫التطوّر‪ ،‬حيث برزت المواقع‬
‫درجت ما ّدة اإلعالميّة (الحاسوب اآلل ّي) باللغة الفرنسيّة‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫منذ أن أ ِ‬ ‫عمليّتي التعليم والتقييم التقليديّتين‪ ،‬أو مكمل لهما‪.‬‬
‫في البرامج الرسميّة المعتمدة لدى وزارة التربية التونسيّة‪،‬‬
‫ارتكزت طريقة التقييم عىل جانب نظري ّ أو جانب تطبيق ّي أو‬ ‫ً‬
‫طفل ذا‬ ‫يمكن أن نالحظ هذا التغيير بسهولة عندما نجالس‬
‫كليهما‪ .‬تُق َّدم أسئلة االمتحان ورقيًّا‪ ،‬في ِكال الجانبين‪ ،‬ولكن‪،‬‬ ‫مثل‪ ،‬ونالحظ كيفيّة استعماله للهاتف الذك ّي‪،‬‬ ‫سبع سنوات‪ً ،‬‬
‫يكون عىل المتعلّم اإلجابة عىل الورق في الجانب النظريّ‪ ،‬بينما‬ ‫ونراقب كيفيّة دخوله إىل أحد المتاجر اإللكترونيّة وتحميله‬
‫اإلجابة عىل الحاسوب باستخدام‬ ‫َ‬ ‫الجانب التطبيق ّي‬
‫ُ‬ ‫يتطلّب منه‬ ‫ألعابًا دون معرفته حتّى بحروف اللغة األجنبيّة المعتمدة‬
‫البرمجيّات المناسبة لموضوع االمتحان‪ ،‬أو يُطلب منه إنجاز‬ ‫فيها‪ ،‬وعندما نتابع تحميله للعبة وكيفيّة بدئه بمرحلة التدريب‬
‫ناقش ويُعطَى عالمة‪ ،‬من صفر إىل‬ ‫مشروع رقم ّي يُعرض وي ُ َ‬
‫واكتشافه أسرار اللعبة التي يسابق الزمن فيها ليحصل عىل‬
‫عشرين‪ .‬وأيًّا يكن‪ ،‬فإ ّن الم ّدة الفاصلة بين بداية االمتحان‬ ‫المرتبة األوىل‪ ،‬ث ّم نراقب تفاعله معها وفرحته باالنتصار‪،‬‬
‫وصدور النتائج تختلف باختالف نوع التقييم‪ ،‬فإن كان االمتحان‬ ‫يحصل في نهايته‬‫ّ‬ ‫ً‬
‫سباقا‬ ‫أو عندما يخوض جولة تقييميّة أو‬
‫نظر يًّا تُع ّد الم ّدة باأليام‪ ،‬وإن كان تطبيقيًّا يكون التقييم فور يًّا‪،‬‬ ‫كل ذلك‪ ،‬من‬ ‫عد ًدا أو مرتبة في م ّدة زمنيّة مح ّددة‪ .‬يوحي لنا ّ‬
‫مباشرة بعد انتهاء االمتحان‪ ،‬ويدوّن المعلّم مجموع النقاط‬ ‫ً‬ ‫لعب وتفاعل وانتظار نتيجة والعمل عىل تحصيل مرتبة عليا‪،‬‬
‫أيضا‪ .‬وفي الحالتين تكون عمليّة التقييم يدويّة‪ ،‬إذ‬ ‫عىل ورقة ً‬ ‫باستنتاج متّصل بالعمليّة التقييميّة‪ ،‬إذ يمكن أن تكون رقميّة‬
‫يصحح المعلّم االختبار ويسند العدد فيه‪ ،‬ويكون الخطأ وار ًدا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومحفزة عىل تحقيق مزيد من التعلّم‪ ،‬بالتكرار وتجنّب األخطاء‪.‬‬
‫في احتساب مجموع النقاط‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪31‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪30‬‬


‫ﻣﻘﺎل‬
‫‪ .5‬الحاسوب المتض ّمن جدا ًرا نار يًّا يكون بحاجة إىل مضا ّد‬ ‫السماح للمتعلّم باالنتقال إىل السؤال الالحق ّإل بعد اإلجابة‬ ‫التقييم اإللكترون ّي وفق ّ‬
‫منصة "‪"Quiz‬‬ ‫ّ‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬فكرنا في اعتماد طريقة مختلفة إلعداد االختبار‪،‬‬
‫للفيروسات‪.‬‬ ‫عىل السؤال الذي يسبقه‪.‬‬ ‫مسؤول عن اختيار األسئلة وتصحيح‬ ‫ً‬ ‫يكون فيها الحاسوب‬
‫ •تحديد سؤال للعودة إليه في ما بعد‪.‬‬ ‫يعتمد التقييم اإللكترون ّي عىل استخدام اآلالت التكنولوجيّة‬ ‫اإلجابات وإسناد األعداد والدرجات‪ ،‬فوجدنا سبيلنا في األلعاب‬
‫كانت صيغة التمرين األصليّة باللغة الفرنسيّة‪ ،‬وبالمقابل‪،‬‬ ‫ •إمكانيّة إرسال النتائج عبر البريد اإللكترون ّي‪.‬‬ ‫الحديثة‪ ،‬كالحواسيب والهواتف الذكيّة‪ ،‬أو عىل البرمجيّات‬ ‫االلكترونيّة‪ ،‬إذ من شأنها تنظيم اختبارات تلقائيّة غير محدودة‪،‬‬
‫عندما استعملنا تطبيق"‪ ،"Quiz‬وأضفنا األسئلة ذاتها وفق‬ ‫ّ‬
‫المنصات‬ ‫ّ‬
‫المختصة أو‬ ‫ّ‬
‫المختصة والتطبيقات ومواقع اإلنترنت‬ ‫تتغيّر األسئلة فيها كلّما دخل المتعلّم إىل التطبيق‪.‬‬
‫ً‬
‫سؤال‬ ‫خصائصه‪ ،‬وتركنا الحاسوب يختار عشوائيًّا من بين ‪17‬‬ ‫أنموذج لعبة تقييم إلكترون ّية‬ ‫التعليميّة‪ّ .‬‬
‫يمكن التقييم اإللكترون ّي من التع ّرف الحين ّي عىل‬
‫ً‬
‫مرفقا بصور‬ ‫كل سؤال‬ ‫من نوع "الصواب والخطأ"‪ ،‬أصبح ّ‬ ‫ً‬
‫مقارنة بالتقييم الورق ّي أو بالتقييم التطبيق ّي الذي‬ ‫النتيجة‪،‬‬ ‫األلعاب اإللكترون ّية وعناصرها التعليم ّية‬
‫توضيحيّة ومؤثّرات صوتيّة‪ ،‬باإلضافة إىل ظهور الوقت أمام‬ ‫ت ّم إعداد امتحان لخمس شعب من الصف السابع (‪160‬‬ ‫يكون فيه للمد ّرس الدور الرئيس في إسناد النقاط لمختلف‬
‫ً‬
‫سؤال‪ ،‬من‬ ‫متعلّ ًما)‪ُ ،‬ح ّدد وقته بـ‪ 15‬دقيقة‪ ،‬وتألّف من ‪59‬‬
‫فضل عن إمكانيّة تحديد أي ّ‬ ‫ً‬ ‫ال ُم ِ‬
‫متحن في أعىل يمين الشاشة‪،‬‬ ‫األسئلة‪.‬‬ ‫تُع ّرَف األلعاب اإللكترونيّة بأنّها "شكل من أشكال التعلّم القائم‬
‫سؤال يختارهم الحاسوب عشوائيًّا‪ ،‬وتسعة أسئلة من‬ ‫ً‬ ‫بينها ‪20‬‬
‫العلَم الموجود أمام رقمه‪ ،‬م ّما‬
‫سؤال لمراجعته بالنقر عىل َ‬ ‫عىل مجموعة من الخطوات واإلجراءات المخطّط لها‪ ،‬والتي‬
‫نوع "الصواب والخطأ"‪ ،‬وثالثة أسئلة من نوع "اإلجابة الواحدة"‪،‬‬ ‫يؤ ّديها المتعلّم عىل الحاسوب أو الهاتف الذك ّي أو الحاسوب‬
‫يسر أمر االمتحان أمام المتعلّم وأضاف إليه شيئًا من المتعة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫رت اعتماد طريقة أخرى‬ ‫منذ شهر نيسان‪ /‬أبريل ‪ 2019‬ق ّر ُ‬
‫وأسئلة من أنواع أخرى‪ ،‬مثلما هو مبيّن في الصورة اآلتية‪:‬‬ ‫ً‬
‫كما هو ظاهر في الصورة المرفقة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫المختصة‬ ‫ُ‬
‫فاستخدمت أحد التطبيقات‬ ‫لتقييم عمل المتعلّم‪،‬‬ ‫هدف تعليم ّي‬
‫ٍ‬ ‫ملتزما بقواعد معيّنة لتحقيق‬ ‫اللوح ّي (اآليباد)‪،‬‬
‫في صياغة االمتحانات اإللكترونيّة‪ ،‬وهو "‪Wonder Share‬‬ ‫إطار تنافس ّي ممتع‪ .‬يتمركز هذا النوع من التعلّم‬ ‫ٍ‬ ‫ُمح ّدد‪ ،‬في‬
‫‪ ."Quiz Creator‬وهذا التطبيق غير مجان ّي‪ ،‬وقد صدر للم ّرة‬ ‫حول المتعلّم‪ ،‬ويتيح له حر يّة االستكشاف والتجربة بفاعليّة‬
‫األوىل في ‪ 22‬آب‪/‬أغسطس ‪ ،2014‬ومن خالله يمكن إنشاء‬ ‫داخل البيئة التعليميّة (سبتي‪ .)2016 ،‬وقد أشار المرجع ذاته‬
‫‪ 18‬نو ًعا من األسئلة واالمتحانات‪ ،‬بما في ذلك "‪."Quiz‬‬ ‫إىل ما ذكرته األكاديميّة العربيّة للتعليم اإللكترون ّي (‪)2010‬‬
‫من عناصر وأسس تقوم عليها األلعاب التعليميّة‪ ،‬سوا ًء أكانت‬
‫صياغة "‪"Quiz‬‬ ‫تقليديّة أم إلكترونيّة‪ ،‬والتي تتمثّل باآلتي‪:‬‬
‫يمكن للمعلّم اختيار عشرة أنواع من األسئلة (الصواب والخطأ–‬ ‫ •الهدف‪ :‬أن يكون لها هدف تعليم ّي واضح ومح ّدد‪ ،‬يتطابق‬
‫اختيار من متع ّدد– سؤال ذو إجابة واحدة– ملء الفراغات–‬ ‫مع الهدف الذي يريد الالعب الوصول إليه‪.‬‬
‫الربط– الترتيب– بنك الكلمات– النقر عىل خريطة– تحرير‬ ‫لكل لعبة قواعد تح ّدد كيفيّة اللعب‪.‬‬ ‫ •القواعد‪ :‬أن يكون ّ‬
‫قصير ‪ -‬الصفحة البيضاء)‪ ،‬حيث يتيح له التطبيق الخيارات‬ ‫ •المنافسة‪ :‬أن تعتمد في تحقيقها لألهداف عىل عنصر‬
‫اآلتية‪:‬‬ ‫المنافسة‪ ،‬وقد يكون ذلك بين متعلّم وآخر‪ ،‬أو بين المتعلّم‬
‫ •إنشاء عدد غير محدود من مختلف أنواع األسئلة‪.‬‬ ‫والجهاز‪ ،‬أو بين المتعلّم والمعيار‪ ،‬وذلك إلتقان مهارة ما‪،‬‬
‫وفي ما يلي مثال عىل تمرين ص ّممتُه للمتعلّمين‪ ،‬يحتوي عىل‬ ‫ •اختيار عشوائ ّي لألسئلة‪.‬‬ ‫أو تحقيق أهداف مح ّددة‪.‬‬
‫خمسة أسئلة من نوع "الصواب والخطأ"‪ ،‬حيث ال يمكن إضافة‬ ‫ •اختيار عدد أسئلة االمتحان‪.‬‬ ‫ •التح ّدي‪ :‬أن تتض ّمن اللعبة قد ًرا من التح ّدي المالئم الذي‬
‫لم يكن التعامل مع الحاسوب صع ًبا عىل جميع المتعلّمين‪،‬‬
‫مؤثّرات صوتيّة‪ ،‬أو صور تساعد في اإلجابة‪:‬‬ ‫ •تنظيم األسئلة حسب امتحانات مختلفة‪ ،‬يختار الحاسوب‬ ‫يستنفر قدرات الفرد وفق حدود ممكنة‪.‬‬
‫فهم يدرسون ما ّدة اإلعالميّة منذ سنتين‪ ،‬ولم يكن صع ًبا‬
‫أجب بصواب أو خطأ‪:‬‬ ‫أحدها للمتعلّم اختيا ًرا عشوائيًّا‪.‬‬ ‫ •الخيال‪ :‬أن تثير اللعبة خيال الفرد‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫التعامل ً‬
‫أيضا مع التطبيق المعتمد في االمتحان‪ ،‬نظ ًرا لسهولة‬ ‫ّ‬ ‫يحقق الدافعيّة‬
‫‪ .1‬يع ّد برنامج مضا ّد الفيروسات برنامج حماية‪.‬‬ ‫والملفات الصوتيّة والفيديوهات‬ ‫ •إمكانيّة إضافة الصور‬
‫استخدامه‪ ،‬إذ يكتفي فيه المتعلّمون بالنقر عىل األزرار‬ ‫والرغبة لديه في التعلّم‪.‬‬
‫برنامجا خبيثًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ .2‬يع ّد الجدار الناري ّ‬ ‫المناسبة ألسئلة االمتحانات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الموجودة أمامهم لتعيين اإلجابة‪ ،‬أو لالنتقال إىل السؤال‬ ‫تحقق اللعبة عنصر التسلية والمتعة‪ ،‬شرط‬ ‫ •الترفيه‪ :‬أن‬
‫‪ .3‬ينتشر الفيروس عبر قرص فالش‪ ،‬وقرص ليزر‪ ،‬وبطاقة‬ ‫ •اختيار م ّدة االمتحان‪.‬‬
‫التالي‪ ،‬أو للعودة إىل السؤال السابق‪ ،‬وقد ُش ِر ح ذلك لهم عبر‬ ‫ •إمكانيّة تقديم تغذية راجعة ّ‬ ‫ّأل يكون ذلك هدف اللعبة‪ ،‬بل يجب مراعاة التوازن بين‬
‫ذاكرة‪.‬‬ ‫لكل سؤال‪.‬‬
‫حصة‬ ‫العامة أثناء ّ‬
‫ّ‬ ‫تطبيق يحتوي أسئلة في الثقافة الرقميّة‬ ‫صل باالنترنت الستقبال‬‫دائما الهاتف الذك ّي متّ ً‬ ‫ً‬ ‫‪ .4‬أترك‬ ‫ •إنهاء االمتحان بعد اإلجابة عىل جميع األسئلة‪ ،‬وعدم‬ ‫المتعة والمحتوى التعليم ّي‪.‬‬
‫االمتحان‪.‬‬ ‫الرسائل‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪33‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪32‬‬


‫ﻣﻘﺎل‬
‫تقييم االمتحانات ووضع العالمات‪ ،‬كما قلّص إمكانيّة الخطأ‬ ‫إذ تخلّص أغلبهم من الضغوطات النفسيّة التي كانوا يواجهونها‬
‫ّ‬
‫المخصص لالمتحان‬ ‫في احتساب مجموع النقاط‪ ،‬ووزّ ع الوقت‬ ‫أثناء حصص التقييم الورق ّي التقليدي ّ‪ .‬وبعد انتهاء االمتحان‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬لم تكن نتائج المتعلّمين منذ المحاولة األوىل جيّدة‪،‬‬
‫توزيعا ً‬
‫عادل بين جميع المتعلّمين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حرص العديد من المتعلّمين عىل إعادة المحاولة لكسب‬ ‫يحصل ‪ 61‬متعلّ ًما (‪ 38.81‬بالمائة منهم) عىل مع ّدل‬ ‫ّ‬ ‫فلم‬
‫الرهان‪ ،‬وإن لم تكن المحاولة محتسبة ضمن نتيجة التقييم‪.‬‬ ‫النجاح‪ ،‬وكانت عالمة ‪ 17‬هي الدرجة األعىل التي نالها أربعة‬
‫خاتمة‬ ‫لقد عبّروا بصريح العبارة "هل يمكننا أن نلعب م ّرة أخرى؟"‪.‬‬ ‫وجدت أ ّن نتائج االختبار غير مرضية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫متعلّمين فقط‪ .‬ول ّما‬
‫رت المتعلّمين بين طرق التقييم لمعرفة أي ّ نوع منها‬ ‫خيّ ُ‬ ‫ُ‬
‫طلبت‬ ‫وال تعكس المستوى الحقيق ّي للعديد من المتعلّمين‪،‬‬
‫كشفت تجربة تغيير االمتحان النظري ّ إىل إلكترون ّي باستعمال‬ ‫يفضلون التقييم النظري ّ أم‬ ‫ّ‬ ‫يفضلون‪ ،‬فسألتهم إن كانوا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫درجة‬ ‫منهم إعادة إنجاز االختبار‪ ،‬عىل أن نحتسب الدرجة األعىل‬
‫برنامج "‪ "Wondershare QuizCreator‬مدى تفاعل‬ ‫التقييم التطبيق ّي أم األسئلة المتع ّددة االختيارات وفق تطبيق‬ ‫فتحسن أداء المتعلّمين في المحاولة الثانية‪ّ ،‬‬
‫وقل عدد‬ ‫ّ‬ ‫نهائيّة‪.‬‬
‫المتعلّم مع النوع الجديد من االمتحانات المستند إىل تطبيق‬ ‫"‪ ،"Quiz‬فلم يختر أحد منهم التقييم النظريّ‪ ،‬في حين اختار‬ ‫يحصلوا مع ّدل النجاح إىل ‪ ،17‬أي بلغت نسبتهم‬ ‫ّ‬ ‫الذين لم‬
‫"‪ ،Quiz‬وتطلّعه إىل تحقيق نتائج أفضل‪ ،‬بعي ًدا عن الضغط‬ ‫‪ 25‬منهم التقييم التطبيق ّي‪ ،‬ونسبتهم ‪ 15.62‬بالمائة‪ّ ،‬‬
‫أما بقيّة‬ ‫‪ 10.62‬بالمائة‪ ،‬واستطاع عشرة متعلّمين تحصيل العالمة‬
‫النفس ّي المعتاد أمام ورقة االمتحان‪ .‬وعىل الرغم من أ ّن التطبيق‬ ‫المتعلّمين فوقع اختيارهم عىل األسئلة المتع ّددة االختيارات‬ ‫الكاملة‪ ،‬و‪ 36‬متعلّ ًما تحصيل درجة أعىل من ‪ 17‬من ‪ 20‬في‬
‫المستعمل كان محدو ًدا في بعض جوانبه‪ ،‬من مثل النقص‬ ‫وفق تطبيق "‪ ،"Quiz‬ونسبتهم ‪ 84.38‬بالمائة‪.‬‬ ‫أقل من عشر دقائق‪.‬‬
‫مفصل حول مدى‬ ‫ّ‬ ‫في تجميع النتائج ودراستها وتقديم تقرير‬
‫تحصيل المتعلّمين المعلومات األساسيّة المراد اكتسابها‪ ،‬فقد‬ ‫مخصصة للتقييم‪ ،‬فقد تفاعل المتعلّمون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحصة كانت‬ ‫ورغم أ ّن‬ ‫أثر اللعب في المتعلّم‬
‫وفر التطوّر اليوم ّي في صناعة البرمجيّات تطبيقات أخرى تساعد‬ ‫ّ‬ ‫معها كأنّها لعبة يجب االنتصار فيها وكسب الرهان‪ .‬هذه الرغبة‬
‫طلبه في العمليّة التعليميّة‪.‬‬ ‫المعلّم عىل متابعة أفضل لتق ّدم ّ‬ ‫في إعادة اللعب أكثر من م ّرة‪ ،‬والرغبة في الفوز والحصول عىل‬ ‫أثناء مراقبتي تفاعل المتعلّمين مع االمتحان اإللكترون ّي‪ّ ،‬‬
‫خاصة‬
‫والعبرة هنا في أهميّة االنفتاح عىل هذه األنماط الجديدة من‬ ‫أعىل درجة‪ ،‬وتحصيل الثناء بعبارة "أحسنت يا بطل"‪ ،‬واالستماع‬ ‫في المحاولة الثانية‪ ،‬رجعت بي الذاكرة إىل تفاعل ابني مع‬
‫كل جديد إلكترونيًّا وتقنيًّا‪،‬‬‫الممارسات التعليميّة‪ ،‬ومتابعة ّ‬ ‫كل ذلك يع ّد‬ ‫إىل صوت تصفيق‪ ،‬ورؤية صورة يدين ّ‬
‫تصفقان‪ّ ...‬‬ ‫المفضلة في سباق السيّارات‪ ،‬وكيف كان‬ ‫ّ‬ ‫لعبته االلكترونيّة‬
‫حلول لمشكالت وعقبات طالما‬ ‫ً‬ ‫والجرأة عىل تجريبه‪ ،‬إذ قد ّ‬
‫يوفر‬ ‫جز ًءا من النتيجة التي يجب الوصول إليها في نظر يّة الدافعيّة لـ‬ ‫ُ‬
‫فكنت أنتظر انتصاره بعد‬ ‫ّ‬
‫ليحقق أفضل النتائج‪،‬‬ ‫يسارع الزمن‬
‫حاول المعلّم تجاوزها‪.‬‬ ‫‪ Prensky‬التي أشار إليها سبتي (‪ ،)2016‬والتي تشير بدورها‬ ‫ع ّدة محاوالت ليتجاوز أخطاء المحاوالت السابقة‪ ،‬وأفرح‬
‫إىل أن ال ّدافع في األلعاب الرقميّة التعليميّة يمكن أن يكون‬ ‫لفرحه بانتصاره‪ ،‬وهنا جاءت فكرة إعطاء المتعلّمين فرصة‬
‫أحمد بوعوني‬ ‫رغبة في اللعب لساعات طويلة‪ ،‬أو رغبة في الفوز المستمر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فطلبت منهم الدخول‬ ‫ثالثة واحتساب أفضل نتيجة ّ‬
‫حققها‪،‬‬
‫مد ّرس ما ّدة اإلعالميّة‬ ‫أو تحصيل مكافآت‪ ،‬مثل الحصول عىل كنز أو تجميع نقاط‪ ،‬أو‬ ‫إىل التطبيق من جديد ومعالجة األسئلة التي اختارها الحاسوب‬
‫تونس‬ ‫العمل والتفكير واتخاذ القرار تجاه ما يدعم الدافع الذات ّي‪.‬‬ ‫لهذه المحاولة‪.‬‬
‫إ ّن في إعادة المحاولة والرغبة في تحقيق أكبر عدد من النقاط‬
‫فرصة أكبر للمتعلّم لتجاوز األخطاء والتركيز عىل اإلجابات‬ ‫ً‬
‫واضحا بين‬ ‫الحظت في وجوه المتعلّمين وسلوكيّاتهم ً‬
‫فرقا‬
‫وفر التطبيق من جهة أخرى عىل المعلّم عناء‬ ‫الصحيحة‪ .‬لقد ّ‬ ‫جلوسهم أمام ورقة امتحان‪ ،‬وجلوسهم أمام لعبة إلكترونيّة‪،‬‬

‫المراجع‬

‫سبتي‪ ،‬عبّاس‪ .)2016( .‬مشروع األلعاب اإللكترونيّة في المناهج الدراسيّة‪ .‬األلوكة االجتماعيّة‪https://bit. .‬‬
‫‪3n0FQqU/ly‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪35‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪34‬‬


ّ ‫ﻣﻘﺎﻻت‬
‫ﻋﺎﻣﺔ‬

manhajiyat.com
‫لنغلــق الكتب ونطـ ّور المهارات‬ ‫مقال‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫ماهر منصور‬
‫مح ّددة أكثر‪ ،‬قد تهدف إىل تطوير مهارتين أو ثالث مهارات‬ ‫معاصرة‪ً ،‬‬
‫فضل عن تطوير بعض المهارات االجتماعيّة‪ ،‬كالعمل‬ ‫لمشكالت حقيقيّة وذات معنى‪ ،‬بطريقة تشابه طريقة عمل‬ ‫مق ّدمة‬
‫فقط‪ ،‬كأن ّ‬
‫يركز المشروع عىل مهارات التواصل أو مهارات اللغة‪.‬‬ ‫ضمن مجموعات واتخاذ أدوار متع ّددة وإدارة الوقت‪ ،‬وبعض‬ ‫علماء الرياضيّات أو الكيمياء أو التاريخ أو المهندسين أو الكتّاب‬
‫الطلب‪ ،‬قبل تنفيذ المشروع النهائ ّي‪ ،‬بأساليب‬ ‫ّ‬ ‫تعلّم‬ ‫مهارات التواصل‪ ،‬كاستخدام مصطلحات جديدة ضمن سياقات‬ ‫ّ‬
‫الصفيّة‬ ‫عتبر الباحثان أ َّن الغرفة‬
‫أو غيرهم من المهنيّين‪ ،‬ويَ ِ‬ ‫اجلسوا في أماكنكم‪ ،‬افتحوا الكتاب‪ ،‬انتقلوا إىل الصفحة التالية‪،‬‬
‫واستراتيجيّات مختلفة‪ ،‬عن أنواع الطاقة وتحوّالتها وأثرها في‬ ‫مختلفة‪ ،‬وبعض مهارات العرض‪.‬‬ ‫الطلب لطرح‬ ‫التي تطبّق التعلّم بالمشاريع تتيح المجال أمام ّ‬ ‫النص‪ ،‬استمعوا جيّ ًدا‪ ،‬هيّا نعمل عىل أسئلة الدرس‪...‬‬ ‫اقرأوا ّ‬
‫البيئة‪ ،‬واكتشفوا ممارسات الطاقة الصديقة للبيئة‪ ،‬كما تد ّربوا‬ ‫األسئلة واقتراح الحلول ووضع النظر يّات والتفسيرات ونقاش‬ ‫وصفة طبخناها حتّى مللنا منها‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫هكذا تم ّرُ معظم حصصنا‪،‬‬
‫عىل مهارات يحتاجونها في المشروع وفي حياتهم العمليّة‪ ،‬مثل‬ ‫ً‬
‫سبيل لتحقيق هذه األهداف‪،‬‬ ‫اخترنا أسلوب التعلّم بالمشاريع‬ ‫األفكار وتجربة األفكار الجديدة وتطبيقها‪ ،‬ومن الجدير بالذكر‬ ‫أصاب العمليّة التعليميّة التي لم تتغيّر كثي ًرا منذ الثّورة‬ ‫َ‬ ‫وركو ٌد‬
‫مهارات البحث واإلدارة الذاتيّة وبعض المهارات االجتماعيّة‬ ‫لقدرته عىل تطوير المهارات والمعارف عند ّ‬
‫الطلب بطريقة‬ ‫الطلب في الصفوف التي‬ ‫هنا ما أشار إليه الباحثان من حصول ّ‬ ‫الصناعيّة في نهايات القرن الثامن عشر‪ ،‬والذي خلّف روتينًا‬
‫التي تقتضي منهم العمل ضمن مجموعات‪ .‬فكان ال ب ّد من‬ ‫أصيلة وممتعة ترتكز عىل الممارسة‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا إىل‬ ‫الطلب في‬‫تُط ِبّق التعلّم بالمشاريع فيها عىل درجات أعىل من ّ‬ ‫تعليميًّا طُ ِبّق في حينه لتهيئة قوى عاملة للعمل في المصانع‪.‬‬
‫التخطيط للمشروع قبل أسابيع من تطبيقه‪ ،‬وذلك لتدريب‬ ‫أ ّن المشروع ُص ِ ّمم لتقييم نهائ ّي شامل‪ ،‬تتخلّله مجموعة‬ ‫الصفوف االعتياديّة‪.‬‬ ‫طلبنا للعمل في المصانع؟ وكيف يمكننا إعداد‬ ‫فهل ما زلنا ن ُ ِع ُّد ّ‬
‫الطلب عىل المهارات التي سيستخدمونها في المشروع‪ .‬يت ّم‬ ‫ّ‬ ‫من المهارات‪ ،‬ولكن‪ ،‬يمكن كذلك تصميم المشاريع بطريقة‬ ‫الطلب للمنافسة‬ ‫لمستقبل نجهل معالمه؟ ماذا يحتاج ّ‬ ‫جيل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كل من‬‫كما يمكن تعريف التعلّم بالمشاريع‪ ،‬وفق ما ق ّدمه ّ‬ ‫في سوق العمل في القرن الواحد والعشرين؟‬
‫‪ Krajcik et al., (1994),‬و )‪Blumenfeld et al., (1994‬‬
‫بأنّه نهج عا ّم لتصميم بيئة تعلّميّة تحتوي خمسة عناصر تتمثّل‬ ‫أهدف من المقال إىل تقديم فكرة نهج التعلّم بالمشاريع‪،‬‬
‫باآلتي‪:‬‬ ‫والتعريف بخطوات تطبيقه وفوائده‪ ،‬لتطوير المهارات‬
‫‪ .1‬البدء بسؤال مح ّرك أو إشكاليّة يجب إيجاد ّ‬
‫حل لها‪.‬‬ ‫الطلب بطريقة ممتعة وديناميكيّة‪ ،‬تُعيد‬ ‫ّ‬ ‫والمعارف لدى‬
‫حل هذه اإلشكاليّة عن طريق البحث‬ ‫الطلب عىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .2‬يعمل‬ ‫الروح والمذاق إىل صفوفنا ومدارسنا‪ ،‬ولتطبيق تجارب تعلُّم‬
‫والتساؤل‪ ،‬بحيث يتعلّمون أفكا ًرا محور يّة في مجال ما‪،‬‬ ‫تُحاكي الواقع والحياة العمليّة‪ ،‬وتحتاج إىل مهارات تفكير ّ‬
‫وحل‬
‫ويطبّقونها‪.‬‬ ‫مشكالت وتواصل وعمل جماع ّي وإدارة ذاتيّة‪ ،‬وهي المهارات‬
‫الطلب والمعلّمون وأفراد من المجتمع في العمل‬ ‫‪ .3‬يشارك ّ‬ ‫التي يحتاجها الطالب في جميع مراحل مسيرته األكاديميّة‬
‫التعاون ّي‪ ،‬إليجاد حلول لإلشكاليّة‪.‬‬ ‫والمهنيّة‪.‬‬
‫الطلب عمليّة البحث والتساؤل‪ ،‬يت ّم دعمهم‬ ‫‪ .4‬أثناء خوض ّ‬
‫باستخدام تقنيّات تعليميّة لتحقيق إنجازات ال يستطيعون‬ ‫وعليه‪ ،‬أعرض في هذا المقال أسلوب التعلّم بالمشاريع عن‬
‫عادة تحقيقها بمفردهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الصف الرابع‬ ‫طلب‬‫طريق تجربة عمليّة مشوّقة طبّقتُها مع ّ‬
‫نتيجة عملهم عىل‬‫َ‬ ‫حسيّة ملموسة‬ ‫الطلب منتجات ّ‬ ‫‪ .5‬ينتج ّ‬ ‫ابتدائ ّي في مدرسة دوليّة في قطر‪ ،‬وكانت هذه التجربة‬
‫اإلشكاليّة‪.‬‬ ‫عملت عليها معهم خالل‬‫ُ‬ ‫التعلّميّة واحدة من تجارب عديدة‬
‫العام الدراس ّي‪ ،‬ومن الجميل بهذا األسلوب والنهج إمكانيّة‬
‫تخطيط مشروع أنموذج ّي‬ ‫ً‬
‫فضل ع ّما يتض ّمنه من‬ ‫استخدامه في أي ّ نوع من المدارس‪،‬‬
‫ّ‬
‫التخصصات‬ ‫ارتكز مشروع المقال عىل وحدة بحثيّة متع ّددة‬ ‫متعة للمعلّم والطالب‪ ،‬كما يمكن تصميم المشروع بطريقة‬
‫حول موضوع الطاقة‪ ،‬تشمل الدراسات االجتماعيّة والعلوم‬ ‫ّ‬
‫المتوفرة لدى أي ّ مدرسة‪.‬‬ ‫يُ َ‬
‫كتفى فيها بالمصادر‬
‫الصف الرابع للمشروع قبل البدء في‬ ‫ّ‬ ‫واللغة‪ .‬خطّط معلّمو‬
‫الوحدة البحثيّة‪ ،‬وكان الهدف من الوحدة تمكين ّ‬
‫الطلب من‬ ‫التعلّم بالمشاريع واستراتيج ّية التخطيط له‬
‫معرفة مجموعة من المفاهيم العلميّة‪ ،‬كالطاقة والطاقة‬
‫المتج ّددة ومصادر الطاقة وتحوّالت الطاقة‪ ،‬ومن وصفها‬ ‫مفهوم التعلّم بالمشاريع‬
‫ووصف تحوّالتها وتصنيفها‪ ،‬باإلضاف ِة إىل إيجاد الروابط بين‬ ‫يع ّرف )‪ Krajcik & Blumenfeld (2005‬التعلّم بالمشاريع‬
‫بحلول لمشكالت‬
‫ٍ‬ ‫هذه المفاهيم والحياة العمليّة والتفكير‬ ‫بأنّه تعلّم مبن ّي عىل ظرف أو حالة‪ ،‬تدفع ّ‬
‫الطلب إىل إيجاد حلول‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪39‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪38‬‬


‫الطلب معايير تقييم عملهم في هذا المشروع‪ ،‬بتقديم قائمة تدقيق وسلّم تقييم اشتمل عىل معايير مختلفة‪:‬‬
‫وقد شاركنا ّ‬ ‫الممارسات التي تؤ ّدي إىل تبذير الطاقة في المدرسة‪ ،‬ليعرضوا‬ ‫صفيّة ذات أهداف ومخرجات تعلّم‬ ‫ذلك بعقد نشاطات ّ‬
‫بعد ذلك عملهم وكيفيّة تطبيقه‪.‬‬ ‫واضحة ومرتبطة بالمهارات‪ ،‬مع ضرورة نمذجة استخدام‬
‫التقييم‬ ‫التأكد من‬ ‫ً‬
‫وصول إىل ّ‬ ‫هذه المهارات أمامهم‪ ،‬وتطبيقها معهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫التوقعات‬ ‫يفوق‬ ‫ّ‬
‫التوقعات‬ ‫يلبّي‬ ‫في طور التط ّور‬ ‫ّ‬
‫أقل من التوقعات‬
‫المعيار‬ ‫وصف المهمة‬ ‫مستقل‪ ،‬أو شبه مستقل‪ّ.‬‬
‫ّ‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫قدرتهم عىل تطبيقها بشكل‬
‫يكتب الطالب الئحة‬ ‫‪‬‬ ‫يكتب الطالب الئحة‬ ‫‪‬‬ ‫يكتب الطالب الئحة‬ ‫‪‬‬ ‫قائمة التدقيق‬
‫يكتب الطالب الئحة تدقيق‬ ‫‪‬‬
‫تدقيق مكوّنة م ّما ال يق ّل‬ ‫تدقيق مكوّنة م ّما ال‬ ‫تدقيق مكوّنة م ّما ال‬ ‫للمدرسة‬ ‫ستعمل في هذا التقييم كمهندس‪ ،‬حيث ّ‬
‫عن ‪ 8‬بنود‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يقل عن ‪ 6‬بنود‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يقل عن ‪ 4‬بنود‪.‬‬
‫مكوّنة من ّ‬
‫أقل من ‪ 4‬بنود‪.‬‬
‫الصديق للبيئة‬
‫وكلتك المدرسة‬ ‫تصميم المشروع ومراحل تنفيذه‬
‫بأخذ جولة وإيجاد طرق لتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة‬
‫يظهر الطالب معرفته‬ ‫‪‬‬ ‫ّ‬
‫العميقة بالممارسات‬
‫يظهر الطالب معرفته‬ ‫‪‬‬ ‫يظهر الطالب معرفة‬ ‫‪‬‬ ‫ال تظهر القائمة معرفة‬ ‫‪‬‬ ‫والموفرة للطاقة فيها‪.‬‬ ‫تهيئة ّ‬
‫الطلب الستكشاف البيئة‬
‫بالممارسات الصديقة‬ ‫سطحيّة بالممارسات‬ ‫واضحة بالمعايير الصديقة‬ ‫َ‬
‫عليك في هذه المه ّمة أن تظهر قدرتك عىل العمل باستقالل ّية‪،‬‬ ‫ً‬
‫وصفا ّ‬ ‫ّ‬
‫الصديقة بالبيئة‬
‫بالبيئة المتعلّقة‬ ‫الصديقة بالبيئة‬ ‫بالبيئة المتعلّقة بالطاقة‪،‬‬
‫جذابًا للمه ّمة المطلوبة‬ ‫الصف الرابع‬ ‫أعددت مع معلّمي‬
‫ُ‬
‫المتعلّقة بالطاقة‪ ،‬كما‬ ‫التفسير‬ ‫لحل المشاكل المختلفة‪ ،‬واطّالعك‬ ‫وتظهر قدرتك عىل التفكير ّ‬
‫الطلب‪ ،‬حيث استخدمنا استراتيجيّة "‪ "RAFTS‬القائمة‬ ‫من ّ‬
‫بالطاقة‪ ،‬كما يستخدم‬ ‫المتعلّقة بالطاقة‪ ،‬كما‬ ‫وناد ًرا ما يستخدم الطالب‬
‫يستخدم الطالب‬
‫الطالب المصطلحات‬ ‫يستخدم الطالب بعض‬ ‫المصطلحات العلميّة‬
‫العلم ّي‬ ‫عىل ممارسات الطاقة الصديقة للبيئة‪.‬‬ ‫عىل تحديد دور المتعلّم‪ ،‬والجمهور‪ ،‬وصيغة المنتج‪ ،‬والموضوع‪،‬‬
‫المصطلحات العلميّة‬ ‫وهنا وزّعنا وقت المه ّمات بواقع زمن ّي م ّدته خمس حصص‬
‫المناسبة في معظم‬
‫العلميّة المناسبة في‬ ‫المصطلحات العلميّة‬ ‫المناسبة أو ال يستخدمها‪.‬‬ ‫واألفعال المؤثّرة المستخدمة في إنجاز المه ّمة‪ .‬فطلبنا من‬
‫بعض البنود‪.‬‬ ‫المناسبة‪.‬‬ ‫غير متتابعة (‪ 250‬دقيقة)‪ ،‬كما هو ُمبيَّن هنا‪:‬‬ ‫الطلب أن يعملوا ضمن مجموعات كمهندسين‪ ،‬وأن يق ّدموا‬ ‫ّ‬
‫البنود‪.‬‬
‫ّ‬
‫يستخدم الطالب‬ ‫‪‬‬ ‫يوضحون فيه‬ ‫ومجس ًما إىل إدارة المدرسة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫عرضا ومخطّطًا‬
‫ً‬
‫يستخدم الطالب‬ ‫يستخدم الطالب بعض ‪‬‬ ‫‪‬‬
‫مساعدات بصر يّة‬ ‫ال يستخدم الطالب أي ّ‬ ‫‪‬‬
‫مساعدات بصر يّة‬ ‫المساعدات البصر يّة‬
‫مح ّددة ودقيقة تدعم‬ ‫مساعدات بصر يّة لدعم‬ ‫المساعدات‬
‫تدعم العرض وخطّة‬ ‫التي تدعم العرض‬
‫العرض وخطّة العمل‬ ‫العرض وخطّة العمل‪.‬‬ ‫البصر يّة‬
‫العمل بشكل مناسب‪.‬‬ ‫وخطّة العمل جزئيًّا‪.‬‬
‫بشكل ّ‬
‫فعال‪.‬‬

‫يعرض الطالب شفه ّيًا‬ ‫‪‬‬


‫خطّة العمل التي عمل‬
‫يعرض الطالب شفه ّيًا‬ ‫ً ّ ‪‬‬
‫عليه‪ ،‬ويظهر فهمه‬ ‫يعرض الطالب شفه ّيًا‬ ‫‪‬‬ ‫يعرض الطالب شفهيّا خطة‬ ‫‪‬‬
‫خطّة العمل التي عمل‬
‫للممارسات الصديقة‬ ‫خطّة العمل التي عمل‬ ‫العمل التي عمل عليه‪،‬‬
‫عليه‪ ،‬ويظهر ً‬
‫فهما‬
‫للبيئة في عرضه‪ ،‬كما‬ ‫عليه‪ ،‬ويظهر فهمه‬ ‫ولكن ال يظهر الفهم‬ ‫طريقة العرض‬
‫محدو ًدا للممارسات‬ ‫ّ‬
‫التحقق من تطبيقها‬ ‫الخطوات المطلوبة‬
‫يتح ّدث الطالب بطلقة‬ ‫للممارسات الصديقة‬ ‫للممارسات الصديقة للبيئة‬
‫الصديقة للبيئة في‬
‫ع ّما يفهمه عن هذه‬ ‫للبيئة في عرضه‪.‬‬ ‫في عرضه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عرضه‪.‬‬ ‫والتأمل بممارسات الطاقة المختلفة حول المدرسة‪.‬‬ ‫‪ (1‬التفكير‬
‫الممارسات ويضيف‬
‫أفكا ًرا مستقبليّة‪.‬‬ ‫‪ (2‬طوّر خطّة عمل تظهر اقتراحات مح ّددة لتطوير الممارسات المسؤولة في المدرسة‬
‫استخدمت المجموعة‬ ‫استخدمت المجموعة ‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫للتقليل من استهلكها للطاقة‪.‬‬
‫استخدمت المجموعة‬ ‫‪‬‬
‫أكثر من أداة للعرض‬ ‫أداة عرض واحدة‬
‫فعال للفت‬ ‫بشكل ّ‬ ‫فعال للفت‬‫بشكل ّ‬
‫أداة عرض واحدة للفت‬ ‫لم تستخدم المجموعة أي ّ‬ ‫‪‬‬ ‫‪ (3‬ادعم خطّة عملك باستخدام الرسوم والصور والجداول البيانيّة‪.‬‬
‫االنتباه وتنظيم العرض‪.‬‬ ‫أداة عرض‪.‬‬ ‫مهارات‬
‫االنتباه وتنظيم العرض‪.‬‬ ‫االنتباه وتنظيم العرض‪.‬‬
‫تعرض المجموعة‬ ‫تعرض المجموعة عملها ‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫العرض‬ ‫‪ (4‬صوّر مقطع فيديو تشرح فيه للمدرسة ما هي اإلجراءات التي يجب أن تأخذها‪ ،‬مع‬
‫تعرض المجموعة عملها‬ ‫‪‬‬ ‫تعرض المجموعة‬ ‫‪‬‬
‫عملها بشكل منظّم‬ ‫دون تنظيم واضح‪.‬‬ ‫توضيح كيف يساعد ّ‬
‫كل اقتراح بالتقليل من استهلك المدرسة للطاقة‪.‬‬
‫بشكل منظّم وواضح‬ ‫عملها بشكل منظّم‬
‫وواضح إىل ح ّد ما‪.‬‬
‫ويجذب االنتباه‪.‬‬ ‫وواضح‪.‬‬
‫استخدمت المجموعة‬ ‫‪‬‬ ‫‪ (5‬شاهد مقطعي فيديو عىل األقل لمهندسين آخرين‪ ،‬وأعطهم تغذية راجعة عن كيف‬
‫استخدمت المجموعة‬ ‫استخدمت المجموعة لغة ‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫يمكن أن يطوّروا عملهم أكثر‪.‬‬
‫لغة واضحة ودقيقة‬ ‫تستخدم المجموعة‬ ‫‪‬‬ ‫تفتقر ّ‬
‫لغة دقيقة بالمعظم في‬ ‫للدقة مع وجود عدد‬
‫دون أي ّ أخطاء في‬ ‫لغة واضحة ودقيقة‬
‫العرض مع وجود بعض‬ ‫من األخطاء الواضحة‪.‬‬
‫العرض‪.‬‬ ‫في العرض‪.‬‬
‫األخطاء الواضحة‪.‬‬ ‫تح ّدث الطالب بلغة غير‬ ‫‪‬‬
‫اللغة‬ ‫الئحة الممارسات واالقتراحات‬
‫تح ّدث الطالب بثقة‬ ‫‪‬‬ ‫تح ّدث الطالب بثقة‬ ‫‪‬‬ ‫المستخدمة‬
‫تح ّدث الطالب بعض‬ ‫دقيقة وغير واضحة ولم ‪‬‬ ‫كيف تساهم في المحافظة عىل البيئة وتوفير الطاقة‬ ‫الممارسة واالقتراحات‬
‫ووضوح ولغة عربيّة‬ ‫ووضوح وبلغة عربيّة‬
‫الوقت بلغة عربيّة‬ ‫يستخدم اللغة العربيّة‬
‫فصحى صحيحة طوال‬ ‫فصحى‪.‬‬
‫فصحى وبوضوح‪.‬‬ ‫الفصحى‪.‬‬
‫الوقت‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪41‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪40‬‬


‫ّ‬
‫مستقل‪ .‬وقد يواجه‬ ‫الوقت وتنظيم عمل المجموعات بشكل‬ ‫ّ‬
‫للتأمل في‬ ‫كل طالب بعض الوقت‬ ‫وختمنا المشروع بمنح ّ‬ ‫توربينات كهربائيّة داخل بالوعة المياه في المغاسل‪ ،‬لكي نولّد‬ ‫الطلب وفق نماذج ع ّما‬ ‫ّ‬
‫والتوقعات مع ّ‬ ‫ناقشنا هذه المعايير‬
‫بعض المدارس تح ٍّد من نوع آخر‪ ،‬يتمثّل في محدوديّة المصادر‬ ‫مشروعه من بدايته إىل نهايته‪ ،‬ووجهناهم للتح ّدث عن تجربة‬ ‫طاقة كهربائيّة من حركة التوربين عند مرور الماء‪ .‬واقترح آخر‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫طُلِب إليهم‪ ،‬فأبدوا حماسهم الشديد للبدء بالمشروع‪ ،‬وتخيّلوا‬
‫كل مشروع يستلزم األخذ بعين‬ ‫واألدوات الالزمة‪ ،‬فتصميم ّ‬ ‫التعلّم ونتائجها والمهارات التي عملوا عليها وطوّروها‪ّ .‬‬
‫فتأمل‬ ‫استبدال جميع مصابيح اإلنارة بمصابيح "‪ "LED‬صديقة للبيئة‪،‬‬ ‫أنفسهم علماء ومهندسين يق ّدمون مقترحات إلدارة المدرسة‬
‫ّ‬
‫المتوفرة فيها‪ ،‬مع اإلشارة إىل‬ ‫االعتبار البيئة المحلّيّة والموارد‬ ‫ّ‬
‫الطلب في مشاريعهم وح ّددوا مجاالت التطوّر‪ ،‬كما أبدى عدد‬ ‫مهما كانت التكلفة‪ .‬وأبدت طالبة ثالثة اقترا ًحا بمجيء جميع‬ ‫إلحداث تغيير بيئ ّي حقيق ّي‪.‬‬
‫إمكانيّة االستعاضة عن أي ّ مصدر بغيره من المصادر البسيطة‬ ‫منهم حماسه للعمل عىل تطبيق هذه التغييرات في المنزل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الطلب والمد ّرسين إىل المدرسة عىل الد ّراجات الهوائيّة لتوفير‬
‫واألساسيّة‪.‬‬ ‫البنزين من المواصالت‪ ،‬نظ ًرا لما يسبّبه من تلوّث‪ .‬كلّها أفكار‬ ‫التعلّم بالمشاريع واستراتيج ّية التخطيط له‬
‫تح ّديّات التعلّم بالمشاريع‬ ‫عديدة وعجيبة‪ ،‬يخلو بعضها من ّ‬
‫الدقة العلميّة‪ ،‬ما يتطلّب‬
‫خاتمة‬ ‫واجهت عد ًدا كبي ًرا من التح ّديات أثناء عملي عىل التعلّم‬
‫ُ‬ ‫بكل هدوء لتعديل أي ّ مفاهيم خاطئة‪.‬‬‫اإلشارة إليها ّ ِ‬ ‫مراحل تنفيذ المشروع‬
‫السنوات األربعة الماضية‪ ،‬فمن المشكالت‬ ‫بالمشاريع خالل ّ‬ ‫الطلب ومعرفتهم بالمطلوب‪ ،‬وزّعناهم‬ ‫التأكد من جاهز يّة ّ‬
‫بعد ّ‬
‫في النهاية‪ ،‬لماذا أنصح بتجربة هذا النوع من التعلّم؟ ألنّه‬ ‫التي واجهتني‪ ،‬والتي قد تواجه أي ّ معلّم أثناء تطبيق هذا النّوع‬ ‫الطلب في المرحلة األخيرة عىل تحضير العرض للمدرسة‬ ‫عمل ّ‬ ‫ضمن مجموعات وفق مهاراتهم وقدراتهم‪ ،‬فبدأوا العمل‬
‫تعلّم حقيق ّي طويل األمد يبقى مع الطالب لفترة طويلة‪ .‬لماذا‬ ‫الطلب من مهارات أساسيّة وضرور يّة‬ ‫تمكن ّ‬‫من التعلّم‪ ،‬عدم ّ‬ ‫سابقا‪ ،‬فوزّعوا العمل في ما بينهم‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الموضحة‬ ‫وفق المعايير‬ ‫عىل المرحلة األوىل من المشروع التي هدفنا من خاللها إىل‬
‫أنصح المعلّمين بتجربة هذا النوع من التعلّم؟ ألنّه ممتع وفيه‬ ‫لتطبيق المشروع‪ ،‬ولذلك‪ ،‬فمن الضروري ّ التخطيط للمشروع‬ ‫من أجل االنتهاء في الوقت المطلوب‪ ،‬ثم بدأوا بالتد ّرب‬ ‫تطوير قدرتهم عىل تحديد أنواع الطاقة واستخداماتها ووصفها‬
‫تح ٍّد كبير‪ ،‬ويعزّز شغف المعلّم بالتعليم‪ ،‬ويُشعره بالفخر‬ ‫الطلب عىل جميع المهارات األساسيّة‬ ‫والتأكد من تدريب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بدقة‬ ‫كل ما‬ ‫عىل العرض‪ .‬وفي نهاية العمل ق ّدمت المجموعات ّ‬ ‫الطلب في أرجاء المدرسة مستمتعين‬ ‫وتصنيفها‪ .‬وعليه‪ّ ،‬‬
‫تنقل ّ‬
‫طلبنا‪ ،‬وما تحتاجه مدارسنا‬ ‫بطلبه‪ .‬لماذا؟ أل َّن هذا ما يحتاجه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التأكد من‬ ‫التي يقتضيها المشروع‪ .‬ومن التح ّديات األخرى‬ ‫جمعته من عروض "باوربوينت" و"بوسترات" ورسوم بيانيّة‬ ‫بما ينجزونه‪ ،‬فتعاونوا عىل تحديد األماكن واألدوات التي‬
‫طلب قادرون عىل التفكير اإلبداع ّي‪ ،‬وعىل العمل‬ ‫ومجتمعاتنا‪ّ ،‬‬ ‫مشاركة جميع أعضاء المجموعات في عمليّة التعلّم‪ ،‬وذلك‬ ‫وجداول‪ ،‬وأجابت عىل األسئلة المتعلّقة بعملهم عىل المشروع‬ ‫تستخدم فيها الطاقة‪ ،‬وبادروا إىل تصوير األجهزة المختلفة‬
‫وحل المشكالت المختلفة التي‬ ‫مع اآلخرين‪ ،‬وعىل عقد النقاش ّ ِ‬ ‫الطلب نفسيًّا والتأكيد عىل ضرورة المشاركة‪،‬‬ ‫عن طريق تهيئة ّ‬ ‫ومخطّطاتهم ومقترحاتهم التي يمكن تطبيقها فعليًّا‪ ،‬وكانوا‬ ‫ورسمها وتدوين مالحظاتهم حولها‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬كا َن عىل كل‬
‫أليس هذا هدف التعليم والتعلّم؟‬
‫تواجه عالمنا‪َ ،‬‬ ‫فضل عن متابعة عمل المجموعات عن قرب‪ّ .‬‬
‫أما التح ّدي‬ ‫ً‬ ‫يتح ّدثون بثقة ووضوح وتسلسل وحماس‪ ،‬وأظهروا تط ّو ًرا كبي ًرا‬ ‫ً‬
‫وصفا‬ ‫مجموع ٍة أن ت َ ِص َف تحو ِ‬
‫ّالت الطاقة في هذه األجهزة‬
‫ً‬
‫صحيحا‪ ،‬إذ‬ ‫ً‬
‫تطبيقا‬ ‫األكبر فهو الوقت الالزم لتطبيق المشروع‬ ‫في المهارات والمعرفة التي اكتسبوها خالل الوحدة‪ .‬ويمكن‬ ‫نتنقل بين المجموعات لنستمع إىل‬ ‫علميًّا‪ ،‬وكنّا‪ ،‬المعلّمين‪ّ ،‬‬
‫ماهر منصور‬ ‫إ ّن معظم المشاريع تحتاج إىل عدد من الحصص قد يزيد‬ ‫هنا أخذ المشروع إىل مرحلة متق ّدمة أكثر‪ ،‬بحيث تعرض‬ ‫نقاشاتهم وعملهم‪ ،‬ولننظر في مالحظاتهم ونطرح عليهم‬
‫ست حصص‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬إذا أعطينا ّ‬
‫الطلب وقتًا‬ ‫عن ّ‬ ‫المجموعات نتائجها عىل إدارة المدرسة بهدف إحداث التغيير‬ ‫األسئلة المختلفة‪ ،‬لتقييم مدى تعلّمهم المفاهيم‪.‬‬
‫مد ّرس‬
‫أكثر من الالزم فقد يضيّعون الوقت ويفقدون تركيزهم عىل‬ ‫الطلب بقدرتهم عىل إحداث التغيير الفعل ّي‬‫الحقيق ّي‪ ،‬وإشعار ّ‬
‫فلسطين‪ /‬قطر‬ ‫المشروع‪ ،‬باإلضافة إىل ضرورة تدريب ّ‬
‫الطلب عىل مهارات إدارة‬ ‫في مدرستهم‪.‬‬ ‫الطلب بعد ذلك إىل مرحلة وضع خطّة العمل‪ ،‬حيث كان‬ ‫انتقل ّ‬
‫يقل عن ست ممارسات صديقة‬ ‫عليهم أن يكوّنوا قائمة م ّما ال ّ‬
‫مخرجات المشروع وتح ّديات تطبيقه‬ ‫للبيئة‪ ،‬يمكن للمدرسة تطبيقها‪ ،‬وذلك بنا ًء عىل نشاطات تعلّم‬
‫المراجع‬ ‫ُ‬
‫الحظت‪ ،‬أثناء متابعتي عمل‬ ‫سابقة ومصادر خارجيّة أخرى‪.‬‬
‫التقييم والتغذية الراجعة‬ ‫بكل حماس مناقشة‬ ‫الطلب كانوا يتناقشون ّ‬ ‫المجموعات‪ ،‬أ ّن ّ‬
‫‪• Blumenfeld, P., et al. (1991). Motivating project-based learning: Sustaining the doing, supporting‬‬ ‫ّ‬
‫الطلب عملهم‪ ،‬بعد تقديم العروض‪ ،‬بتقييم بعضهم‬ ‫أنهى‬ ‫علميّة‪ ،‬كمجموعة من المهندسين والعلماء‪ ،‬حول الممارسات‬
‫‪the learning. Educational Psychologist, 26(3 & 4), 369-398.‬‬ ‫ً‬
‫دقيقا ومبنيًّا عىل تعزيز اإليجابيّات‪،‬‬ ‫بعضا‪ ،‬وكان تقييم األقران‬ ‫ً‬ ‫المختلفة التي يريدون طرحها عىل المدرسة‪ ،‬فكانوا يتّفقون‬
‫‪• Krajcik, J.S., Blumenfeld, P. C., Marx, R. W. & Soloway, E. (1994). A collaborative model for help-‬‬
‫مع إعطاء نصائح لتطوير العمل‪ ،‬وذلك نتيجة تدريبنا ّ‬
‫الطلب‬ ‫ً‬
‫انطالقا من‬ ‫في بعض األفكار ويختلفون في بعضها اآلخر‪،‬‬
‫‪ing middle grade teachers learn project-based instruction. The Elementary School Journal, 94(5),‬‬
‫‪483–479.‬‬ ‫أما نحن‪،‬‬‫عىل مهارة التقييم تدري ًبا مستم ّرًا خالل العام الدراس ّي‪ّ .‬‬ ‫أسس علميّة‪ ،‬أو من تكلفة تطبيقها‪ ،‬أو من إمكانيّة تنفيذها في‬
‫‪• Krajcik, J., & Blumenfeld, P. (2005). Project-Based Learning. In R. Keith Sawyer (ed), The Cam-‬‬ ‫ّ‬
‫ولكل فرد‬ ‫لكل مجموعة‬‫المعلّمين‪ ،‬فق ّدمنا التغذية الراجعة ّ‬ ‫مدرستنا‪ .‬فكنّا نُد َهش ونبتسم باألفكار التي يناقشها ّ‬
‫الطلب‪،‬‬
‫‪bridge Handbook of the Learning Sciences. Cambridge Handbooks in Psychology. http://daleydo-‬‬ ‫في المجموعة‪ ،‬بنا ًء عىل إسهامه وأدائه أثناء العمل والعرض‪.‬‬ ‫إما لغرابتها أو لذكائها وحنكتها‪ ،‬إذ اقترح أحد ّ‬
‫الطلب تركيب‬ ‫ّ‬
‫‪seoflearning.weebly.com/uploads/1/8/7/7/18774020/chapter_19_pbl_kraichik.pdf‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪43‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪42‬‬


‫مقال‬
‫ﻣﻘﺎل‬

‫فلسفة‬
‫التعليم‬
‫المتمايز‬
‫وإمكان ّية‬
‫تطبيقها‬
‫رائدة ّ‬
‫القصار‬

‫مق ّدمة‬
‫يجمع معظم التربويّين عىل أ ّن ّ‬
‫كل طالب يتعلّم بطريقة‬
‫الطلب المعارف وفق أساليب‬ ‫يحصل ّ‬ ‫مختلفة عن غيره‪ ،‬إذ ّ‬
‫متباينة وفي م ّدة زمنيّة متفاوتة فيما بينهم‪ .‬وقد أشارت‬
‫(‪ Tomlinson (2017 ،2016‬إىل ضرورة األخذ بعين‬
‫االعتبار أنماط التعلّم ومستوى االستعداد لدى ّ‬
‫الطلب قبل‬
‫البدء بتصميم خطّة الدرس‪ ،‬م ّما يتطلّب استخدام مجموعة‬
‫متنوّعة من االستراتيجيّات التعليميّة‪ ،‬أو تقديم دروس‬
‫كل طالب‪.‬‬‫بمستويات متفاوتة الصعوبة‪ ،‬بنا ًء عىل قدرة ّ‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪45‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪44‬‬


‫ويمكن التمايز بها من خالل‪:‬‬
‫ •النشاطات المتد ّرجة التي تدور حول المفهوم والمهارة‬
‫التعليم المتمايز بداية التعلّم ال نهايته‪ ،‬حيث يستخدم المعلّم‬
‫المحادثات الفرديّة والنقاشات وأعمال ّ‬
‫الطلب ليجري تقييمات‬
‫كل من التعليم العادي ّ والتعليم‬ ‫من هنا نستطيع أن نميّز بين ّ ٍ‬
‫الفردي ّ والتعليم المتمايز‪ ،‬فاأل وّل يق ّدم فيه المعلّم مثي ًرا‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫كثر الحديث عن التمايز في الفترة األخيرة بين التربويّين‪ ،‬ولكن ال‬
‫توجد عصا سحر يّة إلقناع المعلّمين بأه ّميّة التمايز في العمليّة‬
‫واالختالف المتّصل بمستوى الدعم المق ّدم بحسب‬ ‫مستم ّرة من أجل التعلّم‪.‬‬ ‫الطلب بنشاط واحد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هدفا واح ًدا‪ ،‬ويكلّف جميع‬ ‫ً‬ ‫واح ًدا أو‬ ‫التعليميّة‪ ،‬وإنّما يمكن إقناعهم في البداية بتلبية االحتياجات‬
‫مستوى المتعلّم وسرعة تعلّمه‪.‬‬ ‫ليحققوا المخرجات نفسها‪ ،‬وإذا أراد المعلّم أن يراعي‬ ‫ّ‬ ‫الفرديّة للمتعلّمين‪ ،‬وذلك بإتاحة اختيارات متع ّددة أمامهم‬
‫ •خليط من النشاطات الفرديّة والجماعيّة التي تتّسع فيها‬ ‫عناصر التعليم المتمايز وأمثلة توضيح ّية‬ ‫الفروق الفرديّة‪ ،‬يق ّدم المه ّمة ذاتها للجميع‪ ،‬ولكنّه يقبل‬ ‫للحصول عىل المعلومات‪ ،‬وفهم األفكار والتعبير عن التعلّم‪.‬‬
‫المجموعة أو تضيق وفق طبيعة النشاط‪.‬‬ ‫أما الثاني‪ ،‬أي التعليم الفرديّ‪ ،‬فيعتمد‬ ‫منهم مخرجات مختلفة‪ّ .‬‬ ‫فالتمايز هو تعديل خطّة الدرس بما يناسب احتياجات‬
‫نفصـــل الحديـــث هنـــا عـــن ثالثـــة مجـــاالت ح ّددتهـــا‬
‫ّ‬ ‫الطلب الذين يواجهون صعوبة في التعلّم‪،‬‬ ‫عىل تشخيص حالة ّ‬ ‫المتعلّمين المختلفة‪ ،‬وذلك يتطلّب خطوات مح ّددة‪ ،‬تبدأ‬
‫تهدف هذه اإلجراءات إىل تمكين المتعلّمين من مواجهة‬ ‫)‪ Tomlinson (2016 ,2017‬للتعليم المتمايز‪ ،‬وهي‪ :‬المحتوى‬ ‫خاصة لهم ويت ّم تجزئتها في خطّة فرديّة وفق‬ ‫فتوضع أهداف ّ‬ ‫بتحديد الرغبة‪ ،‬وتم ّر بالممارسة‪ ،‬وتنتهي بتحصيل موضوع‬
‫المواقف الجديدة بثقة‪ ،‬وتنمية الضبط الذات ّي واالستقالل‬ ‫واإلجراءات والمخرجات‪.‬‬ ‫ناجحا مع من‬ ‫ً‬ ‫جدول زمن ّي معيّن‪ .‬هذا النوع من التعليم يكون‬ ‫التعلّم‪ ،‬إذ يجب أن تكون المعارف والخبرات والمهارات التي‬
‫والشعور بالمسؤوليّة‪ ،‬فهم نقاط القوّة والضعف في الوقت‬ ‫ومشخصة‪ ،‬ولكن ال يمكن تطبيقه‬ ‫ّ‬ ‫يعانون من صعوبات مح ّددة‬ ‫يتع ّرض لها المتعلّم مناسبة لبنائه اإلدراك ّي‪ ،‬وقادرة عىل تحفيز‬
‫نفسه‪ ،‬وتشجيع التعاون بين المتعلّمين‪ .‬يمكن أن ّ‬
‫يوفر المعلّم‬ ‫المحتوى‬ ‫كل معلّم خطّة‬ ‫الطلب‪ ،‬إذ من غير المعقول أن يع ّد ّ‬ ‫عىل جميع ّ‬ ‫شعوره بأه ّميّة التعلّم كي يحدث بطريقة صحيحة‪.‬‬
‫الصفيّة بعض اإلجراءات المبنيّة عىل المحتوى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في الغرفة‬ ‫هو مجموع المعارف والمهارات والمفاهيم والحقائق والمبادئ‬ ‫الصف‪ ،‬أل ّن ذلك ينهك المعلّم‬‫ّ‬ ‫لكل طالب داخل‬ ‫فرديّة يوميّة ّ‬
‫التأمل أو القراءة أو المحادثة‬ ‫ّ‬
‫مثل توفير معلم اللغة إجراء ّ‬ ‫واالتّجاهات التي تق ّدم للمتعلّمين‪ ،‬من أجل إكسابهم النتاجات‬ ‫ويجعله غير قادر عىل أداء عمله‪.‬‬ ‫الصف نرى مجموعة متجانسة من‬ ‫ّ‬ ‫عندما ندخل إىل غرفة‬
‫أو االستماع‪ ،‬أو مثل توفير معلّم العلوم الفرصة للمتعلمين‬
‫ّ‬ ‫المرجوّة (‪ .)Tomlinson، 2016، 2017‬لك ّن معظم‬ ‫المتعلّمين من الناحية العمر يّة‪ ،‬غير أ ّن التجانس الظاهر يخفي‬
‫لتطبيق المفاهيم وتجريبها‪ ،‬أو استخدام بعض المواد العلميّة‬ ‫المعلّمين يواجهون مشكلة في ذلك‪ ،‬وال سيّما أولئك الذين‬ ‫هادفا‪ ،‬حيث تكون األهداف‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تعليما‬ ‫أما التعليم المتمايز فيع ّد‬
‫ّ‬ ‫تباينًا في باطنه‪ ،‬فنتعامل مع الظاهر ونغفل الباطن‪ ،‬لك ّن التعلّم‬
‫لحل بعض المشكالت أثناء عملهم بشكل فردي ّ أو‬ ‫واألدوات ّ‬ ‫يعملون في األنظمة التربويّة غير المرنة التي تلزمهم بإنهاء‬ ‫ّ‬
‫الصفيّة‪ ،‬ولكن‬ ‫ّ‬
‫الحصة‬ ‫الطلب خالل‬‫التعليميّة واحدة لجميع ّ‬ ‫المتمايز يتطلّب منّا أن نبحث أكثر لنصل إىل المخف ّي الذي‬
‫ضمن المجموعات‪ .‬مثال ذلك أن يطلب المعلّم من المتعلّمين‬ ‫بحشو وتكرار ومعلومات‬ ‫ٍ‬ ‫الكتب الدراسيّة المق ّررة والممتلئة‬ ‫الطلب بأفكار‬‫يحرص فيه المعلّم عىل ضمان مشاركة جميع ّ‬ ‫تكمن فيه االختالفات بين المتعلّمين‪ ،‬من مثل استعداداتهم‬
‫تنفيذ أحد النشاطات المرتبطة بالنباتات‪ ،‬إذ يمكن قياس نم ّو‬ ‫تفصيليّة ترهق كاهل المتعلّم والمعلّم عىل ح ّد سواء‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫لطلبه‪ ،‬فتكون المه ّمة‬ ‫ف ّعالة‪ ،‬ما يدفعه إىل تنويع المه ّمات ّ‬ ‫ّ‬
‫وتوقعاتهم واستجاباتهم وثقافتهم وبيئتهم المنزليّة‬ ‫وخبراتهم‬
‫نبات الذرة المزروع في حديقة المدرسة ً‬
‫مثل‪ ،‬أو قياس النباتات‬ ‫يمكن أن يكون التعليم المتمايز فرصة ثمينة للمعلّم‪ ،‬يبدع من‬ ‫تخص مجموعات صغيرة منهم‪ ،‬وقد‬ ‫الطلب‪ ،‬أو ّ‬‫شاملة جميع ّ‬ ‫وما يتحلّون به من ذكاءات متنوّعة‪.‬‬
‫ومقارنة طول المزروعة منها في الشمس بالمزروعة في ّ‬
‫الظل‪،‬‬ ‫خاللها بتوظيف المحتوى لعقد نشاطات ومه ّمات مختلفة‪،‬‬ ‫بكل فرد عىل حدة‪ .‬لذلك‪ ،‬يمكن وصف التعليم‬ ‫ًّ‬
‫مختصة ّ‬ ‫تكون‬
‫كذلك يمكن رسم لوحة تبيّن مراحل نم ّو النباتات‪.‬‬ ‫وتكييفه وفق معرفته بمهارات المتعلّمين واستعداداتهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتمايز بأنه استباق ّي‪ ،‬بمعنى أنه يدفع بالمعلم إىل التركيز عىل‬ ‫نستند في هذا المقال إىل مقاربة )‪Tomlinson (2016 ,2017‬‬
‫وذلك وفق النقاط اآلتية‪:‬‬ ‫البناء النوع ّي في عمليّة التعليم أكثر من البناء الك ّم ّي‪.‬‬ ‫لتوضيح فلسفة التعليم المتمايز وأه ّميّته‪ ،‬ولتبيان االختالفات‬
‫المخرجات‬ ‫ •اختيار المحتوى القابل للعرض بطرق متباينة‪.‬‬ ‫بين المتعلّمين‪ ،‬في سبيل خلق طريقة تعلّم تناسب احتياجات‬
‫يشكل عبئًا‬
‫عادة ما تقاس مخرجات التعليم باالختبارات‪ ،‬م ّما ّ‬ ‫ً‬ ‫ •الوقت الالزم للتعلّم والمناسب لقدرات المتعلمين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مثل‪ ،‬بمختلف مستوياتهم‪،‬‬ ‫الطلب‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫فعندما يعاني عدد من‬ ‫الجميع واهتماماتهم‪ ،‬كما نعرض نماذج وتطبيقات يمكن‬
‫عىل المتعلّمين‪ ،‬إذ ال يكون التعلّم سوى اجترار لمعلومة ينساها‬ ‫ •ضغط المحتوى أو إثراؤه‪ ،‬أي اختصار بعض المعلومات‬ ‫ً‬
‫جميعا‬ ‫في بعض مهارات القراءة األساسيّة‪ ،‬فال يمكن تكليفهم‬ ‫اإلفادة منها والبناء عليها‪.‬‬
‫المتعلّم بمرور الوقت‪ ،‬ويمكن إجراء التمايز في المخرجات‬ ‫التفصيليّة الثانويّة‪ ،‬أو إثراؤها بنشاطات أكثر ً‬
‫عمقا وشموليّة‬ ‫بالتعليمات نفسها ألداء المه ّمة ذاتها‪ .‬فالمعلّم يخطّط بنا ًء عىل‬
‫التعليميّة وفق اآلتي‪:‬‬ ‫لمن لديه معلومات سابقة عن الموضوع من ّ‬
‫الطلب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫لألكفاء منهم‬ ‫الطلب في القراءة‪ ،‬فيفسح المجال‬ ‫ما يحتاجه ّ‬ ‫مفهوم التعليم المتمايز وميزته‬
‫الطلب عىل كتابة األبحاث والتقارير‪ ،‬وتزويدهم‬ ‫ّ‬ ‫ •تدريب‬ ‫ •تقديم المحتوى وفق أشكال مختلفة‪ ،‬أي ّأل يكون‬ ‫لتنمية مهاراتهم بتوفيره الفرص لهم‪ ،‬في حين يساعد ّ‬
‫الطلب‬
‫بنماذج نوعيّة وبمعايير التقييم‪.‬‬ ‫المحتوى المق ّدم ّ‬
‫للطلب واح ًدا‪ ،‬أو يق ّدم بطريقة واحدة‪،‬‬ ‫الذين ليس لديهم القدرة الكافية للقراءة بثقة‪ ،‬حيث تكون طرق‬ ‫إنّنا نبحث في مدارسنا عن القواسم المشتركة بين األطفال‪،‬‬
‫ •عرض البيانات وتفسيرها‪.‬‬ ‫مثل الحديث عن مريض واحد وعالج واحد‪ ،‬حيث يمكن‬ ‫مساعدة هؤالء مختلفة عن طرق مساعدة من هم بحاجة‬ ‫كل طفل هو عالم‬‫ث ّم نبني عىل أساسها عمليّة التعليم‪ ،‬غير أ ّن ّ‬
‫ •إجراء المقابالت‪.‬‬ ‫للمعلّم أن يق ّدم محتوى قصيدة معيّنة في أكثر من شكل‪،‬‬ ‫إىل اكتساب مهارات القراءة الالزمة للنجاح‪ ،‬فيق ّدم المعلّم‬ ‫فريد بح ّد ذاته‪ .‬تصف )‪ Tomlinson (2016 ,2017‬التعليم‬
‫ •العروض التوضيحيّة‪.‬‬ ‫مسجلة بالصوت والصورة‪ ،‬أو بحقيبة‬ ‫ّ‬ ‫كتقديمها في ما ّدة‬ ‫لطلبه‪ ،‬بحسب اختالفاتهم‪ ،‬في سبيل الوصول‬ ‫مه ّمات متنوّعة ّ‬ ‫المتمايز بأنّه إعادة تنظيم عمليّات الفهم والتعبير ومعالجة‬
‫تعليميّة‪ ،‬أو ببطاقة مه ّمات‪.‬‬ ‫إىل المخرجات نفسها‪ .‬كما يكمن التعليم المتمايز في التقييم‪،‬‬ ‫األفكار‪ ،‬ضمن خطّة تعليميّة تهدف إىل وضع سيناريوهات‬
‫يجب أن يكون تقييم المخرجات مستم ّرًا‪ ،‬أي قبل عمليّة التعليم‬ ‫فالمعلّم الذي ينتهج هذا النهج يكتسب نظرة ثاقبة لما يصلح‬ ‫مختلفة للموقف التعليم ّي الواحد‪ ،‬تراعى فيها االهتمامات‬
‫وثيقا بتقديم تغذية راجعة‬ ‫وأثناءها وبعدها‪ ،‬ومرتبطًا ارتباطًا ً‬ ‫اإلجراءات‬ ‫فيوفر له الفرص التعليميّة المناسبة الهتماماته‬ ‫ّ‬ ‫لكل متعلّم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واالستعدادات والخبرات وأنماط التعلّم والذكاءات المختلفة‬
‫فاعلة وفور يّة للمتعلّمين‪ ،‬كما يمكن تشجيعهم عىل اختيار‬ ‫هي الطرق التي يت ّم من خاللها تعليم المحتوى‪ ،‬أي الخطوات‬ ‫وقدراته‪ ،‬ويكون قاد ًرا عىل تشخيص نقاط القوّة والضعف لدى‬ ‫للمتعلّمين‪ ،‬وتضمن لهم الحر يّة والمرونة‪ ،‬من أجل الوصول‬
‫طريقة التقييم بأنفسهم‪ ،‬مع عدم إلغاء التقييمات الكتابيّة‬ ‫والنشاطات التي تساعد المتعلّم عىل الوصول إىل فهم المحتوى‪،‬‬ ‫طلبه‪ ،‬ويخطّط بنا ًء عليها‪ .‬من هذا المنطق‪ ،‬يع ّد التقييم في‬ ‫ّ‬ ‫بهم إىل أقصى قدر ممكن من نواتج التعلّم المستهدفة‪.‬‬
‫(االختبارات)‪ .‬يكون التقييم بذلك وسيلة للتعليم المتمايز‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪47‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪46‬‬


‫دافعيّتهم نحو التعلّم‪.‬‬ ‫هدفا لقياس التعلّم فحسب‪.‬‬ ‫ووسيلة للتقييم المتمايز‪ ،‬وليس ً‬
‫المخطّط االنسياب ّي للتعليم المتمايز‬
‫ّ‬
‫وتوضح‬ ‫ •عقود التعلّم‪ :‬هي عقود تُب َرم بين المعلّم والمتعلّم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الطلب‬ ‫ّ‬
‫يحقق تط ّو ًرا لدى‬ ‫من شأن التعليم المتمايز أن‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫المحتوى واإللزاميّة والطريقة والمسؤوليّة واألدوار وزمن‬ ‫والمعلّمين عىل ح ّد سواء‪ ،‬إذ قد يعرف المعلمون المزيد عن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصفيّة عىل النحو اآلتي‪:‬‬ ‫وضحت )‪ Tomlinson (2017‬المخطّط االنسياب ّي للتعليم المتمايز داخل الغرفة‬
‫ّ‬
‫والمؤشرات وطرق التقييم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫االنتهاء‬ ‫المحتوى الذي يدرسونه‪ ،‬فهم يتعلّمون باستمرار كيفيّة تعلّم‬
‫الطلب والتعاون معهم لتعديل فرص التعلّم‪ ،‬حتى تكون ف ّعالة‬ ‫ّ‬
‫يواجه المعلّمون بعض الصعوبات والتح ّديات أثناء تطبيقهم‬ ‫لكل طالب‪ ،‬إذ إ ّن طريقة واحدة لتدريس الجميع ال تخدم‬ ‫ّ‬
‫استراتيجيّات التعليم المتمايز‪ ،‬والتي يمكن حصرها في نوعين‬ ‫التعلّم‪ً ،‬‬
‫فضل عن أ ّن المعلّمين عندما ينتهجون التعليم المتمايز‬
‫من الصعوبات‪.‬‬ ‫يدركون أنّه ليس استراتيجيّة يمكن تنفيذها من وقت آلخر‪ ،‬أو‬ ‫يشارك المتعلّمون األفكار‬
‫ •صعوبات إدار يّة تتمثّل في عدم اقتناع مديري المدارس‬ ‫ينفذ بشكل دائم في‬ ‫في وقت إضاف ّي‪ ،‬وإنّما هو أسلوب حياة ّ‬ ‫يقيّم المعلّم المعرفة‬ ‫يضع المعلّم مه ّمات‬
‫والحلول من خلل نقاشات‬
‫وأولياء األمور بهذا النهج‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الصف‪.‬‬ ‫قاعة‬ ‫السابقة للمتعلّمين‬ ‫مح ّددة ومعتمدة للتقييم‬ ‫ّ‬
‫ •صعوبات فنّيّة تتمثّل في الحاجة إىل جهد ووقت وخبرة‬
‫صفيّة‬
‫ذات مستوى عال‪ ،‬من أجل تكييف المحتوى وإعداد‬ ‫استراتيج ّيات التعليم المتمايز وتح ّدياته‬
‫النشاطات المتد ّرجة‪.‬‬
‫يمكن التغلّب عىل هذه الصعوبات بتدريب المعلّمين عىل‬ ‫ينفذ من خاللها‬‫يمكن للمعلّم استخدام استراتيجيّات بسيطة ّ‬ ‫يق ّدم المعلّم أفكا ًرا‬
‫يراجع المعلّم المعلومات‬
‫منهج التعليم المتمايز قبل الخدمة‪ ،‬وبإدراجه في برامج التربية‬ ‫تعليما متماي ًزا‪ ،‬ويبتعد بها عن الفوضى التي يمكن حصولها‬ ‫ً‬ ‫يق ّدم المعلّم المعرفة‬ ‫ومهارات جديدة‪ ،‬بنا ًء عىل‬
‫بدل من تدريبهم عىل‬ ‫العمليّة إلعداد المعلّمين وتأهيلهم‪ً ،‬‬ ‫داخل غرفة الصف‪ .‬نذكر من ذلك‪:‬‬
‫مع المتعلّمين ويجيبهم‬ ‫ّ‬
‫الجديدة‬ ‫الصفيّة‬ ‫النقاشات‬
‫استراتيجيّات فرديّة‪.‬‬ ‫ •المجموعات المرنة‪ :‬تقوم عىل فكرة ح ّر يّة االنتقال بين‬ ‫عىل أسئلتهم‬
‫وينمذجها‬
‫المجموعات‪ ،‬بحثًا عن المجموعة التي تساعده عىل الفهم‬
‫خاتمة‬ ‫واإلنجاز‪.‬‬
‫ •التكليفات متع ّددة المستويات‪ :‬هي المه ّمات التي تتباين‬ ‫يعمل المتعلّمون ضمن‬
‫نستنتج م ّما سبق أ ّن إمكانيّة تطبيق تعليم متمايز في المدارس‬ ‫الطلب‪ .‬فمعلّم اللّغات‪،‬‬‫درجة التح ّدي فيها بحسب قدرات ّ‬
‫ينمذج المعلّم المهارات‬ ‫يجري المعلّم تقيي ًما‬ ‫مجموعات من اختيارهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫الطلب‬ ‫يقتضي من المعلّمين توفير اختيارات متع ّددة لدى‬ ‫الطلب بحفظ قصيدة من‬ ‫ّ‬ ‫بدل من تكليف جميع‬ ‫مثل‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫وطرق التفكير‬ ‫تكوينيًّا لما ت ّم تعلمه‬ ‫بنا ًء عىل معلوماتهم‬
‫للحصول عىل المعلومات وفهم األفكار‪ ،‬حيث يتطلّب التعليم‬ ‫ثالثين بيتًا‪ ،‬وهي مه ّمة يمكن أن تُصيب بعضهم باإلحباط‪،‬‬
‫المتمايز تعديل خطّة الدرس من أجل تلبية االحتياجات الفريدة‬ ‫إذ يشعرون بأن ال فائدة من ورائها‪ ،‬قد يوظّف المعلّم‬ ‫الجديدة واستعدادتهم‬
‫للمتعلّمين عىل اختالف أصنافهم وقدراتهم‪ ،‬ذلك أ ّن ّ‬
‫تحقق‬ ‫المحتوى نفسه ضمن إجراءات معيّنة‪ ،‬مثل األركان‬
‫التعلّم بالطريقة الصحيحة معلّق بمدى تناسب المعارف‬ ‫التعليميّة‪ :‬ركن لتفسير األبيات‪ ،‬وركن لتحويلها إىل مشاهد‬ ‫تقسيم المتعلّمين إىل‬ ‫ّ‬
‫الصف‬ ‫يجتمع متعلّمو‬
‫والخبرات والمهارات لبناء المتعلّم اإلدراك ّي‪ ،‬وبمدى قدرتها عىل‬ ‫تمثيليّة ضمن دراسة تاريخ القصيدة‪ ،‬وكتابة رسالة إىل‬
‫مجموعات غير متجانسة‬
‫تحفيز شعوره بأهميّة التعلّم‪.‬‬ ‫توضح سبب اإلعجاب بالقصيدة‪ ،‬وغير ذلك من‬ ‫الشاعر ّ‬ ‫كلّه لعرض األسئلة‬
‫يمكن المتعلّم من‬
‫أركان يكون فيها مستوى التح ّدي عاليًّا‪ّ ،‬‬ ‫الستكشاف المه ّمات‬
‫التح ّرك فيها اعتما ًدا عىل احتياجاته‪.‬‬ ‫المطلوبة‬ ‫واألفكار‬
‫رائدة ّ‬
‫القصار‬ ‫ •مك ّعب بلوم‪ :‬هي استراتيجيّة مص ّممة لتجعل المتعلّمين‬
‫ّ‬
‫متخصصة ومديرة مدرسة‬ ‫مد ّربة‬
‫ّ‬
‫يستغل المعلّم‬ ‫يفكرون بالتعلّم من ع ّدة زوايا‪ ،‬حيث‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫تكليفا أو قضيّة‬ ‫كل وجه‬‫أوجه المك ّعب الستّة‪ ،‬فيضع في ّ‬
‫فلسطين‬ ‫يحفز المتعلّمين ويثير‬‫معيّنة مرتبطة بمهارات بلوم‪ ،‬م ّما ّ‬

‫المراجع‬
‫•‬ ‫‪Tomlinson, C. (2016). Understanding Differentiated Instruction. Quick Reference Guide.‬‬
‫•‬ ‫‪Tomlinson, C. (2017). How to Differentiate Instruction in Academically Diverse Classrooms. Booktopia.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪49‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪48‬‬


‫مقال‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫ّ‬
‫بيــن الفاقد التعلمـ ّي والفاقد‬
‫االجتماع ّي العاطف ّي‬
‫وحيد جبران‬

‫الذي يحدث في نظام تعليم ّي ال تتوافر فيه اإلمكانات الكاملة‬ ‫الفاقد التعلّم ّي‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬قد يؤ ّدي االضطراب في التعليم إىل ظهور‬ ‫مق ّدمة‬
‫(‪ .)2020 ,Lorié‬كما يمكن أن يُع ّرَف الفاقد التعلّم ّي بأنّه‬ ‫أساليب تربويّة إبداعيّة عظيمة‪ ،‬وإىل تحقيق بعض اإلصالحات‬
‫الطلب‪ ،‬أو تراجع مستوى التق ّدم في‬ ‫تراجع مستوى التعلّم لدى ّ‬ ‫آرا ٌء حول المفهوم‬ ‫في العمليّة التعليميّة‪ .‬لذلك‪ ،‬هناك من يدعو إىل تجنّب‬ ‫ظل‬ ‫الصح ّي التي شهدها العالم في ّ‬
‫ّ‬ ‫أ ّدت إجراءات الحجر‬
‫ً‬ ‫عمليّة تعلّمهم‪،‬‬ ‫المبالغة في الحديث عن اآلثار السلبيّة‪ ،‬وعدم تجاهل بروز‬
‫مقارنة بما كان عليه في عام دراس ّي سابق سار‬ ‫ينطلق مفهوم الفاقد التعلّم ّي من افتراض يقضي بأ ّن ما‬ ‫جائحة كورونا في العامين الدراسيّين األخيرين‪ ،‬وما رافقها‬
‫عىل ما يرام (‪.)UNESCO et al., 2021‬‬ ‫كان ينبغي تعلّمه من معارف ومهارات واتجاهات وقيم لم‬ ‫أشكال جديدة من التعلّم‪ .‬باإلضافة إىل أ ّن االضطراب الحاصل‬ ‫من اضطراب‪ ،‬إىل إغالق المدارس لفترات طويلة‪ ،‬سوا ًء‬
‫تحقق دون المستوى المطلوب ألسباب معيّنة‪،‬‬ ‫يتحقق البتّة‪ ،‬أو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الماسة إىل تقعيد بيانات دقيقة يمكن‬ ‫قد ألمح إىل الحاجة‬ ‫أكانت الفترات مستم ّرة أم متقطّعة‪ ،‬واللجوء إىل بدائل‬
‫التفاعل السلب ّي مع الفاقد التعلّم ّي‬ ‫وبالتالي‪ ،‬أصبح مصنّ ًفا فقدانًا للتعلّم لدى المتعلّمين‪ .‬ث ّمة ع ّدة‬ ‫االعتماد عليها في االستجابة لحاالت الطوارئ ومتابعة مآالتها‪،‬‬ ‫تعليميّة مثل التعليم عن بعد في معظم الدول‪ .‬رافق‬
‫دعا الباحثان ‪ )2021( Strauss & Gabriel‬إىل عدم المبالغة‬ ‫جوانب لهذا الفاقد‪ ،‬فمنه ما يتعلّق بالمعارف والمهارات‪،‬‬ ‫وفي إعداد االستراتيجيّات التي تسهم في التخفيف من ح ّدة‬ ‫ذلك بعض مظاهر العزلة االجتماعيّة لدى األطفال‪ ،‬وتزايد‬
‫ّ‬ ‫األضرار وتجاوزها‪.‬‬
‫التوقف عن‬ ‫في تقدير االضطراب الناتج عن جائحة كورونا‪ ،‬وإىل‬ ‫ومنه ما يتعلّق باالتجاهات والقيم التي تع ّد جان ًبا مه ًّما فيه‪،‬‬ ‫مشاعر الخوف والقلق من الواقع والمستقبل المجهول‪.‬‬
‫إخبار األطفال بأنّهم تخلّفوا عن الركب وعليهم اللحاق به‪ ،‬حيث‬ ‫إذ يصعب تعويض الجانب المعرف ّي والمهارات ّي دون التعامل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ضعيفا للتعلّم‪ ،‬وناد ًرا ما‬ ‫إ ّن اللحاق بالركب يع ّد سب ًبا‬ ‫نركز في هذا المقال عىل العالقة القائمة بين الفاقد التعلّم ّي‬ ‫ّ‬
‫تشكل‬ ‫معه‪ ،‬ويصعب تجنيب المتعلّم ما قد يلحق به من أضرار في‬ ‫تركز االهتمام عىل الجانب المعرف ّي‬ ‫لوحظ أنّه كثي ًرا ما ّ‬
‫الحوافز العالجيّة سياقات لممارسة هادفة‪ .‬كما أشارا إىل أ ّن‬ ‫المستقبل (جبران‪.)2021 ،‬‬ ‫والفاقد االجتماع ّي العاطف ّي في ما يتّصل بعمليّة التعلّم‪،‬‬ ‫في عمليّة التعليم عن بعد‪ ،‬أو في التعليم الوجاه ّي بعد‬
‫األطفال يتعلّمون بشكل أفضل عندما يؤمن الكبار بقدرتهم‬ ‫ولذلك‪ ،‬نبدأ بتوضيح المفهوم األ وّل باالستناد إىل بعض اآلراء‬ ‫الطلب ما فاتهم من‬ ‫تراجع ح ّدة األزمة‪ ،‬من أجل تعويض ّ‬
‫عىل التعلّم‪ ،‬فيخلقون لهم األسباب والفرص المالئمة لذلك‪.‬‬ ‫بالمقابل‪ ،‬هناك من ينظر إىل الفاقد التعلّم ّي عىل أنّه مج ّرد‬ ‫حوله‪ ،‬مع اإلشارة إىل جوانبه‪ ،‬ث ّم نبيّن أه ّميّة التعلّم االجتماع ّي‬ ‫معارف‪ .‬في حين لم ينل الجانبين االجتماع ّي والعاطف ّي‬
‫انطالقا من اعتبار رفاهية‬ ‫ً‬ ‫أما ‪ )2021( Frye‬فيعتقد أنّه‬ ‫ّ‬ ‫الطلب‪ ،‬وننهي المقال‬ ‫ّ‬ ‫والعاطف ّي ودوره في تنمية مهارات‬
‫تراجع في المعرفة أو المهارات الموجودة‪ ،‬إذ يشير المهت ّمون‬ ‫االهتما ُم المناسب‪ ،‬وكان ذلك موضع انتقاد الكثيرين‪ ،‬إذ‬
‫وصحتهم النفسيّة من أوىل االهتمامات التربويّة‪ ،‬كان‬ ‫ّ‬ ‫األطفال‬ ‫بإصالح التعليم إىل الفجوات التعلّميّة الناتجة عن اختالف المكان‬ ‫الطلب عىل‬ ‫بعرض مجموعة من االستراتيجيّات التي تساعد ّ‬ ‫إ ّن عدم االهتمام بالجوانب النفسيّة والمهارات االجتماعيّة‬
‫ّ‬
‫من المتوقع أن ّ‬ ‫التكيّف مع الظروف الطارئة وتسهم في تعزيز شخصيّتهم‬
‫تركز جهود نظام التعليم عىل زيادة خدمات‬ ‫الطلب أثناء تعلّمهم عن المكان الذي يجب‬ ‫الذي يوجد فيه ّ‬ ‫تشكل جز ًءا أساسيًّا من شخصيّته‪ ،‬من شأنه‬ ‫للمتعلّم‪ ،‬التي ّ‬
‫الصحة النفسيّة‪ ،‬وإدماج األطفال في النشاطات التواصليّة‬ ‫ّ‬ ‫أن يكونوا فيه‪ ،‬وهناك من يسلّط الضوء عىل الفاقد التعلّم ّي‬ ‫التربويّة‪.‬‬ ‫أن يفقد العمليّة التعليميّة شيئًا من قيمتها التربويّة‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪51‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪50‬‬


‫خاتمة‬ ‫رئيسا لنم ّو األطفال معرفيًّا وعقليًّا‬ ‫ً‬
‫عامل ً‬ ‫ّ‬
‫ويشكل‬ ‫الطفل‪،‬‬ ‫الطلب المع ّرضين لخطر الفشل الدراس ّي‬ ‫ّ‬ ‫ومساعدة‬ ‫واالجتماعيّة‪ ،‬وإعادة االستقرار إليهم‪ ،‬ومساعدتهم عىل تجاوز‬
‫لكل منها مفهومه‬ ‫واجتماعيًّا وعاطفيًّا وحركيًّا‪ ،‬وله أنواع ّ‬ ‫والتس ّرب من المدرسة‪.‬‬ ‫المؤسسات‬‫ّ‬ ‫بدل من ذلك‪ ،‬اهتمام‬ ‫آثار الوباء‪ .‬لكنّنا نشهد‪ً ،‬‬
‫من األه ّميّة بمكان إيالء العناية المالئمة للفاقد التعلّم ّي ضمن‬ ‫وغايته‪ ،‬ويمكن توظيفه في مخاطبة الجوانب االجتماعيّة‬ ‫ّ‬
‫والتحكم بها بشكل‬ ‫ •وعي المتعلّم مشاعره والتعبير عنها‬ ‫الطلب ما فاتهم من المحتوى التعليم ّي أثناء‬ ‫التربويّة بتعويض ّ‬
‫نطاق عالقته بالجوانب االجتماعيّة العاطفيّة‪ ،‬وتطوير مبادرات‬ ‫العاطفيّة لدى المتعلم‪ .‬ع ّرف العشماوي (‪ )2019‬اللعب‬ ‫بنّاء‪.‬‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫الجائحة‪ .‬وهذا يعني‪ ،‬حسبما يبدو‪ ،‬أنّنا أمام المزيد من الضغط‬
‫وبرامج وحلول عمليّة مدروسة لتعويض مختلف الجوانب التي‬ ‫التعليم ّي بأنّه نشاط تعلّم ّي منظّم ومو ّجه يقوم به‬ ‫ •تعزيز القيم واالتجاهات اإليجابيّة‪ ،‬مثل التقبّل والتسامح‬ ‫النفس ّي عىل األطفال‪ ،‬وذلك من خالل الدعوة إىل تمديد السنة‬
‫فقدها المتعلّم‪ ،‬مع الحذر من المبالغة في الحديث عن اآلثار‬ ‫المتعلّمون لتنمية مهاراتهم وقدراتهم العقليّة والجسميّة‬ ‫والتعاون واالحترام المتبادل‪.‬‬ ‫الدراسيّة وتكثيف الواجبات المنزليّة‪ .‬ورغم إظهار هذا الضغط‬
‫ويحقق في الوقت نفسه المتعة والتسلية‪ ،‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫والعاطفيّة‪،‬‬ ‫بمظهر التعاطف‪ ،‬حيث يتّخذ طابع االهتمام بشأن التقصير‬
‫السلبيّة وتضخيمها خشية ترسيخ مفاهيم العجز وضعف الثقة‬
‫ّ‬
‫يعتمد عىل نشاط المتعلم وفاعليّته ويزيد من دافعيّته نحو‬ ‫جاء في توصيّات دراسة بحثيّة (إبداع المعلّم‪،2021 ،‬‬ ‫ً‬
‫حقيقة هو ما يمكن‬ ‫الذي لحق العمليّة التعليميّة‪ ،‬فإ ّن ما يمثّله‬
‫والكفاءة‪ .‬ألجل ذلك‪ ،‬كان من الضروري ّ اعتماد استراتيجيّات‬
‫التعلّم االجتماع ّي العاطف ّي في العمليّة التربويّة التعليميّة في‬ ‫التعلّم‪ ،‬ويقوم عىل التفاعل بين المتعلّمين بهدف الوصول‬ ‫أكتوبر) حول التعلّم االجتماع ّي العاطف ّي في فلسطين‪ ،‬أنّه‬ ‫تسميته بجزع الفاقد التعلّم ّي‪ ،‬وهو في الواقع تصعيد منهج ّي‬
‫الحاالت الطبيعيّة والطارئة عىل ح ّد سواء‪ ،‬وتزويد الحصص‬ ‫إىل أهداف تعليميّة مح ّددة‪ .‬يت ّم هذا النشاط تحت إشراف‬ ‫يجب التركيز عىل بناء شخصيّة األطفال بتعليمهم المهارات‬ ‫للضغط عىل األطفال في أسوأ وقت ممكن‪ ،‬من حيث كونهم‬
‫المعلّم وتوجيهه‪ ،‬ويكتسب الطالب من خالله المعلومات‬ ‫الحياتيّة‪ ،‬والتأكيد عىل دمج القيم والمواطنة الصالحة‪ ،‬وتعزيز‬ ‫ضعفا من قبل‪.‬‬‫ً‬ ‫أكثر‬
‫الدراسيّة وفق سياقات مختلفة بنشاطات ترفيهيّة تفاعليّة‬
‫تتض ّمن ألعابًا حركيّة وعقليّة واجتماعيّة‪ ،‬ناهيك عن ضرورة‬ ‫والمفاهيم والمهارات واالتجاهات‪.‬‬ ‫اتجاهات التقبّل واحترام االختالف بين األطفال‪ .‬لذا‪ ،‬يجب أن‬
‫االنتباه إىل أشكال التعلّم األخرى التي قد يكتسبها المتعلّمون‬ ‫ّ‬
‫متخصصة في‬ ‫يخضع المعلّمون والمرشدون إىل دورات تأهيليّة‬ ‫حذر الباحث ‪ )2021( Merrill‬من التركيز‬ ‫من جانب آخر‪ّ ،‬‬
‫في أوقات الصراعات واألزمات‪.‬‬ ‫‪ .3‬التعلّم في مجموعات صغيرة‪ :‬ال ينبغي أن يعمل ّ‬
‫الطلب‬ ‫التعلّم االجتماع ّي العاطف ّي‪ ،‬ويجب إدماج نشاطات في المنهاج‬ ‫المفرط عىل الفاقد التعلّم ّي‪ ،‬واعتبر أ ّن ذلك سيكون خطأ‬
‫بمفردهم‪ ،‬من ناحية تع ّرضهم بشكل مبالغ فيه للتعليم‬ ‫تعمل عىل تعزيز هذا التعلّم‪ ،‬مثل اللعب والموسيقى واألغاني‬ ‫تاريخ ًيّا‪ ،‬وأ ّن اهتمامنا الشديد بتقدير ما خسره المتعلّم من‬
‫وحيد جبران‬ ‫االلكترون ّي أو الرقم ّي البعيد عن التفاعل مع أقرانهم‪،‬‬ ‫وسرد القصص والرسم والرياضة‪ .‬كما أوصت الدراسة بضرورة‬ ‫التق ّدم األكاديم ّي غير منسجم مع األولويّات التربويّة‪ ،‬وإذا‬
‫خبير في شؤون التعليم والتدريب‬ ‫فهم بحاجة إىل التعاون في التعلّم‪ .‬فبعد عام من العزلة‬ ‫قيام اإلدارات المدرسيّة بتوفير الفقرات الترفيهيّة والنشاطات‬ ‫ملحة للتقدير‪ ،‬فتكمن في تقدير الخسائر‬‫كانت هناك حاجة ّ‬
‫فلسطين‬ ‫االجتماعيّة والتعلّم خلف الشاشات‪ ،‬زادت حاجتهم إىل‬ ‫الالمنهجيّة التي تن ّمي الجوانب االجتماعيّة والعاطفيّة لدى‬ ‫االجتماعيّة العاطفيّة التي برزت في األشهر الماضية‪.‬‬
‫بعضا‪ ،‬وإىل التعلّم ضمن مجموعات‬ ‫التواصل مع بعضهم ً‬ ‫فضل عن ضرورة تحسين العالقة بين المعلّمين‬ ‫ً‬ ‫المتعلّمين‪،‬‬
‫والتأمل (‪,France‬‬
‫ّ‬ ‫صغيرة‪ ،‬وإىل تغذية الحوار الداخل ّي‬ ‫واألهالي‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬أظهرت الدراسة أنّه عندما تعتني‬ ‫الفاقد االجتماع ّي العاطف ّي‬
‫‪.)2021‬‬ ‫الطلب تنخفض‬‫المدرسة بالمهارات االجتماعيّة العاطفيّة لدى ّ‬
‫مع ّدالت حدوث المشكالت السلوكيّة‪ ،‬وتتعزّز العالقات‬ ‫أهم ّية الجانب االجتماع ّي العاطف ّي في عمل ّية التعلّم‬
‫المراجع‬ ‫االجتماعيّة بينهم‪ ،‬فيصبحون منتجين ومسؤولين وأعضاء‬ ‫إثر االنشغال بالتخطيط لتعويض الفاقد التعلّم ّي الناتج عن‬
‫مشاركين وفاعلين في مجتمعهم‪.‬‬ ‫جائحة كورونا‪ ،‬غاب عن المسرح التعليم ّي الفاقد االجتماع ّي‬
‫ •إبداع المعلّم‪ ،2021( .‬أكتوبر)‪ .‬التعلّم العاطف ّي االجتماع ّي في فلسطين‪ :‬أولويّة وضرورة‪.‬‬ ‫حقه من االهتمام‪ ،‬وأن‬ ‫العاطف ّي الذي كان ينبغي أن ينال ّ‬
‫ •جبران‪ ،‬وحيد‪ ،2021( .‬يوليو)‪ .‬النجاح في تعويض الفاقد التعلّم ّي يحتاج توحيد تسميته وتطوير برامج تعليميّة ّ‬
‫خاصة‬ ‫بنا ًء عىل ذلك‪ ،‬يكمن التح ّدي الرئيس في كيفيّة جعل برامج‬ ‫تع ّد له الخطط التعويضيّة كما أُع ّدت للفاقد التعلّم ّي‪ .‬وما‬
‫به‪ .‬وكالة وطن لألنباء‪[ .‬إنترنت]‪.‬‬ ‫التعلّم االجتماع ّي العاطف ّي عنص ًرا أساسيًّا في الحياة المدرسيًّة‪،‬‬ ‫شك في أ ّن إهمال الجوانب االجتماعيّة والعاطفيّة في‬ ‫من ّ‬
‫ •جبران‪ ،‬وحيد‪ .)2018( .‬التعلّم االجتماع ّي العاطف ّي مدخل استباقي للتعامل بنجاح مع النزاعات‪.Hope Flowers .‬‬ ‫بما في ذلك المنهج الدراس ّي‪ ،‬وكيفيّة تنفيذها بطرق مستدامة‪.‬‬ ‫العمليّة التربويّة‪ ،‬يمكن أن ينعكس سل ًبا عىل شخصيّة المتعلّم‪،‬‬
‫[إنترنت]‪.‬‬ ‫كما يكمن التح ّدي في القدرة عىل الربط بين تعويض الفاقد‬ ‫حيث ال تنفصل هذه الجوانب عن الجوانب العقليّة المعرفيّة‬
‫ •العشماوي‪ ،‬رجاء‪ .)2019( .‬األلعاب التعليميّة أفضل وسيلة لتعليم األطفال‪ .‬تعليم جديد‪ -‬أخبار وأفكار تقنيّات التعليم‪.‬‬ ‫ً‬
‫انطالقا من‬ ‫التعلّم ّي وتعويض الفاقد االجتماع ّي العاطف ّي‪،‬‬ ‫(العشماوي‪.)2019 ،‬‬
‫[إنترنت]‪.‬‬ ‫تكامل جوانبهما‪.‬‬
‫ّ‬
‫ •النملة‪ ،‬روان‪ .)2020( .‬متى سيمنح التعلم االجتماع ّي العاطف ّي األولويّة في التعليم؟ تعليم جديد‪ -‬أخبار وأفكار‬ ‫يمكن تعريف التعلّم االجتماع ّي العاطف ّي بأنّه العمليّة التي‬
‫تقنيّات التعليم‪[ .‬إنترنت]‪.‬‬ ‫استراتيج ّيات تعزيز الجانب االجتماع ّي العاطف ّي‬ ‫يكتسب من خاللها المتعلّمون المعارف والمواقف والمهارات‬
‫•‬ ‫‪France, P. (2021). 3 Dimensions of Personalized Learning. Edutopia. [Internet].‬‬ ‫‪ .1‬سرد القصص والحكايات للمتعلّمين‪ :‬يستخدم أسلوب‬ ‫الالزمة لفهم عواطفهم وإدارتها‪ ،‬وإدراك مدى قدرتهم عىل‬
‫•‬ ‫‪Frye, D. (2021). The Dangers of the “Learning Loss” Craze. Psychology Today. [Internet].‬‬ ‫القصة أحداثًا معيّنة يجد فيها المتعلّمون معاني ودالالت‬ ‫ّ‬ ‫وضع األهداف اإليجابيّة وتحقيقها‪ ،‬وإظهار الرعاية واالهتمام‬
‫•‬ ‫‪Lorié, W. (2020). Contextualizing COVID-19 “Learning Loss” and “Learning Recovery”. Center for‬‬ ‫عن الحياة والبيئة من حولهم‪ ،‬إذ يت ّم من خاللها إثارة‬ ‫باآلخرين‪ ،‬وإنشاء عالقات إيجابيّة والحفاظ عليها‪ ،‬واتخاذ‬
‫‪assessment. [Internet].‬‬ ‫التساؤالت والقضايا المه ّمة ضمن صراعات تواجهها‬ ‫قرارات مسؤولة‪ ،‬والتعامل مع الحاالت الشخصيّة عىل نحو‬
‫•‬ ‫‪Merrill, S. (2021). Too Much Focus on ‘Learning Loss’ Will Be a Historic Mistake. Edutopia. [Inter-‬‬ ‫ً‬
‫دروسا عن‬ ‫الطلب‬‫ّ‬ ‫الشخصيّات‪ .‬يهدف ذلك إىل تعليم‬ ‫فاعل وإيجاب ّي (النملة‪ .)2020 ،‬من أجل ذلك‪ ،‬نعتقد أ ّن‬
‫‪net].‬‬ ‫ً‬
‫موقفا معيّنًا إزاء قضيّة ما‪.‬‬ ‫الحياة‪ ،‬أو إقناعهم بأن يتّخذوا‬ ‫رئيسا في تعويض الفاقد‬ ‫التعلّم االجتماع ّي العاطف ّي يلعب دو ًرا ً‬
‫•‬ ‫‪Strauss, V. & Gabriel, R. (2021, march). What ‘learning loss’ really means. The Washington Post.‬‬ ‫األمر الذي يجذب انتباههم إىل موضوع الدرس‪ ،‬ويهيّئهم‬ ‫التعلّم ّي‪ ،‬وال يقتصر تعويض هذا األخير عىل الجانب األكاديم ّي‪،‬‬
‫‪[Internet].‬‬ ‫للموقف التعليم ّي‪ ،‬ويزيد دافعيّتهم للتعلّم‪ ،‬ويشوّقهم‬ ‫لما للتعلّم االجتماع ّي العاطف ّي من دور جوهري ّ في تمكين‬
‫•‬ ‫‪UNESCO et al. (2021), What’s Next? Lessons on Education Recovery: Findings from a Survey‬‬ ‫يحفزهم عىل البحث عن‬ ‫ويثير فضولهم وتساؤالتهم‪ ،‬ما ّ‬ ‫كل‬‫المتعلّم من تحقيق التطوّر في مجاالت مختلفة‪ ،‬عبّر عنها ّ‬
‫‪of Ministries of Education amid the COVID-19 Pandemic, OECD Publishing, Paris, https://doi.‬‬ ‫تلقيها جاهزة من المعلّم‪.‬‬ ‫اإلجابات والمعلومات بدل ّ‬ ‫من النملة (‪ )2020‬وجبران (‪ )2018‬باآلتي‪:‬‬
‫‪org/10.1787/697bc36e-en.‬‬ ‫ •بناء عالقات إيجابيّة مع اآلخرين واالهتمام بمشاعرهم‪.‬‬
‫‪ .2‬اللعب في المواقف التعليميّة‪ :‬اللعب ميل فطري ّ عند‬ ‫ •تعزيز الثقة بالذات والقدرة عىل اإلنجاز األكاديم ّي‪،‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪53‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪52‬‬


‫مقال‬

‫ّ‬
‫ﻣﻘﺎل‬

‫ً‬
‫دعــوا الواقــع يصيــر معلما!‬ ‫بنان منصور‬

‫يهدف هذا المقال إىل توضيح أهميّة ربط التعليم بالحياة‬ ‫مق ّدمة‬
‫العمليّة والمواقف الواقعيّة‪ ،‬وذلك باالستناد إىل بعض‬
‫ّ‬
‫الصف األ وّل‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫نفذتها مع ّ‬
‫طلب‬ ‫األمثلة والتجارب التي ّ‬
‫الحظت‪ ،‬إثر ما شاهدتُه في بعض المدارس‪ ،‬أ ّن التعليم‬ ‫ُ‬
‫أبدأ المقال بحديث نظري ّ أح ّدد فيه مفهوم التعليم المرتبط‬ ‫ليس عىل ارتباط وثيق بالحياة الواقعيّة‪ ،‬فالمعرفة تُق َّدم في‬
‫بالواقع وصفات المعلّم المتج ّدد‪ ،‬ث ّم أنتقل إىل عرض تجربتي‬ ‫الحظت أ ّن‬
‫ُ‬ ‫الموا ّد الدراسيّة منفصلة عن الحياة العمليّة‪ ،‬كما‬
‫بتقديم ثالثة أمثلة أنموذجيّة‪.‬‬ ‫بعض المعلّمين يهملون ربط التعليم بالواقع‪ ،‬عىل الرغم من‬
‫أهميّة هذا الربط في تنمية مهارات التفكير واالستكشاف‬
‫التعليم المرتبط بالواقع والمعلّم الواقع ّي‬ ‫ً‬
‫فضل ع ّما يضيفه إىل‬ ‫والتواصل الف ّعال وتثبيت المعلومات‪،‬‬
‫الحصة الدراسيّة من متعة‪ ،‬وما يتيحه من فرص أمام المتعلّم‬ ‫ّ‬
‫مفهوم التعليم المرتبط بالواقع‬ ‫أما أساليب التعليم التقليديّة فال تلبّي طموح‬ ‫لإلبداع واالبتكار‪ّ .‬‬
‫كل من تويج والزهراني (‪ ،)2018‬وعبد الرؤوف ومح ّمد‬ ‫يرى ّ‬ ‫المتعلّمين في أغلب األحيان‪ ،‬إذ تعتمد عىل التلقين السلب ّي‬
‫(‪ )2019‬أ ّن التعليم المرتبط بالواقع يعني ربط المواقف‬ ‫الذي يكون فيه دور المتعلّم هامشيًّا‪ ،‬بل ال يكتمل التعلّم لديه‪،‬‬
‫التعليميّة بالمواقف الحياتيّة‪ ،‬وهي السياق الذي يت ّم فيه‬ ‫بحيث تكون المعلومات نظر يّة مج ّردة‪ ،‬تنتهي في ذهنه بانتهاء‬
‫التعليم ويستم ّر بناء مهارات التفكير العليا‪ ،‬كالتفكير اإلبداع ّي‬ ‫العام الدراس ّي‪.‬‬
‫فضل عن المعارف التي تربطه بواقع الحياة‬ ‫ً‬ ‫وحل المشكالت‪،‬‬‫ّ‬
‫التي يعيشها‪ ،‬وبالتجارب التي يختبرها‪.‬‬ ‫من أجل ذلك‪ ،‬كان ال ب ّد من تغيير استراتيجيّة التعليم بطرق‬
‫تدمج المتعلّمين بالحياة الواقعيّة‪ ،‬في سبيل الحصول عىل‬
‫أيضا في إعداد المتعلّمين للمستقبل‬ ‫تكمن أهميّة هذا التعليم ً‬ ‫جودة عالية من المعرفة المستم ّرة‪ ،‬إذ إ ّن مبدأ التعليم استمرار‬
‫من خالل األمثلة الحيّة التي يمارسونها في العمليّة التعليميّة‪،‬‬ ‫المعرفة وتطويرها بحسب المرحلة العمر يّة وربطها بالحياة‬
‫وفي زيادة وعيهم بالمفاهيم الواقعيّة‪ ،‬وبناء ثقتهم بأنفسهم بما‬ ‫الواقعيّة‪ ،‬لتساعد المتعلّمين عىل االندماج فيها والتعامل مع‬
‫يجدونه من حلول للمشكالت التي تواجههم وبما ينمو لديهم‬ ‫مواقفها بسهولة‪ .‬من هنا جاءت أه ّميّة ربط التعليم بالمهارات‬
‫من مهارات التواصل والحوار‪ ،‬باإلضافة إىل إثارة تفكيرهم وفق‬ ‫الحياتيّة‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪55‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪54‬‬


‫خاتمة‬ ‫التي يواجهها في حياته‪ً ،‬‬
‫فضل عن غرس بعض القيم والمبادئ‬ ‫أمثلة تطبيق ّية حول التعليم المرتبط بالواقع‬ ‫ما يطرحونه من أسئلة افتراضيّة‪ ،‬ناهيك عن تحقيق االستقالليّة‬
‫التي يتو ّجب اكتسابها منذ الصغر‪.‬‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫والقدرة عىل اتخاذ القرار‪ ،‬وذلك من خالل اختيارهم النشاط‬
‫شعرت أ ّن هذه‬
‫ُ‬ ‫طلبي‪،‬‬ ‫نفذتها مع ّ‬ ‫بنا ًء عىل التجارب التي ّ‬ ‫يمكن تطبيق التعليم المرتبط بالواقع في المراحل الدراسيّة‬ ‫المحبّب إليهم‪.‬‬
‫األساليب التعليميّة المبنيّة عىل الواقع منحتهم القدرة عىل‬ ‫التعلّم بالزراعة‬ ‫صفيّة والصفيّة‪ ،‬أو باستخدام‬ ‫ال ُمب ِكرة‪ ،‬وذلك بتنظيم نشاطات ّ‬
‫تح ّمل المسؤوليّة بما أنجزوه من مه ّمات طُلِبت إليهم‪،‬‬ ‫هدفت من النشاط إىل إجراء تطبيق عمل ّي في ما ّدة العلوم‬ ‫ُ‬ ‫غرفة األركان التعليميّة التي تع ّد جز ًءا مه ًّما في العملية‬ ‫من هذا المنطلق‪ ،‬اقترح ديلور (‪ )1996‬رؤية متكاملة للتعليم‪،‬‬
‫مثل الركن الذي‬ ‫وساعدتهم في اتخاذ القرار‪ ،‬وذلك باختيارهم ً‬ ‫خرجت بها عن المألوف وكسرت‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وجذابة‪،‬‬ ‫بطريقة ممتعة‬ ‫ّ‬
‫والصف األ وّل‪ ،‬والتي تت ّم‬ ‫التربويّة‪ ،‬وال سيّما في رياض األطفال‬ ‫تستند إىل مفهومين رئيسيّين‪ :‬التعلّم مدى الحياة‪ ،‬واألركان‬
‫يرغبون به‪ ،‬أو الدور الذي يحبّون تأديته‪ ،‬من معلّم‪ ،‬أو كاتب‬ ‫الجمود الذي يكسو المواد العلميّة بشكل عا ّم‪ ،‬فمن الصعب‬ ‫كل طالب الركن والنشاط الذي يشبع حاجاته ويرضي‬ ‫باختيار ّ‬ ‫األربعة للتعليم التي تقتضي من المتعلّم أن يتعلّم‪ :‬أن يعرف‪،‬‬
‫شعرت أ ّن األمثلة السابقة ساعدت‬‫ُ‬ ‫مبدع‪ ،‬أو ّ‬
‫رسام ماهر‪ ،‬كما‬ ‫ً‬
‫عادة تعليم الصغار المفاهيم العلميّة المج ّردة‪ .‬لذلك‪ ،‬طبّقنا‬ ‫ميوله‪ ،‬ما يسهم في تحقيق تواصل ف ّعال بين المتعلّمين‪،‬‬ ‫وأن يفعل‪ ،‬وأن يكون‪ ،‬وأن يتعايش‪ ،‬مشترطًا أن تكون معرفة‬
‫في صقل مهارات المتعلّمين الفنيّة والعمليّة‪ ،‬وال سيّما في‬ ‫درس "أجزاء النبات" عمليًّا بزراعة النباتات في حديقة المدرسة‪،‬‬ ‫وتطوير مهارة الحوار واتخاذ القرار لديهم‪ .‬ومن األركان المه ّمة‬ ‫عامة وواسعة‪ ،‬وأن يكون فعله مرتك ًزا عىل اكتسابه‬ ‫المتعلّم ّ‬
‫ركن االبداع وإعادة التدوير‪ ،‬وطوّرت لديهم مهارة الحوار‬ ‫وبعرضها أمام المتعلّمين‪ ،‬وقد تابع المتعلّمون مجموعات‬ ‫التي ترتبط بواقع الحياة ركن الموسيقى‪ ،‬وركن المنزل‪ ،‬وركن‬ ‫المهارات التي تعينه عىل التعامل مع المواقف الحياتيّة‪،‬‬
‫والتواصل عن طريق لعب األدوار ومناقشة األسئلة‪ ،‬وغرست‬ ‫النباتات التي زرعوها‪ ،‬واستم ّرت متابعتهم لها بعد انتهاء السنة‬ ‫االكتشاف‪ ،‬وركن المكتبة‪ ،‬وركن الفن‪ ،‬وركن االبداع‪ ،‬وركن إعادة‬ ‫فضل عن ضرورة تطوير شخصيّته ليصبح قاد ًرا عىل التص ّرف‬ ‫ً‬
‫فيهم أه ّميّة المشاركة االجتماعيّة في النشاطات المجتمعيّة‪،‬‬ ‫الدراسيّة‪ .‬لفت انتباهي إىل هذا األمر أحد المتعلّمين‪ ،‬إذ كان‬ ‫التدوير‪ ...‬وليس من الضروري ّ أن تكون جميع األركان موجودة‪،‬‬ ‫بمسؤوليّة واستقالليّة‪ ،‬وعىل فهم اآلخرين واحترام الرأي اآلخر‪.‬‬
‫يدل عىل ّ‬
‫تحقق‬ ‫يتابع ما زرعه بعد خروجه من المدرسة‪ ،‬ما ّ‬ ‫الصف‪ ،‬ومدى توافر غرفة ّ‬ ‫ّ‬
‫مثل زراعة حديقة المدرسة‪ ،‬أو تكريم ع ّمال الوطن‪ ،‬وأسهمت‬ ‫خاصة‬ ‫إذ يعتمد ذلك عىل مساحة‬
‫في تنمية القدرات العقليّة لديهم من تخيّل وتحليل‪ ،‬وجعلتهم‬ ‫استمرار يّة التعليم عنده‪.‬‬ ‫بها‪ ،‬باإلضافة إىل إمكانات المدرسة والمعلّم‪ .‬وسأعرض هنا‬ ‫كيف أكون معلّ ًما واقع ّيًا ومتج ّد ًدا؟‬
‫يمارسون أدوا ًرا ف ّعالة في عمليّة التعليم‪ ،‬حيث كانوا محور‬ ‫ثالثة أمثلة من واقع تجربتي التعليميّة‪.‬‬ ‫تكمن اإلجابة عىل هذا السؤال في العمل عىل تطوير المهارات‬
‫ّ‬
‫المتلقين فيها‪.‬‬ ‫الممارسات والنشاطات وليسوا األطراف‬ ‫التعلّم باألدوار‬ ‫التعليميّة في مختلف المجاالت‪ ،‬ولذا‪ ،‬يجب ّأل يقف المعلّم‬
‫من هنا‪ ،‬نجد أ ّن الواقع اليوم ّي المعاش كان معلّ ًما مساع ًدا‬ ‫ُ‬
‫أردت بها منحهم‬ ‫بت المتعلّمين عىل تأدية أدوار مختلفة‪،‬‬‫د ّر ُ‬ ‫ّ‬
‫دكان الحساب‬ ‫عند حدود المنهاج المدرس ّي‪ ،‬بل يأخذ المعرفة من المصادر‬
‫ّ‬
‫الصفيّة‪ ،‬إذ ق ّدم اقتراحات‬ ‫ال ّ‬
‫يقل أه ّميّة عن المعلّم وأدواته‬ ‫أدوا ًرا يعزّزون من خاللها ثقتهم بأنفسهم‪ ،‬مثل دور المعلّم‬ ‫ّ‬
‫الصف األ وّل من‬ ‫دفعني إىل هذا النشاط ما يواجهه متعلّمو‬ ‫المتنوّعة ليصبح متميّ ًزا ومؤ ّه ًل‪ ،‬من أجل إكساب المتعلّم‬
‫وحل‬‫وممارسات جعلت المتعلّمين قادرين عىل مواكبة التطوّر ّ‬ ‫الصغير‪ ،‬حيث يؤ ّدي المتعلّم دور المعلّم بشرح فكرة بسيطة‬ ‫صعوبة في مفاهيم الجمع والطرح‪ّ ،‬‬
‫فنفذت نشاطًا تعليميًّا‬ ‫معلومات خارج النطاق التقليدي ّ في التعليم‪ ،‬فالبحث عن‬
‫ومفكرين خارج النطاق التقليديّ‪ ،‬ومستع ّدين‬ ‫ّ‬ ‫المشكالت‪،‬‬ ‫أمام زمالئه بأسلوبه الشخص ّي‪ ،‬أو مثل دور الكاتب المبدع الذي‬ ‫"الدكان الصغير"‪ ،‬يربط المتعلّم من خالله المفاهيم‬ ‫ّ‬ ‫أسميته‬ ‫التج ّدد يدفع بالمتعلّم إىل البحث عن المعلومة من مصادر‬
‫لخوض تجارب الحياة‪ ،‬وال يخافون التغيير‪.‬‬ ‫كتب فيه المتعلّمون جملة أو جملتين تع ِبّر عن شعورهم‬ ‫الحسابيّة بالواقع‪ ،‬حيث يؤ ّدي أحد المتعلّمين دور التاجر‪،‬‬ ‫مختلفة‪ ،‬مع ضرورة توجيهه إىل المصادر الموثوقة‪.‬‬
‫أو عن موقف م ّروا به‪ ،‬ث ّم قرأ ّ‬
‫كل متعلّم جملَ ُه أمام زمالئه‪.‬‬ ‫ويؤ ّدي آخر دور المشتري‪ ،‬فيح ّدد التاجر أسعار السلع الموجودة‬
‫بنان منصور‬ ‫وقد أثّرت ف ّي طالبة حين ق ّدمت خاطرة بسيطة‪ ،‬عبّرت بها‬ ‫مجسمات‪ ،‬والعملة ال ُمعبَّر عنها ببطاقات تمثّل قيمة‬ ‫ّ‬ ‫ضمن‬ ‫ألتمكن من تحقيق ذلك‪ ،‬كان عل ّي االطّالع عىل التجارب والخبرات‬‫ّ‬
‫معلّمة ّ‬ ‫طلب المدرسة‪ ،‬وهي في الصف‬ ‫حب الوطن أمام جميع ّ‬ ‫عن ّ‬ ‫فئات العملة النقديّة‪ ،‬والتي يت ّم تطبيق المفاهيم الحسابيّة من‬ ‫فضل عن تجديد مهاراتي‬ ‫ً‬ ‫المتّصلة بالتعليم المرتبط بالواقع‪،‬‬
‫صف‬ ‫في المجاالت ّ‬
‫األ وّل‪ .‬فهذا األسلوب يمنح المتعلّم الثقة بنفسه‪ ،‬ويساعده‬ ‫كافة‪ ،‬كي أكون قادرة عىل مواكبة مستج ّدات‬
‫األرد ّن‬ ‫خاللها‪ ،‬كما ت ّم ربط النشاط بالقيم األخالقيّة‪ ،‬كاألمانة والصدق‪.‬‬
‫عىل اكتشاف مواهبه‪.‬‬ ‫أ ّدى النشاط إىل تبسيط عمليّة الحساب للمتعلّمين‪ ،‬وال سيّما‬ ‫التعليم‪ .‬فمن المهارات التي ساعدتني عىل تحقيق ربط التعليم‬
‫في المرحلة األساسيّة الدنيا‪ ،‬إذ أصبحت عمليّة الحساب ممتعة‬ ‫بالحياة الواقعيّة التخطيط الجيّد للعمليّة التعليميّة‪ ،‬والتخطيط‬
‫حصة الرياضيات‪.‬‬ ‫معقدة‪ ،‬ما جعل المتعلّمين يعشقون ّ‬ ‫ّ‬ ‫وغير‬ ‫للنشاطات‪ ،‬باإلضافة إىل التجارب والخبرات التي اكتسبتها‪.‬‬
‫ّ‬
‫محف ًزا لمهارات‬ ‫من هنا‪ ،‬أعتقد أ ّن أسلوب التعليم للحياة يع ّد‬
‫وتجدر اإلشارة إىل أ ّن ممارسة هذا النشاط يجعل المتعلّمين‬
‫قادرين عىل الحساب بشكل ذهن ّي‪ ،‬ويساعدهم في عمليّة‬ ‫التفكير‪ ،‬وأ ّن تطبيق هذا النمط من التعليم في مرحلة الصفوف‬
‫أما الهدف من النشاط فيكمن‬ ‫الشراء دون أن يت ّم خداعهم‪ّ .‬‬ ‫األساسيّة الدنيا مه ّم ج ًّدا في العمليّة التعليميّة‪ ،‬إذ من شأنه‬
‫في تمكين المتعلّم في مرحلة مبكرة من إدراك الجدوى من‬ ‫وجذابًا‪ ،‬وأن يكشف ميول المتعلّم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ممتعا‬ ‫أن يجعل التعليم‬
‫دراسة المفاهيم الحسابيّة‪ ،‬وعالقتها بمواقف الحياة الواقعيّة‬ ‫وهواياته‪.‬‬
‫المراجع‬
‫ •تويج‪ ،‬سليمان‪ ،‬والزهراني علي‪ .)2018( .‬مدخل إىل التعلّم النشط‪ .‬دار اللؤلؤة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ •ديلور‪ ،‬جاك‪ .)1996( .‬التعلّم‪ :‬ذلك الكنز المفقود‪ .‬اليونسكو‪.‬‬
‫ •عبد الرؤوف‪ ،‬طارق‪ ،‬ومح ّمد‪ ،‬ربيع‪ .)2019( .‬الصف المتمايز‪ .‬دار اليازوري العلميّة‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪57‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪56‬‬


‫مقال‬
‫تفسح أمامهم المجال للمناقشة الثر يّة والحوار البنّاء والتفكير‬ ‫مق ّدمة‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫لكل ما تت ّم قراءته أو كتابته‬‫التأمل العميق ّ‬
‫فضل عن ّ‬ ‫ً‬ ‫الواعي‪،‬‬
‫أو طرحه في ما ّدة دراسيّة‪ .‬باإلضافة إىل مناقشة القضايا أو‬ ‫ً‬
‫نظرة‬ ‫المؤسسات التعليميّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ينظر المعلّمون‪ ،‬في معظم‬
‫الطلب‪ ،‬وفق إشراف المعلّم عىل‬ ‫اآلراء أو المشكالت مع بقيّة ّ‬ ‫متثاقلة إىل التعلّم النشط‪ ،‬وذلك بسبب الصعوبات التي‬
‫الطلب عىل تحقيق األهداف الطموحة للمنهاج‬ ‫وحث ّ‬ ‫ّ‬ ‫العمل‬ ‫ّ‬
‫الحصة‬ ‫يواجهونها‪ ،‬واألعباء التي تقع عىل عاتقهم‪ ،‬وضيق وقت‬
‫تركز عىل بناء شخصيّة المتعلّم‪.‬‬
‫الدراس ّي‪ ،‬التي ّ‬ ‫الطلب‬ ‫ّ‬ ‫الدراسيّة‪ ،‬وكثافة المنهاج الدراس ّي‪ ،‬وكثرة أعداد‬
‫أما التعلّم النشط في نشاطات سفراء العلوم فيتض ّمن ممارسة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مؤخ ًرا‪ ،‬إثر جائحة كورونا‪،‬‬ ‫واختالف احتياجاتهم‪ .‬وقد ظهرت‬
‫المتعلّم لمه ّمات مختلفة‪ ،‬تتمثّل بمجملها في القيام بتجربة‬ ‫تح ّديّات أخرى أمام المعلّم تفرض عليه التعامل مع واقع‬
‫علميّة منزليّة‪ ،‬أو بالبحث عن إمكانيّة توافر الموا ّد الكيميائيّة‬ ‫تعليم ّي جديد‪ ،‬يتمثّل بالتعليم عن بعد‪.‬‬
‫في البيئة المحيطة‪ ،‬أو بتطبيقات المحاكاة عىل شبكة اإلنترنت‪.‬‬ ‫الطلب موضع‬ ‫ّ‬ ‫من أجل ذلك‪ ،‬كان ال ب ّد للمعلّم أن يضع‬
‫كما قد تتض ّمن بعض األساليب التقديميّة‪ ،‬مثل عرض التجربة‬ ‫مسؤوليّة أمام العلم‪ ،‬وال سيّما إثر انتشار المعلومات الزائفة‬
‫المنفذة أمام أفراد األسرة بتق ّمص دور السفير العلم ّي‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫في المواقع اإللكترونيّة وسهولة الوصول إليها‪ ،‬وذلك بتكليفهم‬
‫بعض األساليب اإلعالميّة‪ ،‬مثل إنتاج فيلم قصير أو كتابة تقرير‬ ‫الطلب من خاللها مهارات‬ ‫ّ‬ ‫بمه ّمات تعلّميّة نشطة‪ ،‬يمارس‬
‫رقم ّي أو تصميم "بروشور"‪ ،‬بهدف التوعية المرتبطة بالموضوع‬ ‫البحث والتجريب‪ ،‬فينقلون المعرفة إىل فئات قريبة من‬
‫العلم ّي الذي ت ّم تناوله في الصف المدرس ّي‪ ،‬ومن ث ّم الترويج له‬ ‫المجتمع‪ ،‬مثل األهل‪ ،‬أو يروّجونها لفئات أبعد‪ ،‬مثل متابعيهم‬
‫ّ‬
‫الصف االفتراض ّي‪،‬‬ ‫في صفحات التواصل االجتماع ّي‪ ،‬أو في بيئة‬ ‫صف افتراض ّي‬ ‫في وسائل التواصل االجتماع ّي‪ ،‬أو ينقلونها في ّ‬
‫ً‬
‫تصميما‬ ‫أو في قنوات "اليوتيوب"‪ ،‬بحيث يص ّممها المتعلّم‬ ‫يمثّلون فيه سفراء العلم‪.‬‬
‫يوائم عمليّة التعلّم عن بعد‪.‬‬ ‫تقترح هذه المقالة أفكا ًرا لتصميم مه ّمات تعلّم نشط‪ ،‬تتمثّل‬
‫الصف المدرس ّي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في تصميم رحالت تعلّميّة‪ ،‬تنطلق من بيئة‬
‫أهداف نشاطات سفراء العلوم‬ ‫ّ‬
‫بالصف االفتراض ّي‪ ،‬ث ّم تنتهي في المنزل‪ ،‬ليقيّم المعلّم‬ ‫وتم ّر‬
‫بعد ذلك المنتجات ويق ّدم التغذية الراجعة‪ .‬تتنو ّع هذه‬
‫ربط الموضوعات العلميّة بالحياة‪ ،‬وتسليط الضوء عىل‬ ‫‪.1‬‬ ‫المه ّمات باختالف الموضوع العلم ّي‪ ،‬فمنها مه ّمات بحثيّة‪،‬‬
‫بعض المواد الكيميائيّة المتوافرة في المنازل‪ ،‬من أجل إجراء‬ ‫للطلب تق ّمص أدوار سفراء‬ ‫ومنها مه ّمات عمليّة علميّة تتيح ّ‬
‫التجارب خارج نطاق المدرسة‪.‬‬ ‫العلوم أمام األهالي في المنزل‪.‬‬
‫جعل التعليم متمرك ًزا حول الطالب بفسح المجال‬ ‫‪.2‬‬
‫أمامه للعب دور العالم أو الباحث‪ ،‬وذلك بإجراء التجارب‬
‫وترتيب البيانات وعقد المالحظات واستخالص النتائج‪.‬‬ ‫حول التعلّم النشط وسفرائه‬

‫سفراء العلوم‬
‫إكساب الطالب بعض الممارسات المخبر يّة ضمن‬ ‫‪.3‬‬
‫حدود المنزل‪ ،‬والبحث عن بدائل للعمل في ما يتّصل بأدوات‬ ‫كل من اللقاني والجمل (‪ )2003‬التعلّم النشط بأنّه‬ ‫يع ّرف ّ‬
‫التجربة أو الموا ّد الكيميائيّة الالزمة‪.‬‬ ‫التعلّم الذي يكون فيه للطالب دور ف ّعال‪ ،‬حيث يشارك بالقراءة‬
‫تعزيز المرونة الفكر يّة لدى الطالب باكتشاف حلول‬ ‫‪.4‬‬ ‫والبحث واالطالع‪ ،‬وينظّم النشاطات الصفيّة والالصفيّة‪ ،‬وال‬

‫رحلة التعلّم النشط من الصف إىل المنزل‬


‫وبدائل مالئمة من ممكنات حوله‪.‬‬ ‫يكون للمعلّم مه ّمة في ذلك كلّه سوى التوجيه واإلرشاد‪ .‬بينما‬
‫تعلّم مهارات الترويج الرقم ّي واإلعالم ّي‪ ،‬من خالل‬ ‫‪.5‬‬ ‫يع ّرفه سعادة وزمالؤه (‪ )2006‬بأنّه طريقة تعلّم وتعليم في آن‬
‫توثيق نتاجات التجربة بإنتاج فيلم قصير أو "بروشور"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الصفيّة المختلفة وفي‬ ‫واحد‪ ،‬إذ يشارك ّ‬
‫الطلب في النشاطات‬
‫التمارين والمشاريع‪ ،‬من خالل بيئة تعليميّة غنيّة ومتنوّعة‪،‬‬
‫أمل أبو زايد‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪59‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪58‬‬


‫ﻣﻘﺎل‬

‫واحدة من بينهن التقاط صورة النجم‪ ،‬بتثبيت عدسة قلم ليزر‬ ‫تصاعد الغازات إثر عمليّة انحالل األوكسيداين‪ .‬كما ّ‬
‫توصلن‬ ‫تمكنت الطالبات من تنفيذ التجربة ومن إدراك مدى الصوت‬ ‫ّ‬ ‫مهمات تعلّم ّية نشطة‬
‫ّ‬
‫عىل كاميرا الهاتف المحمول‪ ،‬ث ّم قامت بإنتاج فيديو توضيح ّي‬ ‫إىل االستنتاج بكتابة معادلة كيميائيّة رمز يّة للتفاعل‪ ،‬من‬ ‫توصل َن إىل معرفة‬
‫المسموع وفق ما أجرينَه من قياسات‪ ،‬كما ّ‬
‫حققت هدفها وأ ّدت دور سفيرة‬ ‫لبقية زميالتها‪ ،‬وهكذا ّ‬ ‫أجل تحديد الغاز المتصاعد‪ ،‬ثم وثّقن التجربة بفيديو ترويج ّي‬ ‫جديدة مفادها أ ّن مدى الصوت المسموع ّ‬
‫يقل كلّما تق ّدم عمر‬ ‫ت ّم تصميم مه ّمات تعلّميّة من واقع حصص العلوم لطالبات‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فضل عن تحقيقهن توعية صحيّة ألفراد أسرهن‪.‬‬ ‫اإلنسان‪ً ،‬‬ ‫الصفين الثامن والتاسع‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ومشاركة العلم مع زميالتها‬ ‫ناقلة المعرفة إىل أسرتها‪،‬‬ ‫العلوم‪،‬‬ ‫الصف االفتراض ّي‪ ،‬أو‬ ‫يتضمن خطوات التنفيذ‪ ،‬وتقديمه في‬ ‫نفذ َن من خاللها تجارب علميّة وعمليّة‬
‫ومجتمعها الخارج ّي‪.‬‬ ‫نشره في مجتمعات العلوم عىل مواقع التواصل االجتماع ّي‪.‬‬ ‫في المنزل‪ ،‬وبحثن عن موارد من الوسط المحيط‪ ،‬مثل المطبخ‪،‬‬
‫تح ّديّات كيميائ ّية وبدائل‬ ‫ومن ث ّم قمن بعرضها أمام العائلة‪ ،‬متق ّمصات دور العالِم بما‬
‫خاتمة‬ ‫ليلة صافية من ليالي ديسمبر‬ ‫الصف التاسع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عقدت نشاطًا حول درس "االنحالل" لطالبات‬ ‫ُ‬ ‫مارسنَ ُه من مهارات المالحظة واالستنتاج‪ ،‬وفي النهاية‪ ،‬وثّقت‬
‫في درس "لمعان النجوم" موقف تعليم ّي ينطلق من بيئة‬ ‫عادة توظيف نشاط خارج ّي‬ ‫ً‬ ‫وهو من الدروس التي يصعب‬ ‫الطالبات العمل بصناعة منتج رقم ّي مو ّجه إعالميًّا في وسائل‬
‫وجدت أ ّن هذا‬
‫ُ‬ ‫بنا ًء عىل تجربتي لهذه النشاطات مع طالباتي‪،‬‬ ‫ً‬
‫جدول للبيانات يتط ّرق إىل مقادير‬ ‫ّ‬
‫الصف‪ ،‬إذ يتناول هذا الدرس‬ ‫حولها‪ ،‬لما يتط ّرق إليه من أنواع التفاعالت الكيميائيّة‪ ،‬إذ يحتاج‬ ‫التواصل االجتماع ّي‪.‬‬
‫يمكن الطالب من المحتوى العلم ّي المتناول‬ ‫النهج في التعليم ال ّ‬ ‫الطالب إىل تفكيك الما ّدة الواحدة إىل ما ّدتين أو أكثر‪ ،‬كتفكيك‬
‫لمعان النجوم وألوانها‪ ،‬تع ّرفت الطالبات فيه إىل ثاني ألمع نجم‬ ‫نق ّدم‪ ،‬في هذا القسم من المقال‪ ،‬نماذج تطبيقيّة ن ُ ّف َذت‬
‫ينفذه‬‫الصفيّة فحسب‪ ،‬بل يزيد ثقته بنفسه بما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحصة‬ ‫في‬ ‫في الجزء الشمال ّي‪ ،‬أال وهو نجم الشعرى اليمانيّة‪ .‬اتّخذ الدرس‬ ‫أكسيد الهيدروجين إىل ماء وغاز األكسجين بإضافة ما ّدة يوديد‬ ‫في فترة التعلّم عن بعد‪ ،‬وأصبحت ً‬
‫نهجا للممارسة التربويّة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫من مه ّمات تعلميّة تنفيذا نشطا‪ ،‬إذ يتجاوز التلقين السلب ّي‬ ‫مسا ًرا حوار يًّا تساءلن فيه عن سبب تسمية النجم باسمه‪،‬‬ ‫وجدت صعوبة في تصميم مه ّمة‬ ‫ُ‬ ‫البوتاسيوم‪ .‬فللوهلة األوىل‬ ‫الممتعة في تدريس ما ّدة العلوم‪ ،‬واستم ّر توظيفها بعد‬
‫والعرض العلم ّي‪ .‬كما أ ّن الترويج اإلعالم ّي لنتاجات الطالب في‬ ‫فتطوّر النقاش نحو البحث في سياقات الميثولوجيا وارتباطاتها‬ ‫للدرس‪ ،‬الفتقار بيئة الطالبات المنزليّة للمواد الكيميائيّة الالزمة‪،‬‬ ‫العودة إىل المدرسة في عمليّة التعلّم الوجاه ّي‪ ،‬وفي عمليّة‬
‫الصفوف االفتراضيّة أو في وسائل التواصل االجتماع ّي‪ ،‬يعمل‬ ‫بتسمية النجم وشهرته في قصص الشعوب القديمة‪ .‬األمر‬ ‫ولكن بعد البحث عن مجاالت استخدام الما ّدة‪ ،‬تبيّن أنّها‬ ‫التعلّم المدمج‪.‬‬
‫عىل خلق نوع جديد من التعزيز اإليجاب ّي والمعنوي ّ الذي يواكب‬ ‫ّ‬
‫وحفزني عىل‬ ‫الذي أشعل حماسهن لرصد النجم في السماء‪،‬‬ ‫تتواجد في مكوّنات صبغة الشعر‪ ،‬والتي تس ّمى تجار يًّا بما ّدة‬
‫مستج ّدات العصر عبر فضاءات مختلفة خارج الصف الدراس ّي‪.‬‬ ‫عقد نشاط خارج ّي‪ ،‬كلّ ُ‬
‫فت فيه الطالبات بالمه ّمة اآلتية‪:‬‬ ‫أما الما ّدة المضافة‬ ‫األوكسيداين المستخدمة لتفتيح الشعر‪ّ ،‬‬ ‫الصوت المسموع وغير المسموع‬
‫ •رصد نجم الشعرى اليمانيّة بالعين المج ّردة‪ ،‬بصحبة األهل‬ ‫فت الطالبات بالمه ّمة وفق‬ ‫فاستُب ِدلت بالقليل من الخميرة‪ .‬كلّ ُ‬ ‫انطالقا من درس "تر ّدد الصوت" في منهاج الصف الثامن‪،‬‬ ‫ً‬
‫واألصدقاء‪.‬‬ ‫الخطوات اآلتية‪:‬‬ ‫والذي يتط ّرق إىل أسئلة تجريبيّة‪ ،‬من مثل‪ :‬هل تستطيع أذن‬
‫أمل أبو زايد‬ ‫ •الزمان‪ 15 :‬ديسمبر الساعة التاسعة مسا ًء‪.‬‬ ‫‪ .1‬البحث في المنزل أو في صيدليّة الح ّي عن مواد التفاعل‬ ‫اإلنسان سماع األصوات جميعها؟ هل تسمع القطة أصواتًا ال‬
‫الالزمة لنشاط االنحالل‪ ،‬وهي ما ّدة األوكسيداين التي يمكن‬
‫مد ّرسة علوم‬ ‫ •المكان‪ :‬الجهة الغربيّة بالقرب من األفق‪ ،‬جنوب كوكبة‬ ‫استخالصها من صبغة الشعر‪ ،‬وخميرة‪ ،‬وصابون ّ‬ ‫نستطيع سماعها؟ ما قيمة التر ّددات للمدى المسموع لدى‬
‫ً‬ ‫جاف‬
‫فلسطين‬ ‫سابقا)‪.‬‬ ‫الجبار (من كويكبات الشتاء الشهيرة التي ُد ِرست‬ ‫اإلنسان؟‬
‫وصابون سائل‪ ،‬وكأس زجاج ّي يشبه األنبوب أو زجاجة ذات‬
‫ •شرط إضاف ّي لنجاح الرصد‪ :‬يجب أن تكون السماء صافية‬ ‫قطر صغير‪.‬‬ ‫لتنفذها الطالبات في منازلهن‪ ،‬وذلك‬ ‫مت مه ّمة عمليّة ّ‬‫ص ّم ُ‬
‫وخالية من الغيوم‪.‬‬ ‫‪ .2‬ملء ثلث الكأس باألوكسيداين‪ ،‬ثم إضافة ثالث قطرات من‬ ‫وفق الخطوات اآلتية‪:‬‬
‫ •البحث عن اسم النجم باللغة اإلنجليز يّة‪ ،‬وتقديم ّ‬
‫قصة‬ ‫الصابون السائل‪ ،‬وربع ملعقة من الخميرة‪.‬‬ ‫‪ .1‬قياس المدى المسموع لجميع أفراد األسرة باستخدام تطبيق‬
‫واحدة من قصص الشعوب القديمة حول النجم‪.‬‬ ‫‪ .3‬إجراء تفاعل االنحالل أمام أفراد األسرة‪ ،‬واإلجابة عىل‬ ‫فحص السمع عىل أجهزة "األندرويد"‪ ،‬أو من خالل فيديو‬
‫أسئلتهم‪ ،‬وتوضيح ما ت ّم مالحظته واستنتاجه‪.‬‬ ‫يعرض التر ّددات الصوتيّة من ‪ HZ 5‬إىل ‪.HZ 20000‬‬
‫ •االستعانة بتطبيق ‪ Stellarium‬لتحديد موقع النجم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ .4‬توثيق العمل في صور مرتّبة أو فيديو ترويج ّي منظم‪ ،‬يحتوي‬ ‫‪ .2‬ترتيب قيم المدى المسموع ألفراد األسرة في جدول‪.‬‬
‫قامت الطالبات برصد النجم في السماء‪ ،‬واستطاعت طالبة‬ ‫المواد واألدوات وطريقة التجربة والمالحظة واالستنتاج‪.‬‬ ‫‪ .3‬اسـتقراء البيانـات فـي الجـدول‪ ،‬وتسـجيل المالحظـات‬
‫اكتشفت الطالبات‪ ،‬من خالل هذا النشاط‪ ،‬أسماء جديدة‬ ‫واالسـتنتاجات‪.‬‬
‫للموا ّد الكيميائيّة المستعملة في المنتجات التجار يّة‪ ،‬وتع ّرفن‬ ‫‪ .4‬البحث عن إرشادات ونصائح حول سالمة األذن ووقايتها من‬
‫المراجع‬ ‫التلوّث السمع ّي‪.‬‬
‫عىل بعض استخدامات هذه الموا ّد‪ ،‬وعىل التفسيرات المصاحبة‬
‫ •سعادة‪ ،‬جودت وزمالؤه‪ .)2006( .‬التعلّم النشط بين النظر يّة والتطبيق‪ .‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪ .5‬ترتيب خطوات التجربة في تقرير أو منتج ترويج ّي رقم ّي‬
‫للتغيّرات الظاهرة أثناء أداء التجربة‪ ،‬حيث صاحب التفاعل‬ ‫(فيديو‪ ،‬بوستر)‪.‬‬
‫ •اللقاني‪ ،‬أحمد حسين‪ ،‬والجمل‪ ،‬علي أحمد (‪ .)2003‬معجم المصطلحات التربويّة المعرفيّة في المناهج وطرق‬
‫التدريس‪ .‬عالم الكتب‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪61‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪60‬‬


‫مقال‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هل أنت معلم متفهم الحتياجات طلبك؟‬
‫لمى دغمان‬

‫تتمثّل الفرضيّة األوىل في أ ّن البشر ال يلجؤون إىل العنف أو‬ ‫مع زمالئي المعلّمين والمرشدين النفسيّين‪ .‬لذا‪ ،‬أتط ّرق في هذا‬ ‫شك أ ّن المعلّمين‪ ،‬بشكل عا ّم‪ ،‬ال ّ‬
‫يتلقون مثل هذه التوبيخات‪،‬‬ ‫ال ّ‬ ‫مق ّدمة‬
‫السلوك السلب ّي ّإل عندما يعجزون عن الوصول إىل استراتيجيّات‬ ‫المقال إىل توضيح مفهوم التواصل التعاطف ّي‪ ،‬ث ّم أعرض تجربة‬ ‫توصلنا نحن‪-‬‬
‫طلبهم‪ .‬ولكن‪ ،‬ماذا لو ّ‬‫غير أنّهم قد يو ّجهونها إىل ّ‬
‫أكثر فعاليّة لتلبية احتياجاتهم (روزنبرج‪ .)2008 ،‬إذا ما أسقطنا‬ ‫أنموذجيّة‪ ،‬أستخلص من خاللها بعض المقوّمات التي يمتاز بها‬ ‫المعلّمين‪ -‬إىل عالقة جيّدة مع ّ‬
‫طلبنا‪ ،‬نستند بها إىل التواصل‬ ‫نجد بعض المعلّمين‪ ،‬في كثير من الممارسات التربويّة‪ ،‬يطلقون‬
‫طلبنا‪ ،‬نجد أطفالنا في المدارس‬ ‫هذا االفتراض عىل تعاملنا مع ّ‬ ‫هذا النوع من التواصل‪.‬‬ ‫الف ّعال الخالي من التأنيب والتعنيف النفس ّي أو الجسديّ‪،‬‬ ‫أحكاما مسبقة عىل ّ‬ ‫ً‬
‫طلبهم دون إدراك الضغوطات النفسيّة‬
‫بحاجة إىل معلّم يو ّجههم لتحديد احتياجاتهم والتعبير عنها‬ ‫ً‬
‫تواصل مبنيًّا‬ ‫ونبتعد بها عن إطالق األحكام المسبقة‪ ،‬فنبني‬ ‫واالجتماعيّة التي يواجهونها في حياتهم اليوميّة‪ ،‬ما ينعكس‬
‫بصورة إيجابيّة‪ ،‬وتلبيتها بطريقة مرنة دون اللجوء إىل العنف‪.‬‬ ‫مفهوم التواصل التعاطف ّي‬ ‫عىل فهم مكنونات الطرف اآلخر وحاجاته‪ ،‬ذاك التواصل الذي‬ ‫برمتها‪.‬‬
‫بطلبه‪ ،‬ويعرقل العمليّة التربويّة ّ‬‫سل ًبا عىل عالقة المعلّم ّ‬
‫سلوكا ً‬
‫عنيفا تعبي ٌر عن احتياجات‬ ‫ً‬ ‫فسلوك الطفل في المدرسة‬ ‫أطلق عليه روزنبرج (‪" )2008‬التواصل الالعنيف" أو "التواصل‬ ‫الصف؟ هل‬‫ّ‬ ‫وهنا نسأل‪ :‬ماذا لو انعكست األدوار داخل غرفة‬
‫إما لخوفه أو لعجزه أو لعدم‬ ‫داخليّة ال يستطيع التعبير عنها‪ّ ،‬‬ ‫يع ّرف روزنبرج (‪ )2008‬التواصل التعاطف ّي بأنّه‪" :‬ليس طريقة‬ ‫التعاطف ّي"‪.‬‬ ‫سبق ألحدكم أن سمع من أحد ّ‬
‫طلبه تعبي ًرا مهينًا‪ ،‬من مثل‪:‬‬
‫قدرته عىل إيجاد شخص يساعده في ذلك‪.‬‬ ‫إلنهاء خالف‪ ،‬وإنّما طريقة مص ّممة للتواصل غير العنيف‪،‬‬ ‫المبال"‪ ،‬أو غيرها‬
‫ٍ‬ ‫"أنت معلّم غب ّي"‪ ،‬أو "أنت أنان ّي"‪ ،‬أو "أنت‬
‫لزيادة التعاطف وتحسين نوعيّة حياة أولئك الذين يستخدمون‬ ‫ً‬
‫انطالقا من أه ّميّة تأهيل المعلّمين من الناحية النفسيّة‬ ‫ً‬
‫أحكاما مسبقة عنك من‬ ‫من الكلمات التي تحمل في طيّاتها‬
‫أما الفرضيّة الثانية‪ ،‬وهي الفرضيّة األكثر أهميّة‪ ،‬فتتمثّل في‬ ‫ّ‬ ‫هذه الطريقة واألشخاص من حولهم" (ص ‪ .)6‬أثارت اهتمامي‬ ‫واألكاديميّة‪ ،‬وتوجيههم نحو التعامل التربوي ّ المناسب مع‬ ‫دون النظر في حالتك النفسيّة أو في حاجاتك الراهنة أو في‬
‫اعتبار أثر التصنيفات السلبيّة مثل "كسول" و"غب ّي" أكثر‬ ‫فرضيّتان من الفرضيّات التي يستند إليها المفهوم‪ ،‬إذ تالمسان‬ ‫األطفال القادمين من بيئات مختلفة‪ ،‬كان الهدف المباشر من‬ ‫واقعك الحيات ّي؟‬
‫وضو ًحا من أثر التصنيفات اإليجابيّة أو المحايدة‪ ،‬إذ إ ّن األخيرة‬ ‫عمق مجالنا التربوي ّ وطريقة تعاملنا مع ّ‬
‫طلبنا‪.‬‬ ‫المقال مشاركة تجربتي الشخصيّة في مجال التواصل التعاطف ّي‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪63‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪62‬‬


‫عادة مع ّ‬
‫طلبي‪ ،‬وإىل اتباع منهج التواصل التعاطف ّي معهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التعاطف ّي مبن ّي عىل فهم احتياجات الطرف اآلخر والتعامل‬ ‫من النشاطات المنعقدة في الورشة التدريبيّة‪ ،‬من أجل توضيح‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫تح ّد من إدراكنا لمجمل كيان اآلخر (روزنبرج‪ .)2008 ،‬وبالتالي‪،‬‬
‫معه بأسلوب مرن‪ ،‬بغية الوصول إىل ّ‬
‫حل يرضي الطرفين‪.‬‬ ‫الجانب التطبيق ّي للتواصل التعاطف ّي‪.‬‬ ‫تكمن مه ّمتنا نحن‪ -‬المعلّمين‪ -‬في تعاطفنا مع حاجات ّ‬
‫طلبنا‬
‫ال ب ّد من اإلشارة إىل أ ّن التجربة التي خضتُها في الورشة التدريبيّة‬ ‫ومساعدتهم في التعبير عنها‪ ،‬بدل إصدار األحكام المسبقة‬
‫المشار إليها‪ ،‬ارتبطت ارتباطًا مباش ًرا بما تشير إليه مقوّمات‬ ‫بنا ًء عليه‪ ،‬يمكننا القول إنّه ينبغي عىل المعلّمين مراعاة‬ ‫نشاط التقييم‪ :‬إطالق األحكام السلب ّية المسبقة‬ ‫عليهم أو توبيخهم عىل تقصيرهم في أداء المه ّمات‪.‬‬
‫التقدير الثالثة في منهاج التواصل التعاطف ّي‪ ،‬والتي تكمن‬ ‫مقوّمات التواصل التعاطف ّي‪ ،‬حيث إ ّن ّ‬
‫كل تواصل مبن ّي عىل‬ ‫الطلب‪ّ ،‬‬
‫فتلقينا‬ ‫طُلِب في هذا النشاط من المعلّمين تأدية دور ّ‬
‫في‪ :‬األفعال التي أسهمت في تحقيق سعادتنا‪ ،‬واحتياجاتنا‬ ‫المالحظة‪ ،‬وال ب ّد من مالحظة سلوك المتعلّم وتجنّب تقييمه‬ ‫عبارات سلبيّة من المد ّربة‪ ،‬وقد وصلتني عبارة "أنت شخص‬ ‫يق ّدم دليل اليونيسف "مبادرة تعليم المهارات الحياتيّة‬
‫المح ّددة التي ت ّمت تلبيتها‪ ،‬والمشاعر السا ّرة الناتجة عن تلبية‬ ‫ً‬
‫معرفة‬ ‫بإصدار األحكام المسبقة عليه‪ ،‬ومن معرفة حاجته‬ ‫صدمت بها‪ ،‬إذ كنت طوال الورشة‬ ‫ُ‬ ‫أنان ّي" مكتوبة عىل ورقة‪،‬‬ ‫والمواطنة في الشرق األوسط وشمال إفريقيا" (‪ )2005‬مهارة‬
‫االحتياجات (روزنبرج‪.)2008 ،‬‬ ‫صريحة وواضحة‪ ،‬لنكون قادرين في ما بعد عىل ّ‬
‫حث التلميذ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شخصا متعاونًا وأبدي تواصل ف ّعال مع الجميع‪ ،‬غير أ ّن العبارة‬
‫ً‬ ‫التواصل عىل أنّها واحدة من المهارات االثنتي عشرة األساسيّة‬
‫عىل اإلفصاح عن حاجته بأسلوب الئق (روزنبرج‪.)2008 ،‬‬ ‫كانت بمثابة حكم مسبق ومفاجئ‪ ،‬أثّر في شعوري‪ ،‬وسبّب لي‬ ‫ً‬
‫مهارة‬ ‫الطلب عليها‪ ،‬ويعتبرها‬‫ّ‬ ‫التي ينبغي تعليمها وتعويد‬
‫خاتمة‬ ‫التوتّر والحزن الشديد‪ ،‬وأفقدني التركيز والتواصل مع اآلخرين‪،‬‬ ‫رئيسة من مهارات الحياة التي يحتاجها الطفل في المدرسة‬ ‫ً‬
‫نشاط التواصل الرحيم‪ :‬فهم احتياجات الطرف اآلخر‬ ‫وأشغلني بالبحث عن إجابات كثير من األسئلة‪ :‬لماذا قالت لي‬ ‫وخارجها‪ .‬ووفق الدليل نفسه‪ ،‬تسهم مهارة التواصل في تعزيز‬
‫نستنتج م ّما سبق‪ ،‬أ ّن عىل المعلّمين مساعدة المتعلّمين‬ ‫تض ّمن النشاط كتابة عبارات إيجابيّة ومالحظات داعمة وصفات‬ ‫المد ّربة ذلك؟ وما الذي فعلتُه؟ وكيف تسمح لنفسها أن تقول‬ ‫تقدير الشخص لذاته‪ ،‬وهي ذات صلة بالمجتمع‪ ،‬حيث تعزّز‬
‫في تحقيق ذواتهم وتقوية ثقتهم بأنفسهم‪ ،‬وتشجيعهم عىل‬ ‫جميلة الحظها ّ‬
‫كل متد ّرب في أحد زمالئه خالل أيّام التدريب‪،‬‬ ‫لي ذلك؟ وما الذي عل َّي فعله لتغيير نظرتها السلبيّة؟ وماذا‬ ‫إدارة العالقات وكسب الصداقات والحفاظ عليها‪ .‬وتع ّد مهارة‬
‫التعبير ع ّما يشعرون به وع ّما يريدونه ويحتاجون إليه داخل‬ ‫عىل أن تُكتَب العبارات في رسالة يأخذها الزميل معه إىل منزله‪،‬‬ ‫سيقول زمالئي عنّي؟‬ ‫التواصل جز ًءا أساسيًّا في عملية التعلّم‪ ،‬نظ ًرا لتنميتها قدرات‬
‫فضل عن تأهيلهم لما بعد المدرسة‬ ‫ً‬ ‫الصف وخارجها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫غرفة‬ ‫ليعبّر عن مشاعره تجاهها في اليوم التالي من التدريب‪ .‬تمثّل‬ ‫التح ّدث الف ّعالة واإلصغاء النشطـ‪ ،‬فيقتضي التواصل مشاركة‬
‫أشخاصا فاعلين وقادرين عىل التخطيط لمستقبلهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ليكونوا‬ ‫هدف النشاط في فهم مدى التأثير الذي تخلّفه العبارات‬ ‫ّ‬
‫المتلقاة‪ ،‬إذ كانت عبارات‬ ‫ُص ِدم جميع المتد ّربين بالعبارات‬ ‫المعنى من خالل تبادل المعلومات والفهم المشترك‪ .‬في حين‬
‫باإلضافة إىل تحديد ما يريدونه والعمل عىل تحقيق أهدافهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الصف‪ ،‬إثر‬ ‫اإليجابيّة في نفوس ّ‬
‫الطلب إذا ما ُو ِّجهت إليهم في‬ ‫سلبيّة‪ ،‬وبعد قراءتنا لها‪ ،‬طلبت المد ّربة أن نكتب ردود أفعالنا‪.‬‬ ‫نجد أ ّن الدليل نفسه يع ّرف التعاطف بأنّه القدرة عىل فهم‬
‫يتوقف التواصل التعاطف ّي عىل عالقة المعلّمين ّ‬
‫بطلبهم‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫فهم احتياجاتهم وتوجيههم نحو التعبير عنها‪.‬‬ ‫كانت الردود مختلفة‪ ،‬فبعضنا اكتفى بالصمت وبدت عليه‬ ‫مشاعر اآلخرين ومعايشتها دون إصدار أحكام عليها‪.‬‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما يتع ّداه إىل عالقاتهم فيما بينهم‪ ،‬وإىل عالقاتهم‬ ‫مشاعر الحزن والتوتّر‪ ،‬وبضعنا أبدى غضبه ورفض العبارة‬
‫عام ًة‪ ،‬ليكون منهج‬
‫باإلدارة التربويّة وبأولياء األمور وبالمجتمع ّ‬ ‫كان النشاط ً‬
‫كفيل بتحويلنا إىل أطفال عىل مقاعد الدراسة‪ ،‬لما كان‬ ‫المو ّجهة إليه‪ ،‬فدخل في مشا ّدات كالميّة مع المد ّربة‪ ،‬وطلب‬ ‫تجربة شخص ّية ونشاطات تطبيق ّية‬
‫يمكن الجميع من تحقيق‬ ‫ً‬
‫تواصل إيجابيًّا‪ّ ،‬‬ ‫حياة يضمن للجميع‬ ‫تلقيت شخصيًّا‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫أبطال حالمين‪.‬‬ ‫للكلمات الداعمة أن تجعل منّا‬ ‫حقه‪ ،‬في حين أ ّن‬‫إليها االعتذار ع ّما أبدته من إساءة في ّ‬
‫احتياجاتهم‪.‬‬ ‫عميقا في نفسي‪ ،‬كان‬‫ً‬ ‫ْ‬
‫تركت أث ًرا‬ ‫ثالث عبارات إيجابيّة داعمة‪،‬‬ ‫مجموعة من المعلّمين انفعلوا كثي ًرا إىل الح ّد الذي و ّجهوا فيه‬ ‫كانت لي مشاركة مؤثّرة في حياتي المهنيّة في سور يّة مع‬
‫أكثرها تأثي ًرا العبارة اآلتية‪" :‬طموحك وإصرارك سيجعالن منك‬ ‫أسوأ األحكام إىل المد ّربة‪.‬‬ ‫منظّمة اإلسعاف األول ّي الفرنسيّة‪ ،‬وبالتعاون مع وزارة التربية‬
‫الحظت أنّك‬
‫ُ‬ ‫ناجحا ال يقف شيء أمام تحقيق أحالمه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شخصا‬ ‫السور يّة‪ ،‬ضمن ورشة تدريبيّة بعنوان "تواصل ال عنيف"‪،‬‬
‫لمى دغمان‬ ‫شخص نشيط ومجتهد‪ ،‬يبحث عن التميّز‪ ،‬وشعرت أنّك تملكين‬ ‫في نهاية النشاط‪ ،‬فتحت المد ّربة األوراق المو ّجهة إليها‪،‬‬ ‫استهدفت معلّمين ومرشدين نفسيّين‪ ،‬بهدف تأهيلهم نفسيًّا‬
‫وحماسا يدفعك إىل التحليق عال ًيا بأهدافك وطموحك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شغفا‬ ‫متعجبة م ّما كتبه المتد ّربون‪ ،‬معلّ ً‬
‫قة إن كنّا ال نتقبّل‬ ‫ّ‬ ‫وضحكت‬ ‫ومعنويًّا‪ ،‬وتشجيعهم ليكونوا رحيمين ومتف ّهمين وقادرين‬
‫مد ّرسة لغة عربيّة‬
‫أطلب منك المثابرة واالجتهاد للوصول إىل ما ترغبين به"‪.‬‬ ‫نحن‪ -‬المعلّمين‪ -‬ما تلقيناه من أحكام سلبيّة‪ ،‬فكيف بالتالميذ‬ ‫عىل التعامل مع األطفال المعنّفين واألطفال القادمين من‬
‫سور يّة‬ ‫والمشجعة ه ّمتي‪ ،‬ودفعتني‬
‫ّ‬ ‫شحذت هذه العبارات الداعمة‬ ‫بعضا من‬ ‫ً‬
‫ذاكرة أمامنا ً‬ ‫يتلقون مثل هذه العبارات يوميًّا‪،‬‬‫الذين ّ‬ ‫مناطق الصراع في سور يّة‪ُ .‬ع ِقد هذا التدريب في سبيل رفع‬
‫إىل إعادة التفكير في كثير من أساليب التعليم التي أعتمدها‬ ‫كل يوم في مدرسته‪" :‬أنت‬ ‫العبارات التي يتع ّرض إليها الطالب ّ‬ ‫كفاءة المعلّم الذاتيّة وكفاءته االجتماعيّة والعاطفيّة‪ ،‬وتأهيله‬
‫ما بتفهم‪ ،‬ما في منك أمل‪ ،‬مستقبلك شخص فاشل‪ ،‬رفقاتك‬ ‫ألوقات األزمات والصراعات‪.‬‬
‫أشطر منك‪ ،‬أنت جاي من الشارع‪ ،‬أنت واحد غبي‪ ،‬أنت ما‬
‫قادر تتعلّم"‪ ...‬وغيرها من العبارات المح ِبّطة التي تعلق في‬ ‫تضع التجربة المعلّم في موقع التلميذ عىل مقاعد الدراسة‪،‬‬
‫المراجع‬ ‫أشخاصا انهزاميّين وعاجزين عن التعبير عن‬ ‫ً‬ ‫ذاكرتهم وتجعلهم‬ ‫عامل بها التلميذ‪ ،‬ليدرك‬‫عامل المعاملة نفسها التي ي ُ َ‬ ‫وي ُ َ‬
‫ّ‬
‫شعورهم‪ ،‬فترافقهم المشاعر السلبيّة وتؤثر في تواصلهم مع‬ ‫طلبه التي يجاهدون في التعبير عنها‪،‬‬‫المعلّم جيّ ًدا احتياجات ّ‬
‫ •روزنبرج‪ ،‬مارشال بي‪ .)2008( .‬التواصل غير العنيف لغة حياة‪ .‬مكتبة جرير‪.‬‬ ‫أقرانهم ومعلّميهم‪.‬‬ ‫لعدم حيازتهم أساليب التعبير الصحيحة‪ ،‬أو بسبب ضغوطات‬
‫ •اليونيسف‪ .)2015( .‬دليل مبادرة تعليم المهارات الحياتيّة والمواطنة في الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪https:// .‬‬ ‫نفسيّة وصدمات تع ّرضوا لها‪ ،‬فجعلتهم عاجزين عن التعبير‬
‫‪20%20Programmatic%20and%20Conceptual%file/LSCE/6146/www.unicef.org/mena/media‬‬
‫بحق ّ‬
‫طلبه‪ ،‬وإىل‬ ‫أ ّدى هذا النشاط ّ‬
‫بكل معلّم إىل مراجعة أخطائه ّ‬ ‫بصورة صحيحة ومباشرة‪ .‬ارتكزت معظم النشاطات عىل وضع‬
‫‪pdf.20%Framework_AR.pdf‬‬ ‫استحضار ما أسعفته ذاكرته من مواقف سلبيّة م ّر بها خالل‬ ‫المعلّمين تحت ضغوطات نفسيّة ومعنويّة‪ ،‬لمحاكاة البيئة‬
‫مسيرته التعليميّة‪ ،‬تمنّى لو عاد به الزمن لتجاوزها‪ .‬فالتواصل‬ ‫الطلب‪ .‬أتط ّرق في ما يلي إىل نشاطين‬‫الصفيّة التي يعيشها ّ‬‫ّ‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪65‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪64‬‬


‫ّ‬
‫بسجل الطالب السلوك ّي وفق تواريخ‬ ‫‪ .5‬االحتفاظ‬ ‫عوض االستماع إىل ما ارتكبه األبناء من‬‫اإليجابيّة عن أبنائهم‪َ ،‬‬
‫واضحة ومالحظات داعمة‬
‫غال ًبا ما تتغاضى األسرة عن عدد من السلوكيّات الفظّة أو‬
‫أخطاء والعقوبات التي ستفرض عليهم‪ .‬لذا‪ ،‬يقتضي إرساء‬
‫مبادئ الثقة بين المعلّم واألسرة إيجا َد نوع من التوازن في‬
‫مقال‬
‫التواصل‪ ،‬مثل إجراء مكالمة هاتفيّة لإلشادة بإنجاز ّ‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫ّ‬
‫الغريبة التي يأتيها أبناؤهم‪ ،‬وذلك ألسباب متع ّددة‪ ،‬غير أنّه‬ ‫حققه‬
‫مختلفا إن وضعت‬‫ً‬ ‫يمكن لمثل هذه السلوكيّات أن تأخذ بُع ًدا‬
‫صف يض ّم أكثر من عشرين طال ًبا‪ .‬عندما يجتمع‬
‫المعلّم مع أفراد األسرة ويسلّط الضوء عىل حادثة أو سلوك‬
‫في سياق ّ‬
‫الطالب‪ ،‬أو إرسال ملحوظة في دفتر التواصل اليوم ّي تسهم‬
‫في رفع معنويّات الطالب وأسرته‪ .‬تشير هذه المقاربة إىل أ ّن‬
‫كل ما يفعله الطالب‪ ،‬سوا ًء أكان ً‬
‫فعل عشوائيًّا‬ ‫المعلّم يالحظ ّ‬
‫فن إدارة الحوار مع أولياء األمور‬
‫معيّن أ ّدى إىل توبيخ الطالب أو لفت نظره إىل عواقب معيّنة‪،‬‬ ‫ً‬
‫لطيفا يُح َمد عليه‪.‬‬ ‫ً‬
‫سلوكا إنسانيًّا‬ ‫أم‬
‫من المه ّم أن يشاركهم المعلّم مالحظاته حول هذه السلوكيّات‬
‫فاطمة الطرابلسي‬
‫دقة وشفافيّة‪ .‬يمكن أن يساعد‬ ‫سلفا كي يجعل الحوار أكثر ّ‬ ‫ً‬ ‫‪ .3‬إظهار االهتمام‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ث ّمة سؤال ال ب ّد من الوقوف عنده‪ :‬ماذا يعرف األهالي عن‬
‫األهل في تغيير منظورهم عن ابنهم‬
‫ً‬
‫سجل الطالب السلوك ّي‬
‫المعلّم قبل االجتماعات الدور يّة؟ معظم األهالي يتعاملون مع‬
‫‪ .1‬المحافظة عىل الهدوء أثناء االجتماع‬ ‫مق ّدمة‬
‫فضل عن تثبيت فكرة‬ ‫أو ابنتهم والتعامل مع األمور بحياديّة‪،‬‬ ‫قبل الشروع في أي ّ حوار مع األهالي ال ب ّد من العودة إىل الهدف‬
‫التعاون بين األهل والمدرسة من أجل مساعدة الطالب عىل‬ ‫جداول زمنيّة أليّام قليلة في األسبوع ال تظهر شخصيّة المعلّم‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة التربويّة واألسرة‪ ،‬أال وهو مساعدة‬ ‫ّ‬ ‫المشترك بين‬ ‫ً‬
‫عادة‬ ‫مع اقتراب موعد االجتماعات الدور يّة مع أولياء األمور‪،‬‬
‫استعادة توازنه العاطف ّي والنفس ّي واألكاديم ّي‪.‬‬ ‫الطلب وقدر اهتمامه بهم‪.‬‬ ‫أو صفاته أو كيفيّة تعامله مع‬ ‫ما يرتفع مستوى الضغط عىل المعلّمين والمعلّمات نتيجةَ‬
‫الطالب عىل التطوّر وتنمية مهاراته وتثبيت شعوره باالنتماء إىل‬
‫لذا‪ ،‬من المحبّذ أن يؤ ّدي المعلّم بعض التص ّرفات التي تظهر‬
‫محيطه األسري ّ والتربوي ّ‪ .‬عندما يتعامل المعلّم مع أحد أفراد‬ ‫إعداد األوراق وتحضير األفكار للحوار‪ ،‬واالستعداد لكيفيّة سير‬
‫‪ .6‬إنشاء مكتبة لألهالي في قاعات االنتظار‬ ‫شخصيّته واهتماماته‪ ،‬مثل استضافة األهالي قبل الدخول‬
‫األسرة‪ ،‬نقترح عليه المحافظة عىل هدوئه وحضوره المتّزن‪،‬‬ ‫االجتماع مع األهالي‪ ،‬ال سيّما حين يتواجد عدد من ّ‬
‫إىل قاعة االجتماعات‪ ،‬أو مشاركة األهالي بعض العروض‬ ‫الطلب من‬
‫قد يبدو االقتراح غير منسجم مع بقيّة االقتراحات السالفة‬ ‫ً‬
‫مأخذا شخصيًّا‪ ،‬وال‬ ‫واأله ّم من ذلك ّأل يأخذ المعلّم كالم األهل‬ ‫ذوي الصعوبات السلوكيّة باختالف أنواعها ومستوياتها‪ ،‬سوا ًء‬
‫حول إدارة الحوار مع األهالي‪ ،‬غير أ ّن مبادرة المدرسة في‬ ‫التقديميّة التي من شأنها أن ترسم صورة واضحة عن البيئة‬
‫ّ‬ ‫الصف‪ ،‬والتي ّ‬ ‫ّ‬ ‫سيّما إذا بدا أي ّ انفعال لديهم‪ .‬فاألسرة تشعر أحيانًا باإلحباط‬ ‫بنواح انفعاليّة كضعف القدرة‬ ‫بنواح أكاديميّة أم‬ ‫أكانت متّصلة‬
‫تأسيس مكتبة في قاعات االنتظار‪ ،‬أو تخصيص كتب الفتة في‬ ‫الطلب‬ ‫تحفز بدورها‬ ‫التعلّميّة الموجودة في‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إذا أن ّ‬ ‫عىل التفكير والتعلّم والسلوك السليم‪ .‬من المفيد ً‬ ‫أو التوتّر أو قلّة الحيلة إزاء سلوك أبنائها‪ ،‬ولذا‪ ،‬ال ب ّد من بناء‬ ‫شك‬ ‫عىل ضبط الذات أم بغير ذلك من نواح‪ .‬وأيًّا يكن‪ ،‬فما من ّ‬
‫المكتبة تتناول موضوعات تهت ّم بسلوك األطفال في مراحل‬ ‫يشجع‬ ‫ٍ‬
‫المعلّم األس َر عىل التواصل معه ً‬ ‫ثقافة مشتركة بين المعلّم واألسرة لمناقشة سلوك الطالب‪،‬‬ ‫في أ ّن هذه االجتماعات تحتاج استعدا ًدا مغاي ًرا عىل الصعيد‬
‫عمر يّة مختلفة‪ ،‬من شأنه أن يعزّز وعي األهالي لما يمكن أن‬ ‫دائما‪ ،‬مع ضرورة إدماج بعض‬
‫ومن التركيز عىل هذه الشراكة في معالجة الصعوبات السلوكيّة‬ ‫النفس ّي والمهن ّي والمدرس ّي‪.‬‬
‫يتط ّرق إليه المعلّم من قضايا سلوكيّة أثناء االجتماعات‪ .‬من‬ ‫المعطيات الشخصيّة من حين إىل آخر‪ ،‬كتصريحه بأ ّن له ابنًا‬
‫هنا تسهم هذه المبادرة بخلق ثقافة تفاعليّة إيجابيّة بين جميع‬ ‫يدل عىل مدى إدراكه طبيعة سلوك‬ ‫طلبه‪ ،‬ما ّ‬
‫أو ابنة من عمر ّ‬ ‫ومتابعتها‪.‬‬
‫األطراف المعنيّة بالطالب داخل المدرسة وخارجها‪ ،‬ال سيّما‬ ‫مثل‪ .‬هذا النوع من التفاصيل‬ ‫األطفال في هذه الفئة العمر يّة ً‬ ‫في هذا المقال نقترح خطّة واضحة وفق خطوات متسلسلة‬
‫أ ّن معظم أفراد األسر ال تتسنّى لهم الفرصة للبحث عن كتب‬ ‫من شأنه أن يبني جس ًرا للتواصل ويخلق حلقة وصل مه ّمة بين‬ ‫‪ .2‬بناء الثقة‬ ‫تضمن التطبيق السريع واالستعداد المالئم لهذه المناسبات‬
‫دائما إىل ّ‬
‫تلقي األخبار الجيّدة والمراسالت‬ ‫ً‬ ‫يتوق األهالي‬ ‫المدرسيّة‪.‬‬
‫كاف للقراءة‪.‬‬
‫معيّنة‪ ،‬أو ال يكون لديهم وقت ٍ‬ ‫المعلّم واألهالي‪.‬‬

‫خاتمة‬ ‫‪ .4‬االعتراف بالخطأ‬


‫هائل من المسؤوليّات داخل‬ ‫ثقيل وعد ًدا ً‬
‫إ ّن تح ّمل المعلّم عبئًا ً‬
‫ّ‬
‫تظل االجتماعات الدور يّة مع أولياء األمور فترة دقيقة تحمل‬ ‫الصف وخارجه قد يؤثّر في متابعته بعض األمور التي ّ‬
‫تخص‬ ‫ّ‬
‫حققه الطالب من نجاحات‬ ‫بعضا من التفاؤل لما ّ‬
‫في طيّاتها ً‬ ‫الطالب‪ ،‬فإذا أفصح أحد أفراد األسرة عنها‪ ،‬يكون اإلجراء األنسب‬
‫أكاديميّة‪ ،‬كما يمكن أن تشير إىل شيء من التر يّث إلعادة ترتيب‬ ‫أن يشرح المعلّم الموقف لألهل ويستمع إىل ما يقال‪ ،‬ويناقش‬
‫ّ‬
‫الطلب‬ ‫األولويّات وخلق االستراتيجيّات المناسبة لمساعدة‬ ‫األمر معهم‪ ،‬كما يستدعي ذلك إدارة المدرسة إىل متابعة األمر‬
‫واألسر‪ ،‬لوضع خطّة عمل تسمح لهم بالمضي ً‬
‫قدما‪ ،‬وتحقيق‬ ‫قصر المعلّم في جانب معيّن‪،‬‬ ‫ومشاركة النتائج مع األسرة‪ .‬إذا ّ‬
‫كل حسب حاجته‪ .‬ومن المه ّم كذلك‬ ‫النجاحات المرجوّة‪ّ ،‬‬ ‫فال ب ّد من تجاوزه‪ ،‬كما يجب االقتناع بأ ّن االعتذار ّ‬
‫يدل عىل قوّة‬
‫نتذكر أ ّن هذه االجتماعات هي قنوات تواصل ومشاركة‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫شخصيّة المعلّم‪ ،‬وعىل وعيه بوجود مساحات قابلة للتحسين‬
‫فعليّة‪ ،‬أساسها الحرص عىل ما هو أفضل ألبنائنا‪ ،‬داخل الصفّ‬ ‫والتطوير‪ ،‬فالمعلّمون ليسوا معصومين عن الخطأ‪ ،‬وإذا وجب‬
‫كل األطراف المتعاونة عىل‬ ‫وخارجه‪ ،‬وغايتها خلق تناغم بين ّ‬ ‫االعتذار فليكن‪.‬‬
‫تنشئة األبناء وإرشادهم‪.‬‬

‫فاطمة الطرابلسي‬
‫مستشارة بيداغوجيّة‬
‫تونس‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪67‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪66‬‬


‫منشور حديث لها إىل أ ّن "االختبارات وغيرها من الوضعيّات"‬ ‫ضت للضغط‬ ‫طفلهم‪ ،‬بدال ً من التركيز عىل العالمات‪ .‬وإذا تع ّر ُ‬
‫الطلب أفضل النتائج‪ ،‬بسبب‬ ‫ّ‬ ‫حقق لدى‬‫التي اعتُمدت "لن ت ُ ّ‬
‫ضيق وقتها وارتكازها عىل الحفظ"‪ .‬اعتدنا في ما ّدة الرياضيّات‬
‫ألبوح بدرجة أحدهم‪ ،‬فأجيب‪" ،‬نال ديفون درجة ‪ 35‬من أصل‬
‫‪ 42‬في تقييمه األخير‪ ،‬وأوصيه بأن يتد ّرب عىل أداء العوامل‬
‫مترجم‬ ‫مقال‬
‫في مدرستي الثانويّة عىل سياسة إعادة االختبار في نصف العام‬
‫ّ‬
‫محل العالمة األدنى التي نالها الطالب‬ ‫ّ‬
‫لتحل درجته‬ ‫الدراس ّي‪،‬‬
‫األوليّة ليكون مستع ًّدا بشكل أفضل في الفصل اآلتي"‪ .‬ربّما‬
‫يكون هذا األمر ُخدعة حسابيّة‪ ،‬ولكن َمنْح عالمة ‪ 35‬من أصل‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫في اختبارات سابقة‪ .‬فإذا لم يكن لدى مدرستك سياسة إعادة‬
‫اختبار‪ ،‬فا ْد ُع إىل اتباع إحداها‪ ،‬أو أب ِدع في فصلك الدراس ّي طرق‬
‫إعادة االختبار من أجل التعلّم‪ ،‬ال من أجل استبدال العالمة‪.‬‬
‫‪ 42‬يقلّل من التركيز عىل التقصير غير ال ُمب ّرر الذي قد يُصاحب‬
‫نيل العالمة المتدنية‪.‬‬ ‫‪ 5‬طرق‬
‫‪ِّ .2‬‬
‫تجعل‬
‫أخ ْر تقدير العالمة‬
‫‪ .5‬اِسمح بالتقييم الذات ّي‬ ‫صادفت هذه الفكرة أل وّل م ّرة في منشور ضمن ُمدوّنة‬ ‫ُ‬
‫غال ًبا ما أسمع احتجا ًجا‪ ،‬كوني مد ّر ًسا في المرحلة الثانويّة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫الطلب عىل إيالء المزيد‬ ‫"كريستي الودن" حول كيفيّة ّ‬
‫حث‬

‫التعلّم‬
‫الطلب للدراسة‬ ‫"إذا لم نمنح العالمات التقليديّة‪ ،‬فهل نُع ّد ّ‬ ‫بدل من العالمات‪.‬‬ ‫من االهتمام حول مالحظات المعلّمين‪ً ،‬‬
‫الجامعيّة؟" بطبيعة الحال‪ ،‬ال يمكننا التنبّؤ بما سيواجهه أطفالنا‬ ‫لينصب تركيز الطّالب‬
‫ّ‬ ‫تقول الودن‪ّ :‬‬
‫"أخ ْر تسليم التقدير الفعل ّي‬
‫في التعليم ما بعد الثانويّ‪ ،‬ولكن يبدو أ ّن هناك تو ّج ًها نحو‬ ‫عىل المالحظات بدل العالمة"‪ .‬لقد ج ّربت هذه االستراتيجيّة‬
‫"عدم تقدير العالمات" لدى بعض أساتذة الجامعات‪ .‬وأشار‬ ‫بمساعدة أحد ُمد ّرسي الرياضيات‪ ،‬حيث وضعنا في فصولنا‬

‫أولويّة‬
‫مقال صدر عام ‪ 2019‬إىل أ ّن هناك "أسبابًا تربويّة وجيهة‬ ‫الدراسيّة العالمات المعتادة والمالحظات الموجزة عىل‬
‫لـعدم تقدير العالمات‪ ،‬وردت في نتائج المقال‪ ،‬تشير إىل أ ّن‬ ‫سجل أي ّ خصم للدرجات أو أي ّ عالمة في‬ ‫االختبارات‪ ،‬لكنّنا لم ن ُ ِّ‬
‫العالمات تلعب دو ًرا عرضيًّا في التحفيز‪ ،‬وتُقلّل من االستمتاع‬ ‫االختبار نفسه‪ ،‬وحين وزّعنا أوراق االختبارات عىل ّ‬
‫الطلب‪ ،‬طلبنا‬
‫بالتعلّم‪ ،‬وتزيد من مخاوف الفشل‪ ،‬باإلضافة إىل أنّها ليست‬
‫الطلب‪ .‬واستنا ًدا إىل أبحاث‬
‫ً‬
‫ّ‬ ‫مقياسا جيّ ًدا لتعلّم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫بالضرورة‬
‫أخرى‪ ،‬فقد تبيّن أن الطلب عرضة دائما للتفاقم المفرط"‪.‬‬
‫منهم النظر فيها وإجراء التصحيحات‪ ،‬ولم نناقش الدرجات‪،‬‬
‫إثر مساعدتهم في إجراء التصحيحات‪ ،‬وإنّما اكتفينا بمناقشة‬
‫المفاهيم والتعقيبات‪ .‬أثار هذا األمر غضب األطفال في البداية‪،‬‬
‫ّ‬
‫الطلب‬
‫يركزون عىل أدائهم الفعل ّي‪ ،‬وكنت‬ ‫ولكن مع مرور الوقت بدأوا ّ‬
‫يمكن للمعلّمين مواجهة بعض هذه اآلثار الضا ّرة للعالمات‬ ‫كل طالب بمفرده‪ ،‬بنا ًء عىل طلبه بعد يوم واحد‪،‬‬ ‫أجتمع مع ّ‬
‫الطلب مسؤوليّة تقييم أنفسهم‪ .‬فعندما‬ ‫ّ‬ ‫من خالل تحميل‬ ‫في حال أراد معرفة عالماته‪ ،‬إذ تبقى مسألة تعيين العالمات‬ ‫كريستال فرومرت‬
‫الطلب بإنجاز مشروع وفق نموذج تقييم ّي‪ ،‬اطلب منهم‬ ‫تُكلّف ّ‬ ‫مطل ًبا دراسيًّا‪.‬‬
‫خصص دقيقة لالجتماع معهم‬ ‫الخاص بهم‪ ،‬ثم ّ‬‫ّ‬ ‫تعبئة النموذج‬
‫وجدت عد ًدا من المعلّمين في مدرستي يشاطرونني سأمي من‬ ‫ُ‬ ‫عندما يُعيد المعلّمون إجراء االختبارات ّ‬
‫لطلبهم‪ ،‬ويُغيّرون‬
‫لمناقشته‪ .‬في بعض األحيان‪ ،‬يكون تقديرهم لعالماتهم ّ‬
‫أقل‬ ‫‪ .3‬قلّل المخاطر‬ ‫هوس التركيز عىل العالمات‪ ،‬وقد تشاركنا ً‬ ‫يركز ّ‬ ‫الطريقة التي ي ُ ِع ُّدون بها العالمات‪ّ ،‬‬
‫معا االستراتيجيّات‬ ‫الطلب عىل المهارات‬
‫من تقديراتك لها‪ ،‬وهي بداية رائعة لمحادثة مفيدة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫تشير األبحاث إىل أنّه ال ينبغي أب ًدا تقدير الواجب المنزل ّي أو‬
‫ّ‬ ‫والموارد التي ساعدتنا في التقليل من االهتمام بالعالمات في‬ ‫التي يكتسبونها‪ ،‬وليس عىل العالمات التي ينالونها‪.‬‬
‫الطلب يتح ّملون مسؤوليّة‬ ‫إىل ذلك‪ ،‬يجعل التقييم الذات ّي‬ ‫التقييم التكوين ّي‪ ،‬فمعظم المعلّمين الذين أعرفهم يضعون‬
‫فصولنا الدراسيّة‪ ،‬عىل الرغم من أنّه كان ال يزال يتعيّن علينا‬
‫تعلّمهم‪ ،‬ويُعزّز مهاراتهم ما فوق المعرفيّة‪.‬‬ ‫عالمات عىل الواجبات المنزليّة المنجزة‪ ،‬وبالنسبة لي فقد‬ ‫يدخل ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تقديرُها‪ .‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬أجرينا خمسة تعديالت من شأنها‬ ‫طلبي إىل الفصل الدراس ّي‪ ،‬في المدرسة اإلعداديّة‬
‫بسجل لمن‬ ‫احتفظت‬ ‫تجاوزت ذلك قبل بضع سنوات‪ ،‬إذ‬
‫فت‪ ،‬في أحالمي‪ ،‬عن تقدير عالمات ّ‬ ‫ّ‬
‫توق ُ‬ ‫أن تنأى بثقافة الفصل الدراس ّي عن العالمات‪.‬‬ ‫والثانويّة‪ُ ،‬متل ّهفين ومنجزين واجباتهم المدرسيّة بالكامل‪ ،‬وهم‬
‫الطلب‪ ،‬وكانوا ينجزون‬ ‫كان يقوم بواجبه المنزل ّي‪ ،‬بغية عرضه في اجتماع أولياء‬
‫عىل استعداد لطرح أسئلة الفهم‪ ،‬غير راغبين في نيل عالمة عىل‬
‫فروضهم بفرح من أجل ُمتعة التعلّم الخالصة‪ .‬ولكن في الواقع‪،‬‬ ‫دت عىل أ ّن الواجب المنزل ّي كان فرصة للممارسة‬ ‫األمور‪ ،‬وش ّد ُ‬
‫تُح ّدد العالمات‪ ،‬مهما كانت سيّئة‪ ،‬وفترات التدريب‪ ،‬ومراتب‬ ‫رت إلغاء‬ ‫واالستكشاف‪ .‬ولتقليل الضغط بشكل أكبر‪ ،‬ق ّر ُ‬ ‫‪ 5‬تعديالت لجعل ثقافة الفصل الدراس ّي في‬ ‫عملهم‪ ،‬إذ أنجزوا مه ّماتهم في سبيل التعلّم‪ ...‬ث ّم أستيقظ من‬
‫النجاح والتفوّق‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يُمكننا‪ ،‬كمعلّمين‪ ،‬أن نكون ُمبدعين‬ ‫كل نصف عام‬ ‫الطلب في اختبار ّ‬
‫العالمات المتدنّية التي ينالها ّ‬ ‫منأى عن العالمات‬ ‫هذا الحلم الجميل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يتحقق الطلب عادة من عالماتهم في اإلنترنت‬ ‫ّ‬ ‫في الواقع‪،‬‬
‫داخل حجراتنا الدراسيّة لجعل العالمات أكثر ّ‬
‫دقة ّ‬
‫وأقل إجها ًدا‪،‬‬ ‫دراس ّي‪ ،‬حيث يضع ذلك ح ًّدا للكثير من القلق والبكاء‪.‬‬
‫‪ .1‬ع ِّدل أسلوب كالمك مع األطفال وأولياء األمور‬ ‫باستمرار‪ ،‬ويطرحون أسئلة حولها‪ ،‬من مثل‪:‬‬
‫ولجعل التعاون أساس تقديرها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫درجة ت ُ َ‬
‫‪ّ .4‬‬
‫وفر عمل ّيات إعادة االختبار‬ ‫الطلب حماسه إلنجاز أحد الفروض‪،‬‬ ‫عندما كان يفقد أحد‬ ‫خصم إذا نسيت بعض الوحدات؟‬ ‫ •كم‬
‫ّ‬
‫كنت أو ّجه إليه تهديدات‪ ،‬من مثل‪" :‬عليك إنجازه ألنني سأضع‬ ‫ُ‬ ‫خصم عىل التهجئة؟‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ •كم درجة ت َ‬
‫إنّني من أش ّد المعجبين بمدونة "ستار ساكستين"‪ ،‬حيث تكتب‬
‫أما اآلن فأدلي‪ ،‬بدل ذلك‪ ،‬بعبارات تشجيعيّة‪،‬‬ ‫عليه عالمة!"‪ّ ،‬‬ ‫ •ما الذي يُمكنني فعله لنيل الدرجة األعىل؟‬
‫كثي ًرا عن تقدير العالمات المستندة إىل المعايير‪ ،‬وقد أشارت في‬ ‫ّ‬
‫أبليت حسنًا في تبسيط الجذور‪ ،‬إنّني أتطلع إىل‬‫َ‬ ‫من مثل‪" :‬لقد‬
‫اعتماد طريقة لتطبيق هذه المهارة وفق ُمبر َهنَة فيثاغورس؟‬ ‫أمضيت عقو ًدا عىل هذا النحو في فصول الرياضيّات‪،‬‬
‫ُ‬ ‫بعد أن‬
‫‪Originally published (June 30, 2021) on Edutopia.org. [5 Ways to Help Students Focus on Learn-‬‬ ‫دائما؟ بالطبع ال‪ .‬فإدراك‬ ‫ً‬ ‫هل تنجح هذه الطريقة معك‬ ‫أفكر في كيفيّة إسهام تص ّرفاتي في بناء ثقافة الهوس‬ ‫بدأت ّ‬
‫ُ‬
‫‪ing Rather Than Grades] was translated with the permission of Edutopia. While this translation‬‬ ‫ّ‬ ‫أسلوب كالمي الذي ّ‬
‫ّ‬
‫زت فيه عىل التعلم ِعوض النتائج‪ ،‬أدى‬ ‫رك ُ‬ ‫وشعرت بالحرج من االعتراف بأنّني‬
‫ُ‬ ‫بالعالمات لدى الطالب‪،‬‬
‫‪has been prepared with the consent of Edutopia, it has not been approved by Edutopia and may‬‬ ‫إىل تغيير ثقافة ّ‬ ‫كنت أمتدح ّ‬
‫لت أسلوب الكالم مع‬ ‫صفي الدراس ّي‪ .‬كما ع ّد ُ‬ ‫ّ‬
‫وتحسنهم‪،‬‬ ‫الطلب عىل عالماتهم بدل مجهودهم‬ ‫ُ‬
‫‪therefore differ from the authentic text. In cases of doubt the authentic text should be consulted‬‬
‫أصبحت أرسل إليهم بري ًدا إلكترونيًّا أو أتّصل بهم‬
‫ُ‬ ‫األهل‪ ،‬إذ‬ ‫كنت ّ‬
‫أركز في اجتماع أولياء األمور‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬عىل الدرجات‬ ‫بل ُ‬
‫‪and will prevail in the event of conflict.‬‬
‫بشأن معلومات حول المفاهيم أو المهارات التي كان يُظهرها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التي نالها الطلب بدل التركيز عىل مدى تعلمهم‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪69‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪68‬‬


ّ‫أﺑﻮاب اﻟﻤﺠﻠﺔ‬

manhajiyat.com
‫مفهوم تربويّ‬
‫ﻣﻘﺎل‬

‫‪Scaffolding‬‬ ‫التسقيل‬
‫وتمييز الروابط بين هذه المفاهيم برسم الخرائط‬ ‫ً‬
‫دعما‬ ‫طل ٌب ّ‬
‫أكفاء‬ ‫التسقيل بالنظير‪ :‬يُق ّدم فيه ّ‬ ‫يع ّد التسقيل عمليّة ف ّعالة في التعليم‪ ،‬حيث يُسا ِعد المعلّم من خاللها‬
‫المفاهيميّة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫األقل كفاءة في أداء المه ّمة المستهدفة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫للطلب‬ ‫الحقا من إنجازها‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يتمكنوا‬ ‫الطلب عىل أداء المه ّمات بنجاح‪ ،‬حتى‬ ‫ّ‬
‫للطلب الذين يتمتّعون بقدرات‬‫ومثال ذلك‪ ،‬يمكن ّ‬ ‫الطلب ووظائفهم‬ ‫بمفردهم‪ ،‬فالتسقيل هو أحد أسس تطوير كفايات ّ‬
‫ّ‬
‫خاص‬ ‫إذا‪ ،‬إىل تقديم دعم‬ ‫يهدف التسقيل‪ً ،‬‬ ‫ّ‬
‫والحث‬ ‫عالية في التح ّدث بلغة ما طرح األسئلة‬ ‫العقليّة العليا (‪.)Gibbons, 2015‬‬
‫للطالب من أجل إتمام المه ّمات المتّصلة بقضايا‬ ‫عىل اإلجابة باستخدام الصور أو الحديث أو الكتابة‪،‬‬ ‫يُع ّرَف التسقيل كذلك بأنّه مجموعة من العمليّات التي يؤ ّديها المعلمّ‬
‫المناهج التعليميّة وقضايا التعلّم التعاون ّي‪ .‬وقد‬ ‫طل ٍب حديثي العهد باللغة عىل تحسين‬ ‫لمساعدة ّ‬ ‫الطلب عىل تحقيق الفهم‪ ،‬عىل أن يقلّل المعلّم من‬ ‫ّ‬ ‫بهدف مساعدة‬
‫الطلب المرتبطة‬‫ّ‬ ‫ركز عىل تحسين ممارسات‬ ‫يُ ِّ‬ ‫قدراتهم في التح ّدث بها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مساعدته شيئًا فشيئا‪ ،‬لدفعهم نحو االستقالليّة في التعلم (مسلم‪،‬‬
‫ً‬
‫بالعمليّة ذاتها‪ ،‬ومهاراتهم التعاونيّة والتواصليّة‪،‬‬ ‫الطلب بشكل تفاعل ّي‪ ،‬إذ يفيد المعلّم م ّما‬
‫‪ .)2015‬ويدعم التسقيل ّ‬
‫وإسهامهم في العمل الجماع ّي‪ ،‬وغير ذلك من‬ ‫التسقيل بالحاسوب‪ :‬يُستخ َدم الحاسوب في عمليّة‬ ‫يعرفونه بالفعل‪ ،‬ويساعدهم عىل المشاركة في المه ّمات بشكل هادف‪،‬‬
‫ممارسات ومهارات تعلّميّة (‪Kahrimanis,‬‬ ‫التسقيل للتخفيف من عبء السقاالت‪ ،‬ويمكن من‬ ‫وعىل اكتساب المهارات التي تتجاوز قدراتهم غير المدعومة (‪Collins‬‬
‫‪.)et al., 2011‬‬ ‫خالله‪ ،‬عىل سبيل المثال‪ ،‬توضيح المفاهيم المه ّمة‬ ‫‪ .)et al., 1989‬ولتنفيذ التسقيل يستخدم المعلّم السقاالت بطريقة‬
‫التي يرتبط بعضها ببعض في المشكلة المطروحة‪،‬‬ ‫تهدف‪ ،‬عند الحاجة‪ ،‬إىل دفع الطالب إىل مستوى أعىل من التطوّر ضمن‬
‫خطّة عمل‪ ،‬ثم يسحبها تدريجيًّا حين يتقن الطالب بمفرده أداء المه ّمة‬
‫المراجع‬ ‫الالزمة (‪.)Lajoie, 2005‬‬
‫دعما ّ‬
‫مؤقتا‪ً،‬‬ ‫يمتاز التسقيل عن أشكال الدعم التعليم ّي األخرى بكونه ً‬
‫ •مسلم‪ ،‬عبد هللا حسن‪ .)2015( .‬مهارات االتصال اإلداري والحوار‪ .‬دار المعتز للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫للطلب أثناء تعاملهم مع المشكالت‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ال يع ّد‬ ‫ّ‬ ‫وفره المعلّم‬ ‫يُ ّ‬
‫•‬ ‫‪Belland, B. R. (2017). Instructional scaffolding in STEM education: Strategies and efficacy evi-‬‬ ‫وكل دعم‬‫للطلب أثناء تفاعلهم مع المشكالت‪ّ ،‬‬ ‫كل دعم ال يُق َّدم ّ‬ ‫تسقيل ُّ‬
‫ً‬
‫‪dence. Springer.‬‬ ‫يستم ّر إىل وقت غير ُمح َّدد‪ ،‬فالهدف من التسقيل يكمن في اكتساب‬
‫•‬ ‫‪Collins, A., Collins, A., Brown, J. S., & Newman, S. E.. (1989). Cognitive apprenticeship: Teaching‬‬ ‫تمكنهم من أداء المه ّمة المستهدفة في المستقبل‬ ‫الطلب المهارة التي ّ‬ ‫ّ‬
‫‪the crafts of reading, writing, and mathematics. In Resnick, L. B. (ed). Knowing, learning, and‬‬ ‫مستقل (‪.)Wood, et al. 1976‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أدا ًء‬
‫‪instruction: Essays in honor of Robert Glaser. Lawrence Erlbaum Associates.‬‬
‫•‬ ‫‪Gibbons, P. (2015). Scaffolding language, scaffolding learning: teaching English language‬‬ ‫يُصنّف ‪ (2017) Belland‬التسقيل ضمن ثالثة أشكال‪ :‬التسقيل الفرديّ‪،‬‬
‫‪learners in the mainstream classroom. Heinemann.‬‬
‫والتسقيل بالنظير‪ ،‬والتسقيل بالحاسوب‪.‬‬
‫•‬ ‫‪Kahrimanis, G. Avouris, N., & Daradoumis, V. K. (2011). Interaction Analysis as a Tool for Sup-‬‬ ‫التسقيل الفردي ّ‪ :‬يستخدمه ُمعلّم واحد بشكل فردي ّ مع طالب واحد‬
‫‪porting Collaboration: An Overview. In Daradoumis, T., Caballé, S., Juan, A., Xhafa, F. (ed). Tech-‬‬
‫لتقييم مستواه الحال ّي‪ ،‬وتزويده بالدعم المناسب ألداء المهارات‬
‫‪nology-Enhanced Systems and Tools for Collaborative Learning Scaffolding. Springer.‬‬
‫واكتسابها في المه ّمة المستهدفة‪ ،‬حتى يصبح باإلمكان إزالة السقاالت‬
‫•‬ ‫‪Lajoie, S. P. (2005). Extending the scaffolding metaphor. Instructional Science. (33). 541–557.‬‬
‫بالكامل‪ ،‬وتمكين الطالب من تحقيق التعلّم بمفرده‪ .‬تشمل وسائل‬
‫•‬ ‫‪Wood, D., Bruner, J. S., & Ross, G. (1976). The role of tutoring in problem solving. Journal of‬‬ ‫السقاالت الفرديّة عىل سبيل المثال‪ :‬النمذجة‪ ،‬وطرح األسئلة‪ ،‬والشرح‪،‬‬
‫‪Child Psychology and Psychiatry. (17). 89–100.‬‬ ‫والتغذية الراجعة‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪73‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪72‬‬


‫غياب آليّات تمويل ُم ِ‬
‫نصفة‪ ،‬وضعف الجودة واإلنصاف والتنفيذ‪ ،‬والمحاسبة غير الدقيقة‪،‬‬ ‫األطـراف الفاعلة غير الحكوم ّية في‬
‫وتغيّر العمليّات والمعايير المرتبطة بضمان الجودة‪ ،‬وسوء تنظيم الدروس الخصوصيّة‪.‬‬

‫وضح التقرير أ ّن الحجج المرتبطة بالكفاءة واالبتكار واإلنصاف تكمن‬ ‫من هذا المنطلق‪ّ ،‬‬
‫التعليـم‪َ :‬مـن الرابح َ‬
‫ومن الخاسـر؟‬
‫ّ‬
‫في صميم النقاشات المتعلقة بدور األطراف الفاعلة غير الحكوميّة في قطاع التعليم‪ ،‬ذلك‬
‫ّ‬
‫المؤسسات التعليميّة‬ ‫أ ّن منظّمات دوليّة كثيرة تق ّدم الدعم المطلق والموارد الوفيرة إىل‬
‫غير الحكوميّة‪ ،‬ما يُؤثِّر في األجندات‪ .‬بالمقابل‪ ،‬كانت األطراف الفاعلة غير الحكوميّة‪ ،‬وفق‬
‫التقرير‪ ،‬هي الرائدة في مجال الرعاية وخدمات تعليم األطفال دون س ّن الثالث سنوات‪،‬‬ ‫أصدرت اليونيسكو‪ ،‬ضمن تقاريرها السنويّة المرتبطة بالتقرير‬
‫ً‬
‫مقارنة بواقعها في مرحلة التعليم األساس ّي‪ ،‬حيث‬ ‫كما في مرحلة ما قبل التعليم االبتدائ ّي‪،‬‬ ‫العالم ّي لرصد التعليم‪ ،‬تقري َرها لعام ‪ ،2021‬بعنوان "األطراف‬
‫دائما في مجال الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة‪.‬‬ ‫تبتكر ً‬ ‫ومن الخاسر؟"‪.‬‬‫الفاعلة غير الحكوميّة في التعليم‪َ :‬من الرابح َ‬
‫أما في مرحلة التعليم الجامع ّي‪ ،‬فاألطراف الفاعلة الحكوميّة وغير الحكوميّة‪ ،‬في جميع‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يتو ّجه هذا التقرير إىل ُصنّاع السياسات التعليميّة‪ ،‬انطالقا من‬
‫ّ‬
‫الحصة األكبر من تمويله‪ ،‬ما يزيد‬ ‫ؤمن التعليم الجامع ّي‪ ،‬فتحصل األُسر عىل‬ ‫البلدان تقري ًبا‪ ،‬ت ُ ِ ّ‬ ‫مؤسسات التربية والتعليم‪،‬‬ ‫اهتمام منظّمة اليونيسكو بجميع ّ‬
‫الحاجة إىل دعم الدولة وغيرها‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فقد ّ‬
‫أكد التقرير أ ّن الجهات الفاعلة غير‬ ‫في قطاع التعليم الحكوم ّي وغير الحكوم ّي‪ ،‬تتمثّل‬ ‫الحكوميّة منها وغير الحكوميّة‪ ،‬داعيها إىل التعامل مع ّ‬
‫الطلب‬
‫قنوات وآليّات مختلفة‪ ،‬مثل الشراكات البحثيّة‬‫ٍ‬ ‫الحكوميّة تؤثّر في التعليم الجامع ّي عبر‬ ‫باآلتي‪:‬‬ ‫والمعلّمين ضمن نظام واحد‪ ،‬وتزويد الحكومات بمعايير‬
‫والمناصرة وإصالحات اإلدارة الحكوميّة المناسبة لألعمال وكسب التأييد‪ .‬ورصد التقرير‪،‬‬ ‫تدخل األطراف‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1‬االعتقاد بإمكانيّة تحديد نطاق‬ ‫مكنها من حماية ّ‬
‫حق‬ ‫ومعلومات وحوافز وطرق للمحاسبة‪ ،‬ت ُ ِ ّ‬
‫أيضا‪ ،‬الدور الذي لعبته الجهات الفاعلة غير الحكوميّة في توسيع نطاق خدمات التعليم‬ ‫ً‬ ‫الحكوميّة وغير الحكوميّة الفاعلة في قطاع التعليم‪.‬‬ ‫الجميع في التعليم وتنفيذه‪.‬‬
‫التقن ّي والمهن ّي‪ ،‬ليشمل الكبار‪ ،‬وال سيّما في مجال تعليم اللغات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الخاص‬ ‫تحكم القطاع‬ ‫‪ .2‬ا ّدعاء القدرة عىل تحديد مدى ّ‬
‫في التعليم‪.‬‬ ‫ركز التقرير عىل أهميّة وضع الحكومات لمعايير الجودة والسالمة‬ ‫ّ‬
‫أشار التقرير إىل التق ّدم المالحظ في جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها ونشرها‪ ،‬بغية‬ ‫ّ‬
‫‪ .3‬مسؤوليّة القطاع الخاص عن خصخصة التعليم‪.‬‬ ‫المؤسسات التعليميّة‪ ،‬لحماية‬‫ّ‬ ‫والشمول‪ ،‬وتطبيقها في جميع‬
‫تحقيق الهدف الرابع للتنمية المستدامة‪ ،‬واألهداف التي ح ّددتها البلدان لتحقيق خطّة‬ ‫‪ .4‬عدالة التعليم العا ّم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫المؤسسات المع ّرضة للخسارة في ظل سيادة التنافس من‬ ‫ّ‬
‫التنمية المستدامة لعام ‪ّ ،2030‬إل أ ّن جائحة كورونا سبّبت انتكاسات كبيرة في األدوات‬ ‫‪ .5‬اختيار األهل للمدرسة بنا ًء عىل معلومات تتّصل‬ ‫أجل تقديم خدمات تعليميّة متميّزة‪ ،‬والذي غال ًبا ما تخرج منه‬
‫القياسيّة المستخدمة لرصد تق ّدم التعليم‪ ،‬وفرضت ضرورة إعادة النظر في األهداف‬ ‫بمدى جودة التعليم فيها‪.‬‬ ‫ً‬
‫رابحة‪ ،‬داع ًيا الحكومات‬ ‫المؤسسات التعليميّة غير الحكوميّة‬‫ّ‬
‫ال ُمتعلِّقة بالتعليم االبتدائ ّي والثانويّ‪ ،‬والطفولة المبكرة‪ ،‬والتّعليم التقن ّي والمهن ّي‬ ‫‪ .6‬فعاليّة المنافسة في تحسين المدرسة‪.‬‬ ‫المؤسسات جميعها‪ ،‬ومساعدتها عىل تحسين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إىل التدخل في‬
‫والجامع ّي‪ ،‬وتعليم الكبار‪ ،‬ومهارات العمل‪ ،‬واإلنصاف‪ ،‬وإلمام الكبار بالقراءة والكتابة‬ ‫ّ‬
‫الخاصة‪.‬‬ ‫‪ .7‬أفضليّة المدارس والجامعات‬ ‫خدماتها‪ ،‬وتقييم إنجازاتها‪ ،‬ونشر مخرجات التقييم‪ .‬تط ّرق‬
‫والحساب‪ ،‬والتنمية المستدامة والمواطنة العالميّة‪ ،‬ومرافق التعليم‪ ،‬والمنح الدراسيّة‪،‬‬ ‫حل للتس ّرب المدرس ّي‪.‬‬ ‫الخاص ًّ‬‫ّ‬ ‫‪ .8‬اعتبار التعليم‬ ‫التقرير‪ ،‬كذلك‪ ،‬إىل ضرورة تفكير صنّاع السياسات في الخيارات‬
‫والمعلّمين‪ ،‬والتمويل‪ ،‬والتعليم المتّصل بأهداف التنمية المستدامة األخرى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الخاص حل لثغرات تمويل التعليم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .9‬اعتبار التعليم‬ ‫األساسيّة التي تتاح لألطراف غير الحكوميّة في التعليم‪ ،‬بين‬
‫‪ .10‬قدرة تنظيم النشاط غير الحكوم ّي عىل تجاوز جميع‬ ‫اإلنصاف وحر يّة االختيار‪ ،‬وبين تشجيع المبادرات ووضع‬
‫َخلُص التقرير‪ ،‬في النهاية‪ ،‬إىل مجموعة من التوصيّات التي دعا فيها إىل ضرورة تفادي‬ ‫المخاوف المتّصلة بتوفير الخدمات التعليميّة‪.‬‬ ‫المعايير‪ ،‬وبين الوسائل واالحتياجات‪ ،‬وبين االلتزامات الفور يّة‪،‬‬
‫تمويل التعليم‪ ،‬لتفضيل بعض ّ‬
‫الطلب واستثناء غيرهم‪ ،‬وإىل إرساء معايير الجودة واالتفاق‬ ‫بموجب الهدف ‪ 4‬من أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬وااللتزامات‬
‫المؤسسات الحكوميّة وغير الحكوميّة‬‫ّ‬ ‫تنطبق عىل‬
‫ِ‬ ‫عىل عمليّات مشتركة للرصد والدعم‬ ‫انتقل التقرير‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬إىل مسألة مدى توفير األطراف‬ ‫التي يتعيّن تحقيقها تدريجيًّا‪ ،‬وبين قطاع التعليم والقطاعات‬
‫ً‬
‫فضل عن تيسير نشر االبتكار من خالل النظام التعليم ّي ألجل الصالح العام‪ّ،‬‬ ‫جميعها‪،‬‬ ‫الفاعلة غير الحكوميّة للخدمات وفق تصنيف مبن ّي عىل‬ ‫االجتماعيّة األخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫والحفاظ عىل الشفافيّة والشموليّة في عمليّة وضع السياسات العامة عىل النحو الذي‬ ‫طبيعة عالقتها بالدولة‪ ،‬وعىل دوافعها وأسعارها‪ُ ،‬م ِ ّ‬
‫ؤك ًدا‬
‫ّ‬
‫الخاصة‪.‬‬ ‫عطّل المصالح‬
‫يُ ِ‬ ‫شكله التنظيم من تح ٍّد أمام الحكومة لتقديم‬ ‫عىل ما ّ‬ ‫أكد التقرير أ ّن ث ّمة ً‬
‫نقاشا دائ ًرا حول قدرة األطراف الفاعلة‬ ‫وقد ّ‬
‫نصفة‪ ،‬وبنوعيّة جيّدة‪ ،‬مع اإلشارة إىل‬ ‫التعليم بصورة ُم ِ‬ ‫غير الحكوميّة‪ ،‬من خالل نشاطاتها التعليميّة‪ ،‬عىل تعزيز الكفاءة‬
‫أه ّم المؤثّرات المسهمة في تحقيق ذلك‪ ،‬والكامنة في‬ ‫واإلنصاف والشمول واالبتكار في قطاع التعليم‪ ،‬وقد أسفر‬
‫هذا النقاش عن ُمؤيِّدين للنشاطات التعليميّة غير الحكوميّة‪،‬‬
‫ومعارضين لها‪ .‬وخلُص إىل أ ّن جميع األطراف‪ ،‬الحكوميّة وغير‬
‫الحكوميّة‪ ،‬ال يمكن االستغناء عنها في الدور التكميل ّي الذي‬
‫تلعبه في تقديم الخدمات التعليميّة‪.‬‬
‫ووقف التقرير عند عشر خرافات رائجة حول األطراف الفاعلة‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪75‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪74‬‬


‫بهدف إنتاج موا ّد تعليميّة مساندة لتعليم اللغة العربيّة‬
‫للناطقين وغير الناطقين بها‪.‬‬

‫رمان سلسلة قواميس ُمص َّورة بلغات متنوّعة‬ ‫أنتجت ّ‬


‫ّ‬
‫رمان‬
‫لل ُمبتدئين باللغات العربيّة‪ ،‬واإلنجليز يّة‪ ،‬والكرديّة‬
‫(كرمانجي وسوراني)‪ ،‬والفرنسيّة‪ ،‬والسواحيليّة‪ ،‬بهدف‬
‫قيما ومفاهيم‬ ‫تقديم قاموس ُمص َّور لألطفال‪ ،‬يحمل ً‬
‫القواميس والخرائط‬
‫ومضامين من الثقافة العربيّة إىل الناطقين بتلك اللغات‬
‫حول العالم‪ .‬تحتوي القواميس عىل اللغة ال ُمسته َدفة‬ ‫كاستراتيجيّة تعليميّة‬
‫فقط دون أي ّ ترجمة لتُسا ِعد المتعلّم عىل االنغماس في‬
‫ًّ‬ ‫رمان مور ًدا‬
‫اللغة‪ .‬وتعتبر قواميس ّ‬ ‫تأسست عام ‪ 2017‬لتوفير موا ّد مساندة‬
‫مستقل مسان ًدا ألي ّ‬ ‫رمان مبادرة ّ‬ ‫ّ‬
‫تبسط عمليّة فهم المفردات من خالل‬ ‫منهج مدرس ّي‪ّ ،‬‬ ‫للعمليّة التعليميّة‪ .‬تُق ّدم المبادرة مجموعة من المواد‬
‫طريقة عرضها لرسوم أصيلة وغنيّة‪ .‬تعرض القواميس من‬ ‫وال ُمنتجات بهدف تطوير اتجاهات إيجابيّة نحو التعليم‬
‫خالل شخصيّاتها مواضيع مختلفة‪ ،‬مثل األسرة‪ ،‬والطعام‪،‬‬ ‫المتمحور حول المتعلّم‪ ،‬وتقدير منهجيّة وفق تطبيقات‬
‫والتنقل‪ ،‬واأللوان‪ ،‬واألرقام‪ ،‬وغيرها من موضوعات‬‫ّ‬ ‫والسفر‬ ‫األبحاث ال ُمستج َّدة في التعليم‪ .‬من خالل هذه الموا ّد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحياة األساسيّة التي تعزز عمليّة التعلم‪.‬‬ ‫رمان إىل س ّد النقص الحاصل في المكتبة العربيّة‬ ‫تسعى ّ‬
‫لتك ِ ّو َن بذلك جس ًرا للتواصل والتبادل الثقاف ّي والمحبّة‬
‫ملصقات وبطاقات‬ ‫والتآخي بين الشعوب العربيّة‪.‬‬

‫رمان القواميس بملصقات غنيّة بالتفاصيل لتشجيع‬ ‫عزّزت ّ‬ ‫رمان من تجربة شخصيّة للباحثة التربويّة‬ ‫جاءت فكرة ّ‬
‫ً‬
‫عالقة معها‪،‬‬ ‫الحوار‪ ،‬وشخصيّات مركز يّة ليبني المتعلّم‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ماجدة حوراني خالل فترة عملها معلمة لغة عربيّة في‬
‫فتساعده عىل االندماج واالستمتاع أثناء عمليّة التعلّم‪.‬‬ ‫الواليات المتّحدة األمريكيّة لألطفال غير الناطقين بها‪ ،‬إذ‬
‫رمان ملصقات حائط بأحجام وموضوعات متع ّددة‬ ‫أنتجت ّ‬ ‫ً‬
‫أصيل مص ّو ًرا‬ ‫قاموسا عربيًّا‬
‫ً‬ ‫لم تجد‪ ،‬خالل فترة تدريسها‪،‬‬
‫‪ .1‬ثالث خرائط حائط ُص ّممت بعناية فائقة إلظهار‬ ‫خرائط الحائط التفاعل ّية‬ ‫الصف ّي‪ ،‬من أجل توفير أدوات متكاملة تدعم‬ ‫ّ‬ ‫لالستخدام‬ ‫لألطفال‪ ،‬بمعنى أ ّن القواميس العربيّة المصوّرة كانت‬
‫المعلومات الثقافيّة الثر يّة‪ ،‬تتض ّمن أكثر من ستّين‬ ‫القواميس في تبسيط عمليّة تعلّم لغة جديدة‪ .‬كما أنتجت‬ ‫قواميس مترجمة عن لغات أخرى‪ ،‬ونقلت رسوماتها من‬
‫موقعا حضار يًّا وثقافيًّا بجود ٍة عالية إلظهار جماليّة‬
‫ً‬ ‫رمان إىل إنتاج خرائط الوطن العرب ّي للحائط‪ ،‬باعتبارها‬ ‫سعت ّ‬ ‫لكل قاموس تدعم تعلّم المفردات الجديدة‪،‬‬ ‫بطاقات ّ‬ ‫لغاتها األصليّة‪ .‬وشرعت حوراني بالبحث من أجل تحقيق‬
‫المواقع‪ ،‬إىل جانب أه ّم المعلومات السياحيّة‬ ‫أداة مرئيّة تفاعليّة لنقل الثقافة العربيّة إىل الذين يسعون‬ ‫ً‬ ‫ولتساعد عىل التعلّم بشكل متكامل من خالل التكرار وتحفيز‬ ‫وجود قاموس عرب ّي مصوّر أصيل‪ ،‬يحتوي مضامين عربيّة‬
‫والجغرافيّة إلنتاج لوحة فنّيّة زاخرة بالمعلومات عن‬ ‫إىل فهم جغرافيّتها وتاريخها وثقافتها‪ .‬تشمل هذه الخرائط‬ ‫االسترجاع النشط‪ ،‬ما يس ّهل تخزين الكلمات الجديدة في‬ ‫ثقافيّة‪ ،‬ويعبّر عن الثقافة العربيّة اإلنسانيّة‪.‬‬
‫الوطن العرب ّي‪.‬‬ ‫جميع الدول العربيّة وأسماء العواصم والمدن الرئيسة في‬ ‫الذاكرة‪ ،‬ويس ّهل عمليّة التعلّم من خالل اللّعب بها فرديًّا‬
‫‪ .2‬أوراق عمل تفاعليّة لدعم الحصول عىل المعلومات من‬ ‫كل بلد‪ ،‬وأه ّم المواقع السياحيّة واألثر يّة‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫ّ‬ ‫وضمن مجموعات‪.‬‬ ‫تُق ِّدم ّ‬
‫رمان موار َد مختلفة بطريقة ُمنتقاة‪ ،‬لتبسيط عمليّة‬
‫خالل التفاعل مع الخريطة‪.‬‬ ‫األنهار والبحيرات والبحار والجبال والصحاري‪.‬‬ ‫التعلّم بتوفيرها موا ّد مساندة وداعمة ألي ّ منهاج مدرس ّي‬
‫ّ‬
‫‪ .3‬جواز سفر ثقاف ّي التّحاد الدول العربيّة‪ ،‬يتطلب حصول‬ ‫يعتبر مشروع خرائط الوطن العرب ّي أوىل األدوات البصر يّة‬ ‫أو استخدام فرديّ‪ ،‬وهذه الموا ّد تتنوّع بين سلسلة قواميس‬
‫المتعلّمين عليه إنجاز بحث عن بلد عرب ّي‪ ،‬وهو بمثابة‬ ‫رمان ثالثة‬‫التفاعليّة ال ُمنتَجة في الوطن العرب ّي‪ ،‬إذ أنتجت ّ‬ ‫مصوّرة‪ ،‬وملصقات وبطاقات‪ ،‬وخرائط حائط تفاعليّة‪.‬‬
‫دليل منظّم لألطفال الكتشاف معلومات حول جميع‬ ‫شكل أدوات تعلّميّة يستطيع األطفال ما بين عمر‬ ‫خرائط لتُ ِ ّ‬
‫البلدان العربيّة‪.‬‬ ‫عاما استخدامها في تطوير معرفتهم‬ ‫الستّة والثمانية عشر ً‬ ‫سلسلة القواميس ال ُمص ّورة‬
‫‪ .4‬دليل حول كيفيّة تفعيل الخريطة قدر اإلمكان‪ ،‬للوصول‬ ‫الجغرافيّة واللغويّة والثقافيّة حول بلدان المنطقة العربيّة‪.‬‬
‫إىل مستويات مختلفة من التعليم‪ ،‬وربطها بوحدات‬ ‫رمان بفكرة أ ّن التعلّم يجب أن يكون تفاعليًّا وتكامليًّا‬
‫تؤم ُن ّ‬ ‫هي مجموعة قواميس لغويّة وثقافيّة بالدرجة األوىل‪،‬‬
‫تعليميّة متنوّعة‪.‬‬ ‫ومشو ًّقا‪ ،‬وانطالقا من فكرة التعلّم النّشط‪ ،‬شملت الخرائط‬
‫ً‬ ‫رجمت عن‬‫وبلغات ُمختلفة‪ ،‬ت ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫وبمواصفات تربويّة وعالميّة‪،‬‬
‫عىل‪:‬‬ ‫القاموس العرب ّي ال ُمص َّور‪ ،‬الذي كان باكورة إصدارات ّ‬
‫رمان‪،‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪77‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪76‬‬


‫ّ‬

‫الطريقة الناجحة في التقويمات‬


‫والتقارير ذات اإلجابات الشفويّة‪ ،‬والعرض واألداء‪ ،‬األمر الذي‬ ‫الصفيّة وتقدير‬ ‫صدر كتاب "الطريقة الناجحة في التقويمات‬
‫تقويما تكوينيًّا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يوسع مجال الخيارات أمام المعلّم حين يُص ِ ّمم‬
‫ّ‬ ‫العالمات" لمؤلِّفه روبرت مارزانو‪ ،‬ترجمة عزيزة مصطفى‬
‫عادي‪ ،‬في طبعته األوىل‪ ،‬عام ‪.2015‬‬
‫يشير الكتاب إىل الدور المزدوج للتقويم التكوين ّي الفاعل‪ ،‬والذي‬
‫يكمن في تطوير التعلّم والتحفيز عليه‪ ،‬ولتحقيق هدف التحفيز‬
‫عىل التعلّم يقترح الكتاب ثالث طرائق‪ ،‬تتض ّمن الطريقة األوىل‬
‫ّ‬
‫الصف ّي‪،‬‬ ‫تض ّمن الكتاب سبعة فصول تمحورت حول التقويم‬
‫ودور المعايير الرسميّة‪ ،‬ومقياس التعلّم مع مرور الوقت‪،‬‬
‫ّ‬
‫الصف ّية وتقدير العالمات‬
‫الطلب باعتماد موضوع قياس معيّن يستند إىل‬ ‫متابعة تق ّدم ّ‬ ‫حفز التعلّم‪،‬‬ ‫الصف ّي‪ ،‬والتقويم الذي ي ُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫وتصميم التقويم‬
‫الطلب‬ ‫الرسوم البيانيّة‪ ،‬في حين تقتضي الطريقة الثانية إشراك ّ‬ ‫والعالمات والدرجات النهائيّة‪ ،‬وكشوف العالمات‪ ،‬ومستقبل‬
‫التأمل الذات ّي في ما يتّصل بمدى‬ ‫ّ‬ ‫في عمليّات مختلفة من‬ ‫التعلّم القائم عىل المعايير أو الموضوعات‪ ،‬وهو بذلك يُ َع ّد من‬
‫تق ّدمهم في موضوع قياس مح ّدد‪ّ ،‬‬
‫أما الطريقة الثالثة فتُب ِيّن‬ ‫ّ‬
‫الصفيّة وتقدير‬ ‫ضمن أه ّم الكتب التي حلّلت ظاهرة التقويمات‬
‫تقدير عالمة الطالب الحقيقيّة في نهاية فترة التقويم‪.‬‬ ‫العالمات بوصفها ُمك ِ ّونًا أساسيًّا للتعليم الفاعل‪ .‬وقد سعى‬
‫مؤلّف الكتاب إىل تحديد الظروف المثاليّة إلجراء التقويمات‬
‫ونظ ًرا لتع ّدد التقويمات التكوينيّة وضرورة حساب مع ّدل‬ ‫وتقدير العالمات‪ ،‬وال سيّما حين يكمن الهدف في رفع وتيرة‬
‫طرقا مختلفة ناجعة من خالل‬ ‫مجموع العالمات‪ ،‬ق ّدم الكتاب ً‬ ‫الطلب‪ ،‬وش ّدد عىل العالقة االطراديّة بين زيادة تحصيل‬ ‫تعلّم ّ‬
‫برنامج يسمح للمعلّمين بإدخال عالمات متع ّددة لموضوع ما‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الصفيّة‪.‬‬ ‫وتحسن مهارة المعلّمين في إجراء التقويمات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطلب‬
‫يخص تقدير عالمة الطالب‬ ‫الدقة في ما ّ‬ ‫وتوفير أكبر قدر من ّ‬
‫كل موضوع‪ ،‬وتزويد المعلّم بالرسوم البيانيّة التي‬ ‫النهائيّة في ّ‬ ‫صفيّين‪ ،‬التقويم التكوين ّي الذي‬‫قارن الكتاب بين أه ّم تقويمين ّ‬
‫توضح مدى تق ّدم الطالب‪ ،‬كما اقترح الكتاب ً‬
‫طرقا ف ّعالة لجمع‬ ‫ِّ‬ ‫يحدث أثناء التعلّم ويكون الهدف منه التعديل في عمليّة‬
‫العالمات النهائيّة وحساب العالمة الكلّيّة‪.‬‬ ‫التعلّم وما تقتضيه من نشاطات‪ ،‬والتقويم الختام ّي الذي‬
‫يحدث في نهاية عمليّة التعلّم ويكون من الصعب فيه إجراء‬
‫أيضا إىل كشوف العالمات ومستقبل التعلّم‬ ‫تط ّرق الكتاب ً‬ ‫ركز الكتاب عىل‬‫تعديل أو تغيير لما حدث أثناء التعلّم‪ .‬وعليه‪ّ ،‬‬
‫القائم عىل المعايير أو الموضوعات‪ ،‬فبيّن أ ّن العالمة ال ُمك َّونة‬ ‫التقويم التكوين ّي وضرورة إجرائه أكثر من م ّرة بطريقة منتظمة‪،‬‬
‫من حرف واحد ليست طريقة مثىل لإلبالغ عن تق ّدم الطالب‪،‬‬ ‫نظ ًرا أله ّميّة التغيير الذي يُر َجى منه في العمليّة التعليميّة‪،‬‬
‫لما تحويه من مساوئ‪ ،‬أه ّمها أنّها ال تُق ِّدم المستوى المطلوب‬ ‫الطلب بتغذية راجعة تُق ِّدم لهم‬ ‫حيث يفسح المجال لتزويد ّ‬
‫الطلب‪.‬‬ ‫فصلة والضرور يّة لتعزيز تعلّم ّ‬ ‫من التغذية الراجعة ال ُم َّ‬ ‫صورة واضحة عن مدى تق ّدمهم في تحقيق أهداف التعلّم‬
‫شامل لمنحى التقويم التكوين ّي‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وصفا‬ ‫مقابل ذلك‪ ،‬ق ّدم الكتاب‬ ‫تشجعهم عىل تطوير مستوياتهم‬ ‫ّ‬ ‫وسبل تحسين أدائهم‪ ،‬كما‬
‫الصف ّي القائم عىل المعايير أو الموضوع‪ ،‬والذي يسهم في‬ ‫ّ‬ ‫وتحفزهم عىل تحقيق التق ّدم‪ .‬يقتضي ذلك إعادة تشكيل‬ ‫ّ‬
‫لدقة التغذية الراجعة فيه وتناسب‬ ‫الطلب‪ ،‬نظ ًرا ّ‬ ‫تعزيز تحصيل ّ‬ ‫وثيقة المعايير الوطنيّة من حيث موضوعات القياس‪ ،‬ضمن‬
‫مؤك ًدا عىل دور هذا المنحى في تغيير اتجاه التعليم‬ ‫وقتها‪ّ ِ ،‬‬ ‫تدمج ثالث خطوات‪ ،‬تتمثّل في تحليل المعايير‪ ،‬وتحديد‬ ‫عمليّة ِ‬
‫الطلب فيه‬ ‫ّ‬ ‫وتحويله من النظام الحال ّي الذي يرتكز تق ّدم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األبعاد الضرور يّة لتعليم الطلب كافة‪ ،‬وتنظيم األبعاد في فئات‬
‫الطلب‬ ‫عىل م ّدة مكوثهم في المدرسة‪ ،‬إىل نظام يتق ّدم فيه ّ‬ ‫ذات صلة بالمعلومات أو المهارات‪.‬‬
‫ً‬
‫كفاءة‬ ‫الخاصة‪ ،‬نتيجة إظهارهم‬ ‫ّ‬ ‫اعتما ًدا عىل قدراتهم الفرديّة‬
‫في معرفة المحتوى‪ ،‬باإلضافة إىل ما ق ّدمه الكتاب من أدوات‬ ‫َ‬
‫نماذج‬ ‫تكريسا لالتجاه الجديد الذي يم ّهد له‪،‬‬
‫ً‬ ‫أورد الكتاب‪،‬‬
‫ف ّعالة لتطبيق نظام التقويم وتقدير العالمات‪.‬‬ ‫ألسئلة التقويم تتجاوز النماذج التقليديّة‪ ،‬من ضمنها‪ :‬االختيار‬
‫من متع ّدد‪ ،‬وأسئلة اإلجابة القصيرة‪ ،‬وأسئلة المقالة‪ ،‬واألسئلة‬
‫ّ‬
‫الصفيّة وتقديـر العالمات‪( .‬ترجمـة‪ :‬مصطفى‬ ‫مارزانـو‪ ،‬روبـرت ج‪ .)2015( .‬الطريقـة الناجحـة فـي التقويمـات‬
‫عادي‪ ،‬عزيـزة)‪ .‬العبيكان للنشـر‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪79‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪78‬‬


‫تعليم المقهورين‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫باولو فرايري‬

‫جامعا للمعلومات أو‬ ‫ً‬ ‫من ينجح بهذه الوسيلة في أن يصبح‬ ‫"يكشف التحليل الموضوع ّي لعالقة المعلّم والطالب القائمة‬
‫كتالو ًجا لها‪ ،‬ولكن تبقى الحقيقة العارية وهي أ ّن الذي ُخ ِزّن‬ ‫داخل المدرسة وخارجها عن أسلوب التواصل بينهما‪ ،‬وهو‬
‫بالفعل ليست المعلومات وإنّما عقل اإلنسان الذي ُح ِرم بهذا‬ ‫حاك يقوم بدوره المعلّم ومستمع‬‫أسلوب يعتمد عىل وجود ٍ‬
‫ّ‬
‫الموفق في التعليم من فرص اإلبداع والتطوير‪ ،‬إذ‬ ‫األسلوب غير‬ ‫عامة أو أبعا ًدا‬ ‫يقوم بدوره الطالب‪ ،‬وسواء كان الموضوع ً‬
‫قيما ّ‬
‫الحق دون أن يتساءل‬ ‫ّ‬ ‫كيف يمكن لإلنسان أن يمارس وجوده‬ ‫عقليّة مستم ّدة من الواقع فإنّه ّ‬
‫يظل فاق ًدا للحياة‪ ،‬وتلك هي‬
‫ودون أن يعمل؟‬ ‫أزمة التعليم‪.‬‬

‫الحقة إنّما تنبثق من‬ ‫ّ‬ ‫ليس ذلك بالطبع ممكنًا‪ ،‬أل ّن المعرفة‬ ‫يتح ّدث المعلّم عن الواقع وكأنّه موات ال حياة فيه أو كأنّه‬
‫اإلبداع الذي هو وليد القلق المستمر‪ ،‬وبالتالي ال يستطيع‬ ‫متوقف ومحصور وقابل لالستنتاج‪ ،‬وبذلك يبدو الموضوع‬ ‫ّ‬
‫اإلنسان أن يجيب عن تساؤالته ّإل إذا اتصل بهذا العالم وعمل‬ ‫غري ًبا عىل خبرة التالميذ‪ ،‬وتنتهي مه ّمة المد ّرس في هذه‬
‫مشاركا مع غيره‪ .‬ويتضح من مفهوم التعليم البنك ّي‬ ‫ً‬ ‫فيه‬ ‫قصته وهو محتوى‬ ‫العالقة عند ملء عقول التالميذ بمحتوى ّ‬
‫يتفضل بها أولئك الذين يعتبرون‬ ‫ّ‬ ‫أ ّن التعليم مج ّرد منحة‬ ‫مبتسر ال يستثير اهتمام أولئك الذين أ ُ ِر يد لهم أن يتعاملوا معه‪،‬‬
‫أنفسهم مالكين للمعرفة عىل أولئك الذين يفترضون أنّهم ال‬ ‫ُ‬
‫فرغت من محتواها و ُج ِ ّوفت لتصبح في‬ ‫ذلك أ ّن الكلمات قد أ ِ‬
‫يعرفونها‪ ،‬غير أ ّن إضفاء الجهل عىل اآلخرين هو في حقيقته‬ ‫النهاية مثا ًرا لألغراب‪.‬‬
‫من مخلّفات فلسفة القهر التي تج ّرد التعليم والمعرفة من‬
‫خاصيّتهما كعمليتي بحث مستم ّر من أجل اكتساب الح ّر يّة‪.‬‬ ‫إ ّن أه ّم ما يميّز التعليم التلقين ّي هي لهجته المتعالية وعدم‬
‫وفي إطار التعليم البنك ّي يق ّدم المد ّرس نفسه للتالميذ عىل أنّه‬ ‫قدرته عىل إحداث التغيير‪ ،16 = 4 × 4 .‬عاصمة كذا‪ ،‬كذا‪.‬‬
‫الصورة المضادة لهم‪ ،‬وهو بإضفائه صفة الجهل عليهم يب ّرر‬ ‫ّ‬
‫والتذكر وإعادة الجمل‬ ‫الطلب فينحصر دورهم في الحفظ‬ ‫أما ّ‬ ‫ّ‬
‫وجوده كأستاذ لهم‪ ،‬وعند هذه المرحلة يت ّم تغريب التالميذ‬ ‫التي سمعوها دون أن يتع ّمقوا في مضمونها‪ ،‬وليس من هدف‬
‫واستعبادهم‪ .‬وبحسب المنظور الهيجل ّي للديالكتيك فإ ّن‬ ‫ّ‬
‫التذكر‬ ‫الطلب عىل أسلوب‬ ‫لهذا التعليم التلقين ّي سوى تعويد ّ‬
‫أيضا تبرير لوجود األستاذ بينهم‪،‬‬ ‫اعتراف التالميذ بجهلهم هو ً‬ ‫ّ‬
‫يصب‬ ‫الميكانيك ّي لمحتوى الدرس‪ ،‬وتحويلهم اىل آنيّة فارغة‬
‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫وعىل غير ما يكون العبيد فإ ّن هؤالء التالميذ ال يكتشفون‬ ‫فيها المعلّم كلماته الجوفاء‪ .‬وما ّ‬
‫ظل المعلّم قاد ًرا عىل القيام‬
‫أنّهم يعلّمون األستاذ‪ .‬وفي ضوء ما ذكرناه يتبيّن لنا أ ّن التعليم‬ ‫بهذه المه ّمة كان ً‬
‫دليل عىل كفاءته‪ ،‬وما ظلّت األواني قادرة عىل‬
‫حل التناقض القائم بين األستاذ‬ ‫الحق هو ذلك الذي يعمد اىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطلب‪ ،‬وهكذا أصبح التعليم‬ ‫االمتالء كان ذلك ً‬
‫دليل عىل امتياز ّ‬
‫وتلميذه ويعمد إىل إيجاد نوع من المصالحة يصبح الطرفان‬ ‫الطلب فيه اىل بنوك يقوم األساتذة فيها‬‫ضربًا من اإليداع تحوّل ّ‬
‫وطلبًا في الوقت نفسه‪.‬‬‫فيها أساتذة ّ‬ ‫بدور المودعين‪ ،‬فلم يعد األستاذ وسيلة من وسائل المعرفة‬
‫واالتصال‪ ،‬بل أصبح مصدر بيانات ومودع معلومات ينتظره‬
‫الطلب في صبر ليستذكروا ما يقوله ث ّم يعيدوه‪ ،‬ذلك هو‬ ‫ّ‬
‫فرايري‪ ،‬باولو‪ .)1980( .‬تعليم المقهورين‪( .‬ترجمة‪ :‬نور عوض‪ ،‬يوسف)‪.‬‬ ‫المفهوم البنك ّي للتعليم الذي تح ّدد فيه دور الطالب كمستقبل‬
‫دار القلم‪ .‬ص‪.52-51 .‬‬ ‫للمعلومات يمأل بها رأسه ويخزّنها دون وعي‪ .‬وال ّ‬
‫شك أ ّن هناك‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪81‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪80‬‬


‫•أستاذ في دائرة المناهج والتعليم في جامعة بيرزيت‪.‬‬
‫•عمل مدي ًرا لمكتبة جامعة بيرزيت‪ ،‬وعمي ًدا لكلّيّة التربية‪ ،‬وعمي ًدا لكلّيّة‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫اآلداب‪ ،‬ومدي ًرا لمركز ابن رشد للتطوير التربويّ‪.‬‬
‫•حصل عىل شهادة البكالوريوس في الفيزياء والماجستير في التربية من‬
‫الجامعة األمريكيّة في بيروت‪ ،‬ثم عىل درجة الدكتوراه في مجال التربية‬ ‫محاورة مع‬
‫من جامعة ستانفورد‪.‬‬
‫•عمل في مجال التطوير التربوي ّ في مدارس رام هللا‪ ،‬وهو أحد‬
‫ّ‬
‫المنسق الوطن ّي لتطوير‬ ‫مؤسسي مركز تطور المعلّم‪ ،‬المورد‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬
‫استراتيجيّة تأهيل المعلّمين في فلسطين‪.‬‬
‫ماهر الحشوة‬
‫مؤسسة كارنجي لتطوير التعليم وفي جامعة ستانفورد‪،‬‬ ‫•باحث زائر في ّ‬
‫وفي جامعة برلين الح ّرة‬

‫التغيير التربوي ّ صعب ج ًّدا‪ ،‬كأنّني أريد تحريك عجلة ضخمة‪،‬‬ ‫في رام هللا‪ ،‬وفي مدرسة المطران في القدس‪ .‬وكان صديقي‬ ‫تعمل اآلن بعد مسيرة طويلة في التعليم في مجال تطويره‪،‬‬
‫وأشعر أحيانًا بعدم القدرة عىل الدفع وحدي‪ ،‬وبأنّني بحاجة إىل‬ ‫وزميلي خليل محشي يدرس ماجستير تربية في الجامعة‬ ‫لو تخ ّيلنا خبراتك وتجاربك المهن ّية ومنجزك األكاديم ّي‬
‫مساعدة اآلخرين‪.‬‬ ‫رت دراسة ماجستير‬‫األميركيّة في بيروت‪ ،‬فراودتني الفكرة وق ّر ُ‬ ‫والبحث ّي بمثابة منعطفات أو تقاطع طرق‪ ،‬كيف يمكنك‬
‫وجدت أ ّن التربية أقرب إىل اهتماماتي من الفيزياء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تربية‪.‬‬ ‫رسم المسار الذي وصل بك إىل أن يكون انشغالك الرئيس‬
‫مثل‪ ،‬كانت اهتماماتي البحثيّة المح ّرك الرئيس خلف تأسيس‬ ‫ً‬ ‫تطوير التعليم؟‬
‫برنامج ماجستير التربية في جامعة بيرزيت‪ .‬كان تركيز البرنامج‬ ‫درست الدكتوراه في جامعة ستانفورد‪ ،‬وكان‬ ‫ُ‬ ‫بعد الماجستير‪،‬‬
‫صل بتطوير ممارسات المعلّمين في‬ ‫بحثيًّا أكثر من كونه متّ ً‬ ‫دائما أن أعود إىل جامعة بيرزيت‪ ،‬فارتباطي بها‪ ،‬منذ كانت‬ ‫ه ّمي ً‬ ‫درست بكالوريوس فيزياء في كلّيّة بيرزيت في الجامعة‬ ‫ُ‬ ‫البداية من الفيزياء‪،‬‬
‫الحقل التربويّ‪ ،‬ولكن بالرغم من ذلك أصبح كثيرون من خ ّر يجي‬ ‫عاما‪ .‬كان لي دور يمكنني تقديمه‬ ‫كلّيّة‪ ،‬وعمري سبعة عشر ً‬ ‫درست ماجستير فيزياء في الجامعة نفسها‪ ،‬ولكن‬ ‫ُ‬ ‫األمريكيّة في بيروت‪ ،‬ث ّم‬
‫البرنامج مدراء مدارس ومشرفين ومو ّجهين في التربية‪ ،‬سوا ًء‬ ‫في تلك الفترة‪ ،‬وال سيّما أ ّن كثي ًرا من الزمالء التحقوا بالعمل‬ ‫فت عن إكمال الماجستير‪ .‬كان من‬ ‫بسبب إضراب الجامعة سنة ‪ّ 1975‬‬
‫توق ُ‬
‫الضفة الغربيّة أو القدس‪ ،‬وكان إسهام البرنامج في ذلك‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫فوجدت دوري أو رسالتي في التربية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الفدائ ّي‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ووجدت‬ ‫الصعب عل ّي ربط الفيزياء النظر يّة باألحداث السياسيّة من حولنا‪،‬‬
‫كنت في مجلس الجامعة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بار ًزا‪ .‬كذلك‪ ،‬بعد فترة‪ ،‬وحين‬ ‫معقدة ج ًّدا‪ ،‬وثالث مواد في الميكانيكا الكالسيكيّة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نفسي أدرس رياضيّات‬
‫ضغطت بقوّة لتأسيس كلّيّة التربية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وعمي ًدا لكلّيّة اآلداب‪،‬‬ ‫كل انشغالي عىل محاوالت‬ ‫بعد الماجستير والدكتوراه‪ ،‬ارتكز ّ‬ ‫حتّى أعرف كيف يتح ّرك البلبل‪ ،‬وأ ّن له ثالثة أنواع من الحركات‪ .‬هذا مثال‬
‫وصار لدينا بكالوريوس في التربية‪.‬‬ ‫لتحسين وضع التربية‪ ،‬في أماكن مح ّددة أحيانًا‪ ،‬في مدارس‬ ‫يوضح عدم إيجادي أي ّ ارتباط في تلك الفترة بين دراستي للفيزياء وما يحصل‬ ‫ّ‬
‫عامة أحيانًا‬
‫خاصة ومشاريع صغيرة بعينها‪ ،‬وفي سياقات ّ‬ ‫ّ‬ ‫حولي‪.‬‬
‫أيضا في مساعدة زميلي خليل محشي‪ ،‬مع نقابات‬ ‫أسهمت ً‬
‫ُ‬ ‫العامة في البلد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أخرى‪ ،‬لمحاولة التأثير في السياسات التربويّة‬
‫المعلّمين في إنشاء مركز للمعلّمين‪ ،‬وهو مركز التطوّر المهن ّي‬ ‫ً‬
‫واضحا لدي ّ‬ ‫كان انشغالي يتراوح بين هذين المستويين‪ ،‬ولم يكن‬ ‫ُ‬
‫وعدت‬ ‫ُ‬
‫تركت‪،‬‬ ‫في تلك الفترة أصبحت اهتماماتي السياسيّة هي الغالبة‪ ،‬لذلك‬
‫يتحكم المعلّمون أنفسهم بتطوّرهم المهن ّي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫"المورد"‪ ،‬وفيه‬ ‫أيّهما األكثر إفادة وتأثي ًرا في التربية‪ ،‬فلطالما خالجني شعور بأ ّن‬ ‫إىل فلسطين وعلّمت لثالث سنوات في مدارس ّ‬
‫خاصة‪ ،‬في مدرسة الفرندز‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪83‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪82‬‬


‫أي ّ طريقة تعليم‪ ،‬وقدرة المعلّم عىل االحتكام إىل عقله في‬ ‫تحسين تعليمهم‪ ،‬وكانت الخلفيّة النظر يّة ‪scholarship‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫مفروضا من األعىل‪.‬‬
‫قرار متى يستخدمها ومتى ال يستخدمها‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪،‬‬
‫الخدمة االجتماعيّة والتمريض‪ ،‬ففيها طابع أو سمة الخدمة‬
‫من أجل تحسين اإلنسان‪ .‬تهدف المهن األخرى إىل تحسين‬ ‫‪ of teaching and learning‬أي أ ّن المعلّم الجامع ّي‬
‫تركت‬
‫واشتغلت في المركز عىل مشروع تعليم‬ ‫ُ‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫أي التطوير من األسفل‪ ،‬بدل أن يكون‬
‫الجامعة م ّدة عام‬
‫يوجد في مهنة التعليم رسالة‪ ،‬وبالتأكيد ال يعمل ّ‬
‫كل المعلّمين‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ولك ّن التعليم يختلف عن غيره في أنّه أكثر مهنة ّ‬
‫تركز‬ ‫يحسن تعليميه من خالل البحث في تعليمه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يستطيع أن‬ ‫الديمقراطيّة وتعليم العلوم من خالل الحاالت‪ ،‬أي بطرح حاالت‬
‫في سبيل رسالة‪ ،‬ولك ّن المهنة ككل فيها رسالة وجانب قيم ّي‬ ‫مثقف‪.‬‬‫عىل هذا الجانب وتحاول تحويل اإلنسان إىل شخص ّ‬ ‫ويمكن له أن ينشر أوراق علميّة تحتسب في سجلّه األكاديم ّي‪،‬‬ ‫أو مشكالت من واقع المجتمع‪ ،‬والطلب من المتعلّمين محاولة‬
‫وأخالق ّي يهدف إىل تطوير اإلنسان‪.‬‬ ‫ومن المه ّم هنا اإلشارة إىل أ ّن اهتمامي الرئيس في التربية التي‬ ‫تخصصه فقط‪ ،‬بل من خالل‬ ‫ليس من خالل النشر في موضوع ّ‬ ‫الحل‪ ،‬المحتوى الذي‬ ‫ّ‬ ‫حل المشكالت‪ ،‬فيتعلّمون‪ ،‬من خالل‬ ‫ّ‬
‫كل من التعليم والتدريب‪ .‬التربية هي محاولة تطوير‬ ‫تتجاوز ًّ‬ ‫النشر في موضوعات ذات صلة بكيفيّة تعليم الموضوع‪ .‬وكان‬ ‫لحل المشكلة‬ ‫يحتاجون إىل تعلّمه‪ .‬تكون المعرفة هنا وسيلة ّ‬
‫يتحكم مجتمع الممارسين بها‪ ،‬وهذا موجود‬ ‫ّ‬ ‫ثالثًا‪ :‬في أي ّ مهنة‬ ‫شخصيّة اإلنسان بجوانبها الثقافيّة والقيميّة‪ .‬وفي حال اعتبرنا‬ ‫هذا تو ّجه أستاذي لي شولمن‪ ،‬وهذه فكرته‪.‬‬ ‫وليست غاية في ح ّد ذاتها‪ ،‬وهذا ما يحدث عندما نتعلّم في‬
‫ّ‬
‫كالطب‬ ‫في المهن ذات القبول والمكانة االجتماعيّة األبرز‬ ‫مثل من الطب‪ ،‬فما خصائص هذه المهن؟‬ ‫التعليم مهنة قريبة ً‬ ‫مت من هذا المشروع الكثير‬ ‫حياتنا اليوميّة خارج المدارس‪ .‬تعلّ ُ‬
‫والمحاماة‪ ،‬ولكن هذا غير موجود في التعليم‪ .‬األطباء يص ّممون‬ ‫أو ًّل‪ :‬وجود قاعدة معرفيّة نظر يّة‪ .‬يبرز اختالف هنا‪ ،‬فالقاعدة‬ ‫ّ‬
‫المنسق‬ ‫ّ‬
‫العامة‪ ،‬كنت‬ ‫في سياق محاولة التأثير في السياسات‬ ‫اشتغلت فيها مع المعلّمين والمعلّمات عىل‬‫ُ‬ ‫خالل سنة كاملة‬
‫امتحان المزاولة ويشرفون عليه‪ ،‬والمحامون ينظّمون امتحانًا‬ ‫المعرفيّة النظر يّة للتربية والتعليم ليست واضحة ومح ّددة مثل‬ ‫العام الستراتيجيّة تأهيل المعلّمين في فلسطين التي صدرت‬ ‫ست حاالت في تعليم‬ ‫تطوير هذه الحاالت وتنفيذها‪ .‬طوّرنا ّ‬
‫ويشترطون تدري ًبا عند محام‪ ،‬ولك ّن ذلك مفقود في مهنة‬ ‫الموجودة في الطب‪.‬‬ ‫ً‬
‫شخصا‪،‬‬ ‫عام ‪ ،2008‬وشارك فيها عدد كبير تجاوز الخمسين‬ ‫الديمقراطيّة‪ ،‬وبعدها وثّق المعلّمون والمعلّمات التجربة‬
‫التعليم أل ّن المعلّمين غير مسيطرين عىل مهنتهم‪ .‬فمهنة‬ ‫كنّا نأخذ آراءهم ونكتب ث ّم نعيد ما كتبنا لهم ألخذ مالحظاتهم‬ ‫بكتابة الحاالت‪ ،‬وأصدرنا كتابًا فيه الحاالت التعليميّة الموثّقة‪،‬‬
‫إذا‪ ،‬ولكنّها لم تبلغ‬‫التعليم قريبة من المهن ذات المكانة ً‬ ‫ثان ًيا‪ :‬ث ّمة ثغرة بين النظر يّة والتطبيق‪ ،‬وهذا ما يميّز هذه‬ ‫م ّرة أخرى‪ .‬أعتقد أنّها من أفضل االستراتيجيّات التي صدرت في‬ ‫وخصصنا الفصل األخير لـ"ماذا تعلّمنا من التجربة كلّها"‪.‬‬
‫ّ‬
‫مستواها بعد‪.‬‬ ‫المهن‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬هناك حاجة إىل استخدام العقل والحكم‬ ‫العالم العرب ّي‪ ،‬والمميّز فيها المشاركة الكبيرة عىل المستويات‬
‫العقل ّي للتعامل مع هذه الفجوة بين النظر يّة والتطبيق‪ ،‬وهذا‬ ‫كافة‪ ،‬وأل وّل م ّرة صارت هناك سياسات واضحة حول المطلوب‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة كارنجي لتطوير التعليم وجامعة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حللت في‬ ‫حين‬
‫هذا في مجمله هو اإلطار المهن ّي للتطوير‪ ،‬ولدي ّ ً‬
‫أيضا إطار‬ ‫غير موجود في الحرف أو العمل التقن ّي‪ .‬تع ّد المساحة بين‬ ‫ُ‬
‫أعطيت مه ّمة التأهيل قبل‬ ‫لتأهيل المعلّمين ما قبل الخدمة‪.‬‬ ‫خرجت بثالث أوراق بحثيّة بنا ًء عىل هذا‬‫ُ‬ ‫ستانفورد‪ ،‬باحثًا زائ ًرا‪،‬‬
‫فكري ّ متّصل بربط النظر يّة بالممارسة‪ ،‬وهي ليست عمليّة‬ ‫النظر يّة والتطبيق والحاجة إىل إعمال العقل واتخاذ قرار من‬ ‫ً‬
‫واضحة المعايي ُر والبرامج التي ينبغي‬ ‫الخدمة للجامعات‪ ،‬وكانت‬ ‫مثال عىل التقاء النظر يّة بالتطبيق‪.‬‬‫ً‬ ‫المشروع‪ .‬كان مشرو ًعا‬
‫سهلة وتحتاج إىل وقت‪ .‬معظم ما نق ّدم من دورات محدودة‬ ‫الخصائص المميّزة للمهن‪ .‬مثالً‪ ،‬يجد أستاذ نفسه في تساؤل‬ ‫العمل عليها وااللتزام بها‪ ،‬ولكن‪ ،‬تعلّق جزء من االستراتيجيّة‬ ‫خاصة في رام هللا عىل تحسين التعليم‬ ‫عملت بعدها مع مدرسة ّ‬ ‫ُ‬
‫بعشرين ساعة نق ّدمها معتقدين أ ّن المعلّمين قادرون عىل‬ ‫ّ‬
‫والتوقف لعقد نقاش‬ ‫ومفاضلة بين إنهاء الما ّدة حسب الخطّة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الحظ لم يُع َمل به كما ينبغي‪،‬‬ ‫في التعليم أثناء الخدمة‪ ،‬ولسوء‬ ‫من خالل العمل المباشر مع معلّميها‪ .‬كان عنوان المشروع‬
‫تطبيقها‪ ،‬ولكن ال يترتّب عىل هذا النوع من التدريب أثر كبير‬ ‫مستفيض حول سؤال من طالبة لم تطرح أي ّ سؤال منذ بداية‬ ‫بسبب المشكالت المركز يّة المفرطة في وزارات التربية العربيّة‬ ‫"التعليم من أجل الفهم"‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬كانت االستفادة‬
‫في الممارسة‪ ،‬ولذلك أس ّميها‪ّ ،‬‬
‫تهك ًما‪ ،‬غزوات تدريبيّة‪ .‬برأيي‪،‬‬ ‫السنة الدراسيّة‪ .‬يطرح األستاذ عىل نفسه السؤال بين النظر يّة‬ ‫التي تنظر إىل نفسها عىل اعتبار أنّها مق ّدمة خدمة‪ ،‬ال صانعة‬ ‫األقل‪ ،‬ماذا تفعل المدارس وكيف‬ ‫عرفت‪ ،‬عىل ّ‬ ‫ُ‬ ‫محدودة‪ ،‬ولكن‬
‫من يريد العمل مع المعلّمين عليه العمل لفترات طويلة‪ ،‬فمن‬ ‫والممارسة العمليّة وماذا سيق ّرر‪ ،‬ث ّمة استخدام للعقل وإصدار‬ ‫وظل اعتقادهم أ ّن تأهيل المعلّمين أثناء الخدمة هو‬‫سياسات‪ّ ،‬‬ ‫ت إىل أ ّن المشكلة التي تواجه‬ ‫تعمل لتطوير معلّميها‪ .‬توصلّ ُ‬
‫المه ّم تنفيذ ما تد ّربوا عليه في صفوفهم ومراجعة إن كانوا‬ ‫أحكام طوال الوقت‪ ،‬فال وجود لوصفة جاهزة‪.‬‬ ‫عملهم‪ ،‬وال يت ّم من خالل مراكز المعلّمين أو الجامعات‪.‬‬ ‫المعلّمين ليست في كيف يعلّمون من أجل الفهم فقط‪ ،‬بل‬
‫قادرين عىل تطبيقه‪ ،‬ربّما تكون المشكلة في النظر يّة ال في عدم‬ ‫تضاف إليها مشكلتان أخريان‪ :‬الدافعيّة المحدودة عند ّ‬
‫الطلب‪،‬‬
‫قدرتهم عىل تطبيقها‪ ،‬فال ب ّد من العودة إىل الفحص م ّرة أخرى‪،‬‬ ‫بذلك تكمن المشكلة برأيي‪ ،‬فإ ّن كثي ًرا من المعلّمين‪ ،‬ومعهم‬ ‫ركزنا عىل التطوير المهن ّي‪ ،‬وتحدي ًدا لمعلّمي‬
‫لو ّ‬ ‫كل صف‪ ،‬ليس الفروق‬ ‫وكيفيّة التعامل مع التنوّع الموجود في ّ‬
‫قمت بشيء شبيه بهذا خالل عملي في مشروع تعليم‬ ‫ُ‬ ‫وقد‬ ‫النظام العام‪ ،‬يختزلون مهنة التعليم في مجموعة من المهارات‪،‬‬ ‫عملت به ولك إسهامات فيه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫العلوم‪ ،‬الذي‬ ‫الطلب فحسب‪ ،‬بل االختالفات الثقافيّة ً‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الفرديّة بين‬
‫الديمقراطيّة‪ ،‬إذ كنت أجتمع مع المعلّمين أسبوعيًّا م ّدة سنة‪،‬‬ ‫فيحوّلون المعلّم إىل تقن ّي‪ ،‬وأنا أقول إ ّن المعلّم مهن ّي‪ ،‬عليه‬ ‫َ‬
‫استندت إليها في برامج التطوير‬ ‫ما األطر التي‬ ‫ً‬
‫مساقا جامعيًّا بعنوان‬ ‫ُ‬
‫أدخلت‬ ‫وفيما يتّصل بهذه المشكلة‬
‫ولك ّن المشكلة أ ّن هذا النوع من التدريب مكلف ج ًّدا‪.‬‬ ‫كل الوقت وال ب ّد من احترام ح ّر يّته في اتخاذ‬ ‫استخدام عقله ّ‬ ‫المهن ّي؟‬ ‫"التعليم والتعلّم في الصفوف غير المتجانسة"‪ ،‬ولكن يجب أن‬
‫القرار‪ ،‬ال أن نحوّله إىل تقن ّي من خالل مناهج‪ ،‬مثل مناهج اللغة‬ ‫أق ّر أنّه حتّى النظر يّات في التربية ال تسعفنا كثي ًرا في التعامل‬
‫اإلطار الثالث هو اهتمامي منذ رسالة الدكتوراة بما يس ّمى‬ ‫اإلنكليز يّة لدينا التي تح ّدد له ماذا سيفعل وبأي ّ ترتيب‪ ،‬وفق‬ ‫أحد أه ّم األطر التي أستخدمها إطار نظري ّ لمهنة التعليم‬ ‫واضحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ويظل التقصير فيهما‬ ‫ّ‬ ‫مع هاتين المشكلتين‪،‬‬
‫(‪،PCK) Pedagogical Content Knowledge‬‬ ‫الحصة حتّى نهايتها‪ .‬لذلك‪ ،‬أنا‬
‫ّ‬ ‫حكم‪ ،‬من بداية‬‫وم َ‬‫تفصيل كبير ُ‬ ‫كمهنة‪ ،‬ال كوظيفة‪ .‬ث ّمة كالم كثير عن تمهين التعليم‪ ،‬وهناك‬
‫المعرفة التدريسيّة المرتبطة بالمحتوى‪ .‬وهذه المعرفة تتطوّر‬ ‫أرفض كلمة تدريب‪ ،‬فالتدريب يقوم عىل مهارات وال اشتراط‬ ‫جدل في األدب التربوي حول‪ :‬هل التعليم ًّ‬
‫حقا مهنة أم ال؟‬ ‫ست وحدة ابن رشد لتحسين التعليم في الجامعة‪،‬‬ ‫أس ُ‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫من خالل الخبرة في تعليم موضوع معيّن لع ّدة سنوات‪،‬‬ ‫أن يعرف المتد ّرب الخلفيّة النظر يّة الكامنة في أساس هذه‬ ‫برأيي‪ ،‬هناك تشابه بين التعليم مع المهن األساسيّة‪ ،‬مثل‬ ‫وعملنا فيها لخمس سنوات‪ ،‬وكان تركيزنا كيف نشتغل مع‬
‫فتصبح المعلّمة تعرف ما المفاهيم البديلة حول الموضوع‬ ‫المهارات‪ .‬بالنسبة لي‪ ،‬من المه ّم فهم الخلفيّة النظر يّة خلف‬ ‫أيضا مع وظائف أخرى مثل‬ ‫المحاماة والطب‪ ،‬ولكنّها تتشابه ً‬ ‫أساتذة كلّيّات القانون والهندسة واآلداب وغيرها من أجل‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪85‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪84‬‬


‫المحافظة والحفاظ عىل ما يدعى بالعادات والتقاليد‪ ،‬وكلّها‬ ‫الدول العربيّة‪ ،‬وال سيّما عند التقاء الجهات المحافظة في‬ ‫ً‬
‫سابقا‪ ،‬كان محاولة‬ ‫للمعلّمين‪ ،‬ومركز المورد‪ ،‬الذي ذكرتُه‬
‫ﻣﻘﺎل‬
‫التي يحملها ّ‬
‫الطلب‪ ،‬وما المفاهيم الصعبة‪ ،‬وكيف يمكن تمثيل‬
‫تؤثّر في األصوات النقديّة‪ ،‬ومن يريد المواجهة فعليه أن يكون‬ ‫المجتمع مع السلطة التي ال تريد التغيير‪ ،‬وفي المناطق التي‬ ‫للقيام بذلك‪ ،‬ولألسف‪ ،‬أغلق قبل فترة بسبب نقص التمويل‪.‬‬ ‫للطلب؟ كيف يمكن‬ ‫المعرفة بأشكال مختلفة لتصبح مفهومة ّ‬
‫مستع ًّدا لدفع الثمن‪ .‬وهذا يعود إىل الج ّو العا ّم في معظم‬ ‫شهدت ثورات‪ ،‬ث ّمة دور أكبر للمدرسة في التغيير‪ .‬لذا‪ ،‬تبدو‬ ‫ومن المه ّم توفير خيارات للمعلّمين‪ ،‬مثل إعالن مجموعة من‬ ‫مواجهة المفاهيم البديلة واألخطاء الشائعة‪ ،‬وغيرها من األمور‬
‫الدول العربيّة من انعدام حر يّة الفكر وسيادة ثقافة محافظة ال‬ ‫المدرسة مرتبطة مع النظام السائد‪.‬‬ ‫الدورات وتوضيح موضوعاتها منذ بداية العام عىل أن يختار‬ ‫المرتبطة بتعليم ذلك الموضوع‪ .‬وعليه‪ ،‬أحاول ّأل تكون دوراتي‬
‫تقبل التع ّددية واالختالف‪ .‬الجو العا ّم غير ديمقراط ّي لألسف‪.‬‬ ‫المعلّم ما يريد بنا ًء عىل حاجاته وشعوره بما يحتاج إىل تطوير‬ ‫في التعلّم من خالل اللعب أو غيرها من األساليب الرائجة‪،‬‬
‫لذلك‪ ،‬ال يمكن القول ببساطة إ ّن أي ّ تربية جيّدة ستعني الوصول‬ ‫عنده‪.‬‬ ‫بقدر أن تكون حول تعليم موضوع مح ّدد لمجموعة متجانسة‬
‫لديك إسهام حول مفهوم "المعرفة التدريس ّية‬ ‫إىل تفكير نقديّ‪ ،‬وبالتالي إىل تغيير في المجتمع‪ ،‬فالتغيير مرتبط‬ ‫صف مح ّدد وعىل موضوع‬ ‫من المعلّمين‪ .‬أعمل مع معلّمي ّ‬
‫المرتبطة بالمحتوى"‪ ،‬هل يمكن أن تب ّين‬ ‫دوما بحركات سياسيّة‪ .‬ربّما يمكن القول إ ّن تربية جيّدة‪ ،‬ستنتج‬ ‫ً‬ ‫أيضا هنا نموذج سائد في الواليات المتّحدة‪،‬‬ ‫يخطر لي ً‬ ‫مح ّدد‪ ،‬وعىل كيفيّة تعليمه من خالل خبراتهم‪ .‬معلّمونا لديهم‬
‫لنا أهم ّيته؟ وكيف يساعد في تطوير عمل‬ ‫مفك ًرا وناق ًدا يستطيع تغيير المجتمع‪ ،‬ولك ّن التغيير‬ ‫ِّ‬ ‫إنسانًا‬ ‫يتمثّل في مراكز التطوّر المهن ّي المرتبطة بشراكة حقيقيّة‬ ‫الكثير من المعرفة ولكنّها معرفة ضمنيّة‪ ،‬ويكون جزء مه ّم من‬
‫المعلّمين ومعارفهم؟‬ ‫مرتبط بالحركات السياسيّة‪ ،‬وهذا ما وجدته في مراجعاتي‬ ‫مع الجامعات‪ ،‬وتستخدم من أجل تأهيل المعلّمين‪ .‬يحصل‬ ‫عملي معهم عىل كيفيّة رفعها إىل درجة الوعي وتسميتها‪ .‬إ ّن‬
‫ألدبيّات التربية التح ّرر يّة‪ ،‬باولو فراري مثالً‪ ،‬فهذه التربية تنجح‬ ‫المعلّمون فيها عىل احتياجاتهم التطوير يّة من الجامعة‪ ،‬وبعد‬ ‫خاصة‪ .‬والسؤال هنا‪:‬‬‫معرفة المعلّمين الضمنيّة هي معرفة ّ‬
‫كنت أتح ّدث مع أستاذي‬ ‫ُ‬ ‫خالل عملي عىل رسالة الدكتوراه‬ ‫حين يكون المعلّمون أنفسهم جز ًءا من حركة سياسيّة‪.‬‬ ‫مسار مح ّدد يصير المعلّم نفسه مؤ ّهال لإلشراف عىل مسار‬ ‫كيف يمكننا جعلها معرفة ّ‬
‫عامة قابلة للتوثيق والنقد والتقييم‬
‫لي شولمن عن أثر معرفة المعلّمين بمحتوى ما يعلّمون‬ ‫تدليل عىل دور التربية في الحفاظ عىل السائد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يخطر لي هنا‪،‬‬ ‫غيره من المعلّمين أو ّ‬
‫الطلب‪.‬‬ ‫والنقاش بين المعلّمين‪ .‬يهدف جزء من هذه الدورات إىل بناء‬
‫وتخصصهم في تعليمهم‪ .‬كنّا مهت ّمين بمعرفة حجم أو نوع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كيف تكون السيطرة عىل وزارة التربية والتعليم أوىل متطلبات‬ ‫معرفتهم الضمنيّة وجعلها معرفة صريحة‪ ،‬ومن المه ّم القول‬
‫وجدت أ ّن من‬
‫ُ‬ ‫بتخصصهم في تعليمهم‪ .‬ولكنّي‬ ‫ّ‬ ‫تأثير معرفتهم‬ ‫الجهات المحافظة في كثير من الدول العربيّة؟‬ ‫التفكير النقديّ والتربية عىل الديمقراط ّية‬ ‫أ ّن الـ ‪ PCK‬ليست ّكل شيء في تأهيل المعلّمين ولكنّها شيء‬
‫يعلّم موضو ًعا مح ّد ًدا‪ ،‬فلنقل التمثيل الضوئ ّي للصف الثامن‪،‬‬ ‫توجه عا ّم يُنا َدى به‬
‫ّ‬ ‫والتربية عىل التح ّرر‪،‬‬ ‫مه ّم‪.‬‬
‫يعرف المفاهيم الصعبة والمفاهيم البديلة واألمثلة الجيّدة‪،‬‬ ‫ملح‪ ،‬لماذا ال يزال صوت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكنه‬ ‫سؤال عام‬ ‫باستمرار‪ ،‬كيف يمكن العمل عىل التط ّور‬
‫ويعرف كيف يربط تعليم الموضوع بأهداف طويلة المدى‪.‬‬ ‫ً‬
‫التربويّين والباحثين النقديّين ضعيفا في‬ ‫المهن ّي للمعلّم ضمن هذا االتجاه وما أهم ّيته‬ ‫أخي ًرا‪ ،‬كيف يصبح المعلّم باحثًا في شغله؟ وهذا قريب م ّما‬
‫الجامعات العرب ّية وبعي ًدا عن التطبيق؟ هل‬ ‫كتوجه عام؟‬ ‫يُع َرف بـ ‪ Action Research‬أي األبحاث اإلجرائيّة‪ ،‬حيث‬
‫طوّر شولمن الفكرة ونشر ورقتين حول الموضوع‪ ،‬وس ّماها‬ ‫يمكنك اقتراح إجابة ّ‬
‫مركبة تتقاطع مع النظام‬ ‫يبحث المعلّم في تعليمه ألنّه يواجه مشكلة‪ ،‬إذ تظهر بعض‬
‫‪ PCK‬في أواخر الثمانينات واشتهرت عالميًّا‪ ،‬وفي رسالتي‬ ‫ً‬
‫وصول‬ ‫ّ‬
‫المؤسسات وطبيعتها‬ ‫العام عرب ّيًا وبنية‬ ‫كل واحدة‬ ‫أعتقد أ ّن الجذور التاريخيّة والفكر يّة مختلفة في ّ‬ ‫األبحاث أن المعلّم غير قادر عىل التطوّر مهنيًّا ّإل إذا شعر‬
‫الدكتوراه فصل عن هذه الفكرة بالضبط‪ .‬وفي سنة ‪2005‬‬ ‫إىل التربويّين والباحثين أنفسهم وممارساتهم؟‬ ‫من هذه العناصر أو المفاهيم‪ ،‬فالتفكير النقدي ّ يرجع‪ ،‬إىل ح ّد‬ ‫بحاجته إىل تطوّر مهن ّي‪ ،‬وهذا مرتبط برؤيته عن نفسه كمعلّم‬
‫ونشرت مقالة معتب ًرا أ ّن هذه المعرفة عبارة‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعدت النظر فيها‬ ‫ما‪ ،‬إىل فلسفة التعليم في بريطانيا بعد الحرب العالميّة الثانية‪،‬‬ ‫ورؤيته لممارساته وإدراكه للفجوة بين الممارسة الحقيقيّة‬
‫عن حاالت‪ ،‬فالمعلّم بعد تعليم فترة طويلة بنا ًء عىل الخبرة‪،‬‬ ‫نعم‪ ،‬هذا الصوت خافت لع ّدة عوامل‪ ،‬منها‪ :‬نظرة التربويّين‬ ‫والتربية عىل الديمقراطيّة جاءت من خلفيّات أخرى‪ّ ،‬‬
‫أما التربية‬ ‫والممارسة المثىل التي يرغب بها‪ ،‬ولهذا من الصعب تطوير‬
‫وليس بنا ًء عىل ما درس في الجامعات‪ ،‬يكوّن معرفة‪ ،‬وهذه‬ ‫أنفسهم إىل التعليم كعمليّة تقنيّة‪ ،‬وال تفكير جا ّد في دور‬ ‫عىل التح ّرر فهي آتية من فكر يساريّ‪ ،‬ولكن المشترك بينها أنّها‬ ‫المعلّمين الراضين ً‬
‫تماما عن ممارساتهم‪.‬‬
‫الصف الثامن لتدريس‬ ‫ّ‬ ‫المعرفة تصبح حالة‪ ،‬وحين أدخل عىل‬ ‫عامة‪ .‬ربّما تؤثّر في ذلك ً‬
‫أيضا الرؤية المحدودة للدور يّات‬ ‫التربية ّ‬ ‫بدل من اإلبقاء عىل‬ ‫جميعا تهدف إىل تغيير المجتمع وتحسينه ً‬‫ً‬
‫التمثيل الضوئ ّي الذي د ّرسته لسنوات‪ ،‬أكون أعرف كيف أعلّم‬ ‫باللغة العربيّة في العالم العرب ّي ونوعيّة المقاالت التي يقبلونها‪،‬‬ ‫الوضع القائم‪.‬‬ ‫ما الدور الذي يجب أن يلعبه المعلّم نفسه‬
‫وطبعا أتح ّدث عن المعلّم الذي يفيد من الخبرة‪،‬‬
‫ً‬ ‫هذا الموضوع‪.‬‬ ‫ً‬
‫سابقا أن‬ ‫ُ‬
‫حاولت‬ ‫واشتراط أن تكون ك ّميّة وإمبريقيّة فقط‪.‬‬ ‫في إطار تطويره المهن ّي؟ بصياغة أخرى‪ ،‬كيف‬
‫والذي يراكم الخبرة‪ ،‬وال يك ّررها فحسب‪.‬‬ ‫مشجعة‪ ،‬إذ من‬‫ّ‬ ‫أنشر مقاالت ودراسات كيفيّة ولم تكن تجربة‬ ‫ولك ّن السؤال هنا‪ :‬ما دور التربية؟ هل الحفاظ عىل الوضع‬ ‫نخرج من إطار ممارسة سلطة معرف ّية عىل‬
‫اعتبرت أ ّن هنالك سبعة جوانب لهذه المعرفة‪ ،‬وربطت هذا‬
‫ُ‬ ‫وقد‬ ‫الصعب العثور عىل مجلّة تربويّة عربيّة تنشر مقالة وجهة نظر‬ ‫القائم‪ ،‬أم تغيّره؟ هل التنشئة عىل القيم السائدة أم التربية‬ ‫المعلّم في برامج التطوير المهن ّي؟‬
‫بالتخطيط‪ ،‬فمعظم ما نعلّمه في الجامعات مرتبط بالتخطيط‬ ‫مد ّعمة أكاديميًّا‪ ،‬أو مقالة تدافع عن موقف معيّن‪.‬‬ ‫لتغيير المجتمع؟‬
‫حسب نموذج "تايلر"‪ ،‬أي وضع أهداف وطرق للوصول إليها‬ ‫هناك واقع أو مرحلة في المجتمعات العربيّة قوامها‬ ‫هناك دور محافظ واضح للتربية‪ ،‬وربّما هو الغالب في معظم‬ ‫ّ‬
‫متوفرة في تجربتي هي إنشاء مراكز‬ ‫أحد البدائل التي كانت‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪87‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪86‬‬


‫أنّه أصعب الخيارات وأكثرها تكلفة‪ .‬معلّم جيّد يمكنه تحسين‬ ‫ّ‬
‫مؤشرات‬ ‫ّ‬
‫تتوفر ع ّدة‬ ‫بشكل عام وال سيّما في اللغة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ونحرمه من استخدام فكره‪ ،‬ونحوّله إىل تقن ّي دون إبداع‪ ،‬فال‬ ‫أما ما أقترحه فهو‬ ‫ﻣﻘﺎل‬
‫وفحص مدى ّ‬
‫تحققها‪ ،‬في مسار خطّ ّي‪ّ .‬‬
‫منهاج س ّيء‪ ،‬ومنهاج ممتاز ال يمكن أن يسفر عن شيء مع‬ ‫مؤشرات أفضل من استخدام‬ ‫أو أدوات قياس‪ ،‬واستخدام ع ّدة ّ‬ ‫يتمكن من التعامل مع الفروق الفرديّة أو خصائص ّ‬
‫الطلب أو‬ ‫ّ‬ ‫نموذج غير خطّ ّي للتخطيط يت ّم فيه االهتمام بجوانب سبعة‬
‫معلّم س ّيء‪ .‬تأهيل معلّمين جيّدين صعب ج ًّدا‪ ،‬فهو يحتاج‬ ‫ّ‬
‫مؤشر واحد‪.‬‬ ‫احتياجات المنطقة والمجتمع‪.‬‬ ‫للمعرفة التدريسيّة المرتبطة بالمحتوى وللتفاعل بين هذه‬
‫إىل تحسين نظرة الناس إىل مهنة التعليم‪ ،‬وهذا يتطلّب الكثير‬ ‫الجوانب‪ .‬لتوضيح ذلك‪ ،‬فلنعد إىل المثال السابق‪ ،‬أنا ّ‬
‫أفكر‬
‫من العمل‪ ،‬منه تحسين المستوى المعيش ّي وزيادة مع ّدالت‬ ‫ّ‬
‫مؤشر‪ ،‬ويمكن تطوير‬ ‫ّ‬
‫الحل في استخدام أكثر من‬ ‫قد يكون‬ ‫المركز يّة المفرطة تعدم حر يّة االختيار لدى المعلّم والطالب‪،‬‬ ‫بتعليم التمثيل الضوئ ّي‪ ،‬ما هي أهدافي؟ يمكن وضع هدف‬
‫القبول لهذه المهنة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الطلب كي‬ ‫أيضا فتح المجال أمام‬ ‫ّ‬
‫مؤشرات كثيرة‪ ،‬ويمكن ً‬ ‫تؤكد بوضوح الحاجة إىل االستقالل حتّى‬ ‫ونظر يّات الدافعيّة ّ‬ ‫طويل المدى متعلّق بالوعي البيئ ّي ودور التلوّث في القضاء عىل‬
‫ّ‬
‫التخصصات في السنة األوىل من دراستهم الجامعيّة‪،‬‬ ‫يج ّربوا‬ ‫ّ‬
‫األدق‬ ‫تتطوّر الدافعيّة‪ .‬ال أعرف ما الوصفة األنسب‪ ،‬والمقدار‬ ‫نباتات بحر يّة (البالنكتون)‪ ،‬قد يتطلّب ذلك أن أشرح تفاصيل‬
‫ربّما من األسهل العمل عىل التقييم‪ ،‬تغيير التوجيه ّي‬ ‫تخصص إىل آخر في الجامعات‪.‬‬
‫لتسهيل االنتقال من ّ‬ ‫حل وسط‪،‬‬ ‫أو التوازن بين المركز يّة ونقيضها‪ ،‬ولكن ال ب ّد من ّ‬ ‫غير موجودة في المحتوى‪ ،‬فأضط ّر إىل التعديل عليه‪ .‬بالتدقيق‬
‫وامتحانات القبول للجامعات‪ ،‬ألنّه الحصان الذي يج ّر العربة‪،‬‬ ‫يحترم المعلّم ويترك له متّ ً‬
‫سعا من الح ّر يّة‪.‬‬ ‫لت عليه في‬ ‫بدأت من المحتوى ث ّم ع ّد ُ‬
‫ُ‬ ‫في المسار أجد أنّني‬
‫زت هذه االمتحانات عىل مهارات ذهنيّة عليا يعلّمها‬ ‫فإذا ّ‬
‫رك ْ‬ ‫عما غيرتْ ُه جائحة كورونا أو‬‫يكثر الحديث ّ‬ ‫كل هذا؟ هنا‬ ‫الطلب ّ‬ ‫أفكر كمعلّم‪ ،‬هل يعي ّ‬ ‫ضوء الهدف‪ ،‬ث ّم ّ‬
‫طلبهم في االمتحانات‪ .‬وهنا‬ ‫المعلّمون من أجل أن ينجح ّ‬ ‫ّ‬
‫وعما يمكن أن تغ ّيره‬ ‫كوفيد ‪ 19‬في العالم‬ ‫ملف العدد القادم لمجلة منهج ّيات عن التقويم‬ ‫الطلب‪ ،‬وأغيّر في التخطيط بنا ًء عىل هذا‬‫أفكر في خصائص ّ‬ ‫ّ‬
‫أسأل‪ :‬لماذا يجب أن تكون وزارة التعليم هي المسؤولة عن‬ ‫في المستقبل‪ ،‬بخصوص مستقبل التعليم في‬ ‫ودوره في عمل ّية التعلّم‪ ،‬نو ّد أن نسمع منك رأيك‬ ‫الجانب‪ .‬وهكذا آخذ سبعة جوانب في االعتبار‪.‬‬
‫نتائج التوجيه ّي؟ لدينا تضارب مصالح هنا‪ ،‬أل ّن الوزارة هي‬ ‫العالم العرب ّي بعد الجائحة‪ :‬هل ترى أنّنا بصدد‬ ‫الطلب في الجامعات العرب ّية‬ ‫ّ‬ ‫بشروط قبول‬
‫الطلب الذين هم نتاج مدارسها‪ .‬لذلك‪ ،‬من المه ّم‬ ‫من يقيّم ّ‬ ‫االستفادة من التجربة لتطوير التعليم؟‬ ‫ّ‬
‫العامة؟‬ ‫أساسا عىل نتائج الثانويّة‬
‫ً‬ ‫واعتمادها‬ ‫ال يتالءم ذلك مع دفاتر التخطيط الموضوعة من طرف‬
‫أن يكون التوجيه ّي أو التقييم منوطًا بجهة مستقلّة‪ ،‬وحتّى‬ ‫وكيف للجامعات أن تط ّور هذه الشروط لتأخذ‬ ‫الوزارات‪ ،‬وال يتالءم مع كيف نطلب من المعلّم أن يخطّط‪،‬‬
‫المناهج يخطر لي إمكانيّة أن تعمل عليها شركات ّ‬
‫خاصة أو‬ ‫أنا‪ ،‬نسبيًّا‪ ،‬غير متفائل‪ ،‬وهذا أقرب إىل الحدس‪ ،‬ألنّني أعتقد أ ّن‬ ‫بعين االعتبار المهارات التي يحتاجها الطالب‬ ‫وهنا أرى الدور الكبير لهذا المفهوم في تحسين نوعيّة التعليم‬
‫أفراد يلتزمون بمعايير مح ّددة لنتاجات التعلّم المقصودة‪،‬‬ ‫العودة إىل التعليم الوجاه ّي قد تعيدنا إىل العادات القديمة‪.‬‬ ‫للدراسة الجامع ّية؟‬ ‫واحترام معرفة المعلّمين‪ ،‬ولكن مع التأكيد م ّرة أخرى عىل أ ّن‬
‫بدل‬ ‫ّ‬
‫فيتوفر تنوّع في الكتب المدرسيّة والمصادر التعليميّة ً‬ ‫استفدنا من التجربة‪ ،‬والكثير من المعلّمات والمعلّمين‬ ‫كل شيء‪ ،‬فهي ال تتناول الجانب العاطف ّي‬ ‫هذه المعرفة ليست ّ‬
‫من كتاب حكوم ّي واحد‪.‬‬ ‫استفادوا‪ :‬برمجيّات جديدة وأساليب مختلفة وعالم افتراض ّي‬ ‫العامة ّ‬
‫مؤشر جيّد نسبيًّا‪ ،‬وبنا ًء عىل دراسة‬ ‫ّ‬ ‫التوجيه ّي أو الثانويّة‬ ‫والجانب األخالق ّي في معرفة المعلّمين وممارساتهم‪.‬‬
‫مكن من عمل تجارب عديدة‪ ،‬ومصادر هائلة ومفتوحة عىل‬ ‫يُ ِ ّ‬ ‫أجريتها في جامعة بيرزيت‪ ،‬فإ ّن معامل االرتباط بين عالمة‬
‫االنترنت‪ .‬ولكن السؤال إن كانوا سيواصلون استخدامها‪ .‬وكذلك‬ ‫التوجيه ّي والمع ّدل التراكم ّي في الجامعة حوالي ‪ 6‬بالمئة‪،‬‬ ‫كيف ترى مركز يّة النظام التعليم ّي الرسم ّي في‬
‫الطلب‪ ،‬إذ صاروا أكثر اعتما ًدا عىل أنفسهم‪ ،‬وأقرب إىل‬ ‫استفاد ّ‬ ‫الطلب في‬ ‫أي أ ّن حوالي ‪ 36‬بالمئة من التباين في عالمات ّ‬ ‫معظم البلدان العرب ّية؟ وكيف يؤثّر برأيك سل ًبا‬
‫تطوير قدراتهم عىل التعلّم الذات ّي‪.‬‬ ‫الجامعة يمكن تفسيره في التباين في عالمات التوجيه ّي‪ .‬ولكن‬ ‫وإيجابًا في التعليم المدرس ّي؟‬
‫‪ 64‬بالمئة ال زال مجهول األسباب‪ .‬التوجيه ّي يتنبّأ تقري ًبا بثلث‬
‫إذا أتيحت لك الفرصة واإلمكان ّيات غير‬ ‫يفسرها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬من غير العادل أب ًدا‬ ‫أما البقيّة فال ّ‬ ‫التنوّع‪ّ ،‬‬ ‫هناك إيجابيّات وسلبيّات‪ .‬من اإليجابيّات المساعدة في تطوير‬
‫المحدودة لتغيير أو تطوير مجال واحد في‬ ‫استخدام التوجيه ّي فقط‪.‬‬ ‫هويّة واحدة مشتركة بين الناس‪ ،‬وقد يكون ذلك‪ ،‬في بلد‬
‫النظام التعليم ّي في فلسطين‪ ،‬ما المجال الذي‬ ‫ً‬
‫مختلفا‪.‬‬ ‫ً‬
‫منهجا‬ ‫كل طائفة‬ ‫مثل لبنان‪ ،‬مه ّم ج ًّدا‪ ،‬بدل أن تعلّم ّ‬
‫ستختاره؟‬ ‫ولكن‪ ،‬ما البديل؟ في بعض األحيان يقال إ ّن من يريد دراسة‬ ‫وث ّمة تنويعات عربيّة تتّصل بذلك‪ ،‬عشائر يّة ومناطقيّة في دول‬
‫ّ‬
‫التخصص في‬ ‫تخصص معيّن في الجامعة عليه االهتمام بمواد‬‫ّ‬ ‫أخرى‪ .‬لذلك‪ ،‬قد يلعب التعليم ومركزته دو ًرا كبي ًرا في تطوير‬
‫أنا مؤمن بأ ّن التعليم نظام متكامل‪ ،‬وتغيير مجال واحد ال‬ ‫التوجيه ّي أو ما يكافئه‪ ،‬ال بالمواد كلّها‪ .‬وهناك دول طوّرت‬ ‫الهويّة الوطنيّة الجامعة‪.‬‬
‫يكفي‪ ،‬ال ب ّد من العناية بعوامل ع ّدة بشكل شمول ّي‪ ،‬يخطر‬ ‫النظام من أجل أن يدرس الطالب في المدرسة مواد مح ّددة‬ ‫أما السلب ّي فقد ال يكمن في المركز يّة‪ ،‬بل في المركز يّة‬ ‫ّ‬
‫لي االهتمام بنوعيّة المعلّمين والمنهاج والتقييم في آن واحد‪.‬‬ ‫للتخصص الجامع ّي فقط‪ ،‬وث ّمة دول لديها اختبارات‬‫ّ‬ ‫تؤ ّهل‬ ‫كل شيء للمعلّم بتفصيل مفرط‪ ،‬ونلزمه‬ ‫المفرطة‪ ،‬أي أن نح ّدد ّ‬
‫ولكن إن كان عل ّي االختيار أختار االهتمام بنوعيّة المعلّمين مع‬ ‫أخرى مثل االختبار الكتاب ّي المقال ّي‪ ،‬وهذا يقيس استعداده‬ ‫باتباعه دون أي ّ دور لرؤيته وقراره‪ ،‬هنا نسلب من المعلّم مهنته‪،‬‬

‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪89‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ربيع‬ ‫‪88‬‬

You might also like